من النبي.pdf

30
الاشتراكیة في المقام الأول.‏ وبإمكان جورج غالاوي الذھاب من حي تاور ھاملیتس إلى برادفورد بسبب ھذا
التحالف،‏ ویمكنن لحزب العمال رفض ‏"التصویت الیھودي"‏ ونفي معاداة السامیة لأنھ یعلم أن لدیھ كتلة یساریة
إسلامیة تعمل في أكثر من دائرة انتخابیة.‏ ھذه الكتلة نفسھا تخیف الطلاب الیھود في أكثر من جامعة.‏
وحلفائنا في جمیع أنحاء الشرق الأوسط مھددون بالثورات والتطرف من تحالف ‏"المقاومة"‏ الإسلامي الیساري
ذاتھ.‏ كما تُعد معاداة أمریكا ومعاداة الرأسمالیة ومعاداة السامیة من السمات الممیزة لھم.‏
20
وإلى جانب السیاسة،‏ تأتي ثقافة التنصل من الماضي،‏ حیث یُدینون بشدة كل عنصر من عناصر العبودیة الماضیة
في الغرب،‏ لكنھم یصمتون عن العبودیة في الصین أو الھند أو الإمبراطوریة العثمانیة،‏ ویرفضون الفلاسفة
الیونانیین والرومان باعتبارھم ‏"رجال بیض أموات"،‏ ویرغبون في اقتلاع ‏"النظام الأبوي"،‏ لكنھم یسكتون عن
الدیكتاتوریات في أمریكا الجنوبیة أو القتل الجماعي الذي ارتكبھ ستالین.‏ ورغم أن ولیم ویلبرفورس قاد محاولات
إلغاء الرق؛ والفیكتوریون بدؤوا تكریم الأطفال بالتعلیم والحمایة؛ ینجامین دزرائیلي وغیره من المحافظین وسعوا
التصویت ووضعوا الأسس الأولى لدولة الرفاھیة الحدیثة،‏ إلا أن الغرب لم یفعل شیئاً‏ صحیحاً‏ في الماضي ویجب
نبذ الجمیع وبناء عالم لیبرالي جدید،‏ وھناك حرب ثقافیة جاریة من أجل ھذا الإطار الأخلاقي الجدید.‏
وسیاسة الھویة ھي الحرب الثقافیة الجدیدة.‏ ففي حین أن مارتن لوثر كینغ علمنا أن نحكم على ‏"مضمون
شخصیتنا"،‏ یسعى جیل جدید الآن إلى كره كل ‏"الرجال البیض المنتمین للطبقة الوسطة وأصحاب المیول
الطبیعیة"‏ بسبب ‏"امتیازاتھم"،‏ بینما أصبح المثلیون،‏ والأنثویة،‏ والمتحولون جنسیان،‏ والمسلمون،‏ والسود،‏ والذین
لا یؤمنون بالثنائیة الجنسیة،‏ وغیرھا من الصفات تمثل السمات الرئیسیة للھویة.‏ وما یزید الأمر سوءاً‏ ھو أنھ
توجد مزاعم ثابتة بأن ‏"الرجال البیض"‏ و ‏"العرق الأبیض"‏ یتمتعون بالقوة،‏ وأن جمیع المجموعات الأخرى
ضحایا على ‏"مفترق طرق"‏ حیث تندمج مظالمھم.‏ ویكشف دوغلاس موراي في نظریتھ ‏"جنون الحشود"‏ بمھارة
التناقضات الداخلیة في ھذا الجنون الجدید.‏ إذ أن عدوھم اللدود ھو كل ما ھو محافظ سواء من قریب أو بعید،‏
ومع ذلك فإن كل ما یتمتعون بھ من حریة التفكیر،‏ والتجدیف،‏ والإساءة،‏ والتمرد،‏ والتخریب،‏ والمواجھة،‏ كلھا
حریات قدمھا الرجال والنظام الأبوي الذي یحتقرونھ:‏ الیمینیون،‏ واللیبرالیون،‏ والمحافظون.‏ فمن الذي سیوضح
لھذا الجیل بأنھم مدینون لذریتھم في المستقبل بالحفاظ على أفضل ما في الغرب ووقف ھذا السلوك المدمر للذات
ثقافیاً؟
وما لم یفھم المحافظون تراثنا،‏ ویكون لدیھم الثقة للدفاع عنھ والتقدم بھ،‏ والاعتزاز بأفضل ما لدى الغرب،‏ فإننا
سنسمح بنمو التحالف الإسلامي الیساري وانتشار الحروب الثقافیة.‏ وسیاسة المحافظة لیست مجرد الفوز في
الانتخابات،‏ بل إنھا حب شعبنا،‏ وحب بلادنا،‏ وحب موسیقانا وفننا وتاریخنا وكتبنا ومأكولاتنا وأراضینا وعمارتنا
وكنائسنا ومعابدنا ومساجدنا وملوكنا.‏ ومن الحب یأتي الدفاع عن كل ما یستحق الدفاع عنھ.‏
4