الكندي كانون الثاني 2020
Create successful ePaper yourself
Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.
-1
انتفاضة، ربما، وربما حراك، ھذا ما یوسمون بھ المد الشعبي الكبیر
الذي لف لبنان الیوم من شمالھ إلى جنوبھ، ومن شرقھ إلى غربھ.
لماذا؟
10452
لأن إنسان الرقعة الجغرافیة في ال كیلو مترا مربعاً، لم
یشعر في أي وقت بانتمائھ إلى وطن یحضنھ، یؤمن لھ العیش
الكریم، والحمایة الاجتماعیة، یستشرف من خلالھ مستقبل أجیال،
أجیال متجذّرة في أرضھا، تتفاعل معھا، تزرع وتنسج، وتنتج،
وتحوّ ل كل قدراتھا وطاقاتھا لخدمة الإنسان والمجتمع.
لبنان ال
10452
10452
كیلو متراً الیوم لیس وطنا.
لبنان ال كیلو متراً الیوم، ھو مجموعات طائفیة متنافرة،
تتوافق على تحصین حضورھا، تمعن في تقاسم ثرواتھ، محمیات،
وبؤر إرھاب، وولاءات خارجیة علنیّة.
10452
لبنان ال كیلو مترا مربعا ھو الیوم منجم مھاجرین، وموئل
لاجئین، شعبھ على أبواب السفارات، وجیرانھ على أبواب أھالیھ.
أنا أختصر كثیرا، لأنني لا أرید أن أخوض في مجال التسویات
للحفاظ على وضع قائم، لا، لأن ما یطلبھ الشعب الیوم، ھو بعض
مما یصبو إلیھ لینشئ دولة.
ولكن ما من دولة تبنى دون وطن. ونحن في لبنان أنشأنا دولة
ولیس وطنا، أسسنا مزارع ولیس مؤسسات. وأجرینا تسویات
أسمیناھا دستورا.
والوطن لا یمكن أن یُھدى، إنما ھو صناعة ینسجھا العرق والدم.
الوطن ھو إصرار على الولاء للإنسان وللأرض، وفي حالتنا ھو
إصرار على الإنتماء إلى ال كیلو مترا، وما عدا ذلك
تفاصیل.
نعم، ما عدا ذلك تفاصیل.
10452
الإنتقاضة تُجھَض، والحراك تُفتح لھ مسالكَ لتفریقھ، لذا سمّوكم
انتفاضة أو حراكا. ألم یقولوا منذ البدایة "إنھا جمعة أو جمعتین"
وتتعبون؟ ألم یدسّوا بینكم الطائفیین والمذھبیین والفئویین،
لتتفرقوا، وتصبحوا شوارع ضد شوارع؟
ولكن مضى الاسبوعان ولم تملّوا، ویتناتش الطائفیون والمذھبیون
والفئویون حقدھم.
قالوا الحكومة لن تسقط، وسقطت وأنتم استمریتم، ویحاولون الیوم
أن یشكّلوا حكومة، ومجددا، على شاكلتھم ولكن بأسماء جدیدة،
لیبقوا على نظامھم، وتجتروا كیدھم.
فحذار... حذار أن تتقاعسوا، حوّ لوا تظاھراتكم إلى ثورة... ثورة لا
تُبقي. ثورة تصنع وطنا.
وعندما نقول وطناً، نعني بدایة تحریره أولا. تحریره من البؤر
الإرھابیة والمیلیشیات التي تسیطر على كافة مرافق الدولة، كي
یتسنى لكم أن تبنوا وطناً یتكرّس فیھ الولاء، كما قلت للإنسان
وللأرض، یشعر فیھ المواطن بالأمان، سیاسیا واقتصادیا وحیاتیا،
تتأمن فیھ كل مستلزمات العیش الحر والكریم. فلا یستدین فیھ جائع
كي یأكل ویطعم أطفالھ، ولا یسافر فیھ والد كي یدفع نفقات تعلیم
أبنائھ، ولا یموت فیھ مسن ٌّ على قارعة طریق لأنھ لم یتسنى لھ أن
یدخل مستشفى للعلاج.
10