Create successful ePaper yourself
Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.
ع.
ً
16 مان وطريق الحرير البحري
طرق برية وبحرية تبادل عبرها العالم الحرير والذي كان مصدره الصين، وكان الحرير يعّ د
من املنتوجات النفيسة جدا انفرد بالط اإلمبراطورية الصينية باستخدامه، وعبر هذا الطريق
نُ قلت أيضا الكثير من السلع، وُ تعتبر الطرق البحرية جزءا مهما من هذا الطريق، ربطت بين
الشرق والغرب، واسُ تخدمت على األخص لتجارة التوابل، بحيث بات اسمها الشائع" طرق
التوابل"، ولم تحمل هذه الشبكات الواسعة في طياتها السلع والبضائع الثمينة فحسب وإنما
أتاحت أيضا تناقل املعارف واألفكار والثقافات بفضل حركة الشعوب املستمرة واختالطهم
املتواصل، مما أثر تأثيرا عميقا في تاريخ شعوب املنطقة األوروبية اآلسيوية وحضاراتهم، وأصبح
التالقح الفكري والثقافي سائدا في املدن املحاذية لهذه الطرق، حتى أن العديد من هذه املدن
تحّ ولت إلى مراكز للثقافة والتعلم، وشهدت املجتمعات القاطنة على امتداد هذه الطرق تبادال
وانتشار ا للعلوم والفنون واألدب والحرف اليدوية، وُ يعتبر مصطلح" طريق الحرير "حديث العهد
إذ لم تحمل هذه الطرُق القديمة طوال معظم تاريخها العريق اسما بعينه حتى أواسط القرن
التاسع عشر عندما أطلق العالم الجيولوجي األملاني البارون )فرديناند فون ريشتهوفن( اسم "دي
سيدينستراس) " أي طريق الحرير.
تتواصل هذه الطرق البحرية تاريخيا مع الطرق والعالقات التي قامت قبل آالف السنين بين
شبه الجزيرة العربية وبالد ما بين النهرين وحضارة وادي األندوس، وتوّ سعت هذه الشبكة في
مطلع القرون الوسطى عندما أبحرت السفن العُ مانية منذ القرن الثامن امليالدي مكتشفة
مسالك تجارية جديدة عبر املحيط الهندي، وارتبطت منذ ذلك الحين عُ مان والصين بعالقات
تجارية بحرية نشطة حول املوانئ املحاذية لهذه الطريق في عُ مان منها صحار ومسقط وصور
والبليد ومرباط وريسوت، وأصبحت مراكز لتبادل السلع مع األسواق الكبرى وجموع التجار
والبحارة الذين كانوا يزورونها باستمرار، ولعل اإلرث األكثر دواما الذي تركته طرق الحرير هو
دورها في تالقي الثقافات والشعوب وتيسير املبادالت بينها والتبادل الفكري والثقافي التي كانت
عامرة في املدن املمتدة على طول هذه الطرق، وكان التجار والبحارة يواجهون تحديات متعددة
أثناء رحالتهم الطويلة، إلى أن عّ زز تطور تقنية املالحة وال سيما املعارف املتعلقة ببناء السفن من
سالمة الرحالت البحرية خالل تلك الفترة.
مكتب مستشار جاللة السلطان للشؤون الثقافية