اÙÙص٠اÙثاÙØ«: Ùراءة Ù٠اÙصخÙر - Saudi Aramco
اÙÙص٠اÙثاÙØ«: Ùراءة Ù٠اÙصخÙر - Saudi Aramco
اÙÙص٠اÙثاÙØ«: Ùراءة Ù٠اÙصخÙر - Saudi Aramco
Create successful ePaper yourself
Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.
58 املجلد الأول : اإمداد العامل بالطاقة<br />
الظهران، 1936م.
59<br />
التنافس على املواقع<br />
الفصل الثالث<br />
قراءة الصخور
60 املجلد الأول : اإمداد العامل بالطاقة<br />
جيولوجي يشري اإىل صدع جيولوجي يف اململكة<br />
العربية السعودية يف العام 1939م. قد حتتجز<br />
هذه التصدعات الزيت عند انسيابه عرب<br />
تشكيالت الصخور الرسوبية.
61<br />
قراءة الصخور<br />
بعد اإمتام اتفاقية التنقيب عن الزيت يف اململكة،<br />
رشع املسوؤولون التنفيذيون يف ستاندرد اأويل اأف<br />
كاليفورنيا يف الستعداد لستكشاف مناطق<br />
المتياز الواسعة، وسارع مسوؤولو سوكال، حتى<br />
قبل اأن تبداأ املفاوضات اخلاصة بالمتياز، اإىل نرش<br />
العاملني واملواد الالزمة لأعمال التنقيب يف مواقع<br />
العمل لتاأكيد وجودهم واحلصول على موطئ<br />
قدم يف اململكة العربية السعودية.<br />
ففي عام 1932م، انضم اإىل عمليات سوكال يف البحرين روبرت بي "بريت" ميلر .P Robert<br />
"Bert"Miller الذي توىل فيما بعد مسوؤولية االأعمال اجليولوجية امليدانية يف اململكة. وحسبما جاء يف مذكرة<br />
عن التاريخ الداخلي لسنوات سوكال املبكرة يف اململكة العربية السعودية فاإن:"الهدف االأساس من اإرسال<br />
روبرت اإىل اململكة، هو ضمان وجوده يف حالة احلصول على عقد تنقيب عن النفط من حكومة اململكة العربية<br />
السعودية، باالإضافة اإىل قيامه مبهام حمددة يف البحرين".<br />
ملَ العجلة اإذن؟ اأوالً، الأن اتفاقية االمتياز اشرتطت على سوكال الشروع يف العمل يف اململكة بحلول نهاية<br />
سبتمرب من عام 1933م. ثانياً، الأن الشركة اأرادت اأن تتجنب تبديد ثرواتها واأموالها يف وقت كانت فيه باأمس<br />
احلاجة للحفاظ على تلك الرثوات واالأموال. فقد قدمت الشركة حلكومة اململكة دفعة مبدئية قدرها 30,000<br />
جنيه اإسرتليني، وهناك دفعة ثانية قدرها 20,000 جنيه اإسرتليني تستحق بعد 18 شهراً من التوقيع على<br />
اتفاقية االمتياز، لذلك كانت سوكال تسعى اإىل جمع اأكرب قدر ممكن من املعلومات عن منطقة االمتياز خالل<br />
تلك الفرتة.<br />
يف اأسواأ االحتماالت كان باإمكان سوكال، اأن تقرر من خالل اأعمال التنقيب املبدئية عدم وجود دالئل<br />
واعدة على وجود الزيت يف االأحساء، فرتى اأن من االأجدى لها من الناحية املالية اأن تنهي اأعمالها قبل اأن<br />
يحني موعد تسديد الدفعة الثانية. ولكن ما اأقل القرارات السهلة يف عامل التنقيب عن الزيت الذي يتصارع<br />
فيه التفاوؤل مع التشاوؤم! صحيح اأن الشركة ستوفر مبلغ 20,000 جنيه اإسرتليني، لكنها ستضطر يف الوقت<br />
نفسه اإىل التنازل عن حقوقها باالستمرار يف التنقيب والتطوير يف منطقة االمتياز.<br />
يف صبيحة يوم 23 سبتمرب 1933م وصل اإىل ميناء اجلبيل يف اململكة العربية السعودية، اأول اثنني من<br />
جيولوجيي سوكال، وهما ميلر وشويلر ب. " كروج" هرني Schuyler B."Krug" Henry قادمنيَ من البحرين<br />
يرافقهما كارل تويتشل، مهندس التعدين الذي ساعد سوكال يف التفاوض على اتفاقية االمتياز، والذي وظفته<br />
الشركة للمساعدة يف اإعداد اجليولوجيني. واستقلت املجموعة سيارتني كان تويتشل قد استاأجرهما يف جدة،<br />
ثم توجهت القافلة اإىل اخلليج عرب الصحراء. لكن السيارات غاصت يف الرمال يف يومها االأول يف اململكة،<br />
مما اضطر اأفراد املجموعة اإىل ركوب اجلمال وسط ذهول السكان الذين اأقبلوا ملشاهدتهم . فبالنسبة اإىل<br />
مشروع يُعد يف حد ذاته حتدياً استثنائياً حتى يف الظروف املثالية، فاإن تلك البداية مل تكن تبشر باخلري.
62 املجلد الأول : اإمداد العامل بالطاقة<br />
اجليولوجيان االأمريكيان روبرت بي. "بريت"<br />
ميلر وشويلر ب. "كروغ" هرني ينتقالن من<br />
قارب الدهو على احلمري لقطع اآخر جزء من<br />
رحلتهم اإىل دارين الواقعة يف جزيرة تاروت وذلك<br />
بعد ثالثة اأيام من وصولهما للمملكة العربية<br />
السعودية يف 23 سبتمرب 1933م. وقد انطلقا من<br />
هناك باجتاه واحة نخيل القطيف القريبة كجزء<br />
من جهودهما ملسح املواقع املحتملة لالأعمال.<br />
بعد ذلك زار اجليولوجيون الهفوف والقطيف، وهي واحة على الساحل جنوب اجلبيل. وقرر الثالثة اإقامة<br />
مكتب يف الهفوف عمالً بنصيحة احلكومة السعودية، مع متركز فرق التنقيب يف جممع سكني مساحته 10,000<br />
مرت مربع تقريباً يف اجلبيل قدمته عائلة القصيبي الرثية املعروفة يف عامل التجارة واملقربة من امللك عبد العزيز.<br />
كانت اجلبيل خالية من قنوات الري التي توؤمن مياه الري لبساتني النخيل لكنها يف الوقت نفسه تُعد بيئة مثالية<br />
لتكاثر البعوض الناقل ملرض املالريا.<br />
ويف 28 سبتمرب 1933م، اأجرى هرني وميلر فحصاً سريعاً للقبة اجليولوجية التي شاهدها فريد ديفيس من<br />
البحرين عام 1930م، ووضعا عالمات عليها بهدف اإجراء املزيد من الدراسات. وشرع هرني يساعده "سوك" هوفر<br />
.J، .R "Soak" Hoover وهو جيولوجي اأيضاً، يف تنفيذ اأعمال مسح مفصلة على القبة اإثر وصوله يف 22 اأكتوبر، واأطلقا<br />
عليها اسم "قبة الدمام"، وهو اسم قرية صغرية لصيد االأسماك تقع شمال التشكيل، كما وضعا اأيضاً عالمات متوسط<br />
حركة املد وقياسها على مسافة بضعة كيلومرتات جنوب الدمام الستعمالها ارتفاعاً اأساساً يف خرائط املنطقة. وكما<br />
اتضح الحقاً، فاإن قبة الدمام كانت املنطقة االأوىل التي يكتشف فيها الزيت واإن مل يكن بكميات جتارية يف اأول االأمر.<br />
لكن التقدم الذي حتقق يف البداية يف اأعمال املسح اجليولوجي وعمليات احلفر ما لبث اأن انحسر اأمام التعرث<br />
والبطء يف سري العمل. وبدا اأن قبة الدمام حالة استثنائية. كما عرث على تشكيالت اأخرى قليلة كان من السهل تعرفها<br />
يف منطقة االمتياز. وعلى الرغم من ساآلة كميات الزيت التي عرث عليها يف قبة الدمام يف البداية اإال اأن اأعمال احلفر<br />
االإضافية كانت خميبة لالآمال يف سنوات متيزت بالتوتر الشديد. يف تلك االأثناء طراأ حتسن طفيف على العالقات بني<br />
العاملني يف اأعمال التنقيب االأمريكيني، واحلكومة السعودية، والعمال السعوديني، ومت جتاوز العديد من النكسات.
63<br />
قراءة الصخور<br />
كانت الرمال العميقة كثرياً ما تسبب تعطل السيارات االأوىل، وبخاصة الشاحنات الثقيلة املجهزة<br />
باالإطارات العادية. فعندما وصل توماس كوخ Thomas Koch و اآرت براون Art Brown وهما جيولوجيان<br />
يعمالن يف سوكال واأربعة من السعوديني من البحرين يف 10 نوفمرب 1933م الإجراء جتربة عرب الصحراء<br />
الرملية بني العقري والهفوف، سرعان ما غاصت الشاحنات يف الرمال حتى حماورها مما اضطر اجليولوجيني<br />
اإىل تركها يف العقري. وبعد تقييم الوضع بسرعة، جلاأ اجليولوجيون اإىل عادة قدمية عمرها اآالف السنني وهي<br />
استخدام اجلِ مَ الْ يف حمل االأثقال عرب الصحراء. وقد ساعدتهم عائلة القصيبي التي متلك املجمع السكني<br />
على استئجار اجلمال.<br />
ولدة كاسوك: يف اأوائل نوفمرب 1933م واجليولوجيون منهمكون يف عملهم يف الصحراء، صوّت مديرو<br />
سوكال لصالح اإنشاء شركة تضم جميع اأعمال الشركة يف اململكة العربية السعودية. والأسباب سياسية قرر<br />
املديرون اأن من االأفضل لهم فرز العمليات يف اململكة العربية السعودية عن تلك اجلارية يف البحرين. وبعد<br />
التفكري يف عدة اأسماء للوحدة اجلديدة، وقع االختيار على اقرتاح ملباردي الذي يعربنِّ عن هوية الشركة االأم<br />
والقاعدة اجلديدة للعمليات، واأطلق على الشركة اجلديدة اسم كاليفورنيا اأرابيان ستاندرد اأويل كومباين<br />
،California Arabian Standard Oil Company التي عرفت اختصاراً باسم "كاسوك ."Casoc ومت تاأسيس<br />
الشركة اجلديدة يف والية ديالوير يف 8 نوفمرب 1933م، وتنازلت سوكال على الفور عن حقوقها مبوجب<br />
يف تعبري عن االحرتام للتقاليد املحلية من<br />
خالل لبس الزي السعودي التقليدي، موظفو<br />
شركة كاسوك اأمام مقر الشركة يف اجلبيل يف<br />
النصف الثاين من العام 1934م. من اليسار<br />
اإىل اليمني، توماس و. كوخ وج. و."سوك"<br />
هوفر ورتشارد سي. "ديك" كري وروبرت بي.<br />
"بريت" ميلر وهيو ل. بريشفيل وشويلر ب.<br />
"كروج" هرني وفليكس و. دريفوس وتشارلز<br />
روشفيل واألن سي. وايت واأرت ب. براون.<br />
التقط هذه الصورة اجليولوجي ماكس<br />
ستاينكي.
64 املجلد الأول : اإمداد العامل بالطاقة<br />
يف 7 ديسمرب 1933م وصل هرني وهوفر من قبة الدمام اإىل املقر اجلديد يف اجلبيل بعد اأن اأمضيا<br />
يف احلقل مدة شهر تقريباً. ووصف هوفر االنتقال اإىل اجلبيل يف مذكراته اليومية بتاريخ 10 ديسمرب،<br />
فصوّر املعسكر على اأنه قمة الرفاهية مقارنة بحياة املخيم فقال: "البيت واسع ورحب، فمساحته تغطي<br />
مساحة املباين بني شارعني يف املدينة.، كان لكل غرفة حمامها البدائي وشرفة على السطح فيها<br />
مرافق ضخمة للخدم... وما شابه". وهناك انضم اإىل الرجال هيو بريتشفيل ،Hugh Burchfiel وهو<br />
اجليولوجي السادس الذي يصل اإىل اململكة العربية السعودية يف املوسم االأول ذاك . ويف تلك االأثناء<br />
كان األن وايت ،Allen White وهو املهندس الذي اأجرى اأول مسح ملنطقة امتياز البحرين واأكرث اأفراد<br />
املجموعة دراية بالثقافة العربية ، قد وصل من البحرين مع مرتجم من بيشاور اسمه عجب خان،<br />
وطباخ، وثالث سيارات نقل.<br />
"سوك" هوفر وشويلر ب. "كروج" هرني<br />
واأعضاء اآخرون من فريقهما امليداين يقفون<br />
اللتقاط صورة لهم خارج خميمهم املسور<br />
يف اجلبيل يف خريف عام 1934م. كان هوفر<br />
وهرني يف طريقهما الإجراء مسح جيولوجي<br />
مفصّ ل لقبة الدمام.<br />
ويف 23 ديسمرب، اأبحر ميلر اإىل البحرين ملقابلة د. جورجن "دوك" نومالند، كبري اجليولوجيني يف سوكال، الذي جاء<br />
ملراجعة سري اأعمال اجليولوجيني، ثم عاد اإىل اجلبيل يف 2 يناير 1934م بصحبة نومالند وامليكانيكي فيلكس دريفوس<br />
Felix Dreyfus الذي عهد اإليه بتاأسيس ورشة يف اجلبيل الإصالح املعدات امليكانيكية وتدريب السعوديني ليكونوا مساعدين<br />
له. كان دريفوس موضع ترحاب لدى فريق العمل الذي كان يقوم باإصالحات موؤقتة لالآالت واملعدات حرصاً على الوقت<br />
الثمني ريثما تصل قطع الغيار املهمة.<br />
مكث نومالند مع فريق عمل كاسوك يف منطقة االأحساء ملدة شهر تقريباً قبل اأن يواصل طريقه اإىل جدة ملقابلة<br />
وليام ليناهان ،William Lenahan ضابط اتصاالت الشركة مع احلكومة السعودية، ملعرفة ما اإذا كان يتعني على سوكال<br />
التنافس مع شركة نفط العراق على امتياز اآخر يف غرب اململكة.
قراءة الصخور 65<br />
قبل االنتهاء من إنشاء أول مرفأ يف<br />
اخلرب يف ربيع العام 1935م، كانت معظم<br />
موؤن كاسوك تستورد إىل اململكة العربية<br />
السعودية عرب ميناء العقري القدمي بالقرب<br />
من الهفوف. وكانت اجلمال أو الشاحنات<br />
تتوىل نقل الشحنات مسافة 80 كيلومرتاً<br />
باجتاه الشمال الغربي، نحو الظهران.
املجلد الأول : اإمداد العامل بالطاقة<br />
66<br />
واستعمل ميلر عداد سرعة السيارة وبوصلة برنتون لرسم النتائج واالجتاهات من اأجل اإعداد خرائط<br />
االستطالع اجليولوجية. كما اأعد لوحة رسم كبرية الستخدامها يف السيارات حيث توضع اأوراق الرسم على<br />
اأسطوانات تسمح باستمرار عملية رسم اخلرائط. ويتضح من مراجعة داخلية اأجرتها الشركة لنشاطاتها امليدانية<br />
يف السنوات االأوىل التفاقية االمتياز اأن "العديد من لوحات الرسم كانت تعدّ يف البحرين، وكان استعمالها خالل<br />
السنتني االأوليني يف اململكة دقيقاً بصورة ملحوظة".<br />
ووصف هوفر االأنشطة الروتينية للجيولوجيني خالل املوسم االأول، حني رجع بذاكرته بعد ذلك بسنوات اإىل<br />
الرحلة االأوىل التي قام بها هو وهرني بعد انتقالهما من قبة الدمام يف نوفمرب فقال:<br />
بداأت اأنا وكروج العمل على الساحل الشرقي، ووضعنا رسومات تقريبية حتى مدينة صغرية تدعى<br />
احلناة، مستخدمني بوصلة برنتون لتوجيهنا وعداد السرعة لقياس املسافة التي قطعناها. وكان لدينا<br />
جهازا كرونومرت اأضبطهما كل ليلة عند الغروب ملعرفة الوقت يف لندن، الأننا عندما بداأنا رسم النجوم<br />
وحتديد خطوط الطول والعرض كنا نتحرى الدقة لتربير اإنفاق تلك االأموال. واأخذنا ما سميناه متوسط<br />
مستوى سطح البحر ثم انطلقنا حتى مدينة احلناة )التي تبعد 85 كيلومرتاً اإىل الغرب من اجلبيل(<br />
واأسسنا فيها مستودعاً للمعدات.<br />
عمال يف اجلبيل يحملون البضائع عرب املياه<br />
الضحلة من قوارب الدهو إىل الشاطئ، العام<br />
1934م تقريباً.<br />
أسس أول خميم للتنقيب وسط جبال قبة<br />
الدمام يف أواخر شهر أكتوبر من العام 1933م.<br />
وأطلق اجليولوجيون على هذا املوقع الظهران<br />
على اسم اجلبال القريبة منه. وبحلول شهر<br />
يونيو من العام 1934م، وهو العام الذي<br />
التقطت فيه هذه الصورة، مت إجناز الوصف<br />
التفصيلي لقبة الدمام.
قراءة الصخور 67<br />
الفرق امليدانية<br />
خالل السنوات االأوىل القليلة الأعمال التنقيب كانت الفرق امليدانية التابعة لسوكال تتاألف تقريباً, وهي<br />
بكامل جتهيزها مما يلي :<br />
املوظفون:<br />
ضم الفريق املتجه إىل الربع اخلايل<br />
يف يناير 1938م، من اليسار إىل<br />
اليمني، جريي هاريس، جيولوجي،<br />
وشوبي وإبراهيم، سائقان، وحممد<br />
ابن عبد اللطيف، خادم، والطباخ<br />
صالح، وجندي غري معروف،<br />
والدليل خميس بن رمثان، وحممد<br />
ابن سلمان، جندي، وتوم بريقر،<br />
جيولوجي.<br />
جيولوجي 2<br />
مرتجم 1<br />
طباخ 1<br />
مساعد طباخ 1<br />
خادم منزيل 1<br />
ميكانيكي 1<br />
مساعد ميكانيكي 1<br />
سائق 1<br />
جندي 15-30<br />
جمّ الة 3<br />
الطعام:<br />
نخالة<br />
صلصة التوت الربي<br />
حبوب الشوفان<br />
دقيق الكيك<br />
عنب – جوز<br />
توابل : قرفة، قرنفل، كاري،<br />
بابريكا، فلفل<br />
فواكه جمففة: مشمش،<br />
خوخ، تفاح، أجاص<br />
خوخ مُ علَّب<br />
زبيب<br />
هليون<br />
شرائح الشمندر<br />
جزر<br />
حساء احللزون<br />
ذرة معلبة، خضراوات خملوطة<br />
زيتون مُ علَّب<br />
حمار مُ علَّب<br />
بطاطا حلوة، خضراوات مشكلة<br />
ساكوتاش<br />
سبانخ<br />
املعدات:<br />
سيارة نقل ركاب فورد مبحرك 1<br />
8 أسطوانات<br />
سيارة نقل نصفية فورد 1<br />
مبحرك 8 أسطوانات<br />
شاحنة إكسربيس 2 3/4 طن 1<br />
8 أسطوانات )حيث أمكن<br />
استخدام الشاحنات(<br />
جِ مال حلمل 12 400<br />
رطل من العفش لكل جمل<br />
خيام حملية × 10 20 قدماً 3<br />
مع حصرية للأرضيات<br />
خيمة حرير × 16 8 أقدام 1<br />
طاولتان وكرسيان قابلن 2<br />
للطي وسريران للنوم<br />
جهاز راديو يعمل على 1<br />
املوجات القصرية<br />
كرونومرت )أداة لقياس الوقت( 1<br />
جهاز ترانزيت)آلة الأعمال املساحة( 1<br />
لوحة رسم الستخدامها يف السيارة 1<br />
بوصلتا بروننت 2<br />
معدات لرسم اخلرائط<br />
أوعية مياه سعة 6 جالونات 8<br />
قرب ماء سعة 10-6 جالونات 6<br />
أكياس مياه 3<br />
معدات متفرقة:<br />
جتهيزات غذائية للجميع<br />
)ما عدا اجلنود )<br />
أدوات للطبخ<br />
مواقد تعمل بالكازولني<br />
ومصابيح<br />
كازولني وبنزين للسيارات<br />
)يتم نقلها أوالً إىل املخيم<br />
بواسطةجِ مال إضافية(<br />
أدوات للرسم<br />
أدوات وقطع غيار لتصليح<br />
السيارات
املجلد الأول : اإمداد العامل بالطاقة<br />
68<br />
ومع اأن املقر يف اجلبيل كان مريحاً نسبياً، اإال اأن احلياة يف احلقل كانت قاسية اأحياناً، فقد<br />
كانت الرمال تتغلغل يف كل شيء بصرف النظر عن االحتياطات املتخذة، فدرجة احلرارة يف اأوائل<br />
الربيع واأواخر اخلريف كانت تزيد على 37 درجة مئوية، اأما يف الصيف فيمكن اأن ترتفع اإىل 50<br />
درجة مئوية. كان القيظ الالهب من املنغصات الدائمة، التي جعلت العمل يف منتصف النهار يف<br />
الصيف مستحيالً وخطراً على الصحة بدون تناول كمية وافرة من املاء. اأما يف فصل الشتاء فكانت<br />
الرياح الباردة تصفر وهي تهب بني اخليام وتصل حتى البطانيات الصوفية التي تلف اأسرّ ة النوم<br />
العسكرية، هذا اإىل جانب استمرار تطاير الرمال بالطبع. ويف فرباير 1934م تعرض هوفر وهرني<br />
اإىل وابل من الربَ َد يف الصحراء مع اأن درجة احلرارة ارتفعت اإىل 18 درجة يف ظهرية اليوم التايل.<br />
منظر من اجلو: بالرغم من اأن خرائط اجليولوجيني كانت تغطي مساحة ال باأس بها من االأرض لكن<br />
اأعمال املسح الشاملة، وكما تبني للجميع، حتتاج اإىل وقت طويل بالنظر لضخامة منطقة االمتياز. وكان<br />
حمامي سوكال، لويد هاملتون، قد اقرتح اتفاقية تضم شرطاً وافقت عليه احلكومة السعودية يسمح لسوكال<br />
باستعمال الطائرات للتنقيب عن الزيت يف اململكة العربية السعودية يف خريف عام 1933م، حني اأخذت<br />
الفرق اجليولوجية تستقر يف اململكة العربية السعودية، كانت املحادثات قد بداأت يف سان فرانسيسكو الإرسال<br />
طائرة تقوم باأعمال املسح من اجلو، وهو االأسلوب الذي كانت سوكال تستخدمه بنجاح يف كاليفورنيا.<br />
خُ زنت املوؤن موؤقتاً يف خمازن حول منطقة<br />
االمتياز يف منتصف الثلثينيات من<br />
القرن املاضي حتى يتسنى للجيولوجيني<br />
االستمرار بالتنقيب دون الرجوع إىل اجلبيل<br />
أو الظهران للتزود باملوؤن.<br />
هل تتذكر عمّ ي؟<br />
كان تواصل اجليولوجيني مع السكان املحليني خالل سنتهم االأوىل يف احلقل حمدوداً للغاية. ويف<br />
جميع احلاالت تقريباً كان الفضول يعرتي البدو والقرويني حول معدات هوؤالء الغرباء وخاصة السيارات<br />
والشاحنات، وكثرياً ما كانوا يتساءلون عما تاأكله وتشربه هذه املخلوقات. وحافظ اجليولوجيون على<br />
عالقتهم الودية واحرتامهم للعادات املحلية، واستمتعوا على وجه اخلصوص بالتفاعل مع االأطفال<br />
املندهشني الذين كانوا يسرتقون النظر عرب فتحات كل اخليام اأو اجلدران الطينية. وبعد سنوات عدة كتب<br />
سوك هوفر ذكرياته حول اإحدى هذه املقابالت قائالً:<br />
استاأجرنا رجالً حلراسة خمزوننا من املعدات يف احلناة، ومن ضمنها البنزين واالأطعمة<br />
وجميع مستلزماتنا واأغراضنا. وكنا نرسل اجلمّ الني جللب ما يلزمنا منها، اأو نذهب باأنفسنا<br />
اإىل ذلك املخزن بني حني واآخر، حيث كنا جند احلارس مع ابنه الصغري، اأو هكذا ظننت<br />
لكن اتضح يل فيما بعد اأنه ابن اأخيه. وكثرياً ما كان الطفل يساألني عما نفعل وغري ذلك من<br />
االأسئلة، واأنا اأحتدث اإليه واأالعبه.<br />
يف يوم من اأيام اأكتوبر 1965م، واأنا جالس يف مكتبي يف شركة شيفرون جيوفيزيكال<br />
Geophysical )اأسس هوفر وتراأس هذا الفرع من الشركة ومقره يف هيوسنت، تكساس(<br />
منهمك يف العمل رن الهاتف، وكانت املكاملة من سان فرانسيسكو، مقرنا الرئيس، فاعتقدت اأن<br />
اأحد روؤسائي يريد اأن يوبخني. وبداأ رجل يف التحدث اإيل باللغة العربية، وتاأكدت من اأنه عربي<br />
بالفعل. وساألني الرجل: "هل تتذكر خمزن اللوازم يف احلناة؟"، واأجبت باالإيجاب، فقال: "هل<br />
تتذكر عمي؟" اأنا الولد الصغري الذي كنت تاأتي وتتحدث وتلعب معه. هل تتذكر اأنك طلبت من<br />
عمي اأن يرسلني اإىل املدرسة للتعلم؟ لقد اأرسلني اإىل املدرسة، وحصلت على تعليم جيد، وها<br />
اأنا قد عدت االآن، الأعمل لدى الشركة يف الظهران يف اإدارة املحاسبة.” كان ذلك الولد اأحمد<br />
عبد اهلل القرشي.<br />
وتعاقد ج.كالرك جيسرت مع ديك كري ،Dick Kerr الذي يحمل درجة عليا يف اجليولوجيا من جامعة<br />
كاليفورنيا يف بريكلي، ويقوم باأعمال املسح اجلوي لسوكال يف كاليفورنيا الأداء الوظيفة نفسها يف اململكة العربية<br />
السعودية. واقرتح كري وزميله، والرت اإجنليش ،Walter English على الشركة استخدام طائرة صغرية قادرة<br />
على املناورة بصورة اأفضل حول الكثبان الرملية التي افرتضا اأنها تغطي اململكة كلها. وطلبت سوكال من مصنع<br />
كريدر-ريسونر Kreider-Reisoner يف هاجرزتاون بوالية مرييالند صنع طائرة فريتشايلد Fairchild 71 حسب
قراءة الصخور 69<br />
طلبها وتكون جمهَّ زة بفتحة سفلية وبنوافذ ميكن نزعها اللتقاط الصور، وبخزان وقود ضخم ميكّ نها من تغطية<br />
دائرة نصف قطرها 560 كيلومرتاً وباإطارات ضخمة لتسهيل االإقالع والهبوط على الرمال.<br />
اأما الوقود واللوازم االأخرى فشحنت اإىل البحرين مباشرة على الناقلة "اإل سيغوندو "El Segundo التي<br />
متلكها سوكال، كما نقلت الطائرة على ظهر السفينة "س. س. اإكسوكوردا .S" .S Exochorda من نيويورك<br />
اإىل االإسكندرية يف مصر. وبعد اأسابيع من االإجراءات البريوقراطية يف مصر اأقلع كري ومساعده تشاريل<br />
روتشفيل Charley Rocheville من االإسكندرية اإىل القاهرة ومنها اإىل غزة بفلسطني ثم اإىل بغداد قبل<br />
حتليقها فوق وادي نهر دجلة وهي يف طريقها اإىل البصرة، واأخرياً حطت الطائرة يف اجلبيل يف 8 مارس<br />
1934م حيث كانت مشكلة صغرية يف انتظارها اإذ مل يكن لدى الطياريَن رخصة بالهبوط.<br />
حاولت احلكومة السعودية اإبقاء الطائرة يف البصرة، لكن الطائرة كانت قد اأقلعت بالفعل قبل وصول<br />
الربقية اإىل السلطات يف املدينة جنوبي العراق. كانت تلك مساألة حساسة يف ذلك الوقت بالذات بسبب<br />
احلرب التي نشبت بني اململكة العربية السعودية واليمن اإثر النزاع على احلدود وقلق املسوؤولني السعوديني<br />
من اإمكان استعمال الطائرات الأغراض عسكرية.<br />
انتظر مسوؤولو احلكومة يف املنطقة هبوط الطائرة يف اجلبيل واحتجزوها على الفور واعتقلوا<br />
الطيارين. واأعقب ذلك اعتذارات كبرية من كاسوك على السهو الذي حصل يف جدول طريان الطائرة،<br />
وذكّ رت الشركة احلكومة السعودية اأن اأحكام اتفاقية االمتياز تبيح لها استعمال الطائرات. ويف النهاية<br />
اأعيدت الطائرة اإىل الطيارين، ومت جتهيزها للقيام بعمليات االستطالع اجلوي.<br />
وضعت الطائرة يف اخلدمة يف 30 مارس 1934م. وخالل املوسم االأول رافق ميلر الطيارين كير<br />
و روتشفيل يف جميع الطلعات، اأما بريشفيل فشارك يف معظمها. كان الهدف من هذه الرحالت تقسيم اأراضي<br />
اململكة اإىل مساحات عرض كل منها عشرة كيلومرتات، وقد سجل اجليولوجيون اخلصائص اجليولوجية<br />
واالأرضية بعرض خمسة كيلومرتات على كل جانب من جانبي الطائرة يف اأثناء الرحلة، وحددوا مواقع املياه،<br />
ودروب اجلمال، واملستوطنات باالإضافة اإىل التضاريس. وبعد كل رحلة كانوا يرسمون خريطة عرضية تبني<br />
مسار الطائرة، ويدوّنون العالمات املهمة، ثم يصورونها فيما بعد الإدراجها يف خرائط مركبة.<br />
طائرة فريتشاليد 71 حممَّ لة على صندل<br />
بعد ثني جناحيها وتثبيتها متهيداً لشحنها<br />
إىل اململكة العربية السعودية يف مطلع العام<br />
1934م يف موقع يعرف اليوم مبطار الجارديا<br />
يف نيويورك.
املجلد الأول : اإمداد العامل بالطاقة<br />
70<br />
شاحنة تابعة لشركة كاسوك تقطر طائرة<br />
فريتشاليد 71 متهيداً الإقلعها على مدرج<br />
موؤقت بالقرب من اجلبيل يف العام 1934م.<br />
وقد مكنت هذه الطائرة شركة كاسوك من<br />
تخطيط منطقة االمتياز الشاسعة بسرعة<br />
أكرب، ومتوين خميمات التنقيب النائية التي<br />
كان اجليولوجيون ميكثون فيها غالباً عدة<br />
أشهر يف كل مرة.<br />
يف موسم واحد متكن طاقم الطائرة من اإجناز ما كان يحتاج اإىل سنوات الإجنازه على االأرض. وتذكر<br />
سجالت الشركة اأنه "بحلول يونيو 1934م، كان قد مت تصوير ورسم خرائط ملساحات شاسعة شملت القطاع<br />
الساحلي كله من راأس السفانية اإىل ما قبل سلوى. كما حلقت الطائرة بطلعات استكشافية بني يربين يف<br />
الشمال والصفا يف الغرب، ومت ربط املنطقة كاملة بني هاتني النقطتني املتباعدتني. وتوىل ميلر حتديد<br />
مهمات الفرق اجليولوجية امليدانية طوال السنة التالية على اأساس النتائج التي حصل عليها من الطلعات<br />
اجلوية التي نفذت خالل اأبريل ومايو. ويذكر اأن طاقم الطائرة كان قد رصد يف ربيع عام 1934م جميع<br />
مناطق االإنتاج التي اكتشفتها الشركة خالل السنوات العشر االأوىل من وجودها".<br />
لكن هذه اجلهود كلها مل تعزز تفاوؤل فريق التصوير اجلوي بساأن احتماالت العثور على النفط يف اململكة<br />
العربية السعودية خارج قبة الدمام. ويقول هوفر يف مذكراته اليومية بتاريخ 21 اأبريل 1934م، وكان اآنذاك<br />
يف احلقل: "اأقلع ديك كري و تشاز روتشفيل بالطائرة اإىل اجلبيل، وسيعودون بشحنة من البنزين غداً،<br />
لتنطلق الطائرة من هذا املعسكر يف االأيام القادمة. اأما هيو )بريشفيل( فهو اأكرث الناس تشاوؤماً فيما يتعلق<br />
بتشكيالت الصخور يف اململكة، فبعد التحليق فوق معظم منطقة االمتياز مل يعرثوا على اأي شيء ذي اأهمية<br />
باستثناء الدمام".<br />
بحلول منتصف مايو 1934م عاد هرني و ميلر اإىل عملهما يف قبة الدمام وقد اقرتب فصل الربيع من<br />
نهايته واآذن بحلول الصيف وحرّ ه الالهب. وكان البدو قد اقتلعوا العالمات اخلشبية االأصلية التي وضعها<br />
اجليولوجيون على القبة الستخدامها فيما يبدو حطباً للنار. لذلك جلاأ هرني و ميلر اإىل استخدام عالمات<br />
من املعدن عليها رايات الستئناف عملية رسم اخلرائط باستخدام اللوحة املستوية، وربطا االرتفاعات<br />
املحيطة بالتشكيل الصخري، ورسما خرائط الأنواع االأحفوريات التي تقابل احلقب اجليولوجية الرئيسة<br />
والتي تشري اإىل اأن القبة تعكس تشكيالت جوفية مناسبة الحتواء النفط.
قراءة الصخور 71<br />
واأعطى استمرار دليل االأحفوريات جيولوجيي كاسوك الثقة التي كانوا بحاجة اإليها باأن تشكيل قبة<br />
الدمام رمبا يعكس طبقة مماثلة يف تكوينات الصخور الرسوبية القادرة على احتجاز الزيت والغاز على عمق<br />
اآالف االأقدام حتت االأرض. واأضاف هوفر "حددنا موقع البئر هناك بالقرب من جبل اأم الروس حيث توجد<br />
ثالث اأو اأربع قمم تعوَّد البدو على الذهاب اإليها ملعرفة ما يجري. وقد ساعدين دليلنا خميس يف بناء رجم<br />
)كومة من الصخور( لالإشارة اإىل املوقع املقرتح للبئر رقم 1" )لعب الدليل خميس بن رمثان، الذي يعرف<br />
لدى موظفي كاسوك باسم خَ مِ يس اأو خُ مَ يِّس، دوراً مهماً يف حياة اجليولوجيني مع تقدم سري عملهم يف<br />
اململكة العربية السعودية(.<br />
يف مايو، توقف نومالند يف اجلبيل للمرة الثانية وهو يف طريق عودته من احلجاز حيث قام مبعاينة<br />
منطقة االمتياز التي منحت فيما بعد لشركة نفط العراق، وناقش مع ميلر فكرة نقل معظم اأفراد الفريق اإىل<br />
مقر صيفي ينعم بطقس لطيف، يساعدهم على تفادي ضربات الشمس وميكنهم اأيضاً من العمل معاً على<br />
اإعداد تقاريرهم عن العمل يف املوسم االأول قبل اإرسالها اإىل سان فرانسيسكو. ومت االتفاق على اأن يسافر<br />
ميللر قبل الفريق اإىل بريوت يف لبنان ليبحث هناك عن مكان مناسب يف التالل املطلة على املدينة، ومن ثم<br />
يواصل طريقه اإىل لندن لالجتماع مبسوؤويل الشركة ومورديها. وبحلول منتصف يوليو 1934م انتقل الفريق<br />
اإىل ضهور الشوير القريبة من بريوت، وتخلف عن الفريق فليكس دريفوس و األن وايت اللذان كانا يعمالن<br />
يف مكتب اجلبيل ويتناوبان يف االإجازات على اأن يظل موظف واحد على االأقل من موظفي كاسوك يف املوقع<br />
خالل فصل الصيف.<br />
وحني التاأم شمل اجليولوجيني يف اململكة العربية السعودية يف سبتمرب مع بداية موسم اخلريف، انضم<br />
اإىل فريق العمل اأول الوجوه اجلديدة واأهمها وهو ماكس ستاينكي ، Max Steineke كبري جيولوجيي سوكال.
املجلد الأول : اإمداد العامل بالطاقة<br />
72<br />
كان ستاينكي من خريجي جامعة ستانفورد يف عام 1921م، وقد اأمضى السنوات الثالث عشرة السابقة وهو<br />
يعمل يف عدد من املواقع النائية التابعة للشركة قبل اأن يطلب نقله اإىل االأعمال اجلديدة يف اململكة العربية<br />
السعودية. وانضم ستاينكي اإىل اجليولوجيني االآخرين يف البحرين استعداداً لالنتقال بالعبّارة اإىل اجلبيل،<br />
وقد اأسندت اإليه قيادة الفريق الثالث اجلديد للجيولوجيني امليدانيني.<br />
وسرعان ما اأقر زمالء ستاينكي بحدة ذكائه وفهمه العميق للصورة اجليولوجية الكبرية التي كانوا<br />
بحاجة اإليها للتنقيب يف منطقة االمتياز الشاسعة. كان ستاينكي بطبعه رجالً يعشق العمل امليداين خارج<br />
املكاتب، ويتقن الرماية مما اأكسبه احرتام اجلنود البدو واالأدالَّء الذين رافقوا الفرق اجليولوجية يف احلقل،<br />
هذا باالإضافة اإىل كونه رجالً خشناً يتحمل الصعاب، وليس ممن يهتمون بالتفاصيل اأو االأساليب املتحضرة.<br />
وتابع ستاينكي بعناد عالمة جيولوجية طاملا غابت عن كثري من اجليولوجيني االآخرين. ويذكر فيليب<br />
مكونيل Phillip McConnell الذي انضم اإىل فرق االإنتاج يف اململكة عام 1938م "اأن ماكس ستاينكي عرف<br />
حدود طية النعلة املحدبة منذ اللحظة االأوىل، وعرف اأنها قد تكون من اأضخم مكامن النفط يف العامل، لكنه<br />
كان على طريقة االأملان يتميز بشدة احلذر، ويرفض اأن يلزم نفسه باإصدار االأحكام اإال اإذا اضطر اإىل ذلك".<br />
وبالفعل الحظ ستاينكي وزميله توم كوش Tom Koch منذ نهاية املوسم االأول يف احلقل )اأي يف ربيع عام<br />
1935م(، اإشارات تلفت االنتباه يف قلب منطقة االمتياز فيما اأصبح الحقاً من اأكرب حقول النفط املكتشفة،<br />
ال يف اململكة العربية السعودية فحسب، بل ويف العامل باأسره. وجاء يف سجالت كاسوك اأن "كليهما وصف<br />
اأربع مناطق اأخرى مرتفعة، واحدة منها على االأقل لها شكل قبة "، وقاال اإن استمرار العمل فيها سيكون له ما<br />
يربره اإذا اأسفر احلفر يف قبة الدمام عن اكتشاف النفط بكميات جتارية.<br />
يف الوقت الذي تركزت فيه توصيات ستاينكي و كوش باالستمرار يف العمل يف مناطق وتشكيالت صخرية<br />
تبني فيما بعد اأنها ترقد على حقول الزيت العمالقة يف بقيق والقطيف والغوار، فاإن وضع عالمات على<br />
التشكيالت الصخرية كمنطقة جديرة بالدراسة ال يُعد دليالً قاطعاً على وجود النفط باأي شكل من االأشكال.<br />
املمر الذهبي<br />
يوجد اأكرث من %60 من احتياطيات النفط<br />
العاملية الثابتة و%40 من احتياطيات الغاز<br />
الطبيعي الثابتة يف شريط من االأرض يبلغ<br />
طوله 2700 كيلومرت يف الشرق االأوسط، يبداأ<br />
من شرق تركيا ومير مبنطقة اخلليج العربي<br />
وينتهي عند بحر العرب.<br />
بحر<br />
قزوين<br />
العراق<br />
البحر االأبيض<br />
املتوسط<br />
الأردن<br />
الإمارات العربية<br />
املتحدة<br />
الكويت<br />
خليج عمان<br />
اململكة العربية السعودية<br />
البحر االحمر<br />
مفتاح اخلريطة<br />
املمر الذهبي<br />
حقل غاز<br />
حقل نفط<br />
سلطنة عمان<br />
بحر العرب<br />
اليمن
قراءة الصخور 73<br />
جيولوجيا كاسوك ماكس ستاينكي وبريت<br />
ميلر، وملحظ أعمال احلفر جاي "سليم"<br />
ويليامز، وملحظ أعمال الإنشاء والت<br />
هينجي، من اليسار إىل اليمني، مع ثلثة<br />
آخرين غري معروفني، أثناء بحثهم عن أفضل<br />
موقع حلفر أول بئر يف قبة الدمام. وقد بدئ<br />
بحفر البئر يف 30 أبريل 1935م.<br />
وقد استغرق االأمر خمسة عشر عاماً على االأقل قبل اأن يدرك جيولوجيو الشركة بصورة كاملة التشكيالت<br />
اجلوفية التي اأوحت بها اخلصائص السطحية التي تعرفها ماكس ستاينكي وكوش، ووضعا عليها عالمات<br />
بهدف اإجراء املزيد من الدراسة يف ربيع عام 1935م. وضمت قائمة االأعمال التي اأعداها ما يلي:<br />
1- حفر بئر اختبار يف قبة العالة.<br />
2- اإعداد خرائط تفصيلية لعدد من املواقع مثل بقيق والقرين.<br />
3- حفر اآبار جوفية اأو القيام باأعمال مسح سيزموغرايف )زلزايل( جلزيرة تاروت.<br />
4- تقصي املنطقة املرتفعة جنوب غرب بقيق.<br />
5- تتبع طية "النعلة" اأحادية امليل غرب الهفوف يف اجتاه اجلنوب والشمال الغربي ملعرفة اأصلها.<br />
6- تقصي منطقة الغوار غرب الهفوف.<br />
7- استعمال وسائل التحري حتت سطح االأرض للحصول على املعلومات اجليولوجية حتت املناطق<br />
الرملية وطبقة العصر امليوسيني املتداخلة يف مناطق معينة.<br />
الرتكيز على قبة الدمام: مع اتفاق اجليولوجيني يف احلقل ورئاسة الشركة يف سان فرانسيسكو على اأن قبة الدمام<br />
هي املوقع االأفضل للحفر، بدئ يف اأواخر سبتمرب 1934م التخطيط لنقل مواد احلفر وفرقه اإىل اململكة العربية السعودية.<br />
وقد اأرخ مسوؤولو الشركة بكل فخر اليوم الذي اأبلغوا فيه امللك عبد العزيز رسمياً بخطط الشركة اخلاصة ببدء احلفر بعد<br />
سنة واحدة فقط من اليوم الذي وصل فيه اجليولوجيون االأوائل اإىل سواحل اململكة.<br />
مل يقتصر اإعداد برنامج احلفر على حمل برج احلفر فوق مياه اخلليج من البحرين، ومن ثم نقله فوق<br />
الرمال وامللح اإىل قبة الدمام رغم ما تنطوي عليه هذه االأعمال من حتديات جسام. فقد قال ديفيس ،Davies<br />
نائب مالحظ االأشغال لعمليات بابكو يف البحرين اآنذاك، اإن عزلة املوقع وارتفاع درجات احلرارة يف الصيف<br />
اضطرا الشركة اإىل تنفيذ برنامج اإسكاين مذهل هو مدينة صغرية يف الصحراء، اأكرث تعقيداً وتفصيالً من<br />
احلد االأدنى املاألوف يف مرافق املعسكرات من هذا القبيل. وشمل حي السكن املبدئي مرافق سكنية ومطبخاً،<br />
ومطعماً، وغرفة للرتفيه. وباالإضافة اإىل مناطق السكن والرتفيه، كان من الضروري بناء عددٍ كافٍ من<br />
املكاتب وخمترب جيولوجي. ويف النهاية كان على كاسوك حفر اآبار للمياه، وتركيب شبكة من االأنابيب اخلاصة<br />
بها، وبناء حمطة لتوليد الطاقة.<br />
واأنيطت مسوؤولية تنفيذ املشروع االإنشائي الضخم هذا بشخص واحد هو والرت هينجي ،Walter Haenggi<br />
وهو مالحظ االأعمال االإنشائية الذي اأشرف على بناء مساكن بابكو يف البحرين. وبحلول نوفمرب 1934م كان<br />
هينجي يتجول يف املنطقة املسطحة الواقعة بالقرب من قبة الدمام بحثاً عن موقع مناسب للمباين الدائمة
املجلد الأول : اإمداد العامل بالطاقة<br />
74<br />
أصل الزيت<br />
يف الشرق االأوسط ممر عريض ميتد مسافة 2,735 كيلومرتاً تقريباً من شرق تركيا عرب وادي نهري<br />
دجلة والفرات ومنطقة اخلليج العربي. ويحتوي هذا املمر على نحو %60 من احتياطيات الزيت اخلام<br />
الثابتة يف العامل. وتُعد هذه االحتياطيات االأكرب يف العامل. ومل يحدث هذا االأمر مصادفة بالطبع؛ فاحلياة<br />
البحرية الوفرية قبل اآالف احلقب الزمنية، واحتكاك الصفائح التكتونية يف اأعماق االأرض بعضها ببعض،<br />
باالإضافة اإىل التصدعات واحلركات الالحقة التي طراأت على قشرة االأرض يف املنطقة، كانت كلها ظروفاً<br />
مثالية لتشكيل الزيت والغاز الطبيعي واحتجازهما.<br />
ماكس ستاينكي نفسه يحكي الفصل االأول من هذه الرواية، ففي عدد 21 اأكتوبر 1945م من صحيفة<br />
"دست راج ،"Dust Rag التي تصدرها شركة اأرامكو ملوظفيها، نشر ستاينكي الكتيب التمهيدي عن<br />
جيولوجية الصخور الرسوبية وعنوانه "اأصل الزيت" وفيه يقول:<br />
"اإن منساأ الزيت غري معروف على وجه الدقة يف جميع احلاالت تقريباً، لكن البيانات<br />
االإيجابية حول هذا املوضوع تشري،حيث وجدت، وبصورة قاطعة اإىل مصدر بحري، اأي اإىل<br />
عالقة وثيقة بالرواسب التي جتمعت اأوالً يف البحر، ثم حتوَّلت اإىل صخور فيما بعد. وفضالً عن<br />
ذلك اكتشف العلماء اأن يف الصخور املنتجة للبرتول نسبة عالية من الكائنات البحرية املجهرية.<br />
ويف حاالت عديدة وجد العلماء اأيضاً اأن كائنات تشبه تلك املوجودة يف الصخور التي اأنتجت<br />
الزيت تعيش االآن يف البحر، واأنها حتتوي على حبيبات صغرية من مواد شحمية ميكنها اإنتاج<br />
مادة تشبه الزيت يف املخترب.<br />
ولدينا دليل قوي على اأن الكائنات املوجودة يف الصخور التي اأنتجت الزيت العربي عاشت<br />
قبل 150 مليون سنة تقريباً. ومن الواضح اأنها عاشت يف بحر هادئ، اأو حوض مغلق تقريباً<br />
يشبه اإىل حد ما اخلليج العربي اليوم، اإال اأنه اأكرب منه بكثري. وعندما نفقت هذه الكائنات<br />
ترسبت يف القاع وتراكمت طبقاتها بعضها فوق بعض اإىل اأن شكلت رواسب يصل سمكها<br />
اإىل مئات االأقدام، ثم غطتها اآالف االأقدام من رواسب الطمي والرمال وطبقات القواقع.<br />
ومع استمرار تراكم الرواسب انخفض قاع البحر تدريجياً بسب حركات االأرض، مما سمح<br />
برتاكمات ضخمة من الرواسب دون تغري يف عمق البحر وخواصه. ومع تزايد ثقل الرواسب<br />
الالحقة، تعرضت الرواسب املغمورة يف االأعماق للضغط بصورة طبيعية، وارتفعت حرارتها<br />
مئات الدرجات بسبب العمق السحيق. وهكذا تصّ لبت كتلة الرواسب وحتولت اإىل صخور بتاأثري<br />
الضغط الهائل واحلرارة يف الرواسب على مدى ماليني السنني. ويف اأثناء هذا التغري يف طبيعة<br />
الرواسب حتولت املادة الشحمية يف الكائنات الدقيقة التي تشكل جزءاً كبرياً من الرواسب،<br />
بفعل عملية كيميائية اإىل منتجات برتولية خمتلفة االأنواع. ورمبا ساعدت املياه شديدة امللوحة<br />
التي تشبعت بها الرواسب بدورها يف حدوث التفاعل الكيميائي الذي حول الكريات الشحمية يف<br />
الكائنات الدقيقة اإىل منتجات برتولية.<br />
اأما اإذا كانت الصخور املسامية التي حتتوي على الزيت واملاء مائلة، فاإن الزيت ينتقل اإىل<br />
اأعلى التشكيل املحدب. فاإذا كان احلوض املائل مكشوفاً عند السطح بسبب حركات االأرض<br />
واجنراف الرتبة، تسرب الزيت والغاز اإىل السطح، وضاع بسبب التفاعل مع االأحوال اجلوية<br />
عرب العصور اجليولوجية. واأما اإذا كانت طبقة الزيت هذه مغطاة بصخور كثيفة غري مسامية،<br />
وكانت على شكل طيات صخرية، فاإن الزيت يهاجر اإىل اأقصى ارتفاع ممكن يف الطبقة التي<br />
حتتوي اأصالً على الزيت، لكنه يتوقف ويحتجز حتت الطبقات غري املسامية حيث ميكث على<br />
هذا النحو ماليني السنني".<br />
ومنذ اأيام ستاينكي، توصل العلماء اإىل فهم مفصل للقوى التي جعلت هذه الطبقات السميكة<br />
من الرواسب التي حتتوي على الزيت تتثنى على شكل طيات؛ فاحلركات بني الصفائح التكتونية<br />
الضخمة التي تتحرك ببطء حتت اأعماق قشرة االأرض هي التي ساعدت يف تكوين القارات التي
قراءة الصخور<br />
نعرفها اليوم، كما اأن العديد من املظاهر االأرضية الضخمة مثل سالسل اجلبال ليست سوى عالمة<br />
للحواف التي تنزلق على امتدادها الصفائح التكتونية حتت اأو بجانب بعضها بعضاً. وقبل نحو 90 مليون<br />
سنة، ارتطمت الصفيحة التكتونية للجزيرة العربية بالصفيحة االأوروبية-االآسيوية االأكرب يف الشمال<br />
والشرق، وبداأت تنزلق حتتها ببطء. واأدى االرتطام اإىل تكوين جبال زغروس يف اإيران والغور املوازي لها<br />
من ناحية الغرب الذي يبلغ عرضه مئات االأميال والذي امتالأ يف النهاية مبياه اخلليج العربي. كما اأدت<br />
الضغوط يف الصخور الناشئة عن ارتطام الصفيحتني والتحرك الذي شهدته طبقات الصخور حتتها<br />
اإىل التواء جزء من الطبقات الرسوبية نحو االأعلى، وولَّد ما يُعرف بالطيات التحدبية التي حتتجز املواد<br />
الهيدروكربونية اإذا غطتها صخور غري مسامية.<br />
اأما ما يُعرف اليوم بالبحر االأحمر فيمالأ حفرة انهدامية نتجت عن انشقاق قشرة االأرض بني<br />
اإفريقيا وجزيرة العرب قبل نحو 36 مليون سنة. ويف اأثناء تكون االأخدود مال اجلانب الغربي من شبه<br />
جزيرة العرب اإىل اأعلى بارتفاع ثالثة كيلومرتات تقريباً، وتاآكل ذلك اجلانب على مدى ماليني السنني<br />
وشكل ما يسمى "بالصخور القاعدية" النارية واملتحولة التي يرجع تاريخها اإىل العصر ما قبل الكمربي،<br />
ويرتاوح عمرها بني بليونني و550 مليون سنة. وهذه الصخور التي شكلت ما يعرف بالدرع العربي متتد<br />
شرقاً عند وسط الدرع وحتتل نحو ثلث شبه اجلزيرة. وانتشرت احلمم الربكانية اجلديدة يف بعض<br />
املناطق عرب صخور الدرع القدمية. وينحدر هذا الدرع تدريجياً نحو الشرق، وتغطي ثلثيه صخور رسوبية<br />
حديثة نسبياً تسمى "الرف العربي"، وهي الصخور التي قال ماكس ستاينكي اإنها تشكلت حتت البحار<br />
القدمية الضحلة خالل احلقبة اجلوراسية االأخرية حني كانت الديناصورات جتوب االأرض.<br />
كبري اجليولوجيني ماكس ستاينكي يقف<br />
على حجر جريي مكشوفة تعود إىل احلقبة<br />
اجليولوجية الأيوسينية. ويف املنطقة<br />
الشرقية، توجد احلجارة الأيوسينية عادة<br />
على عمق مئات الأقدام حتت سطح الأرض<br />
من الصخور الأحدث نسبياً من الطبقات<br />
الرسوبية. وعندما توجد هذه احلجارة على<br />
سطح الأرض، فقد يشري ذلك إىل وجود<br />
تكوينات يف الصخور اجلوفية قادرة على<br />
حجز الزيت فيها.
املجلد الأول : اإمداد العامل بالطاقة<br />
76<br />
االأوىل التي ستبنى يف املنطقة. وبصفته االأمريكي الوحيد الذي اختري للقيام باأعمال االإنشاء، فقد اأعطى<br />
االأولوية لتعليم السعوديني املهارات الالزمة لتنفيذ معظم اأعمال البناء.<br />
وقام هينجي و جاي "سليم" ويليامز ،Guy "Slim" Williams وهو مالحظ اأشغال يف اأعمال احلفر،<br />
بجولة يف املواقع املقرتحة الإنشاء رصيف على الساحل حيث قررا اأن املنطقة غري مناسبة بسبب امتداد<br />
الصخور داخل اخلليج قرب قرية الدمام، وركزا بدالً عنها على قناة عميقة قريبة نسبياً من الساحل بالقرب<br />
من قرية اخلرب تبعد حوايل عشرة كيلومرتات عن حي السكن، وتقع على سبخة ملحية صغرية بالقرب من<br />
سهل ساحلي ضيق شديد االنحدار. وتوىل فلويد اأوليقر ،Floyd Ohliger وهو مهندس النفط الذي اأصبح<br />
فيما بعد املدير املقيم للحي السكني، عملية االإشراف على بناء اأول رصيف بحري من صخور شبيهة باملحار<br />
تقتلع من املنطقة املغمورة يف اأوقات اجلزر وتثبت بجبس حملي، كما استعملت املواد نفسها يف املباين االأولية<br />
عند موقع احلفر.<br />
بئر الزيت الأوىل: يف 30 اأبريل 1935م، بداأ سليم ويليامز وفريق احلفر االستكشايف يف حفر البئر<br />
رقم 1 يف قبة الدمام، وهي البئر االأوىل على نطاق اململكة العربية السعودية. وبعد ستة اأسابيع تقريباً<br />
اضطر اجليولوجيون اإىل التوقف عن احلفر بسبب دخول فصل الصيف وانتقالهم اإىل اأماكن معتدلة<br />
أعلى: يعود تاريخ هذه الصورة إىل شتاء عام<br />
1937م، وتظهر فيها بئرا الدمام رقم 1 )إىل<br />
اليمني( ورقم 7. وكان فريق احلفر قد واجه<br />
صعوبات جمة يف حفر البئر رقم 7، ويف اليوم<br />
الأخري من ذلك العام وعلى عمق 1,382 مرتاً،<br />
انفجرت البئر مما تسبب يف مزيد من التأخري.<br />
يسار: جاي "سليم" ويليامز، ملحظ أعمال<br />
احلفر والحقاً أول ناظر للحي السكني يف<br />
الظهران، يقابل عماالً سعوديني يف اخلرب يف<br />
عام 1935م. ويف أوائل ذلك العام، وظف موقع<br />
الظهران أكرث من 240 موظفاً سعودياً للعمل<br />
يف مشروعات إنشاء احلي السكني وفرق احلفر.<br />
الطقس لكتابة تقاريرهم. ولكن ذلك مل يشمل عمال احلفر االستكشايف ومنهم ويليام اإلتيست William<br />
Eltiste و جاك سكلويسلن Jack Schloesslin واإرنست سميث .Ernest Smith لكن هيهات اأن يتمكن احلر<br />
وحده من اإيقاف احلفر اإذا بداأ! فالعمليات مكلفة، والتوقف ثم استئناف العمل يستغرق الكثري من الوقت،<br />
لذلك مل يكن اتخاذ قرار التوقف سهالً. فاإذا بداأ احلفر مل يكن ليتوقف قبل بلوغ املنطقة املنشودة.<br />
كانت بداية برنامج احلفر يف قبة الدمام مشجعة؛ ففي اأغسطس 1935م، ومع اقرتاب فريق ويليامز<br />
من عمق الطبقات احلاملة للزيت يف البحرين )نحو 610 اأمتار( بداأ الزيت يف الظهور يف بئر الدمام، ومع<br />
اأن الكمية الناجتة مل تكن باملعدالت التجارية التي كانوا يرجونها على االإطالق )وهي حوايل األفي برميل<br />
يف اليوم(، اإال اأنها كانت كافية الإثبات اأن الزيت موجود. وعند اختبار البئر يف سبتمرب على عمق 590 مرتاً<br />
تقريباً تدفق الزيت مبعدل يقارب 100 برميل يف اليوم. ومع اأن الزيت تدفق بكمية اأكرب اأحياناً حني تابع<br />
الفريق احلفر اإىل اأعماق اأكرب، لكنها بقيت دون مستوى االإنتاج التجاري.<br />
اأنتجت البئر رقم 1 الغاز الطبيعي بكميات كبرية، لكنها كانت عدمية الفائدة بالنسبة اإىل كاسوك التي<br />
مل تعرف كيف تنقله وتخزنه. لذا عمل املهندسون على سد البئر موؤقتاً على عمق 725 مرتاً يف يناير 1936م.<br />
ويف النهاية مت تعميق البئر، واستعملت الإنتاج الغاز.<br />
وكان الفريق يتعلم مع ممارسة العمل، وحني بداأ احلفر يف البئر رقم 2 يف 8 فرباير 1936م، تبنيّ اأنها<br />
اأفضل من سابقتها من حيث وفرة الزيت. ويف يونيو، وعلى عمق 3,800 مرت، بينت اإحدى التجارب تدفق
قراءة الصخور 77<br />
أوائل املوظفني السعوديني<br />
مل يكن يف شركة الزيت خالل سنتها االأوىل سوى عدد حمدود من املوظفني السعوديني بعضهم كان<br />
يوؤدي مهام املساندة مثل االأدالء، والسائقني، واملرتجمني. ومل توظف الشركة السعوديني باأعداد كبرية اإال<br />
بعد اأن قررت كاسوك بناء رصيفها االأول يف اأواخر العام 1934م حني وظف اأوليقر ما بني 400 و500 عامل<br />
حملي للمساعدة يف بناء الرصيف وحمل الصخور املحلية يف ساعات اجلزر من املراكب الشراعية اإىل<br />
الساحل لتنقلها اجلرارات اإىل موقع االإنشاء.<br />
فلويد أوليقر، الرئيس املقيم لشركة كاسوك،<br />
يرتدي معطفاً مقلماً ويشرف على وصول<br />
حجارة الفروش التي ستستعمل الحقاً يف بناء<br />
مرفأ الدمام، العام 1935م، ويقف إىل يساره<br />
الصومايل أحمد "موسوليني" .<br />
كان اأحمد حسني الصومايل من اأفضل العمال السعوديني الذين عملوا يف اأيام البناء االأوىل، وملا كان<br />
يتحدث االإيطالية بطالقة، اأطلق عليه االأمريكيون اسم "موسوليني". عمل الصومايل جنباً اإىل جنب مع<br />
اأوليقر يف اإنشاء الرصيف يف اخلرب، ويف عام 1939م حتول اإىل اإدارة النقل. وكان من اأوىل مهامه نقل<br />
مسوؤويل الشركة بني جدة والظهران، وهي رحلة شاقة، كانت تستغرق بني خمسة وسبعة اأيام على طرق<br />
وعرة وبدون اأجهزة االتصال الالسلكي التي تساعد على طلب املساعدة عند الضرورة. ويف عام 1943م،<br />
التحق الصومايل بالعالقات احلكومية وعمل يف اإنهاء اإجراءات اجلوازات والتخليص اجلمركي ملوظفي<br />
الشركة يف مطار الظهران ورصيف اخلرب اإىل اأن تقاعد من العمل يف عام 1984م.<br />
شجع جناح مشروع الرصيف الذي اكتمل يف ربيع عام 1935م مديري كاسوك على توظيف اأعداد<br />
كبرية من العمال السعوديني وتدريبهم شيئاً فشيئاً على اأداء االأعمال التي تتطلب قدراً اأكرب من املهارة.<br />
وحتى قبل اكتمال الرصيف، كان املئات من السعوديني يعملون يف موقع احلفر يف خميم الظهران، منهم<br />
اأكرث من )240( بدوؤوا العمل يف املوقع منذ مطلع عام 1935م ، ثم تضاعف عددهم عشر مرات تقريبا<br />
بنهاية العقد. وباالإضافة اإىل بناء املساكن للموظفني االأمريكيني الذين كانوا يعملون يف القبة، قامت<br />
الفرق ببناء مساكن للعمال السعوديني )من اخلشب واحلصري( حيث كان عدد من العمال يشرتكون يف<br />
مسكن واحد.<br />
الزيت مبعدل يزيد على 3800 برميل يف اليوم من البئر قبل اأن تسد موؤقتاً، لعدم وجود خزانات كافية<br />
الستيعاب تلك الكمية الكبرية من الزيت.<br />
كان ذلك هو كل ما يحتاج لسماعه مديرو الشركة يف سان فرانسيسكو ، وسرعان ما صدرت املوافقة<br />
على احلفر يف العالة، وهو موقع يبعد 32 كيلومرتاً اإىل الغرب من قبة الدمام بدا واعداً للجيولوجيني خالل<br />
موسم 1934م – 1935م. وصدرت املوافقة على حفر االآبار من 3 اإىل 6 الختبار احتماالت وجود الزيت يف<br />
تشكيالت قبة الدمام .<br />
وال ميكن وصف "االإطار الذهني اجلماعي ملسوؤويل كاسوك" باحلذر حاملا اأظهرت البئر رقم 2 بشائر<br />
وجود كميات كبرية من الزيت، كما ورد فيما بعد يف مذكرة داخلية عن تاريخ الشركة. وقد ورد يف تاريخ
املجلد الأول : اإمداد العامل بالطاقة<br />
78<br />
عاش جميع املوظفني السعوديني تقريباً يف حي<br />
الظهران خلل الثلثينيات والأربعينيات من<br />
القرن املاضي يف برستيات مصنوعة من سعف<br />
النخيل املخصوف. وكان املسجد الظاهر يف<br />
هذه الصورة هدية من امللك عبد العزيز، وبناه<br />
عمال من اليمن، وعُ رف هذا املسجد باسم<br />
مسجد العدنيني.<br />
الشركة اأيضاً اأن "التوسع اأصبح حقيقة واقعة على الرغم من التحذيرات القادمة من احلقل؛ فباالإضافة اإىل<br />
االآبار اخلمس التي صدرت املوافقة على حفرها يف يونيو، تقرر يف يوليو اإجراء اختبار عميق على بئر الدمام<br />
رقم 7. وصدرت التعليمات اإىل ديفيس باحلصول على جميع املواد املمكنة من شركة نفط البحرين ثم اإفادة<br />
سان فرانسيسكو مبا يحتاجه، كما نقل من ميكن االستغناء عنهم من املوظفني يف البحرين واأرسل اآخرون<br />
من الواليات املتحدة لشغل الوظائف يف املكاتب واأعمال البناء وحقول الزيت".<br />
شيء ل يصدق: لكن الياأس سرعان ما طغى على التفاوؤل احلذر، اإذ مل يتمخض الوعد املبكر للحفر يف<br />
قبة الدمام عن اإنتاج كميات كبرية من الزيت يف السنة االأوىل. وبداأ اإنتاج الزيت يف االآبار التي حفرت بكل<br />
حماسة يتناقص يف بئر تلو اأخرى. فحتى البئر رقم 2 التي كانت مثاراً لكثري من التفاوؤل هبط اإنتاجها هبوطاً<br />
حاداً رغم االستمرار يف تعميقها، واستقر عند مستوى بضع مئات من الرباميل يف اليوم. واستمر حفر البئر<br />
رقم 4 اإىل عمق 710 اأمتار، لكنها مل تنتج قطرة زيت واحدة، وكانت بذلك اأول بئر جافة، حتولت اإىل بئر<br />
اختبار عميقة.<br />
ومع الفشل يف اإنتاج الزيت بكميات جتارية من قبة الدمام بحلول خريف عام 1936م، واجهت سوكال<br />
مشكالت من نوع اآخر يف عملياتها يف البحرين؛ فقد كانت الطاقة االإنتاجية املقررة الآبار بابكو هي 30000<br />
برميل يف اليوم، واأنساأت الشركة مصفاة صغرية يف البحرين طاقتها 10000 برميل يف اليوم، واأقيمت<br />
منساآت للشحن مع خطوط اأنابيب حتت مياه البحر اإىل نقاط الرسو يف املياه العميقة. لكن مل تكن لبابكو<br />
املتفرعة من سوكال طاقة تسويق لبيع الزيت "شرق قناة السويس" اأو يف اأوروبا، كما اأن بناء املنساآت للوصول<br />
اإىل هذه الطاقة يشّ كل حتدياً باهظ التكاليف ويستغرق وقتًا طويالً.<br />
يف تلك االأثناء، كانت شركة نفط تكساس، ومقرها يف مدينة نيويورك، تواجه مشكلة معاكسة. صحيح<br />
اأن لديها التجهيزات االأساسية للتسويق بشكل مباشر اأو من خالل وكالئها يف اأوروبا، واإفريقيا، واأسرتاليا،<br />
والشرق االأقصى، والصني، لكن هذا يحتم عليها شحن الزيت من الواليات املتحدة الذي ياأتي معظمه من<br />
والية تكساس، اإذ مل يكن لدى الشركة اأي اإنتاج يف نصف الكرة االأرضية الشرقي.<br />
وتوافقت العمليتان بصورة طبيعية، حيث اأدت سلسلة من صفقات حتويل االأسهم واالأصول يف يوليو<br />
1936م اإىل نقل عمليات التسويق الشرقية يف شركة نفط تكساس اإىل شركة ذات ملكية مشرتكة تابعة
قراءة الصخور 79<br />
لشركة بابكو اأنشئت حديثاً اأطلق عليها اسم شركة نفط كاليفورنيا تكساس املحدودة California Texas Oil<br />
،Company, Ltd اأو كالتكس .Caltex ويف ديسمرب 1936م، تقاربت شركتا سوكال وتكساس اأكرث حني اشرتت<br />
تكساس نصف حصة سوكال يف كاسوك مببلغ ثالثة ماليني دوالر نقداً وثمانية عشر مليون دوالر تُدفع من<br />
حصة تكساس من مبيعات الزيت املستقبلية.<br />
شركة نفط العراق حتصل على موضع قدم: يف منتصف عام 1936م، حني كانت سوكال تركز على<br />
البحرين وصفقاتها مع شركة نفط تكساس، كانت احلكومة السعودية تضع اللمسات النهائية على الشروط<br />
اخلاصة مبنح امتياز ثان للتنقيب عن الزيت على اجلانب االآخر من اململكة العربية السعودية. وقد غطى<br />
هذا االمتياز شريحة عرضها مائة كيلومرت على امتداد ساحل البحر االأحمر من احلدود الشمالية مع االأردن<br />
جنوباً اإىل حدود اليمن مبا يف ذلك جزر فرسان يف البحر االأحمر قرب مدينة جازان الساحلية. ففي عام<br />
1912م، حني كانت منطقة جازان خاضعة حلكم االأسرة االإدريسية جنحت شركة نفط شل Shell Oil يف<br />
احلصول على امتياز للتنقيب عن الزيت يف جزر فرسان وما حولها، حيث كان البحارة يعرفون بوجود رشح<br />
للزيت منذ قرون. وبعد احلفر يف عدة مواقع، مل تستطع شل العثور على الزيت فتخلت عن املشروع.<br />
ويف 9 يوليو 1936م، وقَّعت شركة امتيازات النفط املحدودة . Ltd .Petroleum Concessions التابعة<br />
لشركة نفط العراق، اتفاقية مع احلكومة السعودية منحت مبقتضاها احلق يف التنقيب يف منطقة االمتياز<br />
يف اجلزء الغربي. ووافقت الشركة على دفع 30,000 جنيه اإسرتليني ملرة واحدة مع رسم اإيجار سنوي قدره<br />
7,500 جنيه اإسرتليني لفرتة تنقيب مبدئية مدتها سنوات اأربع. اأما رسوم االإيجار واملبالغ التي تدفع مقدماً<br />
على العائدات فتسدد خالل برنامج احلفر الالحق ومدته سنوات عشر. اأما الذي وقَّع اتفاقية االمتياز يف<br />
اجلزء الغربي فلم يكن سوى ستيفن لوجنريج الذي كان قد غادر جدة قبل سنوات ثالث حانقاً على مديريه<br />
الذين اأضاعوا بسبب شدة بخلهم فرصة احلصول على امتياز االأحساء. )كانت سوكال قد اأرسلت نومالند<br />
حُ فرٌ عملقة على امتداد منحدر طويق<br />
وأجراف جريية أخرى بالقرب من الرياض<br />
تكشف عن مليني السنني من الصخور<br />
الرسوبية. طبقة الأنهيدرايت الظاهرة بوضوح<br />
هنا يف دحل هيت رمبا قادت اجليولوجي ماكس<br />
ستاينكي إىل الظن بوجود الصخور نفسها حتت<br />
سطح معظم املنطقة الشرقية. وإذا كان الأمر<br />
كذلك، فإن صخور الأنهيدرايت عدمية املسامية<br />
ستعمل كحاجز أو غطاء ملكامن البرتول.<br />
لتقصي اإمكان هذا االمتياز لكن االأدلة املتوافرة اأضعفت االأمل بالعثور على الزيت، وراأى نومالند اأن الشروط<br />
السعودية مرهقة، ولذلك اأحجمت الشركة عن تقدمي عرضها(.<br />
واإذا كانت شركة نفط العراق قد شعرت باأنها حققت اإجنازاً بحصولها على موطئ قدم يف شبة<br />
اجلزيرة، فاإن شعورها ذاك مل يدم طويالً. فبعد اأن بداأت االأعمال اجليولوجية يف نوفمرب 1936م، قررت<br />
بحلول نهاية صيف عام 1937م اأن اجلزء االأكرب من امتيازها يفتقر اإىل الدالئل الواعدة الإنتاج الزيت،<br />
واقتصرت اأعمالها على حفر عدد من االآبار يف جزر فرسان حتى عام 1939م حني توقفت عن العمل متاماً<br />
لعدم حتقيقها اأية نتائج.
املجلد الأول : اإمداد العامل بالطاقة<br />
80<br />
الأيام السود: يف اأواخر الصيف واأوائل اخلريف من عام 1936م، توجس جيولوجيو كاسوك خشية وقوع<br />
مشكالت وشيكة. فالطبقات الصخرية حتت قبة الدمام وعند العمق الذي عرث فيه على الزيت يف البحرين مل<br />
تنتج ما هو متوقع. وسرت شائعات مفادها اأن الشك بداأ يساور مسوؤويل الشركة يف سان فرانسيسكو، واأنهم<br />
يسعون اإىل خفض النفقات حيثما وجدوا اإىل ذلك سبيالً. وقد وصف ديفيس تلك الفرتة "باالأيام السود" اإذ<br />
كان هناك الكثري من املخاوف من فشل املغامرة يف اململكة العربية السعودية.<br />
ما رقمك ؟<br />
لكل موظف من موظفي اأرامكو السعودية اليوم بطاقة هوية حتمل رقمه، لكن احلال مل تكن هكذا على<br />
الدوام.<br />
عمال مغسلة ملبس يف البحرين يغسلون<br />
امللبس قرب جدول ينساب من إحدى<br />
العيون يف الأربعينيات من القرن املاضي.<br />
وقد تبنت أرامكو نظام ترقيم امللبس<br />
املستخدم يف املغسلة كأساس الإصدار أرقام<br />
شارات موظفيها. وتظهر يف الأسفل شارتا<br />
فرانك ترايسي ويوسف الكوهجي من فرتة<br />
الأربعينيات من القرن املاضي.<br />
كانت عمليات كاسوك االأصلية صغرية تسمح باستخدام االسم االأخري للموظف يف جميع السجالت.<br />
ومل يكن ثمة التباس اإال عند غسل املالبس اأسبوعياً يف مغسلة هندية يف البحرين، حيث كانت املالبس<br />
تختلط بعضها بالبعض االآخر، وكثرياً ما كان املوظفون يتسلمون مالبس غريهم. وتفاقمت املشكلة بسبب<br />
زيادة عدد العمال اجلدد. ولعالج هذه املشكلة بداأت الشركة يف عام 1938م يف تخصيص املوظفني باأرقام<br />
تستخدم كبطاقات تعريف على مالبسهم. واأعطيت هذه االأرقام عموماً بحسب تاريخ بدء العمل لدى<br />
الشركة. اأما االأرقام التي ينتهي استخدامها فتعطى للموظفني اجلدد عند وصولهم.<br />
حقق نظام االأرقام جناحاً كبرياً يف املغسلة حتى اإنه استخدم فيما بعد الأغراض اأخرى. فاأصحاب<br />
املحالت يف البحرين، مثالً، بدوؤوا يف قبول فواتري عليها اأرقام املغسلة املخصصة للموظفني مما وفر<br />
على املوظفني حمل اأكياس النقود املعدنية. وكان تشارلز رودسرتوم ،Charles Rodstrom وكيل كاسوك<br />
يف البحرين، يسدد قيمة الفواتري للتجار ثم يرسلها اإىل الظهران لتحسم من "املخصصات امليدانية"<br />
للموظفني. ويف عام 1944م، بداأت الشركة يف استخدام اأرقام املغسلة يف جميع االأنشطة املتصلة بسوؤون<br />
املوظفني. وخص فلويد اأندرسون املسوؤول عن املغسلة يف ذلك الوقت، نفسه بالرقم 1، لكن اأرقام البطاقات<br />
الصغرية كانت خمصصة بصورة عامة لقدماء املوظفني؛ فعلى سبيل املثال، كان عبد العزيز الشلفان،<br />
اأقدم موظفي اأرامكو السعوديني الذي توفاه اهلل عام 1983م، يحمل الرقم 4. وعلى مدى العقود الستة<br />
املاضية طالت اأرقام اإثبات الشخصية، واأضحت البطاقات اأكرث تعقيداً، فهي االآن معززة بخطوط اإلكرتونية<br />
ورسوم طيفية الإثبات صحتها، لكنها تظل الوسيلة االأساس للتعريف االإداري.
قراءة الصخور 81<br />
ويف الوقت الذي بداأ فيه بعض اجليولوجيني يف مراجعة مواقفهم وتصحيحها، ظل ستاينكي ثابتاً على<br />
موقفه. ومل يكتف ستاينكي بتفادي االنشغال مبشكالت احلفر يف عام 1936م وحسب، بل كان يستثمر<br />
ما وصفه ديفيس "بقدرته النادرة "على ربط اأجزاء املعلومات الغامضة واملعزولة التي يغفل عنها كلياً<br />
معظم الناس، بل حتى معظم اجليولوجيني." وكان ستاينكي، الذي عُ نينّ كبرياً للجيولوجيني يف عام 1936م،<br />
يتعرف اإىل ما وصفه ديفيس "بالشاهد البارز على قدرات ماكس ستاينكي االستثنائية التي اأثبتها يف اململكة<br />
العربية السعودية".<br />
ويتذكر ديفيس معاناته يف يوم شديد القيظ يف اأواخر عام 1936م، فيقول:<br />
جاءين ماكس ستاينكي وقال يل: "فرد! اأريد اأن اآخذك الأريك حقل الزيت الثاين يف اململكة العربية<br />
السعودية"، وكانت فكرة جيدة بالنسبة يل فالدمام هي كل ما لدينا. وهكذا توجهنا بالسيارة نحو اجلنوب<br />
الغربي حيث بقيق االآن. وخرج ماكس من السيارة مثل كلب الصيد ومشى بني الكثبان الرملية التي بدت<br />
يل متماثلة متاماً. وانتهى بنا املطاف اإىل "منخفض" صغري بني التالل الرملية تعلوه نتوءات من صخور<br />
جريية بارزة من العصر االأيوسيني. وانحنى ماكس وطرق على صخرة ثم رفعها عالياً وقال مفتخراً: "هل<br />
ترى هذه يا فرد؟ اإنها صخور جريية من العصر االأيوسيني...". ثم اأشار اإىل مسافة خمسة اأميال )ثمانية<br />
كيلومرتات( - واأنا الذي ال اأستطيع الروؤية ملسافة ربع ميل )400 مرت( - وقال: "هذا جبل دام"، ثم اأشار<br />
اإىل موقع اآخر على بعد عشرة اأميال وقال: "هذا جبل غرميل"، ثم اأضاف: "ال بد من اأن يكون الزيت حتت<br />
االأرض يف هذين املكانني، فلدينا اإذاً تشكيل صخري هناك وال بد لنا من اأن نحفر فيه." نظرت اإليه يف<br />
دهشة، وما كنت الأجروؤ على معارضته، وقلت له: "بالطبع قد تكون مصيباً لكنني ال اأستطيع حتى مشاهدة<br />
ما تشري اإليه." لكن حماسته كانت بال حدود، وملا حفرنا بعد فرتة قصرية يف ذلك املوقع متاماً عرثنا على<br />
حقل بقيق الضخم.<br />
استطاع ستاينكي بفضل مالحظات فريقه اأن يستنتج قدراً كبرياً من املعلومات من املوؤشرات<br />
السطحية، مبا يف ذلك املوقع املحتمل حلقل بقيق الذي اأكدته اأعمال احلفر االستكشافية بعد بضع سنوات.<br />
ومع ذلك مل يستطع اجليولوجيون اأن يفهموا بشكل كامل طبقات الصخور الرسوبية حتت منطقة االمتياز<br />
الضخمة. وللمساعدة يف سد هذه الفجوات املعرفية، بداأ هرني وفريقه يف نوفمرب 1936م برناجماً للحفر<br />
ملعرفة تشكيالت الصخور بفضل ابتكار طونّره ماكس ستاينكي ملواجهة التحديات الناشئة عن اتساع منطقة<br />
االمتياز السعودية. ويعتمد ابتكار ستاينكي على حفر عدد من االآبار قليلة العمق نسبياً اإذ يرتاوح عمقها بني<br />
األف واألفي قدم للحصول على عينات من الصخور )مت فيما بعد حتويل العديد من هذه االآبار اإىل اآبار مياه<br />
ليستفيد منها البدو(، من مناطق يبعد بعضها عن بعض مئات الكيلومرتات ومقارنتها لفحص استمرارية<br />
طبقة معينة من الصخور اجلريية عند عمق حمدد. لكن الشروع يف مقارنة النتائج والتوصل اإىل استنتاجات<br />
معينة بخصوصها استغرق شهوراً عدة.<br />
دحل هيت: يف اأواخر مارس واأوائل اأبريل عام 1937م، وبرنامج احلفر ملعرفة التشكيالت الصخرية<br />
يجري على قدم وساق، قام ستاينكي و فلويد ميكر ،Floyd Meeker كبري امليكانيكيني، مبا سمنّ اه العديد<br />
من جيولوجيي سوكال الحقاً بالرحلة التاريخية. ورافق االثنان جمموعة اأكرب، بينهم هاملتون من معسكر<br />
الظهران، اإىل الرياض ومنها اإىل جدة، حيث اأبحر هاملتون اإىل مكتب سوكال يف لندن.<br />
غري اأن رحلة عودة فلويد ميكر وماكس ستاينكي اأسهمت كثرياً يف زيادة فهم الفريق جليولوجيا<br />
اململكة. فاملنطقة التي عربوها شرق الرياض هي احلد الفاصل بني الصخور القاعدية القدمية للدرع العربي<br />
والطبقات الرسوبية للرف العربي. ويف اأماكن كثرية من التداخل هذا، تكشف التالل الركامية الضخمة<br />
)واأبرزها تالل طويق( واالآبار العميقة اأو املنخفضات املنهارة عن طبقات رسوبية عمرها ماليني السنني.<br />
لكن ما الحظه ستاينكي يف هذه الرحلة، واالستنتاجات التي توصل اإليها تبقى حمض حدس وتخمني.<br />
فاملالحظات البسيطة التي خطها ال ترقى اإىل مرتبة الدليل القاطع . وقام اأحد جيولوجيي اأرامكو السعودية<br />
السابقني، واسمه توماس كيث ،Thomas Keith فيما بعد بقراءة مذكرات ستاينكي امليدانية بغرض كتابة<br />
تاريخ جيولوجيي الشركة، واألقى بعض الضوء حول رحلة العودة قائالً: متهل ستاينكي يف العودة واستثمر<br />
الفرصة لدراسة جيولوجيا املنطقة، وخاصة النتوءات الصخرية حول الرياض حيث كانت طبقات الصخور
املجلد الأول : اإمداد العامل بالطاقة<br />
82<br />
اجلريية من العصر اجلوراسي العربي مكشوفة، كما زار "دحل هيت" والتقط صوراً لتلك احلفرة االنهدامية<br />
التي تكشف التالمس بني طبقات الصخور اجلريية العربية العليا وطبقات الصخور الالمائية الضخمة<br />
فوقها. ويعتقد اأن استماتته يف الدفاع عن االستمرار يف حفر بئر الدمام رقم 7 اإىل اأعماق اأبعد للوصول اإىل<br />
الطبقات الصخرية احلاملة للزيت، والتي عرفت فيما بعد باسم " املنطقة العربية اجليولوجية" كانت قائمة<br />
على معرفته باأن صخور هيت الالمائية هي السدادة املحتملة للمكمن التي حتتجز الزيت يف الصخور التي<br />
حتمله يف اأعماق العديد من املواقع مبا يف ذلك قبة الدمام".<br />
استثمار الأموال كلها يف البئر الرقم 7: وبحلول يوليو 1937م مل يكن احلفر قد جتاوز عمق منطقة البحرين، اأي<br />
حوايل 730 مرتاً فقط. ويف اأواخر اأكتوبر، اأي بعد خمسة اأشهر، مل يكن العمق قد جتاوز كيلومرتاً واحداً فقط ومازال<br />
بعيداً عن املنطقة املستهدفة. واستناداً اإىل االأدلة التي جمعها اجليولوجيون، اتفق ستاينكي و سكيرن Skinner )الذي كان<br />
قد رجع اإىل سان فرانسيسكو( و ديفيس )الذي حل حمل سكيرن مديراً عاماً يف الظهران( على العمق الذي يتعنينّ عليهم<br />
استهدافه. واأرسل سكيرن برقية اإىل اأوليقر يف الظهران بتاريخ 10 نوفمرب 1937م، ياأمره فيها بوقف اأعمال احلفر يف<br />
جميع االآبار االأخرى الأنهم يفضلون انتظار املزيد من النتائج من البئر رقم 7.<br />
كان القرار بالرتيث يعني يف الواقع تكريس اأموال سوكال كلها ملعرفة النتائج من بئر واحدة. و يف فرباير<br />
1937م نُقل لسرت هيليارد ،Lester Hilyard وهو اأحد مالحظي اأعمال احلفر السابقني، من البحرين اإىل<br />
اململكة العربية السعودية خصيصاً للعمل يف هذا املشروع. وكثرياً ما كانت اأعمال احلفر تتوقف ريثما تصل<br />
قطع الغيار اأو يتم اإصالح روؤوس احلفر يف ورشة البحرين. ويقول هيليارد وهو يتذكر بوضوح االإحساس<br />
من على منصة ترتفع ستة أمتار تقريباً عن<br />
قاعدة احلفر، يقوم مالحظ أعمال احلفر<br />
املتمرس لس هليارد، إىل اليسار، وعامالن<br />
آخران من فريق احلفر بتجهيز مثقب حفر<br />
مزود بكابل حلزوين. وكان جناح شركة الزيت<br />
العربية مرهوناً باأيدي الفرق العاملة على<br />
حفر البئر رقم 7 التي كانت مشروع احلفر<br />
القائم الوحيد يف أواخر العام 1937م.
قراءة الصخور 83<br />
احلياة العائلية يف الظهران<br />
يف خضم العمل يف اختبار احلفر العميق للبئر رقم 7، حدث ما اعترب تشتيتاً لطيفاً للعاملني خالل<br />
االأشهر الصعبة من عام 1937م، وهو وصول عائالت املوظفني االأجانب اإىل احلي السكني الذي اأطلق عليه<br />
اسم الظهران، وهو اسم جبل يف قبة الدمام. ففي اأول صيف يقضيه اجليولوجيون يف لبنان، كان كروج<br />
هرني قد تعرف بشابة من اأصل مصري وفرنسي اسمها اأنيت رابيل Annette Rabil وتزوجها. ويف اأبريل<br />
1937م، ومع توفر املساكن املناسبة، كانت السيدة هرني )مع ابنتهما ميتزي )Mitzi و نيلي كاربنرت Nellie<br />
Carpenter اأول سيدتني من اأفراد العائالت يلتحقن باأزواجهن يف القرية اجلديدة يف الصحراء لالإقامة<br />
معهم يف اثنني من االأكواخ الستة التي مت تسليمها قبل ذلك التاريخ بعام، كاملة مع التكييف. كما مت اأيضاً<br />
تسليم العديد من مساكن العزاب مكيفة الهواء. ويف سبتمرب، وبعد انقضاء شهور الصيف العربية القائظة،<br />
وصلت اإىل حي السكن يف الظهران اإدنا براون و اإيرما ويذرسبون Erma Witherspoon وابنتها مارلني<br />
االحتفاء باأول القادمني من زوجات وأبناء<br />
موظفي الشركة الأجانب إىل املنطقة<br />
الشرقية يف العام 1937م. الأطفال يف الصف<br />
الأول )من اليسار إىل اليمني( هم متزي<br />
هرني وماريان ستاينكي وماكسني ستاينكي.<br />
ويف الصف اخللفي تقف مارلني ويذرسبون<br />
)الثانية من اليسار(. فيما تقف فلورنس<br />
ستاينكي مباشرة خلف ابنتها ماكسني.<br />
.Marian و ماريان Maxine وفلورنس ستاينكي وابنتاها ماكسني Patsy Jones و باتسي جونز Marilyn<br />
وجذبت النساء واالأطفال انتباه العمال يف فرق التنقيب كما يجذب املغناطيس برادة احلديد، فكانوا<br />
يقومون بتسليم الهدايا اإىل اأبوابهن، كما انهمر سيل احليوانات املنزلية االأليفة على االأطفال. كان الرجال<br />
مبظهرهم اخلشن يقدمون صغار احليوانات الوديعة اإىل االأطفال، مبا يف ذلك الظباء، وجراء الكالب<br />
السلوقية مدركني اأنهم بذلك يدخلون الفرح والبهجة اإىل قلوب االأطفال القادمني اجلدد.<br />
كانت ماكسني ستاينكي يف السابعة من العمر حني وصلت اإىل الظهران، وقد بهرت اأنظار الرجال<br />
بصفة خاصة بسبب مهارتها يف األعاب الورق. وقد دعيت اإىل االنضمام اإىل مباراة ودية مع بعض الرجال،<br />
ومتكنت خالل بضعة اأسابيع من السيطرة على اللعبة. وتتذكر ماكسني فيما بعد كيف استمتع الرجال باإقناع<br />
اأحد الوافدين اجلدد ممن مل يكونوا على علم مبا يجري باللعب مع ماكسني. وقد ظن عامل الزيت ذاك اأن<br />
عليه اأن يراأف بهذه الطفلة التي تفتحت يف سن مبكرة، لكنه ذهل حني هزمت جميع الالعبني تقريباً.<br />
كانت ماكسني واأختها الصغرى ماريان تتلقيان تعليمهما يف البيت على يد اأمهما خالل االأسبوع و ترتقبان<br />
بلهفة اأيام اجلمعة وهي عطلة والدهما. وكثرياً ما كانتا تذهبان للسباحة يف مياه اخلليج الضحلة، غري عابئتني<br />
باأسماك القرش القريبة. ويف اأوقات اأخرى كانتا تقلدان والدهما املتخصص يف اجليولوجيا، وتبحثان عن<br />
اأسنان سمك القرش على اجلبال الواقعة خلف حي السكن الصغري. كان ركوب السيارة على الكثبان الرملية من<br />
االأنشطة االأخرى املفضلة لديهما، حيث كان ماكس يقود السيارة ببطء على سفوح الطعوس الرملية ثم ينحدر<br />
بسرعة من قمة التل ، والطفلتان تصرخان من شدة الفرح والسيارة مندفعة اإىل السفح.
املجلد الأول : اإمداد العامل بالطاقة<br />
84<br />
بالضيق يف املعسكر على مر الشهور يف خضم االإشاعات املتنامية باأن مصري املشروع باأكمله يتوقف على<br />
جناح البئر رقم 7: "طوال عام 1937م واصلت الشركة بناء عدد حمدود من املباين التي كانت قيد<br />
االإنشاء، رمبا لتثبت للملك اأنها مل تياأس اأو تستسلم بعد، على الرغم من اأن بداية عملية احلفر كل يوم<br />
كانت اأكرث اإحباطاً من سابقه. وسرت اإشاعة لفرتة من الزمن مفادها اأن ملك اململكة العربية السعودية<br />
مل يكن هو الوحيد الذي بداأ يضجر من هذا الوضع، الأن الضجر نال من بعض اإداريي سوكال يف سان<br />
فرانسيسكو اأيضاً".<br />
عالقة مذهلة: يف 14 ديسمرب 1937م، ومع انصراف االنتباه اإىل زيارة ويل العهد وملك املستقبل سعود<br />
ابن عبد العزيز اإىل املنطقة، مل يلحظ كثري من الناس وصول جيولوجي شاب اآخر يضع نظارات على عينيه<br />
ويقيم يف احلي اسمه توم بارقر .Tom Barger وبارقر هذا الذي ترقَّى عرب رتب الشركة حتى اأصبح اأكرث<br />
اجليولوجيون توم بارقر ووالت هوج وماكس<br />
ستاينكي وجريي هاريس )من اليسار إىل<br />
اليمني( خالل العمل بالقرب من سلوى يف<br />
العام 1937م. وقد اسرتعى بارقر، الذي أصبح<br />
رئيس شركة الزيت العربية الأمريكية وكبري<br />
إدارييها التنفيذيني، انتباه كبري اجليولوجيني<br />
ماكس ستاينكي.<br />
كبار املديرين التنفيذيني يف تاريخ اأرامكو نفوذاً وتاأثرياً، كان قد تزوج سراً قبل اأقل من شهر يف والية نورث<br />
داكوتا وترك زوجته الشابة كاثلني Kathleen للعيش مع والديها ليلتحق باأعمال التنقيب يف شركة كاسوك يف اململكة.<br />
وسرعان ما اأدرك بارقر اأن احلظ كان حليفه بالعمل مع جيولوجي ثاقب البصرية وحاضر البديهة مثل<br />
ستاينكي، ودليل موهوب مثل خميس بن رمثان. اأمضى بارقر وستاينكي وابن رمثان اأسابيع عديدة على مدى<br />
السنوات القليلة التالية يف العمل جنباً اإىل جنب يف اأثناء النهار وهم يعدون خرائط االرتفاعات و يبحثون<br />
عن النتوءات اجليولوجية وغريها من العالمات.اأما يف املساء فكانوا يتحلقون حول نار املعسكر ويتبادلون<br />
الروايات حول اجلن، ورعاة البقر، والهنود احلمر. وقد اأدرك بارقر تشابه طبيعة رفيقيه، وكشف عن مهارته
قراءة الصخور 85<br />
الصادقة يف االإقرار بقدرات االآخرين بغض النظر عن خلفياتهم، وهي خاصية استفاد منها كثرياً طوال<br />
تاريخه الوظيفي احلافل يف الشركة، حيث قال:<br />
يدهشني اأنني خالل شهر واحد تعرفت اإىل اثنني من اأحسن الرجال الذين صادفتهم يف حياتي على<br />
االإطالق، وهما ماكس ستاينكي وخميس بن رمثان، واأصبحت صديقاً خملصاً لهما، فبالرغم من اأنهما<br />
مولودين على طرفني متباعدين من االأرض، وعلى الرغم من شدة التباين يف مظهرهما اخلارجي فاالأول<br />
ضخم ، كثري الصخب، واالآخر ممشوق القوام ، متوسط البنية، وال يحب الظهور، اإال اأنهما يشرتكان يف الطباع<br />
نفسها، ويتميزان بالنشاط املفرط والذكاء احلاد. واإذا تعرضا لقسوة الطبيعة، والرياح الالذعة، والطعام<br />
الرديء، واملياه العكرة مل يتحدثا عن ذلك اإطالقًا، اإال اإذا كانت مناسبة لسرد قصة طريفة اأو نكتة مضحكة.<br />
وخميس ال ميكن اأن يتوه يف الصحراء اأبداً، فباالإضافة اإىل حاسته السادسة التي هي مبثابة بوصلة<br />
داخلية ال تخطئ، فاإنه يتمتع بذاكرة غري عادية متكنّ نه من تذكر شجرية مر بها عندما كان شاباً، اأو طريق<br />
اإىل بئر اأخربه بها اأحدهم قبل سنوات عشر.<br />
ويف الصحراء وسط طبقات الصخور والرواسب حيث يعمل اجليولوجي، فاإن ماكس ال يختلف كثرياً<br />
عن خميس بن رمثان، فهو قادر على ربط نتوء صخري يعرث عليه على الشاطئ بفقرة من تقرير جيولوجي<br />
ضخم كان قد قراأه قبل سنوات. ويبدو اأن االثنني من الناحيتني املجازية واحلرفية كانا يدركان دائماً اأين<br />
هما االآن واإىل اأين هما ذاهبان بعد ذلك.<br />
اأقام اجليولوجيان ، توم بارقر وماكس ستاينكي، وابن رمثان خالل سنوات االمتياز االأوىل عالقة كانت<br />
اأقرب اإىل االستثناء منها اإىل القاعدة. فقد حصل ابن رمثان على وظيفته ملهاراته التخصصية على وجه<br />
التحديد، وعمل مع رجال يتمتعون مبستوى رفيع من التدريب والعلم ويثمنون قدراته وشخصيته الفريدة من<br />
نوعها. وملا كان معظم السعوديني الذين مت توظيفهم اآنذاك عماالً غري مهرة يقومون باأعمال البناء والنقل<br />
واحلفر فقد كان من الضروري تعليمهم تقريباً كل ما يحتاجون اإىل معرفته وهم يف موقع العمل. صحيح اأن<br />
حتديد املواقع العاملية<br />
وجد اجليولوجيون االأمريكيون الذين وصلوا اإىل اململكة يف ثالثينيات القرن العشرين صعوبة شديدة<br />
يف تتبع مواقعهم، فحساب خطوط العرض كان يتم من خالل قياس موقع الشمس باالإسطرالب واأدوات<br />
اأخرى، اأما خطوط الطول فكانت حتدد باأخذ التوقيت الدقيق من االإشارات الالسلكية. وباالإضافة اإىل<br />
ذلك، كانوا يعايرون عدادات السيارة لكي تساعدهم يف تخطيط مسارهم بالكيلومرتات عرب اأرض يباب<br />
تغطيها الرمال، واحلجارة، والسبخات امللحية. اأما خميس بن رمثان وغريه من البدو الذين عملوا مع رجال<br />
الزيت فلم يكونوا بحاجة لهذه االأدوات. فالعالمات الصحراوية كانت بالنسبة اإليهم واضحة يف جميع<br />
االجتاهات، وقراءتها سهلة مثل قراءة خرائط الطرق التي توزع يف حمطات البنزين يف الواليات املتحدة.<br />
اأما يف الليل، فكان البدو يتبعون العالمات املضيئة التي توفرها لهم النجوم والكواكب جماناً.<br />
اأصبح ابن رمثان بفضل طبيعته املنفتحة ومهاراته غري العادية يف قص االأثر اأقرب العمال البدو اإىل<br />
جيولوجيي كاسوك يف سنوات التنقيب االأوىل من االمتياز. وينتمي ابن رمثان، اإىل قبيلة العجمان التي<br />
متردت على امللك عبد العزيز اإبان توحيد اململكة، وكان قد هاجر مع الكثريين من اأبناء قبيلته من االأحساء<br />
اإىل جنوب العراق يف اأوائل العشرينيات بحثاً عن مراعٍ اآمنة. وقد طلب اأمري منطقة االأحساء، وهو ابن عم<br />
امللك، من ابن رمثان العودة اإىل ديرته ملساعدة اجليولوجيني يف تنقالتهم عرب جماهل الصحراء، وهذا<br />
دليل واضح على االأهمية التي اأوالها امللك عبد العزيز لنجاح جهود التنقيب واإقراره بقدرات ابن رمثان<br />
املعروفة يف قص االأثر. وسرعان ما نساأت االألفة بينه وبني بارقر وماكس ستاينكي، وكم كان ابن رمثان<br />
يدهشهم باأساليبه يف االهتداء اإىل الطريق واحلياة يف الصحراء. وقد ظل يعمل يف اأرامكو حتى وافته<br />
املنية عام 1959 بعد صراع مع السرطان. لكن ذكراه مل تنته مبوته، اإذ اأطلقت الشركة اسمه على حقل<br />
)الرمثان( عرفاناً بجميله بعد اكتشافه على مسافة 95 كيلومرتاً شرقي القيصومة عام 1974م.<br />
صورة تضم الدليل البدوي الأسطوري<br />
خميس بن رمثان، إىل اليمني، والدليل<br />
حممد على الكثريي، يف أبريل 1935م،<br />
اللذين قاما بدور حيوي يف مساعدة<br />
اجليولوجيني الأوائل على اجتياز الصحارى<br />
ومعرفة تقاليد البالد.
املجلد الأول : اإمداد العامل بالطاقة<br />
86<br />
وصل فيليب مكونيل إىل اململكة العربية<br />
السعودية يف العام 1938م وعمل كبرياً<br />
ملهندسي البرتول يف شركة كاسوك خالل<br />
سنوات احلرب. وقد كتب الحقاً كتاباً<br />
بعنوان "مائة رجل" استوحاه من جتاربه<br />
أثناء احلرب.<br />
بطاقة بريدية من الظهران<br />
كانت الرسائل التي يبعثها اجليولوجيون واملهندسون يف اململكة العربية السعودية اإىل عوائلهم واأصدقائهم<br />
خالل الثالثينيات واالأربعينيات من القرن املاضي قد قدمت ملحات رائعة عن احلياة يف داخل املخيم النفطي<br />
ويف الصحارى الواسعة غري املاأهولة للصحراء العربية. نستور جون ساندر Nestor John Sander عامل<br />
متحجرات شاب كان قد عمل لدى سوكال يف اأوائل عام 1938م وكان واحداً من مئات الذين مت تعيينهم من<br />
قبل كاسوك عقب جناح حفر البئر رقم 7 يف الدمام.<br />
عمل ساندر لبضعة اأشهر يف كاليفورنيا لدى سوكال قبل اأن يُرسَ ل اإىل اململكة العربية السعودية يف نوفمرب<br />
من ذلك العام. وانهمك مع اثنني من اجليولوجيني يف رحلة طويلة اأشبه بامللحمة استمرت شهراً كامالً، وهي<br />
مغامرة شبيهة برحالت اجليل التايل من العاملني يف جمال الزيت الذين جيء بهم للعمل يف الصحراء<br />
لزيادة الفرص التي بداأت باكتشاف الزيت يف البئر رقم 7. ويروي ساندر اأيامه االأوىل يف املعسكر:<br />
»كانت الظهران اآنذاك، كما راأيتها، جمرد شارع عريض غري مرصوف، على اأحد جانبيه صالة للطعام<br />
ومساكن عمال احلفر املوؤلفة من طابقني مسقوفني بالقش اأما صالة الطعام فكانت من طابق واحد.<br />
وعلى اجلانب االآخر من الشارع خمترب صغري لالإحفوريات واملتحجرات يتاألف من كوخ سقفه من<br />
الصفيح ويضم اأيضاً مقسم الهاتف، باالإضافة اإىل عدد من<br />
املباين االأخرى، وعلى التل عند الطرف الشمايل للشارع بضعة<br />
خزانات، اأعتقد اأن معظمها يستعمل لتخزين املياه، اإذ مل يكن<br />
هناك اإنتاج يذكر يف ذلك الوقت.<br />
خالل الشهر اأو الشهرين اأو الثالثة االأوىل كنت اأنام يف ممر<br />
فندق احلفارين، اأو سمنّ ه ما شئت. وكانت هناك جمموعة من<br />
الغرف يف الطابقني، و لكل حفار غرفة خاصة به فيها مكيف هواء<br />
من النوع اجلداري فنظام التكييف املركزي مل يكن متوافراً يف<br />
ذلك الوقت لكنه رُكب فيما بعد. وهكذا كانت الغرف باردة عند<br />
النوم، مع اأن حرارة اجلو تصبح مقبولة عموماً يف يناير وفرباير<br />
ومارس. اأما مشكلتي الرئيسة فكانت عمال احلفر الذين يغريون<br />
النوبة عند منتصف الليل، كانت ضوضاوؤهم متنعني من النوم<br />
الأن سريري يف املمر.<br />
بعد ثالثة اأو اأربعة اأشهر شعرت بفرحة غامرة حني مت اإنشاء<br />
سلسلة من كبائن معدنية خضر مسقوفة بسعف النخيل و مكيفة<br />
الهواء. واأتذكر كيف كنت خالل االأسابيع الثالثة االأوىل غري<br />
متاأكد من رغبتي يف البقاء بسبب احلنني اإىل الوطن والشعور<br />
بالوحدة«.<br />
كان بات دويل، وهو رسام موهوب<br />
وجيولوجي شاب، يزين رسائله إىل أهله<br />
برسومات تصور املناظر الطبيعية للجزيرة<br />
العربية وحياتها الفطرية وسكانها.
قراءة الصخور 87<br />
رجال الزيت االأمريكيني مل يسجلوا تاريخ هوؤالء بدقة كما فعلوا مع ابن رمثان، لكن اإسهاماتهم كانت بالغة<br />
االأهمية يف جناح صناعة الزيت التي ساعدوا على تاأسيسها.<br />
وتُعد خطابات بارقر اإىل اأهله التي جمعها ابنه تيم Tim ونشرها عام 2000م حتت عنوان »يف الهواء<br />
الطلق »Out in the Blue اإسهاماً مميزاً يف تسجيل التاريخ املبكر للشركة. وحتتوي خطابات بارقر على ملحات<br />
للحياة يف معسكر شركة الزيت يف اأواخر الثالثينيات واأوائل االأربعينيات من القرن العشرين، وهي السنوات<br />
التي شكلت نقطة انعطاف يف تطوير امتياز التنقيب عن الزيت يف اململكة. لكن زمن التنقيب يف اأراض<br />
جمهولة، وحتديد مواقع احلفر يف الصحراء مرتامية االأطراف كان يوشك على االنتهاء.<br />
العصر اجلديد: يف مطلع ربيع عام 1938م، اأي بعد ما يقرب من سنوات خمس من اجلهد املضني،<br />
والبدايات املتعرثة، واالآمال املحطمة، التي اأعقبتها تصريحات بالنجاح، اأصبح املصري النهائي لبئر الدمام<br />
رقم 7وبالطبع مصري املشروع باأكمله، يف يد جملس اإدارة سوكال الذي كان من املقرر اأن يجتمع يف سان<br />
فرانسيسكو. اأما السوؤال الذي كان يدور يف اأذهان اجلميع يف اأثناء اجتماع كبار مسوؤويل سوكال ومديريها<br />
حول مصري البئر رقم 7 فكان: »ما هو راأي ماكس ستاينكي؟«.<br />
كان مئات العمال االأمريكيني والسعوديني على كشوف رواتب سوكال التي استثمرت ماليني الدوالرات<br />
يف اأعمال التنقيب واحلفر يف املنطقة. ومع ذلك، وحتى ذلك الوقت، مل تكن الشركة قد اأنتجت ما يكفي من<br />
الزيت لضمان استمرار املشروع. واستبد القلق بكثري من املوظفني من عدم حتقق اجلدوى التجارية.<br />
أسفل:<br />
نشرت نيويورك وورلد تيليجرام يف عددها<br />
الصادر يف 16 أكتوبر 1938م نباأ إعالن سوكال<br />
اكتشافها الزيت بكميات جتارية يف اململكة<br />
العربية السعودية.<br />
ميني:<br />
حلظة انبعاث الزيت من بئر يف الظهران يف<br />
اأوائل العام 1938م. وقد اأعلن اختبار اأجري<br />
للبئر رقم 7 بتاريخ 3 مارس 1938م مولد<br />
عصر جديد: اململكة العربية السعودية تلحق<br />
بركب الدول املنتجة للزيت.
املجلد الأول : اإمداد العامل بالطاقة<br />
88<br />
مدينة خيام نصبت موؤقتاً الإقامة امللك عبدالعزيز<br />
مع حوايل 2000 شخص من حاشيته، يف ربيع<br />
العام 1939م، يف الصحراء، شمال الظهران،<br />
بالقرب من أبو حدرية حيث يقع معسكر البئر<br />
االستكشافية لشركة كاسوك. وكانت تلك<br />
أول زيارة يقوم بها امللك إىل مرافق كاسوك،<br />
لالحتفال بتحميل أول ناقلة بالنفط السعودي.
قراءة الصخور 89<br />
لقد انسحبت سوكال من عدد من مشروعات احلفر خارج الواليات املتحدة. ورمبا قد حان الوقت االآن<br />
للكف عن اإضاعة االأموال يف الوقت الذي كان اقتصاد الواليات املتحدة مير مبرحلة ما عُ رف »بركود روزفلت«<br />
يف بداية فرتة رئاسته الثانية عام 1937م وقلة الطلب على الزيت.<br />
ال شك يف اأن كل من يعمل يف صناعة الزيت يدرك اأن التنقيب عن الزيت يف اأفضل حاالته ينطوي على<br />
خماطرة. ويف تلك اللحظة بدا اأن البئر رقم 7 )الوحيدة( اأبعد ما تكون من اأن تصبح اأول بئر جمدية<br />
من الناحية التجارية يف اململكة. لذلك، فقد حفزت فكرة ما يجب فعله يف االأحساء، كالرك جيسرت،<br />
الذي كان من كبار اجليولوجيني يف الشركة، اإىل استدعاء ستاينكي اإىل سان فرانسيسكو للتشاور معه.<br />
لقد حان الوقت االآن ملسوؤويل الشركة الكبار االستماع مباشرة من شخص يُعد من كبار اجليولوجيني يف<br />
اململكة العربية السعودية.<br />
عُ رف عن ستاينكي حدسه املذهل حني يتعلق االأمر بقدرته على جتميع املوؤشرات اجليولوجية املتباعدة،<br />
وباحلذر الشديد عند استخالص االستنتاجات من تلك املوؤشرات. ولديه ميل طبيعي الإجراء عملية مسح<br />
واحدة للتاأكد، لكن الوقت كان قد نفد. وباالعتماد على سنوات العمل امليداين التي اأمضاها برفقة اأعضاء<br />
فرق اجليولوجيا التابعة لسوكال يف صحراء اململكة، وعلى عشرات التقارير، وبناء على معرفته املوسوعية،<br />
اأدرك ستاينكي اأن هناك رسالة صحيحة واحدة ينبغي اإيصالها اإىل جملس االإدارة اأال وهي التوصية<br />
باستمرار احلفر.<br />
فبينما كان قادة سوكال يتقلبون يف فراشهم ويفكرون ملياً يف مصري مشروعهم السعودي الضخم الذي<br />
حتيط به كل هذه املشكالت، كان موظفو حقول الزيت يف نصف الكرة االأرضية االآخر يرقصون من الفرح.<br />
أول معسكر يف رأس تنورة، اللسان الرملي<br />
الذي يقع على بعد 64 كيلومرتاً شمال<br />
الظهران، ويتكون املعسكر من عدد من البيوت<br />
املتنقلة كما يظهر هنا يف العام 1939م.
املجلد الأول : اإمداد العامل بالطاقة<br />
90<br />
ووصلت برقية موؤرخة يف 4 مارس 1938م اإىل سان فرانسيسكو تعلن على املالأ اأن بئر الدمام رقم 7 ينتج<br />
1,585 برميالً يف اليوم على عمق واحد ونصف الكيلومرت تقريباً يف الصخور اجلريية املسامية التي اأصبحت<br />
تُعرف باسم املنطقة اجلريية املسامية العربية.<br />
انتشرت اأخبار اكتشاف الزيت يف جميع اأنحاء اململكة من خالل الربقيات كسرعة انتشارها يف جملس<br />
اإدارة الشركة يف سان فرانسيسكو. وبدا وزراء احلكومة السعودية يف جدة سعداء وهم يطلبون املزيد من<br />
املعلومات حول موعد بدء االإنتاج التجاري وتدفق اإيرادات الزيت اإىل خزائن الدولة. وقد حاول ويليام ج. »بل«<br />
ليناهان ،William .J «Bill» Lenahan ممثل كاسوك لدى احلكومة جاهداً اأن يخفف من توقعات السعوديني.<br />
ويف االأيام التالية استمرت عمليات االختبار اإىل اأن اأصبحت البئر تنتج ما يزيد على 100,000 برميل يف<br />
اليوم. وخالل مدة قصرية مت تعميق البئرين 2 و4 اإىل املستوى نفسه، واكتشف الزيت فيهما اأيضاً. يف هذا<br />
الوقت مل يعد هناك شك يف وجود الزيت بكميات جتارية يف اململكة، واإن كان االإعالن الرسمي عن ذلك مل<br />
يتم اإال يف اأكتوبر.<br />
يف هذه االأثناء بداأ االإسراع يف بناء مرافق حتميل الزيت املكتشف حديثاً اإىل السوق. ويف غضون اأشهر<br />
قليلة مت صنع خزانات التجميع، وخطوط االأنابيب وحمطة حتميل صغرية يف اخلُ رب، ويف سبتمرب 1938م<br />
بداأت الشركة يف شحن الزيت بالصنادل اإىل مصفاة بابكو يف البحرين، ويف 16 اأكتوبر 1938م اأعلنت<br />
كاسوك للحكومة السعودية رسمياً اأنها بداأت االإنتاج التجاري. .<br />
ملا كان العمل يف مرافق اخلرب جارياً على قدم وساق، بداأ العمل بالفعل يف اإقامة شبكة اأخرى لتجميع<br />
الزيت وتوزيعه ونقله عرب خط اأنابيب قطره 25 سنتيمرتاً اإىل اللسان الرملي املعروف باسم راأس تنورة على<br />
بعد 64 كيلومرتاً شمال الظهران حيث كانت خطوط التحميل متتد حتت البحر لتنقل الزيت اإىل مراسي<br />
الناقالت يف املياه العميقة على مسافة كيلومرت واحد تقريباً من الساحل. وقد عمل مساحو كاسوك وغريهم<br />
من املوظفني بالتعاون مع قسم الهيدروغرافيا التابع للبحرية الربيطانية على حتديث اخلرائط الإيجاد قنوات<br />
جديدة توفر لقباطنة الناقالت ومالحي املرفاأ ممراً مفتوحاً وماأموناً اإىل مراسي راأس تنورة.<br />
ويف 1 مايو 1939م، واحتفاالً بتحميل اأول ناقلة زيت يف راأس تنورة، اأدار امللك عبد العزيز شخصياً<br />
الصمام الذي سمح بتدفق الزيت اإىل ناقلة سوكال »دي. جي. سكوفيلد .D«. .G Scofield كان االحتفال<br />
مناسبة عظيمة حضره كبار االأمراء واأفراد العائلة املالكة، باالإضافة اإىل مسوؤولني حكوميني بارزين اآخرين،<br />
على راأسهم وزير املالية معايل الشيخ عبد اهلل السليمان، والتجار، واملرافقون، واالأصدقاء، واخلدم مما<br />
رفع اإجمايل عدد احلاشية اإىل األفي شخص تقريباً، جاوؤوا يف اأكرث من 400 سيارة من مكة وجدة والرياض،<br />
واأقاموا عدة اأيام يف 350 خيمة نصبت على مقربة من الظهران، شهدوا خاللها االحتفاالت، واستمتعوا<br />
باجلوالت التفقدية، ومباآدب الطعام، واخلطب.<br />
وحني اأدار امللك عبد العزيز الصمام لبدء تدفق الزيت، كان عملياً ونظرياً يربط شعبه املتطلع للرخاء<br />
بركب العامل الصناعي. وكان يعتقد جازماً، مثل سائر املسوؤولني التنفيذيني يف شركة الزيت احلاضرين،<br />
باأن الزيت السعودي سيعود على السعوديني بالرثوة واخلري الوفري واحلياة االأفضل. ولكن مل يخطر يف بالهم<br />
قط اأن االأحداث العاملية ستقف حجر عرثة اأمام حتقيق طموحاتهم. فاالنقسامات اجلغرافية السياسية التي<br />
سبقت اندالع احلرب العاملية الثانية يف اأوروبا اأججت التوترات بني اأعضاء السلك الدبلوماسي يف اململكة<br />
العربية السعودية. كما اأن احلرب العاملية التي تلت تلك التوترات اأخنّ رت اأعمال استكشاف الزيت واإنتاجه يف<br />
اململكة طوال السنوات التالية .
قراءة الصخور 91<br />
جاللة املغفور له امللك عبدالعزيز، يستعد<br />
لفتح الصمام الذي سريسل الزيت اخلام<br />
السعودي إىل الناقلة د. جي. سكوفيلد يف 1<br />
مايو 1939م.