Create successful ePaper yourself
Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.
7<br />
الوسطية<br />
إنها حكاية إعادة إنتاج اإلذاية واالستبداد. وهي<br />
التي يجب أن تعملوا من أجلها، وأن تحصنوا<br />
جيلكم واألجيال القادمة بحصانات منيعة من أن<br />
تعود حياته من جديد إليه، فيتغول فيكم وبينكم.<br />
»فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُون«: هل ستعملون بعد هاك<br />
االستبداد عى وفق الرشد والسداد، أم تأخذون<br />
مكانه، وتسلكون الطريق التي سلكها قبلكم،<br />
وتترصفون كا ترصف سلفكم اليء؟؟<br />
وكذلك كان، فقد مات فرعون مرص، ومع ذلك مل<br />
ينقطع نسله منذ األزمنة الغابرة، ألن األمم التي<br />
استضعفت وكانت تنوح وتبي، مل تنظر لنفسها<br />
كيف ستعمل إذا هلك عدوها. وكأنها كان ترتبص<br />
بأخذ مكانه، ال برسالة القضاء عليه ديانة وحسبة.<br />
ثقافة االستبداد والتسعات األربع:<br />
إذا حلقت بعيدا تجد أن هذه الثقافة التي أشاعها<br />
حكام مستبدون يف العامل االسامي قد أُرشبنا<br />
إياها، ورضعنا من ثديها، ومل نفكر يف التخلص منها<br />
واالنفطام عنها.<br />
صفاقة بلقاء:<br />
يف كل االستحقاقات االنتخابية السابقة يف العامل<br />
العريب واإلسامي كانت التسعات األربع محط تنذر<br />
وسخرية وتنكيت عاملي. يف كل تلكم االستشارات<br />
كانت وزارات الداخلية العربية تخرج عى شعوبها<br />
لتؤكد لهم من غر حياء أن القائلن نعم تجاوزت<br />
نسبتهم:٪99.99.<br />
نسبة مل يحصل عليها رب العزة يف عاه من خلقه.<br />
حتى قال أصدق القائلن:<br />
* »وَلَكِنَّ أَكْثَ َ النَّاسِ الَ يَشْ كُرُونَ «)البقرة:243(.<br />
* »وَ إِنْ تُطِ عْ أَكْرَ َ مَنْ يفِ األْ َرْضِ يُضِ لُّوكَ عَنْ سَ بِيلِ<br />
اللَّهِ«)األنعام:116(.<br />
* »وَلَكِنَّ أَكْثَ َ النَّاسِ الَ يُؤْمِنُونَ «)هود:17(.<br />
* »وَمَا أَكْثَ ُ النَّاسِ وَلَوحَرَصْ تَ مبِ ُؤْمِنِنَ«)يوسف:103(.<br />
يف آيات عديدة تتضمن عدم حيازة الذات اإللهية<br />
اإلجاع عليها، بل وال النصف من رضا البرشية،<br />
بل أقل من ذلك كله، اختاروا بنسبة عالية عدم<br />
اإلميان بخالقهم.<br />
ثم إن بعض البرش امتطى صهوة الكذب، زاعا<br />
حصوله عى نسبة مل يحصل عليها رب العزة يف<br />
عاه مع خلقه.<br />
وإنه لعجب ممن يرفون عى أنفسهم، يريدون<br />
امتطاء من سبقهم من الخراصن.<br />
التغير ال يحتاج إىل التسعات األربع:<br />
ال يحتاج إنجاح املطالب إىل إظهار اإلجاع الكاذب،<br />
والذي هوأضحوكة يف العامل كله. فإنهم يعرفون من<br />
خال مؤسسات الرصد وعلاء االجتاع والنفس<br />
واملخابرات.. وغرها من املؤسسات العلمية أن<br />
التغير واملطالب ال تنهض بها إال فئة صغرة يف كل<br />
األمم.<br />
ولهذا السبب قال اإلمام أحمد:« من ادعى<br />
اإلجاع فقد كذب«. وقال صى الله عليه<br />
وسلم:« إِنَّ َا النَّاسُ كَاإلْ ِبِلِ الْمِ ئَةِ، ال تَكَادُ تَجِ دُ فِيهَا<br />
رَاحِلَةً«)مُتَّفَقٌ عَلَيْه(.<br />
فالرواحل إنا هم بنسبة٪1 أوأقل كا ذكر<br />
املصطفى صى الله عليه وسلم. والتغير وتحقيق<br />
املطالب واملشاريع ال يحصل ب٪99.99 أوب٪100<br />
أبدا، أبدا.<br />
وحتى تعرف هذا جيدا، متعن يف الحقائق التالية<br />
من خال :<br />
نسبة املشاركن يف الثورات التي عرفها العامل:<br />
الدولة<br />
الثورة الفرنسية<br />
الثورة البلشفية<br />
الثورة اإليرانية<br />
الثورة املرصية<br />
الثورة السورية<br />
نسبة املشاركة<br />
٪1 من الشعب<br />
٪7 من الشعب<br />
٪10 من الشعب<br />
٪18 من الشعب<br />
٪20 من الشعب<br />
فالحاجة إىل األعداد وتضخيمها ضد الطبيعة<br />
البرشية والتاريخية، وإن األقلية هي التي تصنع<br />
األحداث وتغر املجرى. فا تجعلوا العامل يضحك<br />
عى من أخذ مشعل الداء من الحكام، وريض<br />
بتسلمه، وهواليوم يصيح مدعيا محاربته.<br />
كيف نعرف املستبد واالستبداد؟<br />
لذلك إذا رأيت مُنْكِرا لاستبداد، فانظر إىل أعاله<br />
وترصفاته، هل هومن طينة من يؤمنون بالعدل<br />
لهم ولآلخرين، وممن يقولون به ويعملون له<br />
ويقفون عنده. أم هومن طينة من يتكلم بالكام<br />
وال يعمل مبعتقده أومبنطوق لسانه إال إذا تعلق به.<br />
إذا أردت أن متيز بن املستبد وغره، وتتبن من<br />
ينكر االستبداد قناعة وإميانا. وبن من ينكره<br />
تذمرا لحظيا لخويصة نفسه فقط.<br />
فتبن الفرق ساعتئذ.<br />
وإذا أردت أن تعرفه جيدا، فانظر إىل ترصفه مع<br />
زوجته، ومع أبنائه، وأصدقائه، ومحيط عمله. أنظر<br />
ترصفاته يف الراء والراء، ثم قارن واكتشف، هل<br />
كان يتذمر من االستبداد ألنه اكتوى به، ومل يبال إذا<br />
اكتوى اآلخرون. فاعلم ساعتها أنه مرشوع استبداد<br />
كامن، وإن تذمر اليوم، فهوخلية استبدادية نامئة.<br />
وإين من جهتي وتجاريب قد رأيت أقواما يتحدثون<br />
عن املعاين والقيم والحق والعدل إذا كانوا يف صف<br />
الطالبن لها. فإن تحول املكان، وكانوا مؤمتنن عى<br />
أداء هذه املعاين ألقوا بها يف مهب كل ريح.<br />
النصارى وحسم داء االستبداد:<br />
أما النصارى فقد حسموا مشكلتهم مع االستبداد،<br />
وأوجدوا ألنفسهم دواء قضوا به عليه، وحصنوا<br />
جاعتهم من رشه، ووفروا ألنفسهم مناخا راشدا،<br />
ومتنعوا بالحسنة الجميلة.<br />
وقد أشاد بهم الحديث الرشيف الصحيح الثابت<br />
إشادة بالغة يف هذا املقام. وال زلنا نحن نتعر<br />
يف خيبات أذيال مصارع االستعباد. ففي صحيح<br />
مسلم:« قَالَ الْمُسْ تَوْرِدُ الْقُرَيشِ ُّ ، عِنْدَ عَمْرِوبْنِ<br />
الْعَاصِ : سَ مِعْتُ رَسُ ولَ اللهِ صَ ىَّ اللهُ عَلَيْهِ وَسَ لَّمَ ،<br />
يَقُولُ : »تَقُومُ السَّ اعَةُ وَالرُّومُ أَكْرَ ُ النَّاسِ » فَقَالَ<br />
لَهُ عَمْرٌو: أَبْرصِ ْ مَا تَقُولُ ، قَالَ : أَقُولُ مَا سَ مِعْتُ<br />
مِنْ رَسُ ولِ اللهِ صَ ىَّ اللهُ عَلَيْهِ وَسَ لَّمَ ، قَالَ : لَنِ ْ<br />
قُلْتَ ذَلِكَ ، إِنَّ فِيهِمْ لَخِصَ االً أَرْبَعًا: إِنَّهُمْ ألَ َحْلَمُ<br />
النَّاسِ عِنْدَ فِتْنَةٍ، وَأَرسْ َعُهُمْ إِفَاقَةً بَعْدَ مُصِ يبَةٍ،<br />
وَأَوْشَ كُهُمْ كَرَّةً بَعْدَ فَرَّةٍ وَخَيْ ُهُمْ لِمِسْ كِنٍ وَيَتِيمٍ<br />
وَضَ عِيفٍ ، وَخَامِسَ ةٌ حَسَ نَةٌ جَمِيلَةٌ : وَأَمْنَعُهُمْ مِنْ<br />
ظُلْمِ الْمُلُوكِ «)مسلم: بَابُ تَقُومُ السَّ اعَةُ وَالرُّومُ<br />
أَكْرَ ُ النَّاسِ ، حديث رقم 2898(.<br />
إنكار االستبداد رشيعة:<br />
هذه الثقافة االستبدادية يف الحرص عى اإلجاع<br />
أوادعائه أوالعمل وإن بالقهر من أجله فسادٌ يجب<br />
أن نرفضه يف كل وقت وزمان.<br />
ألن فكر االستبداد ال يريد من الناس إال يكونوا<br />
نسخا مكرورة للرأي الذي قرره املستبد، بل يريد<br />
من الناس أن ال يقولوا وال يفكروا إال يف قول ورأي<br />
واحد، فا يخالفوا أويبدوا رأيا معاكسا.<br />
فكرُ الفرعون رمز االستبداد، هو:« مَا أُرِيكُمْ إِالَّ مَا<br />
أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِالَّ سَ بِيلَ الرَّشَ ادِ«)غافر:29(.<br />
الفرعون يقول: ليس لكم رأي إال رأيي،<br />
رأيي هوالرشد:«وَمَا أَهْدِيكُمْ إِال سَ بِيلَ الرَّشَ ادِ«،<br />
ورأيكم هوالغي، فتجنبوه.<br />
ومخالفة رأيي تستوجب العقوبة.<br />
وإذا امتلكنا الشجاعة إلنكار استبداد الكبار، وهذا<br />
عمل مربور. فإنه يجب أن ال نجن عن إنكار<br />
استبداد الصغار. ألن االنحراف ملة واحدة يجب<br />
إنكاره من أي معن صدر.<br />
فإذا تعاركنا مع أسد مستبد، فا نغفل عن شبل<br />
مثله يف االستبداد، فقد يأخذ غدا مكانه.<br />
وإذا رأيت مستبدا صغرا، فاحذر أن يصر يوما<br />
كبرا.