التَذَاكِرُ الجِيَاد لأَهلِ الجِهَاد

التذاكر الجیاد لأھل الجھاد
............................................................
[ 144 ]
فحال المؤمن في الدعاء بین ھذه الثلاث وأنعم بھا من حال،‏ قال الحافظ
ابن رجب رحمھ الله:‏ ومن رحمة الله تعالى بعبده أن العبد یدعوه بحاجھ من الدنیا،‏
فیصرفھا عنھ،‏ ویعوضھ خیراً‏ منھا،‏ إما أن یصرف عنھ بذلك سوءاً‏ أو یدخرھا لھ
في الآخرة،‏ أو یغفر لھ بھا ذنبا.‏
والدعاء كما قال العلامة ابن القیم ثلاثة أقسام أحدھا أن یسأل الله تعالى
بأسمائھ وصفاتھ وھذا أحد التأویلین في قولھ تعالى:‏ و‏ الأسماء الحسنى فادعوه
بھا.‏
والثاني:‏ أن تسألھ بحاجتك وفقرك وذلك فتقول:‏ أنا العبد الفقیر المسكین
البائس الذلیل المستجیر ونحو ذلك.‏
والثالث:‏ أن تسأل حاجتك ولا تذكر واحداً‏ من الأمرین،‏ فالأول أكمل من
الثاني،‏ والثاني أكمل من الثالث،‏ فإذا جمع الدعاء الأمور الثلاثة كان أكمل.‏
فائدة:‏ اعلم علمني الله وإیاك أن من فوائد الدعاء رد القضاء فقد صح عن
النبي صلى الله علیھ وسلم أنھ قال:‏ لا یرد القدر إلا الدعاء،‏ ولا یزید في العمر إلا
البر،‏ وإن الرجل لیحرم الرزق بالذنب یصیبھ.‏
قال شیخ الإسلام رحمھ الله:‏ إن الله إذا قدر أمراً‏ فإنھ یقدر أسبابھ،‏
والدعاء من جملة أسبابھ،‏ كما أنھ لما قدر النصر یوم بدر،‏ وأخبر النبي صلى
علیھ وسلم قبل وقوعھ أصحابھ بالنصر وبمصارع القوم،‏ كان من أسباب ذلك
استغاثة النبي صلى الله علیھ وسلم ودعاؤه.‏
وقال الغزالي رحمھ الله:‏ فإن قلت:‏ فما فائدة الدعاء والقضاء لا مرد لھ.‏ ؟
فاعلم أن من القضاء رد البلاء بالدعاء،‏ فالدعاء سبب لرد البلاء واستجلاب
الرحمة،‏ كما أن الترس سبب لرد السھام،‏ والماء سبب لخروج النبات من الأرض،‏
فكما أن الترس یدفع السھم فیتدافعان،‏ فكذلك الدعاء والبلاء یتعالجان،‏ ولیس من
شرط الاعتراف بقضاء الله تعالى أن لا یحمل السلاح،‏ وقد قال تعالى:‏ ‏{وَ‏ لْیَأْخُذُواْ‏
حِ‏ ذْرَ‏ ھُمْ‏ وَ‏ أَسْلِحَتَھُمْ}،‏ كما أنھ لیس من شرطھ أن لا یسقي الأرض بعد بث البذر،‏
فیقال:‏ إن سبق القضاء بالنبات نبت البذر وإن لم یسبق لم ینبت،‏ بل ربط الأسباب
بالمسبّبات ھو القضاء الأول الذي ھو كلمح البصر أو ھو أقرب،‏ وترتیب تفصیل
المسبّبات على تفاصیل الأسباب على التدریج والتقدیر ھو القدر،‏ والذي قدر الخیر
قدره بسبب،‏ والذي قدر الشر قدر لرفعھ سبباً،‏ فلا تناقض بین ھذه الأمور عند من
انفتحت بصیرتھ.‏
................................................................. بقلم الأخ المجاھد:‏ عبد الله خالد العدم ‏(أبو عبیدة)‏ - حفظھ الله