20.01.2021 Views

Num236

You also want an ePaper? Increase the reach of your titles

YUMPU automatically turns print PDFs into web optimized ePapers that Google loves.

ا ل حد‏ ث 10

حول العامل

البلقان حديقة الإخوان اخللفية للتمدد يف ‏أوروبا

تلعب دول البلقان دورا حموريا يف األجندة الدولية الداعمة لتيارات اإلسلام السياسي،‏ كونها خاصرة شرق أوروبية رخوة ساهم التاريخ

االستعماري العثماني خصوصا يف تكريس نفوذ أنقرة وحليفتها الدوحة اللتني تضطلعان بأدوار إمنائية واجتماعية تثري اجلدل حول استقالية

القرار البلقاني.‏ وتلعب الرعاية األجنبية اليت تقوم بها تركيا وقطر يف دول البلقان دورا مهما جدا يف انتشار اإلسام السياسي يف القارة

العجوز حتى أن الكثريين ذهبوا إىل اعتبار تلك الدول حديقة خلفية لنشر التطرف يف قلب أوروبا.‏

رساييفو ‏)البوسنة(‏ - تتطلب مكافحة التطرف اإلسالمي يف أوروبا تحديد

بنيته األساسية املحلية وعرب الوطنية إذ ترتكز تيارات اإلسالم السيايس ‏-وعىل

رأسها جامعة اإلخوان املسلمني-‏ عىل أيديولوجيا دينية عابرة للحدود،‏ وهي

أيديولوجيا ال تعرتف أصالً‏ بالدولة الوطنية،‏ وال بالحدود مع الدول.‏

ويهيمن التنظيم الدويل لإلخوان يف سبيل بلوغ أهدافه املرسومة بعناية سلفا

عىل املؤسسات الفكرية واملنظامت الخرية ذات األبعاد اإلنسانية واإلمنائية

وعىل وسائل اإلعالم العديدة يف الدول األوروبية،‏ ما يسمح له بتوظيف هذه

الشبكات يف الرتويج لفكر الجامعة من ناحية والتحريض عىل األنظمة املعادية

ألجنداتها من ناحية ثانية.‏

ونجحت تركيا جيدا يف التغلغل الناعم داخل مؤسسات ومجتمعات دول

البلقان التي تعترب الحديقة الخلفية لنر التطرف يف قلب أوروبا،‏ مرتكزة

عىل منطلقات تاريخية استعامرية تعود إىل تواجد اإلمرباطورية العثامنية يف

املنطقة قبل عقود لكنها أحسنت،‏ حسب مراقبني،‏ االستثامر أيضا يف إهامل

االتحاد األورويب لحدوده الرقية،‏ ما سمح بتجذر تيارات اإلسالم السيايس

املوالية ألنقرة وتغلغلها يف مؤسسات هذه الدول الرخوة.‏

وما زالت مؤسسات االتحاد األورويب تتعامل مع دول البلقان عىل أنها دول

مصدرة للمهاجرين،‏ يف وقت يؤكد فيه خرباء عىل أن تلك الدول مصدرة أيضا

للتطرف اإلسالمي والفكر املعادي للدميقراطية الغربية.‏

وتبدو دول البلقان منسية يف ضوء تزايد التهديدات تجاه أوروبا،‏ لكن يف

ظل غياب االهتامم األورويب والدويل من املتوقع أن يستمر النفوذ الرتيك يف

تلك املنطقة اإلسرتاتيجية،‏ ما يجعل إسرتاتيجيات مكافحة التطرف واإلرهاب

األوروبية مشكوكا يف جدواها.‏

وبالنظر إىل التقارير الصادرة عن األجهزة االستخباراتية يف أوروبا نجد أن

مخاطر اإلسالم السيايس أشد وطأة من الجامعات السلفية الجهادية،‏ ذلك

أن أنشطة تيارات اإلسالم السيايس تتخفى خلف واجهات جمعيات ومراكز

ومساجد وخطاب يتسم باالزدواجية.‏

تغلغل تركي ناعم

رصد العديد من خرباء الحركات اإلسالمية البدايات األوىل لحركة اإلخوان

املسلمني يف دولة البوسنة والهرسك،‏ ويف منطقة رشق أوروبا عىل وجه

التحديد،‏ من خالل ‏“جمعية الشبان املسلمني”،‏ التي أسسها الرئيس السابق

للبوسنة عي عزت بيغوفيتش ليتوسع نفوذ الجامعة بعد ذلك إىل بقية دول

البلقان.‏

وترتكز الجامعات املسلمة الثالث الكربى يف البوسنة والهرسك،‏ ومسلموها

سالفيو األصل يف أغلبهم،‏ اعتنقوا اإلسالم عىل امتداد القرون املاضية،‏ إىل جانب

وجود أعداد من أصول تركية وعربية وغرها.‏ ويبلغ عدد مسلمي البوسنة

حوايل مليوين نسمة من مجموع أربعة ماليني ونصف املليون.‏

أما الجامعة املسلمة الكربى الثانية فتوجد يف كوسوفو ويبلغ عددها اإلجاميل

حوايل 1.2 مليون نسمة،‏ وتوجد املجموعة الثالثة يف مقدونيا وتتوزع بني

مسلمني مقدونيني يرجح أن عددهم يبلغ حوايل 100 ألف نسمة،‏ يُضاف

إليهم نصف مليون نسمة من األلبان و‎100‎ ألف من املسلمني األتراك.‏ وتُضاف

إىل هذه املجموعات الكربى أعداد أخرى من املسلمني يتوزعون يف الجبل

األسود ويُقدَّر عددهم بعدة عرات من اآلالف،‏ وحوايل مئة ألف مسلم

آخرين من أصول غجرية وأصول أخرى تنتمي إىل كل األعراق وتتوزع عىل

مختلف املناطق واملدن والقرى اليوغسالفية.‏

وكشف موقع أوراسيا ريفيو كيف تغلغلت جامعات اإلسالم السيايس

والجامعات الدينية التي لها أغراض سياسية يف األصل داخل مجتمعات دول

البلقان عن طريق غطاء الجمعيات اإلنسانية والخرية والراكة االقتصادية

واإلمنائية.‏

وقال املوقع إن إقليم يوغسالفيا ‏)سلوفينيا،‏ كرواتيا،‏ البوسنة والهرسك،‏

جمهورية مقدونيا الشاملية،‏ كوسوفو(‏ شهد تواجدا كبرا للجامعات اإلسالمية

السياسية املدعومة من قطر وتركيا،‏ حيث استغلت هذه الجامعات املتطرفة

األزمة االقتصادية العميقة والتوترات السياسية التي سادت إقليم يوغوسالفيا

السابقة خالل العقدين األخرين من القرن املايض ‏)القرن العرين(،‏ وخاصة

ظروف الحرب يف البوسنة والهرسك وكوسوفو.‏

ووفقا للموقع فقد استثمر عدد كبر من املنظامت اإلسالمية اإلنسانية وغر

الحكومية يف قطر وتركيا،‏ والتي تم تحديدها الحقًا عىل أنها منظامت متويل

اإلرهاب،‏ مئات املاليني من الدوالرات لبناء بنية تحتية دعائية قوية وبهدف

نر أيديولوجيا راديكالية والحضّ‏ عىل الكراهية والرصاعات الدينية املختلفة

يف البوسنة وكوسوفو وألبانيا ومقدونيا الشاملية.‏

وأضاف املوقع ‏“هؤالء النشطاء الدينيون،‏ الذين تم تنظيمهم يف مجموعات

مختلفة ومتويلهم من مختلف املنظامت اإلسالمية العاملة يف كوسوفو

ومقدونيا الشاملية ودول أخرى يف املنطقة،‏ نظموا حتى اآلن آالف الدورات

واملحارضات الدينية املختلفة يف جميع األرايض التي يسكنها السكان املسلمون

يف املنطقة وأساؤوا أيضً‏ ا استخدام املدارس والجامعات العامة كأماكن لتنمية

التحريض والدعاية الدينية املتطرفة”.‏

ويف السنوات األخرة شجّع املتطرفون يف كوسوفو أيضً‏ ا السكانَ‏ عىل املشاركة

يف الحرب يف سوريا والعراق.‏ لذلك،‏ يف يوليو 2012، أمرت الجامعة اإلسالمية

يف كوسوفو بعقد خطبة ‏)محارضة أسبوعية يوم الجمعة(‏ يف جميع مساجد

كوسوفو،‏ وبحسب هذا التعميم،‏ ألقى 800 إمام مسجد يف كوسوفو محارضة

عن ‏“أرض الشام”‏ وبعد هذه املحارضة،‏ توجهت موجة جديدة من املتطوعني

من كوسوفو إىل الحرب يف سوريا ‏“لتحرير األرض املقدسة أو املوت يف سبيل

الله”.‏

ومن ضمن املنظامت اإلخوانية املتطرفة يف كوسوفو،‏ املنتدى اإلسالمي الذي

دأب عىل الحضّ‏ عىل الكراهية والتعصب الديني.‏ وبحسب بعض املحللني،‏ فإن

املنتدى اإلسالمي ميثل أيديولوجيا اإلخوان املسلمني يف كوسوفو.‏

وخارج الحكومة واملؤسسات الرسمية،‏ كان التأثر اإلخواين األبرز يتمثل يف

‏“جمعية الثقافة والتعليم والرياضة”‏ ،)AKOS( التي لها صالت ب”اتحاد

املنظامت اإلسالمية يف أوروبا”‏ ‏)‏FIOE‏(؛ وهي منظمة إخوانية مقرها يف

بروكسل.‏ ورغم أن جمعية الثقافة والتعليم والرياضة هي منظمة صغرة

نسبيًا ومتتلك موقعًا عىل شبكة اإلنرتنت يحصل عىل بضعة آالف من الزيارات

يوميًا،‏ فإنها توفر بوابة لجلب األشخاص إىل تيارات اإلسالم السيايس.‏

ويف دراسة حديثة نرها املركز األورويب ملكافحة اإلرهاب يف ديسمرب 2020

‏،عضدت تركيا تواجدها بالداخل عرب دعم االقتصاد واالستثامر يف مجاالت

مختلفة أبرزها الطاقة والشؤون العسكرية والعقارات والتعليم،‏ ففي أبريل

2020 وافق برملان ألبانيا عىل اتفاقية التعاون العسكري بني البلدين واملتضمنة

دعام ماليا كبرا يوظف يف مجال التسليح وبناء الجيش األلباين،‏ كام أن خط

أنابيب الغاز ترك سرتيم املار عرب منطقة البلقان من روسيا وتركيا حتى أوروبا

يلعب دورًا يف استثامرات أنقرة بقطاعات الطاقة.‏

كام عملت أنقرة عىل استثامر أزمة انتشار فايروس كورونا للمزيد من

التقارب،‏ فوكالة التعاون والتنسيق الرتكية )TIKA( قدمت إعانات صحية

يف شكل مستلزمات طبية عاجلة للبوسنة والهرسك وكوسوفو ومقدونيا،‏ كام

أسهمت يف استقبال مرىض من البلقان لعالجهم يف أنقرة،‏ وقد أعلنت وكالة

التعاون يف 9 يناير 2020 أنها نفذت 900 مروع يف البوسنة منذ انتهاء

الحرب،‏ وذلك بحسب وكالة األناضول.‏

وتبقى النواحي االجتامعية والتعليمية والثقافية أهم وأخطر امللفات التي

تُعنى بها أنقرة يف البلقان،‏ وأبرزها تشييد املساجد وتجديد التاريخي منها،‏

ففي 4 مايو 2019 أفادت شبكة ‏“يب يب يس”‏ بإعادة البوسنة افتتاح مسجد

”Aladza“ بعد 30 عاما تقريبًا من تدمره خالل حرب االنفصال عن

يوغوسالفيا يف التسعينات،‏ وذلك مبساهمة مالية تركية ضخمة،‏ وافتتح الرئيس

الرتيك رجب طيب أردوغان يف 2015 بعاصمة ألبانيا ترانا مسجدًا ضخامً‏

تكلف تشييده حوايل 30 مليون دوالر.‏

واليوم بعد عرين عاما من نهاية حرب البوسنة تعزز االتحاد بني الدين

والسياسة وأصبح لدى رجال الدين نفوذ كبر عىل النخبة السياسية والقرار

السيايس لحكومات دول البلقان.‏

ويف مقدونيا الشاملية تعترب عالقة أنقرة مبنظمة ‏“ليجيس”‏ هي األهم

يف عالقاتها عرب الوطنية.‏ ويف هذا الصدد،‏ كتب املؤلفون أنه ‏“يف جميع

املحادثات”،‏ ميكن وصف تأثر الحزب الحاكم املنبثق عن اإلخوان يف تركيا،‏

حزب العدالة والتنمية،‏ بأنه تأثر واضح وكبر يف منظمة ليجيس.‏

وتعمل تركيا عىل استغالل مكانتها التاريخية والثقافية من خالل ارتباطها

بالدولة العثامنية،‏ والصلة العرقية ألقلية تركية كبرة،‏ والتربعات املالية للطائفة

الدينية اإلسالمية التي تعاين ضائقة مالية،‏ لتلميع صورة تركيا يف مقدونيا

الشاملية،‏ وبسط القوة الناعمة لرتكيا يف الدولة.‏ عالوة عىل ذلك،‏ فإن ألنقرة

نفوذًا سياسيًا قويًا أكر مبارشة من خالل حزب ‏“بيسا”،‏ وهو حزبٌ‏ سيايس

ينتمي إىل ميني الوسط وأُنشئ يف عام 2014.

وفيام ينفي بيسا أن يكون مموَّالً‏ من تركيا،‏ يُظهر إنتاجه اإلعالمي إعجابًا

مستمرًا بالرئيس الرتيك رجب طيب أردوغان،‏ وتحالفًا مع مواقفه السياسية.‏

وكانت حركة رجل الدين الرتيك فتح الله غولن ‏-الطائفة اإلسالمية التي كانت

متحالفة مع حكومة أردوغان حتى محاولة االنقالب الفاشلة يف تركيا عام

2016- تتمتع بنفوذ يف قطاع التعليم يف مقدونيا الشاملية.‏ وما يؤكد النفوذ

الرتيك القوي يف مقدونيا الشاملية هو أن جهود ما بعد االنقالب إلبعاد أنصار

غولن من أجهزة الدولة الرتكية قد امتدت إىل مقدونيا الشاملية،‏ مع مامرسة

ضغوط عىل سكويب،‏ عاصمة الدولة،‏ إلغالق املدارس التي تديرها حركة غولن،‏

وهو ما وقع فعال.‏

قطر على اخلط

وفّر النفوذ الرتيك يف البلقان لقطر فرصة استخدام أدواتها للنفاذ إىل الداخل،‏

حيث تضطلع مؤسسة قطر الخرية ‏-التي تقدم نفسها عىل أنها منظمة غر

حكومية-‏ بهذا الدور؛ إذ تعمل هذه املؤسسة داخل دول املنطقة منذ عقود

ولها مكاتب رئيسية يف ألبانيا وكوسوفو افتتحتها يف 2002.

ويعد مكتب قطر يف كوسوفو هو األكرب وسط البلقان ويوفر استثامرات

داخلية وصلت قيمتها إىل 68 مليون دوالر،‏ وتستحوذ املراكز الدينية والثقافية

عىل النسب األكرب من الدعم املقدم للملفات املختلفة مثل دعم الفقراء أو

توفر املياه والغذاء واالحتياجات األساسية.‏

ووفرت جائحة كورونا لقطر فرصة التوسع يف املنطقة وبناء اتفاقيات مع

الساسة،‏ ففي كوسوفو وقع وزير الصحة أرمند زماج مع سفر قطر،‏ عي بن

حمد املري،‏ اتفاقًا إلمداد البالد باألجهزة الطبية الالزمة ملساعدتها عىل مواجهة

الفايروس،‏ بيد أن قطر الخرية قد تربعت يف يونيو 2020 بثالث مئة ألف

دوالر للمجال الصحي يف البالد.‏

ويوضح بحث قام به الصحفيان الفرنسيان،‏ كريستيان شينو وجورج مالربونو

كيف أصبحتِ‏ الشؤون الدينية للمسلمني يف أوروبا ساحة للتنافس بني الدول،‏

حيث تقدِّم تركيا وقطر دعامً‏ حاسام ملؤسسات عىل صلة بجامعة اإلخوان

املسلمني.‏

والحظ الباحثان أن أجندات أنقرة والدوحة العامة تهدف إىل ‏“تحصني

املسلمني األوروبيني من النفوذ الغريب،‏ والدعوة إىل تبني النسخة األصولية من

اإلسالم التي تتبناها جامعة اإلخوان املسلمني”‏ وهو ما ‏“يتعارض مع أهداف

الدول األوروبية التي تسعى إىل تعزيز اندماج الجاليات املسلمة يف املجتمعات

األوروبية.‏ كام أن الخطاب الذي يهدف إىل استعادة األرايض اإلسالمية والذي

تستخدمه مؤسسة قطر الخرية والجهات املستفيدة منها مُلَغَّم بشكل خاص،‏

ويهدد التامسك االجتامعي”.‏

ويرى مراقبون ألجندات اإلسالم السيايس وشبكاته املعقدة واملتشابكة يف

القارة العجوز أن الحكومات األوروبية تأخرت يف التعامل مع تغلغل الكيانات

اإلسالمية التي عززت عىل مدار سنوات قبضتها عىل الحدود الرقية لهذه

املنطقة،‏ ما جعلها حديقة خلفية لتمدد هذه الكيانات يف أنحاء أوروبا.‏

ويتساءل هؤالء:‏ هل يتزايد النفوذ الرتيك القطري يف دول البلقان أكر مام هو

عليه اليوم؟ هذا يتوقف عىل األوروبيني،‏ فطاملا يدير األوروبيون الظهر لهذه

املنطقة ويقرنون مساعداتهم بروط كثرا ما تكون مجحفة،‏ سيتعني عىل

هذه الدول البحث عن املمولني من أنقرة والدوحة.‏

Journal Alhadath-LInternational, 22 janvier 2021

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!