السراج04
You also want an ePaper? Increase the reach of your titles
YUMPU automatically turns print PDFs into web optimized ePapers that Google loves.
ّ<br />
َّ<br />
ُ<br />
َّ<br />
ُ<br />
عيسى عزوق<br />
حدثنا املُفيدُ بن أبي بحر قال :<br />
جلستُ يوما على جبلٍ عالٍ يعانق السحاب ، أرى فيه األرض<br />
مُ دت، والسماءَ قُ ّ دت، من ماءِ اإلنتحاب !! ُ ورأيت أمامي َ عود األمل ذوى<br />
، ورشدَ العقلِ غوى ، بعد ما استبيحت<br />
وبلغَ مني اليأسُ أوج ُ في طِ لبةِ الحتفِ عِ وجه ،و أرجأت<br />
عن إبصار النورِ الرجاء ، كأنني قد انتحلتُ شرّ نِ حلةٍ من اإلرجاء !<br />
كانت الروح تختنق من شدة الحسرةِ على كساد األوضاع، وتكاد<br />
تقترب من الهالك كمدا على املجد والسؤدد الذي قد انهار بنيانُ ه وضاع<br />
!! وكنتُ أحسّ بتجاوب أعضاء الجسد مع بعضها عند الت<br />
تمنيتُ ه لو كان بين أعضاء األمة ً عودة إلى حالِ من سَ لف !<br />
وكنتُ وأنا في تلك الحال البائسة ، أختط لنفسي من وخط شيبِ<br />
الروحِ جادةً على طريق الحياةِ املُتكبرَةِ املائسة ،لعلني أقبس من نارِ<br />
الهدى ، أو أنقذ نفسي بنورٍ يُ نيرُه مَ ن على صراط األمل هدى واهتدى !!<br />
ولو صورتُ ني بصورةِ الغريقِ ! ّ يمد يدا إلى الهواء! وقلبه وطرفه من أملِ<br />
الحياةِ هواء ! لكُ نت أحق<br />
ّة ! إذْ<br />
فبينا أنا في تلك الحالِ املُقضة ، والنفس بطلب الهُ لك مُ لظ<br />
انشقّْ ْ ت أمامَ مقلتيَّ غمامة ، بيضاءُ كأنها في إلتفافها عِ مامة !<br />
جعلت تقتربُ مني كتقريبِ تت ل، كأنها عروسٌ في حُ للها تتبرج<br />
وترف<br />
وكأنما شمسُ األصيلِ مذابةٌ ..<br />
تنسابُ فوقَ جبينها الوهاجِ ..<br />
ي بدا فمنها أنها تتشكلُ على هيئةِ صورة ، ولكنْ ها كانت<br />
ْ اقتربت منّ<br />
عن تمام الظهورِ مقصورة !<br />
تشكلت وتبرجت ،وبدماء الحيرة في نفسي تضرّجت ، وسؤاالت<br />
العقل عن كنهها من عِ هنها تدرّجت وتدحرجت !!<br />
فما هي إال كالتفاتة الضبْ ع ، وجريانِ ماءِ النّ بع ! إذ<br />
ه في القلبِ السكونَ واإلطراق ..<br />
َ صورة كهلٍ بهيّ اإلشراق ، تبعث هيبتُ<br />
ووجها كأن البدرَ أربعٍ ليلةَ ..<br />
وعشرٍ عليه ناصالً قد تهمَّ ما ..!!<br />
قال الحرّ بن أبي بحر : فألقى هللا في رَ وعي أنّ َ الشيخ هو باعث<br />
النهضة في الجزائر ، جاءكَ في هذا الزمن العابس في هيئة زائر !<br />
هو الذي سار ذكره في العاملين مسيرَ الشمس في األمصار ، ومن<br />
وضع عن شعب هذه األرض أغالل الجهالة وما بهم من علل اآلصار ،<br />
هو العَ لم الفرد ُ واملفرد العلم، وهو الشامخ الراسخ الثّ بتُ العَ لَ<br />
إنه صدقا وحقا إمامنا عبد الحميد بن باديس، مَ ن صار له في<br />
البلدِ فخرا به محِ لةُ التقديس ..<br />
رآني هُ ً نيهة رجع بها بصره بنفاذِ البصيرة ، إلى التبحرّ في ما بنفسي<br />
من آالم اآلمالِ الحسيرة !! ونزلت عليّ من نظراتهِ سكينةٌ إيمانية<br />
، كتلك التي شهد بها وحدث عنها مَ ن عرفه معرفةً قريبة<br />
مقامُ إمامٍ قام فيه أئمةٌ ..<br />
لهم في سماء املجد صرحٌ ممردُ ..<br />
تراثُ رجال سابقين تتابعوا ..<br />
هُ مُ تابعوا ما قد بناه وشيدوا ..<br />
همَّ ليكلمني فاستعاذ وبسملَ وحوقل، وخطب خطبة الحاجة<br />
كما في األثر نُ قل ، ثمّ قال :<br />
يا بنيَّ ..! جئتك من ذاك الزمن الذي فيه نُ عيت إلى نفسها األمّ ة<br />
، وسقطت من ذرا املجد فيه الهمّ ة ، واجتمعت فيه متفرقات األدواء !<br />
حتى عزّ على األساة فيه الدواء !<br />
وأيم هللا ما كان لليأس إلينا من سبيل ، ونحن نحمل في صدورنا<br />
كالم ربنا العليّ الجليل ، وما وهنا ملا أصابنا في سبيل رفع راية اإلسالم<br />
والسنة، وما ضرَّنا كيد الكائدين باألهواء الباتكة، والسيوف الفاتكة<br />
واألسنّ ة !<br />
مْ ..<br />
ٌ ربانية<br />
ً وجدانية !<br />
ّ لف ، تجاوبا<br />
ْ ألفيت ُ أمامي<br />
ْ منهما الرّحاب !!<br />
َ ه ، وابتغيت<br />
ّ الناس بالتصديق ..!!<br />
ْ فُ<br />
ل ..<br />
العدد الرابع سبتمبر 2018 -محرم 43 1440