29.04.2020 Views

akhbarolmarkaz 13 -April 2020 A4

Create successful ePaper yourself

Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.

ّ

ّ

ّ

ّ

ً

ً

ً

ً

ً

ً

ً

ّ

ٍ

ّ

ً

ّ

ً

ّ

ً

ً

ٍ

ً

ّ

ّ

ّ

ً

ّ

9

قالوا في تأبينه

العدد - ١٣ أبریل ٢٠٢٠

في ھذا المسجد الكثیر مما يأخذ بیدك

لمدارج الكمال...‏ مبارك بكل ما فیه،‏ وما

كان فیه ولم يذھب...‏

ففي ھذا المسجد إيقونة حنان،‏ ٍ وعلم،‏

وسكینة..‏

ومن لا يعرفه..‏ وقد جاءنا مبتسماً‏

بملامحه ّ النبوية المسالمة،‏ ثم رحل عنا

بعد سنین فراقٍ‏ قاسیة،‏ وفي عینیه ذات

البريق لم يتغیر؟!‏

من لا يعرفه..‏ وھو الذي يملأ الجدران

الصامتة ضجیجا،‏ ويفتح عین قلبك حبا

للعلم والمعرفة والبحث،‏ قبل أن يتكلم؟!‏

من لا يعرفه..‏ وھو الذي كان صارما في

لیونة منطقه،‏ ثابتا رغم ما يعلو سحنته

من خجل واستحیاء،‏ مصمما وفي وجھه

ابتسامات تملأ الروح سكینة؟!‏

لم يكن الشیخ الظاھري أستاذاً‏

وحسب..‏ كان إماماً‏ لقلوب زرع فیھا

أشیاء كثیرة.‏ وأرواح ھذبھا بقلیل كلام..‏

لم يكن بینه وبین أحد أي مسافة..‏ وكان

ما بیننا وبینه من مسافة يكفي لأن نعرف

أننا في محضر ٍ عالم ورث الكثیر من تواضع

الأولیاء.‏

لقد كان لنا أستاذا غذى أرواحنا بذاك

الغذاء السماوي،‏ والغیث الرباني..‏ قطرة

قطرة،‏ سقانا العلم والتوق للمعرفة..‏

بصبر كبیر،‏ وھدوء لا تكاد تعرف من أين

جاء به كله؟!‏

وكم كان يجید دلال رعیته..‏ لعلك تحكیه

منفعلا،‏ فیبتسم..‏ ويكمل عنك صديقك

فیزيد جرعة الانفعال،‏ فیزيد الشیخ جرعة

الابتسام،‏ ويعلو صوت ثالث باثا آلاما يراھا

كبیرة..‏ فیبتسم الشیخ مجددا،‏ ولكن

ھذه المرة تعلو عینیه غشاوة ارتباك..‏ لا

يحب أن يرى غاضبا،‏ أو متألما..‏ يطمئننا

بكلمات خالیة من الانفعال،‏ مشحونة

بالحلم والعقل،‏ وكثیر الحب..‏

نوقن حینھا أن المشكلة انتھت..‏ وتنتھي

فعلا..‏ ً

عشر سنوات قضاھا الشیخ بیننا كنسمة

ربیع دافئة..‏ ما لامس قلبا منا إلا اخضرّ،‏

ولا نظر في عود يابس في أرواحنا إلا لان

وأزھر.‏ لم نلجأ إلیه في ً مسألة إلا وجدناه

خیر مستمع،‏ وخیر ناصح،‏ وخیر من

تفاعل وقدم ما يستطیع من مساعدة،‏

دون منة،‏ أو نقصان..‏ يعطیك حتى

يخجلك،‏ ولا فرق عنده إن كنت بالغاً‏

رشیدا،‏ لك في المسجد مكانة عظیمة،‏

أو كنت طفلاً‏ تطلب مساعدة كبیرة لعمل

بحثي تقوم به في مدرستك حول موضوع

يتعلق بالاسلام.‏ بل لعله يھتم بك صغیراً‏

أكثر من اھتمامه بصاحب الشأن

والنفوذ..‏

ما أكثر ما كانت تشعرك شخصیته الفريدة

بالأمان..‏ وكأنك في المسجد في ضیافة

الله،‏ و جنود يختارھم بعناية،‏ يلیق بھم

لقب العلماء!‏

لأجل ھذا وأكثر،‏ بكیناه حین رحل..‏

ھكذا قررت روحه التائقة المجاھدة

الرحیل دونما استئذان أو مقدمات...‏

لطالما كنت يا شیخنا لا تبدأ الدرس الا

بمقدمات تسھل علیھا المطلب الصعب

والدرس المعقد..‏

ما بالك ھذه المرة رحلت دونما شيء من

تلك المقدمات والتسھیلات؟

لعلك كنت تعرف أن لا شيء مما قد تفعله

سیجعلنا نستوعب ھذا الدرس الألیم..‏

فقررت الرحیل بصمت..‏ ولم تن ‏َس أن ترينا

ابتسامتك الأبوية تلك قبل رحیلك..‏

فاختصرت فیھا كل تلك السنین؛ بكل ما

فیھا من جمال وحنان وسلام...‏ اختصرتھا

كلھا بابتسامة واحدة ورحلت...‏

ما أقسى الزمان علینا...‏ وما أكثر ما في

ابتسامتك من بلسم الحنان الذي لن

يسمح لقلوبنا أن تنكسر...‏ ستبقى أنت

تجبرھا،‏ وستبقى أنت معلمنا الأول،‏

وأستاذنا الأمثل.‏ رحلت إلى جوار ربك،‏

وبقیت في قلوبنا صورة لمن يحبھم الله

فلن ننسى فضلك،‏ وجھادك وكل العلم

الذي أورثتنا إياه...‏ فسلام علیك وعلى

روحك المؤمنة الطاھرة..‏ عسى أن

يحشرك الكريم المتعال مع أنبیائه

وأولیائه الطاھرين،‏ في جنة الخلد

والنعیم..‏

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!