17.05.2015 Views

مجلة األدب العربي المعاصر؛ العدد الاول

مجلة تعنى بالادب العربي المعاصر

مجلة تعنى بالادب العربي المعاصر

SHOW MORE
SHOW LESS
  • No tags were found...

You also want an ePaper? Increase the reach of your titles

YUMPU automatically turns print PDFs into web optimized ePapers that Google loves.

ال<br />

<strong>العدد</strong> االول‎2015‎<br />

<strong>مجلة</strong> <strong>األدب</strong> <strong>العربي</strong> المعاصر<br />

تصدر عن مجوعة <strong>األدب</strong> <strong>العربي</strong> المعاصر<br />

<strong>العدد</strong> االول‎2015‎


<strong>العدد</strong> االول 11\3\2015<br />

<strong>مجلة</strong> <strong>األدب</strong> <strong>العربي</strong> المعاصر


الهيئة األدارية<br />

د أنور غني الموسوي ريس التحرير<br />

االستاذ محمد<br />

شنيشل<br />

االستاذ سعد غالم<br />

االستاذ عقيل هاني<br />

<strong>مجلة</strong> ادبية متخصصة تعنى بالنتاجات االدبية بانواعها .


الشعر


على ضفة في االصيل<br />

سعد غالم<br />

اتغيب في بلسم اخرق<br />

يتفصد عرقي اغرق<br />

الينفع العكاز<br />

الموجة صهلة<br />

القاع سجادة صالة<br />

اسقنياها<br />

عبرة من سحر نبضك<br />

مقلة<br />

كالقبلة قنديل هي حلكة


السحيق المقيم<br />

ارسليها غمزةمن لحظك<br />

يفشي النور<br />

ليكسر زجاج شبابيك نافذة<br />

الصيحة<br />

وغربال يمرر اريج عطرك االثير<br />

زمهرير<br />

من خيوط حرير<br />

شرانقه تتهدجني وتهيج<br />

الشردات<br />

وصل من وصال<br />

نصب من وصب<br />

صبابات عتيقة<br />

فيئ افنان سدرة معمرة<br />

ناشفة من البور<br />

تبطل حبور الروح<br />

همسات الياسمين<br />

هلل درك اال تكف عني<br />

غائب عنك بك مترع حد اليقين


اتراك تستبطن الخالص<br />

ام تراك مابرحت رهين<br />

النياسم الموحلة


ياسيّد الحرف<br />

شالل عنوز<br />

ال ما نَسيتُكَ‏ قطٌّ‏ اذ هُنا أَقِفُ‏ ‏............وهل نستكَ‏ نَديماً‏ ياتُرى النَّجَفُ‏ ؟<br />

‏ُف<br />

عشرونَ‏ مرَّت وبعضٌ‏ مِن مَواجِ‏ عِها..........‏ دامٍ‏ يظلُّ‏ وبعضٌ‏ نابُها صَلِ‏<br />

عشرونَ‏ مَرَّت وأجيالٌ‏ أَتَت,رَحَلت...‏ ‏.و)حمزةُ(‏ الجُّرحِ‏ مفجوعاً‏ بنا يقِفُ‏<br />

عشرونَ‏ مرّت يَتيماتٌ‏ هَالهِلُها......‏ وأُفقُها نازِفٌ‏ باكٍ‏ ويَرتَجِ‏ فُ‏<br />

أبا ربيعَ‏ اذا أُنبيكَ‏ تَعذُرُني ‏........سَتصرخُ‏ أآلهُ‏ قبلي حينَ‏ أَعترِ‏ ‏ُف


أَباربيعَ‏ جهاراً‏ يُستباحُ‏ دَمي......‏ مِن ألفِ‏ قَهرٍ‏ وثوبُ‏ الحُزنِ‏ أَلتَحِ‏ فُ‏<br />

مَذبوحُ‏ حُلميَ‏ هذا الليلُ‏ مجزَرَتي...أَنّى اتّجهتُ‏ على بَلوايَ‏ أَعتَكِفُ‏<br />

قاسٍ‏ وحَقُّكَ‏ سَجّاناً‏ غَدا وطني.....عفواً‏ فَمن أَوصدَ‏ أألبوابَ‏ يَعتَرِ‏ ‏ُف<br />

مِن أَلفِ‏ حُزنٍ‏ أُرَوّي نَهمَ‏ أَزمِنَتي.....وأَسكبُ‏ الصَّبرَ‏ في كأسي وأرتَشِ‏ فُ‏<br />

مِن أَلفِ‏ صَبرٍ‏ يَصيحُ‏ الصَّبرُ‏ في قَلَقي....لقد تَعِبتُ‏ وشاخَ‏ النَّخلُ‏ والسَّعَفُ‏<br />

***************************<br />

‏ُف<br />

ياأيُّها المُزدَهي في كلِّ‏ مَكرُمَةٍ‏ ‏.......هللِ‏ دَرُّكَ‏ تَسمو كُلَّما أَصِ‏<br />

انّي أَراكَ‏ مَناراً‏ هاطالً‏ معنا ....... يا أيُّها الضَّوءُ‏ أَمطِر ردَّدَ‏ ألخَلَفُ‏<br />

أرنو اليكَ‏ أُهَنّني سِ‏ حرَ‏ قافيَتي ‏.....تَباركَ‏ الشعرُ‏ مِن ريّاكَ‏ يَغتَرِفُ‏<br />

ياأيُّها الدافيءُ‏ الرَّقراقُ‏ في زَمَنٍ....أقَلُّ‏ مافيهِ‏ أَفعى حينَ‏ يُكتَشَفُ‏<br />

أقلُّ‏ مافيهِ‏ غالٍ‏ كُنتَ‏ تمنَحُهُ‏ ‏.......دَفقَ‏ الحياةِ‏ وعِندَ‏ العَوزِ‏ يَنصَرِ‏ ‏ُف<br />

أَقَلُّ‏ مافيهِ‏ مَن تأمَنهُ‏ في وطَنٍ‏ ‏....باعَ‏ الذي فيهِ‏ الدينٌ‏ وال شرَفُ‏<br />

أَباربيعَ‏ أَعِنهُ‏ كي يقولَ‏ فَمي ‏.....ماأجمَلَ‏ القولُ‏ ان أَمضاهُ‏ مُحتَرِفُ‏<br />

ماأَجملَ‏ القَولُ‏ في نادٍ‏ تَضجُّ‏ بهِ....قَوافِلُ‏ الشّعرِ‏ تترا والسَّنا أَنِ‏ ‏ُف<br />

ماأَجمَلَ‏ القَولُ‏ يَزهو في تَوهّجهم....أَئِمَّةُ‏ الحَرفِ‏ غَيرَ‏ الحُبِّ‏ ما نَزَفوا<br />

ياسيّدَ‏ الحرفِ‏ أَمطِرنا شذىً,عَبَقاً....وَثوِّر الشّعرَ‏ فينا أَينَما نَقِفُ‏<br />

...................................................................<br />

حمزة...هو الشخصية الرئيسة في روايته يوم من أيام النجف


حواشي الرمان<br />

نجاح زهران<br />

حين تستعيد أساور النار ظفائر المساء<br />

تتأهب للتجلي لشيء ما،‏<br />

البرق الذي أخرج كنوزه<br />

بيت تعكّر مزاج سريره<br />

الخيام على أشواك الكالم!‏<br />

تقدم هموم ال تنام<br />

األرض فزاعةُ‏ السماء بكحلها البني<br />

كلّها تستيقظ بأطرافي!!‏<br />

أعددت كهوف الليل ، أفرشها للوسوسة<br />

ولباقي الجسد.‏<br />

الحلم مخزون عاطفي بقارورة الغاز<br />

عين أفرطت على البحر


لفت تكوّمها على سخونة الزعتر<br />

الموج عدّ‏ مداه على الرمل<br />

وأمّا الزبد المجاني أقسم للجارة ب حواشي الرمان<br />

في حنجرة الثلج<br />

إنها نزوة البرد<br />

تغطس ‏)بكراكيب ‏(الموت بثمل اإليقاعات<br />

في الفصول الجانبية!‏<br />

للورق المتساقط<br />

لجاذبية الحلزون اللولبي حين يعانق لوز الروح<br />

في وجه الرصيف.‏<br />

....<br />

للمرآة نصف القصيدة<br />

لألصداف حرية االحتواء<br />

وما تشاء المحارات الهامسة لبقائها<br />

للسالم على الجسد النائم<br />

معقودا بالممرات الضيقة<br />

لألغطية أيضا على األفخاذ<br />

وما تشاء الجفون أن تُعرى<br />

للزوايا التي كسرتها المرّارات!‏<br />

هذا الجنون يتدلى من الحصاد<br />

يمعنُ‏ في الغيب.‏<br />

يمزق التموي ه بخروجي من دوار الشمس


..<br />

ينقلني على عكاز الرمل<br />

كيف تستريح بأوراق التعب ؟<br />

إذ يبيت الليل على فراش الحلم<br />

تسعل المسامات!‏<br />

تلهو الحمم وراء الرأس<br />

تخلّف سكن اإلقامة على الركض<br />

أي أحقاد تمطر بهذا الكتاب<br />

يحمل شاعرك وستائر المرآيا على الظه ر<br />

كهشيم الحروف بالزوايا للقصيدة الوليدة<br />

وإذ ينقشع نصفك بالعادة المأجورة!‏<br />

طريق تردم الفضاء<br />

تفلس من صداها باالنتشاء<br />

تم امًا كما أغنيات آخر الليل<br />

كيف أدعوك لنيسان؟<br />

ضياء الوجه يرسمك<br />

بين نبضتين غريقِة<br />

تغرغر شهيقها بشهوة من رحلوا<br />

تتقد بدهشة إغوائي!‏<br />

ال تحصي الجسد وال الشمس بشيطانه<br />

في عنق الماء والرفض<br />

بمعنى


شفرة الفتك<br />

براكين تعوي على النجم<br />

نوافير على الشفة<br />

تُخمر الحرف<br />

لعنقاء بماء الفجر<br />

تضرب بالقوس<br />

نمنمات الغبار على جرس األفق<br />

بانسكابِ‏ الدمع لمظلة البيت<br />

...<br />

..<br />

ب خشبة النور المقدسة يكاد أن ينقسم الرغيف على االبت ذالِ‏<br />

حين تمتلئ السماوات بضفافه!‏<br />

يُقسِ‏ مون األرض بغبار الطلع،‏<br />

لتاريخ مشعث بجراحه<br />

المطهوُّ‏ بشقوق دمه<br />

عليه أن ينزف الريح بيديه<br />

ليمحو وجهي وأشالء الماء والوقت<br />

والليلة المصلوبة بميالدي.‏<br />

ثمة صورة في قبضتي<br />

كلمة للبدايات<br />

لحشود الطواحين<br />

لجزيئيات الروح والحنين


أهيم بالكون وغباري المسكون برقصة األم<br />

ثمة تلك الهياكل<br />

تلك األشجار جانب الشمس<br />

تلك الفصول بدورتها<br />

سيقان الجوع بخراطيم الرياضيات!‏<br />

تخطت مردود نارها<br />

في الفتور األحمر<br />

يلقّنها الند والسمع<br />

عساها تسمع المعنى وتعرف الحق.‏


اصداء واهمة<br />

جواد شالل<br />

لم اكترث بكل التراتيل<br />

المحشوة باذن الفضاء<br />

واعد ماتبقى من ضوء<br />

بلهفة قاسية<br />

احفر بالشباك الوحيد<br />

عيونا جديدة<br />

العيون التي سملت<br />

لها صدى ... ميت<br />

وانياب كثيرة<br />

ال شان لي .. اال ان<br />

اتحاشاها


اتراقب .. الدهشة<br />

المزيفة<br />

ابحث بجد عن الصدفة<br />

المسلوقة سلفا<br />

بين االكوام الهائلة<br />

من البهتان<br />

اررد اناشيد<br />

جديدة<br />

لن تروق لي اوال<br />

سارددها<br />

كثيرا<br />

ولم اكترث بكل التراتيل


طيورُ‏ المساءِ‏ تفتكُ‏ بأقراطِ‏<br />

كريم عبد هللا<br />

الشمس<br />

إعوجاجَ‏ الطريق أغرى الغرابيلَ‏ ب رمالِ‏ األباطيلَ‏ تتوهّجُ‏ .../ على شرفاتِ‏ الحلم<br />

تسرقُ‏ الهناءات المشرقة ..../ في صناديقِ‏ الصدرِ‏ مضرجةٌ‏ أنفاس حروف الشكِّ‏<br />

المعلولةِ‏<br />

الثكناتُ‏ عادتْ‏ منْ‏ جديدٍ‏ تزجُّ‏ دويَّ‏ صدى األمس .../ والشوارعُ‏ المبتهجةِ‏ تتألألُ‏<br />

الخيبة على أرصفةِ‏ إرتباكها ...:: تتوحمُ‏ الخسائر في أتونِ‏ عرباتٍ‏ تهرّبُ‏ عالمات<br />

إستفهامِ‏<br />

يجثو المجدُ‏ يحزُّأناملهُ‏ جنون يتثائبُ‏ ك قبرٍ‏ جديد ...../ تغفو بينَ‏ جفنيهِ‏ خطوات<br />

وطنٍ‏ الئذٌ‏ بالنعاس ..../ على نقّالةٍ‏ في منعطفِ‏ التاريخ ترتعشُ‏ العصافير<br />

.............................../...........<br />

غادرتْ‏ األرواحُ‏ سجنَ‏ عويلِ‏ الصمتِ‏ الهرم .../ مستلقيةً‏ على طاولةِ‏ العزلةِ‏<br />

المفجوعةِ‏ تمسّدُ‏ مخاوفها ..../ زنبقةٌ‏ حمراء تنسكبُ‏ في فراغِ‏ الظلِّ‏ كسيحة<br />

......................................


مدنٌ‏ غارقةٌ‏ ب الخديعةِ‏ حدَّ‏ الثمالةِ‏ تستهدي ب الظاللةِ‏ .../ همسُ‏ صرخاتها<br />

يستجدي عطفَ‏ هراواتٍ‏ تخترقُ‏ إبتساماتها ....../ تدرسُ‏ مالمحها ينطُّ‏ على<br />

شرفاتها سادنٌ‏ يدغدغُ‏ معابدها ..../ وذئابهُ‏ الكثّةَ‏ تحملُ‏ آآلمَ‏ األبوابِ‏ الى المنفى<br />

األسالكُ‏ ترممُ‏ األصواتَ‏ المشروخةِ‏ الشائكةَ‏ ...../ متدحرجةٌ‏ على بساطِ‏ الغوايِة<br />

شرائعٌ‏ مترعةٌ‏ في المشاجب .../ مستنقعاتٌ‏ من الخساراتِ‏ تطفو عليها الرصاصات<br />

..../ ف تُزهرُ‏ في المهجةِ‏ كمائنٌ‏ تترصّدُ‏ مجاعةَ‏ المصحات<br />

............................./


لهاثٌ‏ أخضر<br />

هاني النواف<br />

في بطءِ‏ معولهِ‏ الضريِر<br />

طينكَ‏ المخنوقِ‏<br />

فى تجاويفِ‏ الرّحيقِ‏<br />

يمرّغُ‏ ضغينةَ‏ الفصولِ‏<br />

هيولى من برءِ‏ الرّوحِ‏<br />

على حافةِ‏ لهاثٍ‏ أخضر<br />

تمطّى في التفاتاتِ‏ الغضونِ..‏<br />

خواءٌ‏ ممدّدٌ‏ فى الصّقيعِ‏<br />

غاصَ‏ في رؤاك<br />

منذُ‏ فجرٍ‏


من غفوةِ‏ األثداءِ‏ ..<br />

عطرٌ‏ تجعّدَ‏ في يديك<br />

تَضوَّعَ‏ في عتمةِ‏ األعما ‏ِق<br />

من صوتِها المسلوخِ‏<br />

نَجْوى أنحناءِ‏ المشئيةِ‏<br />

تشربُ‏ من رعشاتِ‏ سهوها<br />

حيرةَ‏ الطريدِ‏<br />

يقطّرُ‏ أنفاسَ‏ الفجيعةِ‏<br />

على خرقةِ‏ الذاتِ‏<br />

قهقهات آثمات<br />

حتى تثاءبَ‏ فجرها المشبوب<br />

رماداً‏ من صبوةِ‏ الرّيحِ‏<br />

عَلَى أعْتَاب الضَّجَرْ‏


حداثة<br />

ناظم ناصر<br />

الهبوط القاسي لألفكار<br />

التي سقطت ...<br />

والتي على وشك السقوط<br />

انكسار الضوء المغلق<br />

انهيار الزهور التي ال تجيد لغة الضباب<br />

الزمن الذي غلف الفراغ<br />

فقاعات الحداثة<br />

الكلمات المهترئة والنقاد يحاولون تلميعها<br />

الشعراء وهم يبحثون ما قبل ... و ما بعد<br />

االعتذارات و سقوطها في خانات األلم<br />

و جوهنا التي تركنها على قارعة الطريق<br />

ناصية الجرائد...‏<br />

جسد مزقته الكلمات<br />

الغرباء الذين يتطلعون للدهشة بدهشة


عالمات التعجب وهي تهرول نحو االنتظار<br />

لتقرع نواقيس ال وجود لها<br />

إعالنات ممزقة على جدار القلب<br />

تعلن تمردها<br />

الكثير ... الكثير من الغربان تفر من حقول زهرة الشمس<br />

باتجاه الضياع<br />

نفس الطريق الذي سلكناه في الحلم<br />

النسيم الذي يسرح بين الكلمات و األزاهير<br />

ويمتشق الحلم كموجة موشكة على الصهيل<br />

النرجس الذي يتأمل أكثر من نظره<br />

وشاح الماء...‏<br />

دبيب الضوء...‏<br />

نهوض األمل...‏<br />

متى نعود الى الحياة<br />

‏..................................................ناظم ناصر


يا رحيق الورد<br />

ضمد كاظم وسمي<br />

يا رحيقَ‏ الوردِ‏ يا عسلُ‏<br />

كوصالٍ‏ شهْدُهُ‏ القبلُ‏<br />

منْ‏ نسيمِ‏ الصّبْحِ‏ رونقهُ‏<br />

في الْمسا بارحهُ‏ الخجلُ‏<br />

والسّهارى سامها نَوَرٌ‏<br />

في ضياءِ‏ البدْرِ‏ يغْتسلُ‏<br />

كلّما راقتْ‏ لنا مق ‏ٌل<br />

نغزتْ‏ كالجرْحِ‏ ينْدم ‏ُل<br />

كمْ‏ بهذا القلْبِ‏ منْ‏ عتبٍ‏<br />

في طوافِ‏ الشّوقِ‏ يبْتهلُ‏<br />

بعْدَ‏ ذاكَ‏ الْحبِّ‏ تنْكرني<br />

والهوى يرْتادهُ‏ الْمللُ‏


أيضنُّ‏ الثغْرُ‏ كرْمتَهَ‏<br />

ولقدْ‏ أذْبلها األْ‏ ملُ‏<br />

لسْتُ‏ أدْري ما يرى زمني<br />

ليْ‏ قضى أمْ‏ كانَ‏ يرْتَجِ‏ لُ‏<br />

طائرُ‏ الشَوقِ‏ نَسِ‏ يْ‏ ألمي<br />

عادَ‏ واألشْواق ترْتحلُ‏<br />

في بريدِ‏ الشّعْرِ‏ قافيةٌ‏<br />

صغْتها يوماً‏ ستعْتزلُ‏


( فلسفة ألم )<br />

هاني عقيل<br />

عجباً‏ لنصلٍ‏ داميٍ‏ يتألمُ‏<br />

مات السؤالُ‏ واطرقَ‏ المستفهمُ‏<br />

----------------------------<br />

يبكي القتيل كما تراهُ‏ قاتالً‏<br />

ينساب حرفٌ‏ من شفاهٍ‏ او دمُ‏<br />

-------------------------------<br />

عجبي لحرف قد تنعم بالجنى<br />

فاذا نطقتُ‏ لسال منه العلقمُ‏<br />

-------------------------------<br />

عجبي لجرحٍ‏ في الثرى واريتهُ‏<br />

مالي اراه ناطقاً‏ يتكلمُ‏


----------------------------<br />

تأتي النوائبُ‏ جملة فكأنها<br />

اُسدٌ‏ وقد وردت بنا تتزاحمُ‏<br />

---------------------------<br />

ماللعروبة قد تزاحم جرحها<br />

بعضٌ‏ يهاجسني وبعضٌ‏ مبهمُ‏<br />

------------------------------<br />

بغداد او يافا ومسرى قدسها<br />

واليوم في حلبٍ‏ غداً‏ الاعلمُ‏<br />

------------------------------<br />

وتصولُ‏ في االرجاء صرخة واحدٍ‏<br />

ناراً‏ فتحرقني بما تتضرمُ‏<br />

----------------------------<br />

وكأنما في الروح منها جنازةٌ‏<br />

اشكي لها وجدي وكلي مأتمُ‏<br />

-------------------------------<br />

ابكي فتبتسم الجراح على فمي<br />

والجرح من آلمٍ‏ مضى يتكتمُ‏<br />

-------------------------------<br />

وطفقت اصفعُ‏ هاجسي متحيرا<br />

مما اراه واقعاً‏ ام احلمُ‏<br />

-----------------------------


واحدث الدنيا واهوى فراقها<br />

والقول قولي فيه حزنٌ‏ ابكمُ‏<br />

-----------------------------<br />

اعيى مقالي صامتاً‏ مستعجماً‏<br />

الماً‏ افسر قوله واترجمُ‏<br />

------------------------------<br />

العن سفاهةَ‏ قد هويتُ‏ مدامها<br />

واريت عقلي في المدامة ارحمُ‏


أحجية<br />

ليلى طه<br />

صوتي ‏...يكاد ينطفيء<br />

أثقل ليلي همومه<br />

صرخ...طال األنتظار<br />

بغضب ‏...أبحث عن وطني المسافر<br />

عن وهج غادرني<br />

عن سيف ‏...وعرس<br />

بصوت خائف ‏...ناديت<br />

ياأمال....غاب وسط المدينة<br />

توهمت...‏


أني أرتويت من كأس الفرح<br />

سابقت حزني العصافير<br />

والريح المجنونة ‏...عصفت بي<br />

توضأت...دون العروج على مملكتك<br />

صليت في محرابك<br />

عل غربتي...تنهي تداعياتي<br />

ربما...كنت أرقب النهار<br />

وحلم...أستفيق على ضفافه<br />

وخوفا مكبال ‏...يبكيني<br />

أنتفصي أيتها الحبيسة<br />

أفصحي...عن موت الحرف عند الشفاه<br />

إختبئي ‏...في حجرتك الباردة<br />

أعلنيها صرخة...تسللت مساحات ليلك


أنتِ‏ التي..‏<br />

أسماعيل عزيز<br />

تتسللين سطور أحالمي<br />

فيرتبك البنفسج والحنينْ‏<br />

فأعود كي أحيا<br />

وأورق من رمادي<br />

‏.....................مرتين.‏<br />

لِمَ‏ ال نُفيق؟؟<br />

ونحن نعبر صامتين<br />

لِمَ‏ ال نفيق؟؟<br />

وحدي ‏...أنا..‏<br />

جدران أيامي يداعبها التأوه<br />

‏................................من سنين


وعبرتِ‏ جسر الشارع<br />

الممتد من قلبي آلالف القرون<br />

وتركتِ‏ قافيتي..‏<br />

ترددها الخرائب والحصون


دُرَّةٌ‏ شَامِخَ‏ ةٌ‏<br />

آية الزئبق<br />

أَيَا مِصْرُ‏ هَالَّ‏ ... أَزَلْتِ‏ العِتَابَا<br />

عَلَى مَنْ‏ يُسِ‏ يءُ‏ وَيُعْلِي الضَبَابَا<br />

وَيَا مِصْرُ‏ ‏..هَالَّ‏ كَشَفْتِ‏ النِقَابَ‏<br />

فَتُقْرِي الْعُيُونَ‏ .. وتُحْيِي الرِّقَابَا<br />

فَكَمْ‏ مِنْ‏ عَدُوٍّ‏ حَسُودٍ‏ ... أَرَادَ‏<br />

لَمَجْدِكِ‏ أَن يَخْتَفِي ... أَو يُذَابَا<br />

جَسُورٌ‏ وَالَ‏ أَنْتِ‏ لَنْ‏ تَسْتَكِيني<br />

فَيَا مِصْرُ‏ هَيَّا تَحَدِي الصَّعَابَا<br />

أُرِيقَتْ‏ دِمَاءٌ‏ فِدَاءً‏ .... فَنَالَتْ‏<br />

لِعِزَكِ‏ .... مَا يَسْتَحِ‏ قُّ‏ الذِّهّابَا<br />

فَمَنْ‏ الَ‏ يُقَبِّلْ‏ ... تُرَاباً‏ بِأَرْضٍ‏<br />

أَفَاضَتْ‏ عَلَيْه النَّدَى والسَحَابَا


فَلَيْسَ‏ لَهُ‏ الْحَقُّ‏ فِي .. أَنْ‏ يَكُونَ‏<br />

عَزِيزاً‏ بِهَا ..... أَو يَنَالِ‏ الثَّوَابَا<br />

فَيَا دُرَّةً‏ ..... هَيَّا قُودِي الرِّكَا ‏َب<br />

ألَ‏ جْلِ‏ خَالَ‏ صَكِ‏ صَارَتْ‏ هِضَابَا<br />

وَيَا نِيْلُ‏ هَالَّ‏ .... أَفَضْتَ‏ عَلَيْنَا<br />

بِمَا يُنْقِذُ‏ الرُّوحَ‏ .... مِمَّا أَصَابَا<br />

فَمَاؤكَ‏ عَذْبٌ‏ .. رَقِيقٌ‏ عّطُوفٌ‏<br />

عَلَى أَهْلِهِ‏ ... رَاجِ‏ ياَ‏ مَنْ‏ أَنَابَا<br />

وَيَا نَخْلَةً‏ .... قَدْ‏ أَجَادَتْ‏ عَطَاءً‏<br />

أَقِيلِي بِنَا .... صَرخَةً‏ وَاغْتِرَابَا<br />

ألَِجْلِكِ‏ يَا مِصْرُ‏ .. نُحْيِي تُرَاثَاً‏<br />

بِنَادِ‏ لَنَا ... يَسْتَقِيمُ‏ .. الصِّخَابَا<br />

يُنِيْرُ‏ الدُّروُبَ‏ .. يُزِيْلُ‏ الْكُرُوبَ‏<br />

وَيَسْتَعْمِرُ‏ الْقَلْبَ‏ .. كَيالَ‏ يَهَابَا<br />

فَالَ‏ تَبْكِ‏ يَا مِصْرُ‏ لَيْالًَ‏ طَوِيْالًَ‏<br />

وَكُونِي بِهِ‏ صَخْرَةً‏ .. أو قِبَابَا<br />

وَصَلِّ‏ لِرَبِّكِ‏ ... فَجْرَاً‏ جَدِيداً‏<br />

عَسَى أَنْ‏ يَكُونَ‏ دُعَاءً‏ مُجَابَا


أمنيات جوّالة<br />

نص مشترك بين الشاعرين العراقيين<br />

سعد غالم و أنور غني<br />

الستائر بلونها المرير ، بقلبها المعجون بالعاج والزان ، تهدهد صوت بركة اللوتس<br />

البراق ، كنا حينها نعدّ‏ أسنان المجرة ورموش عينيها الحالمتين ، نرسم حولية ذبول<br />

الكون الفسيح.‏<br />

لقد أنهيتُ‏ كلّ‏ شئ ، خيمةَ‏ ينبوع الخلود ، مزرعةَ‏ الفراشات و رمادها الغامض ،


حتى الصحون الفضية ، تركة اجدادي القدامى مع صندوقهم الالزوردي ، و<br />

نسماتهم المتخثرة في حدقات تحوم فوق غابات األرز . كلّ‏ ذلك بعثت به الى<br />

رجال الرمل وعسس السور البنّي كي يتدفؤوا به .<br />

لقد أنهيت كل شيء فعال ، فالحياة صبيّة لطيفة تستحمّ‏ في بركة قزح القمر ،<br />

تحبّ‏ أن تنام باكرا في معبد قديم.‏<br />

عجبا ما كنت أتصور انّ‏ الرغبة خيط من ريح ، و أنني سأحتفل يوما بكل هذا<br />

الضياع . لقد تقاعدت االنسانية ، تتجوّل بدرّاجتها الهوائية و قبعتها السوداء ،<br />

كالتي يبيعها ذلك المتجوّل الباحث عن الظلّ‏ ، لقد رأيتها و قد ماتت منذ زمن<br />

بعيد.‏<br />

آهكم هي مسكينة المركبات التي تسحبها ثيران الحقول الباردة مثلنا ، ال أدري<br />

ربما شربت روح الصقيع ، و ربما ورثنا ذلك الشحوب من أشجار الصنوبر<br />

المجيدة ، كرعناها مع اليانسون والسوسن الجبلي ومسحوق البرق . ذلك ليس<br />

مهما بالمرة ، يكفي اننا تعاطيناه عبر السنين.‏<br />

بلى ،<br />

لقد صدفت ، سأجمع حاجياتي ، الريح الشمالية ما عدنا بحاجة اليها،‏<br />

وخوابي اليقطين الممتلئة بعصير القصب ، حتى الديك األحمر الحكيم الذي<br />

لطالما أهداني بوابات المصير ، وعالم مسحور تسكنه حشود الضباب وجنيّات<br />

أشجار الياقوت اليابسة ، وزهرة زرقاء ندية كأنها دمعة الفجر.‏<br />

اجل البيت أجمل بالورد البري ، لكننا قبائل جوالة لدينا خيمة من جلود القنافذ ،<br />

ال نجيد غير زراعة الخيزران واصطياد خيوط الهلل النائمة ، نستدل عليها من<br />

الشخير.‏<br />

بيتنا أجمل بالزهور ، لكنّ‏ حقول اللوتس بعيدة ؟ بيننا جدول الشيخوخة وذاكرة<br />

الثرى . أنا ال أظنها ستأتي قريبا ، ربما علينا فتح حقيبة األيام ، فقد سمعت جدي


.<br />

يقول أنّ‏ في جيب الزمن األيمن انهارا فضيّة من حليب وحكايات مؤجلة عن<br />

البجعة االميرة التي لم يسعفها القدر.‏<br />

إذن سينتهي فصل الرماد ، بعد حياة غارقة في نهر أصفر ، حينها سأرى في<br />

حديقتي أرنبا و سلحفاة وردية . حينها سيكون للصباح شكل أخر ، ليتها تأتي<br />

أرواحنا المهاجرة . لنلثم الصوت األبيض ألرتال الثرى ، نلج أسوار الضوء ،<br />

ونركب أيائل الدخان في برك المساء الالزوردية ، هناك حيث قصور الشمس النائية


القصة


‏)أيّها الشعب لقد انتصرت الثورة)‏<br />

عالء األديب<br />

دخل القريّة غريبا عنها للراحة ومن ثم لمواصلة رحلته.‏<br />

وجدّ‏ الناس يثورون على سلطانها.ويقارعون العسس والشرطة فيها<br />

وينادون بسقوط الجبروت.‏ ارتعش خوفا ‏.ماوجد االّ‏ برميال للقمامة أفرغه مما فيه<br />

واختبأ به.‏<br />

وما أن أفضّت المعارك إلى ما أفضت إليه خرج من برميله نتناً‏ ‏.فوجد العشرات من<br />

جثث شهداء الثورة بجانبه.‏<br />

فهمس له الشيطان بالدنيّة فأخذ يلطخ ثيابه بدم الشهداء..‏<br />

وصعد على ذات برميل القمامة الذي اختبأ به<br />

ونادى بالناس ‏)أيها الشعب:لقد انتصرت الثورة.(‏


صمت المدينة<br />

سعد عودة رسن<br />

صمتَ‏ كُل شئ فجأة وبطريقة غريبة عندها أحسستُ‏ انني افقدُ‏ رغبتي على الكالم<br />

ليعمَ‏ الهدوء داخل الغرفةِ‏ الصغيرة المختنقةِ‏ بدخانِ‏ السكائر رغم أن صراخَنا كاد<br />

ان يصلَ‏ قبل لحظات الى السماء السابعة واليعود الينا مخلفا آثاما وترِهات البدَ‏<br />

انها ازعجتْ‏ المخلوقات االخرى التي لم تعثرْ‏ على سببٍ‏ مفهوم لهذهِ‏ الحماسة في<br />

اثارة األسئلة ومحاولة ابطالِ‏ افكار األخرين الذين بدورهم يزدادون حماسةً‏ وصراخا<br />

محاولين اثبات خطل افكارنا ‏,والغريب انني في احدى هذه الحوارات المجنونة<br />

أيدتُ‏ احد اصدقائي ممن كنتُ‏ اختلفُ‏ معهم على الدوام لكنهُ‏ وببراعة شديدة<br />

تملصَ‏ مني ليتبنى وجهة نظر كان يعارضها قبل ايام وبدأ يصرخُ‏ ويسوقُ‏ االدلة<br />

الواحدة تلو االخرى لصوابِ‏ فكرتهِ‏ تلك.‏<br />

انتابني الذهول عندها وانا اشعرُ‏ انني جزء من هذا الجنون لذلك اطفأتُ‏ سيكارتي<br />

واندفعتُ‏ الى خارج الدائرة التي اعمل بها والتي تحولت الى مقهى لألفكار والرؤى<br />

المتضاربة.‏<br />

لم يمنعني موظفو السيطرة من الخروج ألن انتباههم كان مشدودا الى شئ ما في<br />

التلفاز الصامت الذي امامهم.‏


الشارع كان خاليا تماما من السيارات بينما بدى الوجوم واضحا على اصحاب<br />

المحال التجارية الذين ينظرون الى نفس النقطة في الفراغ.‏<br />

من بعيد تراءى لي طفل صغير يعبرُ‏ الشارعَ‏ ليدلف الى فرع جانبي ويختفي ‏,عندما<br />

نظرتُ‏ الى ساعتي التي كانت تشيرُ‏ الى الثانية عشر والربع ادركتُ‏ ان وقت الصالة<br />

قد حان لكنني ال أسمعُ‏ صوت المؤذن في هذه المدينة,لم المحْ‏ أيّ‏ سيارة تتحرك<br />

في الشارع لذلك قررتُ‏ المشي الى البيت ‏,كانت الشوارع الجانبية تمرُ‏ بي وتفلتني<br />

‏,لمحتُ‏ بعض النسوة اللواتي يخرجن رؤوسهنَ‏ وينظرنَ‏ اليَ‏ وضحكة غريبة ترتسم<br />

على مالمحهن ‏,رغم اننا كنا في ذروة الصيف لكنني تحسستُ‏ نسمات هواء<br />

منعشة تصدمُ‏ بجسدي فتسببُ‏ لي رعشة غريبة لم اشعرْ‏ بها من قبل,الجو كان<br />

صافيا والرؤية واضحة جدا وكأنني اجلسُ‏ قبالة احدى الشاشات المجسمة عالية<br />

التقنية ‏,مرتْ‏ بقربي مجموعات نساء يتطاير شعرهن االصفر بنسمات هواء عليلة<br />

يركض امامهن مجموعة من االطفال بمالبس زاهية يحملون بأيديهم باقات وردٍ‏<br />

يرمون بها في الهواء ويحاولون التقاطها مرة اخرى ‏,دهان البيوت التي مررتُ‏ بها<br />

بدى ناصعا وبراقا بألوانه المختلفة وكأنها لوحات رسام محترف ‏,كانت الشوارع<br />

نظيفة تماما وخالية من التخسفات بينما ارتفع منسوب الماء في النهر الى الحد<br />

الذي كان يفيض من ضفتيه نتيجة لحركة القوارب السريعة التي تجوب داخلهُ‏ والتي<br />

تدفع بموجات من المياه تبلل الشارع الموازي للنهر وتبلل مجاميع العشاق الذين<br />

يجلسون متعانقين يتأملون المنظر ‏,اسماك ملونة تُخرج رأسها االحمر بخجل بين<br />

الفينة واألخرى وكأنها تُريدُ‏ ان تخبرني بشئٍ‏ ما,في وسط النهر رأيتُ‏ قاربا كبيرا<br />

يتجمع على سطحهِ‏ خليط من النساء والرجال ‏,يرتدون ثياب انيقة وبدالت تزدهي<br />

بجميع االلوان ماعدا االسود ‏,كانوا يرقصون بجنون يهز القارب ويجعل حركته قلقة<br />

داخل النهر,لم اسمعْ‏ صوت الموسيقى ولكن نشوتها كانت واضحة في حركاتهم


عندها مددتُ‏ يدي بجيبي إلخراج سكائري فاكتشفت ان العلبة فارغة فنسيتُ‏<br />

التدخين تماما.‏<br />

اطلقتُ‏ لقدميَّ‏ العِنان حتى وصلتُ‏ الى البيت الذي بدى ساكنا بشكل مميت<br />

ولكي اكسر هذا السكون شغلتُ‏ التلفاز وارتميتُ‏ على الكنبة قبالتهُ.‏<br />

المطربة الجميلة التي لم أرَّها من قبل كانت منتشية بالذي تغنيه رغم ان التلفاز كان<br />

صورة بال صوت,عندها لمحتُ‏ من خالل شباك البيت الذي يطلُ‏ على الشارع<br />

جارنا الطويل الذي يعملُ‏ في احدى القنوات التلفازية ‏,اندفعتُ‏ نحوهُ‏ بقوة ‏,حاولتُ‏<br />

ان اصرخَ‏ بهِ‏ لكن صوتي لم يخرجْ,في الحقيقة انا لم أردهُ‏ ان يخرج لذلك ركضتُ‏<br />

بقوة نحوه وضربتهُ‏ على كتفهِ‏ ‏,التفتَ‏ اليَ‏ ولم يقل شيئا ‏,عرفتُ‏ انه لن يتكلم لذلك<br />

التقطتُ‏ احدى االوراق المرمية في الشارع ‏,ازلتُ‏ االوساخَ‏ منها وكتبتُ‏ عليها<br />

‏-ما الذي يحدث<br />

اخذَ‏ الورقة مني بعنف وضعها على فخذهِ‏ االيمن وكتبَ‏ عليها بحروف كبيرة<br />

‏-افتحْ‏ الصوت ايها األبله<br />

اعطاني الورقة وذهب مبتعدا ‏,رجعتُ‏ للبيت ‏,رأيتُ‏ جهاز التحكم مرميا على<br />

االرض ‏,التقطتهُ‏ وخرج ‏ُت<br />

كانت المدينة كلها واقفة امامي ‏,بكل موتها وحروبها,بنهرها الجاف ونخيلها<br />

الميت,بشياطينها الذين يوسوسون ليل نهار ليجعلوا الناس في حالة من الالوعي<br />

يصرخون ويصرخون وال يتعبون من الصراخ.‏<br />

لذلك قبل ان اضغطَ‏ على الزر الذي يفتحُ‏ الصوت رميتُ‏ جهاز التحكم في الفراغ.‏


الخاطرة<br />

كان يمكنُ‏ أنْ‏ أكون<br />

فريد قاسم غانم<br />

بينَ‏ إغماضتَيْنِ‏ اثنتَيْنِ،‏ كانَ‏ يمكنُني أنْ‏ أَكونَ‏ ما أشاءُ؛<br />

سَفَرْجلَةً‏ على شَجَرِ‏ التُّفّاحِ‏ /<br />

عدَسًا فُقاعِيّاًعلى رغْوَةِ‏ الينبوعِ/‏<br />

حفنةَ‏ سُمسُمٍ‏ على شَجَرِ‏ الرّياحِ‏ /


دودةَ‏ قزٍّ‏ على جسَدِ‏ المرأةِ‏ األولى/‏<br />

عدّاءً‏ في زنزانةٍ‏ بال نافذةٍ/‏<br />

شاعرًا مُتجوّالً‏ في مركبَةٍ‏ فضائيّةٍ/‏<br />

قيثارةً‏ في فضاءٍ‏ ال يتذبذبُ/‏<br />

ماءً‏ زُالالً‏ على وجهِ‏ زُحَل...‏<br />

ولكنتُ‏ خسِ‏ رتُ‏ نفسي.‏<br />

)٢(<br />

)٣(<br />

)٤(<br />

كان يُمكنُني،‏ لو أسقطَني نورسٌ‏ قليلُ‏ االنتباهِ‏ من منقارِهِ‏ فوقَ‏ الشاطئِ‏ الغربيِّ،‏ أن<br />

أمشيَ‏ على الجنبَيْن،‏ بين الوراءِ‏ وبينَ‏ األمام،‏ أو أنْ‏ أربِّيَ‏ جديلةً‏ جامايكيَّةً‏ أو أعلّقَ‏<br />

نفسي على قِرْطٍ‏ ذهبيٍّ،‏ أو أنْ‏ أسكُنَ‏ على الطّريقِ‏ السّريعِ‏ إلى القُطبِ‏ الشّماليِّ‏<br />

وإلى النّجوم.‏<br />

ولكنتُ‏ خسرتُ‏ نفسي.‏<br />

كانَ‏ يمكنُني،‏ لو كانَ‏ المُحيطُ‏ أبي،‏ أنْ‏ أقفزَ‏ على ظهرِ‏ عمالقٍ‏ في حجمِ‏ جزيرةٍ،‏ أو<br />

أنْ‏ أمسِ‏ كَ‏ الماردَ‏ مِن ذقنِهِ‏ حتّى يصرخَ‏ ‏"شُبّيْكَ‏ لُبَّيْكَ‏ "، أو أنْ‏ أجمعَ‏ ابنةَ‏ الحظِّ‏ في<br />

جيبي،‏ أو أن أطيرَ‏ فوقَ‏ شوارعِ‏ سان فرانسيسكو،‏ بسيّارةٍ‏ عريضةِ‏ المنكِبَيْن،‏ وأن<br />

أعيشَ‏ حتى التئامِ‏ القُبلةِ‏ الفرنسيّةِ‏ على حافّةِ‏ الفيلمِ‏ السّعيد.‏<br />

ولكنتُ‏ خسرتُ‏ نفسي.‏<br />

كانَ‏ يُمكنُني،‏ لو دثّروني بمَرْجٍ‏ من العُشبِ‏ دائمِ‏ الخُضْرةِ،‏ في سريرٍ‏ تؤرجِ‏ حُهُ‏ قَدَمٌ‏<br />

من المُرجانِ،‏ وظلّلتني طاقيّةٌ‏ عاليةٌ‏ ومُسيَّجةٌ‏ ‏-كانَ‏ يُمكنُني أنْ‏ أسبِقَ‏ الصّوتَ‏ وأزرعَ‏


اآلهاتِ‏ على شفاهِ‏ الجَميالتِ‏ ، وأسدِّدَ‏ الكرةَ‏ األرضيّةَ‏ في أعلى الشِّبَاك.‏<br />

ولكنتُ‏ خسرتُ‏ نفسي.‏<br />

)٥(<br />

كان يمكنُني أن أكونَ‏ أيَّ‏ شيءٍ،‏ في البُرهةِ‏ الطّويلةِ‏ الممدودةِ‏ بينَ‏ رَحْمَيْن؛<br />

بائعَ‏ أرقامٍ‏ على شبابيكِ‏ المجَرَّاتِ‏<br />

/<br />

رُبّانَ‏ سفينةٍ‏ خشبيّةٍ‏ على دربِ‏ ابنِ‏ بطّوطة/‏<br />

دواَئرَ‏ سوداءَ‏ حول عينَيِّ‏ كوبرنيكوس/‏<br />

ثُقبًا أسودَ‏ في الخَيالِ‏ الّالنهائيِّ/‏<br />

سائسَ‏ خيلٍ‏ في اصطبالتِ‏ هنري الرّابع/‏<br />

صيّادًا لألسماكِ‏ المُصابةِ‏ بالنِّسيان تحتَ‏ صقيعِ‏ المسيسيبّي/‏<br />

غسّالةً‏ يدويّةً‏ في مياهِ‏ الغانجِ‏ أو إسفنجةً‏ من وبرِ‏ الجُرذانِ/‏<br />

تاجرًا للتَّاريخِ‏ على حجرٍ‏ في رصيفٍ‏ من أرصفةِ‏ القاهرة/‏<br />

حارسًا للماءِ‏ الباهظِ‏ في البندقيّةِ/‏<br />

فالّ‏ حاً‏ يبذُرُ‏ حقلَهُ‏ ببذورِ‏ الهالِ‏ واألناناس في مدُنِ‏ النّّملِ‏ األبيضَ‏ والفُهودِ.‏<br />

ولكنتُ‏ خسرتُ‏ نفسي.‏<br />

)٦(<br />

كانَ‏ يمكنُني،‏ لو نجوتُ‏ من غضبِ‏ البحرِ‏ عندَ‏ كهفي المرتفعِ‏ في بالد التّايْ،‏ أنْ‏<br />

أكونَ‏ صاحبَ‏ فيلٍ‏ بال نابٍ‏ أو رجُالً‏ يبيعُ‏ الهوى على قارعةِ‏ النّوادي أو تاجرًا<br />

للغواني المتبرّجاتِ‏ ممّن يحبُّهُنَّ‏ الكُهولُ‏ األلمانُ‏ وسائرُ‏ الرّجال.‏<br />

ولكنتُ‏ خسرتُ‏ نفسي.‏<br />

)٧(


كان يمكنُ‏ كلُّ‏ شَيء.‏<br />

كانَ‏ يمكنُني،‏ في المساحةِ‏ المُمتدّةِ‏ بين زغرودةٍ‏ ولوْعةٍ،‏ أنْ‏ أكونَ‏ بطالً‏ على جبالِ‏<br />

األولمبِ‏ ؛<br />

حاكمًا مملوكيّاً؛<br />

مرتزِقًا عُثمانيًّا؛<br />

سائقَ‏ حَنطورٍ‏ في حيفا القديمة؛<br />

بائعَ‏ كعكٍ‏ في جمهوريّةِ‏ إفالطون؛<br />

وسيطًا بينَ‏ سقراطَ‏ وميشيل فوكو؛<br />

تِلِسكوبًا في خدمةِ‏ زرقاء اليمامة؛<br />

ساقِيًا يديرُ‏ كؤوسَ‏ السُّمِّ‏ على األباطرة؛<br />

طائرَ‏ رعْدٍ‏ فوقَ‏ الصّخورِ‏ المغروسةِ‏ في الصّميم،‏<br />

مُحارِبةً‏ أمازونيّةً‏ في طُولِ‏ سَرْوَةٍ،‏<br />

راقصًا صوفيّاً‏ على أنغامٍ‏ رَسْمٍ‏ قديمٍ،‏<br />

وَتَرًا على ربابَةِ‏ البدويِّ،‏<br />

قارئًا للفناجينِ‏ واألصابعِ‏ والطّوالعِ،‏<br />

مفتاحًا لبوّابات الزُّجاجِ‏ العالي،‏<br />

قيمةً‏ فائضةً‏ في سِ‏ فْرِ‏ الشَّهَوات،‏<br />

كِشكًا لتبديلِ‏ العمالتِ‏ وجِ‏ لْدِ‏ الوُجوهِ،‏<br />

مُناديًا على جِ‏ دارِ‏ وول-‏ ستريت،‏ بصوتٍ‏ منسوجٍ‏ من ريشِ‏ الهنود....‏<br />

ولكنتُ‏ أضعتُ‏ نفسي.‏<br />

)٨(


كان يمكِنُ‏ أن أكونَ‏ أيَّ‏ شيءٍ،‏ بينَ‏ بوّابتَين على الدّربِ‏ بين العواصمِ‏ وبين روما.‏<br />

لكنّني لم أكنْ‏ غيري،‏ إالّ‏ قليالً‏<br />

.<br />

)٩(<br />

ها هنا يأكلُني الوقتُ‏ الجَشِ‏ عُ،‏<br />

ويجرُّني اإلثمُ‏ األبديُّ‏ بسلسلةٍ‏ غير مرئيّةٍ‏ من المعدَنِ‏ الخامِ،‏ ألنَّني لم أكنْ‏ ما كانَ‏<br />

يمكنُ‏ أن أكون.‏<br />

هنا،‏ اآلن،‏ أنا هو أنا إلى حدٍّ‏ بعي ‏ٍد.‏<br />

التجأتُ‏ إلى الحِ‏ ذاءِ،‏ منذُ‏ اللّعنةِ‏ األولى،‏ ألصونَ‏ عقِبي من األفعى،‏ وكي أرتفعَ‏ قليالً‏<br />

فوقَ‏ رأسي وأضبِطَ‏ مِشيَتي في األزقَّةِ‏ المتغيّرة.‏<br />

قيلَ‏ لي إنَّ‏ األفعى تعتمِرُ‏ خوذةً‏ من الفوالذِ،‏ منذُ‏ اللّعنةِ‏ األولى،‏ اتِّقاءً‏ النهيارا ‏ِت<br />

التُّرابِ‏ والسُّقوفِ‏ المُنخفضَة.‏<br />

وقيلَ‏ لي:‏ ما نفعُكَ‏ إنْ‏ كسِ‏ بْتَ‏ ؟!‏<br />

فها هي الخطيئةُ‏ مركونةٌ‏ خلفَ‏ الباب.‏ إلينا اشتياقُها وإليها اشتياقُنا.‏<br />

وها هيَ‏ الشّمسُ‏ أحرقتْ‏ جناحيَّ‏ وسفَّعَتْني،‏ بينَ‏ إغماضتَيْن.‏<br />

)١٠(<br />

كان يمكنُنني أن أكونَ‏ أيَّ‏ شيءٍ.‏<br />

لكنّني لم أكنْ‏ غيري إالّ‏ قليًال.‏<br />

وما زلتُ‏ أشقى،‏ كي ال أسقُطَ‏ من بينِ‏ أصابِعي.‏


كلمات وأماني<br />

العامرية سعد هللا<br />

...<br />

تغتالني الكلمات...‏ تتعثر في دمي كوكبة من المعاني،‏ تدور في فلكي ليس في<br />

ذهني معنى واضحا لجداريه المعقول...‏ ‏،تتموج أشباح غريبة...تتقيأ حوارية مفعمة<br />

حدّ‏ الخواء..هل يولد من تزاحم الحلم نجما ‏،يتعرى كما تتعرى أحرف اللغة عند<br />

مداد القلم ؟؟؟<br />

مواء القطط في ليالي شتوية باردة يعانق صرخة براقصها احتفاء بتقيحات جرح غائر<br />

فتولد ابتسامة بلهاء هازئة،هي أشبه بخرنقة تصارع قشرتها،تحاول تمزيق أنسجتها<br />

لترسم لوحة البدء الغريبة،فتسقط في لهب تخزنه الشمس ‏..."منجوهة " أنتِ‏ أيّتها<br />

الخرنقة،‏ لعبة البدء صرخة الوالدة تُقبر نهايتكِ‏ ‏...ذاك هو المنتهى...‏<br />

يا كلّ‏ األمنيات هيّا تجمّعي..‏ اُرتقي نسيجك ‏،لملمي شتات الوجع ‏،اُسكبيه في<br />

متاهات الوجود خمرة ‏،ابعثيه من تباريح الغمام...‏<br />

يا أيّتها األمنيات كوني سفينتي،‏ شُقّي عباب التّيار واحمليني على أكفّ‏ الشّوق<br />

جارف هذا التيّار،‏ حدّ‏ التّشظّي...وألواحي ما عادت تقوى الصّمود،تُبعثرني أنفاسي<br />

‏،تجثو على صدري ‏،تتراكم الزّفراتُ...‏


أتَدري كيف يخرج الزّفرة من شعاب الرّوح؟وكيف تحفر سرادقها؟؟؟وكيف تجتاز<br />

الخاليا ؟؟؟ أتدري كم تواجه الزفرة في رحلتها؟؟؟وكم تحطّم من قالع وقيود حتى<br />

تنفذ إلى أقاصي الصوت ‏،فتنبعث آهة ‏،وتولد ذات غروب ؟<br />

اِحمليني أيتها األمنيات وهجا أصفر يصبغ اآلفاق ‏،ينثر سحره فيلون األقاصي<br />

وألداني ،<br />

تتناثر شظاياه في أغواري فتبعثني مرّة بعد مرّة فأتالشى في عبق الوجود ‏،وأتحرر من<br />

سجن األنا وألهو و األخر ألكون ذاتي من جديد...‏<br />

كم بحثت عنك يا ذاتي التّائهة...‏ كم أشتاقك ‏...عودي كي نبحر من جديد<br />

‏...عودي حتى نجدّف ضد التيّار


النقد


( قراءة في ظاهرة االغتراب في الشعر <strong>العربي</strong> ،<br />

( قصيدة اغتراب ) للشاعر العراقي عبد المنعم حمندي نموذجا )<br />

محمد شنيشل الربيعي


إغتراب ‏\قصيدة جديدة<br />

‏----------------------------عبدالمنعم حمندي<br />

لم أزل أتنفسُ‏ في شهقةِ‏ الماءِ‏<br />

رمالً‏ من الغمِّ‏<br />

قد كسرَ‏ النهرَ‏ حتى استطاب الخواءْ‏<br />

أتهجى إصطباري<br />

إلواجه ما كنتُ‏ سمّيتهُ‏<br />

قبل جيلين باإلغتراب<br />

قابعاً‏ فوق إرجوحةٍ‏<br />

بإنتظارِ‏ الرحيلِ‏ ،<br />

وأعني البقاءَ..‏ ،<br />

على صخ رةٍ‏ بالهواء<br />

تتذكّرُ‏ ما قد تَأنْسَنَ‏ من حجرٍ‏<br />

في زمان العواءْ.‏<br />

......<br />

أيُّهذا الحنين الذي تتبرعمُ‏ أنفاسهُ‏ ،<br />

و الذي قد تفجَّر<br />

أبعد مما نأى<br />

ربّما وسعَ‏ الشمس كرسيّها<br />

‏:إنَّ‏ لي فيكَ‏ ما يُسكرُ‏ النخل قبلَ‏ الحَمامْ‏<br />

عندَما تستفيضُ‏ ،


تَلَفّتَ‏ قلبي ،<br />

فَيعْشِ‏ بُ‏ في راحتيَّ‏ الغماْم<br />

أتُرى تسكرُ‏ الشمسُ‏ قبل الغيابْ‏<br />

أم تراها تمازجُ‏ بين الندى والسرابْ‏ ؟<br />

لمراراتنا قلقُ‏ الموجةِ‏ الحالمهْ‏<br />

قلقُ‏ الرملِ‏ في الدمعةِ‏ الغائمهْ‏<br />

قلقٌ‏ ، والعواصفُ‏ تستنفرُ‏ الثلجَ‏<br />

والشجرَ‏ المُسْتَفزّ‏ ،<br />

فهل هطل الغيثُ..‏<br />

أم اليزال الغمامُ‏ بعيداً‏ ، وجدّاً‏ بعيدْ؟<br />

كان أبعدَ‏ .. أبعدَ..‏<br />

دعني على صهوة الريحِ‏<br />

في قلقٍ‏ أتنفَّسُ‏ من شهقة الماءِ‏<br />

رمالً‏ بحبلِ‏ الوريدْ‏<br />

كيف أن أستزيدْ‏<br />

كيفَ‏<br />

كيفْ‏ .. ؟<br />

....... .<br />

........<br />

لم أزلْ‏ قابعاً‏ تحت جلدي ،<br />

ومنتظراً‏ في كهوفِ‏ القلقْ‏<br />

في مساء األرَقْ‏


فأعَوذُ‏ بربِّ‏ الفَلقْ‏<br />

من شرورِ‏ الرزايا وما قَدْ‏ خَل ‏ْق<br />

بين ماءِ‏ المالمةِ‏ والرمل ،<br />

أدخلتني في سُبات التأمل ،<br />

في األفقِ‏ .. واألفقُ‏ غابْ‏<br />

ربّما أركبُ‏ البحرَ‏ مغترباً..‏<br />

وأغترابي هنا في الخرابْ‏<br />

في اختالجِ‏ التضاريس<br />

من صخبٍ‏ بثَّ‏ ترّحالهُ‏<br />

في دماء الترابْ‏<br />

في هوى حُلمٍ‏ من شراعٍ‏ نأى<br />

والموانئُ‏ غارقةٌ‏ في الضبابْ‏<br />

هل أهاجرُ‏ ‏..؟<br />

والريحُ‏ تدفعني لتالمسَ‏ ضوءاً‏<br />

هوى غُربةً‏ في الوطنْ!‏<br />

االغتراب ظاهرةً‏ قديمةٌ‏ قدم هذا الوجود,‏ منذ ادم , وبقية االنبياء , ونستطيع القول<br />

انها مرحلة حتمية المرور فمنذ أن تكونت المجتمعات األولى نشأت معها وفي ظل<br />

األزمات التي كانت تتمخض ‏-بشكل أو بآخر-‏ عن أنواع من االغتراب عانى منها<br />

الفرد وهي االغتراب االجتماعي،‏ والنفسي , والسياسي،‏ والعاطفي ، والمكاني ،<br />

والروحي ، وعارضها وفق حجم طاقات المعارضة ، حتى وصلت به الى مفاهيم من<br />

التمرد والعصيان واخرى من الخضوع واالنعزال.‏


1<br />

2<br />

3<br />

ان ظاهرة االغتراب قدر المثقف على كل حال , والشاعر الذي يعيش في عالم ال<br />

ينتمي له , قد يكون وطن , او مجتمع , او ظواهر اجتماعية , او وجود ..... فهو<br />

يتأثر اكثر من غيره , واالغتراب نمط تشكله الكثير من مرفقات النفس البشرية ,<br />

حتى غدا موقفا تقمصه الشاعر في كتاباته والروائي في رواياته ‏...وفي التاريخ نجد<br />

هذه الظاهرة موجودة على مستوى كبير مثلها الشخوص الذين انفردت نفسياتهم<br />

وحملت اعباء الوجود ومنهم امرؤ القيس وطرده من قبل ابيه , وطرفة بن العبد<br />

الذي خرج متمردا على قيم القبيلة , وعرف عنترة العبسي االغتراب بسبب لونه<br />

ونسبه ألمّه ، ثم ان أبا تمام قد مر باغترابات كثيرة منها مكانية واجتماعية ونفسية<br />

حتى تبين له كشاعر ان االغتراب هو طريق الى كشف الذات , وارتبط االغتراب<br />

بحياة المتنبي ارتباط االنسان الشاعر والذي مكنه من التجدد في كتابة الشعر<br />

واتخاذ القرار خارج بيئته االم ، وعاش الشريف الرضي اغترابات قد تكون هي<br />

االصعب بسبب االنتماء.‏ واغترابات المعري التي تكاد ان تكون مركبة التوجه ...<br />

واالغتراب النفسي أشد العواطف عمقا في الشعر والكثير منها خلقت افقا للكاتب<br />

ان يرسم خارطة جديدة للوجود , وال شك ان للكاتب او الشاعر اسبابه في<br />

االغتراب نجد منها:‏<br />

منفعل<br />

4<br />

عدم االنتماء للمجتمع ، الكون ، الحياة , المكان....‏<br />

فقدان الحرية والتهميش في اخذ الدور لعملية رسم الوجوديات<br />

االنفعاالت النفسية التي تتحول بالتراكم الى التفكير بالخالص من وجود كون<br />

تغلب الحضارة على المفاهيم االنسانية العظمى وخرق النظم االخالقية<br />

ان الشاعر <strong>العربي</strong> المعاصر محاصر باالغتراب سواء في ذاته او في التصور<br />

بالخالص , وهذا ولد عمق ابداعي في كتابة النص الحديث.‏


والشاعر عبد المنعم له افقه الخاص في ترجمة معنى االغترابية سنرافقه في نصه<br />

االتي لنتعرف اكثر على فلسفة الشاعر في التصور لتلك الظاهرة.‏<br />

لقد بدأ الشاعر االغترابية من العتبة التي جعلها قصدية التأمل ابتداء , وليعلم<br />

المتلقي ان فحوى النص يدور حول ذلك المفهوم االنساني وصبغتة التي تتشكل<br />

من تفاصيلها معطيات تتحول الى ازمة انتماء ووجود.‏<br />

لم أزل أتنفسُ‏ في شهقةِ‏ الماءِ‏<br />

رمالً‏ من الغمِّ‏<br />

قد كسرَ‏ النهرَ‏ حتى استطاب الخواءْ‏<br />

أتهجى إصطباري<br />

إلواجه ما كنتُ‏ سمّيتهُ‏<br />

قبل جيلين باإلغتراب<br />

قابعاً‏ فوق إرجوحةٍ‏<br />

بإنتظارِ‏ الرحيلِ‏ ،<br />

وأعني البقاءَ..‏ ،<br />

على صخرةٍ‏ بالهواء<br />

تتذكّرُ‏ ما قد تَأنْسَنَ‏ من حجرٍ‏<br />

في زمان العواءْ.‏


يبدأ الشاعر بتصوير المشهد بلسان انزياحي متجلي المعالم والرمزية في مقطع<br />

متكامل حينما يجعل التنفس داخل الماء وهذا محال وجعل من الغم رمال وهي<br />

استعارة للكثرة ثم عدا على كسر النهر وهو رمز العطاء والحب والنماء وكأنه يسرد<br />

عليك اسباب ذلك التشظي بتصاعد الحدث ونمو المفردة , بعدها يتحول الى<br />

ذلك التأسيس الذي ينتظر فيه الرحيل والذي يعده خالصا ويجد فيه الشاعر حقيقة<br />

وجوده في البقاء بانفعاالته النفسية , فهو يستخدم اسلوب الموسيقى الخارجية<br />

ليطبع في ذهن المتلقي جسامة ذلك المفهوم فيؤسس لعالقة بين طرفي معادلة هي<br />

في حقيقة االمر خالصات تجربة قائمة محصورة في زمن حصرها الشاعر في<br />

جيلين وهو شاهد يؤرخ لتلك الحقبتين :<br />

"""""""""""""""""""""""""""""<br />

ُ<br />

أيُّهذا الحنين الذي تتبرعمُ‏ أنفاسهُ‏ ،<br />

و الذي قد تفجَّر<br />

أبعد مما نأى<br />

ربّما وسعَ‏ الشمس كرسيّها<br />

‏:إنَّ‏ لي فيكَ‏ ما يُسكرُ‏ النخل قبلَ‏ الحَمامْ‏<br />

عندَما تستفيضُ‏ ،<br />

تَلَفّتَ‏ قلبي ،<br />

فَيعْشِ‏ بُ‏ في راحتيَّ‏ الغمامْ‏<br />

أتُرى تسكرُ‏ الشمس قبل الغيا ‏ْب<br />

أم تراها تمازجُ‏ بين الندى والسرابْ‏ ؟


الشك انّ‏ الشاعر يواجه مشكلة وجودية كبيرة في عملية االنتقال , وال نعرف كيف<br />

سيوفق بين مفهومي االغتراب والحنين ولمن سنكون الغلبة في النهاية ؟ انه ينظر<br />

لالغتراب كمنظومة واحدة وبمجموعة اسبابها ومتعدداتها النوعية...‏ وهو انسان<br />

جمعي العقل يفكر بمسؤولية تنظيرية لما عليه الكون فبعدما نقلك الى عالم<br />

التغريبية , ها هو يعود بك الى مشكلة الحنين والصراع ( الفكري النفسي )<br />

ويشكل ازمة جديدة يضعها قبالة المتلقي بين نجدين واضحين.‏<br />

عندما يتكاثر الحنين كالبراعم وربما اكثر امتدادا وهذه الرجعة تمثل امتالك الشاعر<br />

عمق بعده والتصاقه بالمكان ودالئل الموجودات من النخيل والشمس والندى...‏<br />

كل ذلك يجعله في صور فنية عالية التقنية تتعلق بالتجربة الشعورية , والصياغة في<br />

استخدام اسلوب مضغوط المعنى , مقصود الداللة وطريقة الموسيقى الخارجية قد<br />

عمقت صدق تلك المشاعر وفتحت آفاقه للمتلقي الذي شده من اول العتبه<br />

بمعناه السياقي وهو يحول الخطاب الى داللة اتساعية قد اثبت بها صدق قوله<br />

عقال.‏<br />

لمراراتنا قلقُ‏ الموجةِ‏ الحالمهْ‏<br />

قلقُ‏ الرملِ‏ في الدمعةِ‏ الغائمهْ‏<br />

قلقٌ‏ ، والعواصفُ‏ تستنفرُ‏ الثلجَ‏<br />

والشجرَ‏ المُسْتَفزّ‏ ،<br />

فهل هطل الغيثُ..‏<br />

أم اليزال الغمامُ‏ بعيداً‏ ، وجدّاً‏ بعيدْ؟<br />

كان أبعدَ‏ .. أبعدَ..‏<br />

دعني على صهوة الريحِ‏


في قلقٍ‏ أتنفَّسُ‏ من شهقة الماءِ‏<br />

رمالً‏ بحبلِ‏ الوريدْ‏<br />

كيف أن أستزيدْ‏<br />

كيفَ‏<br />

كيفْ‏ .. ؟<br />

نستطيع ان نتعرف على سبب اغتراب الشاعر من خالل تكرار لفظة القلق الذي<br />

يذكره اكثر من مرة وهي اشارة لسبب اغترابه النفسي كما انه يُذكر المتلقي بكثافة<br />

هذا االغتراب الذي سببه ذلك القلق الذي يرجو فيه الشاعر ان يزال بذلك الغيث<br />

الذي هو االخر محط تساؤل وامل بعيد.‏<br />

لم أزلْ‏ قابعاً‏ تحت جلدي ،<br />

ومنتظراً‏ في كهوفِ‏ القلقْ‏<br />

في مساء األرَقْ‏<br />

فأعَوذُ‏ بربِّ‏ الفَلقْ‏<br />

من شرورِ‏ الرزايا وما قَدْ‏ خَلقْ‏<br />

بين ماءِ‏ المالمةِ‏ والرمل ،<br />

أدخلتني في سُبات التأمل ،<br />

في األفقِ‏ .. واألفقُ‏ غابْ‏<br />

ربّما أركبُ‏ البحرَ‏ مغترباً..‏<br />

وأغترابي هنا في الخرابْ‏


في اختالجِ‏ التضاريس<br />

من صخبٍ‏ بثَّ‏ ترّحالهُ‏<br />

في دماء الترابْ‏<br />

في هوى حُلمٍ‏<br />

من شراعٍ‏ نأى<br />

والموانئُ‏ غارقةٌ‏ في الضبابْ‏<br />

هل أهاجرُ‏ ‏..؟<br />

والريحُ‏ تدفعني لتالمسَ‏ ضوءاً‏<br />

هوى غُربةً‏ في الوطنْ!‏<br />

عبد المنعم حمندي شاعر سبعيني الصبغة والمولد يعشق الموسيقى في كتابته<br />

الشعرية يجد فيها مدخال لكل اعماله ويحبذ تلك العالقة مع المتلقي الستمالته<br />

ومستهال لنسج النصوص وبنائها الفني ودورها في تثبيت االنفعال كما ان االيقاع<br />

في معالجة االغتراب عند شعراء السبعينات يكون عبر وسائل تحقيقية كثيرة اختار<br />

منها الشاعر التكرارية في الصوت لخلق مساحة فضاء واسعة فتبين اثر القافية<br />

والموسيقى على نمطية الصورة ومحاورة اآلخر.‏<br />

من االلتفاتات البنائية التي اراد بها الشاعر قدح الذهنية هي توظيف االقتباس<br />

ومدخالت الموروث الديني التي تكون اقرب لفهم الحالة االنفعالية والرجوع الى<br />

الهدوء والطمأنينة / فاعوذ برب الفلق / من شرور الرزايا وما قد خلق/‏<br />

.


االنزياح الشعري ، قصيدة<br />

للشاعرة ميادة العاني نموذجا<br />

د.‏ أنور غني الموسوي<br />

( الوجه السابع )<br />

1- تمهيد


يمكننا القول و بشكل صريح انّ‏ مفهوم الشعر قد تغيّر نحو توّسع في فكرة<br />

المجاز ، و دخل فيه و بقوة مصطلح االنزياح مع ما يحمله من تحرّر كبير . و ال<br />

بد من التأكيد أنّ‏ فكرة االنزياح وسّعت النظرة الجمالية لخرق اللغة من العالقة بين<br />

المفردات ، الى الخرق للعالقة بين الجمل و الفقرات في النص .<br />

ان ما يدفعنا للحديث عن فنية الشعر و عن نماذج تحقق االنزياح الشعري<br />

االبتعاد غير المبرر الذي نتج عن فكرة التأويلية ، و فتح الباب أمام التجاورية<br />

اللفظية المتجافية و الجافة التي تتجاوز حدود المسوّغ للتركيب .<br />

، هو<br />

الجافة غير المبرّر تخلّ‏ بجمالية العبارة ، حيث انّ‏ الصدمة الحاصلة<br />

ان التجاورية ، من دون ذلك<br />

بالخرق اللغوي ال تنفذ الى العمق ان لم تكن لها مبرر من األلفية الصدمة الى العمق و تبقى شيئا سطحيا . و اللذة الشعرية في حقيقتها<br />

لن تنفذ هي ما كانت تضرب في العمق ، و التي ال تذعن اال للطاقة التعبيرية االضافية<br />

و ليس مجرد خرق لمنطقية اللغة و ابتداع تجاورات و صور تحقق الألفة<br />

للتركيب و تبقى في مجال الجفاء . بمعنى أخر ان اهم مميز لالنزياح الشعري<br />

عالية يفيد وظيفية تعبيرية و اضافة في طاقة اللغة ، و يشتمل على<br />

انه و األلفة الفكرية<br />

التجاورية الظاهرية النصيّة تتمثل بالأللفة تضادية ثنائية القراءاتية ‏،وفي هذا ترسيخ و تأكيد لحقيقة ان الشعرية و االبداع تعتمد<br />

العميقة في جانب منها على القارئ و قراءته ، و يؤكد على ضرورة التداولية و الخطابية في<br />

النص االبداعي و تجعل التأويلية في زاوية االشكال و التساؤل .


2- غاية المقال<br />

الغاية من المقال التمييز بين االنزياح الشعري المحقق لصدمة و ادهاش<br />

عميقين ، و بين االنزياح غير المبرر المحقق لصدمة سطحية و جفاء ، و اعطاء<br />

فهم مميز للشعرية بانها تشتمل على ثنائية تضادية من الاللفة التجاورية النصية و<br />

االلفة الفكرية القراءاتية . كما ان تتبع تلك العناصر هو من ادوات النقد<br />

التعبيري العميق او نقد ( ما بعد االسلوبية ) المتجاوز الخفاقات النقد االسلوبي<br />

المقتصر على النص ونظام اللغة.‏<br />

3- النموذج<br />

سنورد هنا نموذجا لالنزياح الشعري المحقق لمتطلبات الفكرة المتقدمة ، يتمثل<br />

بقصيدة ( الوجه السابع ) للشاعرة العراقية ميادة العاني .<br />

( الوجه السابع )<br />

ميادة العاني<br />

بين رحيلك وتقاطري<br />

جملة اشتهاءاتٍ‏<br />

سريعة الهرم


أتعرى حروفي<br />

فتلبسني معاجم ارتقاء<br />

أماجن الكلمات<br />

أبيح لها الرقص<br />

على مذبح الرغبة<br />

مدينتي المنكوبة<br />

بسرابيل التواري<br />

اعزيها بقصيدة بائسة<br />

أعيد توزيع العالمات<br />

فوق خرائطي<br />

أالحق شرفات باسقات<br />

ينتصبن كفحولة ليل عقيم<br />

أعاقر السكرات<br />

بموانئ ضامرة<br />

العالم!‏<br />

هيستيريا<br />

واالنتشاء!‏<br />

خمرة معتقة لزمن بليد<br />

انتصف<br />

بينك .. وبينك<br />

علُ‏ هذياناً‏<br />

يقد هلوستي


من قبل<br />

وعند خط<br />

ترسمه الشياطين<br />

نعقد العزم<br />

ننتظر المبادرة<br />

ألمر لم يدبره ليل<br />

فنلوذ بالوهن<br />

الن العمر والدة للفناء<br />

ونحن!‏<br />

ال زلنا .. غرباء<br />

خيمتي!‏<br />

رسائل<br />

‏....يتخطاها الفراغ<br />

وسمائي!‏<br />

شبح كبرياء<br />

‏...يمطر حمماً‏ جافة<br />

الشبق!‏<br />

مسالت اعتالء<br />

‏...محتقنة بالمكان<br />

تلفظ أنفاسها<br />

وتجيز لنا التجمل على أرصفة<br />

يتراشقها الغرباء


بعيون تفرض تساؤالتها<br />

أ من وجود يفيض ؟<br />

والعباب<br />

يجثم على أنصاف الحلول ؟<br />

كأنصاف أقطار<br />

تدور!‏<br />

في محاور الضباب<br />

وكأي كائن منبوذ<br />

اكسر وهما<br />

ألخلق إيهاما<br />

بقلق يمازج راحلتي<br />

فالنرد !<br />

له وجه سابع<br />

يا لخيبتك<br />

المكتنزة باالنزواء<br />

لم اعد أطيق<br />

سأسحب الفاجعة<br />

‏.....من أذنيها<br />

بوحشية محمومةٍ‏ بالتشظي<br />

ولن أسافر إلى حلم مهزوم<br />

ترقد فيه<br />

أموات الصدى


وسابكيك<br />

بعيون معصوبة<br />

مسها الفجر<br />

عند وطن يلفظه النور<br />

فما جدوى اتساع الحدقات ؟!‏<br />

لموتى يطلقون سراح الحياة<br />

ويمدون العروق<br />

بالوهم<br />

يتجلى فيهم التوحد<br />

ويلكز خيول مخيلة ثرية<br />

فتكتب نصا<br />

ال يشبه<br />

‏........إال نفسه<br />

طريقة التحليل<br />

-4


هنا سنبحث مالمح االنزياح الشعري بخاصيتيه المتقدمتين التعبيرية و الثنائية<br />

التضادية بين االلفة و الاللفة ، و طريقتنا المعتادة بالتركيز على جزئية واحدة في<br />

لغة النص ، و االبتعاد عن الحكم االجمالي او البحث الكلي لجميع النص<br />

،<br />

وهذا منطلق من امرين االول اننا نعتقد بعلوية االبداع و انه عمل غير عادية لذلك<br />

ال يمكن اختزاله في مقال ، بل كل نص تحتاج دراسته الى صفحات و جهات<br />

كثيرة ، وهذا نابع من باب االعتزاز و التقدير للعمل االبداع ، كما انه يوجه اشكاال<br />

كبيرا على القراءة المتسرعة . و ثانيا انه من السعي لبلورة نظام افكار يخص نظرية<br />

االدب منطلقا من النصوص و الجزئي الخارجي ، فبعد تراكم تلك االبحاث<br />

الجزئي نستطيع حينها التوجه نحو بيان معالم نظرية ادبية و نقدية خاصة . و من<br />

المهم جدا التسليم بان االبداع ، اي ابداع يتسم بالتدرج ، و التنوع ، لذلك في<br />

اي بحث في موضوعة فنية معينة او عنصر جمالي معين ، ال بد ان يتلفت و بدقة<br />

الى درجات تجلي تلك الفكرة في النص ، و صورها التي تتمظهر بها ، بمعنى اخر<br />

ان اشكال تجلي الفكرة او درجات ذلك التجلي مهمة جماليا الجل التوصل<br />

الى المالمح الدقيقة للعناصر<br />

الجمالية .<br />

التحليل و القراءة<br />

-5<br />

االنزياح الشعري في النص المتقدم يتجلى بصور مختلفة و درجات<br />

مختلفة<br />

سنتلمسها في كلماتنا القادمة . تقول الشاعرة ميادة العاني .


( بين رحيلك وتقاطري<br />

جملة اشتهاءاتٍ‏<br />

سريعة الهرم )<br />

االنزياح هنا ليس اسناديا بين المفردات ، و انما كان بين النظام الجامع بينها ، اذ<br />

من الواضح االختالف الكبير بين حقل المعنى للرحيل و التقاطر و االشتهاءات و<br />

) الهرم<br />

، فاالنزياح هنا نظامي جملي بالالفة نصية ظاهرة ، و حقول المعنى<br />

للمفردات متباعدة ، اذن نحن امام الالفة نصية جملية متباعدة . التبرير المعنوي<br />

العميق للتركيب له عناصره هنا ، فكلمة ( بين ) اكدت الظرفية الزمانية الوجودية و<br />

الحدوثية لالشتهاءات ، فتجلى العام الحدوثي لالشتهاء في ظرف حدوثي ، كما<br />

ان الرحيل و ما يبعث من شوق و حنين ، يقابله الحنين و الشوق في االشتهاءات<br />

، و التقاطر ايضا ينثال منه الذوبان و الفناء الجل المطلوب ، وهو يشتمل على<br />

الحنين و الشوق . اذن الوحدة التبريرة للمجاز الجملي هنا هو االلتقاء االنثيالي ،<br />

حيث ان تلك المفردات ال تلتقي في حقولها المعرفية و انما في انثياالتها .<br />

من هنا يتبين تجلي الخاصية االولى لالنزياح الشعري وهو الثنائية التضادية المعنوية<br />

، و اما الخاصية الثانية وهو التعبيرية و توسيع طاقات اللغة ، فمن الواضح االرتقاء<br />

العالي للغة بهذا النظام الذي احدثته الشاعرة ، اذ ال ريب في تعاظم االبهار و<br />

الداللة في االستعارات الموجودة في التقاطر و االشتهاءات و الهرم السريع . و<br />

بهذا فالتركيب مع تعالي انزياحاته فانه قدم بوحا عميقا و انساينا و اقترب من


القصد القراءاتي ، و بذلك يقدم لنا لغة شعرية مدهشة و جمالية و هادفة و بناءة ،<br />

ترفع من مستوى اللغة و مستوى القراءة و تحقيق الجمال الشعري بكل منطقية و<br />

علو ‏.و هذا الشكل نجده حاضرا ايضا في مقطع اخر للشاعرة تقول فيه<br />

‏)الشبق!‏<br />

مسالت اعتالء<br />

‏...محتقنة بالمكان<br />

) تلفظ أنفاسها<br />

فانا نجد التباعد المعنوي بين المفردات و ان التبريرات المعنوية و التحاطبية<br />

عميقة و انثيالية فهذا من االنزياح الجملي االنثيالي . وفي مقطع عالي الفنية أخر<br />

تقول الشاعرة<br />

)<br />

‏)أماجن الكلمات<br />

أبيح لها الرقص<br />

على مذبح الرغبة<br />

هنا االنزياح يقع بين المفردات و ضمن حقول معنوية متقاربة ، ليست كالصورة<br />

السابقة ، اذ االلتقاء هنا ال يحتاج الى التبرير االنثيالي ، و انما يحصل بذات البعد<br />

الحقلي للمعنى لكل مفردة .


فعبارة ( اماجن الكلمات ) من القريب جدا فهم الداللة القريبة لكلمة اماجن بفعل<br />

الكتابة و الكالم ، فتكون استعارة تعبيرية قريبة تلتقي في حقل المعنى ، اال انها<br />

بطاقة تعبيرية اضافية واضحة ، فتتحقق الخاصيتين لالنزياح الشعري هنا ، و كذا<br />

في عبارة ( ابيح لها الرقص على مذبح الرغبة ) بل ان التقارب في حقول المعنى<br />

هنا اوضح ، اال انه ال يصل الى حد الوضوح الكبير في غيرها من االنزياحات<br />

التوصيلية التي تتدخل حقول المعنى الى اقرب من ذلك . اذن لدينا هنا انزياح<br />

مفرداتي حقلي في قبال االنزياح السابق الذي كان انزياحا جمليا انثياليا . وكذا<br />

نجد هذه الخصائص في مقطع أخر للشاعرة تقول فيه :<br />

)<br />

ونحن )!<br />

ال زلنا .. غرباء<br />

خيمتي!‏<br />

رسائل<br />

‏....يتخطاها الفراغ<br />

وسمائي!‏<br />

شبح كبرياء<br />

‏...يمطر حمماً‏ جافة<br />

اذ من البين ان االنزياحات هنا في تعابير هذا المقطع ترجع الى<br />

المفرداتي<br />

االنزياح<br />

الحقلي .<br />

و في مقطع اخر تقول الشاعرة


‏)سأسحب الفاجعة<br />

‏.....من أذنيها<br />

بوحشية محمومةٍ‏ بالتشظي )<br />

نالحظ المجاز االسنادي بين المفردات ، لكن التباعد الحقلي كبير بينها ، فال<br />

يبرره اال االنثياالت ، بين الفاجعة و االذن ، و الوحشية و التشظي ، فاالنزياح هنا<br />

و ان كان مفرداتيا اال انه انثيالي . و كذا نجد هذه الخصائص في مقطع اخر<br />

للشاعر تقول فيه :<br />

‏)أالحق شرفات باسقات<br />

ينتصبن كفحولة ليل عقيم<br />

أعاقر السكرات<br />

) بموانئ ضامرة<br />

فمن الواضح االلفة النصية بين المالحقة و الشرفات و في فحولة ليل عقيم و<br />

اعاقر السكرات و موانئ ضامرة<br />

.<br />

و في مقطع فذ تقول الشاعرة<br />

( وعند خط<br />

ترسمه الشياطين<br />

نعقد العزم<br />

ننتظر المبادرة


)<br />

ألمر لم يدبره ليل<br />

فنلوذ بالوهن<br />

الن العمر والدة للفناء<br />

:<br />

من الواضح االنزياحات الجملية التوظيفية هنا ، كما ان الطاقة التعبيرية العالية<br />

متجلية ‏.في خط ترسمه الشياطين ، و نلوذ بالوهن ) . كما انه من الظاهر التقارب<br />

الشديد بين حقول المعنى للمفردات ، بل انها تنتمي الى حقل معنوي واحد هو<br />

االرادة ، بل يمكن ارجاعها جميعا الى اجناس موحدة هي ارادة االنسانية و<br />

الجماعة و المدينة التي ذكرتها الشاعرة سابقا ، و الوهن و الضعف . اذن<br />

للعبارة داللة واضحة بل وقاهرة توجه القارئ الى عالم و حقل معنوي و االواصر<br />

المعنوية بين المفردات واضحة ، فهذا شكل لالنزياح الشعري الجملي الحقلي ،<br />

تكون فيه اطراف نظام االنزياح من حقل معنوي واحد ، بل من جنس معنوي<br />

واحد ، اذن التبرير التخطابي شديد الوضوح ، وهذا ما يمكن ان نسميه باالنزياح<br />

الشعري قوي األصرة . و هكذا الوصف و النظام في مقطع اخر للشاعر تقول فيه<br />

‏)وسابكيك<br />

بعيون معصوبة<br />

مسها الفجر<br />

عند وطن يلفظه النور<br />

فما جدوى اتساع الحدقات ؟!‏<br />

لموتى يطلقون سراح الحياة


ويمدون العروق<br />

بالوهم<br />

يتجلى فيهم التوحد<br />

ويلكز خيول مخيلة ثرية<br />

فتكتب نصا<br />

) ال يشبه<br />

اذ<br />

من الواضح اشتمل هذا المقطع على الصفات المتقدمة فتكون عباراته من<br />

االنزياح الشعري شديد االصرة .<br />

النتيجة<br />

-6<br />

يفيدنا النص المتقدم و ما خطته يد الشاعرة ميادة العاني ، ان لالنزياح الشعري<br />

صور و درجات ، فمنه ما يكون اسناديا و منه ما يكون جمليا ، و منه ما يكون<br />

حقليا و منه ما يكون انثياليا ، فيكون لدينا اربعة اشكال بدرجات اربع :<br />

الشكل االول : االنزياح الحقلي المفرداتي<br />

الشكل الثاني : االنزياح الحقلي الجملي


الشكل الثالث : االنزياح االنثيالي المفرداتي<br />

الشكل الرابع : االنزياح النثيالي الجملي .<br />

الخاتمة<br />

-7<br />

الجل الخروج من ازمة جفاء اللغة و االنغالق و الترميز الموحش ، ال بد ان<br />

تشتمل اللغة الجميلة و التعبيرات الجمالية على تبريرات تخاطبية معنوية قريبة<br />

حقلية او بعيدة انثيالية ، الجل النفوذ الى اعماق المتلقي و احداث الدهشة<br />

الجمالية العميقة التي تعرّف الشعر الحق و تميزه عن التجاورات البنائية الجافة و<br />

المتجافية .


لالتصال بنا<br />

<strong>مجلة</strong> االدب <strong>العربي</strong> المعاصر <strong>مجلة</strong> مختصة باالدب من شعر و قصة و نثر فني من<br />

خواطر ادبية ونحوها و المقاالت النقدية . تصدر عن مجموعة <strong>األدب</strong> <strong>العربي</strong><br />

المعاصر


نستقبل النصوص و المقاالت و<br />

االستفسارات على العنوان التالي<br />

aladabalarabi1@gmail.com<br />

او<br />

بالتواصل مع احد اعضاء هيئة التحرير<br />

د أنور غني الموسوي<br />

محمد شنيشل الربيعي<br />

سعد غالم<br />

هاني عقيل

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!