03.02.2016 Views

1452901579

Create successful ePaper yourself

Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.

الرشيد 9<br />

AL-rasheed<br />

تتمات<br />

السنة الثالثة العدد )71( السبت /2016 /1 16<br />

قصة ‏)عيزرا ناجي زلخا(..‏ الجاسوس اليهودي الذي قتل طيارا عراقيا لرفضه التعامل مع اسرائيل..!‏<br />

وما أشبه اليوم بالبارحة<br />

اليهود العراقيين يصلون الى أسرائيل<br />

فبوشا التاجر املتوسط الحال،‏ وقع<br />

منذ زمن يف رشك الجاسوسية،‏ وانضم<br />

إلحدى الخاليا الرسية التي تعمل لصالح<br />

إرسائيل.‏ وكانت مهمته جمع املعلومات<br />

عن فقراء اليهود يف األحياء الشعبية،‏<br />

ظروفهم املعيشية،‏ وأعدادهم،‏ وتعليمهم،‏<br />

وحرفهم،‏ واتجاهات الرأي عندهم يف<br />

مسألة الهجرة.‏ فكان لذلك يكثف من<br />

زياراته لألحياء اليهودية ليكتب تقاريره<br />

عنهم.‏ ويرتدد عىل القبور لتصيد األخبار<br />

من أفواه املكلومني،‏ دون أن تعلم ابنته<br />

بنشاطه التجسيس،‏ أو يحاول هو جرها<br />

اىل العمل معه..‏ ذهب عيزرا مطمئناً‏<br />

اىل صديقه الجديد بوشا الذي استقبله<br />

برتحاب كبري،‏ وصارحه بأنه مغتبط<br />

لوفائه العظيم لزوجته الراحلة مثله.‏<br />

ويقع عزرا يف حب ‏)روان(‏ ابنة بوشا،‏ لكن<br />

مهر روان كان كبريا جدا عىل مدخول<br />

عزرا..‏ لكن بوشا وافق أن يكتب له عزرا<br />

صكا بثمانية آالف دينار عراقي عىل<br />

رشط.!!..‏ سأله عيزرا عن رشطه األخري،‏<br />

فعرض عليه مساعدته يف إقناع من<br />

يعرفهم من اليهود للهجرة اىل إرسائيل،‏<br />

فإن تحديد موعد زواجهما مرهون<br />

بمدى ما يبذله من جهد يف هذا املجال..‏<br />

وافق عيزرا عىل الفور طاملا أزيلت عثرة<br />

املهر،‏ أما مسألة هجرة اليهود فذاك أمر<br />

واجب وال يعد تضحية يف نظره.‏ فالدولة<br />

اليهودية كانت عرب إذاعتها العربية،‏ تبث<br />

دعايتها ليل نهار بأحقية يهود العالم<br />

يف أرض امليعاد.‏ وهو كيهودي تمنى أن<br />

يسافر إلرسائيل لرياها فقط قبل أن يقرر.‏<br />

فالدعاية املضادة يف اإلعالم العربي،‏ كانت<br />

تصف إرسائيل أنها دولة اإلرهاب واملذابح،‏<br />

وتصور الحياة بها كأنها الجحيم،‏ وتنرش<br />

الكثري من الحوادث املؤسفة،‏ تفضح<br />

إدعاءات إرسائيل التي واجهت كل ذلك<br />

بالرفض واالستنكار،‏ متهمة اإلعالم<br />

العربي بأنه يكذب،‏ ويدعي،‏ ويتحايل،‏<br />

لخداع اليهود،‏ والكذب عليهم ليحجموا<br />

عن الهجرة.‏<br />

كانت الحرب الدعائية دائماً‏ يف حالة غليان<br />

ال يتوقف.‏ وكان إيمان عيزرا ناجي زلخا<br />

بقضية الوطن – إرسائيل – مزعزعاً.‏<br />

فهو ما عرف سوى العرق وطناً..‏ آمناً،‏<br />

يضم عرشات اآلالف من اليهود عىل<br />

أرضه،‏ وينعمون جميعاً‏ بالحرية واألمن.‏<br />

وتساءل:‏ ملا ال تكون إرسائيل صادقة<br />

فيما تدعيه؟ أن اليهود عاشوا عىل أرض<br />

فلسطني منذ آالف السنني،‏ ولهم حق<br />

تاريخي يف فلسطني.‏ فلماذا يحاربهم<br />

العرب؟..‏ ثم ماذا سيخرس ليكسب<br />

روان..؟..‏ إن مجرد ‏“إقناع”‏ بعض اليهود<br />

بالهجرة ليس باألمر الصعب.‏ فالفقراء<br />

الذين سيتكلم معهم،‏ يحسون بالضيق<br />

لسوء أحوالهم املعيشية،‏ وقد يروا يف<br />

الهجرة مخرجاً‏ لهم من أزمتهم.‏ إذن..‏<br />

ماذا سيخرس؟.‏<br />

هكذا استطاع بوشا اصطياد عميل<br />

جديد للموساد،‏ يعمل ‏“مجاناً”‏ عن<br />

قناعة..‏ واثقاً‏ من إخالصه للعمل،‏ لكي<br />

يفوز بابنته الرائعة بعد ذلك..!!..‏ يف تلك<br />

الفرتة التي تأهب فيها عيزرا للعمل..‏<br />

حدث انقالب كبري عىل الساحة العربية.‏<br />

إذ وقع العدوان الثالثي عىل مرص عام<br />

1956، واحتلت إرسائيل شبه جزيرة<br />

سيناء،‏ وبتدخل الواليات املتحدة انسحبت<br />

الجيوش املعتدية..‏ كان احتالل سيناء<br />

أمراً‏ مدهشاً‏ لليهود العرب،‏ فقد ارتابوا<br />

كثرياً‏ من قبل يف قدرة الجيش االرسائييل<br />

عىل مواجهة الجيوش العربية،‏ وتراجعوا<br />

عن فكرة الهجرة،‏ ثقة يف القوة الرادعة<br />

العربية.‏ أما وقد حدث العدوان واحتالل<br />

سيناء ثم االنسحاب – فقد اهتزت<br />

الصور..‏ واعتقد أكثر اليهود فهماً‏ ألمور<br />

السياسة،‏ أن العرب فوجئوا بالقوة<br />

العسكرية اإلرسائيلية..‏ وهم بال شك<br />

يستعدون،‏ ويتحينون الفرصة املناسبة<br />

لرضب إرسائيل والقضاء عليها بعدما<br />

أضحت خطراً‏ عىل املنطقة كلها..‏ هذا<br />

الرأي انترش كانتشار النار يف الهشيم<br />

بني اليهود العرب يف سائر األقطار.‏ وبدالً‏<br />

من الثقة يف القدرة اليهودية،‏ انعكس<br />

األمر،‏ وتحول احتالل سيناء اىل نكسة<br />

مدمرة السرتاتيجية إرسائيل السياسية<br />

والعسكرية..‏ فرتاجع أكثر اليهود عن<br />

رأيهم،‏ وبالتايل..‏ أخفقت محاوالت كثرية<br />

للتأثري عىل اليهود وحثهم عىل الهجرة..‏<br />

لهذا تعمدت املخابرات االرسائيلية إذاعة<br />

حديث إبراهام دار بطل عملية ‏“توشيا”‏<br />

وهي أجرأ عملية قام بها بتهريب 65<br />

يهودياً‏ من بورسعيد إبان العدوان الثالثي<br />

– وكان املقصود بإذاعة حديثه عرب<br />

الراديو لعدة أيام مغزى مخابراتي.‏<br />

واكب ذلك مقتل تاجر يهودي عراقي بيد<br />

لصني اقتحما داره..‏ وأشاع عمالء املوساد<br />

أن العملية مدبرة لبث الرعب يف قلوب<br />

اليهود..‏ انتهز بوشا حادث مقتل اليهودي<br />

إلثارة حمية عيزرا..‏ وتهيئة املناخ النفيس<br />

إليقاظ حماسته.‏ فانفعل عيزرا بغريزته<br />

كيهودي حامل لفريوس الخيانة،‏ وأخلص<br />

كثرياً‏ يف عمله..‏ وإن هي إال شهور قليلة<br />

حتى كان رصيده اثنتي عرشة أرسة<br />

يهودية،‏ تمكن من إقناعها بالهرب اىل<br />

إيران..‏ ومنها اىل إرسائيل،‏ ورحلة الهرب<br />

كثرياً‏ ما كانت تبدأ من الشمال<br />

بالطبع لم يكن من السهل عىل املوساد<br />

أن تسحب عيزرا بعدما اتقن عمله<br />

وأجاده بحرفية عظيمة..‏ فعملية سحب<br />

العمالء تخضع لحسابات معقدة أهمها<br />

أن تصل درجة ثقة العميل يف نفسه اىل<br />

حد الغرور..‏ مما قد يوقعه يف خطأ فادح<br />

يكشفه،‏ نتيجة الثقة الزائدة يف قدراته،‏<br />

واالستخفاف بقدرات رجال األمن يف<br />

القطر الذي زرع فيه.‏ لم يصل عيزرا اىل<br />

حد الخوف عليه بعد.‏ فاملنتظر منه ال<br />

زال آتٍ‏ بالطريق..‏ وال بد من استغالله و<br />

‏“استهالكه”‏ قبل اإلذن له بالتوقف،‏ أو<br />

السماح له باملغادرة.‏<br />

جاءه الرد كما كان متوقعاً..‏ فحزن<br />

كثرياً‏ ألجل روان،‏ وتملكه الزهو عندما<br />

أعلم بأنه منح رتبة عسكرية يف الجيش<br />

االرسائييل،‏ تضمن له وألرسته معاشاً‏<br />

محرتماً‏ عندما ينتهي من مهمته ويفر<br />

اىل إرسائيل.‏ وأخضع لدورة تدريبية<br />

جديدة لتعلم كيفية استعمال الالسلكي<br />

يف اإلرسال بعدما سلموه جهازاً‏ السلكياً‏<br />

متطوراً..‏ وال يمكن رصده بأجهزة تتبع<br />

الذبذبات التي لم تكن موجودة أصالً‏<br />

بالعراق..‏ بذلك وثق عيزرا يف أهمية دوره<br />

لخدمة مصالح إرسائيل يف العراق،‏ فطور<br />

كثرياً‏ من مهامه التجسسية لتشمل جمع<br />

التقارير املهمة التي يحصل عليها من<br />

عمله يف وزارة التجارة..‏ أيضاً‏ نجح يف<br />

تنمية عالقاته ببعض املسؤولني،‏ وطلب<br />

اإلذن بتجنيد ما يراه منهم فلم يأذنوا له.‏<br />

وبقدر ذهول مرؤوسيه يف املوساد ملهارته<br />

يف البث الالسلكي..‏ أذهلهم أكثر تغلغله<br />

داخل فئات املجتمع وإرسال تقارير<br />

غاية يف األهمية عن االقتصاد والزراعة..‏<br />

وأصبحت املعلومات التي يبثها اىل تل أبيب<br />

تقيم يف الفئة ‏)أ(‏ التي تستحق عن جدارة<br />

مكافآت مالية ضخمة اتخمت بها جيوبه<br />

وبدلت نظام حياته وإنفاقه.‏<br />

أشفق عيزرا عىل حال روان التي انزوت بني<br />

همومها بسبب حنينها اىل طفل.‏ فعرض<br />

عليها من باب ‏“التسلية”‏ مشاركته..‏<br />

أيضاً..‏ طمعاً‏ يف املزيد من أموال املوساد،‏<br />

وكان املطلوب منها أن تبدي بشاشة<br />

ملوظف بوزارة الخارجية صادقه أخرياً..‏<br />

بدت املهمة صعبة يف البداية،‏ فهي لم<br />

تعرف بعد حدود تلك البشاشة،‏ إذ ترك لها<br />

تقدير املوقف بنفسها..‏ وهذا يعد إذناً‏ لها<br />

بأن تميش يف الطريق اىل نهايته.‏<br />

وبسهولة شديدة أوقعت ‏)روان(‏ املوظف<br />

املسيحي يف حبائلها..‏ فأوهمته بأنها<br />

تحبه،‏ وبأنها أصبحت ال تفكر بالهرب<br />

اىل إرسائيل من أجل أن تظل اىل جانبه..‏<br />

انزعج ‏“كامل”‏ عند سماع اسم ‏“إرسائيل”‏<br />

ولكي تذهب عقله وتشل تفكريه،‏<br />

أسلمت له نفسها..‏ فأعلنها ‏)كامل(‏<br />

رصيحة بأنه معها يف أي مكان..‏ ولو يف<br />

إرسائيل..‏ وملا تأكدت من إتمام سيطرتها<br />

عليه طلبت منه الثمن.‏ . ثمن دخولهما<br />

إرسائيل..‏ فتدفقت الوثائق والتقارير من<br />

أرشيف الوزارة الرسي..‏ وكلما سلمها<br />

عرشات الوثائق الخطرية ادعت بسخرية<br />

تفاهتها..‏ ومرت بهما األيام وقل حديثها<br />

عن الحب والهرب..‏ إذ شغل الحديث عن<br />

مغامراته لجلب الوثائق كل املساحة<br />

بينهما..‏ لقد أدرك كامل بأنه وقع ألذنيه<br />

يف برئ الخيانة..‏ فانغمس غصباً‏ عنه ال<br />

يستطيع الرتاجع أو الخالص..‏ واستلذت<br />

روان اللعبة واملغامرة،‏ والقتل بسالح<br />

أنوثتها،‏ إنها لعبة مثرية تريض غرورها..‏<br />

وتبعدها عن التفكري يف اإلنجاب.‏<br />

فانساقت يف الطريق وقد استهواها العمل<br />

واستغرقها.‏<br />

أما عيزرا فلم يضيع وقتاً‏ طويالً‏ يف الثناء<br />

عىل رشيكته الجديدة.‏ إذ كلفها باصطياد<br />

مالزم أول مطار بغداد مغرور ببزته<br />

الرسمية وبالسيارة الحكومية التي تذهب<br />

به وتجيئه كل يوم..‏ وألنه يسكن باملنزل<br />

املواجه..‏ كان األمر هيناً‏ جداً..‏ عندما<br />

أشهرت روان أسلحتها األنوثية الفتاكة يف<br />

وجهه،‏ فاستسلم..‏ وتقرب اىل عيزرا الذي<br />

هيأ له املناخ الصحي للسقوط..‏ فسقط<br />

الشاب الصغري بال تفكري..‏ وتدفقت<br />

من خالله املعلومات األكثر رسية عن<br />

املطار،‏ وطائرات الشحن املحملة باملعدات<br />

العسكرية،‏ التي تفرغها بداخل حظائر<br />

خاصة تخضع إلجراءات أمنية صعبة،‏<br />

وكذا،‏ وأعداد الخرباء السوفييت والتشيك<br />

الذين يتوافدون ويغادرون،‏ والرحالت<br />

الرسية لطائرة الرئاسة.‏<br />

معلومات أشد سخونة كان يبثها عيزرا<br />

فتثري شهية اإلرسائيليني..‏ وتدهشهم<br />

جرأة عميلهم الذي امتلك قلباً‏ من فوالذ..‏<br />

ال يقهره خوف..‏ أو يرتجف رعباً‏ إذا ما قرأ<br />

بالصحف العراقية عن سقوط جواسيس<br />

للموساد أو إعدامهم.‏ كانت التحذيرات<br />

تجيئه آمرة إياه بأال يقرأ تلك األخبار<br />

‏“الكاذبة”‏ التي يروجها العراقيون.‏ لكنه<br />

لم يكن يأبه لتلك املخاوف،‏ بل كان يقرأ<br />

ليستفيد من األخطاء التي أدت لسقوط<br />

الجواسيس،‏ فيتجنبها،‏ وتتضاعف بذلك<br />

خرباته..‏ وثروته..‏ بفضل حسه األمني..‏<br />

وباملعلومات الثمينة التي يحصل عليها<br />

بفضل جسد زوجته.‏ خاصة وقد أخربهم<br />

بأمر انضمامها اىل العمل..‏ وقدراتها<br />

الفائقة عىل السيطرة وتجنيد عمالء<br />

جدد.‏ فكان ردهم بأنهم يقدرون ذلك..‏<br />

وأن روان قد تم منحها هي األخرى رتبة<br />

مالزم أول يف جيش الدفاع اإلرسائييل..‏<br />

تقديراً‏ لتعاونها املرشف..!!‏<br />

وألسبابا أمنية بحتة..‏ اشرتى عيزرا منزالً‏<br />

جديداً‏ من طابق واحد يف حي الكاظمية..‏<br />

كان باملنزل حديقة خلفية ذات أشجار<br />

كثيفة..‏ وباب يؤدي اىل منطقة مهجورة<br />

مليئة باألحراش..‏ وبواسطة تلسكوب<br />

مكرب كان ‏“يمسح”‏ املنطقة املحيطة<br />

املؤدية اىل منزله قبل خروجه..‏ أو قبل<br />

زيارة عميل مهم..‏ هذا املنزل تحول<br />

اىل غرفة عمليات خطرية..‏ وتتم فيه<br />

عملية السيطرة عىل من يراد تجنيدهم..‏<br />

وخالل ثالث سنوات من انخراط روان يف<br />

الجاسوسية..‏ استطاعت وحدها تجنيد<br />

ثالثة عرش موظفاً‏ عاماً‏ يف مواقع مهمة.‏<br />

أربعة منهم ضباط برتب مختلفة يف<br />

الجيش العراقي..‏ وضابط بأمن املطار..‏<br />

وستة آخرين يشغلون مناصب إدارية<br />

بالوزارات املختلفة.‏ جميعهم سقطوا يف<br />

قبضة روان بفضل لغة الجسد واإلثارة.‏<br />

وتدفقت بواسطتهم أرسار العراق أوالً‏<br />

بأول اىل إرسائيل..‏<br />

وحدث أن نصبت روان شباكها حول<br />

طبيب بالجيش يحمل رتبة نقيب..‏ وكانت<br />

خطة استدراجه بواسطة أحد العمالء<br />

لتوقيع الكشف عىل زوجها.‏ وملا جاء<br />

الطبيب األعزب تسمر مكانه..‏ ولم يصدق<br />

النقيب الطبيب ‏)حسني عيل عبد الله(‏ أنه<br />

بني أحضان جاسوسة محرتفة،‏ يف وكر<br />

للجواسيس،‏ فانتفض وقام فزعاً‏ يرتدي<br />

مالبسه ويتوعدها بمصري مظلم.‏ هددته<br />

بتسجيالته الجنسية معها فرد عليها بأنه<br />

رجل وال عار عليه فهي تؤكد رجولته.‏<br />

هددته ثانية بما تفوه به يف السياسة<br />

والعسكرية وأن مستقبله بيدها.‏ فبصق<br />

عليها قائالً‏ إنهم سيكافئوه بالرتقية<br />

ألنه سلمهم جاسوسة إرسائيلية.‏<br />

وهجم عليها محاوالً‏ تكبيلها واقتيادها<br />

للسلطات،‏ لكنه فوجئ بعيزرا أمامه<br />

يشهر مسدسه..‏ أحس بخطئه الكبري<br />

كرجل عسكري،‏ فقد كان يجب عليه<br />

مسايرتها حتى يخرج من بيت األفاعي.‏<br />

لكنه ‏“كان يعتقد”‏ أنهما بمفردهما..‏<br />

لم يرتك له عيزرا فرصة للتعامل معه.‏ بل<br />

انطلقت الرصاصات اىل رأسه،‏ وتناثرت<br />

شظايا عظام جمجمته عىل جدران<br />

الغرفة..‏ وظال طوال الليل يحفران قربه<br />

يف الحديقة الخلفية..‏ ثم أهاال الرتاب فوق<br />

الجثة..‏ وانكمشت روان يفتك بها الهلع..‏<br />

فهي تنام بني أحضان قاتل..‏ وعىل بعد<br />

خطوة من فراشها..‏ يرقد قتيل.‏<br />

حلت الكآبة بالحية تفتت عقلها..‏ لكن<br />

الثعبان السام لم يكن ليستسلم..‏ فاملجد<br />

ينتظره يف إرسائيل..‏ وهو اآلن يصنع<br />

تاريخه..‏ ومىض الجاسوس الداهية يف<br />

طريقه قدماً‏ تحفه الثقة ويملؤه الغرور.‏<br />

تسع سنوات كان ال يكل وال يخاف..‏<br />

وأعوانه منترشون يف كل مؤسسات<br />

العراق الحيوية..‏ يمدونه بما يذهل<br />

اإلرسائيليني من معلومات عن أحشاء<br />

العراق،‏ ورشايني الحياة املختلفة به..‏<br />

ويف رسالة التكليف التي تلقاها بواسطة<br />

الراديو..‏ كان األمر مختلفاً‏ عليه.‏ فقد<br />

كان املطلوب تجنيد طيار عسكري عراقي<br />

– وبأي ثمن – يقبل الفرار بطائرته<br />

الحربية ميج 21 اىل إرسائيل.‏ بدأ عيزرا<br />

رحلة البحث عن طيار خائن..‏ ومن خالل<br />

الخونة العسكريني أعضاء شبكته،‏ تعرف<br />

عيزرا – بشكل يبدو عفوياً‏ – بالنقيب<br />

طيار ‏)شاكر محمود يوسف(،‏ املولود يف<br />

‏“محلة حسن جديد باشا”‏ عام 1936،<br />

وسبق له أن التحق بدورات تدريبية يف<br />

موسكو ولندن لزيادة كفاءته كطيار<br />

للميج 21 القتالية االعرتاضية التي ترعب<br />

إرسائيل..‏ التقى به عيزرا وزوجته يف<br />

إحدى الحفالت..‏ وحاولت روان بأسلحتها<br />

األنثوية الطاغية أن تلفت انتباهه لكنه<br />

تجاهلها..‏ لكن عيزرا فاجأها ذات مساء<br />

حينما جاء وبرفقته شاكر،‏ وأخربها بأن<br />

الطيار الشاب تجاهلها يف الحفل لوجود<br />

زوجته معه،‏ وأن ‏“الوسيط”‏ استدرج<br />

شاكر ورأى منه الرغبة يف التعرف اليها..‏<br />

فتظاهر بمصاحبته وبدأت االتصاالت<br />

بينهما.‏<br />

وما كادت روان تسرتجع من جديد<br />

ثقتها يف جاذبيتها وسحرها..‏ وتوشك أن<br />

تسيطر عىل أعصاب الطيار الولهان،‏ حتى<br />

سافر فجأة اىل أمريكا للحصول عىل دورة<br />

يف ‏“قيادة التشكيل”‏ يف تكساس..‏ هناك<br />

تولت املخابرات املركزية أمره..‏ فدفعت<br />

بحية أخرى يف طريقه..‏ جيء بها خصيصاً‏<br />

عىل وجه الرسعة من النمسا حيث تعمل<br />

كممرضة باملستشفى األمريكي بفيينا..‏<br />

إنها ‏“كروثر هلكر”..‏ فاتنة الحسن<br />

طاغية الجمال..‏ عملت كمرشفة يف نادي<br />

الطيارين الرشقيني يف قاعدة التدريب<br />

الجوية بتكساس..‏ ونصبت شباكها حول<br />

شاكر يوسف فوقع يف حبائلها ال حول<br />

له وال قوة.‏ كان يريدها عشيقة مؤقتة<br />

بأمريكا،‏ بينما كانت تريده زوجاً‏ لتكتمل<br />

الخطة..‏<br />

رفض رغبتها بالطبع ألنه متزوج ويحب<br />

زوجته!!..‏ لكنها لم تيأس..‏ وظلت<br />

تحاول..‏ مرات ومرات اىل أن فشلت..‏<br />

ووضح جيداً‏ جهل املوساد و اليس اي<br />

اي ، فالعسكريون العرب محظور<br />

عليهم الزواج بأجنبيات..‏ لكن تملكت<br />

االرسائيليني واألمريكان رغبة عارمة يف<br />

السيطرة عليه وتجنيده..‏ ليهديهم رس<br />

أرسار الطائرة السوفييتية اللغز..‏ وملا<br />

عاد اىل بغداد دون أن يحقق حلمهم..‏<br />

طارت كروثر خلفه ونزلت بفندق بغداد<br />

الدويل واتصلت به..‏ وألنها حرضت ألجله<br />

– تحرج كرشقي – واستأجر لها شقة<br />

مفروشة بمنطقة الكرادة الرشقية تطل<br />

عىل نهر دجلة.‏ وأخذ يرتدد عليها خفية،‏<br />

محاوالً‏ إقناعها بالعودة ألنه متزوج<br />

ويعول طفالً‏ فلم تنصت اليه..‏ وعندما<br />

حدثته عن ‏“منظمة السالم العاملي”‏<br />

املهتمة بنرش السالم حول العالم،‏ رصخ<br />

فيها وهددها بأن تسافر فوراً‏ خارج<br />

العراق،‏ وإال فهو مضطر إلبالغ السلطات<br />

بسعيها لتجنيده لصالح جهات أجنبية.‏<br />

عند ذلك وألنها تحمل ترصيحاً‏ بالقتل،‏<br />

رأت أنه ال بد من تصفيته يف أرسع وقت<br />

خشية افتضاح األمر.‏ وتنكشف بذلك<br />

نوايا األمريكيني واإلرسائيليني،‏ فيمنع<br />

الطيارون الذين أوفدوا يف بعثات للخارج<br />

من قيادة امليج 21، وصدرت األوامر<br />

لعيزرا ناجي زلخا بالتخلص من النقيب<br />

الطيار شاكر يوسف.‏<br />

وهنا قد يتساءل البعض..‏ ما عالقة<br />

عيزرا جاسوس املوساد بكروثر هلكر<br />

جاسوسة ال C.I.A‏.؟ اإلجابة بسيطة<br />

جداً..‏ فاملوساد وال .C.I.A ترتبطان<br />

معاً‏ بعالقات وثيقة ترسمها املصالح<br />

والنوايا املشرتكة.‏ وسواء جند طيار<br />

عربي بواسطة املوساد أو بواسطة ال .C<br />

.I.A فسوف يهرب بطائرته اىل إرسائيل،‏<br />

ليفحصها األمريكان..‏ من هنا..‏ لجأت ال<br />

.C.I.A ملعاونة املوساد يف تصفية شاكر<br />

بواسطة عمالئها ببغداد.‏ وبثت املوساد<br />

امراً‏ عاجالً‏ لعيزرا باالتصال بكروثر<br />

التي تجيد العربية،‏ وتم االتفاق بينهما<br />

عىل الخطة..‏ وأثناء زيارة النقيب شاكر<br />

األخرية لهلكر بالشقة املفروشة،‏ عمد<br />

كما يف املرات السابقة اىل ترك سيارته عىل<br />

بعد شارعني تحسباً‏ ألي طارئ،‏ واحتدم<br />

النقاش بينهما فهددته بأفالم وصور<br />

جنسية أخذت لهما يف أمريكا فلم يهتم..‏<br />

ويف آخر محاولة إلبقائه حياً،‏ عرض<br />

عليه مليون دوالر ثمناً‏ لطائرة امليج 1<br />

يفر بها إلرسائيل،‏ فلطمها عىل وجهه<br />

لطمة قوية انبثق لها الدم من فمها.‏<br />

وقبل أن يخرج من الحجرة ثائراً‏ إلبال<br />

السلطات،‏ فاجأه عيزرا بطلقات مسدس<br />

الكاتم للصوت،‏ وسقط شاكر يف الحا<br />

قبلما يتمكن من استعمال مسدسه.‏<br />

وبينما هلكر تعد حقيبتها للحا<br />

بالطائرة املتجهة اىل لندن،‏ انشغل عيزر<br />

بإزالة اآلثار والبصمات،‏ وجر جثة الطيا<br />

ألسفل الرسير ملفوفة ببطانية،‏ ثم فت<br />

أجهزة التكييف..‏ وغادر الشقة..‏ اكتشف<br />

الجثة يف 6 يوليو 1965 بعد وقوع الجريم<br />

باسبوع.‏ كان عيزرا يف ذلك الوقت يم<br />

أسوأ أيام حياته عىل اإلطالق.‏ إذ نرش<br />

الصحف العراقية نبأ مقتل كروثر هلك<br />

بأحد فنادق لندن يف ظروف غامضة<br />

بعد يومني من مغادرتها لبغداد،‏ ورص<br />

مسؤول أمني أن الجثة وجدت ممزقة<br />

وبها ثالثون طعنة بعدد سنني عمرها<br />

هكذا تخلصت ال .C.I.A من كروث<br />

إلخفاء معالم الجريمة اىل األبد.‏ فماذا عن<br />

هو؟..‏ دارت الدنيا بعيزرا وضاقت به ع<br />

وسعها.‏ وصور له خياله أن املوساد سو<br />

تقتله أيضاً‏ الخفاء للجريمة..‏ وما كا<br />

يعلم أن أسلوب قتل العمالء بعد انتها<br />

مهامهم تستخدمه ال .C.I.A فقط.‏ أم<br />

املوساد فالجواسيس لديها بمثابة أبطا<br />

عظماء تفخر بهم وتخلدهم.‏ لم يكن يعل<br />

ذلك عندما عطّ‏ ل جهاز الالسلكي.‏ واختب<br />

بإحدى الشقق ال يخرج هو أو روان إال<br />

للرضورة..‏ وبعد احتفاالت رأس السنة..‏<br />

وما إن هلت أيام يناير 1966 األوىل،‏ حتى<br />

انكشف أمر شبكته ضمن الشبكا<br />

التسع..‏ وجرى البحث عنه وتعقب آثار<br />

يف كل العراق.‏<br />

كان يجهل أمر البحث عنه من قبل جها<br />

املخابرات – املكتب الثاني – فعالقت<br />

بأعوانه كانت منقطعة طوال تلك الشهو<br />

الخمسة..‏ وألن املجرم دائماً‏ يحوم حو<br />

مرسح جريمته،‏ تصادف أن توجه وروا<br />

ملنزل الكاظمية حيث يخبئ أجهز<br />

التجسس.‏ فاطمأن عىل وجودها،‏ و<br />

املساء قاد سيارته وحده اىل منزل بوش<br />

القديم،‏ فنام مرهقاً‏ حتى الفجر،‏ وأرس<br />

بالعودة اىل روان مرة أخرى وما كان يدر<br />

بما ينتظره..‏ ففي غبش الفجر اقتحم<br />

املنزل قوات األمن،‏ وكانت روان بمفرده<br />

كالشبح..‏ متكورة كجنني ببطن أمه..‏ فل<br />

تبد أية دهشة أوتصعق للمفاجأة.‏<br />

سألوها عن عيزرا قالت بهدوء:‏ ‏“ل<br />

يتأخر”..‏ واعرتفت من تلقاء نفسها بأنه<br />

جاسوسة إرسائيلية،‏ استطاعت أن تجن<br />

جيش من اليهود العراقيني وسائر املل<br />

بالغواية والجنس.‏ وأرشدت عن مقرب<br />

الضابط الطبيب بالحديقة الخلفية<br />

وقادتهم اىل مخبأ رسي بداخله جها<br />

الالسلكي املعطل وكتاب الشفرة وعد<br />

كامريات رسية،‏ وأفالم ووثائق لم تبع<br />

بعد للموساد..‏ كانت سيارات األمن ق<br />

اختفت من املكان الذي بدا طبيعياً.‏ واختب<br />

عدة ضباط بداخل املنزل ينتظرون الثعبا<br />

الكبري.‏ وما أن جاء وخطا خطوات قليل<br />

اىل الداخل حتى هوجم وكبل يف الحال.‏<br />

واقتيد اىل مكان رسي لالستجواب<br />

فاعرتف اعرتافات تفصيلية بنشاط<br />

ملدة عرش سنوات لصالح املوساد،‏ وسد<br />

اعرتافاته ثغرات عديدة كانت تحول دو<br />

الوصول لبقية الشبكات.‏<br />

وبينما هو بالقفص،‏ بانتظار سما<br />

الحكم بإعدامه وروان شنقاً‏ مع تس<br />

آخرين،‏ وبالرصاص خمسة عسكريني<br />

نظرت اليه روان وقد أكلها الهزال وبرز<br />

عظام وجهها،‏ وقالت له إنها تشع<br />

باألسف عىل كل يشء..‏ لكنها سعيد<br />

جداً‏ لعدم إنجابهما أطفال يتعذبون م<br />

بعدهما طوال حياتهم..‏ حيث سيصي<br />

الناس يف كل شوارع بغداد:‏ هؤالء أبنا<br />

الثعبان والحية..‏ !<br />

وبانكشاف أمر عيزرا وأعوانه،‏ توا<br />

سقوط شبكات املوساد يف العراق نتيج<br />

الخطأ الجسيم يف نظام االتصال ب<br />

الشبكات..‏ ذلك الخطأ الذي أفاد العراقي<br />

ومكنهم بسهولة من كشف تسع شبكا<br />

دفعة واحدة وأنتهى أمر عمالء املوساد<br />

العراق واليوم عادوا للمساهمة يف تفتي<br />

العراق وتقسيمه والتخلص من ك<br />

الكفاءات العراقية التي كانت تقلق وجد<br />

إرسائيل وتحقق لهم ماتمنوه لعقو<br />

طويله .. فتباً‏ لكن من ساهم يف تدم<br />

العراق وأحتالله سواء كان من السابق<br />

أو الحاليني .

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!