12.07.2015 Views

Arabic-The-Middle-East-in-Bible-Prophecy

Arabic-The-Middle-East-in-Bible-Prophecy

Arabic-The-Middle-East-in-Bible-Prophecy

SHOW MORE
SHOW LESS
  • No tags were found...

You also want an ePaper? Increase the reach of your titles

YUMPU automatically turns print PDFs into web optimized ePapers that Google loves.

هذا الكتيب ليس للبيع.‏ إنه خدمة تربوية إجتماعيةمجانية،‏ طبعتها كنيسة الرب املوحدة مؤسسة عاملية.‏www.ucg.orgمالحظة:‏ إن كلمة اهلل في هذا الكتيب ال تعني و ال ترمز إطالقاً‏ الى إِلَه الوثنيني أو الىالفلك وماخُ‏ لِ‏ ق منهم ومعهم من أصنام و حِ‏ رَف،‏ بل ترمز فقط الى اخلالق الكرمي،‏ األبدي،‏السرمدي،‏ الرحيم،‏ خالق العاملني،‏ إِلَه آدم،‏ نوح،‏ أبراهيم،‏ إسماعيل،‏ إسحق و إسرائيل،‏ونسلهم وذرياتهم من بعدهم.‏Author: Melv<strong>in</strong> Rhodes Contribut<strong>in</strong>g writers: Scott Ashley, Jerold Aust, Noel Hornor, Tom Rob<strong>in</strong>son, JohnRoss Schroeder Editorial reviewers: John Bald, Mike Bennett, Wilbur Berg, Robert Dick,Roger Foster, Jim Franks, Bruce Gore, Paul Kieffer, Tom Kirkpatrick, Graemme Marshall, Burk McNair, DarrisMcNeely, Larry Neff, Mario Seiglie, Richard Thompson, David Treybig, Leon Walker, Lyle WeltyDesign: Shaun Venish<strong>Arabic</strong> Translation, edit<strong>in</strong>g and proof read<strong>in</strong>g: M.A.S.; Habib Akl, International Consultants Legal Offices<strong>Arabic</strong> Layout and Design: Peter Edd<strong>in</strong>gton


الش رق الأوسطفي نبؤاتالكتاب المقدس© ٢٠١٠ كنيسة الرب الموحدة،‏ مؤسسة عالميةجميع الحقوق محفوظة.‏ هذه المقاطع المقدسة منسوخة عن الكتاب المقدس التي تصدرها دار الكتابالمقدس في العالم العربي (٣٥٠، ٣٨٩١) إن يذكر غير ذلك.‏© 2007 United Church of God, an International Association All rightsreserved. Pr<strong>in</strong>ted <strong>in</strong> U.S.A. Scriptures <strong>in</strong> this booklet are quoted from theNew K<strong>in</strong>g James Version (© 1988 Thomas Nelson, Inc., publishers) unlessotherwise noted.www.ucg.org


٢ الشرق الأوسط في نبؤات الكتاب المقدسالفه رس:‏٣ مقَ‏ دِمة:‏ عوالم مضطَ‏ رِبةإن هجمات الإرهاب التي هزَت العالم بأجمعه جعلتنا ندرك ان واقع الشرق الأوسط يؤثرعلينا جميعاً‏ أينما أقمنا.‏٧ أبناء إبراهيملا يمكِ‏ ننا تفَهم وضع الشرق الأوسط الحالي دون الرج وع إلى جذور الإختلافات التيإبتدأت بأحفاد إبراهيم منذ العقود القديمة.‏١٢ قيام و سقوط أمة إسرائيل القديمةتدور معظم النصوص التاريخية المقدسة حول القيام الصاعق لمملكة إسرائيل وسقوطها المذهول – تلك النبؤآت جميعها نُصَ‏ ت في الكتاب المقدس.‏١٨ نبؤآت دانيال عن الإمبراطوريات الأربعأوحى الرب لدانيال النبي عن قيام و سقوط تِلك الإمبراطوريات التي سوف تسود وتحكم الشرق الأوسط.‏ تصديق التاريخ لنبؤآته الصاعقة.‏٢٦ ظهور الإسلامذرِية إبراهيم عبر إسماعيل تصبح أمة عظيمة.‏ ظهور و صعود الإسلام أنجز هذه النبؤةالإستثنائية.‏٣٨ ولادة الش رق الأوسط الحديثأحدَثَ‏ القرن العشرين (٢٠) تَغَ‏ يُرات هائلة في الشرق الأوسط-‏ منها إنهيار الإمبراطوريةالعثمانية،‏ إنشاء دول جديدة،‏ و ولادة دولة إسرائيل.‏٤٨ بعْ‏ ث الإسلام الأصولي من جديدأتت تغيرات القرن العشرين (٢٠) بحدث غير متوقِع – و هو إنبِعاث قوة إسلاميةمقاتلة في نضالٍ‏ جوهري مع الغرب.‏٦٠ الح رب و السلام في الش رق الأوسطتوحي النبؤآت بتطورآت أخرى خطيرة – الأولى منها صراع يغمر القارة بأجمعها،‏ ثميليها سلام للجميع ملتمس له من البشرية منذ أزمنة بعيدة.‏


٣مقدمة:‏ عوالم مضطربةمقدمة:‏ عوالممضطربةأين كنت في ايلول/سبتمبر ‎٢٠٠١‎؟ ان كنت كمعظم الناس،‏ فإن مشاهد و مشاعر هذااليوم المفزعة قد نقشت الى الأبد في ذاكرتك.‏من ينسى منظر الطائرة العملاقة و هي تصطدم بمركز التجارة العالمي؟ من ينسىمنظر النساء والرجال العالقين فيالمبنى و هم يقفزون الى حتوفهممن تلك الإرتفاعات الشاهقة؟ منينسى إنهيار البرجين و سحابةمسحوق الكونكريت و الحطام التيغمرت مانهاتن؟لقد غيرت أحداث ذاك اليومالم روع عالمنا الى الأبد.‏ في مطلعقرن جديد،‏ جاءت تلك الأحداثنذيراً‏ بعهد جديد من الإرهابالجماعي الم روع و هو يستهدفالمدنيين العزل.‏ لقد تلاشى الىالأبد إحساس الأمريكيين بالأمن،‏ وتبدد إحساسهم بأن الكوارث منهذا النوع مهما عظمت فلن تطالسواحلهم.‏ فيما أدركت أمم أخرىاظه رت الهجمات الانتحارية المروعة في الحادي عشر من سبتمبر ٢٠٠١ أن مايحدث في الش رق الأوسط يؤثر في العالم.‏صورة أ ف بإن فواجع شبيهة بما أصاب الولايات المتحدة يمكن قريباً‏ أن تضرب مدنهم ‏(بل أن هذاهو ما حدث فعلاً،‏ حيث استهدفت هجمات مدمرة كل من تركيا و اسبانيا و روسيا وبريطانيا و الأردن و دولاً‏ أخرى).‏أضحى الإرهاب تهديداً‏ حقيقياً‏ تماماً‏ لملايين الناس عبر العالم.‏رعب ذلك اليوم أطلق الشرق الأوسط من عقال حدوده الجغرافية الى واجهات برامجالأخبار حول العالم.‏ فجأة بات ما يحدث على بعد الآف الأميال واقعا يؤثر في حياةالناس حيثما كانوا.‏ فجأة تحولت المنطقة التي كان يعتبرها العديدون غير ذات صلة بهم


٤ الشرق الأوسط في نبؤات الكتاب المقدسالى أهم نقطة جذب للإهتمام،‏ فيما إلتفتت الشعوب في كل مكان من عالمنا الى حقيقةمفزعة مفادها أن الشرق الأوسط يؤثر في حياة الجميع.‏و ساد الجميع يقين بأن مشاكل تحدث على بعد آلآف الأميال قد تترك في حياتناأثراً‏ يفوق الأثر الذي تتركه قرارات تتخذها حكوماتنا الوطنية.‏ ترَكَ‏ انهيار البرجين التوأماثراً‏ في الاقتصاد الأمريكي فاق بكثير القرارات التي تتخذ في محلة وول ستريت ‏(مركزصناعة المال الأمريكي).‏ هذا الاثر المهول اتخذ شكل خسائر مالية مباشرة قُدِ‏ رت بمبلغ١٠٠ مليار دولار،‏ وخسائر في سوق توقعات البورصة على المدى القريب بلغت ٢ ترليوندولار.‏الش رق الأوسط يؤثر في حياتنا دون استثناءإلا أن الحادي عشر من سبتمبر لم يكن بداية الأرهاب والتطرف الإسلامي و الص راعفي الشرق الاوسط.‏ بل أنه و كجزء من تسلسل تاريخي متصل كان ببساطة التاريخ الذيوصلت فيه مشكلات تراكمت على مدى الآف السنين الى سواحل امريكا.‏الش رق الأوسط:‏ صراع عوالملابد أن يفهم المرء الام ذهبت النبوءات ليدرك ماسيحدث في الشرق الأوسط.‏ و سواء أدركناه و وعيناخطورته،‏ أم لم نُدرِكُهُ،‏ فإن ما سيحدث هناك قدّر له أنيؤثر في حياة كل إنسان على سطح هذا الكوكب.‏لماذا يحتل الشرق الأوسط العناوين الرئيسية غالباً؟إحدى الإجابات البديهية هي:‏ النفط باعتباره مصدر حياةالاقتصاديات المعاصرة.‏ دون هذه المادة الحيوية التي تسيرالمصانع،‏ و تدفيء المنازل،‏ و تغذي وسائل النقل بالوقود،‏و تيسر الطاقة و تنتج الاف المواد الخام،‏ دونها ستتعثراقتصاديات العديد من الدول وتنتهي الى الإنهيار.‏ محضهذه الأهمية الحيوية تكفل للنفط موقع الصدارة في عناوينالأخبار على مدى أعوام مقبلة.‏لكن،‏ هنالك عنصر آخر يبقي الشرق الأوسطمتصدرا لعناوين الأخبار،‏ فهذه المنطقة هي مهبط دياناتالتوحيد الثلاث ‏"اليهودية و المسيحية و الإسلام".‏ و فيأحقاب متعددة من التاريخ كانت المنطقة أرضاً‏ لمعاركطاحنة بين هذه الديانات رغم انها أرض الرسالات بالنسبةللأديان الثلاث التي تصارع أتباعها على مدى التاريخ لإنتزاعالسيطرة على إقليم طالما إعتبروه مقدساً.‏أكثر مكان تتجلى فيه تلك الصراعات هو إسرائيل،‏و على وجه الخصوص ‏”أورشليم“‏ حيث يعجز المرء عنتخيل كيف تصادمت كل تلك التواريخ والأديان والثقافاتلتنتهي الى أكوام من الذكريات تراها في كل مكان منالميدنة العريقة.‏ و يتجلى هذا باوضح صوره في ‏”معبدالهيكل“،‏ منطلق شرارة العديد من الصراعات عبرالقرون.‏أول من إهتم بهذا المكان هو ملك إسرائيل ‏”داوود“‏الذي إشترى أرضاً‏ دارسة و بنى عليها مذبحاً‏ لمعبدارتأى إقامته في المكان (١ أخبارالأيام الأول ص:‏٢١-٢٢). و أطلقت تسمية ‏”معبد الهيكل“‏ عليه لأنهذا هو الموقع الذي بنى فيه سليمان إبن داوود معبداً‏‏(دمره البابليون في عام‎٥٨٦‎ قبل الميلاد)‏ و بناه من جديد‏”زروبابل“‏ ثم وسعه فيما بعد ” هيرود العظيم“(وأخيراً‏ دمره القائد الروماني تايتوس في عام ٧٠ ميلادي).‏في هذا المكان تعبد يسوع الناصري و علّم و بشّ‏ ر،‏و واجه هنا ايضا صرافي المال و الكتبة والفريسيينو سلطات دينية اخرى.‏ بعد وفاته و قيامته،‏ ولدتالمسيحية في ظل المعبد.‏ فقد واصل اتباع المسيح عبادته


٧ابناء إبراهيمابناء إبراهيمسكوت آشليمن المستحيل ان نفهم الشرق الأوسط حالياً‏ دون ان نمتلك بعض المعرفة عن الأديانالكبرى الثلاثة التي تنبعث من المنطقة،‏ اليهودية و المسيحية و الإسلام.‏ هذه العقائدالثلاث ترجع في جذورها الروحية الى نفس الشخصية،‏ إبراهيم.‏ و عمالقة التاريخ الثلاثةالذين يقفون خلف هذه الاديان،‏ موسى و ي س وع المسيح و محمد هم أحفاد سلالة إبراهيممباشرة .إبراهيم المولود في مدينة‏"أور"‏ في الجزء الجنوبي من بلادبين النهرين،‏ كان نجل ‏"تارح"‏و هو احد أحفاد ‏"سام"‏ ابننوح.‏ و ما زال أثر ‏"إبراهيم"‏المولود لأربعة الآف عام خلتشاخصاً‏ قوياً‏ حتى اليوم علىالشرق الاوسط.‏ كأحد احفادنوح المتحدرين من سام،‏ كانإبراهيم وابناؤه من الشعوبالسامية.‏ في ‏"سفرتكوين ص:‏١١" نقرأ ان ان الحفيد الأكبرلسام و يدعى ‏"عابر"‏ ‏(ع:‏‎١٤‎‏-‏١٦) كان جدا مباشرا لإبراهيم،‏و من ‏"عابر"‏ اشتقت تسمية‏"العبريين".‏صندوق مطعم بالأحجار اكتشف في ‏”أور“‏ جنوب حوض بلاد النهرين” العراق حاليا“‏ عليه مشاهد تظهر تفاصيل الحياة اليومية في عهدابراهيم.‏ دعا الله ابراهيم ان ي ب رح ارض اسلافه ليبدا حياته في ارضجديدة.‏إبراهيم الملقب ب"‏ أبي المؤمنين"‏ ‏(الروم ص:‏‎١١‎ ع:‏‎٤‎‏)‏ أطاع وصايا الرب بأن يهجر موطنهفي مدينة ‏"أور"‏ و يغادر الى ‏"حران".‏ و يصفه ‏"إستفانوس"‏ الشهيد ال ورع الاول في عصرالمسيح بأن ‏(رب العزة تجلى لأبينا إبراهيم حين كان في بلاد بين النهرين قبل ان ينتقلالى ‏"حاران"‏ و قال له:‏ اخ رج من بلدك و فارق اقاربك و اقدم الى ارض سأدلك عليها.)‏‏(الرسل ص:‏‎٧‎ ع:‏‎٣-٢‎‏).‏و تقع مدينتا ‏"أور"‏ و ‏"حاران"‏ في بلاد ما بين النهرين و هي المنطقة المحصورة بين نهريدجلة و الفرات.‏ كانت ‏"حاران"‏ محطة توقف طبيعية لإبراهيم و سارة و هما على مشارفان يبعثهما الرب الى أرض جديدة،‏ بما يشكل منعطفا هاما في تاريخ المنطقة.‏نقرأ عن هذه النقلة في حياة إبراهيم في سفر التكوين ص:‏ ١٢ ع:‏‎٤-١‎ بعد وفاة والد


٩ابناء إبراهيمأجعلك أمما،‏ و ملوك منك يخرجون"‏ ‏(ع:‏‎٦‎‏).‏في ذلك الوقت،‏ كانت هذه النبوءات تبدو لإبراهيم مجازات بلاغية،‏ لأن زوجته سارة كانتعاقرا.‏ عقر سارة كان أمراً‏ عظيم الأهمية في تطور الشرق الأوسط الحديث.‏وعد الرب إبراهيم في ‏(تكوين ص:‏‎١٥‎ ع:‏‎٤‎‏)‏ أن يكون له وريثا ‏"وريثا يطلع من صلبك".‏و لعدم صبرها،‏ فقد طلبت سارة من إبراهيم ان يَعرِفَ‏ وصيفتها المصرية هاجر لينجبمنها ولداً.‏ حدث هذا ‏"بعد أن سكن إبراهيم ارض كنعان لعشرة اعوام"‏ ‏(تكوين ص:‏‎١٦‎‏،‏ع:‏‎٣-١‎‏).‏ولادة أول إبن لإبراهيم‏"فعَ‏ رِفَ‏ إبراهيم هاجر فحبِلتْ.‏ فلما رأت انها حَ‏ بِ‏ لت،‏ صَ‏ غِ‏ رت سيدتها في عينيها"‏‏(تكوين ص:‏‎١٦‎ ع:‏‎٤‎‏).‏ و تدهورت العلاقة بسرعة بين سارة و بين هاج ر،‏ فَفَ‏ رتْ‏ هاجر.‏إلآ ان هاجِ‏ ر تبَلَغَت برسالة سماوية تأمرها بالعودة و تؤكد لها ان إبنها إشماعيلسيخلف ذرية كبيرة،‏ لكنها ذرية ذات سمة ستظهر على إمتداد التاريخ:‏ ‏"تكثيراً‏ أُكَثِ‏ رنسلك فلا يُعد من الكثرة...ها انت حبلي فتلدين إبناً،‏ تسمينه ‏"إشماعيل"‏ ) اي الربيسمع)،‏ لأن الرب سمع لمذلتك.‏ إنه يكون إنسانا وحشيا،‏ يده علي كل واحد و يد كل واحدعليه،‏ و أمام جميع إخوته يسكن"‏ ‏(ع:‏‎١٢-١٠‎ النسخة العالمية الجديدة).‏هذا الوصف لذرية هاجر ذو دلالة هامة لأن العديد من عرب اليوم هم إسماعيليون...‏ أيمن ذرية " اشماعيل " نفسه المشار اليه،‏ و هو إبن إبراهيم.‏ كان محمد مؤسس و نبيالإسلام أحد احفاد قيدار و هو واحد من ابناء اشماعيل الأثني عشر ‏(و يُدعى اشماعيلبالعربية ‏"إسماعيل").‏ و في الشرق الأوسط و شمال افريقيا اليوم ٢٢ أمتاً‏ عربية،‏ معظمافرادها مسلمين.‏ و هناك ٣٥ بلداً‏ آخراً‏ اعضاء في منظمة المؤتمر الاسلامي،‏ معظمحكومات هذه الدول حكومات اسلامية،‏ الا ان شعوب هذه الدول يتحدرون من أصول وذريات مختلفة.‏و حتى قبل ان تسكن ذرية " إسماعيل"‏ المنطقة،‏ فقد كان مصطلح " العرب"‏ يطلقعلى سكان شبه الجزيرة العربية.‏ و بانتشار الإسلام،‏ صار العرب و اللغة العربية يشغلونمنطقة مترامية.‏الكلمات الإلهية التنبوئية التي وجهت الى هاجِ‏ ر ما تزال حتى اليوم ذات دلالة هامة.‏النبؤة التي ذهبت الى ان إسماعيل ‏"سيكون وحشيا"،‏ لم يُقْصَ‏ د منها الاهانة.‏ فقد كانالحمار البري الحيوان الارستقراطي بين حيوانات الصحراء،‏ لذلك كان الطريدة المفضلة التييطلبها الصيادون.‏ و في النبوءة إشارة الى أن ذرية إسماعيل سيحاكون حياة الحمارالبري،‏ لأنهم سيعيشون احرارا نبلاء في الصحراء.‏‏"يده على واحد و يد كل واحد عليه"‏ تشير ايضا الى استقلالية الحياة النموذجية.‏ ولطالما قاومت ذرية إسماعيل التسلط الأجنبي.‏ في ‏"سيعيش في عداء مع كل اخوته"‏ هياشارة الى حالة العداء التاريخية التي يعيشها العرب بين بعضهم البعض،‏ و بينهم وبينسائر احفاد إبراهيم.‏


١٠ الشرق الأوسط في نبؤات الكتاب المقدسثاني إبن لإبراهيمبعد أربعة عشر عاماً‏ من ولادة إسماعيل،‏ بارك الرب إبراهيم بولد آخ ر،‏ هذه المرة منزوجته سارة.‏ و أمرهما الرب أن يسمياه ‏"إِسحق"‏ ‏(بمعنى ضحكة)‏ لأنهما أظهرا ردة فعلمشكوكاً‏ بها حينما أخبرهما الرب انهما سيرزقان بولد رغم تقدم عمريهما،‏ علاوة علىالبهجة التي سيدخلها الإبن فيما بعد على أبويه.‏ ‏(تكوين ص:‏‎١٧‎ ع:‏ ١٧-١٩، ص:‏‎١٨‎ع:‏‎١٥-١٠‎‏،‏ ص:‏‎٢١‎ ع:‏‎٦-٥‎‏)‏ وأنجَ‏ ب إِسحق بدوره يعقوب،‏ الذي سمي أيضاً‏ باسرائيل وهو جد الإسرائيليين.‏ و بهذا فان أحفاد إسماعيل و أحفاد إسحق هم أبناء أُخُ‏ وَة من أبواحد و والدتين مُختَلِفتين.‏‏"و كبر الصبي ‏"إسحق"‏ و فطم.‏ و أقام إبراهيم وليمة عظيمة في يوم فطام إسحق.‏ورأت سارة ابن هاجِ‏ ر المصرية الذي ولدته لإبراهيم يلعب مع إبنها إسحق،‏ فقالت لإبراهيم:‏‏"أُطرُد هذه الجارية و إبنها!‏ فإبن هذه الجارية لا يرث مع إبني إسحق ‏"تكوين ص:‏‎٢١‎‏"أمَتين في الرحم،‏ شعبين ينفصلان عن جسدك،‏ شعب س ي تقوى على الآخ ر،‏ والأكبر سوف يخدم الأصغر."‏ع:‏‎٨-١٠‎‏.‏ فَسَ‏ اءَ‏ إبراهيم لهذا الكلام لأنه كان يحب إسماعيل ابنه.‏ فقال له الله:‏ ‏"لا يَقبَحَ‏في عينيك من أجل الغلام و من أجل جاريتك.‏ في كل ما تقول لك سارة إسمع لقولها،‏لأنه بإسحق يدعي لك نسل.‏ و إبن الجارية ايضا سأجعله أمة لأنه من نسلك".(ع:‏‎١٣‎‏).‏ ‏"وكان الله مع الغُ‏ لام فَنَمَا و ‏َسَ‏ كَنَ‏ في البرية..."‏ ‏(ع:‏‎٢٠‎ ).لا يمكن القول ان إسماعيل كان يكره إسحق.‏ ولكن بعد ١٤ عاماً‏ من حياته كإبنوحيد لوالديه،‏ غير وصول إسحق علاقة إسماعيل بأبيه إبراهيم بشكل جذري.‏ فيمابعد إسماعيل بدأ يشعر بالحسد و بالمنافسة تجاه أخيه ‏"غير الشقيق"‏ ... فتأصلت هذهالمشاعر في ضمائر القبائل عبر القرون و صارت تُؤَثِ‏ ر في سياسة الشرق الأوسط الييومنا هذا.‏وفاةموسىودخولبنيإسرائيلأرضالميعادقبلالميلاد 1406ولادةموسى1526قبلالميلاد1600 1500 1400 1300 1200الخروج،‏بنوإسرائيليغادرونمصرقبلالميلاد 1446وفاةيوسفجوزيف1614قبلالميلاد


١١أبناء إبراهيموَلَدا إسحق الإثنينو بَرَزَتْ‏ تعقيدات عائلية أُخرى.‏ فقد أَنجَ‏ ب إسحق بدوره ولدين،‏ يعقوب و عيسو،‏ و هماتؤامان من زوجته ‏"رفقة".‏ و قبل ولادتهما ‏"كان الطفلان يتصارعان في رحمها"‏ ‏(تكوينص:‏‎٢٥‎ ع:‏‎٢٢‎‏).‏ فَكَشَ‏ فَ‏ لها الرب:‏ ‏"في بطنك أمتان،‏ و من أحشائك يفترق شعبان،‏ شعبيقوى على آخ ر،‏ و كبيٌر يُستَعبَد لصغير"‏ ‏(ع:‏‎٢٣‎‏).‏ كلا الأخوين خلفا ذريتين صارتا اُممَ‏ اً‏عظيمة ، و هي بركة خص بها الله أحفاد إبراهيم.‏و كان من الطبيعي ان يرث المولود الأول من التوأم حق البكورة،‏ إلا أن الوضع اختلفهنا.‏ فالكتاب المقدس يوثِق أن عيسو باع حق باكوريته بالولادة الى يعقوب بصحن منالعدس المسلوق ‏(ع:‏‎٣٤-٢٩‎‏)،‏ مظهراً‏ عدم أهمية سبق باكوريته له.‏ لاحقاً‏ و فيما بعد،‏ خدعيعقوب أبيه لمنحه بركته بإعتباره الإبن الأكبر ‏(ص:‏‎٢٧‎‏).‏ لهذا السبب ‏"كره عيسو يعقوب"‏‏(ع:‏‎٤١‎‏).‏نتائج هذا الأمر مازالت هي الأخرى معنا حتى اليوم.‏ذرية عيسو ‏(الذي يدعى أيضاً‏ ادوم تكوين ص:‏‎٢٥‎ ع:‏‎٣٠‎‏)‏ تزاوجوا مع ذرية إسماعيل،‏لتشتد مرارتهم وإستيائهم من ذرية يعقوب على مدى القرون.‏ و صار حفيد عيسو‏"عمالق"‏ ) تكوين ص:‏‎٣٦‎ ع:‏‎١٢‎‏)‏ الجد الأعلى لعماليق،‏ الذين أبدوا اشد العداء لسلالةيعقوب التي تحدرت منها قبائل إسرائيل الإثنا عشر.‏ و قد كشفت احدى النبوءات عنحروب لا تنتهي بينهم ‏"عبر الاجيال"‏ ‏(خروج ص:‏‎١٧‎ ع:‏‎١٦‎‏).‏ و يرى بعض الباحثين أنالعديد من فلسطينيي اليوم يتحدرون من ‏"العماليق".‏لننتقل الان إلي روائع قصة قبائل إسرائيل و نبوءات صعودها و إنهيارها هنا.‏جدول زمني للولادات و الاحداث منذ ميلاد ابراهيم و حتى وفاة موسى و دخول بنياسرائيل الى ارض الميعاد.‏يعقوبوأسرتهيسكنونمصر1685قبلالميلادولادةإسحققبلالميلاد 1875 قبلالميلاد 1815ولادةجوزيفيوسفقبلالميلاد 1724ولادةيعقوبوعيسوإبراهيمينتقلالىأرضكنعان1900قبلالميلادولادةإبراهيم1975قبلالميلادوفاةيعقوب2100 2000 1900 1800 1700وفاةإبراهيمقبلالميلاد 1800إبراهيميقدمإسحقذبيحة1850‎قبلالميلادولادةإسماعيلقبلالميلاد 1889قبلالميلاد 1668وفاةإسحق1695قبلالميلاد


١٢ الشرق الأوسط في نبؤات الكتاب المقدسقيام و سقوط دولةإسرائيل القديمةأحدى أهم مقولات الله توجد في سفر " اشعياء"‏ ‏(ص:‏‎٤٦‎ ع:‏‎١٠-٩‎‏)‏ " أنا الله وليس إلهآخ ر،‏ انا الإله و ليس مثلي.‏ مخبر منذ البدء بالأخير و منذ القديم بما لم يُفعل،‏ قائلا رأيييقوم و أفعل كل مسرَتي."‏ ‏(تأكيدات مضافة طوال النص).‏هنا لا يقول الله ان بوسعه ان يكشف عن المستقبل فحسب،‏ بل أنه يؤكد أن لديه هناالقوة لجلب المستقبل و جعله يتحقق!‏و يتجسد ذلك في خير وجه في النبوءات الإستثنائية التي تجُ‏ لي ما الذي سيحدثلذرية إبراهيم من خلال سلالة يعقوب،‏ و قبائل بني إسرائيل الإثنتي عشرة.‏وُعُ‏ ود الله لإبراهيم،‏ رغم انها صاعقة في عظمتها،‏ بدأت صغيرة ‏-بوعد بمولد ابن،‏اسحق-،‏ الذي سيولد له و لسارة ‏(تكوين ص:‏‎١٧‎ ع:‏‎٢١-١٩‎‏،‏ ص:‏‎٢١‎ ع:‏‎٣-١‎‏).‏ إسحق بدورهرزق بولدين،‏ يعقوب و عيسو ‏(تكوين ص:‏‎١٩‎ ع:‏‎٢٦-١٩‎‏).‏ اما يعقوب فقد رزق بأثني عشرولدا تحدرت منهم قبائل بني اسرائيل الإثنتي عشرة.‏نبوءة بمولد أمةو لكن قبل ذلك بكثير،‏ بل قبل أن يكون لإبراهيم إبنا،‏ كشف الله له واقعة أن ذريتهسيمرون بواحدة من أغرب مراحل ‏"التكوين"‏ التي يمكن ان تمر بها أمة من الأمم-‏ حيثأنهم سيستعبدون في أرض غريبة قبل أن ينبثقوا للوجود كأمة.‏نجد تلك النبوءات في تكوين ‏(ص:‏‎١٥‎ ع:‏‎١٤-١٣‎‏)‏ ‏"و أعلم جيدا أن نسلك سيكون غريبافي أرض ليست لهم،‏ و يستعبدون لهم،‏ فيذلونهم اربعمائة سنة.‏ ثم الأمة التي يُستعبدونلها أنا أدينها.‏ و بعد ذلك يخرجون بأملاك جزيلة".‏هذه بالطبع اشارة الى نبوءة الخروج،‏ و اما سلسلة الظروف الإستثنائية التي ستقودالى تحقق هذه النبوءة فقد رويت في سفر ‏(تكوين ص:‏‎٥٠-٣٧‎ خروج ص:‏‎١٤-١‎‏).‏و رغم ان قصة الخروج بحد ذاتها هي واحدة من اكثر قصص الكتاب المقدس انتشاراً‏و هي معروفة تماما عند الناس،‏ فأن أحداثها ما زالت عصية على فهم معظم الناس.‏ وبأختصار،‏ فإن اقرب أبناء يعقوب الإثني عشر لنفسه كان يوسف الذي باعه إخوته كعبدحسدا له،‏ و قد انتهى به المطاف في مصر ‏(تكوين ص:‏‎٣٧‎‏).‏ هناك،‏ و عبر سلسلة من


١٣قيام وسقوط دولة إسرائيل القديمةالحوادث و ببركة الله،‏ كبر يوسف و إزدهر و نال بإذهال أعلى الرتب في حكومة مصر مندون الفرعون ‏(ع:‏‎٤١-٣٩‎‏).‏ثم عندما ضُ‏ رِبَت المنطقة بمجاعة أَجْ‏ بَرَت قوم يوسف على الهجرة الى مصر،‏ التي،‏تخطت المجاعة بفضل حكمة يوسف الثاقبة حين دعاهم لتخزين ما يكفي من الحبوبلمستقبلهم ‏(ص:‏‎٤٧-٤٢‎‏).‏ و أدرك يوسف أن الله يقف وراء كل تلك الأحداث و قد جرت بهذاالشكل كي تنجو عائلته و تتحقق نبوءة الرب.‏ ‏(تكوين ص:‏ ٥٠ ع:‏‎٢٠-١٩‎‏).‏إزدهر ابناء يعقوب الأثني عشر ‏–و هم اجداد قبائل بني إسرائيل الأثنتي عشرة-‏ وترعرعوا في مصر ‏(خروج ص:‏‎١‎ ع:‏‎٧-١‎‏).‏ و لكن بعد ذلك تولى الحكم في مصر ملكجديد لم يكن يعرف يوسف ‏(ع:‏‎٨‎‏).‏ و شعر الفرعون الجديد بان تزايد اعداد الإسرايليينيهدد سلامة مملكته،‏ فاستعبدهم حتى صَ‏ ي َّر الرق حياتهم مرة"‏ ‏(ع:‏‎١٤‎‏).‏و دعا الرب إبن اثنين من هؤلاء العبريين المستعبدين،‏ ‏"موسى"،‏ الرجل الذي اوصلتهظروف إعجازية لسمة أمير مصر إلا انه سرعان ما تحول الى هارب ليحرر بني إسرائيلمن عبوديتهم.‏ ‏"أنا اله آبائك.‏ اله إبراهيم و إسحق و يعقوب"‏ هكذا تحدث الرب الىموسى ‏(خروج ص:‏‎٣‎ ع:‏‎٦‎‏).‏ثم تلا الرب نبوءة عظيمة عما سيفعله بموسى وقومه ‏"لقد رأيت الظلم الذي اصابشعبي في ارض مصر،‏ وقد سمعت صراخهم بسبباسيادهم المستعبدين،‏ لأنيأعرف حزنهم.‏ لذا فقد نزلتلأنقذهم من ايدي المصريينو لأعود بهم من تلك الأرضالى أرض طيبة فسيحة،‏ارض يسيل فيها الحليب والعسل...تعال الي الآن لأنيسأرسلك الى الفرعون لتعودمن مصر بابنائي،‏ أولادقال االله لإبراهيم أن أجيالاً‏ عدة من ذريته ستعيش في م ص ر،‏ و يعيش العديد منهمفي اسار ال رق كعبيد.‏ و اَنبأ ال رب أن موسى سيحررهم،‏ و هو ما فعله كما جاء فيقصة الكتاب المقدس في سفر خ روج.‏مؤسسة فوتوديسك إنك.‏إسرائيل"‏ ‏(ع:‏‎١٠-٧‎‏).‏إن ما عرضه الله كان مذهلاً‏ ‏-ان يحرر الناس من نير عبوديتهم التي فرضتها عليهمالقوة العظمي آنذاك!‏ و غطت الفصول الأخرى قصة الضربات العشرة و الإنشقاق المذهلللبحر الأحمر-‏ و يظهر هذا مدى المعجزة التي جاء بها الله حين أنقذ بني إسرائيل،‏


١٤ الشرق الأوسط في نبؤات الكتاب المقدسمعجزة تحققت فيها أدق التفاصيل التي ذكرها الرب،‏ حتى أنجز وعده لإبراهيم بأنهم"‏سيعودون من الأسر بممتلكات عظيمة"‏ ‏(تكوين ص:‏‎١٤‎ ع:‏‎١٥‎‏-‏ قارن ذلك بخروج ص:‏‎١١‎ع:‏‎٢‎‏،‏ ص:‏‎١٢‎ ع:‏‎٣٦-٣٥‎‏).‏بنو إسرائيل في أرض الميعادبعد التحرير الإعجازي لبني إسرائيل من مصر جاءت مرحلة الضلال أربعين عاما فيالصحراء،‏ قهر أرض الميعاد و مرحلة قضاة بني إسرائيل.‏ و صدرت و تحققت نبوءاتأصغر في هذه المرحلة كما جاء في نصوص الكتاب المقدس في ) سفر خروج و عدد وتثنية و يشوع و قضاة).‏و حين نصل الى مرحلة قيام ممالك الإسرائيليين،‏ نجد أن اشهر ملوك سلالة بنيإسرائيل و هو الملك داوود كان قد قدر له منذ قرون خلت ان يُبْعَث من قبيلة يهوذا ، كانإنحطت مملكة إسرائيل في عهد الملك ‏"يربعام"‏ فعبدت الأصنام،‏ هذا الملكأنشأ دينا قوميا جديدا.‏ تماثيل الخصوبة المؤنثة الصغيرة شبيهة بالظاهرفي الصورة كان يعثر عليها ابان التنقيبات في المدن الإسرائيلية.‏ و تظهرالصورة في الأعلى مذبحاً‏ اعيد بناؤه في العصر الروماني ليستقر في مكانيحتمل أن يكون يربعام قد بنى معبده الوثني فيه قبل قرون خلت.‏هذا فيما الإسرائيليون ما زالوا متواجدين في مصر ‏(تكوين ص:‏ ٤٩ ع:‏‎١٠-٨‎‏).‏و كالعديد من النبوءات فقد كانت هذه ايضا نبوءة ثنائية ‏-بمعنى انها تحمل أكثر منإنجاز و معنى-‏ و من بين ذلك انها قد انبأت بقدوم المخلص المنتظر،‏ ي س وع المسيح منسلالة سبط يهوذا ‏(انظر عبرانيين ص:‏‎٧‎ ع:‏‎١٤‎‏).‏وبسبب تحديدات المساحة المتاحة لنا في هذا الكتاب لن نمضي في ذكر كل النبوءاتالخاصة التي اطلقت و اُنجِ‏ زت عبر قرون عدة قامت فيها ممالك إسرائيل و يهوذا،‏ و لكنناسنذكر الأهم منها.‏بعد وفاة الملك التقي داوود ، تولى العرش بعده إبنه سليمان.‏ و كان لسليمان جميعسكوت آشلي


١٥قيام وسقوط دولة إسرائيل القديمةالفضائل-‏ مملكة قوية آلت اليه من أبيه،‏ تواضعا جما ، حكمة وثراء خصه بهما الله (١الملوك ص:‏‎١٣‎ ع:‏‎١٣-١١‎‏).‏ تحت حكمه قويت مملكة أسباط إسرائيل المتحالفة و سيطرتعلى المنطقة.‏و لكن و للأسف ، رغم ان سليمان كان يعرف ما ينبغي عليه أن يفعل فقد كانت تعوزهالشخصية النافذة و الإيمان الراسخ لينجز ذلك.‏ فقد تحول قلبه من عبادة الله الواحدالحق الى عبادة الأوثان والأصنام التي انتشرت حول بلاده.‏ (١ الملوك ص:‏‎١١‎ ع:‏‎٨-٤‎‏).‏انقسام المملكةكان طريق الضلالة الذي اختاره سليمان قد وضع المملكة في مسار لا عودة فيه.‏فبسبب خطايا سليمان،‏ أعلن الرب أنه س ي ن زع المملكة عنه ليهبها الى واحد من عبيده ‏(أيعبيد سليمان)‏ ‏(ع:‏‎١١-١٣‎‏).‏ و بالفعل فقد انقسمت المملكة ليذهب معظمها الى منافسه ولا يبقى ليتبع إبن سليمان من سلالة داوود الا أقلية ضئيلة.‏تحققت هذه النبوءة بعد سنوات قليلة من وفاة سليمان حين انشقت معظم القبائللتتبع يربعام،‏ قائد المملكة الشمالية ‏(إسرائيل).‏ ما تبقى من القبائل تبعت إبن سليمانالمدعو ‏”رحبعام“‏ قائد المملكة الجنوبية ‏(يهوذا)‏ ‏(‏‎١‎الملوك ص:‏ ١٢، أخبار الأيام الثانية ص:‏١٠-١١). و قدر لهاتين المملكتين ان تبقيا متنافستين و أحياناً‏ متعاديتين على مدى قرنينمن الزمان.‏و يَفترض معظم الناس أن اليهود والإسرائيليين هم شعب واحد،‏ ولكن من الواضح انهذا ليس صحيحاً،‏ و أي قراءة للتاريخ وللفصول ذات الصلة في الكتاب المقدس ستكشفانهما كانتا مملكتين منفصلتين،‏ مملكة إسرائيل،‏ ومملكة يهوذا ‏(التي إشتق منها اسماليهود).‏ و من الجدير بالملاحظة تاريخياً‏ أن كلمة ” اليهود“‏ ظهرت لأول مرة في الكتابالمقدس نسخة الملك جيمس (٢ الملوك ص:‏‎١٦‎ ع:‏‎٦-٥‎‏)‏ حين تحالف الاسرائيليون مع ملكآخر ليحاربوا ‏”اليهود“.‏أقام ملك إسرائيل الأول ‏”يربعام“‏ بسرعة نظام عبادة اصنام توافقي ‏(من خلال خلطعناصر من العبادة الحقيقية بعناصر عبادة زائفة)‏ و قد التزمت به المملكة الشمالية و لمتبارحه ‏(‏‎٢‎الملوك ص:‏‎١٢‎ ع:‏‎٣٣-٢٦‎‏).‏ و أَرسَ‏ ل الله عدة انبياء ليحذروا ملوك إسرائيل مندمار سيلحق بهم ان لم يعودوا الى الرب.‏أول أولَئِك الأنبياء كان ‏”اخيا“‏ الذي أنذر زوجة يربعام : ‏"و يضرب الرب شعب إسرائيلفيهتزون كالقصب في الماء،‏ و يستأصِ‏ لَهم من هذه الأرض الصالحة التي أعطاها لآباءهمويبددهم الى عبر الفرات...“(‏‎١‎ الملوك ص:‏‎١٤‎ ع:‏‎١٥‎‏).‏كان ذلك إعلاناً‏ صريحاً‏ عن مصير إلمملكة الشمالية اذا لم يتوبوا ‏-سيأسرون-‏ ‏”عبرنهر الفرات“‏ على يد امبراطورية الآشوريين التي س ت بزغ شمسها.‏وتعاقب انبياء عدة آخرون وهم يعيدون تحذيرات الله للإسرائيليين وملوكهم ويلتمسونهمالتوبة لئلا ياحق بهم مصير مريع.‏ من بين أولئِك الأنبياء كان ‏”عاموس“،‏ ‏”هوشع“‏ أشعياءو ميخا“،‏ الذين وصلتنا رسالاتهم عبر نصوص الكتاب المقدس في فصول تحمل اسماءهم.‏


٢٠ الشرق الأوسط في نبؤات الكتاب المقدسالثاني.‏ ففي السنة الثانية لحكمه رأى ملك بابل حلماً‏ مزعجاً‏ عجز عن تفسيره أي منمستشاريه.‏ و كانت الثقافة البابلية تضع أهمية بالغة على الأحلام،‏ و كان نبوخذدنصرعلى قناعة تامة أن ذلك الحلم كان على قدر من الأهمية ) دانيال ص:‏‎٢‎ ع:‏‎٣-١‎‏).‏إن رؤيته أعطتنا ‏”كشف عن التخطيط الذي أعده الربللعصور المتعاقبة حتى النصر النهائي للمسيح“‏ و ‏"أبدتالتعاقب المعد سلفا للقوى العالمية التي ستسيطر علىالشرق الأدنى حتى النصر النهائي للمسيح في الدهر الاخير"‏‏(مجلة الإكسبوزيتور ص:‏‎٤٦-٣٩‎‏).‏و دون اطلاع مسبق على تفاصيله،‏ فَسّ‏ رَ‏ دانيال لنبوخذنصّ‏ ر جزئيات الرؤيا.‏ ‏"أنت أيها الملك رأيت فاذا بتمثالعظيم هائل كثير البهاء.‏ كان واقفا أمامك و كان منظرهرهيبا.‏ و كان رأسه من ذهب خالص،‏ و صدره و ذراعاهمن فضة،‏ و بطنه و فخذاه من نحاس،‏ و ساقاه من حديد وقدماه بعضهما من حديد و البعض من خزف“‏ ‏(دانيال ص:‏‎٢‎ع:‏‎٣٣-٣٢‎‏).‏أخبر دانيال نبوخذدنصّ‏ ر ان امبراطوريته البابلية تمثلتبالرأس الذهبي ‏(عدد:‏‎٣٨-٣٧‎‏).‏ الفضة و النحاس و الحديدمن جزئيات التمثال هي مكونات الجسد التي تعبر عن حالةالامبراطوريات الثلاث التي سوف تعقب بابل المقتدرة ‏(ع:‏‎٣٩‎‏-‏(٤٠تفسير هذا الحلم أوجد رؤيا استباقية مذهلة للتاريخ.‏حلم نبوخذدنصر الذي فسره دانيال حدث في عام ٦٠٠قبل الميلاد.‏ و عبّرت الصورة بشكل رمزي عن تعاقبالامبراطوريات التي ستسيطر على المشهد السياسيللمنطقة لقرون طويلة.‏” الامبراطورية الفضية كانت مملكة ميديا ‏-فارس-،‏ التيالصورة التي رأها نبوخذدنصّ‏ رفي منامه تتكون من اربعةانواع من المعادن،‏ تعبر عن اربعامبراطوريات عظيمة.‏بدأت بالملك ‏”ساريروس الكبير“‏ قاهر مملكة بابل في عام ... ٥٣٩ و قد سادت المملكةالفضية في الشرق الأوسط و الأدنى على مدى قرنين من الزمان.“‏ ‏(مجلةالإكسبوزيتورص.‏ ٤٧).أما امبراطورية النحاس فكانت الامبراطورية الإغريقية المقدونية التي أقامها ‏”الإسكندرالكبير“...و قد دامت مملكة النحاس ما بين ٢٦٠ الى ٣٠٠ عاماً‏ قبل اندحارها و صعودالامبراطورية الرابعة“‏ ‏(المصدر السابق).‏” أما الحديد فيرمز للقوة و الصلابة و هو ما و صفت به الامبراطورية الرومانية التيبلغت اقصى مديات اتساعها في عهد الامبراطور ‏”تراجان“‏ ‏(المصدر السابق).‏ و قدحكم ‏”تراجان ” كامبراطور منذ عام ٩٨ ميلادي الى عام ١١٧، فيما سادت الامبراطوريةالرومانية لقرون طويلة فيما بعد.‏صورة أ ف ب


٢٢ الشرق الأوسط في نبؤات الكتاب المقدسحيث ” يشعلون حربا مع الحمل“‏ ‏(ع:‏‎١٤‎‏).‏كل هذا يتفق مع ‏(دانيال ص:‏‎٢‎‏،‏ ع:‏‎٤٤‎‏)‏ حيث يشير بوضوح أنّ‏ الظهور الثاني للمسيحسيحدث في وقت ما تزال قائمة فيه آثار الوحش الرابع او المملكة ‏(الامبراطورية الرومانية):‏‏”و في أيام هؤلاء الملوك يقيم إلَه السماء مملكة لن تنقرض أبداً،‏ و مُلكِ‏ ها لا يُترَك لشعبآخ ر،‏ و تسحق و تفنى جميع الممالك،‏ و هي تثبت الى الأبد“.‏الجزء الأعظم من تلك الأحداث التنبوئية،‏ كما فصّ‏ لها الحلمان،‏ قد تحقق بالفعل.‏ كماان اكتمالها التفصيلي يؤيد ما أوحى به الكتاب المقدس.‏ و احتمالات ان يرى شخص ماهذه الأحداث النبوية دون عناية آلهية لا تتفق مع صدقية الوقائع”...‏ لكن في السماء آلهيكشف الأسرار فأعلمك أيها الملك نبوخذدنصّ‏ ر بما سيكون بعد في اّخر الأيام“‏ ‏(دانيالص:‏‎٢‎‏،‏ ع:‏‎٢٨‎‏).‏النبوءة الأكثر تفصيلا في الكتاب المقدسو يُسَ‏ جِ‏ ل سفر دانيال ص:‏‎١١‎ نبوءة استثنائية أخرى.‏ و قد ظهر ترتيبها التاريخيفي ‏(دانيال ص:‏‎١٠‎‏،‏ ع:‏‎١‎‏)‏ بانها ستقع في السنة الثالثة من عهد داريوس ملك فارس.‏‏”رجل ‏(ع:‏‎٥‎‏)،‏ هو لاشك ملاك ‏(قارن ذلك بدانيال ص:‏‎٩‎ ع:‏‎٢١‎‏)‏ جاء ليخبر دانيال بماسيحدث في آخر الأيام“‏ ‏(دانيال ص:‏‎١٠‎ ع:‏‎١٤‎‏).‏و النبوءة التي تتبع هذا هي الأكثر تفصيلاً‏ في مجمل الكتاب المقدس.‏ السنة الثالثةمن عهد داريوس كانت قبل أكثر من ٥٠٠ عام من مولد المسيح.‏ مع ذلك فإن هذه النبوءةتسرد وقائعا سيبدأ حدوثها تواً‏ و تستمر حتى عودة المسيح.‏ المراحل الأولى من النبوءةتتصادق مع الكتاب المقدس لأنها كانت قد تحققت بالفعل،‏ و هو ما يتثبت منه الباحثمن خلال دراسة تاريخ إمبراطورية فارس و إمبرطورية الأغريق.‏ و ما كان بوسع أي إنسانأن يتنبأ بتفاصيل تاريخية بتلك الدقة.‏بعض العناصر التي تعاقبت كانت دقيقة الى درجة يلزمها انتباه شديد.‏ إلا أن مقارنةكلمات النبوءة بوقائع التاريخ تزيل أي شَ‏ كْ.‏مكيدة سياسية مؤجلةالآيات الخمسة والثلاثون الأول من ‏(دانيال‎١١‎‏)‏ تسرد،‏ قبل أعوام من وق وع الأحداث،‏وقائع مكيدة بين كيانين سياسيين ‏(”ملك الجنوب“)‏ و ‏(”ملك الشمال“).‏ في التاريخالعلماني،‏ يشار غالبا الى ملك الجنوب باسم ‏(بتولمي).‏ و السلالة البتولمية حكمت البلادمن الاسكندرية في مصر.‏ أما ملك الشمال الذي حكم من عاصمته في ‏(أنتيوش)‏ بسوريافقد كان يدعى ‏(سيليوسوس)‏ أو ‏(أنتيوخوس).‏لنبحث الآن بعض التفاصيل النبوية آخذين في اعتبارنا الحقائق أعلاه.‏ و تكتسب هذهالتفاصيل أهميتها من خلال كشفها عن المناخ السياسي و التوترات في الشرق الأوسطفي الفترة التي سبقت الظهور الأول و الثاني ل ي س وع المسيح كمخلص للعالم.‏ و في كلا


٢٤ الشرق الأوسط في نبؤات الكتاب المقدسعدد‎٥‎‏:‏ " كان ملك الجنوب هو بتوليمي الأول ‏(مجلة الإكسبوزيتور ص:‏‎١٣٠‎‏).‏ و التعبيرالإنجيلي ‏"أحد أمرائه"‏ يشير إلى سيليوسوس.‏ و قد خدم في الأصل تحت أمرة بتوليمي.‏و في فترة التآمر و المكائد التي أعقبت وفاة الأسكندر،‏ فرض سيليوسوس في النهايةنفوذه على سوريا و صار ملك الشمال.‏ نجح سيليوسوس في نهاية الأمر في أن يحرزالمزيد من القوة و تفَوق على بتوليمي.‏ فاستمرت سلالة ‏"السيليوسيد"‏ في السلطة حتىعام ٦٤ قبل الميلاد.‏ح رب اللاوديسينالعدد:‏‎٦‎‏:‏ قامت حالة من العداء و التوتر بين ملك الجنوب و بين ملك الشمال.‏ توفي‏"بتوليمي الأول"‏ في عام ٢٦٥ قبل الميلاد.‏ في عام ٢٥٢ سعت القوتان الى اتفاقية تتزوجبموجبها ‏"بيرينيسه"‏ ابنة ‏"بتوليمي الثاني"‏ من ‏"انتيوخوس الثاني"‏ ملك الشمال.‏ هذا الأمرأغضب ‏"لاوديسة"‏ زوجة ‏"انتيوخوس الثاني"‏ الأولى لأن زوجها طلقها.‏ و هكذا فقد تآمرتلاوديسة من مكان ابعادها و نجحت في اغتيال " بيرينيسه"‏ وابنها الرضيع.‏ ‏"و لم يلبثأن قتل مسموما الملك نفسه ‏(انتيوخوس الثاني)‏ بعد برهة قصيرة ...." ‏(المصدر السابق).‏و أعلنت ‏"لادويسة"‏ نفسها ملكة نظراً‏ لأن إبنها سيليسوس الثاني ‏(الوريث الشرعيللعرش)‏ كان ما يزال قاصرا.‏ و تشير النبوءة ‏(ستُقطع " بيرينيسه"‏ و ترحل)‏ الى الإنقلابالذي دبرته ‏"لاوديسه"‏ و قتلت اثره ‏"بيرنيسه".‏ بل ان بعض النبلاء ممن دعموا ‏"بيرينيسه"‏قد إنقطعوا و تواروا أيضاً‏ عن المشهد.‏عدد:‏‎٩-٧‎‏:‏ و تعاقبت ردود الفعل في سلسلة من العمليات الحربية التي عرفت فيمابعد بحرب اللاوديسين.‏ توفي ‏"بتوليمي الثاني"‏ بعد فترة قصيرة من قتل ‏"لاوديسة"‏ لابنته‏"بيرينيسه".‏ و سعى ‏"بتوليمي الثالث"‏ أن يثأر لم ص رع شقيقته فهاجم مملكة الشمال واحتل عاصمة سوريا ‏"آنتيوش".‏ العدد ٨ يصف كيف استعاد بتوليمي ‏"أصناما و كنوزامقدسة فقدت منذ أزمان بعيدة"‏ ‏(المصدر السابق ص:‏‎١٣١‎‏)‏ و هي الآثار التي سلبها‏"قمبيزيز"‏ من مصر في عام ٥٢٤ قبل الميلاد.‏ في عام ٢٤٠ عقد اتفاق سلام بين ‏"بتوليميالثالث"‏ و بين ‏"سيليوسوس الثاني"،‏ و توقفت الأعمال العدائية بين المملكتين حتى عام ٢٢١حين توفي ‏"بتوليمي الثالث".‏آنتيوخوسإبيفانسيستبيحالمعبدقبلالميلاد العام‎168الأسكندريغزومملكةفارسالعام334قبلالميلادسقوطبابلالعام539قبلالميلادعودةالمجموعةالثانيةمناليهودمع457‎قبلالميلاد عزراالعام500 400 300 200 100يوليوسقيصريتولىالعروالسلطةالمطلقةالعام63قبلالميلادعودةالمجموعةالثالثةمناليهودمعنحمياالعام430قبلالميلادعودةأولمجموعةمناليهودمعزروبابلالعام‎538‏)‏


٢٦ الشرق الأوسط في نبؤات الكتاب المقدس‏"أيجة".‏ كما أجاز لجوء عدو روما ‏"هانيبعل"‏ ملك قرطاجة،‏ الذي أعانه في الوصول الىبلاد الأغريق.‏ ردت روما على ذلك بالهجوم على جيش ‏"آنتيوخوس"‏ و إلحاق هزيمة ماحقةبقواته،‏ كما أنّ‏ الرومان اقتطعوا أجزاء عديدة من مملكته و ألحقوها بهم و أخذوا عديدينمن مملكته كرهائن الى روما بمن فيهم نجله،‏ وفرضت روما عليه جزية باهضة ‏(عدد:‏‎١٨‎‏).‏و عاد ‏"آنتيوخوس"‏ خائباً‏ يجرجر أذيال العار الى عاصمته ‏"آنتيوش".‏ و حين عجز عندفع الجزية الثقيلة الى روما حاول أن ينهب معبدا وثنيا،‏ الأمر الذي أغضب كثيراً‏ السكانالمحليون و دفعهم الى قتله ليضعوا نهاية مخزية لحياته المؤزّرة بالإنتصارات ‏(عدد:‏‎١٩‎‏).‏عدد:‏‎٢٠‎ بينما لم ينص الكتاب المقدس حول التفاصيل،‏ إلا ان كتاب سفر ٢ مكابيينص:‏‎٣‎ ع:‏‎٧-٤‎ يشير الى أن ابن ‏"آنتيوخوس"‏ الآخر والمدعو ‏"سيليوسوس الرابع"‏ عجز هوالآخر عن دفع الجزية الى الرومان،‏ فأرسل اليهودي ‏"هيليودوروس"‏ لينهب معبد أورشليم،‏وصل الأخير الى المدينة المقدسة لكنه لم يحصل على شيء.‏ فيما بعد لاقى ‏"سيليوسوس"‏حتفه مسموما على يد ‏"هيليودوروس"‏ و هكذا ‏"لم يلق حتفه في قتال أو حماسة".‏آنتيوخوس ابيفانيسدانيال ص:‏‎١١‎ ع:‏‎٣٥-٢١‎ يتحدث هذه الآيات عن ‏"آنتوخيوس الرابع " سيء الصيت ‏(والمعروف ايضا ب"ابيفانيس")،‏ و هو شقيق سيليوسوس الرابع،‏ الذي كان قد أخذ رهينةالى روما.‏ كان ‏"طاغية مستبداً‏ بفعل أقصى ما بوسعه لتدمير الديانة اليهودية بأكملها"‏‏(مجلة الإكسبوزيتور ص:‏‎١٣٦‎‏).‏شرّع ‏"آنتيوخوس"‏ قوانيناً‏ تمنع اليهود عن ممارسة شعائر دينهم تحت طائلة عقوباتتصل الى حد الموت.‏ كان رجلا بالغ القسوة،‏ و في عهده جلد النساخ ‏"اليعازر"‏ حتىالموت لأنه رفض أن يأكل لحم الخنزير،‏ كما ذبحت أم وابنائها السبعة بالتعاقب وبحضورحاكم المدينة بعد رفضهم ال رك وع لصورة مجسدّة ‏(صنم).‏ و سيقت والدتان ختنتا ابنيهماعبر ش وارع المدينة ثم ألقي بهما الى الأرض من أعلى سور شاهق"‏ ‏(تشارلز بفايف ر،‏ بينالعهدين،‏ ١٩٧٤ ص:‏‎٨٢-٨١‎‏).‏عدد:‏‎٣١‎ يشير هذا العدد الى الوقائع المشؤومة ليوم ١٦ ديسمبر عام ١٦٨ قبل الميلادحين دخل ‏"آنتيوخوس"‏ غاضبا ساخطا الى أورشليم و قتل ٨٠ الفا من سكانها،‏ نساء ورجالا و اطفالاً‏ ‏(ماكابيون ص:‏‎٥‎ ع:‏‎١٤-١١‎‏).‏ ثم دنس المعبد حين عرض قربانا الى كبيرآلهة الأغريق ‏"زوسّ‏ ". كانت هذه الواقعة الدامية نذيراً‏ بوقائع شبيهة بأخرى قال ي س وعالمسيح انها ستقع في اليوم الأخير ‏(متَى ص:‏‎٢٤‎‏،‏ ع:‏‎١٥‎‏).‏عدد:‏‎٣٥-٣٢‎ تَصِ‏ فُ‏ هذه الأعداد على ما يبدو شجاعة اسرة ‏"الماكابيين"‏ و إرادتهمالصلبة،‏ من خلال وصف حالة هيئة لاويين قاومت آنتيوخوس و من خلفوه.‏ و قد اشتعلتثورة ‏"الماكابيين"‏ ضد الملك السوري حين"‏ قاد ‏"ماتاثياس"‏ كبير لاويّ‏ مدينة ‏"موداين"‏ حربعصابات من مرتفعات المنطقة و ذلك بعد مقتل أحد ضباط آنتيوخوس الذي كان قد أصدرأمراً‏ بعبادة الأوثان و الأصنام في المدينة..."‏ ‏(مجلة الإكسبوزيتور ص :١٣٦).سَ‏ انَدَ‏ ‏"ماتاثياس"‏ في ثورته خمسة من أبنائه أشهرهم ‏"يهوذا"‏ و عرف أيضاً‏ ب"يوداس"‏


٢٧نبوءات دانيال عن الإمبراطوريات الأربعالأعمال الخشبية:‏ غوستاف دوريهو أطلق عليه إسم ‏"ماكابا"‏ ‏(المقابل الآرامي لكلمة مطرقة،‏ و منه اشتقت نسبة ‏"الماكابيين").‏و لقي العديد من المخلصين مصرعهم في سبيل تلك القضية،‏ إلا أنّ‏ خروج السوريين منالبلاد يعزى بشكل كبير الى بطولاتهم.‏على مستوى آخ ر،‏ من الممكن ان تشير هذه الآيات الى ‏"كنيسة العهد الجديد"،‏خصوصاً‏ في معرض اشارتها الى الأعمال الجليلة،‏ و الإضطهاد الذي تعرضوا له،‏ و الردة.‏في الحقيقة فأن نبوءات دانيال تتخذ في هذه المرحلة منحى آخ ر،‏ مشيرة باسهابالى ‏(عصر النهاية)‏ في ختام العدد ٣٥. و استشهاداً‏ بالمصدر السابق و في ختام ذلكالمقطع في العدد ٣٥ تنتهي المادة التنبوئية التي تنطبق بلا نقاش على وصف عصرالامبراطوريات الهيلينية و الص راع بين ‏"السيلوسيديين"‏ و بين الوطنيين اليهود.‏ أماالفصل الذي نحن فيه ‏(عدد:‏ ٣٦-٣٩) فيعرض رويات و أوصافاً‏ لا تنطبق على آنتيوخوسالرابع،‏ و إن كانت تفاصيل الأحداث تنطبقعليه و على من شُ‏ بِهَ‏ به عندما يأتي فيالأيام الأخيرة ‏"الوحش".‏و يتفق اللاهوتينيون المحافظونوالمتحررين على أنّ‏ الفصل ١١ بمُجمَلِهحتى هذه النقطة يعرض نبوءات دقيقة فيوصفها لتسلسل الأحداث من عهد الملك‏"سايروس"،‏ حتى مرحلة الجهود الباطلة التيبذلها ‏"آنتيوخوس ابيفانيس"‏ لإستئصالالعقيدة اليهودية ‏(التعليق الشارح للكتابالمقدس ص:‏‎١٤٣‎‏).‏من هذه النقطة فصاعداً‏ سيمر أكثراللاوي اليهودي ‏"ماتاثياس"‏ أشعل شرارة الثورة ضد‏"آنتيوخوس ابيفانيس"‏ حين قاوم بكل صلابة الوثنيةوالصنمية التي فرضها الملك.‏بقليلاً‏ من قرن واحد قبل أن يقهر القائدالروماني"‏ بومبي"‏ أورشليم.‏ حيث وقعجزء كبير من الشرق الأوسط تحت سلطةالامبراطورية الرومانية،‏ كما أنّ‏ جناحهاالشرقي " الامبراطورية البيزنطية"‏ اختزلكثيرا من قوة الامبراطورية الأم في القرون اللاحقة.‏و لكن عند هذه النقطة كما سنرى في الفصل اللاحق،‏ ظهر في المشهد قوة عظمى ودين جديد طغت على الشرق الأوسط لقرون عديدة،‏ ألا و هي:‏ امبراطورية الإسلام.‏


٢٨ الشرق الأوسط في نبؤات الكتاب المقدسظهور الإسلامعاشت ذريّة ‏"اسماعيل"‏ في الظل و في خمول خلال عصر قيام امبراطوريات ‏"إسرائيل"‏و ‏"يهوذا"‏ و ‏"الآشوريين"‏ و ‏"البابليين"‏ و ‏"الفرس"‏ و ‏"الأغريق"‏ و ‏"الرومان".‏ و عاشوا حياةالعزلة و البساطة في شبه الجزيرة العربية،‏ حيث كانت حياة الصحراء قاسية،‏ و كانتالحروب بين بعضهم البعض شغلهم الشاغل.‏ لكن هذا الحال تغير منذ مطلع القرنالسابع للميلاد،‏ فبعد أقل من ستمائة عام على عصر ‏"ي س وع المسيح"‏ ظهر في المشهدواحد من أشهر أبناء ذرية ‏"إسماعيل".‏حتى بداية العام ٦٠٠ للميلاد،‏ كان العرب عبدة أصنام،‏ وكان المعبد الكبير في ‏"مكة"‏يضم ٣٥٥ صنما ‏(صنم واحد لكل يوم في السنة القمرية)،‏ و كان هذا الوضع يشكلمصدرا مهما لموارد التجارة المحلية التي اعتمدت على زيارات الحج كمصدر ثابت للدخل.‏و قدر لهذا المشهد ان يتغير بشكل دراماتيكياً‏ بظهور ‏"محمّ‏ د"‏ والديانة التي أسسها"‏الإسلام".‏ينتسب ‏"محمّ‏ د"‏ الى قبيلة ‏"بني هاشم"‏ احدى قبائل ‏"قريش"‏ القوية التي سيطرت علىالمعبد الوثني في ‏"مكة".‏ و طبقا لعقيدة الإسلام فان ظهور الملاك ‏"جبرائيل"‏ الأول لمحمّ‏ دعام ٦١٠ ميلاديا تم في غار في جبل ‏"حراء"‏ قرب مكة حيث ألهمه الحكمة من الله،‏ و التيتوالت لتُكَوِّن ‏"القرآن"‏ وهو كتاب الإسلام المقدس الذي ي ض ارع طوله تقريبا طول ‏"العهدالجديد"‏ المسيحي.‏و أضحى ‏”محمّ‏ د“‏ الذي يعني أسمه ‏(المخصوص بالثناء والحمد)‏ داعية عنيداً‏ وشجاعاً‏لعقيدة التوحيد،‏ أي الأيمان بآله واحد،‏ و هو ايمان أمسى يهدد الرخاء و الإزدهار التجاريلسائر أفراد قبيلته.‏ و فشلت كل محاولاتهم لقتله،‏ و في غضون زمن قصير وضع محمّدنهاية لتعدد الآلهة و عبادة الأصنام في تلك المنطقة،‏ ليستبدل بها ‏”الإسلام“‏ ) وتعنيالكلمة حرفيا الإستسلام والخضوع الى الرب الحق الواحد ‏”الله“).‏حققت تعاليم ‏”محمّ‏ د“‏ شيئا غاب منذ البدء عن ذرية ‏”اسماعيل“،‏ ألا و هو الوحدةالتي مكنتهم من أن يصبحوا أمة عظيمة أتسعت و فرضت تأثيرها على أمم أخرى.‏ ومن تلك البدايات المتواضعة في صحراء شبه الجزيرة العربية إنتشر الإسلام عبر العالم.‏ وينتسب اليوم ٥٧ بلدا الى ‏”المؤتمر الإسلامي“‏ لتشكل ربع عدد الدول على سطح الأرض.‏و رغم أنّ‏ ٢٢ من هذه الدول هي دول عربية تقطنها في الغالب ذرية ‏"إسماعيل"،‏ فإنّ‏الدول ال‎٣٥‎ الأخرى هي دول تدين بالإسلام و يغلب على سكانها هذا الدين.‏ و تمتد هذهالأمم جغرافيا من غرب أفريقيا عبر مركز العالم الى ‏”أندونيسيا“‏ الذي يشكل نطاقاً‏عريضاً‏ من الأمم تُعرِّف نفسها بأتباع دين الإسلام.‏


٢٩ظهور الإسلامأرقام مخزونة لكوربيسعلاوة على ذلك يعيش ملايين المسلمين في أمريكا الشمالية و أوروبا الغربية والشرقية.‏و تنتشر الديانة بسرعة بسبب ارتفاع معدل الولادات و الأسلوب الهجومي للدعوة الىالإسلام.‏ و يدين بالإسلام اليوم نحو مليار و ٣٠٠ مليون إنسان،‏ كلّهم يعبدون ‏”الله“‏ الذييعتبرونه الإلَه الحق الأوحد.‏ و تجري عبادتهم في المساجد متخذين من يوم ‏"الجمعة"‏ يومالعبادة المفضل خلال الأسبوع،‏ و لكن يتاح للمسلمين الى جانب العبادة أن يعملوا خلالهذا اليوم.‏إن الشهادة عند المسلمين تتم من خلال ‏"الشهادة و الإقرار ‏(و تعني من ضمن ماتعني الأفادة و الاشهار)‏ بثمان كلمات باللغة العربية ) لا إله إلا الله و محمد رسول الله)‏و تعني حرفيا ‏(ليس هناك من اله إلا الله و محمد هو رسوله)‏ و لكي يصبح المرء مسلماً‏لا يلزمه سوى أن يردد هذه الكلمات باخلاص و ورع.‏ كلمة ‏”مُ‏ سْ‏ لِم“‏ تعني فيما تعني‏"الخاضع المستسلم لله".‏ي ؤرخ المسلمون تقويمهم ابتداء من ” الهجرة“،‏ أي رحلة هجرة محمّد من ‏”مكة“‏ الى” المدينة“‏ الموافقة عام ٦٢٢ ميلاديًا.‏ و تتبع سنة المسلمين التقويم القمري،‏ و تحتويعلى ٣٥٤ أو ٣٥٥ يوما فيالعام،‏ الأمر الذي يعني أنّ‏سنة المسلمين أقصر ١١يوما من السنة الميلادية فيالعالم الغربي التي تجريوفق التقويم ‏”الغريغوري“‏الشمسي.‏ و يعني هذاضمنا أن أعياد و مناسباتالمسلمين لا تقع في موعدثابت بل تتغير كل عام حسبمنازل القمر فهي لا تتفق معالتقويم ‏”الغريغوري“‏ و تزحفباستمرار خلال تعاقب الأعوامالميلادية في هذا التقويم.‏توفي ‏”محمّ‏ د“‏ في ٨ حزيرانالقاهرة،‏ مسجد السلطان حسن المبني في القرن الرابع للميلاد ‏(فياليسار)‏ الى جانب مسجد ‏(الرفاعي)‏ المبني في القرن التاسع عشر.‏دانت مصر بالإسلام بشكل مطلق في القرن السابع للميلاد.‏من عام ٦٣٢ ميلادياً‏ دون أن يترك وريثا من الذكور و دون أن يسمي خليفة له.‏ نتيجةذلك كان ارتباك و فوضى اجتاحا امبراطورية الإسلام والتي اتسعت خلال عقد من الزمنلتصبح ثلث بحجم ال ٤٨ ولاية من الولايات المتحدة ضمن قارة امريكا.‏لم تخلف محمّد سوى طفلة واحدة من زوجته الأولى ‏”خديجة“‏ و هي الجميلة ‏"فاطمة"‏التي بلغت و تزوجت و أنجبت أبناء تعاقبوا على مدى الأجيال.‏ و تحدّرت من نسل فاطمةالسلالة التي تُعْرَفُ‏ اليوم ب”‏ الأشراف“‏ أو ” السادة“.‏ كان زوج فاطمة هو ‏”علي بن


٣٠ الشرق الأوسط في نبؤات الكتاب المقدسأبي طالب“‏ إبن عم ‏"محمّ‏ د"‏ و ربيبه،‏ و هو أيضاً‏ أول من آمن به من الذكور بعد زوجته‏”خديجة“.‏ و حين توفي ” محمّ‏ د“‏ كان لفاطمة و علي ولدين إثنين من الذكور.‏و بإعتبار رابطة الدم و النسب،‏ ظن الكثيرون أنّ‏ ‏”علي“‏ يجب أن يكون خليفة‏”محمّ‏ د“‏ لقيادة الأمة،‏ إلا أنّ‏ جدلا طويلا نشب بين القوم أفضى الى رفض خلافة ‏”علي“‏وتفضيل تاجر أقمشة مكّ‏ ي ثري عليه،‏ لا سيما و أنه كان من أوائل الذين آمنوا بمحمدو رفيقه في هجرته على الجمل من ‏”مكة“‏ الى ‏”المدينة“‏ لعشر سنوات خلت من وفاته.‏كان إسم هذا الرجل ‏”أبو بكر“‏ و كانت إبنته ‏”عائشة“‏ زوجة محمّد المفضلة،‏ كما أنّ‏ هذاالرجل خلف محمّد في أمامة الصلاة حين ألمّ‏ به المرض قبل وفاته.‏أختص الوحي بمحمّ‏ د،‏ و بذلك فإن أبا بكر لم يخلف تماماً‏ محمّ‏ د،‏ إلا أنه منح سلطةشرعية لإدارة شؤون الامبراطورية إدارياً‏ و شرعياً‏ بصفته حامل لقب ‏”خليفة رسول الله“‏و يختصر هذا اللقب في اللغة الإنكليزية ليقتصر على كلمة ‏(الخليفة)‏ للتعبير عن رأسالدولة الإسلامية.‏ و بقي مقر الخلافة الإسلامية مؤسسة إسلامية حتى قيام الجمهوريةالتركية في عام ١٩٢٤ حين قضت عليها حكومة ‏”كمال أتاتورك“‏ العلمانية.‏و رغم أنّ‏ التحول الذي حصل بعد وفاة محمّ‏ د جاء بشكل مفاجيء غير متوقع،‏ و رغمأنّه خلق حالة من عدم الإرتياح وسط أتباع ‏"فاطمة"‏ و ‏"علي بن أبي طالب"‏ إلا أنّ‏ القبائلبقيت متحدة تحت قيادة ‏”أبي بكر“.‏إنتشر الإسلام في الشرق الأوسط و شمال افريقيا و جنوب آسيا في موجتين عظميين،‏ الأولى وقعت في القرنالسابع ميلادياً،‏ و الثانية في القرن الثاني عشر للميلاد و ما تبعه من قرون.‏شون فينش،‏ بيتر ادينجتون


٣١ظهور الإسلاماتساع سريع لامبراطورية الإسلامعين أبو بكر قبل وفاته عُ‏ مَر ابن الخطاب خليفة له.‏ و كان عُ‏ مَر أول من حمل لقبالتفخيم ‏(أمير المؤمنين).‏ و خلال السنوات العشر الأولى من حكمه شهد الإسلام موجتهالتوسعية العظمى الاولى و إنتشرت ذرية إسماعيل من موطنها الأول في الصحراء الى كلالجهات.‏كان الخليفة عُ‏ مَر قائداً‏ قديرا لقواته و تصدى كخصم لدود للامبراطوريتين البيزنطية والفارسية،‏ الأولى تمثل الامبراطورية الرومانية الشرقية التي نمت عن الامبراطورية الرومانيةالقديمة بعد عهد الامبراطور قسطنطين في القرن الرابع الميلادي الذي اتخذ لنفسه منبيزنطة عاصمة له ‏(و سماها القسطنطينية نسبة لأسمه)‏ ‏–و هي اليوم إسطنبول فيتركيا.‏ كانت الامبراطورية البيزنطية تسيطر على آسيا الصغرى و الجزر المتوسطيةالصغيرة التي تنتشر غرب و شمال اسطنبول ‏(منها كريت ورودس)‏ و على جزء كبير منشمال إفريقيا والشرق الأدنى.‏الى الشمال الشرقي من شبه الجزيرة العربية تمتد امبراطورية الفرس الساسانية.‏ وكانت هذه الإمبراطورية في حرب متصلة مع الإمبراطورية البيزنطية الأمر الذي أضعفكليهما و أوّهن مقاومتهما أمام الامبراطورية الشجاعة الفتية الطموحة العنيدة التيظهرت في المناطق العربية.‏ سقطت الامبراطورية الساسانية و بقيت الدولة البيزنطيةقائمة و لكنها عرضة للتهديد المستمر من العرب و المسلمين حتى سقطت في ايدي التركالمسلمين عام ١٤٥٣ ميلادياً.‏كان المحاربون العرب و هم يمتطون الخيل والجمال و يسيرون تحت صرخات الله أكبرخصوما أشداء يقهرون كل من وقف بوجههم.‏ و منذ أيام الإسكندر الأكبر لم تظهر قوةتقهر كل من أمامها بهذه السرعة مثل العرب.‏ كان القرن الذي امتد منذ ذلك التاريخ قرنامن الفتوحات و الانتصارات.‏ فقد أحتلت سوريا و الأراضي المقدسة بين عامي ٦٣٥ و٦٣٦، و في العام التالي سقط العراق و ما حوله في أيديهم،‏ كما سقطت مصر و فارسبعد أربعة اعوام.‏و شكلت ‏(أورشليم)‏ غنيمتهم الكبرى حين سقوطها في أيديهم عام ٦٣٨، و صارتتدعى القدس ‏(اي المقدسة)،‏ و ظلت أورشليم ثالث أقدس المدن عند المسلمين بعد مكةو المدينة،‏ و يؤمن المسلمون انّ‏ محمدا قد صعد الى السماء على ظهر حصانه المجنح‏(البراق)‏ من فوق الصخرة التي يمكن رؤيتها في مسجد قبة الصخرة حاليا و الذي شيدفي القرن السابع للميلاد و يعد واحدا من أجمل ال ص رح المعمارية على وجه الارض.‏ ويؤمن المسلمون أيضاً‏ أنّ‏ إبراهيم جاء الى هذا المكان ِ ليُقَ‏ رب ابنه ‏(مشيرين الى أنهإسماعيل و ليس إسحق كما هو مشار في الكتاب المقدس ‏(التكوين ص:‏‎٢٢‎ ع:‏‎١٤-١‎‏).‏ وصارت البقعة التي بني فيها مسجد قبة الصخرة فوق المنصة الكبرى ‏(لمعبد الهيكل)‏ الذي


٣٢ الشرق الأوسط في نبؤات الكتاب المقدسشيد قبل قرون طويلة منها على عهد ‏(هيرود)‏ و الأراضي المحيطة بها،‏ أكثر قطعة أرضم ت ن ازع عليها على سطح الأرض.‏و بعد وفاة محمد بقرنٍ‏ ، امتدت امبراطورية العرب من الشرق الأوسط عبر شمالافريقيا الى اسبانيا في الغرب و شرقا الى آسيا الوسطى و الهند.‏ بل ان إحدىحملاتهم طرقت ابواب باريس قبل أن يردها ‏(تشارلس مارتيل)‏ في معركة ‏(تورس)‏ بالقربمن ‏(بواتييه)‏ في عام ٧٣٢ ميلادياً،‏ بالضبط بعد ١٠٠ عام من وفاة محمد.‏توقف التوسع الإسلامي حتى القرن الثاني عشر حيث بدأت حملة توسعية أخرىقادها الصوفيون من المسلمين لنشر الديانة في الهند وآسيا الوسطى و تركيا و افريقياالواقعة على حافة الصحراء.‏ بل أنّ‏ التجار المسلمون ساهموا في نشر هذه الديانة الىأبعد من ذلك فأوصلوها الى إندونيسيا و ماليزيا و الصين.‏” وجدت دعوة المسلمين الى المساواة و اعلانهم الصريح العداء لأتباع الديانات الأخرىصدى واسعا واستجابة كبيرة جمعت لها الكثير من المهتدين“‏ ‏(كما تشير الموسوعةالبريطانية في الطبعة ١٥ الجزء ٩ ص:‏‎٩١٢‎‏،‏ الإسلام).‏ و رغم أنّ‏ المسلمين تسامحوا معاليهود و المسيحيين ‏(النصارى)‏ باعتبارهم من أهل الكتاب،‏ الا أنهم أُجبِ‏ روا على دفعرسوم خاصة عرفت ب"الجزية"،‏ فيما خُ‏ يِّر الوثنيون حصراً‏ بين الإسلام أو الموت.‏ ‏(المصدرالسابق).‏بعد إغتيال الخليفة عُ‏ مَر و هو يأم صلاة الجماعة في مسجد المدينة في نوفمبر ٦٤٤،أجمع عدد من الناخبين على تخطي علي بن أبي طالب في ترشيح الخلافة.‏ و منحتالخلافة الى عثمان بن عفّان الذي كان من رعيل المسلمين الأوائل و من المقربين لمحمد.‏خلال فترة حُ‏ كْمِ‏ ه جمع القرآن بالشكل الذي نعرفه اليوم بعد أن كان محفوظا فيصدور القراء و يُنقَل شِ‏ فاهاً‏ الى الناس ‏(كان محمد نفسه أميّاٍ‏ لم يعرف الكتابة لذلك لميدون اي من القرآن).‏ و قد تولى فريق مُخَ‏ وَل من الرجال جمع الآيات و السور في كتابيضم النصوص المقدسة كلها،‏ قاد هذا الفريق الصحابي زيد بن ثابت.‏و يؤمن المسلمون أنّ‏ القرآن هو كلام الله الحَرْفي كما هو و ليس كما جاءت به كلماتمحمد.‏ لذا فإن أول كلمة فيه تبدأ ‏(بسم الله الرحمن الرحيم).‏الخلافةالعباسيةمنعام750الىعام1258مقتلحفيدمحمدأورشليميحتلهاالعربعام‎638هجرةمحمدمنمكةالىالمدينةعام622الحسينعام 680الخلافةالأمويةمن671الى 750)500 600 700 800 900زحفالمسلمينعلىفرنساالذيأوقفعام‎732المسلمونيسحقونالإمبراطوريةالساسانيةفيعام 642وفاةمحمدعام 632)مولدمحمدنحو570‎ميلادياً‎ العام


٣٣ظهور الإسلامإنقسام الإسلام حول الخلافةالتصوير المهني لكوريلحكم عثمان ١٢ سنة قبل إغتياله في المدينة في عام ٦٥٦ للميلاد.‏ و أدى اغتياله الىصراعات دينية و سياسية داخل المجتمع الإسلامي استمرت الى يومنا هذا.‏بعد إغتيال عثمان آلت الخلافة الى علي بن أبي طالب ‏(زوج فاطمة الذي تقدم به العمر)‏و قد إختار ان يعيش فيعزلة بعيداً‏ عن السياسةكعالم ورع متعبد.‏ أتباععلي يعتبرونه الخليفةالشرعي الأول و لكنأجمع أغلب المسلمين علىأنه الخليفة الرابع،‏ إلا أنّ‏الكثيرين عارضوا بشدةتوليه الخلافة.‏و عانت الامبراطورية مناختلاف و ت ن ازع سياسيديني صاحبه ثورات ومسجد قبة الصخرة في أورشليم هو واحد من أشهر المواقع المقدسةفي العالم و قد بُنِ‏ يَ‏ بين عامي ٦٨٥ و بين عام ٦٩١ ميلادياً‏ فوق منصة انتفاضات.‏ بعد خمسمعبد الهيكل الذي بناه ‏(الملك الإسرائيلي هيرود العظيم)،‏ و يبقى هذا أعوام اغتيل علي هو الآخر.‏و قبل أن يتولى أي منالمكان نقطة الاحتكاك المستمرة بين اليهود و بين العرب.‏ابنائه الخلافة،‏ تصدى إبناخت عثمان ‏(و هو رأس قبيلة أمية احدى افخاذ قريش)‏ و تولى الخلافة ليتفجر ص راععلى الزعامة لم ينته بعد.‏يؤمن اتباع علي بأن الخليفة يجب ان يكون أحد المتحدرين من صلب علي باعتبارهأقرب صلة بالدم الى محمد،‏ دعي هذا الرهط ب"شيعة علي"،‏ فيما ذهبت الأغلبية الى ان منالجائز شرعا تعيين خليفة لا يتنسب الى السلالة المحمدية.‏ دعي أتباع هذا الرهط بالسنة‏(على اعتبارها طريق النبي).‏ و خلافاً‏ للشيعة فقد قبل السنة خلافة الخلفاء كما هي.‏روماينهبهاويدمرهاالبرابرةالعام410الرومانيدمرونأورشليمميلادي العام‎70ولادةالمسيح1 100 200 300 400إعلانقسطنطينإمبراطوراالعام‎306‏)‏الرومانيدمرونأورشليمللمرةالثانية‎135‏)‏صلبالمسيحعام31ميلادياً‎


٣٤ الشرق الأوسط في نبؤات الكتاب المقدسال ي هود:‏ من الشتات الى الدولة الإسرائيلية المعاص رةفي العصر الذي بدأ فيه محمد التبشير بعقيدة دينالإسلام الجديد،‏ لم يكن لليهود دولة منذ خمسة قرون،‏فقد ثاروا على حكم الرومان في عام ٦٦ للميلاد،‏ واستمروا في الثورة حتى قضى الرومان عليها خلال أربعةأعوام،‏ ثم هدموا معبد أورشليم و تركوه أنقاضاً.‏ثم قام اليهود بين عامي ١٣٢ و ١٣٥ بتمرد عرفب(ثورة باركوبا)‏ التي قادت الى تدمير اورشليم بشكلكامل.‏ و بنى الرومان مدينة فوق الأنقاض عرفت ب(آيلياكابيتولينا)‏ و لم يُسمح لأي يهودي أن يضع قدماً‏ داخلحدودها تحت طائلة عقوبة الموت.‏ و لم يعد للدولةاليهودية وجود حتى منتصف القرن العشرين.‏و بعد القضاء على الثورتين اليهوديتين فر الكثير ممنبقيوا على قيد الحياة من أرض يهوذا الى أصقاع أخرىمن الأمبراطورية الرومانية و بلدان أخرى أبعد منها.‏ وبقيت أورشليم من عام ٦٣٨ الى عام ١٩١٧ ميلاديتحت الحكم الإسلامي باستثناء فترات زمنية قصيرةخلال الحروب الصليبية.‏و ظل اليهود الذين فرّقهم شتات الأمم و الدول يحنّونالى العودة الى وطنهم.‏ و في ظل اضطهاد الحكومات والكنيسة الرومانية،‏ و حرمانهم من حقوق المساواة،‏ وطردهم المتكرر من الأمم الجديدة التي ساكنوها استمرتمعاناة الشعب اليهودي عبر القرون.‏بحلول نهاية القرن التاسع عشر بدأ اليهود بالعودةالى أرضهم مع ولادة الحركة الصهيونية.‏ حدث ذلك ابانضعف الإمبراطورية العثمانية التركية،‏ و قد انضم اليهودالى أبناء ديانتهم و قوميتهم الذين لم يتركوا تلك المناطقعلى مدى القرون،‏ و بدأ عددهم يكبر و وضعهميستقر.‏عشية اندحار الإمبراطورية العثمانية عام ١٩١٧وقعت المنطقة تحت سلطة البريطانيين.‏ وفي نفس السنةأطقلت الحكومة البريطانية ‏(وعد بالفور)‏ الذي سميعلى اسم وزير الخارجية البريطاني آنذاك " آرثر بالفور"‏ .تضمن هذا الإعلان وعداً‏ للصهاينة لإنشاء وطن قومي لهمفي فلسطين.‏ في نفس الوقت شجع البريطانيون العربعلى التمرد على سلطة الدولة العثمانية التي تحالفتمع المانيا ابان الحرب العالمية الأولى،‏ وأخذوا يبذلون لهمالوعود بالإستقلال واقامة دولهم الخاصة بهم.‏ واثبتتالأيام تناقض تلك الوعود و تقاطعها مع وعد بالفور.‏و خلال العقود الثلاثة التي حكم فيها البريطانيونالمنطقة تنامى عدد اليهود العائدين و صار السكانالعرب يعدونهم تهديداً‏ مباشراً‏ لهم.‏ و لقد نتج عنعدم الثقة إشتباكات بين المجموعتين العرقيتين تكررتعلى مدى العقود الثلاثة.‏ وأدت مقاومة اليهود للوجودالبريطاني الى إنسحاب بريطانيا وتقسيم فلسطينبموجب قرار الأمم المتحدة.‏و دعا القرار المرقم ١٨١ و الذي أقرته الأمم المتحدةسنة ١٩٤٧ الى تقسيم فلسطين الواقعة تحت الإنتدابالبريطاني الى دولة عربية و دولة إسرائيلية على أنتكون أورشليم مدينة مدولة تحت ادارة الأمم المتحدة.‏ قَبِلَ‏يهود فلسطين القرار ورفضه عربها علاوة على كل الدولالعربية الأخرى.‏و أُعْلِنِ‏ قيام دولة إسرائيل اليهودية البالغ عددسكانها نصف مليون نسمة في ١٤-١٥ أيار/‏ مايوعام ١٩٤٨. وسرعان ما هاجمتها جيوش عربية منلبنان،‏ سوريا،‏ العربية السعودية،‏ الأردن،مصر.‏ أنتصرتإسرائيل على الجيوش المهاجمة الا أنّ‏ عقودا طويلة منالعنف المتواصل أعقبت ذلك النصر توّجتها حروبكبيرة خلال اعوام ،١٩٧٣ ١٩٦٧ ١٩٥٦، و ١٩٨٢. واستمرت مرارة العرب من الوجود الأسرائيلي و بقيتالدولة اليهودية قلقة غير آمنة وسط منطقة مضطربةمعادية.‏و بقيت غالبية الشعب اليهودي تعيش خارجأرض إسرائيل في الولايات المتحدة الأمريكية و اوروبا وروسيا.‏


٣٥ظهور الإسلامو تَفَجّ‏ رَ‏ العنف عام ٦٨٠ ميلادياً‏ حين قتل الحسين ابن علي ‏(و هو من أحفاد محمد)‏مع ٧٢ من خلصاء أتباعه في كربلاء الواقعة في عراق اليوم.‏ و صار للشيعة الآن شهيد وتزايد عددهم وتصميمهم إلا أنّ‏ السنّة وهم الأغلبية دأبوا على كبحهم مما خلق حالة عداءدامتّ‏ حتى يومنا هذا.‏يشكل السنة نحو ٨٥٪ من عموم المسلمين،‏ فيما يشكل الشيعة بقيتهم.‏ و رغم إتفاقالفريقين على أصول الإسلام فإنّ‏ الخلافات السياسية و المذهبية و الفلسفية قد باعدتالشقة بينهما،‏ وزاد الأمر تعقيداً‏ مَيل الشيعة الى الإنقسام و التحزب.‏و اليوم،‏ يهيمن الشيعة على إيران و يشكلون غالبية المسلمين في العراق و لبنان.‏ وفي ظل التطرف الذي رافق قيام الثورة الإيرانية التي أسقطت الشاه عام ١٩٧٩، يميلالعديد من الناس الى الإعتقاد أنّ‏ الشيعة هم دعاة الأرهاب،‏ إلا أنّ‏ واقع الحال هو أنّ‏ أغلبأعداء الغرب من الإرهابيين ينتمون الى الطائفة الوهابية و هي شعبة من الإسلام السنةتشكّلت في المملكة العربية السعودية في القرن الثامن عشر.‏و تؤكد إحدى أهم دعوات الإسلام على مفهوم ‏(الأمة)‏ أي الجماعة ‏"و رغم قيام مذاهبو فِ‏ رَقْ‏ إسلامية عديدة فإنّ‏ أتباع تلك المذاهب و الفِ‏ رَق يوحدهم شعور بالإنتماء الى مجتمعواحد هو الإسلام"‏ ‏(المصدر السابق ص:‏‎٩١٢‎‏).‏ و تعزَزَ‏ هذا الشعور بالإنتماء الواحد خلالالسنوات المائتين الأخيرتين في ظل التفوق الغربي المطلق،‏ حتى أضحت الوحدة العربيةوالإسلامية رغبة تنتاب أغلب مسلمي العالم هذا اليوم.‏إسماعيل يضحي ‏"الأمة الك ب رى"‏ الموعودةبعد وفاة علي حَ‏ وَ َّلَ‏ الأمويون الخلافة الى مُ‏ لْك موروث و دام حكمهم من دمشق نحوقرن من الزمان حتى عام ٧٥٠ ميلادياً.‏ خلال هذه الفترة من الزمن احتل المسلمون معظمشبه جزيرة ايبريا(إسبانيا و البرتغال)‏ و ضموا اليهم ما تبقى من شمال إفريقيا.‏ و الىالشرق اكتسحت الجيوش الإسلامية آسيا الوسطى باتجاه الهند و الصين،‏ وقبل أن ينتهيحكمهم بنى المسلمون امبرطورية فاقت الإمبراطورية الرومانية سعة و ضموا الى دينالإسلام ملايين الناس.‏خلف الأمويين العباسيون الذين حكم ملوكهم السبعة و الثلاثون من بغداد الامبراطوريةعلى مدى ٥ قرون (٧٥٠ ١٢٥٨- ميلادياً).‏ خلال هذه المرحلة و فيما كانت اوروبّا تعيشالعصور المظلمة ‏(محاصرة بأعدائها المسلمين من جميع الجهات)‏ تشكلّت في العالمالإسلامي حضارة عظيمة حفظت علوم و آداب الأمم القديمة،‏ و قادت العالم في ميدانالمعرفة و فهم الرياضيات و الكيمياء و الفيزياء و الفلك و الجغرافية و الطب.‏و كما نص الوعد الآلهي لإبراهيم و هاجر بخصوص إبنهما قبل قرون طويلة خلت،‏صار إسماعيل حقاً‏ ‏"أمة عظيمة"‏ ‏(تكوين ص:‏‎١٧‎ ع:‏‎٢٠‎‏،‏ ص:‏‎٢١‎ ع:‏‎١٨‎‏)،‏ بل صار واحدة منعظمى الامبراطوريات التي عرفها العالم.‏


٣٦ الشرق الأوسط في نبؤات الكتاب المقدسومثل كل الحضارات،‏ انتهى حكم العباسيين و بدأت دولتهم بالخراب و الإنهيار،‏ خلالهذا الوقت ضعفت السلطة المركزية و تفككت وحدة المسلمين،‏ و هي مشكلة تهدد الإسلامحتى اليوم.‏ و جاءت الضربة القاضية من قبائل المغول التي زحفت على بغداد عام ١٢٥٨لتقتل الخليفة الأخير و تذبح سكان المدينة و تنهي الإمبراطورية العظمى.‏الح روب الصليبية:‏ ح رب لأجل الأراضي المقدسةخلال حكم الخلفاء العباسيين،‏ وقع صدام كبير بين الإسلام و أوروبا الكاثوليكية.‏ وكان هناك ص راع كبير بين الكتلتين حين إحتل المسلمون شبه جزيرة ايبريا و حاولواإحتلال فرنسا،‏ إلا أنّ‏ انتزاع أورشليم من أيدي المسلمين في ١٥ تموز يوليو ١٠٩٩ للميلادسجل بداية مرحلة طويلةمن التنافس الدامي بينالقوتين الدينيتين.‏و نهب الصليبيونالأوروبيون مدينة اورشليمو اغتصبوا النساء و قتلواالرجال و استرقّ‏ وا الناس واستعبدوهم في نوبة انتقامدموي يتذكرها المسلمونواليهود على السواء حتىيومنا هذا.‏ و استولوا علىخلال قرون طويلة من السيطرة اللإسلامية على أورشليم ، أقام المسلموناثنين من أقدس أماكن عبادتهم ‏(قبة الصخرة المذهبة والمسجد الأقصى" وهي القبة الرمادية الصغيرة التي تظهر يسار الصورة")‏ وذلك فوقمنصة هيرود الكبيرالتي اقيمت في القرن الأول للميلاد حيث قام المعبدفي عهد المسيح.‏قبة الصخرة و حولوهاالى كنيسة واضعينالصليب المسيحي فوقهامحل الهلال الاسلامي.‏ وثار سخط المسلمين وعقدوا العزم على استعادةالمدينة من أيدي ‏”الكفار“‏ ‏(و تعبير الكفار إصطلاح لاتيني إستخدمه أولا الكاثوليك لنعتالمسلمين).‏و لم تستَعِ‏ د قوات المسلمين سيطرتها على أورشليم حتى ٢ تشرين الأول/اكتوبر ١١٨٧حيث قادها صلاح الدين سلطان مصر و سوريا الى النصر الذي أعلن الجهاد المقدسلتحرير فلسطين من أعداء الإسلام.‏و حل الهلال محل الصليب الذهبي الذي اعتلى قبة الصخرة،‏ إلا أنّ‏ صلاح الدين لمينتقم من خصومه بل تعامل برفق مع جنود الأعداء و بشفقة و رحمة مع سكان المدينة،‏الصور:‏ ‏(من اليمين)‏ سْ‏ كوت آشلي،‏ أي ستوك فوتو


٣٧ظهور الإسلامو هو ما شكل تناقضاً‏ صارخاً‏ مع سلوك الأوروبيين الصليبيين الذين ذبحوا مئات الآلوفمن السكان بعد سيطرتهم على أورشليم.‏تَلَتْ‏ ذلك حروب صليبية أخرىبعد قرن من الزمان لإستعادةأورشليم ‏–و إن كانت إستعادةمؤقتة-‏ في الأعوام ١٢٢٩ حتى١٢٣٩ و ١٢٤٣ حتى عام ١٢٤٤، إلاأنّ‏ قوات الصليب أجبرت في النهايةعلى ترك المدينة المقدسة للمسلمين.‏و لم يَستَعِ‏ د المسيحيون الغربيونسلطتهم على المدينة حتى عام١٩١٧ خلال الحرب العالمية الأولى،‏ واحتفظوا بها لعقود ثلاثة فقط.‏قيام الإمبراطورية العثمانيةالقوة الأخرى التي ظهرت فيالمنطقة هي للأتراك العثمانيون الذينكنيسة ‏"آيا صوفيا"(الحكمة الآلهية)‏ المهيبة التي بنيت فيالقرن السادس في اسطنبول تركيا ‏(القسطنطينية سابقا).‏هي واحدة من أهم معالم المسيحية حتى سقوط الامبراطوريةالبيزينطية على أيدي العثمانيين عام ١٤٥٣ عندها حولها الأتراكالى مسجد مضيفين اليها المنائر الأربع و ترميمات أخرى.‏استولوا على القسطنطينية عام ١٤٥٣ليقضوا على الإمبراطورية البيزنطيةالتي أقامها الرومان قبل اكثر من ألف سنة من ذلك التاريخ.‏ و إستولى الأتراك ‏-و هممسلمون غير عرب-‏ على أورشليم و سيطروا على الشرق الأوسط لقرون اربعة تلت.‏و امتدت الإمبراطورية العثمانية بسرعة الى جنوب شرق اوروبا ليدق الأتراك أبواب فيينّاقبل أن يرجعهم الاوروبيون بنهاية القرن السابع عشر للميلاد..‏ تبعت ذلك فترة تدهور وضعف حيث بدأت شعوب البلقان و شمال افريقيا بالأنفصال عن الامبراطورية العثمانيةبحلول القرن التاسع عشر.‏كان العرب مستاءون من حكم الأتراك وظلوا بهدوء ينتظرون الفرصة المناسبة للحصولعلى الإستقلال واستعادة امجادهم السابقة.‏ و بذلك فسيُسمع المزيد من أخبار ذريَةإسماعيل مرَة أخرى.‏


٣٨ الشرق الأوسط في نبؤات الكتاب المقدسولادة الش رق الأوسطالحديثلمئات السنين بقي العرب دون حكومة خاصة بهم.‏ و منذ أن إحتل الأتراك العثمانيونالأراضي العربية في مطلع القرن السادس عشر،‏ لم يعد العرب شعوبا مستقلة.‏ وحتى قيام الحرب العالمية الأولى وقعت أغلب الأراضي العربية تحت سلطة الامبراطوريةالعثمانية.‏ أماالاجزاء الأخرى منالأراضي العربيةفقد أضحتمستعمراتتسيطر عليهاالأنظمة السياسيةالأوروبية التي قويتابان القرن التاسععشر عشيةوهن الإمبراطوريةالعثمانية.‏كان العالمالعربي ابانخضوعه للسيطرةالعثمانية و حتىمطلع القرنالعشرين هادئايميناً،‏ حتى هزيمة و إنهيار الإمبراطورية العثمانية في الحرب العالمية الأولى،‏ بقيتمعظم منطقة الشرق الأوسط تحت سيطرة الترك العثمانيين لقرون عديدة.‏ يساراً،‏بعد إنتصار الحلفاء في الحرب العالمية الأولى،‏ حكم البريطانيون و الفرنسيونالمنطقة و قسّ‏ موها الى الدول التي نعرفها باسمائها اليوم.‏تماما.‏ و ما كان بوسع أحد ‏(سوى القلة)‏ أن يتصور الى أي مدى سوف تتغير هذهالمنطقة خلال عقود قليلة من الزمن.‏ في عام ١٩٠٠ كان الشرق الأوسط كما وصفناه فيمقدمة هذا الكتيب ‏(فنائاً‏ خلفيا لدهاليز السياسة).‏اما الحافز لتغيير خارطة هذه المنطقة فكان الحرب العالمية الأولى و ما نتج عنها.‏ وكان إغتيال ارشيدوق النمسا ‏"فرانز فيرديناند"‏ في سارييفو في ٢٤ حزيران يونيو ١٩١٤هو الشرارة التي فجرت الحرب..‏ و خلال بضعة اسابيع دخلت كل القوى الكبرى في اوروباالحرب.‏ و قد تنامت مشاكل البلقان و تراكمت منذ بدأت الدولة العثمانية بالضعف لتفقدشون فينش،‏ بيتر ادينجتون


٣٩ولادة الشرق الأوسط الحديثنفوذها على العديد من أقاليمها.‏ و كانت المشاعر الوطنية تحرك أحاسيس المجموعاتالعرقية ضد الحكم الأجنبي الإمبريالي لتتساوى في العداء و الإتجاه حيال امبراطوريةالنمسا و هنغاريا و حيال الأتراك العثمانيين.‏و مع اندلاع الحرب لم يتضح في البداية الى أي جانب سينحاز العثمانيون فيالصراع،‏ إلا أنهم عقدوا العزم في النهاية و اختاروا أن ينحازوا الى ألمانيا و النمسا وهنغاريا ضد محور الحلفاء المكوّن من بريطانيا و فرنسا و روسيا.‏ كان هذا خطأ جسيماً‏في التقدير قاد خلال سنوات قليلة الى إنهيار الامبراطورية العثمانية و وضع حداً‏ لسيطرةالأتراك على مقدرات الشعوب العربية بعد قرون طويلة من الحكم.‏بعد قرن من الزمان،‏ ما زال يصعب على المرء أن يفهم كيف قاد إغتيال ارشيدوقأوروبي مغمور ‏(نسبيا)‏ الى تغير جوهري.‏ هذا التغير الدراماتيكي تلازم مع موجة عنفكأن لا نهاية لها صارت تمتد الى أطراف العالم الأخرى و تستمر تداعياتها الى أجل غيرمعلوم.‏الطموحاتالوطنية والقومية هيالتي قادت الىالتغييرقبل واقعةالإغتيال،‏ كانتالتطلعات القوميةو الوطنية تنتشرو تتنامى عبرأوروبا و الشرقالأوسط.‏ أبان العصر الفيكتوري كانت الامبريالية مفهوما سائدا،‏ حيث قبلت أوروبا برحابةصدر بإثنياتها متعددة الإمبراطوريات فكرة أن تتولى أمة واحدة ‏(تُعدُ‏ في العادة متفوقةعلى غيرها)‏ حُ‏ كم غيرها من الشعوب الأضعف و الأقل قدرة.‏ و إتسمت العديد من تلكالإمبراطوريات بالتسامح والكرم حيث أتاحت قدراً‏ كبيراً‏ من الحرية للمجموعات العرقيةالموجودة ضمن حدودها،‏ بما في ذلك حرية العمل و تحقيق الرخاء..‏ إلا أنّ‏ الرغبة بالحصولعلى أوطان قومية تعاظمت تدريجياً‏ في أوساط الشعوب،‏ و يعود جزء من تلك الرغبة الىفرص التعليم المتنامية التي أتاحت للشعوب قراءة آدابها القومية،‏ و هو عنصر ساعدهابالتالي على امتلاك هويتها القومية الخاصة.‏هذا التنامي في الوعي القومي لم يكن حصراً‏ بأوروبا،‏ بل انّ‏ شعوب الشرق الأوسطهي الأخرى أمست تجتاحها الرغبة لتحقيق تطلعاتها الوطنية و القومية.‏توجه المجاميع الأثنية لنيل استقلالها كان عنصرا سيلعب دورا كبيراً‏ خلال القرن


٤٠ الشرق الأوسط في نبؤات الكتاب المقدسالعشرين،‏ لتتحقق بذلك كلمات ي س وع المسيح الواردة في ‏(متى ص:‏‎٢٤‎‏)‏ حيث سأله تلاميذهعن اشارة ظهوره الثاني و نهاية الزمان،‏ فكان في تشخيصه للمشاكل التي ستظهراشارة الى تعاظم التوترات العرقية ‏"فسوف تقوم أمة ضد أمة،‏ ومملكة ضد مملكة"‏ هكذاتنبأ المسيح ‏(ع:‏‎٧‎‏).‏ و ترجم الإغريق كلمة ‏"أمة"‏ الى كلمة ‏"إثنوس"‏ التي اشتقت منهاالكلمة الإنكليزية ‏"أثنية".‏و بتطور المؤسسات الديمقراطية في عدد من البلدان صار للمجاميع الأثنية تمثيلفي العواصم و أضحى بامكانهم أن يضغطوا باتجاه تحقيق المزيد من الحكم الذاتي،‏ إلاأنّ‏ العديد من هذه المجاميع كانت تصبوا الى الإستقلال الكامل.‏ هذا التوتر كان سببارئيساً‏ في قيام الحرب العالمية الأولى و كان عنصراً‏ مهماً‏ في مؤتمر السلام الذي عقد فيباريس عقب الحرب.‏نتج عن مؤتمر باريس للسلام عام ١٩١٩ توقيع اتفاقية ‏"فرساي"‏ التي أدّت الى قيام دولجديدة في أوروبا و الشرق الأوسط.‏ زالت الإمبراطوريات القديمة لتحل محلها دول جديدةصغيرة الأمر الذي زاد في تعقيد العلاقات الدولية و تشابكها.‏ و حل محل تعبير ‏"الحربالتي سوف تنهي كل الحروب"‏ تعبير آخر هو ‏"السلام الذي سوف ينهي كل سلام"‏ أطلقهالضابط البريطاني ‏"آرشيبالد وافل".‏تشكّ‏ ل الثورة العربيةعشية قيام الحرب العالمية الأولى،‏ كان البريطانيون قد أضحوا قوة كبرى في منطقةالشرق الأوسط.‏ سبب حضورهم الأصلي في هذه المنطقة كان لحماية خطوط امدادهم منو الى الهند،‏ أعزّ‏ ممتلكات التاج البريطاني.‏ و قد قام ‏"بنيامين ديزرائيلي"‏ وهو رئيس وزراءبريطاني من أصل يهودي بتنظيم حملة تمويل حفر و بناء قناة السويس،‏ التي كانت تعدشرياناً‏ حيوياً‏ يغذي الإمبراطورية البريطانية.‏و سيطر البريطانيون على مصر حيث تقع القناة،‏ إلا أنّهم لم يلحقوها بمستعمراتهم،‏كما أنّهم حكموا عدن الواقعة في الحافة الجنوبية لنجد و الحجاز،‏ كما استولوا علىمناطق استراتيجية أخرى في الخليج الفارسي.‏و هكذا،‏ حين أندلعت الحرب العالمية الأولى،‏ كان البريطانيون في وضع مسيطر تماماً‏في المنطقة أتاح لهم توجيه و رعاية الثورة العربية ضد الاتراك حلفاء المانيا عدوة بريطانيا.‏و بدأت الثورة العربية من الحجاز الشريط الساحلي من شبه الجزيرة العربية على امتدادالبحر الأحمر حيث تقع مكة و المدينة،‏ و تفجرت الأحداث يوم ١٠ حزيران يونيو ١٩١٦ بعدعامين من اندلاع الحرب العالمية الأولى.‏ قاد الثورة شريف مكة و هو أحد شيوخ الهاشميينكبرى قبائل الحجاز و يُدعَ‏ ى ‏"الحسين بن علي"‏ (١٨٥٢-١٩٣١) و يرجع أصله الى محمدمن خلال حفيده الحسن.‏ و هذا الحسين هو أحد أجداد ملك الأردن الحالي و هو بالطبعهاشمي ايضاً.‏و من غرائب الأمور أنّ‏ العرب تحالفوا في ثورتهم مع القوات البريطانية المسيحية ضدالأتراك المسلمين إلا أن الرغبة في تحقيق الأمة العربية الواحدة المستقلة كانت أسمى من


٤١ولادة الشرق الأوسط الحديثغرابة ذلك التحالف!‏ وقاد إثنان من أبناء الشريف حسين القوات العربية الثائرة التي موّلهاالبريطانيون و ساعدها ميدانيا الجندي البريطاني الشهير ‏"تي.‏ اي.‏ لورنس"‏ ‏(لورانسالعرب).‏ و فهم العرب ان إنتصار الثورة يعني قيام الدولة العربية.‏وصل العرب الى ذلك الفهم نتيجة المراسلات بين المندوب البريطاني السامي في مصر‏"السير هنري ماكماهون"‏ و بين الشريف حسين فيما بين ١٤ حزيران ‏/يونيو ١٩١٥ و ٣آذار ‏|مايو ١٩١٦ من خلال ١٠ رسائل سرية تداولها الطرفان.‏ و قد عرض الشريف حسينمساعدة البريطانيين من خلال الثورة على الأتراك في مقابل وعد بريطاني بمنح الإستقلالللعرب بعد الإنتصار.‏ وافق البريطانيون على هذا الشرط باستثناء بعض المناطق،‏ بضمنهاتلك الواقعة تحت السيطرة البريطانية.‏نجحت الإنتفاضة،‏ و في تشرين الأول ‏/أكتوبر ١٩١٧ إجتاحت قوات الحلفاء بقيادةالجنرال البريطاني ‏"آللنبي"‏ فلسطين و احتلت أورشليم في ٩ كانون الأول ‏/ديسمبر،‏لتصبح المدينة و لأول مرة و منذ إندحار الصليبيين عام ١٢٤٤ تحت سيطرة المسيحيين.‏ وبعد ٤٠٠ عام من السلام تحت حكم العثمانيين بدأ قرن جديد من الص راع الذي يتركز في‏"مدينة السلام".‏و في وقت مبكّ‏ ر من نفس العام كان البريطانيون قد أحتلوا بغداد،‏ و في العام الذيتلاه سقطت دمشق.‏ بعد ثلاثة أيام من سقوطها على يد قوات الثورة العربية،‏ دخل المدينةشون فينش،‏ بيتر ادينجتونفيما امتدت جذور شعوب المنطقة الى أعماق بعيدة في التاريخ،‏ فإن أغلب دول الشرق الأوسط تشكّلت منذ زمنقصير نسبياً.‏ الخارطة أعلاه تظهر حدود الدول المعاصرة في الشرق الأوسط و تواريخ إستقلالها.‏


٤٢ الشرق الأوسط في نبؤات الكتاب المقدسالجنرال ‏"آلننبي"‏ و الأمير ‏"فيصل"‏ إبن الشريف حسين.‏ كان فيصل على رأس قوة من١٠٠٠ فارس،‏ و إستقبله الناس بالهتاف و التصفيق لا سيما و إنهم قد تخلصوا منالحكم العثماني و إبتهجوا بإستقلال المملكة العربية.‏و تلى اندحار دول المحور،‏ انهيار امبراطورية المانيا و النمسا و الإمبراطورية العثمانية،‏فيما كانت الامبراطورية الروسية ‏–و هي حليفة بريطانيا و فرنسا،‏ و في نهاية الحربحليفة الولايات المتحدة الأمريكيية-‏ قد انهارت خلال الحرب على أيدي الشيوعيين.‏وما كان للعالم أن يبقى على ما كان عليه قط،‏ فالحرب العالمية الأولى أشّ‏ رت نهايةالنظام القديم.‏الوعود المتناقضة أسست قاعدة الصراعبلهفتهم لتحقيق النصر في الحرب،‏ بذل البريطانيون وعوداً‏ متناقضة للعرب و اليهودو لحلفائهم الفرنسيين و الروس.‏ و في نوفمبر ١٩١٧عشية سقوط روسيا في القبضة البولشيفكية عثرالثوريون فجأة على وثائق سرية من النظام القيصريو الحكومة الإنتقالية،‏ فكشفوا للملأ عن وثيقة اتفاقيةسرية وقعت عام ١٩١٦ و دعيت " اتفاقية سايكس-‏بيكو"‏ على اسمي السير ‏"مارك سايكس"‏ و ‏"ج ورجبيكو"‏ كبيرا المفاوضات عن الجانبين البريطانيو الفرنسي.‏ تظهر تلك الوثيقة نوايا الحكومتينالبريطانية و الفرنسية لتقليم و تقاسم الامبراطوريةالعثمانية بحيث يقسّ‏ مان الغنيمة بينهما دون أنيمنحا العرب أيّ‏ سلطة.‏في نفس الشهر و قبل خمسة أيام من تسلطالبلشفيكية على روسيا،‏ أصدر البريطانيون ‏(إعلانبالفور)‏ الشهيرالذي سمّ‏ ي على أسم وزير خارجيتهمآنذاك ‏"آرثر جيمس بالفور".‏ و كشف ذلك الإعلان عنتعهد الحكومة البريطانية بدعم إنشاء وطن قوميلليهود في فلسطين.‏ تلك الوعود المتقاطعة كانت سبباً‏لخلق مشاكل لا نهاية لها للبريطانيين في السنواتالتي تلت/‏ بل إنها خلقت للعرب و لليهود أنفسهممشاكل أكبر.‏قاتَل العرب الى جانب البريطلنيين ضد الأتراكليساهموا في صنع النصر الذي حققه الحلفاء علىالصورة الى اليمين:‏ المهاجرون اليهودالهاربون من أوروبا التي مزقتها الحربيصلون ميناء حيفا في بداية عام ١٩٤٨.الصورة الى اليسار:‏ ديفد بن غورينأول رئيس وزراء اسرائيلي يعلن مولددولة اسرائيل الحديثة في ١٥ آيار /مايو ١٩٤٨ مباشرة قبل نهاية الإنتدابالبريطاني على فلسطين.‏قوى اوروبا المركزية.‏ في المقابل،‏ إنتظر العرب لأخذ السيطرة الكاملة على الأراضي العربيةغير تلك الواقعة فعلاً‏ تحت نفوذ الإستعمار الأوروبي،‏ كمصر و عدن و الجزائر.‏ و كانواينتظرون دون شك أن يحكم العرب بشكل مطلق كلا من شبه الجزيرة العربية و العراق و


٤٣ولادة الشرق الأوسط الحديثسوريا و فلطسين.‏كانت فلسطين/‏ و هو الإسم الحديث للمناطق التوراتية القديمة المسماة اسرائيل ويهوذا،‏ والتي يشار اليها غالباً‏ بتعبير الأراضي المقدسة/‏ كانت هذه الأراضي تحت سلطةالمسلمين منذ القرن السابع للميلاد،‏ باستثناء فترة قصيرة في القرن الحادي عشر كماأسلفنا.‏ و كان بوسع اليهود أن يعيشوا في فلسطين،‏ إلا أن أي محاولة منهم لخلق وطنقومي لليهود كانت ستجابَه بمقاومة عنيفة.‏في مؤتمر باريس للسلام و الذي قاد الى توقيع اتفاقية ‏"فرساي"‏ تعرض موفدو العرب‏(و معهم تي.أي.‏ لورنس)‏ الى الخيانة حين قام الحلفاء المنتصرون بتقسيم الإمبراطوريةالعثمانية بين البريطانيين و الفرنسيين،‏ قطبا الحرب الأكثر تأثيراً.‏ و منحت عُ‏ صْ‏ بَة الأممو التي تشَ‏ كَلت حديثا آنذاك البريطانيين حق الإنتداب على فلسطين و الأردن و العراق.‏ ونال الفرنسيون حق الإنتداب على سوريا و لبنان.‏ أما العرب و اليهود فلم ينل أي منهم ماوعد به،‏ آنذاك على الأقل.‏البريطانيون يرثونمعضلةكانت فلسطين كبرىالمشكلات.‏ للوهلة الأولى سمحالبريطانيون بالهجرة غيرالمحددة لليهود الى فلسطينما دعا الى تعالي احتجاجاتالعرب،‏ و قد دعا العرب ‏-فيظل خوفهم من سيطرة يهوديةمطلقة-‏ البريطانيين الى ايقافالهجرة اليهودية،‏ و هذا مافعلهالبريطانيون،‏ إلا أنه جاء متزاماً‏مع اندلاع الحرب العالمية الثانية حين قضت مذابح الهولوكوست النازية على ٦ ملايينيهودي،‏ أي أن طريق هروب اليهود الى فلسطين قد أغلق في الوقت الذي كانت الحاجة اليهفي أمسّ‏ ها.‏و أبان العقود الثلاثة التي سيطر فيها البريطانيون على المنطقة تواصلت تغيراتخارطتها السياسية.‏ و إستعاد المصريون سيادتهم في عام ١٩٢٢، كما نالها العراقيونفي عام ١٩٣٢، رغم استمرار نفوذ البريطانيين في كلا الدولتين.‏ و نال لبنان استقلاله عنفرنسا في عام ١٩٤١، فيما حصلت سوريا على الإستقلال بعد خمسة أعوام أي في ١٩٤٦،و هي نفس السنة التي خلق فيها البريطانيون دولة فلسطين العربية بمنحهم الإستقلالللأردن.‏بعد نهاية الحرب العالمية الثانية في ١٩٤٥، بدأت بريطانيا المنهَكَة تنسحب من أقاليمإمبراطوريتها،‏ و منحت الهند و باكستان الإستقلال في عام ١٩٤٧، ليعقب ذلك خلال أقل


٤٤ الشرق الأوسط في نبؤات الكتاب المقدستصاعد موجة الوطنية العربيةواحدة من أهم التطورات في المنطقة بعد توقيع معاهدةفرساي التي أنهت الحرب العالمية الأولى كانت تصاعدمشاعر القومية العربية.‏ فبعد الخيانة التي خذلتهم فيهاالقوى الأوروبية،‏ ثار العراقيون على حكامهم البريطانيون،‏و سرعان ما ندم البريطانيون على تدخلهم في العراق الذيكلفهم نفقات باهضة مقابل مردود هزيل و معدوم أحيانا.‏و بعد مرحلة شهدت ضعفهم ماليا عقب خوضهم الحربالعالمية الأولى،‏ وجدوا أنفسهم مجبرين على محاولة فرضالسلام في منطقة معادية لهم.‏كان لتأسيس وطن قومي مستقل لليهود في فلسطيندلالة عظيمة.‏ و مما لا شك فيه أن تاريخ الشرق الأوسطبعد الحرب العالمية الثانية كان سيشهد اختلافاً‏ بيّناً‏ لولاخلق دولة إسرائيل.‏ فقد كان من الصعب على العرب أنيقبلوا سيطرة اوروبية على اجزاء من العالم العربي،‏ أماالآن فقد اصبحوا في مواجهة ما يعتبرونه مستعمرة منالكفرة الأوروبيين الذين ينوون أن يعيشوا بشكل دائم فيالأراضي العربية.‏في البداية لم يلم العرب الغرب لوجود أسرائيل.‏ و ابانالأيام الأولى لقيام دولة أسرائيل،‏ لعبت دول أوروبا الشرقيةالشيوعية دورا حيويا في ضمان تدفق الأسلحة علىالشعب الإسرائيليينبما يتيح له محاربةالجيوش العربية.‏ و كانمدعاة ذلك أن العديدمن الإسرائيليين أخذوايعيشون في مشاعيات زراعية جماعية تدعي ‏"الكيبوتس"‏مما دفع كتلة الدول المتحالفة مع السوفيت الى الإعتقاد أنهموجدوا لهم حليفا قويا في الشرق الأوسط،‏ وهي منطقةكانت ما تزال تحت الهيمنة الإمبريالية الأوروبية آنذاك.‏في مرحلة لاحقة،‏ حرص اليهود المهاجرون من الولاياتالمتحدة الامريكية على حشد الدعم الامريكي للدولةالوحيدة التي تتبع نظام الديمقراطية الغربية في المنطقة،‏فيما عثر السوفيت و حلفائهم على موضع قدم قوي آخرفي المنطقة.‏ فبسبب الأحباط الناتج عن هزيمة ١٩٤٨، وبسبب العجز عن تدمير إسرائيل،‏ و بسبب الحنق منأسقط الملك فاروق في محاولةلتخليص العالم العربي منالتأثير الغربيسياسة حاكمهمالموالي للغرب‏”الملك فاروق“‏قامت مجموعةمن ضباط الجيشالمصري بانقلابعلى الحكومةالملكية و أزاحوهاعن السلطة فيعام ١٩٥٢ ليقيمواجمهورية مصرالثورية التي ألهبتمشاعر الشعوب الأخرى في المنطقة،‏ و بدا لفترة أنّ‏ حلمالوحدة العربية صار قريب التحقق.‏و الهمت القيادة المتطرفة لجمال عبد الناصر المصريينوكل العرب للتخلص من النفوذ الغربي.‏ و هكذا فقد أممّ‏ناصر قناة السويس المملوكة للفرنسيين و البريطانيين،‏ الأمرالذي دفع إسرائيل و بريطانيا و فرنسا الى تنظيم حملةعسكرية لإستعادة القناة و إسقاط الحكومة الراديكاليةالعربية التي هددت مصالح إسرائيل و الغرب.‏ إلا أنّ‏ ادارةمما لا شك فيه أن تاريخ الش رق الأوسط بعد الح رب العالميةالثانية كان سيشهد اختلافاً‏ بيّناً‏ لولا خلق دولة إسرائيلالرئيس الأمريكي ‏”آيزنهاور“‏ التي كانت تخشى النفوذالسوفيتي المتزايد في المنطقة ضغطت على المتحالفين واجبرتهم على الإنسحاب.‏ غير أنّ‏ السوفيت نفذوا الىمصر على كل حال ليدعموا مصر و العرب ضد إسرائيلخلال السنوات الخمس و عشرين التي تلت.‏ و هكذا فقدصارت واشنطن و موسكو لاعبين رئيسين في المنطقة.‏بعد مصر،‏ جاء الدور على العراق ليسقط العائلةالمالكة الحاكمة الموالية للغرب ‏-و يجدر الملاحظة هناأنّ‏ الملوك و الزعامات الموروثة الاخرى في العالم العربيتلقّى أغلب افرادها تربيتهم و علومهم في الغرب،‏ و على


٤٥ولادة الشرق الأوسط الحديثإكسبرس/صور جاتي/نيوزكموجه الخصوص في بريطانيا و الولايات المتحدة،‏ من هناجاء نزوعهم لموالاة الغرب،‏ العنصر الأكثر أهمية أنّ‏ هؤلاءالقادة كانوا متحضرين على النمط الغربي و هو أمر كانيثيرسخط شعوبهم المتدينة.‏في عام ١٩٣٢ غادر البريطانيون العراق بعد أن أرسوادعائم نظام حكم يعتمد على أسرة مالكة تتبنى الدستورو على مجلس نيابي منتخب.‏ و لم يدم هذا النظام طويلابعد خروج البريطانيون من البلاد،‏ فقد قاد الجيش،‏ الذيأحرز كيانه وجوداً‏ فاعلاً‏ مهماً‏ في الدولة منذ العصرالعثماني،‏ انقلاباً‏ دموياً‏ في عام ١٩٥٨ قتل فيه الملكالهاشمي فيصل و معظم أفراد أسرته.‏ و هكذا فلم تلقالحكومات الدستورية نجاحاً‏ يذكر في العالم العربي وفيسائر انحاء العالم الإسلامي.‏في نهاية المطاف وقع العراق تحت سلطة صدام حسينالجنود الإسرائيليون يتفحصون دبابة سورية مدمرة فيمرتفعات الجولان عشية الإنتصارالصاعق الذي حققتهإسرائيل في حرب الأيام الستة في حزيران ١٩٦٧.الدكتاتورية.‏ و بنفس الأسلوب أسقط الملك ‏”ادريس“‏حاكم ليبيا عام ١٩٦٩ ليحل محله القائد الراديكاليالمناهض للغرب العقيد ‏”معمر القذافي“،‏ و تساقط الملوكلتحل محلهم جمهوريات ديكتاتورية،‏ بل أن سوريا تحولتالى دكتاتورية وراثية بتولي ابن الرئيس السابق السلطة بعدوفاة أبيه،‏ و هو ما سيحدث على الأرجح في دول عربيةأخرى.‏ حيث أن النوايا كانت تسير في العراق بهذا الإتجّ‏ اهقبل حرب الخليج عام ٢٠٠٣ التي قادت الى إسقاط صدامحسين.‏في عام ١٩٥٨، شكلت مصر و سوريا ما دُعِ‏ يَ‏ آنذاكب"الجمهورية العربية المتحدة"‏ التي قادها الرئيس المصريعبد الناصر،‏ في محاولة لتحقيق الوحدة العربية،‏ إلا أنالوحدة لم تدم طويلاً‏ و إنتهت التجربة بالفشل في عام١٩٦١، غير أنّ‏ رغبة العرب بالوحدة بقيت قائمة.‏أحد أهم أسباب تلك النزعة المستمرة،‏ كان رغبةالعرب في امتلاك القدرة على التصدي عسكرياً‏ لإسرائيل.‏إلا أنّ‏ الدولة اليهودية حققت نصراً‏ عسكرياً‏ آخراً‏ فيحرب الأيام الستة عام ١٩٦٧. فبعد أنّ‏ استفزتها الجيوشالعربية،‏ شنت اسرائيل حربا خاطفة أسفرت عن سيطرتهاعلى الضفة الغربية لنهر الأردن ‏(التي استولى عليهاالأردن في حرب عام ١٩٤٨) و مرتفعات الجولان ‏(العائدةالى سوريا)‏ و قطاع غزة ‏(الذي سيطرت عليه مصر فيحرب عام ١٩٤٨) علاوة على صحراء سيناء،‏ إضافة الى‏”أورشليم“‏ التي استعاد اليهود سيطرتهم عليها لأول مرةمنذ الشتات الأول ‏(الداياسبورا).‏أعقب ذلك نصر آخر في حرب أكتوبر عام ١٩٧٣الأطول زمناً‏ و التي تدعي في الغالب بحرب ‏”يوم كيبورأو يوم الغفران“‏ التي بدأت بهجوم عربي متعدد الجبهاتعشية احياء إسرائيل ليوم الغفران،‏ أقدس أيام اليهود فيالسنة.‏خلال هذه الحروب بدأ الإرهاب الفلسطيني،‏ و بعدحرب عام ١٩٧٣ استخدم العرب لأول مرة سلاح النفطليضغطوا على الغرب،‏ الأمر الذي ادى الى ارتفاع اسعارالنفط الى أربع أمثال ما كانت عليه و عرّض اقتصاد العالمالى الإهتزاز.‏كل تلك الهزائم فاقمت شعور العرب بالحاجة الىالوحدة و هو وهم ما بَرَحَ‏ يظللهم.‏ و اليوم يقود معظم دولالمنطقة ملوك محافظون يرفعون شعارات الإسلام،‏ أو زعماءقوميون راديكاليون مستبدون.‏ و رغم تضاد هذه الحكوماتفي بعض الأحوال إلا أن قاسمهم المشترك هو السيطرةعلى شعوبهم بقبضة حديدية.‏من مرجل الوطنية هذا،‏ حيث تغلي مشاعر الحقدعلى الغرب و الكراهية لإسرائيل و احباط الشعوب منحكوماتها و قادتها،‏ انبعثت قوة أخرى من عصورساحقةالقدم لتسلط الأرهاب على قلب العالم الغربي و تثيرمخاوفه العميقة-‏ قوة الأصولية الإسلامية.‏


٤٦ الشرق الأوسط في نبؤات الكتاب المقدسمن عام إنسحاب من فلسطين.‏و لم يعد بوسع البريطانيين حماية السلام بين العرب و بين اليهود.‏ فقام ارهابيونيهود بنسف فندق"‏ الملك داوود"‏ حيث مقر القيادة العسكرية البريطانية في أورشليم،‏ ليذهبضحية الهجوم نحو ١٠٠ جندي بريطاني.‏ و كما هو الحال في الهند لم يعد ال ش ارعالبريطاني يدعم الحكومة و لم يعد أحد مستعداً‏ للمخاطرة بحياة البريطانيين للحفاظ علىالسلام بين قوى معادية للوجود البريطاني.‏ و أشعر البريطانيون منظمة الأمم المتحدةالتي كانت قد حلت توا محل عصبة الأمم المنحلة أنهم سيغادرون فلسطين،‏ و أمهلواالمنظمة مدة ٦ أشهر قبل إنسحابهم.‏ولادة دولة إسرائيلصوتت الأمم المتحدة الى جانب تقسيم فلسطين بين العرب و بين اليهود،‏ على أنتصبح ‏"أورشليم"‏ مدينة مدوّلة.‏ قبل الإسرائيليون القرار فيما رفضه العرب.‏ و بانسحابالبريطانيين أعلنت القيادة اليهودية ولادة دولة الدولة اليهودية المستقلة في ليلة ١٥/١٤آيار/مايو عام ١٩٤٨. خلال ساعات هاجمت جيوش خمس دول عربية مجاورة دولةإسرائيل و هي عازمة على تدمير الدولة الفتية التي لم يَتَعَدَ‏ عدد سكانها نصف مليوننسمة.‏استمرت الحرب حتى أوائِل العام التالي و أسفرت عن ضمّ‏ إسرائيل أراض جديدة اليهاعلاوة على الأراضي التي نص عليها قرار الأمم المتحدة.‏ و غادر معظم سكان هذه المناطقمن العرب أراضيهم ليبقوا منذ ذلك الحين لاجئين يقيمون في مخيمات مؤقتة في الضفةالغربية و غزة و لبنان و سوريا و الأردن و مصر و العراق.‏ أما العرب الذين بقوا فيإسرائيل فقد حصلوا على جنسية الدولة الوليدة إسرائيل ‏-و من سخرية الأوضاع أنهماليوم يتمتعون بحريات شخصية تفوق بكثير تلك التي يتمتع بها أقرانهم العرب في الدولالعربية.‏أعقب ذلك حروب متعاقبة.‏ في عام ١٩٥٦ تحالفت إسرائيل مع بريطانيا و فرنسا ضدمصر في محاولة لإستعادة قناة السويس التي إستولت عليها حكومة مصر الثورية.‏ وأرغم التدخل الأمريكي الدول الثلاث على الإنسحاب من مصر مما شكل دعما كبيراً‏للحس القومي العربي آنذاك.‏ و خلال بضع أعوام فقد الفرنسيون الجزائر و لم يعد لهمحضور في المنطقة.‏ و خلال عقد من الزمان بعد أزمة قناة السويس فقد البريطانيون كلإمبراطوريتهم و إنسحبوا من المنطقة تماماً‏ في عام ١٩٧١.حل محل هذه القوى الأمريكان و السوفيت،‏ قطبا الحرب الباردة اللذان اعتمدا أنظمةتقاتل عنهما بالوكالة في منطقة الشرق الأوسط.‏زوال الإمبراطوريات القديمةلكن لم يكن بوسع أحد ايقاف المد القومي العربي،‏ و بقيت فكرة الوحدة العربية


٤٧ولادة الشرق الأوسط الحديثمشروعاً‏ شاخصاً‏ في أذهان الشعوب في الشرق الأوسط.‏ و لم يكن العرب هم الوحيدونالذين إنفصلوا عن الحكم الإستعماري الأوروبي،‏ بل إن دُوَلاً‏ جديدة عديدة عبر العالم أخذتتظهر على الخارطة بسقوط الإمبراطوريات الأوروبية بعد الحرب العالمية الثانية.‏ فيما شهدتالحرب العالمية الأولى سقوط الإمبراطوريات الأوروبية التي حكمت أجزاء كبيرة من أوروبا.‏ وأخذت تتبعها الإمبراطوريات ذات المستعمرات المنتشرة حول العالم.‏ لم تشهد خارطة العالمتغيرات دراماتيكية سريعة مثل تلك.‏حدث،‏ علينا أن نتذكر أنه بعد توقيع معاهدة فرسايو لتصور مدى عمق التغيير الذيعام ١٩١٩ مباشرة،‏ لم يكنهناك دولة عربية مستقلةواحدة.‏ و باستثناء دولةفارس"إيران"‏ و دولة افغانستان،‏لم يكن على وجه الأرض دولةمسلمة واحدة مستقلة.‏وقاد إسقاط دولة السلاطينالعثمانيين الى تأسيسالجمهورية التركية العلمانية-‏ والتي تعني ضمن ما تعنيأنّ‏ الشعب بقي اسلاميالتوجهات فيما تحولت الحكومةتضم البلدان العربية غالبية احتياطيات النفط المعروفة في العالم و هي عصبحياة الإقتصاد العالم ي،‏ لذا أفَلَيسَ‏ من الغريب أن يقفز الش رق الأوسط و الإسلام فجأةالى واجهة القضايا المهمة في العالم؟أي ستوك فوتوالى العلمانية-‏ لتتحرك ضمن عجلة السياسة و الفلسفة الغربية.‏ و رغم أنّ‏ مصرتمتعت بالإستقلال منذ عام ١٩٢٢، غير أن ملكها لم يكن عربياً،‏ كما أنّ‏ البريطانيين بقوايسيطرون على خيوط المشهد من وراء الكواليس.‏و بقيت كل المناطق الإسلامية في العالم تحت السيطرة الأوروبية،‏ ومن الغريب حقا أنتكون أكبر قوة ‏"إسلامية"‏ في ذلك الوقت هي بريطانيا العظمى،‏ لسبب أنها كانت تحكمشبه القارة الهندية،‏ و التي تشمل ما يعرف اليوم بالباكستان و بنغلادش و سريلانكا.‏أما اليوم،‏ فيوجد في العالم ٥٧ دولة إسلامية يحكمها مسلمون،‏ و يشمل هذا ٢٢ دولةعربية تضم أراضيها معظم مخزونات النفط في العالم والتي تمثل عصب حياة الاقتصادالعالمي،‏ لذا أفَلَيْسَ‏ من الغريب أن يقفز الشرق الأوسط و الإسلام فجأة الى واجهة القضاياالمهمة في العالم؟


٤٨ الشرق الأوسط في نبؤات الكتاب المقدسالإسلام الأصولييبعث من جديديحمل تعبير ‏"الحروب الصليبية"‏ دلالة عاطفية قوية عند العرب مذكراً‏ اياهم بالفظائعالتي ارتكبها الأوروبيون خلال ٢٠٠ عام من الحروب التي سعت الى إستعادة الحكم والسيطرة الكاثوليكية على الأراضي المقدسة.‏و تؤمن الشعوب العربية أن تلك الحروب هي ليس الوحيدة في هذا الإتجاه،‏ بل أنحربين آخريين بهذا التوجه أعقبتهما.‏فالحملة الصليبية الثانية في رأيهم جاءت في المرحلة الإستعمارية حين سيطرتبريطانيا و فرنسا و دول أوروبية أخرى على العالم العربي،‏ و هو ما أحبط الحلم العربيبالوحدة و أصابالشعوب بعقدة شعوربالتدني نجمت عنعجزهم لفترة زمنيةطويلة عن التخلص منسلطة الأوروبيين.‏أما الحملةالصليبية الاخرى فهيالقائمة في يومنا هذا والتي يعتبرها الأصوليينتهديداً‏ مباشراً‏ لأسلوبحياتهم كمسلمين،‏ وتُعرَف بالعبارة التيشاع إِستخدامهاالأمبريالية الأمريكية.‏و خلافا للبريطانيينيحتشد المسلمون حول الكعبة لأداء صلاة الفجر خلال الحج،‏ و هي الرحلة الى مكةالتي ينبغي على كل مسلم أن يؤديها/‏ و يقوم بضعة ملايين من المسلمين كل عامباداء هذه المراسم.‏و الفرنسيين لم يسع الامريكيون الى ربط أيّ‏ منطقة عربية ببلادهم باعتبارها مستعمرةأمريكية هي جزء من الولايات المتحدة الامريكية،‏ فالأميركيون أنفسهم كانوا تحت الهيمنةالإستعمارية و قاموا بحرب ثورية لتحرير أنفسهم من تلك الهيمنة و إستبدالها بالجمهوريةالأمريكية،‏ و هكذا فان الامريكيين غير ميالين الى الهيمنة الاستعمارية كما فعل الأوروبيونفي القرن التاسع عشر.‏الصور:‏ ‏(من اليمين):‏ ا ف ب،‏ مؤسسة فوتو ديسك إنك.‏


٤٩الإسلام الأصولي يبعث من جديدإلا أنّ‏ الثقافة الامريكية ‏-بغير قصد-‏ تُشَ‏ كِ‏ ل تهديداً‏ مباشراً‏ لأسلوب حياة الشعوبالمسلمة كافة.‏ و في هذا يكمن سبب استياء المسلمون ‏(اذا تجنبنا استخدام تعبيركراهية)‏ من الولايات المتحدة .و يعود هذا بشكل جزئي الى التقدم التقني،‏ فالراديو و التلفزيون أدخلا الحضارة والثقافة الغربية الى بيوت الناس عبر العالم،‏ و الأفلام الامريكية صارت أفلاماً‏ عالمية تتوفرفي كل بقاع الأرض،‏ إلا أنّ‏ الرسالة التي تؤديها هذه الأفلام في الغالب ليست رسالة جيدة.‏فهي تُصَ‏ وّر عنف و خلاعية الحياة في الولايات المتحدة،‏ و هو ما يبتعد تماماً‏ عن حياةأغلب العائلات الامريكية ‏-و لكن المشاهدين الأجانب كيف لهم أن يفهموا خلفيّات هذهالأمور؟ كما أن هذه الافلام تعرض مشاهد نساء متحررات بأقل قدر من الملابس و مشاهدأطفال يتصرفون كالكبار و يظهرون احتقاراً‏ بيّناً‏ لوالديهم-‏ و كلا الظاهرتين تشكلا تحدياً‏كبيراً‏ للقيم الإسلامية.‏و تفاقم إنحراف الثقافة الغربية في السنوات الأخيرة باخت راع التلفزيون الفضائي،‏فصار بإمكان المزيد من الناس مشاهدة السينما الغربية و العروض التلفزيونية،‏ الأمرالذي فاقم مشاعر العداء للغرب.‏علاوة على ذلك،‏ صار بوسع المشاهد العربي أن يرى أخباراً‏ يومية تنقل معاناةالفلسطينيين التي يعتبرون الولاياتالمتحدة مسؤولة عنها.‏ المنطقبسيط/‏ إسرائيل تقتل الفلسطينيين،‏أمريكا تدعم إسرائيل،‏ فالملوم إذاً‏أمريكا.‏يعزز ذلك التصور،‏ أنّ‏ أمريكاتُعتَبَر الآن بلد العنف لذا فهيالمسؤولة عن نشر العنف.‏ و أُجُ‏ جُ‏المشاعر اجراءت الولايات المتحدةالعسكرية ضد المسلمين،‏ التييصفونها باستهداف الإسلام بشكلمتعمد من قبل الولايات المتحدةنساء مسلمات يصلين و قبلتهن تتجه الى مكة،‏ يعتبر الإسلامواحداً‏ من أس رع الديانات انتشاراً‏ في العالم و يبلغ عددالمسلمين اليوم أكثر من مليار و ربع مليار.‏الامريكية.‏ لكن هنا يجب ذكْ‏ رحقيقة مهملة و هي أنّ‏ الولاياتالمتحدة و حلفائها قد دعمت المسلمينضد الصرب والكروات خلال عقدالتسعينات.‏ و يَنْظُ‏ ر العديد من المسلمين عبر العالم الى قيام الولايات المتحدة بتحريرافغانستان من قبضة نظام طالبان عام ٢٠٠١-٢٠٠٢ و تحريرها شعب العراق من نظامصدام حسين الدكتاتوري عام ٢٠٠٣ باعتبارها مجرد هجمات تستهدف شعوباً‏ مسلمة ‏(وهنا لا بد من الإشارة الى ان العديد من الدول العربية و الإسلامية تسيطر على الإعلام ووسائل الإتصال و تحجب حرية التعبير و تراقب أثير البث الفضائي).‏


٥٠ الشرق الأوسط في نبؤات الكتاب المقدسجذور التط رف الإسلاميمثل هذه العناصر ساهمت في تعاظم الأصولية الإسلامية،‏ و هي ليست ظاهرةطارئة،‏ بل هي اسوة بالأديان الأخرى،‏ ظاهرة تأتي و تغيب،‏ و قد كان هذا هو الحال فيالإسلام،‏ كما كان بنسبة أقل في المسيحية أيضا.‏في القرن الثامن عشر ولد ‏"ابن عبد الوهاب"‏ (١٧٠٣-١٧٩٢) فيما صار يعرف اليومبالرياض عاصمة المملكة العربية السعودية.‏ و يُعرَف أتباعه الذين هم من المسلمين السنة‏"بالوهابيين".‏ و هم الطائفة الأشد تطرفاً‏ في كل الطوائف الإسلامية،‏ فهم عنيفون،‏ غيرمتسامحين و متشددون أصوليون.‏ و لم يكن ظهورهم في شبه الجزيرة العربية و إرتقائهمالسلطة بسبب الحروب الصليبية قدر ما كان سببه إنحطاط الدولة العثمانية.‏ و قدأقام ‏"ابن عبد الوهاب"‏ في الجزيرة العربية دولة على مثال نظام ‏"الأمة"‏ في القرن السابعللميلاد،‏ أي انه مجتمع إسلامي يعيش وفق الشريعة الإسلامية.‏و ما برحت الوهابية هي الدين السائد في المملكة العربية السعودية،‏ كما أن لهاالعديد من الأتباع في دول الخليج.‏ من هذه المنطقة جاء أغلب الإرهابيين الذين نفذواهجمات الحادي عشر من سبتمبر عام ٢٠٠١ على مركز التجارة العالمي في نيويورك.‏ وقد قيل أن ليس كل المسلمين إرهابيين،‏ الا أن كل الإرهابيين وهابيون.‏ ورغم أنّ‏ هذا تعميمقد يبدو عاماً‏ جداً،‏ إلا أنّ‏ معظم المساجد في العالم الغربي ‏-حيث يعلّم الأئمة أتباعهمالتفسير الوهابي للقرآن-‏ تمُ‏ ‏َوّل من قبل سعوديين.‏ و منذ عام ١٨٠١، كان أتباع الوهابيةيقتلون كل من يختلف معهم،‏ كما أنهم هاجموا مدينة كربلاء الشيعية المقدسة في ذلكالعام وقتلوا نحو ٢٠٠٠ مواطن بريء.‏و لم تنحصر الأصولية في شبه الجزيرة العربية.‏ ففي نهاية نفس القرن قاتلت القواتالبريطانية في السودان رجلاً‏ اَدعَ‏ ى أنّه ‏"المهدي"،‏ وكان ذاك أصولي آخَ‏ ر سعى أن يجمعخلفه كل المسلمين في حرب مقدسة لقتال الكفار الغزاة القادمين من الغرب . و إنتصرالبريطانيون عليه و بقوا يحكمون السودان حتى ما بعد الحرب العالمية الثانية.‏الأصوليون يضربون م رة أخ رىوعادت الأصولية الإسلامية لتؤثر في الغرب ثانية في عام ١٩٧٩. هذه المرة كانالمستهدف هو الولايات المتحدة الأمريكية حيث أسقطت الحشود الأصولية أهم حليفلأمريكا في المنطقة.‏ كان شاه ايران رجلا غربي الثقافة و القيم و بمساعدة الولاياتالمتحدة الأمريكية بنى قواته لتكون القوة العظمى في منطقة إيران و هي المنطقة الغنيةبالنفط ذات الأهمية الإقتصادية و الإستراتيجية للعالم الغربي.‏أسقط الشاه أتباع الزعيم الشيعي ‏"آية الله الخميني".‏ و إحتل الطلبة الثوريون مبنىالسفارة الأمريكية في طهران و إتخذوا عشرات من موظفي السفارة رهائن لهم لمدة ٤٤٤يوماً.‏ و انتابت الغرب مخاوف من انتشار التطرف الإسلامي الأصولي إلى بلدان أخرىفي المنطقة.‏


٥١الإسلام الأصولي يبعث من جديدفي ذلك العام،‏ غزا السوفيت أفغانستان،‏ حيث كان انقلاب أفغاني قد أطاح بالملك عام١٩٧٣، لتعقبه حكومة شيوعية سيطرت على الأوضاع في هذا البلد،‏ و حين أسقط انقلابآخر تلك الحكومة،‏ تدخلت موسكو.‏ و كان لهذا التدخل و لطول الحرب المربكة و ارتفاعتكاليفها أثراً‏ هاماً‏ في إسقاط الإتحاد السوفيتي بعد عقد ونيف من الزمان.‏قلق الولايات المتحدة الامريكية ومخاوفها من التحركات السوفيتية عبر العالم دفعهالدعم الثوار الأفغان المتصدين للهيمنة السوفيتية.‏ و بدأت تزود ‏"المجاهدين"‏ الأفغانبالأسلحة عبر دولة باكستان المسلمة/‏ أولئك ‏"المجاهدون"‏ هم تنظيم مسلح كان يقودهأسامة بن لادن.‏ في نهاية الأمر اندحر السوفيت،‏ و إنهارت دولتهم وخضعت أفغانستانالى سلطة سلفيين اصوليين سنة يدعون"‏ طالبان"‏ ‏(و تعني الكلمة الطلبة الذين درسوا فيالمدارس الإسلامية).‏بانهيار الإتحاد السوفيتي،‏ إنفصلت دول عديدة عن روسيا في آسيا الوسطى و أعلنتنفسها جمهوريات إسلامية مستقلة،‏ ليرتفع بذلك عدد الدول الإسلامية عبر العالم.‏ وإنتشرت الأصولية الإسلامية عبر العالم كالنار في الهشيم لتصبح قوة رئيسة في العالمالإسلامي.‏ و نجح الأصوليون في استقطاب الشعوب الفقيرة التي كان أغلب قادتهاو زعمائها يعيشون حياة باذخة على حساب شعوبهم الفقيرة المضطهدة.‏ كما نشطتالأصولية الإسلامية في الغرب في أوساط الفقراء و في السجون حيث جنّدت العديد مناالأتباع.‏ أما في العالم العربي فقد تعبت الشعوب من الأنظمة الدكتاتورية التي جاءتبانقلابات عسكرية على الحكومات الملكية الفاسدة.‏ و إتضح للناس أن رؤساء الجمهوريةليسوا بأحسن من الملوك المخلوعين.‏و أدرك الأصوليون بسرعة أنّه يمكن الوصول الى السلطة دائما من خلال المسارشون فينش،‏ بيتر ادينجتونليس كل المسلمين عرباً،‏ إلا أن كل العرب تقريباً‏ مسلمون.‏ جامعة الدول العربية التي تضم ٢٢ دولة في الشرقالأوسط و شمال أفريقيا هي عضو في منظمة المؤتمر الإسلامي التي تضم ٥٧ دولة.‏ إسرائيل الملونة باللون الأصفرهي جزء صغير جدا وسط الأراضي العربية.‏


٥٢ الشرق الأوسط في نبؤات الكتاب المقدستصاعد الغضب عقب ح رب الخليجفي ٢٣ شباط/فبراير‎١٩٩٨‎ نشرت صحيفةالقدس العربي التي تصدر في لندن مقالا بعنوان‏"اعلان الجبهة العالمية الإسلامية للجهاد ضد اليهودوالصليبيين"‏ وقع البيان ‏"أسامة بن لادن"‏ و زعماءآخرون من الجماعات الإسلامية المسلحة في مصر وباكستان و بنغلاديش.‏و بدأ الإعلان ‏-الذي ترجمه ‏"بيرنار لويس"‏ و نشرترجمته في مجلة ‏"قضايا أجنبية"‏ في عدد نوفمبرديسمبر - ١٩٩٨ بالاستشهاد بعدة آيات قرآنية وأحاديث نبوية،‏ للنبي محمد،‏ تحرض على الجهاد والحرب ثم مضى يقول:‏‏"منذ مَهَدَ‏ الله شبه الجزيرة العربية و خلق صحارهاو احاطهابالبحار،‏ لم تصب هذه الأرض بفاجعةكفاجعة حلول الصليبيين ضيوفا على هذه الأرضكالجراد،‏ يلوثون رمالها و يأكلون ثمارها و يدمرونبهاءها،‏ كل هذا في وقت تزاحمت فيه الأمم ضدالمسلمين كتزاحم الآكلين حول قطعة طعام."‏و يتابع الإعلان بادانة الولايات المتحدة الأمريكيةلثلاثة أهداف رئيسة:‏‏"أولاَ-‏ منذ أكثر من سبعة أعوام تحتل الولاياتالمتحدة الأمريكية أرض الإسلام في أقدس مواقعها،‏الجزيرة العربية فتنهب ثرواتها،‏ و تتسلط على حكامهاو تذل ساكنيها و تهدد جيرانها مستخدمة قواعدهافي شبه الجزيرة كرأس حربة لمهاجمة الشعوبالإسلامية المجاورة...‏" ثانيا-‏ رغم الدمار الشاسع الذي لحق بالشعبالعراقي على أيدي تحالف الصليبيين و اليهود و رغمأرقام القتلي المروّعة التي فاقت المليون،‏ فإن الأمريكيينو رغم كل ذلك يحاولون مرة أخرى أعادة المذبحة...‏" ثالثا-‏ فيما كان هدف الأمريكان من تلك الحروبدينياً‏ و اقتصادياً،‏ فأن تلك الحروب تخدم دولة اليهودالصغيرة،‏ و ذلك لصرف الأنظارعن احتلالهم لأورشليمو قتلهم المسلمين فيها".‏و يختم المقاتلون الموقعون اعلانهم بالقول ‏"انّ‏ هذهالجرائم ترقى الى مستوى اعلان الحرب من الأمريكانضد الله و نبيه و المسلمين".‏ و يُذَكِ‏ ‏ّر الإعلان القراءبأن العلماء عبر القرون قد أجمعوا أنه حين تتعرضبلاد الإسلام الى هجوم الأعداء فأن واجب كل مسلميكون الجهاد،‏ و هو تكليف ديني لا يسع المسلمونتجاهله.‏و تَعُ‏ ود الحساسيات حول شبه الجزيرة العربيةالى ١٤٠٠ عام خلت عشية قيام الإسلام،‏ و يعلقالبروفسور ‏"برنار لويس"‏ البروفسور الفخري فيدراسات الشرق الأدنى بجامعة ‏"برنستون"‏ و أحد أهمالمراجع في شؤون الشرق الأوسط بالقول:"‏ يحدثنامؤرخو العرب القدامى أنّه في عام ٢٠ للهجرة سنةهجرة محمد من مكة إلى المدينة ‏(و الموافق للعام ٦٤١ميلادي)‏ أعلن الخليفة عُ‏ مَ‏ ر ابن الخطاب وجوب طرداليهود و المسيحيين من الجزيرة العربية عملا برغبةالنبي التي نطق بها على فراش الموت:‏ ‏"لن تقومعلى أرض العرب ديانتان"،‏ و كان المعنيون بهذا القولاليهود من سكان الواحات في خيبر شمال الجزيرة،‏ والمسيحيين الذين سكنوا نجران الى الجنوب".‏و يمضي لويس الى القول"....‏ أن طرد الأقلياتالدينية حالة نادرة في تاريخ الإسلام،‏ بخلاف ما شاعفي عصر مسيحية القرون الوسطى حيث كان مألوفاطرد اليهود و المسلين وتكرر ذلك مراراً...إلا أنّ‏ الأمركان نهائيا و لا رجعة فيه و عليه و منذ ذلك التاريخأضحت أرض الحجاز ‏(حيث تقع مكة و المدينة،‏ بلو كل أراضي المملكة العربية السعودية أحيانا)‏ مناطقمحرّمة على غير المسلمين...‏ وصار مجرد وطأ قدمغير المسلمين لهذه الأرض عملا مقروناً‏ بالكفر...."‏وحين يتعلق الأمر بأراضيهم المقدسة،‏ يميلالعديد من المسلمين الى تعريف الصراع ‏-بل وأحياناً‏ العدو-‏ بلغة الدين،‏ ليعتبروا القوات الأمريكيةالتي أُرسِ‏ لَت لتحرير الكويت وإنقاذ المملكة العربية


٥٣الإسلام الأصولي يبعث من جديدالسعودية من صدام حسين،‏ قوات كفر غازية محتلة.‏ويتعمّق هذا التصور لتكون أمريكا طليعة قوى الكفرفي العالم".‏و يختم البروفسور لويس تعليقه الذي كتبه قبل٣ أعوام من الهجمات التي استهدفت مركز التجارةالعالمي و مبنى البنتاغون بهذه الكلمات:‏" يقبل بعض المسلمين و يُطَ‏ بق عدد أقل منهمالتفسير الأصولي المتشدّد للدين الإسلامي الذي جاءفي الإعلان،‏ و لا يحتاج الإرهاب سوى الى بضعةاشخاص منهم،‏ و من الواضح الآن أنّ‏ على الغربالدفاع عن نفسه بأيةّ‏ وسيلة مؤثرة متاحة،‏ ولكنعند استنباط استراتيجيات معينة لمحاربة الإرهابيينسيكون من المفيد معرفة القوى التي تدفع بهم بهذاالإتجاه".‏كما تساعدنا المؤرخة والكاتبة في الشؤون الدينية‏"كارين آرمسترونغ"‏ في فهم الإسلام الأصولي من خلالكتابها ‏"الاسلام".‏ فهي تلفت النظر الى ان نهاية القرنالعشرين شهدت قيام بعض المسلمين باعتبار العنفالمقدس واجباً‏ إسلامياً‏ تفرضه العقيدة.‏ و غالباً‏ما يطلق هؤلاء الأصوليون وصف ‏"الصليبية"‏ علىالإستعمار و الإمبريالية الغربية.‏هذا التعبير المخيف يثير في نفوس المسلمينتداعيات الصراعات العنيفة ابان القرون الوسطى بينالمسلمين و المسيحيين قبل نحو ‎١٠٠٠‎عام.‏ فقدشنّت الجيوش الأوروبية عدة حملات لتحرير المناطقالمسيحية المقدسة من سيطرة جيوش المسلمين،‏ وإرتكبت الجيوش المسيحية في ذلك الوقت فظائعوحشية لتحقيق غاياتها.‏ ‏"اما الغزوات الاستعماريةالصليبية فقد كانت أقل عنفاً‏ و وحشية،‏ إلا انّ‏نتائجها جاءت اكثر تدميراً‏ من الحروب المقدسةالقروسطية كما توصفها المؤرخة.‏ فقد أثّرت القيمالثقافية الغربية على العالم كله و هو أمر يثير إستياءالكثيرين.‏و تواصل كارين آرمسترونغ القول:"‏ ونرى انالشعوب من مختلف الأديان عبر العالم تترنح اليومتحت تأثير الحداثة الأوروبية و هو أمر نتج عنه للأسفالتوجه الديني المتعصب القتالي غير المتسامح والذينسميه اليوم بالسلفية ‏(الأصولية)‏ (٢٠٠٠ ص:‏‎١٨٠‎‏).‏ولا تقتصر الحركات الأصولية على الإسلام فقط،‏كما أنّ‏ الصراع بين المسيحية و بين الإسلام هو ليسالصراع الديني الوحيد،‏ فقد شهدت الهند ذات الغالبيةالهندوسية صراعاً‏ مشابهاً‏ بين الهندوس الأصوليين وبين الأقلية المسلمة.‏على أية حال،‏ فأن الصراع بين المسيحية وبينالإسلام بقي موضوعاً‏ متّقداً‏ على امتداد ١٤ قرناً،‏و لم يكن الغرب هو الساحة الوحيدة لهذا الصراع.‏فقد شهدت أندونيسيا خلال الأعوام الأخيرة حوادثعنف مروّعة بدأها مسلمون عمدوا الى تنظيمحملة بشعة لقطع رؤوس المسيحيين.‏ كما أنالديانتين تتصارعان في السودان منذ ٣ عقود.‏ الحربفي الشيشيان بين الروس وبين الشيشيانيين هي فيالواقع حرب بين المسلمين و بين المسيحيين.‏ و بالطبعفأن منطقة البلقان ظلّت على مدى أجيال طويلةمنطقة احتكاك دموي عنيف بين المسيحيين و بينالمسلمين.‏و رغم وجود إختلافات جدية خطيرة بينالشعوب و الدول الإسلامية و على وجه الخصوصبين الأصوليين الإسلاميين و بين القادة القوميين الأكثراعتدالاً،‏ فلا توجد دولة إسلامية واحدة تسمحللبعثات التبشيرية المسيحية بالعمل بحرية،‏ كما لاتوجد دولة إسلامية واحدة تسمح بهجرة المسيحييناليها و تمنحهم الجنسية.‏ ضمن هذا الوضع ستبقىالأمم المسلمة على تركيبتها الدينية كما هي بهامشصغير من التسامح مع الاقليات الدينية التي تجاملالإسلام و تتعايش مع سيادته.‏في المقابل،‏ سمحت الأمم الغربية بهجرة المسلميناليها منذ الحرب العالمية الثانية،‏ و أصبحت الأقلياتالمسلمة كبيرة الحجم في تلك البلدان مشكلة تضيفأعباء جدية على كاهل الحكومات الغربية و محاولاتهاللتعامل مع الصراع المتنامي بين الديانتين.‏


٥٤ الشرق الأوسط في نبؤات الكتاب المقدسالديمقراطي.‏ ففي الجزائر فازوا بالإنتخابات عام ١٩٩٢ ليحتلوا مكان الوطنيين القوميينالذين حرروا الجزائر من فرنسا قبل ٣٠ عاماً‏ بعد أن قاموا بثورتهم التي استمرت ثمانيةأعوام.‏ بعد ٣٠ عاماً‏ من الإستقلال،‏ ساءت الحالة الاقتصادية للشعب و أضطر العديد منالجزائريين ‏-و ياللسخرية-‏ الى الهجرة الى فرنسا ليبقوا على قيد الحياة.‏و كان الأصوليون أكثر تنظيماً‏ و أكثر صدقاً‏ و أمانة،‏ إلا أن الجيش تدخل و منعهممن إستلام الحكم.‏ منذ ذلك الحين إبتَلَيَت الجزائر بهجمات إرهابية عديدة نفذهاالأصوليون و قتل فيها أكثر من ١٠٠ ألف جزائري.‏ و أثار دعم الفرنسيين للعملياتالعسكرية إستياء أكبر و عَ‏ مَ‏ ‏ّقَ‏ حالة عدم الثقة ‏-بالغرب-‏ وأضحى كل حديث الغرب عنالديمقراطية قليل الأثر عند المواجهة.‏انقلاب الموجة ضد الولايات المتحدةشهد عقد التسعينات من القرن الماضي تنامي حالة المرارة تجاه الولايات المتحدة،‏ القوةالسائدة في الغرب و القوى العظمى الوحيدة الباقية في العالم.‏لاقت حرب الخليج التي قادتها الولايات المتحدة ضد العراق عام ١٩٩١ قدراً‏ كبيراً‏ منالتأييد و الدعم من الدول العربية،‏ و كان الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين قد أرسلجيوشه لتحتل الدولة النفطية الغنية المجاورة ‏"الكويت"‏ و تُلْحِ‏ قُها ببلاده.‏ و إعتَمَد فيتعليله لهذا الغزو على حقيقة تاريخية تعود الى العصر العثماني حين كانت الكويت جزءاً‏ملحقاً‏ ادارياً‏ بجزء أكبر من العراق ضمن التقسيم الإمبراطوري للأقاليم.‏هزمت الولايات المتحدة و حلفاؤها العراق،‏ إلا أنّ‏ المخاوف من صدام حسين بقيت قائمةلما عرف عن امتلاك العراق لأسلحة دمار شامل،‏ تشمل أسلحة بيولوجية وكيمياوية علاوةعلى مساعيه الحثيثة لإمتلاك الأسلحة النووية.‏ و بلغ هذا الخوف أوجه باندلاع حربالعراق عام ٢٠٠٣، إلا أنّ‏ الولايات المتحدة الأمريكية وجدت أن العديد من حلفائها في حربالخليج الأولى قد توانوا عن مساندتها في هذه الحرب.‏ لقد تغيّرَ‏ العالم خلال تلك الأعوام.‏و كان المنعطف الخطير للتاريخ هو هجمات ١١ سبتمبر عام ٢٠٠١. و كما كان إغتيالأرشيدوق النمسا فرانتز فرديناند منعطفا خطيراً‏ و حاسماً‏ في تاريخ القرن الماضي،‏جاءت تلك الهجمات لتغير المقاييس كلها في القرن الحالي.‏ لقد تَغَيّرَ‏ العالم و لن يكونكما كان قبلاً‏ فيما بعد.‏مباشرة عقب الهجمات الإرهابية على نيويورك و واشنطن حين قاد الإرهابيون طائراتمختطفة بركابها و فجّ‏ روها ببرجي التجارة العالمية و مبنى البنتاغون،‏ تعاطف العالم معالولايات المتحدة الأمريكية.‏ و لكن بعد عام واحد من إعلان الولايات المتحدة حربها علىالإرهاب مستعرضة قوتها العسكرية الجبارة في أفغانستان و متطلعة لإسقاط النظم التيدعاها الرئيس بوش ‏"محور الشر"،‏ تحَ‏ َ وَلت أمريكا من دور الضحية لتأخذ دور الشريرالمعتدي.‏ و ساهمت مشاعر الحنق المكبوت تجاه القوة الكبرى الوحيدة في العالم والخوف من العزلة و الخوف من هجمات إرهابية محتملة تتعرض لها النظم القريبة جدامن الولايات المتحدة،‏ كل هذه ساهمت في تنامي الرفض العالمي لدور الشرطي الأمريكي


ِِ٥٥الإسلام الأصولي يبعث من جديدالعالمي.‏ و بدأت أصوات أخرى تتعالى ‏(بضمنها أصوات أمريكية من داخل البلاد)‏ لتلقيباللوم على سياسات الولايات المتحدة التي قادت الى هجمات الحادي عشر من سبتمبر،‏مدعية أنّ‏ هذه الهجمات كانت مبررة و جاءت كرد فعل على سياسات الولايات المتحدةالأمريكية الخارجية.‏في عام ٢٠٠٣، و في نظر العديد من المسلمين و قادتهم،‏ كانت الولايات المتحدة تؤسسسابقة بغزوها العراق وإسقاطها صدام حسين.‏ فإذا أمكن إزالة رئيس ما فأن كل القادةو الزعماء و الرؤساء معرضون للمصير نفسه على يد القوات المسلحة الامريكية.‏ فوقذلك،‏ تعاظم الغضب الجماهيري بسبب معاناة الفلسطينيين التي صارت شبكات التلفزةالفضائية تنقلها الى داخل كل بيت ‏-وأضحت رائدة تلك الشبكات قناة ‏"الجزيرة"‏ أول شبكةفضائية عربية تبث من دولة قطر في الخليج.‏الأصولية الإسلامية تحقق مكاسبقبل زمن من هجمات الحادي عشر من سبتمبر كان التهديد الإرهابي الإسلاميللولايات المتحدة الأمريكية جلياً‏ كما هو ثابت في مجلة الشؤون الخارجية ‏"فورين أفِ‏ يرز"‏في مقالٍ‏ لها نُشِ‏ ر سنة ١٩٩٨، نقلت بياناً‏ صادر عن أسامة بن لادن يُهاجم فيه الغربو حلفائِه منقولاً‏ عن مقال آخر نُشِ‏ رَ‏ سنة ١٩٩١ تحت عنوان ‏"تصاعد الغضب عقب حربرغم أفضل الجهود التي بذلها اللاعبون في مسيرة السلامفي الشرق الأوسط الجارية الآن،‏ ما زال العرب واليهود حتىاليوم يجدون صعوبة في التعايش بسلام مع بعضهم البعض.‏لكنهم لم يكونوا دائما أعداء،‏ بل،‏ و للحقيقة،‏ لطالما عاشاليهود برخاء ضمن الحضارة العربية.‏بعد زمن قصير من وفاة ‏"محمد"‏ في عام ٦٣٢ للميلاد،‏بدأ العرب باحتلال مساحات واسعة من العالم المعروفآنذاك،‏ و سرعان ما احتلوا شمال إفريقيا و الجزيرة العربية وفلسطين و فارس وصقلية ‏(جنوب إيطاليا)‏ وأجزاء كبيرة منتركيا وأسبانيا.‏ وخلال القرون التي أعقبت كانت الحضارةالعربية متقدمة بمراحل على نظيرتها الأوروبية.‏وصف المفكر"بيرتراند رسل"‏ في كتابه الموسوم"‏ تاريخالفلسفة الغربية"‏ كيف عاش اليهود برخاء في ظل الحكامالعرب.‏ بعد أن وصف إضطهاد اليهود في أوروبا المسيحية،‏و ضعف ما أضافه اليهود الى الثقافة عموماً،‏ إستأنفالمفكر ‏"رسل"‏ وصفه بالقول"‏ على عكس ذلك،‏ لم يؤذ أحدأعداء و لكن ليس الى الأبدالى اليهود في البلدان المحمدية،‏ و على وجه الخصوص فيأسبانيا المغربية،‏ فقد أضاف اليهود الى التعليم ‏...بعد ذلكو حين إحتل المسيحيونأسبانيا،‏ ساهم اليهود بشكلرئيسي في نقل أصول التعليم المغربي اليهم.‏ و قام العلماءاليهود ممن أتقنوا العبرية و اليونانية و العربية و ممن لهم إلمامو معرفةلفلسفة ‏"أرسطوطاليس"‏ بنقل معارفهم الى العلماءالأقل ثقافة منهم."(‏ ١٩٦٩ ص:‏‎٣٢٤‎‏).‏و قد افضى إعادة إكتشاف أوروبا على أيدي العرب واليهود من خلال النصوص الأغريقية الى عصر النهضة الذيأدّى الى قيام الثقافة الأوروبية.‏ و يمكن للعرب و اليهود والأوروبيين اليوم أن يحققوا المزيد من خلال تعاونهم،‏ لكنالمحزن أنّ‏ تاريخهم شهد لعدة مرات حروباً‏ صليبية و جهاداً‏و إضطهاداً.‏رغم ذلك/‏ فان في عهد قدوم و إنشاء مملكة المسيحالمخلص،‏ سيشهد تعاون بين ذريات هذه الشعوب الثلاثةليعيشوا مع بعض بسلام و يزدهر عالمهم.‏


٥٦ الشرق الأوسط في نبؤات الكتاب المقدسالخليج صفحة ٥٢".و كما ذكرنا أيضاً‏ سلفاً‏ ‏"إعلان الجبهة العالمية الإسلامية للجهاد ضد اليهود والصليبيين"‏ فقد طلب الموقعون على الإعلان إنسحاب قوات الولايات المتحدة الأمريكية منالمملكة العربية السعودية ‏-أرض مكة و المدينة،‏ أقدس مدينتين إ إسلاميتين-‏ كما دعوا‏”لماذا يكرهنا الناس الى هذا الحد؟“‏بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر ٢٠٠١ المروّعةعلى مركز التجارة العالمي و مبنى البنتاغون و ما رافقها منإختطاف و تفجير أربع طائرات ركاب أمريكية تعالت أصواتالشجب و التنديد من قبل معظم حكومات العالم،‏ حتىمن تلك التي كانت تُعتَبر عدواً‏ تقليدياً‏ للولايات المتحدةالأمريكية.‏وسط كل ذلك الدمار و الخراب و الإرباك،‏ كان هنالكسؤال واحد يلح على ضمائر الأمريكيين:‏ ‏"لماذا يكرهنا الناسالى هذا الحد؟"‏ و قد أظهرت الصور التي عرضتها الفضائياتصورا لمظاهر ابتهاج بعض البلدان تتناقض مع تعابير الدعمو التعاطف التي صدرت عن أغلب بلدان العالم.‏ منالواضح إذاً‏ أنّ‏ كراهية الولايات المتحدة الامريكية قد تعاظمتوتعمّقت في بعض أجزاء العالم،‏ و يريد الشعب الأمريكي أنيعرف سبب هذه الكراهية.‏الجواب البسيط لهذا التساؤل هو:‏ دعم الولايات المتحدةالأمريكية لإسرائيل.‏ فالأحباط المتنامي من الوضع في الشرقالأوسط قد أجّ‏ ج الكراهية الموجهة لأمريكا.‏ و يشعر الكثيرمن سكان المنطقة أن الولايات المتحدة الامريكية لو سلطتبعض الضغط على إسرائيل لأسرعت هذه الأخيرة بتقديمتنازلات للفلسطينيين.‏إسرائيل إذاً‏ عنصر مهم من أسباب الكراهية،‏ العنصرالآخر هو الحضور العسكري الأمريكي و البريطاني فوقأراضي المسلمين ‏(أنظر تصاعد الغضب عقب حربالخليج ١٩٩١ صفحة ٥٢، كما ذكرنا).‏ لكن هذه التفسيراتتغفل الإشارة الى أن حقيقة الإستياء من الولايات المتحدة وكراهيتها أضحت مشاعرسائدة عبر العالم و ليس في الشرقالأوسط فحسب.‏الذي لا شك فيه أنّ‏ هناك عوامل كثيرة تظافرت لتصعيدمشاعرالعداء لأمريكا،‏ ليس أقلها حسد هذه الدولة لثرائها إلاأنّ‏ نصّ‏ اً‏ مقدساً‏ قد يكشف لنا سبب تعاظم المشكلة خلالالعقود الأخيرة : ‏"العدل يرفع شأن الأمة،‏ و عار الشعوبالخطيئة"‏ ‏(أمثال ‎١٤٫٣٤‎ص:‏‎١٤‎‏،‏ ع:‏‎٣٤‎‏).‏قبل فترة ليست بالبعيدة،‏ كانت أمريكا أمل الشعوبعبر العالم.‏ فبعد فشل ملوكهم و أباطرتهم في تجنب دمارالحرب العالمية الأولى صار الأوروبيون يتطلعون الى الرئيس"‏وودرو ويلسون"‏ ليريهم طريقا جديدا أفضل.‏ إلا أنّ‏ ضعفالدعم في الداخل كان يعني أنّ‏ الولايات المتحدة لا يمكن انتستمر في التدخل.‏ بعد الحرب العالمية الثانية إختلف الأمر،‏فالأمريكيون أخذوا على عاتقهم هذه المرة مساعدة سائرشعوب العالم،‏ و حملت الولايات المتحدة مسؤولية قيادةالعالم الحر.‏حتى في الشرق الأوسط،‏ كانت أطراف النزاع تنتظرمن الولايات المتحدة أن تأخذ زمام المبادرة . و نجح الرئيس‏"كارتر"‏ في التقريب بين مصر و بين إسرائيل.‏ و تعاقبتمبادرات الرؤساء بتعاقبهم و كان بوسعهم دائما التحدث الىطرفي النزاع.‏ و لكن بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبررأى الامريكيون على شاشات التلفزة الفلسطينيين يرقصونفي الشوارع إبتهاجاً‏ بأحزان و عذاب أمريكا.‏من الجلي اذاً‏ أن الولايات المتحدة لم تعد تحظى بالاحترام والتقدير السابقين.‏ و يساعدنا الكتاب المقدس على فهم سببالتغيير في طالع أمريكا.‏يعد سفر التثنية من كتاب العهد القديم في الإصحاح ٢٨بالبركة لطاعة شرائع الله و يهدد بنتائج و خيمة في حالعدم طاعتها.‏ و قد يبدو من غير المنطقي تبني هذه الحقيقةلتفسير الهجمات الإرهابية على الولايات المتحدة الأمريكية،‏و لكن الحقيقة المرة هي أنّ‏ الولايات المتحدة الامريكية لم تعد


٥٧الإسلام الأصولي يبعث من جديدالى إنهاء قصف العراق و إنهاء العقوبات الاقتصادية الدولية التي فرضت عليه بعد حربالخليج،‏ كما أدانوا الدعم الامريكي لإسرائيل في مواجهة الفلسطينيين.‏ ‏(بعد الإنتصارفي حرب العراق،‏ إستجابت الولايات المتحدة الى تلك المطالب،‏ فأعلنت أنها سوف تسحبالعربية السعودية،‏ و ترفع العقوبات عن العراق،‏ و تتبع خطة سلامقواتها من المملكةتحظى بالإحترام كما كانت و هناك العديد من الأسباب وراءهذا الوضع.‏يخشى الأصوليون الإسلاميون الذين يقفون وراء تلكالهجمات من تأثير الثقافة الأمريكية على مجتمعاتهم.‏ و لكنالكراهية و الإرهاب هي بالتأكيد عمل شرير و لا يمكن قبولالإدعاء القائل أنها ردود أفعال مبررة مهما كانت الأسس التيقام عليها هذا الإدعاء.‏ الحقيقة ان البعض يكره أمريكا لعددمن المبادئ القومية الصحيحة التي تتمسك بها و التي لاينبغي بأي وجه تغييرها.‏ و يسوع المسيح ‏-و هو الإنسانالكامل-‏ تعرض للكراهية.‏ رغم ذلك،‏ فان علينا أن نقر أنبعض المشاعر السلبية تجاه الولايات المتحدة قد توَل َّدت نتيجةلوجهات نظر وأنماط سلوك لا أخلاقية و معيبة وطنياً‏ و‏ّدائما منقوميا.ً‏ فعروض التلفزيون و السينما الأمريكية تحطّ‏قدر العائلة في الولايات المتحدة و عبر العالم،‏ و شخوصهذه العروض يرتدون دائما ملابس فاضحة و يستخدمونكلمات بذيئة و يظهرون قلة احترام لوالديهم و هم في الغالبمسكونون بهاجس الجنس.‏ و هناك عروض أخرى ترسمصورة لمجتمع يجتاحه العنف البالغ.‏ و للأسف،‏ فان المجتمعالغربي قد تعود على هذه المظاهر و العروض لدرجة أنه لميعد يعيد النظر بها-‏ أما الدول الأكثر إهتماماً‏ بالدين فتشعربتزايد التهديدات التي تتعرضلها مجتماعتها نتيجة هذهالعروض الفاسدة.‏ و قد إتسع و تزايد تأثير هذا الموضوع فيالعقد الأخير بشكل كبير بسبب انتشار التلفزة الفضائية والأنترنت الذي شاع استخدامه.‏أخبار الفضائح الجنسية المخزية لأعلى مستويات المجتمعو الحكومة الأمريكية قللت من احترام الشعوب للمؤسساتالسياسية التي تحكم هذا البلد.‏ و قد ساعد تطور وسائلالإتصال خلال السنوات القليلة الماضية على سرعة انتشارهذه الفضائح.‏إضافة إلى ذلك،‏ فإن الولايات المتحدة تنتج نحو ٨٠ فيالمئة من المواد الاباحية ‏(أفلاماً‏ و صوراً‏ و كتباً)‏ و هي متوفرةبشكل علني في العديد من البلدان.‏ و في بلدان أخرىتعرض دور السينما بشكل غير قانوني أفلاماً‏ جنسيةأمريكية.‏ و مع أن هناك معياراً‏ مزدوجاً‏ للقضية،‏ فأن العديدممن يشاهدون هذه الافلام يشعرون بالإحتقار لأمريكا-‏ والأشد من هؤلاء هم المتدينون الذين تروعهم نجاح المنتجاتالأمريكية الفاضحة.‏و يبرز سفر التثنية في الإصحاح ٢٨ إن الأمة التي تنصاعالى حفظ قوانين و شرائع الرب ‏"يجعلكم فوق جميع أممالأرض"‏ ‏(العدد:‏‎١‎‏)‏ كما كان حال الولايات المتحدة في بداياتهاالمتواضعة حتى نهاية الحرب العالمية الثانية.‏ و يعد الفصلنفسه ببركات و نِعَمْ‏ ينالها المطيعون بما فيها دعم الرب لهمضد القوى المعادية ‏(العدد:‏‎٧‎‏).‏ و يظهر التاريخ الأمريكي،‏ أنّ‏الأمّة كانت مشمولة برحمة الله حينما كان سلوكها و قوانينهاتستند بالأساس الى وصايا الرب.‏بدءاً‏ من الآية ١٥ نرى التأثير السلبي لعصيان الله.تقولالآية ‎١٦‎‏"تكونون ملعونين في مدنكم " و العديد ممن يعيشونفي أغلب المدن الأمريكية اليوم لم يعودوا يجدونها آمنةمطمئنة.‏و قد يقرأ الكثيرون كلامنا هذا إلا أنهم يعزون انعدام الأمنالى أسباب أخرى.،‏ الا أنّ‏ سفر"يشوع"‏ في إصحاحه السابعيشير الى قصة رجل يدعى ‏"آخان"‏ إرتكب خطيئة حرمتأمّة برمتها من الأمن،‏ و يظهر النص المقدس بجلاء ان ‏"آخان"‏ارتكب خطيئة حين استولى على غنائم من اريحا التياحتلت مؤخرا و هو ما يعارض وصايا الرب لبني إسرائيل،‏و مع هذا الخطأ الفردي قضى الرب " أن بني إسرائيل قدارتكبوا الخطيئة"‏ ‏(يشوع ص:‏‎٧‎ ع:‏‎١١‎‏)‏ ، و كان على يشوعأن يجد و يعاقب العاصي المعتدي قبل أن يتوقع الإسرائيليوننصراً‏ آخر.‏ يظهر هذا النص أهمية أن يهذب كل إنسان نفسهبطريقة ترضي الله لتنال كل الأمّة ثواب بركاته.‏


٥٨ الشرق الأوسط في نبؤات الكتاب المقدسجديدة بين الإسرائيليين و بين الفلسطينيين.)‏بعد سبتمبر ١١ عانت الولايات المتحدة الامريكية من تداعيات أخرى حيث حققالأصوليون الإسلاميون انتصارات في عدد من البلدان..‏ فعلى سبيل المثال،‏ فأن الجنرالبرويز مشرّف و هو حليف مهم لواشنطن في الحرب على الإرهاب،‏ شهد بلاده و هيتصوّت لصالح حكومة إسلامية،‏ رغم احتفاظ الجنرال بسلطة مطلقة على البلاد.‏و ما يثير الدهشة أكثر،‏ إنه و بعد مرور ٨٠ عاماً‏ على إسقاط السلاطين و إعلانالجمهورية العلمانية،‏ إنتخبت تركيا بدورها حكومة تقودها غالبية الحزب الإسلامي فيانتخابات نوفمبر عام ٢٠٠٢. و حقق الاصوليون في بلدان أخرى من المنطقة انتصاراتبيّنة.‏و أغتيل الرئيس المصري أنور السادات على يد إسلاميين أصوليين في عام ١٩٨٢، وعادوا نفسهم بعد ١٥ عاما ليقتلوا سياحاً‏ أجانب جاءوا لزيارة الآثار المصرية القديمة،‏ فيمسعى من الأصوليين لتدمير الإقتصاد الوطني من خلال تدمير صناعة السياحة الوطنية.‏في أندونيسيا،‏ أكبر دولة مسلمة في العالم،‏ دأب الأصوليون الإسلاميون على قتلالمسيحيين،‏ و في أواخر عام ٢٠٠٢ تسبب انفجار في جزيرة بالي الهندية في م ص رع ٢٠٠سائح غربي،‏ نصفهم من استراليا.‏و في الهند بالقسم الذي تديره الهند من كشمير،‏ هاجم الأصوليون المسلمون الهندوسو المسيحيين،‏ في محاولة متعمدة لأشعال الحرب بين الهند و باكستان اللتين انضمّتاحديثاً‏ الى النادي النووي.‏في أفريقيا ترك الأصوليون الإسلاميون بصماتهم،‏ ففي السودان دأب مسلمو الشمالعلى اضطهاد مسيحيي الجنوب،‏ بل انهم إستعبدوا الألوف منهم كرقيق.‏ و في أقاليمنايجريا الشمالية المسلمة طبق قانون ‏"الشريعة الإسلامية"‏ و صار الإسم الأكثر شيوعاً‏بين الولادات الحديثة التي أعقبت هجمات ١١ سبتمبر هو"‏ أسامة"‏ تعظيماً‏ لإسم ‏"أسامةبن لادن".‏عامل آخر ساهم في تنامي المد الأصولي الإسلامي هو ارتفاع نسبة الولادات فيالبلدان الإسلامية.‏ ففي أغلب البلدان المتخلفة اقتصادياً‏ تُشَ‏ كل شريحة الشباب نصفمج موع السكان،‏ و يميل أغلب المتزوجين الى انجاب ما بين ٦ الى ٨ أطفال.‏ و بماأنّ‏ السياسات الإقتصادية لتلك البلدان تحدد في الغالب النشاط الإقتصادي بدلا منتشجيعه،‏ فان أغلب الشباب لا يجدون لهم عملا.‏ و دون وسيلة لتأمين معيشة العائلةالحربالعالميةالثانيةحربالأيام حربالعراق الستة1967ابنعبدالوهابيؤسسالوهابية‎1703-1792‏)‏وصولالمستوطنينالىأمريكا1620(1939-45أزمةالسويس19562003-حربالخليج1990البريطانيونيحتلونأورشليم19171600 1700 1800 1900 2000الثورةالأمريكية1776حربيومالغفران أولحربعربية الحربالعالميةالأولى1914-19 إسرائيلية1948 1973)


٥٩الإسلام الأصولي يبعث من جديدلا يتمكن الشبان من الزواج.‏ و بوجود الوعد المغري بالحصول على ٧٢ حورية يافعة فيالجنة بعد نيل الشهادة في الجهاد،‏ يصل هؤلاء الشباب الى قناعة مفادها أن ليس هناكما يخسرونه اذا ضحوا بأنفسهم،‏ علاوة على ذلك،‏ فإنّ‏ بعض الحكومات الإسلامية والمنظمات قد تبرعت بألوف الدولارات لتأمين عائلات الإنتحاريين،‏ و هي مبالغ خيالية فيمخيمات اللاجئين الفقيرة.‏معضلة تواجه الغ ربعلى ايّ‏ حال،‏ الفقر ليس السبب الرئيسي للمشكلة.‏ فمعظم الإنتحاريين الذين نفذواهجمات سبتمبر ١١ كانوا من أبناء الأثرياء،‏ بل أنّ‏ اسامة بن لادن نفسه يتحدر من واحدةمن أكثر العائلات السعودية ثراء.‏هناك عناصر عديدة أخرى ساهمت في تصاعد الأصولية الإسلامية و ما تتنتجه منإرهاب،‏ بما في ذلك المشكلة الإسرائيلية الفلسطينية و نفوذ الثقافة الأمريكية.‏من المرجح أنّ‏ أيّ‏ تدخل أمريكي جديد في المنطقة سيؤجج لهيب الأصولية السلفيةفي المدى البعيد.‏ و يمكن القول أنه لا توجد دولة عربية واحدة في العالم العربي تتمتعبإستقرار سياسي.‏ جميع الدول عرضة للتهديد الأصولي الإسلامي.‏ إنّ‏ الولايات المتحدةمحاصرة في موقف لا غلبة فيه.‏ قد يتمكن الجيش الامريكي من تحقيق النصر فيالحروب،‏ إلا أنّ‏ الإدارة الامريكية لن تتمكن من إحراز النصر الحاسم في السلام.‏و ما يزيد تعقيد القضية للعديد من الدول الغربية وجود الأصولية الإسلامية داخلحدودها و التي نجمت في الغالب عن التغييرات في قوانين الهجرة و السياسات المتبعةمنذ رفعت الحرب العالمية الثانية أوزارها.‏ و أصبح هذا الخطر حاضراً‏ في آذار/مارس ٢٠٠٤عشية تفجير قطار مدريد،‏ و في التفجيرات الانتحارية التي ضربت لندن في تموز ٢٠٠٥.و الذي يثير العجب حقاً،‏ أنّه فيما تسمح معظم الدول الغربية بالهجرة من الدولالإسلامية و تمنح المهاجرين المسلمين حق المواطنة،‏ لا توجد دولة اسلامية واحدة تسمحبدخول و إقامة مواطني الدول المسيحية بشكل دائم لتمنحهم جنسيتها ما لم يغيروادينهم الى الإسلام.‏ فاَتبَاع الإسلام يدركون أن دينهم لا يمكن ان ينافس الليبراليةالعلمانية الغربية.‏وقد تنبأ الكتاب المقدس بص راع حتمي مستمر بين العالم الإسلامي و الغرب.‏المغوليدمرونبغداد1258الصليبيونيحتلونأورشليم1099كولومبوسيكتشفأمريكا14921100 1200 1300 1400 1500الطاعونالأسود1347-51سقوطالإمبراطوريةالبيزنطيةبيدالعثمانيونالترك‎1453‏)‏المسلمونيعيدونإحتلالأورشليم1187الأتراكيحتلونأورشليم1517


٦٠ الشرق الأوسط في نبؤات الكتاب المقدسالح رب والسلام فيالش رق الأوسطتبقى ‏"أورشليم"‏ أكثر مدينة م ت ن ازع عليها فوق سطح الأرض،‏ فقد سقطت في أيديالمحتلين أكثر من ٢٠ مرة خلال تاريخها المعروف.‏ الأرض التي أَرْسَ‏ لَ‏ الله اليها ‏"ابراهيم"‏قبل ٤٠٠٠ عام تقع على مفترق ثلاث قارات و هي أيضاً‏ مقدسة عند ٣ ديانات.‏قبل أكثر من ٢٥٠٠ عام أوحى الله لنبيه دانيال أنّ‏ أرض شعبه ستظل موضع نزاععبر القرون ‏(كما مر ذكره في الفصل ٣ من هذا الكتيب).‏ إلا أنّ‏ منالمدهش أن نجد في نبوءات دانيال ثغرة زمنية كبيرة،‏ يخبر منخلالها ما سيحدث في القرون التي تلي.‏ لنفهم ذلك عليناالعودة الى دانيال ١١.كما ذكرنا سابقاً،‏ الأعداد الخمس و الثلاثين الأول مندانيال ١١ تسرد بالتفصيل ما يصيب شعب ‏"يهوذا"‏ و قدحوصروا في الص راع بين سلالة ‏"بتوليماي"‏ التي كانت تحكمالحاكم الظالم"‏ انطيوخوسأيبيفانيس"‏ وقد طٌ‏ بعَت ضربتصورته على عملة نقدية.‏ كان هذاالملك نموذجا للقائد الشرير الذيأشارت النبوءات الى عودته فيآخر الزمان ليغزو الشرق الأوسط.‏مصر في الجنوب،‏ وبين سلالة ‏"سيليوسيدس"‏ التي تحكمكانت سوريا في الشمال.‏ حكام هاتين المملكتين يتحدرونمن أصلاب قادة الإسكندر الكبير،‏ الذي أشار الى ظهورهالكتاب المقدس في كتاب دانيال.‏ وفي إشارة تاريخية نادرة،‏يشير"‏ يوسيفوس"‏ المؤرخ اليهودي الذي عاش في القرن الأولللميلاد الى لقاء بين الأسكندر الأكبر ورئيس الكهنة اليهوديفي أورشليم،‏ حيث أخبره الكاهن اليهودي أنّ‏ النبي دانيالقد تنبأ قبل ٢٠٠ عام بظهوره!‏ ‏(راجع كتاب ‏"أنتيكات"‏ أو ‏"مؤرخات"‏ اليهود"‏ الكتاب الحاديعشر.‏ الفصل ٨ القسم ٥).و يبدو أنّ‏ الأعداد الأربع التالية في كتاب دانيال،‏ و هي عدد ٣٦-٣٩، تقفز بالزمنالى أمام.‏ و كما أشرنا فانّ‏ الأعداد ٣٢-٣٥ تختص ب"المكابيين"‏ المؤمنين الذين رفضوا أنيهجروا تعاليم الرب مقابل العبادة الوثنية اليونانية.‏ مع ذلك فأنّ‏ هذه الأعداد تبدو مزدوجةالدلالة،‏ حيث أنّ‏ المجموعة التي يشار إليها في العدد ٣٥ تشير أيضاً‏ الي الأزمنة الأخيرةسكوت آشلي


٦١الحرب والسلام في الشرق الأوسط‏-"ما يعني أنّ‏ عباد الله الصالحين في عصر كتاب العهد الجديد،‏ و هم كنيسة الرب،‏مشمولون بهذا الوصف.‏و يتابع الإصحاح ٣٦ بسرد الرواية،‏ و لكن من أية نقطة؟ بما أنّ‏ الإصحاح ٤٠ينتقل في زمن السرد الى ‏"أوقات الأزمنة الأخيرة"‏ و من الممكن أنّ‏ الإصحاحات ٣٦-٣٩تنطبق على كل تاريخمملكة الشمال من عصر‏"المكابيين"‏ و عصر ‏"كنيسةالعهد الجديد"‏ لتتواصلحتى آخر الزمان ‏(كما يبدوان الإصحاح ٣٥ يبتدأ منذغابر الأزمنة حتى أوقاتالأزمنة الأخيرة).‏و من كان ملك الشمالخلال هذه الفترة؟ في عام٦٥ قبل الميلاد إبتلعتالإمبراطورية الرومانية‏"سيليوسيدس"‏ ملك سوريا.‏وبذلك فانّ‏ تلك الإمبراطوريةصارت هي مملكة الشمال.‏ و يبدو أنّ‏ الأصحاحات ٣٦-٣٨ تعرّف أعمال أباطرة الرومان ومن خلفهم حتى قيام القائد الأخير الذي يأتي في آخر الزمان،‏ كما سوف نعرض.‏و فيما تفيد إزدواجية النبوءة في التعبير عن مرور الزمان،‏ حيث أنّ‏ ‏"انتيوخوسأيبيفانيس"‏ نفسه كان أنموذجاً‏ للحاكم الذي سيظهر آخر الزمان،‏ فأنّ‏ لنا أن نتساءل:‏ ماسبب هذه القفزات الكبيرة نحو المستقبل في سياق الآيات؟وجوب قيام دولة اسرائيل لتحقيق النبوءةيكشف زكريا ص:‏‎١٤‎ ع:‏‎٤‎‏،‏ إنّ‏ ي سوع المسيح سوف يعود الى ‏"جبل الزيتون"‏المطل على أورشليم،‏ و بعودته سيقيم حكومة الله على الأرض ليحل السلام فيالنهاية في الشرق الأوسط وفي العالم بأسره.‏لماذا الفجوة في نبوءات دانيال بين العالم القديم وعالم اليوم ‏-نحو‎٢٠٠٠‎ سنة-‏ باستثناءتفاصيل متناثرة غير مترابطة هنا و هناك؟ الجواب بسيط:‏ لأنه لم تقم لدولة اليهود قائمةفي الشرق الأوسط خلال ٢٠٠٠ عام.‏ إعادة قيام و إعلان الدولة اليهودية في عام ١٩٤٨جعلت مفهوم ملوك الشمال و ملوك الجنوب و أثرهم في الشعب اليهودي في الأراضيالمقدسة أمراً‏ ذا معنى.‏لا يمكن تحقق نبوءة آخر الزمان دون اعادة اليهود الى وطنهم.‏ و رغم أن هذه الدولة


٦٢ الشرق الأوسط في نبؤات الكتاب المقدستدعى إسرائيل،‏ فلا بد للمرء أن يتذكر أنّ‏ ١٠ قبائل من مملكة الشمال القديمة التي كانتتدعى إسرائيل قد تم أسرهم من قبل الدولة الآشورية و سبيهم الى أراضيها قبل قرن منسقوط دولة يهوذا و سَ‏ بْي شعبها الى بابل ‏(و يتكون سكان يهوذا من أسباط يهوذا وبنيامين مع نسبة معتبرة من ‏"اللاويين").‏و عاد الكثير من اليهود من سبيهم،‏ إلا أنّ‏ الأسباط العشر "١٠" كما يبدو قد إختفت.‏و يشير الكتاب المقدس أنه في وقت محدد سوف تعود كل أسباط إسرائيل الى أرضالميعاد.‏ أمّا في عصرنا هذا فقد عادت أسباط يهوذا-‏ أو على الأقل بعض منها-‏ الىأرضهم التاريخية.‏ونقرأ في كتاب زكريا،‏ في العهد القديم،‏ أن دولتا أورشليم و يهوذا ‏(و هي التي تشكلدولة اسرائيل المعاصرة)‏ستكونان في قلب الصراعاتالدوليٍ‏ ة مباشرة قبل عودةالمسيح.‏ إلا أنّ‏ هذه الواقعةالتنبوئية لا يمكن أن تتحققدون العودة الواقعية الملموسةلدولة يهوذا ‏(التي تدعى اليومإسرائيل)‏ الى حد ما فيالأراضي المقدسة قبل نهايةالأزمنة.‏في كتاب زكريا ص:‏‎١٤‎ع:‏‎٥-٣‎ نقرأ هذه النبوءةعن عودة المسيح الثانية:‏ ‏"ويخ رج الرب ويحارب تلك الأممكما في يوم القتال وتقفلأن أورشليم التي تسيطر عليها إسرائيل تقع في قلب الصراع العالميمباشرة قبل عودة ي سوع المسيح،‏ فانّ‏ العديد من النبوءات المستحدثةفي الأزمنة الأخيرة لم يكن من الممكن لها أن تتحقق قبل إنشاء الدولةالإسرائيلية الحديثة.‏قدماه في ذلك اليوم على جبل الزيتون،‏ قبالة أورشليم من الشرق،‏ فينشق جبل الزيتونمن الشرق الى الغرب وادياً‏ عظيماً‏ جداً‏ و يميل نصف الجبل الى الشمال و نصفه الىالجنوب،‏ و تهربون عبر ذلك الوادي الذي صنعت ...)، من الواضح اذاً‏ أنّ‏ هذه نبوءة مازالت محفوظة للمستقبل.‏ان الإصحاحات السابقة اعلاه تشير الى أنّ‏ الناس سوف تضطر الى الفرار لأنأورشليم ستكون مرة أخرى مشهدا لإضطرابات جسيمة:‏ ‏"و أجمع كل الأمم على أورشليمللمحاربة،‏ فتؤخذ المدينة و تنهب البيوت و تُفضَ‏ ح النساء.‏ و يذهب نصف المدينة الىالسبي و بقية الشعب لا تقطع من المدينة“‏ ‏(عدد ٢).أي ستوك فوتو


٦٣الحرب والسلام في الشرق الأوسطو قد سجل زكريا،‏ سابقاً،‏ هذه الكلمات من الربِ:”‏ أنظر،هأنذا أجعل أورشليم كأسترنح لجميع الشعوب حولها و أيضاً‏ على يهوذا تكون في حصار أورشليم.‏ و يكون فيذلك اليوم اني أجعل أورشليم حجراً‏ مشوالاً‏ لجميع الشعوب و كل الذين يشيلونه ينشقٌ‏ ونشقّاً‏ و يجتمع عليها كل أمم الأرض.“‏ زكريا ‏(ص:‏‎١٢‎ ع:‏‎٣-٢‎‏)‏قدر ليهوذا ‏(إسرائيل اليوم،‏ و أغلبه يهود)‏ و أورشليم أن يكونا في قلب أحداث الأزمنةالأخيرة.‏ و الأمم التي ستقف ضدها ستكون مساقة عاطفيا و ايديولوجيا الى درجةتجعلها تضل سبيل التفكير السليم ‏(هذا هو ‏"السر"‏ الذي أشاره كتاب زكريا).‏ و فييومنا هذا هناك بعض الأمم والشعوب المهووسة بفكرة تدمير إسرائيل الوطن القوميلليهود.‏ و يأتي نبي آخر ليتنبّأ أيضاً‏ بسقوط إسرائيل في الأزمنة الأخيرة ‏(و ساكنوهاهم ذرية أسباط الشمال العشرة“‏‎١٠‎‏“)‏ ويهوذا ‏(اليهود)‏ سوية في الشهر نفسه حسبالمفهوم الظاهر،‏ وهو حدث لم يكن له سابقة في التاريخ.‏ نقرأ هذا في كتاب هوشع "٥".فالرب لعن إسرائيل و يهوذا لكفرهم و وثنيتهم المتكررة و قال:”و قد أُذِلَت عظمة إسرائيلفي وجهه فيتعثر إسرائيل و إفرايم في إثمهما و يتعثر يهوذا أيضاً‏ معهما....‏ قد غدروابالرب....‏ الآن يأكلهم شهر قمر جديد مع أنصبتهم.(ع:‏‎٧-٥‎‏).‏ وعبارة القمر ‏"يأكلهم"‏ هناكما هو بينّ‏ تدل على أن الأثنين سيسقطان في شهر واحد ‏-أي خلال ٣٠ يوما-.‏ ‏(ولتعرف أين أضحت أسباط إسرائيل العشر“‏‎١٠‎‏“‏ اليوم،‏ أطلب أو حمّل من الانترنت كتيبنا” الولايات المتحدة وبريطانيا في نبوءات الكتاب المقدس“).‏الصراع يستمرنستطيع الآن أن نفهم بوضوح لماذا يستمر الص راع بين ملوك الشمال و الجنوب ويتجدد ‏"في آخر الزمان"‏ ‏(دانيال ص:‏‎١١‎ ع:‏‎٤٠‎‏).‏و يستمر الإصحاح في وصف كيفية الهجوم ‏"و متى حان الوقت يحارب ملك الجنوبملك الشمال،‏ ف ي س رع اليه ملك الشمال كالزوبعة بمركبات و فرسان و سفن كثيرة و يدخلالأراضي و يجتاحها و يعبرها".‏من البديهي اذاً‏ أن الزمن الأخير سيشهد جولة ص راع جديدة في منطقة الشرقالأوسط،‏ لكنها ستكون هذه المرة أسوأ من كل سابقاتها.‏مرة أخرى،‏ ما كان لهذه النبوءة أن تتحقق لولا سقوط الإمبراطورية العثمانية و تقسيمالأراضي العربية الى دول بشعوب مختلفة و هي التي تكون منطقة الشرق الأوسط اليوم.‏في الفصل الثالث من هذا الكتيب رأينا أن تعبير ‏"ملك الشمال"‏ يشير الى سلالة‏"سيليوسيدس"‏ التي حكمت سوريا في غابر الزمان،‏ فيما يشير تعبير ‏"ملك الجنوب"‏الى سلالة ‏"بتوليمايك"‏ التي حكمت مصر آنذاك،‏ لكن،‏ الى ماذا تشير هذه المسميات في


٦٤ الشرق الأوسط في نبؤات الكتاب المقدسزمننا هذا و في آخر الزمن؟ من المشكوك فيه أنها تشير مرة أخرى الى سوريا و مصرحيث أنهما الآن بلدان عربيان إسلاميان متآخيان،‏ كما انهما ‏–رغم قوتهما النسبية علىمستوى المنطقة-‏ لا يمتلكان المقدرة العسكرية لتحقيق تلك النبوءة.‏و كما أسلفنا،‏ فأنّ‏ روما ابتلعت سوريا لتصبح منذ ذلك الوقت مملكة الشمال.‏ لكنألم تسقط الإمبراطورية الرومانية في قديم الزمان؟جزء من مفتاح فهم هذه المعادلة هو ادراك أن مكان تحقق هذه النبوءة هو الأراضيالمقدسة و أورشليم،‏ الأرض التاريخية لأبناء اسرائيل.‏ أن تعبير ‏"ملوك"‏ يشير الى قادةأقوياء سيأتون من مناطق الشمال و الجنوب بالنسبة لإسرائيل ليسيطروا على المنطقة،‏خلال هذا التطاحن سوف يسحق يهوذا.‏قبل قرن من الزمان لم يكن لأحد أن يفهم العديد من الروايات المتعلقة بهذا الجزء منالعالم لأنّ‏ الإمبراطورية العثمانية كانت تحكم كل المناطق التي تقسمت الآن بين المتنازعين.‏هذه الحقيقة تعيننا في أن نفهم كلمات الرب الى دانيال في نهاية كتابه ‏"إذهب يا دانياللأن الكلمات مخفية و مختومة الى وقت النهاية"‏ ‏(دانيال ص:‏‎١٢‎ ع:‏‎٩‎‏).‏ و قد كان منالمستحيل على دانيال الذي عاش في القرن السادس قبل الميلاد أن يفهم تلك التغيراتالمذهلة التي قادت الى قيام خارطة الشرق الأوسط بالتعقيد الذي نراها عليه اليوم.‏و كما أن إسرائيل و مصر و العراق و سوريا لم تكن دولا كما نراها الآن قبل قرن منالزمان،‏ فإنّ‏ ملوك الشمال و الجنوب الذين تشير اليهم النبوءات لم يظهروا بعد،‏ إلا أنّ‏قيام الإمبراطورية الرومانية النهائي سيرتكز في أوروبا،‏ و يمكن أن يشهد الم رءجنينها اليوم متمثلا في الأتحاد الاوروبي.‏الكتاب المقدس يساعدنا أن نتصور ما ينبغي توقعه.‏نقرأ في كتاب دانيال و رؤيا يوحنا أن قوة عظمى أخرى ستقوم في آخر الزمان،‏ ونجدالمزيد من التفاصيل عن هذه القوة في ‏"رؤيا يوحنَا ص:‏‎١٧‎‏".‏ فكما رأى دانيال حيواناتمختلفة ترمز الى القوى التي ستسيطر على المشهد القادم،‏ فقد رأى الرسول يوحنا صورةوحش آخر سيسيطر على العالم في آخر الزمان ‏(ع:‏‎٣‎‏).‏ القرون العشرة (١٠) التي تظهرعلى ذلك الوحش كما ش رح للرسول يوحنا أحد الملائكة ترمز الى ١٠ حكام يتولون السلطة‏"لساعة واحدة"‏ ترمز الى فترة قصيرة من الزمن،‏ كل ذلك أزاء شخص حاكم واحد يدعىأيضاً‏ الوحش ‏(رؤيا ص:‏‎١٧‎ ع:‏‎١٣-١٢‎‏).‏ انتبه الى السياق الزمني لهذه الأحداث ‏"سيحاربهؤلاء الحمل ‏(إشارة الى ي س وع المسيح)،‏ وسينتصر الحمل عليهم ‏(ع:‏‎١٤‎‏)‏ هذه النبوءةللمستقبل و تقود مباشرة الى عودة ي س وع المسيح للأرض.‏إلا أنّ‏ هؤلاء ليسوا وحدهم اللاعبين الرئيسيين في هذا المشهد النهائي من الزمن،‏فهناك رئيساً‏ دينياً‏ رُمِ‏ زَ‏ إليه ‏"بانه يحمل قرنين مثل الحمل لكنه يتكلم كالتنين"‏ ‏(رؤيا


٦٥الحرب والسلام في الشرق الأوسطوينستون تيلورص:‏‎١٣‎ ع:‏‎١١‎‏)‏ سيلعب دوراً‏ هاماً‏ في اتحاد الأمم في آخر هذا الزمان.‏ ي س وع المسيح هوحمل الرب ‏(يوحنا ص:‏‎١‎ ع:‏‎٣٦،٢٩‎‏،‏ رؤيا ص:‏‎٥‎ ع:‏‎٩-٨‎‏،‏ ص:‏‎١٩‎ ع:‏‎٩-٧‎‏)،‏ فهذا الرئيسالديني سَ‏ يَدَعي المسيحية،‏ إلا أنّه في الواقعالشيطان ‏"التنين الذي يخدع العالم كله"‏‏(رؤيا ص:‏‎١٢‎ ع:‏‎٩‎‏).‏الوحش المشار اليه في رؤيا ١٧ هوإستمرار لوحوش دانيال ٧ الأربعة.‏ و كمارأينا سابقا فإن دانيال حين كان أسيرا فيببابل سجل رؤيا ل"أربعة وحوش عظيمة"‏‏(ع:‏‎٣‎‏)‏ أشارة الى إمبراطوريات عُظمَ‏ ىستحكم الشرق الأوسط و يكون لها تأثيركبير على شعب الله.‏ تلك الإمبراطورياتكانت وفقا للتسلسل التاريخي،‏ الإمبراطوريةالبابلية،‏ إمبراطورية ميديا ‏–فارس،‏إمبراطورية الأغريق التي اقامها الإسكندرالكبير و الإمبراطورية الرومانية.‏رؤيا ١٧ تصف رؤيا يوحنا لوحش يرمز الى قوة عظمىجيوبولتيكية تظهر آخر الزمان،‏ قرونه العشرة ترمزالى ١٠ قادة يتولون السلطة لزمن قصير مباشرة قبلعودة ي سوع المسيح.‏و ستنجح بشكل دراماتيكي محاولاتإحياء الإمبراطورية الرومانية في الزمنالأخير.‏ في ذلك الوقت ستعقب إمبراطوريةتستعيد الوحدة الأوروبية التي حققتها روماقبل ٢٠٠٠ عام.‏ هذه الإمبراطورية ستقودمباشرة الى عودة المسيح و إقامة مملكةالرب على الأرض ‏(إصحاح:‏‎١٤-٩‎‏).‏و بما أنّ‏ الوحش الرابع المشار اليه في دانيال ٧ سيظهر في عصر عودة ي س وع المسيحو هو عين ما أشار اليه يوحنا في رؤيا ١٧، فإن كلا النبوئتين تتحدثان عن انبعاث جديدللإمبراطورية الرومانية.‏ هذا هو مفتاح آخر لفهم النبوءة.‏ ممالك الشمال و الجنوب تتعلقبقوى متعاقبة و قد إحتلت روما سوريا،‏ و سقطت روما،‏ إلا أنّ‏ الإمبراطورية الرومانية أُعيدبعثها في أشكال مختلفة عبر القرون.‏ و قد بقي بعث أخير لهذه الإمبراطورية.‏هذا الإنبعاث الأخير للإمبراطورية الرومانية سيرتكز كما كان في الأصل في أوروبا،‏ ويبدو أن المرء بأمكانه أن يرى جذوراً‏ لتلك الامبراطورية متمثلة بالإتحاد الأوروبي.‏ لا نريدبهذا المعنى أن نقول أنّ‏ كل دول الإتحاد الأوروبي اليوم ستكون جزءا من الإمبراطورية التيستأتي في آخر الزمان،‏ لكن تلك الأمم التي تود أن تشارك ستشكل قوة عسكرية عظمىلتخوض الحرب في الشرق الأوسط.‏و هكذا فأنّ‏ ملك الشمال الذي تحدث عنه ‏(دانيال ١١) كما يبدو سيكون الحاكم الأخير


٦٦ الشرق الأوسط في نبؤات الكتاب المقدسفي آخر هذا الزمان و الذي سيحكم دولة تتمركز في أوروبا و هو ما أشير اليه ‏”بالوحش“‏في ‏(رؤيا ١٧).ملك الجنوب الأخيرماذا عن ملك الجنوب؟ لكي نفهم من سيكون هذا الملك،‏ علينا ان نمتلك بعض التصورعن تاريخ و وعي الشعوب في المنطقة.‏طبقاً‏ للعقيدة الإسلامية فإن العالم مقسّ‏ م الى قسمين،‏ دار ‏"الإسلام"‏ و تعني أرضالمسلمين،‏ و ‏"دار الحرب"‏ و تعني أرض الكفار أو حرفيا ‏"أرض الص راع".‏ و ينص القرآن أنّ‏الله ‏"هو الذي أرسل رسوله ‏"محمد"‏ بالهدى ودين الحق ‏"الإسلام"‏ ليظهره على جميع الأديانولو كره المشركون"‏ ‏(صورة ٦١، الآية ٨). واحد من أهم تعاليم الإسلام و مبادئه أنّ‏ الإسلاميجب ان يسود العالم في النهاية ليصير الدين الأكثر هيمنة و إنتشاراً.‏نذكر هنا ايضا أنّ‏ حلم الشعوب العربية هو الوحدة العربية.‏ و قد جمع محمد القبائلالعربية المحتربة من خلال الدين الجديد،‏ الإسلام.‏ و طالما كانت الأمة ‏-و تعني المجتمعالإسلامي-‏ حلماً‏ على مدى القرون.‏ و قد مضت ٧٥٠ سنة الآن و لم يتحد ابناء إسماعيل،‏و لم ينالوا إستقلالهم عن النفوذ الأجنبي إلا خلال السنوات الخمسين الاخيرة و ما زالهذا الحلم مرصوداً‏ و لكنه لم يتحقق لبعد.‏لفترة من الزمن بعد ثورة ١٩٥٢ في مصر صار الرئيس المصري عبد الناصر ملهماً‏للوحدة العربية،‏ و ظن الكثيرون أنّه سينجح في تحقيقها.‏ و خلال العقود الاخيرة،‏لعب صدام حسين نفس الدور ساعياً‏ الى تحقيق الوحدة العربية للوقوف بوجه الغرب وإسرائيل.‏و لو عدنا بالتاريخ الى خلف لوجدنا ‏(محمد أحمد بن السيد)‏ (١٨٤٤-١٨٨٥) فيالسودان يدعي أنّه مسيح الإسلام،‏ ‏"المهدي"‏ الذي سيقود المسلمين الى الوحدة و يقهرالكافرين.‏ و قد فشل في تنفيذ دعواه،‏ إلا أنّه نجح بشكل كبير في توحيد العرب أكثرمما نجح القادة العلمانيون.‏ و نشير أيضاً‏ هنا الى أنّ‏ العديد من المسلمين يؤمنون بأن‏"المهدي المنتظر"‏ سيعود في الزمن الصعب ليعيد الإيمان بالإسلام و يقوده الى النصرالنهائي على سائر الأديان.‏في السنوات الأخيرة،‏ صار أسامة بن لادن الخليفة الروحي للمهدي السوداني و نجحالى حد كبير في توحيد المسلمين في مواجهة الغرب.‏ و حيثما ذهبت في أرجاء العالمالإسلامي فإن إبن لادن هو بطل الشعوب و أملها في النصر النهائي.‏و كما إنتصر محمد و اتباعه على القوتين العظميين في زمانه بيزنطية و فارس،‏فأن ابن لادن و أتباعه حلموا بأن يسقطوا القوتين العظميين في زماننا،‏ الأولى ‏(الاتحادالسوفياتي)‏ و قد أنحل عام ١٩٩١، و كان واحد من أهم اسباب إنهياره الثوار الأفغان


٦٧الحرب والسلام في الشرق الأوسطالذين قادهم أبن لادن لطرد السوفيت من أفغانستان.‏و أظهرت هجمات الحادي عشر من سبتمبر ٢٠٠١ مدى ضعف القوة العظمى الثانية‏(الولايات المتحدة الأمريكية)‏ أمام الأرهاب.‏ و تبين التحذيرات المستمرة الصادرة عنواشنطن أن البلاد تبقى عرضة لهجمات إرهابية قد تكون أشد فتكاً‏ و تدميراً‏ من الأولى.‏ملك الجنوب هذا سيقوم ليتحدى الغرب و يضرب ملك الشمال.‏حاول عدد من الشخصيات المسلمة التي ظهرت مؤخرا مثل الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين و أسامة بن لادنأن يوحدوا العالم الإسلامي بوجه الغرب.‏ وتكشف نبوءة الكتاب المقدس أنّ‏ قائدا آخرا سيظهر في العالم الاسلاميليثير صراعا كبيرا مع قوة عظمى جديدة سيكون مركزها في أوروبا.‏الصور:‏ ‏(من اليمين):‏ رويترز/فالح خيبر،‏ أ ف ب،‏ صور/إش أووبغض النظر عمن سيكون ملك الجنوب في آخر الزمان ‏-سواء كان شخصيةجماهيرية مثل أسامة بن لادن،‏ أو قائداً‏ سياسياً‏ مثل جمال عبد الناصر أو صدامحسين،‏ أو رجل دين مثل آية الله الخميني أو المهدي المنتظر-‏ فان هذا القائد المنتظرسيدخل في ص راع مع الغرب ساعياً‏ مرة أخرى الى تحقيق الوحدة العربية و الإسلاميةوسيثير بغير تعَمُ‏ د سلسلة أحداث ستقود الى دمار مهول لا يمكن تخيله قبل أن يتدخلي س وع المسيح ليضع حداً‏ لكل ذلك.‏ملامح ظهور ح رب الذروة في الش رق الأوسطبالعودة الى دانيال ص:‏‎١١‎ ع:‏‎٤٠‎ نرى أن جيوش هذين القائدين ملك الشمال و ملكالجنوب ستتحارب:‏ ‏"و متى حان الوقت يحاربه ملك الجنوب،‏ ف ي س رع اليه ملك الشمالبمركبات و فرسان و سفن كثيرة و يدخل الأراضي و يجتاحها و يعبرها".‏الفعل ‏(ي س رع)‏ في الإصحاح ترجم عن الفعل العبري ) ناغاخ)‏ و الذي يمكن أن يعني


٦٨ الشرق الأوسط في نبؤات الكتاب المقدسما هي نجاسة الخ راب؟في أكثر نبؤاته تفصيلا عن آخر الزمان يقول يسوع ‏"فاذارأيتم " نجاسة الخراب"‏ التي تكلم عنها النبي دانيال قائمةفي المكان المقدس،‏ فليهرب الى الجبال من كان في اليهودية"‏‏(متى ص:‏‎٢٤‎ ع:‏‎١٦-١٥‎‏)‏ عَ‏ م كان يسوع يتحدث؟كما أسلفنا في الفصل الثالث فان دانيال‎١١‎ قداستشرق مقدماً‏ ما سيحدث للقوى التي تسعىالى السيطرة على الأراضي المقدسة خلال القرونالتي تلت،‏ و في جزء كبير من النبوءة كانت هذهالقوى هي سوريا الى الشمال و مصر الى الجنوب.‏و في النهاية تصف النبوءة أحد حكام المملكتينو هو"أنتيوخوس الرابع"‏ ملك سوريا المعروف ايضاً‏ب"أنتيوخوس ابيفانيس".‏ في ‏(دانيال ص:‏‎١١‎ ع:‏‎٣٠‎‏)‏هناك إشارة اليه بانه " فيجبن ويرجع ساخطاً‏ علىشعب العهد المقدّس و يفعل ما يشاء"‏ . و نحصلعلى المزيد من التفاصيل عن تاريخ تلك المرحلةمن كتاب الماكابيون في جزئه الاول ‏-رغم أنه ليسمن نصوص الكتاب المقدس-‏ و فيه وصف لعداءانتيوخوس لليهود حيث قتل منهم كثيرين و نهبالمعبد في أورشليم.(الماكابيون ص:‏‎١‎ ع:‏‎٢٣-٢٠‎‏).‏تدنيس المعبدثم حصل الأسوأ،‏ فقد حذّ‏ رت نبوءة دانيال منانتيوخوس.‏ ‏"و يقوم من جنوده من يحلل تدنيس الحصنالمقدس،‏ و يزيل المحرقة الدائمة،‏ و يقيم رجاسة الخراب"‏‏(دانيال ص:‏‎١١‎ ع:‏‎٣١‎‏).‏و يكشف لنا كتاب ‎١‎ماكابي عن تفاصيل اخرى‏"و أصدر أنتيوخوس أمراً‏ بأن تهجر شعوب إمبراطوريتهعاداتها لتصبح شعبا واحدا.‏ و رضخت كل ابناء القبائلغير الإسرائيلية،‏ بل أنّ‏ الكثير من الإسرائيليين خضعوالهذالق رار،‏ و تبّنوا الديانة الرسمية الوثنية و صاروا يقدمونقرابينهم الى الأصنام،‏ و تناهوا عن حفظ السبوت.‏" و أرسل الملك رسلاً‏ يحملون أمراً‏ منه الى أورشليمو سائر سكان المدن اليهودية،‏ يأمرهم فيه باتباع عاداتغريبة على البلاد.‏ و أمرهم ان لا يقدموا النذور المحروقة ،و لا نذور الحبوب و لا نذور النبيذ في المعبد،‏ و أمرهم أنيعتبروا أيام ‏"السبوت"‏ و الأعياد أيام عمل عادية.‏و أمرهم أيضً‏ ا أن يدنّسوا المعبد و ما فيه منالمقدسات.‏ و أمرهم أن يبنوا مذابح و معابد و أضرحةوثنية و أن يقدموا الخنازير و غيرها من الحيوانات النجسةذبائحاً‏ و قرابيناً.‏ و حرّم عليهم أن يختنوا أبناءهم الذكورو طالبهم أن ينجّ‏ سوا أنفسهم بكل شكل ممكن لكيينسوا أمر الله الذي جاء به موسى و يخالفوا كل وصاياه.‏و جزاء من يعصي أمر الملك هو الموت ‏(مكابي ص:‏‎١‎ع:‏‎٤٥-٤١‎‏).‏ثم حدث أنّه في ‏"اليوم الخامس عشر من شهر‏"كسليف"‏ في عام‎١٤٥‎ ‏(مكابي ع:‏‎٤٥‎‏)‏ الذي يوافق العام١٦٧/١٦٨ قبل الميلاد بنوا ‏"نجاسة الخراب"‏ في مذبحالمعبد.‏ و هو على ما يبدو مذبح وثني عليه تمثال كبيرآلهة الأغريق زوس وكما يخبرنا ‏(‏‎٢‎مكابي ص:‏‎٦‎ ع:‏‎٢‎‏)‏أنّ‏ أنتيوخوس دنّس المعبد بتكريسه لعبادة الآله الأولمبي‏"زوس".‏ فالاغريق كانوا يعتقدون ببساطة أن اله اليهوديساوي كبير آلهة الأغريق ‏"بنتيون".‏ثم يخبرنا كتاب الماكابيون أنّ"‏ ذبيحة وثنية كانت تعرضفي الشوارع أمام البيوت،‏ و كل كتب الشريعة التي يعثرعليها كانت تمزّق و تحرق و كل من يعثر على نسخة منالكتاب المقدس عنده أو يعمل بموجب الشريعة فان عقوبتهالموت بأمر الملك...‏ و في الخامس و العشرين من الشهرنفسه قدم أولئك الأشرار ذبائحهم للمذبح الوثني الذيشيد فوق مذبح المعبد(‏‎١‎مكابي ص:‏‎١‎ ع:‏‎٥٩-٥٥‎‏)‏ بلأنّ‏ الخنازير التي حرمتها شريعة الله قُدِمت ذبائح على نفسمذبح معبده.‏و يستمر ‏(‏‎١‎مكابي ص:‏‎١‎ ع:‏‎٦٠‎‏)‏ في عرض الوقائع‏"و بموجب أمر الملك،‏ ذبحت الأمهات اللواتي سمحن أن


٦٩الحرب والسلام في الشرق الأوسطيختن ابناءهن،‏ و علق أبناؤهن الرضع في أعناقهن،‏ كماأُعدِمت عائلاتهن و الذين قاموا بعمليات الختان".‏رغم قسوة و فجاعة ذلك الأمر،‏ فقد قاومه البعض.‏و يشير(‏‎١‎مكابي ص:‏‎٦٣-٦٢‎‏)‏ " أنّ‏ العديد من بنيإسرائيل وقفوا بحزم و أختاروا الموت على أن يدنسهمالطعام أو المراسم الوثنية المنحطة،‏ و ماتوا بالفعل.‏ و حلّ‏بإسرائيل غضب كبير".‏لكن العديدين ممن قاوموا أوامر الملك بقوا أحياء،‏و يسرد الكتاب حياة كهنة أسرة هاسمونين من عائلةماتاثياس،‏ بمن فيهم أبنه و خلفه ‏"يهودا ماكابيوس"‏ االذيرفض أن يتساوم مع الوثنية،‏ و في النهاية تكللت جهودأولئك الوطنيين و أتباعهم بالنجاح و كان لها الفضل الأكبرفي طرد سوريا من الأراضي المقدسة.‏انجاز نبوئة لاحقةالآن و قد أضحى كل ذلك تاريخاً،‏ أنظر الى تحذيرالمسيح من ‏"نجاسة الخراب".‏ حين أطلق المسيح ذلكالتحذير كان ذلك الجزء من نبوءة دانيال قد تحقق قبل ٢٠٠عام،‏ معنى ذلك أن نبوءة دانيال،‏ طبقاً‏ لقول المسيح لهاأنجاز مزدوج.‏و كشف المسيح لنا زمن تحقق نبوأته في ‏(متى ص:‏‎٢٤‎ع:‏‎٢١‎‏)‏ حين شرح ما سوف يعقب مباشرة " فستنزل فيذلك الوقت نكبة ما حدث مثلها منذ بدء العالم الى اليوم،‏و لن يحدث " و يُذَكّر هذا بجزء آخر من نبوءة دانيال بأنّهفي آخر الزمان " سيكون زمن ضيق،‏ بشكل لم يسبقله مثيل منذ قيام الأمم و حتى يومنا هذا"‏ ‏(دانيال ص:‏‎١٢‎ع:‏‎١‎‏)‏ و هكذا سيحدث ذلك الأضطراب العظيم في نهايةهذاالعصر،‏ قبل عودة المسيح.‏دروس من تحقق النبوءة الأوليمكن أن نتعلم الكثير عن نبؤة الأزمنة الآخيرة من خلال‏"نجاسة الخراب " التي أشار اليها دانيال.‏ كان انتيوخوسايبيفانيس سلفاً‏ لملك الشمال الذي سيظهر في آخر الزمانو هو الدكتاتور الذي يشير اليه كتاب الرؤيا ب"الوحش".‏و لا ريب أن حاكم آخر الزمان سيلجأ الى نفس أساليبالخداع و الدجل التي أمتاز بها عصر انتيوخوس.‏علاوة على ذلك،‏ و من خلال ما رأيناه و من نصوصالكتاب المقدس،‏ يبدو أنّ‏ حاكم آخر الزمان سيدّعي عروضسلام يقدمها لليهود في دولة إسرائيل المعاصرة.‏ما هي الأمور الأخرى التي نراها؟ جزء من الخراب الذيجاء به ‏"أنتيوخوس"‏ هو توقف النذور والذبائح اليومية الىالمعبد ‏(ع:‏‎٣١‎‏).‏ مع ذلك فأن نبوءة دانيال تكشف بوضوحأن النذور و الذبائح ستنتهي بالتزامن مع ‏"نجاسةالخراب"‏التي ستحل ‏(دانيال ص:‏‎١٢‎ ع:‏‎١٣-٩‎‏)‏ و لتحقيق هذهالنبوءة يبدو أن النذور و الذبائح ستقدم مرة أخرى و سيعادبناء المذبح قبل عودة يسوع المسيح.‏على مستوى آخر،‏ فقد دنّس ‏"أنتيوخوس"‏ المعبدالمقدس القديم حين أقام فيه صنما للآله الوثني ‏"زوس"‏ و قدمالخنزير قربانا في المعبد.‏ و قد يشهد آخر الزمان رجس قيامصنم آخر في معبد جديد.‏ ما نحن و اثقون منه هو أنّ‏شخصاً‏ ما في معبد الرب سيدعي انّه تجسيد للرب (٢تسالونيكي ص:‏‎٢‎ ع:‏‎١٢-١‎‏).‏سيدمر المسيح حين ظهوره الثاني هذا الشخص‏(ع:‏‎٨-٥‎‏)‏ و لكن ليس قبل أن ينخدع العديد من الناسبالقوة و العلامات و العجائب الزائفة ‏(ع:‏‎١٢-٩‎‏).‏و كما شهدت نجاسة الخراب الأولى بداية مرحلة غيرمسبوقة من الرعب و التعاسة،‏ فانّ‏ نجاسة الخراب الأخيرةستشهد بداية عصر الرعب الاعظم،‏ ليعقبه الاضطرابالعظيم.‏علينا أنّ‏ نشكر الله اذ وعد أن يعيد ابنه الى الأرضلأنقاذ البشرية من الأندثار في ظل الدجل العظيم الذيسيعم العالم في ذلك الزمن المرعب القادم.‏ و بينما تقتربهذة الأمور حثيثاً‏ من تحقيق تلك النبوءات،‏ علينا أننقترب أكثر من الله بالأيمان،‏ و علينا ان نتوكل عليه ليرانافي أحلك الأوقات،‏ عالمين دائما أننا لم نُترَك دون معرفةمسبقة بما سيحث لمساعدتنا على فهم الأحداث الجسيمةالتي سترافق آخر الزمان.‏


٧٠ الشرق الأوسط في نبؤات الكتاب المقدس‏"يهجم"‏ أو ‏"ي س رع"،‏ و يستعمل في الأصل مع الثور أو التيس الذي يهجم بقرنيه.‏ و يعنيهذا بلاغياً‏ ‏(يشن الحرب ضد)‏ أما هذا الشكل الذي إتخذه الفعل المترجم فلم يكشف عنهالنص العبري.‏ما هو واضح على كل حال أنّ‏ قائد الجنوب في آخر الزمان سيهاجم ملك الشمالليدفعه الى غزو يتضمن إحتلالاً‏ شاملاً‏ للشرق الأوسط.‏ و لو أخذنا بعين الإعتبارالهجمات التي نفذها السلفيون الإسلاميون ضد الغرب خلال الأعوام الأخيرة،‏ فإن سلسةمن الهجمات المماثلة قد تستهدف أهدافاً‏ أوروبية و هو ما أشار إليه الفعل ‏"ي س رع اويدفع"‏ هنا.‏ و من هذه النقطة لا توجد إشارة أخرى في الكتاب المقدس الى ملك الجنوب،‏وما حدث له لم يكشف عنه.‏و يشير نفس الفصل الى أنّ‏ ملك الشمال،‏ و هو قوة الوحش المستوطن في أوروبا،‏نبوءة قيام اتحاد عربيالمزمور ٨٣ يحتوي على نبوءة بأن العديد من دولالشرق الأوسط التي لم يقم بعضها حتى الآن سترتبطالى حدما باحداث آخر الزمان.‏ و إذا صح ذلك فأنالنبوءة تتحدث عن اتحاد عربي لدول مصممة علىإستئصال إسرائيل.‏‏"فها أعداؤك يضجون،‏ و مبغضوك يرفعون رؤوسهم،‏على شعبك يأتمرون كيدا،‏ و يتشاروون على الذينفي حماك،‏ يقولون هيا نزيلهم من الأمم،‏ فلا يذكر اسمإسرائيل من بعد.‏ تشاوروا في قلوبهم معا،‏ و عليكتعاهدوا عهداً:‏ هم قبائل أدوم و بنو إسماعيل،‏ و بنوموآب و بنو هاجر،‏ و سكان جبال و عمّ‏ ون و عماليق،‏و أهل فلسطيّة مع أهل صور.‏ آشور ايضاً‏ إنضمت اليهمو صارت حليفاً‏ قوياً‏ لبني لوط ‏(ع:‏‎٨-٣‎‏)‏هذه الأسماء التوراتية مهمة و ذات دلالة تُعيننا أننفهم المناطق و الشعوب التي تشير اليها.‏ أدوم تشير الىالفلسطينيين و بعض الأتراك.‏ بنو إسماعيل تشير الىذرية إسماعيل و هم قسم كبير من العرب المنتشرين فيالشرق الأوسط و شمال أفريقيا.‏ موآب تشير الى منطقةوسط الأردن،‏ بنو هاجر تشير الى ذرية أخرى لهاجر أمإسماعيل.‏جبال تشير الى المدينة الفينيقية ‏"بيبلوس"‏ و هيالتي تدعى ‏"جُ‏ بَيل"‏ في لبنان اليوم،‏ و البعض يعتقد انهاتشير الى جبال الأردن.‏ عمّ‏ ون تشير الى مناطق شمالالأردن حول مدينة ‏"عمّ‏ ان"‏ العاصمة التي تأخذ إسمهامن هذا الاسم القديم.‏ عماليق كما يبدو تشير الى فرعمن الفلسطينيين.‏ فلسطيّة هي ما يعرف اليوم بقطاعغزة.‏ صور هي المدينة اللبنانية المعروفة وكانت عاصمةالجنوب قديما.‏ عرقيا تشير كلمة ‏"آشور"‏ الى سكانوسط أوروبا الذين هاجروا الى تلك المناطق قبل قرونطويلة.‏ أما جغرافياً‏ فتقع آشور اليوم شمال العراق.‏ بنيلوط تشير الى ‏"موآب"‏ و " عمّ‏ ون"‏ مرة اخرى،‏ و هيكما ذكرنا مناطق في الأردن اليوم.‏لطالما كانت الوحدة العربية سراباً‏ ووهماً،‏ إلا أنهدفاً‏ واحداً‏ بعينه قد يجمع العرب حول بعضهم ببطء.‏هذا الهدف المشترك هو الرغبة بتدمير دولة إسرائيلو حاميتها الأولى،‏ الولايات المتحدة الأمريكية و الثقافةالليبرالية الغربية التي اعتبرها المسلمون منذ القدم تهديداً‏جدياًلنمط حياتهم.‏


٧١الحرب والسلام في الشرق الأوسطسيكون منصوراً‏ في هذا الصراع،‏ لأنه سيغزو الأراضي المقدسة و يطيح بالعديد من الدول‏(ع:‏‎٤١‎‏).‏بين تلك الدول مصر و ليبيا و إثيوبيا ‏(و علينا أن نعي أنّ‏ تلك الأسماء التوراتية التي تشيرالى شعوب و مناطق قد لا تتطابق بدقة مع الحدود الوطنية لهذه الدول اليوم،‏ إلا أنّ‏ المناطق هيبالتأكيد نفسها).‏الويلان الأول والثانيعلى أية حال،‏ فإنّ‏ ‏"أخباراً‏ من الشرق و الجنوب سَ‏ تُقْلِقُهُ"‏ و ‏"س يخ رج لهم بغيض كبيرليدمر و يقتل العديدين"‏ ‏(ع:‏‎٤٤‎‏).‏ هذه الأفعال التي سيؤتيها ملك الشمال في آخر الزمانترتبط على ما يبدو بالنفخة الخامسة بالبوق أو ‏"الويل الأول"‏ ‏(رؤيا يوحنا ص:‏‎٩‎ ع:‏‎١١-١‎‏)‏حيث أن كلتا القوتين اللتين تتسببان في وق وع الويل الأول و قوة وحش آحر الزمان قدوُصِ‏ فَتا بأنهما تصعدان من هوة لا قرار لها ‏(ع:‏‎٢-١‎‏،‏ رؤيا يوحنا ص:‏‎١١‎ع:‏‎٧‎‏،‏ ص:‏‎١٧‎ع:‏‎٨‎‏)،‏ للمزيد من المعلومات أطلب أو حمّل مجانا كتيبنا الموسوم ‏(كتاب الرؤيا يُكشَ‏ ف).‏حين كتب كتاب رؤيا يوحنا كان نهر الفرات يمثل الحدود الشرقية للإمبراطورية الرومانيةحيث ينبع من تركيا و يمر بسوريا و العراق لينتهي في الخليج.‏ الدول التي أشير إليهافي الآيات الاخيرة من دانيال ١١ تقع بعيداً‏ الى الغرب من هذا النهر.‏ إلا أنّ‏ احداث آخرالزمان تشهد حسب النبوءة في كتاب الرؤيا أنّ‏ هذا النهر سيكون حداً‏ جغرافياً‏ هاماً.‏لاحظ ‏(رؤيا يوحنا ص:‏‎٩‎ ع:‏‎١٦-١٣‎‏):‏ ‏"و نفخ الملاك السادس في البوق،‏ فسَ‏ مِ‏ عْتُ‏ صوتاً‏خ رج من القرون الأربعة لمذبح الذهب الذي أمام الله.‏ و قال الصوت للملاك السادس الذييحمل البوق ‏"أطلق الملائكة الأربعة المقيدين على نهر الفرات الكبير!"‏ فانفكت قيود الملائكةالأربعة المتأهبين للساعة و اليوم و الشهر و السنة حيث يقتلوا ثلث البشر.‏ و سمعت أنّ‏عدد جيش الخيالة مئتا ألف ألف“.‏و هنا إنطلق البوق السادس ‏(و معه الويل الثاني)‏ مجسداٍ‏ في جيش تعداده مئتامليون فارس ‏"ليقتلوا ثلث البشر".‏ من الواضح أنّ‏ الحديث يدور هنا حول اشباكات كبرىبين العالم الغربي ‏(التي تجسدها قوات مملكة الشمال)‏ و جيش جرار أتى من خلفنهر الفرات.‏ حيث جمع هذه القوات تهديد قوة غزت شمال إفريقيا وإسرائيل المعاصرة،‏فاتحدت الجيوش لمجابهة الخطر المحدق بها.‏ما هي الأمم التي ستجتمع لتكوين هذا الجيش الضخم؟ هناك احتمالان مرجحاناستناداً‏ الى المناخ الجغرافي السائد اليوم أو على الأقل مزيج من الإحتمالين.‏شكل وجود قوات غير إسلامية ‏(جيوش الكفار)‏ على أراضي إسلامية مصدراً‏ للسخطمنذ عصر الحروب الصليبية قبل نحو ١٠٠٠ عام.‏ و حضور قوات الإمبراطورية الرومانيةالمنبعثة في الشرق الأوسط ‏-و هي التي تسميها النبوءة بقوة الوحش،‏ الخليفة الروحي


٧٢ الشرق الأوسط في نبؤات الكتاب المقدسللقوات الصليبية-‏ سيشعل دون شك المشاعر الإسلامية مرة أخرى.‏الا أنّ‏ من المحتمل أن يكون هذا الجيش قوة مشكلة من قوات إسلامية مشتركة من كلالبلدان الإسلامية الواقعة شمال و شرق نهر الفرات،‏ و يشمل ذلك سوريا و تركيا و العراقو إيران و الباكستان و أفغانستان و متطوعون من الهند ‏(التي تضم ثاني أكبر تجمعسكاني إسلامي في العالم بعد إندونيسيا،‏ رغم أنّ‏ معظم سكانها هم من الهندوس).‏الى أقصى شمال و شرق الأراضي المقدسة هناك الأمم الإسلامية الجديدة التي ظهرتالى الوجود بعد انهيار الإتحاد السوفيتي ‏–آذربيجان و توركمانستان و تاجيكستان وكازاخستان و أوزبكستان و قرغيزستان.‏ و يصل عدد المسلمين في العالم اليوم الى ١٫٣مليار إنسان،‏ الأكثرية منهم تسكن في هذه البقعة الجغرافية ذاتها.‏إحتمال آخر لتشكيل هذه القوات هو بإنضمام الصين و روسيا،‏ القوتان العالميتانالرئيستان اللتان تجمعهما مع حلفائهما في الشرق الأدنى غالباً‏ مصالح مشتركة الىكتلة الشرق الاوسط.‏ و أي تهديد لمصادر الطاقة في الخليج العربي،‏ سواء كان حقيقياً‏ أموهمياً،‏ قد يثير حفيظة هاتين الدولتين و يدفعهما الى التحرك بشكل فاعل لإنهاء التهديد.‏و الصين بمليار وثلاثمائة مليون نسمة يمكنها بالفعل ان تعبيء قوة عسكرية ضخمة،‏كما أنّ‏ السلاح الروسي و تقنياته يساعد روسيا على الاحتفاظ بصفة القوة العسكريةالعظمى.‏فوق ذلك،‏ من المحتمل أن ت س ارع كل تلك القوى الى الإتحاد خوفاً‏ من من تزايد القدرةالعسكرية لملك الشمال.‏ و في الحقيقة فأن روابط دفاعية و إقتصادية قوية تربط روسياوالصين اليوم ببعض دول أسيا الوسطى المسلمة و دول الشرق الأوسط.‏تهيئة الأجواء ل(هارمجيَ‏ دون)‏في وقت لاحق وحيث تتعاقب الأحداث بعد نفخ البوق السابع كما في الرؤيا ص:‏‎١١‎ع:‏‎١٥‎ يرد ذكر نهر الفرات مرة أخرى:‏ ‏"و سكب الملاك السادس كأسه على نهر الفراتالكبير،‏ فجَ‏ فّ‏ ماؤه ليكون ممراً‏ لملوك المشرق ‏(رؤيا يوحنا ص:‏‎١٦‎ع:‏‎١٢‎‏).‏و لم يشر النص بوضوح الى من يكون اولئك الملوك و ما هي تلك القوات،‏ كل ما نعرفهانهم يأتون من شرق الفرات.‏ و كما في جيش المائتي مليون المذكور من قبل،‏ فأنه يبدوأن هذه القوات تتكون من قوات البلاد الإسلامية و من جيش الصين و/أو جيش روسيا وحلفائهم.‏ أو ان تلك القوات ستكون خليطا من كل تلك البلدان و التحالفات،‏ بل انها فيالواقع قد تكون نفس القوة العامة التي أشير اليها في الفصل ٩ من رؤيا يوحنا،‏ و لوكان إختلاف الواقعة في الحالتين لا يحتم ذلك على كل حال.‏و يساهم في هذا الص راع ‏"شياطين"‏ تُنجِ‏ ز إشارات و علامات،‏ تخ رج الى ملوك الأرضو ملوك العالم لتحشدهم لمعركة يوم الرب العظيم....و يتم جمعهم في المكان الذي يدعى


٧٣الحرب والسلام في الشرق الأوسطبالعبرية ‏"هارمجِ‏ يدو"‏ ‏(ع:‏‎١٦-١٤‎‏).‏ و في النهاية يبدو ان من غير المهم أيّ‏ الدول ستتدخلفي هذا الص راع و الحرب الدامية الضروس،‏ لأن رؤيا يوحنا ‏(ص:‏‎١٦‎ ع:‏‎١٤‎‏)‏ تخبرنا أنّ‏كل ملوك العالم سيحتشدون في الشرق الاوسط للمشاركة في المعركة الأخيرة.‏ لذا يبدوان كافة القوى المشرقيةالتي أشرنا اليها ستجتمعلتشارك في مرحلة منمراحل الحرب.‏ بل يبدوان جميع القوى العسكريةالمتبقية ستسهم لتشارك فيصنع ذلك الدمار النهائي.‏تماماً‏ كما حدث في حربيالقرن العشرين العالميتين،‏و ياللدهشة أن تكون تلكالحرب جزأً‏ ضرورياً‏ من خطةالرب النهائية ليحل السلامالمطلق في هذه المنطقة التيتمزقها الحروب.‏شون فينش،‏ بيتر ادينجتونتقع ‏"مجيدو"‏ على مفترق طرق عدة غزواة قديمة و على مفترق طرق تجاريةقديمة ‏(مؤشرة بالأحمر على الخارطة)‏ في إسرائيل القديمة.‏ تطل ‏"مجيدُو"‏على سهل ‏"ايسدرالون"،‏ الذي يشير الكتاب المقدس الى انه سيكونمنطقة تحشد جيوش كبرى قبل الظهور الثاني للمسيح.‏ تلك الجيوشستقاتل ي سوع المسيح الراجع على مشارف أورشليم.‏المسيح يتدخل لإنقاذالبشريةكل هذه المناوراتو الدمار و الموت الذيسيحصد أرواح ما لايقل عنثلث الجنس البشري ‏(رؤيايوحنا ص:‏‎٩‎ ع:‏‎١٨-١٥‎‏)‏ إنماهي مقدمات الظهور الثانيللمسيح.‏ لا بد أن يرجعالمسيح ليخلص البشرية من تلك الفواجع التي يمكن أن تقضي على الجنس البشريبأسِ‏ ره.‏ و قد قال الرب في وصف الزمان الذي يسبق عودته الى هذه الأرض ‏"و لو لمتُقَصَ‏ ر تلك الأيام لم يَخْ‏ لُص جسدٌ.....(متى ص:‏‎٢٤‎ ع:‏‎٢٢‎‏)‏و لكن أبان عودته الى الأرض لن يقبل الناس أن يستقبلوه بشكل تلقائي.‏ كما أشرناسابقاً،‏ أنّ‏ الملوك العشر المتحالفين مع الوحش سيحاربونه ‏(الرؤيا ص:‏‎١٧‎ ع:‏‎١٤‎‏).‏


٧٤ الشرق الأوسط في نبؤات الكتاب المقدسماذا يجب عليك ان تفعل؟تسلسل النبوءات في الكتاب المقدس طويل و دقيقبشكل غريب.‏ و لا يمكن لأي انسان متابع للأحداثمهما كان عمق رؤياه أن يتنبأ بإتقان بقيام و سقوطالإمبراطوريات و الزعماء و الشعوب كما نراه مروياً‏ فيالكتاب المقدس.‏" أذكروا ما جرى في القديم.‏ أنا الرب و ليس الهآخر،‏ أنا الله و لا اله مثلي.‏ من البداية أنبأت بالنهاية،‏و من القديم بما سيحدث،‏ و قلت مشورتي هيالتي تثبت،‏ و أنا أفعل كل ما أشاء"‏ ‏(أشعيا ص:‏‎٤٦‎ع:‏‎١٠-٩‎‏)‏ للرب وحده القدرة على التنبوء بالغيب والمستقبل،‏ و له وحده ان يصنعه.‏و لكن لماذ يكشف الرب عن المستقبل؟ لماذ يخبرنابما سيحدث؟أحد الأسباب الرئيسية هو ليظهر لنا الحاجة الىالتغيير،‏ فالرب يظهر المستقبل لكل منا على حدةليتيح لنا ان نتوب و نتطهّر و نغير حياتنا الى ما يشاءالله أن تكون،‏ و ليجنبنا عذاب يومه الآخر حين يأتياليوم الذي تتحقق فيه تلك النبوءات.‏ و أنه يخبرنا بماسيأتي ليدفعنا للتغير المنتظر منّا في حياتنا،‏ علىالمستويين الخاص و العام.‏تكشف وقائع الرب مع اليهود و مع بني إسرائيلالقدامى عن حقائق مبينة.‏ فقد بعث نبيه ‏"حزقيال"‏بواقعة بيّنة " قل لهم:‏ حي أنا،‏ يقول السيد الرب،‏لا أكون مسروراً‏ بموتالشرير،‏ لكن بتوبته عن شرهفيحيا.‏ فتوبوا عن طرقكم الشريرة،‏ فلماذا تموتون يابيت إسرائيل ‏"(حزقيال ص:‏‎٣٣‎ ع:‏‎١١‎‏).‏لا يريد الله أن يعاقب احداً.‏ إلا أنه يعرف مثل كلوالد حنون أنه لا بد من درس وعظة مؤلمة لتأدبنا ولتجنيبنا عذاباً‏ أشد ينتظرنا في النهاية إن مضينا فيطريق الذات.‏كما أنّه سنّ‏ لنا القوانين و لخَصَ‏ ها في الوصاياالعشر،‏ و هي التي تعود علينا بالرحمة حين نتبعها،‏لأنها تعلمنا على طريقة حياة ترشدنا الى حب اللهوحب بعضنا البعض ‏(متى ص:‏‎٢٢‎ ع:‏‎٤٠-٣٧‎‏).‏و لهذه القوانين عواقب ستحل اذا خالفناها أوحيدنا عنها.‏ حين نخالف هذه القوانين ستحل بناعواقب مؤلمة تكسرنا.‏ و من المحزن أن قلة قليلة منالناس ترضى أن تتواضع للرب و تدع نفسها تتعلمالدرس.‏من خلال كلمته يكشف الرب عن الوقائع و الأحوالالتي تصيب العالم في آخر الزمان.‏ في مرقس‎١٣‎‏،‏ثلاث مرَات يحذر يسوع أتباعه للإنتباه لإإتجاه الأحداثالتي ستحل قبيل رجوعه وعدم إنزلاقهم روحنيًا وراءالعالم.‏" فكونوا على حذر و إسهروا،‏ لأنكم لا تعرفونمتى يجيء الوقت"‏ ‏(ع:‏‎٣٣‎‏،‏ و قارن أيضا ع:‏‎٣٥،٣٧‎‏).‏واحد من الأسباب التي دعتنا لتهيئة هذا الكتيبو توزيعه مجاناً‏ هو لتوعية الناس وتعريفهم بطبيعةالاحداث حين تبدأ تتكشف.‏في نهاية كتاب دانيال انذار للناس بأنّ‏ الفترة التيستسبق عودة المسيح ستشهد ضيقاً‏ لم يشهد العالممثيلاً‏ له منذ بدء الخليقة حتى ذلك الزمان ‏(دانيالص:‏‎١٢‎ ع:‏‎١‎‏).‏ و ستدرك العالم كوارث لم يشهدمثلها تتعاقب بشكل لا ينتهي.‏التفت الى ما يقوله يسوع المسيح نفسه في وصفالزمان والأوقات التي تمُ‏ ‏َهِد لظهوره:‏ ‏"فستنزل في ذلكالوقت نكبة ما حدث مثلها منذ بدء العالم الى اليوم،‏ولن يحدث ، ولولا أنّ‏ الرب جعل تلك الأيام قصيرة،‏لما نجا أحد منالبشر،‏ و لكن من أجل الذين أختارهمجعل تلك الأيام قصيرة"‏ ‏(متى ص:‏‎٢٤‎ ع:‏‎٢٢-٢١‎‏).‏انه ينبيء أنّ‏ الزمان سيكون صعباً‏ لدرجة أنّ‏ الناسسيكونون في خطر الإنقراض،‏ ونظراً‏ لدقة نبوءاتالكتاب المقدس،‏ لا بد أن تستوقفنا هذه النبوءة وتستحوذ على اهتمامنا.‏


٧٥الحرب والسلام في الشرق الأوسطنبوءات الرب أكيدة.‏ فقد أنبأ بانهيار و سقوطالأمم لسبب خطاياهم،‏ بما فيها العديد من الأمم الرائدةالتي تقود عالمنا اليوم.‏ ماذا عنك عزيزي القاريء؟ هلتكون ضمن تلك الأمم الموعودةبالأندثار؟التفت الى الأخبار السعيدة التي ترد في انذاريسوع المسيح " اكراماً‏ لمن اختارهم الله،‏ لن يصيبالعدم التام كل العالم،‏ فما تزال هناك قلة ممن تؤمن حقابالرب،‏ و هم مستعدون ان يدافعوا بجد و شجاعةعن عقيدتهم،‏ هم مستعدون للتوبة و تغيير حيواتهم،‏و الخضوع لله عارضون عن كل ما عداه،‏ ليسلمواأمرهم له ويتبعوا ربهم الذي وعدهم بكل شيء مقابلطاعته.‏في ذلك الجزء الجميل من الكتاب المقدس يؤكّد اللهلهم " ذاك الذي يتغلَب على نفسه سيرث كل شيء،‏و سأكون ربه و يكون ابني"‏ ‏(رؤيا يوحنا ص:‏‎٢١‎ع:‏‎٧‎‏).‏ إن هذا وعد كريم من خالق الكون و المسكونةبأجمعها.‏و يختتم نفس الجزء بلمحة من المستقبل المدهشالذي يدّخره الله لأولئك الذين قرروا أن يغيروا حياتهم،‏اذ ينتظرهم مستقبل يعيشون فيه مخلدين مع الله ومعابنه يسوع المسيح كجزء من عائلته الخالدة في مملكةالرب...‏ انّه يريدك ان تشاركه في ذلك المستقبل المثير!‏كما يجب علينا أن لا ننسى وعد الله بأن يحميشعبه في هذا العصر الذي تتصاعد فيه الأخطارالعالمية و الكوارث.‏ في رؤيا يوحنا ص:‏‎٣‎ ع:‏‎١٠‎يؤكدالرب ‏"و لأنك صبرت كما أوصيتك،‏ فسأحميك فيساعة المحنة التي ستنقض على العالم كله ليمتحنسكان الأرض"‏ و الرب يعني ما يقوله،‏ و من هم الذين‏ِرفُهم ‏"رؤيا ص:‏ ١٢ ع:‏‎١٤‎‏-‏ ١٧"يعتبرهم شعبه؟ تُعَ‏بالذين يطلق عليهم " الذين يعملون بوصايا الله وعندهم شهادة يسوع المسيح".‏فاذا كنت حقا من المؤمنين بالله و نبوءاته التيتكشف عنها كلماته،‏ و كلمته التي كشفنا عنها بجلاءفي هذا الكتيب و بينّاها لمن يمكن أن يقبلوها،‏ فهل انتمستعد لأن تصوغ حياتك وفقاً‏ للكلمات التي أوحيبها؟ هل يصدق عليك قول يسوع المسيح كما ورد فيلوقا ص:‏‎٤‎ ع:‏‎٤‎ هل تريد ان ‏"تعيش...‏ بكل كلمة منكلمات الله؟"‏اذا كنت تسعى حقا للتوبة و الى أن تنال روح الله وتحافظ على وصاياه فاطلب أو نزّل من الانترنت كتيبناالموسوم"‏ ما هو قدرك؟ و لتغيير حياتك:‏ عملية الهداية،‏و الوصايا العشر".‏و لك أن تطلب أو تنزل كتيباتنا الأخرى من الانترنتعن نبوءات الكتاب المقدس و الموسومة"‏ كتاب المملكةالمقدس"‏ " كشف النقاب عن كتاب الرؤيا"،‏ ‏"يمكنك أنتفهم نبوءات الكتاب المقدس"،‏ ‏"هل نعيش عصر النهاية؟"‏‏"الولايات المتحدة و بريطانيا في نبوءات الكتاب المقدس".‏كل هذه المطبوعات تعينك أن تعمّق فهمك لما ينبيء عنهالرب من قابل الأيام و عن مملكته المقبلة.‏و لك أن تقرأ كل اعداد مجلتنا " الأخبار الطيبة"‏ورسالتنا المجانية ‏"أخبار العالم و النبوءة"‏ لتفهم أخبارالعالم في ضوء نبوءات الكتاب المقدس.‏ كما يسعكان تطلب كتابنا ‏"دورة ميسّ‏ رة لدراسة الكتاب المقدس"‏المجاني علاوة على الدروس الشهرية التي تبحر بك فيمفاهيم و مواضيع و تعاليم الكتاب المقدس.‏ كل ذلكمجاناً‏ من مكاتبنا المؤرشفة نهاية هذا الكتيب أو منموقعنا عل الأنترنت تحت الرابط"http://www.gnmagaz<strong>in</strong>e.org"تتزايد التوترات في منطقة الشرق الأوسط،‏ و لا يلزمالأمر إلا بعض الوقت لتتحقق تلك النبوءات التي جاءبها منذ عصور قديمة الكتاب المقدس،‏ تتحقق لتهز العالمبرمته.‏ و لكنك ستجد الأمان في هذا العصر المضطربالخطر،‏ ستجد الأمان إذا كنت تؤمن حقاً‏ و أنت مستعدفعلاًلتعمل على تعزيز عقيدتك.‏و لنستمع الى نصح أشعيا ص:‏‎٥٥‎ ع:‏‎٧-٦‎ " أطلبواالرب ما دام يوجد،‏ أدعوه ما دام قريباً.‏ إن تخلى الشريرعن طريقه و فاعل الأثم عن أفكاره،‏ و تاب الى الربفيرحمه،‏ و الى إلهنا فيغمره بعفوه".‏


٧٦ الشرق الأوسط في نبؤات الكتاب المقدسو في رؤيا يوحنا ص:‏‎١٦‎ ع:‏‎١٦‎ نقرأ أنّ‏ الجيوش ستجَ‏ مع في المكان المدعو بالعبرية‏"هارمجيدون"‏ و تعني بالأغريقية جبل أو هضبة ‏"مجيدو"،‏ و هي مدينة قديمة تبعد ٥٥ ميلاً‏عن أورشليم و ١٥ ميلاً‏ عن ساحل البحر الأبيض المتوسط و تطل على وادي ‏"جيزريل"‏ و‏"ايسدرالون"‏ السهل الكبير الفسيح.‏و مع ذلك فأن المعركة الحاسمة لن تقع هناك ، بل يبدو أن هذا سيكون م س رح إعدادالجيوش التي ستخوض حربها الأخيرة مع ي س وع المسيح.‏ و ستقع المعركة في وادي‏"يهوشافاط"‏ قرب أورشليم،‏ كما أشارت النبوءة في يوئيل ٣ ‏"أنظروا،‏ في ذلك الزمان و فيذلك اليوم،‏ حين أعيد أسرى يهوذا و أورشليم،‏ سأجمع أيضاً‏ كل الأمم و آتي بها الى وادي‏"يهوشافاط"...تجمعي وتعالي أيتها الشعوب ، لأني سأجلس هناك و أحكم بشأن الأممالمجاورة ‏(يوئيل ص:‏‎١‎ ع:‏‎٢-١‎‏،‏ ١١-١٢) بل أنّ‏ كلمة ‏"يهوشافاط ‏"تعني"‏ حكم الرب المطلق".‏في رؤيا يوحنا ص:‏‎١٩‎ ع:‏‎١٦-١١‎ كُشِ‏ فَ‏ عما سيحدث لاحقاً‏ ‏"فرأيت السماء مفتوحة،‏و إذا فرس أبيض و عليها راكب يدعى الأمين و الصادق،‏ يحكم و يحارب بالعدل،‏ عيناهكلهيب نار و على رأسه تيجان كثيرة..."‏ هذا هو وصف عودة ي س وع المسيح الذي سينجزحكم الله في عالم عاق عاص غريق بالخطايا و على من يقاومون عودته بالقوة.‏‏"و عليه اسم مكتوب لا يعرفه احد سواه و هو يلبس ثوبا مغموسا بالدم و اسمه كلمةالله.‏ و كانت تتبعه على خيل بيض جنود السماء لابسين كتاناً‏ أبيض نقياً،‏ و يخ رج منفمه سيف مسنون ليضرب به الأمم،‏ ‏....و كان إسم مكتوباً‏ على رداءه و فخذه ‏(ملك الملوكو رَب الأرباب)".‏و تمضي آيات أخرى في وصف ما سيصيب القوات المتحالفة لقتال ي س وع المسيحالعائد ‏(زكريا ص:‏‎١٤‎ ع:‏‎١٢‎‏،‏ ١٧-١٨، ٢١). و لكن كما في كل عصيان للرب و خروج علىخططه و مقاصده،‏ سيخيب سعي هؤلاء.‏السلام أخ ي راً‏بعد كل ذلك الدمار و الموت،‏ و بعد قرون من الحرب و عدم الإستقرار في الشرقالأوسط،‏ تخيل أي فرق ستحدثه عودة ي س وع المسيح الثانية في المنطقة.‏لا يشترك اليهود و المسيحيون و المسلمون بجد واحد هو إبراهيم فحسب،‏ بل أن أتباعالديانات الثلاث ينتظرون مخلصاً‏ كل حسب طريقته.‏و لن يتعايش أتباع الديانات الثلاث بصفاء الا بعد ظهور المخلص الأوحد الحق.‏ و هكذاسيتجردون عن خلافاتهم الدينية و يُقدِ‏ روا روابط الدم التي تجمعهم و يجتمعوا للعملتحت راية ي س وع المسيح العائد ليحلوا مشكلاتهم.‏في ‏(حجي ص:‏‎٢‎ ع:‏‎٧-٦‎‏)‏ نقرأ نبؤات هذا الزمان ‏"فأنا الرب القدير أقول أني مرة بعد،‏عن قريب،‏ أزلزل السماء و الأرض و البحر و البر،‏ و أزلزل جميع الأمم فتأتي كنوزها لتملأ


٧٧الحرب والسلام في الشرق الأوسطسكوت آشليهذا البيت مجداً"‏ كنوز الأمم هنا كناية عن المُخَ‏ لِّص الموعود،‏ أمل الأديان الثلاثة.‏و كما و صف في أشعياء ص:‏‎٩‎ ع:‏‎٦‎ فإن ي س وع المسيح سيقيم مملكته على الأرضو عاصمتها أورشليم.‏ ‏"و في الآتي من الأيام يكون جبل ‏(في النبؤات يعني ‏"حكم أوحكومة")‏ بيت الرب فيرأس كل الجبال ‏(فوق كلحكومات الأرض)،‏ يرتفع فوقالتلال وتجري اليه الشعوبيقول أمم كثيرون لنصعدالى جبل الرب،‏ الى بيتاله يعقوب حيث الرب يريناطرقه فنسلك فيها جميعا".‏فمن صهيون تخ رج الشريعةو من أورشليم كلمة الرب"‏موقع ‏"مجيدو الأثري-‏ وهي هارمجيدون التي ورد ذكرها في الكتابالمقدس-‏ تطل على وادي جيرزيل الفسيح ، وهي المكان المحتمل لتحشدالقوات التي ستقاتل المسيح عند ظهوره ثانية.‏‏(ميخا ص:‏‎٤‎ ع:‏‎٢-١‎‏)‏وسينال أحفاد ابراهيم‏–عرباً‏ و يهوداً‏ و إسرائيليينجنباً‏ الى جنب مع سائرسكان العالم فرصة معرفة حقيقة الرب و يحصلوا على عطاياه و يحرزوا خلاصه.‏ لنيحاربوا بعضهم البعض بعد ذلك،‏ بل إنهم سيكونوا حلفاء يتعاونون ب روح السلام والأخوة،‏ كلهم يقرون بحقيقة الله و كلهم يتبعون وصاياه،‏ لينالوا رحمته ‏(أشعياء ص:‏‎١٩‎ع:‏‎٢٥-٢٠‎‏).‏ لمعرفة المزيد عن ذاك الزمان و أحواله أطلب أو نزّل من الانترنت كتيبنا الموسوم‏(كتاب المملكة المقدس).‏أما إبليس الشيطان المسؤول عن إشعال كل تلك الحروب و المآسي و الذي يفرضتأثيره على الأحداث من خلف الكواليس فسَ‏ يُحْ‏ جَ‏ ب عن المشهد حينذاك و لن يعود بوسعهأن يخدع الأمم و يظلها ‏(الرؤيا ص:‏‎١٢‎ ع:‏‎٩‎‏،‏ ص:‏‎٢٠‎ ع:‏‎٣-١‎‏).‏ لمعرفة المزيد عن هذاالكيان الشرير أطلب أو نزل مجانا من الانترنت كتابنا الموسوم ‏(هل هناك حقاً‏ أبليس؟).‏في ظل حكم المسيح العادل سيسود الأرض المعذبة طويلاً‏ السلام لا الحرب.‏‏"يحكم بين شعوب كثيرين و يؤدب الأمم الأقوياء البعيدين منهم و القريبين فيضربونسيوفهم سككا و رماحهم مناجل،‏ فلا ترفع أمة على أمة سيفاً‏ و لا يتعلمون الحرب منبعد.‏ و يقيم كل واحد تحت كرمته و تحت تينته و لا من يرعبه فم الرب القدير تكلم"‏‏(ميخا ص:‏‎٤‎ ع:‏‎٤-٣‎‏).‏اما أورشليم التي أر َّقَها و مَ‏ زقَها الرعب على مدى الأيام فلن تعود خائفة كما يقول


٧٨ الشرق الأوسط في نبؤات الكتاب المقدسالرب.‏ و هذا قول الرب:‏ ‏"سأرجع الى صهيون و أسكن في وسط أورشليم،‏ فتُدعى أورشليممدينة الحق،‏ جبل الرب القدير،‏ الجبل المقدس....‏ يعود الشيوخ و العجائز يجلسون فيساحات أورشليم،‏ و كل واحد بيده عصاه من كثرة أيامه،‏ و تمتلئ أرجاء المدينة بنين وبناتيلعبون في رحابها".‏‏(زكريا ص:‏‎٨‎ ع:‏‎٥-٣‎‏)‏و يضيف في‏(زكريا ص‎١٤‎ ع:‏‎٩-٨‎‏)‏الى الصورة الجميلةللعالم وللمستقبلالزاهر المشرق المقبل:‏” و تخ رج فيذلك اليوم مياه حيةمن أورشليم نصفهاالى البحر الشرقيو نصفها الى البحربعد الموت و الدمار و قرون من الح رب و القلاقل في الش رق الأوسط،‏ تخيل ماذاسيحدث في الظهور الثاني ل ي س وع المسيح.‏الغربي،‏ و تدوم صيفاً‏ و شتاءً،‏ و يكون الرب ملكاً‏ على الأرض كلها“.‏و في النهاية،‏ و بعد الظلام و الحزن و بعد آلاف السنين من الحرب و الغربة سيرى بنوآدم السلام في أورشليم و في الأرض التي وهبها الله لإبراهيم قبل ٤٠٠٠ عام،‏ و هو سلامسيمتد الى كل الشرق الأوسط ليغمر بعدها العالم بأسره.‏أي ستوك فوتوAME/0510/1.0


If You’d Like to Know More...Who we are: This publication is provided free of charge by the United Churchof God, an International Association, which has m<strong>in</strong>isters and congregationsthroughout much of the world.We trace our orig<strong>in</strong>s to the Churchthat Jesus founded <strong>in</strong> the early firstcentury. We follow the same teach<strong>in</strong>gs,doctr<strong>in</strong>es and practices establishedthen. Our commission is toproclaim the gospel of the com<strong>in</strong>gK<strong>in</strong>g dom of God to all the worldas a witness and to teach all nationsto observe what Christ commanded(Matthew 24:14; 28:19-20).Free of charge: Jesus Christ said, “Freely you have received, freely give”(Mat thew 10:8). <strong>The</strong> United Church of God offers this and other publicationsfree of charge as an educational ser-vice<strong>in</strong> the public <strong>in</strong>terest. We <strong>in</strong>vite youto request your free subscriptionto <strong>The</strong> Good News magaz<strong>in</strong>e andto enroll <strong>in</strong> our 12-lesson <strong>Bible</strong> StudyCourse, also free of charge.We are grateful for the generoustithes and offer<strong>in</strong>gs of the membersof the Church and other supporterswho voluntarily contribute to support this work. We do not solicit the generalpublic for funds. However, contributions to help us share this message of hopewith others are welcomed. All funds are audited annually by an <strong>in</strong>dependentaccount<strong>in</strong>g firm.Personal counsel available: Jesus commanded His followers to feed Hissheep (John 21:15-17). To help fulfill this command, the United Church ofGod has congregations around the world. In these congregations believersassemble to be <strong>in</strong>structed from the Scriptures and to fellowship.<strong>The</strong> United Church of God is committed to understand<strong>in</strong>g and practic<strong>in</strong>gNew Testament Christianity. We desire to share God’s way of life with thosewho earnestly seek to follow our Savior, Jesus Christ.Our m<strong>in</strong>isters are available to counsel, answerquestions and expla<strong>in</strong> the <strong>Bible</strong>. If you would like tocontact a m<strong>in</strong>ister or visit one of our congregations,please feel free to contact our office nearest you.For additional <strong>in</strong>formation: Visit our Web sitewww.gnmagaz<strong>in</strong>e.org to download or request anyof our publications, <strong>in</strong>clud<strong>in</strong>g issues of <strong>The</strong> Good News,dozens of free booklets and much more.


AME/0510/1.0

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!