مجلة العربية السعيدة - الإصدار الاول 2021م
يوجد في اليمن شريحة شبابية مزدهرة تسعى الى التغيير الاجتماعي والتعايش السلمي. تروي إصدارات مجلة العربية السعيدة قصص يمنيين يحاولون تحسين حياتهم وأسرهم ومجتمعاتهم. نحن ندعوك لاكتشاف إمكانيات التعاون و التعايش السلمي والخيال من خلال إصدارات مجلة العربية السعيدة، حيث تم نسج التاريخ والحلول المحتملة في مقالات المجلة. كما أننا سنكتشف في إصدارات مجلة العربية السعيدة أبطال السلام، وسنسلط الضوء على ثقافة السلام، وسنوضح كيف تم بالفعل تمهيد الطريق الى التعايش السلمي. علاوةً على ذلك، ستوفر المجلة للقراء فرصة للتفكير والاستكشاف والحوار حول موضوع التعايش السلمي. في هذا الإصدار الأول للمجلة، نأخذك برحلة عبر الزمان والمكان لاستكشاف وإعادة اكتشاف الوجوه العديدة وأماكن التعايش السلمي في اليمن. وسوف نعطيك لمحة عن الحياة في اليمن من خلال نظرة شعبها – آمالهم واحلامهم ومخاوفهم ورغباتهم. وستتمكن من استكشاف هذا البلد المتنوع من داخل حدوده وكذلك من الخارج – كل ذلك أثناء الاستمتاع بالصور الفوتوغرافية الجميلة في كل إصدار.
يوجد في اليمن شريحة شبابية مزدهرة تسعى الى التغيير الاجتماعي والتعايش السلمي. تروي إصدارات مجلة العربية السعيدة قصص يمنيين يحاولون تحسين حياتهم وأسرهم ومجتمعاتهم. نحن ندعوك لاكتشاف إمكانيات التعاون و التعايش السلمي والخيال من خلال إصدارات مجلة العربية السعيدة، حيث تم نسج التاريخ والحلول المحتملة في مقالات المجلة. كما أننا سنكتشف في إصدارات مجلة العربية السعيدة أبطال السلام، وسنسلط الضوء على ثقافة السلام، وسنوضح كيف تم بالفعل تمهيد الطريق الى التعايش السلمي. علاوةً على ذلك، ستوفر المجلة للقراء فرصة للتفكير والاستكشاف والحوار حول موضوع التعايش السلمي.
في هذا الإصدار الأول للمجلة، نأخذك برحلة عبر الزمان والمكان لاستكشاف وإعادة اكتشاف الوجوه العديدة وأماكن التعايش السلمي في اليمن. وسوف نعطيك لمحة عن الحياة في اليمن من خلال نظرة شعبها – آمالهم واحلامهم ومخاوفهم ورغباتهم. وستتمكن من استكشاف هذا البلد المتنوع من داخل حدوده وكذلك من الخارج – كل ذلك أثناء الاستمتاع بالصور الفوتوغرافية الجميلة في كل إصدار.
You also want an ePaper? Increase the reach of your titles
YUMPU automatically turns print PDFs into web optimized ePapers that Google loves.
العدد #١ سبتمبر_٢٠٢١<br />
اعمل لك في كل وادي دار<br />
مئات الوديان تغطي أرض اليمن، ولكل وادي ما يميزه عن الآخر. لا يقتصر هذا التنوع على طبيعة اليمن فحسب، بل يضم كذلك مختلف الناس، الثقافات والمجتمعات. نعيش هذا التنوع في<br />
ماضينا وحاضرنا، عبر ذكرياتنا وفي حياتنا اليومية. تشجعنا دعوة المثل اليمني القديم لعمل دار في كل وادي على إيجاد ما هو مألوف في كل مكان جديد. بهذه الروح المتطلِّعة، يأخذنا المساهمون<br />
والمساهمات في <strong>مجلة</strong> <strong>العربية</strong> <strong>السعيدة</strong> في رحلة تتميز بلقاءات مع التاريخ والجغرافيا. في كل لقاء جديد، نعمل على كشف تلك الأجزاء التي تربطنا بالآخر، سواء كان قريبًا، جارًا أو غريبًا. عمل<br />
دار في كل وادي يعني الشعور بالطمأنينة والانتماء في كل مكان نحِ لّ عليه، سواء لنستريح فيه قبل أن نكمل المشوار، أو لنستقر فيه لمدة أطول.
المحتوى<br />
مقاهي ريمة<br />
ص. ١٥<br />
آثار سبأ: سلوى وفخر لليمنيين<br />
ص. ١٦<br />
قصة اليمن<br />
ص. ١٨<br />
رسم آفاق جديدة على ساحل حضرموت<br />
ص. ٢٢<br />
<strong>مجلة</strong> <strong>العربية</strong> <strong>السعيدة</strong> منشور لمؤسسة الإعلام عبر<br />
التعاون وفي التحول (MiCT)<br />
رئيسة التحرير: ليلى بندرة-لينرت<br />
مساعد رئيسة التحرير: محمد شمّا<br />
محررة النسخة الانجليزية: أليكسا دفورسن<br />
التدقيق اللغوي والترجمة: تامر فتحي مبروك<br />
التصوير: شركة دوت نوشن للإنتاج الإعلامي والإعلان<br />
التحرير الصوري: مظفر سلمان<br />
التصميم: قونار باور، علاء السماوي وشركة ويكان<br />
لخدمات الإعلام والتصميم<br />
خبير ومدرب التصوير: مظفر سلمان<br />
طريق <strong>السعيدة</strong><br />
ص. ٣٢<br />
عالم <strong>العربية</strong> <strong>السعيدة</strong><br />
ص. ٣٥<br />
جذور التعايش العريقة:<br />
نبذة لاكتشافات علمية في اليمن<br />
ص. ٤<br />
التعايش في الأسواق<br />
ص. ٦<br />
جوهرة اليمن السمراء<br />
ص. ١١<br />
خبيرا ومدربا التصميم: علاء السماوي وقونار باور<br />
خبيرا ومدربا التحرير الصحفي: ليلى بندرة-لينرت<br />
ومحمد شمّا<br />
الصحفيات والصحفيون: إصلاح صالح، زين<br />
العابدين علي، سمر عبد الله، فاطمة باوزير، فايز<br />
الضبيبي، ومحمد علي محروس<br />
إلى لقاء قريب<br />
ص. ٣٦<br />
المصوِّرون: البراء منصور، سليمان أحمد، عبد الحكيم<br />
عبادي، عبد الله الجرادي، عبد الله عثمان، علي<br />
السنيدار، محمود الفلسطيني ونسيم الحامد<br />
تصميم إضافي: فهد عبد العزيز و هشام محمد<br />
الرسومات: رفيدة أحمد، كذه كان اليمن<br />
<strong>مجلة</strong> <strong>العربية</strong> <strong>السعيدة</strong> من إنتاج منظمة الإعلام عبر<br />
التعاون وفي التحول (MiCT) في إطار مشروع دعم<br />
عملية السلام في اليمن (PPSY) المنفذ من قبل<br />
الوكالة الألمانية للتعاون الدولي .(GIZ) يتم تنفيذ ال<br />
PPSY بتكليف من الوزارة الألمانية الاتحادية للتعاون<br />
الاقتصادي والتنمية ،(BMZ) بتمويل إضافي من<br />
طرف الاتحاد الأوروبي .(EU)<br />
فريق دعم عملية السلام في اليمن :(PPSY) عائشة<br />
جووادابي، عادل محمد الزوم، عبد الله صالح علي<br />
رحلة عهد: نحو تعايش في المدارس<br />
ص. ٢٤<br />
التعايش على الطريق:<br />
إصرار على التآخي<br />
ص. ٢٥<br />
«كذه كان اليمن»:<br />
توثيق التاريخ على الإنستغرام<br />
ص. ٢٦<br />
مأرب<br />
صنعاء<br />
ريمة<br />
الحديدة<br />
ومالك أحمد عبد العزيز<br />
الآراء المعرب عنها في هذا المنشور لا تعكس مواقف أو<br />
آراء مشروع دعم عملية السلام في اليمن ،(PPSY)<br />
المؤسسة الألمانية للتعاون الدولي ،(GIZ) الوزارة<br />
الألمانية الاتحادية للتعاون الاقتصادي والتنمية<br />
،(BMZ) الاتحاد الأوروبي (EU) أو منظمة الإعلام عبر<br />
التعاون وفي التحول .(MiCT)<br />
المكلا<br />
معلومات التواصل:<br />
منظمة الإعلام عبر التعاون وفي التحول<br />
كريستا فيقيمان<br />
christa@mict-international.org<br />
Brunnenstrasse 9<br />
10119 برلين، ألمانيا<br />
الهاتف: (0)30 4849 302 0 +49<br />
www.mict-international.org<br />
التعايش في ظل الصراع<br />
ص. ٢٨<br />
تعز<br />
© ٢٠٢١، جميع الحقوق محفوظة.<br />
اليمن<br />
عدن<br />
موطن إحدى أقدم الحضارات على<br />
وجه الأرض. للعربية <strong>السعيدة</strong><br />
(باللاتينية ،(Arabia Felix اسم<br />
اليمن قديمً ا، معانٍ كثيرة من بينها<br />
«الأرض المباركة». هذه الأرض، التي<br />
هي من أكثر المناطق خصوبة في شبه<br />
الجزيرة <strong>العربية</strong>، مباركة بجبالها<br />
العالية، وديانها الخصيبة، غاباتها<br />
الكثيفة، جداولها الصافية وحقول<br />
زهورها البرية الخضراء.<br />
تضرب جذور <strong>العربية</strong> <strong>السعيدة</strong> في<br />
عمق التعايش الذي يربط اليمنيين<br />
بعضُ هم ببعض عبر الزمن. تأخذ<br />
مجلتنا هذا الاسم لتلقي الضوء على<br />
هذه القصص ماضيًا وحاضرًا. رغم<br />
تهديدات العنف والصراع المستمرة، لا<br />
يزال اليمن يزدهر بأمثلة يومية عن<br />
تناغم اجتماعي نتمنى أن يكون له<br />
صدى لدى القراء. اكتشاف مختلف<br />
الطرق المساهِ مة في بناء علاقات<br />
تعايشية هو لبّ <strong>مجلة</strong> <strong>العربية</strong> <strong>السعيدة</strong>.<br />
تاريخ التعايش اليمني هو تاريخ<br />
للوحدة في التنوع. يظهر ذلك جليا في<br />
أشكال التعبير الثقافي التي لا تُعد<br />
تحصى. هكذا يكتب لنا صحفيون<br />
يمنيون من أسواق شعبية التي هي<br />
أماكن لقاءات ودية تسود فيها الثقة<br />
واحترام قواعد التفاوض في المعاملات<br />
التجارية العادلة والمنافع المتبادلة بين<br />
المتسوّقين والبائعين.<br />
قصة أخرى تأخذنا لجلسة قهوة.<br />
نكتشف أهمية هذه النبتة في اليمن،<br />
من زراعتها إلى شعائر تحضير المشروب<br />
ومشاركته في الأوساط الاجتماعية.<br />
تمثل القهوة الاحترام والثقة بين<br />
العائلات والأصدقاء، بل وحتى<br />
الخُ صُ وم. كعرف احتفائي، كانت<br />
مشاركة القهوة أمرًا جوهريًا للتماسك<br />
الاجتماعي لعدة قرون، والآن هي<br />
تجمع اليمنيين معًا من كل نواحي<br />
المجتمع لسرد القصص، إلقاء الشعر<br />
وتبادل الأفكار. المقاهي التقليدية في<br />
كل أنحاء اليمن هي أمثلة أخرى على<br />
التعايش، حيث يتم التعبير عن الكرم<br />
والضيافة من خلال طقوس تقديم<br />
القهوة.<br />
سيعرض كل عدد من أعداد<br />
<strong>العربية</strong> <strong>السعيدة</strong> قصص أفراد يدلُّون<br />
بأفعالهم التضامنية على مسارات<br />
التعايش السلمي. نأمل أن تكون هذه<br />
القصص المكتوبة بأقلام يمنية مصدر<br />
ً<br />
إلهام لجميع قرائنا، لنجد معًا سُ بُلا<br />
نحو تحقيق آليات للتعايش في حياتنا<br />
اليومية.<br />
بالإضافة إلى هذه ال<strong>مجلة</strong>، يقدم<br />
مشروع <strong>العربية</strong> <strong>السعيدة</strong> مجموعة<br />
متنوعة من المحتوى التفاعلي المبتكر،<br />
بما في ذلك اختبار للمعرفة حول بناء<br />
السلام وتحويل النزاع اللاعنفي.<br />
كذلك، بالتعاون مع شباب يمنيين،<br />
أصدرنا ثماني ألعاب على الهواتف<br />
الذكية، لها عَلاقة وثيقة بموضوع<br />
التعايش وبناء السلام. جميع الروابط<br />
لتحميل الألعاب أو التسجيل في<br />
برامجنا للتعليم الإلكتروني، مثل دورة<br />
الابتكار الاجتماعي لليمن، مدرجة في<br />
ال<strong>مجلة</strong>.<br />
لنا أيضً ا مسابقات ممتعة قادمة<br />
قريبا مثل مسابقة أفلام <strong>العربية</strong><br />
<strong>السعيدة</strong> والمسابقة الثانية لهاكاثون<br />
<strong>العربية</strong> <strong>السعيدة</strong> للبرمجيات. هدف<br />
كل هذه المبادرات هو توسيع الآفاق<br />
الذهنية، اكتشاف إمكانات التغيير<br />
الإيجابية وطبعا الاستمتاع في نفس<br />
الوقت.<br />
ومازال لدينا الكثير من الأفكار نود<br />
تقديمها لكم ً مستقبلا . لمزيد من<br />
المعلومات، تابعونا على فيسبوك،<br />
إنستغرام، يوتيوب، تويتر وموقعنا<br />
الإلكتروني الجديد:<br />
www.arabiafelix.social<br />
مرحبا بكم في عالم <strong>العربية</strong> <strong>السعيدة</strong>!<br />
ّ ولا<br />
احتفاءََ بالتعايش
ً<br />
سمر عبد الله<br />
صنعاء<br />
تحليل<br />
جذور التعايش العريقة: نبذة لاكتشافات علمية في اليمن<br />
يُعتبر<br />
ْ يَل<br />
رغم الحروب التي تكرّرت في تاريخ<br />
اليمن، فإن التعايش كان دائمً ا<br />
ًا لها. لم<br />
ومازال إلى اليوم عاملا<br />
ِن<br />
تنتصر الحروب يومًا على مجتمعات<br />
اليمن التي مرت عليها ممالك<br />
وحقب عدة. يواصل اليمن وجوده<br />
بتعايشه مع مكوناته. تاريخ التعايش<br />
في اليمن يعود إلى آلاف السنين<br />
ويأخذ وجوهًا متعددة في الدين،<br />
الاقتصاد، السياسة والمجتمع. طبيعة<br />
هذا التاريخ الثري لا يسمح<br />
باستعراض جميع جوانبه. هكذا فلا<br />
يمكن اعتبار ما يلي تحليلا<br />
للتعايش في تاريخ اليمن وإنما<br />
تسليطً ا للضوء على بعض نماذجه.<br />
الاستلهام من تاريخ التعايش،<br />
والتعلم من تناقضه مع حقيقة<br />
العنف بمختلف أشكاله وأزمانه<br />
يدعم العمل على المضي قُدمًا نحو<br />
مجتمع متجانس في التنوع.<br />
يهود في الكنس، صنعاء، ١٩٠٧.<br />
ً كاملا<br />
ً مواز<br />
© هيرمان بوشارت | متحف الاثنولوجيا، متاحف<br />
برلين الوطنية، مؤسسة الإرث الحضاري البروسي<br />
الاختلاف وقبول التنوع أساسً ا في بناء التعايش خاصة في مجتمع متعدّ د<br />
المذاهب والديانات. تحت سماء <strong>العربية</strong> <strong>السعيدة</strong> تشكّلت مجتمعات مكونة من<br />
قبائل عدة أسست فيما بينها نظامًا مبنيًا على التعايش.<br />
يفسرّ منير عربش في منشأة المَعِ ينِيين وتاريخ ظهور مملكة مَعِ ين في جنوب<br />
جزيرة العرب أن مملكة مَعِ ين، التي ازدهرت ما بين القرن الرابع والثاني قبل<br />
َرْناوُ، التي كانت مكونة في بداياتها من قبيلة<br />
الميلاد، تشكّلت كمدينة مستقرة في ق<br />
مَعِ ين وبعض العائلات مثل جبأن ويلقظ. كانت جميع تلك العائلات تعيش<br />
بسلام، إلى جانب تحالف مملكة مَعِ ين مع ممالك أخرى من أجل بسط<br />
الاستقرار.<br />
احترام أتباع المعبودات<br />
الأساس الذي بُني عليه التعايش في اليمن تاريخيًا هو احترام الاختلاف كما<br />
يوضّ ح البروفيسور عبد الله بالغيث، أستاذ التاريخ القديم في جامعة صنعاء.<br />
«رغم تعدُّ د آلهة الإنسان اليمني القديم، إلا أن كل معبود كان يُحترم [من<br />
طرف] أتباع المعبودات الأخرى. وحتى لو دخلت منطقة ما في إطار أي دولة،<br />
تظل عبادة معبودها المحلي قائمة ولا يتم منعها لحساب عبادة المعبود الرسمي<br />
للدولة»، يقول البروفيسور بالغيث.<br />
في كتابها التاريخ الحضاري لليمن القديم، تفسرِّ اسمهان سعيد الجرو،<br />
الأستاذة المشاركة في قسم التاريخ بجامعة السلطان قابوس في مسقط، أن بعض<br />
أقاليم وقبائل اليمن القديم اشتركت في عبادة إله واحد، وإن تباعدت جغرافيًا.<br />
ْمَان ْ ومَض حَى يعبدون الإله ع<br />
َبَان ورَد<br />
َت<br />
َه<br />
«سبأ وفِيشان تعبدان الإله المَق<br />
َب رَ يَام. يعود هذا الاشتراك إما إلى السيادة<br />
ْل<br />
وحَاشِ د وبَكِيل يعبدان الإله تَأ<br />
السياسية أو للتحالف السلمي فيما بين جميع هذه المكونات»، تكتب الجرو.<br />
المَق ْ َه لم يُفرض على الممالك المهزومة، كما تشير باحثة التاريخ مع مركز<br />
الدراسات والبحوث اليمني، ليبيا دماج. هذا ما تُظهره النقوش المسندية لنقش<br />
َر، أحد أشهر ملوك سبأ، على<br />
النصر، الذي يصف الحملة العسكرية لكَر إ ِيلْ وَت<br />
ِبْ<br />
مَعِ ين وأَوْسَ ان في القرن السابع قبل الميلاد.<br />
في كتابه تاريخ اليمن القديم، يكتب محمد بالفقيه أنه في بعض الأحيان،<br />
تبادل المنافع والتحالف جعل بعض الممالك تذكر آلهة القبائل الأخرى في نقوشها،<br />
بل والتقرب منها.<br />
المستحقة لكل أرض زراعية. وحسب بالغيث، كانت هناك زيجات متبادلة بين<br />
مختلف الممالك القديمة حتى على مستوى الأسر الملكية. أحد الأمثلة على ذلك<br />
َان المسماة<br />
ْف<br />
َه<br />
َان ن<br />
ْه<br />
َل<br />
ْط من ابنة الملك السبئي ع<br />
هو زواج الملك الحضرمي إِلْ عِز<br />
َك، في أواخر القرن الثاني الميلادي.<br />
مَلَك حَل<br />
وصل تبادل المنافع تجاريًا إلى ما وراء حدود <strong>العربية</strong> <strong>السعيدة</strong>. يُبينّ محمد<br />
مرقطن في بحثه بعض جوانب تكوين الدولة في جنوب <strong>العربية</strong> القديمة أن دول<br />
جنوب شبه الجزيرة <strong>العربية</strong> احتكرت الطرق التجارية المؤدية إلى مصر وسوريا<br />
وفلسطين وبلاد ما بين النهرين منذ بداية الألفية الأولى قبل الميلاد. جميع هذه<br />
الدول شاركت في تجارة اللبان والمر.<br />
كان للبان والمر موضع تقدير هائل من قبل المصريين ً مثلا لاستعمالهما في<br />
العطور، المراهم، البخور وكذلك التحنيط. تم جلب هذه المنتجات اليمنية القديمة<br />
إلى مصر إما بواسطة قوافل برية عبر فلسطين، أو على ظهر سفن عبرت البحر<br />
الأحمر. «كان معظم سكان مَعِ ين ً مثلا من التجار ولم تكتشف أية أنشطة<br />
عسكرية حقيقية لهم»، يقول مرقطن.<br />
ينسحب التعايش أيضً ا على الكتابة التي كانت متوحدة بما يسمى خط<br />
ُعمِ ل لكتابة<br />
َد، الذي تطور قرابة القرن التاسع - العاشر قبل الميلاد واست<br />
المُسْ ن<br />
العديد من لغات الممالك والحضارات التي مرّت على اليمن.<br />
يستمر تأثير خط المسند إلى الآن، كما يفسر سعد الدين أبو الحَب الذي يحلّل<br />
جذور اللغة <strong>العربية</strong> في بحثه بجامعة مدينة نيويورك جذور الكتابة <strong>العربية</strong><br />
الحديثة: من المسند إلى الجزم. يقول أبو الحَب أن أبجدية الجزم <strong>العربية</strong> تشارك<br />
خط المسند عدد حروفه، ٢٨ حرفًا، وتشاركه «أيضا تعدد الأشكال الحرفية<br />
لبعض الحروف حسب موقعها في الكلمات. حتى إن الجزم كان قد استخدم<br />
عددًا من أشكال حروف المسند بحذافيرها». هكذا يكون الخط العربي المستعمل<br />
من طرف مئات الملايين اليوم ً متصلا بخط المسند القديم الذي تطور في اليمن.<br />
تروي النقوش القديمة هذا التطور، كما تدلنا على آليات تعايش قديمة<br />
أخرى مثل المِسْ وَد. يروي الدكتور أنور الحاير ، أستاذ الهندسة المعمارية اليمنية<br />
القديمة في جامعة صنعاء، أن المِسْ وَد أو مجلس الشورى، أي الديوان في مملكة<br />
مَعِ ين، كان من مكونات القصر الملكي. حسب ما تضمنته النقوش اليمنية قديمً ا،<br />
كان ملك مَعِ ين ومجلس الشورى يجتمعون في هذا الديوان من أجل إدارة<br />
شؤون الحكم عبر التشاور مع أعضاء المجلس وممثلي القبائل، يفسرّ الباحث أنور<br />
محمد يحيى في القصر في اليمن القديم.<br />
َمْ .<br />
ْ ، وق<br />
أعراف التعايش<br />
ساهمت الأعراف القبلية بدور إيجابي في الصراعات القبلية وتسيير حياة<br />
الشعب، منذ الأزل وقبل الإسلام.<br />
«سبقت هذه الأعراف المواثيق الدولية في إقرار حقوق الإنسان»، وفق رئيس<br />
منظمة دار السلام لمكافحة الثأر والعنف، عبد الرحمن المروني، المقيم في صنعاء.<br />
ينطبق ذلك أيضا على التعايش بين مختلف القبائل اليمنية و اليهود الذين<br />
عاشوا في اليمن قبل الإسلام بفترة طويلة، وكانوا يتحدثون اللغة <strong>العربية</strong> حتى<br />
قبل دخول الإسلام. بعد ذلك، كان لليهود عَلاقة خاصة بالمسلمين، مثلا<br />
اتصالهم المباشر بالمدارس الإسلامية المحلية، حسب كتاب يهود اليمن: دراسات في<br />
تاريخهم وثقافتهم للمؤلف يوسف طوبي.<br />
«تميزت اليمن باحتضان واستقبال كافة المذاهب منذ تعددها في منتصف<br />
القرن الثالث الهجري (التاسع ميلادي) ومنها المذاهب السنية الأربعة –<br />
الشافعي، الحنبلي، المالكي والحنفي – بالإضافة إلى المذهب الزيدي والخوارج<br />
والمدارس الصوفية والمدارس الكلامية كالمعتزلة»، يوضّ ح أستاذ الفلسفة في<br />
جامعة صنعاء، عبد الكريم قاسم، مع العلم أنه من أكثر الحقب تعايشً ا وانفتاحًا<br />
بعد الإسلام: عهدي الدولتين الصليحية (٤٣٩ - ٥٣٢ ه / ١٠٤٧ - ١١٣٨ م)<br />
والرسولية ٦٢٦) – ٨٥٨ ه / ١٢٢٩ – ١٤٥٤ م).<br />
يروي قاسم عن أحد نماذج التعايش عندما سافر أحد علماء المعتزلة، نشوان<br />
ابن سعيد الحميري، «إلى حضرموت وجلس فيها سنتين مع علماء من مذهب<br />
آخر وظل يتناقش معهم وحينما عاد، كتب فيهم قصائد تمجيد وحنين».<br />
ً عبر<br />
زيجات، مصالحات وتجارة<br />
لم تنحصر الروابط بين مختلف مكونات اليمن في الجانب الديني فقط، بل<br />
تعدَّ ت الدين ووصلت لمختلف مظاهر الحياة المجتمعية.<br />
توضح الباحثة في التاريخ القديم لليمن ليبيا دماج أن النقوش القديمة<br />
تدل عن مصالحات تمت بين مختلف القبائل على خلفية إشكالية توزيع المياه<br />
التهميش التاريخي والممنهج لمجتمع المهمشين في<br />
اليمن، لعائشة الوراق<br />
حتى الحرب تميز: أقليات اليمن، منفيون داخل<br />
بلدهم، للمجموعة الدولية لحقوق الأقليات<br />
بعض جوانب تكوين الدولة في جنوب <strong>العربية</strong><br />
القديمة، لمحمد مرقطن<br />
الأقليات في اليمن: الواقع والتحديات، لمركز إنصاف<br />
للدفاع عن الحريات والأقليات<br />
٤
المجتمع اليمني<br />
يقوم على أساس<br />
التضامن الاجتماعي<br />
القائم على العدل<br />
والحرية والمساواة.»<br />
الباب الرئيسي الجنوبي، باب اليمن، الذي تم تشييده<br />
سنة ١٨٩٨، كما يبدو من داخل المدينة القديمة،<br />
صنعاء ١٩٠٧.<br />
© هيرمان بوشارت | متحف الاثنولوجيا، متاحف<br />
برلين الوطنية، مؤسسة الإرث الحضاري البروسي<br />
الطريق نحو التعايش<br />
قبل ثورة ١٩٦٢، ساد تقسيم طبقي في اليمن. ً مثلا ، كان للسادة زي يميزهم<br />
عن باقي القبائل وكذلك عن اليهود. مظاهر التفرقة تلك أزيلت كما يفسر<br />
الدكتور عبد الكريم أبو غانم، أستاذ علم الاجتماع صنعاء: «الحراك الاجتماعي<br />
الآن لا يعرف الطبقات فثمة قيم عليا للتعايش شهدناها في السنوات ما بين<br />
٢٠١٤-١٩٦٢م».<br />
رغم هذا التقييم المتفائل لحاضر ومستقبل التعايش في اليمن، إلا أن التمييز<br />
الطبقي والعنصري ما زال حقيقة يعيشها ما قد يصل إلى ٣٫٥ مليون من<br />
اليمنيين، حسب الأمم المتحدة.<br />
هذا ما تفسره عائشة الوراق في تحليل لها نشر مع مركز صنعاء للدراسات<br />
الاستراتيجية سنة ٢٠١٩م. التمييز السلبي ضد الفئات المجتمعية اليمنية التي تسمى<br />
ب ‹المهمشين› متنشر في اليمن، كما توضح الوراق في تحليلها لعدد من الأمثلة من<br />
مختلف المناطق، في بحثها الذي جاء تحت عنوان: التهميش التاريخي والممنهج<br />
لمجتمع المهمشين في اليمن.<br />
.<br />
«لا يوجد قانون يمني محدد يميز ضد المهمشين»، تقول الوراق، «لكن التمييز<br />
الاجتماعي الممنهج يمنعهم من الوصول إلى سبل الانتصاف من الاستغلال،<br />
حيث أنهم يواجهون تعصباً ممنهجا ً في النظام القضائي وداخل الحكومة المحلية<br />
والسلطات القبلية». لهذا التمييز تأثير على مختلف جوانب الحياة، مثل نسبة<br />
التحاق الأطفال بالمدارس، إمكانيات العمل المتاحة، وحتى الوصول إلى المساعدات<br />
في ظل النزوح القائم في اليمن.<br />
يبقى الدستور الحاضنة للدولة اليمنية الحديثة، حيث تنص المادتين ٢٤ و٢٥<br />
أن «الدولة تكفل تكافؤ الفرص لجميع المواطنين سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا<br />
وثقافيًا» وأن المجتمع اليمني يقوم «على أساس التضامن الاجتماعي القائم على<br />
العدل والحرية والمساواة».<br />
ّل أساسً ا للقوانين، فيما يبقى الدور الأهم لليمنيين في<br />
هذه المضامين تُشك<br />
تعزيز ركائز الترابط والعناية بها، لإكمال ما بناه الأجداد من حضارة عربية<br />
سعيدة، عنوانها التعايش وتبادل المنافع مع كافة أعضاء المجتمع.<br />
نساء وفتيات يهوديات في مقبرة، صنعاء، ١٩٠٧.<br />
© هيرمان بوشارت | متحف الاثنولوجيا، متاحف<br />
برلين الوطنية، مؤسسة الإرث الحضاري البروسي<br />
نقش سبئي موجه إلى الإله ‹المقه› يذكر خمس آلهة<br />
يمنية قديمة، ملكين حاكمين ومحافظين، القرن<br />
السابع قبل الميلاد.<br />
© ماري-لان نيوين | ويكيميديا كومنز<br />
٥
ِ<br />
ِ<br />
ِ<br />
ِ<br />
ِ<br />
سوق الحُ صُ ون:<br />
ملتقى التنوع<br />
ِ الشَ نيني التاريخية:<br />
سوق<br />
الهوية اليمنية الجامعة<br />
يتحرك<br />
يتذكر<br />
التعايش في الأسواق<br />
ّقاء والتبادل، حيث دفعت التجارة بالناس من مختلف الخلفيات،<br />
كانت الأسواق دائمً ا مكانًا لل<br />
الأديان والانتماءات لتبادل المنافع. ليس من المفاجئ إذن أن يعتبر إرباك الأسواق أو تدميرها في<br />
ُنا من ضمان بقائنا، من خلال شراء وبيع الطعام.<br />
ِّن<br />
جميع المجتمعات جريمةً خطيرة. فهي ت ُمَ ك<br />
وتساعدنا كذلك على ضمان اكتفائنا وربما حتى رفاهيتنا، عبر دعمنا لبعضنا البعض كعائلات وأفراد.<br />
الأسواق هي أيضً ا مكان للتعبير عن هويتنا، عبر اختيارنا المميز للملابس، العطور أو حتى التوابل<br />
والبهارات. هي كذلك مكان للتعبير عن انتمائنا، فالتسوق مع الأصدقاء والأقرباء من تلك الأنشطة<br />
التي تعزز وجودنا كحلقة في سلسلة محبة وحماية محكمة. بالنسبة للبعض منا، الأسواق هي أيضً ا<br />
مكان للحرية ولاكتشاف ذواتنا الداخلية، من خلال الخبرات التي نجمعها والأشخاص الذين نتعلم<br />
منهم.<br />
تقوم العلاقة بين البائع والمشتري على الثقة: الثقة في توازن أسعار البائع، وفي احترام كل من البائع<br />
والمشتري لقواعد التفاوض والمعاملة. وعلى الرغم من أن البائعين قد يتنافسون على جذب انتباه<br />
المشترين، إلا أنهم كذلك يدعمون بعضهم البعض: يأكلون معًا، يتشاركون الأفراح والأتراح،<br />
ويحرصون على حماية بضائع بعضهم البعض.<br />
على الرغم من فوضى المكان الخارجية، إلا أن السوق لا تقوم دون احترام قوانينها وقواعدها. يتم<br />
تصويب أي تجاوزات بسرعة للحفاظ على حرمة العدالة والاحترام. هكذا تكون السوق مكانًا يحكي<br />
قصص التعايش اليومي، فيها نتعاون، ننمو ونزدهر. أسواق اليمن شاهدة على عشرات، مئات وحتى<br />
آلاف السنين من التعايش بين القرى المجاورة لها، ومختلف المجتمعات، عبر أجيال متسلسلة.<br />
الاسم:<br />
سوق الحُ صُ ون،<br />
لوجود حصنين<br />
قديمين في ذات<br />
المكان<br />
المكان:<br />
محافظة مأرب<br />
تاريخ التأسيس:<br />
ثلاثينات القرن<br />
الماضي<br />
المساحة:<br />
٢٫٥ كيلومتر مربع<br />
أيام العمل:<br />
كل أيام الأسبوع<br />
عدد الزوار:<br />
٣٠٠-٥٠٠ وقد<br />
يصل إلى ألف زائر<br />
أيام الجُ مع<br />
موجودات السوق:<br />
الحبوب، الخضار،<br />
الملابس، المواد<br />
الغذائية، الدهن<br />
البلدي وغيره<br />
»<br />
التعايش هو عدم نبذ<br />
الآخرين والانتقاص منهم<br />
أو استخدام العنف<br />
بحقهم مهما اختلفت<br />
المناطق والجنسيات والمهن<br />
والخلفيات الاجتماعية.»<br />
ًا،<br />
ْد ْ الع َ يَّالْ ، ٢٥ عام<br />
فَه<br />
مصور تلفزيوني<br />
جَمَ لُ المعصرة في حركة دائرية مستمرة قد تمتد إلى خمس ساعات متواصلة،<br />
وكأنه في حلقةٍ ٍ مفرغة ليس لها نهاية أو أفق. الدائرة التي يدور فيها لا يزيد<br />
قطُ رها عن أربعة أمتار. هذا المشهد أول ما يلفت الانتباه عند دخول سوق<br />
الحصون العتيقة، شرق مدينة مأرب.<br />
يعمل الخمسيني أحمد دعدع في معصرة السمسم الخاصة به في سوق<br />
الحصون منذ ٣٤ عامًا. عندما تجد دعدع بجوار جمل المعصرة، تظهر<br />
قسمات وجهه طربًا لأصوات وقع خُ ف الجمل.<br />
يُعرَف السمسم عند المرأبيين بالجلجل أو الجلجلان. تتم تنقية بذور الجلجل<br />
من التراب والشوائب، ثم تُوضع في المعصرة قبل أن تضاف إليها ماء ساخن.<br />
يبدأ الجمل في الدوران من ساعة إلى ثلاث ساعات حتى يصبح الزيت جاهزًا.<br />
«كلما مشى الجمل وقت أطول نعصر كمية أكثر ونبيع أكثر»، يقول<br />
دعدع. كلما هم الجمل بالتوقف يصدر دعدع له صوتًا فيواصل مشيه.<br />
«نغطي عيونه بغطاء خاص حتى لا يصيبه الدوار من كثرة دورانه حول<br />
نفسه»، يفسرّ دعدع.<br />
ّ تُعد سوق الحُ صُ ون، التي تعود تسميتها إلى وجود حصنين قديمين في<br />
ذات المكان، من أقدم الأسواق الشعبية في محافظة مأرب التي تبعدُ عن<br />
مركزها قرابة خمسة كيلومتر. كان يرتاد السوق مئات المتسوقين من مختلف<br />
المحافظات حتى مطلع تسعينات القرن الماضي، حيث كانت مركزًا تجاريًا<br />
وسوقًا حرة لجميع السلع والبضائع القادمة من جنوب اليمن والمملكة<br />
<strong>العربية</strong> السعودية منذ قرابة قرن من الزمن. تعد معاصر السمسم، أو<br />
الجلجل، لإنتاج الدهن البلدي من أهم مميزات السوق ومنتجاتها.<br />
عند التجول في سوق الحصون، من الملاحظ أن المهاجرين الأفارقة<br />
يملؤون أزقة السوق وشوارعه ويعملون في مختلف المهن. «في الحصون<br />
عندما يدق الإفريقي باب أي شخص يطلب طعامًا، لا أحد يعترضه أو يسيء<br />
له، يعطونه ما معهم من أكل.» هكذا يتحدث دعدع عن الانسجام الحاصل<br />
بين سكان الحصون والمهاجرين الأفارقة القادمين من دول مثل الصومال<br />
أو إثيوبيا، الذين قد يصل عددهم إلى أكثر من ألفين.<br />
يقول قمتشوا كروبل ، مهاجر من شعب الأورومو الإثيوبي، أن هذا هو<br />
سبب سفر معظم المهاجرين الإثيوبين إلى الحصون، حيث يعملون في المزارع<br />
القريبة ومع التجار مقابل أجر يومي. «أهلها طيبين ويعاملونا كويس»،<br />
يقول كروبل، «يعطونا أكل وملابس». أصبح الحصون مركز تجمُّع<br />
للمهاجرين الإثيوبيين. «بعد فترة نسافر من هنا إلى السعودية والبعض<br />
يشتغل ويبقى هنا»، يضيف كروبل.<br />
تميزت السوق بالأمن، منذ تأسيسها في ثلاثينيات القرن الماضي، كما يقول<br />
الشيخ محسن بن جلال، أحد من عايشوا السوق منذ القدم: «من دخلها<br />
كان آمنا وأي شخص يعتدي على أحد في السوق يُلزم بأحكام وعقوبات<br />
ّال (عقلاء) السوق».<br />
مغلظة من قبل عُق<br />
لكن السوق شهِدت تراجعًا كبيرًا خلال العقدين الأخيرين نتيجة تعدد<br />
الأسواق وتخصصها. «كان الحصون السوق الوحيد وفيه كل السلع. لكن<br />
من فترة التسعينيات انتقلت التجارة إلى المجمّع، في مركز المحافظة، الذي<br />
أصبح السوق الرسمي وفيه تجار الجملة»، حسب ما يقوله بن جلال.<br />
ورغم قلة المتسوقين مقارنة بما كانت عليه السوق قبل عقود، إلا أن<br />
سوق الحصون تستعيد وهجها وتكتظ كل يوم جمعة. بالنسبة للكثير من<br />
المستوقين، ستكون معصرة دعدع مقصدهم الأول.<br />
قائد هزاع، ذو ٧٧ عاما، أكبر الباعة في السوق سنًا وأكثرهم حضورًا، يعرف<br />
المكان منذ أن كان منطقة زراعية تحيط به مساكن قديمة لثلةٍ من السكان.<br />
يعود هزاع عشرات الأعوام إلى الوراء، يومها كان ً طفلا يصحبه والده معه<br />
للشراء من سوق بلا اسم.<br />
اختار سكان المدينة القديمة والقرى القريبة منها أن يلتقوا في هذه المنطقة<br />
ًا سوق الش<br />
مرتين كل أسبوع، ثم تحوّلت إلى سوق دائمة، أُطلق عليها لاحق<br />
الطفل الذي كان يرتادها للشراء، بات يملك ً محلا لبيع البهارات وبعض<br />
المقتنيات القديمة للقادمين من أحياء عُدينة ومحيطها القروي.<br />
بتعابير وجهه الخجولة يُبادلك العم قائد تحاياه، ويأخذك في رحلة الأيام<br />
بما لديه من مواقف وأحداث، وهو الذي لم يُبارح السوق منذ تأسيسها،<br />
وبشهادة جيرانه يُعد أول القادمين إليها كل نهار.<br />
تمتد سوق الشَ نيني على أكثر من ٥٠٠ متر بين باب موسى والباب الكبير<br />
ًا، وسوق<br />
ًا سابق<br />
شرقًا وغربًا، بينما ُّ يحدها ً شمالا سور المدينة، كما كان معروف<br />
القماش التاريخية جنوبًا.<br />
تعود تسمية السوق بالشَ نيني نسبة إلى البوابة التي أُحدثت بسور المدينة<br />
القديمة على مدخل السوق من الشرق، كما يُقال. هناك من ينسب تسمية<br />
ُدم<br />
السوق إلى الشيخ محمد علي الشنيني الذي كان وليًا صالحًا، وله مسجدٌ ه<br />
قبل أكثر من ٥٠ سنة، وبنيت في مكانه محلات تجارية.<br />
ّ عُدت الش في فترة ازدهارها المصدر الأول لتزويد سكان المدينة<br />
ُقام يومي الإثنين<br />
باحتياجاتهم من مختلف السلع، بعد أن كانت سوقًا ت<br />
والخميس من كل أسبوع قبل أربعة قرون تقريباََ. استقرت السوق على حالتها<br />
الراهنة عقِبَ الثورة اليمنية عام ١٩٦٢م، كسوق خاصة بالمستلزمات الشعبية<br />
التقليدية والمشغولات المحلية التي تكاد تندثر، كمستلزمات حراثة الأرض، الأواني<br />
الفخارية، المواقد الطينية ومستلزمات خاصة بتقديم الأكل وتغطية الرأس<br />
حِ يكت من القش.<br />
يُعدّ ان شهرا شعبان ورمضان من كل عام ذروة العملية الشرائية في السوق<br />
تأثيرٍ مع نسبي بفعل الحرب الدائرة منذ ست سنوات. يرتاد السوق العشرات<br />
يوميًا، من الثامنة صباحً ا وحتى الثامنة مساءً كل يوم. وكالمعتاد القادمون من<br />
القرى هم الذين يتوقون إليه ويشترون حاجاتهم منه.<br />
لا تختلف سوق الشنيني عن الأسواق اليمنية القديمة، فذات العلاقات<br />
السائدة بين الباعة قائمة بنفس الوتيرة، الحال واحد، وما حل على أحدهم حل<br />
على الآخرين. لا يتنافس الباعة بقدر ما يؤمنون بالتشاركية والحفاظ على<br />
علاقاتهم بذات الرتم التناغمي الذي وجدوا عليه آباءهم وأجدادهم، رغم<br />
اختلاف مناطقهم الجغرافية.<br />
تعدُّ د المهن، اختلاف السلع، واحترام كل منهم لمهنة الآخر يشد انتباه كل<br />
ٍ<br />
زائر، كما أن حفاظها على طرازها القديم من معدات عرض البضائع وطبيعته<br />
المألوفة يُعد ميزةً ملازمة للسوق ومن فيها بشكل دائم.<br />
الاسم:<br />
،<br />
»<br />
أيام العمل:<br />
كل أيام الأسبوع<br />
عدد الزوار:<br />
٢٠٠ زائر<br />
موجودات السوق:<br />
منتجات تقليدية،<br />
كمستلزمات<br />
حراثة الأرض،<br />
الأواني الفخارية<br />
والمواقد الطينية،<br />
مستلزمات خاصة<br />
بتقديم الأكل<br />
وتغطية الرأس<br />
سافرتُ وتنقلت ُ في دول<br />
عدة، لكني لم أعش<br />
لحظات كتلك التي أعيشها<br />
عند دخولي هذا السوق،<br />
منذ أربعين عامًا وأنا أتردد<br />
إليه؛ لأجدد ارتباطي بإرث<br />
الأجداد وروح المحبة<br />
والوئام السارية بين<br />
جوانبه.»<br />
عبد الرحمن عون، ٥٥ عامًا، من مدينة التر ُ بة،<br />
جنوب محافظة تعز<br />
َ نيني .<br />
َ نيني<br />
سوق الشنيني في تعز، في نهاية السبعينيات.<br />
© فهد الظرافي<br />
سوق الشَ نيني<br />
نسبة إلى البوابة<br />
التي أُحدثت بسور<br />
المدينة القديمة<br />
على مدخل<br />
السوق<br />
المكان:<br />
محافظة تعز<br />
تاريخ التأسيس:<br />
قبل أربعة قرون<br />
المساحة:<br />
على طول ٥٠٠<br />
متر من باب<br />
موسى إلى الباب<br />
الكبير.<br />
٧ ٦<br />
إصلاح صالح، زين العابدين علي، سمر عبد الله،<br />
فاطمة باوزير، فايز الضبيبي،<br />
ومحمد علي محروس<br />
اليمن
ُ<br />
ِ<br />
ُ<br />
سكينة الذِّ حِ ل تجذب اليمنيين من<br />
مناطق مختلفة<br />
أسواق الشحر: إرثٌ تاريخي يجمع<br />
اليمنيين في مكان واحد<br />
سوق المُلح: قلبُ صنعاء القديمة وحاضنة<br />
لكل اليمنيين<br />
تقع<br />
شرق<br />
تعود<br />
الاسم:<br />
سوق الذِّ حِ ل<br />
المكان:<br />
محافظة ريمة<br />
تاريخ التأسيس:<br />
قبل ٤٠٠ سنة<br />
المساحة:<br />
كيلومتر مربع<br />
أيام العمل:<br />
الاثنين من كل<br />
أسبوع<br />
عدد الزوار:<br />
- ٤٠٠ ٦٠٠ زائر<br />
الموجودات:<br />
منتجات محلية،<br />
حرف تقليدية من<br />
أواني الأكل<br />
الفخارية، وأدوات<br />
مصنوعة من<br />
الجلود وسعف<br />
النخيل،<br />
والمحاصيل<br />
الزراعية<br />
»<br />
التعايش هو أن يحب<br />
[الشخص] لأخيه ما يحب<br />
لنفسه ويدفع عنه الشر ما<br />
استطاع إلى ذلك.»<br />
َار ٧٠ سنة، بائع أدوات<br />
الحاج أحمد النَّه<br />
ِي،<br />
الزراعة اليدوية القديمة<br />
سوق الذحل في أعلى قمة مطلة على محافظة ريمة. دفع ذلك الحكم<br />
العثماني إلى جعلها مركزًا عسكريًا لهم، إبان حكمهم لليمن ما بين ١٥٣٩<br />
و١٦٣٤م وما بين ١٨٧٢ و١٩١١م.<br />
يربط موقع سوق الذحل ثلاث مديريات تابعة لمحافظة ريمة، ثمة تشابك<br />
بين جبالها الشاهقة وأوديتها وتناثر قُراها، ما يزيد من وعورة الطرق أمام<br />
السكان.<br />
انسجامًا مع عملية نقل البضائع التي كانت تأتي قديمً ا فوق ظهور الجمال<br />
والحمير والبغال من ميناء الحديدة، اتفق الأهالي على يوم التسوق لكل من<br />
أسواق محافظة ريمة. هكذا وإلى يومنا هذا، يمثلُ يوم الإثنين من كل أسبوع<br />
اليوم الرسمي للسوق. في القرى المجاورة للسوق، وتحديدً ا بين الأسر التي لا<br />
يوجد فيها رجال بفعل الاغتراب، يُكَلَّف شخص بمهمة الذهاب إلى السوق<br />
َة، وهي ورقة تكتب عليها<br />
واقتناء متطلبات الأهالي. كل يوم اثنين، تجهز القَطْ ف<br />
متطلبات أهالي كل قرية، الذين يتشاركون بعض الحاجيات مع أقاربهم ومع<br />
الفقراء.<br />
اتفق الأهالي المستفيدون من السوق كذلك على حاكم السوق، الذي يكون<br />
من أسرة تسكن في القلعة القريبة ويتكلف بإدارة السوق. ارتبطت تلك الوظيفة<br />
التقليدية بالحكم العثماني وحكم الأئمة لليمن قبل سنة ١٩٦٢م، حيث كانوا<br />
يُولّون مشايخ وأعيان المناطق بعض المهام والوظائف الإدارية في مناطقهم.<br />
اختلفت هذه الوظائف من تقدير ُ الغَلَّة الزرع وجباية الزكاة من الأهالي إلى<br />
حكم الأسواق، أخذ الواجبات منها وإرسالها للولاة في المحافظات الخاصة بهم.<br />
لا تزال الأجيال تتوارث حكم السوق إلى يومنا هذا، حيث يقومون بإدارة<br />
شؤون الناس فيه، وحل المشاكل والخلافات. وفقًا للعرف اليمني، يُحكم على<br />
أي شخص أو جماعة تفتّعل أية مشكلة في السوق بتقديم رأس بقر ويسمى<br />
هَجَر، وإعلان اعتذارهم أمام المتواجدين في السوق. غالبا ما يتم العفو عنهم<br />
وإرجاع رأس البقر الذين يأتون به، وأحيانا يتم تأديبهم بذبح رأس البقر،<br />
وتوزيع لحمه على كافة المتواجدين في السوق.<br />
يتجلى دور الدولة الآن في سوق الذحل وغيره من الأسواق الريفية، عبر<br />
المكاتب البلدية المختصة، مثل مكتب الواجبات الذي يقوم بتخليص الرسوم<br />
والضرائب، مكتب النظافة القائم على نظافة السوق، بالإضافة إلى مكتب<br />
التجارة والصناعة في المحافظة الذي يشرف على سلامة السلع والمنتجات.<br />
رغم تطور الحياة واتساع السوق وتنوع التجارة فيها، فإنها لا تزال تحتفظ<br />
بطابعها الشعبي العريق؛ بطرقها القديمة ونوعية المنتجات المحلية والحرف<br />
التقليدية المعروضة. أواني الأكل الفخارية، الأدوات المصنوعة من الجلود وسعف<br />
النخيل، المحاصيل الزراعية المختلفة، كلها موجودة في سوق الذحل. كذلك ما<br />
تزال الحمير المزركشة بالألوان أساسية رغم وجود سيارات ذات الدفع الرباعي،<br />
إلى جانب اعتماد كثيرين على المشي باعتبار الطرق المؤدية إلى السوق وعرة<br />
وقديمة.<br />
تَجْ مَ ُ ع أماكن السوق العامة والمساحات أمام المحلات الواسعة بين كبار<br />
القرى، الأمناء وعمال الأوقاف، حيث يناقشون القضايا التي تحظى باهتمام<br />
عام. من الطاحون القديم إلى البسطة البدائية، تاريخ سوق الذحل في ريمة<br />
مملوء بحكايات التعايش الذي يستمر إلى اليوم. كل يوم اثنين، يلتقي الناس<br />
لتبادل المنافع والتحايا في سوق الذحل، ليصبح السوق بمثابة «البيت الواحد»<br />
يجمع بين سكان كل القرى المجاورة.<br />
مدينة المكلا، عاصمة محافظة حضرموت، بحوالي ٦٨ كيلومتر، تقع مدينة<br />
الشحر التاريخية، أحد أقدم موائن بحر العرب. اشتهرت الشحر قديمً ا بتجارة<br />
اللبان الذي ينُسب إليها، اللبان الشحري، إضافة إلى البز والمُ رّ والصبر، والعنبر<br />
الدخني.<br />
مدينة الشحر أو سعاد كما يُطلق عليها، تمتلك سوقًا تاريخية تظهر فيه<br />
إحدى أمكنة التعايش في اليمن، حيث يصطف الباعة فيها من كل حدب<br />
وصوب، من الشمال والجنوب يمارسون التجارة التي اشتهرت بها تلك المدينة<br />
تاريخيًا، ومنها سوق شبام العريق.<br />
مضى على نشأة سوق مدينة الشحر قرابة أربعة قرون، حيث مرت على<br />
هذه السوق حقُب تاريخية غيرت ملامحها حتى باتت مهددة وسط زحمة<br />
العمران والأسواق التجارية التي زحفت على هذا المعلم التاريخي.<br />
وعلى مقربة من سوق شبام نجد ماركيت الحلوى، أشهر سوق للحلوى<br />
الحضرمية الشحرية. تأسس الماركيت في عهد الدولة القعيطية في أوائل القرن<br />
العشرين كسوق للخضار والأسماك، لكنه تحوّل بعد ذلك إلى سوق للحلوى<br />
الشحرية بأنواعها المعروفة ومن أشهرها المُش<br />
َّة)<br />
ُك<br />
َك (جمع د<br />
تجتذب ألوان الحلوى الشحرية الناس والمتناثرة في دُك<br />
ُش<br />
الباعة، الذين يتنافسون في تقديم نفس الأصناف، من المُجَل ْجَلْ ، الم<br />
ْلي وغيرها من الأصناف<br />
الحلوى السوداء والحمراء والبيضاء، الأُبَّل والبرُ ْمَق<br />
التقليدية الشهيرة التي تميزت في صناعتها مدينة الشحر.<br />
يزور سوق الحلوى العشرات من محبي الحلوى والمشبك فيما تضج<br />
بأصوات الناس المتعالية من كل دكة. الشحريون بارعون في إلقاء النكت<br />
والدعابات، فمعروف عنهم حبُ الحياةِ والتفاؤل وكأنهم يقاومون واقعهم<br />
بطريقتكم الخاصة.<br />
في صبيحة يوم ال ٢٤ من فبراير ٢٠١٣م، تعرّضت السوق لحريق متعمد ذو<br />
طابع سياسي نتيجة لما تتعرض له البلاد في تلك الفترة الانتقالية. أتى الحريق<br />
على موجودات السوق مما أدى إلى إغلاق أبوابها لمدة عام كامل، لكنها عادت<br />
مرة أخرى بعد ترميمات قامت بها السلطة المحلية آنذاك.<br />
الوضع تغير كثيرًا بعد ستِ سنواتٍ من الحرب الطاحنة التي عصفت بالبلاد<br />
وبمواردها الاقتصادية، وتأثرت سوق الحلوى كغيرها من الأسواق بالركود<br />
الاقتصادي، وبات مرتادوها يقلّون إلا من بعض المواسم الخاصة مثل الأعياد<br />
الرسمية.<br />
الاسم:<br />
سوق شِ بَام لأن<br />
قبائل من مينة<br />
شبام التاريخية<br />
استوطنت الشحر<br />
ومارست التجارة<br />
فيها<br />
المكان:<br />
الشحر، حضرموت<br />
تاريخ التأسيس:<br />
سوق شبام قبل<br />
أربعة قرون،<br />
سوق الحلوى<br />
قبل قرابة القرن<br />
المساحة:<br />
تقريبا، ٢٠٠ متر<br />
مربع (سوق<br />
»<br />
الحلوى) كيلومتر<br />
مربع (سوق<br />
شبام)<br />
أيام العمل:<br />
كل أيام الأسبوع<br />
عدد الزوار:<br />
العشرات<br />
موجودات السوق:<br />
في سوق شبام<br />
تنتشر تجارة<br />
الملابس ومواد<br />
التجميل<br />
والعطارات، أما<br />
سوق الحلوى<br />
ففيه الحلوى<br />
الشحرية بكافة<br />
أنواعها<br />
التعايش هو التكيُّف مع<br />
الأوضاع المعيشية أو<br />
الصحية، جيدة كانت أو<br />
سيئة.»<br />
زينب، ٢٩ عامًا، من مدينة غيل باوزير<br />
تسمية سوق المُلح إلى «البضائع المليحة أي الجميلة» التي تعج بها السوق في<br />
قلب مدينة صنعاء القديمة، النابض بالحياة منذ ثلاثة آلاف عام تقريبًا،<br />
إحدى أقدم الأسواق في الجزيرة <strong>العربية</strong>، تضمُ سوق المُلح العديد من<br />
الأسواق والتي اتخذت أسمائها من نوعية البيع والحرف فيها.<br />
خضعت السوق منذ مراحل نشأتها الأولى لعدد من النظم الإدارية<br />
والتشريعية ما قبل وبعد الإسلام. أقدم قانون عُثر عليه عمره يفوق ٣٠٠ سنة،<br />
َّاق جَحَ اف، وكيلة الهيئة العامة للمحافظة على المدن<br />
كما تقول أُمَّة الرَّز<br />
التاريخية.<br />
في مطلع الستينات كان هناك عرُف متداول بأنه لا يحق لأي فتح<br />
تاجرٍ<br />
دكان إلا بعد دراسته واجتيازه فقه المعاملات، وذلك لمعرفة الحلال والحرام<br />
في المعاملات التجارية. ولكن هذا العُرف اختفى تدريجيًا.<br />
ُجسّ د معنى التعايش<br />
تشهد السوق ً تفاعلا بين الناس والتجار في صورة ت<br />
الذي يسعى له اليمنيون، حيث يساعد التاجر زميله الآخر من خلال اكتفائه<br />
بالبيع وإرسال الزبائن إلى جاره التاجر ل «يسترزق مثله» كما يقول عبد<br />
الرحمن الدَ بَب، تاجر في سوق الحدادة.<br />
وبالنسبة لليمنيين، فإن السوق ليست لشراء الحاجيات فحسب، وإنما هي<br />
كذلك حاضنة للتنوع المذهبي وجامعة للمسلمين واليهود الذين كانوا<br />
يعملون في العديد من المهن والحرف اليدوية كالفضة والصباغة.<br />
بلغ عدد الأسواق التخصصية في سوق المُلح حتى نهاية القرن التاسع عشر<br />
حوالي ٤٢ سوقًا ازدهرت فيها مختلف المهن والحرف والصناعات اليدوية. مع<br />
مرور مئات السنين، صمد ٢٨ سوقًا متخصصً ا، مثل سوق باب اليمن الوجهة<br />
َظ<br />
الأولى المؤدية إلى باقي الأسواق ومن بينها سوق المُلح، وصولا إلى سوق الن<br />
التي تباع فيها السلع المختلفة كالقشر، البن، العسل ومنتجات أخرى مختلفة<br />
كأدوات الزينة والملابس.<br />
طريق الأسواق مترابط، ابتداءً بسوق العِ سْ وَب والجَنابي التي تنفرد<br />
بمساحة شاسعة امتدت من موقعها الأساسي حتى طالت أسواقا أخرى،<br />
ِيَّة، يب هو غمد الجَنْب أو<br />
وذلك للإقبال الكبير على العِ سْ وَب والجنابي. العَسِ<br />
الخنجر اليمني، ويتم ارتداؤهما من طرف الرجال تحت الحزام، الذي يكون<br />
مزينا كذلك، فوق الثياب على مستوى الخصر.<br />
تأتي رائحة التوابل والبهارات صادرة عن سوق الحَبّ ، التي تُباع فيها<br />
مختلف أنواع الحبوب الزراعية والبهارات والبن، ومن ثم يقود الطريق إلى<br />
سوق المِعْ طَ ارَة التي مازالت تنبض بالحياة وتُباع فيها الأعشاب المتعلقة<br />
بالطب العربي.<br />
ُباع فيها<br />
َة، التي ت<br />
تشد ألوان خيوط الصوف وعقود الخرز الزائر لسوق الفِتْل<br />
ّ<br />
مستلزمات الخياطة والأكسسوارات المحلية، وسوق البزَ ْ حيث توجد الأقمشة<br />
بكافة أنواعها. من هناك سوق المِخْ لاص ليست بعيدة، حيث كانت محلا<br />
َّت الفضة بسبب<br />
الفضة مهيمنة. الآن، يغلب بريق ّ محلات الذهب على محلا<br />
«إقبال الناس على معدن الذهب أكثر من الفضة»، حسب تاجر الفضة ذو<br />
٣٣ سنة أيمن أحمد الكلابي.<br />
أصوات المنشار والآلات تدل على سوق النَّجَّارين، التي تختص ببيع الأبواب<br />
المنزلية والنوافذ ذات الطراز اليمني المعروف، مرورًا بسوق المِحْ دادَة العتيقة<br />
المميزة بشرارة النار واللهب الذي يذوب الحديد، لإعادة تعديل وإصلاح<br />
الفؤوس، المطارق وأدوات الحراثة.<br />
ُباع<br />
بعد كل هذا التجوال، لابد أن يتوجه الزائر إلى سوق اللُّقْمَ ة، التي ت<br />
فيها المأكولات الشعبية، مثل الزلابية، القنم والبرعي.<br />
كل هذه الأسواق الراهنة منها والمندثرة، هي جزء من مدينة صنعاء<br />
القديمة، تراث يمني وعالمي، يربط الماضي بالحاضر والمستقبل، عبر مكان شهد<br />
التعايش والتعاون لآلاف السنين.<br />
الاسم:<br />
سوق المُلح، نسبة<br />
«للبضائع المليحة»<br />
المكان:<br />
وسط مدينة<br />
صنعاء القديمة<br />
المساحة: ٦<br />
٢ ألف متر مربع<br />
تاريخ التأسيس:<br />
قبل ثلاثة آلاف<br />
سنة<br />
أيام العمل:<br />
كل أيام الأسبوع<br />
»<br />
عدد الزوار:<br />
ألفان متسوق<br />
تقريًبا<br />
موجودات السوق:<br />
البهارات<br />
والحبوب<br />
بأنواعها، البن<br />
والقشر اليمني،<br />
الزبيب<br />
والمكسرات، الفضة<br />
والعقيق اليمني،<br />
العِ سْ وَب<br />
والجَ نابي، الملابس<br />
التراثية والمأكولات<br />
الشعبية.<br />
ِم أُكر المارة بحفنة من<br />
المكسرات وأتحدث<br />
معهم.»<br />
الحاج أبو العربي، ٧٠ عامًا، تاجر مكسرات في<br />
سوق الملح<br />
َ ارَة<br />
ّ ت<br />
َ بَّك،<br />
َ بَّك.<br />
٩ ٨
سوق البُهرة:<br />
عَقد ٌ من التعايش<br />
ما<br />
الاسم:<br />
البُهرة، نسبة إلى<br />
طائفة البهرة،<br />
مصطلح مشتق<br />
من اللغة<br />
الكجراتية السائدة<br />
في غربي الهند<br />
ويعني «تاجر»<br />
المكان:<br />
مدينة كريتر<br />
القديمة في<br />
محافظة عدن<br />
المساحة:<br />
١٫٥ كيلومتر مربع<br />
تقريبًا<br />
تاريخ التأسيس:<br />
قبل مئة سنة<br />
أيام العمل:<br />
كل أيام الأسبوع<br />
عدد الزوار:<br />
٥٠٠-١٠٠٠ زائر<br />
موجودات السوق:<br />
البخور، العود،<br />
المعمول العدني،<br />
البهارات،<br />
بالإضافة<br />
لصناعات جديدة<br />
مثل الأواني<br />
المنزلية والأدوات<br />
الكهربائية<br />
ومحلات الحدادة<br />
»<br />
يستقبل سوق البُهرة<br />
المتسوقين والبائعين من<br />
مختلف المحافظات<br />
اليمنية وهذا ليس بغريب<br />
على مدينة التعايش عدن،<br />
لقد فرّقتنا السياسة<br />
والحروب وجمعنا هذا<br />
السوق.»<br />
إن تبدأ قدماك بالمضي في سوق البُهرة حتى تشعر بهاجس يستدعي لحظات<br />
مندثرة، ربما كان لرائحة المكان أثرها، فما زال عبق الماضي هناك.<br />
رغم ما شهدته عدن (كريتر) من أيام سوداء انبعثت فيها رائحة الدم من كل<br />
الزوايا خلال الحرب الأخيرة، إلا أن طبيعة المدينة تجعلها تتجاوز سريعًا الألم بكل<br />
تفاصيله لتعود الحياة وفي جعبتها ألف حكاية.<br />
عند دخول سوق البُهرة المكتظّ ة بالباعة والمشترين، تندمج أصوات الباعة<br />
المرتفعة وهم يروّجون لبضائعهم، ولإخبار المشترين بمواصفاتها. هناك يقف<br />
البائعون الجائلون بعرباتهم الخشبية، وهناك أصحاب البسطات، كُل يحمل في<br />
يده عيّنات من بضاعته الملوّنة. في فترة المساء، تكتظ السوق التي تمتد بين عدة<br />
شوارع وأزقة بالزوار ، بسبب طبيعة مدينة عدن الحارة على مدار العام. مع<br />
انتعاش الهواء مساء تزداد جميع الأصوات ارتفاعًا، مع اختلاطها بأصوات<br />
المولّدات الكهربائية.<br />
«جميعنا هنا يد واحدة، نساند بعضنا البعض»، يقول بائع الأواني المنزلية<br />
الستيني عبد الله الكبير. تغيرت ملامح سوق البُهرة بشكل كبير، نظرًا للتطور<br />
العمراني الذي تشهده المدينة، وعمليات التجديد التي خضعت لها المباني. في<br />
السوق، تنتشر محلات البخور وعطر العود والمعمول العدني، وأيضً ا البهارات. كلّ<br />
هذا مختلط بملامح العصرنة، من بنوك ومصارف ووكالات سفر وسياحة<br />
وإنترنت ومحلات الحدادة والكهربائيات.<br />
أُطلق اسم سوق البُهرة نسبة إلى البهرة، طائفة إسماعيلية التي كان معظم<br />
سكان وتجار السوق ينحدرون منها. رغم هجرة معظم هذه الأسر إلى خارج<br />
اليمن، مازالت التسمية للسوق رمزًا لتعايش مختلف الطوائف والديانات في<br />
المدينة.<br />
رغم افتتاح عدد كبير من المراكز التجارية، إلاّ أن سوق البُهرة، التي تعد<br />
التراث الأصيل ومعلمً ا من معالم المدينة، لا تزال تنبض بالحياة، ولا يزال الإقبال<br />
عليها كبيرًا.<br />
«يتواجد في السوق باعة يمنيين من مختلف المناطق»، يقول محمد حسين،<br />
٤٣ عامًا، بائع البخور من أبناء الطائفة البُهرية الذي كان ومازال شاهداََ على<br />
تحولات السوق. «غادر بعض البهرة بسبب تبعات الحرب الأخيرة في البلاد»،<br />
يضيف حسين.<br />
ولكن حسين لم يكن ضمن الذين غادروا.<br />
«قد لا أجد بعدها فرصة عمل بسبب الأزمة الاقتصادية في البلاد»، يقول<br />
حسين. «لهذا فضّ ُ لت البقاء وعدم التخلي عن تجارتي».<br />
كل مساء، تتحوّل السوق إلى قصيدة تنبض بالحياة، ولا يزال الإقبال عليها<br />
كبيرًا. سوق البُهرة من التراث الأصيل ومعلم من معالم المدينة، فيها كل ما يمكن<br />
اقتناؤه. لهذا يلجأ إليها الجميع، في كل مواسم السنة.<br />
سوق الشنيني<br />
سوق الذحل<br />
سوق الملح<br />
سوق الحصون<br />
ّ من<br />
دينا الخضر، ٣٦ عاما، ربة بيت<br />
سوق البهرة<br />
سوق شبام وسوق<br />
الحلوى<br />
١٠
التعايش: من الحقول إلى المقاهي<br />
حبوب البن اليمني.<br />
© كذه كان اليمن<br />
١١<br />
محمد علي محروس<br />
تعز<br />
تأخذنا رحلة فنجان قهوة يمنية إلى حقول التعايش المليئة بطموحات الحاضر<br />
والمستقبل. فيما تبدأ أولى نبتات البن بالإزهار، تجتمع العائلات من القرى<br />
ًا<br />
المجاورة وتعمل معًا حتى يكتمل حصاد البن. تطرح مشاريع شابة طرق<br />
جديدة لبناء يمن الغد. هكذا نرى شباب اليمن يستثمرون في قهوتهم<br />
ويُشاركون العالم ميزتها وقيمتها. يجتمع الأصدقاء في جميع أنحاء اليمن كل<br />
يوم في مقاهيهم المفضّ لة، يتبادلون القصص، الآمال والأحلام. فنجان القهوة<br />
هو ذلك الخيط اللامرئي الذي يربطهم بأسلافهم وأخلافهم، فلكل جيل فرصة<br />
جديدة لبناء مستقبل باسم. رحلة فنجان القهوة اليمني يعلمنا التكاتف،<br />
التعاون وقيمة العمل الشريف.
َ<br />
ِ<br />
َ<br />
ِ<br />
ً<br />
ٍ<br />
ُّ<br />
ِ<br />
َ<br />
ُ<br />
ٍ<br />
ٍ<br />
جوهرة اليمن السمراء<br />
في<br />
١٢<br />
سهول الوديان وقمم الجبال على<br />
امتداد ‹<strong>العربية</strong> <strong>السعيدة</strong>›، يُسابق<br />
المزارعون الشمس كل صباح، ترافقهم<br />
تغريدة العصافير الأولى وهي تشدو<br />
بألحان الحقول المزهوّة بإحدى أقدس<br />
الأشجار عند اليمنيين. كما كتب مطهر<br />
بن علي الإرياني:<br />
جنوب محافظة تعز، في وادي<br />
البلابل تحديداََ، يجمع شرف ّ سلام، ٦٥<br />
عامًا، أدواته الزراعية من منجل<br />
ومجرفة ومقص الشجر للبدء في<br />
روتينه اليومي للعناية بأشجار البنُ التي<br />
تخصّ ه.<br />
منذ نعومة أظافره ّ وسلام يعيش<br />
بين حقول البنُ التي يستفيد من<br />
محصولها نحو ٤٠٠ أسرة، على امتداد<br />
الوادي الشهير بزراعة البنُ ‹الحمّادي›،<br />
أحد أجود أنواع البن اليمني.<br />
يجب «إطلاق برامج الرعاية<br />
والدعم للمزارعين الذين يعملون<br />
للحفاظ على ثروة قومية لا تُقد<br />
بثمن»، يقول العم سلا<br />
طوال سبع ساعات يوميا، يعمل<br />
سلام على توفير العناية اللازمة<br />
لأشجاره من تنظيف لمحيط ها ، ريها<br />
بالماء الكافي ومدّ ها بالسماد العضوي<br />
من مخلّفات الحيوانات .<br />
عندما تبدأ الأشجار في وادي<br />
البلابل بالاخضرار استعدادًا للإزهار<br />
وتكوين كرزة البن، يبدأ كذلك سِ باق<br />
محموم بين المزارعين للحصول على<br />
كمية كافية من محصولهم المنتظر،<br />
والذي يتوقعون أن يكون في متناولهم<br />
ُليّهم<br />
بعد ستة أشهر. كلهم يجهّزون د<br />
البلاستيكية والأوعية المصنوعة من<br />
القش استعدادًا لموعد الجني الذي لا<br />
تفرضه فقط الفترة الزمنية بل لون حبّة<br />
البن نفسها حين تكون محمرّة<br />
بالكامل.<br />
دخلٍ كمصدر وحيد، يحتفظ سلا<br />
بأكثر من ٩٠ كيلوغرام من محصوله<br />
الذي حصده العام الماضي، وعند<br />
الحاجة فإنه يبيع منه ما يكفيه<br />
وحسب. يشاركه الوضع ذاته مزارعون<br />
آخرون.<br />
أصل يمني<br />
ّ م<br />
ّ ر<br />
ّ م.<br />
يملك البنُ اليمني صيتًا ذائعًا، وله<br />
جودته المشهود لها عالميًا، حتى أن قهوة<br />
‹موكا› تُنسبُ لأحد أبرز الموائن اليمنية<br />
التي صدّ رت البنُ للعالم والمعروف<br />
بميناء المخا. تذهب مقالة بحثية<br />
للدكتور عبده فَقِيرَة تم نشرها على<br />
موقع منظمة المجتمع العلمي العربي<br />
سنة ٢٠١٤م، إلى أن اليمن من الدول<br />
المصدِّ رة لمحصول البنُ منذ القدم،<br />
حيث «تم شراء أول شحنة من قبل<br />
الهولنديين من ميناء المخا عام<br />
١٦٢٨م.»<br />
يرتبط البنُ في اليمن ارتباطً ا وثيقًا<br />
بالبيئة المحيطة ليس فقط على<br />
مستوى النمو والثمر بل حتى المذاق،<br />
إذ يختلف باختلاف الطقس ونوع<br />
التربة. ترجع شهرة البنُ اليمني إلى<br />
جودته العالية مقارنة بأنواع البنُ<br />
المنتجة في بلدان أخرى وعليه زاد<br />
الطلب والمنافسة بين الشركات<br />
الفرنسية، البريطانية والهولندية خلال<br />
خمسينيات القرن السابع عشر. وصل<br />
أعلى إنتاج للبنُ العربي عام ١٧٢٠م بعد<br />
إنشاء الهولنديين مصنعًا للبنُ في<br />
منطقة المخا عام ١٧٠٨ وبدأوا تصديره.<br />
بعد ذلك أنشأ الفرنسيون مصنعًا آخرًا<br />
في عام ١٧٠٩م. شهدت موائن المخا،<br />
الحديدة واللحية حركة كبيرة لتجارة<br />
البنُ خلال تلك الفترة.<br />
يخضع البنُ اليمني لمتغيرات<br />
الطبيعة فهو يحتاج إلى جو معتدل<br />
تضمنه له المرتفعات الجبلية كأهم ما<br />
يميزه عن غيره، إضافة للسلالات<br />
الفريدة التي ّ تُعد من أصول البن،<br />
ونكهته الأخاذة وعبقه الأصيل في<br />
مذاقه ورائحته، كما يقول حسين<br />
أحمد، حاصل على شهادة التذوق<br />
الدولية للبن، ورئيس شركة ‹موكا<br />
هانترز› الموجودة في صنعاء.<br />
مخاض العودة<br />
مؤخرًا، يخوض البنُ اليمني<br />
معركة وجودية للعودة إلى الصدارة.<br />
فعلى المستوى الزراعي، نسب موقع<br />
‹حلم أخضر - صوت البيئة في اليمن›<br />
بيانات للجهاز المركزي للإحصاء تُبينّ<br />
«تقلّص مساحة زراعة البنُ اليمني،<br />
من ٣٣ ألف و ٩٥٩ هكتارًا في العام<br />
٢٠١٥، إلى ٣٣ ألف و ٥٤٤ هكتارًا في<br />
نهاية العام ٢٠١٧م»، بفارق مقدار ٤١٥<br />
هكتارًا من الأرض الزراعية. أدى ذلك<br />
إلى تراجع إنتاج محصول البنُ السنوي<br />
من «١٩ ألف و٢٥٧ طنًا سنة ٢٠١٥م،<br />
إلى قرابة ١٨ ألف و٧٦٧ طنًا بعد<br />
سنتين»، بفارق مقداره ٤٩٠ طنًا.<br />
رغم هذه الصعوبات، بات لشجرة<br />
البنُ ، التي تعاني على الأرض من صراع<br />
وجودي مع شجرة القات، حظوتها<br />
بين أوساط الشباب والفاعلين المدنيين.<br />
برز مؤخرًا اليوم الوطني للبنُ ، في<br />
الثالث من مارس كل عام، الذي<br />
يُواكب بفعاليات تذوق ومهرجانات<br />
احتفالية تعمل على إعادة الاعتبار للبنُ<br />
كشجرة وطنية مقدسة، إضافة لليوم<br />
العالمي للقهوة الذي يجده اليمنيون<br />
فرصة لتذكر أمجاد قهوة موكا.<br />
تعمل المبادرات الشبابية على تبني<br />
بعض الأفكار العملية كزراعة البنُ<br />
خلال الثالث من مارس ً مثلا ، حيث<br />
زُرعت ما يُقارب مائتي ألف شجرة في<br />
محافظات مختلفة وبجهود شبابية<br />
هذه السنة. نشأت كذلك عدد من<br />
الشركات مهمتها توعية المزارعين<br />
بالطرق الزراعية الحديثة ومعايير<br />
العناية بشجرة البن حتى موعد الجني.<br />
كذلك، تعمل هذه الشركات، كشركة<br />
‹موكا هانترز›، على شراء المحصول<br />
بأسعار تنافسية والتصدير إلى دول<br />
كالسعودية، الولايات المتحدة<br />
الأمريكية ودول أوروبية عدة.<br />
في يناير الماضي أطلق ‹وادي موكا›<br />
خريطة نكهات القهوة اليمنية باللغتين<br />
<strong>العربية</strong> والإنجليزية، حيث أجريت<br />
جلسات حجامة لأكثر من ٧٠٠ عينة<br />
قهوة من أكثر من ٧٥ مديرية و١٥<br />
محافظة تزرع البن في اليمن. كخطوة<br />
هدفها سد الثغرات وإثراء معلومات<br />
قطاع البن اليمني.<br />
وبهدف مساعدة عشاق القهوة<br />
على معرفة المزيد حول الأماكن التي<br />
تُزرع فيها القهوة وعدد المناطق في كل<br />
منها، كانت هناك أول خريطة للبن<br />
اليمني من ‹وادي موكا›، احتوت<br />
تفاصيل حول كل محافظة تتم زراعة<br />
البن فيها، مثل عدد المديريات التي<br />
تتوفر فيها زراعة البن والكميات<br />
التقديرية من محصول البن لكل<br />
محافظة. عملت نفس المبادرة على<br />
مخطط فيه تفاصيل حول مواسم<br />
التزهير، الحصاد الرئيسي والحصاد<br />
الثانوي الأصغر في جميع المحافظات<br />
التي تزرع البن.<br />
لبن اليمن إمكانيات عظيمة في أن<br />
يصبح منتجًا قوميًا وثروةً سيادية.<br />
يمكن عبر إطلاق مشاريع عملاقة<br />
للعناية، الرعاية، التصدير والترويج أن<br />
يحتل البن اليمني مكانة أعلى عالميا.<br />
تُصنع بحب<br />
علاقةٌ وطيدة تجمع اليمنيين<br />
بالبنُ ، فالقهوة تُصنع على مهل في<br />
الجزوة، إبريق معدني خاص بها، إذ<br />
ّ ُ كوب القهوة على مهل، وكأن<br />
يُحضر<br />
صانعه يُكيّفه على مزاج صاحبه، الذي<br />
سرعان ما يتناوله بحفاوة بالغة.<br />
يشرب اليمنيون القهوة ثلاث مرات<br />
يوميًا على الأقل. في الصباح تُشرب<br />
ثقيلة لضبط المزاج قبل الذهاب إلى<br />
الحقول وعلى مكاتب العمل. مساءً،<br />
تُشربُ خفيفة ّ محلاة، ولها وله<br />
آخرين يحتسونها ً ليلا كرفيقة سهر،<br />
حتى قشورها تُصنع منها قهوة خفيفة<br />
يُطلق عليها ‹قِشر<br />
كما يتجمعون لجنيه في موسم<br />
الحصاد أسرةً أسرة، يفعلون عند شربه<br />
بتجمعاتهم في مقاهي قديمة<br />
وحديثة، يتجاذبون الأحاديث<br />
وينسجون الذكريات. بعض هذه<br />
المقاهي تتوارثها الأجيال كمنتديات<br />
وصالونات ثقافية جامعة، بفعل كوب<br />
البن الذي أعادهم للالتقاء مرة<br />
ومرتين، حتى بات روتينًا لا يُمل .<br />
للقهوة اليمنية قوة يمكن<br />
لليمنيين عبرها تصوّر يمن المستقبل.<br />
يتساءل الشاعر اليمني الشاب يحيى<br />
الحمادي عما يمكن تحقيقه، ويصور<br />
مستقبلا يخرج فيه اليمنيون من<br />
القحط إلى خضرة وظلال أشجار البن<br />
الكريمة:<br />
ٌ عند<br />
.‹ ْ<br />
بُن اليمن يا درر،<br />
من يزرعك ما افتقر،<br />
ولا ابتلي بالهوانِ .<br />
َو<br />
فَماذا ل<br />
خَ رَجنا الآنَ<br />
مِ نّا<br />
وقُدنا النَّهرَ<br />
لِلحَ قل<br />
وجَ مَّ عنا الشمُ وع<br />
إلى شمُ وس<br />
وحَ وَّلنا السّ يوف<br />
ُوس<br />
ُؤ<br />
إِلى ف<br />
َا في ظِ لال<br />
وذُ بن<br />
البُنِّ شوقا<br />
إلى ضراءِ مِ الخَ ن<br />
ُوس<br />
قَحطٍ يَؤ<br />
ِ اليَبُوسِ<br />
خريطة البن اليمني، لوادي موكا<br />
خريطة نكهات البن اليمني
المقاهي الیمنیة ملیئة بالقصص، فلقد شهدت حربًا ودمارًا، وصمدت رغم<br />
مرور الزمن. بعضها قدیم جدً ا وتقلیدي. في غالب الأحیان، هذه أماكن<br />
یسیطر علیها الرجال، لا یسمح للنساء بزیارتها. في مدن مثل صنعاء، مأرب<br />
وعدن نجد مقاهي أكثر حداثة فیها أقسام مخصصة للنساء فقط أو تخصص<br />
بضع ساعات للعائلات. مؤخرًا في مأرب، تم افتتاح مقهى تدیره نساء للنساء<br />
فقط. هذا التنوع یظهر أن التفاوض حول استخدام الفضاءات العامة لیس<br />
ً سهلا ، وأن الطریق نحو التعایش فیها مازال ً طويلا . في نفس الوقت، نرى أنه<br />
إذا ما تم التعامل مع التحدیات بروح الإبداع، فیمكن تحویلها إلى فرص، مما<br />
یفتح الباب أمام مستقبل شامل للجمیع.<br />
أحاول أن أستمِ ر<br />
في فتح المقهاية<br />
للحفاظ على ما<br />
تبقى من المعالم<br />
في عدن.»<br />
مقهى الإبي، تعز.<br />
© البراء منصور | <strong>مجلة</strong> <strong>العربية</strong> <strong>السعيدة</strong><br />
تعز<br />
«تم افتتاح الإبي سنة ١٩٤٨م. منذ<br />
١٩٥٦م لم نغلق سوى مرة واحدة في<br />
٢٠١٨م، بسبب اشتباكات بين جماعات<br />
مسلحة والجيش في الحي. أغلب<br />
الزبائن السابقين لا يزالون يترددون<br />
على المقهى وحتى من سافر إلى صنعاء<br />
وتقلدوا مناصب في الدولة يقومون<br />
بزيارة المحل عند عودتهم إلى تعز. من<br />
بين المشروبات التي نقدمها، معظم<br />
زوارنا يفضلون البن والشاي، ثم<br />
المزغول * «.<br />
عبد الحكيم عبد الله الإبي<br />
مالك مقهى الأبي<br />
١٣<br />
* يحضر المزغول عبر خلط جذر زنجبيل مبروش،<br />
القليل من الهيل المطحون، وقهوة القشر (قهوة<br />
خفيفة تتم صناعتها من قشور البن) في ماء تم غليه<br />
مسبقًا. يُترك المزغول على نار هادئة جد ً ا لبضع<br />
دقائق ثم يُقدّ م.
«تأسّ ست مقهاية كُشر التي تقع في<br />
مديرية كريتر، محافظة عدن، سنة<br />
١٩٥٥م. أغلقت مقهاية كُشر في<br />
السبعينات أيام المظاهرات العمالية<br />
لمدة أسبوع. عدى ذلك، لم تغلق أبدً ا.<br />
ّد الكثير من<br />
عرفت مقهاية كُشر ترد<br />
ّاب والمثقفين والرياضيين،<br />
الكُت<br />
يتجمعون فيها. من أشهر من زارنا<br />
الفنان المرحوم أحمد بن أحمد قاسم،<br />
الذي كان يزور مقهاية كشر بعد<br />
إقامة الحفلات. الآن أغلب المقاهي<br />
القديمة أقفلت بسبب ارتفاع<br />
الأسعار. أحاول أن أستمِ ر في فتح<br />
المقهاية للحفاظ على ما تبقى من<br />
المعالم في عدن، ولإحياء ما قام به أباؤنا<br />
في السابق.»<br />
عدن<br />
مقهى كُشر، عدن.<br />
© محمود الفلسطيني | <strong>مجلة</strong> <strong>العربية</strong> <strong>السعيدة</strong><br />
نصر السيد هاشم عبد الله<br />
مالك مقهاية كُشر<br />
«بدأ مقهى سمسرة وردة قبل ما<br />
يقارب ٢٧٠ سنة . طول هذه المدة لم<br />
يغلق أبدً ا. يأتي زوارنا من كافة أرجاء<br />
صنعاء القديمة وبمختلف الأعمار من<br />
كبار السن وشباب. المقهى يجمع<br />
الناس من صنعاء وخارجها، يأتينا زوار<br />
من جميع أنحاء الجمهورية.<br />
معظمهم، قرابة ٧٠ في المئة يفضّ لون<br />
البن، والباقي الشاي الأحمر، والشاي<br />
بالحليب وغيره، وهذا لم يتغير مع<br />
الوقت.»<br />
طه محمد أحمد وردة<br />
مالك مقهى سمسرة وردة<br />
صنعاء<br />
مقهى سمسرة وردة، صنعاء القديمة.<br />
© علي السنيدار | <strong>مجلة</strong> <strong>العربية</strong> <strong>السعيدة</strong><br />
١٤
حضرموت<br />
منذ ٥٥ عامًا، مقهاية أسوان مكان<br />
يأتي إليه الزوّار للدردشة مع الأصدقاء،<br />
لتناول فنجان شاي أو للعب جولة<br />
من الدومينو. في المساء، يجتمع رجال<br />
من مختلف الأعمار حول طاولة<br />
واحدة، يتحدثون عن قضايا اليوم، كُلٌّ<br />
يتناول مشروبه المفضل - تقليد صمد<br />
أمام اختبار الزمن.<br />
مقهاية أسوان، المكلا، حضرموت.<br />
© نسيم الحامد | <strong>مجلة</strong> <strong>العربية</strong> <strong>السعيدة</strong><br />
لقاءات دائمة<br />
مقاهي<br />
ريمة<br />
اتخذت<br />
المقاهي في ريمة شكل بيوت خاصة، تتركّز في الأسواق العامة ومراكز المديريات.<br />
غالبًا ما كانت تلك الأسر تتخذ الأدوار السفلية مسكناََ لها، فيما كانت ت ُخصّ ص<br />
الأدوار العليا للزبائن. كانت تلك المنازل ملتقى لأعيان، مشائخ، وجهاء وقيادات<br />
ريمة لمئات السنين.<br />
و في الماضي القريب، كانت تلك المنازل مقصد العديد من أبناء ريمة وغيرها،<br />
يلتقون فيها ويتعارفون فيما بينهم. هكذا كان الزوّار يجتمعون في غرفة، يأكلون<br />
من مائدة واحدة، يشربون من إناء واحد، ويتسامرون ويبيتون لعدة أيام أو حتى<br />
أسابيع.<br />
لا تزال العديد من تلك المنازل مع أسرها موجودة إلى اليوم، في مركز<br />
المحافظة وبعض مراكز مديرياتها، لكنها تخلت عن خدماتها كمقاهي تدريجيًا،<br />
خصوصً ا مع ظهور مطاعم وفنادق في مركز المحافظة.<br />
فايز الضبيبي<br />
ريمة<br />
١٥
زين العابدين علي<br />
مأرب<br />
آثار سبأ:<br />
صخرة عظيمة منقوشة بخط المسند وخلفها تظهر<br />
أعمدة عرش بلقيس.<br />
© زين العابدين علي | <strong>مجلة</strong> <strong>العربية</strong> <strong>السعيدة</strong><br />
سلوى وفخر<br />
لليمنيين<br />
عاد<br />
ْ ه<br />
من الأماكن التي تجمع اليمنيين<br />
من مختلف أنحاء البلاد، وتصل<br />
حاضرهم بالماضي نجد آثار سبأ.<br />
حضارة ضاربة في جذور التاريخ<br />
تثبت وجودها وتأثيرها على كل<br />
زائر لآثارها. الفخر، المسؤولية، الأمل<br />
وروح الانتماء كلها مشاعر تنتاب<br />
الزوّار، الذين يجدون كذلك في كل<br />
زيارة متنفُسً ا من ضغوط الحياة<br />
اليومية.<br />
ُد النبي سليمان إليه ً مندهشا، يصف عرش ملكة قوية بقوله «إني وجدت<br />
هُد<br />
امرأة تملكهم وأوتيت من كل شيء ولها عرش عظيم» (سورة النمل). رغم عدم<br />
وجود دليل أثري يثبت وجودها، إلا أن أعمدة عرشها الشامخة تتحدث عن<br />
عظمة بناية تحدَّ ت آثار الزمن. تقول المصادر التاريخية أن معبد بران، أو عرش<br />
بلقيس، بني في القرن العاشر قبل الميلاد.<br />
بقي المعبد مطمورًا تحت الرمال منذ قرون إلى أن كُشف عن تفاصيله<br />
المدفونة إثر تنقيب أثري سنة ١٩٨٨، في الجهة الجنوبية لمدينة مأرب على بعد<br />
عشرة كيلومترات.<br />
في طريقه من محافظة إب إلى المملكة <strong>العربية</strong> السُّ عُودية، التي يعمل في أحد<br />
مطاعمها، زار أنور حميد، معبد بران مع أسرته. وقف حميد، مرتكزًا على رؤوس<br />
أصابع قدميه وسط أعمدة المعبد الستة الشامخة.<br />
لم يستطع الشاب الثلاثيني أن يخفي مشاعرهُ وانفعالاتهِ. وقف منبهرًا بالبأس<br />
الذي كان يتمتع به «أجدادي الحميريين»، قالها بفخر، وشعر بعظمة الأعمدة<br />
التي توسّ طها.<br />
يتحدث حميد بينما يلتقط صورًا للذكريات برفقة زوجته وطفليه بجوار هذه<br />
الأعمدة الشامخة. «أمانة إن شوفتها تخليك تحس بالكبرياء والمجد والعظمة<br />
اللي كانوا فيها أجدادنا.»<br />
المعبد مربع الشكل وله مساحة مكشوفة تتوسّ طها بئر مقدسة وحوض<br />
حجري. توجد ١٢ درجة تؤدي إلى قدس الأقداس، حيث الأعمدة الخمسة<br />
والسادس المكسور، ذات تيجان مزخرفة بالمكعبات. يزن العمود الواحد ١٧ طنًا<br />
و٣٥٠ كيلوغرامًا ويبلغ طوله ١٢ مترًا وسمكه ٨٠×٦٠ سنتيمترًا.<br />
١٦
عرش بلقيس، أو معبد بران، وفيه تظهر الأعمدة<br />
الخمسة والسادس المكسور.<br />
© زين العابدين علي | <strong>مجلة</strong> <strong>العربية</strong> <strong>السعيدة</strong><br />
تنقّل حميد وأسرته في أروقة المعبد، يتلمّس الحروف المسندية المحفورة على<br />
الصخور باندهاش لم يستطع كتمانه. «محد يصدق أن هذي الكتابات والنقوش<br />
لها ثلاثة آلاف سنة، وكأنها مزخرفة بآلة نقش حديثة».<br />
يرد عليه حارس المعبد الخمسيني منير غانم، الذي كان يتجوّل في الأنحاء:<br />
«كان يوجد تماثيل برونزية وذهب بأنواع وأشكال مختلفة.» يشير غانم بيده إلى<br />
جوار الأعمدة، «شوف فوق الحجر، هذي آثار أرجل ثور كان يقف هنا ويصب الماء<br />
إلى الحوض الحجري عبر فمه لكنهم أخذوه وكم أشياء غيره نهبوها.»<br />
يؤكد ذلك محمد جميح، سفير اليمن لدى منظمة اليونسكو. «خلال<br />
السنوات الأخيرة تم تهريب مئات القطع بين تماثيل آدمية وحيوانية ونقوش<br />
وأدوات منزلية وأدوات حرب وغيرها. عُرض بعضها في صالات عرض في باريس<br />
وطوكيو ومدن أمريكية عدة»، يقول محمد جميح.<br />
قبل بضعة أشهر، «ضبطت شحنة كبيرة من القطع الأثرية النفيسة في منفذ<br />
الوديعة، في طريقها إلى السعودية كانت قادمة من صنعاء» يقول جميح.<br />
نقوش بخط المسند في معبد أوام.<br />
© زين العابدين علي | <strong>مجلة</strong> <strong>العربية</strong> <strong>السعيدة</strong><br />
نقوش بخط المسند في معبد أوام، أو محرم بلقيس،<br />
وسط قمامة تشوه منظر المعبد.<br />
© زين العابدين علي | <strong>مجلة</strong> <strong>العربية</strong> <strong>السعيدة</strong><br />
١٧<br />
خدمات لازمة<br />
انسجم الرجلان في حديثهما حول عراقة المكان وعظمة الإنسان اليمني<br />
قديمً ا، فيما تبحث عائلة أنور حميد عن مكان تستظل فيه من حر الشمس.<br />
«بصراحة المكان فاتن ويخليك تشوف كم احنا اصحاب حضارة و..»<br />
يقاطع حميد الحارس بالقول إن معظم الزوّار يرجعون من هنا مذهولين<br />
من عظمة البناء وجمالية النقش والكتابة، «وكيف كان أجدادهم عايشين».<br />
«ليش هذا الإهمال؟»يتساءل حميد. «الأصل توجد استراحة، فندق، مطعم،<br />
حمامات عامة، عشان واحد يرتاح، شوف الجهال ما حصلوا مكان جلسوا هناك<br />
على الأرض»، يضيف حميد بأسف.<br />
يوافقه الرأي الحارس غانم ويؤكد أن الكثير يتحدث عن هذا لكن المسئولين<br />
لا يكترثون وإلا لكانوا اتاحوا للمستثمرين توفير الخدمات هنا: «كان بيرتاح الناس<br />
ويكون في مردود جيد للاقتصاد ككل.»<br />
بدأ بعض سكان المنطقة بتقديم خدمات أساسية. يرحب غانم بهذه<br />
المبادرات ويعطي مثال محمد، أحد الجيران الذي فتح بيته وبنى ثلاث حمامات<br />
بالحوش ليستخدمها الزوّار. «وأي حد يحتاج شي يطرق على أطرف (أقرب)<br />
بيت ما يقصروا معه.»<br />
حماية إرث ثقافي<br />
عرش بلقيس جزء أساسي من حياة غانم الذي يقضي جُ لّ وقته هناك منذ<br />
أكثر من ١٥ سنة. «صديقي العرش وأجد فيه هويتي وبدونه أنا شخص مجهول<br />
يُعرّفنا المكان بجذورنا كنقطة<br />
بداية أتينا منها جميعًا كيمنيين<br />
عبر الأجيال.»<br />
مراقبة كل الزائرين وتحركاتهم والذين يصل عددهم أحيانا إلى ١٠٠ زائر في الوقت<br />
ذاته. يقوم البعض بالعبث بالمحتويات والكتابة على الأعمدة والنقوش والكتابات<br />
المسندية خادشين بذلك وجه التاريخ.<br />
يتدفق الزوّار عند الغروب بكثافة، بينهم الأربعيني أحمد سعد، برفقة عائلته<br />
المكونة من عشر نساء وثمانية أطفال، لزيارة العرش وقضاء وقتًا ممتعًا «على<br />
شاطئ التاريخ» حَسَ بَ تعبيره، حيث اعتاد كل يوم جمعة أن يصطحبهم في نزهة<br />
خارج المدينة المزدحمة.<br />
يرى سعد أن زيارة المكان يعزز الهُو اليمنية ويعمق روح الانتماء. «يُعرّفنا<br />
ِيَّة<br />
المكان بجذورنا كنقطة بداية أتينا منها جميعًا كيمنيين عبر الأجيال، تتعرف على<br />
الآخرين وتبادل الأحاديث حول هذا الكنز المغمور». بالنسبة للكثير من المأربيين،<br />
العرش متنفس خالي من رائحة البارود، وملجأ للهروب من الضغوط النفسية<br />
الناتجة عن الحرب المستمرة منذ أكثر من ست سنوات.<br />
على بعد كيلومتر واحد من العرش، يتربع معبد أوام على منصة طبيعية<br />
مطلة. كان يحج الناس إليه من مختلف أنحاء الجزيرة <strong>العربية</strong>، لكونه المعبد<br />
الرئيسي للإله المقه. يتميز معبد أوام بوجود ثمانية أعمدة وفيه العديد من<br />
اللوحات الهندسية المزخرفة والتماثيل والمنحوتات والأحجار الكبيرة المنحوتة بدقة<br />
متناهية، كما يحتوي على مكتبة كبيرة من الكتل الحجرية المدونة.<br />
عشرات الأعمدة والأحجار الكبيرة المنحوتة وسط معبد أوام مرمية بطريق<br />
عشوائية وتعرضت للكسر والعبث، كما عادت الرمال مجددًا لمحاولة طمرها بعد<br />
سبعة عقود من اكتشافها.<br />
نائب مدير مكتب السياحة في محافظة مأرب ياسر الأغبري، يرجع أسباب<br />
الإهمال الحاصل إلى «انعدام الوعي بين المواطنين والزوّار بأهمية هذه الأماكن<br />
التاريخية كذلك انعدام الإمكانيات لدى مكتب السياحة وعدم وجود أي<br />
مخصصات مالية لصيانة وترميم هذه الأماكن.»<br />
«نعمل بجدية لإيجاد إمكانيات لذلك، وسترون في الأيام القادمة ما يسركم<br />
في هذه الأماكن»، يضيف الأغبري.<br />
كما أعجب النبي سليمان بعرش ملكة سبأ وقوة مملكتها، يمكن أن يسعد<br />
اليمنيون بعظمة كل من عرش وحرم بلقيس. «أتمنى العودة من الغربة وأرى<br />
العرش والمعبد قد تم صيانتهما وترميمهما وأصبحت بحال أفضل»، يقول أنور<br />
حميد. أما أحمد سعد، فيأمل أن يتم الاستثمار في المكان وإيجاد خدمات أساسية<br />
إلى الزوّار: «ستساعد على ازدهار السياحة وتزيد من إقبال اليمنيين على هذه<br />
الأماكن للغوص في تفاصيل حضارتهم المتغلغلة جذورها في أعماق التاريخ».<br />
الانتماء. «<br />
يأتي غانم صباحًا ً حاملا مفاتيح العرش لاستقبال الزوار ومراقبة تحركاتهم.<br />
«نصطحب الزوار إلى الداخل ونراقبهم خوفًا من محاولات التخريب والعبث.»<br />
ولأن المكان متحف مفتوح وبمساحة واسعة، لا يستطيع غانم وزملائه الخمسة<br />
نصطحب الزوّار إلى<br />
الداخل ونراقبهم<br />
خوفًا من محاولات<br />
التخريب والعبث.»<br />
الشعائر والطقوس الدينية في معبد المقه (أوام)<br />
بمأرب محرم بلقيس، لأسمهان سعيد الجرو
قصة<br />
اليمن<br />
قصة اليمن مع التعايش طويلة، ولها<br />
وجوه كثيرة. من الصعب جدً ا تحديد<br />
معنى واحد للتعايش يشمل كل ثنايا<br />
هذا التاريخ، ويعكس بأمانة كل هذه<br />
الوجوه. تجمعنا في هذه الصفحات<br />
آراء وتجارب ليمنيين من كل ربوع<br />
اليمن، يصفون لنا التعايش من<br />
منظورهم وفي حياتهم اليومية. ربما لا<br />
تكفي هذه الاقتباسات والصور لفهم<br />
كل معاني التعايش، ولكنها بداية. ما<br />
بقي لنا هو إذا أن نرسم معالم<br />
التعايش الأخرى معا، علَّنا نصل إلى<br />
صورة متكاملة تحتفي بتنوعنا،<br />
وتجمعنا باختلافاتنا - تكون تلك هي<br />
قصة اليمن.<br />
التعايش هو ...<br />
«التغلب على الحياة الصعبة<br />
والإحساس بأن الناس جميعًا يد<br />
واحدة.»<br />
سالم<br />
«التفاهم بين الناس وتقدير بعضهم<br />
لبعض.»<br />
توفيق<br />
«مساعدة الناس لبعضهم.»<br />
علي<br />
١٨
«حب الناس لبعض وتفاهمهم مع<br />
بعضهم.»<br />
وصفية<br />
«يعني نعيش مع بعض ونتطوّر مثل<br />
الناس اللي بالخارج.»<br />
علي<br />
«الأمان بدون خوف، بدون حرب.»<br />
يحيى<br />
«أن نتعاون بيننا على الخير.»<br />
نعمة<br />
١٩
«أن أربي عيالي في بيتي الخاص بدون<br />
ما أكون نازحًا مثل الآن.»<br />
محمد<br />
«أن نعيش بسلام وأمان.»<br />
حسنة<br />
«أن عيالي يدرسوا ويعيشوا مثل الباقي<br />
ويوظفوا.»<br />
عيدة<br />
«هو الحياة بما أمر الله والبعد عن<br />
القتال والفتن.»<br />
عبد الله<br />
٢٠
«أن أعيش بمكان تمام وآمن ويدرس<br />
ابني مثل بقية الأبناء.»<br />
خميسة<br />
«القبول بالآخر مهما كان دينه، عرقه<br />
أو جنسه، [هذا] شرط أساسي أساسي<br />
لاستمرارية الحياة بسلام.»<br />
مها<br />
«كل ما نحتاجه اليوم لنجتاز كل هذه<br />
المحن التي شرخت النسيج الاجتماعي<br />
وخلّفت صراعات واسعة بيننا ككل.»<br />
«لا عيش بسلام بدون تعايش.»<br />
أحمد<br />
<br />
٢١
ً<br />
ً<br />
ً<br />
ً<br />
فاطمة باوزير<br />
المكلا<br />
رسم آفاق جديدة على<br />
ساحل حضرموت<br />
في مدينة ساحلية تكافح للتعافي من آثار الحرب والإرهاب، تقوم فنانتان بصياغة إحياء ثقافي مكرس للتعايش<br />
في حضرموت، التي اشتهرت تاريخيًا كمنبع للإبداع. امرأتان جمعهما حب الفن وعشق الريشة والألوان، وموهبة تشكّلت<br />
في مراحل الطفولة الأولى. لكل من عبير الحضرمي وعلوية العيدروس مسار طويل من الإنجازات الفنية مستلهمة من<br />
الواقع تارَة ومن الخيال تارَة أخرى. بالرغم من اختلاف تجربتيهما الفنيتين إلا أن النتيجة واحدة: إصرار متواصل على<br />
رسم يمن منفتح على تاريخه ومستقبله.<br />
في<br />
طفولتها، أحبت عبير الحضرمي<br />
قصقصة الأوراق، وتدوير الأشياء،<br />
وكانت التربية الفنية من أحب<br />
الحصص التي تستمتع بحضورها في<br />
المدرسة.<br />
عاشت عبير الحضرمي، ٣٠ عاماً،<br />
في أسرة تقدّ ر الفن وتدعمه كخيار في<br />
الحياة، فهي ليست وحدها فنانة في<br />
أسرتها، بل شقيقها فنان كذلك فهو<br />
عازف للعود. تخصصت في الجامعة<br />
بالفنون التشكيلية، تخصص ينظر إليه<br />
كثيرون كترف فكري، لا فائدة منه ولا<br />
عائد مادي.<br />
بعد تخرجها في ٢٠١٤م، استطاعت<br />
الحضرمي تسوّيق أعمالها عبر مواقع<br />
التواصل الاجتماعي. رسمت على<br />
ًا فنية<br />
جدران المدارس وشكّلت حر<br />
ِف<br />
من الجبس لدى مكتب مختص<br />
بالديكور، وشغلت منصب معيدة في<br />
جامعة عدن لمدة عامين.<br />
عبر كل هذه التجارب، ظل حلم<br />
افتتاح مرسم في المكلا يراود<br />
الحضرمي منذ أيام الدراسة<br />
الجامعية. «كنت أتساءل كثيرا لم لا<br />
يوجد كيان يجمع الرسامين.» في أثناء<br />
بحثها عن إجابات شافية لتساؤلاتها،<br />
اكتشفت وجود معهد خاص بالفنون<br />
الجميلة في المكلا. الذي تم إغلاقه في<br />
١٩٩٤م.<br />
أرادت الحضرمي تحقيق<br />
حلمها عبر إعادة افتتاح معهد<br />
محمد جمعة خان للفنون الجميلة.<br />
ولكن، اصطدامها ببروتوكولات<br />
وإجراءات معقدة وكثيرة حالت<br />
دون استمرارها بخطوتها تلك. هكذا<br />
قامت في نوفمبر ٢٠٢٠م، بافتتاح<br />
مرسم ملتقى الفن، الممول من جيبها<br />
الخاص، في منطقة الغار الأحمر،<br />
القريبة من خور المكلا.<br />
فكرة إنشاء المرسم جاءت<br />
الحضرمي من أجل خلق مساحة<br />
تجمع الفنانين وذلك بدافع إيمانها<br />
بأن الفن أداة للتغيير في المجتمع.<br />
الفن سبيل للتعايش<br />
«الثقافة والفنون هي وجه<br />
المجتمع المستقر والحضاري، ذي<br />
التاريخ، لدّ ي العديد من المبادرات<br />
قيد التنفيذ مستقبلاً وجميعها تتمحور<br />
حول التاريخ والثقافة والهوية<br />
الحضارية»، تقول الحضرمي.<br />
تقدم الحضرمي في مرسمها<br />
مساحة فنية لكل الفنانين للعمل على<br />
لوحاتهم، فهي توفر لهم يومًا مفتوحًا.<br />
في بقية أيام الأسبوع تنفذ دورات<br />
للصغار والكبار لتغطية نفقات المرسم<br />
التشغيلية، إضافة للمعارض الفنية<br />
وهي ٥ معارض فنية نفّذتها منذ<br />
افتتاح المرسم.<br />
ومن المعارض التي أقامها<br />
المرسم معرض «فن وبن» احتفالا<br />
بيوم العودة لزراعة البنُ ، بعد ورشة<br />
عمل مع عدد من الفنانين الشباب.<br />
امتلأ المرسم بلوحات تفوح برائحة<br />
البنُ فلا يوجد أي ألوان فيها سوى<br />
الماء والبنُ .<br />
تهتم الحضرمي بالموروث والرموز<br />
الشعبية، وتحاول في الوقت الحالي<br />
إبرازها في لوحات ومعارض تحكي<br />
وتوثق فيه للتاريخ. عبر تنوع الألوان<br />
يمكن إبراز تنوع الثقافات كما كانت<br />
تمارس في الماضي، مثلا «رمزية الهلال<br />
في الحُ لي الفضية النسوية - فالهلال<br />
ذو الفص الأحمر يعني أن المرأة التي<br />
تلبسه تدين باليهودية، وأما الهلال ذو<br />
الفص الأخضر فهو يمثل المرأة<br />
المسلمة.»<br />
تتمنى الحضرمي أن تتعمق في<br />
دراسة الفنون، وأن تزيد من<br />
مشاركاتها الخارجية في المعارض<br />
الفنية الدولية. شاركت سنة ٢٠١٥م<br />
بلوحة في معرض «صورة العالم»<br />
بإيطاليا، كما واشتركت في معرض<br />
الفنانين العرب في القاهرة عام ٢٠١٩م،<br />
لتشارك أيضً ا في المعرض التشكيلي<br />
المرافق لفعالية الأوركسترا الحضرمية<br />
الثقافة والفنون<br />
هي وجه المجتمع<br />
المستقر<br />
والحضاري.»<br />
في العاصمة الماليزية كوالالمبور في نفس<br />
العام.<br />
رغم وجود فئة متطرفة تحارب<br />
الفن وتعدّ ه إحدى التابوهات المحرمة،<br />
وفي ظل الحرب والأوضاع الاقتصادية<br />
التي يعيشها اليمن، إلا أن عبير ترى أن<br />
الفن هو السبيل نحو التعايش في<br />
الحياة، تقول عبير: «الفنون تهذب<br />
النفوس، والمجتمعات المنفتحة على<br />
الثقافات والفنون هي مجتمعات<br />
مسالمة متعايشة.»<br />
نساء حضرموت ترسمن مستقبلا<br />
أكثر إشراقا<br />
وفي نفس المدينة المكلا، نلتقي<br />
علوية العيدروس، امرأة أربعينية<br />
عادت إلى حضرموت بعد أربعين عاما<br />
من الاغتراب في المملكة <strong>العربية</strong><br />
السعودية. كانت العيدروس طفلة<br />
تميل للصمت وتعبرّ عن مشاعرها وما<br />
يدور بداخلها بالريشة والألوان.<br />
وُلِدت العيدروس في اليمن<br />
ونشأت في مكة وجدة. حصلت على<br />
درجة البكالوريوس في العلوم القرآنية<br />
من جامعة آزاد في بيروت عام ٢٠١٣م.<br />
درست كذلك الإعلام، الصحافة و<br />
التلفزيون، حيث حصلت على<br />
بكالوريوس في هذا المجال من الجامعة<br />
المفتوحة للعلوم و التكنولوجيا في<br />
المملكة <strong>العربية</strong> السعودية.<br />
خلال العشرين سنة التي قضتها في<br />
الدمام، تقدمت العيدروس للمشاركة<br />
في العديد من المعارض الفنية بالمملكة<br />
واستطاعت أن تحوز على المرتبة الأولى<br />
في إحدى المسابقات الفنية. نصحتها<br />
فنانة سعودية بدراسة الفن أكاديميًا،<br />
وهي النصيحة التي عملت بها<br />
وأحدثت نقلة نوعية في حياتها الفنية<br />
والمهنية. هكذا درست العيدروس الفن<br />
لعدة دورات منها دورة حول الرسم<br />
الأساسي و أخرى للفن الأكاديمي على<br />
يد الفنانة التشكيلية السعودية زهرة<br />
الأمير.<br />
تصف العيدروس عملها بالواقعي<br />
والتأثيري، رغم أنها تميل أحيانا<br />
للتجريدي. لا يقتصر عملها الفني على<br />
خامة واحدة، فهي تحب استخدام<br />
الفحم، الأكريليك، الألوان الزيتية،<br />
الباستيل والمائية، كما أنها ترسم على<br />
لوحات الكنفاس، الخشب، الزجاج<br />
وحتى الأحجار والأصداف. «أحب<br />
الإبحار في جميع الفنون»، تقول<br />
العيدروس باستخدام كافة الوسائل<br />
التي تجدها.<br />
«كانت مشاركاتي في المملكة<br />
<strong>العربية</strong> السعودية ضمن مجموعات<br />
فنية، ولم أكن أستطيع التقدم<br />
والمشاركة باسمي، وجميع لوحاتي التي<br />
أبيعها يذهب ريعها لمشاريع خيرية»،<br />
تصف العيدروس تجربتها في المملكة<br />
<strong>العربية</strong> السعودية.<br />
«أنا سعيدة لذلك بالتأكيد، لكن<br />
الوضع اختلف بعد انتقالي للعيش في<br />
بلدي اليمن»، تفسر العيدروس.<br />
بالرغم من حصولها على الجنسية<br />
السعودية إلا أنها قررت مغادرتها<br />
برفقة زوجها وأطفالها عائدةً إلى اليمن<br />
في أواخر العام ٢٠١٧م. منذ ذلك الوقت<br />
انطلق اسمها في فضاء الفن عبر<br />
مشاركاتها في معارض خارجية.<br />
«لقد استفدت من دراستي<br />
الأكاديمية للرسم وتحوّلت هوايتي إلى<br />
مهنة تدرُ ربحاً ماديًا، واستطعت<br />
٢٢
المجتمعات المنفتحة<br />
على الثقافات<br />
والفنون هي<br />
مجتمعات مسالمة<br />
متعايشة.»<br />
المشاركة في معارض داخلية وخارجية<br />
باسمي وقمت ببيع العديد من<br />
اللوحات.»<br />
شاركت العيدروس في أول<br />
معرض خارجي في القاهرة عام ٢٠١٩م،<br />
وأيضا في موسم الرياض بالسعودية<br />
ضمن قافلة الفن التشكيلي اليمني.<br />
قريبًا ستشارك العيدروس في معارض<br />
فنية بدول آسيوية وأوروبية.<br />
في أوائل العام ٢٠٢٠م افتتحت<br />
العيدروس مرسمها الخاص، تلاه<br />
معمل للحرف اليدوية وتصاميم<br />
الذهب والمجوهرات، بالشراكة مع<br />
زوجها.<br />
بعد انتشار عملها في السوق المحلي<br />
جذب اسمها العديد من المؤسسات<br />
والمنظمات المحلية التي تعمل على<br />
تمكين المرأة اقتصاديًا. طلبت هذه<br />
المؤسسات من العيدروس تدريب<br />
الفتيات والنساء وعقد ورش للأعمال<br />
الحرفية والتصاميم.<br />
رحبت الفنانة بذلك من منطلق<br />
المسؤولية الاجتماعية ودرّبت العديد<br />
من النساء في ورش ودورات حرفية<br />
متعددة، من أهمها الرسم على<br />
الأقمشة والجلود الذي نتج عنه تطوير<br />
معمل محلي لصناعة الحقائب<br />
الجلدية.<br />
ورغم ما تبذله وزارة الثقافة من<br />
جهود نحو دعم الفنانين والمثقفين في<br />
البلد الذي يشهدُ اضطرابًا وسوء<br />
اقتصاد إلا أن فنانين مثل الحضرمي<br />
هنا طاقات<br />
إبداعية عالية<br />
جداً.»<br />
والعيدروس تجدان دور الوزارة غائبًا<br />
عن المشهد الثقافي. «هنا طاقات<br />
إبداعية عالية جداً لكن للأسف لم تلق<br />
الدعم من المؤسسات الحكومية خاصة<br />
مكتب وزارة الثقافة والسياحة»، تقول<br />
العيدروس.<br />
كذلك يجب على الفنانين<br />
والفنانات دعمهم أنفسهم وبعضهم<br />
البعض. «يجب إيجاد ملتقيات فنية<br />
بين الفنانين لمناقشة قضايا الفن<br />
الحالية والمستقبلية»، تقول العيدروس.<br />
تأمل العيدروس أن يصبح<br />
متجرها ومعمل الحرف الذي أنشأته<br />
في بيتها دارًا متكاملة من الصناعات.<br />
وتتفاءل بشأن مستقبل الفن في اليمن<br />
ووصفته ب «الأكثر إشراقاً».<br />
«في زمن هو أسوأ ما مر على<br />
<strong>العربية</strong> <strong>السعيدة</strong>» تمْ تنّ العيدروس<br />
للحظة التي عادت فيها إلى اليمن.<br />
«هنا حققت ذاتي، واستطعت أن أشق<br />
طريقي رغم كل المعوقات والظروف.»<br />
لوحات تشكيلية للفنانة عبير الحضرمي داخل المرسم.<br />
اللوحة الثانية تركز على موضوع تزويج الفتيات<br />
القاصرات.<br />
© عبد الله عثمان | <strong>مجلة</strong> <strong>العربية</strong> <strong>السعيدة</strong><br />
لوحات تشكيلية للفنانة علوية العيدروس.<br />
© عبد الله عثمان | <strong>مجلة</strong> <strong>العربية</strong> <strong>السعيدة</strong><br />
Twitter: @__9xlor_2<br />
Twitter: @AbeerHadrami<br />
٢٣
إصلاح صالح<br />
عدن<br />
في هذا العدد من فتاة شمسان، <strong>مجلة</strong> نسوية شهرية<br />
صدرت ما بين ١٩٦٠ و١٩٦٦م، تحث الأمهات على أداء<br />
ًا،<br />
واجبهن بالتأكيد على عودة أطفالهن، بناتًا وأولاد<br />
للمدرسة.<br />
© المكتبة العامرية للتوثيق<br />
رحلة عهد: نحو تعايش في المدارس<br />
كان<br />
يمثّل التعليم أحد أهم الطرق<br />
للخروج من دائرة الفقر، وتفادي<br />
الوقوع الأطفال ضحايا لمخاطر كثيرة<br />
مثل الانضمام إلى القتال، العمالة<br />
والزواج المبكر. ولكن بالنسبة للكثير<br />
من الأطفال عالميًا، هناك الكثير من<br />
العقبات التي تحُ ّ د من إمكانات<br />
التعليم، مثل الحرب، عدم توفر البنية<br />
التحتية، والتقاليد خصوصً ا تلك التي<br />
تجبر الفتيات على ترك المدارس.<br />
تجاوزت عهد طه كل هذه الحواجز<br />
حتى تمكنت من مواصلة تعليمها في<br />
محافظة عدن. هناك واجهت عائقًا<br />
إضافيًا كاد يدفعها إلى الاستسلام:<br />
التنمر.<br />
عندما يتعرقل التعليم - تأثير النزاع على تعليم<br />
الأطفال في اليمن، لليونيسف<br />
الحصول على تعليم أفضل هو حلم عهد طه التي لم<br />
يتجاوز عمرها بعد ١٥ سنة. وجدت فرصة لتحقيق<br />
هذا الحلم عندما قررت عائلتها الذهاب إلى عدن، أو<br />
«مدينة الأحلام» كما تصفها طه.<br />
كانت عائلة طه تقُيم في قرية الأيفوع، التابعة<br />
لمديرية القَبَيْطة الواقعة على الحدود بين محافظتي<br />
لحج وتعز. مثل الكثير من القرى الأخرى، يعاني<br />
سكان قرية الأيفوع من غياب بنية تحتية ملائمة، من<br />
انقطاعات في المياه والكهرباء إلى ارتفاع مستويات<br />
البطالة وانخفاض مستويات التعليم.<br />
تسبب النزاع العنيف، وتأخر عجلة التنمية والفقر<br />
في حرمان أكثر مليوني طفل في اليمن من حقهم في<br />
التعليم. وهو ما يُعرّضهم للكثير من المخاطر منها<br />
عمالة الأطفال و الالتحاق بالجماعات المسلحة. «ما<br />
بين مارس ٢٠١٥م وفبراير ٢٠٢١م تم تجنيد أكثر من<br />
٣,٦٠٠ طفل في اليمن ضمن القوات والجماعات<br />
المسلحة» و «انخرط ١,٣ مليون من أطفال اليمن<br />
ممن تتراوح أعمارهم بين ٥ و١٧ عاماً في عمالة<br />
الأطفال»، حسب تقرير لمنظمة اليونيسيف صدر في<br />
يوليو ٢٠٢١م بعنوان عندما يتعرقل التعليم.<br />
تأثير جميع هذه العراقيل مضاعف على الفتيات.<br />
حسب نفس تقرير اليونيسف، «٧٢,٥ في المئة من<br />
الفتيات في اليمن يتزوجن في سن مبكر، أي دون ١٨<br />
سنة، حيث يكاد يكون من المستحيل على الفتاة التي<br />
تتزوج مبكراً مواصلة تعليمها». «أجبرت تقاليد القرية<br />
القديمة كثيرًا من الفتيات على مغادرة مقاعد<br />
الدراسة، بحجة أن المرأة مكانها المنزل، إضافة إلى<br />
ضعف التعليم في القرى»، تفسرّ أم عهد، سميرة<br />
ردمان. ولكن طه لم تتوقف عن الدراسة في القرية<br />
لأن والدها، طه القباطي، لم يؤمن بهذه المعتقدات،<br />
«بحكم عمله في المدينة واختلاطه بأصدقاء هناك.»<br />
كان الأمل إذا أن تواصل طه تعليمها على أمل<br />
الحصول على شهادة تستطيع من خلالها العمل في<br />
مهنة شريفة تساند بها إخوتها.<br />
رحلة الذهاب<br />
في ٢٠١٧م، قرر أشقاء طه الثلاثة، بعد وفاة<br />
والدهم، ترك القرية والهجرة إلى محافظة عدن<br />
سعيًا لفرص عمل أفضل. في عام ٢٠١٩م، التحقت<br />
بهم طه ووالدتها وشقيقتها. هكذا بدأت اللمسات<br />
الأولى لحلم طه تتكون.<br />
استقرت العائلة المكونة من ستة أفراد في منزل<br />
مستأجر متواضع للغاية في حي الممدارة القديم في<br />
مديرية الشيخ عثمان، مكون من غرفتين ومطبخ<br />
وحمام. «رغم الظروف المادية الصعبة التي واجهناها<br />
بعد فقدان زوجي، كانت عهد تصرّ على مواصلة<br />
تعليمها»، تحكي أم عهد. هكذا التحقت طه بإحدى<br />
مدارس عدن في الصف الأول ثانوي.<br />
جلست طه، ويداها تعانق ذراعيها، تتذكر بألم<br />
المواقف التي انطبعت بذاكرتها. منذ بداية دراستها،<br />
تعرضت طه للتنمر من طرف زميلاتها في الدراسة.<br />
«لم أكن أسلم من غمزات وضحكات بعض الطالبات<br />
عندما أتحدث بلهجتي الريفية، وكذا على ملابسي<br />
وأدواتي المتواضعة بسبب ظروف عائلتي المادية»،<br />
تقول طه.<br />
لم تجرؤ أسرة طه البسيطة على مواجهة المدرسة<br />
بشأن التنمر. أمل سعيد*، معلمة اللغة <strong>العربية</strong> في<br />
مدرسة طه، قالت أنها لا تعرف شيئا عن هذا الأمر.<br />
«التنمر مشكلة حديثة في المدرسة»، تقول سعيد.<br />
«أوليًا، كانت تقتصر فقط على الطالبات ذات المستوى<br />
الضعيف حيث يوصفن ب ‹الفاشلات›». تضيف<br />
سعيد أنه هناك إنذار للطالبات أنه «في حال عدم<br />
توقف التنمر ستلجأ الإدارة إلى استدعاء أولياء<br />
الأمور»، وأنه يمكن أن يصل العقاب للفصل من<br />
المدرسة.<br />
تفسر الأخصائية في علم النفس الاجتماعي د.<br />
إيزيس عبدربه المنصوري أن أشكال التنمر متعددة.<br />
«قد يكون التنمر جسديًا ويترك أضرارا قصيرة<br />
وطويلة المدى، فهو إيذاء بدني»، تقول د. المنصوري،<br />
أو قد يكون عاطفيا «عن طريق جرح المشاعر لفظيًا<br />
بشكل مباشر، مثل الإهانات والتجريح عن طريق<br />
التعليقات الساخرة، ونعت الآخر بتسميات غير<br />
أخلاقية أو مسيئة لمظهره.» للتنمر آثار نفسية سلبية<br />
كثيرة على الطالب المتنمر عليه مثل «ترك المدرسة أو<br />
يكبر بشخصية ضعيفة سلبية أو يصبح عدائيًا»، تقول<br />
د. المنصوري.<br />
دام هذا التنمر أربعة أشهر كاملة، كادت أن<br />
تجعل طه تترك عدن وتعود إلى قريتها. ولكن عزيمة<br />
طه على مواصلة دراستها انتصرت في النهاية.<br />
٧٢,٥ في المئة من الفتيات<br />
في اليمن يتزوجن في سن<br />
مبكر، أي دون ١٨ سنة.»<br />
حلفاء التعايش<br />
تمكنت طه من تكوين صداقات مع فتيات<br />
تعرضن لتنمر مشابة في المدرسة، كما أن أسرتها<br />
تعهدت بمواجهة المدرسة إذا استمر التنمر في العام<br />
الدراسي الجديد. «بعد فترة بدأتُ أعتاد على<br />
الدراسة، وبدأت زميلاتي بمساعدتي»، تصف طه<br />
مرحلة التغيير التي تبعت التنمر. «كنت قد قررت<br />
العودة إلى القرية، لكن زيارة زميلة لي إلى بيتنا<br />
المتواضع وحديثها مع أمي ومحاولة إقناعي أعاد لي<br />
كثير من الثقة التي فقدتها بداية دخولي المدرسة.»<br />
تؤكد الأخصائية د. المنصوري، أن القضاء على<br />
ظاهرة التنمر يكمن في «مدى إقرار مؤسسات<br />
التنشئة الأسرية والمدرسة بتلك الظاهرة التي يجهلها<br />
الكثير من الأطفال وحتى للأسف الأسر أنفسهم.»<br />
تشجيع أسرة طه لها، وإيجاد صديقات تتشارك<br />
معهن عبء التنمر عاملان أثرا كثيرا في مسار<br />
تجربة طه.<br />
كذلك يجب تعليم الأطفال وتثقيفهم في فهم<br />
ظاهرة التنمر لتفادي حالات متجددة منها، ولكي «لا<br />
تترك أثرًا في مسيرة حياتهم الدراسية والحياتية<br />
ويستطيعون إكمال مشوارهم بحالة صحية<br />
تساعدهم على التعايش مع جميع الأفراد في<br />
المجتمع»، تقول المنصوري.<br />
ولكن يمكن أن تجبر الظروف الاقتصادية<br />
الصعبة التي تمر بها المدينة، من ارتفاع أسعار المواد<br />
الغذائية وإيجارات المنازل، أسرة طه على ترك عدن.<br />
أخوها عمار، ٢٧ سنة، الذي يعمل ككهربائي، مازال<br />
مؤمنا أن قوة وثبات الأسرة ستساعدهم جميعا على<br />
الصمود، وهو يعول على مثابرة أخته وعدم<br />
استسلامها.<br />
«عدن مدينة الحب والسلام وأبنائها ورثوا<br />
طبيعة مدينتهم، فاستقبلونا بكل سعة صدر،»<br />
يقول عمار.<br />
رغم ذلك، فطه قلقة من ألا تتمكن من تحقيق<br />
حلمها بأن تصبح طبيبة. «بعد كل الصعوبات التي<br />
واجهتها، لا أريد أن أشعر بخيبة أمل». تشجيع<br />
أسرتها، تكافل زميلاتها معها وإيمانها بحلمها المشرق<br />
كلها عوامل ساعدت طه على تجاوز التنمر وتأثيراته<br />
السلبية والوصول للسنة الثانية في الثانوية. هذه<br />
العوامل نفسها بالتأكيد ستساعدها ً مستقبلا في<br />
جميع مراحل حياتها.<br />
* اسم مستعار<br />
عدن مدينة الحب<br />
والسلام وأبنائها استقبلونا<br />
بكل سعة صدر.»<br />
٢٤
فايز الضبيبي<br />
ريمة<br />
تعليق<br />
التعايش على الطريق: إصرار على التآخي<br />
يبدو أن السفر يُظهِر أفضل ما لدى اليمنيين.<br />
بغض النظر عن المسافة المقطوعة، يسود التآزر<br />
والاحترام المتبادل. على الرغم من كل الأضرار التي<br />
سببتها الحرب في اليمن على مدى السنوات الست<br />
الماضية، إلا أنها لم تتمكن من تمزيق النسيج<br />
الاجتماعي للبلاد، بل عززت من عزم اليمنيين على<br />
مساعدة بعضهم البعض، بغض النظر عن الجنس<br />
أو الخلفية أو المكانة الاجتماعية. لا يوجد مكان أكثر<br />
وضوحً ا من الطريق.<br />
يقول<br />
مثل قديم في ريمة: «الناس شركاء في ثلاث: الماء،<br />
الطريق والمرعى». عندما يتعلق الأمر بالطريق، تبرز<br />
مدونة التعايش هذه بوضوح. أي شيء يمكن أن<br />
يحدث على الطريق، وكل منعطف يأتي بمفاجآت<br />
مختلفة. تمكن المجتمع اليمني من الحفاظ على<br />
التآلف والتآخي، حتى بين الغرباء. هذه الشراكة<br />
المتواصلة على الطريق هي نوع من المقاومة لضغوط<br />
الحياة.<br />
أصبح السفر مغامرة محفوفة بالخوف والقلق<br />
منذ اندلاع الحرب. تمتئل الطرق اليمنية بنقاط<br />
التفتيش، ومع إغلاق مداخل بعض المدن، يضطر<br />
اليمنيون إلى اتباع طرق بديلة قد تكون شاقة<br />
وخطيرة. قد يحتاج المسافر من القرية أن ينتظر<br />
عدة أيام، حتى يحصل على سيارة تنقله الى أقرب<br />
مدينة. يضطر بعضنا في تلك الاسفار إلى الركوب<br />
فوق سقف السيارة أو خلفها، متعرضً ا للهواء<br />
والشمس والمخاطر طوال السفر.<br />
غالبًا ما تتسم رحلاتي بمشاعر الاغتراب والحزن<br />
بعد فراق الأحباء. لكن على الرغم من الخوف من<br />
المجهول في نهاية كل رحلة، أحاول الاستمتاع<br />
برحلاتي وتحويلها الى فرصة لتغيير الجو، والتعرف<br />
على مناطق ومدن وعادات ومعارف جديدة،<br />
والتسلي طوال الرحلة، بالضحك، سماع الأغاني،<br />
واكتساب علاقات جديدة.<br />
يحرص الكثير من اليمنيين على السفر مع<br />
رفيق خاصة في الرحلات الطويلة. وإذا لم يتفق<br />
الأصدقاء على موعد قريب، فقد يقدم أو يؤخر<br />
أحدهما خططه الأخرى حتى يتمكن من السفر<br />
مع رفيقه.<br />
بالطبع، ما يجمع بين كل المسافرين هو الأمل<br />
في أن تؤدي وجهتنا إلى حل بعض الظروف الصعبة<br />
في حياتنا. لا يسافر أغلب أهالي مناطقنا الريفية في<br />
محافظة ريمة، إلا للبحث عن العمل أو للعلاج أو<br />
للدراسة، ومن النادر ما يسافر أحدهم للراحة أو<br />
للنزهة.<br />
لكن النقل العام في اليمن ليس مجرد وسيلة<br />
للوصول إلى مكان ما. مهما كانت المسافة، فإن<br />
الطريق يوحّد اليمنيين في جميع مناحي الحياة.<br />
نتشارك القصص والنكات والوجبات الخفيفة<br />
والكعك، وفي حالة الطوارئ نتخذ موقفًا جماعيًا من<br />
أجل الصالح العام. ما تزال أحد الأمثلة المروعة على<br />
هذا التضامن محفورة في ذاكرتي.<br />
تطلب حضوري لمؤتمر في القاهرة قبل عامين<br />
الانتقال من صنعاء إلى عدن، في رحلة بالحافلة<br />
مدتها خمس ساعات (حيث كان مطار صنعاء مغلقا<br />
منذ اندلاع الحرب). كان من بين المسافرين محمد<br />
العمراني الذي كان مسافرًا الى مصر للعلاج من<br />
قصور حاد في النظر. ودون ذكر أي سبب، تم توقيفه<br />
عند نقطة تفتيش أثناء قيام أحد المسلحين بتفتيش<br />
الحافلة. كان من الممكن أن يوضع العمراني في<br />
الحجز إلى أجل غير مسمى لولا أن سائق الحافلة<br />
وجميع الركاب، رفضوا تسليمه معلنين بصوت<br />
واحد: إما أن ننزل جميعًا مع رفيقنا أو نستأنف<br />
رحلتنا إلى عدن معًا. رضخ المسلح وسمح للعمراني<br />
بالعودة إلى الحافلة.<br />
بعد الحادثة أصبح العمراني في حالة عصبية<br />
مقلقة. كان يصاب بالذعر عند كل نقطة أمنية<br />
لاحقة، والقصور الحاد في النظر زاد من قلقه. بذلت<br />
قصارى جهدي لتهدئته طوال الطريق إلى عدن.<br />
وعندما وصلنا في وقت متأخر من الليل، رافقته إلى<br />
فندق حيث مكثنا لمدة ثلاثة أيام في انتظار رحلتنا إلى<br />
مصر حتى لا يبقى بمفرده.<br />
وقبل موعد المغادرة بيوم، كان منظمو المؤتمر قد<br />
حجزوا للمشاركين غرفًا خاصة في إحدى الفنادق<br />
الراقية في مدينة عدن، لنتعارف قبل السفر<br />
الجماعي إلى القاهرة.<br />
احترت كيف لي أن أترك رفيقي العمراني لوحده،<br />
فقررت أن آخذه معي لغرفتي لأن حجز غرفة<br />
إضافية سيكون مكلفًا للغاية. عندما وصل الزميل<br />
الذي سيشاركني الغرفة، أخبرته عن محنتنا وسألته<br />
عما إذا كان بإمكان العمراني البقاء معنا لليلة<br />
واحدة. ضحك وتعجب مني كيف استأذنه في مثل<br />
هكذا أمر.<br />
أبدى زميلي ترحيبه بالعمراني وقال: «مساعدة<br />
بعضنا البعض واجب علينا جميعًا». فيما بعد ذهبنا<br />
نحن الثلاثة لتناول العشاء وقضينا بقية المساء<br />
نتجول في أسواق عدن الجميلة.<br />
بعد ذلك، أصبح العمراني صديقًا للمجموعة<br />
بأكملها. وافترقنا فقط عندما استقبله صديق في<br />
مطار القاهرة.<br />
تلفت هذه الحادثة إلى جزء من الهوية اليمنية<br />
التي لا يمكن المساس بها، حتى في المواقف التي تهدد<br />
الحياة. بوضع اختلافاتنا وخلافاتنا على جنب، ولو<br />
لمدة رحلة قصيرة، فهي تبدأ بالتلاشي. مع كل<br />
كيلومتر، تتسع القلوب ويكبر الإصرار على التآخي،<br />
رغم كل الظروف.<br />
بوضع اختلافاتنا<br />
وخلافاتنا على<br />
جنب، فهي تبدأ<br />
بالتلاشي.»<br />
مع كل كيلومتر،<br />
تتسع القلوب ويكبر<br />
الإصرار على<br />
التآخي.»<br />
٢٥
ّ<br />
محمد علي محروس<br />
اونلاين<br />
حوار<br />
«كذه كان اليمن»<br />
توثيق التاريخ على الإنستغرام<br />
كان أحمد الهجري يدرس الإعلام<br />
الإلكتروني والتواصل في الجامعة<br />
الإسلامية العالمية ماليزيا عندما قام<br />
بفيلم قصير وعرضه هناك. قدم<br />
الفيلم الذي كان حول عادات وتقاليد<br />
اليمن القديمة، معلومات جديدة<br />
ولاقى ً تفاعلا كبيرًا بين الحاضرين. دفع<br />
ذلك بالهجري للبحث عن منصة<br />
لنشر فيلمه. هكذا بدأت مغامرة كذه<br />
كان اليمن، منصة توثق الموروث<br />
الثقافي اليمني القديم.<br />
التنوّع هو<br />
معيارنا الأول.»<br />
<strong>العربية</strong> <strong>السعيدة</strong>: ما هو الهدف وراء كذه كان اليمن؟<br />
أحمد الهجري: اسم المنصة له علاقة بما كان عليه اليمن سابقًا. هذا لا يعني أن<br />
لعملنا بالضرورة ارتباط بالماضي. نحن نحاول أن نعّرف الناس على الإنتاج<br />
الموسيقي، الألوان الغنائية اليمنية، المدارس الشعرية والأدبية والإرث الثقافي<br />
الذي نملكه، للاحتذاء بحذوهم والاستفادة من أسلوب الحياة ذلك.<br />
بالنسبة لنا الأرشفة تمثل هدف أساسي، إضافة لموضوع التوعية والتثقيف حول<br />
اليمن بموروثها ومكتسباتها الثقافية. فترة الحرب أثرت كثيرًا على اليمنيين<br />
والشباب منهم تحديدً ا. هذه المنصة حرّكت الكثير من الجوانب، باستيعابها<br />
لشباب وبمخرجها الذي من خلاله تفاعل معه كثيرون وشعروا أنهم ينتمون<br />
لهذا الموروث. كان هذا بالنسبة لنا مهم كتوعية بحيث ما نتخلى عن موروثنا رغم<br />
الأوضاع السيئة التي نعيشها. نقوم بنشر المواد عبر محتوى مبسّ ط للجمهور<br />
وتصاميم مختلفة وبلغة سهلة قريبة من الجمهور، كما استخدمنا اللغة<br />
الإنجليزية، لأن هناك جمهور كبير يتابعنا عبر هذه اللغة.<br />
<strong>العربية</strong> <strong>السعيدة</strong>: متى وكيف شكّلت َ فريق المنصة؟<br />
أحمد الهجري: في نهاية ٢٠١٨م وجهت دعوة عبر صفحتي على الإنستغرام لمن<br />
يُحب المشاركة معنا كمتطوع، تفاعل معنا مجموعة كبيرة من الشباب اليمني من<br />
داخل اليمن وخارجها، وصل عددهم حينها إلى ٣٥ شخصً ا. على إثر ذلك عملنا<br />
على تشكيل توليفة مكونة من ١٧ شخصً ا يمثلون نواة البداية والانطلاقة.<br />
<strong>العربية</strong> <strong>السعيدة</strong>: حدثنا عن فريق كذه كان اليمن، مَن وراء إبداع المنصة؟<br />
أحمد الهجري: التنوّع هو معيارنا الأول، لأننا نعمل على مواضيع مختلفة<br />
ومحافظات عدة. نعمل على ضمان جودة المعلومة وتنوع وتعدد المصادر ذات<br />
العلاقة المباشرة بمواضيعنا. نقدّ م معلومة بحثية لا مجال فيها للخطأ، حتى أن<br />
القصة تخضع لعمليات جمع المصادر والتحري والتأكد عبر مصادر ذات صلة<br />
بالموضوع، ثم الكتابة والصياغة. عملنا مع عدد من الأصدقاء المختصين تقنيًا، كما<br />
عملنا بعد ذلك على الهوية البصرية للمنصة وحاولنا محاكاة الطابع اليمني من<br />
ناحية الألوان والشعار والقالب البصري الذي سنقدمه كفيديوهات، مواد<br />
أرشيفية، صور ومقالات قصيرة. إضافة للتنوع الحاصل في فريقنا فإن غالبيتنا<br />
إناث أثبتن جدارتهن في المنصة.<br />
<strong>العربية</strong> <strong>السعيدة</strong>: كيف يتفاعل الجمهور مع ما تنشرونه؟<br />
أحمد الهجري: حققت المنصة أرقامًا كبيرة على مستوى المتابعين خلال السنتين<br />
الماضيتين وصلنا إلى نحو ٥٠ ألف متابع عبر كافة وسائل التواصل الاجتماعي.<br />
التفاعل الأعلى هو على انستغرام ثم فيسبوك وتويتر ويوتيوب. هذا إضافة ل ٣٠٠<br />
رسالة شهرية كانت تصلنا من الجمهور ،نقيس من خلالها ردود الفعل مع ما<br />
ننشره من محتوى وما يتطلعون إليه. تفاعل الناس بالنسبة لنا يشكل الدافع<br />
للاستمرار والمتابعة، ورغم عمل الجميع دون أي مقابل، إلا أنهم يعملون<br />
بشغف. إحساسك بوجود أثر وتفاعُل الناس معك هذا يعني دفعة معنوية كبيرة.<br />
شعرنا أننا خلقنا نوعًا من الترابط بيننا وبين الجمهور.<br />
<strong>العربية</strong> <strong>السعيدة</strong>: ما الصعوبات التي واجهتكم؟<br />
أحمد الهجري: الدعم المالي، إضافة إلى عدم توفر المحتوى؛ فحقبة السبعينيات<br />
والثمانينيات تعتبر قديمة، وإيجاد محتوى بصري له علاقة بهذه الفترة نوعًا ما<br />
يُعد تحدي، لذلك نحن نحاول أن نبتكر أساليب أخرى لعرض هذه القصص<br />
رغم قلة المصادر وهذا أبرز ما نواجهه في الوقت الحالي.<br />
<strong>العربية</strong> <strong>السعيدة</strong>: ما الذي يحتاجه اليمنيون للوصول إلى التعايش فيما بينهم؟<br />
أحمد الهجري: نحن بحاجة لمساحة رأي، وأن يكون هناك متّسع لكثير من<br />
الأفكار، ولغة خطاب تجمعنا كلنا. يلزمنا أن يفتح كل منّا قلبه للثاني ونسمع<br />
لبعضنا، ونستفيد من تجاربنا السابقة المليئة بالخلافات. نحن كيمنيين ممكن<br />
نختلف في الجانب السياسي والاقتصادي والاجتماعي، لكن في الجانب الثقافي<br />
والفني غير ممكن. مستحيل يختلف اثنان على أبوبكر سالم أو فيصل علوي<br />
وغيرهما من القامات الفنية اليمنية الكبيرة. نشعر دائمً ا أن الخطاب الفني موحد،<br />
ويخلق نغمة تعايش واحدة بين الناس. التعايش بالنسبة لي هو الوطن والحب<br />
والعلاقات الاجتماعية التي تربطنا ببعضنا البعض.<br />
<strong>العربية</strong> <strong>السعيدة</strong>: كيف يمكن تكريس المنصات الافتراضية ووسائل التواصل<br />
الاجتماعي لتعزيز المشتركات اليمنية؟<br />
أحمد الهجري: في رأيي لغة الإعلام هي العنصر الوحيد الذي يجمع الناس. نحن<br />
كمنصات علينا العمل على خلق خطاب وأفكار تجعل الناس تفكر بحاضرها<br />
ومستقبلها. علينا تقديم الأفكار بشكل جمعي وبألوان مختلفة، تفتح مدارك<br />
الناس وتدفعهم للتفكير. هذا يُبرز أهمية المنصات الإعلامية وتأثيرها على الأفراد<br />
والمجتمع. سلاح القصة والسرد أهم سلاح يمكن استخدامه اليوم لغرس وزرع<br />
أفكار تخدم وتساهم في توعية الناس بشكل أو بآخر.<br />
<strong>العربية</strong> <strong>السعيدة</strong>: ما الذي تعمل عليه كذه كان اليمن الآن؟<br />
أحمد الهجري: حتى اليوم ما استطعنا أن نصل إليه هو من ٣٠ إلى ٣٥ في المئة<br />
مما نطمح إليه. إنتاج محتوى مُكلّف خاصة ونحن نطمح خلال السنتين<br />
القادمتين لإنتاج محتوى مرئي ونحتاج لفريق مختص يعمل على هذا الموضوع.<br />
حاليًا نعمل على ثلاثة أفلام وثائقية خلال الأشهر الستة القادمة ستكون جاهزة<br />
وبمجهود تطوعي بحت. هذه الأفلام هي عن شخصيات لها أثر في اليمن ومن<br />
المهم إبرازها للناس. نتطلع للحصول على تفاعل كبير من الجمهور خلال عرضها.<br />
التعايش بالنسبة لي<br />
هو الوطن والحب<br />
والعلاقات<br />
الاجتماعية.»<br />
٢٦
ّ<br />
موكا اليمن<br />
صناعة الفضة<br />
مسعد ومسعدة<br />
© الصور مقدمة من طرف كذه كان اليمن.<br />
yemenusedtobe.org/<br />
mesaed-and-mesaada/<br />
yemenusedtobe.org/<br />
silver-crafting/<br />
yemenusedtobe.org/<br />
yemeni-mocha/<br />
صدّ رت<br />
تتمتع<br />
مسعد<br />
٢٦<br />
أول صفقة تجارية للبن من ميناء المخا<br />
على ساحل البحر الأحمر ، غرب<br />
محافظة تعز اليمنية، في القرن السابع<br />
عشر ميلادي. هذا الميناء المرتبط<br />
بالقهوة اليمنية كان إحدى القصص<br />
التي عملت عليها منصة كذه كان<br />
اليمن تحت عنوان «موكا اليمن»،<br />
احتفاءً بيوم القهوة العالمي في فاتح<br />
أكتوبر.<br />
يسجل المؤرخون ازدهار استهلاك<br />
القهوة في اليمن مع الصوفيين الذين<br />
استخدموه لمساعدتهم على العبادة<br />
حتى وقت متأخر. كان ذلك قبل أكثر<br />
من ٥٠٠ عام في أوائل القرن الخامس<br />
عشر، إذ كانوا أول من شربه في<br />
التجمعات الاجتماعية ثم أصبح<br />
مشروبًا شعبيًا له رواجه. البرتغاليون<br />
أول من تذوق القهوة اليمنية من<br />
الأوروبيين، عندما استضافهم شيخ<br />
المخا وقدّ م لهم «مشروب أسود»<br />
ينعش الجسم ويمنحهم راحة البال.<br />
كانت أول صفقة تجارية للقهوة<br />
اليمنية في المخا مع الهولنديين عام<br />
١٦٢٨م. بدأت زراعة البن في اليمن في<br />
التوسع حتى أصبحت القهوة اليمنية<br />
علامة بارزة في جودة القهوة عالميًا.<br />
بلغت صادرات البن اليمني للعالم نحو<br />
٢٠ ألف طن سنويًا في بداية القرن<br />
الثامن عشر، وسيطرت اليمن على<br />
تجارة القهوة لأكثر من ٢٠٠ عام.<br />
حظيت هذه القصة بتفاعل كبير<br />
من متابعي كذه كان اليمن. كانت<br />
ردود فعل الجمهور حافلةٌ بالشكر<br />
والامتنان للفريق الذي عمل عليها؛<br />
لأنه قدّ م القصة بقالب جاذب ومثير<br />
ٍ<br />
للاهتمام. «حبيت أنكم تنشروا ثقافتنا<br />
وحضارتنا اليمنية»، علّقت عائشة<br />
يفتن ، إحدى من شاهدوا القصة،<br />
التي تجاوزت عتبة العشرة آلاف<br />
مشاهدة على إنستغرام.<br />
صناعة الحلي والفضيات اليمنية<br />
بجمال ودقة في التصنيع، نالت شهرة<br />
عربية وعالمية. سردت كذه كان اليمن<br />
قصة العلاقة التي كانت بين يهود<br />
ومسلمي اليمن وحرفيتهم في هذه<br />
الصنعة، كصورة تعايشية جامعة منذ<br />
القدم.<br />
اشتهر يهود اليمن بمهارتهم في<br />
صنع المشغولات الفضية في شبه<br />
الجزيرة <strong>العربية</strong> بين القرن الثامن عشر<br />
ومنتصف القرن العشرين. كان يهود<br />
اليمن يعملون على ذلك معية<br />
الشرائح المجتمعية الأخرى، تجمعهم<br />
اليمن على حرفة يعيدون تشكيل<br />
مقتنياتها كما يحلو لهم.<br />
تُصنع المجوهرات بصهر الفضة في<br />
سائل يُسكب في قوالب مقاومِ ة<br />
لدرجات الحرارة القصوى. بعد ذلك<br />
يتم تبريده عن طريق وضع القالب<br />
على سطح ماء بارد ليبرد ويتكتل.<br />
بعدها تبدأ عملية الطرق، ليتم تشكيل<br />
الفضة على شكل صفيحة عريضة<br />
ورفيعة، يتم قطعها وصياغتها وفقًا<br />
للشكل مرغوب.<br />
لاقت قصة «صناعة الفضة» نحو<br />
٣٠٠٠ مشاهدة على صفحة كذه كان<br />
اليمن على إنستجرام، وتركت انطباعًا<br />
إيجابيًا عكستها تعليقات المتفاعلين<br />
الذين استعادوا الكثير من ماضيهم،<br />
وعبروا عن أجواء عاشوها في مدنهم<br />
وقراهم، وما زالوا يعيشونها،<br />
محفوفين بأشكال الفضة وزخارفها<br />
على جنابي الرجال وحُ لي النساء.<br />
تقول أفنان رشيد، يمنية مهاجرة،<br />
في تعليقها على القصة: «حين تكون<br />
لدينا مناسبة، لا بد وأن نجلب الفضة<br />
من اليمن، دائمً ا ما نفعل ذلك؛ لأنه<br />
من المستحيل أن نحصل على مثلها<br />
خارج اليمن»، يحكي لسان حالها<br />
تعلّقًا بموروث يمني خالد، يرافق<br />
اليمنيين في مناسباتهم الخاصة على<br />
الدوام.<br />
ومسعدة، مرتبطة بذكريات الماضي<br />
لدى اليمنيين. أصوات تعوّدت عليها<br />
الآذان، وشخصيات تسكن في الذاكرة.<br />
بدأ كل شيء في عام ١٩٨٨م عندما<br />
قدّ م عبد الرحمن المطهر أو كما كان<br />
يطلق عليه «بابا عبد الرحمن» جنبًا<br />
إلى جنب مع حبيبة محمد البرنامج<br />
الإذاعي المعروف «مسعد ومسعدة».<br />
يقوم مفهوم البرنامج على الحوار<br />
بين الزوج والزوجة لمعالجة هموم<br />
المجتمع، ومناقشة الإيجابيات<br />
والسلبيات لتصحيح المفاهيم الخاطئة<br />
لدى المجتمع العام في بعض الأمور<br />
والحث على التغيير الإيجابي لصالح<br />
الناس. جعل هذا الأسلوب الجمهور<br />
ًا بالحياة.<br />
َق جوًا شبيه<br />
َل<br />
أكثر قبولا<br />
انجذاب الناس للبساطة السردية<br />
العامة لمسعد ومسعدة كان سببًا<br />
كافيًا لتحظى هذه القصة بمساحة<br />
على كذه كان اليمن، لتعيد إلى<br />
الأذهان ما عَلِق فيها ولازمها سنوات<br />
عدة.<br />
ما جعل هذا البرنامج يبرز<br />
ويستمر لسنوات عديدة، هو بساطته<br />
في تقديم الموضوعات بالعامية اليمنية،<br />
وتحديدً ا باستخدام اللهجة الصنعانية؛<br />
مما جعل الشخصيتين قابلة للتواصل<br />
وقريبة من قلوب المستمعين، ولذا<br />
فهم يتطلعون كل يوم بترقب وإثارة<br />
لحلقة جديدة.<br />
ً «فعلا أعدتمونا إلى أيام الزمن<br />
الجميل»، تقول سماح علي، في<br />
تعليقها على فيديو القصة بإنستجرام،<br />
الذي تجاوز ستة آلاف مشاهدة وأكثر<br />
من ً ٦٠٠ تفاعلا . بحنين الذكريات ينضم<br />
إليها يامور، حين كانت أمه تُحضر<br />
وجبة الغداء وهي تستمع لهذا<br />
البرنامج، وهو يلعب بجوارها، «يا لها<br />
من أيام»، يقول يامور.<br />
ً ، وخ
التعايش في ظل الصراع<br />
يوسف الدهي وتوفيق حيدر (يرتدي الكمامة).<br />
© البراء منصور | <strong>مجلة</strong> <strong>العربية</strong> <strong>السعيدة</strong><br />
مع احتدام الحرب، تصبح أجهزة التلفاز ووسائل التواصل الاجتماعي ملأى<br />
بقصص الألم والكوارث. انتقال دورة الأخبار إلى فاجعة مختلفة لا يعني أن تلك<br />
القصص اكتملت. في كثير من الأحيان، جنبًا إلى جنب مع المعاناة التي لا يمكن<br />
إنكارها، يبقى أمل أبطال وبطلات تلك القصص قويًا. الدعم المتبادل، التطلع<br />
إلى المستقبل، وإيجاد التعاطف والترابط في بيت جديد - كلها حكايات غالبًا ما<br />
تُترك دون سرد.<br />
التضامن في جميع أنحاء اليمن حي يزرق. لا يجب الإقرار بهذه الحقيقة<br />
فقط، بل من الضروري كذلك الاحتفال بها وإبرازها كلّما أتيحت الفرصة<br />
لذلك. هكذا، سيتذكر الكل أنه بينما يحاول العنف تمزيق قلب المجتمعات، فإن<br />
للإنسانية سبل كثيرة لجمع الشمل. هذه النبذات القصيرة هي حول ناس<br />
أجبرهم العنف على ترك منازلهم. وبينما كانوا يحاولون بناء حياة جديدة،<br />
التقوا جميعًا بمن احتضنهم، دعمهم واعتز بهم. هذا جزء من قصصهم، التي لم<br />
تكتمل بعد.<br />
٢٨
فاطمة باوزير<br />
المكلا<br />
فايز الضبيبي<br />
ريمة<br />
إصلاح صالح<br />
عدن<br />
نضال في سبيل التوثيق:<br />
تغطية النزوح في اليمن<br />
وكانت أعداد النازحين داخليًا في اليمن قد<br />
ًا للمفوضية<br />
وصلت إلى ١٧٢ ألفًا سنة ٢٠٢٠م، وفق<br />
السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. وتقّدر<br />
مصفوفة تتبع النزوح التابعة للمنظمة الدولية<br />
للهجرة في اليمن أن ٣٩ ألفا و٣٣٠ نازحًا قد<br />
تعرضوا للنزوح مرة واحدة على الأقل، في الفترة<br />
الواقعة ما بين الأول يناير و٢٦ يونيو، ٢٠٢١م.<br />
يقول يحيى محمد أنه من اللازم على جميع اليمنيين<br />
التعاون فيما بينهم: «إذا لم نتراحم اليوم ونتعاطف<br />
ًا».<br />
فيما بيننا، ستأكلنا الحرب وتلتهمنا فردًا فرد<br />
ملاذ النازحات إلى عدن<br />
منذ<br />
بدايتها، أجبرت الحرب في اليمن ما يقارب أربعة<br />
مليون شخص على الفرار من منازلهم. يواجه<br />
الصحفيون والعاملون في المجال الإعلامي صعوبات<br />
وعراقيل عدة في التواصل مع النازحين في اليمن<br />
بسبب عدد من العوامل البعض منها بيروقراطي،<br />
بينما الآخر ثقافي أو نفسي.<br />
من الواجب ضم صوت النازحين في أي مادة<br />
صحفية حول النزوح. من أجل ذلك، يجب على<br />
الصحفي استخرا ج تصاريح التصوير من جهات<br />
أمنية وكذلك من السلطات المحلية، إضافة إلى<br />
الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين. هذه<br />
التصاريح قد تستغرق شهرًا أو أكثر. بعد ذلك، تبدأ<br />
مرحلة التنسيق مع الجهات الحكومية والمنظمات<br />
الإغاثية والإنسانية العاملة في المخيمات، من أجل<br />
تحديد برنامج الحوارات مع النازحين. هذا بالطبع<br />
يأخذ وقتًا إضافيًا.<br />
أثناء عمله على إنتا ج تقرير صحفي معمق<br />
حول انعدام المياه في مخيمات النازحين في ظل<br />
جائحة كورونا، واجه الصحفي بسام القاضي من<br />
مدينة عدن كل هذه العوائق. «أحياناً يمُ نع<br />
التصوير، بحجة الوضع الأمني، كما أن بعض<br />
المنظمات توصي مسؤولي المخيمات برفض التصوير<br />
وإجراء المقابلات، الأمر معقد ومتعب ومنهك،<br />
ويأخذ وقتًا كثيرًا ً جدا»، يقول القاضي. كنتيجة<br />
لذلك، إما يتخلى الصحفيون عن فكرة المادة<br />
الصحفية، أو تكون نتائج كل هذه الجهود غير<br />
مرضية لهم. «أخذ الأمر أشهرًا حتى تمكنت من<br />
إنجاز نصف المهمة وليس المهمة كاملة»، يقول<br />
القاضي.<br />
كغيري من الصحفيين واجهت رفضً ا من قبل<br />
بعض النازحين في الظهور أمام الكاميرا والحديث<br />
عن معاناتهم أو حتى قصص نجاحهم في<br />
المجتمعات المستضيفة لهم. يفضل الكثير من<br />
النازحين الابتعاد قدر الإمكان عن كاميرات<br />
الصحفيين، خوفًا من الأوضاع المضطربة في البلاد،<br />
أو لأسباب شخصية أخرى. «نعيش في مجتمع<br />
محبط بسبب بيئة الصراعات»، يقول الصحفي<br />
محروس باحسين من مدينة المكُلا، الذي يحاول<br />
دائما أن يطمئن النازحين الذين يقابلهم أن<br />
المقابلة ستجري وفق رغبتهم. «هناك صعوبة دائما<br />
في البداية»، يؤكد باحسين. وطبعًا، يمكن<br />
للصحفيين عدم ذكر أسماء النازحين، استعمال<br />
أسماء مستعارة، وعدم ذكر أي تفاصيل يمكن أن<br />
تكشف هويتهم.<br />
عودة ميمونة<br />
عاش<br />
عبد الله مقبل محمد، ٤٢ عامًا، لأكثر من عشرين<br />
سنة في تعز، التي كان قد هاجر إليها مع إخوته نظرًا<br />
لسوء الخدمات في قريته المصبحي، الواقعة في<br />
محافظة ريمة. مع اشتداد الحرب في تعز سنة<br />
٢٠١٦م، نزح مقبل محمد إلى صنعاء مع زوجته<br />
وأبنائه الخمسة «ليلا تحت زخات الرصاص.» أقام<br />
محمد مع أخيه لمدة سنة في العاصمة، دون العثور<br />
على عمل. هكذا قرر محمد في ٢٠١٧م العودة إلى<br />
مسقط رأسه.<br />
اسقبل أهل المصبحي أسرة مقبل محمد بحفاوة.<br />
«بادر أحد الأهالي في القرية بإعطائي منزله لأسكن<br />
فيه، وهو بكامل أثاثه وأدواته الفاخرة»، يقول<br />
محمد. ترك محمود يحيى محمد، ٥٠ سنة، منزله<br />
وانتقل مع أسرته للسكن في السعودية، حيث يعمل<br />
في تركيب وبيع المفروشات. «ذلك أقل واجب تجاه<br />
ابن قريتي الذي تعرض لمحنة النزوح بسبب الحرب<br />
الدائرة في البلاد»، يفسرّ يحيى محمد.<br />
مساعدة أهالي قرية المصبحي لمحمد وأسرته لم<br />
تقتصر على المنزل فقط. حصلت الأسرة على أرض<br />
زراعية للعمل فيها وساعد أحد أصدقاء محمد ابنه<br />
عمرو، ذا ال ١٨ سنة، في الحصول على تأشيرة للعمل<br />
كمزين للسيارات في المملكة <strong>العربية</strong> السعودية،<br />
الوجهة التي يقصدها معظم أبناء ريمة للعمل.<br />
«صار وضعي المعيشي وحالتي المادية أفضل<br />
بكثير من السابق، وأصبحت مستقرًا وأسرتي، وكل<br />
ذلك بفضل دعم أبناء قريتي لي»، يقول محمد.<br />
وصلت<br />
كل من خيرية أحمد، ٣٦ عامًا، و عليا السلال، ٢٣<br />
عامًا، إلى عدن في ٢٠١٥ و٢٠١٧م. هربت أحمد من<br />
الحرب في تعز مع طفليها، بينما قدمت السلال من<br />
محافظة أبين بعد اشتداد النزاعات فيها. أحمد<br />
والسلال ضمن قرابة ١٢ ألف أسرة نازحة تستقبلها<br />
عدن منذ اندلاع حرب ٢٠١٥م وحتى فبراير ٢٠٢١م،<br />
حسب مدير الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات<br />
النازحين في عدن، عبده مهذب.<br />
في البداية، عملت أحمد في تنظيف إحدى<br />
المساجد إلا أن المردود المالي القليل لم يسد احتياجات<br />
أسرتها. صدف أن التقت بأم سدرة* عن طريق<br />
صديقة لها في ذات المسجد الذي كانت تعمل فيه.<br />
أم سدرة هي صاحبة مشروع «أكل منزلي» في<br />
محافظة عدن، الذي لا يقدم أجود أنواع المعجنات<br />
فقط، بل يستقبل نازحات من جميع أرجاء اليمن<br />
ويوفر لهن ً عملا كذلك. منذ ٢٠١٥م، تمكنت أم سدرة<br />
من مساعدة سبع نساء نازحات. يقع معمل أم<br />
سدرة المتواضع في مبنى سكني بمدينة خور مكسر ،<br />
شرق محافظة عدن. الآن، أصبحت تتلقى طلبيات<br />
لفعاليات وحفلات في عدن، حيث تقدم مختلف<br />
المعجنات والكعك.<br />
«لم نعد زميلات عمل فحسب بل أصبحنا أخوات،<br />
وهي تبادلني نفس الشعور، جعلتني أحب عدن<br />
وأهلها»، تقول أحمد.<br />
حصلت السلال كذلك على عمل مع أم سدرة،<br />
تساند عبره والدها في توفير متطلبات الحياة لعائلتها<br />
المكونة من سبعة أفراد. «هي صاحبة قلب كبير،<br />
أصبحنا نحب عدن أكثر بسبب تعاملها الراقي معنا.<br />
وجود أناس مثلها حولنا جعلنا نتخطى كثيرًا من<br />
الصعاب، وأصبح لقاؤنا بها يوميًا جزءًا من تفاصيل<br />
حياتنا»، تصف السلال علاقتها مع أم سدرة.<br />
هذه المشاعر متبادلة، حسب أم سدرة، التي تجد<br />
ارتياحًا كبيرًا في عملها مع كل من أحمد والسلال:<br />
«تربطني بهما علاقة حب واحترام. لقد أصبحنا أسرة<br />
واحدة نفرح لفرح بعضنا ونحزن لحزن بعضنا.»<br />
* ليس اسمها الحقيقي، حيث أنها فضلت عدم ذكر<br />
اسمها في هذه القصة.<br />
يواجه الصحفيون<br />
صعوبات وعراقيل<br />
عدة في التواصل<br />
مع النازحين.»<br />
إذا لم نتراحم<br />
ونتعاطف فيما بيننا،<br />
ستأكلنا الحرب فردا<br />
فردا.»<br />
٢٩
أصبحنا أسرة<br />
واحدة.»<br />
حلويات مشروع «أكل منزلي» التابع لأم سدرة.<br />
© محمود الفلسطيني | <strong>مجلة</strong> <strong>العربية</strong> <strong>السعيدة</strong><br />
سليمان علي وهو يعمل على خلط البهارات.<br />
© سليمان أحمد | <strong>مجلة</strong> <strong>العربية</strong> <strong>السعيدة</strong><br />
لا غربة لنازح بين أهله<br />
وناسِ ه<br />
في<br />
يونيو ٢٠١٩م، وصل توفيق حيدر، ٤٦ سنة، إلى تعز<br />
هاربًا من الحرب في مدينة الحديدة، التي تقع على<br />
بعد ٢٢٦ كيلومتر جنوب صنعاء. هكذا كانت أسرة<br />
حيدر من بين ال ٤٥ ألف أسرة التي تستقبلها تعز منذ<br />
بَدْ ء الحرب، حسب حسان الخليدي، مدير الوحدة<br />
التنفيذية للنازحين بمحافظة تعز.<br />
«ألمُ العمر، قلنا شهرين أو ثلاثة وسنعود. في<br />
الأخير نحن نشتاق لبيتنا ومنطقتنا، لا تفارقنا أبدً ا»،<br />
يقول حيدر. اضطر حيدر وزوجته مع أبنائهم الثلاثة<br />
إلى الانتقال من مكان لآخر، إلى أن استقبلهم حي<br />
الدحي الذي استطاع سكانه توفير غرفة لهم في<br />
أحد المعاهد الحكومية، على أن يعمل حيدر حارسً ا<br />
في الوقت المتاح. كان هذا بالنسبة لحيدر كافيًا<br />
للاستقرار.<br />
في الضفة الأخرى من الحي يملك العم يوسف<br />
َي بقالة صغيرة، يبيع فيها ما استطاع توفيره<br />
الدَّ ه<br />
لتلبية احتياج المنازل المجاورة. يُعد الدهي، ٥٢ سنة،<br />
ًا، يعامل<br />
من أقدم سكان حي الدَّ حِ ي وأكبرهم سن<br />
سكان حيه بحب وعناية.<br />
استقبل الدهي حيدر ومنحه فرصة للعمل<br />
في بقالته الصغيرة مقابل أجر زهيد. لا يجد<br />
حيدر تعبيرًا يُناسب هذا الفعل سوى «الدنيا<br />
بخير». «توفيق طيب وابن حلال، يسعى من<br />
أجل أسرته، سأظل إلى جانبه دائمً ا، مثله<br />
يستحقون الأفضل، أنا معه بمشاعري وبما<br />
أستطيع تقديمه له، لن أتردد أبدً ا في مساعدته»،<br />
يقول العم يوسف.<br />
لا يفوّت العم يوسف حديث الصباح مع حيدر،<br />
وهما يحتسيان الشاي ويخوضان في تفاصيل<br />
الأمس وما سيكون اليوم. يبدأ حيدر يومه في<br />
البقالة، وكعادته لا تفارقه ابتسامته. «فرقٌ كبير بين<br />
أول يوم نزوح وبين ما أنا عليه اليوم»، يقول حيدر.<br />
«الحمد لله لا أشعر بأني غريب، الناس هنا طيبون،<br />
ولا يفرقون بين أحد، كأنني بين أهلي وناسي.»<br />
خلطات بهارية في صنعاء<br />
بأيادي صعدية<br />
في<br />
شهر يوليو عام ٢٠١٥، نزح سليمان علي، ٣٥ عامًا، مع<br />
أسرته المكونة من زوجته وأولاده الثلاثة وأمه وإخوته<br />
وأسرهم إلى صنعاء من مديرية رازح، التي تقع في<br />
محافظة صعدة، على الحدود مع المملكة <strong>العربية</strong><br />
السعودية. علي واحدٌ من أكثر من ٢٠٠ ألف شخص<br />
نزحوا إلى محافظة صنعاء منذ ٢٠١٥م. «توفي على إثر<br />
الحرب أخى وابن عمي وأولاده»، يقول علي.<br />
«الحرب لم تترك لنا بيتًا نعيش فيه أو فرصة للعمل.»<br />
عند وصوله إلى صنعاء، عمل علي على خلط<br />
البهارات مع ابن أخته الذي كان يستأجر ركنًا داخل<br />
أحد المتاجر. عبر كفاءته، خبرته الطويلة وتفانيه في<br />
العمل، تمكن علي من مواصلة العمل في المتجر،<br />
حتى بعد انتهاء عقد الإيجار. يعمل علي من الساعة<br />
التاسعة صباحًا حتى الواحدة ظهرًا، ليبدأ دوامه<br />
الثاني من الساعة الثالثة عصرًا حتى العاشرة مساء.<br />
يقوم علي بخلط البهارات وتصنيفها وفقًا<br />
لوصفات محددة، قبل تغليفها وتجهيزها للبيع.<br />
يشرف علي كذلك على بقية العاملين وتدريبهم.<br />
يوضح محمد الجمالي، مسؤول الموارد البشرية<br />
في المحل، أن تأسيس السوبرماركت كان بهدف<br />
استيعاب النازحين بنسبة ٢٠ في المئة من العاملين،<br />
إلى جانب دعم الباحثين عن العمل من المنطقة.<br />
لتفادي الآثار الصحية الممكنة للبهارات وروائحها<br />
القوية، مثل التهاب الصدر، اختار مالك المحل، يحيى<br />
الأكوع، ٣٠ سنة، مكانًا فيه تهوية جيدة لركن<br />
البهارات. إضافة إلى ذلك، يرتدي علي كمامات<br />
وقائية خلال عمله. تطور عمل علي وبدأ بعرض<br />
ابتكارات جديدة في تشكيل البهارات على الأكوع.<br />
سرعان ما تطورت العلاقة بينهما إلى علاقة أخوية<br />
أساسها الثقة وازدهار ركن البهارات.<br />
في العام ٢٠١٩م تعرض ابن علي، عبد الواحد،<br />
لحادث مروري وحينها «لم يقصر الأخ يحيى معي<br />
منذ لحظة دخوله للمشفى. هذا بحد ذاته خفف<br />
من وطأة الواقعة علينا».<br />
يتمنى علي أن تنتهي الحرب فحياة النزوح، كما<br />
يقول، «صعبة للغاية والالتزامات المادية أنهكتني من<br />
إيجار منزل ماء وكهرباء».<br />
محمد علي محروس<br />
تعز<br />
سمر عبد الله<br />
صنعاء<br />
٣٠
الحرب لم تترك لنا بيتًا نعيش فيه<br />
أو فرصة للعمل.»<br />
أي حياة أفضل<br />
من ارتباطك<br />
بالأرض؟»<br />
توفيق الثوابي يعمل في أرضه.<br />
© عبد الله الجرادي | <strong>مجلة</strong> <strong>العربية</strong> <strong>السعيدة</strong><br />
أرض تحتضن ٤٠٠ نازح<br />
«هرب<br />
النازحون من الحرب وتركوا بيوتهم وممتلكاتهم.<br />
هذا يتطلب منا أن نقف بجانبهم»، يقول الشيخ<br />
أحمد مبارك عذبان، ٩٠ سنة، متحدثًا عن النازحين<br />
الذين لجأوا إلى محافظة مأرب. توفيق الثوابي، ٣٣<br />
عامًا، أحد هؤلاء النازحين إلى محافظة مأرب، التي<br />
تستضيف أكبر عدد للنازحين في اليمن، حسب<br />
مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية.<br />
سافر الثوابي من إب، ٢٠٠ كيلومتر جَنُوب العاصمة<br />
صنعاء، إلى مأرب، أكثر من ١٥٠ كيلومتر شرقها، في<br />
مايو ٢٠١٧. صادف الثوابي عذبان عندما كان يبحث<br />
عن خيمة يأوي إليها مع زوجته وطفليه في أحد<br />
مخيمات النزوح، البالغ عددها<br />
حاليًا أكثر من ١٤٠ مخيمً ا، حسب الوحدة التنفيذية<br />
للنازحين.<br />
«سرت له بمفردي، وكلمته أني نازح بحاجة إلى<br />
مكان أسكن فيه»، هكذا يصف الثوابي لحظات لقائه<br />
الأول بعذبان. رغم أنه لم يكن يعرفه، ولم يتوسط<br />
للثوابي أحد عنده، اصطحبه الشيخ عذبان إلى أرض<br />
واسعة يملكها، وأشار بيده: «خذ لك هذا الجزء من<br />
الأرض وابن لك غرفتين، والباقي ازرع لك فيها اللي<br />
تبغى تمشي بها حالك.»<br />
تبلغ مساحة الأرض التي حصل عليها الثوابي<br />
قرابة ٣٠٠ متر مربع وتبعد عن مدينة مأرب خمسة<br />
كيلومترات. ما هي إلا أشهر قليلة حتى أصبح<br />
للثوابي ١٥ جاراََ في ذات المكان. من ال ٤٠٠ شخص<br />
الذين يستضيفهم عذبان، البعض بنوا بيوتًا من<br />
الطين والآخرون نصبوا خيامًا على أراضيه، الكل<br />
دون مقابل. «فقط أبتغي الأجر من رب العالمين»،<br />
يقول عذبان.<br />
في مطلع العام ٢٠٢٠م، عرض الشيخ عذبان<br />
قطعة أرض أخرى، مساحتها نصف كيلومتر مربع،<br />
على الثوابي لزراعتها، وذلك بعد ملاحظته حرفيته<br />
في زراعة الأرض التي تجاور منزله. «بدأت العمل<br />
وزرعتها بصل لأن سعره كان غالي ومردوده جيد.<br />
جربت زراعة الكزبرة والجرجير والكوسا وغيرها من<br />
الخضار. كان المحصول جيد» يقول الثوابي.<br />
منذ ذلك الوقت والرجلان شريكان في العمل.<br />
«توفيق يهتم بالأرض والزراعة، وهو نعم الشريك»،<br />
يقول عذبان. أصبح توفيق الثوابي يشعر وكأنه في<br />
قريته وليس نازحً ا: «أرضي أزرع وأهتم بها وأجني<br />
محصولها وأقبض الثمن. أي حياة أفضل من<br />
ارتباطك بالأرض؟»<br />
مصفوفة تتبع النزوح تابعة للمنظمة الدولية للهجرة<br />
قصة من ٣٫٦٥ مليون قصة نزوح: رحلة نزوح يمنية،<br />
لم تنته بعد<br />
زين العابدين علي<br />
مأرب<br />
٣١
ِ<br />
\ ٦ سهل<br />
\ ٥ سهل<br />
\ ٤ سهل<br />
\ ٣ سهل<br />
\ ٢ سهل<br />
\ ١ سهل<br />
طريق <strong>السعيدة</strong><br />
ما هو اسم جزء من اللباس اليمني<br />
المعروف الذي تحوّل من سلاح إلى رمز<br />
فخر بالثقافة اليمنية؟<br />
ما هو البرنامج الإذاعي، الذي بدأ سنة<br />
١٩٨٨م وكان من تقديم حبيبة محمد<br />
وعبد الرحمن المطهر؟<br />
ما هي المكونات اللازمة لتحضير المزغول؟<br />
متى يتم الاحتفال باليوم الوطني للقهوة في<br />
اليمن؟<br />
أي من هذه الأمثلة يصف نزاعاً؟<br />
أ) نتجادل أنا وأخي حول لعبة.<br />
ب) لا أستطيع أن أقرر ما إذا كنت سأتناول<br />
عريكة أو معصوب للتحلية.<br />
ج) يُطرد زميلي لأنه لم يحضر إلى العمل،<br />
ولكنه يريد الاحتفاظ بالوظيفة.<br />
د) تعارَك مالكا سيارتين بعد حادث<br />
مروري عمّن هو المسؤول عن الحادث.<br />
صحيح أم خطأ؟ - ينتمي النزاع إلى حياتنا<br />
وسيظل موجودًا دائمً ا، لكنه لا يؤدي<br />
بالضرورة إلى العنف.<br />
أ) صحيح.<br />
ب) خطأ.<br />
قواعد اللعبة<br />
\ ١ متوسط<br />
تخيل أنك في مغامرة. للوصول إلى<br />
المحطة المقبلة في سفرك، هناك العديد<br />
من العقبات التي يجب التغلب عليها.<br />
طبعا أنت لست وحدك في هذه<br />
ّ<br />
الرحلة، وكما تعلم، حُ زْمَة من العِ صيِ<br />
أكثر قدرة على تحمل الصعوبات من<br />
الغصن الواحد. مساعدة كل<br />
المسافرين لبعضهم البعض هي<br />
الطريقة الوحيدة التي تضمن<br />
وصولهم جميعا بسلام.<br />
على عكس العديد من الألعاب<br />
الأخرى، فليس الهدف من «طريق<br />
<strong>السعيدة</strong>» أن تكون أول من يصل إلى<br />
خط النهاية. بدلاً من ذلك، الهدف من<br />
اللعبة هو وصول اللاعبين معًا. يبدأ<br />
لاعبان إلى أربعة لاعبين رحلتهم معًا<br />
من نقطة البداية. للمضي قدمًا في هذه<br />
الرحلة، يجب على كل لاعب الإجابة<br />
على سؤال واحد بشكل صحيح. كل<br />
إجابة صحيحة تعني القفز إلى الدائرة<br />
التالية على المسار المختار. يمكن لكل<br />
لاعب اختيار المسار الذي يسلكه:<br />
الطريق السهل طويل، لكن الأسئلة<br />
ليست صعبة. الطريق الصعب قصير،<br />
لكن الإجابات لن تكون سهلة المنال.<br />
الفوز يعني الوصول إلى نقطة<br />
النهاية مع، على الأقل، لاعب آخر في<br />
نفس الجولة. تنتهي جولة واحدة مع<br />
محاولة كل لاعب الإجابة على سؤال<br />
واحد. الفوز المطلق يعني وصول جميع<br />
اللاعبين في نفس الجولة إلى نقطة<br />
النهاية!<br />
يتناوب اللاعبون على طرح<br />
الأسئلة. يعطي اللاعب الذي يطرح<br />
الأسئلة بعض التلميحات لمساعدة<br />
اللاعب الذي عليه الإجابة. هذا لا<br />
يعني إعطاء الإجابات قصدً ا وبطريقة<br />
مباشرة. يقدم اللاعب الذي يطرح<br />
الأسئلة تلميحات، أو يمثّل الإجابات<br />
ويدعم اللاعب الذي يجيب عن<br />
الأسئلة للتحرك على طول المسار الذي<br />
يختاره. بعض التلميحات متوفرة في<br />
الجزء الخلفي من كل بطاقة أسئلة،<br />
ولكن للاعب الذي يطرح الأسئلة<br />
كامل الحرية في إعطاء تمليحات<br />
إضافية! يمكن كذلك لجميع اللاعبين<br />
الآخرين (غير طارح السؤال والمجيب<br />
عليه) كذلك أن يساعدوا في تقديم<br />
تلميحات، إذا تم الاتفاق على ذلك في<br />
بداية اللعبة.<br />
إذا اخترت المسار السهل، لديك<br />
دقيقة واحدة للإجابة على كل سؤال،<br />
على المسار الأوسط لديك ٤٥ ثانية،<br />
وعلى المسار الصعب، ٣٠ ثانية فقط!<br />
لضمان أن جميع اللاعبين يحترمون<br />
الوقت، تحقق من أن العداد جاهز<br />
قبل بَدْ ء اللعبة! وبما أننا نغير رأينا<br />
جميعًا من وقت لآخر، فلا تتردد في<br />
القفز من مسار إلى آخر، ولكن فقط<br />
عند التقاطعات!<br />
دعونا نستعد معا ... لنتأهب ...<br />
لننطلق!<br />
حسب المفوضية السامية للأمم المتحدة<br />
لشؤون اللاجئين، ما هو عدد النازحين<br />
داخليًا في اليمن حتى سنة ٢٠٢٠م؟<br />
\ ٤ متوسط<br />
\ ٨ سهل<br />
ما نعني بصانع السلام؟<br />
أ) ببساطة شخص يتخذ إجراءات من أجل<br />
.ً<br />
عالم أكثر سلاماً وعدلا<br />
ب) شخص يمكنه بناء المنازل بهدوء حتى<br />
لا يزعج الجيران.<br />
ج) شخص حصل على جائزة نوبل للسلام.<br />
د) جندي يتبع الأمم المتحدة.<br />
\ ٧ سهل<br />
أيٌ من العبارات التالية تصف السلام<br />
الإيجابي، وأيٌ منها تصف السلام السلبي؟<br />
أ) غياب الحرب والعنف المباشر أو<br />
الجسدي.<br />
ب) وجود العدالة الاجتماعية والمساواة.<br />
ج) استعادة العلاقات.<br />
د) إنشاء نظم اجتماعية وقرارات تسوية<br />
بناءة للنزاعات.<br />
ه) ما يهدف إلى تجنب النزاعات وليس<br />
لإثبات الاستقرار والانسجام.<br />
حسب اليونيسف، ما هي نسبة الفتيات<br />
اليمنيات اللاتي يتزوجن في سن مبكر، أي<br />
دون ١٨ سنة؟<br />
\ ٧ متوسط<br />
\ ٣ متوسط<br />
متى بُني عرش بلقيس، أو معبد بران؟<br />
\ ٢ متوسط<br />
عبر تنوع الألوان يمكن إبراز تنوع الثقافات<br />
كما كانت تمارس في الماضي. في الحُ لي<br />
الفضية النسوية، للون فص الهلال رمزية<br />
دين المرأة التي ترتديه، إما اليهودية أو<br />
الإسلام. ما هو اللون الرامز لكل ديانة؟<br />
يمكن للشباب تعزيز مفهوم بناء السلام<br />
من خلال ما يلي، باستثناء:<br />
أ) معالجة جذور النزاع.<br />
ب) منع العنف بجميع أشكاله والتخفيف<br />
من حدته.<br />
ج) إلقاء اللوم على الآخرين على التسبب<br />
في النزاع.<br />
د) تعزيز المجتمعات العادلة والشاملة<br />
وتشجيع.<br />
ه) لا يوجد.<br />
\ ٦ متوسط<br />
يعتبر الشخص المحايد الذي يأتي من<br />
خارج النزاع لمساعدة الأطراف في حل<br />
النزاع بينهم ودون انحياز:<br />
أ) مساوم.<br />
ب) وسيط.<br />
ج) قاضي.<br />
\ ٥ متوسط<br />
ما المقصود بتحويل النزاع؟<br />
أ) مشكلة فنية في السيارة، ولا يرتبط<br />
بالسلام على الإطلاق.<br />
ب) عندما يتحول نزاع صغير إلى صراع<br />
أكبر أو حرب.<br />
ج) عملية تغيير النظم بحيث تنتج السلام<br />
عوضاً عن العنف.<br />
د) عندما يتحول صديقك فجأة إلى<br />
مصارع.<br />
\ ٢ صعب<br />
\ ١ صعب<br />
\ ٨ متوسط<br />
أيٌ مما يلي يعتبر مبدأ أساسيًا لبناء السلام<br />
في الإسلام؟<br />
أ) لجميع البشرية أصل مشترك. يجب<br />
الاعتراف بكرامة الإنسان واحترامها، بغض<br />
النظر عن الدين، العرق أو القبيلة.<br />
ب) ممارسة الأعمال الصالحة والسعي<br />
نحو العدالة ليست دائمً ا ضرورية.<br />
ج) التنوع بين الناس يُثري التقاليد.<br />
د) يجب على المسلمين الذين يسعون<br />
جاهدين لتحسين العالم أن يتضامنوا<br />
ويتعاونوا وينخرطوا في حوار مع الآخرين؛<br />
وفيما بينهم لتعزيز السلام.<br />
من هو الم َقه؟<br />
احتكرت دول جنوب شبه الجزيرة <strong>العربية</strong><br />
تجارة مادتين، خصوصا نحو مصر، حيث<br />
كان لهما موضع تقدير هائل من قبل<br />
المصريين. ما اسم كل مادة؟<br />
\ ٨ صعب<br />
\ ٧ صعب<br />
\ ٦ صعب<br />
\ ٥ صعب<br />
\ ٤ صعب<br />
\ ٣ صعب<br />
متوسط<br />
صعب<br />
سهل<br />
ماذا كان النشاط الأساسي لسكان مملكة<br />
معين، التي ازدهرت ما بين القرن الرابع<br />
والثاني قبل الميلاد، ؟<br />
في مطلع الستينيات كان على أي تاجرٍ يريد<br />
فتح دكان في سوق الملح دراسة واجتياز<br />
اختبار في أي مادة؟<br />
الآراء المختلفة بين أطراف النزاع هي:<br />
أ) صحية وضرورية لإلهام تقدُّ م اجتماعي<br />
وسياسي وإحرازه.<br />
ب) سبب رئيس للصراع.<br />
ج) سبب لصراع طويل الأمد.<br />
د) ليست في صالح عمليات بناء السلام.<br />
يحاول بناة السلام معالجة النزاع الحالي،<br />
ومنع نشوب نزاع جديد، والحفاظ على<br />
السلام. ولكن كيف يفعلون ذلك؟<br />
أ) يقوم صانع السلام بتقسيم النزاع إلى<br />
أجزاء صغيرة.<br />
ب) يعالج صانع السلام جذور النزاع<br />
بفعالية.<br />
ج) ينظم صانع السلام الحفلات الموسيقية.<br />
د) يمنع صانع السلام البلدية من قتل<br />
الكلاب الضالة.<br />
بناء السلام ليس بالمهمة السهلة. ما الذي<br />
يجعل بناء السلام صعبا؟<br />
أ) عندما يأتي بناة السلام من الخارج، فإنهم<br />
سرعان ما يشعرون بالحنين إلى الوطن.<br />
ب) يحتاج بناة السلام إلى معرفة الكثير عن<br />
النزاع والأسباب الجذرية للعنف، وقد<br />
يكون من الصعب فهم كل التفاصيل.<br />
ج) يتعين على بناة السلام اختيار أحد أطراف<br />
النزاع، وقد يكون القرار صعباً للغاية.<br />
د) الانخراط عاطفياً في النزاع غالبا ً ما يجعل<br />
العمل بحياد صعبا.<br />
ًا، ولا يوجد<br />
ه) بناء السلام يعتبر ً عملا شاق<br />
كثير من الناس على استعداد للقيام به.<br />
أين يمكن تعلم مفاهيم عملية بناء<br />
السلام؟<br />
أ) في المدارس.<br />
ب) يمكنك التعرف على عملية بناء السلام<br />
في الجامعات والكتب الأكاديمية فقط.<br />
ج) من خلال الممارسة، لذلك ابدأ اليوم!<br />
د) معظم المعلومات المهمة متاحة بسهولة<br />
على الصحف، التلفزيون، الإنترنت، ومن<br />
خلال التحدث مع أشخاص آخرين.<br />
ه) بناء السلام موهبة يولد بها الشخص<br />
ولا يمكن تعلمها في أي مكان.
َ<br />
\ ١ سهل<br />
\ ٢ سهل<br />
\ ٣ سهل<br />
\ ٤ سهل<br />
\ ٥ سهل<br />
\ ٦ سهل<br />
تلميح ١: فكر في الخنجر وغمده.<br />
تلميح ٢: يمكن شراء هذا الجزء من<br />
اللباس اليمني في العديد من الأسواق<br />
اليمنية. للمزيد من المعلومات، راجع<br />
الصحفة ٩.<br />
تلميح ١: فكر في عدد المرات التي واجهت<br />
فيها نزاعات.<br />
تلميح ١: في هذه المسابقة، نُعرِّف النزاع بأنه<br />
الوضع الذي تبدو فيه الأهداف المتعلقة<br />
بموضوع معين غير متوافقة مع بعضها<br />
البعض.<br />
تلميح ١: راجع الصفحة ١٢ لمعلومات<br />
إضافية حول القهوة.<br />
تلميح ١: أحد المكونات قهوة خفيفة تتم<br />
صناعتها من قشور البن.<br />
تلميح ٢: إذا أردت أخذ جولة في مقاهي<br />
اليمن، راجع الصفحات ١٢ إلى ١٥.<br />
تلميح ١: قام البرنامج بمعالجة هموم<br />
المجتمع، ومناقشة الإيجابيات والسلبيات<br />
لتصحيح المفاهيم الخاطئة لدى المجتمع؟<br />
تلميح ٢: ما هو رأي اليمنيين حول هذا<br />
البرنامج؟ راجع الصفحة ٢٧.<br />
\ ٧ سهل<br />
\ ٨ سهل<br />
\ ١ متوسط<br />
تلميح ١: أكثر من ١٠٠ ألف يمني تعرض<br />
للنزوح سنة ٢٠٢٠م، حسب المفوضية<br />
السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.<br />
تلميح ٢: قصص التعايش في ظل الصراع<br />
والنزوح على الصحفة ٣٠.<br />
تلميح ١: هل يمكن لك أنت أن تصبح<br />
صانع السلام؟<br />
تلميح ٢: أنت، تمامًا مثل الدبلوماسيين<br />
رفيعي المستوى، يمكن أن تكون صانع<br />
سلام عندما تفعل ما في وسعك للمساعدة<br />
في خلق السلام، والحفاظ عليه في<br />
مجتمعك.<br />
تلميح ١: وقف إطلاق النار مثالاً على<br />
العمل نحو السلام السلبي.<br />
تلميح ٢: يشمل السلام الإيجابي عددا من<br />
العوامل التي يمكن أن تساعد في تجنب<br />
النزاعات في المستقبل، لأن الناس يشعرون<br />
بالاحترام والترابط.<br />
\ ٢ متوسط<br />
\ ٣ متوسط<br />
\ ٤ متوسط<br />
تلميح ١: للأسف، أكثر من ٥٠ في المئة.<br />
تلميح ٢: تواجه الفتيات اليمنيات الكثير<br />
من العراقيل في ما يخص دراستهن.<br />
للمزيد من المعلومات، راجع الصحفة ٢٤.<br />
تلميح ١: يعود إلى مئات السنين.<br />
تلميح ٢: احصل على معلومات مذهلة<br />
حول كنوز اليمن الأثرية على الصفحة ١٦.<br />
تلميح ١: لهذا الرمز اللوني علاقة كذلك<br />
بألوان اليمن.<br />
تلميح ٢: من أجل تجربة في أعماق الفن<br />
اليمني، راجع الصفحة ٢٢.<br />
\ ٥ متوسط<br />
\ ٦ متوسط<br />
\ ٧ متوسط<br />
تلميح ١: بناء السلام يعتبر عملية طويلة<br />
الأمد لتشجيع الناس على الحديث<br />
وإصلاح العلاقات وإصلاح المؤسسات.<br />
تلميح ٢: يجب إشراك كل شخص متأثر<br />
بنزاع مدمر في عملية بناء السلام لكي<br />
يستمر التغيير الإيجابي.<br />
تلميح ١: يساعد الوسطاء أطراف النزاع<br />
على مناقشة قضاياهم وإيجاد حلول معاً.<br />
تلميح ٢: يقوم الوسطاء بالاستماع بعناية<br />
ً، لفهم ما تريده<br />
شديدة ودون التأُثر عاطفيا<br />
جميع الأطراف، كيف تشعر، ماذا تقصده<br />
حقًا، وما تحتاج إليه.<br />
تلميح ١: يعتبر تحويل النزاع مفهوما ً مهماً<br />
لبناء السلام.<br />
تلميح ٢: يمكن للنظام أن يكون دولة أو<br />
عائلة أو مجموعة من الناس، أنت<br />
ومجموعة أصدقائك تشكلون نظامًا، حتى<br />
أن كل الناس على وجه الأرض هم نظام<br />
واحد.<br />
\ ٨ متوسط<br />
\ ١ صعب<br />
\ ٢ صعب<br />
ُم مِّن<br />
َاك<br />
ْن<br />
َق<br />
َل<br />
َّا خ<br />
َّاسُ إ<br />
َا الن<br />
تلميح ١: يَا أَيُّه<br />
ِن<br />
ُنثى وَجَعَلْنَاكُمْ شُ عُوبًا وَقَبَائِلَ<br />
َر ٰ<br />
ٍ وَأ ذَك<br />
تلميح ١: يتم استعمال هاتين المادتين في<br />
العطور، المراهم، البخور حتى يومنا.<br />
تلميح ٢: لمعرفة المزيد حول الطرق<br />
التجارية القديمة من اليمن إلى مصر،<br />
راجع الصحفة ٤.<br />
تلميح ١: تاريخ اليمن مع التعايش يعود<br />
لآلاف السنوات. للحصول على معلومات<br />
إضافية، راجع الصفحة ٤.<br />
ْقَاكُمْ إِنَّ<br />
ْرَمَك ُمْ َ عِند اللهَِّ أَت<br />
َك<br />
ُوا إ ِنَّ أ<br />
لِتَعَارَف<br />
َب -- سورة الحجرات، آية ١٣.<br />
ِيرٌ خ<br />
اللهََّ عَلِيمٌ<br />
تلميح ٢: يشير السلام في الإسلام إلى<br />
عملية يرسي فيها البشر أسساً للتفاعل مع<br />
خلق الله في وئام.<br />
الإجابة: أ)، ج) و د).<br />
الإجابة: المقه إله كانت ممالك اليمن<br />
القديمة، مثل سبأ وفيشان، تعبده.<br />
الإجابة: اللبان والمر.<br />
الإجابة: تحويل النزاع هو عملية تغيير<br />
النظم بحيث تنتج السلام عوضاً عن<br />
العنف.<br />
الإجابة: ب) وسيط.<br />
الإجابة: ج) إلقاء اللوم على الآخرين على<br />
التسبب في النزاع.<br />
الإجابة: الأحمر يرمز للمرأة اليهودية، أما<br />
الأخضر فهو يمثل المرأة المسلمة.<br />
الإجابة: بني معبد بران، أو عرش بلقيس،<br />
في القرن العاشر قبل الميلاد.<br />
الإجابة: ٧٢,٥ في المئة من الفتيات في اليمن<br />
يتزوجن في سن مبكر، أي دون ١٨ سنة,<br />
حسب اليونيسف.<br />
الإجابة: أ) و ه) وصف للسلام السلبي.<br />
ب)، ج) ود) وصف للسلام الإيجابي.<br />
الإجابة: أ) صانع السلام هو بساطة<br />
شخص يتخذ إجراءات من أجل عالم أكثر<br />
.ً<br />
سلاماً وعدلا<br />
الإجابة: وصلت أعداد النازحين داخليًا في<br />
اليمن إلى ما يقارب ١٧٢ ألفًا سنة ٢٠٢٠م،<br />
وفقا للمفوضية السامية للأمم المتحدة<br />
لشؤون اللاجئين.<br />
الإجابة: العسوب والجنابي.<br />
الإجابة: مسعد ومسعدة.<br />
الإجابة: جذر زنجبيل، الهيل المطحون،<br />
قهوة القشر، ماء تم غليه مسبقا.<br />
الإجابة: في الثالث من مارس.<br />
الإجابة: كل الإجابات صحيحة! ليس من<br />
الضروري مناقشة النزاعات بشكل علني<br />
حتى يتم تصنيفها على أنها نزاعات. يمكن<br />
أن تكون النزاعات داخلية أيضً ا.<br />
الإجابة: صحيح. طالما أننا نعيش في مجتمع<br />
ما، فإننا سنواجه دائمً ا بشكل مستمر.<br />
اختيار التعامل مع النزاعات بطريقة بناءة<br />
وغير عنيفة، يحولها إلى فرص إيجابية<br />
ومفيدة.<br />
\ ٣ صعب<br />
\ ٤ صعب<br />
\ ٥ صعب<br />
\ ٦ صعب<br />
\ ٧ صعب<br />
\ ٨ صعب<br />
تلميح ١: تعليم السلام جزء من الحياة<br />
اليومية.<br />
تلميح ٢: يمكن تعلم مفاهيم بناء السلام<br />
مثل أي مفهوم آخر في أي مجال آخر.<br />
تلميح ١: اثنان من أصدقائك يتجادلان<br />
بمرارة ويطلبان منك تسوية النزاع. ليس<br />
لديك أي فكرة عن موضوع الجدال، ماذا<br />
تفعل؟<br />
تلميح ٢: رغم فترة التحضير الطويلة، فإن<br />
عدم امتلاك معرفة كافية بسياق النزاع<br />
وخلفيته يمكن أن يمثل تحديًا كبيراً.<br />
تلميح ١: عادة ما يعمل صانع السلام على<br />
دعم التنمية الاقتصادية والسياسية<br />
والاجتماعية.<br />
تلميح ٢: يلعب بناة السلام دورًا حيويًا في<br />
دعم التفكير السلمي، من خلال تعزيز<br />
البرامج والمشاريع التي تساهم في خلق<br />
مجتمع أكثر سلامًا.<br />
تلميح ١: فكر مجدداً في التعددية، ما هي<br />
فوائدها؟<br />
تلميح ٢: تشير الاختلافات السياسية إلى<br />
التعددية في الساحة الاجتماعية، ويمكن<br />
أن تكون التعددية السلمية فضيلة لأنها<br />
تحفز التبادل والتسوية والتسامح. يطوّر<br />
الناس أفكارهم ومشاريعهم من خلال<br />
مناقشة ما يفكرون فيه.<br />
تلميح ١: في هذه المادة، يتم تدريس<br />
الحلال والحرام في المعاملات التجارية.<br />
تلميح ٢: لمعرفة المزيد حول سوق الملح<br />
وأسواق اليمن الأخرى، راجع الصفحات<br />
ابتداء من الصفحة ٦.<br />
تلميح ١: لم تكتشف أية أنشطة عسكرية<br />
حقيقية لسكان معين.<br />
تلميح ٢: لمزيد من المعلومات حول معين،<br />
راجع الصحفة ٤.<br />
الإجابة: كانت التجارة النشاط الرئيسي<br />
لمعظم سكان مَعِ ين.<br />
الإجابة: فقه المعاملات.<br />
الإجابة: أ) صحية وضرورية لإلهام تقدم<br />
اجتماعي وسياسي وإحرازه.<br />
الإجابة: ب)يعالج صانع السلام جذور<br />
النزاع بفعالية.<br />
الإجابة: ب) و د).<br />
الإجابة: أ)، ج) و د).
عالم <strong>العربية</strong> <strong>السعيدة</strong><br />
الابتكار الاجتماعي<br />
في اليمن<br />
هذه هي أول دورة تعلم إلكتروني في اليمن حول الابتكار الاجتماعي! تركز<br />
الدورة على وضع تصوّر لمشروع في اليمن، من خلال عملية التفكير التصميمي،<br />
التي هي نهج إبداعي لحل المشكلات يبدأ بتحديد احتياجات الأشخاص وينتهي<br />
بإيجاد حلول مبتكرة. هل أنت مستعد لهذه الفرصة الفريدة؟ تساعدك هذه<br />
الدورة التدريبية الخاصة بالابتكار الاجتماعي على أن تصبح صانعاً للتغيير في<br />
مجتمعك!<br />
للالتحاق بالدورة<br />
<strong>العربية</strong><br />
<strong>السعيدة</strong><br />
على الإنترنت<br />
online.atingi.org/<br />
course/<br />
view.php?id=525<br />
مسابقة <strong>العربية</strong><br />
<strong>السعيدة</strong> حول بناء<br />
السلام<br />
عبر هذه المسابقة، يحصل المشاركون على لمحة عامة حول المفاهيم والتحديات<br />
الرئيسية التي تشكل العمل في مجال بناء السلام على الانترنت. يتعرف<br />
المشاركون كذلك على مختلف الأدوات وأنواع التدخلات المستخدمة في الميدان،<br />
عبر أمثلة من العالم الواقعي توضح الطبيعة المعقدة لبناء السلام. هل ترغب في<br />
أن تكون بطل بناء السلام في مجتمعك؟<br />
للالتحاق بالدورة<br />
انستغرام<br />
instagram.com/<br />
3arabiafelix/<br />
فيسبوك<br />
facebook.com/<br />
thesecretofarabiafelix/<br />
online.atingi.org/<br />
course/<br />
view.php?id=793<br />
الصحافة من أجل<br />
التعايش<br />
هذه الدورة مجانية ومفتوحة لكافة الصحفيين الراغبين في التعلم عبر الإنترنت<br />
كما يمكن لخريجي كليات الإعلام ومسئولي الإعلام في منظمات المجتمع المدني<br />
والناشطين عبر تطبيقات السوشيال ميديا، الاستفادة من هذه الدورة. يتعلم<br />
المتدربون في ست فصول كيفية إنجاز مواد إعلامية مراعية للنزاعات، عبر أخذ<br />
احتياجات جميع الأطراف في عين الاعتبار.<br />
للالتحاق بالدورة<br />
يوتيوب<br />
bit.ly/<br />
3DHJBZk<br />
تويتر<br />
twitter.com/<br />
3arabiafelix<br />
online.atingi.org/<br />
course/<br />
view.php?id=776<br />
ألعاب <strong>العربية</strong><br />
<strong>السعيدة</strong> الجادة<br />
ألعاب <strong>العربية</strong> <strong>السعيدة</strong> الجادة للتعلم الجاد هي سلسلة من ألعاب الهاتف<br />
النقال التي تهدف إلى نقل المحتوى التعليمي في المحيط اليمني. يتم لعب هذه<br />
الألعاب بشكل عام للترفيه، ولكن الغرض الأساسي منها هو التعلم وتغيير<br />
السلوك. كما إنها تحسن تخزين المعرفة ويمكن أن تكون وسيلة قوية لتقديم<br />
مفاهيم جديدة. تم تطوير ثمان (٨) ألعاب جادة للأندرويد، بالتعاون مع<br />
الشباب اليمني، لدعم التعايش السلمي تحت مظلة <strong>العربية</strong> <strong>السعيدة</strong>. هنا<br />
البعض منها:<br />
الموقع الإلكتروني<br />
www.arabiafelix.social<br />
الإيميل<br />
info@arabiafelix.social<br />
ملاذ من ورق<br />
طوبة<br />
جمهورية سبأ<br />
مغامرات إيدو (EDUO)<br />
سر <strong>العربية</strong> <strong>السعيدة</strong> (١)<br />
في لعبة ملاذ من ورق، حلّت لعنة روح شريرة على بلدتك<br />
فتحوّل كل شيء إلى ورق. من أجل إنقاذ بلدتك، عليك<br />
التعاون مع الجميع. في لعبة البطائق متعددة اللاعبين<br />
هذه، على اللاعبين العمل معاً كما لو كانت حياتهم تعتمد<br />
على وحدتهم. سيكون التعاون مفتاح النصر، من خلال<br />
العمل مع بعضهم البعض.<br />
تمنحك طوبة، لعبة بناء، فرصة لإعادة بناء بلدة يمنية<br />
مدمرة بمساعدة النازحين. تناشدك سعيدة وهي فتاة<br />
نازحة، لإعادة إحياء مدينة يمنية وجعلها مزدهرة من<br />
جديد. عندما تقوم ببناء المزيد من المباني وتشييدها،<br />
تتوسع المدينة بشكل أكبر ويعود الناس من مناطق<br />
مختلفة إلى منازلهم المعاد بناؤها!<br />
هناك ثلاثة (٣) مناطق تحتاج إلى خدمات وحلول، لكنها<br />
جميعاً تتطلب موارد بطريقة متساوية من أجل الاستقرار<br />
والنمو والازدهار. عليك إيجاد حل يعمل بشكل متساو<br />
ٍ<br />
بينها حتى تتمكن الجمهورية أخيراً من التمتع بالسلام<br />
مرة أخرى. ومعك حليفة لا يمكن تعويضها: ملكة سبأ<br />
موجودة لمساعدتك، ولكن فقط إذا لعبت بذكاء!<br />
المدرسة تحتاج للترميم، الطلاب مفقودين، وهناك<br />
سحلية مخادعة تحاول مع شريكها وحيد القرن دفعك<br />
نحو عالم من الأشياء الخادعة، بينما يحاول نيصان<br />
عصبيان إقناعك بالتخلي عن المدرسة بسبب الحرب!<br />
وكأن ذلك لم يكن كافياً، أكلت الخراف للتو واجبك<br />
المنزلي... التحدي في هذه اللعبة هو حل سلسلة مرحة<br />
من الألغاز سريعة الوتيرة، حتى تتمكن في نهاية المطاف<br />
من الحصول على شهادتك الدراسية، تحقيق أحلامك،<br />
والاحتفال بإنجازات طال انتظارها!<br />
بعد انفجار رهيب، بدأ ثلج أسود غريب مشؤوم بتغطية<br />
مدينتك. تجد فيه قطعة أثرية ثمينة تدفعك نحو رحلة<br />
اكتشاف. تبدأ ً أولا باستكشاف محيطك، وبعد ذلك<br />
باستخدام مهاراتك لإقناع المزيد من الناس من الحي<br />
للتخلي عن الضغائن القديمة والتعاون معك لحل<br />
ِ أُحْ جيَّة القطعة الأثرية. بالصدفة، يمكن لمفتاح مملكة سبأ<br />
الخفية أن يدلك على إجابات قيمة تساعدك في رحلتك.<br />
على جوجل بلاي Play) (Google<br />
على جوجل بلاي Play) (Google<br />
على جوجل بلاي Play) (Google<br />
على جوجل بلاي Play) (Google<br />
على جوجل بلاي Play) (Google<br />
٣٥
إلى لقاء قريب<br />
نتمنى أن تكونوا قد استمتعتم<br />
وتعلمتم من هذه النسخة الأولى من<br />
<strong>مجلة</strong> <strong>العربية</strong> <strong>السعيدة</strong>. عبر مختلف<br />
العناصر، مثل تاريخ التعايش الطويل<br />
في البلاد، أسواق اليمن كوجوه<br />
للانسجام والتآلف، أو كيف تربط<br />
القهوة، كنبتة وكمشروب، بين مختلف<br />
مظاهر الحياة اليومية، حولنا في هذا<br />
العدد الأول تقديم مفهوم التعايش<br />
كسمة مميزة للحياة في اليمن، سواء<br />
نظرنا إلى الماضي البعيد أو في الحاضر<br />
المعيش.<br />
ومع استمرار الجهود الرامية إلى<br />
بناء وقائع التعايش، يستمر عمل<br />
<strong>مجلة</strong> <strong>العربية</strong> <strong>السعيدة</strong> في هذا المنوال.<br />
إذا كنتم مهتمين بما ستأتي ال<strong>مجلة</strong> به<br />
من جديد، ندعوكم إلى متابعة قنواتنا<br />
وموقعنا على الإنترنت. سنقوم قريبًا<br />
بنشر معلومات عن العدد الثاني من<br />
ال<strong>مجلة</strong>، الذي سيكون التنوع فيه رابطً ا<br />
أساسيا لجميع العناصر. سوف نسلط<br />
الضوء على الكثير من مظاهر<br />
التعايش في اليمن، وبالتحديد، على<br />
ثقافات البلاد المتنوعة، وكيف يمكن<br />
للثقافة أن تكون ً عاملا أساسيًا في<br />
التعايش.<br />
إذًا، إلى لقاء قريب...<br />
www.arabiafelix.social