30.07.2022 Views

سیاسة الاعلام و قضایا السلم الاجتماعي

You also want an ePaper? Increase the reach of your titles

YUMPU automatically turns print PDFs into web optimized ePapers that Google loves.


الكتاب:‏ سياسة االعالم و قضايا السلم االجتماعي

تاليف:‏ د.‏ سامان فوزي عمر

د.‏ شيركو جبار محمد


فهرس:‏

أخالقيات الصحافة..............د.‏ سامان فوزي...............‏‎7‎

دور وسائل اإلعالم في............‏ د.‏ شيركو جبار محمد......‏‎73‎

خطاب الكراهية في..............‏ د.‏ سامان فوزي............‏‎129‎

اآلثار املترتبة عن صناعة.....‏ د.‏ شيركو جبار محمد......‏‎183‎



املقدمة:‏

بات ال يخفى عن الجميع الدور الذي يلعبه االعام والصحافة في

توجيه الرأي العام والتأثير املباشر في الشارع.‏

وان تسمية الصحافة بالسلطة الرابعة لم تأتي عبثاً‏ وذلك للدور

الرقابي املهم اضافة الى دورها االساسي في ارساء االستقرار املجتمعي

عن طريق ترسيخ مفاهيم بناء السام والتعايش السلمي سيما في

مجتمعنا العراقي الذي يتسم بتنوع قومي وعرقي وديني.‏

لذا نضع بين ايديكم هذه السياسات التي هي ثمرة جهد وبحث

علمي قام به اساتذة اكاديميون مختصون في هذا املجال،‏ راجين ان

تكون السند االساس لإلعاميين والصحفيين الشباب لبناء قدراتهم

االعامية على أسس محترفة مرتكزة على أخاقيات الصحافة و تعزيز

التماسك االجتماعي من خال االعام و االبتعاد عن التضليل االعامي

و نشر خطاب الكراهية.‏

الجدير بالذكر ان هذا الكتاب هو احد فعاليات مشروع ‏»انشاء

وبناء القدرات ملنتديات االعاميين الشباب لتعزيز التماسك االجتماعي«‏

والذي ينفذ من قبل منظمة التنمية املدنية CDO ومركز ميترو للدفاع

عن حقوق الصحفيين METRO ومركز حماية وحرية الصحفيين

االردني CDFJ بالتعاون ودعم من قبل برنامج االمم املتحدة االنمائي

UNDP وبتمويل من ‏)التعاون االملانية(.‏

5


6


الفصل االول

أخالقيات الصحافة

و دورها في تشكيل السلطة الرابعة في العراق

د.‏ سامان فوزي عمر

استاذ في جامعة التنمية املدنية

اقليم كوردستان-‏ العراق

ورقة مكتوبة بطلب من منظمة التنمية املدنية ضمن برنامج تدريب

الصحفيين في العراق

سنة 2022-2021

7


املحتويات:‏

1: املبادىء األساسية لفهم ماهية اخاقيات مهنة الصحافة

1-1: في معنى اخاقيات مهنة الصحافة

1-1-1: تعريف اخاقيات املهنة

2-1-1: تعريف اخاقيات الصحافة

‎2-1‎‏:ظهور و تطور اخاقيات الصحافة

3-1: أهمية أخاقيات الصحافة

1-3-1: أهمية أخاقيات الصحافة للمجتمع

2-3-1: أهمية أخاقيات الصحافة للصحفي

4-1: خصائص اخاقيات الصحافة

5-1: العاقة بين اخاقيات الصحافة و قانون الصحافة

1-5-1: املقصود بقانون الصحافة النافذة في العراق واقليم

كورد ستا ن

2-5-1: مقارنة اخاقيات الصحافة مع قانون الصحافة

2: مبادىء اخاقيات الصحافة تجاه املجتمع

1-2: نشر الحقيقة

‎2-2‎‏:الحيادية

3-2: مراعاة املصلحة العامة

1-3-2: عدم نشر ما يؤدي الى التمييز العنصري بين أفراد املجتمع.‏

2-3-2: عدم نشر ما يؤدي الى االضرار باألمن العام في املجتمع.‏

3-3-2: عدم نشر ما يؤدي الى االضرار باالداب العامة.‏

4-2: مراعاة الذوق العام

8


5-2: مراعاة املساواة الجندرية

3: أخاقيات الصحافة تجاه االفراد

1-3: املوضوعية

2-3: احترام الحياة الخاصة لألفراد

3-3: احترام حق الرد

4-3: احترام شعور االفراد وتجنب ما يزيد من معاناتهم

5-3: احترام سمعة االفراد وكرامتهم

6-3: احترام الحقوق املعنوية للغير

7-3: احترام الصحفي لسرية مصادر معلوماته

الخاتمة

قائمة املصادر

9


املقدمة:‏

تعتبر الصحافة واحدة من اهم املؤسسات السياسية واالجتماعية

واالقتصادية في الدولة الحديثة،‏ نظرا لدورها البارز والفعال في نقل

االخبار و نشر االراء واالفكار وبالتالي تكوين الرأي العام املؤثر في الحياة

ً

السياسية واالدارية و االجتماعية و جميع املجاالت االخرى.‏ وهي ايضا

ملتقى لافكار املتنوعة ألهل العلم والفكر،‏ ليس بين افراد أمة واحدة

فحسب،‏ بل بين جميع افراد العالم.‏

ونظراً‏ للدور الذي تلعبه الصحافة في الحياة العامة فقد باتت

توصف بالسلطة الرابعة Power( )Fourth اذ تشارك مع السلطات

االخرى في ادارة الدولة من خال مراقبة السلطات الثاث االخرى

والعمل على تصحيح اخطائهما.‏

أال ان حرية الصحافة اذا لم يحسن استخدامها فأنها قد تتحول من

النعمة الى النقمة و تؤدي الى انتهاك حقوق االخرين واالضرار باملجتمع.‏

لذلك ذهبت الدول ومن بينها الدول املتحضرة الى وضع مجموعة من

الحدود التي يجب على الصحفي ان ال يتجاوزها ألن بتجاوزها اليستفيد

منها احد بل يتضرر املجتمع واشخاص آخرون الذي تهدف القوانين الى

حماية حقوقهم ايضاَ‏ . واضافة ً الى ذلك فقد وضع الصحفيون املسؤولون

فيما بينهم مجموعة من املبادىء تحت اسم اخاقيات الصحفي التي

يجب على املشتغلين في مهنة الصحافة االلتزام بها لخلق ثقة املتلقي

ولتحقيق رسالة الصحافة القيمة وااليصال بهذه املهنة الى مستوى

يمكنه من نعتها بالسلطة الرابعة الضرورية إلدارة الدولة ادارة صحيحة.‏

فالصحفي الناجح هو الذي يجعل الرقابة الذاتية واخاقيات مهنته

الصحفية ضابطاً‏ في أداء عمله ومانعا ً في ارتكاب الجرائم الصحفية،‏

10


ودون أن يكون الضابط القيود التشريعية و الخوف من العقوبة

القانونية.‏ ألن التجارب اثبتت ان التثقيف والضمير الحي هو االفضل

من العقوبة في ضبط السلوك إلحترام حقوق الغير ومصالح املجتمع.‏

وقد ذهب الباحثون الى تعداد مجموعة من املعايير والعناوين

االخاقية التي يجب على الصحفيين االلتزام بها في مهنتهم مثل:‏

املسؤولية واالستقالية والصدق واالنحادية والنزاهة والعدالة..الخ وعن

طريق شرح هذه املصطلحات ارادوا ان يبينوا الخطوط العريضة التي

ً

يجب على الصحفيين السير عليها في مهنتهم.‏ أال اننا سوف نسلك مسلكا

مختلفاً‏ ونحاول ان نوزع املعايير االخاقية للصحفيين على قسمين اثنين،‏

أحدهما هو تلك املبادىء التي تتعلق بصورة مباشرة باملجتمع،‏ والقسم

اآلخر هو تلك املجموعة التي تتعلق بصورة مباشرة باألفراد.‏ ويسبق كل

ذلك بقسم نبين فيه ماهية اخاقيات الصحافة واختافها مع غيرها من

قواعد تنظيم سلوك الصحفيين كقانون الصحافة بصورة عامة.‏

1: املبادىء االساسية لفهم ماهية اخالقيات مهنة الصحافة

منذ صدور أول اعان لحقوق االنسان الذي هو إعان حقوق

االنسان واملواطن الفرنسي الصادر إبان الثورة الفرنسية لعام‎1789‎ تم

التطرق الى حرية الصحافة بقوة،‏ اذ نص على ان:)حرية تبادل االفكار

واآلراء هي أثمن حق من حقوق االنسان لذلك يحق لكل مواطن ان يتكلم

ويكتب في الصحف املطبوعة بكامل الحرية(.‏ وبعد ذلك أصدرت منظمة

االمم املتحدة االعان العالمي لحقوق االنسان و نص في املادة)‏‎19‎‏(‏ منه

على أنَّ‏ ‏:)لكل شخص الحق في حرية الرأي والتعبير،‏ ويشمل هذا الحق

حريته في اعتناق اآلراء دون مضايقة،‏ وفى التماس األنباء واألفكار،‏ وتلقيها

11


ونقلها إلى اآلخرين،‏ بأية وسيلة كانت ودون تقيّ‏ د بالحدود الجغرافية(.‏

وفي العام نفسه الذي أصدرت منظمة االمم املتحدة االعان هذا فقد

تشكلت لجنة فرعية لحرية االخبار والصحافة في املجلس االقتصادي

واالجتماعي التابع لامم املتحدة للبحث عن حرية الصحافة ونشر

االخبار ))) . وبجانب هذه االعانات والوثاق الدولية لحقوق االنسان فقد

نصت دساتير أغلبية دول العالم ايضاً‏ على حرية التعبير عن الرأي

والصحافة وبضرورة احترامها من قبل الحكومات الوطنية،‏ وكل هذا

يبرهن لنا أهمية حرية النشر والصحافة ضمن حريات االنسان لبناء

الديمقراطية.‏

واذا كانت حرية الصحافة و نشر االخبار اصبحت من الحريات

االساسية املكفولة بالدستور في أغلب دول العالم وكفلتها املواثيق

الصادرة من قبل املنظمات الدولية،‏ أال ان هذا الحق كسائر

الحقوق االخرى غير مطلقة،‏ بل مقيدة ببعض القيود لحماية حقوق

الغير في سمعتهم وكرامتهم و لحماية املصلحة العامة للمجتمع.‏

وقد أكدت املواثيق الدولية هذه القيود بجانب تأكيدها لحرية الصحافة،‏

فمثاً‏ أكد العهد الدولي للحقوق املدنية والسياسية الصادرة من قبل

منظمة االمم املتحدة كتكملة لاعان العالمي لحقوق االنسان وفي

املادة نفسها اي املادة)‏‎19‎‏(‏ بأن:)-‏‎1‎ لكل إنسان الحق في اعتناق آراء دون

مضايقة.‏ -2 لكل إنسان حق في حرية التعبير،‏ ويشمل هذا الحق حريته

في التماس مختلف ضروب املعلومات واألفكار وتلقيها ونقلها إلى آخرين

دونما اعتبار للحدود،‏ سواء على شكل مكتوب أو مطبوع أو في قالب فني

أو بأية وسيلة أخرى يختارها.‏ -3 تستتبع ممارسة الحقوق املنصوص

1- د.‏ عامد عبدالحميد النجار،‏ الوسيط يف ترشيعات الصحافة،‏ مكتبة االنجلواملرصية،‏ مرص

1985، ص‎118‎

12


عليها في الفقرة)‏‎2‎‏(‏ من هذه املادة واجبات ومسؤوليات خاصة.‏ وعلى

ذلك يجوز إخضاعها لبعض القيود ولكن شريطة أن تكون محددة بنص

القانون وأن تكون ضرورية:‏ أ/‏ الحترام حقوق اآلخرين أو سمعتهم،‏ ب/‏

لحماية األمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو اآلداب العامة(.‏

ومع أنَّ‏ القوانين والتشريعات البرملانية للدول حاولت بدورها بيان

حدود حرية النشر و تحديد تلك القيود القانونية التي البد منها لحماية

مصلحة أولى بالرعاية،‏ أال ان الصحفيين انفسهم الحظوا ان ذلك ليس

كافياً‏ لذلك لجؤوا الى أخاقيات املهنة ومن خالها وضعوا عدة مبادىء

يجب على املشتغلين في املهنة التقيد بها لحماية سمعة مهنة الصحافة

وأهدافها.‏ ومن هنا جاءت أخاقيات الصحافة التي سنوضحها أكثر في

الفقرات االتية:‏

1-1: في معنى اخالقيات مهنة الصحافة

تعد الصحافة اليوم من املهن املنتشرة بين الناس في العالم،‏

ولكن مهنة من نوع خاص ألن الربح اليجب ان يكون الهدف األول لها،‏

فالصحافة تعد فناً‏ ً ورسالة في الوقت نفسه.‏ فالصحافة لدى الكثيرين

ليست عبارة عن مجرد مهنة او صناعة فقط بل هي كما يقول)ويكهام

ستيد(‏ الذي شغل وظيفة رئيس تحرير صحيفة التايمز،‏ انها ))) ‏:)اكثر

قليا من الحرفة،‏ وهي ‏شيء يختلف عن الصناعة،‏ فهي بين الفن

واملرفق العام(.‏

وقد دأب الفقهاء والجامعات على دراسة أخاقيات املهن بصورة

عامة و اخاقيات كل مهنة عريقة و منتشرة بصورة خاصة كمهنة الطب

2- نقال عن الدكتور خليل صابات ، الصحافة:‏ رسالة،‏ استعداد،فن،‏ علم،‏ دار املعارف مبرص،‏

الطبعة االوىل،‏ مرص 1959، ص‎14‎

13


واملحاماة والصحافة وغيرها.‏ لذلك البد لنا من الوقوفبدءاً‏ عند معنى

أخاقيات الصحافة و ذلك من خال تعريف أخاقيات املهن بصورة

عامة واخاقيات الصحافة بصورة خاصة.‏ وكاآلتي:‏

1-1-1: تعريف اخالقيات املهنة

ان مصطلح أخاقيات املهنة يقابله في االنجليزية مصطلح

Ethics( )Professional وهو عبارة عن مجموعة من القيم واملعايير التي

يعتمدها أفراد مهنة ما للتمييز بين ما هو مقبول أو غير مقبول في السلوك

املنهي ))) . أو يعني سلوك صاحب املهنة وتصرفاته اثناء ممارسته ملهنته،‏

سواء كانت تلك املهنة الطب أو املحاماة أو التدريس او غيرها من املهن.‏

إن اقامة قواعد السلوك او قواعد املمارسة شائعة لدى الكثير من

الهيئات املهنية املختصة وذلك لتنظيم عمل اعضائها.‏ ويمكن ان تعد

قواعد السلوك كمجموعة من القواعد لتنظيم ممارسات العمل في نطاق

رسمي يتبناها املجتمع ألن اعضاءه قبلوا االلتزام بها وبالقيود التي تتضمنها.‏

ان كلمة )Ethic( التي تقابل اخاقيات املهنة في العربية مأخوذة

في االصل من الكلمة الاتينية ،)Etos( والتي تعنى بالجوانب العملية

والتطبيقية للمتطلبات االخاقية .)Moral( وهي جانب من الوعي يعبر

عن تنظيم االخاق ويتناول الحياة العملية لانسان ))) .

لذلك فلكل مهنة اخاقيتها التي تختلف عن اخاقيات مهنة اخرى.‏

3- مهرة بثينة،‏ أخالقيات اإلعالم الجديد:‏ بن الحرية وااللتزام يف البيئة

اإللكرتونية،‏ بحث منشور يف مجلة املعيار،‏ مجلد‎22‎‏،العدد‎44‎‏،‏ السنة‎2018‎‏،‏

ص‎396‎‏.‏ واملشار عى العنوان االلكرتوين االيت:‏ https://www.asjp.cerist.dz/en/

56504/2/22/downArticle/90

4- الدكتور موفق درطةلةيي ، ئيتيي رِؤذنامةواين ، مجموعة من املحارضات التي

القيت عى طلبة املرحلة الثانية لقسم االعالم يف كلية العلوم االنسانية بجامعة

السليامنية عام 2002-2001 ، غر منشور ، ص‎1‎

14


فأخاقيات مهنة االستاذ الجامعي تختلف عن مهنة التاجر وهي بدورها

تختلف عن اخاقيات وظيفة العسكري او الفنان..الخ الن كل مهنة

تضم مجموعة من االشخاص يختلفون في الطبائع والشخصية،‏ غير

انهم ملزمون ببعض القواعد واالسس التي تقتضيها طبيعة املهنة التي

يمارسونها.‏ ومن هنا قيل ان لكل مهنة اخاقياتها التي تنشأ عن ممارسة

املهنة.‏ وكلما كانت املهنة قديمة كانت اخاقياتها راسخة وفيها نوع من

قوة االلزام لألشخاص الذين ينتمون اليها ))) .

2-1-1: تعريف اخالقيات الصحافة

ان الذين يمارسون مهنة الصحافة يدركون انهم يتعاملون مع

الجمهور وان مهمتهم االساسية هي االتصال باآلخرين العامهم وتثقيفهم

وتسليتهم وتطوير مواقفهم وممارستهم وتشجيع نشاطاتهم ))) .

وبهذا الدور الجلي الذي تلعبه الصحافة وللعاقة الوثيقة التي

تربطها بوعي الناس وتأثيرها ايجابا او سلبا على املجتمع حسب نوع

الصحيفة سواء كان صالحا او طالحا،‏ لكون الصحيفة اشبه بالنوافذ

املفتوحة باستمرار على عقول الناس وضمائرهم،‏ بات من الضروري

ملن يمارس هذه املهنة،‏ االستناد الى مجموعة من القيم والتقاليد

والقوانين واالسس التي تشكل قاعدة اساسية ملا يسمى بأخاقيات مهنة

الصحافة،‏ التي تعد مجموعة مبادىء وقيم أخاقية وسلوكية يلتزم بها

الصحفي أثناء ممارسة عمله،‏ وتلتزم بها املؤسسة االعامية،‏ وتتمثل في

5- الدكتور ابراهيم الداقوقي ، قانون االعالم – نظرة جديدة يف الدراسات االعالمية الحديثة

– مطبعة وزارة االوقاف والشؤون الدينية ، جامعة بغداد ، بدون سنة طبع ، ص‎152‎

6- زونيا بري ، حول العالقة بن اجهزة االعالم واملستقبلن ، بحث منشور يف املرشد

يف عامل الصحافة ، منظمة الصحفين العاملية ، طبع يف مطابع دار النرش املنظمة يف

براغ ، بدون سنة طبع ، ص‎51‎

15


القيم والتقاليد العامة املشتركة مثل:‏ الصدق والنزاهة والتوازن ))) . أوهي

عبارة عن املضمون وااللتزام الفكري تجاه مختلف القضايا لحماية

شرف الكلمة وشرف املهنة ولتحقيق املصلحة العامة ))) .

فقد نصت املادة االولى من بيان الجمعية االمريكية لرؤساء تحرير

الصحف على ان الغرض االول من جمع وتوزيع االخبار واآلراء هو خدمة

الصالح العام باطاع الناس وتمكينهم من اصدار احكامهم على قضايا

العصر،‏ وان رجال ونساء الصحافة الذين يسيئون استخدام دور سلطة

مهنتهم لدوافع انانية او ألغراض تافهة انما يخونون ثقة الجمهور ))) . لذا

يجب ان يكون الصحفيون مسلحين باملبادئ االخاقية لكي ال يخونوا

ثقة الجمهور،‏ واملبادئ االخاقية التي تتبع في االوساط الصحفية

ويدعمها الرأي العام كمبادئ ومقاييس لسلوك وتصرفات الصحفي في

انجاز مهماته املهنية.‏

فاذا لم يتبع الصحفي السلوك املقرر في اداء مهنة الصحافة،‏ فما

الذي يمنعه مثا بان يخون مصدرا وعد بحمايته ؟ أو يختلق قصصا

ويضع شخصيات وهمية على اساس فرضية ان احدا لن ياحظ الفرق

بينهم ؟ او ان يقتحم الحياة الخاصة لألفراد؟ )1)) .

7- أحمد العتوم،‏ املصدر االلكرتوين السابق،‏ ص‎5‎

8- أنظر ‏:جون مرل ورالف لوينشتاين ، االعالم وسيلة ورسالة – رؤى جديدة يف

االتصال – ترجمة : د.‏ ساعد خر العرايب الحاريث ، دار املريخ للنرش ، اململكة

العربية السعودية ، 1989 ص‎305‎

: USA : American Society of News paper Editor -9

املتاح عى العنوان االلكرتوين التايل :

www.ijuet.org/588.htm1)2002/2/9(

10- جون هوهنرج ، الصحفي املحرتف ، ترجمة : محمد كامل عبدالرؤوف ، الدار

الدولية للنرش والتوزيع ، الطبعة االوىل ، مرص ، 1990 ص‎499-498‎

16


لذا تعد املبادئ واملقاييس املهنية واالخاقية السامية التي يفترض

ان يلتزم بها جميع الصحفيين،‏ الحجر االساس لحماية حقوق االفراد

ودعم حق املجتمع في املعرفة.‏

فالصحفيون بحاف االطباء واملحامين،‏ من الصعب تنظيمهم

بواسطة هيئة خارجية،‏ او الزامهم بقواعد السلوك التي تقررها

الجمعيات املهنية اذا لم يطبقوها بوحي من مسؤوليتهم،‏ اال اذا ارتكبوا

جريمة او تورطوا في الدعاوي املدنية ذات الصلة بعملهم )1)) . وهذا يعني

ان اخاقيات مهنة الصحافة تتألف من القواعد واالسس التي يضعها

العاملون فيها ألنفسهم لتحديد الصحيح الذي يجب ان يفعلوه ضمن

مفهوم الرقابة الذاتية وقبل ان يتعرضوا عادة للمسؤولية القانونية.‏

‎2-1‎‏:ظهور و تطور اخالقيات الصحافة

ظهور اخاقيات الصحافة مرتبطة بظهور مهنة الصحافة.‏ ومع

ان لظهور الصحيفة تاريخ قديم حيث يرجعه البعض الى الصينيين أو

الرومانيين في سنوات ما قبل املياد،‏ أال انها لم تصبح مهنة منظمة ولم

تكتمل عناصرها و جوانبها القانونية إال بعد مدة طويلة والسيما بعد

اختراع الطباعة في منتصف القرن الخامس عشر.‏

وفي القرن الرابع عشر،‏ اي قبل اختراع آلة الطابعة من قبل العلم

االملاني)يوحنا غوتنبرغ(‏ كانت هناك صحف مخطوطة مكتوبة بخط

اليد تباع في مراكز التجارة واملواصات مثل فينسيا و امستردام و غيرها

بوحدات نقدية صغيرة تسمى ب)غزيتا(‏ في فينسيا وبعض االماكن

االخرى.‏ أال ان اختراع الطباعة كانت بمنزلة ثورة كبيرة في مجال الكتابة و

11- جون هوهنرج ، املصدر السابق ، ص‎500‎

17


انطاقة جديدة في عالم الصحافة ألن توظيف حروف الطباعة املعدنية

اسهم في زيادة اعداد الصحف و سرعة اصدارها.‏

وقد صدرت الصحف املطبوعة بآلة الطباعة ألول مرة بعد عام

1609 و لكن في نهاية ذلك القرن اصبحت عملية اصدار الصحف

ظاهرة منتشرة في اغلب دول اوروبا وغيرها في بقاع العالم.‏ وآنذاك

اصبحت الصحافة صناعة ومهنة تحتاج الى املهارة و الخبرة ولها اسسها

وقواعدها الخاصة و بدأ بتدريسه في الجامعات واملؤسسات العلمية )1)) .

وبعد انتشار مهنة الصحافة بدأ البعض بإساءة استغالها و

االنحراف بها عن غرضها االساسية و ظهرت ما يسمى ب)الصحافة

الصفراء(‏ و خصوصاً‏ في الواليات املتحدة االمريكية،‏ وآنذاك بدأ

الصحفيون الحقيقون البحث عن اسس وقواعد للتقليل من جرائم

وانتهاكات الصحافة و فكروا بأصدار وثيقة الشرف في كيفية ممارسة

هذه املهنة.‏ و من هنا ظهرت أخاقيات مهنة الصحافة بصورة مكتوبة

من قبل الصحف الشهيرة و منظمات املشتغلين فيها كمنظمة رؤوساء

التحرير.‏ وقد وصل االمر الى ان يقترح السكرتير العام لامم املتحدة

عام 1973 في تقرير له ضرورة وجود ميثاق اخاقي يجمع الصحفيين

على االلتزام به ويجعلهم من تلقاء انفسهم ملزمين به في التحري والدقة

وتصحيح املعلومات غير الصحيحة والتمييز بين املعلومات االخبارية

والتعليق…‏ الخ )1)) .

12- للتفصيل أكرث ينظر:‏ د.‏ تودوروف،‏ تاريخ الصحافة العاملية،‏ ت:‏ د.‏ أديب خضور،الطبعة

االوىل،‏ دمشق-سوريا،‏ ‎1990‎‏،ص‎41-15‎

-13 حول ذلك انظر : E/cn.4 116/United nations :

املشار اليه عند :

الدكتور مبدر الويس ، أثر التشهر يف الصحافة عى الحرية الشخصية – دراسة

مقارنة – مطبعة دار الجاحظ ، الطبعة االوىل ، بدون مكان طبع ، 1986 ، ص‎156‎

18


وبعد انشار االنترنيت وظهور الصحافة االجتماعية على شبكات

االنترنيت وخصوصاً‏ ‏)الفيسبوك وتويتر..الخ(‏ اصبح الصحفي كغيره

من االشخاص يستعين بها للحصول على املعلومات من السياسيين

واالقتصاديين والفنانين والرياضيين وغيرهم من خال الصفحات

االجتماعية لهوالء الذي يتواصلون من خالها مع جمهورهم،‏ وكذلك

يلجأ اليها كل واحد منهم ليكتب آراءه وافكاره سواء كان ذلك بصورة

خاصة كفرد من افراد املجتمع مستقاً‏ عن تنظيمه املنهي أو كصحفي )1)) .

وقد تطالب بعض الهيئات االعامية من منتسبيها الصحفيين بعض

االلتزامات الخاصة ومن هذه الهيئات محطة البي بي ‏سى االخبارية التي

اشارت في دليلها الى أن الصحفي اذا استخدم موقع الشبكات االجتماعية

في اطار شخصي للتفاعل مع اصدقائه يجب عليه ان اليشير الى انتمائه

الى قسم االخبار في بى بى ‏سى )1)) .

وقد وضعت بعض املنظمات والجمعات الصحفية بعض

املبادىء والقواعد االخاقية لتنظيم استخدام الصحفيين للشبكات

االجتماعية )1)) ومن أهم هذه املبادىء:‏

1- املبادىء االخاقية التقليدية يجب تطبيقها في الفضاء االلكتروني

14- بثينة مهرة،‏ املصدر االلكرتوين السابق،‏ ص‎398‎

15- ينظر:‏ بثينة مهرة،‏ مصدر الكرتوين سابق،‏ ص‎401‎

16- ومن هذه الجمعيات الجمعية الوطنية االمريكية لنارشي االخبار،‏ التي أصدرت

دليالً‏ اختزلت فيه القواعد التي وضعتها الصحف االمريكية لتنظيم استخدام

الصحفين للميديا االجتامعية يف عرش قواعد كرى.‏ للمزيد حول محتوى هذه

القواعد العرشة ينظر:‏ أحمد صالح طاهر العامري،‏ أخالقيات العمل االعالمي بن

البيئتن اإلعالميتن الرقمية والتقليدية،‏ واملتاح عى العنوان االلكرتوين األيت:‏ https://

www.researchgate.net/publication/331589150_akhlaqyat_alml_alalamy_

byn_albyytyn_alalamytyn_alrqmyt_waltqlydyt

19


ايضاً‏ ‏.اذ اليجوز للصحفي ان ينشر ماال يرتضي نشره في الصحف.‏

اضافة الى انه اليوجد مبرر عدم تطبيق القواعد االخاقية التقليدية

على املجال االلكتروني.‏

2- يجب على الصحفي ان يتحمل مسؤولية كل ما يكتبه ألن كل ما

يكتبه يصبح عمومياً‏ ، حتى اذا كانت صفحة الصحفي خاصة وشخصية

وغير مرتبطة باملؤسسة وذلك بسبب صعوبة الفصل بين الفضاء

الشخصي والفضاء العمومي.‏

3- يجب على الصحفي ان يقدم نفسه على انه صحفي،‏ فا يمكن

للصحفي ان يخفي هويته سواء كان في الفعاليات الصحفية التقليدية

او عند ممارسة مهنته على شبكات االنترنيت.‏

4- التيقن من صحة ما يقرأه على الشبكة ومن مصداقيتها،‏ حيث

يجب على كل صحفي ان يكون حارس بوابة جيد.‏

5- إن امليديا االجتماعية أدوات وليست لعبة فالصحفيون يمثلون

مؤسساتهم واليمكن لهم أن يتصرفوا بطريقة غير مقبولة على الشبكة.‏

3-1: أهمية أخالقيات الصحافة

ألخاقيات الصحافة أهميتها في كثير من النواحي،‏ أال اننا نلخص

هذه األهمية في نقطتين هما أهميتها للمجتمع واهميتها للصحفيين

انفسهم وكاآلتي.‏

1-3-1: أهمية أخالقيات الصحافة للمجتمع

ال يتحقق أهداف الصحافة إال عن طريق التزامها باملعايير املهنية

واالخاقية،‏ ذلك ألن ثقة الناس بالصحافة تنتج من خال شهرة الصحافة

20


بالصدق و العمل لتحقيق املصلحة العامة،‏ وبخاف ذلك اذا كانت تلك

الصحافة تعمل ملصالحها الذاتية الضيقة دون النظر الى املصلحة العامة

فانها تؤدي الى عدم ثقة الناس بها ومن ثم عدم تاثيرها في مراقبة السلطات

االخرى وهذا ما يفضي الى تفشي املزيد من الفساد و الفوضى.‏

فالصحافة التي تعمل بمعايير أخاقية و تزود املتلقي-‏ املجتمع-‏

باملعلومات الصحيحة تؤدي الى توعية الناس و تخلق رأيا ً عاماً‏ صحيحاً‏

حول موضوع أو قضية معينة،‏ وهذا يؤثر في النهاية على حسن

قراراته املستقبلبية.‏ فمثاً‏ في اثناء الحمات االنتخابية اذا استطاعت

الصحافة ان تزود الناخب باملعلومات الصحيحة حول املرشحين فإن

تلك املعلومات تؤثر حتماً‏ في قرار املصوتين وتؤدي الى انجاح اشخاص

كفوئين للمناصب العليا والحساسة في الدولة وهذا يؤثر ايجاباً‏ في حسن

ادارة الدولة ومن ثم تحقيق املنفعة العامة للشعب.‏ وبخاف ذلك اذا لم

يلتزم الصحافة باملعايير االخاقية ولم تعمل على نشر الحقيقة،‏ ومن

خال التضليل والتعتيم االعامي استخدمت مهنته كوسيلة النجاح

اجندات حزبية و شخصية بدافع املصلحة الشخصية لذلك الصحفي،‏

فان ذلك يؤدي تزويد الناخبين باملعلومات غير الصحيحة و يؤثر في

اصواتهم.‏ حينئذ يكون ذلك الصحفي قد ساهم في انجاح االشخاص

غير الكفوئيين الدارة املفاصل الرئيسية واملهمة في الدولة ومن ثمَّ‏ يؤدي

االمر الى االنحراف بالسلطة والى تعرض املصلحة العامة للخطر.‏

2-3-1: أهمية أخالقيات الصحافة للصحفي

إن أهمية التزام الصحفي باملعايير االخاقية ال تقتصر على املجتمع

فحسب بل إنها ذات فائدة كبيرة للصحفي نفسه،‏ فاملعايير األخاقية

21


واملهنية تؤدي الى ابعاد الصحفي من املشاكل واملاحقات القانونية.‏

فالصحفي عندما يلتزم باملعايير االخاقية يكون عادة قد التزم باملعايير

القانونية ايضاً‏ لوجود عاقة قوية بين املبادىء االخاقية والقانونية

كما وضحناه سابقاً‏ . ً فمثا اذا كانت املبادىء االخاقية تفرض على

الصحفي االبتعاد عن التطفل على الحياة الخاصة لاخرين أو االبتعاد

عن نشر الشائعات دون التأكد من صحتها فأن ذلك يؤدي الى عدم

ارتكاب الحصفي لجريمتي انتهاك الحياة الخاصة والتشهير باالخرين.‏

وفي بعض الدول التي ال تنسجم قوانينها مع املعايير الدولية لحرية

الصحافة إذا كان التزام الصحفي باملعايير االخاقية املهنية يؤدي الى انتهاك

قوانينها الوطنية ومن ثمَّ‏ يعرضه للمساءلة القانونية،‏ فأن تلك املساءلة

يحسب ايجاباً‏ للصحفي و يؤدي الى اكتساب احترام اقرانه في الداخل

والخارج و تحقيق شهرة ايجابية كبيرة مادام قد التزم في عمله باملعايير

األخاقية.‏ اذ ان كثيراً‏ من هؤالء الصحفيين نالوا جوائز عاملية واقليمية

لحرية الرأي والصحافة النهم رفعوا صوتهم عالياً‏ ً دفاعا عن الحرية ولم

يرضخوا لقوانينهم الجائرة التي تخالف الحرية و املعايير الدولية.‏

4-1: خصائص اخالقيات الصحافة

تتميز أخاقيات الصحافة ببعض الخصائص التي تميزها عن غيرها

من قواعد السلوك االجتماعية كالقانون والدين وغيرهما.‏ ومن أهم

هذه الخصائص ما يأتي:‏

أوالً:‏ مصدر اخاقيات الصحافة هو الصحفيون انفسهم،‏ فقد

تنشأ مبادىء اخاقيات الصحافة من خال ممارسة مهنة الصحافة

وما يجب اتباعه أو تجنبه في ذلك لتحقيق األهداف الرئيسية للصحافة

تحقيقاً‏ للمصلحة العامة.‏

22


ثانياً‏ : تهتم اخاقيات الصحافة بعاقة الفرد مع غيره من االفراد

واملجتمع.‏ أي تتعلق بالسلوك الخارجي للصحفيين وما يجب ان يسيروا

عليه عند ممارسة عملهم.‏ في حين ان هناك قواعد اخرى للسلوك تهتم

بعاقات اشمل )1)) نكون في موضوعنا هذا في غنى عنها.‏

ثالثاً‏ : بعض مبادىء اخاقيات الصحافة مبادىء نسبية تتغير

بتغير الزمان واملكان النها تستند الى ما يؤمن به املجتمع حول الرزيلة

والفضيلة والحسن والقبح لتحقيق املصلحة العامة.‏ فمثاً‏ ما يعد

منافياً‏ الخاقيات الصحافة في العراق قد ال يعد ذلك في السويد.‏

رابعاً‏ : ال يشترط ملعرفة اخاقيات الصحافة والسير عليها ان تكون

مكتوبةً‏ في وثيقة رسمية.‏ كما هو الحال في بعض القواعد االخرى

للسلوك كالقانون.‏ بل يمكن استنتاجها بالعقل والضمير الحي.‏

رابعاً‏ : أن ّ مبادىء اخاقيات الصحافة كثيرة و متعددة،‏ بعضها

يتعلق باملحتوى االعامي والبعض االخر يتعلق بالسلوك الشخصي

لاعامين وغيره.‏ ولكن جميعها ينصب في خدمة تقوية الصحافة

وتهذيبها لتحقيق أهدافها املتمثلة في املصلحة العامة للناس.‏

5-1: العالقة بين اخالقيات الصحافة و قانون الصحافة

الننا نتناول اخاقيات الصحافة نرى من الضروري أن نبين عاقتها

بقانون الصحافة،‏ وبداية سوف نسلط الضوء على القوانين النافذة

في العراق و بعد ذلك نقارن بين أخاقيات الصحافة وقانون الصحافة

لبيان أوجه التشابه و االختاف بينهما.‏ وكما يأتي:‏

17- فمثالً‏ ان القواعد الدينية عدا اهتاممه بعالقة األفراد فيام بينهم،‏ تهتم ايضاً‏ بعالقة

االفراد مع ربهم.‏

23


1-5-1: املقصود بقانون الصحافة النافذة في العراق و اقليم

كوردستان

نتعرف هنا بايجاز مفيد الى أهم القوانين املتعلقة بالصحافة في العراق

أو إقليم كوردستان والنافذة حالياً‏ أمام املحاكم والجهات الرسمية،‏

وبداية سوف نبدأ بالقوانين العراقية ثم نأتي الى القوانين الكوردستانية.‏

أوالً:‏ قوانين الصحافة النافذة في العراق

يطبق حالياً‏ في العراق قانون املطبوعات العراقي الرقم )206( لعام

1968. وكما يبدوا انه قد صدر في بداية حقبة تولي البعثيين السلطة في

العراق لذلك يحمل توقيع أحمد حسن البكر الذي كان رئيس جمهورية

العراق قبل صدام حسين.‏

وبجانب هذا القانون الذي يتكون من)‏‎35‎‏(مادة،‏ فقد صدر قانون

اخر يطبق هو االخر الى حد االن هو قانون العقوبات العراقي الرقم

)111( لسنة )1969( الذي نظم جرائم النشر ومن بينها جرائم الصحافة.‏

وكما هو معروف ان قانون املطبوعات العراقي الرقم )206( لسنة

1968 الذي يحتسب ضمن القوانين املقيدة لحرية االعام في العراق،‏

اثر خطوة بخطوة مع قانون العقوبات العراقي لسنة 1969 في تضييق

حرية الراي والصحافة لدى العراقيين،‏ اذ كان يحاكم ويعاقب من

يجرؤ على إبداء الرأي بحرية وخصوصا في املجال السياسي.‏ ومن اهم

الجوانب السلبية للقانونين املذكورين آنفاً‏ )1)) :

‎1‎ البقاء على نظام االجازة في اصدار املطبوع الدوري.‏ اذ كان على من

ينوي اصدار الصحف ان يحصل على االجازة من وزير الثاقفة واالعام.‏

ً

وهذا يعني ان السلطة الرابعة كانت خاضعة لرحمة السلطة الثانية.‏ علما

18- للمزيد حول ذلك ينظر:‏ د.سامان فوزي،‏ دراسات معمقة يف قانون االعالم،‏

مكتبة يادكار للنرش والتوزيع،‏ الطبعة الثانية،‏ السليامنية-العراق،‏ 2017، ص‎98-94‎

24


ان هذا النظام قد هجرته الدول الديمقراطية منذ أكثر من قرن من الزمن.‏

‎2‎ البقاء على االخذ بجرائم الرأي:‏ ابقى قانون املطبوعات العراقي

لسنة 1968 األخذ بجرائم الرأي الذي كان موجوداً‏ منذ عهد القوانين

العثمانية.‏ اذ كان أبداء راي السلبي في بعض املسائل السياسية و

االجتماعية يعد بحد ذاته يشكل جريمة من جرائم النشر ويعاقب

بالعقوبات الشديدة،‏ يذكر ان بعضاً‏ من هذه الجرائم قد تم تعطيله

عام 2004 أبان حكم الحاكم املدني في العراق)بول بريمر(.‏

‎3‎ العمل بنظام التعطيل االداري للمطبوع،‏ فقد كان يحق لوزير

الثقافة تعطيل ايّ‏ مطبوع دوري يصورة مؤقتة أو دائمة.‏

ويذكر أنه بعد سقوط النظام البعثي في العراق صدر عام 2011

قانون آخر تحت رقم)‏‎21‎‏(‏ باسم قانون حقوق الصحفيين،‏ و هذا يعد

خطوة ايجابية نحو ضمان الحقوق والحريات للصحفيين،‏ اذ جاء

بعديد من املبادىء الجديدة ملصلحة الصحفيين،‏ لم يكن موجوداً‏ من

قبل،‏ وهذه املبادىء هي:‏

1- عدم حصر الصحفي بمن هو منتم لنقابة الصحفيين،‏ واالخذ

بنظام حرية االنتماء لنقابة الصحفيين.‏

‎2‎‏-النص على حق الصحفي في الحصول على املعلومات و عدم

كشف مصدر معلوماته.‏

3- حظر منع الصحف أو مصادرتها ادارياً‏ أال بقرار قضائي.‏

4- احتسام الخدمة الصحفية لاغراض التقاعدية في دوائر الدولة.‏

5- منح راتب تقادي لورثة كل من يستشهد من الصحفيين في اثناء

تادية واجبه أو بسببه.‏ ، وكذلك منح راتب تقاعدي للصحفيين الذين

يصابون بعجز في اثناء تادية واجبهم أو بسببه.‏

25


َ

6- الزام الدولة بتوفير العاج املجاني للصحفي الذي يتعرض

لاصابة في اثناء تأديته لعمله أو بسببه.‏

7- ع

دّ‏ االعتداء على الصحفي كاالعتداء على املوظف في اثناء

وظيفته او بسببها.‏

ثانياً‏ : قو انين الصحافة النافذة في أقليم كوردستان

قبل انتفاضة كوردستان العراق في آذارعام 1991 و تشكيل البرملان

الكوردستاني كان قانون املطبوعات العراقي لعام 1968 يطبق في املناطق

الكوردستانية ايضاً‏ اسوة بباقي مناطق العراق،‏ و بعد االنتفاضة

اهتم البرملان الكوردستاني منذ تأسيسه بالغاء القوانين العراقية ذات

الصبغة السياسية ومن بينها قانون املطبوعات العراقي،‏ لعاقة هذا

القانون بالحقوق والحريات العامة والسياسية لافراد.‏ وصدر بعد مدة

وجيزة من تشكيل البرملان وبتحديد في 1993/4/25 قانون املطبوعات

الكوردستاني تحت الرقم )10( ليحل محل قانون املطبوعات العراقي في

مناطق اقليم كوردستان.‏

وكان القانون املذكور ذو )19( مادة،‏ وقد اهتم ببعض جوانب

تنظيم املطبوعات منها كيفية اصدار املطبوعات واملحظورات فيها

وكيفية رفع الشكوى في حالة مخالفة احكامه..الخ وقد عد حينئذ قانونا

اكثر تقدميا من قانون املطبوعات العراقي وأوفر نطاقا لحرية االعام

والتعبير عن الرأي.‏ اال انه مع ذلك لم يخل من النواقص والعيوب

وكانت مظاهر االسراع واالستعجال بادية عليه.‏ لهذا السبب صدر في

عام 2007 قانون تنظيم العمل الصحفي في كوردستان ليحل محل

قانون املطبوعات الكوردستاني في تنظيمه للصحافة،‏ وقد بقي القانون

26


األخير يعمل به في مجال املطبوع غير الدوري ك)الكتب(‏ الى حد االن.‏

ومن اهم املبادئ الجديدة التي جاء بها قانون تنظيم العمل الصحفي

في كوردستان رقم )35( لسنة 2007، مايأتي:‏

‎1‎ االخذ بنظام البيان أو االخطار إلصدار الصحيفة دون اللجوء الى

نظام طلب االجازة من الحكومة الصدارها.‏

‎2‎ االبتعاد عن عقوبات السالبة للحرية ‏)الحبس والسجن(‏ فيما

يتعلق بجرائم الصحافة والنشر واستبدالها بعقوبات مالية ‏)الغرامة(‏

من الناحية الجزائية و التعويض من الناحية املدنية.‏

‎3‎ اقراره لكثير من الحقوق واالمتيازات الخاصة بالصحفي من

الناحية االجتماعية واملعاشية كما هو مقرر في كثير من القوانين

الحديثة لتنظيم مهنة الصحافة.‏

‎4‎ تنظيم مسألة الرد والتصحيح في الصحيفة التي كانت غائبة في

قانون املطبوعات الكوردستاني لعام 1993.

‎5‎ ابعاد صاحب االمتياز من املسؤولية الجنائية اال اذا اشرف اشرافا

فعليا على اصدار الصحيفة.‏

‎6‎ اعتبار االعتداء على الصحفي كاالعتداء على املوظف اثناء او

بسبب وظيفته.‏

7- حظر منع الصحف أو مصادرتها.‏

ولكن مع هذه النقاط االيجابية وغيرها يعاني هذا املشروع الجديد

من كثير بعض النواقص و االخطاء،‏ حيث لم يبين بصورة واضحة نطاق

تطبيق القانون ‏،ولم يتعرض للصحافة االلكترونية وفيما اذا كان يطبق

على الصحفي حتى لو نشر مقاالته في موقعه الشخصي في)الفيسبوك(‏

أم ال؟

27


2-5-1: مقارنة اخالقيات الصحافة مع قانون الصحافة

تتشابه قواعد اخاقيات الصحافة و قانون الصحافة في كثير من

النواحي منها ان كلٌ‏ منهما تهتم بتنظيم عمل الصحفي،‏ لذلك يجب ان ال

نتعجب اذا ما رأينا ان هنالك كثير من األمور املكررة فيهما.‏ فمثاً‏ يؤكد

أخاقيات الصحافة على ضرورة تجنب الصحفي التطفل على الحياة

الخاصة لاخرين أو التشهير بهم أو نشر أمور مضرة باملصلحة العامة..‏

الخ.‏ وهذا ما يؤكده قوانين الصحافة ايضاً‏ بصيغة الزام و وضع عقوبة

محددة ملرتكبيها.‏

والسبب في ذلك ألن أكثرية القواعد القانونية كانت في االصل قواعد

ً

اخاقية و قد وصل االمر الى ضرورة تنظيم أغلبها بالقانون،‏ وخصوصا

تلك القواعد االخاقية التي استقر االجماع أو راي االغلبية املطلقة عليها.‏

رغم العاقة الوثيقة بين أخاقيات الصحافة و قانون الصحافة،‏ أال ان

بينهما اختافات كبيرة ايضاً‏ ، يمكن بيان تلك االختافات بالنقاط اآلتية )1)) :

أوالً:‏ من حيث املصدر.‏

يصدر القانون عادة من قبل سلطة تشريعية تسمى بالبرملان

أو بأية تسمية أخرى.‏ واعضاء البرملان يمثلون كافة شرائح املجتمع

وينتخبون بصورة مباشرة من قبل أبناء الشعب الذين أكملوا 18

من عمرهم ويحملون جنسية الدولة.‏ أما أخاقيات الصحافة فهي

تنشأ بين الصحفيين أنفسهم من خال تجاربهم املهنية،‏ ويقوم

بصياغتها االعاميون انفسهم من خال تجمعاتهم املهنية وذلك

لتحسين نوعية املضمون الذي تقدمه وسائل االعام وملواجهة

ازمة املصداقية.‏ ولكن ال يشترط اصداره من قبل سلطة معينة

19- للمزيد حول ذلك ينظر:‏ د.‏ سامان فوزي،‏ مبادىء قانون االعالم،‏ من منشورات جامعة

التنمية البرشية،‏ الطبعة االوىل،‏ السليامنية-العراق،‏‎2016‎‏،‏ ص‎76-69‎

28


على شكل وثيقة رسمية ملزمة كما هو الحال في قوانين الصحافة.‏

ثانياً‏ : من حيث الشمولية.‏

إنّ‏ أخاقيات الصحافة أشمل من قوانين الصحافة،‏ ألن ما يعد

مخالفاً‏ لقوانين الصحافة يعد ً غالبا ً مخالفا الخاقيات الصحافة َ ايضا ،

كالتشهير و انتهاك الخصوصية و ابتزاز االخرين..الخ وهنالك حاالت

كثيرة اخرى تعد انتهاكاً‏ إلخاقيات الصحافة ولكن دون أن تصل الى

مستوى انتهاك قوانين الصحافة،‏ كما في االمثلة اآلتية:‏

أ/‏ إنّ‏ كشف الصحفي عن مصدر معلوماته يعد ً انتهاكا الخاقيات

الصحافة ولكن قد ال يصل االمر في كثير من االحيان الى ارتكاب

الجريمة.‏

ب/‏ قيام الصحفي بادراج آرائه الشخصية في الخبر و خلطه

بينهما وعدم توضيح ذلك للمتلقي ببيان حدود كل منهما،‏ يعد مخالفة

إلخاقيات الصحافة ولكن دون يصل االمر الى مخالفة نص في قوانين

الصحافة.‏

ً

ج/‏ اختاق الصحفي للقصص واملقابات الوهمية يعتبر أنتهاكا

إلخاقيات الصحافة ألن وظيفة الصحفي ليست كوظيفة االدباء

والقاصّ‏ ين الذين يخلقون القصص في مخيلتهم.‏ ولكن قد اليصل هذا

األمر الى مخالفة قوانين الصحافة اذا لم يكن تلك القصص واملقابات

مسيئاً‏ لشخص معين أومخالفا ً للنظام واالداب العامة.‏

د/‏ يعد أختيار الصحفي في البرنامج الحوارية لشخص متمكن من

اتجاه معين مع شخص غير متمكن انتهاكاً‏ إلخاقيات الصحافة،‏ ولكن

ال يعد ذلك مخالفة قانونية أيضاً‏ .

ه/‏ نشر خبر متعلق بشخص معين مع صورة حقيقية قد التقطت

29


له في زاوية معينة أو في لحظة معينة إليصال رسالة سلبية حول ذلك

الشخص يَ‏ عُ‏ ُّ د ً انتهاكا ألخاقيات الصحافة.‏

و/‏ نشر االحصائيات واالستطاعات الراي غير الحقيقة،‏ النها لم

تحدث أصاً،‏ أو انها كانت حافلة باألخطاء االجرائية التي تؤدي الى خطأ

النتائج مع علم الصحفي واملؤسسة الصحفية بذلك او توقعهم لها )2)) .

ي/‏ التضليل االعامي بصرف االنظار عن قضية معينة مهمة

للجمهور والقيام بتعتيم إعامي حولها ولفت االنظار الى قضية اخرى

هامشية بهدف تشتيت االنتباه عن القضية االولى )2)) .

ثالثاً‏ : من حيث النسبية.‏

ملا كانت اخاقيات الصحافة غير ثابتة فهي تتغير بتغيير الزمان

واملكان وكذلك بتغير االشخاص الحاملين اليديولوجيات معينة.‏ ولكن

القانون اذا كانت نافذة يكون له ثبات اكثر وينطبق على الجميع في

داخل دولة واحدة )2)) .

رابعاً‏ : من حيث العقوبة.‏

تختلف عقوبة مخالفة قواعد قانون الصحافة عن عقوبة مخالفة

اخاقيات الصحافة،‏ فعلى وفق قانون الصحافة يعاقب الصحفي

بالغرامة كما هو الحال في إقليم كوردستان أو بالحبس و الغرامة

كما هوالحال في العراق وبعض الدول االخرى.‏ أما مخالفة أخاقيات

الصحافة فليست لها عقوبة مادية وملموسة في الغالب ولكن عقوبة

مخالفتها هي عقوبة معنوية في الغالب تتمثل في سخط املجتمع له و

20- فهد بن عبدالرحمن الشميمري،‏ ، املصدر االلكرتوين السابق.‏ ص‎2‎ من الفصل السادس.‏

21- فهد بن عبدالرحمن الشميمري،‏ املصدر االلكرتوين السابق،‏ ص‎2‎ من الفصل السادس

22- هذا اذا كانت الدولة هي دولة بسيطة أما اذا كانت دولة فيدرالية فيمكن ان تتعدد

القوانن التي تنطبق عى االفراد فيها.‏

30


تؤثر تلك العقوبة في مصداقية الصحفي وفي سمعتها املهنية.‏ لذلك

توصف اخاقيات الصحافة بأنها)بدون انياب(.‏ ولكن في اآلونة االخيرة

بدأ الفقهاء واملختصون بالبحث عن الوسائل لتوقيع العقوبات على

عدم االلتزام باملبادىء االخاقية للصحفي ومن بينها تبني النقابات

الصحفية بعض العقوبات لذلك.‏

إنَّ‏ مخالفة الصحفي الخاقيات الصحافة تؤدي في بعض االحيان

الى استنكار النقابات واملنظمات املهنية لفعله و قد يصل االمر الى

معاقبته نقابياً‏ ايضا ً كالتوبيخ و الفصل من النقابة.‏ ولكن التصل

تلك العقوبة بالتأكيد الى التغريم أو الحبس،‏ ألن فرض ذلك يكون من

اختصاص السلطة القضائية وفي حالة مخالفة نص قانوني فقط.‏

خامساً‏ : من حيث الهدف

إنَّ‏ الهدف من قانون الصحافة هو لتنظيم الصحافة والحد من

تجاوزات الصحفي على اآلخرين واملجتمع،‏ أما الهدف من أخاقيات

الصحافة فهو لخلق صحفيُ‏ محترف ايجابي.‏ أو بعبارة أخرى اذا كان

قانون الصحافة يحدد الحدود التي يجب على الصحفي عدم تجاوزها،‏

إن اخاقيات الصحافة عدا ذلك يحدد الواجبات التي يجب على

الصحفي القيام بها لخدمة املجتمع واملصلحة العامة.‏ في حين يهدف

قانون الصحافة الى ايجاد صحافة بعيدة عن الجريمة وصحفي غير

متجاوز فقط،‏ فأن اخاقيات الصحافة يهدف الى بناء صحفيً‏ نوعي

متفاعل بنّ‏ اء)سوبرمان(.‏

2: مبادىء اخالقيات الصحافة تجاه املجتمع

أجمعت أكثرية املواثيق االخاقية على مجموعة من املبادىء التي

31


يجب ان يلتزم بها الصحفي لحماية املجتمع واملصلحة العامة،‏ وهذه

املبادىء هي التي سنعرضها في هذا الجزء من موضوعنا،‏ ومنها:‏

1-2: نشر الحقيقة

يُ‏ عد ّ نشر الحقيقة من اهم املبادىء االخاقية التي على الصحفي

االتزام بها في مهنته.‏ وبسببها ينظر الناس الى الصحفي نظرة تختلف

بصورة ايجابية عن أكثرية املهن االخرى.‏ وعن طريقها يحصل االعام

على املصداقية التي يطمئن الناس اليها و يتأثرون بها.‏

فاذا لم تلتزم الصحافة بهذا االلتزام األخاقي فانها تخسر مكانتها

العالية في املجتمع و تصبح وسيلة هابطة للترفيه فقط.‏ وفضاً‏ عن

هذا فانها تتعرض للماحقات القانونية ايضاً‏ الن نشر االكاذيب باسم

محتويات اعامية تعتبر احتياالً‏ على الناس و يشكل في بعض االحيان

مخالفات قانونية ويصبح ضمن الجرائم ايضاً‏ .

ان الصحافة ليست كاألدب،‏ فاذا كان من حق االديب ان يصنع في

مخيلته صوراً‏ أدبية غير حقيقية وغير منطقية ايضا ً فهذا يكون من

حقه ويقبله الناس أيضاً‏ النهم يعرفون انهم يقرأون ويسمعون االدب

الذي يعطيهم املتعة والجمالية)استاتيكيا(.‏ ومن هنا يقال ‏)ان اجمل

الشعر اكذبه(،‏ ولكن الصحفي اليحق له ذلك مادام يسمي نفسه

صحفياً‏ ، فيجب ان يتعامل مع الحقيقة وينشر من االخبار ما هو قد

وقع فقط.‏

ومن هنا فعلى الصحفي ان يبتعد عن نشر الشائعات مالم يتثبت

من صحتها،‏ وال يسعفه في تحمل املسؤولية القانونية اذا استند في خبره

الى ما هو منتشر بين الناس و يعيد نشر ماهو من ‏)قيل وقال(.‏ فقد رفع

32


شكوى على صحفي النه نشر موضوعاً‏ هو ان احد املسؤولين الحزبيين

قد قبض عليه في توركيا مع مئات االالف من الدوالرات الذي كان ينوي

أن يأخذه الى أحدى الدول االوروبية!‏ وعندما استوجب الصحفي وسُ‏ ئل

ان يثبت صحة أقوله؟ فأجاب أنه قد سمعه من الناس في الشارع!!‏

فليس من حق الصحفي ان ينقل ما يسمعه في الشارع من قيل

وقال حول االشخاص،‏ بل يجب عليه ان يتقين من صحة ما يسمعه

قبل ان يقرر نشره.‏ ألن ما هو من الشائعات قد ياتي ويذهب ويتاشى،‏

ولكن ما ينشر في الصحافة يبقى،‏ واحياناً‏ تعد الصحافة مصدرا ً لكتابة

التاريخ،‏ لذلك ليس من حق الصحفي ان ينشر الشائعات حول سلوك

و تصرفات االفراد مالم يتأكد من صحتها.‏

‎2-2‎‏:الحيادية

على الصحفي أن اليكون متحيزاً‏ الي طرف من أطراف املوضوع الذي

ينشره أو يبثه،‏ وان يقوم بنقل الخبر و الحدث والصورة كما هو )2)) ،

ألن من حق الجمهور ان يحصل على الحقائق كما هو دون تشويه أو

تجميل.‏ وهذا ما يفرض عليه بعض االلتزامات التي من أهمها:‏

أوالً:‏ االبتعاد عن قبول الهدايا والرشاوي من أية جهة كانت.‏

كما هو معلوم ان استام املوظف للرشوة يعتبر جريمة من

الجرائم اذ خصص قانون العقوبات العراقي فصاً‏ كاما ً بعدة مواد

لها،‏ من بينها املادة)‏‎307‎‏(‏ التي تنص على ان:)‏ -1 كل موظف او مكلف

23- أخالقيات ومبادىء العمل الصحفي واالعالمي،‏ تقرير ملركز هردو لدعم التعبر

الرقمس،‏ القاهرة-مرص،‏ 2016، ص‎15‎ واملتاح عى العنوان االلكرتوين االيت:‏ https://

08/hrdoegypt.org/wp-content/uploads/2016

33


بخدمة عامة طلب او قبل لنفسه او لغيره عطية او منفعة او ميزة او

وعدا بشيء من ذلك الداء عمل من اعمال وظيفته او االمتناع عنه

او االخال بواجبات الوظيفة يعاقب بالسجن مدة ال تزيد على عشر

سنين او بالحبس والغرامة على ان ال تقل عما طلب او اعطي او وعد

به وال تزيد بأي حال من االحوال على خمسمائة دينار.‏ -2 وتكون

العقوبة السجن مدة ال تزيد على سبع سنوات او بالحبس اذا حصل

الطلب او القبول او االخذ بعد اداء العمل او االمتناع عنه او بعد

االخال بواجبات الوظيفة بقصد املكافأة على ما وقع من ذلك(.‏

وجريمة الرشوة هي جريمة مخلة للشرف،‏ بحيث اليستطيع بعدها ان

يتولى بعض املناصب املهمة والحساسة في الدولة وال يستطيع ايضاً‏ ان

يرشح نفسه للمجالس النيابية.واليستطيع ان يتولى ادارة صحيفة أو

يصبح رئيس تحريرها.‏

واذا كانت جريمة الرشوة تتعلق باملوظفين واملكلفين بالخدمة العامة

فهل ينطبق على الصحفيين ايضاً‏ ؟

بالتأكيد اذا كان الصحفي يشتغل في احدى املؤسسات االعامية

للدولة فأنه ينطبق عليه النص املذكور آنفاً‏ ، واذا كان ال يعمل ملؤسسة

حكومية وال يعتبر من املوظفين فهل يكون مرتكباً‏ لجريمة الرشوة في

حال تلقيه مبلغاً‏ أو هدايا في أثناء عمله؟ لاجابة على هذا السؤال نرى

ان الصحفي اذا ما انطبق عليه مصطلح املكلف بالخدمة العامة لذلك

ينطبق النص اعاه ويعتبر مرتكباً‏ لجريمة الرشوة.‏ ولكن حتى اذا لم

يطبق مصطلح املكلف بالخدمة العامة نرى أن الصحفيين يجب ان

يبتعدوا عن تلقي الهدايا والرشوة أيضاً‏ ألن ذلك يؤثر على حسن عمله

إليصاله الرسالة السامية للصحافة ومن ثم يخالف اخاقيات عمله.‏

34


ثانياً‏ : إعطاء حق الرد لاشخاص الذين يتم اتهامهم بشكل من

االشكال.‏

لكي يكون الصحفي محايداً‏ يجب أن يعطي حق الرد لاشخاص

الذين يتهمونه بشكل من االشكال في عمله الصحفي،‏ سواء كان ذلك

بصورة مباشرة اذا أمكن وذلك في اللقاءات التلفزيونية او بصورة غير

مباشرة وذلك بتخصيص برنامج أخر معه لرد ما اتهم به في برنامج

سابق لتلك املؤسسة االعامية .

3-2: مراعاة املصلحة العامة

مادام االنسان كائناً‏ ً اجتماعيا ، لكونه اليستطيع ان يعيش بمعزل

عن اقرانه واملجتمع،‏ يجب عليه مراعة املجتمع و العمل على عدم

االضرار به ايضاً‏ . وكذلك فالصحفي الذي يعيش في مجمتع معين يجب

أن يعمل على مراعاة املصلحة العامة لذلك املجتمع ايضاً‏ . فرسالة

الصحفي هي تحقيق املصلحة العامة من خال نقل االخبار وتبادل

االراء ونشر االفكار و مراقبة أداء السلطات االخرى.‏

علماً‏ اننا عندما نقول املصلحة العامة ال نقصد من خال ذلك

مصلحة حكومة معينة أو حزب معين فهما وسيلتان لخدمة املجتمع

واملصلحة العامة ايضاً‏ ويعدان من املتغيرات،‏ فاذا رأى الصحفي ان

حكومة معينة أو حزباً‏ معينا ً قد حاد عن مسار املصلحة العامة فمن

حقه بل من واجبه رفع صوته و ابداء النقد بهدف تصحيح ذلك املسار

الخاطىء.‏

و لكي يحقق الصحفي ذلك املصلحة العامة للمجتمع فيفترض عليه

مراعاة االمور االتية:‏

35


1-3-2: عدم نشر ما يؤدي الى التمييز العنصري بين أفراد املجتمع.‏

إنَّ‏ نشر ما يؤدي الى التمييز العنصري بين أفراد املجتمع يؤدي الى

االضرار باملجتمع ككل،‏ الن ذلك يخلق الكراهية بين أفراد املجتمع

ويؤدي هذا الى عدم استقرار املجتمع وازدياد حاالت العنف والجرائم

فيه.‏ لذلك تبذل املنظمات الدولية التي تعمل من اجل احال السام

ونشر ثقافة الديمقراطية جهداً‏ كبيرا ً من أجل القضاء على التمييز

العنصري وخطاب الكراهية سواء كان ذلك على مستوى الداخلي للدول

أو على املستوى الدولي بين الدول )2)) .

أما في نطاق الصحافة فقد نصت الفقرة)‏‎7‎‏(‏ من ميثاق شرف

الصحفيين للفدرالية الدولية للصحفيين والذي تبنته قانون العمل

الصحفي في كوردستان ايضاً‏ بأنه:)على الصحفي التنبيه للمخاطر

التي قد تنجم عن التمييز والتفرقة اللذين قد يدعو اليهما اإلعام،‏ و

أن يبذل كل ما بوسعه لتجنب القيام بتسهيل مثل هذه الدعوات التي

قد تكون مبنية على اساس عنصري أو الجنس او اللغة أو الدين او

املعتقدات السياسية وغيرها من املعتقدات أو اختاف الجنسية أو

االصل االجتماعي(.‏

وألهمية هذا املوضوع على املصلحة العامة للمجتمع فقد تناوله

املشرع الكوردستاني ضمن املحظورات التي اشارت اليها املادة)‏‎9‎‏(‏ من

قانون العمل الصحفيي في كوردستان بقوله:)يغرم الصحفي ورئيس

التحرير بمبلغ اليقل عن)‏‎1‎‏(‏ مليون دينار واليزيد عن)‏‎5‎‏(مايين دينار عند

24- تنظر:‏ االتفاقية الدولية للقضاء عى جميع أشكال التمييز العنرصي التي اعتمدت

وعرضت للتوقيع والتصديق واالنضامم مبوجب قرار الجمعية العامة لالمم املتحدة 2106

ألف)د‎20‎‏-(املؤرخ يف ‎21‎كانون االول 1965 الذي دخل اىل حيز النفاذ بتاريخ ‎4‎كانون الثاين

1969 عى وفق املادة 19 من االتفاقية.‏

36


نشره في وسائل االعام واحدا مما يأتي:‏ -1 زرع األحقاد وبذر الكراهية

والشقاق والتنافر بين مكونات املجتمع(.‏ أما الوسيلة االعامية فانها

تعاقب بغرامة أكثر تتراوح بين )20-5( مليون دينار بموجب الفقرة)ثانياً‏ )

من املادة)‏‎9‎‏(‏ من القانون اعاه.‏

2-3-2: عدم نشر ما يؤدي الى االضرار باألمن العام في املجتمع.‏

مادامت رسالة الصحفي هي تحقيق املصلحة العامة في املجتمع،‏

فان املصلحة العامة تتحقق بتحقيق األمن العام لذلك املجتمع.‏ ولكن

ما املقصود بكلمة)االمن العام(؟

ً

مع ان الفقهاء مختلفون فيما بينهم لتعريف ذلك املصطلح تعريفا

جامعاً‏ ً ومانعا ، أال ان بعض الحكومات تستخدم ذلك املصطلح

بمطاطية و يجعلها وسيلة لضرب املعارضين واملنتقدين لها.‏ اال اننا نرى

أن ذلك املصطلح ال يعني بنوع من االنواع حماية الحكومات والسلطة

االدارية بل يعني بمصلحة أعلى هي مصلحة املجتمع.‏ ألن الحكومات ما

هي اال وسيلة لتحقيق االمن العام واملصلحة العامة،‏ فاذا لم تتمكن

هذه الوسيلة من تحقيق أهدافها فمن حق كل فرد ان ينتقدها ويكشف

سلبياتها و مفاسدها.‏

وعندما نشر بعض الصحف في أمريكا بعض الحقائق عن

حرب الواليات املتحدة االمريكية في فيتنام املشهورة بقضية)أوراق

بنتاغون(،‏ لم يكن ذلك االمر مخالفاً‏ لألمن العام بقدر ما كان

ذلك ملصلحة االمن العام.‏ أو عندما كشف احدى الصحف فساد

فريق الرئس االمريكي نيكسون في االنتخابات وتجسسهم على

حملة منافسه في بناية)وترغيت(‏ فلم يكن ذلك مضراً‏ لامن العام

37


برغم أن ذلك النشر ادى الى استقالة الرئيس االمريكي من منصبه.‏

ولكن ما نقصده بعدم النشر املخل باالمن العام هو أن هناك

بعض االسرار العسكرية في كل الدول حتى الدول الديمقراطية ال يجوز

للصحفي ان ينشرها الن مجتمعه ودولته يتضرران.‏ فضاً‏ عن ان نشر

بعض املواضيع قد يؤدي الى نشر الرعب بين الناس.‏ فمثاً‏ نشرت

أحدى الصحف الكوردية املنتشرة بمانشيت كبير في صفحتها االولى أن)‏

كتائب جماعة القاعدة وصلوا الى السليمانية(‏ في حين بعد قراءة الخبر

كان يتضح للقارىء أن العبارة املكتوبة بين قوسين كان قد كتب من قبل

أحد االرهابيين على جدران أحدى بنايات مهجورة في السليمانية،‏ ولكن

طريقة التي نشر بها الصحيفة هذا املوضوع كان يدل على ان جماعة

القاعدة بالفعل-‏ وليس بالكتابة-‏ قد وصلوا الى السليمانية.‏ وهذا يعتبر

انتهاكاً‏ ً خطيرا إلخاقيات الصحافة.‏

وكذلك عندما نشر أحدى صحف املعارضة أن مبلغاً‏ ً معينا من

ميزانية اقليم كوردستان يصرف ملساعدة االحزاب الكوردية املعارضة

للجمهورية االيرانية الذين تتمركز في أقليم كوردستان!‏ في حين ان ذلك

الخبر انتقد بشدة من قبل املثقفين و املراقبين لشؤون االعام وعلى

اثر تلك االنتقادات استقال رئيس تحريرها وجاء في رسالة استقالتها انه

يقدم استقالته بسبب ذلك الخطأ الذي صدر عن صحيفته.‏

وكذلك يمكن اعتبار ما ينشر من املواضيع التي تسىء فيها بصورة

واضحة وخطرة لاديان واملذاهب الدينية وهي من االمور التي تهدد األمن

العام للمجتمع وان من شأن ذلك أن يؤدي الى املظاهرات واالحتجاجات

العنيفة التي قد تهدد أمن املجتمع كما حدث ذلك في مصر عندما نشرت

جريدة ‏)النبأ(املصرية ً موضوعا عُ‏ دَّ‏ من قبل القبطيين اساءة جسيمة

38


بحقهم وادى ذلك الى قيام التظاهرات و ارتكبت خاالله اعمال العنف

التي راحت ضحيتها عدة اشخاص.‏ وادى ذلك بالبرملان املصري ونقابة

الصحفيين املصريين الى التدخل لتهدئة املوقف وذلك بإدانة الصحيفة

و معاقبة رئيس تحريرها.‏

3-3-2: عدم نشر ما يؤدي الى االضرار باآلداب العامة.‏

مصطلح االداب العامة من أكثر املصطلحات التي اختلف الفقهاء

بصدد تعريفها و تحديد ماهيتها ملطاطيتها واختافها باختاف الزمان

واملكان واالشخاص.‏ فما يعد مخالفاً‏ لاداب العامة في العراق قد اليعد

ذلك في هولندا.‏ وما كان يعتبر مخالفاً‏ في خمسينيات القرن املاضي في

بعض املجتمعات قد اليعتبر مخالفاً‏ لاداب العامة أآلن،‏ فمثا ً رواية)‏

مدام بوفاري(للروائي جوستاف فلوبير كانت ممنوعة في كثير من الدول

االوروبية بحجة انها تحرض على الخيانة الزوجية وعلى نشر العاقات

الجنسية خارج منظومة الزواج!‏ اال ان اليوم يوجد بصورة منشرة ليس

في الدول االوروبية فحسب بل في الدول االسامية ايضاَ‏ . وكذلك تختلف

مصطلح االداب العامة من شخص الى اخر،‏ ومن شخص منفتح علماني

الى شخص محافظ أو متدين.‏ ولكن القضاء عادة يقيسه بمقياس

شخص معتدل االفكار في املجتمع.‏

على أية حال ان تحديد ما يخالف االداب العامة و ما يعتبر

ضمن حرية التعبير أمر في غاية الصعوبة،‏ وخصوصاً‏ في املجال

الفني واالدبي.‏ ذلك ألن املوضوع اذا لم يكن من الناحية االجتماعية

منفراَ‏ و مقززا ً و لم يكن ذا أهمية أدبية أو طبية أو تاريخية،‏ و كان

الهدف منه هو لاثارة الجنسية فقط،‏ فحينئذ قد يقيمه شخص

39


معتدل متوسط بأنه موضوع هابط ويخالف االداب العامة )2)) .

لذلك االمر عندما صوت البرملان الكوردستانى عام 2007 على قانون

العمل الصحفي اعترض بعض الصحفيين على ورود بعض املحظورات

فيه ومن بينها ورود مصطلح االداب العامة،‏ لذلك طالبوا رئيس االقليم

بعدم تصديقه.‏ وبالفعل لم يصادق رئيس االقليم على القانون واعاده

الى البرملان ملعالجة بعض املسائل فيه،‏ وبالفعل من ضمن ما تم

معالجته فيه هو رفع كلمة االداب العامة في القانون وآنذاك تم اصدار

القانون ونشره في الجريدة الرسمية ودخل الى حيز التنفيذ.‏

أال اننا نرى انه رغم مطاطية مصطلح اآلداب العامة واالختاف الكبير

عليها،‏ فحتى اذا لم نستطع تعريفها بدقة فقد نستطيع أن نسلط بعض

االضواء عليه،‏ فمثاً‏ يرى البعض:‏ ان االداب العامة عبارة عن جميع

املبادىء االخاقية االساسية في مجتمع من املجتمعات بحيث ان االعتداء

عليها يعتبر اعتداء على االركان املعنوية للقيم االساسية للمجتمع.‏ وهذه

املبادىء تنشأ من االفكار الدينية والتقاليد االجتماعية بمرور الزمن )2)) .

وقد حكمت قضاء في اقليم كوردستان العراق في احد قراراته )2)) ان

ً

ما نشرته صحيفة)...(عام 2008 تحت عنوان)جنس الدبر(‏ يعد خرقا

لاداب العامة ألنه نوع من انواع الدعوة ملمارسة الجنس من الدبر-‏

اي من الخلف-‏ من خال التنظير له دون التطرق الى سلبياتها الطبية

25- د.‏ سامان فوزي،‏ املرشد القانوين لالعالمين،‏ مطبعة هاواليت،‏ من منشورات نريج

، الطبعة الثانية،‏ السليامنية-العراق،‏ 2016، ص‎91‎

26- د.‏ سعيد عبدالكريم مبارك،‏ اصول القانون،‏ وزارة التعليم العايل والبحث العلمي،‏

بغداد-العراق،‏ 1982، ص‎248‎

27- ينظر قرار محكمة استئناف اربيل بصفتها التمييزية رقم 115/ ت.ج/‏‎2008‎ يف

2008-12-7 واملشار اليها عند:‏ الدكتور عثامن ياسن عي،‏ املبادىء والتطبيقات

القانونية يف قرارات محكمة استئناف بصفتها التمييزية-‏ الطعن يف أحكام وقرارات

محكمة الجنح لسنوات 2012-1992، مكتبة تبايي للنرش والتوزيع،‏ أربيل-العراق،‏

2013، ص‎36‎

40


واالجتماعية وموقف االديان منه،‏ وعاقب كاتبه ‏-وهو طبيب في االصل-‏

بموجب أحكام املادة)‏‎403‎‏(‏ من قانون العقوبات العراقي املرقم)‏‎111‎‏(‏

41

لسنة 1969.

علماً‏ ان حماية االداب العامة ليست حكرا ً على مجتمع من

املجتمعات بل ان اغلب املجتمعات تعمل على حمايتها وتعاقب على من

يخالفها.‏ ولكن مع اختافهم ملا يعتبر ضمن االداب العامة التي تجب

حمايتها.‏ فهنالك عشرات من القرارات الصادرة في القضاء املصري و

االردني وحتى في قضاء الدول االوروبية ايضاً‏ جرمّ‏ ت الصحفي بسبب

مخالفتها لاداب العامة.‏ وأكدت املواثيق الدولية بحق الدول في فرض

بعض القيود على حرية النشر اذا كانت ضرورية لحماية االداب

العامة ((2( .

بقي ان نقول انه في السنوات االخيرة واسوة باملنظمات الخاصة

بحماية البيئة من اضرار املعامل او حماية املستهلكين من البضائع

الفاسدة،‏ واسست جمعيات ومنظمات اهلية غير حكومية في بعض

دول العالم للدفاع عن حقوق املتلقي من الصحافة الهابطة والسلبية

بتسميات مختلفة منها:‏ منظمة حماية املتلقي أو املشاهدين من

املحتويات الضارة في االعام،‏ اذ تقوم تلك املنظمات باالسهام في حماية

28- نصت املادة)‏‎19‎‏(‏ من العهد الدويل للحقوق املدنية والسياسية الصادرة من قبل

منظمة االمم املتحدة عام 1966 عى ان:‏ -1 لكل إنسان حق يف اعتناق آراء دون

مضايقة.‏ -2 لكل إنسان حق يف حرية التعبر،‏ ويشمل هذا الحق حريته يف التامس

مختلف رضوب املعلومات واألفكار وتلقيها ونقلها إىل آخرين دومنا اعتبار للحدود،‏

سواء عى شكل مكتوب أو مطبوع أو يف قالب فني أو بأية وسيلة أخرى يختارها.‏

-3 تستتبع مامرسة الحقوق املنصوص عليها يف الفقرة)‏‎2‎‏(‏ من هذه املادة واجبات

ومسئوليات خاصة.‏ وعى ذلك يجوز إخضاعها لبعض القيود ولكن رشيطة أن تكون

محددة بنص القانون وأن تكون رضورية:‏ أ/‏ الحرتام حقوق اآلخرين أو سمعتهم،‏ ب/‏

لحامية األمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو اآلداب العامة(.‏


القيم االجتماعية و خصوصاً‏ من املحتويات املخالفة لاداب العامة

وذلك عن طريق متابعة مضمون بعض البرامج الهابطة في القنوات

االعامية.‏ وتقوم باصدار تقرير شهري الهم املخالفات االخاقية في

القنوات الصحفية بهدف تصحيحها وايقاف انحراف معين فيها.‏ وفي

حالة استمرار تلك القنوات على نهجها السلبي املضر بالقيم االجتماعية

تقوم احياناً‏ بطلب رفع الشكوى ضد تلك القنوات الى االدعاء العام.‏ أو

تصبح هي الجهة التي تحرك الشكوى ضد وسائل االعام املنتهكة للقيم

واالداب العامة لدى املحاكم وذلك في الدول التي تسمح بذلك )2)) .

4-2: مراعاة الذوق العام

ان الصحافة اليوم وخصوصاً‏ الصحافة املرئية وااللكترونية تدخل

في جميع البيوت وفي مختلف االوقات لذلك يجب عليها ان تراعي الذوق

العام لذلك املجتمع وان تبتعد عن كل ما من شأنه تعكير الذوق العام،‏

حتى ان لم يصل ذلك النشر الى تشكيل جريمة من الجرائم.‏

فمثاً‏ عندما تقبل احدى الصحف بنشر اعان ملنتوج او خدمة

معينة يجب التثبت عن مدى تاثير ذلك االعان في الذوق العام في

عدد مرات نشره خال مدة معينة أو مدة هذا االعان او حتى محتوه

ايضاً‏ . فقد اكد لي احد االشخاص انه يحب ان يستمع الى أحدى

ً

االذاعات)الراديو(‏ و لكن عندما يصل الى نشر اعان معين فانه رأسا

يغير االذاعة و يكره االستماع اليها ايضاَ‏ الن االعان الذي هو ألحد

29- للمزيد حول ذلك ينظر:‏ فهد بن عبدالرحمن الشميمري،‏ الرتبية االعالمية-‏

كيف نتعامل مع االعالم،‏ ص‎7-6‎ من اللفصل العارش.‏ كتاب متوفر عى شبكات

االنرتنيت وعى العنوان االكرتوين االيت:‏ https://www.saudimediaeducation.org/

sme

42


املاركيتات طويل جداَ‏ و يتم تكراره يوميا ً عشرات من املرات اذ يعلنون

عن اسعار عشرات من املابس دون أن يكون تلك االسعار حقيقية.‏

واذا كانت بعض الدول قد نظمت بصورة مفصلة كيفية نشر

االعان و مدتها و عدد مرات نشرها..الخ فان بعض الدول االخرى

كالعراق واقليم كوردستان لم تنظم تلك التفاصيل بصورة دقيقة لذلك

يقع على عاتق الصحفي التزام اخاقي بمراعاة الذوق العام للمتلقي.‏

5-2: مراعاة املساواة الجندرية

تعمل الدول الحديثة على القضاء على كل انواع التمييز العنصري و

خصوصاً‏ على اساس الجنس او الجندر.‏ اذ اصبحت املساواة بين الرجل

واملرأة أحد املعايير التي يقاس بها تطور األمم.‏

ومادام الصحفي يقع على عاتقه العمل لتحقيق املصلحة العامة

للمجتمع لذلك يجب عليه عندئذ ان يعمل ضد كل اشكال التمييز

العنصري بين أفراد املجتمع ومن بينها التمييز على اساس الجنس.‏

وبخاف ذلك اذا ما تفوه الصحفي أو ان ما نشره كان يحمل بين طياته

التمييز بين الرجل واملراة بسبب الجنس أو يدل على نظرة دونية للمرآة

فإنه يعد بذلك قد خالف مبدأً‏ أخاقيا ً .

فاملبادىء االخاقية يفرض على الصحفي ان يكون قدوة ايجابية في

املجتمع،‏ ألنه يؤثر بطريقة فعالة في نمط الحياة بين الناس و ترسيخ

بعض االفكار والقناعات.‏ فمادام هو يراقب السلبيات في املجتمع

بهدف معالجتها فبالتأكيد يجب عليه ان يعمل بجد النهاء ذلك التمايز

القانوني واالجتماعي بين الرجل واملرأة بدالً‏ من ترسيخها وتعميقها.‏

43


3: أخالقيات الصحافة تجاه االفراد

سوف نبين هذه املبادىء االخاقية التي يجب ان يلتزم بها الصحفي في

اداء مهماته الصحفية تجاه االفراد،‏ واال قد يتهم الصحفي بانتهاكه اخاقيات

الصحافة و يتعرض للمساءلة القانونية ايضاَ‏ . ومن أهم هذه املبادىء:‏

1-3: املوضوعية

كثيراً‏ ما تستخدم كلمة املوضوعية!‏ وكثيرا ً ما يقال أنه من الضروري

أن يكون الشخص موضوعياً‏ في آرائه و طروحاته ولكن قليل من يعرف

املعنى الحقيقي لذلك املصطلح!‏ فاملوضوعية في نقل الخبر تعني ان

يتجرد الصحفي من آرائه الشخصية،‏ ويعامل الخبر وينقله بصورة

علمية.‏ وفي مجال النقد وابداء الرأي تعني ان يتحدث الصحفي عن

الشيء أو السلوك الذي ينتقده دون ان يذهب ابعد من ذلك للتكلم عن

مسائل شخصية لذلك الشخص.‏

فمثاً‏ يستطيع الشخص ان ينتقد ً مؤلفا الحد االشخاص دون ان

يتجاوز للكام حول امور شخصية لذلك املؤلف.‏ فكيف في النقد االدبي

الذي فيه مقولة ‏)موت الكاتب(،‏ ففي مجال الصحافة يجب ان نعمل

د(‏

بطريقة)موت الصحفي(‏ ً ايضا عند نقل الخبر او بطريقة)موت املنتقَ‏

عند تقويم سلوك او عمل من االعمال.‏

ففي مجال نقل الخبر يجب على الصحفي ان يكون محايداً‏ و اليخلط

اراءه و ايديولوجيته السياسية والفكرية مع الخبر،‏ وينقله للمتلقين

بهدف التأثير فيهم.‏ بل يجب ان ينقله اليهم كما هو وليس كما ينبغي

أن ينقل و يصل الى مسامع السامعين.‏ فمثاَ‏ عندما ينقل الصحفي

44


َ

موضوع محاكمة معينة يجب ان ينقله بأمانة حتى ان كان له تعاطف مع

احد االطراف.‏ وخير مثال على ذلك قيام الصحفية واملفكر الكبير)هانا

ارندت(‏ بنقل مجريات محاكمة املسؤول النازي)ايخمان(عام 1961

الى مجلة)نيو يوركر(،‏ فاليهوديون كرهوها بداية لكيفية نقله ملوضوع

املحاكمة و انتقادها اجراءات املحاكمة وكذلك آلرائها الشخصية حول

الخطورة الجرمية ل)ايخمان(،‏ ولكن ما فعلتها هي لم تكن سوى تجريد

هويتها اليهودية من املوضوع عند نقلها الجراءات املحاكمة و ابداء

الرأي حول مضمون الفعل الجرمي ل)ايخمان(‏ وفيما يخص اجراءات

املحاكمة.‏

واذا قام شخص بنقد تصرفات حزب من االحزاب مثاً،‏ فمن الفضل

لهذا الحزب ان يقوم بتصحيح معلوماته اذا كان خاطئاً‏ و يذهب باتجاه

الشكوى منه ايضاً‏ ! ولكن الذي يرى في الساحة السياسية في العراق

مع اقليم كوردستانه ان اعامي وصحفي الحزب املنتقِ‏ د يتجاوزون في

انتقادهم فيتناولون شخص املنتقد وأوالده واماكه..الخ.‏

2-3: احترام الحياة الخاصة لالفراد

نصت أغلبية مواثيق اخاقيات الصحافة على ضرورة احترام

الصحفي لخصوصيات الحياة الخاصة للغير،‏ اي باحترام خصوصيات

االشخاص كما يسمية البعض.‏ ونظراً‏ ألهمية هذا املوضوع فقد

تعرضت له قوانين أغلب دول العالم وعدت انتهاك الخصوصية من

الجرائم التي تستوجب املساءلة عنها.‏ ولكن ما املقصود بالحياة الخاصة

لافراد؟ وكيف نمييزها عن الحياة العامة التي يمكن نشر املعلومات

حولها،‏ وما السبيل في أال يتعارض الحق في الحياة الخاصة لافراد مع

45


الحق في حرية النشر واالعام وحق املجتمع في املعرفة؟

بدءاً‏ يجب ان نعلم ان فكرة الخصوصية تعد من االفكار النسبية

املرنة التي تتغير بتغير الزمان واملكان بل حتى بتغير االفراد ايضا على

وفق مراكزهم االجتماعية وطبائعهم.‏ لذلك لم تتعرض التشريعات في

اكثرية الدول في تعريفها،‏ بل تركت امر تعريفها للفقه والقضاء.‏

وقد ميز البعض الخصوصية عن الحياة العامة باعتبار انها

خصوصيات الفرد التي يحق له ان يحتفظ بها سرا في داخله بعيدة عن

اعين الناس والسنتهم،‏ وهي ال تمس واجباته نحو املجتمع وليس لها تاثير

في الصالح العام وال يحق نشر هذه االسرار الن في نشرها التحقق سوى

تشويه صورته وزلزلة ثقة الناس فيه )3)) .

وياحظ من التعريفات املذكورة آنفاً‏ للخصوصية انها تتصف

بالعموم وتنقصها الدقة في بيان ماهيتها وحدودها.‏ لذلك حاول البعض

تحديد العناصر التي يتكون منها الحق في الخصوصية،‏ كاملحادثات

الشخصية واملراسات والحياة العائلية والعاطفية والحياة الصحية..‏

الخ ومن ضمنها صورة االنسان.‏ الذي يعد من أهم أمثلة الحياة الخاصة

لافراد.‏ لذلك سوف نفصل بعض الشيْ‏ حولها.‏

فمن سمات عصرنا الراهن أنه)عصر الصورة(‏ الذي يعني هيمنة

ً

الصورة وسيادتها في عاملنا املعرفي واالعامي،‏ مع انها ليست أمرا

مستجداً‏ في التاريخ االنساني،‏ فإنها تحولت من الهامش الى املركز،‏ ومن

الحضور الجزئي الى موقع الهيمنة والسيادة سواء كانت صورة ثابتة أو

متحركة وخصوصاً‏ في مجال االعام.‏ وأهمية الصورة في مجال االعام

30- طارق أحمد فتحي رسور،‏ الحامية الجنائية الرسار االفراد يف مواجهة النرش،‏ دار النهضة

العربية،‏ القاهرة-مرص،‏‎1991‎‏،‏ ص‎43‎

46


ترجع الى االسباب االتية )3)) :

املعرفة.‏

1- ان البصر أهم واكثر حواس االنسان استخداماً‏ في اكتساب

2- قوة الصورة تنطلق من مفهوم التصديق والتكذيب ، ألن الرؤية

البصرية هي اساس التصديق ولذلك يقال)ليس راءٍ‏ كمن سمع(.‏

3- تختلف الصورة عن الكلمة املكتوبة في سهولة التلقي والوصول.‏

لذلك يقال)أن الصورة تساوي الف كلمة(.‏

ولكن مع ازدياد استخدام الصورة و هيمنتها في حياتنا املعرفية

واالعامية فقد ازدادت تاثيراتها السلبية ايضاً‏ وبدأ الفقهاء باستحداث

حق آخر ضمن حقوق االنسان يسمى الحق في الصورة.‏

ذلك ألن صورة االنسان هي محاكاة لجسمه او جزء منه،‏ ولكن

التقدم العلمي والتكنولوجي تمكن من انتزاع صورة االنسان منفصلة

عن جسمه ، لذا يقال ان صورة االشخاص هي االمتداد الضوئي لجسمه.‏

بل اكثر من ذلك فان الصورة تعد انعكاسا لشخصية االنسان ليس في

مظهرها املادي الجسماني فقط وانما في مظهرها املعنوي ايضاً‏ ، النها

تعكس مشاعر االنسان واحاسيسه ورغباته،‏ فهي املرآة املعبرة في كثير

من االحيان عما يخفيه االنسان بداخله.‏ وفضا عن ذلك فان االحداث

التي يمر بها االنسان سرعان ما تظهر بصماتها على وجهه.‏ وملثول هذا

االرتباط الكبير بين صورة االنسان وشخصيته فقد اصبح اليوم الحق

في الصورة من املظاهر الحديثة للحقوق الشخصية )3)) .

31- فهد بن عبدالرحمن ، املصدر االلكرتوين السابق،‏ ص‎2‎ من الفصل الثاين.‏

32- د.‏ سعد جر،‏ الحق يف الصورة،‏ دار النهضة العربية،‏ القاهرة-مرص،‏ 1986، ص‎1‎ واملشار

اليه عند الدكتور مصطفى أحمد عبدالجواد حجازي،‏ الحياة الخاصة ومسؤلية الصحفي،‏

دار الفكر العريب،‏ القاهرة-مرص،‏ 2001-2000، ص‎86‎

47


ونقصد بالحق في الصورة سلطة الشخص في ان يمنع غيره من

ان يرسمه او ان يصوره اذا لم يكن رغبا هو نفسه في ذلك،‏ ويتضمن

الحق املذكور مكنة االعتراض على نشر صورته بين الجمهور سواء كان

بواسطة الصحافة املكتوبة او املرئية،‏ او باية وسيلة نشر اخرى )3)) .

وهذا يعني ان الحق في الصورة يتكون من:‏

أ-حق االنسان في منع غيره من ان يرسمه او يصوره.‏

ب-حق االنسان في منع غيره من نشر صورته بين الجمهور.‏

وقد استقرت احكام القضاء الفرنسي على عدم جواز اخذ الصورة

او نشرها بدون اذن صاحبها،‏ وقضى بان نشر صورة طفل وهو على

فراش املرض يعد خطأ يوجب الحكم على الجريدة بالتعويض،‏ كما ان

نشر صورة احدى السيدات بدون اذن منها يعد خطأ يوجب التعويض )3)) .

وهذا يعني ان االصل هو منع التقاط الصورة ورسم الشخص ثم منع

نشرها،‏ اال اذا رضي بها صاحبها صراحة او ضمنا.‏ والضير في ظهور صورة

الشخص بمناسبة التقاط صورة االماكن العامة.‏ فوجود مجموعة من

االشخاص في ساحة عامة أو أماكن عامة يكتسب طابعا ً عاماً‏ ايضاً‏

واليشكل اعتداء على الحياة الخاصة لكل شخص ظهر في الصورة.‏ وفي

اطار التقاط صورة االماكن العامة يعد التركيز على شخص دون مجموعة

ب)الزووم(‏ أو غيرها من التقنيات التكنولوجية أمرا ً مغلوطاً‏ ويعد احياناً‏

انتهاكاً‏ لحقه في الصورة )3)) . اال اذا كان التقاط الصورة إلشخاص عامين

33- الدكتور عباس الرصاف و الدكتور جورج حسبون،‏ املدخل اىل علم القانون،‏ الدار

العلمية الدولية و دار الثقافة للنرش والتوزيع،‏ الطبعة االولة،‏ 2001، ص‎124‎

34- د.‏ مصطفى أحمد عبدالجواد الحجازي،‏ مرص سابق،‏ ص‎87‎

35- االستاذ اندرية برتران والدكتور نقوال فتوش،‏ الحق يف الحياة الخاصة والحق يف

الصورة،‏ مكتبة الصادر للمنشورات الحقوقية،‏ الطبعة االوىل،‏ لبنان،‏ 2003، ص‎221‎‏-‏

.222

48


والسيما اثناء مزاولة نشاطاتهم العامة كالرياضيين والفنانين..الخ اذ

يفترض ان هؤالء قد رضوا بالتقاط صورهم ونشرها ايضاً‏ .

فقد نصت املادة 438 من قانون العقوبات العراقي الرقم 111 لسنة

1969 على انه ‏)يعاقب بالحبس مدة ال تزيد على سنة وبغرامة ال تزيد

على مئة دينار او باحدى هاتين العقوبتين:‏ من نشر باحدى الطرق

العانية اخبارا او صورا او تعليقات تتصل باسرار الحياة الخاصة او

العائلية لافراد ولو كانت صحيحة اذا كان من شأن نشرها االساءة

اليهم(.‏

وقد نص قانون اساءة استعمال اجهزة االتصاالت في إقليم

كوردستان-العراق املرقم ب)‏‎6‎‏(‏ لسنة 2008 في مادته الثانية أن نشر

الصور الثابتة أو املتحركة لألفراد،‏ أو مجرد التقاط صور االفراد دون

اذن منهم عن طريق املوبايل أو اي أجهزة اتصاالت اخرى يشكل جريمة

يستحق مرتكبها عقوبة تتراوح بين ستة اشهر الى خمس سنوات وغرامة

تتراوح بين)‏‎5-1‎‏(مايين دينار أو بأحد منهما.‏

أما قانون العمل الصحفي في كوردستان فقد نص هو ايضاً‏ على

اعتبار انتهاك خصوصيات االفراد من الجرائم بقوله في النقطة)‏‎4‎‏(‏ من

املادة)‏‎9‎‏(‏ بأنه:)كل ما يتصل باسرار الحياة الخاصة لافراد ولو كانت

صحيحة اذا كان من شان نشرها االساءة اليهم(.‏ واذا ما تجاوز الصحفي

حدوده في عدم انتهاك خصوصيات الغير فأنه يعاقب بغرامة ال تقل

مقداره عن)‏‎1‎‏(مليون دينار وال يزيد عن)‏‎5‎‏(مايين دينار.‏ هذا عدا عن

عقوبة رئيس التحرير ايضاً‏ باملبلغ نفسه.‏ أما عقوبة الصحيفة الناشرة

للموضوع فقد يزيد عن هذا املبلغ ويتراوح بين)‏‎20-5‎‏(‏ مليون دينار.‏

هذا عدا عن تعويض االضرار املادية واملعنوية التي تلحق بمن انتهك

49


خصوصيته.‏

وكما يظهر ان النصوص القانونية أعاه قد أكد أن نشر الحياة

الخاصة لافراد يعد جريمة وحتى ان كانت املعلومات التي تم نشرها

صحيحة،‏ وهنا يظهر اختاف هذا املوضوع عن موضوع جريمة التشهير

ذلك ألن التشهير غالباً‏ يكون بنشر املعلومات والوقائع غير الصحيحة

عن االشخاص.‏

بقي ان نقول ان نشر الصورة فضاً‏ عن انه انه يشكل جريمة من

الجرائم الصحفية،‏ ففي بعض الحاالت وان لم يشكل جريمة فقد يشكل

اخاالً‏ باخاقيات الصحافة وذلك عندما يتم اختيار لقطة معينة من

الصورة وانزالها مع خبر معين الهداف معينة خاصة.‏ ذلك الن الصورة

املعروضة او اللقطة املشاهدة هي خيار منتجها وعارضها،‏ فهي واحدة

من بين عشرات الصور االخرى املرتبطة بالشخص أو الحدث أو مئاتها

ولكن تم استبعاد االخرى واختيرت الصورة املعروضة.‏ فيجب ان يكون

ذلك االختيار محايداً‏ و يدل على الحدث بصورة علمية.‏

ويذكر انه في ظل التكنولوجيا الحديثة يمكن تغيير الصورة عن

طريق ادوات االنتاج واملونتاج املختلفة و اصبحت مقولة)الصورة ال

تكذب(‏ جزءاً‏ من التاريخ )3)) ويجب على الصحفي ان يبتعد عن ذلك

التصرف،‏ ألن ذلك يعد مخالفاً‏ ليس الخاقيات الصحافة فقط بل

للقانون ايضاَ‏ .

3-3: احترام حق الرد والنقد

اذا كان من واجب الصحفي احترام الحقيقة و ضمان حق الشعب

36- فهد بن عبدالرحمن ، املصدر االلكرتوين السابق،‏ ص 4 من الفصل الثاين.‏

50


ملعرفة الحقيقة كما ينص على ذلك أغلب املواثيق االخاقية للعمل

الصحفي،‏ ومن بينها ميثاق الشرف الذي تبنته املفوضية الدولية

للصحفيين في عام 1954 واملعدلة في عام 1986 والذي يعتبر جزءاً‏ من

قانون العمل الصحفي في كوردستان و ملحقاً‏ له.‏ آنذاك يظهر لنا بأنه

من واجب الصحفي أخاقياً‏ و قانونيا ً نشر ما يصل اليه من الردود

والتصحيح ملا سبق ونشره ضماناً‏ اليصال الحقيقة الى الناس.‏

ذلك ألن الصحفي عند قيامه بمهماته الصحفية قد يخطأ في ايصال

االنباء الصحيحة الى الجمهور،‏ أو قد ينشر اآلراء واالنتقادات الشديدة

التي قد تضر باآلخرين،‏ فيحق لذوي الشأن آنذاك سواء أكانوا موظفين

او افرادا او جهات رسمية او غير رسمية والذين تذكر عنهم الجريدة

وقائع معينة وتنشر على لسانهم امورا تمسهم سواء أكانت متعلقة

بأعمالهم الرسمية ام بتصرفاتهم الشخصية،‏ ان يطالبوا بتصحيح

االنباء الخاطئة،‏ او رد االنتقاد املوجه اليهم في الصحيفة نفسها وفي

املكان نفسه الذي تم نشر املوضوع فيه شريطة ان تكون لهم مصلحة

في ذلك.‏ ألن حق الرد والتصحيح ليس حقا مكتسبا لكل شخص ورد

اسمه في الصحيفة،‏ بل البد ان يكون النشر قد اضر به بصورة او

بأخرى عن طريق احدى جرائم النشر والتشهير او عن طريق نشر أخبار

كاذبة بخصوص صاحب الشأن او انباء من شأنها تضليل القارىء )3)) .

فقد جاء في املادة )15( من قانون املطبوعات العراقي رقم )206(

لسنة 1968 بصدد حق الرد والتصحيح انه :

أ-‏ على مالك املطبوع الدوري ان ينشر مجانا الرد الوارد اليه ممن

قذف في مطبوعه او شهر به،‏ واذا كان القذف والتشهير يتعلق بمتوفى

37- د.‏ رياض الشمس،‏ حرية الراي و جرائم الصحافة والنرش،الجزء الثاين،‏ مطبعة دار

الكتب املرصية،‏ القاهرة-مرص،‏ 1947، ص‎652-651‎

51


فألقربائه حتى الدرجة الرابعة مثل هذا الحق.‏

ب-‏ على مالك املطبوع الدوري ان ينشر مجانا الردود )3)) التي ترسلها

الحكومة على ما ينشر في مطبوعه.‏

ج-‏ تنشر الردود املذكورة اعاه في ذات املكان وفي اول عدد يصدر

بعد وصولها واذا تعذر ذلك ففي العدد الذي يليه.‏ واال يشغل الرد حيزا

اكثر من ضعف حيز القذف او التشهير.‏

أما قانون تنظيم العمل الصحفي في أقليم كوردستان فقد نصت

املادة)‏‎6‎‏(منه بصدد حق الرد والنشر على:‏

أوالً:‏ إذا نشرت الصحيفة معلومات غير صحيحة فيحق للشخص

الذي تتعلق به املادة الصحفية املنشورة أو احد ورثته او من ينوب عنه

قانوناً‏ املطالبة بتصحيحه او الرد على الخبر او املقال،‏ وعلى رئيس التحرير

نشر التصحيح او الرد مجاناً‏ في احد العددين اللذين يليان تاريخ ورود الرد

في نفس املكان وبالحروف نفسها وحجمها التي نشرت بها املادة الصحفية.‏

ثانياً‏ : تلتزم الصحيفة بنشر الرد او التصحيح وبعكسه تغرم بمبلغ ال يقل

عن )1.000.000( مليون دينار وال يزيد على )2.000.000( مليوني دينار.‏

ثالثاً‏ : لرئيس التحرير رفض نشر الرد او التصحيح الذي يرده

بمقتضى الفقرة أوالً‏ ً وثانيا أعاه في أي من الحاالت اآلتية:‏

1- إذا كانت الصحيفة قد صححت الخبر او املقال

قبل ورود الرد او التصحيح اليها بصورة دقيقة وكافية .

2- إذا كان الرد او التصحيح موقعا ً باسم مستعار او مكتوباً‏

38- مل مييز املرشع العراقي بن مصطلحي الرد والتصحيح واستخدام كلمة الرد مبعنين.‏

يف حن ان قوانن الدول االخرى متيز بن التصحيح الذي هو حق للموظف او الهيئات

الحكومية وبن الرد الذي هو حق لكل شخص طبيعي ومعنوي.‏ ينظر : الدكتور مبدر

الويس ، املصدر السابق ، ص‎82-81‎‏.‏

52


بلغة غير اللغة التي حرر بها الخبر او املقال املردود عليه.‏

3- إذا كان مضمون الرد او التصحيح مخالفاً‏ للقانون.‏

4- إذا ورد الرد او التصحيح بعد مرور )90( تسعين يوماً‏ من نشر الخبر

او املقال املردود عليه.‏

علما انه اذا امتنع مالك املطبوع الدوري عن نشر الردود الواردة اليه

دون مبرر قانوني،‏ نشأت مسؤولية جنائية في هذه الحالة وفقا ألحكام

املادة )28( من قانون املطبوعات العراقي واملادة)‏‎6‎‏(‏ من قانون تنظيم

الصحافة الكوردستاني.‏ ونرى أيضا في عدم نشر الرد والتصحيح قرينة

على سوء نية الصحيفة في حالة رفع الدعوى عليها.‏ ويؤثر في التعويض

او العقوبة الذي تحكم به املحكمة.‏

علما انه اذا نشرت الصحيفة االعتذار والتصحيح او الرد من قبل

من شهر به فان ذلك ال يعني بالنتيجة اسقاط حق املشهر به في رفع

الدعوى ضد الصحيفة،‏ اذا كانت الجريمة قد وجدت قانونا وان أوقعت

ضررا بالفعل.‏ اال ان في نشر االعتذار والرد يظهر حسن نية الصحيفة

والعكس صحيح.‏ ويؤثر في النهاية في مدة العقوبة او التعويض الذي

تحكم به املحكمة فقط،‏ النه ليس كل من قرأ النص التشهيري سوف

يقرأ التصحيح او الرد ايضا.‏ وحتى في حالة قراءة الرد يبقى لدى القارئ

بعض الشك بصحة ما تم نشره في البداية.‏

وأخيرا نقول ان التزام الصحفي بنشر التصحيح والرد لآلخرين

ال يرجع بالفائدة الى من تعلق املوضوع املنشور به.‏ بل يرتد في النهاية

الى املجتمع.‏ وال يمكن للمجتمع ان يتطور في محيط تسوده اخبار غير

صحيحة او مقاالت معبرة عن وجهة نظر طرف واحد دون ان يسمح

لذوي الشأن بتصحيحها او الرد عليها.‏

53


ولم يقتصر االهتمام بحق الرد والتصحيح على النطاق املحلي بل

اهتم به على نطاق الدولي ايضا اذ سعت منظمة االمم املتحدة،‏ من

ضمن ما سعت لتنظيمه في شؤون االعام الدولي،‏ تنظيم مسألة الرد

والتصحيح في االعام الدولي.‏ ففي عام 1948 وبعد املؤتمر الدولي لبحث

شؤون االعام اصدرت منظمة اليونسكو مشروع اتفاقية دولية خاصة

بالرد والتصحيح.‏ وفي عام 1949 قام املجلس االقتصادي واالجتماعي

التابع للمنظمة بتهيئة مشروعين لاتفاقية،‏ تتعلق اولهما ب)جمع االنباء

وتداولها دوليا(‏ وثانيهما ب)حق الرد والتصحيح(‏ وتقديمها الى الجمعية

العامة.‏ وبعد ان دمجتها الجمعية في اتفاقية واحدة باحدى عشرة مادة

تحت اسم ‏)اتفاقية تداول االنباء الدولية وحق الرد والتصحيح(‏ اصبحت

نافذة املفعول منذ ‎24‎‏/آب/‏‎1962‎ بحق البلدان التي صادقت عليها )3)) .

4-3: أحترام شعور االفراد وتجنب ما يزيد من معاناتهم

من الواجبات االخاقية امللقاة على الصحفي هو احترام شعور

االفراد وتجنب ما يزيد من معاناتهم.‏ فقد يبدو ألول وهلة ان هذا

املوضوع هو جزء من واجب الصحفي بعدم انتهاك الحياة الخاصة

للغير،‏ اال اننا نرى بأن موضوعنا اعاه اذا كان يختلط احياناً‏ بموضوع

الحياة الخاصة أال انه مختلف عنه في احايين اخرى كثيرة.فهو موضوع

مستقل لذا يفترض بحثه ضمن مبدأ مستقل من املبادىء االخاقية

54

للصحفيين .

فمثاً‏ كثرت في االونة االخيرة نشر صور ضحايا الحوادث سواء

ضحايا حوادث السيارات أو الفيضانات أو غيرهما،‏ ويأتي الصحفي

39- أنظر للمزيد : الدكتور ابراهيم الداقوقي ، املصدر السابق ، ص‎146-143‎


وينقل بصورة مباشرة أو غير مباشرة مشاهد مؤملة تؤثر في املتلقي و

الضحية و ذويها دون أن يكون لذلك املشاهد ضرورة اعامية لنشرها

كما هو،‏ بل كان الصحفي يستطيع ان ينقل الخبر و يصل الى غايتها

االعامية دون االضرار بمشاعر املتلقي أو ذوي الضحية.‏

وكذلك اعتاد بعض الصحفيين على الحضور قرب الطبابة العدلية

و اللقاء بذوي املتوفي جراء حادث من الحوادث!‏ فقد يقبل الشخص في

ذلك الوقت إجراء املقابلة عندما يضع الصحفي املايكروفون أواملايك

امامه،‏ ولكن نعتقد ان محاولة الصحفي إجراء املقابلة مع هؤالء

االشخاص ليست في محلها النهم عادة يكونون في وضع نفسي غير

مستقر،‏ وقد يندم هؤالء االشخاص من املقابلة و من ما يصدر عنهم

في ذلك الوقت.‏

وقد اليصل نشر تلك املشاهد الى تشكيل جريمة صحفية،‏

وخصوصاً‏ اذا كان الشخص قد رضي باجراء املقابلة ولم يقم بمنع

الصحفي من مقابلتها واخذ صورتها،‏ ولكن مع ذلك يكون الصحفي قد

انتهك أخاقيات مهنته الذي يفرض عليه عدم استغال معاناة االخرين

و مواقفهم املحرجة.‏

وقد يسال سائل عل يمكن للصحفي نشر تلك الصور واملشاهد اذا

كانت فيه مصلحة اعامية أو قيمة خبرية؟

لاجابة على هذا السؤال نرى أنه اليمكن ذلك ايضاً‏ اذ ان)درء

املفاسد أولى من جلب املنافع(‏ مالم يكن ذلك لضرورة صحفية ملحة و

لتحقيق مصلحة عامة كبيرة لم يمكن تحقيقها اال بنشر تلك املشاهد.‏

اي اذا استطاع الصحفي ان يحقق غايته الصحفية دون نشر تلك

املشاهد املؤملة فمن االفضل ان الينشره ويبثه.‏

55


5-3: احترام سمعة االفراد وكرامتهم

اذا كانت حرية الصحافة والتعبير عن الراي مكفولة بالقانون و

املواثيق الدولية،‏ فأن حق األشخاص في السمعة والكرامة مكفول

هو ايضاً‏ ، لذلك يفترض أن يمارس الصحفي مهنته بعيدا ً عن املساس

بسمعة وكرامة االخرين.‏

فقد أكدت أغلب مواثيق اخاقيات مهنة الصحافة بضروة أحترام

الصحفي لسمعة وكرامة االخرين وهذا يستوجب عليه أن يبتعد عن

ً

التشهير باالخرين و يسند التهم و الوقائع غير الصحيحة اليهم.‏ فمثا

جاء في الفقرة)‏‎8‎‏(‏ من ميثاق الشرف الصادر من قبل الفيدرالية الدولية

للصحفيين لعام 1954 واملعدلة في عام 1986 أنه:)يجب ان يعرف

الصحفي ان بعض السلوك هو تجاوز خطر ملهنته:كاالنتحال،‏ والتفسير

بسوء النية،‏ والتشهير،‏ والقذف،‏ واالتهام على غير اساس،‏ وقبول

الرشوة سواء من أجل النشر أو إلخفاء املعلومات(.‏ وكذلك أجاز العهد

الدولي للحقوق املدنية والسياسية الصادرة من قبل االمم املتحدة

للدول وعلى سبيل االستثناء ان يفرض بعض القيود على حرية التعبير

والرأي ومنها تلك التي ضرورية لحماية سمعة وكرامة االفراد )4)) .

فالسمعة قيمة مركبة تتعدد عناصرها بتعدد أوجه جدارة الشخص

40- نصت املادة)‏‎19‎‏(‏ من امليثاق بأن:)-‏‎1‎لكل إنسان حق يف اعتناق آراء دون مضايقة.‏

-2 لكل إنسان حق يف حرية التعبر،‏ ويشمل هذا الحق حريته يف التامس مختلف رضوب

املعلومات واألفكار وتلقيها ونقلها إىل آخرين دومنا اعتبار للحدود،‏ سواء عى شكل مكتوب

أو مطبوع أو يف قالب فني أو بأية وسيلة أخرى يختارها.‏ -3 تستتبع مامرسة الحقوق

املنصوص عليها يف الفقرة)‏‎2‎‏(‏ من هذه املادة واجبات ومسئوليات خاصة.‏ وعى ذلك يجوز

إخضاعها لبعض القيود ولكن رشيطة أن تكون محددة بنص القانون وأن تكون رضورية:‏

أ/‏ الحرتام حقوق اآلخرين أو سمعتهم،‏ ب/لحامية األمن القومي أو النظام العام أو الصحة

العامة أو اآلداب العامة(.‏

56


باالحترام.‏ وترتهن السمعة غالباً‏ بعديد من الصفات التي تحدد االمكانيات

التي تؤهل صاحبها للتمتع بهذا االحترام.‏ ويمكن التمييز بين مجموعتين من

هذه الصفات:‏ تضم احداها كافة الصفات الفطرية التي تنبع عن الشرف

أو الكرامة اآلدمية،‏ وتحدد صاحية الفرد ألداء واجباته العامة كإنسان

أو هي القدر االدنى من القيم االدمية التي يفترض توفرها بالضرورة لدى

كل فرد بحكم كونه شخصاً‏ ً آدميا ، كاالمانة والصدق والنزاهة والشجاعة

واالخاص..الخ وقد يمكن ان نسمي هذه املجموعة بالشرف أو الجانب

املوضوعي للسمعة.‏ وتتضمن املجموعة الثانية كافة الصفات املكتسبة

التي ترتبط باالعتبار االجتماعي أو املنزلة االجتماعية التي تحدد صاحية

الشخص إلداء واجباته الخاصة التي تفرضها عليه عاقاته باالخرين

كاالعتبارات العائلية والوظيفية والعلمية والسياسية ‏..الخ ويمكن ان

نسمي هذه املجموعة باالعتبار أو الجانب الشخصي للسمعة )4)) .

ويذكر انه على الرغم من ان الصحفي يجب أن يحترم سمعة وكرامة

االخرين،‏ فأنه بالتأكيد من حقه أن يكشف فساد املوظفين واملكلفين

بالخدمة العامة و االشخاص العامين،‏ وأن ينتقدهم حتى اذا كان

في نشره هذا مساس بسمعتهم وكرامتهم.‏ شريطة أن يكون ما ينشره

صحيحاً‏ وأن تكون انتقاداته ً مبنيا على وقائع ومعلومات صحيحة.‏ وأال

بخاف ذلك يكون الصحفي قد ارتكب جريمة التشهير التي هي معاقب

عليها في أغلب دول العالم إن لم نقل جميعها.‏ وهنا نركز باختصار مُ‏ رَكز

على جريمة التشهير في القانون العراقي وقانون أقليم كوردستان وكاالتي:‏

أوالً:‏ التشهير في القانون العراقي

نصت املادة)‏ 433( من قانون العقوبات العراقي لعام 1969 بأنه:)‏ -1

41- الدكتور محمد ناجي ياقوت،‏ فكرة الحق يف السمعة،‏ مكتبة الجالء الجديدة،‏ الطبعة

االوىل،‏ املنصورة-مرص،‏ 1985، ص‎28-26‎‏.‏

57


القذف هو اسناد واقعة معينة الى الغير باحدى الطرق العانية من شأنها

لو صحت ان توجب عقاب من اسندت اليه او احتقاره عند اهل وطنه.‏

ويعاقب من قذف غيره بالحبس وبالغرامة او باحدى هاتين العقوبتين.‏

واذا وقع القذف بطريق النشر في الصحف او املطبوعات او باحدى

طرق االعام االخرى عد ذلك ظرفا مشددا.‏ -2 وال يقبل من القاذف

اقامة الدليل على ما اسنده اال اذا كان القذف موجها الى موظف او

مكلف بخدمة عامة او الى شخص ذي صفة نيابية عامة او كان يتولى

عما يتعلق بمصالح الجمهور وكان ما اسنده القاذف متصا بوظيفة

املقذوف او عمله فاذا اقام الدليل على كل ما اسنده انتفت الجريمة.(‏

أما املادة)‏‎434‎‏(‏ من قانون العقوبات العراقي فقد تناول السب بقوله:)‏

السب من رمي الغير بما يخدش شرفه او اعتباره او يجرح شعوره

وان لم يتضمن ذلك اسناد واقعة معينة.‏ ويعاقب من سب غيره

بالحبس مدة ال تزيد على سنة وبغرامة ال تزيد على مائة دينار او

باحدى هاتين العقوبتين.‏ واذا وقع السب بطريق النشر في الصحف

او املطبوعات او باحدى طرق االعام االخرى عد ذلك ظرفا مشددا(.‏

ويظهر ان القانون العراقي استخدم كلمتي القذف والسب واللتين يمكن

ان نطلق على كلتيهما مصطلح التشهير،‏ وهنالك اختافات أساسية بين

القذف والسبب التي يمكن اجمالها بالنفاط االتية:‏

1- من حيث املعنى:‏ فالقذف هو اسناد واقعة معينة الى الغير

لوصحت لوجبت عقاب من اسندت اليه الواقعة،‏ كأن يقال لشخص

معين انه قد استلم الرشوة في مقابل خدمة معينة!‏ أو يقال أنه قد

أختلس مبلغ)‏‎5‎‏(مايين دينار في خزينة الدولة!‏ أما السب فهو رمي الغير

58


ّ

بما يخدش شرفه وان لم يتضمن اسناد واقعة معينة الى الغير،‏ كأن

يقال إلمرأة معينة أنها عديمة االخاق!‏ أو نعت االخر باملغفل أو الحمار!‏

2- من حيث العقوبة:‏ ان عقوبة القذف هي االشد من عقوبة السب،‏

ذلك ألن اثر القذف على سمعة وكرامة الغير اسوء من أثر السب.‏

3- من حيث االثبات:‏ أن القانون يسمح للقاذف باثبات قذفه اذا كان

القذف موجها الى موظف او مكلف بخدمة عامة او الى شخص ذي صفة

نيابية عامة او كان يتولى عما يتعلق بمصالح الجمهور،‏ وانذاك تنتفي

جريمته.‏ أما السب فا يسمح القانون ملن استخدمه باثباته.‏ اي يعاقب

في كل االحوال اذا ما رفع الشكوى عليه-‏ اي على من استخدم السب-‏

ثانياً‏ : التشهير في قانون اقليم كوردستان

لم يميز قانون العمل الصحفي في كوردستان بين معنى القذف

والسب كما هو الحال في القانون العراقي،‏ وكذلك لم يميّز بين عقوبتهما،‏

اذ وضع لكليهما العقوبة نفسها.‏ وهي تغريم الصحفي ورئيس تحرير

الصحيفة بملغ ‏)‏‎5-1‎‏(مايين دينار،‏ أما الصحيفة فعقوبتها أكثر حيث

يتراوح مقدارها بين)‏‎20-5‎‏(‏ مليون دينار.‏

وكما يظهر ان املشرع الكوردستاني لم ينص على عقوبة الحبس

أو السجن للصحفيين اذا ارتكبوا جريمة التشهير أو أية جريمة اخرى

منصوصة في قانون تنظيم العمل الصحفي وهذا نقطة ايجابية يحتسب

للمشرع الكوردستاني.‏

6-3: أحترام الحقوق املعنوية للغير

يجب على الصحفي ان يلتزم بحماية الحقوق املعنوية للغير أو كما

يسمى ايضاً‏ بالحقوق الفكرية أو الذهنية.‏

59


واملقصود بالحقوق املعنوية،‏ ذلك النوع من الحقوق التي ترد على

اشياء معنوية غير ملموسة.‏ وتكون عادة من خلق الذهن ونتاج الفكر،‏

كحق املخترع في اختراعه وامللحن في ألحانه واملؤلف في مؤلفه.‏ اي بغض

النظر عن املظهر الذي اتخذه والوسيلة املعبرة عنه مادام هذا االنتاج

ينطوي على قدر معين من االبتكار،‏ ألن االبتكار هو الذي يضفي على

املؤلف صفة الحق ويشمله بالحماية القانونية )4)) . ويقر انتقال هذا

الحق الى ورثته من بعده.‏

وقد اختلف الفقهاء في بيان طبيعة حقوق املعنوية،‏ اذ ذهب البعض

الى عدّ‏ ها من الحقوق امللكية،‏ اما البعض اآلخر فقد عد ّ ها من الحقوق

الشخصية اللصيقة باالنسان.‏ أما الرأي الراجح بين الفقهاء فيذهب الى

اعتبارها حقا ذا طبيعة مزدوجة.‏ اذ لصاحب الحق املعنوي على مصنفه

– مؤلفه – حقان : حق مالي يتمثل في استغال مصنفه ماليا.‏ وحق ادبي

لصيق بشخصه والذي يتمثل في حقه بنشر املصنف وتحديد طريقة

هذا النشر وادخال ما يراه مناسبا من التعديل ، وكذلك حقه في سحب

مصنفه من التداول اذا اراد ذلك )4)) .

على اية حال،‏ اذا وقع اعتداء على مصنف جدير بالحماية بأية

طريقة كانت،‏ خافا ملا هو مبين في القانون،‏ فيكون من حق املؤلف

دفع هذا االعتداء باعتبار ان املصنف يعبر عن شخصيته ويطالب

بالتعويض املناسب عن االضرار التي اصابته سواء كان ماديا او معنويا

– اضافة لتحريك الدعوى الجنائية اذا كان له مقتضى )4)) .

42- أنظر : املادة )1( من قانون حامية حق املؤلف العراقي رقم )3( لسنة 1971

43- املادتان )18 19( ، من قانون حامية حق املؤلف العراقي.‏

44- املادة )45( من القانون املذكور آنفاً‏ وكذلك املادة )476( من قانون العقوبات العراقي

رقم )111( لسنة 1969

60


وليس للمؤلف ان ينشر من غير ترخيص املقاالت العلمية او االدبية

او الفنية او الروايات املسلسلة والقصص القصيرة.‏ ألن هذه املواضيع

يغلب ان تكون الصحيفة التي نشرتها قد دفعت للمؤلف مقابا لها،‏ فا

يجوز لصحيفة اخرى ان تنقلها عنها دون استئذان.‏ وكذلك ال يستطيع

الصحفي ان ينقل كتابات شخص آخر وينسبها الى نفسه او يحذف او

يعدل من املصنف ما يؤثر فيه.‏ وهذا يؤدي في النهاية الى إلحاق االضرار

بحقوق املؤلف الذهنية سواء كانت هذه االضرار مادية او معنوية.‏

وكذلك البرامج واملقاطع التصويرية التي تشترك فيها جهود عدة

اشخاص تحت اشراف وتوجيه شخص طبيعى أو معنوي يتولى نشرها

في اغلب االحيان،‏ فهي محمية بالقانون ايضاً‏ واليجوز الحد االستفادة

منها الغراض مالية واال يعتبر معتدياً‏ على الحقوق املعنوية للناشر أو

أي شخص آخر حسب االتفاق املبرم مع انتاج البرنامج.‏ والشيء نفسه

للمقاطع التصويرية،‏ فاذا قام شخص ببيع مقطع تصويري مثير وذي

اهتمام الرأي العام الحدى القنوات ، فمن حق هذه القناة عدم سماح

ألي قناة اخرى بأخذها وعرضها مرة أخرى أال عن طريق اتفاق آخر.‏

وذلك تشجيعاً‏ لابتكار و لروح املنافسة بين املؤسسات االعامية

وحماية للحقوق املالية إلصحابها.‏

مع ذلك فان للصحفي ان ينشر مقتطفات قصيرة من املصنفات

التي سبق نشرها )4)) . او ان ينقل مع ذكر املصدر ما ينشر في غيرها من

املقاالت الخاصة باملناقشات االقتصادية والسياسية والدينية التي

تشغل الرأي العام مادام لم يرد في الصحيفة ما يحظر هذا النقل )4)) ،

45- املادة )14( من قانون حامية حق املؤلف رقم )3( لسنة 1971

46- املادة)‏‎23‎‏(‏ من من قانون حق املؤلف والحقوق املجاورة يف اقليم كوردستان-العراق

رقم 17 لسنة‎2012‎‏.‏

61


وكذلك االخبار اليومية والحوادث املختلفة التي لها طبيعة االخبار

العادية التي تنشرها الصحف )4)) . أو ان ينشر على سبيل االخبار ودون

اذن املؤلف ما يتلى من خطب في الجلسات العلنية للمجالس السياسية

او االدارية او القضائية وكذلك ما يلقى في االجتماعات العامة ذات

الصفة السياسية مادام الخطاب موجها الى الشعب )4)) .

أما الصور والرسومات التي تنشرها الصحف،‏ فمع ان هنالك من

يرى )4)) أنها التعد من املصنفات الصحفية الجديرة بالحماية القانونية،‏

باعتبار ان الصور االخبارية شأنها شأن االخبار هدفها هو اعام الجمهور

باالحداث اليومية املهمة.‏ فاننا النتفق مع هذا الراي ونرى ان الصور و

الرسومات االعامية من اكثر املصنفات التي يظهر فيها عنصر االبتكار

و الجهد الذهني احياناً‏ لذلك يشملها التشريع الكوردستاني و تشريعات

أغلب الدول االخرى،‏ بالحماية القانونية )5)) . أما مسألة عدم شمول

االنباء اليومية املنشورة أو املذاعة بالحماية القانونية فهي استثناء من

االصل،‏ واالستثناء اليجوز القياس عليه أو التوسع فيه.‏

7-3: أحترام الصحفي لسرية مصادر معلوماته

يعد أحترام الصحفي لسرية مصادر معلوماته ذا طبيعة خاصة ألنه

47- املادة )15( من قانون حامية حق املؤلف رقم )3( لسنة 1971، وكذلك املادة)‏‎5‎‏(‏

من قانون حق املؤلف والحقوق املجاورة يف اقليم كوردستان.‏

48- املادة )16( من القانون املؤلف العراقي.‏

49- الدكتور ليى عبدالحميد،‏ ترشيعات االعالم-دراسة حالة عى مرص-‏ العريب للنرش

والتوزيع،‏ الطبعة الوىل،‏ مرص،‏ 2001، ص‎164‎

50- الحظ املادة)‏‎3‎‏(‏ من قانون حق املؤلف الكوردستاين وكذلك املادة)‏‎2‎‏(‏ من قانون

حق املؤلف العراقي،‏ والفقرة)‏‎10‎‏(‏ من املادة)‏‎140‎‏(من قانون حقوق امللكية الفكرية

املرصي رقم 82 لسنة 2012,

62


يعد حقاً‏ و واجبا ً في الوقت نفسه.‏ فهو حق قانوني له في عدم افشائه اذا

ما طلب منه،‏ و واجب اخاقي عليه ايضاً‏ بعدم افشاء مصادر معلوماته.‏

وقد تضمنت اغلبية املواثيق والقوانين ذات الصلة بالصحافة هذا

املبدأ،‏ وعدّ‏ ته بعض الدساتير الصحفية واجبا ً وحقا ً ايضا كما هو

واضح من دستور اتحاد الصحفيين العرب بانه ‏:)من حق الصحفي

ومن واجبه االحتفاظ بسرية املصادر التي يستقي منها االنباء وال يجوز

الضغط عليه الفشاء االسرار(‏ )5)) . او كما جاء في ميثاق مهنة الصحافة

املقررة من قبل لجنة شكاوى الصحفيين في بريطانيا عام 1997 ان ‏:)على

الصحفي واجباً‏ اخاقيا ً في حماية مصادر معلوماته املوثقة(‏ )5)) .

وفي اقليم كوردستان،‏ فقد نصت الفقرة الثالثة من املادة)‏‎2‎‏(‏ من

قانون تنظيم العمل الصحفي في كوردستان على أنَّ‏ :) للصحفي إبقاء

مصادر املعلومات أو األخبار التي يتم الحصول عليها في سرية بالنسبة

للدعاوي املعروضة على املحكمة إال إذا قررت املحكمة املختصة خاف

ذلك(.‏ وقد أكد املشرع الكوردستاني مرة ثانية على هذا الحق في الفقرة

الثالثة في املادة)‏‎7‎‏(‏ في نفس االقانون أعاه بقوله:)‏ للصحفي عدم

إفشاء مصادر معلوماته إال بقرار قضائي(‏ )5)) . وقد أكد ذلك املوضوع في

الفقرة)‏‎6‎‏(‏ ميثاق الشرف الصادرة من قبل الفدرالية الدولية للصحفيين

51- املشار اليه عند عزيز السيد جاسم ، مبادئ الصحافة يف عامل املتغرات،‏ دار آفاق

عربية،‏ بغداد 1985، ص‎27‎

Barbara Wartelle wall, Medialaw developments-Sources and Public -52

Records

املتاح عى العنوان االلكرتوين التايل :

.7-www.gannett.com/go/newswatch/2000/jaunary/now/07<)2002/2/2(

>htm

53- لقد وقع املرشع الكوردستاين يف الغلط وعدم الدقة عندما كرر حق الصحفي يف عدم

افشاء مصادر معلوماته بصياغتن مختلفتن يف قانون واحد.‏

63


لعام 1954 واملعدلة في عام 1986.

أما في العراق فقد نصت على هذا املوضوع الفقرة الثانية من

املادة)‏‎4‎‏(من قانون حقوق الصحفيين رقم 21 لسنة 2011 بقولها:‏

‏)للصحفي حق االحتفاظ بسرية مصادر معلوماته(.‏

فالصحفي لكي يستطيع أن يقوم باداء مهماته في نشر االخبار وابداء

آرائه فانه بحاجة الى الوصول الى مصادر املعلومات التي تتمثل عادة في

االشخاص او العاملين في االجهزة والهيئات التي يتعرض لها الصحفي

لتزويده باملعلومات التي قد يملكونها.‏ وعلى الصحفي ان يحافظ على

سرية هذه املصادر وان ال يجبر على افشائها اال في حدود القانون وفي

أضيق الحدود.‏ وهذا ما يعبر عنه بحق الصحفي في عدم افشاء مصادر

معلوماته،‏ واملعبر عنه باالنكليزية ب)‏law .)Shield

فلوال هذا الحق ألدى ذلك الى حرمان الصحفي من الحصول على

معلوماته بسبب حرمانه من مصادرها،‏ لكون الشخص الذي يزود

الصحفي باملعلومات كثيرا ما يمتنع عن ذلك اذا كان يخشى ان يكشف

عنه الصحفي.‏ وقد يؤدي ذلك بالتالي الى غضب وكراهية الجهة التي

يعمل فيها او غضب رؤساء اعماله منه.‏ وقد تصل الى حد العقوبة في

االنظمة التي ال تؤمن بحرية الصحافة وال تعطي ملهنة الصحافة الناقدة

دورا في الحياة العامة.‏ وهذا ما يؤثر سلبا في استعداد االشخاص للتعاون

مع الصحفيين من خال تزويدهم باملعلومات التي تهم الرأي العام.‏

علما ان اثر الحق في عدم كشف مصادر املعلومات ال ينحصر

بالصحفيين فقط،‏ وقد يؤثر في العامة ايضا،‏ النه في النهاية يؤثر في

حسن سير العمل في املؤسسات واالماكن التي تؤدي خدمة عامة وتعتبر

ميدانا للنقد الحر )5)) .

54- جون ل.‏ هاتلنج ، اخالقيات الصحافة ، ترجمة : كامل عبدالرؤوف ، الدار العربية

64


واذا كان الحق في عدم كشف مصادر املعلومات بالنسبة للصحفي هو

االصل اال ان االستثناء هو وجوب كشفها في حاالت معينة.‏ فليست هناك

حقوق مطلقة،‏ فالحق ال يوجد اال ضمن حدود معينة.‏ غير ان املشكلة هي

ماهية هذه الحدود بالنسبة للحق في عدم كشف مصادر املعلومات لكي

يستطيع الصحفي ممارسة مهنته ضمن حدود هذا الحق وبخافه فان

عدم تحديد حدود حقه هذا بالقانون سوف يخضع الصحفي للتهديد

من قبل املحكمة التي قد تعاقبه في حالة عدم كشف مصادر معلوماته

ويؤدي ذلك الى إعاقة الصحفي من ممارسة مهنته بحرية.‏

فمثا جاء في قرار ملحكمة االستئناف في مقاطعة كولومبيا عام

1981 انه ‏:)اذا لم يكن هذا الحق – حق الصحفي في حماية املصادر –

موجودا في كل القضايا ولكن في القضايا غير العادية جدا،‏ فان قيمته

الفعلية سوف تتقلص كثيرا(‏ )5)) .

ونحن نعتقد ان عدم تحديد الحاالت التي يلزم الصحفي – العتبارات

اخرى ضرورية – بكشف مصادر معلوماته؛ سوف يؤثر سلبا في حرية

الصحفي ويضر في النتيجة املصلحة العامة.‏

للنرش والتوزيع ، القاهرة ، بدون سنة طبع ، ص‎102‎

55- نقال عن جون هوهنرج ، املصدر السابق ، ص‎421‎‏.‏ ويرى الدكتور خليل صابات

بان حدود حق الصحفي يف عدم كشف مصادر معلوماته هو أمن الدولة النها مستمدة

منه بحيث اذا فقدته فقدت كيانها معه.‏ اال ان الدكتور مل يوثق رأيه هذا باملواد واالدلة

القانونية.‏ ينظر:‏ الدكتور خليل صابات ، املصدر السابق ، ص‎250‎‏.‏

65


الخاتمة:‏

في نهاية موضوعنا هذا حول)‏ اخاقيات الصحافة ودورها في تشكيل

السلطة الرابعة في العراق(‏ نقول ان من أهم املبادىء االخاقية التي

يجب على الصحفي ان يلتزم بها لكي يتحلى بثقة الجمهور ونجعل

الصحافة السلطة الرابعة لتمكنها من مراقبة السلطات الثاث االخرى

وخصوصاً‏ في العراق الجديد الذي في أمس الحاجة الى صحافة حرة

مسؤولة،‏ هي ما يأتي:‏

1- عدم التشهير باالخرين وضرورة احترام سمعة وكرامة الغير.‏

2- عدم نشر املواضيع املخلة باآلداب العامة.‏

3- عدم نشر ما يؤدي الى إهانة املرأة أو اية فئة اخرى واالبتعاد عن

كل ما يؤدي الى التمييز السلبي على اساس الجنس.‏

4- نقل الخبر بأمانة وحياد وعدم عرض جزء منه واخفاء آخر

ألسباب خاصة.‏

5- عدم التعرض للحياة الخاصة لألفراد.‏

‎6‎‏-عدم الخلط بين الرأي و الخبر.‏

7- احترام املتلقي وعدم وضع املانشيتات األحتيالية التي ال تتفق مع

املحتوي بدافع الترويج للموضوع.‏

8- محاربة الفساد بصورة موضوعية وعدم التعتيم على بعضه

إلسباب سياسية أو خاصة.‏

9- عدم تضخيم الحدث عبر تغطيته بطريقة تعتمد على التهويل

لخدمة أهداف معينة.‏

10- اتباع طرق مشروعة للحصول على الخبر،‏ وعدم اللجوء الى

66


اساليب اجرامية غير مشروعة.‏

11- وضع اعتبارات املصلحة العامة للمجتمع قبل اعتبارات السبق

والترويج االعامي عند نشر االخبار واملواضيع.‏

12- عدم أهمال االعتبارات االنسانية في العمل االعامي والعمل

بقاعدة)دفع املفاسد أولى من جلب املنافع(‏ وخصوصاً‏ اذا كانت املفسدة

أكبر بكثير من املصلحة املبتغاة من النشر.‏

13- يجب على الصحفي االبتعاد عن استعمال لغة بذيئة أو مبتذلة

في الصحافة.‏

14- يجب على الصحفي ان يقدم نفسه على انه صحفي،‏ فا يمكن

للصحفي ان يخفي هويته سواء كان في الفعاليات الصحفية التقليدية

او عند ممارسة مهنته على شبكات االنترنيت.‏

15- على الصحفي ان اليستخدم مهنته لتحقيق مكاسب شخصية

غير منصفة.‏ ويبتعد عن تلقي الرشوة أو املكاسب الشخصية لغرض

النشر أو منع النشر.‏

16- على الصحفي أن يتصف بروح التسامح و اليتردد في طلب

التسامح في حالة تغطية خاطئة او غير مائمة.‏ ويستعجل في تصحيح

املعلومات الخاطئة للجمهور و ينشر الردود التي تصل اليه.‏

17- على الصحفي التيقن شخصياً‏ من صحة املعلومات التي تصل

اليه وأن ال يكشف عن هوية مصادر معلوماته.‏

67


قائمة املصادر

أوالً:‏ الكتب

- الدكتور ابراهيم الداقوقي،‏ قانون االعام – نظرة جديدة في الدراسات

االعامية الحديثة – مطبعة وزارة االوقاف والشؤون الدينية،‏ جامعة بغداد،‏ بدون

سنة طبع.‏

- االستاذ اندرية برتران والدكتور نقوال فتوش،‏ الحق في الحياة الخاصة والحق

في الصورة،‏ مكتبة الصادر للمنشورات الحقوقية،‏ الطبعة االولى،‏ لبنان،‏ 2003،

- البروفيسور د.‏ تودوروف،‏ تاريخ الصحافة العاملية،‏ ترجمة : د.‏ أديب خضور،‏

الطبعة االولى،‏ دمشق 1990.

- جون ل.‏ هاتلنج،‏ أخاقيات الصحافة،‏ ترجمة : كمال عبد الرؤوف،‏ الدار

العربية للنشر والتوزيع،‏ القاهرة،‏ بدون سنة طبع.‏

- جون ميرل ورالف لوينشتاين،‏ االعام وسيلة ورسالة،‏ - رؤى جديدة في

االتصال -

ترجمة : د.ساعد خضر العرابي الحارثي،‏ دار املريخ للنشر،‏ اململكة

العربية السعودية 1989.

- جون ل.‏ هاتلنج ، اخاقيات الصحافة ، ترجمة : كمال عبدالرؤوف ، الدار

العربية للنشر والتوزيع ، القاهرة ، بدون سنة طبع

- جون هوهنبرج،‏ الصحفي املحترف،‏ ترجمة : محمد كمال عبد الرؤوف،‏ الدار

الدولية للنشر والتوزيع،‏ الطبعة االولى،‏ مصر 1990.

- الدكتور حسن عماد مكاوي،‏ اخاقيات العمل االعامي – دراسة مقارنة –

الدار املصرية اللبنانية،‏ الطبعة الثانية،‏ القاهرة 2002.

- الدكتور خليل صابات،‏ الصحافة،‏ رسالة.‏ استعداد.‏ فن.‏ علم،‏ دار املعارف

بمصر،‏ الطبعة االولى،‏ 1959.

- رودني أ.‏ سمولا،‏ حرية التعبير في مجتمع مفتوح،‏ ترجمة : كمال عبدالرؤوف،‏

الجمعية املصرية لنشر املعرفة والثقافة العاملية،‏ الطبعة االولى،‏ مصر 1995.

68


- الدكتور رياض شمس،‏ حرية الرأي وجرائم الصحافة والنشر،‏ الجزء الثاني،‏

مطبعة دار الكتب املصرية،‏ القاهرة 1947.

- زونيا بري،‏ حول العاقة بين اجهزة االعام واملستقبلين – املرشد في عالم

الصحافة -، منظمة الصحفيين العاملية،‏ طبع في مطابع دار نشر املنظمة في براغ،‏

بدون سنة طبع.‏

- د.سامان فوزي،‏ دراسات معمقة في قانون االعام،‏ مكتبة يادكار للنشر

والتوزيع،‏ الطبعة الثانية،‏ السليمانية-العراق،‏ 2017،

- د.‏ سامان فوزي،‏ مبادىء قانون االعام،‏ من منشورات جامعة التنمية

البشرية،‏ الطبعة االولى،‏ السليمانية-العراق،‏‎2016‎‏،‏

- د.‏ سامان فوزي،‏ املرشد القانوني لاعاميين،‏ مطبعة هاوالتي،‏ من منشورات

نيريج ، الطبعة الثانية،‏ السليمانية-العراق،‏ 2016.

- د.‏ سعيد عبدالكريم مبارك،‏ اصول القانون،‏ وزارة التعليم العالي والبحث

العلمي،‏ بغداد-العراق،‏ 1982.

- د.‏ عثمان ياسين علي،‏ املبادىء والتطبيقات القانونية في قرارات محكمة

استئناف بصفتها التمييزية-‏ الطعن في أحكام وقرارات محكمة الجنح لسنوات

2012-1992، مكتبة تبايي للنشر والتوزيع،‏ أربيل-العراق،‏ 2013.

- طارق أحمد فتحي سرور،‏ الحماية الجنائية السرار االفراد في مواجهة النشر،‏

دار النهضة العربية،‏ القاهرة-مصر،‏‎1991‎‏،‏

- د.‏ الدكتور عباس الصراف و الدكتور جورج حسبون،‏ املدخل الى علم القانون،‏

الدار العلمية الدولية و دار الثقافة للنشر والتوزيع،‏ الطبعة االولة،‏ 2001.

- عزيز السيد جاسم،‏ مبادئ الصحافة في عالم املتغيرات،‏ دار آفاق عربية،‏

بغداد 1985.

- الدكتور عماد عبدالحميد النجار،‏ الوسيط في تشريعات الصحافة،‏ مكتبة

االنجلو املصرية،‏ 1985.

- الدكتور ليلى عبدالحميد،‏ تشريعات االعام-دراسة حالة على مصر-‏ العربي

69


للنشر والتوزيع،‏ الطبعة الولى،‏ مصر،‏ 2001.

- الدكتور مبدر الويس،‏ اثر التشهير في الصحافة على الحرية الشخصية –

دراسة مقارنة -، مطبعة دار الجاحظ،‏ الطبعة االولى،‏ بدون مكان الطبع،‏ 1986.

- محمد محمد الشهاوي،‏ الحماية الجنائية لحرمة الحياة الخاصة في مواجهة

الصحافة،‏ دار النهضة العربية،‏ الطبعة االولى،‏ مصر 2001.

- الدكتور محمد ناجي ياقوت،‏ فكرة الحق في السمعة،‏ مكتبة الجاء الجديدة،‏

الطبعة االولى،‏ القاهرة 1985.

ثانياً‏ : القوانين والوثائق الدولية واملحلية

أ/‏ القوانين الصادرة في العراق

- القانون املدني العراقي رقم )40( لسنة 1951.

- قانون العقوبات العراقي النافذ رقم )111( لسنة 1969.

- قانون حماية حق املؤلف رقم )3( لسنة 1971.

- قانون املطبوعات العراقي رقم )206( لسنة 1968.

- قانون نقابة الصحفيين رقم )178( لسنة 1969.

ب/‏ القوانين الصادرة في اقليم كوردستان العراق

- قانون املطبوعات القليم كردستان العراق رقم )10( لسنة 1993.

- قانون نقابة الصحفيين الكردستاني/‏ العراق رقم )4( لسنة 1998.

- قانون الصحافة الكوردستاني رقم ‏)‏‎35‎‏(لسنة 2007.

- قانون حق املؤلف والحقوق املجاورة في اقليم كوردستان-العراق رقم 17

لسنة‎2012‎‏.‏

ج/‏ قوانين دول االخرى

- قانون حقوق امللكية الفكرية املصري رقم 82 لسنة 2012.

د-‏ الوثائق الدولية واملحلية

- الشرعة الدولية لحقوق االنسان لعام 1948.

70


- العهد الدولي الخاص بالحقوق املدنية والسياسية لعام 1966.

- ميثاق الشرف الصحفي،‏ الذي وافق عليه املجلس االعلى للصحافة املصرية

عام 1998.

ثالثاً‏ : املصادر االلكترونية:‏

- أحمد صاح طاهر العامري،‏ أخاقيات العمل االعامي بين البيئتين

اإلعاميتين الرقمية والتقليدية،‏ واملتاح على العنوان االلكتروني األتي:‏ https://

www.researchgate.net/publication/331589150_akhlaqyat_alml_

alalamy_byn_albyytyn_alalamytyn_alrqmyt_waltqlydyt

- فهد بن عبدالرحمن الشميمري،‏ التربية االعامية-‏ كيف نتعامل مع االعام،‏

كتاب متوفر على شبكات االنترنيت وعلى العنوان االكتروني االتي:‏

https://www.saudimediaeducation.org/sme

- مهيرة بثينة،‏ أخاقيات اإلعام الجديد:‏ بين الحرية وااللتزام في البيئة

اإللكترونية،‏ بحث منشور في مجلة املعيار،‏ مجلد‎22‎‏،العدد‎44‎‏،‏ السنة‎2018‎‏،‏

ص‎396‎‏.‏ واملشار على العنوان االلكتروني االتي:‏

56504/2/22/https://www.asjp.cerist.dz/en/downArticle/90

- أخاقيات ومبادىء العمل الصحفي واالعامي،‏ تقرير ملركز هردو لدعم التعبير

الرقمس،‏ القاهرة-مصر،‏ 2016، ص‎15‎ واملتاح على العنوان االلكتروني االتي:‏

08/https://hrdoegypt.org/wp-content/uploads/2016

Barbara Wartelle wall, Medialaw developments-Sources and Public -

Records

املتاح على العنوان االلكتروني التالي :

www.gannett.com/go/newswatch/2000/jaunary/<)2002/2/2(

>htm.7-now/07

71


72


الفصل الثاني

دور وسائل اإلعالم في تحقيق التعايش السلمي

73


املقدمة:‏

بات لوسائل اإلعام الجماهيري،‏ وخاصة وسائل اإلعام الرقمية

دور كبير في جوانب الحياة املختلفة،‏ فزيادة على دورها في التحوالت

السياسية الكبرى التي اجتاحت بلدان املنطقة،‏ كان لها دور في التحوالت

االجتماعية،‏ التي حدثت في هذه البلدان أيضاً‏ ، فوسائل اإلعام باتت

أكثر تأثيرا في تشكيل املواقف وتغييرها تجاه القضايا املختلفة وفي

ترسيخ قيم النظام االجتماعي فضا عن دورها بتجسيد قيم وسلوكيات

تنذر بخطر شديد قد يهدد النسيج االجتماعي.‏

وال ريب،‏ أن وسائل اإلعام يعد أحد أهم مصادر التنشئة

االجتماعية،‏ بل تتسع دائرة هذا التأثير يوما بعد يوم مع توسع دائرة

التطورات املتاحقة في مجال تكنلوجيا االتصال مقارنة ببقية املؤسسات

األخرى كاألسرة واملؤسسات التربوية والتعلمية،‏ وال سيما في تعزيز ونشر

ثقافة التعايش السلمي بين األفراد وغرس ثقافة قبول اآلخر فيما

بينهم عبر وسائل اإلعام في نشر هذه األنماط الفكرية والثقافية بين

املجتمعات،‏ والتعايش السلمي من أسمى القضايا التي تهتم املجتمعات

املعاصرة ملا يحمله من قيم سامية ومثل عليا من خال االحترام،‏ مع

ضرورة تبني ظاهرة التعايش والتسامح وتشجيعها ونبذ ظواهر التطرف

والعنف املجتمعي،‏ فكل هذا بحاجة إلى النشر والتوعية بين أفراد

املجتمع والعمل على تطوير وتعزيز قيم التعايش السلمي عبر وسائل

اإلعام باعتبارها سلطة العصر.‏

لقد شهد املجتمع العراقي خال العقدين املاضيين الكثير من

التحوالت واملتغيرات على املستوى السياسي واالجتماعي،‏ وحظيت تلك

الحقبة بالعديد من أعمال العنف والصراعات والحروب والكوارث

واألزمات،‏ وخلفت وراءها الكثير من الدمار جراء تنامي ظاهرة العنف

74


وعدم التسامح وتزايد الحقد والكراهية والتمييز على أساس من الدين

واملذاهب والعرق بين أبناء الوطن الواحد،‏ ومع أن أرقام الضحايا من

املدنيين من العراق جراء حرب أهلية طائفية شاملة بين عامي 2003

_ 2008 مشكوك في دقتها،‏ حيث أظهرت دراسة استقصائية للبيانات

املتوفرة أجريت عام 2008 نطاق تلك األرقام بين 34,832 و 793,663

من مختلف املصادر،‏ وكان الكثير من عمليات القتل هذه يحركه العداء

الطائفي بشكل علني )))( . وقدرت املنظمة العاملية للهجرة،‏ التي ترصد

أعداد األسر املهجرة،‏ أن نحو 1.6 مليون عراقي أبعدوا عن ديارهم داخل

العراق في املدة املمتدة ما بين عامي 2006 و‎2010‎‏،‏ ويشكل هذا العدد

5.5 في املئة من عدد سكان الباد )))( .

كل هذه املعاني والوثائق حاضرة في أذهان الباحثيين اإلعاميين

وعلماء اجتماع السياسة فضا عن رجال الدين والسياسة،‏ لكي

يتصدوا لقضية مهمة تتمثل في دور مسؤولية وسائل اإلعام الجماهيري

في التعاطي مع قضية التعايش السلمي وانعكاساتها على املجتمع العراقي.‏

وكان لزاماً‏ علينا كباحثين إعاميين الوقوف على حقيقة الدور الذي

يمكن أن تقوم به وسائل اإلعام – التقليدي والجديد-‏ في الترويج

لثقافة التعايش والتماسك االجتماعي ونبذ العنف والتطرف والطائفية

التي تقف حاجزاً‏ دون تحقيق التعايش،‏ ومن هذا املنطلق جاءت

رغبتي كباحث إعامي في اإلسهام بدراستها ضمن مشروع تنموي تحت

عنوان مشروع التأسيس وبناء القدرات للمنتديات املهنية اإلعامية

للشباب لتعزيز التماسك االجتماعي(‏ إذ تقوم منظمة التنمية املدنية

1- Hannah Fischer, Iraqi Civilian Death Estimates , Washington, D.C.:

Congressional

.Research Service, RS22537, August 27, 2008.

2- حرب العراق باألرقام،‏ تقرير هيئة اإلذاعة الريطانية https://www.bbc.com/ BCC،

.arabic

75


.UNDP بتنفيذه باالشتراك مع برنامج األمم املتحدة اإلنمائي CDO

وبعد لقاءات تشاورية عدة تم اختيار عنوان هذا الفصل تحت

عنوان دور وسائل اإلعام في تحقيق التعايش السلمي(‏ وقسمته على

مبحثين،‏ ولتحقيق أهداف السياسة العامة للموضوع،‏ تم رسم محاوره،‏

التي هي:‏ مظاهر التعايش السلمي وآفاقه في املجتمع العراقي،‏ وتندرج

تحت هذا العنوان الرئيسي،‏ عناوين ومحاور فرعية تتمثل في:‏ مفاهيم

التعايش السلمي ودالالته،‏ والخوض في تناول واقع أزمة التعايش

السلمي ومظاهرها في العراق بعد التغيير السياسي الذي حصل سنة

2003، مع أخذ أهمية محور التشكيلة الفسيفسائية للعرق والدين

في املجتمع العراقي بنظر االعتبار،‏ ثم التحدث عن الوسائل املتعددة

لتعزيز التعايش السلمي في العراق.‏ ونتاول في الجزئية الثانية،‏ التي هي

مغزى واساس سياسة هذا الفصل،‏ وقد تُ‏ عنى بأمر العمل الصحفي

والسياسة التحريرية للمؤسسات اإلعامية،‏ حيث تتمحور في موضوع

املسؤولية االجتماعية لوسائل اإلعام الجماهيري في تحقيق التعايش

السلمي في املجتمع،‏ وسنركز في هذا املبحث على تجربة اإلعام العراقي

مع مبادئ التعايش السلمي ومؤشرات تقويض التعايش السلمي في

وسائل اإلعام العراقية مع تناول مخاطر الشائعة الرقمية على منصات

التواصل االجتماعي على السلم املجتمعي وتجنب وقوع الصحفيين في

فخ تلك الشائعات الرقمية.‏ ونتمنى أن نكون قد أفدناكم بهذا الجهد

العلمي املتواضع،‏ آملين أن نعُ‏ دَّ‏ ً جيا ً إعاميا ً مهنيا يفيد املجتمع.‏

األستاذ املساعد

د.‏ شيركو جبار محمد

مدرس تقنيات الصحافة التلفزيونية

2022/1/28

76


املبحث األول

مظاهر التعايش السلمي و آفاقه في املجتمع العراقي

تمهيد:‏

يحصل التعايش عندما يكون هناك صراع واقعي ينتج عن التعصب

القائم على عقدة االستعاء بين مجموعتين أو دولتين أو طائفتين،‏ وهو

عبارة عن اتفاق ضمني بينهم على عدم اللجوء إلى اإلقتتال والحرب

كخيار لتسوية الخافات بينهما.‏ وفي بلدنا املتعدد بأطيافه وألوانه

يتطلب منا وقفة حقيقية للتركيز على مفهوم التعايش السلمي،‏ وال

سيما بعد أن توصلنا إلى التشخيص بأننا من دونه سنكون متضادين،‏

يحارب بعضنا بعضاً‏ بشكل من أشكال الحرب األهلية القائمة على

دوامة العنف التي تعصف كل ماهو نبيل في العراق،‏ فاملرحلة صعبة

واملسؤولية كبيرة تتطلب من الجميع االتجاه إلى التعايش السلمي بين

أقوام تختلف فيما بينها من مذاهب وأديان أو بين جماعات ذات مبادئ

مختلفة،‏ وذلك عن طريق خلق جو من التفاهم بين تلك الجماعات

بعيداً‏ عن االقتتال و العنف.‏

أوالً:‏ التعايش السلمي،‏ املفهوم والدالالت:‏

يعني التعايش في اللغة:‏ عايشه،‏ عاش معه.‏ والعيش معناه الحياة،‏

وهو عيش على هذه األرض من بني آدم كافة دون تفريق،‏ وتعني اإلشتراك

في الحياة على األلفة واملودة ))) .

وجاء الت ش(‏ CO-Existence في املوسوعة الجامعية:‏ من تعاي

وا،‏ أي عاشوا على األلفة واملودة،‏

ُ تعاي شاً‏ فهو مُ‏ تعايش،‏ وتَ‏ عايَ‏ شُ‏

شَ‏

َ

77

َّ عايُ‏

- 3 معجم الوسيط،‏ ج‎2‎‏،‏ 646، واملنجد يف اللغة،‏ مادة عيش(‏ ص‎540‎‏.‏


والتعايش االجتماعي،‏ يعني أن املجتمع يعيش أهله في وئام،‏ رغم تعدد

فئاتهم وأعراقهم وأديانهم ومصالحهم.‏ ويقوم التعايش على احترام

اآلخرين وحرياتهم والوعي باالختافات بين األفراد والجماعات والقبول

بها،‏ وتقدير التنوع الثقافي،‏ وألن التعايش هو تفاعل بين الطرفين وأكثر،‏

فهو يعني استعداداً‏ من عدة أطراف لتطوير عيش مشترك يسوده

الحوار والتفاهم ))) .

ولم تستخدم املفردة في اللغة العربية في البداية للداللة على العيش

بالسلم داخل املجتمعات املتنوعة،‏ بل جاء استخدامها في الستينيات

والسبعينيات من القرن العشرين،‏ تعبيراً‏ عن تجنب النزاعات والحروب

بين أقطاب الحرب الباردة بالتوافق على ما سمي التعايش السلمي

Peaceful Co-Existence أي معالجة النزاعات من خال التفاوض

والحوار السلمي،‏ واللجوء أحياناً‏ إلى املؤسسات الدولية،‏ ً تجنبا ألخطار

الحرب النووية ))) .

وتُ‏ عرَّف السلمي في اللغة بما يأتي:‏ جاء في مادة سلم تعني املُسالِ‏ مُ‏ ،

والصُّ‏ لحُ‏ ، ويأتي السلم في اللغة االنجليزية بمعنى Peaceful أي:‏ الهادئ

واملسترخي وال يحتوي على أي مظاهر للعنف،‏ وأضاف قاموس :Collins

أنه األنشطة واملواقف التي ال تنطوي على حرب أو خاف ))) .

واملعلوم من املعنى اللغوي مما اشرنا إليه سلفاً‏ ، تكون كلمة السلمي(‏

- 4 املوسوعة الجامعية عَيش،‏ تَعايُش(‏

- 5 التعايش والتعارف يف االسالم،‏ مفاهيم ميرسة،‏ منظمة التعاون اإلسالمي،‏ مكتبة امللك

فهد الوطنية للنرش،‏ ‎2019‎‏،ص‎14‎‏.‏

- 6 أنظر إىل:‏

ابن منظور،‏ لسان العرب،‏ دار املعرف،‏ 1993، م‎12‎‏،‏ ص‎289‎‏.‏

Cambridge Business English Dictionary 2019) Copyright © Cambridge

.University Press

Collins English Dictionary 2019), Copyright © HarperCollins Publishers

78


وصف مؤكد لطبيعة التعايش،‏ وعلى فرض وجود نوع من التعايش غير

السلمي يكون الوصف ً مقيدا يخرج به نوع التعايش غير السلمي،‏ اذاً‏

السلمي(‏ يكون وصفاً‏ ً ايجابيا ملوصوفه التعايش(،‏ الذي يكون ً خبرا ملبتدأ

محذوف تقديره:‏ هذا،‏ أو هو،‏ فهناك توجد عاقة إيجابية بين التعايش

والسلم،‏ وتلك تعزز الكرامة والحرية واالستقال.‏

أما من ناحية املصطلح:‏ فيعرف التعايش السلمي Peaceful

Coexistence بأنه اتفاق طرفين أو عدة أطراف على تنظيم وسائل

العيش – أي الحياة-‏ فيما بينها على وفق قاعدة يتم تحديدها وتمهيد

السبل املؤدية إليها ))) .

وفكرة التعايش تعني تجاوز سبل االنقسام التي تقوم على اساس

الدم او الرابطة القومية او الدين او الطائفة او العشيرة او غيرها من

الناحيتين النظرية واألخاقية في اقل تقدير ))) . وتعني في قاموس ,Collin

التنافس بدون حرب،‏ أو سياسة السام بين األمم ذات األنظمة السياسية

واأليديولوجيات املختلفة على نطاق واسع.‏ وعرف رشيد كهوس التعايش،‏

بأنه العيش املشترك بين الشعوب والحضارات في جو من التفاهم والتعاون

والتضامن والتسامح وتبادل املنافع واملصالح بعيداً‏ عن الصراعات

والنزاعات والعنف واالضطهاد،‏ حتى يسود األمن والسام ))) .

وجاء في باب املبادئ من املادة 1( للجمعية العامة لألمم املتحدة املؤرخ

في 11 كانون األول سنة 1969 حول إعان التقدم واإلنماء في امليدان

االجتماعي:‏ لجميع الشعوب وجميع البشر،‏ دون أي تمييز بسبب العرق أو

- 7 عبدالعزيز التويجري،‏ اإلسالم والتعايش بن األديان يف أفق القرن الواحد والعرشون،‏

املؤمتر الدويل العارش للمجلس األعى للشئون اإلسالمية،صص‎32-1‎‏.‏

- 8 محمد عابد الجابري،‏ قضايا يف الفكر املعارص،‏ ط‎1‎‏،‏ مركز دراسات الوحدة العربية،‏

بروت،‏ 1997، ص‎20‎‏.‏

- 9 رشيد كهوس،‏ التعايش السلمي بن الشعوب واألديان،‏ مجلة كلية أصول الدين،‏ املغرب،‏

ص-‏‎111‎ ص‎143‎‏.‏

79


اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الجنسية أو األصل اإلثني أو املركز

العائلي أو االجتماعي،‏ أو القناعة السياسية أو غير السياسية،‏ الحقُ‏ في

أن يحيوا حياة كرامة وحرية وأن ينعموا بثمار التقدم االجتماعي،‏ ويترتب

عليهم،‏ من ناحيتهم،‏ واجب اإلسهام في هذا التقدم.‏ إذ يشير هذا املبدأ

بكل وضوح إلى التعايش بين بني البشر ضمن اطار حياة مفعمة بالسام

واالحترام املتبادل والتفاهم بين الشعوب ضمن الدولة الواحدة،‏ أو بين

الدول ذات النظم االجتماعية أو االقتصادية أو السياسية املختلفة،‏

واعتقاداً‏ بتلك املبادئ إذ بامكان التعايش السلمي والعاقات الودية

والتعاون بين امللل املختلفة يمكنه تعزيز اإلنماء االجتماعي.‏

إن تلك املفاهيم التي عرضناها سلفاً‏ حول مصطلح التعايش

السلمي،‏ متداول في كل البيئات الفكرية،‏ ويتم التعامل مع هذا

املفهوم ولوازمه الثقافية والسياسية باعتباره ثابتة من ثوابت

املجتمعات املتقدمة لذلك،‏ وبعيداً‏ عن املضاربات الفكرية والتوظيفات

االيديولوجية املتعسفة،‏ فنحن العراقيون اليوم بأمس الحاجة إلى

ترجمة املعنى الجوهري للتعايش السلمي في واقعنا االجتماعي وتطبيقه

وتحديد مضمونه وجذوره الفلسفية واملعرفية وبيان موقعه في سلم

القيم واملبادئ االجتماعية.‏

ثانياً‏ : التركيبة الفسيفسائية للعرق والدين في املجتمع العراقي:‏

يتألف املجتمع العراقي من نسيج اجتماعي متعددة األعراق واألديان

والطوائف,‏ إذ ي ُ عرفُ‏ املجتمع العراقي بأنه من أكثر املجتمعات تنوعاً‏

من حيث اعداد تلك الجماعات وتشابكها وتداخلها,‏ وبرغم هذا التنوع

إن تلك التعددية تعايشت على اختاف االنظمة السياسية املتعاقبة،‏

إن هذا التعدد والتنوع في مكونات املجتمع العراقي،‏ هو ظاهرة ايجابية

80


ّ

ً

سليمة,‏ من املمكن ان تكون عنصرا غنياً‏ وابداعاً‏ ثقافياً‏ وروحياً‏

واجتماعياً‏ اذا ما توحدت في اطار وحدة وطنية واحدة.‏

لقد منح الدستور الدائم للعراق والصادر سنة 2005 في مواده

43،41،4،3،2( الحرية ألتباع كل مذهب ملمارسة شعائرهم الدينية،‏

وبيت أن الدولة تتكفل بحرية العبادة وحماية أماكن العبادة وضمان

ممارسة الشعائر بحرية فيها,‏ وتعتبر مادته ال 14( أن جميع العراقيين

متساوون أمام القانون دون تمييز.‏

يبلغ عدد سكان العراق في أحدث التقديرات التي أعدها الجهاز

املركزي لإلحصاء لعام 41 2021، مليوناً‏ و 190 ألف نسمة،‏ وهم

موزعون بواقع 50.50% للرجال،‏ و‎49.5%‎ للنساء )1)) ، والجدير بالذكر،‏

أنه على مدى 23 عاماً‏ املاضية لم يُ‏ جر أي تعداد سكاني في العراق وهو

قد يُ‏ عَ‏ ُّ د األساس في توزيع الثروات في الباد ورسم الخطط التنموية

وتقويم نتائجها ووضع الخطط الصحيحة إلعادة اإلعمار،‏ إال أن سلطة

االئتاف املؤقتة بعد الغزو األمريكي للعراق سنة 2003، وباالتفاق مع

الكتل السياسية التي شاركت في مجلس الحكم االنتقالي،‏ وضعت نسبً‏ ا

اتفق عليها القتسام السلطات واملوارد،‏ بموجب تلك النسب،‏ صنفت

األعراق واألديان والطوائف في املجتمع العراقي كاآلتي )1)) :

- 10 وزارة التخطيط,‏ الجهاز املركزي لإلحصاء،‏http://cosit.gov.iq/ar‏/‏

- 11 انظر إىل املراجع اآلتية:‏

رشيد خيون،‏ األديان واملذاهب بالعراق،‏ ط‎2‎‏،‏ مشورات دار الجمل،‏‎2007‎‏.‏

رائد الحامد،العراق،‏ فسيفساء الديانات والطوائف والقوميات،‏ وكالة األناضول،//:‏https

/www.aa.com.tr/ar

رضا زيدان،‏ أعراق وديانات متنوعة يف العراق،‏ كيف تتوزع؟ وماهي خصائصها؟،‏ شبكة

امليادين اإلعالمية،‏ https://www.almayadeen.net/news/politic

الدستور الدائم للعراق الصادر سنة 2005.

81


الطوائف الدينية:‏

1.1 املسلمون:‏

يعتبر الدين اإلسامي أكبر ديانة فى العراق من حيث عدد األتباع،‏

إذ يعتنقه 95% من السكان،‏ وهم ينقسمون إلى طائفتين رئيسيتين:‏

ً

1.1.1 الشيعة:‏ وفقا

لوكالة االستخبارات املركزية األميركية تمثل

الشيعة أكثر من نصف السكان فى العراق بنسبة 69% بين اجمالي

سكان العراق،‏ وأغلبها من القومية العربية إذ تمثل أكثر من 55%،

و‎45%‎ بينها من الكورد والتركمان.‏

2.1.1 السُ‏ نة:‏ تتراوح نسبة العراقيين السُ‏ نة ‏-وفقً‏ ا لتقارير وإحصاءات

غير رسمية-‏ أقل من النصف 29% - 34% وتتوزع بين العرب والكورد

وبعض التركمان،‏ وكذلك تتوزع على ثاثة مذاهب رئيسية هي الحنفية

والشافعية والحنبلية.‏ و‎22%‎ من العرب من السنة،‏ أي أن نسبة العرب

تبلغ 77%، ثم الكورد 19%، وتتوزع نسبة أقل من 3% قوميً‏ ا على

التركمان وغيرهم.‏

‎2.1‎املسيحيون:‏

تعد املسيحية ثاني أكبر ديانة في العراق بعد اإلسام،‏ وهي ديانة

معترف بها في الدستور العراقي الذي سمّ‏ اها ب«الكلدوآشوريين«‏ وتعني

كل أقسام املُكوّ‏ ن املسيحي من الكلدان واآلشوريين والسريان األرثوذكس

واألرمن وغيرهم.‏ وبلغ عدد املسيحيين في العراق قبل الغزو األميركي

على العراق سنة 2003 نحو مليون و‎420‎ ألف مسيحي،‏ اضطر عدد

كبير منهم إلى مغادرة الباد.‏ وبحسب رئيس مجلس الطائفة املسيحية

العراقية في األردن ‏»غازي رحو«‏ فإن عدد املسيحيين في العراق اآلن ال

يتجاوز 450 ألف مسيحي فقط،‏ أي أن أكثر من مليون مسيحي غادرو

82


ً

ّ

الباد واستقرو في أوروبا والواليات املتحدة أو اتخذو من األردن ولبنان

مقراً‏ له،‏ وينقسم املسيحيون إلى طوائف فرعية مرتبطة بالقوميات،‏

كالسريان واآلشوريين والكلدان.‏

3.1 اإليزيديون:‏

هم مكون ديني في األساس،‏ بلغ عددهم،‏ حسب تعداد عام 1977،

أكثر من مائة ألف نسمة.‏ وتبلغ نسبتهم غير الرسمية وفقا ملصادرهم

2% من السكان.‏ يتحدث اإليزيديون اللغة الكردية-‏ الكرمانجية،‏

والعربية وخصوصاً‏ إيزيدية بعشيقة قرب املوصل وإيزيدية سوريا،‏

‏ّع اإليزيديون في محافظة نينوى بين:‏ قضاء الشيخان،‏ وبعشيقة،‏

ويتوز

وبحزاني،‏ وشنكار،‏ وزمار والقوش،‏ وفي محافظة دهوك:‏ شاريا،‏ ومجمع

خانك.‏

3.1 الصابئة املندائية:‏

هي من األقوام اآلرامية التي هاجرت إلى العراق بحدود عام 100

مياديً‏ ا،‏ وتُ‏ ُ عد الصابئة املندائية ديانة غير تبشيرية،‏ فيما يخص

أعدادهم يقول رئيس الصابئة املندائيين في العراق والعالم ‏»ستار

جبار«‏ إنه ال تتوفر إحصائية دقيقة ألعداد الصابئة،‏ ولكن يقدّ‏ ر عدد

الصابئة في العراق ب 200 ألف صابئي،‏ يتمركزون في محافظات بغداد

والعمارة والبصرة والناصرية والكوت والديوانية وديالى،‏ ويعيشون على

ضفاف األنهار،‏ ويتكلمون اللغة اآلرامية إضافةً‏ إلى اللغة العربية.‏

4.1 الكاكائية:‏

الكاكائية أقلية دينية تعيش داخل إقليم كردستان العراق ومناطق

أخرى تتوزع بين محافظات نينوى وكركوك وديالى.‏ وفقا آلخر إحصائية

غير رسمية ملنظمة ميثرا،‏ يبلغ عدد أتباع الديانة الكاكائية في العراق

أكثر من 120 ألف نسمة،‏ يتوزعون بين مناطق سهل نينوى والسليمانية

83


وأربيل وحلبجة وخانقين وكركوك وديالى ومدن أخرى تقع ضمن هذا

النطاق ((1( .

5.1 البهائيون:‏

البهائيون من األقليات الدينية الصغرى في العراق فهم ينحدرون

من أديان مختلفة وخلفيات وأعراق متنوعة وينتشرون في مختلف مدن

وقرى العراق من الشمال إلى الجنوب.‏ وبسبب غياب االعتراف الرسمي

بهم وبمؤسساتهم،‏ ال يوجد إحصاء دقيق لعدد البهائيين في العراق

ومناطقهم،‏ إال أن عدددهم يقدر بعدة آالف تنتشر في املناطق املختلفة

للباد ((1( .

القوميات واألقليات األثنية:‏

يتشكل املجتمع العراقي من قوميتين رئيسيتين،‏ هما العربية

والكردية،‏ بحسب الدستور املؤقت لعام 1970، وجاء في املادة 4 أوالً(‏

من الدستور الدائم لسنة 2005 ‏»اللغة العربية واللغة الكوردية هما

اللغتان الرسميتان للعراق«،‏ وبموجب التقديرات املأخوذة من إدارة

الشؤون االقتصادية واالجتماعية في األمم املتحدة 2015( وكتاب

حقائق العالم لوكالة االستخبارات األمريكية‎2010‎‏(،‏ تتراوح نسبة العرب

بين 75% و‎80%‎‏،‏ في حين يتراوح األكراد بين 15% و‎20%‎‏،‏ إضافة إلى

قوميات أخرى،‏ مثل التركمان والسريان وآخرين،‏ وهم بين 5% و‎7%‎‏.‏

1.2 العرب:‏

تُ‏ شك ّ ل القومية العربية غالبية سكان العراق،‏ وتبلغ نسبتها نحو

- 12 من هم الكاكائيون،‏ شبكة الرشق األوسط لإلرسال الحرة(،‏ https://www.alhurra.

.com/iraq

- 13 سعد سلوم،‏ األقليات يف العراق:‏ الذاكرة،‏ الهوية،‏ التحديات،‏ ط‎3‎‏،‏ مؤسسة مسارات

للتنمية الثقافية واإلعالمية،‏ 2014، صص‎135-121‎‏.‏

84


75% من السكان.‏ وينقسم العرب الذين هم في الغالبية مسلمون إلى

شيعة وهم غالبية سكان محافظات جنوب بغداد وإلى سنة وهم غالبية

سكان محافظات شمال وغرب بغداد في حين أن بغداد هي املدينة التي

تختلط بها أثنيات وطوائف العراق جميعاً‏ .

2.2 الكورد:‏

تُ‏ شكل القومية الكوردية املجموعة العرقية الثانية بعد العرب

في العراق،‏ فقد وصل عدد األكراد إلى نحو 5.2 مليون نسمة وفق

احصاءات غير رسمية،‏ وتتراوح نسبتهم بين 15% و‎20%‎ من اجمالي

سكان العراق.‏ دينياً‏ ً ومذهبيا : فإن 97% من الكورد مسلمون؛ منهم

80% سُ‏ نة،‏ و‎17%‎ شيعة ويُ‏ سمون ب«الكورد الفيليين«.‏ ويتمركز الكورد

في إقليم كردستان العراق بمحافظاته األربع،‏ السليمانية وأربيل ودهوك

وحلبجة.‏ ويشكل الكورد وفق التعداد السكاني لسنة 1977 غالبية

سكان املناطق املتنازعة عليها بين حكومة إقليم كوردستان والحكومة

االتحادية – كما وردت التسمية في املادة 140( من الدستور-‏ .

3.2 التركمان:‏

يُ‏ ّ عد التركمان ثالث الجماعات العرقية الرئيسية في العراق بعد

العرب والكورد،‏ لغتهم الخاصة هي التركمانية،‏ يعيشون بشكل رئيس في

إقليم كوردستان وشمال غرب العراق في قوس يمتد من قضاء تلعفر

غرب املوصل،‏ وعبر املوصل،‏ وأربيل،‏ وكركوك،‏ ممتداً‏ إلى قضاء دوز

خورماتو،‏ كفري،‏ وخانقين )1)) . وال يمكن التيقن من صحة األرقام؛ لعدم

وجود إحصاء رسمي يحدد القومية،‏ لكن نسبة التركمان املثبتة في

الدوائر الرسمية ذات الصلة بتوزيع الثروات واملحاصصة السياسية،‏

تبلغ 2% من سكان العراق.‏

- 14 سعد سلوم،‏ حامية األقليات الدينية واإلثنية واللغوية يف العراق،‏ النارش:‏ جامعة

كوفة،‏ كلية اآلداب-‏ قسم املجتمع املدين،‏ 2017، ص‎132‎‏.‏

85


4.2 اآلشوريون:‏

يشكل اآلشوريين 0.5% من سكان العراق،‏ وهم قوم ساميون

استوطنوا القسم الشمالي من العراق منذ األلف الثالث قبل املياد.‏

يتكلم اآلشوريون اللغة اآلشورية الحديثة،‏ التي تُ‏ عرف باللغة السُّ‏ ريانية

في األدبيات الكنسيّ‏ ة،‏ نسبة إلى انتشارها بواسطة كنيسة املشرق،‏ التي

عُ‏ رفت بالسُّ‏ ريانية )1)) .

5.2 الكلدانيون:‏

الكلدان املعاصرون هم أحفاد سكان باد الرافدين األصليين،‏

ويتكلمون اآلرامية.‏ يبلغ عددهم داخل العراق نحو 650 ألف نسمة،‏

يشكلون 80% من مسيحي العراق.‏ ويعيش الكلدانيون في الجزء الجنوبي

من العراق على الضفة اليمنى لنهر الفرات )1)) .

6.2 الشبك:‏

يُ‏ عَ‏ ُّ د الشبك إحدى األقليات التي تعيش في شمال العراق منذ ما

يقارب خمسة قرون،‏ وهم مسلمون غالبيتهم من الشيعة وقسم منهم

سُ‏ نة،‏ ويتحدثون لغة تتميز عن العربية والكوردية،‏ وهم يعيشون في

منطقة سهل نينوى في محافظة املوصل )1)) . بلغ عددهم،‏ عام 1977،

نحو 80 ألف نسمة،‏ واعتُ‏ بروا في اإلحصاء الرسمي لذلك العام من

القومية العربية.‏

ثالثاً‏ : و اقع التعايش السلمي في العراق بعد التغيير السياسي سنة

:2003

15- عبداألمر البدري،‏ العراق والتأريخ منذ القدم مكوناته وأطيافه،‏ صحيفة كتابات

األلكرتونية،‏https://kitabat.com/2021‎

- 16 نفس املرجع السابق.‏

- 17 سعد سلوم،‏ املرجع السابق،‏ ص 134.

86


رُسمَ‏ ت اللوحة السياسية للعراق الجديد بعد سنة 2003 على أساس

املكونات،‏ متجاهلةً‏ املبادئ ومقومات املواطنة واملساواة وعدم التمييز،‏

مع أن الغرض والرؤية السياسية لدول التحالف والقوى الوطنية

املعارضة آنذاك لم يكن التجهيل ضمن استراتيجيتها،‏ فأنها أغفلت

تلك املبادئ تبريراً‏ ملنح واعطاء األولوية السياسية ملبدأ الديموقراطية

التوافقية بين جميع املكونات إلدارة شؤون الدولة الجديدة لتلك املرحلة

االنتقالية.‏ وعلى الرغم من أن هذا التنوع الديني واإلثني الغني بامكانه أن

يكون مصدراً‏ للقوة واجماع العراقيين على مدى تاريخه املعاصر،‏ فإن

ضمان وصيانة حقوق الجميع من املسلمات األساسية واليمكن خرقها

وتجاوزها وفقاً‏ ملعايير حقوق االنسان.‏

لقد أدى التغيير السياسي الذي شهده العراق بعد نيسان 2003

إلى إحداث تداعيات تجاوزت في أبعادها وتأثيراتها السياسية،‏ لتتطور

وتصبح فيما بعد أزمات ومشكات مزقت النسيج املجتمعي للشعب

العراقي،‏ عبر سيادة مبدأ التشدد والتطرف الذي حمل في طياته األحقاد

والكراهية والتعصب وعلى كافة املستويات والصُ‏ عد سواء السياسية

منها،‏ أو الدينية،‏ أو االجتماعية،‏ وهو ما عزز ثقافة اإلنقسام وغياب

الثقة املتبادلة بين أفراد املجتمع.‏ وال شك فأن البيئة السياسية

لعبت دوراً‏ ال يمكن تجاهله في تكريس ثقافة التطرف والطائفية بكافة

أشكالها،‏ وإستغال كل طرف من األطراف املختلفة واملتعارضة الفرص

للحصول على أكبر قدر من املكاسب واملصالح السياسية واإلجتماعية،‏

والدفع باتجاه تعزيز الوالءات الطائفية والدينية والقومية الضيقة على

حساب الوالء الوطني الجامع الشامل.‏ الذي عزز خطورة هذه املرحلة

انها انتجت سلوكيات وممارسات لم تكن مألوفة من قبل على صعيد

املجتمع العراقي،‏ وغلب عليها طابع الصراع والتطرف واألحقاد والكراهية

87


للطرف اآلخر،‏ األمر الذي أسهم بدوره في زعزعة السلم األهلي والتعايش

السلمي الوطني وغياب روح املواطنة بين فئات املجتمع العراقي )1)) .

أدخل الغزو العراق في دائرة مستمرة من عنف شديد الحدة وعنف

منخفض الحدة دائر حتى منتصف سنة 2015. إن االسباب املنطقية

وراء أعمال العنف معقدة وتختلف من فعل إلى آخر ومن هدف إلى

هدف.‏ ويُ‏ نسب قدر كبير من العنف الطائفي في العراق في سنوات ما

بين عامي 2008- 2003 إلى قوات التحالف وربما كان قد تأثر بالطائفية

بشكل بعيد أو عن طريق الصدفة،‏ ومع ذلك بدأت وتيرة استهداف بعض

العراقيين العرب السُ‏ نة والعرب الشيعة في التزايد بدءاً‏ من منتصف

عام 2004. يقول دودج،‏ إنه بحلول منتصف عام 2006 كان العراق قد

دخل في خضم حرب أهلية طائفية شاملة،‏ ومع أن أرقام الضحايا من

املدنيين من العراق مشكوك في دقتها،‏ فقد أظهرت دراسة استقصائية

للبيانات املتوفرة أجريت سنة 2008، أن عدد ضحايا العنف والحرب

الطائفي في العراق بين عامي 2008- 2004 يُ‏ قدر بين 34,832 و 793,663

ضحايا من مختلف املكونات الطائفية واإلثنية،‏ وأن الكثير من عمليات

القتل هذه كان يحركها العداء الطائفي بشكل علني )1)) .

رابعاً‏ : وسائل تعزيز باالرتقاء للتعايش السلمي في العراق:‏

يرى البعض ان التعايش يعني وجود نواة مشتركة لفئات متناقضة

في محيط معين يقبل بعضها آراء البعض وتذوب الخافات واالختافات

القائمة فيما بينها بعيداً‏ عن مبدأ التسقيط،‏ والتهميش،‏ والتسلط

- 18 سليم كاطع عي،‏ آليات تحقيق اإلندماج الوطني والتعايش السلمي يف العراق،‏ مقال

منشور يف املوقع االلكرتوين ملركز املستقبل للدراسات السرتاتيجية،‏ بغداد،‏‎٢٠١٧/١١/٢٨‎‏.‏

.http://mcsr.net

Hannah Fischer, Iraqi Civilian Death Estimates, Washington, D.C.: - 19

.Congressional .Research Service, RS22537, August 27, 2008

88


واألحادية والقهر،‏ والعنف(‏ عبر االلتزام بمبدأ االحترام املتبادل لحرية

الرأي وطرق تفكيره وسلوكه،‏ ويستطيع التعايش السلمي تجاوز

الخافات الفكرية والسياسية واملجتمعية واأليديولوجية متى ما أسس

على أركان صحيحة )2)) .

ويستند مبادئ التعايش السلمي على أربعة أسس رئيسية،‏ وهي )2)) :

األساس األول يكمن في اإلرادة الحرة املشتركة النابعة من رغبة الذات

في التعايش،‏ وهي ليست مفروضة تحت أي ضغط،‏ أو مرهونة بأي شرط.‏

االتفاق على األهداف والغايات لكي يحقق التعايش أهدافه املرجوة،‏ من

خال ضمان تحقيق املصالح العليا للمجموعة البشرية املنضوية في اطاره.‏

االتفاق على التعاون والعمل املشترك ألجل تحقيق الغايات

واألهداف املتفق عليها بين األطراف الراغبة في التعايش ضمن مظلة

الدولة أو كيان سياسي أو اجتماعي.‏

تكمن صيانة التعايش السلمي والحفاظ على بقائه في تأطيره بسور

من االحترام املتبادل،‏ والثقة املتبادلة،‏ لضمان عدم انحراف مسار

التعايش عن األهداف املرسومة له.‏

وجاء في إعان الجمعية العامة لألمم املتحدة املؤرخ في 11

كانون األول 1969 حول التقدم واإلنماء في امليدان االجتماعي وفي

مادته 5(، حيث يقتضي التقدم واإلنماء في امليدان االجتماعي

- 20 مجموعة باحثين،‏ املجتمع العراقي-‏ حفريات سوسيولوجية يف اإلثنيات والطوائف

والطبقات،‏ الطبعة األوىل،‏ معهد الدراسات االسرتاتيجية،‏ بروت،‏ ‎2006‎‏،صص 91-9.

- 21 ثناء محمد صالح،‏ قراءات يف علم االجتامع السيايس رؤيا استرشافية،‏ بيت الحكمة،‏

بغداد،‏ 2013، ص 35.

- 22 األمم املتحدة،‏ مكتب املفوض السامي،‏ اإلعالن املتعلق بالتقدم االجتامعي

والتنمية،‏ https://www.ohchr.org/AR/ProfessionalInterest/Pages/

ProgressAndDevelopment.aspx

89


االنتفاع التام باملوارد البشرية،‏ وخاصة منها ما يأتي:‏ )2)) .

تشجيع املبادرات الخالقة في إطار رأي عام مستنير.‏

نشر املعلومات القومية والدولية بغية جعل األفراد علي بينة

بالتغيرات التي تطرأ علي املجتمع بأسره.‏

ج-‏ اشتراك جميع عناصر املجتمع اشتراكا إيجابياً‏ ، ً فرديا أو عبر

الجمعيات،‏ في تحديد وتحقيق أهداف اإلنماء املشتركة مع مراعاة االحترام

التام للحريات األساسية املكرسة في اإلعان العالمي لحقوق اإلنسان.‏

د-‏ كفالة نيل قطاعات السكان املحرومة أو الحدية فرصاً‏ إلحراز

التقدم االجتماعي واالقتصادي مكافأة لفرص اآلخرين،‏ بغية تحقيق

مجتمع صادق التكامل.‏

السبل اآلنية لتعزيز أجواء التعايش السلمي في العراق:‏

في الوقت الذي نطمح الى تعزيز التعايش السلمي بين كل مكونات

املجتمع العراقي،‏ فا يكفي أن يكون هناك تعايش سلمي بين تلك املكونات

فقط،‏ أي أن تكون هناك تجمعات اجتماعية تعيش بسام في أماكن

جغرافية بعضها قريب من بعض اآلخر لكنها منغلقة على ثقافتها وذاتها

االجتماعية،‏ فينبغي أن يكون هناك تفاعل واندماج اجتماعي طبيعي

بين كافة مكونات املجتمع العراقي إليجاد تفاعل وتماسك اجتماعي ،

وللوصول الى تلك الغايات،‏ وخلق اجواء التعايش السلمي،‏ هناك جملة

من السبل يمكن االعتماد عليها )2)) .

22

- 23 خر قرغويل وآخرون،‏ التعايش السلمي يف العراق بن الواقع والطموح – دراسة

أمنية،‏ املوسوعة الجزائرية للدراسات السياسية واالسرتاتيجية،‏‎2018‎‏،‏ https://www.

-politics

90


الحوار العراقي العراقي:‏ إن أولى اآلليات وأكثرها أهمية أن يبدأ

العراقيون بحوار عراقي عراقي حول اعادة بناء الدولة العراقية،‏ ووضع

األسس الكفيلة لحل االشكاالت واملسائل العالقة،‏ بمعنى انه حوار حول

املشكات وحول طرق الحل،‏ وامر كهذا يتطلب وجود نخب سياسية

تسود بينها الثقة والتفاهم،‏ والرغبة املشتركة في الوصول الى حلول

تكفل وتضمن حقوق الجميع دون استئثار أو تهميش،‏ وتحاول ان

تتجاوز هواجس الحقب املاضية ومخافتها،‏ ان تبتعد عن الثأر واالنتقام

وتصفية الحسابات،‏ واالبتعاد قدر االمكان عن البحث عن املكاسب

لحساب طرف على طرف اخر،‏ تحت ذريعة تغيير موازين القوة.‏

بناء الهوية الوطنية العراقية:‏ من خال تحديد اهم وظائفها في البناء

والتاحم فهي التي تحدد وتفرز وتميز على اسس واقعية وملموسة وليس

في فراغ نظري مشتق من الرغبات واالمنيات بين ابناء الوطن الواحد،‏

وان مشكلة الهوية الحقيقة ال تطرح اال من داخل نظام،‏ ونقصد بالنظام

ما هو عراقي تحديداً‏ ، ويتم بناء الهوية الوطنية العراقية وترسيخها

من خال تجسيد مبدأ املساواة بين كل مكونات املجتمع العراقي،‏ على

اختاف انتماءاتهم ومكوناتهم وتوجهاتهم،‏ والعمل على الغاء كل اشكال

التمييز على اساس الجنس او اللون او القومية او الدين او الطائفة

او االنتماء السياسي،‏ صحيح ان الدستور اقر املساواة اال ان التطبيق

العملي يظهر ان عدم التمييز هو الذي يسود،‏ واغلبه متعلق بغياب

تكافؤ الفرص وغياب تطبيق سوي للقانون،‏ وغياب لغة املشاركة بادارة

الوطن.‏ وهذا يعني ان تكون للجميع حقوق متساوية في كل امليادين.‏

بناء دولة املواطنة:‏ من خال االنتقال بالعاقات االجتماعية

من العاقات االهلية العصبية الى العاقات املدنية،‏ ويتم ذلك من

خال تفعيل مؤسسات املجتمع املدني،‏ وتفعيل دور املؤسسات

91


االكاديمية والبحثية في نشر الوعي بمفردات التعايش السلمي وكل

ما يتعلق بها،‏ ومن خال اقامة الندوات واملؤتمرات ونشر البحوث

التي تهتم ببناء دولة املواطنة والتعايش السلمي،‏ واعادة النظر في

املناهج الدراسية وفق ما يتاءم مع عملية التعايش السلمي وفكرته.‏

تعزيز املصالحة الوطنية:‏ بفعل التداعيات التي خلفها االحتال

وتبعاته،‏ أضحى الشعب العراقي بكافة مكوناته بحاجة ماسة إلى الحوار

واملصارحة بين ابنائه،‏ وتصحيح املفاهيم الخاطئة التي صارت تتكرس

في اوساط املجتمع العراقي،‏ وهو ما ال يتم اال عبر الحوار وتكريس قيم

التواصل بين مكونات الشعب العراقي،‏ وكل االطراف الفاعلة في العملية

السياسية وبين قوى املعارضة داخل وخارج العراق،‏ وبين القوى

السياسية واملجتمع،‏ وان تكون هناك مصالحة بين املرجعيات الدينية

ورجال الدين البارزين من خال تعزيز التواصل والتقارب والحوار

املفتوح في كل االمور.‏

إلغاء املحاصصة االثنية والطائفية:‏ إن بناء التعايش السلمي ال يمكن

ان يستقيم اال من خال الغاء بعض االسس التي بني عليها النظام السياسي

العراقي بعد عام 2003، واقيم على اسس املحاصصة االثنية والطائفية،‏

فخال السنوات التي تلت عام 2003، تم توزيع املناصب الحكومية على

االعتبارات االثنية والطائفية،‏ حيث ادى ذلك الى اصطفافات ضيقة

انعكست سلباً‏ على الجهود الوطنية،‏ وشلت عمل املؤسسات السياسية

واربكتها،‏ وانعكس االمر على مستقبل الباد ووحدتها.‏

بناء دولة القانون واملؤسسات:‏ لنشر وتعزيز التعايش السلمي تحتاج

إلى بيئة مناسبة تتسم بفضاء واسع للحرية وحق التعبير عن الرأي وحق

االختاف دون خوف من العقاب،‏ وهذا يتطلب بناء مؤسسات الدولة

على اساس سيادة القانون وعلى اسس مهنية بعيدة عن املحاصصة

92


ً

الحزبية واالثنية والطائفية،‏ لتوفير اجواء صحية للتعايش بين ابناء

املجتمع العراقي ينبغي ان تسعى الدولة بكل الوسائل الى ضمان العدل

وعدم التمييز في التشريعات،‏ او في االجراءات،‏ وفي انفاذ القانون

واالجرءات القضائية واالدارية،‏ واتاحة الفرص املتكافئة للجميع دون

تهميش او اقصاء ألية فئة او طائفة.‏

وفي هذه الحال نحن بحاجة إلى مؤسسات مدنية ضابطة وعصرية

تؤمن بالفرد واملجتمع،‏ وخصوصاً‏ بمفهوم مبادئ التسامح والتعايش

السلمي وتعمل على تحقيق فكرة التعايش والتسامح في املجتمع،‏ وتلك

املؤسسات هي بمثابة العمود الفقري للتنمية املستدامة للدولة والحكم

الرشيد لكل نظام سياسي في أرجاء املعمورة.‏

مؤسسات التعزيز باإلرتقاء للتعايش السلمي:‏

إن املشكات واالختاالت التي يعاني منها املجتمع العراقي هي مشاكل

مركبة ومتجذرة فهي تحتاج الى معالجات وآليات على مستويات مختلفة

وخطط آنية ومستقبلية واعتماداً‏ على أداء مؤسسي متناسق،‏ وأبرز تلك

‏ًا لكل استراتيجية أو برنامج مطبق هي )2)) :

املؤسسات التي يمكن أن تكون ارتكاز

1- املؤسسة التربوية:‏ وتعني مجموعة القواعد واألسس واالنظمة

التربوية وفلسفة املناهج ملحقا بها البناء التنظيمي للهيكل من مدارس

ومعاهد وجامعات،‏ والتربية هي ما تقوم به املؤسسة لطفل أو شاب

إلكسابه صفات وعادات فكرية ويدوية وخلق امليول.‏

2- املؤسسة القانونية:‏ هي منظومة القواعد القانونية والقضائية

- 24 اسامة مرتى باقر السعيدي،‏ التعايش السلمي واالندماج الثقايف يف العراق،‏

املؤمتر الوطني حول االعتدال يف الدين والسياسة(،‏ عقد من قبل مؤسسة النبأ

للثقافة واالعالم ومركز الدراسات االسرتاتيجية يف جامعة كربالء ومركز الفرات للتنمية

والدراسات االسرتاتيجية،‏‎2017‎ .https://annabaa.org،

93


ألجل ضبط املجتمع والحفاظ على تطبيق القانون،‏ ولكن غالباً‏ ما تكون

هذه املؤسسة أداة قمع وقهر للمجتمع وهذا ما يؤدي الى حالة من التمرد

ضد االنظمة والقوانين بسبب حاالت االجحاف التي يمكن ان تحصل،‏

لذلك فإن دور عدالة االجهزة القضائية والتنفيذية للجيش والشرطة

تُ‏ كمن في خلق وتنشئة جيل مؤمن بعدالة القوانين املشرعة واملنفذة.‏

3- املؤسسة الدينية:‏ تقصد باملؤسسة الدينية األسس والقواعد

القدسية واساليب العبادة وأسس السلوك الديني التي تنظم حياة

االفراد فيما بينهم وبين الفرد والسلطة وبين االنسان والخالق سبحانه

وتعالى وتمارس السلطة الدينية أنشطتها عبر هياكل مؤسسية مختلفة

مثل دور العبادة واملراجع الدينية والكتب واملؤلفات التي تسهم في خلق

وعي لألفراد على املستويات كافة.‏

4- املؤسسات االقتصادية:‏ هي املتمثلة بوسائل االنتاج والتوزيع

واالستهاك وامللكية،‏ وان اساس رقي الشعوب يكون باستقرار النظام

االقتصادي وتحقيق نسب عالية من متوسط الدخل القومي للفرد

إذ مع تزايد نصيب دخل الفرد من الدخل القومي تتزايد روح االنتماء

واالخاص للوطن.‏

5- مؤسسات املجتمع املدني:‏ تُ‏ عرّف منظمات املجتمع املدني

بأنها هيكل تنظيمي يعمل أعضاؤه بديمقراطيّ‏ ة لتحقيق املصلحة بين

السلطات العامّ‏ ة واملُواطنين،إذ تكون جميع أنشطتها أنشطة تطوعيّ‏ ة

جماعية يمارسها األعضاء بهدف تحقيق املصالح والقيم املشتركة بين

الدولة ومواطنيها،‏ وبما أن جميع أنشطتها تطوعية؛ لكن لألسف فان

هذا الدور في الغالب هو مُ‏ سيّ‏ س لصالح أحزاب وجهات وأجندات

سياسية أكثر من كونها مؤسسات قطاعية تعنى باملوضوع الذي انشأت

من أجله خدمة لتطلعات مجتمع موحد.‏

94


ُ

6- املؤسسات االعامية:‏ تلعب وسائل اإلعام دورا بارزاً‏ في حياة

املجتمع املعاصر نظراً‏ ملا تتمتع به من قدرة فائقة في إيصال الخبر

واملعلومة،‏ فوسائل اإلعام كثيرا ما يعول عليها في إطار العملية

السياسية واالجتماعية والثقافية والسيما إذا ما أراد املجتمع تبني فكرة

معينة ونشرها بين أوساطه إذ يتوقف نجاح تلك العملية على طبيعة

املجتمع ذاته،‏ حتى أصبحت املؤسسة اإلعامية إحدى مقومات البناء

االجتماعي للمجتمعات الديمقراطية الحديثة التي تسهم ليس فقط في

إعام األفراد بكل ما يدور في مجتمعهم املحلي من أخبار وأحداث،‏ وإنما

بات لها دورها في نقل مجريات العالم إليهم حيث كانوا.‏

خالصة املبحث:‏

ال يمكن أن يطمح مجتمع ما في أرجاء املعمورة في تهيئة ظروف دائمة

ً

للسام واألمن املجتمعي،‏ ومن ثم التنمية الشاملة ما لم يجد طريقا

وسباً‏ لبناء الثقة املتبادلة بين أفراد مجتمعه وتعزيز التفاهم واالحترام

والتسامح والحوار والعيش املشترك،‏ لذلك من الضروي أن نتفاعل

فرداً‏ ً وجماعة مع مبادئ وأسس التعايش السلمي في بلد أنعم هللا على

أرضه نعمة املكونات املجتمعية املتعددة كالدينية والطائفية واإلثنية،‏

لنصبح نموذجاً‏ ً مثاليا في أرجاء املعمورة للعيش املشترك،‏ والتسامح،‏

واالندماج الثقافي،‏ والسلم املجتمعي مع تعدد األلسُ‏ ن واأللوان.‏

وقد عانى العراق من أختاالت اجتماعية بين هوَّ‏ ة سياسية وأخرى

متعاقبة لألنظمة السياسية الحاكمة،‏ ترجع بعض من مسبباته إلى

ما قبل التغيير السياسي في نيسان سنة 2003، وهذه األختاالت

األجتماعية أدت إلى توليد انشقاقات في بيت التعايش بين مكوناته

ً

االجتماعية،‏ متمثلة في ضعف املنظومة املجتمعية وانقسامها افقيا

وعمودياً‏ على اساس املكونات العرقية والطائفية والدينية،‏ ً وصوال إلى

95


ظهور عمليات القتل واإلبادة الجماعية وممارسة العنف واالرهاب على

كافة الصُ‏ عد،‏ وفيها الخلل في بناء املؤسسات املختلفة داخل الدولة،‏

وعدم االستقرار األمني،‏ األمر الذي أوجد اشكالية كبيرة واجهت بناء

الهوية الوطنية ثم صعوبة في ترسيخ مبادئ التعايش السلمي.‏

إن ما يحتاجه املجتمع العراقي اليوم قبل اعادة بناء مؤسساته وبنيتها

التحتية هو اعادة تأهيل وبناء املواطن العراقي،‏ ألنه هو حجر أساس

وجوهر العملية التنموية،‏ فا يمكن التصور بنتيجة سليمة وصحية

الستقرار الوضع السياسي واألمني أو تفادي معدالت الفساد أو ادارة

الحكم الرشيد مؤسساتياً‏ وحكوميا ً ، ما لم يكن هناك مواطن له

أهلية التعاطي والتفاعل مع املنظومات والقيم االقتصادية والتعليمية

والسياسية،‏ وبخاف ذلك سيكون املشروع الديموقراطي في العراق آلية

روتينية ألسلوب تقاسم السلطة وسط مجتمع متششت ومتناحر بين

ً

فئات وجماعات ينقصها الوالء واالخاص.‏ وهذا بدوره يتطلب التزاما

عميقاً‏ بالعيش ً معا بسام والعمل ً معا من أجل رؤية مشتركة ملستقبل

مزدهر.‏ لذلك نحتاج إلى معالجات وآليات على مستويات مختلفة

وخطط آنية ومستقبلية واعتماداً‏ على أداء مؤسسي متناسق،‏ وأبرز تلك

‏ًا لكل استراتيجية أو برنامج مطبق

املؤسسات التي يمكن أن تكون ارتكاز

هي تفعيل دور املؤسسات التربوية،‏ واملؤسسات القانونية،‏ واملؤسسات

الدينية،‏ وفضاً‏ عن الدور الفاعل واألساسي ملنظمات املجتمع املدني،‏

واملؤسسات اإلعامية،‏ والتي تلعب دوراً‏ ً بارزا في التأثير على املعرفة

والسلوك االجتماعي ألفراد املجتمع.‏ اضافة إلى العاقة املتوازنة بين

النظام السياسي واملجتمع،‏ والتزام النظام السياسي بقواعد الدستور

وتوفير أجواء من الديمقراطية والحرية،‏ فضاً‏ عن عدم اقتران

مستلزمات املعيشة االقتصادية بحالة االنتماءات االجتماعية،‏ وحالة

التوازن بين االنتماءات والهويات الفرعية وانضمامها تحت لواء الهوية

ً متوازنا

96


الوطنية الكبرى،‏ فهذه كلها محدد أساسي لتحقيق تنمية سياسية تُ‏ مهد

لتعايش سلمي ناجح.‏

97


املبحث الثاني

وسائل اإلعالم وتحقيق التعايش السلمي

تمهيد:‏

إن أبرز دور لوسائل اإلعام الجماهيري في الواقع هو نشر الحقيقة

دون تزييف ومن أبرز هذه الحقائق هو نشر ثقافة التسامح والحوار مع

اآلخر في حالة ظهور األزمات والصراعات داخل املجتمع الواحد من التصدي

لكل ما يمكن أن يؤدي باملجتمع إلى حالة من التنافر والتشتت والتفرق.‏ لهذا

جاء هذا املبحث ليوضح دور اإلعام ومقدرته على ترسيخ ثقافة التعايش

السلمي في نفوس أبناء املجتمع العراق,‏ اذ تكمن أهمية تناول هذا املبحث في

كونه يأخذ على عاتقه توجيه املؤسسات اإلعامية والقائمين بها والعاملين

فيها إلى الخروج من دائرة االقتصار على نقل األخبار واألحداث املتعلقة

باإلرهاب والقتل والدمار والتوجه نحو نشر مبادئ ثقافة التعايش السلمي

املبنية على املساواة وعدم التفريق بين أبناء املجتمع الواحد.‏

أوالً:‏ املسؤولية االجتماعية لوسائل اإلعالم الجماهيري.‏

تنطلق الدعوة إلى مراعاة املسؤولية االجتماعية في العمل اإلعامي

بكافة فنونه وقوالبه الصحفية وخصوصاً‏ عند أداء تغطية األحداث

والقضايا املصيرية الجادة التي تهم املجتمع وتراعي مصالحهم العامة،‏

من تأثير املحتوى اإلعامي أي الرسالة أو الخطاب اإلعامي في الرأي

العام،‏ لكونها تخاطب العقل،‏ وتؤثر في الوجدان والسلوك،‏ وتنطلق

هذه الدعوة أيضاً‏ من وظيفة اإلعام في بث روح التسامح في النظر إلى

القضايا املختلفة،‏ وأن تكون أداة لإلرشاد والتوعية،‏ ال أداة للتضليل أو

التحريض وإثارة الفتن والكراهية.‏

98


ظروف نشأة املسؤولية االجتماعية اإلعالمية:‏

بمقتضى الحرية الكاملة التي منحها النظام الليبرالي لإلعام،‏ أصبح

اإلعام يتمتع بحرية كاملة دون أي قيود،‏ اال أن اإلعام أساء استخدام

الحرية املمنوحة له في بدايات القرن العشرين في دول أوروبا الغربية

والواليات املتحدة األمريكية،‏ ما جعل املؤسسات اإلعامية بكافة

قنواتها ومجاالتها أدوات لإلثارة والفضائح والتسلية،‏ وبدأ اإلعام يتخلى

تدريجياً‏ عن املعايير املهنية في األداء الصحفي،‏ ومع تزايد األزمة برزت

أهمية نظرية املسؤلية االجتماعية كعاج لتلك األزمة )2)) .

تعريف املسؤولية االجتماعية اإلعامية:‏

تعرف نظرية املسؤولية االجتماعية في مجال اإلعام بأنها:‏ ‏»مجموعة

الوظائف التي يجب أن تلتزم الصحافة بتأديتها أمام املجتمع في مختلف

مجاالته السياسية واالقتصادية واالجتماعية والثقافية،‏ بشكل يتوفر

في معالجاتها وموادها القيم املهنية كالدقة واملوضوعية والتوازن

والشمول،‏ شريطة أن تتوفر لإلعام حرية حقيقية تجعله مسؤوالً‏ أمام

القانون واملجتمع«.‏ )2)) إضافة إلى أن وسائل اإلعام عليها أن تقوم بدور

النائب الذي ينوب عن الجماهير في التعبير عن اهتماماتها واحتياجاتها

املختلفة،‏ وتتصل بالضوابط االخاقية واملهنية ضرورة احترام وسائل

اإلعام لخصوصية األفراد وحياتهم الخاصة وعدم تشكيل الرأي

العام لإلثارة الانسانية والتطرف والصراع العرقي والعنصرية وتعميم

الفوضى،‏ وحماية اآلداب العامة ضد أي أعمال مروجة للجنس وتشويه

صورة املرأة في املجتمع.‏ )2))

25- مي عبدالله،‏ االتصال والديقراطية،‏ الطبعة األوىل،‏ بروت،‏ دار النهضة العربية،‏ 2005(

ص‎64‎‏.‏

26- حسن عامد مكاوي،‏ اخالقيات العمل اإلعالمي دراسة ومقارنة(،‏ القاهرة:‏ دار املرصية

اللبنانية،‏ 2003( ص‎276‎‏.‏

27- حسني محمد نرص،‏ قوانن وأخالقيات العمل اإلعالمي،‏ االمارات العربية املتحدة،‏ دار

99


يعيش اإلعام في فضاءات من الهويات ال بدّ‏ أن تكون من ناحيته

واضحة املعالم وغير مشوهة،‏ لتشكل بوصلة ناجعة للصحفي في

عالم من الصراعات واملصالح،‏ كالذي نعيش فيه.‏ ويبقى محور

هذه الفضاءات هو التزامات الصحفي املهنية،‏ فإن املعايير املهنية

‏»املوضوعية«‏ للصحافة وهي:‏ الدقة،‏ واملوضوعية،‏ والحياد،‏ مستندة في

أساسها إلى تعريف سياسي أيديولوجي ملعنى الحياد واملوضوعية.‏ وقد

اختلفت االبحاث والتيارات االكاديمية واملهنية كثيرا في تعريف الحياد

واملوضوعية،‏ ويبدو ان ال حياد في تعريف املوضوعية والحياد.‏ )2))

القواعد األخاقية للعمل اإلعامي وفق نظرية املسؤولية االجتماعية:‏

إن املسؤولية االجتماعية للعمل اإلعامي التي تقع على عاتق القائمين

باإلتصال والصحفيين في كل مجتمع متعدد املكونات واألطياف الدينية

واإلثنية هي التمسك بمجموعة من املبادئ االخاقية،‏ تستهدف تحقيق

التوازن بين حرية الفرد والجماعات واملصالح املصيرية العامة للمجتمع،‏

بما يسمح لها أن تؤدي وظيفتها االجتماعية بكفاءة.‏

ويقول ‏»كلور جون بيرتران«‏ استاذ القواعد األخاقية في معهد

الصحافة الفرنسي في جامعة باريس:‏ إن القواعد األخاقية تشمل ثاثة

عناصر أساسية )2)) :

القيم األساسية:‏ التي يتضمن احترام الحياة الخاصة والعامة،‏

والتضامن اإلنساني.‏

محظورات أساسية وهي:‏ أن ال تكذب،‏ وال تسبب أذى للفرد

الكتاب الجامعي،‏ 2010( ص‎76‎‏.‏

- 28 أرشف جالل،«العالقة بن ملكية وسائل اإلعالم وطبيعة ومستوى الحرية يف القنوات

املرصية الحكومية والخاصة،‏ املؤمتر العلمي السنوي الحادي عرش،‏ كلية اإلعالم،‏ جامعة

القاهرة . 2005 ص .402

- 29 بوتر ديبورا،‏ دليل الصحافة املستقلة،‏ إصدار وزارة الخارجية األمريكية،‏ 2006، ص‎59‎‏.‏

29

100


والسلم املجتمعي،‏ وال تنتحل لنفسك أعمال شخص آخر.‏

مبادئ صحفية وهي:‏ الدقة،‏ والنزاهة،‏ واالستقالية في نقل األخبار

واملعلومات.‏

مبادئ وأسس املسؤولية االجتماعية لإلعالم:‏

تتلخص املبادئ األساسية لنظرية املسؤولية االجتماعية في جملة

من املبادئ اآلتية )3)) :

ينبغي على الصحافة اإلعام بوسائله املختلفة أن يسهم في التزامات

معينة تجاه املجتمع.‏

يمكن لوسائل اإلعام أن تعمل وفق املنطق املجتمعي وأن تقوم

بااللتزامات امللقاة على عاتقها عبر احترام املعايير املهنية لنقل املعلومات

كالدقة واالتزان واملوضوعية وغيرها على اعتبار أنها أداة بناء ال هدم.‏

على وسائل اإلعام أن تبادر وتعمل على تنظيم نفسها.‏

يتوجب على وسائل اإلعام أن تتجنب نشر ما يشجع على الجريمة

والعنف والفوضى االجتماعية.‏

على وسائل اإلعام أن تحترم التعددية وأن تعكس حرية تنوع اآلراء

وان تحترم حق الرد.‏

من حق املجتمع على وسائل اإلعام أن تلتزم بأداء الوظائف املنوطة

بها وأن تحافظ على املعايير املهنية خال أدائها لوظائفها.‏

ممارسة النقد البناء.‏

نشر أهدف املجتمع وقيمه وثقافاته.‏

العمل على نشر أهداف املجتمع وخططه التربوية والتعليمية واالقتصادية.‏

- 30 ليث بدر يوسف،‏ زهراء حسن الحداد،‏ املسؤولية االجتامعية يف الصحافة االلكرتونية،‏

عامن،‏ دار امجد،‏ 2017، ص‎32‎‏.‏

101


ّ

العمل على ضمان احترام حقوق الفرد االقتصادية والسياسية

واالجتماعية والثقافية.‏

وضع املعلومات أمام املواطنين وعدم إخفائها إال ألغراض أمن

املجتمع والدولة.‏

إعطاء الفرد حقه في الحصول على املعلومات وعدم التستر عليها

وعدم تزويده بمعلومات كاذبة أو منقوصة.‏

ثانياً‏ : تجربة اإلعالم العراقي مع مبادئ التعايش السلمي:‏

إن الواقع العملي للتجربة اإلعامية العراقية الجديدة بعد التغيير

السياسي الذي حصل عام 2003 في الدولة العراقية واجتثاث مؤسساتها

وبناها التحتية ومن ضمنها املؤسسات اإلعامية التي كان يمتلكها إعام

مركزي أحادي دام لعقود طويلة ولدت تجربة إعامية جديدة تميزت

بسمات ايجابية وسلبية.‏ فمن ايجابيتها،‏ تمتع الواقع االعامي بنوع من

الحرية النسبية للعمل االعامي،‏ كصدور عدد كبير من املطبوعات،‏

وانطاق عدة محطات إذاعية مسموعة ومرئية أرضية وفضائية(‏

مملوكة من قبل احزاب ومنظمات وأفراد بشكل منتظم أو غير منتظم،‏

فضاً‏ عن اطاق مجموعة من االصدارات والقنوات االذاعية والفضائية

ذات طابع خدمة عامة مملوكة للدولة.‏ ومن سلبيات التجرية الجديدة،‏

فقد شهود الواقع املنهي واألخاقي لإلعام العراقي وخاصة اإلعام الحزبي

املوجه بين عامي -2004 2015 نوعا من الامباالة املهنية في السياسة

التحريرية والخطاب اإلعامي،‏ إذ هيمن خطاب التحريض الطائفي على

معظم تلك املؤسسات اإلعامية عنوةً‏ ، وألقت تلك السياسة التحريرية

الامهنية والألخاقية بضالها في أغلب األحيان على أفكار ومعتقدات

املجتمع العراقي وعلى طريقة الحوار لديهم تبعاً‏ لجملة من املتغيرات

102


كاإلرهاب والعوملة الطائفية ومصطلحات ومفاهيم أخرى التي تؤجج

لدى الفرد العراقي العداوة والبغضاء تجاه اآلخرين.‏

حِ‏ قْ‏ ب َ ة التأزم :

في تلك الحقبة،‏ سادت فضاءات البيئة اإلعامية العراقية ملعظم

املؤسسات اإلعامية املوجهة ‏-عمداً‏ أو سهوا ً - بخطابات مشحونة بالنزعة

الطائفية بكافة أشكالها والتكفير والتحريض على العنف واإلرهاب،‏

متجاهلة كل القواعد واألسس املهنية واألخاقية للعمل اإلعامي على

الصعيدين الدولي والوطني بما جاء في مضامينها على أهمية تبني وسائل

اإلعام الخطاب املعتدل واملتوازن،‏ وحظر نشر وبث خطاب التكفير

والكراهية واالبتعاد عن التظليل اإلعامي ونشر ثقافة الحوار والتعايش

السلمي بين أفراد املجتمع ملواجهة العنف واإلرهاب الذي يستهدف

الوحدة الوطنية وترسيخ فكرة أن الحوار مع اآلخر تتطلب احترام التنوع

الثقافي والديني والعرقي.‏

حِ‏ قْ‏ ب َ ة اإلنتعاش:‏

مع انطاق حمات مكافحة اإلرهاب ومجابهة إعام تنظيم داعش

اإلرهابي في 17 أكتوبر سنة 2016 شكَّ‏ ل َ ت شبكة اإلعام العراقي،‏ تحالف

اإلعام الوطني الذي كان يضم 135 مؤسسة إعامية استطاعت أن

تواكب مجريات األحداث ضد اإلرهاب والتطرف ومجابهة خطاب الكراهية

وفق رؤية جديدة تمزج بين العمل امليداني وبين فريق إعامي في العاصمة

بغداد يضع الخطط والستراتيجيات لتوظيف الصورة مع الرسالة

اإلعامية يعطي للمتلقي مدلوالت حقيقية ملا يجري في ساحات املعارك،‏

حيث أثمر هذا الجهد عن بلورة واقع إعامي جديد في التجربة اإلعامية

103


ً َّ

َ

العراقية في تشكيل تحالفات إعامية ملواجهة األزمات التي تواجه الوطن )3)) .

لقد وصل الباحث اإلعامي ‏»أكرم فرج الربيعي«‏ في دراسته املعنونة

‏ُره وأجندته«‏ إلى

ب « الخطاب اإلعامي العراقي ملعركة املوصل:‏ أُ‏ ط

أن تحليل األطر اللغوية والخبرية لتغطية معركة املوصل في اإلعام

العراقي،‏ كشف عددً‏ ا من االعتبارات التي تقف خلف اتباع أسلوب

جديد في معالجة األحداث،‏ يختلف عن تغطياتها اإلخبارية السابقة،‏

وذلك في محاولة لتوحيد الخطاب اإلعامي باالعتماد على مصادر

مُ‏ ح دَّ‏ دة للمعلومات وتوحيد النشرات اإلخبارية وتوحيد املعجم اللغوي

املستخدم في التغطية اإلخبارية،‏ وقد تُ‏ رجم ذلك عمليًّ‏ ا بتأسيس تحالف

اإلعام الوطني الذي ضم أكثر من 100 قناة إعامية،‏ واالستفادة

من االنتقادات واإلشكاليات التي رافقت التغطيات اإلخبارية السابقة

لألزمات،‏ لهذا دفع اإلعام العراقي مُ‏ مَ‏ ثا في قنوات شبكة اإلعام العراقي

وقنوات اإلعام الوطني إلى التركيز على الجانب املعلوماتي الخبري

وتأسيس شبكة مراسلين من قنوات اإلعام الوطني في تغطية األحداث

إلعطاء صورة عن مهنية وحياد أسلوب التغطية )3)) .

اإلعالم الرسمي وقضايا األقليات:‏

يرى أحمد كتاو،‏ رئيس املنظمة الوطنية للتنوع في العراق أن

التغطيات اإلعامية املحلية لقضايا االقليات ليست باملستوى املطلوب،‏

مشيراً‏ إلى ان التغطيات تأتي من وسائل االعام التابعة لاحزاب املتنفذة

وبالتالي يكون طرح القضية من وجهة نظر سياسية – مصلحية )3)) .

31- عي جاسم السواد،‏ تحالف االعالم الوطني يف كتاب منهجي،‏ الحوار املتمدن،‏

.https://www.ahewar.org/debat/show

32- أكرم فرج الربيعي،‏ الخطاب اإلعالمي العراقي ملعركة املوصل،‏ مركز الجزيرة

للدراسات،‏ https://studies.aljazeera.net/ar/mediastudies/2017

33- أحمد كتاو،‏ حديث صحفي،‏ أجراها منار عزدالدين،‏ بيت اإلعالم العراقي،‏ https://

،.www.imh-org.com بدون تاريخ النرش.‏

104


بشكل عام لم تكن التغطيات اإلعامية سواء على مستوى اإلعام

الرسمي الحكومي أو املحطات األخرى التابعة لاحزاب السياسية

تتناسب مع استحقاق االقليات،‏ بل كانت مغيبة تماما طوال السنوات

التي سبقت عام 2014. وال سيما وأن عددً‏ ا كبيرًا من العراقيين حتى االن

لم يعرفوا ابسط االمور عن عادات وتقاليد االقليات العراقية،‏ على

الرغم من انهم يعيشون معا منذ قرون طويلة.‏ واملفارقة هي أن االعام

الدولي كان املبادر االول بالتعريف بأحوال االقليات في حين كان اإلعام

املحلي مغيب تماماً‏ إلى أن وصلت االمور إلى مستويات صادمة تسببت

بنكبة كبيرة على مستوى حقوق االنسان )3)) .

مشاكل إعالم االقليات:‏

يرى ‏»خضر دوملي«‏ عضو مركز دراسات السام وحل النزاعات في

جامعة دهوك،‏ أن هناك جملة مشكات بعضها مرتبطة أوالً‏ باالقليات

نفسها لعدم وجود مراكز قرار لكل أقلية تستطيع ان تمثلهم جميعاً‏ ،

أو تعبر عن تطلعاتهم،‏ اذ اصبحت لديهم أيضاً‏ أكثر من نافذة إعامية

وتشتت جهودهم،‏ ومن جانب اآلخر هناك مشكات تتعلق بقلة الكوادر

واالمكانات املادية واألسس الرصينة التي تساعد على إنشاء إعام أقليات في

العراق،‏ وهذه األرضية ماتزال غير مهيئة واألرضية السياسية غير مساندة

ً

والدعم املجتمعي غير متوفر بسبب التمازج بين وضع االقليات سياسيا

ودينياً‏ ، اذ التسمح مراكز القرار أن يكون هناك إعام قوي لاقليات،‏ ألن

كل جهة تعتبر نفسها الراعي الشرعي لاقلية الفانية،‏ إلى درجة انها تقدم

نفسها مهتمة ومدافعة عن حقوق االقلية أكثر من قادة االقلية أنفسهم،‏

إعامياً‏ بالدرجة االساس ً وسياسيا ً ثانيا ، وقد تكون لديهم خطط ومشاريع

‎34‎ج-‏ نفس املرجع السابق.‏

105


ايجابية لكن لألسف اليتم ترويجها وتوظيفها إعامياً‏ بشكل جيد )3)) .

ثالثاً‏ : مؤشرات تقويض التعايش السلمي في وسائل اإلعالم.‏

أتخذت معظم وسائل اإلعام العراقية والعربية إبان مرحلة تدهور

الوضع األمني املشحون بالصراعات بين الكتل والشخصيات السياسية

داخل السلطتين التنفيذية والتشريعية وخارجها على مستوى صراع

أحزاب املكونات بين عامي – 2004 2015 موقفاً‏ ً متحيزا خال تغطياتها

ملجريات األحداث اليومية الدامية واملحتقنة بشتى األعمال االرهابية

ً

في املناطق امللتهبة بالصراعات اإلثنية والطائيفية،‏ ولهذا ما وضع غالبا

تلك املؤسسات اإلعامية أمام معضلة مهنية وأخاقية،‏ وال سيما إذا

كان هذا التحيز يسعى إلى تأطير جماعة أو أفراد في إطار سلبي،‏ يشوه

صورتها أمام املجتمع.‏ وفي كثير من األحيان يتحول هذا التحيز إلى نوع من

هدم وتقويض مبادئ وأسس ثقافة التعايش السلمي والتحريض على

الكراهية،‏ حيث زاد في ذلك الوقت احتمالية تعرض مكونات املجتمع

العراقي إلى العنف والترهيب الدائمين.‏

يتحمّ‏ ل اإلعام غير املنهي،‏ مسؤولية كبرى في بث خطاب الهدم

وتقويض مبادئ التعايش السلمي على مدار الساعة للمشاهدين

واملستمعين والقرّاء،‏ وقد يُ‏ رفع هذا النوع من وسائل اإلعام وتيرة

عدوانيته،‏ لكونه أضحى متخصصاً‏ بالبغض والكراهية وسط غياب شبه

تام لإلعام املنهي الذي يقوي الروابط والوطنية للمكونات الشعبية،‏

ويواجه اإلعاميين غير املهنيين الذين يهتكون النسيج االجتماعي عبر

التحريض األعمى على العنف واإلقصاء )3)) .

35- خر دومي،‏ حديث صحفي،‏ أجراها منار عزالدين،‏ بيت اإلعالم العراقي،‏

،https://www.imh-org.com بدون تاريخ النرش.‏

36- عبداملجيد أحمد،‏ اإلعالم والثقافة:‏ املقاربة واملباعدة يف الخطاب،‏ مجلة الباحث

اإلعالمي،‏ العدد 2012، 15، صص 84-77.

106


كيف تُ‏ ّ حلل خطاب التقويض وهدم التعايش السلمي؟

لفهم املحتوى اإلعامي املشحون بخطاب التقويض وهدم السلم

االجتماعي والتعرف عليه،‏ يجب على الصحفيين واإلعاميين فهم

السياق املنطقي لتلك الخطابات على النحو اآلتي )3)) :

معرفة التعريف اإلجرائي لخطاب الكراهية،‏ بصفتها كل خطاب

مكتوب،‏ أو مسموع،‏ أو مرئي يهدف إلى القتل الرمزي لآلخر وإقصائه،‏

من الدعوة إلى القتل والعنف،‏ إلى التجلّ‏ يات األخرى من التحريض،‏

والشتم،‏ والسبّ‏ ، والقذف،‏ واإلساءة،واإلهانة والوصم،‏ والتمييز.‏

معرفة سياق الخطاب،‏ أي تقييم سياق األوضاع واملكانة االجتماعية

والسياسية واالقتصادية للفئة التي يستهدفها ذلك الخطاب،‏ وهو ما

يجد صداه بالعنف الي يمارس ضده هذه الفئة من الجمهور.‏

التعرف على تأثير املتحدث،‏ تبعاً‏ ملوقف املتحدث وما يتمتع من

نفوذ ومكانة سياسية واجتماعية،‏ أو مدى قوة تأثيره على الجمهور.‏

فخطاب النخبة وقادة رأي املجتمع يؤثر بمعدل قوي في املتلقي عموماً‏ ،

مقارنة مع مستخدم نشط ملواقع التواصل االجتماعي.‏

معرفة غاية املتحدث،‏ يجب أن يكون قصد املتحدث وغايته من

حشد خطاب التقويض واضحاً‏ ، كاستهداف مكون على أساس العرق،‏

أو الطائفة،‏ وأن يكون مدركاً‏ للعواقب التي يمكن أن يُ‏ حدثها خطابه.‏

معرفة محتوى الخطاب،‏ أي مدى دعوة الخطاب املباشرة أو غير

املباشرة للتمييز أو العنف والعِ‏ داء املجتمعي ضد مكون مستهدف.‏

معرفة نطاق الخطاب وشدّ‏ ة ّ تردده،‏ ونوع الوسيلة اإلعامية التي

بثّ‏ أو نشر من خاله الخطاب،‏ هل ّ بث أو نشر في حساب خاص ملواقع

Ben& Matamoros, Hate Speech and Covert Discrimination on Social -37

Media, International Journal of Communication 102016), pp1167–1193,

1585/https://ijoc.org/index.php/ijoc/article/view/3697

107


التواصل االجتماعي،‏ أو بثّ‏ في اإلعام الجماهيري؟ وهل نشر مرة واحدة

أم نشر مراراً‏ مع اإلصرار على تكراره؟

التعرف على احتمالية وقوع الضرر،‏ أي مدى ارتباط الخطاب

بأضرار وقع نتيجة له،‏ أو كان الضرر على وشك أن يقع.‏

مؤشرات خطيرة:‏

تشير نتائج أحدى الدراسات العلمية لسنة 2018 التي وصل إليها

الباحث ‏»عبدالحسين كاظم«‏ أن نسبة 39% من جمهور عينة الدراسة

امليدانية أكدت أن إثارة النعرات الطائفية(‏ من أولى املمارسات التي

تركز عليها وسائل اإلعام العربية واملحلية تجاه القضايا العراقية،‏

وتأتي بعدها التركيز على نقل األخبار املعادية(‏ بنسبة 29%، ثم ممارسة

التضخيم من قدرة زمر داعش اإلرهابية(‏ بنسبة )3)) 27%(.

أمثلة ونماذج تقويض مبادئ التعايش السلمي في وسائل اإلعالم:‏

في هذه الجزئية سنعرض بعض األمثلة والنماذج التوضحية التي

شهدها العديد من وسائل اإلعام العربية والعراقية في مراحل زمنية

متفاوتة،‏ تُ‏ عبر عن خطابات و محتويات إعامية ذات طايع تقويضي

وهادم لكل بناء تؤسس عليه مبادئ التعايش السلمي.‏ النماذج واألمثلة

ت واقعياً‏ مع األخذ في نظر اإلعتبار

املذكورة التي سنعرضها،‏ ُ نشرت وبُ‏ ثَّ‏

عدم ذكر أسماء املؤسسات اإلعامية العربية والعراقية وأسماء

الشخصيات التي نشرت خطابات تقويض التعايش السلمي والكراهية

على حسابهم الخاص وعلى صفحاتهم الرسمية في مواقع التواصل

االجتماعي.‏ فنحن في املحصل اآلخير هدفنا هو العمل على نبذ خطابات

38- عبدالحسن كاظم العطواين،‏ التضليل اإلعالمي يف بث املعلومات،‏ مجلة الباحث

اإلعالمي،‏ جامعة بغداد ‏–كلية اإلعالم،‏ العدد‎40‎‏،‏ 2018، ص ص 130-107.

108


تقويض التعايش السلمي بين مكونات نسيج املجتمع العراقي،‏ ونلفت

أنظار القائميين باإلتصال املختلفة والصحفيين واإلعاميين كافة

إلى مدى خطورة هذه املمارسات الامهنية ومدى تأثيرها السلبي على

مصداقية الوسيلة اإلعامية وجودتها.‏

النموذج األول:‏

نوع الخطاب:‏ خطاب تأجيج النزعة الطائفية،‏ هو إشاعة خبر غير

مؤكد بيان رسمي من جهة رسمية يستنكر حادث اغتصاب امرأة من

مكون طائفي معين من قبل مجاميع من رجال أمن الدولة(‏

سياق الخطاب:‏ استهداف الطائفة األخرى وتكفيرها ثم التشهير بها

بنعوت العمالة والخونة.‏

تأثير املتحدث:‏ قوي،‏ حيث يمثل طائفة معينة ولديه اعتبار

جماهيري متأثر بالعقائدية ملكون طائفي رئيس في املجتمع العراقي آنذاك.‏

غاية املتحدث:‏ تأجيج النزعة الطائفية،‏ والتحريض على قتل

الطائفة الثانية تحت غطاء الدفاع عن الحرمات،‏ واضطهاد وهتك

أعراض الطائفة األولى.‏

محتوى الخطاب:‏ عدائي،‏ يدعو إلى الثأر والعنف ضد أبناء الطائفة األخرى.‏

نطاق الخطاب وشدة تردده:‏ قناة فضائي عربي،‏ وقنوات فضائية

محلية جهوية،‏ ومواقع انترنت و شبكات التواصل االجتماعي الشحصي

والرسمي املحسوبين على الطائفة األولى.‏

احتمالية وقوع الضرر:‏ بعد أيام أعلنت جماعة مسلحة أنها قتلت

18 شخصاً‏ من رجال قوات الشرطة العراقية.‏

النموذج الثاني:‏

نوع الخطاب:‏ خطاب تأجيج النزعة العرقية،‏ خبر مظللوصول

طائرات حربية اسرائيلية إلى أربيل(‏

سياق الخطاب:‏ استهداف القومية الكوردية،‏ واتهامهم بالخيانة والعمالة،‏

109


التهجم متزامن مع اجراء استفتاء اقليم كوردستان في 25 ايلول 2017.

تأثير املتحدث:‏ قوي،‏ صاحب حساب على موقع فيس بوك،‏ نشر

الفيديو ثم تداولته بعد ذلك االالف على مواقع التواصل االجتماعي.‏

غاية املتحدث:‏ تأجيج النزعة العرقية،‏ والتحريض على الفتن

واشاعة البلبلة والفوضى بين املكونات األصلية في املجتمع العراقي.‏

محتوى الخطاب:‏ عدائي،‏ يدعو إلى اثارة الفوضى،‏ وتخوين أحد

املكونات الرئيسية في العراق وعمالتهم لدولة محتلة.‏

نطاق الخطاب وشدة تردده:‏ حسابات شخصية على مواقع شبكات

التواصل االجتماعي،‏ محسوبة على مكون رئيسي معين.‏

احتمالية وقوع الضرر:‏ خلفت وراءها تأثيرات معرفية وسلوكية في

آراء ومعتقدات معظم أفراد املجتمع العراقي من املكون الرئيسي األول.‏

النموذج الثالث:‏

نوع الخطاب:‏ خطاب تأجيج النزعة الطائفية،‏ بيان رسمياستهداف

الكاظمية فقط دون املساس باألعظمية القريبة منها أو مناطق بقية

املكونات(‏

سياق الخطاب:‏ استهداف الطائفة األخرى،‏ واتهامهم باإلرهابيين،‏

وتحريض أبناء الطائفة األولى على أعمال العنف في املنطقة املذكورة

ذات األغلبية من املكون الثاني.‏

تأثير املتحدث:‏ قوي،‏ نخبة سياسية ذات مكانة وموقع رسمي داخل الدولة.‏

غاية املتحدث:‏ اثارة السجال الطائفي على املستوى الشعبي،‏

والتحريض على أعمال العنف.‏

محتوى الخطاب:‏ خطاب كراهي،‏ يدعو إلى اثارة الفتن بين ابناء

مكونات الطوائف الدينية الرئيسية في العراق.‏

نطاق الخطاب وشدة تردده:‏ وكاالت إعامية الكترونية رسمية

110


ّ

على املستوى املحلي وحسابات شخصية على مواقع شبكات التواصل

االجتماعي.‏

احتمالية وقوع الضرر:‏ تخلق وراءها تأثيرات معرفية وسلوكية

ذات طابع عنفي على فئات املجتمع الشبابي للطائفة الدينية املعنية

باملتحدث.‏

رابعاً‏ : املضامين اإلعالمية لتعزيز التعايش السلمي:‏

يُ‏ كْ‏ مُ‏ ن دور وسائل اإلعام في معالجة األحداث والظواهر السلبية

واألزمات االجتماعية والسياسية وغيرها من األزمات التي يمر بها املجتمع

وهو ما يحتاجه املجتمع العراقي اليوم من بث برامج تدعو إلى املحبة

واألخوة واملسامحة واملصالحة بين أبنائه ال تلك التي تدعو إلى التعصب

واملغاالة ورفض اآلخرين )3)) . فالتجانس الوطني يتطلب اإلحساس باالنتماء

املشترك بين جميع أفراد املجتمع،‏ وهذا ال ينشأ اال في ظل وجود تعايش

سلمي بين شرائح املجتمع.‏ والعيش املشترك يستند إلى احترام التعددية

بكل أنواعها،‏ ومن ثم فإن العراق أمام ٍ تحد مهم وهو ترسيخ الهوية

الوطنية،‏ وهذا بحد ذاته يعد تحديً‏ ا يواجه التعايش السلمي في العراق.‏

وعلى وسائل اإلعام الجماهيري ترسيخ مبادئ أساسية في مشروعها

اإلتصالي الوطني من شأنها تعزيز التعايش السلمي في العراق،‏ ومنها )4)) :

حسم مسألة الهوية الوطنية العراقية مع االعتراف بالتمايز الثقافي

والحضاري للمجموعات السكانية،‏ وعلى أسس ديموقراطية جامعة

لكل العراقيين من خال بحثها بالنقاط املشتركة التي يمكن توظيفها بما

39- - أحمد جاسم مطرود،‏ دور املؤسسة اإلعالمية يف نرش ثقافة التسامح-‏ دراسة تحليلية،‏

مجلة جامعة بابل-العلوم االنسانية،املجلد ‎23‎‏،العدد‎4‎‏،‏ 2015.

- 40 أحمد جاسم مطرود،‏ املرجع السابق،‏ ص‎14‎‏.‏

40

111


يخدم هوية العراق وامكانية التعايش فيه،‏ بعد األزمات التي تعرض لها.‏

التأكد على احترام حقوق املواطن،‏ واملساواة بين الجميع أمام القانون.‏

تقديم املضمون الثقافي والفكري الذي يهدف لنشر ثقافة التسامح

والسام واملصالحة الوطنية،‏ وعلى كافة الصعد السياسية،‏ والفكرية،‏

واملجتمعية.‏

فمضمون وسائل االتصال الجماهيري هو الغذاء الروحي والفكري

والعقلي للثقافة املدنية املبنية على التعايش السلمي مع اآلخر،‏ وأداء

هذه املؤسسات في املجتمع يعد سلوكاً‏ ً مدنيا يدعم املجتمع وثقافته.‏

فاملجتمع املدني في نهاية املطاف هو وعي وثقافة وقيم ومبادئ يترجم إلى

سلوك وعمل يومي يؤمن بروح الجماعة واملصلحة العامة.‏

ميثاق اإلعالم الوطني للتعايش السلمي:‏

التزاماً‏ باملعايير املهنية واملوضوعية ونشر الحقيقة،‏ تم عقد مؤتمر

ميثاق اإلعام الوطني للتعايش السلمي(‏ برعاية لجنة متابعة وتنفيذ

املصالحة الوطنية التابعة ملكتب رئيس الوزراء وبالتعاون مع بعثة األمم

املتحدة ملساعدة العراق بتارخ 2017/9/23 في العاصمة بغداد،‏ لغرض

االتفاق على ميثاق إعام وطني يرسخ التعايش ويسهم في صناعة مرحلة

االستقرار السياسي واملجتمعي في العراق.‏ لكون هذا امليثاق مجموعة

مبادئ يتم االلتزام بها واالستناد إليها في العمل اإلعامي املتصل بالتعايش

السلمي تحديداً‏ ، ُ وي ّ شك لُ‏ هذا امليثاق قاعدة شرف ملمارسة املهنة اإلعامية

بأشكالها وأنواعها كافة ومن ضمنها اإلعام اإللكتروني والتواصلي.‏

ومن أبرز ما تضمنه ميثاق اإلعام الوطني للتعايش السلمي(‏ )4)) .

41- ميثاق اإلعالم يدعو إىل ترسيخ التسامح والتعايش بقبول اآلخر رفضاً‏ للتطرف،الزمان،‏

https://www.azzaman.com/، 2017

112


االلتزام بالقوانين وعدم محاباة الساسة وأصحاب املصالح الخاصة

واحترام حق الجمهور في الحصول على املعلومات وعدم التمييز بجميع

أشكاله وصيغه واحترام حرية الفكر واملعتقد والتعبير وتعزيز التواصل

بين املؤسسة اإلعامية والجمهور.‏

االلتزام بتحري الحقيقة ونقل الوقائع بصدقٍ‏ والتقيد بالنزاهة

املهنية والعمل بموجب مصلحة الجمهور وتغليبها على مصلحة املؤسسة

اإلعامية أو املصلحة الشخصية لإلعامي.‏

التركيز على قيمّ‏ التسامح وقبول اآلخر،‏ واالمتناع عن نشر أية مادةٍ‏

تدعم التطرف او تشجّ‏ عُ‏ على الجريمة والعنف أو خطاب الكراهية،‏ أو

تسهمُ‏ في التحريض الديني أو الطائفي او اإلثني أو املناطقي.‏

ضرورة تجنب اإلعاميين القدح والذم والتضليل اإلعامي،‏ وعليهم

أن ينشروا قيم السلم الوطني والعالمي وأن يسهموا في خلق مناخات

التسوية السياسية واملصالحة الشاملة.‏

يلتزم اإلعاميون بموجب هذا امليثاق توخي الدقة والوضوح في

املصطلحات والتعابير املستخدمة واالمتناع عن استخدام املصطلحات

الدالة على الهويات الدينية والقومية واملذهبية واإلثنية في التغطية

الصحفية،‏ واحترام الخصوصية الفردية وعدم إلحاق الضرر بالسمعة

وعدم اإلفصاح عن هويات املواطنين خافاً‏ لرغبتهم.‏

يدعو امليثاق اإلعاميين إلى اإلمتناع عن نشر الصور ومقاطع

ً

الفديو التي تسيء إلى حرمة وكرامة الضحايا أو التي قد تسبب خطرا

على الضحايا،‏ كضحايا العنف الجنسي في أثناء النزاعات املسلحة.‏

113


املبادرات اإلعالمية املقترحة لتعزيز خطاب التعايش السلمي:‏

على مستوى االستراتيجية اإلعالمية والسياسة التحريرية:‏

قدم األستاذ الدكتور ‏»كامل القيم«‏ استاذ اإلعام ورئيس قسم

اإلعام بكلية آداب جامعة بابل،‏ في مُ‏ ستَ‏ هَ‏ ل أعمال املؤتمر اإلعامي

الدولي لنقابة الصحفيين العراقيين املنعقد بتاريخ 2017/12/11-7 في

العاصمة بغداد،‏ مجموعة مبادرات مستلة من بحثه املوسوم ‏»بوصلة

الخطاب اإلعامي وترسيخ األمن الوطني«‏ وأقتضت تلك املبادرات تغيير

السياسات اإلعامية املستقبلية لبعض الوسائل اإلعامية على مستوى

اإلعام العراقي بما يخدم األمن والسلم املجتمعي بعد تحرير املناطق

التي كانت خاضعة لسيطرة قوات الداعش اإلرهابي بين عامي 2014-

2016. ومن جملة هذه املبادرات اإلعامية )4)) :

العمل على تقنين الخطاب السياسي والبرامج الحوارية والدينية التي

تنبش املاضي التاريخي والسياسي،‏ وتراعي موضوع التخوين والتشكيك(.‏

ارساء مضمون الخطاب اإلعامي للمناطق املحررة على انها مناطق

كانت أسيرة القوة والقتل واالستباحة،‏ وليست مناطق خلل وطني.‏

استثارة حمات إعامية لبناء املناطق املحررة واملساهمة امليدانية

الستكمال ملف الحياة الطبيعية.‏

صناعة برامج وأفام وحواريات ومقاالت تنمي التنمية واملواطنة

والبناء واقتدار الجميع على استقبال السام واالستقرار والتعليم.‏

صناعة الفنون الصحفية بشتى قوالبه وأنواع وسائله،‏ واالتي توحد

الخطاب وتعمل على تقليل الضرر في التنافر املناطقي واالجتماعي والفكري.‏

ضخ وتغطية االخبار والبرامج واملقابات التي تركز على جهود

ونجاحات القوات األمنية واالستخبارات فيما يتعلق بكشف الجرائم

42- د.كامل القيم،‏ بوصلة الخطاب االعالمي وترسيخ االمن الوطني،‏ بحث مقدم اىل املؤمتر

اإلعالمي الدويل لنقابة الصحفين العراقين،‏ 2017/12/11-7.

114


واجهاض الخايا النائمة،‏ كما تعمل على ارساء مضمون السام واملحبة

ووحدة البلد وتعافي اطيافه.‏

على املستوى املنهي للصحفيين واإلعالميين:‏

جاءت في إعان مبادئ االتحاد الدولي للصحفيين الخاصة بممارسة

مهنة الصحافة جملة من املبادئ األساسية واملعايير األخاقية ملهنة

ً

الصحافةو اإلعام،‏ حيث يتم تبني هذا اإلعان الدولي باعتباره مقياسا

للممارسة املهنية للصحفيين املشتغلين بجمع االخبار واملعلومات التي

تصف األحداث،‏ أو نقلها،‏ أو توزيعها،‏ أو التعليق عليها.‏ تم تبني هذا

اإلعان من قبل املؤتمر العالمي العام لاتحاد الدولي للصحفيين الذي

عقد سنة 1954، وتم تعديله في املؤتمر العام لاتحاد الذي عقد سنة

1986. وبشكل مبسط فإن هذه املبادئ هي )4)) :

احترام الحقيقة وحق الجمهور في معرفة هذه الحقيقة هي مسؤولية

الصحافي األولى.‏

على الصحفي الدفاع عن مبادئ الحرية في كل األوقات،‏ وأن يحافظ

على النزاهة في جمع األخبار ونشرها،‏ وكذلك ان يدافع عن حق االبداء

بالرأي والنقد العادلين.‏

يجب على الصحفي أن يعد التقارير بما يتوافق مع الحقائق التي

يعرف مصدرها األصلي,‏ يجب على الصحفي أن ال يخفي معلومات هامة

أو أن يقوم بتزوير الحقائق.‏

يجب على الصحفي أن يستخدم وسائل عادلة ونزيهة للحصول على

االخبار،‏ والصور،‏ والوثائق.‏

على الصحفي أن يعمل بأقصى جهده لتعديل وتصويب أية معلومات تم

43- ايدين وايت،‏ مبادرة الصحافة األخالقية،‏ االتحاد الدويل للصحفين،‏ ترجمة:‏ رجاء

عبدالعزيز،‏ وليد أبوبكر،البحرين:مطابع داراأليام،‏‎2009‎‏،‏ ص‎6‎‏.‏

115


نشرها،‏ والتي يتبين فيما بعد أنها غير دقيقة بشكل يقود إلى احداث الضرر.‏

يجب على الصحفي أن يتمسك بالسرية املهنية في كل ما يتعلق

بمصادر املعلومات التي يحصل عليها ضمن شروط عدم كشف املصدر.‏

على الصحفي ادراك الخطر الذي يمكن أن يلعبه اإلعام في نشر

التمييز والتفرقة،‏ وعليه أن يبذل كامل جهده لتجنب تقديم تسهيات

لهذا التمييز القائم على العرق،‏ والجنس،‏ التوجه الجنسي،‏ الدين،‏

الراي السياسي،‏ او اية آراء أخرى،‏ األصول الوطنية أو الدينية،‏ أو اي

نوع آخر من أنواع التمييز.‏

على الصحفي أن يعتبر مايلي جنحة أواساءة مهنية خطيرة:‏

الغش

التشويه املقصود للحقيقة

القذف والتشويه،‏ وتلطيخ السمعة،‏ االتهامات التي ال أساس لها من

الصحة.‏

قبول أي شكل من أشكال الرشوة هدفها التأثير إما في نشر مادة

صحفية أو الدفع الخفاء مادة صحفية

يجب على الصحفيين الذين يستحقون أن يطلق عليهم هذا االسم

واجب التمسك باملبادئ الواردة اعاه بإخاص.‏

)4)) ٭وفي 25 حزيران يونيو سنة 2013، وقّ‏ عت 21 مؤسسة اعامية

لبنانية بين مكتوبة ومرئية ومسموعة وإلكترونية ‏»ميثاق الشرف

االعامي لتعزيز السلم األهلي في لبنان«‏ ضمن مشروع ‏»تعزيز السلم

‎44‎٭ بإمكان الصحفين واملؤسسات اإلعالمية والجمعيات املختصة بشؤون تنمية اإلعالم

والصحافة يف العراق،‏ االستفادة من بنود هذا امليثاق اإلعالمي املتخصص بتعزيز السلم

األهي،‏ لكون وجود درجة التشابه والتجانس يف الخصائص االجتامعية ما بن البلدين لبنان

والعراق عى صعيد املكونات السكانية.‏

116


األهلي في لبنان«‏ التابع لبرنامج األمم املتحدة اإلنمائي املموّ‏ ل من االتحاد

األوروبي.‏ وتضمّ‏ ن امليثاق 18 مادة تضع خطوطاً‏ عريضة لألداء اإلعامي

املنظور من رفض للتمييز العنصري،‏ والتعامل بمهنية في التغطيات

الحية والتأكد من مصادر املعلومات مع التزام الدقة واملوضوعية.‏ وأهم

ما جاءت في مسودة هذا امليثاق والتي تخص بالتزام الصحفي واملؤسسات

اإلعامية عند تناولهم املضامين اإلعامية في نبذ التفرقة وتعزيز الوحدة

الوطنية والعيش املشترك في سياق حق االختاف واحترام الرأي في اطار

املسؤولية القائمة على املبادئ والقيم املهنية،‏ كاآلتي )4)) :

التزام العمل على تأكيد الوحدة الوطنية والعيش املشترك،‏ والتزام

احترام األديان وعدم اثارة النعرات املذهبية أو الطائفية أو التحريض

على العصيان العنفي أو ارتكاب الجرائم،‏ واالمتناع عن عبارات التحقير.‏

حرص وسائل اإلعام على رفض مبادئ التمييز العنصري،‏ واالمتناع

عن التعّ‏ رض بطريقة مباشرة أو غير مباشرة للطعن بكرامة الناس،‏

وعدم التدخل في شؤونهم الشخصية والخاصة،‏ وعدم تجريحهم.‏

العمل على ضبط إيقاع إفتتاحيّ‏ ات الصحف ومقدمات نشرات

االخبار االذاعية والتلفزيونيّ‏ ة،‏ وكذلك البرامج الحوارية لإلعام املرئي

واملسموع بشكل يحترم مبادئ العمل االعامي وأصوله وعدم بث روح

العنف والفتنة.‏

في سبيل العمل على تعزيز السلم االهلي في لبنان،‏ تسعى وسائل

االعام والعاملون لديها إلى ابراز وترويج املبادرات ومشاريع وأنشطة

يقوم بها أفراد أو جمعيات تهدف الى نبذ العنف والتفرقة وتعزيز السلم

األهلي في لبنان.‏ ويتم ذلك من خال سعي وسائل االعام الى تخصيص

مساحات واسعة لإلضاءة على ما يجمع اللبنانيين،‏ والتركيز على ما

45- ميثاق الرشف اإلعالمي لتعزيز السلم األهي يف لبنان،‏ مرشوع ممول من االتحاد

األورويب،‏ ضمن برنامج األمم املتحدة اإلمنايئ.‏‎2013‎‏.‏

117


تُ‏ جمع عليه الطوائف كافة من قيم وأخاق وإحترام الوطن.‏ وعلى وسائل

ً بارزاً‏ بمسألة اختيار الضيوف واألقام التي

االعام ان تولي إهتماما

تستقبلها يجب أن تتمتع بمستوى فكري الئق ووطني عال.‏

الحرص على أن يكون مقدم االخبار والبرامج السياسية حيادياً‏ على

درجة عالية من االحتراف وأال يظهر إنحيازه بشكل نافر أو إستفزازي،‏

وأن يمارس الرقابة الذاتية في عمله.‏

خامساً‏ : الشائعة اإللكترونية ومخاطرها على السلم املجتمعي.‏

تتراوح اإلشاعة بين كونها سلوكا نفسياً‏ مبنيا ً على حاجة اإلنسان إلى

تداول املعرفة في شكل أخبار،‏ مقترنة ببنية منظومة اإلدراكية لإلنسان

التي تتأثر بعوامل داخلية وخارجية تجعلها تفتقر إلى الدقة الكاملة،‏

وكونها عماً‏ إجراميً‏ ا يرمي إلى تشويه الحقائق وإيذاء اآلخرين،‏ وكونها

عما اختبارياً‏ تلجأ له بعض الجهات لقياس مدى االستعداد لتقبل

بعض أو كل ما ورد في الشائعة )4)) .

فاالشاعة هي جزء من الحرب النفسية،‏ وهي احدى اقوى وسائلها،‏

مثلها مثل الدعاية وغسل الدماغ وافتعال الفتن واألزمات وغير ذلك من

االساليب )4)) ‏.والشائعة اإللكترونية:‏ هي الخبر أو املوضوع أو القضية الذي

يتم تداولها من خال اإلنترنيت أو مواقع التواصل االجتماعي أو الهاتف

املحمول،‏ وتنتقي تلك الشائعة مادتها من مصادر متنوعة تختلف عن

الشائعة التقليدية من حيث املحتوى والبناء،‏ حيث يُ‏ عبر عنها بالنص

املكتوب واملنطوق والصورة والصوت والرسوم املتحركة والفيديو )4)) .

46- محمد األمن موىس،‏ شبكات التواصل االجتامعي ورقمنة اإلشاعة،‏ شبكة الجزيرة

اإلعالمية،‏ .https://www.aljazeera.net،2016

47- عبدالفتاح عبدالغني،‏ فايز كامل،‏ األبعاد النفسية واالجتامعية يف ترويج االشاعات،‏

مجلة الجامعة االسالمية،‏ م‎18‎‏،‏ العدد‎2‎‏،‏ 2010، ص‎148‎‏.‏

48- دينا عبدالعزيز صري،‏ املسؤولية الجنائية الناشئة عن اساءة استخدام مواقع التواصل

118


سمات الشائعة اإللكترونية:‏

تتسم الشائعات املتداولة عبر وسائل التواصل اإللكتروني بعدد من

السمات ((4( :

سرعة الوصول للمتلقي:‏ تنتشر الشائعة اإللكترونية في أكثر من

مكان جغرافي واحد،‏ بل يُ‏ مكن أن تتعدى حتى املجال الوطني للدولة في

حد ذاتها،‏ فاألمر ال يحتاج إال إلى ثوانٍ‏ معدودة لتجوب الشائعة اآلفاق.‏

التأثير املباشر في املتلقي:‏ إن الشائعة اإللكترونية تبقى غالباً‏ في

صورتها األولى التي قصدها مصدرها حتى تتمكن من التأثير في متلقيها

وتصديقها باستخدام أساليب متعددة كالحبكة في اإلعداد،‏ الصياغة

واإلخراج،‏ فضاً‏ عن إدخال املؤثرات املختلفة التي تعزز من إقناع

املتلقي بصحة الشائعة عبر شبكات التواصل االجتماعي.‏

تزايد أعداد املتلقين:‏ تتميز الشائعات اإللكترونية بسرعة تداولها

بين أفراد املجتمع عبر اإلنترنت،‏ بالنظر إلى املجال املفتوح لديها،‏ بحيث

يمكن لكل شخص في العالم الوصول إليها.‏

ثبات املحتوى نسبياً‏ : إن الشائعات اإللكترونية لها منحى آخر بخاف

الشائعات التقليدية املتداولة على ألسنة الناس في مجالسهم الخاصة،‏

فاملتلقي الذي يتحول إلى مُ‏ رسِ‏ ل ال يقوم سوى بدور واحد،‏ هو النسخ

واللَّ‏ صق أو اعادة التوجيه من غير تغيير في املحتوى،‏ وهو ما يجعل

الشائعة اإللكترونية تمتاز بالثبات نسبياً‏ .

ارتفاع الخسائر الناتجة عن تداول الشائعة املعلوماتية:‏ تُ‏ ّ كلف الجهات

املستهدفة بالشائعات اإللكترونية الكثير من الوقت واملال لدَّ‏ حضها،‏ كما

أنها تؤثر في مراكزهم املالية على املستوى القريب أو البعيد.‏

االجتامعي،‏ املؤمتر العلمي الرابع،‏ جامعة طنطا،‏ 2017، ص‎7‎‏.‏

49- نبيلة الرزاقي،‏ تجريم نرش وترويج الشائعات اإللكرتونية عر مواقع التواصل

االجتامعي،‏ املجلة األكادميية للبحث القانوين،‏ املجلد‎12‎‏،العدد‎1‎‏،‏ 2021، صص-‏‎375‎ 393.

119


التأثيرات االجتماعية الناجمة عن اإلشاعات اإللكترونية:‏

تُ‏ كمن مظاهر الخطورة في انتشار الشائعات على املستوى االجتماعي

بمقدار تأثيرها في وحدة املجتمع وتماسكه،‏ والترابط بين مكوناته،‏

اذ تعتبر اإلشاعة وسيلة البلبلة الفكرية والنفسية ومفتاح تغيير

االتجاهات والتصرفات والتحوير الفكري وغسل الدماغ والسيطرة على

االتجاهات الشعبية وزعزعة الوحدة الفكرية والتماسك االجتماعي وكل

ذلك يجعل الشائعة من أخطر األمراض االجتماعية واالسلحة الفتاكة

التي تهدد األفراد واملجتمع على حد سواء )5)) .

خطوات مهمة لكيفية التعامل مع االشاعات اإللكترونية )5)) :

تنتشر اإلشاعات بسرعة،‏ وكثرة الرسائل التي تصلك عن الخبر

نفسه ال تعني صحته،‏ فعليك التحقق بنفسك.‏

فكر فيما تنشر،‏ وإذا لم تكن متأكداً‏ من الخبر أو مصدره فا تقم بنشره.‏

استخدم مصادر أخرى،‏ وابحث عن مصادر أخرى للتحقق من

الخبر،‏ الخبر املوجود في أكثر من مصدر موثوق تكون نسبة الحقيقية

أعلى من غيره.‏

تستطيع التحكم بما ترى،‏ ونحذر من جهات االتصال التي تنشر

االشاعات دائماً‏ أو قم بتنبيهها.‏

إبحث عن القصص التي ال تصدق،‏ فالقصص غير املعقولة

والطبيعية غالباً‏ ما تكون خرافة ومن وحي الخيال،‏ لذا ابحث عن صحتها.‏

تحقق من أسلوب الكتابة واألخطاء اإلمائية والنحوية،‏ فكثير من

50- احمد عبدالعزيز األصفر،‏ العوامل النفسية واالجتامعية النتشار الشائعات،‏ مركز

الدراسات والبحوث-‏ جيبويت،‏ نقالً‏ عن بحث:‏ سلوى احمد،‏ نهى عبدالخالق،‏ كلية القانون

والعلوم السياسية-‏ جامعة كركوك،‏ https://law.tanta.edu.eg/faculty_conference

51- هيئة مكافحة اإلشاعات،‏ .http://norumors.net/?articles، 2020

120


اإلشاعات ال ينتبه صاحبها إلى األمور واألشياء الرسمية التي لم تحتوي

على تلك األخطاء.‏

تحقق من الصور والفيديوات،‏ الصور والفيديوات غالباً‏ ما تكون

أقرب إلى الحقيقة،‏ تحقق من عدم وجود تعديات عليها وقد تكون

الصورة صحيحة ولكن القصة حولها مفبركة فتحقق من القصة عبر

البحث.‏

تحقق من الروابط،‏ ألن أغلب اإلشاعات تكون روابطها غير موثوقة

وغير صحيحة،‏ تحقق من الروابط املوجودة مع الخبر.‏

انتبه لعامة ‏»اعادة التوجيه«‏ Forward في الواتساب،‏ إذ سيساعدك

هذا على معرفة ما إذا كان املرسل هو صاحب املحتوى األصلي أم أنه

وصل إليه من أشخاص آخرين.‏

اسأل عن القصص التي تثير غضبك،‏ فإن وصلتك رسالة أغضبك

فاسأل عن هدف إرسالها وإذا كان الهدف إغضابك فما الداعي إلى

غضاب اآلخرين.‏

أساليب مكافحة الشائعات اإللكترونية:‏

رصد الباحثان ‏»حمدان خضر«‏ و ‏»جاسم محمد شبيب«‏ في بحثهما

املوسوم:‏ ‏»طرائق مواجهة الشائعات في موقع التواصل االجتماعي

الفيس بوك«،‏ مجموعة من الطرق والوسائل واألساليب التي يجب

اتباعها والعمل بها وفق خطط معدة في مواجهة الشائعات على مواقع

التواصل االجتماعي بغية القضاء عليها،‏ وكما يأتي )5)) .

ضرورة وجود هيئة أو مركز مستقل متخصص لرصد وتحليل

52- حمدان خر،‏ جاسم محمد شبيب،‏ طرائق مواجهة الشائعات يف موقع التواصل

االجتامعي الفيس بوك،‏ مجلة الباحث اإلعالمي،‏ كلية اإلعالم-‏ جامعة بغداد،‏ م‎10‎‏،‏

العدد‎41‎‏،‏ 2018، صص 172-153.

121


الشائعات اإللكترونية واعداد الخطط املناسبة للتصدي لها.‏

ضرورة تشديد العقوبات القانونية الرادعة لكل من تسول له نفسه

بصناعة وبث الشائعات املحرضة على تقويض السلم واألمن املجتمعي.‏

من أهم دعائم مواجهة الشائعات والقضاء عليها املصداقية

والشفافية والتحقق من صحة املعلومات.‏

من طرق مواجهة الشائعات اإللكترونية السرعة في الرد على األخبار

املزيفة واملعلومات غير الصحيحة وعدم االنتظار إلى حين انتشارها.‏

التنسيق بين مؤسسات املجتمع واألجهزة األمنية واشراك املواطن

بصورة حقيقية من اساليب الرد على الشائعات ومواجهتها.‏

التوعية ألفراد ومؤسسات املجتمع من أهم أساليب الوقوف ضد

الشائعات والقضاء عليها بشكل نهائي.‏

املتابعة املستمرة لقنوات صناعة وبث الشائعات والتوعية باإلباغ

عنها من أهم طرق الحد من انتشار الشائعات في املجتمع.‏

كشف الغموض واماطة اللثام حول االحداث في الشارع العراقي من

خال التفسير املقنع باألدلة من أساليب دحض الشائعات.‏

االستعانة باملصادر الحكومية واإلعامية والشخصيات املوثوقة

للتحقق من مصداقية املنشورات واألخبار من أساليب مواجهة الشائعات.‏

االستعانة بجهات ومواقع وبرامج الكترونية للتحقق من محتوى

الشائعات من طرق القضاء عليها.‏

تشكيل فرق عمل تطوعية تتولى مهمة التوعية بأخطار الشائعات

وكيفية القضاء عليها.‏

122


خالصة املبحث:‏

إن التزام الصحفي واإلعامي والقائمين باالتصال في وسائل اإلعام

الجماهيري ‏–التقليدي والجديد-‏ بمجموعة مبادئ أخاقية،‏ يستهدف

تحقيق التوازن بين حرية الفرد ومصالح املجتمع املتلقي لتلك الوسائل،‏

التي يُ‏ سمح لها أن تؤدي وظيفتها االجتماعية بكفاءة.‏ فإن مبادئ وأسس

وسمات املسؤولية االجتماعية عند مزاولة مهنة الصحافة والعمل

اإلعامي،‏ هي بمثابة أسلوب حضاري ملواجهة القضايا والظروف

واملتغيرات السياسية،‏ واالجتماعية،‏ واالقتصادية،‏ ومن ضمنها تفعيل

األزمات والكوارث بين حين وآخر التي يواجهها النشاط اإلعامي في

مجتمعنا املعاصر،‏ وأن تبنيها من جميع األطراف املشاركة في رسم

الخريطة اإلعامية السليمة والصحية في مجتمعنا العراقي على التحديد،‏

يجعل عاقتها املتبادلة واملتداخلة مع جمهور متعدد التكوينات والفئات

االجتماعية واإلثنية،‏ أكثر فاعلية وتفاعاً‏ بما يحقق لها التوافق والتكيف.‏

وبإمكان الصحفي واإلعامي املتمرس ذوي رؤى انسانية ووطنية

أن يساهما في تحقيق التنمية واالستقرار والتعايش السلمي بين جُ‏ لُّ‏

املكونات واألطياف العراقية أينما تلتزم وتُ‏ راعي القيم واملعايير األخاقية

ملهنة الصحافة وأن يتداركا أن مهنة اإلعام من أولويات وظائفهما

املتمثلة بتعميق التماسك في البنيان االجتماعي،‏ وتوثيق الصات بين

مؤسسات الدولة والرعية،‏ كما وتُ‏ عبر عن رغبات الناس وتطلعاتهم،‏

وتعزيز االتصال الداخلي والخارجي،‏ وتسهم في تعزيز القيم السائدة في

املجتمع،‏ وفي الوقت نفسه تعمل أيضاً‏ على هدم السلوكيات واملعتقدات

السلبية للفرد واملجتمع،‏ ثم بناء قيم جديدة أخرى ترتقي بالثقافة

الوطنية ونوعيتها.‏

إن الغرض من تناول موضوع دور وسائل اإلعام في تحقيق

123


التعايش السلمي كما أشرنا إليها سَ‏ لَ‏ فا ً في متن الفصل،‏ هو مسؤولية

هذا الدور في نشر القيم الوطنية في املجتمع العراقي،‏ لذلك يجب على

كل من يَ‏ متهن هذه املهنة النبيلة،‏ أن يتجاوز حدود وظيفة نشر األخبار

ونقل األحداث والتغطيات الصحفية فقط،‏ بل ينبغي أون يأخذ بنظر

االعتبار الوظائف واملهمات الوطنية للعمل اإلعامي الذي يتمثل في

غرس الروح الوطنية في املجتمع،‏ وترسيخ مفهوم االنتماء للوطن،‏ ونشر

الوعي الحضاري واملدني بين صفوف الجماهير بما يخدم ويحفز على

الفعاليات االجتماعية املفيدة.‏

يبقى موضوع التعايش السلمي كأحد املسلمات النبيلة للعيش

املشترك من املواضيع البالغة األهمية في شأن اإلعام العراقي بكل أنواع

مُ‏ لكيته وتوجهاته االيديولوجية لكي يلعب بدوره املتعاظم واملؤثر في

ارساء معامله داخل املجتمع العراقي وتوحيد خطابه السياسي والوطني

بعد مرور من الزمن إذ توالت عليها املصائب واالبتاءات السياسية

املريرة والسيما في املناطق املحررة التي عانى سكانها من مظاهر التعصب

والعنف واالرهاب والدمار خال املرحلة املاضية،‏ فواقع الحال يُ‏ راد بنا

االلتزام باملهنية واملوضوعية والدقة في نقل الحقيقة والرسالة اإلعامية

املتوازنة إلى جمهورنا املتلقي،‏ لتفادي نزعات الفكر الطائفي واإلثني

ً

ومكافحة العنف والتعصب الذي يستهدف الوحدة الوطنية،‏ ولزاما

علينا كإعاميين وصحفيين من كل مكونات وأطياف املجتمع العراقي أن

نتأكد عند إعداد وتقديم البرامج والحوارات واملقابات اإلعامية بكافة

فنونها وأشكالها الصحفية على األسس ومبادئ التعايش السلمي،‏ لكون

وسائل اإلعام يحتل مركزاً‏ مرموقا ً في صناعة االتجاهات والرأي العام

الجماهيري،‏ ونبتعد بأقصى مستوى البعد عن التشهير والتحريض على

الكراهية واالحتقار باملكون اآلخر،‏ وأن نُ‏ فعم الرسالة االعامية بمبادئ

124


وقيم التسامح والعدالة واملساواة واملصالحة الوطنية،‏ بغية بناء

الشخصية املثالية للفرد العراقي واعادة الثقة إليها،‏ من أجل بناء البلد

وارتقائه على كافة الصُ‏ عد.‏

قائمة املراجع واملصادر

‏•ابن منظور،‏ لسان العرب،‏ دار املعرف،‏ 1993، م‎12‎‏،‏ ص‎289‎‏.‏

‏•أحمد جاسم مطرود،‏ دور املؤسسة اإلعامية في نشر ثقافة التسامح-‏ دراسة تحليلية،‏

مجلة جامعة بابل-العلوم االنسانية،املجلد ‎23‎‏،العدد‎4‎‏،‏ 2015.

‏•احمد عبدالعزيز األصفر،‏ العوامل النفسية واالجتماعية النتشار الشائعات،‏ مركز

الدراسات والبحوث-‏ جيبوتي،‏ نقاً‏ عن بحث:‏ سلوى احمد،‏ نهى عبدالخالق،‏ كلية القانون

والعلوم السياسية-‏ جامعة كركوك.‏

‏•أحمد كتاو،‏ حديث صحفي،‏ أجراها منار عزدالدين،‏ بيت اإلعام العراقي.‏

‏•اسامة مرتضى باقر السعيدي،‏ التعايش السلمي واالندماج الثقافي في العراق،‏ املؤتمر

الوطني حول االعتدال في الدين والسياسة(،‏ عقد من قبل مؤسسة النبأ للثقافة واالعام

ومركز الدراسات االستراتيجية في جامعة كرباء ومركز الفرات للتنمية والدراسات

االستراتيجية،‏‎2017‎‏.‏

‏•أشرف جال،«العاقة بين ملكية وسائل اإلعام وطبيعة ومستوى الحرية في القنوات

املصرية الحكومية والخاصة،‏ املؤتمر العلمي السنوي الحادي عشر،‏ كلية اإلعام،‏ جامعة

القاهرة . 2005

‏•أكرم فرج الربيعي،‏ الخطاب اإلعامي العراقي ملعركة املوصل،‏ مركز الجزيرة للدراسات.‏

‏•األمم املتحدة،‏ مكتب املفوض السامي،‏ اإلعان املتعلق بالتقدم االجتماعي والتنمية.‏

‏•ايدين وايت،‏ مبادرة الصحافة األخاقية،‏ االتحاد الدولي للصحفيين،‏ ترجمة:‏ رجاء

عبدالعزيز،‏ وليد أبوبكر،البحرين:مطابع داراأليام،‏‎2009‎‏.‏

‏•بوتر ديبورا،‏ دليل الصحافة املستقلة،‏ إصدار وزارة الخارجية األمريكية،‏ 2006.

‏•التعايش والتعارف في االسام،‏ مفاهيم ميسرة،‏ منظمة التعاون اإلسامي،‏ مكتبة امللك

125


فهد الوطنية للنشر،‏ 2019.

‏•ثناء محمد صالح،‏ قراءات في علم االجتماع السياسي رؤيا استشرافية،‏ بيت الحكمة،‏

بغداد،‏ 2013.

‏•حرب العراق باألرقام،‏ تقرير هيئة اإلذاعة البريطانية .BCC

‏•حسن عماد مكاوي،‏ اخاقيات العمل اإلعامي دراسة ومقارنة(،‏ القاهرة:‏ دار املصرية

اللبنانية،‏ 2003.

‏•حسني محمد نصر،‏ قوانين وأخاقيات العمل اإلعامي،‏ االمارات العربية املتحدة،‏ دار

الكتاب الجامعي،‏ 2010.

‏•حمدان خضر،‏ جاسم محمد شبيب،‏ طرائق مواجهة الشائعات في موقع التواصل

االجتماعي الفيس بوك،‏ مجلة الباحث اإلعامي،‏ كلية اإلعام-‏ جامعة بغداد،‏ م‎10‎‏،‏

العدد‎41‎‏،‏ 2018.

‏•خضر دوملي،‏ حديث صحفي،‏ أجراها منار عزالدين،‏ بيت اإلعام العراقي.‏

‏•خضر قرغولي وآخرون،‏ التعايش السلمي في العراق بين الواقع والطموح – دراسة أمنية،‏

املوسوعة الجزائرية للدراسات السياسية واالستراتيجية،‏‎2018‎‏.‏

‏•الدستور الدائم للعراق الصادر سنة 2005.

• دينا عبدالعزيز صبري،‏ املسؤولية الجنائية الناشئة عن اساءة استخدام مواقع التواصل

االجتماعي،‏ املؤتمر العلمي الرابع،‏ جامعة طنطا،‏ 2017.

‏•رائد الحامد،العراق،‏ فسيفساء الديانات والطوائف والقوميات،‏ وكالة األناضول.‏

‏•رشيد خيون،‏ األديان واملذاهب بالعراق،‏ ط‎2‎‏،‏ مشورات دار الجمل،‏‎2007‎‏.‏

‏•رشيد كهوس،‏ التعايش السلمي بين الشعوب واألديان،‏ مجلة كلية أصول الدين،‏ املغرب.‏

‏•رضا زيدان،‏ أعراق وديانات متنوعة في العراق،‏ كيف تتوزع؟ وماهي خصائصها؟،‏ شبكة

امليادين اإلعامية.‏

‏•سعد سلوم،‏ األقليات في العراق:‏ الذاكرة،‏ الهوية،‏ التحديات،‏ ط‎3‎‏،‏ مؤسسة مسارات

للتنمية الثقافية واإلعامية،‏ 2014.

‏•سعد سلوم،‏ حماية األقليات الدينية واإلثنية واللغوية في العراق،‏ الناشر:‏ جامعة كوفة،‏

126


كلية اآلداب-‏ قسم املجتمع املدني،‏ 2017.

‏•سليم كاطع علي،‏ آليات تحقيق اإلندماج الوطني والتعايش السلمي في العراق،‏ مقال

منشور في املوقع االلكتروني ملركز املستقبل للدراسات الستراتيجية،‏ بغداد.‏

‏•عبداألمير البدري،‏ العراق والتأريخ منذ القدم مكوناته وأطيافه،‏ صحيفة كتابات

األلكترونية 2021.

‏•عبدالحسين كاظم العطواني،‏ التضليل اإلعامي في بث املعلومات،‏ مجلة الباحث اإلعامي،‏

جامعة بغداد ‏–كلية اإلعام،‏ العدد‎40‎‏،‏ 2018.

‏•عبدالعزيز التويجري،‏ اإلسام والتعايش بين األديان في أفق القرن الواحد والعشرون،‏

املؤتمر الدولي العاشر للمجلس األعلى للشئون اإلسامية.‏

‏•عبدالفتاح عبدالغني،‏ فايز كمال،‏ األبعاد النفسية واالجتماعية في ترويج االشاعات،‏ مجلة

الجامعة االسامية،‏ م‎18‎‏،‏ العدد‎2‎‏،‏ 2010.

‏•عبداملجيد أحمد،‏ اإلعام والثقافة:‏ املقاربة واملباعدة في الخطاب،‏ مجلة الباحث اإلعامي،‏

العدد .2012 ،15

‏•علي جاسم السواد،‏ تحالف االعام الوطني في كتاب منهجي،‏ الحوار املتمدن.‏

‏•كامل القيم،‏ بوصلة الخطاب االعامي وترسيخ االمن الوطني،‏ بحث مقدم الى املؤتمر

اإلعامي الدولي لنقابة الصحفيين العراقيين،‏ 2017/12/11-7.

‏•ليث بدر يوسف،‏ زهراء حسين الحداد،‏ املسؤولية االجتماعية في الصحافة االلكترونية،‏

عمان،‏ دار امجد،‏ 2017.

‏•مجموعة باحثيين،‏ املجتمع العراقي-‏ حفريات سوسيولوجية في اإلثنيات والطوائف

والطبقات،‏ الطبعة األولى،‏ معهد الدراسات االستراتيجية،‏ بيروت،‏ 2006.

‏•محمد األمين موسى،‏ شبكات التواصل االجتماعي ورقمنة اإلشاعة،‏ شبكة الجزيرة

اإلعامية.‏

‏•محمد عابد الجابري،‏ قضايا في الفكر املعاصر،‏ ط‎1‎‏،‏ مركز دراسات الوحدة العربية،‏

بيروت،‏ 1997.

‏•معجم الوسيط،‏ ج‎2‎‏،‏ 646، واملنجد في اللغة،‏ مادة عيش(.‏

127


‏•من هم الكاكائيون،‏ شبكة الشرق األوسط لإلرسال الحرة(.‏

املوسوعة الجامعية عَ‏ يش،‏ ت

َ عاي ُ ش(.‏

‏•مي عبدهللا،‏ االتصال والديقراطية،‏ الطبعة األولى،‏ بيروت،‏ دار النهضة العربية،‏ 2005

‏•ميثاق اإلعام يدعو إلى ترسيخ التسامح والتعايش بقبول اآلخر رفضاً‏ للتطرف،الزمان.‏

‏•ميثاق الشرف اإلعامي لتعزيز السلم األهلي في لبنان،‏ مشروع ممول من االتحاد األوروبي،‏

ضمن برنامج األمم املتحدة اإلنمائي.‏‎2013‎‏.‏

‏•نبيلة الرزاقي،‏ تجريم نشر وترويج الشائعات اإللكترونية عبر مواقع التواصل االجتماعي،‏

املجلة األكاديمية للبحث القانوني،‏ املجلد‎12‎‏،العدد‎1‎‏،‏ 2021.

‏•هيئة مكافحة اإلشاعات،‏‎2020‎‏.‏

‏•وزارة التخطيط,‏ الجهاز املركزي لإلحصاء.‏

‏•وليد سالم محمد،‏ تعايش الثقافات وتكوين الهوية،‏ ندوة سبل تعزيز التعايش السلمي

والثقافة الوطنية في العراق،‏ كلية العلوم السياسية،‏ جامعة بغداد،‏ 2013.

Ben& Matamoros, Hate Speech and Covert Discriminationon Social Media,•

International Journal of Communication 102016), pp1167–1193, https://ijoc.

Cambridge Business English Dictionary 2019) Copyright © Cambridge•

.University

org

Press

Collins English Dictionary 2019), Copyright © HarperCollins Publishers•

Hannah Fischer, Iraqi Civilian Death Estimates , Washington, D.C.: Congressional•

.,Research Service, RS22537, August 27, 2008

128


الفصل الثالث

خطاب الكراهية في االعالم العراقي

وسبل الحد منه

د.‏ سامان فوزي عمر

استاذ في جامعة التنمية البشرية

اقليم كوردستان-‏ العراق

ورقة مكتوبة بطلب من منظمة التنمية املدنية ضمن برنامج تدريب

الصحفيين في العراق

سنة 2022

129


املحتويات

املقدمة:‏

1: في معنى خطاب الكراهية

1-1: مفهوم خطاب الكراهية

1-1-1: تعريف خطاب الكراهية

2-1-1: خصائص خطاب الكراهية

‎2-1‎‏:العاقة بين خطاب الكراهية و حرية التعبير

1-2-1: التشابه بين خطاب الكراهية وحرية التعبير

2-2-1: التمييز بين خطاب الكراهية وحرية التعبير

2: املسوؤلية عن نشر خطاب الكراهية

1-2: املسؤولية االخاقية عن نشر خطاب الكراهية

1-1-2: منع خطاب الكراهية في مواثيق العاملية املتعلقة بحرية االعام

2-1-2: منع خطاب الكراهية في مواثيق االعام العراقية

2-2: املسؤولية القانونية عن نشر خطاب الكراهية

1-2-2: خطاب الكراهية في قانون العقوبات العراقي

2-2-2: خطاب الكراهية في قوانين الصحافة واالعام

3: سبل الحد من خطاب الكراهية في االعام العراقي

1-3: دور املؤسسات التعليمية واالكاديمية للحد من خطاب الكراهية

2-3: دور املنظمات الدولية واملحلية للحد من خطاب الكراهية

3-3: دور وسائل االعام للحد من خطاب الكراهية

الخاتمة:‏

قائمة املصادر:‏

130


ُ

املقدمة:‏

في يومنا الحالي ازداد نشر الخطابات التي تثير الكراهية بين أفراد

ً

املجتمع الى حد التحريض الستعمال العنف ومحو الغير،‏ وخصوصا

نحن اليوم في عصر تكنولوجيا االتصاالت الحديثة الذي بات بمقدور

الجميع ان يعبر عن آرائه بحرية وينشرها للجميع بوسائل شتى سواءاً‏ عن

طريق وسائل االعام املألوفة أو عن طريق وسائل التواصل االجتماعية

كالفيسبوك و التويتر،‏ بل ان البعض وجد في تلك القنوات االتصاالتية

وسيلة للتعبير عما كان يكمنه في داخله من الكره والبغض تجاه بعض

الجماعات والطوائف القومية أو الدينية أو االثنية أو الفكرية..الخ.‏

واذا كان البعض يرى في التعبير عن تلك الخطابات املتضمنة

للكراهية تجاه الغير ممارسة لحرية االعام والتعبير عن الرأي!‏ فإن

االغلبية تخالف ذلك وترى أن تلك الخطابات املثيرة للكراهية والتمييز

العنصري ال تدخل ضمن حدود حرية التعبير عن الرأي الن من شأنها

االضرار بالنظام العام.‏ ذلك ألن من شأن هذه الخطابات ان تؤدي الى

تفشي العنف في املجتمع،‏ في حين ان من واجب الدولة أحال السام

والوئام في املجتمع و عدم السماح ألحد بالتطاول على حقوق وحريات

الغير بحجة التعبير عن الرأي.‏

فاالنسان-‏ الذي هو كائن اجتماعي-‏ مادام اليمكنه العيش بمفرده

خارج املجتمع،‏ ومادام قد ارتضى العيش في املجتمع يجب عليه ان

يحترم حقوق االخرين.‏ فاذا كان له كامل الحق في حرية معتقده و وصل

االمر به الى كره الغير و الجماعات والطوائف االخرى،‏ فليس له الحق

ان يعبر عن معتقده هذا بكامل الحرية اذا كان في ذلك إضرار بالغير

131


واملجتمع.‏ ذلك ألن القانون عندما يعترف بحقوق االفراد و يكفل حمايتها

انما يقوم بذلك لتحقيق اهداف وغايات اجتماعية وغيرها من الغايات

السياسية واالقتصادية.‏

وعلى و َ فق املقولة الشهيرة التي تقول:‏ إن حدود حقوق اي شخص

تنتهي عند حدود حقوق االخرين.‏ فأالفراد في املجتمع ليس لديهم الحق

في ايذاء الغير واإلضرار باملجتمع،‏ وهذا ما يفرض عليهم عند ممارسة

حقوقهم االخذ بنظر االعتبار احترام حقوق غيرهم كحقهم في السمعة

والكرامة و عدم تعرضهم لألهانة و التشهير والعنف وحتى عدم تعرضهم

ملا يؤدي الى جرح مشاعرهم او خدش شعورهم دون وجه حق.‏

لذلك تبحث هذه الورقة املكتوبة في هذا املوضوع الشائك واملعقد

وهو موضوع خطاب الكراهية الذي بات اليوم يهدد األمن والسلم

الداخلي والدولي أكثر من أي يوم آخر بسبب ازدياد وسائل األعام

واألتصاالت التقليدية والحديثة والنشارها بصورة سريعة بين عموم

افراد املجتمع.‏ وخصوصاً‏ ان الكثير من مستخدمي الوسائل االتصاالت

الحديثة لم تصل درجة وعيهم وثقافتهم الى استخدم تلك الوسائل

ألغراض ايجابية،‏ بل انهم يستخدمونها ملا يدور في مخيلتهم من مشاعر

الكره واملقت دون وجود أية بوابة تمنع ذلك أو أية رقابة ذاتية لديهم في

تقدير حقوق االخرين واملصالح العليا للمجتمع.‏

واذا بات هذا املوضوع محل اهتمام أكثرية الدول ومنظمات املجتمع

الدولي أكثر من اي وقت آخر بصورة تتجه اليوم اكثرية الدول الى منع

خطاب الكراهية سواءً‏ كان ذلك عن طريق تعديل القوانين القديمة

وادخال جرائم الكراهية ضمن قانون العقوبات أم باصدار تشريعات

خاصة لتحديد الحدود القانونية لجرائم الكراهية بهدف الحد منها

دون ان يتجاوز ذلك الى حدود حرية التعبير عن الرأي املحمية بالقانون

132


ايضاً‏ . علما ً ان املجتمع العراقي أكثر من اي مجتمع آخر بحاجة الى

االهتمام بموضوع خطاب الكراهية،‏ ذلك ألن العراق متكون من عدة

أعراق وقوميات كالعرب والكورد والتركمان و الكلدان وغيرها وكذلك من

عدة أديان و مذاهب دينية كالسنة والشيعة و اليزيديين و املسيحيين

والزردشتيين ‏..الخ وهذه املكونات لم تكن في املاضي على وئام بينهما

بسبب السياسات الخاطئة لقادة السياسين والحكام،‏ وقد اثرت

الخافات السياسية في تلك املكونات ايضاً‏ ونشبت عدة حروب وأعمال

عنف بينهما.‏ وهذا ما يفرض على االعام واالعاميين ان يكونوا حذرين

لكي ال يشتعل فتيل االزمة بين تلك املكونات والطوائف.هذا من جانب

ومن جانب آخر فإن مؤسسات الدولة العراقية لم تثبت اقدامها الى

حد االن،‏ فالدولة ماتزال غير قوية في الداخل وماتزال هنالك الكام

بخصوص تقسيم وتجزئة هذه الدولة،‏ والتحديات الكبيرة فيما يخص

مسار الديمقراطية مستمرة فيها،‏ ألن الديمقراطية ال تعني حكم

االكثرية فقط بل تعني احترام حقوق االقلية واملكونات االخرى ايضاً‏ ،

فالعراق اليوم بأمس الحاجة الى الديمقراطية للحفاظ على كيانه وكل

انحراف آخر في مسار الديمقراطية كما حدث في املاضي سوف يعرض

وحدة العراق للخطر و تنشب املعارك مرة آخرى،‏ لذلك تعد حرية الراي

والتعبير من اهم الحريات التي يجب ان نضمنها لكي تعبر املكونات عن

تطلعاتها و تعلن عن ماحظاتها و انتقاداتها لكي ال تنحرف السلطة

السياسية في العراق مرة اخرى.‏

لقد حاولنا قدر املستطاع ان نبين الحدود الفاصلة لخطاب

الكراهية مع حرية التعبير عن الرأي حتى يستطيع االعاميون ان

يتجنبوا نشر ما يؤدي الى خطاب الكراهية،‏ وذلك ببيان معنى خطاب

الكراهية و أهم نقاط اختافه مع حرية التعبير عن الرأي مستعيناً‏ في

133


َ

كل ذلك بالنصوص القانونية ذات الصلة باملوضوع واملعايير الدولية،‏

ومسترشداً‏ بكثير من االمثلة الواقعية ملا تم نشره في وسائل اإلعام

املختلفة وخصوصاً‏ وسائل االعام العراقية من املواضيع املخلة

بالقانون لتضمنها ما يؤدي الى نشر الكراهية والتحريض على العنف.‏

1: في معنى خطاب الكراهية

نتناول في هذا القسم من ورقتنا عن معنى خطاب الكراهية،‏ وذلك

ببيان مفهومه بواسطة تعريفه و بيان خصائصه و من ثم نوضح عاقة

مصطلح خطاب الكراهية مع حرية تعبير الرأي وهل يعدان متكاملين أو

متعارضين لألخر،‏ وذلك وفق التقسيم اآلتي:‏

1-1: مفهوم خطاب الكراهية

لبيان مفهوم أي مصطلح يفترض في البداية ان نقف عند تعريف

ذلك املصطلح تعريفاً‏ ً لغويا و ً اصطاحيا ، ثم نبين خصائصه املميزة عن

املصطلحات املتشابهة منها.‏

1-1-1: تعريف خطاب الكراهية

جاءت كلمة الكراهية من مفردة ك َ رِه و كَ‏ رهاً‏ وكُ‏ رهاً‏ وكراهة ومكرهَ‏

رِهَ‏ الشيءَ‏ : مقته ولم يحبه،‏

ُ ومك رَهةً‏ الشيء:‏ ضد أحبه فهو كارِهُ‏ ، وكً‏

أبغضه،‏ نفر منه ))) . فمن لم يستطع تحمل شخص أو أمر أو عمل معين

فهذا يعني بأنه اليطيقه و يبغضه اي أنه يكرهه.‏ وتُ‏ ُ عرّف الكراهية في

معاجم علم النفس بأنها:‏ اتجاه بغض شديد يشمل الغضب وسوء

ةً‏ ،

- 1 املنجد يف اللغة واالعالم ، دار املرشق،‏ بروت-لبنان،‏ الطبعة الرابعة والعرشون،‏

1986، ص‎682‎‏،‏ وكذلك ابو الفضل جامل الدين محمد بن منظور،‏ لسان العرب،‏

املجلد الثالث،‏ بروت-لبنان،‏ 2015، ص‎1228‎

134


القصد والرغبة في ايقاع االذى بموضوع الكراهية ))) ، أو هي احساس

بشري سلبي موجه الى ظواهر متعارضة مع حاجات الفرد ومعتقداته

وقيمه ))) . وبحسب مبادىء)كامدن(‏ فمفهوم الكراهية يشير الى مشاعر

قوية وغير عقانية من االزدراء والعداء أو البغض تجاه املجموعة

املستهدفة ( (( .

أما كلمة الخطاب فنقصد بها التعبير عمّ‏ ا يدور في مخيلة الشخص

و اظهاره الى الغير بشكل مكتوب أو مسموع أو أية طريقة اخرى.‏

فالذي يجعل من الكراهية جريمة من الجرائم هو الخطاب الذي

يعلنها للعامة ، وإال فأن مجرد الشعور بالكراهية نحو شخص من

االشخاص أو مجموعة من املجموعات أو نحو امر أو ‏شيء معين هو

مسألة شخصية تدخل ضمن نطاق الحرية الشخصية و حرية املعتقد.‏

لذلك البد لنا ان نميّز بين الكراهية كشعور شخصي لافراد،‏ وخطاب

الكراهية الذي يؤثر سلباً‏ في املجتمع ومصالحه العليا ومن ثم يحرمه

املواثيق الدولية والقوانين.‏

و فيما يخص معنى خطاب الكراهية وتعريفه،‏ فانه من الصعب

ان نجد تعريفاً‏ ً جامعا ً ومانعا له وذلك لعاقة وثيقة بينه و بين حرية

التعبير التي يدافع عنها الكثيرون و تكفل الدساتيرو املعاهدات الدولية

حمايتها.‏ لذلك تتجنب أغلب املنظمات الدولية وضع تعريف لخطاب

- 2 كامل دسوقي،‏ ذخرة تعريفات مصطلحات علوم النفس،‏ املجلد االول،‏ مطبعة االهرام،‏

مرص،‏ 1988، ص‎626‎

- 3 برتوفسي.ف و ياروشفيسكيم.ج،‏ معجم علم النفس املعارص،‏ ترجمة:‏ حمدي

عبدالجواد و عبدالسالم روضان،‏ دار العلم الجديد،‏ القاهرة-مرص،‏ 1996، ص‎537‎

- 4 هي مجموعة من املبادىء التي وضعت من قبل مجموعة من الخراء تحت

ارشاف منظمة«املادة‎19‎‏«‏ لحرية التعبر عن الرأي.‏ واملتاح عى العنوان االلكرتوين

اآليت:‏ https://www.article19.org/data/files/pdfs/standards/camden-principles-

arabic.pdf

135


الكراهية بل تعمل على بيان املضامين التي تدخل ضمن مفهوم خطاب

الكراهية.‏ ولكن مع صعوبة تعريف خطاب الكراهية هنالك بعض

املحاوالت لتعريفه أو على االقل للتعارف به حتى وإن كان ذلك التعريف

تنقصه الدقة ايضاً‏ .

فهنالك من يرى ان خطاب الكراهية يعني:‏ كل نوع من الحديث

يتضمن ً هجوما أو تحريضاً‏ أو انتقاصاً‏ أو تحقيراً‏ من شخص أو جمعاً‏

من االشخاص بسبب كونهم حملهم صفة انسانية مميزة كالعرق أو

الدين أو النوع االجتماعي،‏ وعادة يستخدم هذا الكام أو يتطور ليرسخ

وينشأ دعوة الى الكراهية والتمييز ضد حاملي تلك الصفات،‏ و قد

ينشر لتؤصل ممارسات تمييزية في مجتمع صغير كالقرية أو املدرسة،‏

وقد تتسع تماماً‏ لتضم ً شعوبا أو ً أعراقا كاملة أو عقيدة دينية بكل

متبعيها ))) . وهنالك من يعرف خطاب الكراهية بأنه:)‏ كل خطاب يسىء أو

يهدد أو يهين مجموعات على أساس العرق أو اللون أو الدين او األصل

القومي أو التوجه الجنسي أو صفات أخرى(‏ ))) . في حين يعرفه البعض

االخر بأنه:)‏ كل خطاب يمس وينتهك حقوق اآلخرين يكون مبنياً‏ على

اساس التحريض والتمييز بسبب العرق أو الجنس أو الدين أو االنتماء

السياسي أو الفكري(‏ ))) .

- 5 د.‏ اياد خلف محمد و سعد نارص حميد،‏ جرمية إثارة الكراهية-‏ بن اشكالية

تأويل النصوص القرآنية وفاعلية الترشيعات الوطنية،‏ بحث منشور يف مجلة العلوم

القانونية،‏ كلية القانون بجامعة بغداد،‏ العدد الثاين،‏ العراق،‏ 2018، ص‎327‎

- 6 أركان هادي عباس البدري،‏ خطاب الكراهية يف نطاث القانون الدويل الجنايئ،‏

مجلة العلوم القانونية والسياسية،‏ كلية القانون والعلوم السياسية،‏ جامعة دياىل،‏

العراق،‏ املجلد الثاين،‏ 2019، ص‎487‎ واملشار عند:‏ د.‏ وايف حاجة،‏ خطاب الكراهية بن

حرية التعبر والتجريم،-‏ دراسة من منظور أحكام القانون والقضاء الدولين،‏ املجلة

القانونية للبحوث القانونية والسياسية،‏ املجلد 4، العدد‎1‎‏،‏ ص‎70‎ واملتاح عى العنوان

االلكرتوين اآليت:‏ https://www.asjp.cerist.dz/en/article/114980

- 7 د.‏ وايف حاجة،‏ املصدر السابق،‏ ص‎70‎

136


وفي كل هذه التعريفات نرى انهم يؤكدون انّ‏ خطاب الكراهية يحمل

معاني للتعبير عن الكراهية ضد مجموعة ما من املرجح أن تتسبب

بإثارة العنف املتبادل.‏

ولعل أول تعريف أمريكي لخطاب الكراهية صدر في الواليات

املتحدة سنة 1993 ضمن قانون ‏»االتصاالت السلكية والاسلكية

وإدارة املعلومات«،الذي أصدره الكونغرس األمريكي،‏ وعرّف خطاب

الكراهية فيه بأنه:‏ الخطاب الذي يدعو إلى أعمال العنف أو جرائم

كراهية،‏ وهذا الخطاب يخلق مناخا من الكراهية واألحكام املسبقة التي

قد تتحول إلى تشجيع ارتكاب جرائم الكراهية ))) .

أما ‏)مدونة السلوك ملكافحة خطاب الكراهية غير القانوني على

شبكة االنترنيت(‏ فوصفته بأنه:‏ كل سلوك يحرض علناً‏ على العنف أو

ً

الكراهية املوجهة ضد مجموعة من االشخاص أو أحد األفراد،‏ استنادا

الى العرق أو اللون أو الدين أو النسب واالصل القومي أو االثني..الخ

بأوصاف محرضة على العنف والكراهية والتمييز والعنصرية والتعصب

والقتل موظفاً‏ قوالب يضع بها الجماعات املستهدفة ليضعها ضمن

صورة نمطية سلبية عبر اختزالها و شخصنتها بمواضع معينة ))) .

وخال اإلبادة الجماعية في رواندا عام 1994 اضطلعت وسائط

االعام بدور رئيسي في دعم الكراهية اإلثنية والعنف والتحريض عليهما

- 8 د.‏ شيامء الهواري،‏ مفهوم خطاب الكراهية يف الرشعية الدولية،‏ موقع مركز عدل

لحقوق االنسان،‏ 2019، موضوع متاح عى العنوان االلكرتوين االيت:‏ https://adelhr.

org/portal/5637

- 9 د.‏ برق حسن جمعة الربيعي،‏ دور مواقع التواصل االجتامعي يف بناء

خطاب الكراهية،‏ بحث مقد اىل املؤمتر الدويل حول خطاب الكراهية وأثره يف

التعايش املجتمعي والسلمن اإلقليمي والدويل بجامعة صالح الدين يف أربيل-‏

أقليم كوردستان-العراق،‏ ص‎7‎‏.‏ واملنشور عى العنوان االلكرتوين األيت:‏ https://doi.

org/10.31972/dhiscrip19.008

137


ضد السكان من التوتسي ومن الهوتو املعتدلين،‏ فقد بثت بعض

الصحف الكراهية ضد التوتسي اذ نشرت مقاالت و رسوماً‏ كاريكاتيرية

هاجمت فيها التوتسي و وصلت املحطات األذاعية الى جمهور اوسع،‏

اذ قامت بدور اساسي في نقل الدعاية املتسمة بالكراهية والتحريض

على العنف.‏ وقامت بعض االذاعات بالتحريض على املذابح وتوجييها،‏

وقد نعتت بعض تلك القنوات االعامية التوتسيين ب«الصراصير«‏

واصدرت تعليمات بقتلهم وقُ‏ تل ما يقرب من مليون شخص )1)) . وخال

محاكمة بعض من االعاميين في املحكمة الجنائية الدولية لقضية

االبادة الجماعية في رواندا نجد ان هذه املحكمة قد حاولت اعطاء

تعريف لخطاب الكراهية بقولها:)‏ إن خطاب الكراهية هو شكل من

أشكال العدوان التمييزي الهادف الى تدمير كرامة اإلنسان و مهاجمة

املجموعة(‏ ((1( .

أما في نطاق املنظمات الدولية فنجد ان مجلس أوروبا قد حاول

بدوره ايضاً‏ أعطاء تعريف لخطاب الكراهية وذلك في الدليل الذي

اصدره باسم ‏»دليل خطاب الكراهية«‏ لعام 1999 بقوله:)خطاب

الكراهية هو كل خطاب يشتمل على تعابير وافعال موجهة للتحريض

والتشجيع أو التبرير للكراهية العنصرية أو العرقية(‏ )1)) .

وقد يصل خطاب الكراهية الى تحريض االخرين و حملهم على ما

يؤمن به الكاره في كرهه لاخرين.‏ والتحريض في حد ذاته يشكل جريمة

- 10 تقرير املقررة الخاصة املعنية بقضايا االقليات-‏ ريتا ايجاك،‏ املرقم 64/HRC/28/

A، يف دورة الثامنة والعرشون يف مجلس حقوق االنسان الجمعية العامة لألمم

املتحدة ببتاريخ 2015-1-5، ص‎10‎

- 11 املشار اليه عند:‏ د.‏ وايف حاجة ، مصدر سابق،‏ ص‎70‎

Anne Weber ,Manual on hate speech, Council of Europe publishing, - 12

september2009,P3

http://icm.sk/subory/Manual_on_hate_speech.pdf

138


جنائية . فهو ايعاز يتضمن خلق التصميم على ارتكاب جريمة لدى

شخص آخر بنية دفعه الى تنفيذها،‏ أو مجرد محاولة خلق التصميم

عنده،‏ ويعد املحرض هو كل من شجع أو دفع أو أرهب أو حاول على

تشجيع أو دفع أو أرهاب شخص و بأي وسيلة كانت على ارتكاب

الجريمة )1)) . والتحريض على الكراهية يعرف بانه:‏ هو ذلك الكام الذي

يثير مشاعر الكره نحو مكون أو أكثر من مكونات املجتمع ألسباب

معينة،‏ وينادي ضمناً‏ بإقصاء أفراده بالطرد أو الفناء أو بتقليص

حقوقهم وحرياتهم ومعامعلتهم كمواطنين من درجة أقل وتكون هذه

املجموعات من الضعفاء و األقليات )1)) .

ويجري عادة البحث عن الكراهية من حيث اسبابها )1)) ومضمونهما

ضمن علمي النفس واالجتماع،‏ النها من جانب تتعلق باملشاعر

االنسانية ومن جانب آخر تتعلق بثقافة االنسان والقيم االجتماعية

التي يؤمن بها.‏ ولكن اذا ما وصل األمر في خطاب الكراهية الى التحريض

على كراهية الغير ونبذه فانذاك يدخل ضمن علم القانون ايضاَ‏ . ألن

االنسان مادام يعيش في املجتمع يجب أن يلتزم بالحدود التي يضعها له

ذلك املجتمع عن طريق القوانين وذلك لحماية حقوق الغير وحرياته.‏

فمثاً‏ بحسب تصنيف«سوفا«‏ للكراهية فانها تقع في ثاثة مستويات

- 13 د.‏ يارس محمد اللمعي،‏ جرمية التحريض عى العنف بن حرية الرأي و خطاب

الكراهية-‏ دراسة تحليلة مقارنة،‏ مجلة كلية القانون بجامعة طنطا،‏ مرص،‏‎2014‎‏،‏

ص‎15-14‎‏،بحث متاح عى العنوان االلكرتوين االيت:‏ https://law.tanta.edu.eg/files/

Conf.pdf

- 14 نقالً‏ عن:‏ د.‏ برق حسن جمعة الربيعي ، مصدر سابق،‏ ص‎7‎

- 15 اسباب نشوءالكراهية لدى البعض كثرة منها:‏ الفهم الخاطىء للتاريخ،‏ الفهم

الخاطىء لالديان،‏ اظهار الذات،‏ عقدة الفشل و عدم امكان منافسة االخر،‏ رد فعل

لالحداث التاريخية.‏ الرتبية واملعلومات الخاطئة واملزيفة وخصوصاً‏ تلك التي تنرش

عن طريق االعالم.‏

139


مختلفة )1)) ، ولكن من الضروري ان نعلم في أي من هذه املستويات يدخل

خطاب الكراهية فى تشكيل الجريمة ويحاسب عليه القانون،‏ وهذه

املستويات هي:‏

املستوى القوي،‏ و من امثلته:‏

- الدعوة الى العنف

- الدعوة الى التمييز العنصري

- الدعوة الى عدم قبول السام

املستوى املتوسط،‏ ومن امثلته:‏

- تبرير تاريخي لوقائع العنف والتمييز

- التشكيك بوقائع تاريخية إلحداث عنف أو تفرقة أو تمييز

- الحديث عن جرائم دينية أو اثنية لجماعة اخرى

- اتهامات للتأثير السلبي لشخص أو جماعة دينية أو عرقية في

املجتمع والدولة

املستوى الناعم الخفيف،‏ ومن امثلته:‏

- خلق صورة سلبية عن جماعة دينية أو اثنية عبر نشر تصريحات

بشأن عدم ماءمة أو عدم كفاءة جماعة ما

- تصريحات بشأن عيوب اخاقية ملجموعة دينية

- االشارة الى مجموعة عرقية أو دينية على نحو مهين أو في سياق

اقتباسات من خطاب الكراهية ونصوص دون التعليق عليها

وبعد كل ما عرضناه من التعريفات الفقهية والقضائية والجهات

- 16 نقالً‏ عن:‏ د.‏ إرادة زيدان الجبوري،‏ خطاب الكراهية يف وسائل اإلعالم العراقية،‏ مجلة

آداب الفراهيدي،‏ العدد 36، كانون الثاين 2019، ص‎384‎‏.‏ وكذلك:‏ د.‏ برق حسن جمعة

الربيعي ، مصدر سابق،‏ ص‎8‎

140


ُ

ُ

الرسمية نستطيع ان نقول ان خطاب الكراهية:)هو كل تعبير قولي أو

فعلي يبرر الكراهية والبغض تجاه االخرين ويشجعها على اساس التمييز

العنصري بسبب العرق أو الجنس أو الدين أو الفكر(.‏

2-1-1: خصائص خطاب الكراهية

يتسم خطاب الكراهية ببعض خصائص مميزة له،‏ ومن اهم هذه

الخصائص:‏

أوالً:‏ العانية

ان خطاب الكراهية ينشأ عادة باالعان عما يكنه شخص من

شعور الك ره و البُ‏ غض تجاه االخرين.‏ اي ان مجرد شعور بالكراهية تجاه

األشخاص أو مجموعة من االشخاص ال يشكل مشكلة قانونية مادام

املُكرِه لم يعلنه للعلن سواء كان ذلك بالقول أو الفعل.‏ اي ان الجرائم

التي يشكلها خطاب الكراهية هي من جرائم الراي والنشر.‏

ثانياً‏ : الشمولية

ان خطاب الكراهية مصطلح عام اذ يدخل في طياته ما يعد من

الجرائم القانونية كالتحريض إلرتكاب الجرائم و التهديد بامن الدولة

‏..الخ ويدخل في طياته ايضاً‏ ما يعد من املخالفات االخاقية للصحفي

دون ان يصل االمر الى تشكيل جريمة من الجرائم.‏

ثالثاً‏ : العاملية

ان املنظمات الدولية تهتم بمحاربة خطاب الكراهية ألن له ُ ب عداً‏

دولياً‏ ، ذلك الن الجرائم التي من املمكن ان تنشأ عن خطاب الكراهية قد

يعبر أحياناً‏ حدود الدولة ويكون لها تأثير في الدول االخرى.‏ فهي ليست

كجريمة القتل العادية أو جريمة السرقة أو التزوير وكذلك ليست

كجريمة التشهير و انتهاك الخصوصية فهذه الجرائم االخيرة تعد عادة

141


من الجرائم الوطنية ويكون لها تاثير في نطاق دولة واحدة و تتم معالجتها

عادةً‏ على مستوى دولة واحدة.‏ في حين ان خطاب الكراهية يكون عادة له

بعد دولي ألن آثاره ال تقتصر على نطاق دولة معينة.‏ فمثاً‏ ان استعمال

خطاب الكراهية ضد مكون عرقي أو ضد مذهب دين معين قد ال يقتصر

على افراد هذا العرق أو املذهب في نطاق الدولة التي يقيم الكاره فيها بل

يتجاوز ذلك ألن أفراد هذا العرق و اتباع ذلك املذهب قد يكونوا منشرين

في الدول االخرى ولذلك يؤثر سلباً‏ في االمن والسلم الدوليين.‏

2-1: العالقة بين خطاب الكراهية و حرية التعبير

هنالك تقارب وتشابه كبير بين خطاب الكراهية و حرية التعبير

عن الرأي الى حد قد اليستطيع الكثيرون التمييز بينهما رغم اعتراضهم

على األول وممانعتهم له و تأييدهم للثاني.‏ وبسبب هذا التشابه الكبير

فقد أصبح البعض ينأى بنفسه عن وضع تعريفٍ‏ جامع ومانع لخطاب

الكراهية خوفاً‏ من أن يشمل التعريف املواضيع الداخلة ضمن حدود

حرية التعبير عن الراي.‏ اال اننا نرى أنه مع التشابه الكبير بين خطاب

الكراهية وحرية التعبير فهناك أختافات كثيرة بينهما ايضاً‏ بصورة

يمكن للباحثين و املختصين أن يميّزوا بينهما بسهولة.‏

لذلك سوف نحاول فيما يأتي ان نبين أهم نقاط التشابه واالختاف

بين خطاب الكراهية و حرية التعبير عن الرأي،‏ وكاآلتي:‏

1-2-1: التشابه بين خطاب الكراهية وحرية التعبير

تتشابه خطاب الكراهية و حرية التعبير عن الرأي في بعض االمور

التي من أهمها:‏

أوالً:‏ ان ً كا من خطاب الكراهية و حرية التعبير يتعلق بالتعبير عما

142


يدور في مخيلة الشخص عن االحداث و األفراد والجماعات،‏ اي يتعلق

بالتعبير عن معتقد الشخص.‏

ثانياً‏ : اذا كان خطاب الكراهية يقوم في األصل على اظهار الجوانب

السلبية لبعض األفراد والجماعات،‏ فأن حرية الراي تقوم على ذلك

ايضاً‏ ‏،اذ ان حرية النقد هي جوهر حرية الرأي.‏ وليست حرية الرأي إال

بياناً‏ للجوانب السلبية لآلخرين،‏ واعان ذلك النقد في الوسائل االعامية

د ويؤثر فيه.‏ في حين ان القانون يحمي حرية التعبير والنقد

يضر َ باملنت قَ‏

وال يحمي خطاب الكراهية غالباً‏ .

ثالثاً‏ : ان ً كا من خطاب العانية وحرية الرأي يتم عادة نشره للعامة

بطرق عانية والسيما عن طريق االعام.‏

2-2-1: التمييز بين خطاب الكراهية وحرية التعبير

يتميز خطاب الكراهية عن حرية التعبير عن الرأي في بعض

االمور،‏ وقد ذكرت منظمة املادة«‏‎19‎‏«‏ من العهد الدولي للحقوق املدنية

والسياسية لعام 1966 بعضها عند الكام عن وضع معايير التمييز بين

تحريض املحظور و حرية التعبير عن الرأي املعروف بمبادىء«كامدن«‏ )1)) ،

ومن أهم تلك االمور:‏

أوالً:‏ سياق الخطاب

للتفرقة بين الخطاب الذي يدخل في نطاق حرية التعبير والخطاب

الذي يدخل ضمن خطاب الكراهية،‏ يجب الرجوع الى السياق الذي

جاء فيه الخطاب وهو يتضمن املحيط االجتماعي أو السياسي الى جانب

ارتباطه بصراعات قائمة أو صراعات سبقتها اعمال العنف.‏

فمثاً‏ في الدول التي لها ماضٍ‏ من الحروب الداخلية بين طوائفها

الدينية او املذهبية أو العرقية املختلفة يجب ان نحذر من خطابات

- 17 للمزيد حول ذلك املبادىء ينظر:‏ د.‏ أياد خلف محمد و سعد نارص حميد ، مصدر

سابق،‏ ص‎330-329‎

143


الكراهية الى أبعد حد،‏ ألن من شأن بعض تلك الخطابات ان تثير رغبة

االنتقام و ارتكاب العنف لدى تلك الطوائف.‏

ثانياً‏ : قائل الخطاب أو املتحكم في انتشاره

ملعرفة التفريق بين حرية التعبيرعن الرأي التي تعد مباحة و خطاب

الكراهية التي تشكل عادة جرائم قانونية،‏ يجب الرجوع الى معرفة قائل

الخطاب أو املتحكم في انتشاره،اذ اليمكن ألي خطاب أن يبلغ مداه

في التحريض نحو العنف و ارتكاب الجرائم ما لم يكن قائله ذا سلطة

مؤثرة ومنزلة مهمة في املجتمع.‏

فمثاً‏ أذا صدر الخطاب السلبي تجاه بعض الطوائف أو الجماعات

من رجل ديني مؤثر أو من أحد القادة السياسيين ذوي اإلمكانية في

تحريك الشارع،‏ فذلك يكون من شأنه أن يشجع على نشر الشعور

بالكراهية لدى اتباعه تجاه من يقصدهم في خطاباته ويؤدي في النهاية

الى زعزعة االمن في املجتمع.‏

وكذلك أذا كان الخطاب قد نشر في وسيلة أعامية كبيرة فمن شأن

ذلك أن يتحكم في انتشاره الى أبعد حد ويثير االضطراب في الدولة.‏ كما

حدث ذلك في مصر عام 2001 عندما قامت أحدى الصحف بنشر خبر

ملفق في صفحتها االولى و بتخصيص مساحة كبيرة لها حول أحد الكهنة

القبطيين على اساس انه مارس الجنس مع فتاة غير بالغة سن الرشد

داخل أحدى الكنائس!‏ في حن ان املوضوع لم يكن فيها عنصر الخبر

ألن املوضوع كان قديماً‏ وان املعلومات لم تكن صحيحة الن الواقعة

لم تكن قد حدثت في الكنيسة وأن الشخص كان قد ابتعد عن عمله

حتى قبل ذلك العمل الشنيع.‏ ولكن ما تم نشره في تلك الصحيفة أدى

الى غضب القبطيين ألنهم شعروا ان الصحيفة أرادت االهانة بهم لذا

قاموا باملظاهرات تنديداً‏ ملا تم نشره في تلك الصحيفة و وقعت في اثناء

144


ُ

َ

تلك املظاهرات بعض أعمال العنف واالشتباكات.‏ لدرجة تدخل البرملان

املصري ونقابة الصحفيين املصريين لتهدئة الوضع و ذلك باستنكار ما

فعلتها الصحيفة ومعاقبة رئيس تحريرها.‏

ثالثاً‏ : نية قائل التعبير

اليمكن ع دُّ‏ خطابٍ‏ ما ضمن دائرة خطاب الكراهية إال اذا اتجهت

إرادة قائله ونيته الى نبذ و مقت و محو جماعة عرقية أو دينية أو

فكرية..الخ أو الدعوة الى التمييز مع علمه التام و وعيه بخطورة ما يقدم

عليه و ادراكه للنتائج التي قد تترتب على خطابه.‏ ويمكن االستدالل على

مدى توجيه نية قائل التعبير للتحريض نحو ارتكاب العنف من خال

ثاثة عناصر رئيسية )1)) :

- إرادة الدعوة الى الكراهية

- إرادة استهداف أفراد أو مجموعات على اساس تمييزي عنصري

- مدى إدراك قائل التعبير ما قد يترتب من نتائج على تعبيره،‏ ومدى وعيه بذلك.‏

ويعد عنصر النية من أكثر العناصر صعوبة في اإلثبات،‏ مالم

يعترف قائل التعبير صراحة باتجاه إرادته نحو التحريض على افراد

أو مجموعات معينة،‏ ولذا يجب ان يتمتع القاضي بدرجة كبيرة من

االمكانية الستنتاج عنصر النية.‏ ويستطيع ان يستنبط ذلك من خال

لهجة قائل التعبير ومدى وضوحها للتحريض.‏

ويعُّ‏ د انتقاد نظام سياسي أو حكومة من الحكومات واملطالبة

بمزيد من الحريات وذلك باستخدام الوسائل املشروعة دولياً‏ ، ضمن

حدود حرية الرأي و ال يدخل في الوقت نفسه ضمن حدود خطاب

الكراهية حتى إن ع دّ‏ مثل ذلك الرأي جريمة في تلك الدولة واتهم قائله

باالنفصالية.‏ أال انه في نطاق دولي يعد ذلك الفعل مباحاً‏ و يشار الى تلك

- 18 أحمد عزت و فهد البنا و نهاد عبود،‏ خطابات التحريض و حرية التعبر-‏ الحدود

الفاصلة،‏ دليل اصدره مؤسسة حرية الفكر والتعبر،مرص،دون سنة نرش،‏ ص‎18‎

145


الجريمة بالجريمة السياسية.‏ مادام األمر لم يصل الى خلق الكراهية

ضد مكون من املكونات العرقية والدينية والطائفية بل كان موجهاً‏ ضد

انظمة سياسية معينة.‏

رابعاً‏ : مضمون الخطاب

ان مضمون الخطاب ومحتواه يُ‏ عَ‏ د ُّ نقطة اساسية للتفرقة بين

حرية التعبير عن الرأي و خطاب الكراهية،‏ اذ يعمل الخطاب على وتر

العاطفة لدى املتلقي أما حرية التعبير عن الراي فيعمل عادة على وتر

العقل.‏ وملعرفة ذلك يجب النظر الى الكلمات واملصطلحات املستخدمة

في توصيف املراد تبليغه.‏ الى جانب الفئة املوجهة اليها الخطاب سواء

تمت اإلشارة اليهما مباشرة أو بصورة غير مباشرة.‏

خامساً‏ : احتمالية حدوث العنف ضد من يتناوله الخطاب

ان مدى احتمال أن يؤدي الخطاب الى التأثير في املتلقيين الستعمال

العنف ضد من يقصده الخطاب من املجموعات العرقية او الدينية..‏

الخ،‏ هو إحدى اآلليات التي نستطيع ان نعتمدها للتمييز بين حرية

التعبير و خطاب الكراهية حتى وان لم تنجم من الخطاب اية حالة

عنف.‏ ومن املمكن ان نصل الى ذلك من خال معرفة االشخاص الذين

يخاطبهم املخاطب.‏

فمثاً‏ ان خطاب احد الداعين الدينيين في أثناء صاة الجمعة ضد

أحد األدباء أو الفنانين ومهاجمته له و وصفه بأنه منحرف و ملحد و

كافر،‏ من املمكن ان ينتج عنه استعمال العنف ضد ذلك األديب أو

الفنان.‏ حتى ان لم ترتكب ضده اية اعمال عنف فإننا نعتقد أنه يدخل

ضمن خطاب الكراهية و من املمكن ان يشكل مثل هذا الخطاب جريمة

من الجرائم.‏ ألن في مثل هذه التجمعات يتأثر البعض بخطاب الداعي و

يعتقد أنه من الواجب عليه دينياً‏ ان يطهر املجتمع ممن يسىء لدينه.‏

146


سادساً‏ : من حيث العقوبة

ان خطاب الكراهية يشكل ً غالبا جريمة من الجرائم النه يعد تجاوزاً‏

للقانون وبناءً‏ على ذلك يعاقب مرتكبه بالعقوبات املعينة في القانون

كالحبس و الغرامة..الخ.‏ إال ان حرية التعبير عن الرأي تعد إحدى

الحريات املحمية بالدستور وال تشكل أية جريمة في الدول الديمقراطية

حتى ان تضمنت انتقادات الذعة ضد املنتقد.‏

وختاماً‏ ملقارنتنا بين الحق في حرية التعبير و خطاب الكراهية نرى

انه اذا كان من الضروري حماية الحق في التعبير ففي الوقت نفسه

من الضروري منع خطاب الكراهية لحماية حقوق االخرين والنظام

العام والسلم االجتماعي،‏ لذا نؤيد كام املقرر الخاص املعني بتعزيز

وحماية الحق في حرية الرأي والتعبير بان الحق في حرية التعبير و حظر

التحريض على الكراهية ليسا متعارضين اطاقاً‏ ، بل يعزز أحدهما

اآلخر،اذ ان النقاش العلني لافكار والحوار بين االديان وبين الثقافات

يمكن أن يمنعا الكراهية والتعصب )1)) .

2: املسوؤلية عن نشر خطاب الكراهية

عندما نقول املسؤولية نقصد بذلك مؤاخذة شخص على تصرفاته

القولية والفعلية،‏ او بعبارة اخرى تحمل الشخص نتيجة تصرفاته

الفعلية والقولية.‏ واملسؤولية في نطاق العمل االعامي تنقسم بدورها

الى قسمين رئيسيين:‏ أحدهما املسؤولية االخاقية وثايهما املسؤولية

القانونية،‏ واالخيرة تنقسم بدورها الى املسؤولية الجنائية و املسؤولية

املدنية مع ان هنالك من يضيف نوعاً‏ ثالثا ً للمسؤولية القانونية وهي

املسؤولية االدارية التي تشمل من يعمل في إحدى املؤسسات الحكومية.‏

- 19 ينظر:‏ تقرير املقررة الخاصة املعنية بقضايا االقليات-‏ ريتا ايجاك،‏ املصدر السابق،‏

ص‎15‎

147


لذلك سوف نخصص الفقرتين االتيتين لكل من املسؤولية االخاقية

واملسؤولية القانونية اللتين تترتبان على نشر خطابات الكراهية:‏

1-2: املسؤولية االخالقية عن نشر خطاب الكراهية

املساءلة االخاقية لإلعامين عّ‏ ما يصدر عنهم من خطابات الكراهية

ال تقل أهمية من املساءلة القانونية بل أحياناً‏ أكثر أهمية منها ً ايضا . ملا

يحدثه تنظيم أمر خطاب الكراهية من املشكات واالشكاليات.‏

وتتمثل إحدى املشكات في أن الخطاب قد يكون مجرد مسألة وجهة

نظر،‏ فخطاب كراهية شخص ما قد يكون الرأي املشروع لشخص آخر،‏

لذا هناك عزوف عام عن فرض قيود على ما يمكن أن يقال:‏ إن التمييز

بين حرية الرأي وخطاب الكراهية هو أمر ينطوي على قدر كبير من

املشقة ذلك أن مفهوم خطاب الكراهية من الصعوبة بمكان تعريفه

بصورة جامعة،‏ ولكن قد يفيدنا في هذا السياق النظر إلى ما يتم تداوله

حاليا بوصفه توصيفا لخطاب الكراهية؛ وتحديداً‏ فإن وجهة النظر

القائلة بأنه ضرب من الخطاب قد يتضمن كلمات أو صورا تستهدف

بنوع من االنتقائية جماعة ما.‏ )2))

إن الكلمات بحد ذاتها حينما تصدر عن سلطة ما وتستهدف ليس

فقط جماعة وإنما فردا بعينه فإنها تتحول كذلك إلى خطاب للكراهية،‏

وهو خطاب ال يحتوي على كلمات فقط بل يحتوي على كلمات لها قوة

األفعال نفسها،‏ وذلك األمر يعود بنا مرة أخرى إلى تبين املأزق الحقيقي

في رسم الحدود الفاصلة بين حرية الرأي وخطاب الكراهية،‏ إذ ال تبدو

فكرة إصدار تشريعات محددة للقضاء على خطاب الكراهية ناجعة

الن ذلك يتطلب في حاالت كثيرة وضع قيود على الكلمات وفرز وتعيين

- 20 د.‏ شيامء الهواري،‏ مصدر الكرتوين سابق

148


األشخاص الذين يتمتعون بسلطة ما والذين يبرهنون على صدق مقولة:‏

الكلمات ليست فقط محض ألفاظ بل هي أفعال.‏ وتلك في حقيقة األمر

ليست املعضلة الوحيدة في هذا السياق،‏ إذ ان حرية الرأي ليست

محددة فقط بالفضاء السياسي بل إنها تتحرك في فضاءات مختلفة

مثل وسائل اإلعام املختلفة،‏ ووسائل التواصل االجتماعي واملنجز

األدبي والفني واملوسيقي وكذلك األفعال الرمزية.‏ وسيتطلب األمر أكثر

من مجرد سن تشريعات وضوابط لتقييد حرية الرأي أو القضاء على

خطاب الكراهية.‏ وفي الوقت الذي تلوح هذه املعضلة بأنها مرشحة

للبقاء أمدا طويا فإن البعض ينظر إلى مبدأ حرية الرأي وخطاب

الكراهية بوصفهما محددين مهمين للدرجة التي بلغها املجتمع في تمدنه

وتحضره وقيمه األخاقية.‏ )2))

واضافة ملا قلناه فالسبب اآلخر في ضرورة اللجوء الى االعتماد على

املسؤولية االخاقية بدالً‏ من املسؤولية القانونية تكمن في ان العقوبة

بحد ذاتها لم تفلح في وضع حد لخطابات الكراهية في املجتمعات التي

يكثر فيها،‏ لذلك يجب البحث عن مسؤوليات اخرى لتحميل الصحفي

بها ومنها املسؤولية االخاقية.‏

‏ّزها عن

وتتميز أخاقيات الصحافة ببعض الخصائص التي هي تُ‏ مي

غيرها من قواعد السلوك االجتماعية كالقانون والدين وغيرهما.‏ ومن

أهم هذه الخصائص هي ما يأتي:‏

أوالً:‏ مصدر اخاقيات الصحافة هي الصحفيون انفسهم،‏ اذ ينشأ

مبادىء اخاقيات الصحافة من خال ممارسة مهنة الصحافة وما

يجب اتباعه أو تجنبه في ذلك لتحقيق األهداف الرئيسية للصحافة

تحقيقاً‏ للمصلحة العامة.‏

- 21 د.‏ شيامء الهواري،‏ مصدر الكرتوين سابق

149


ثانياً‏ : تهتم اخاقيات الصحافة بعاقة الفرد مع غيره من االفراد

واملجتمع.‏ أي تتعلق بالسلوك الخارجي للصحفيين وما يجب ان يسيروا

عليه عند ممارسة عملهم.‏ في حين ان هنالك قواعد اخرى للسلوك تهتم

بعاقات اشمل )2)) التي نحن في موضوعنا هذا في غنى عنها.‏

ثالثاً‏ : بعض مبادىء اخاقيات الصحافة هي مبادىء نسبية تتغير

بتغير الزمان واملكان النها تستند الى ما يؤمن به املجتمع حول الرزيلة

والفضيلة والحسن والقبح لتحقيق املصلحة العامة.‏ فمثاً‏ ما يعد

منافياً‏ الخاقيات الصحافة في العراق قد ال يعد ذلك في السويد.‏

رابعاً‏ : ال يشترط ملعرفة اخاقيات الصحافة والسير عليها ان تكون

مكتوبةً‏ في وثيقة رسمية.‏ كما هو الحال في بعض القواعد االخرى

للسلوك كالقانون.‏ بل يمكن استنتاجه بالعقل والضمير الحي.‏

خامساً‏ : ان الجزاء عند مخالفة اخاقيات مهنة الصحافة قد

يختلف عن الجزاء عند مخالفة قوانين الصحافة،‏ فاذا كان الجزاء على

مخالفة النصوص القاونية هو السجن والحبس والغرامات،‏ فإن الجزاء

عند مخالفة اخاقيات الصحافة هو سخط املجتمع و تأنيب ضمير

املخالف و بعض الجزاءات النقابية ايضاً‏ .

1-1-2: منع خطاب الكراهية في املواثيق العاملية املتعلقة بحرية االعالم

لقد تمّ‏ حظر خطاب الكراهية في كثير من املواثيق واالتفاقات

الدولية سواءٌ‏ كانت تلك الوثائق واالتفاقات متعلقة بحقوق االنسان

بصورة عامة أو باالعام بصورة خاصة،‏ ومن بين هذه الوثائق نذكر

بعض منها وخصوصاً‏ تلك التي تعرضت لخطاب الكراهية بصورة

صريحة وكاآلتي:‏

- 22 فمثالً‏ ان القواعد الدينية عدا اهتاممه بعالقة األفراد فيام بينهم،‏ تهتم ايضاً‏ بعالقة

االفراد مع ربهم.‏

150


أوالً:‏ العهد الدولي للحقوق املدنية والسياسية لعام 1966

نصت املادة«‏‎19‎‏«‏ من العهد الدولي للحقوق املدنية والسياسية

الصادرة من قبل منظمة االمم املتحدة أنه:‏

-1 لكل إنسان حق في اعتناق آراء دون مضايق.‏

‏-‏‎2‎لكل إنسان حق في حرية التعبير.‏ ويشمل هذا الحق حريته

في التماس مختلف ضروب املعلومات واألفكار وتلقيها ونقلها

إلى آخرين دونما اعتبار للحدود،‏ سواء على شكل مكتوب

أو مطبوع أو في قالب فني أو بأية وسيلة أخرى يختارها.‏

-3 تستتبع ممارسة الحقوق املنصوص عليها في الفقرة 2 من هذه

املادة واجبات ومسؤوليات خاصة.‏ وعلى ذلك يجوز إخضاعها لبعض

القيود ولكن شريطة أن تكون محددة بنص القانون وأن تكون ضرورية:‏

أ/‏ الحترام حقوق اآلخرين أو سمعتهم،‏

ب/‏ لحماية األمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو اآلداب

العامة.‏

أما املادة«‏‎20‎‏«‏ من املعاهدة نفسها فقد نصت بأنه:-‏‎1‎ تحظر

بالقانون كل دعاية للحرب.‏ -2 تحظر بالقانون كل دعوة الى كراهية

القومية أو العنصرية أو الدينية ألنها تشكل تحريضاً‏ على التمييز أو

العداوة أو العنف.‏

ثانياً‏ : االتفاقية الدولية ملنع كافة أشكال التمييز العنصري لعام

1965 والنافذة في عام 1969

جاء في مقدمة االتفاقية أعاه ‏:)ان دول األطراف في هذه

االتفاقية،‏ ترى أن ميثاق األمم املتحدة يقوم علي مبدأي الكرامة

والتساوي األصيلين في جميع البشر،‏ وأن جميع دول األعضاء قد

تعهدت باتخاذ إجراءات جماعية وفردية،‏ بالتعاون مع املنظمة،‏

151


بغية إدراك أحد مقاصد األمم املتحدة املتمثل في تعزيز وتشجيع

االحترام واملراعاة العامليين لحقوق اإلنسان والحريات األساسية

للناس جميعا،‏ دون تمييز بسبب العرق أو الجنس أو اللغة أو الدين،‏

وإذ ترى أن اإلعان العالمي لحقوق اإلنسان يعلن أن البشر

يولدون جميعا أحرارا ومتساوين في الكرامة والحقوق،‏ وأن

لكل إنسان حق التمتع بجميع الحقوق والحريات املقررة فيه،‏

دون أي تمييز ال سيما بسبب العرق أو اللون أو األصل القومي،‏

و ترى أن جميع البشر متساوون أمام القانون ولهم حق متساو

في حمايته لهم من أي تمييز ومن أي تحريض علي التمييز..الخ(.‏

وقد نصت املادة«‏‎4‎‏«‏ منه على أنه:)‏ تشجب الدول األطراف جميع

الدعايات والتنظيمات القائمة علي األفكار أو النظريات القائلة بتفوق

أي عرق أو أية جماعة من لون أو أصل اثني واحد،‏ أو التي تحاول تبرير

أو تعزيز أي شكل من أشكال الكراهية العنصرية والتمييز العنصري،‏

وتتعهد باتخاذ التدابير الفورية اإليجابية الرامية إلي القضاء علي كل

تحريض علي هذا التمييز وكل عمل من أعماله،‏ وتتعهد خاصة،‏ تحقيقا

لهذه الغاية مع مراعاة الحقه للمبادئ الواردة في اإلعان العالمي لحقوق

اإلنسان وللحقوق املقررة صراحة في املادة 5 من هذه االتفاقية،‏ بما يلي:‏

أ-‏ اعتبار كل نشر لألفكار القائمة علي التفوق العنصري أو الكراهية

العنصرية،‏ وكل تحريض علي التمييز العنصري وكل عمل من

أعمال العنف أو التحريض علي هذه األعمال التي ترتكب ضد أي

عرق أو أية جماعة من لون أو أصل أثني آخر،‏ وكذلك كل مساعدة

للنشاطات العنصرية،‏ ومنها تمويلها،‏ جريمة يعاقب عليها القانون.‏

ب-‏ إعان عدم شرعية املنظمات،‏ وكذلك النشاطات الدعائية

املنظمة وسائر النشاطات الدعائية،‏ التي تقوم بالترويج

152


للتمييز العنصري والتحريض عليه،‏ وحظر هذه املنظمات

والنشاطات واعتبار االشتراك في أيها جريمة يعاقب عليها القانون.‏

ج-‏ عدم السماح للسلطات العامة أو املؤسسات العامة،‏ القومية أو

املحلية،‏ بالترويج للتمييز العنصري أو التحريض عليه.‏

ثالثاً‏ : اتفاقية الدول االمريكية لحقوق االنسان لعام 1969

املادة«‏‎13‎‏«من اتفاقية الدول االمريكية لحقوق االنسان التي هي

مخصصة لحرية الفكر والتعبير تنص على أنَّ‏ :

‏)لكل إنسان الحق في حرية الفكر والتعبير،‏ ويشمل هذا

الحق حريته في البحث عن مختلف أنواع املعلومات واألفكار

وتلقيها ونقلها إلى اآلخرين،‏ دونما اعتبار للحدود،‏ سواء شفاها

أو كتابة أو طباعة أو في قالب فني أو بأية وسيلة يختارها.‏

ال يجوز أن تخضع ممارسة الحق املنصوص عليه في الفقرة السابقة

لرقابة مسبقة،‏ بل يمكن أن تكون موضوعاً‏ لفرض مسؤولية

الحقة يحددها القانون صراحة وتكون ضرورية من أجل ضمان:‏

أ-‏ احترام حقوق اآلخرين أو سمعتهم.‏

ب-‏ حماية األمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو األخاق العامة.‏

-3 ال يجوز تقييد حق التعبير بأساليب أو وسائل غير مباشرة،‏

كالتعسف في استعمال اإلشراف الحكومي أو غير الرسمي على

ورق الصحف،‏ أو تردد موجات اإلرسال اإلذاعية أو التلفزيونية،‏

أو اآلالت أو األجهزة املستعملة في نشر املعلومات،‏ أو بأية وسيلة

أخرى من شأنها أن تعرقل نقل األفكار واآلراء وتداولها وانتشارها.‏

‏-‏‎4‎على الرغم من أحكام الفقرة 2 السابقة،‏ يمكن إخضاع وسائل

التسلية العامة لرقابة مسبقة ينص عليها القانون،‏ ولكن لغاية وحيدة

هي تنظيم الحصول عليها من أجل الحماية األخاقية لألطفال واملراهقين.‏

153


-5 إن أية دعاية للحرب وأية دعوة إلى الكراهية القومية أو الدينية،‏

تشكان تحريضاً‏ على العنف املخالف للقانون،‏ أو أي عمل غير قانوني

آخر ومشابهة ضد أي شخص أو مجموعة أشخاص،‏ مهما كان سببه،‏

بما في ذلك سبب العرق أو اللون أو الدين أو اللغة أو األصل القومي،‏

يعد جرائم يعاقب عليها القانون.‏

2-1-2: منع خطاب الكراهية في مواثيق االعالم العر اقية

ً

عدا القوانين املتعلقة بتنظيم االعام و حقوق اإلعاميين نادرا

مايوجد في العراق ما يسمى باملواثيق االعامية اسوة باملواثيق االعامية

لرؤساء التحرير االمريكية أو املواثيق االعامية للصحف االهلية..الخ.‏

وامليثاق عبارة عن مجموعة مبادئ أخاقية تنظم عاقة العاملين

في مجال من املجاالت وتكون ملزمة لهم.‏ وميثاق الشرف اإلعامي عبارة

عن الئحة تحوي مجموعة من القيم واملعايير األخاقية تضبط املمارسة

اإلعامية ويلتزم بها من يوقع عليها إلتزاما أخاقيا.‏ وتعد مواثيق الشرف

اإلعامي جزءا مكما للقوانين اإلعامية في املمارسة والتطبيق،‏ ألن هذه

املواثيق ليست لها قوة القانون ولكن االلتزام األدبي بها عرف إعامي قد

يرتفع مع الوعي إلى مرتبة أقوى من القانون.‏

فهنالك تلك املواثيق التي اصدرتها هيئة االعام واالتصاالت في

العراق والتي تم التأكيد على نبذ خطاب الكراهية في اغلبها،‏ ولكن

تلك املواثيق تكاد تكون في مستوى التعليمات )2)) التي هي نوع من انواع

القوانين الن جهة رسمية أصدرتها وتعاقب على من يخالفها.‏

2-2: املسؤولية القانونية عن نشر خطاب الكراهية

- 23 التعليامت هي نوع من انواع الترشيع والتي تسمى بالترشيع الفرعي،‏ متييزاً‏

مع الترشيع العادي الذي يصدره الرملان عادة،‏ ومتييزاً‏ مع الترشيع االسايس الذي

هو الدستور.‏

154


َ

أدى غياب تعريفات واضحة لاستثناءات الواردة على حرية التعبير

عندما يتعلق األمر بخطابات الكراهية التي تشمل صور مختلفة

للتحريض الى وجود خلط في فهم عدد من املفاهيم ومنها خطاب

الكراهية و جريمة التحريض الرتكاب الجريمة والجريمة املضرة باالمن

العام..الخ.‏ وهو ما انعكس على املواقف القانونية تجاه الخطابات التي

يترتب عليها انتهاك حقوق و حريات اخرى جديرة بالحماية القانونية،‏

وادى هذا الخلط الى فرض قيود غير موضوعية وغير ضرورية على

حرية التعبير في كثير من االحيان تحت دعوى حماية الحقوق االحرى

التي قد تتأثر نتيجة ممارسة حرية التعبير.‏

واذا كان البعض يرى ان خطاب الكراهية هو اإلطار العام للصور

املتعددة للتحريض،‏ فقد استقر الفقه القانوني الدولي على ثاث صور

للتحريض الذي يشكل استثناء على حرية التعبير،‏ وهو التحريض على

العنف،‏ والتحريض على العداء أو الكراهية،‏ والتحريض على التمييز

العنصري.‏ أال انه ال يوجد اتفاق بشأن كيفية التصدي الدولى لكل

صورة من هذه الصور على حدة.‏ فهناك من يرى ضرورة تجريم كل

صورة للتحريض و وضع عقوبات جنائية للمحرض كالعقوبات السالبة

للحرية والغرامة،‏ وهنالك اتجاه ثانٍ‏ يرى أن الحظر والتجريم يجب ان

ينصب فقط على التحريض على العنف مع عدّ‏ التحريض على العداء

أو الكراهية و التحريض على التمييز ضمن اطار التعبير املشروع الذي

اليجوز تقييده.‏ ويرى االتجاه الثالث ان الصور الثاث للتحريض تشكل

استثناءات على حرية التعبير أال ان تصدي الدولة يجب ان يختلف على

وفقاً‏ كل صورة على حدة،‏ فالتحريض على العنف يجب ان يتم تجريمه

جنائياً‏ ، وكذلك التحريض على التمييز الذي يترتب عليه عنف مباشر،‏

أما التحريض على التمييز الذي اليترتب عليه عنف والتحريض على

155


العداء أوالكراهية يجب أن يتم التعامل معه على وفق اآلليات القانونية

املختلفة البعيدة عن الطريق الجنائي وفرض العقوبات الجنائي كأن

يتم التعامل مع مرتكبه عن طريق املسؤولية املدنية ومعاقبته بدفع

التعويض للمتضرر سواء كان ضرره مادياً‏ أو ً أدبيا واللجوء الى الجزاءات

االدارية لشاغلي الوظائف الحكومية ، وقيام الدولة بدور توعوي

بالنسبة لتاثير خطابات التحريض على الحق في املساواة )2)) .

ونحن بدورنا نرى انه عند التعامل مع خطابات الكراهية من حيث

نطاقها وفيما يجب ان يُ‏ عاقب مرتكبه بعقوبات جنائية أو بعقوبات

اخرى،‏ يجب ان نكون حذرين الى أبعد حد بشكل نحقق التوازن بين

ضمان حرية التعبير و كفالة الحد من خطابات الكراهية بإجراءات

قانونية مناسبة لكل حالة على حدة.‏

وفيما يأتي نبين سياسة املشرع العراقي في كيفية تعامله مع خطابات

الكراهية والعقوبات املحددة لها سواء كان ذلك في قانون العقوبات

الذي هو القانون األم بالنسبة لجميع الجرائم أو في القوانين اإلعامية

الخاصة باالعاميين والجرائم املرتكبة عن طريقها.‏

1-2-2: خطاب الكراهية في قانون العقوبات العراقي

تعرض املشرع العراقي لجريمة التحريض في قانون العقوبات

العراقي رقم)‏‎111‎‏(لسنة 1969، فقد نصَّ‏ على أنه:)‏ يعد شريكاً‏ في

ارتكاب الجريمة:-‏‎1‎ من حرض على ارتكابها فوقعت بناء على هذا

التحريض(‏ )2)) . ونصت املادة الاحقة بأنه:)‏ يعاقب الشريك بالعقوبة

املنصوص عليها قانوناً‏ ولو كان فاعل الجريمة غير معاقب بسبب

- 24 أحمد عزت و فهد البنا و نهاد عبود،‏ مصدر سابق،‏ ص‎7-6‎

- 25 الفقرة)‏‎1‎‏(‏ من املادة 48 من قانون العقوبات العراقي رقم)‏‎111‎‏(لسنة 1969.

156


عدم توفر القصد الجرمي لديه او ألحوال أخرى خاصة به(‏ )2)) .

والتحريض كما قلنا سابقاً‏ هو خلق فكرة الجريمة و خلق التصميم

عليها في نفس الجاني بأي وسيلة كانت،‏ أو هو خلق العزم عمداً‏ في ذهن

الجاني على ارتكاب الجريمة.‏

ومن التعريفات السابقة للتحريض يتضح بأن:‏ ان نشاط املحرض

ذو طبيعة معنوية تعبيرية ، أي انه يهدف الى التأثير في نفس الفاعل بما

يحمله بعد ذلك على ارتكاب الجريمة.‏ و يتضح لنا كذلك ان التحريض

ال يخلق فكرة الجريمة في نفس الجاني وحسب،‏ بل يواصل االلحاح

عليها حتى يقطع على الجاني سبيل العول عنها،‏ فمبدأ التحريض هو بث

ً

الفكرة ولكن غايته ومقصده هو خلق التصميم عليها باقترافها.‏ وايضا

ان التحريض ينتمي الى دائرة االفكار والنيّ‏ ات،‏ الدائرة االفعال والنتائج،‏

ومن ثم اذاً‏ يخاطب املحرض فكر الجاني وذهنه )2)) .

وينقسم التحريض بالنظر الى محتواه الى:‏

أوالً:‏ التحريض املباشر:‏ في هذا النوع من التحريض يتم دفع

الشخص وتحريضه بصورة مباشرة الرتكاب الجريمة،‏ سواء كان املحَ‏ رَض

شخصاص معيناً‏ أو عدة اشخاص غير معينين.‏

ثانياً‏ : التحريض غير املباشر:‏ في هذا النوع من التحريض ال يطلب

املحرِض من الشخص املحرَض ارتكاب الجريمة بصورة مباشرة ولكن

يقوم بخلق الكراهية واملُقت في نفسه تجاه شخص من االشخاص أو

‏شيء من االشياء.‏ وافضل مثال على هذا النوع من التحريض قيام احد

الداعين الدينيين في مصر عام 1994 في اثناء خطبته ملجموعة من الناس

بانتقاد الذع وعنيف للروائي املشهور)نجيب محفوظ(‏ )2)) وخصوصاً‏ عن

- 26 الفقرة)‏‎2‎‏(‏ من املادة 49 من قانون العقوبات العراقي.‏

- 27 د.‏ يارس محمد اللمعي،‏ مرص سابق،‏ ص‎15‎

- 28 نجيب محفوظ)‏ -1911 2006( من أشهر الروائن العرب،‏ وهو حاصل عى

157


َ

روايته ‏)اوالد حارتنا(‏ و نعته بانه كافر وملحد وان روايته فيها الكفر

واالهانة بالدين،‏ وبهذا أثر في احد املستمعين له و اندفع الى ان يقوم

بطعنه بالسكين كاد ان يقتله لوال اسعافه بصورة سريعة من قبل

املسعفين.‏ وعندما حققوا مع فاعل الجريمة عن اسباب قيامه بذلك

العمل الجرمي؟ أجاب انه بسبب كتابته لرواية ‏)أوالد حارتنا(!‏ وعندما

سألوه فيما اذا كان قد قرأه؟ أجاب بالنفي!‏ ولكن قال إن شيخنا)أي

املحرِض(‏ قد قرأه وقال ذلك-أي قال إن فيها الكفر واالهانة بالدين-.‏

ومن زاوية أخرى ينقسم التحريض بالنظر الى شخص املحرَض فيما

اذا كان محدداً‏ أو غير محدد الى:‏

أوالً:‏ التحريض الفردي:‏ في هذا النوع من التحريض يتم تحريض

شخص محدد أو اشخاص محددين على ارتكاب الجريمة،‏ فاذا لم يقم

املحرض بارتكاب الجريمة فا تسأل املحرِض ايضاً‏ .

ثانياً‏ : التحريض العام:‏ وهذا النوع أكثر خطورة من التحريض

الفردي اذ يتم بصورة عامة ألشخاص غير محددين،‏ أي يوجه عادة الى

جمهور من الناس عن طريق وسيلة أو أكثر من وسائل العانية.‏ ولذلك

رّض غالباً‏ يعد انه قد ارتكب جريمة التحريض بغض النظر فيما

‏ُحَ‏

فامل

اذا تأثر باحد لتحريضه وارتكب الجريمة من جراء ذلك أم ال.كالتحريض

على إثارة الحرب االهلية )2)) .

وعدا ذلك النص الذي ضمن االحكام العامة للقانون العقوبات

فإنَّ‏ هنالك بعض املواد االخرى ذات العاقة بموضوع خطاب الكراهية

وهي املواد)‏‎200،198،195‎‏(‏ )3)) من قانون العقوبات العراقي،‏ أال ان بعض

جائزة النوبل لالداب عام 1988، ومن اشهر رواياته:‏ بن القرصين،‏ قرص الشوق،‏

الكرنك،‏ أوالد حارتنا،‏ السكرية،‏ مرامار..ألخ

- 29 د.‏ سعد ابراهيم االعظمي،‏ موسوعة مصطلحات القانون الجنايئ،‏ دار الشؤون الثقافة

العامة،‏ الجزء االول،‏ ص‎86-85‎

- 30 تنص املادة 195 عى أن:‏ ‏)يعاقب بالسجن املؤبد من استهدف اثارة حرب

158


الفقهاء يرى أن تلك الجرائم املنصوصة عليها في املواد اعاه انما هي

جرائم تهدد االمن الداخلي للدولة وهي تختلف عن جرائم الكراهية في

كثير من االمور وخصوصاً‏ من حيث الباعث نحو ارتكابها.‏ لذلك يقولون

ان مشرع العقوبات العراقي لم يتناول جرائم الكراهية وانما تناول حاالت

مخصوصة من خطاب الكراهية عندما يكون املقصود منها املساس

بوحدة الباد و السلم االهلي )3)) .

وكما يقول بعض الفقهاء فانه طبقاً‏ للنظام القانوني العراقي اليحظى

السلوك الناتج عن االزدراء ضد االخر واحتقاره وكراهيتة أو ممارسة

التمييز ضد جماعة معينة قومية أو دينية أو مذهبيية باالهتمام الكافي

في التشريعات البرملانية،‏ ولم ينظر القضاء العراقي الى قضايا من هذا

النوع مع وجود مثل هذه الجرائم في املجتمع العراقي،‏ في حين كان

خطاب الكراهية يعد في السابق وابان حكم النظام البعثي البائد من

أخطر الجرائم في العراق اذا وقع ضد النظام السياسي.‏ وكان مثل هذه

اهلية او اقتتال طائفي وذلك بتسليح املواطنن او بحملهم عى التسلح بعضهم ضد

البعض اآلخر او بالحث عى االقتتال.‏ وتكون العقوبة االعدام اذا تحقق ما استهدفه

الجاين(.‏

و تنص املادة 198 عى أن:)‏ أ/‏ يعاقب بالسجن مدة ال تزيد عى عرش سنن:-‏‎1‎

من حرض عى ارتكاب جرمية من الجرائم املنصوص عليها يف املواد من )190 اىل

197( ومل يرتتب عى هذا التحريض اثر.-‏‎2‎ من شجع عى ارتكاب جرمية مام ذكر

مبعاونة مادية او مالية دون ان تكون لديه نية االشرتاك يف ارتكابها.‏ ب/‏ اذا وجه

التحريض او التشجيع اىل احد افراد القوات املسلحة تكون العقوبة السجن املؤبد(.‏

وتنص الفقرة الثانية من املادة 200 بأنه:)‏ يعاقب بالسجن مدة ال تزيد عى سبع

سنوات او بالحبس كل من حبذ او روج ايا من املذاهب التي ترمي اىل تغير مبادئ

الدستور االساسية او النظم االساسية للهيئة االجتامعية او لتسويد طبقة اجتامعية

عى غرها من الطبقات او للقضاء عى طبقة اجتامعية لقلب نظم الدولة االساسية

االجتامعية او االقتصادية او لهدم اي نظم من النظم االساسية للهيئة االجتامعية

متى كان استعامل القوة او االرهاب او اية وسيلة اخرى غر مرشوعة ملحوظا يف

ذلك(.‏

- 31 وسام بشار عبد فرج،‏ مصدر سابق،‏ ص‎115-114‎

159


الجرائم تحال الى محكمة الثورة السيئة الصيت وتقع عقوبات شديدة

كاالعدام على مرتكبيها )3)) . ولم نر مابعد سقوط النظام البعثي في العراق

قراراً‏ ً قضائيا فيما يتعلق بموضوع خطاب الكراهية،‏ رغم كثرتها )3)) ،

واليوجد ذلك في كثير من الدول العربية ايضاً‏ ، ففي االردن ً ايضا كما

يرى املختصون ال يوجد قرار قضائيٌ‏ متعلق بخطاب الكراهية كجريمة

مستقلة يحاسب عليها القانون )3)) .

واسباب هذا النقص هو ان تاريخ صدور قانون العقوبات في العراق

وبعض الدول االخرى والتعديات التي أجريت عليه يعد قديماً‏ بالنسبة

الى قوانين البلدان األوروبية التي ذهبت الى تنظيم هذا النوع من الجرائم

تنظيماً‏ ً عصريا بما يائم التطورات التي حلت على الفلسفة الجنائية.‏

والقصور التشريعي لقانون العقوبات العراقي يبدو جلياً‏ بعد االطاع على

التشريعات الجنائية لبعض الدول االخرى كقانون العقوبات االملاني

و البريطاني..الخ.‏ بل ان بعض الدول األُخرى لم يكتف بتنظيم جرائم

الكراهية ضمن قانون العقوبات فأصدرت قانوناً‏ ً مستقا لها كبلجيكا

التي اصدرت قانون مكافحة العنصرية عام 1981 و قانون مكافحة

التمييز عام ((3( 2007 .

- 32 د.‏ منذر الفضل،‏ جرمية الكراهية،‏ موقع العراق اليوم،‏ واملتاح عى العنوان االلكرتوين

اآليت:‏ 85%D8%%8A%D9%https://www.dw.com/ar/%D8%AC%D8%B1%D9

8A%D8%87%D9%83%D8%B1%D8%A7%D9%84%D9%A9- %D8%A7%D9

0-%A9/a-15956769

- 33 يف بحث للدكتور إرادة زيدان الجبوري تم االشارة اىل عرشات النامذج من

خطابات الكراهية ومن عرشات القنوات االعالمية العراقية،‏ ينظر:‏ املصدر السابق،‏

ص‎402-395‎

- 34 وليد حسني زهرة،‏ اين اكرهك-‏ خطاب الكراهية والطائفية يف اعالم الربيع

العريب،‏ مركز حامية وحرية الصحفين،‏ الطبعة االوىل،‏ عامن-االردن،‏ 2014، ص‎28‎

- 35 للمزيد حول موقف قانون العقوبات االملاين والريطاين والقوانن الخاصة

مبكافحة التمييز العنرصي يف بلجيكا ينظر:‏ وسام بشار عبدالفرج،‏ مرص سابق،‏ ص

160


2-2-2: خطاب الكراهية في قوانين الصحافة واالعالم

تعرض قوانين الصحافة واالعام لخطاب الكراهية سواء كان ذلك

بصورة مباشرة أو بصورة غير مباشرة،‏ ولكون العراق دولة فيدرالية

وليست بسيطة فسوف نبين خطاب الكراهية في قوانين الصحافة

واالعام في العراق ومن ثم نستعرض أهم بنود قوانين الصحافة

واالعام املتعلقة بمنع خطاب الكراهية في أقليم كوردستان:‏

أوالً‏ : خطاب الكراهية في قوانين الصحافة واالعام في العراق

عدا قانون العقوبات التي سلطلنا الضوء عليه في الفقرات السابقة،‏

هناك عدة قوانين متعلقة بصورة مباشرة باالعام في العراق،‏ وسوف

نتعرض للقوانين االعامية التي تعرض ملوضوع خطاب الكراهية بصورة

أو باخرى وال نتعرض لتلك القوانين التي لم يتعرض ملوضوعنا الذي هو

خطاب الكراهية )3)) .

أ/‏ قانون املطبوعات العراقي رقم)‏‎206‎‏(لسنة 1968

تعرض قانون املطبوعات العراقي رقم)‏‎206‎‏(لسنة 1968 املعدل

ملوضوع خطاب الكراهية في عدة فقرات ضمن املادة)‏‎16‎‏(‏ منها والخاصة

باملحظورات التي اليجوز ان تنشرها الصحف،‏ ومنها الفقرات الست

االولى من املادة التي تنص على انه:‏

ال يجوز ان ينشر في املطبوع الدوري:‏ –

1- ما يعد مسا برئيس الجمهورية او اعضاء مجلس

قيادة الثورة او رئيس الوزراء او من يقوم مقامهم

2- ما يسيء الى عاقة العراق بالدول العربية والصديقة

ص‎91‎‏،‏ 115

- 36 فمثالً‏ مل يتعرض قانون حقوق الصحفين رقم)‏‎21‎‏(لسنة 2011 ملوضوع خطاب

الكراهية ألنه وكام يظهر من التسمية هو قانون خاص ببعض حقوق الصحفين دون

واجباتهم.‏

161


-3 ما يسيء الى الثورة ومفاهيمها والجمهورية ومؤسساتها وما يروج

لافكار االستعمارية واالنفصالية والرجعية واالقليمية والصهيونية

والعنصرية وما يحرض على االخال بامن الدولة الداخلي والخارجي

4- ما يحرض على ارتكاب الجرائم او عدم

اطاعة القوانين او االستهانة بهيبة الدولة

‏-‏‎5‎ما يثير البغضاء او الحزازات او بث التفرقة بين افراد الشعب

او قومياته او طوائفه الدينية املختلفة او يصدع وحدته الداخلية

-6 ما يشكل طعنا باالديان املعترف بها في الجمهورية العراقية

ب/‏ قانون نقابة الصحفيين العراقي الرقم)‏‎178‎‏(لسنة 1969

أما قانون نقابة الصحفيين العراقي الرقم)‏‎178‎‏(لسنة 1969

فقد تعرض هو ايضاً‏ لخطاب الكراهية بصورة غير مباشرة وذلك في

املادة)‏‎25‎‏(منه الخاصة بما اليجوز للعضو في النقابة القيام به،‏ ومنها:‏

- تهديد املواطنين بأية وسيلة أو أسلوب من اساليب الصحافة.‏

- زعزعة الثقة بالباد سواء كان ذلك بطريق مباشر أو غير مباشر.‏

- إثارة غرائز الجمهور بأية وسيلة من وسائل االثارة التي تتعارض مع

الفن الصحفي ومصلحة املجتمع.‏

ج/‏ قانون هيئة اإلعالم واالتصاالت

بقرار من بول بريمر الحاكم املدني في العراق صدر قانون هيئة اإلعام

واالتصاالت املرقم)‏‎65‎‏(لسنة 2004، وذلك لتنظيم القنوت االعامية

املرئية واملسموعة في العراق،‏ ولم يتضمن القانون املذكور في طياته ‏شيء

يذكر فيما يتعلق ببيان املحتوى االعامي،‏ وترك ذلك ملا بعد تأسيس هيئة

االتصاالت واالعام.‏ وبالفعل عندما تأسست الهيئة أصدرت عدة لوائح

وتعليمات لتنظيم املحتوى االعامي وما يجب ان يتجنبه االعام ويبتعد

162


عن نشره ومنها ما يحرض على العنف و التمييز العنصري في العراق )3)) .

وناحظ من النصوص الواردة في القوانين االعامية انها لم تتعرض

لخطاب الكراهية بصورة صريحة ولم تعد التمييز العنصري والتحريض

للكراهية على اساس عرقي أو ديني من املحظورات التي يجب ان يتجنبها

الصحفي في اثناء عمله.‏ وبدالً‏ من ذلك وضعت تلك القوانين االعامية

نصوصاً‏ عامة ومطاطية من شأنها ان تشمل خطاب الكراهية و حقوق

التعبير ايضاً‏ وهذا االخير هو الذي رأيناه بالفعل خال)‏‎35‎‏(سنة من

تطبيق القوانين اعاه آبان حكم النظام البعثي في العراق.‏

والسبب في ذلك ان تلك القوانين االعامية قد وضعت في عصر لم

يكن نظام الحكم يؤمن بحقوق االنسان نظرياً‏ و ً عمليا ‏.وما القوانين اال

انعكاس الرادة السلطة الحاكمة لتحقيق اهدافها.‏

ثانياً‏ : خطاب الكراهية في قوانين الصحافة واالعام في اقليم

كورد ستا ن

في اقليم كوردستان-العراق صدر عدة قوانين تتعلق باألعام منذ

عام 1992، وبعض هذه القوانين قد تعرضت بصورة صريحة الى حظر

ما يؤدي الى تفشي العنف والكراهية في املجتمع ولكن دون استخدام

لعبارة منع خطاب الكراهية أو لعبارة منع التمييز العنصري.‏

أ/‏ قانون العمل الصحفي في كوردستان رقم)‏‎35‎‏(لسنة 2007

نصت الفقرات الثاث االولى من املادة)‏‎9‎‏(‏ من قانون العمل

الصحفي في كوردستان رقم)‏‎35‎‏(لسنة 2007 على:‏

أوالً:‏ يغرم الصحفي ورئيس التحرير بمبلغ ال يقل عن

)1.000.000( مليون دينار وال يزيد على ‏)‏‎5.000.000‎‏(خمسة

- 37 للتفصيل يف هذه اللوائح التي اصدرتها هئية االتصاالت واالعالم يف العراق ينظر:‏

طارق حرب،‏ االعالم العراقي يف الترشيع ومجلس الطعن واالحكام القضائية،‏ دار الحكمة

للنرش والتوزيع،‏ الطبعة االوىل،‏ ، لندن-‏ اململكة املتحدة،‏ 2011، ص‎112-103‎

163


مايين دينار عند نشره في وسائل اإلعام واحدا مما يأتي:‏

-1 زرع األحقاد وبذر الكراهية والشقاق والتنافر بين مكونات املجتمع.‏

-2 إهانة املعتقدات الدينية او تحقير شعائرها.‏

-3 إهانة الرموز واملقدسات الدينية الي دين أو طائفة أو اإلساءة إليها.‏

ثانياً‏ : تغرم الصحيفة الناشرة بغرامة ال تقل عن )5.000.000(

خمسة مايين دينار وال تزيد على ‏)‏‎2.000.000‎‏(عشرين مليون

دينار إذا نشرت واحدا مما ورد في الفقرة ‏)أوالً(‏ املذكورة مما تقدم.‏

ثالثاً‏ : في حالة العود تجوز للمحكمة زيادة الغرامة على ان ال تتجاوز ضعف

مبلغ الغرامة الواردة في الفقرتين ‏)أوالً‏ وثانيا ً ) املذكورتين فيما تقدم.‏

رابعاً‏ : لادعاء العام واملتضرر حق إقامة الدعوى وفق القانون.‏

ب/‏ قانون منع اساءة استعمال أجهزة االتصاالت في اقليم

كوردستان-العراق الرقم)‏‎15‎‏(لسنة‎2008‎

أما قانون منع اساءة استعمال أجهزة االتصاالت في اقليم كوردستان-‏

العراق الرقم)‏‎15‎‏(لسنة‎2008‎ فقد نص هو ايضاً‏ على منع التحريض

الرتكاب الجرائم وذلك في املادة«‏‎2‎‏«منه.‏ و وضع عقوبة الحبس ملدة

التقل عن ستة اشهر والتزيد عن 5 سنوات و بغرامة التقل عن مليون

دينار و التزيد عن خمسة مايين دينار أو إحدى هاتين العقوبتين.‏

وكذلك تعرض قانون نقابة الصحفيين في كوردستان رقم)‏‎4‎‏(لسنة‎1998‎

ملوضوع نشر ما يؤدي الى اثارة العنف بقوله في املادة)‏‎20‎‏(منه بأنه:‏

‏)اليجوز للصحفي القيام بما يأتي:..-‏‎6‎زعزعة الثقة بالنظام الفيدرالي

وطموحات شعب كوردستان وحق تقرير مصيره وامن مواطنيه بالطرق

املباشرة أو غير املباشرة واثارة غراز الجمهور بأية وسيلة كانت(.‏

ج/‏ قانون مكافحة االرهاب في اقليم كوردستان-العراق رقم)‏‎3‎‏(‏

لسنة‎2006‎

164


نص قانون مكافحة االرهاب في اقليم كوردستان-العراق رقم)‏‎3‎‏(‏

لسنة‎2006‎ في املادة)‏‎4‎‏(‏ منه على انه:)تعد االفعال االتية جرائم ارهابية

ويعاقب عليها بالسجن مدة التزيد على خمس عشرة سنة كل من:‏ ..-4

اذاع عمداً‏ ً اخبارا أو بيانات أو بث دعاية مثيرة لارهاب أو استغل وسائل

االعام املرئية او املسموعة او املقروءة أو االلكترونية أو نشر البيانات

على االنترنيت التي تصل الى حد التشجيع بطرق مباشرة لجرائم ارهابية

تؤدي الى تقويض االمن العام ونشر الذعر بين الناس وتهديد الكيان

السياسي لاقليم(.‏

ويظهر من النص ان الجريمة االرهابية تتشابه الى حد ما مع جرائم

خطاب الكراهية وخصوصاً‏ في االثر املترتب على كل منهما حيث يؤدي

الى التمزق الطائفي وصراع داخلي،‏ وفي استخدام العنف والتهديد

به كأساليب عمل لتحقيق ما تصبو اليه الجاني بفرض االفكار

وااليديولوجية التي يؤمن بها وليس كغايات في حد ذاتها،‏ ولكن مع هذا

التشابه هناك اختافات كبيرة بينهما ايضاً‏ منها )3)) :

1- اختافهما في شخصية املجنى عليه،‏ فضحايا جرائم االرهاب تكون

غير مستهدفة لذاتها وانما جاءت بها الصدف و وضعتها في هذا املوقف.‏

ألن ما يهم االرهابي ليس شخص الضحية بل ما يهمه هو ردة الفعل

الذي يعكسه قتل تلك الضحية والذي يتمثل في اشاعة الخوف والفزع

بين الناس أو في تلك الشريحة التي ينتمي اليها املجنى عليه.‏ في حين ان

األوصاف املرتبطة بشخصية املجنى عليه تكون عنصراً‏ ً حاسما في جرائم

الكراهية.‏

- 2 ان العنف في الجرائم االرهابية يصل الى مستوى غير عادي من

- 38 وسام بشار عبدالفرج،‏ جرائم الكراهية-‏ دراسة مقارنة يف القوانن الوطنية

والدولية،‏ رسالة ماجستر قدمت اىل مجلس كلية القانون بجامعة بغداد-العراق

عام‎2015‎‏،‏ ص‎75-74‎

165


َ

الجسامة ألن هذا املستوى هو الذي يمكن من خاله تحقيق حالة

الذعر العام،‏ في حين قد اليشترط مثل ذلك في جرائم الكراهية.‏

د/‏ تعليمات تنظيم الطيف الترددي في اقليم كوردستان رقم)‏‎1‎‏(‏

لسنة 2014

يبدو ان تعليمات تنظيم الطيف الترددي في اقليم كوردستان العراق

رقم)‏‎1‎‏(لسنة 2014 و الخاصة بترخيص عمل محطات االذاعة والتلفزة

هي الوحيدة التي استخدمت عبارة:‏ كل ما يؤدي الى التمييز العنصري

والتطرف،‏ وذلك في املادة الثالثة منها والخاصة بشروط جودة االعام

والبث اذ نص على انه يجب على االعام املرئي واملسموع مراعاة بعض

النقاط منها:‏

- االبتعاد عن تخريب السلم االجتماعي والعائلي.‏

- عدم نشر البرامج والفقرات التي تؤدي الى التحريض على التمييز

العنصري و العنف و العصبية في كافة مجاالت الحياة)‏ الدينية الطائفية

والقومية واملناطقية(.‏

ً

وقد نصت تلك التعليمات بأن القنوات املخالفة للفقرات املذكورة سابقا

يوقف بثها ملدة اسبوع،‏ وذلك بناءً‏ على طلب قسم املوترنينغ في وزارة الثقافة

أو السلطة القضائية أو االدعاء العام أو نقابة الصحفيين الكوردستاني.‏

وبالنظر للمواد والبنود القانونية السابقة في التشريعات االعامية

الصادرة في اقليم كورستان والنافذة الى ح دّ‏ كتابة هذه الورقة،‏ فان

املشرع الكوردستاني لم يستخدم بصورة صريحة كلمة خطاب الكراهية

وال التجريم تجاه ما يدعو الى التمييز العنصري.‏ كما تقتضيه املواثيق

الدولية و تتبناه بعض القوانين في الدول االوروبية ومنها قانون العقوبات

السويدي لعام 1962 وذلك في املادة)‏‎700‎‏(منه )3)) . لكنه في تعليماتٍ‏

- 39 للمزيد حول نص املادة اعاله يف القانون العقوبات السويدي ينظر:‏ منذر الفضل،‏

مصدر االكرتوين سابق.‏

166


صادرة عن وزارة الثقافة خاصةٌ‏ بتنظيم الطيف الترددي لعمل محطات

االذاعة والتلفزة وذلك عندما أشار الى التحريض على العنف و التمييز

العنصري فقط،‏ دون االشارة الى خطاب الكراهية.‏

3: سبل الحد من خطاب الكراهية في االعام العراقي

ً

نتعرض في هذه الجزئية آلليات الحد من خطاب الكراهية و خصوصا

في االعام العراقي،‏ اذ نرى انه للحد من ذلك النوع من الخطاب يتحتم

تكاتف جهود أطراف عديدة كاملؤسسات الرسمية و منظمات املجتمع

املدني و االعاميين انفسهم،‏ وكاآلتي:‏

1-3: دور املؤسسات الرسمية للحد من خطاب الكراهية

ان للمؤسسات الرسمية الحكومية واملستقلة كأدعاء العام وهيئة

االتصاالت واالعام و املؤسسات التعليمية واالكاديمية دور كبير في

الحد من نشر خطاب الكراهية،‏ فاملؤسسات التعليمية والتربوية

تستطيع ان تدخل مبادىء حقوق االنسان ضمن مناهج الدراسة وهذا

في النهاية يساعد على تثقيف الناس باحترام حقوق وحريات االخرين و

ترسيخ مبادىء التعايش السلمي وقبول اآلخر بين االفراد.‏

واذا كان التثقيف بحقوق االنسان يعد من الخطوات املهمة

لنبذ خطاب الكراهية،‏ ولكنه غير كاف،‏ فيجب أن يكمله التثقيف

باالستخدام املسؤول للمنابر العامة كاملساجد واملنابر الجامعية و

القنوات االعامية و وسائل التواصل االجتماعي من اجل الحد من

خطاب الكراهية.‏ وهذا بالتأكيد يقع على عاتق املؤسسات الرسمية في

ان تعمل على حسن ادارة تلك املنابر العامة و عدم السماح للمتطرفين

في استخدام تلك املنابر للتهجم على االديان و القوميات و الطوائف

االخرى خارج الحدود املألوفة للنقد والحرية االكاديمية.‏

167


وعن دور املؤوسسات الرسمية في الحد من خطابات الكراهية ينبغي

لنا ان نذكر انه عند سقوط النظام البعثي في العراقي عام 2003 و

بسبب نهج بعض القنوات االعامية في ذلك الوقت قرر مجلس الحكم

بقراره املرقم)‏‎47‎‏(‏ في 22--9 2003 اغاق مكاتب قناة الجزيرة و العربية

الفضائيتين وحظرعمل مراسليها في انحاء العراق ملدة شهر واحد من

تاريخ صدور القرار،‏ وكان ذلك بسبب قيام هاتين القناتين بنشر رسائل

اعامية وتصاريح بعض املتطرفين من بقايا البعثيين وجماعات القاعدة

املصنفة باالرهاب في العراق وكثير من دول العالم وقد تضمنت ذلك

الدعوة الى استعمال العنف والتحريض على الكراهية ليست ضد

السلطة السياسية في العراق فقط بل ضد بعض مكوناتها املذهبية

والقومية ايضاً‏ . وقد جاء في القرار أنه يسمح للمكاتب القناتين بالعمل

شريطة اقتناع املجلس بالتزامهما باسلوب عمل االعامي يعتمد التوازن

وينآى عن التحريض على العنف وإثارة الفتن العرقية والطائفية

والدينية في العراق على وفق املعايير االعامية املتبعة عاملياً‏ في العمل

االعامي،‏ وقد ذكر في القرار أن السبب من اصداره للقرار يعود الى

التجاوزات املتكررة التي قامت بها القناتان إلذاعة اصوات تدعو الى

العنف السياسي في العراق وتصل في بعض االحيان الى التحريض

الصريح على القتل وهذا مايُ‏ سهم في تعقيد املشاكل االمنية في البلد

واالضرار الخطير بمسيرة العراق نحو االستقرار والديمقراطية.‏

ففي أحدث محاولة ملؤسسات الدولة للحد من ظاهرة خطاب

الكراهية،‏ قامت مديرية أوقاف قضاء كويسنجق في محافظة أربيل في

أقليم كوردستان-العراق في‎2022-3-19‎ وبناءاً‏ على شكوى من دائرة

االدعاء العام فيه بمعاقبة خطيب أحد املساجد بعقوبات ادارية آبان

عيد نوروز الذي يصادف‎3/21-20‎ في كل عام،‏ النه نشر في مواقع

168


التواصل االجتماعية حديث لذلك الخطيب صرح فيه بعبارات عنيفة

أن عيد نوروز الذي يبدأ باشعال النار هو عيد الكفار وعابدي النار

وإن من يشارك فيه يعد مشركاً‏ باهلل )4)) ! في حين أن ذلك العيد هو أهم

عيد قومي للكورد و لكثير من القوميات األخرى في العالم ويعد عيد رأس

السنة الكوردية ايضاً‏ ، الى حد يعلن عطلة رسمية طويلة ملدة 10-7 أيام

في االقليم وعطلة ملدة يوم واحد أويومين في عموم العراق ايضاً‏ وذلك

للتعبير عن االفراح والسعادة.‏

لذلك فما نشره ذلك الخطيب وفي املواقع العامة من آراء غير موثقة

بوثائق علمية و باسلوب عنيف دون مراعاة لشعور االخرين،‏ قد يعد

ضمن خطاب الكراهية وقد يؤدي الى التحريض على العنف من قبل

مؤيديه و خصوصاً‏ عندما يصف املحتفلين بالنوروز بالكفار واملشركين!‏

ويعيد الى اذهان مؤيديه ما على الكفار واملرتدين من عقاب دنيوي

شديد اضافة الى ما ينتظرهم من عقاب اخرى.‏

ويجب ان الننسى ان لهيئة التصاالت واالعام التي هي مؤسسة

رسمية للدولة العراقية دوراً‏ كبيرا ً في الحد من خطابات

الكراهية اذا ما استطاعت ان تعمل بمهنية و احترافية بحسب

االهداف التي اسست من اجلها،‏ ذلك النها وبما لها من امكانيات

مادية وبشرية تستطيع ان تقوم برصد )4)) تلك الخطابات في وسائل

االعام املختلفة وان تتخذ اجراءات مناسبة للحيلولة دون تكرارها.‏

ً ايضا

- 40 أوقاف كوردستان تبعد خطيباً‏ هاجم ‏»نوروز«‏ بعد صدور مذكرة قبض ضده،‏

خر منشور يف موقع ناس االخبارية،‏ وعى العنوان االلكرتوين االيت:‏ https://www.

nasnews.com/view.php?cat=82097

- 41 لهيئة االتصاالت واالعالم يف العراق مجلة متخصصة لرصد انتهاكات وسائل

االعالم العراقية باسم)الرصد(.‏ حيث يتم نرش التجاوزات االعالمية للوائح الهيئة مع

ذكر التاريخ والساعة و نوع التجاوز.‏

169


2-3: دور املنظمات الدولية واملحلية للحد من خطاب الكراهية

للمنظمات الدولية والوطنية دور كبير للحد من خطاب الكراهية

وذلك من خال اصدار الوثائق الدولية املعنية بحقوق االنسان و نبذ

الكراهية أو من خال رصد خطاب الكراهية أو آليات أخرى لنشر

ثقافة التسامح وتقبل اآلخر.‏ وفيما يلي بعض هذه النشاطات للمنظمات

الدولية واملحلية للحد من خطاب الكراهية )4)) :

- يعد تحالف االمم املتحدة للحضارات-‏ املنشأ عام -2005 كيانا ً تابعاً‏

للمنظمة و مكلفاً‏ باملساعدة على الحد من العداء وتعزيز الوثام فيما بين

االمم من اجل النزاعات والنهوض بالتاحم االجتماعي.‏ ويشارك التحالف

في مبادرات تتعلق بالتثقيف بوسائط االعام و املعلوماتية بهدف تعليم

مستخدمي تلك الوسائط كيفية التفسير النقدي للمعلومات الواردة

اليها.‏ وكذلك تضم تلك املبادرات مركزاً‏ لتبادل املعلومات وانشاء شبكة

عاملية من الجامعات و تنسيق حلقات العمل الخاصة باملعلمين.‏

- لقد انشأت في كينيا عام 2008 اللجنة الوطنية للترابط واإلدماج

وهي مكلفة بتعزيز الوئام بين اإلثنيات و التحقيق في الشكاوى املتعلقة

بالتمييز االثني أو العنصري أو في كل قضية تؤثر في العاقات فيما بين

اإلثنيات واالعراق.‏ وتواجه اللجنة خطاب الكراهية من خال إجراءات

تتضمن وضع مبادىء توجيهية لوسائط االعام و كتيبات تدريبية

ملوظفي تطبيق القانون وتنظيم حلقات عمل و مؤتمرات.وقد جاء انشاء

هذه اللجنة بعد موجة خطابات الكراهية وأعمال العنف التي سادت

في كينيا في اعقاب االنتخابات الرئاسية في عام 2007 و راح ضحيتها أكثر

من)‏‎1000‎‏(قتيل و نزوح أكثر من نصف مليون شخص.‏

- وفي عام 2012 اطلق مجلس أوروبا حملة بعنوان«‏ حركة مناهضة

- 42 للمزيد حول ذلك ينظر:‏ تقرير املقررة الخاصة املعنية بقضايا االقليات يف

منظمة االمم املتحدة-‏ ريتا ايجاك ، مصدر سابق،‏ ص‎23‎

170


خطاب الكراهية«‏ وهي حملة موجهة للشباب بهدف مكافحة خطاب

الكراهية على االنترنيت بأشكاله كافة.‏ وذلك لتزويد الشباب باملهارات

الازمة لتحديد خطاب الكراهية والعنصرية والتمييز مع التعبير.‏

لذلك نناشد منظمات املجتمع املدني في العراق وخصوصاً‏ تلك ذات

العاقة بالديمقراطية و حرية الصحافة وحقوق االنسان العمل أكثر

من اجل نشر ثقافة السام واالعتدالية و تقبل االخر و فتح باب الحوار

والنقاش الهاديء بين االديان والطوائف والقوميات من اجل الحد من

خطابات الكراهية والتحريضية ضد اآلخر.‏

3-3: دور وسائل االعالم للحد من خطاب الكراهية

تعد سائل االعام ساحاً‏ ذا حدين،‏ فإذا أحسن استخدامها تنفع

االفراد و املجتمع،‏ واذا اسيء استخدامها تضر باالفراد واملجتمع.‏ لذلك

اذا اردنا ان نحد من خطاب الكراهية في املجتمع ونحقق االمن والوئام

فيه يجب ان نعمل على حسن عمل الوسائل االعامية ونقلل من

مساوئها و أضرارها.‏

وأول من يجب ان ينبهه ملخاطر خطاب الكراهية هو االعاميون،‏

ذلك النهم في اتصال مباشر مع املجتمع اذ يخاطبونهم يومياً‏ بخطباتهم

اليومية.‏ هذا عدا من ان الناس يثق الى حد كبير باالعامين ويؤمن بما

يبثه القنوات االعامية واحياناً‏ يقلد الرموز االعامية ايضا ً .

ويجب على االعامي ان يلتزم باملعايير االحترافية للعمل االعامي

وان يتجنب الخلط بين املعلومة والرأي و ان الينحاز الى جهة على

حساب جهة اخرى وخصوصاً‏ في البرامج التي يتم استضافة اشخاص

من مكونات مختلفة في آن واحد.‏ بل هنالك من ينادي بضرورة قيام

االعامي بوضع ضوابط لاشخاص الذين تستضيفهم شريطة ان

171


اليتقاطع ذلك مع الحق في حرية التعبير وحقوق االنسان التي تحتم

حظر خطاب الكراهية ايضاً‏ ، وان يعطي للمناهضين للصراع والنزاع

الداخلي وللمعتدلين فرصة كبيرة في االستضافة في القنوات االعامية

بدالً‏ من املتشددين واملروجين للخطابات الكراهية ضد املكونات االخرى

العرقية والدينية وغيرها )4)) .

ولكن اذا كانت من السهل ‏-الى حد ما-‏ السيطرة على الوسائل

االعامية التقليدية كاآلذاعة والتلفزيون والصحافة الورقية سواء كان

ذلك عن طريق تثقيفهم بطرق متعددة ملخاطر نشر خطاب الكراهية

أوعن طريق مساءلة املسؤولين عنها في حالة نشر موضوع متضمن

لخطاب الكراهية كمحاسبة صاحب االمتياز و رئيس التحرير،‏ اذا نصت

اغلبية القوانين االعامية على أنهم مسؤولون عمّ‏ ا ينشر في وسائلهم

االعامية بجانب صاحب املوضوع أو في حالة عدم معرفة صاحب

املوضوع.‏ وهذا ما يؤدي الى قيام املسؤولين في الوسيلة االعامية الى

الحيطة والحذر اكثر ملا ينشر فيها خوفا ً من مساءلتهم قانوناً‏ . إال انّ‏

االمر ليس بذلك السهولة فيما يتعلق بالوسائل االعامية الجديدة.‏

فقد سمحت شبكة االنترنيت بتاقي أصحاب الفكر املتعصب

و املتطرفين عبر املسافات و باسماء وهمية وسهل عملية التواصل

فيما بينهم بمبالغ زهيدة،‏ وذلك بهدف الحشد والتجنيد لبث

الكراهية تجاه فئات و مجموعات معينة.‏ ويجد هؤالء االشخاص

في االعام االجتماعي و مواقع االنترنيت العديد من السبل،‏ منها

التعليق في موقع االخبار«الكومينت«‏ وعادة التتعلق تلك التعليقات

بالخبر نفسه،‏ لذا بدأ العديد من الصحف املشهورة بفرض الرقابة

املسبقة على التعليقات،‏ وقامت صحف اخرى ومنها الصحف في

- 43 د.‏ ارادة زيدان الجبوري،‏ مصدر سابق،‏ ص‎404‎

172


الواليات املتحدة بإلغاء تلك الخاصية بسبب الكراهية املنشورة )4)) .

فخطاب الكراهية يعصف بشبكات التواصل االجتماعي في أماكن

كثيرة في العالم،‏ ألسباب عرقية أو دينية أو سياسية أو طائفية او غيرها

من انماط االنتماءات،‏ و وجد أصحاب ذلك الخطاب في هذه الشبكات

فضاء عاماً‏ ينشرون من خاله خطاب كراهيتهم ليصل الى االالف

واحياناً‏ املايين،‏ وهذا ما يتضاعف اثره و يعظم ضرره،‏ وقد يتحول هذا

الخطاب من العالم االفتراضي الرقمي الى عالم مادي و الى جرائم كراهية

وعنف حقيقية.‏ ولسرعة ما يتم نشره في تلك املواقع االجتماعية فقد

ال يمكن تصحيح واحتواء تلك املحتويات الضارة اال بعد وقوع االضرار

الواقعية بسببها و هذا ما يسمى ب)‏ الحرائق الرقمية(‏ )4)) .

ويبدو ان ‏»الحرائق الرقمية«‏ يعد من املخاطر الجديدة التي

سيواجهها العالم بسبب الوسائل االعامية الجديدة،‏ فمثاً‏ حدث في

عام 2012 ان قام أحد االشخاص في الواليات املتحدة االمريكية بنشر

فيديو لفيلم بعنوان«براءة املسلمين«‏ على موقع يوتيوب يحمل اساءة

بالغة للرسول)ص(،‏ وقد تسبب هذا الفيديو في اعمال العنف املعادية

للواليات املتحدة االمريكية في أكثر من دول عربية واسامية راحت

ضحيتها عشرات من االشخاص ومن بينهم السفير االمريكي في ليبيا

السيد كريستوفر ستيفنز )4)) .

- 44 نايجل ووربرتن،‏ حرية التعبر،‏ ترجمة:‏ زينب عاطف سيد،‏ الطبعة االوىل

االوىل،‏ كلامت وهنداوي للنرش والتوزيع،‏ القاهرة-مرص،‏ 2013. بدون صفحة،‏ نقالً‏

عن:‏ نارص سعود محمد الرحامنة،‏ خطاب الكراهية يف شبكة الفيس بوك يف األردن-‏

دراسة مسحية،‏ رسالة ماجستر قدمت اىل قسم الصحافة واالعالم بكلية االعالم يف

جامعة الرشق االوسط يف االردن،‏ 2018، ص‎12-11‎

- 45 والحريق الرقمي هو كل شائعة أو معلومة خاطئة أو رسالة كراهية تنترش

برسعة كبرة من خالل شبكات التواصل االجتامعي وميكن ان يكون لها تأثر مدمر

يف الواقع قبل أن يتم تصحيحها أو أحتواؤها.‏ للمزيد حول ذلك ينظر:‏ نارص سعود

محمد الرحامنة،‏ مصدر سابق،‏ ص‎12‎

- 46 د.‏ خالد الغمري،‏ الحرائق الرقمية،‏ مقال منشور يف صحيفة االهرام املرصية،‏ العدد

173


لذلك يجب على املختصين العمل على الحد النتشار ظاهرة خطاب

الكراهية في الوسائل االعام الجديدة،‏ قبل ان يؤدي االمر الى مزيد من

أعمال العنف و ارتكاب الجرائم التي قد ال تهدد االمن والسلم االجتماعي

فحسب بل قد تهدد االمن والسام على املستوى الدولي ايضاً‏ . ومن اجل

ذلك يجب تكاتف جهود االعاميين و القانونيين و التكنولوجيين ملأل

الثغرات التي يستغلها ذو النفوس الضعيفة لنشر الكراهية والبغضاء

لألضرار بالغير.‏

فاالعام املسؤول يستطيع ان ينبه املجتمع لخطورة خطاب الكراهية

و ينشر ثقافة التسامح و تقبل االخر،‏ ذلك الن املجتمع يتسع للجميع،‏

وال يمكن إلحد ان يفرض افكاره و معتقداته على االخرين وان ينشر ما

يؤدي الى التمييز العنصري بين الناس على اساس الدين أو العرق و

غيرها من االنتماءات.‏

46776، يف 2014-12-31، واملتاح عى العنوان االلكرتوين اآليت:‏ https://gate.ahram.org.

/351514/4/eg/daily/News/51412

174


الخاتمة:‏

بعد كل ما تناولناه حول خطاب الكراهية في االعام العراقي وسبل

الحد منه،‏ فقد توصلنا الى عدة استنتاجات من أهمها:‏

1- ان االعام العراقي قد انخرط في السابق في نشر خطاب الكراهية

وخصوصاً‏ بين املذاهب الدينية كالشيعة والسنة أو بين القوميات

املختلفة كالعرب والكورد،‏ الن اكثرية القنوات االعامية هي قنوات

ً

حزبية وايديولوجية،‏ وان أكثرية االحزاب العراقية قد اثارت احيانا

مواضيع طائفية وقومية و لعبت على وتر االحساس الطائفي لدى

الناخب العراقي للحصول على االصوات االنتخابية.‏

2- ان مصطلح خطاب الكراهية مصطلح مبهم بعض الشيء و

شامل ايضاً‏ ، اذ بجانب تضمنها لجريمة التحريض نحو العنف و

جريمة املساس بالشعور الديني وبعض الجرائم االخرى،‏ يتضمن بعض

التجاوزات التي تعد انتهاكات اخاقية ولكن قد ال تصل الى حد تشكيل

الجريمة وخصوصاً‏ في الدول التي لم تتبن في تشريعاتها جرائم الكراهية

بشكل دقيق ومفصل.‏

3- يجب عدم اعطاء تفسير واسع ملفهوم خطاب الكراهية لدرجة

يؤدي األمر الى حظر ما يدخل ضمن نطاق حرية التعبير عن الرأي و

حق النقد،‏ وملعرفة هل الخطاب هو لنشر الكراهية أو للتعبير عن حرية

الراي يجب ان ننظر الى عدة مسائل ومن ابرزها نية املخاطب و موضوع

الخطاب فيما اذا كان يتعلق بكره جماعة عرقية أو دينية أو باية

مجموعات اخرى أو مجرد ابداء الراي والنقد حول مسالة من املسائل.‏

4- أكدت اغلبية املواثيق واملعاهدات املتعلقة بحرية الراي و حقوق

االنسان ان من حق الدول ان تحظر بالقانون كل دعاية للحرب و كل

ً

دعوات الى الكراهية القومية والعنصرية والدينية التي تشمل تحريضا

175


على العداوة أو العنف و الجريمة.‏ ومن بين هذه املواثيق العهد الدولى

للحقوق املدنية والسياسية الصادرة من قبل منظمة االمم املتحدة في

عام 1966 وذلك في املادة«‏‎20‎‏«‏ منه.‏

5- اذا كان التمييز بين ما يدخل ضمن حرية التعبير وأبداء الرأي وما

يدخل ضمن مفهوم خطاب الكراهية و التحريض نحو العنف وارتكاب

الجرائم من املسائل القانونية الدقيقة التي يجب التعامل معها بالدقة

و االحترافية،‏ ولكن عندما يكون التمييز بينهما واضحاً‏ دون تأمل وتفكيرٍ‏

طويل وذلك بالتحريض بصورة واضحة نحو العنف و الكراهية على

اساس القومية و الدينية بما يهدد السلم االجتماعي انذاك فحتى في أرقى

البلدان الديمقراطية يتم محاسبة املحرض بعقوبات مناسبة.‏ ولكن

حظر اي موضوع قابل للنشر يجب ان يتم وفقاً‏ لإلجراء الثاثي املحدد

طبقاً‏ لنص املادة)‏‎19‎‏(‏ من العهد الدولي للحقوق املدنية والسياسية لعام

1966، اذ يجب ان يكون ذلك الحظر ضرورياً‏ و أن تكون وفقا ً للنصوص

القانونية واضحة وان تكون بهدف حماية حقوق أخرى محمية بموجب

القانون الدولي لحقوق االنسان.‏

6- ضرورة تدخل املشرع العراقي الصدار قانون خاص بمكافحة

جرائم الكراهية اذ يتضمن في طياته تجريم ما يؤدي الى التمييز العنصري

بنصوص قانونية دقيقة ومنضبطة كما هو معمول به في املجتمعات

الديمقراطية واملتمدنة وبما اليؤدي الى تحجيم وتضييق نطاق حرية

التعبير عن الرأي ، وشريطة ان تشارك نخبة من رجال القانون واملثقفين

و منظمات املجتمع املدني في وضعها مشاركة حقيقية.‏

7- إن أحكام جريمة التحريض على الكراهية لم تطبق في العراق

كما ينبغي إال ما ندر،‏ وكانت في السابق وخصوصاً‏ ابان نظام الحكم

البعثي في العراق تطبق كثيراً‏ بهدف حماية السلطة وسامة نظام الحكم

176


، في حين ان في البلدان الديمقراطية تطبق أحكام التحريض على

الكراهية لحماية أفراد املجتمع و تحقيق السلم االهلي والشعبي،‏ وال

تطبقه لحماية النظام السياسي اال ما ندر وبشروط مشددة.‏

8- تملك وسائط االعام التقليدية واملعاصرة امكانيات كبيرة سواء

كان لنشر خطاب الكراهية وعدم قبول اآلخر أو لنشر ثقافة التسامح

واملعرفة بالتنوع االجتماعي وقبول اآلخر.‏ لذلك يجب تثقيف االعاميين

بمبادىء حقوق االنسان والتسامح أوالً‏ و من ثم تعزيز قدراتهم لرصد ما

يدخل ضمن خطاب الكراهية بهدف عدم نشره أو االسراع في معالجته

و إزالته قدر االمكان وخصوصاً‏ في الوسائل االعامية الجديدة.‏

177


قائمة املصادر

أوالً:‏ الكتب

1- أحمد عزت و فهد البنا و نهاد عبود،‏ خطابات التحريض و حرية التعبير-‏

الحدود الفاصلة،‏ دليل اصدره مؤسسة حرية الفكر والتعبير،‏ مصر،‏ دون سنة

نشر.‏

2- بتروفسكي.ف و ياروشفيسكيم.ج،‏ معجم علم النفس املعاصر،‏ ترجمة:‏

حمدي عبدالجواد و عبدالسام روضان،‏ دار العلم الجديد،‏ القاهرة-مصر،‏ 1996.

3- د.‏ سعد ابراهيم االعضمي،‏ موسوعة مصطلحات القانون الجنائي،‏ الجزء

االول،‏ دار الشؤون الثقافية العامة،‏ بغداد-العراق،‏ 2002.

4- طارق حرب،‏ االعام العراقي في التشريع ومجلس الطعن واالحكام القضائية،‏

دار الحكمة للنشر والتوزيع،‏ الطبعة االولى،‏ ، لندن-‏ اململكة املتحدة،‏ 2011.

5- كمال دسوقي،‏ ذخيرة تعريفات مصطلحات علوم النفس،‏ املجلد االول،‏

مطبعة االهرام،‏ مصر،‏ 1988.

6- د.‏ عبدهللا مبروك النجار،‏ اساءة استعمال حق النشر،‏ دار النهضة العربية،‏

القاهرة-‏ مصر،‏ 2002-2001.

7- وليد حسني زهرة،‏ اني اكرهك-‏ خطاب الكراهية والطائفية في اعام الربيع

العربي،‏ مركز حماية وحرية الصحفيين،‏ الطبعة االولى،‏ عمان-االردن،‏ 2014.

ثانياً‏ : الرسائل واالطاريح العلمية

1- ناصر سعود محمد الرحمانة،‏ خطاب الكراهية في شبكة الفيس بوك في

األردن-‏ دراسة مسحية،‏ رسالة ماجستير قدمت الى قسم الصحافة واالعام بكلية

االعام في جامعة الشرق االوسط في االردن،‏ 2018.

2- وسام بشار عبدالفرج،‏ جرائم الكراهية-‏ دراسة مقارنة في القوانين الوطنية

والدولية،‏ رسالة ماجستير قدمت الى مجلس كلية القانون بجامعة بغداد-العراق

عام‎2015‎‏.‏

ثالثاً‏ : املجالت العلمية

178


1- د.‏ إرادة زيدان الجبوري،‏ خطاب الكراهية في وسائل اإلعام العراقية،‏ مجلة

آداب الفراهيدي،‏ العدد 36، كانون الثاني 2019.

2- د.‏ اياد خلف محمد و سعد ناصر حميد،‏ جريمة إثارة الكراهية-‏ بين

اشكالية تأويل النصوص القرآنية وفاعلية التشريعات الوطنية،‏ بحث منشور في

مجلة العلوم القانونية،‏ كلية القانون بجامعة بغداد،‏ العدد الثاني،‏ العراق،‏ 2018.

رابعاً‏ : القوانين والتعليمات

1- القانون املدني العراقي رقم )40( لسنة 1951.

2- قانون العقوبات العراقي النافذ رقم )111( لسنة 1969.

3- قانون املطبوعات العراقي رقم )206( لسنة 1968.

4- قانون نقابة الصحفيين العراقي رقم)‏‎178‎‏(لسنة 1969.

5- قانون نقابة الصحفيين كوردستان رقم)‏‎4‎‏(لسنة 1998.

6- قانون هيئة االتصاالت واالعام العراقي االمر املرقم)‏‎65‎‏(لسنة‎2004‎‏.‏

7- قانون الصحافة الكوردستاني رقم ‏)‏‎35‎‏(لسنة 2007.

8- قانون منع اساءة استعمال أجهزة االتصاالت في اقليم كوردستان-العراق

الرقم)‏‎15‎‏(لسنة‎2008‎‏.‏

-9 قانون حقوق الصحفيين العراقي رقم)‏‎21‎‏(لسنة 2011.

-10 تعليمات تنظيم الطيف الترددي في اقليم كوردستان والخاصة

بترخيص عمل محطات االذاعة والتلفزة رقم)‏‎1‎‏(‏ لسنة 2014.

خامساً‏ : الوثائق واملعاهدات الدولية

1- الشرعة الدولية لحقوق االنسان لعام 1948.

2- العهد الدولي الخاص بالحقوق املدنية والسياسية لعام 1966.

3- االتفاقية الدولية ملنع كافة أشكال التمييز العنصري لعام 1965 والنافذة

في عام 1969

4- اتفاقية الدول االمريكية لحقوق االنسان لعام 1969

5- ميثاق الشرف الصحفي،‏ الذي وافق عليه املجلس االعلى للصحافة املصرية

179


عام 1998.

6- تقرير املقررة الخاصة املعنية بقضايا االقليات-‏ ريتا ايجاك،‏ املرقم /

64/HRC/28 A، في دورة الثامنة والعشرون في مجلس حقوق االنسان الجمعية

العامة لألمم املتحدة ببتاريخ 2015-1-5.

سادساً‏ : املصادر االلكترونية

1- د.‏ خالد الغمري،‏ الحرائق الرقمية،‏ مقال منشور في صحيفة االهرام

املصرية،‏ العدد 46776، في 2014-12-31، واملتاح على العنوان االلكتروني االتي:‏

/351514/4/https://gate.ahram.org.eg/daily/News/51412

2- د.‏ شيماء الهواري،‏ مفهوم خطاب الكراهية في الشرعية الدولية،‏ موقع مركز

عدل لحقوق االنسان،‏ 2019، موضوع متاح على العنوان االلكتروني االتي:‏

https://adelhr.org/portal/5637

3- د.‏ منذر الفضل،‏ جريمة الكراهية،‏ موقع العراق اليوم،‏ واملتاح على العنوان

االلكتروني اآلتي:‏ 8A%%https://www.dw.com/ar/%D8%AC%D8%B1%D9

85%D8%A9-%D9

4- د.‏ ياسر محمد اللمعي،‏ جريمة التحريض على العنف بين حرية الرأي و

خطاب الكراهية-‏ دراسة تحليلة مقارنة،‏ مجلة كلية القانون بجامعة طنطا،‏

مصر،‏‎2014‎‏،‏ ص‎15-14‎‏،‏ بحث متاح على العنوان االلكتروني االتي:‏

https://law.tanta.edu.eg/files/Conf.pdf

- 5 د.‏ بيرق حسين جمعة الربيعي،‏ دور مواقع التواصل االجتماعي في بناء

خطاب الكراهية،‏ بحث مقد الى املؤتمر الدولي حول خطاب الكراهية وأثره في

التعايش املجتمعي والسلمين اإلقليمي والدولي بجامعة صاح الدين في أربيل-‏ أقليم

كوردستان-العراق،‏ ص‎7‎‏.‏ واملنشور على العنوان االلكتروني األتي:‏

https://doi.org/10.31972/dhiscrip19.008

6- أوقاف كوردستان تبعد خطيلباً‏ هاجم ‏»نوروز«‏ بعد صدور مذكرة قبض

ضده،‏ خبر منشور في موقع ناس االخبارية،‏ وعلى العنوان االلكتروني االتي:‏

180


https://www.nasnews.com/view.php?cat=82097

7- مبادىء كامدن حول حرية التعبير واملساواة

https://www.article19.org/data/files/pdfs/standards/camdenprinciples-arabic.pdf

سابعاً‏ : القواميس واملعاجم اللغوية

1- وكذلك ابو الفضل جمال الدين محمد بن منظور،‏ لسان العرب،‏ املجلد

الثالث،‏ بيروت-لبنان،‏ 2015.

2- املنجد في اللغة واالعام ، دار املشرق،‏ بيروت-لبنان،‏ الطبعة الرابعة

والعشرون،‏ 1986.

181


182


الفصل الرابع

اآلثار املترتبة عن صناعة التضليل اإلعالمي على املجتمع

183


املقدمة:‏

ليس « التضليل اإلعامي«‏ ظاهرة جديدة في عالم الصحافة والعمل

اإلعامي،‏ فقد وصلت تكاليفها السلبية إلى مستوى آخر في السنوات األخيرة

حيث أدت املعلومات املضللة املتعلقة ب COVID-19 إلى مقتل عدد ال يحصى

من األرواح في جميع أنحاء العالم.‏

ويرى الباحثون في مجال تكنولوجيا اإلتصال واإلعام أن ظهور وسائل

التواصل االجتماعي أدى إلى زيادة نطاق وانتشار ووصول املعلومات املضللة

بشكل كبير وخاصة في املجتمعات التي تسود فيها شدة رقابة األنظمة

السياسية وتقييد حرية الصحافة والتعبير عن الرأي وحجب املعلومات عن

الرأي العام الجماهيري،‏ فقد تحولت منصات وسائل التواصل االجتماعي

إلى مرافق معلومات عامة تتحكم في كيفية رؤية معظم الناس للعالم،‏ وهذا

ما يجعل املعلومات املضللة تنشر وتُ‏ بث بشكل سلس،‏ وبإمكانها أن تسبب

مشاكل سياسية واجتماعية عديدة من خال جعل املواطنين يفقدون الثقة

في النظام السياسي مثاً.‏ لذلك إن الحديث عن التضليل اإلعامي هنا،‏ هي

بمثابة تقديم قراءة نقدية ملمارسات وسائل االعام الجماهيري في الدرجة

األولى،‏ ثم التركيز على املنصات االلكترونية وحسابات وصفحات خاصة

وعامة على شبكات التواصل االجتماعي حيث يعتبر نماذج مثالية لبقية

وسائل االعام التقليدي من حيث حرية االستخدام،‏ واالستقالية في النشر،‏

لكنها في الواقع،‏ تصبح أداة للتاعب بها وقناة للتضليل اإلعامي،‏ سواء

عن قصد أو عن غير قصد،‏ وخاصة في أوقات األزمات والحروب واإلفتعال

الداخلي،‏ نظراً‏ لدورها املعتبر في تشكيل الرأي العام املحلي.‏

وفي هذا الفصل،‏ نحاول أن نعرض ونشرح االسباب الكامنة وراء ظاهرة

ً

التضليل االعامي عن طريق وسائل االعام التقليدي والجديد،‏ وتحقيقا

لألهداف السياسية العامة للفصل،‏ تم تقسيمه إلى مبحثين،‏ خصص

املبحث األول - الذي جاء تحت عنوان:‏ التضليل اإلعامي،‏ مفاهيمه وأسسه

184


ً

النظرية واإلجرائية-‏ باإلطار املفاهيمي ملصطلحات مترابطة ومتداخلة

مع أصل مصطلح التضليل اإلعامي،‏ متضمناً‏ تناول التضليل اإلعامي،‏

مفهومه،‏ وتعريفه االصطاحي واللغوي،‏ مع عرض وتقديم األشكال األخرى

لتضليل الرأي العام في عالم الصحافة واإلعام،‏ ثم بينا أهداف ودوافع

التضليل اإلعامي ومساوئه على الجمهور املستهدف.‏ وخصصنا في املبحث

األول محوراً‏ حول الصورة النمطية كأحدى مظاهر التضليل اإلعامي،‏ وبي ّ نا

املعنى االصطاحي للصورة النمطية في وسائل االعام ودوافع صنعها،‏ مع أخذ

موضوع الصورة النمطية للمرأة في وسائل اإلعام بنظر االعتبار،‏ مع معالجة

الصورة النمطية في القوانين واملواثيق األخاقية اإلعامية.‏ وخصصنا ختام

املبحث بمحور متميز حول صناعة املصطلحات اإلعامية،‏ وبيّ‏ نا تعريفاتها

النظرية واإلجرائية في مجال العمل االعامي،‏ وأشرنا إلى مراحل تصنيع

املصطلحات اإلعامية،‏ واستخدام بعض وسائل اإلعام املحلية عند تناوله

القضايا املتعلقة بالهوية الجندرية،‏ مصطلحات إعامية تحمل في مضامينها

إتهامات وأوصافا مشينة ألخاقيات العمل الصحفي.‏

أما املبحث الثاني من الفصل فتناول جزئيات تطبيقية ملوضوع التضليل

اإلعامي الذي جاء تحت عنوان:‏ اساليب التضليل في وسائل اإلعام التقليدي

واإللكتروني وطرق معالجتها،‏ موضحاً‏ اختاف مصادر التضليل،‏ أو املكانة

السياسية واالجتماعية للجهة التي تقوم بالتضليل سواء كانت حكومة أو

دولة أو حزباً‏ سياسيا ً أو شخصية عامة،‏ أو باختاف نوع الوسيلة اإلعامية،‏

ويشمل املبحث أيضاً‏ ثمة محاور تطبيقية منها:‏ تقنيات التضليل اإلعامي،‏ بما

تتضمنه من تقنيات التاعب باملعلومات ‏)تقنيات التحرير(،‏ وتقنيات التاعب

بالصور،‏ وتقنيات أخرى تُ‏ ستخدم في تضليل الرأي العام الجماهيري،‏ مرتبطة

بتقنيات إعداد البرامج الحوارية وتقديمها،‏ وقدمنا محوراً‏ خاصا ً حول اآلثار

املترتبة عن صناعة التضليل اإلعامي،‏ ملا تخلّ‏ فه من زعزعة الثقة بالنفس

وبالقناعات الفكرية سياسياً‏ ً اجتماعيا ً وثقافيا في املجتمع،‏ مع تناول محور

185


خاص لعرض أهم الوسائل التقليدية والحديثة للتضليل اإلعامي التي يتم

استعمالها في حمات التضليل.‏ أما الفقرة األخيرة من املبحث الثاني فتتكون

من بعض املهارات التي تساعدنا على التجنب من التضليل وآليات التحقق

من عمليات التضليل اإلعامي،‏ فقد وضحنا في هذه الجزئية العملية كيفية

تجنب الصحفي أو املتصفح أو املتعرض ملحتوى وسائل اإلعام التقليدية

واإللكترونية من التضليل،‏ سواء كان هذا التضليل متعمداً‏ أو خطأ مهنيا ً غير

مقصود،‏ مع تقديم جملة من األساليب والطرق حول كيفية تعرف الصحفي

واإلعامي على الفيديوهات املفبركة وآليات التحقق من املضامين املضللة

على املنصات اإللكترونية ومواقع التواصل االجتماعي.‏

والجدير بالذكر،‏ على الرغم من انتشار ظاهرة التضليل اإلعامي في

السنوات األخيرة،‏ فإنه يبقى من املواضيع التي لم تنل مساحة وافية من

ً

الدراسة والبحث املتعمقين لعدة أسباب وعوامل نظرية واجرائية.‏ وانطاقا

من هذه الحالة،‏ دأبنا نحن كباحثين إعاميين على تقديم هذا الجهد

املعرفي واملتواضع لتوعية الصحفيين واإلعاميين من كافة مكونات وأطياف

من املجتمع العراقي بمخاطر تضليل املحتوى اإلعامي وإرشادهم بأفضل

املمارسات املهنية لتجنب الوقوع في فخ مصداقيته أو الترويج له،‏ وذلك من

خال مشروع ‏)التأسيس وبناء القدرات للمنتديات املهنية اإلعامية للشباب

لتعزيز التماسك االجتماعي(‏ الذي قامت بتنفيذه منظمة التنمية املدنية

.UNDP وبالشراكة مع برنامج األمم املتحدة اإلنمائي CDO

األستاذ املساعد

د.‏ شيركو جب ا ر م حمد

مدرس تقنيات الصحافة التلفزيونية

2022/3/22

186


املبحث األول

التضليل اإلعالمي،‏ مفاهيمه وأسسه النظرية واإلجرائية

تمهيد:‏

ال يُ‏ عد التضليل اإلعامي ً مسلكا ً جديدا للعصر،‏ فهو نشاط يرتبط

بممارسة النشاط اإلتصالي بكل أنواعه ووسائله،‏ فالنشاط اإلتصالي

من أعرق النشاطات البشرية التي ارتبطت بالتواصل بين الجماعات

وطبيعة إدارتها للعاقات،‏ ومادام هناك نشاط إتصالي؛ فإن عمليات

التضليل اإلعامي في أساليب نقل املعلومات وتداولها،‏ تصبح جزءً‏ ا من

هذا النشاط بطبيعة الحال،‏ مع تزايد األزمات السياسية واالجتماعية

في املنطقة بأسرها والوضع السياسي املحتدم في العراق،‏ وتنامي الدور

الكبير لوسائل اإلعام التقليدي والجديد في تحديد مسارات الصراع

وتغليب رأيٍ‏ على آخر لصالح قوة أو جهة معينة على حساب الجهة

األخرى،‏ من خال طريقة نقل وتداول األخبار واملعلومات،‏ وفي هذا

املبحث سنتاول مفهوم التضليل اإلعامي،‏ وأهدافه،‏ وسماته،‏ ومظاهره.‏

أوالً:‏ التضليل اإلعالمي،‏ مفهومه،‏ وتعريفه االصطالحي واللغوي:‏

التضليل في اللغة:‏

َ ‏)ضلَّ‏ ) الشئ ضاع وهلك,‏ ورجل

يأتي التضليل في اللغة من الفعل

‏)ضليل(‏ و ‏)مُ‏ ضَ‏ لل(‏ أي ضال ً جدا ، و)الضال(‏ ضد الرشاد ))) . وفي اللغة

االنجليزية جاء معنى التضليل اإلعامي )Disinformation( في قاموس

أوكسفورد:‏ ‏»فعل إعطاء معلومات خاطئة عن ‏شيء ما؛ واملعلومات

الخاطئة التي يتم تقديمها«‏ ))) . وتقترن مفردة ‏)تضليل(‏ في املعاجم والقواميس

11- مختار الصحاح,‏ بروت،‏ دارالكتاب العريب,‏ 1983، ص‎383‎‏.‏

22 - Definition of misinformation noun from the Oxford Advanced Learner›s

Dictionary, https://www.oxfordlearnersdictionaries.com/definition/english/

misinformation?q=misinformation

187


بالشر والباطل ففي قاموس لسان العرب ألبن منظور،‏ فأن التضليل

من مادة ‏)ضلل(‏ و)تضليل(‏ االنسان تصييره الى الضال،‏ أي الباطل ))) .

في التعريف االصطالحي:‏

يعتقد البعض أن مفهوم التضليل بشكل عام هو الكذب,‏ وان

الكذب هو عكس الحقيقة,‏ إال أن مفهوم التضليل لكي يحقق مغزاه

ال يجب أن يكون عكس الحقيقة لكنه يجب أن يحتوي على جزء من

الحقيقة لكي يخفي معالم التضليل ويستنكر وجوده ))) .

والتضليل اإلعامي له أشكال متعددة،‏ منها تحريف الحقائق،‏ أو

التضليل باملعلومات التي ليست لها عاقة بالخبر أو الحدث،‏ أو التضليل

باستخدام مفردات معينة تؤدي إلى إصدار أحكام باإلدانة،‏ أو باالنتقائية

املتحيزة التي تنتقي بعض الكلمات والحقائق واملصادر وتهمل أخرى.‏

ومن هنا يصبح التضليل اإلعامي الذي يمارسه وسائل اإلعام بمثابة

حرب نفسية تمارس بحق املتلقي ألحداث تترك أكبر قدر من التأثير السلبي.‏

من جانبه،‏ يرى الباحث والكاتب الفلسطيني ‏»حسن عاصي«‏ بان

التضليل اإلعامي،‏ يهدف إلى عكس الوقائع وقلب الحقائق،‏ ويسعى إلى

توجيه عقل املتلقي من خال استهدافه بحرب نفسية إلحداث تأثير

فيه،‏ بواسطة الترويج ملعلومات ال ترتبط بالحدث،‏ أو باستعمال وسائل

اإلعام ملفردات ومصطلحات بعينها تؤدي في نهاية املطاف إلى إصدار

أحكام ما في قضية ما،‏ أو من خال انتقائية متحيزة تنتهجها وسيلة

إعامية ما،‏ فتختار أن تقدم شيئا للمتلقي وإخفاء أشياء أخرى ))) .

33- قاموس لسان العرب البن منظور،ضَ‏ لَلَ‏ http://wiki.dorar-aliraq.net/lisan-

alarab

44- جالل الشافعي،‏ من التضليل اإلعالمي،‏ مرص،‏ دار البشر للثقافة والعلوم،‏ ط‎1‎‏،‏

2005، ص‎18‎‏.‏

55- حسن العايص،‏ اإلغراق اإلعالمي تصنيع الكذب والتضليل،‏ شبكة النبأ االخبارية،‏

https://annabaa.org/arabic/referenceshirazi/22678.2020

188


إن مصطلح التضليل اإلعامي ظهر ألول مرة في اللغة الروسية

)Dezinformatsia( مع بداية العشرينيات من القرن املاضي،‏ وشاع

استعماله في اإلتحاد السوفيتي سابقاً‏ بعد الحرب العاملية الثانية

لينعت به ‏»املمارسات اإلعامية في البلدان الرأسمالية الهادفة إلى

استعباد الجماهير الشعبية«‏ ))) . ودخل املصطلح إلى اللغة اإلنجليزية

)Disinformation( في ستينات القرن املاضي ليشير إلى « التسريب

املقصود للمعلومات املظلّ‏ لة«.‏ أما في فرنسا فظهر ألول مرة في سنة

1974، ودخل القاموس الفرنسي مع بداية الثمانيات من القرن املاضي

ويتضمن دالالت سياسية أساساً‏ ، أي ‏»النيّ‏ ة املبيتة لتغليط الرأي العام

وإبقائه على جهل تام بمشكلة خطرة،‏ أو عدم علمه بما فيه الكفاية

حول مسائل مهمة«‏ ))) .

التعريف اإلجرائي:‏

ومن خال استقصاء عدد من التعريفات يمكن وضع مفهوم جامع

للتضليل اإلعامي وفق التصور اآلتي:‏

‏»التضليل اإلعامي عملية خداع متعمدة من جانب مصادر معلن

عنها،‏ أو جهات وأجهزة لديها قنوات سرية،‏ هدفها خداع الطرف املتلقي

لألخبار واملعلومات والتاعب بالرأي العام،‏ أو تضليل جهات محددة

أو شخصيات وقيادات سياسية وعسكرية بعينها عن طريق خلق واقع

مزيف ومغلوط،‏ يؤدي الى حصول اإلقناع بما فيه الكفاية،‏ وذلك

باالستفادة من وسائل اإلعام واإلتصال الجماهيري وأحدث فنون

66- Guy Durandin, l›information, la disinformation et la realite, presses

Universitaires de France,Paris, 1993.pp 1617-.

77- Claire Wardle, Connaître l’ennemi : les rouages de la désinformation,

Pour la Science. 28 octobre 2019, https://www.pourlascience.fr/sd/sciencessociales.

189


التسويق الدعائي والسياسي وتقنيات التعامل والتأثير النفسي،‏ عن

طريق استعمال معلومات كاذبة،‏ أو مفبركة،‏ أو ممسرحة،‏ أو إخفاء

معلومات حقيقية وأساسية،‏ بغية تحقيق أهداف سياسية أو إليقاع

الخصم في خطأ بالحسابات دفعه لسلوك ما يريده الطرف املضلل«‏ ))) .

ثانياً‏ ‏:التضليل اإلعامي،واألشكال األخرى لتضليل الرأي العام:‏

تُ‏ جدر االشارة في هذا السياق إلى التمييز ما بين التضليل اإلعامي

واألشكال األخرى لتضليل الرأي العام،‏ حتى إن كان بطريقة غير مباشرة

على الرغم من الترابط والتكامل فيما بينهما،‏ وباألحرى ينصهر الجميع في

بوتقة واحدة،‏ هي بوتقة التضليل اإلعامي.‏ فعلى سبيل املثال،‏ ال تعتمد

الدعاية دائماً‏ على الكذب ومصادرها معروفة في أغلب األحيان،‏ لكنها قد

تستعمل التضليل اإلعامي،‏ واإلعانات بهدف تحقيق أغراض تجارية

وغير سياسية،‏ أما التحيّز،‏ فهو الذي يميز معظم محتويات وسائل

اإلعام وخاصة في جانبها االخباري،‏ لصالح جهة على حساب جهات

أخرى،‏ وربما يساهم في تغليط الرأي العام.‏ وأما الشائعة،‏ فانها الترويج

لخبر مختلف ال أساس له من الواقع أو تعمد املبالغة أو التهويل في سرد

الخبر،‏ الذي فيه جانب ضئيل من الحقيقة.‏ فالجدير بالذكر هنا،‏ هو

االشارة إلى بعض املصصطلحات واملفاهيم املتداخلة واملترابطة بمفهوم

التضليل اإلعامي بهدف التمييز فيما بين مضامينها وتعّ‏ رف الغرض

والهدف من استخدام كل من تلك املفاهيم في سياقها الوظيفي:‏

املعلومات املضللة أو املغلوطة :)Misinformation( أو التحيّز

غير املقصود،‏ الناتج عن األحكام املسبقة للصحفيين بسبب التنشئة

الثقافية،‏ وهذا يؤدي أساساً‏ إلى مايسمى بسوء اإلعام بسبب الجهل

88- حسن الزين،‏ دور التضليل اإلعالمي يف الحرب الناعمة،‏ مركز املعارف للدراسات

الثقافية،‏ ،2017 .https://www.almaarefcs.org

190


باألمور،‏ وليس بسبب نيّ‏ ة جزَم بها للكذب أو إللحاق الضرر باآلخر ))) .

فعلى سبيل املثال معظم التغطيات االخبارية،‏ الخاصة بالعاجات

املزيفة لفيروس كورونا عند تفشيها سنة 2020 أتّ‏ سم بنوع من التشويه

لعدم اطاع ومعرفة الصحفيين بمستجدات االجراءات الوقائية

ضد الوباء وعدم متابعتهم لارشادات الصحية الصادرة من الجهات

الرسمية.‏ أو الصورة النمطية التي تقدمها وسائل االعام التقليدي

واإللكتروني عن املرأة والصعوبات التي يواجهن.‏ ويوضح Dictionary.

،com املعلومات املضللة )Misinformation( بأنها معلومات خاطئة

يتم نقلها ‏»بغض النظر عن نية التضليل«.‏ وبمعنى آخر،‏ ال يحاول

الشخص الذي ينقل املعلومات بالضرورة إقناع أي شخص بشيء

خاطئ؛ وفي كثير من الحاالت،‏ ال يعرف حتى أنه خطأ في املقام األول،‏

أما التضليل اإلعامي )Disinformation( فأنه ينشر معلومات مضللة

عن قصد،‏ أي هنالك رغبة شخص أو مجموعة من األشخاص

أو مؤسسة في نشر معلومات خاطئة،‏ وهناك العديد من الدوافع

الخبيثة األخرى الكامنة وراء إنشاء املعلومات املضللة،‏ وقد تستخدم

بشكل عام لإلشارة إلى معلومات مضللة أو متحيزة عن عمد؛ كالسرد

أو الحقائق التي تم التاعب بها )1)) . في حين أن املعلومات املضللة

)Misinformation( والتضليل اإلعامي )Disinformation( بامكانهما

أن يخدعا الجماهير،‏ إال أن التمييز هو أن التضليل اإلعامي خادع

99- Thomas J. Froehlich, A Disinformation-Misinformation Ecology:

The Case of Trump, Submitted: June 28th 2020Reviewed: November

11th 2020Published: December 7th 2020, https://www.intechopen.com/

chapters/74337.

10- Ellen Gutoskey, Disinformation vs. Misinformation: What’s the

Difference?, MENTAL FLOSS, December 24, 2021, https://www.mentalfloss.

com/article/653059/disinformation.

191


عن قصد وخبيث.‏ وغالبً‏ ا ما يتضمن كا النموذجين نشرًا واسع

النطاق،‏ سواء كان الشخص املشارك على دراية بعدم الدقة أم ال )1)) .

األخبار الزائفة :Fake news تُ‏ عّ‏ رف صحيفة New York Times

األخبار الزائفة Fake news بأنها ‏»نوع من الصحافة الصفراء أو الدعاية

التي تتكوّ‏ ن من التضليل املتعمد،‏ أو الخدع املنتشرة عبر وسائل اإلعام

املطبوعة واإلذاعية التقليدية،‏ أو وسائل االعام االجتماعية على

االنترنت«‏ )1)) . يقول مجموعة من الباحثين أن األخبار الزائفة مصطلح

أصبح يعني أشياء مختلفة ألناس مختلفين.‏ وفي جوهرها،‏ فاألخبار

الزائفة هي القصص اإلخبارية الكاذبة:‏ فالقصة نفسها ملفقة،‏ دون

حقائق أو مصادر أو اقتباسات يمكن التحقق منها.‏ وفي بعض األحيان،‏

تكون هذه القصص دعاية مصممة عن قصد لتضليل القارئ،‏ أو قد

تكون مصممة على أنها مكتوبة للحوافز االقتصادية )1)) . وفي السنوات

األخيرة،‏ انتشرت القصص اإلخبارية املزيفة عبر وسائل التواصل

االجتماعي،‏ ويرجع ذلك جزئيً‏ ا إلى سهولة مشاركتها عبر اإلنترنت وبسرعة.‏

التزييف العميق :Deepfake(( هي تقنية تقومُ‏ على صنع فيديوهات

مزيّ‏ فة عبر برامج الحاسوب من خِ‏ ال تعلّ‏ م الذكاء االصطناعي.‏ تقومُ‏ هذهِ‏

التقنيّ‏ ة على محاولة دمج عدد من الصور ومقاطع الفيديو لشخصية ما

من أجل إنتاج مقطع فيديو جديد – باستخدام تقنية التعلم اآللي–‏

11- Meira Gebel, Misinformation vs. disinformation: What to know about

each form of false information, and how to spot them online, Insider, Jan 16,

2021, https://www.businessinsider.com/misinformation-vs-disinformation.

https://www.annahar.com/ ‏،؟ النهارnews Fake ما هي األخبار الزائفة أو ال -12

arabic/article/749178، 2018.

13- Shevon Desa,Hailey Mooney, Jo Angela, «Fake News,» Lies and

Propaganda: How to Sort Fact from Fiction,University of Michigan Library,

Oct 26, 2021, https://guides.lib.umich.edu/fakenews.

192


ُ

َّ

وقد يبدو للوهلة األولى أنه حقيقي لكنه في واقع األمر مُ‏ زيّ‏ ف.‏ واستعملت

هذه التقنيّ‏ ة في إنشاءِ‏ مقاطع فيديو إباحية مزيفة لعدد من املشاهير

واستخدمت في أحيان أخرى لخلق أخبار كاذبة ومحاولة خدع القرّاء

واالنتقام االباحي )1)) .

وتختلف التزييفات العميقة عن األشكال األخرى للمعلومات

الخاطئة من خال صعوبة تحديدها على أنها خاطئة.‏

الشائعات اإللكترونية:‏ من خال ثمة التعاريف املقدمة للشائعة

اإللكترونية،‏ قدمت الباحثة الجزائرية ‏»نبيلة الرزاقي«‏ املختصة في مجال

قانون اإلعام تعريفاً‏ ً اجرائيا للشائعات اإللكترونية مفاده أن « الترويج

املدَّ‏ بر لنشر معلومات أو أفكار غير دقيقة متعلقة باألوضاع الراهنة

وموجهة لفئة محددة من الجمهور باستخدام وسائل االتصال املتاحة

التي منها شبكات التواصل االجتماعي،‏ وذلك لتحقيق أهداف ومصالح

شخصية للفرد أو الجهة املُرَّ‏ وجة لها«‏ )1)) .

ومع وجود نقاط التشابه والترابط بين األنواع األخرى لتضليل الرأي

العام ، وبين مفهوم التضليل اإلعامي كما ذكرناه سلفا،‏ قد يبدو

التمييز بينهما بسيطاً‏ بدرجة كافية،‏ وبالتالي يتم استخدامه بالتبادل.‏

فعلى الصحفي واإلعامي املمتهن بأخاقيات املهنة أن يكون على دِ‏ رَايَ‏ ة

ومعرفة تامة بخصائص كل نوع من أنواع تضليل الرأي العام والتمييز

بينها.‏ وفي آخر املطاف،‏ تستخدم كلمة التضليل اإلعامي عندما نعرف

ونتيقن من حقيقة حدث ما،‏ ولكن تُ‏ نشر ُ وتبث عنها معلومات كاذبة أو

خاطئة يتم نشرها عن قصد إليذاء وإلحاق الضرر بدولة أو حكومة ما،‏

14- Schwartz, Oscar (12 November 2018). «You thought fake news was bad?

Deep fakes are where truth goes to die».

1515- نبيلة رزاقي،‏ تجريم نرش وترويج الشائعات اإللكرتونية عر مواقع التواصل

االجتامعي،‏ املجلة األكادميية للبحث القانوين،‏ م‎12‎‏،‏ العدد)خاص(،‏ 2021، صص‎375‎‏-‏

.393

193


أو منظمة سياسية أو جماعة أو شخصية عامة.‏ فالدعاية،‏ والتزييف

العميق،‏ واألخبار املزيفة،‏ والشائعات اإللكترونية،‏ والخدع،‏ واالحتيال،‏

في العصر الرقمي بات مُ‏ باحا وأقرب إلى الحقيقة،‏ ولتعزيز محو أُ‏ مّ‏ يَّ‏ ة

الثقافة اإلعامية وملساعدتك على فرز الحقيقة من التضليل،‏ استشر

دائماً‏ باألدلة واملوارد واملصادر الجديرة بالثقة.‏

ثالثاً‏ : أهداف ودو افع التضليل اإلعالمي ومساؤه:‏

هناك العديد من األهداف التي يسعى إليها القائمون على عملية

التضليل اإلعامي,‏ منها التعتيم على األخبار الحقيقية,‏ أو حجب

املعلومات وتضليلها عن طريق مجموعة من األخبار,‏ ويمكن أن يستخدم

التضليل اإلعامي إلخفاء جرائم الحرب واملهمات غير األخاقية التي يتم

ارتكابها,‏ أو لتهميش القضايا املهمة وصرف اهتمام الجماهير عنها,‏ أو

إلحداث تغييرات في سلوك آالف األفراد والجماعات )1)) .

ويورد شيلر مجموعة من األهداف بشكل أكثر عمقً‏ ا ومنها ما يأتي )1)) :

السلبية:‏ وهي من أهم أهداف التضليل اإلعامي والتي تبدأ بالسلبية

الفردية والتي تتحول إلى سلبية جماعية،‏ والتي تجعل أمر قيادة العقول

أسهل بكثير من قيادة جماعات إيجابية.‏

تفريغ االنفعاالت:‏ من املمكن أن تحدث السلبية الجماعية أو

الفردية،‏ لكن دون ضمان الستمرارها وعدم تخليها عن موقفها األصلي،‏

فمن املمكن أن تحاول بعض العناصر إيقاظ اإليجابية ودفع القوى

االجتماعية للتحرك نحو التغيير أو محاولة التغيير،‏ وهذه القوى

16- عصام سليامن املوىس،‏ الثورة الرقمية تصنع اإلعالم العريب عى مفرتق الطريق،‏

مجلة املستقبل العريب،‏ مركز دراسات الوحدة العربية،‏ لبنان،‏ العدد‎276‎‏،‏ مايس

2010، ص‎110‎‏.‏

17- هربرت شيللر,‏ املتالعبون بالعقول,‏ ترجمة عبدالسالم رضوان,‏ ط‎2‎ , الكويت:‏

عامل املعرفة,‏ املجلس الوطني للثقافة والفنون واآلداب,‏ , 1999 صص 39– 46.

194


ً مخزونا من االنفعاالت املكبوتة،‏ التي سيتم افراغها بطرق معينة

تمتلك

للوصول إلى مرحلة العقول املخدرة وعندئذ تكون من الصعب إفاقتها،‏

وهنا تأتي عملية تفريغ االنفعاالت من خال توجيه العقول إلى أماكن

تفريغها.‏

توجيه الثقافة:‏ من املمكن فرض نوع معين من الثقافة من خال

املطاردة املستمرة من وسائل اإلعام للمشاهد أو املتابع واستدراج

العقول نحو ثقافات معينة واهتمامات محددة مسبقا تخدم بالطبع

الهدف النهائي للتضليل اإلعامي.‏

تغيير الثقافة:‏ إذا تم توجيه الثقافة سَ‏ هُ‏ لَ‏ تغيير الثقافة بكاملها،‏

وذلك من خال تغيير االهتمامات ومطاردة الجماهير بثقافات محددة

ال يجدون مفرًا من معرفتها،‏ وتغيير الثقافة ال يعني التغيير بأي نوع من

الثقافة وإنما يخدم استبدال الثقافة بثقافة أخرى أهداف التضليل،‏

وقد يصل إلى تغيير املفاهيم الدينية واستبدالها بمفاهيم خاطئة

تتعارض مع األحكام الدينية.‏

تعتيم الحقائق:‏ إن التضليل اإلعامي يختار ما يناسبه من الحقائق،‏

وما يدعم وجوده ويتوافق مع تحقيق أهدافه،‏ ومن ثم يقوم بعرض تلك

الحقائق وبتلميعها لزيادة بريقها.‏

تقرير وتبرير وتعزيز الوضع الراهن:‏ ببساطة اإلثبات الدائم هو أنه

ليس في اإلمكان أبدع مما كان،‏ وذلك يضمن إظهار األنظمة بأنها تبذل

قصارى جهدها وال يوجد من يقترب من الجهد املبذول.‏

دو افع التضليل اإلعالمي:‏

تلجأ القوى والجهات املتنفذة داخلياً‏ ً ودوليا إلى التضليل اإلعامي

وذلك من أجل تنفيذ سياساتها ومخططاتها أو فرض إرادتها على قوى

195


وجهات أخرى،‏ وذلك بسبب تركيزها على الفوضى في نشر وتقديم

املعلومات والبيانات اإلعامية،‏ ومن أهم دوافع التضليل اإلعامي )1)) :

الهيمنة والسيطرة والتحكم الكامل بعقل ووعي الطرف املستهدف

بالتضليل وإرادته وتوجيهه إلى تحقيق األهداف املرسومة طواعية وبدون

علمه وشعوره،‏ أي أن ينوب بالوكالة عن القائم بالتضليل في تنفيذ ما يريد.‏

تشويش العقل ووعي الطرف املستهدف بالتضليل،‏ وشل تفكيره

الصحيح،‏ وتسميم معطياته املوثوقة،‏ وتجريده من القدرة على الحركة

والقيام بالسلوك غير املرغوب من القائم بالتضليل.‏

إثارة املشاكل واملخاوف والفتن والفروقات وضخ األزمات وتضخيمها

لصرفه وإشغاله عن تحقيق أهدافه.‏

خلق واقع جديد ال عاقة له بالواقع املتحقق فعاً،‏ وذلك بهدف

خدمة مصالح وأغراض خاصة.‏

احداث التأثير بطريقة قصدية ومبرمجة في وعي وادراك الطرف اآلخر.‏

رابعاً‏ : الصورة النمطية كأحدى مظاهر التضليل اإلعالمي:‏

وردت تعريفات عديدة للصورة النمطية Stereotypeفي أبحاث

ودراسات اجتماعية وإعامية وسايكولوجية،‏ والذي يهمنا هنا تناوله في

هذا املبحث أن نُ‏ عَّ‏ رِف ونقدم املضمون املعرفي للصورة النمطية كإحدى

وسائل التضليل اإلعامي أو باألحرى أحد مظاهره،‏ األمر الذي يقتضي

عند الصحفيين واإلعاميين وجوب الحيطة والحذر في التعامل معه.‏

ما املقصود بالصورة النمطية:‏

من أهم التعريفات الشائعة للصورة النمطية تعريف املختصين

لها وهو أنها ‏»األحكام والصفات والتقديرات العامة االيجابية والسلبية

18- حسن الزين،‏ املرجع السابق،‏ .https://www.almaarefcs.org

196


النابعة من االنطباعات الذاتية املستندة إلى خلفيات اإلرث الثقافي

والبعد األيديولوجي والتراكم املعرفي،‏ والتي تطلقها جماعة أخرى نتيجة

أحكام مسبقة تحملها عنها أن للصورة النمطية املقولبة عاقة مباشرة

بالذات وباآلخر وباملشاعر املتناقضة كالعنف والتسامح،‏ واالتصال

والقطيعة،‏ والحب والبغض،‏ والتمويه والحقيقة من جهة أخرى«‏ )1)) .

فتصنيع الصورة النمطية Stereotype هي عملية إعامية في حد

ذاتها ومتعمدة ومخطط لها،‏ الختزال وتبسيط مُ‏ خِ‏ لُّ‏ للصورة العامة

لشخص،‏ أو جماعة،‏ أو فئة اجتماعية،‏ أو شعب،‏ بصورة تختزل في

مجموعة قليلة من السمات،‏ تستدعي ردود أفعال معينة من الجمهور )2)) .

ملاذا تصنع الصورة النمطية:‏

القولبة وتصنيع الصورة النمطية السلبية ليست مشكلة معرفية

بسبب نقص املعلومات عند الصحفي أو املؤسسة اإلعامية التي تقوم

بتنميط وقولبة الصور فقط،‏ بل هي عدوان معنوي متعمد ومخطط له

يتم بالطريقة اآلتية )2)) :

تتم عملية القولبة والتنميط وتصنيع الصورة النمطية السلبية

بإلصاق وتعميم مجموعة من السمات السلبية،‏ والصور الكريهة،‏

واألوصاف البغيضة على املستهدف.‏

تقوم وسائل اإلعام بتأكيد هذه السمات واملبالغة فيها،‏ وتكرارها،‏

وتوضيحها،‏ وترسيخها،‏ حتى تتاشى أي جوانب إيجابية أخرى في صورة

املستهدف.‏

19- إبراهيم الداقوقي،‏ صورة األتراك لدى العرب،‏ بروت،‏ مركز درسات الوحدة

العربية،‏ 2001، ص‎21‎‏.‏

20- فهد عبدالرحمن الشميمري،‏ الرتبية اإلعالمية،‏ الرياض:‏ مكتبة امللك فهد

الوطنية،‏ ط‎1‎‏،‏ 2010، صص‎89-85‎‏.‏

197


ً

ً

ً

ً

تقوم وسائل اإلعام بالبحث عن أي شواهد،‏ أو أحداث أو ممارسات،‏

مهما كانت نادرة،‏ لتأكيد الصورة النمطية السلبية وترسيخها.‏

يتم إحكام عملية القولبة والتنميط بمرور الوقت،‏ وتتابع الزمن،‏

والتكرار املستمر،‏ والعمل الدؤوب في إبراز الصورة النمطية السلبية،‏

وتنوع أساليب عرضها،‏ واختاف طرق معالجتها،‏ واستخدام وسائل

اإلعام املقروءة واملسموعة واملرئية واألفام السينمائية أيضا.‏

إذا نجحت عملية القولبة والتنميط وتصنيع الصورة السلبية

فإن الضحية يجد من اآلخرين مشاعر الكراهية والنفور،‏ واالشمئزاز

واإلحتقار،‏ وأحيانا الخوف منه،‏ بل الرغبة في التخلص منه،‏ وهذا ما

يجعله أحيانا معرضا للخطر.‏

قد يكون ضحية القولبة والتنميط فئة اجتماعية،‏ أو شعب،‏ أو أمة بكاملها.‏

الصورة النمطية للمرأة في وسائل اإلعالم:‏

إن الصورة النمطية السلبية التي تقوم وسائل اإلعام التقليدية

واإللكترونية بانتاجها ونشرها لبعض فئات املجتمع والنوع االجتماعي

‏)وخاصة تشويه صورة املرأة(‏ والشعوب والثقافات واألعراق،‏ وبعض

الجماعات ذات األصول الجغرافية والعرقية،‏ وكذلك بعض االتجاهات

السياسية والفكرية،‏ هي مظهر من مظاهر االضطهاد وتشويه الصورة

في هذا العالم،‏ وشاهد على عدم العدالة االجتماعية،‏ وهي تهدد الل ُ حمة

الوطنية والنسيج االجتماعي وتخلق الكثير من الصراعات،‏ وزيادة حدة

الكراهية في املجتمع،‏ بل إنها تعطي املشروعية لهذه الكراهية،‏ وتبرر

عملية اإلعتداء على ضحايا الصورة النمطية السلبية،‏ وتجعل العدوان

عليهم شيئً‏ ا مبررًا ومفهومً‏ ا.‏

ولو الحظنا الطريقة التي يتم بها تنميط صورة املرأة في وسائل

198


ّ

إعام الدول املتأخرة واملحافظة اجتماعياً‏ ، وهو أنهن أدنى مكانة من

الرجال،‏ نجد أن األسباب ساذجة وبسيطة وليس لها أساس علمي أو

موضوعي،‏ ولكنها قوية ألنها تقع ضمن دائرة االعتقاد،‏ فكلمة أمرأة

تحمل في ذاتها الكثير من الدالالت السلبية في املخزون الثقافي لتلك

املجتمعات املتأخرة واملحافظة اجتماعياً‏ وثقافيا ً . فتنميط صورة املرأة

على أنهن أقل مرتبة فهذا يبرر ممارسات العنف ضدهن،‏ وهكذا ومن

ثم فإن الصور النمطية ليست مجرد عملية ذهنية،‏ بل إنها تؤدي إلى

أفعال مادية،‏ وهنا تحديدً‏ ا تكمن خطورتها )2)) .

الصورة النمطية في القوانين واملواثيق األخالقية اإلعالمية:‏

تَ‏ ظهر العودة إلى املواثيق األخاقية ً أمرا ً ضروريا ليس ملجرّد

قراءتها بل للتشبع بها وتطبيقها على امليدان،‏ فامليثاق األخاقي لجمعية

الصحفيين املحترفين في أميركا ‏-وهو واحد من أقدم النصوص األخاقية

في القطاع-‏ يؤكد ضرورة االبتعاد عن التنميط القائم على العرق

والجنس والسن والدين والقومية والعامل الجغرافي والتوجه الجنسي

واإلعاقة واملظهر الجسدي والحالة األسرية.‏ وينص التعديل الجديد في

امليثاق على ضرورة أن يراجع الصحفيون السبل التي تؤثر فيها قيمهم

على التغطية اإلخبارية )2)) .

وفي ذات السياق يضع املركز األوروبي للصحافة عدة إرشادات

لتجاوز إمكانية الوقوع في ترسيخ الصور النمطية بالنسبة لألقليات،‏

منها احترام اآلخرين فيما يتعلق بجنسهم وعرقهم وسنهم ودينهم وغير

22- يرسي مصطفى،‏ الوصم والتنميط من املنظور االجتامعي،‏ مركز دراسات األمن

األورويب http://ceoss-eg.org/wp-content/uploads/2016 .10/CESS،

23- اسامعيل عزام،‏ اإلعالم وصناعة املوقف من اآلخر،‏ معهد الجزيرة لإلعالم،‏ 13

أغسطس https://institute.aljazeera.net/ar/ajr/article/357 ،2018

24- نفس املرجع.‏

199


ً

ّ

ذلك من االختافات،‏ وعدم الحديث عن هذه االختافات في اإلعام

إال إذا كانت للموضوع عاقة بذلك،‏ والتعرّف على الصور النمطية

التي يحملها الصحفي عن اآلخرين حتى يبعدها عن عمله،‏ وعدم سماح

الصحفي لتجاربه الخاصة بالتأثير على التغطية،‏ وإعطاء األهمية ذاتها

لكل األطراف في القصة حتى ال يظهر أن هناك اختاال للتوازن عندما

يتعلق األمر بأطراف مختلفة التوجهات )2)) .

خامساً‏ : صناعة املصطلحات اإلعالمية:‏

‏)صناعة املصطلحات(‏ واحدة من األدوات املهمة التي تستخدمها

وسائل اإلعام لتسويق االفكار وتمرير املعلومات بطريقة تحقق أهداف

جهة ما أو دولة ما.‏ حيث يتلقى القارئ أو املستمع أو املشاهد مصطلح ما

يوسم حدثا محددً‏ ا أو يتم وسم قضية معينة بمصطلح ما،‏ يصبح هذا

الوسم هوية لهذه القضية وشخوصها ومكانها وزمانها،‏ وهكذا تصبح

كافة القضايا املتشابهة والتي تتناولها وسائل اإلعام موضع مقاربة

لدى املتلقي باملصطلح السابق،‏ ويظل الناس يتذكرون هذه الحوادث

والقضايا كلما تم استخدام املصطلح من قبل وسائل اإلعام.‏ وهذا هو

التأثير السياسي واالجتماعي الذي تخلفه صناعة املصطلحات في الغرف

املغلقة لوسائل اإلعام،‏ التي عادة ما تكون تخدم جهة أو دولة )2)) .

إن املصطلحات املستخدمة في الخطاب اإلعامي لها دور كبير في

بناء املفاهيم أو تغييرها،‏ وفي كسب املواقف أو تبديلها،‏ وهي قوة مؤثرة

في صلب الخطاب اإلعامي،‏ وتزداد أهمية هذا الدور في حاالت الصراع

وتضارب املصالح،‏ وخاصة في املناطق غير املستقرة في العالم،‏ أو التي

25- حسن العايص،‏ خيمياء وسائل اإلعالم..‏ صناعة التزييف والتضليل،‏ جريدة العمق

املغريب اإللكرتونية،‏ أغسطس 2018، .https://al3omk.com/amp/321787.html

26- فهد عبدالرحمن الشميمري،‏ املرجع السابق،‏ ص‎92‎‏.‏

200


ّ

تشهد نزاعات مسلحة،‏ حيث تتنافس األطراف ذات العاقة بتصنيع

ونحت املصطلحات اإلعامية،‏ وتسويقها ونشرها،‏ بحيث تعبر عن وجهة

نظر صانع املصطلح،‏ وتؤيد موقفه ضد الطرف اآلخر )2)) .

إذن ماهي صناعة املصطلح اإلعالمي:‏

هو الكلمة،‏ أو الجملة املركزة،‏ املصنوعة،‏ املنحوتة بدقة،‏ لكي

‏ّر عن حالة،‏ أو موقف،‏ أو قضية،‏ أو حدث،‏ أو منطقة جغرافية،‏

يُ‏ عب

أو فترة زمنية،‏ أو فئة معينة،‏ وذلك إلبراز حقيقة،‏ أو طمس أخرى،‏ أو

كسب موقف دولي،‏ أو إقليمي،‏ أو تغيير اتجاهات وميول معينة،‏ لدى

شعب،‏ أو أمة معينة،‏ أو صناعة صورة نمطية،‏ أو سلب إرادة اآلخرين

والسيطرة عليها،‏ أو تكوين رأي عام،‏ ويكون ذلك بما يتوافق مع مصالح

صانع املصطلح )2)) .

مراحل تصنيع املصطلحات اإلعالمية:‏

تمرعملية تصنيع املصطلح ودورة حياته بمراحل متعددة ، وذلك

على النحو اآلتي )2)) :

التخطيط:‏ في هذه املرحلة يكون اهتمام صانع املصطلح منصبً‏ ا على

تحديد أهداف املصطلح،‏ والتأثير املطلوب من ورائه،‏ وتكوين صورة

ذهنية ملا يجب أن يكون عليه.‏

اإلعداد:‏ جمع مكونات املصطلح وتحديد أبعاده،‏ وارتباطاته.‏

26

27- فهد عبدالرحمن الشميمري،‏ املرجع السابق،‏ ص‎94‎‏.‏

28- نفس املرجع،‏ صص‎95-94‎‏.‏

28

201


ً

البناء والتسوية:‏ بناء املصطلح وتركيبه في كلمة واحدة،‏ أو جملة

مختصرة بأقل عدد ممكن من الكلمات،‏ وتسويته من كل عيوب قد

تسبب تشويشا على املعنى أو الفهم أو التأثير.‏

اإلعالن والنشر:‏ تسويق املصطلح عبر وسائل اإلعام املقروءة

واملسموعة واملرئية.‏

التبني:‏ قبول املصطلح من قبل الصحفيين والكُ‏ تاب واملثقفين

وغيرهم،‏ وتبنيه واستخدامه.‏

االستقرار:‏ انتشار استخدام املصطلح بين الجمهور في منطقة ما،‏

وتداوله بينهم،‏ حيث يبلغ أقصى استقراره بتبني أفراد الجمهور غير

املتخصصين للمصطلح،‏ واستخدامه،‏ وتكراره،‏ للتعبير به عن فهمهم

وإدراكهم،‏ وهذا أقصى ما يتمناه صانع املصطلح.‏

الضعف التدريجي:‏ لكل مصطلح مساحة زمنية يحيا فيها،‏ تقصر أو

تطول،‏ ثم يقل استخدامه،‏ أو االستغناء عنه بالكلية،‏ وانتهاء صالحيته،‏

أو تغيرظروفه ، أو رفضه من قبل الجمهور،‏ وامتناعهم عن استخدامه،‏

أو وفود مصطلح آخر جديد.‏

املصطلحات اإلعالمية والهوية الجندرية في اإلعالم العربي:‏

عادة ما يستخدم بعض وسائل اإلعام املحلية عند تناوله

القضايا املتعلقة بالهوية الجندرية،‏ مصطلحات إعامية تحمل في

مضامينها إتهامات وأوصاف بالدونية،‏ باإلضافة إلى إطاق أحكام

مسبقة على املقصودين في تغطياتهم الصحفية من متعددي الهوية

الجندرية وإتهامهم بأحكام دينية وقضائية عليهم دون دليل أو برهان.‏

لذا إن التزام الصحفيين واإلعاميين بالدور النبيل ملهنة الصحافة تنتج

عنه ثمة مبادئ معرفية تثري ثقافة الصحفي اإلعامية ليتجنب تلك

202


ّ

املصطلحات اإلعامية القائمة على تأجيج النزعات العقائدية السلبية

والسائدة في املجتمعات املحلية وما تحمل في طياتها التمييز بسبب

اللون،‏ أو الجنس،‏ أو اللغة،‏ أو الرأي السياسي وغير السياسي،‏ أو

األصل الوطني واالجتماعي،.....إلخ((.‏ ومن تلك املبادئ )2)) :

رفض ومكافحة املصطلحات اإلعامية التي تركز على التنميط

االجتماعي املبني على تعميم األخاقيات واملعتقدات والعادات والتقاليد،‏

وخصوصاً‏ املصطلحات التي تنتقص من مكانة األفراد واملجاميع من

أديان مختلفة،‏ وذي خلفيات إجتماعية مختلفة،‏ أو أقليات عرقية أو

طبقية،‏ أو من ذوي امليول الجنسية واألنواع االجتماعية غير السائدة.‏

محاربة املبدأ القائم على سيادة األقوى والتحكم بمصائر األقليات

األخرى بشكل عام،‏ سواء كان ذلك في السياسة،‏ االقتصاد،‏ الحياة

االجتماعية أو الثقافية.‏

أن تكون الصحافة نصيرة األقليات التي تضم أشخاصا ذا هويات

جندرية متعددة وأدوار اجتماعية غير متعارف عليها،‏ ضد من

يضطهدهم ويضع قوانين تجرم أفعالهم وأشكالهم.‏

خالصة املبحث:‏

لقد حاولنا في هذا املبحث بصفة عامة،‏ أن نوضح املفاهيم واألبعاد

املعرفية املتعددة ملصطلح التضليل اإلعامي وأسسه وأهدافه مع

املقاربات اإلصطاحية األخرى املتداخلة معها من ناحية املضمون واملعنى

ً

االصطاحي،‏ وهذا من خال مسح أكاديمي حول جذور الظاهرة تاريخيا

حتى أصبحت في يومنا هذا مصطلحاً‏ شائع االستخدام جرّاء التحوالت

29- نزيهة سعيد،‏ دليل اإلعالم والصحافين العرب لتغطية قضايا متعددي امليول

الجنسية والهوية الجندرية،‏ منظمة تحرك اآلن الدولية Action( Out Right

،International)، 2017 ص‎49‎‏.‏

203


ّ

السريعة التي يشهدها حقل تكنولوجيا اإلتصال واإلعام وجعلها ترتبط

بمراكز صناع القرارات السياسية واالقتصادية واملالية والعسكرية.‏

وأشرنا إلى أن التضليل اإلعامي في وسائل اإلعام الجماهيري التقليدي

واإللكتروني يكون على مستويات،‏ فهناك،‏ أخبار مضللة جزئياً‏ أو

ً

مغلوطة يمكن أن نعتبرها تضليا غير قصدي،‏ وأخرى أخبار زائفة

كلياً‏ تدفع القائمين باالتصال إلى إخفاء املعلومات عن السياق بهدف

التضليل،‏ وأخرى تتمثل في شائعات إعامية،‏ وخصوصاً‏ الشائعات

اإللكترونية التي باتت اليوم إحدى وسائل التضليل وأشد خطورة من

مثياتها.‏ وأوضحنا أيضاً‏ العديد من األهداف التي يسعى إليها القائمون

على عملية التضليل اإلعامي,‏ منها التعتيم على األخبار الحقيقية,‏ أو

حجب املعلومات وتضليلها عن طريق مجموعة من األخبار,‏ ثم تلك

املساوئ التي يحدثها التضليل كإحداث الخلل في التفكير وعدم القدرة

ً

على األداء الصحيح وزعزعة الثقة بالنفس وبالقناعات الفكرية سياسيا

واجتماعياً‏ ً وثقافيا .

واشرنا إلى أن التضليل اإلعامي اليقتصر على األخبار فقط،‏ وإنما

تتجسد مامحه ومظاهره أيضاً‏ في التنميط وقولبة الصور،‏ كعملية

إعامية بحد ذاتها ومتعمدة مخطط لها،‏ الختزال وتبسيط مُ‏ خِ‏ لُّ‏ للصورة

العامة لشخص،‏ أو جماعة،‏ أو فئة اجتماعية،‏ أو شعب ما.‏ مؤكدةً‏ على

ضرورة التزام الصحفي واإلعامي بمعايير املهنية واملواثيق االخاقية

رم تشويه الصورة على مستوى الفرد والجماعة واالبتعاد عن

التي ُ ت حّ‏

التنميط القائم على العرق والجنس والسن والدين والقومية والعامل

الجغرافي والتوجه الجنسي واإلعاقة واملظهر الجسدي والحالة األسرية.‏

وختمنا املبحث بتناول صناعة املصطلحات اإلعامية كإحدى األدوات

املهمة التي تستخدمها وسائل اإلعام لتسويق االفكار وتمرير املعلومات

204


بطريقة تحقق أهداف جهة ما أو دولة ما،‏ مع ذكر مراحل تصنيع

املصطلحات اإلعامية من الذروة إلى مرحلة الضعف والزوال.‏ وتأكيد

إلزام الصحفيين واإلعاميين بالدور النبيل ملهنة الصحافة في أثناء

تغطيتهم قضايا متعددي امليول الجنسية والهوية الجندرية ومكافحتهم

تلك املصطلحات اإلعامية التي تركز على التنميط االجتماعي املبني

ً

على تعميم األخاقيات واملعتقدات والعادات والتقاليد،‏ وخصوصا

ذلك الذي ينتقص من مكانة األفراد واملجاميع من أديان مختلفة،‏ وذو

خلفيات إجتماعية مختلفة،‏ أو أقليات عرقية أو طبقية،‏ أو من ذوي

امليول الجنسية واألنواع االجتماعية غير السائدة.‏

205


املبحث الثاني

اساليب التضليل في وسائل اإلعالم التقليدية واإللكترونية

وطرق معالجتها

تمهيد:‏

تعد األخبار املزيفة وحمات التضليل املعقدة مشكلة خاصة في

األنظمة السياسية الشبه املنفتحة،‏ وهناك نقاش متزايد حول كيفية

معالجة هذه القضايا دون تقويض إيجابيات الوسائط الرقمية.‏ ومن

أجل الحفاظ على نظام ديمقراطي مفتوح،‏ من املهم أن تعمل الحكومات

والشركات ومستهلكي وسائل اإلعام التقليدية والحديثة معً‏ ا لحل هذه

املشكات من خال خطط استراتيجية مرسومة كتعزيز املؤسسات

التربوية والتعليمية للدول على محو األمية اإلخبارية والصحافة املهنية

القوية في مجتمعاتها وأن تجعل توعية الناس حول محو األمية اإلخبارية

أولوية قصوى،‏ ويجب أن توفر صناعة األخبار صحافة عالية الجودة

من أجل بناء ثقة الجمهور وتصحيح األخبار الزائفة واملعلومات املضللة

دون إضفاء الشرعية عليها،‏ ومن جانب آخر يقع على عاتق شركات

تكنولوجيا اإلتصال االستثمار في األدوات التي تحدد األخبار املزيفة

وتحسين املساءلة عبر اإلنترنت.‏ وأخيرًا،‏ يجب على جمهور املتلقي

واملستهدف متابعة مصادر األخبار املتنوعة،‏ والتشكيك فيما يقرؤونه

ويشاهدونه.‏ وسنحاول إيضاح هذه املواضيع الشائكة واملتشعبة بشقيها

النظري والتطبيقي في هذا املبحث تبعاً‏ ملحاور مصنفة تدريجية تبدأ

بعموميات اساليب التضليل اإلعامي عبر وسائل اإلعام قديماً‏ وحديثا ً ،

ونطور مسار مضامين املبحث إلى أن نختتمه بعدة طرق وآليات التجنب

ومكافحة عمليات التضليل اإلعامي.‏

206


أوالً:‏ اساليب التضليل اإلعالمي عبر وسائل اإلعالم ‏)التقليدي

واإللكتروني(:‏

يُ‏ عتبر أساليب التضليل اإلعامي ذلك الطرق واملناهج املعتمدة

لتضليل الجمهور املستهدف،‏ ومن تلك االساليب قديمة أُ‏ ُ ستخدم إبان

الحرب الباردة بين املنظومتين ‏)الشيوعية السوفياتية والرأسمالية

األمريكية(‏ والبعض اآلخر منها يُ‏ عتبر ً حديثا من اختراعات ‏»السلطة

الخامسة«‏ )3)) . وتختلف اساليب التضليل اإلعامي فيما بينها من

حيث درجة األهمية والتأثير،‏ مثل اختاف مصادر التضليل،‏ أو

املكانة السياسية واالجتماعية للجهة التي تقوم بالتضليل سواءً‏ كانت

حكومة أو دولة أو حزباً‏ ً سياسيا أو شخصية عامة،‏ أو باختاف نوع

الوسيلة اإلعامية،‏ وتجدر اإلشارة إلى أن اإلعام اإللكتروني ومن

ً

ضمنها ‏»السوشيال ميديا«‏ من أكثر الوسائل اإلعامية الحديثة مهيأة

ملمارسة التضليل اإلعامي.‏ لذلك تتعدد أساليب التضليل اإلعامي وفق

االستراتيجيات واألهداف القائمة باإلتصال فيما يأتي:‏

أسلوب التعتيم أو الكتم على املعلومات:‏ وتتم عبر ما يأتي )3)) :

التجاهل التام وعدم التطرق ألحداث ميدانية أو سياسية أو اقتصادية

مهمة ومفصلية بصورة نهائية والتعامل كأنها غير موجودة أصاً.‏

30- يُطلق مفهوم السلطة الخامسة عى مجموعة وسائل اإلعالم الجديد،‏ ومن

ضمنها شبكات التواصل االجتامعي التي ساهمت بتكوين تحوالت جذرية عى

صعيد آليات العملية االتصالية،‏ ورسّعت عملية التواصل وتبادل اآلراء ووجهات

النظر حول القضايا املطروحة عرها،‏ كام فتحت املجال أمام تقنيات منوعة تتيح

تشكيل الرسائل اإلعالمية بأمناط متعددة.‏

31- أنظر إىل:‏

نزهت الدليمي،‏ التضليل اإلعالمي وكيفية املواجهة،‏ شبكة النبأ املعلوماتية،‏ 2020،

.https://annabaa.org/arabic/referenceshirazi/25614،2020

حسن الزين،‏ املرجع السابق،‏ .https://www.almaarefcs.org

207


محاوالت منع النشر وتحديد حركة املندوبين واملراسلين وعدم

السماح بتوفير أي فرصة لتغطية االحداث.‏

منع الشهود العيان من التصريح لوسائل اإلعالم.‏

منع نشر معلومات تحت طائلة املسؤولية القضائية تحت ذريعة

األمن القومي.‏

أسلوب التسريب والنشر والبوح باملعلومات:‏ ويقوم هذا األسلوب

على نشر وبث معلومات قد تكون صحيحة للوصول الى األهداف،‏

ونذكر من نماذجه :

التشهير والفضح وتلطيخ السمعة للخصوم ( زعماء،‏ سياسيين،‏

إعاميين،....‏ الخ(‏

الدعاية اإلعامية والحرب النفسية إلضعاف الروح املعنوية لدى

جمهور الخصم وخفض الثقة بالقيادة واملنظومة العاملة واظهار

الضعف في رؤيتها وتحليلها لاحداث وتحقيق النصر.‏

إثارة الخافات وافتعال األزمات وشق الصفوف لدى جمهور وساحة الخصم.‏

بث وتكرار االشاعات واملعلومات املغلوطة وامللغومة والكاذبة .

اغراق الجمهور بمعلومات ال تهمه،‏ وال يحتاح اليها،‏ وكذا االغراق

بكمية ضخمة من املعلومات يصعب هضمها واستيعابها والربط بينها.‏

تؤدي باملتلقي للمعلومات الى الشعور بالعجز والسلبية وصرف النظر.‏

التسريب السري الذي يعتمد على شبكات ومصادر أمنية تتولى نشر

املعلومات املسربة باالستفادة من مختلف الطرق كاألفراد ذوي النفوذ

والشخصيات واملقربين منهم،‏ والسفراء والدبلوماسيين،‏ ويشترط فيها

بقاء األهداف والجهات املسربة طي الكتمان والسرية لعدم لفت نظر

الطرف املتلقي الى أهداف الجهة املسربة للمعلومات.‏

208


التسريب العلني من خال الوسائل العلنية واإلعامية والصحف

ومواقع التواصل على شبكات االنترنت،‏ وال فرق في التسريب العلني بين

معرفة املتلقي أو عدم معرفته بانها معلومات مسربة أو انها دعايات أو

إشاعات،‏ املهم هو مفعول التسريب.‏

ويستعمل التضليل اإلعامي أساليب أخرى ضد الجمهور

لتحقيق الغرض املرجو كالخداع,‏ واإلشاعة والتشويش,‏ وإخفاءالحقائق

واملعلومات,‏ واختاق وقائع مسرحية.‏ ومن ثم فإن الصورة الصادقة

ال يستطيع أن ينقلها ضمير متعدد الوالءات,‏ والحقيقة الساطعة ال

يستطيع أن يؤمن بها فكر متعدد اإلنتماءات,‏ والرأي الحر ال تستطيع أن

تعبر عنه إرادة متعددة التوجهات,‏ والهوية املتميزة ال تستطيع أن تلتقي

مع ثقافة متعددة الخيارات أو متعددة الروافد )3)) .

ثانياً‏ : تقنيات التضليل اإلعالمي:‏

أما تقنيات التضليل اإلعامي فهي مجموعة األدوات الفنية والعملية

التي تمارس لتطبيق أساليب التضليل اإلعامي واألمران متداخان في معظم

األحيان.‏ ومعظم تقنيات التضليل اإلعامي تختلف باختاف الوسيلة

اإلعامية والظروف املكانية والزمانية لنوع األزمات،‏ وتختلف من ثقافة

وتقاليد إلى أخرى.‏ وتندرج تقنيات التضليل في مجموعة أدوات كاآلتي )3)) :

أوالً:‏ تقنيات التاعب باملعلومات ‏)تقنيات التحرير(:‏

التضليل باالنتقائية املتحيّزة،‏ التي تنتقي بعض الكلمات والحقائق

واالقتباسات واملصادر وتتجاهل األخرى،‏ وتقوم بالتركيز على حقيقة

وإغفال حقيقة أخرى مرتبطة بها.‏

32- عبدالعزيز خليل املطوع،‏ الربيع األسود،‏ ثورة أو ظاهرة أو فعل من فعول

تجفيف األمة،‏ بروت:‏ املؤسسة العربية للدراسات والنرش،‏ 2013، ص‎84‎‏.‏

33- فهد عبدالرحمن الشميمري،‏ املرجع السابق،‏ ص 107-105.

209


التضليل بالتاعب باملعلومات وترتيب الحقائق،‏ بصورة تعطي

معاني وانطباعات معينة،‏ ويتم تفسيرها بشكل معين،‏ يخالف الواقع.‏

التضليل بإهمال خلفية األحداث،‏ وهذا يجعلها ناقصة ومشوهة،‏

وال يستطيع املتلقي فهمها وتفسيرها.‏

التضليل باملزج والخلط،‏ وعدم التمييز بين األخبار من ناحية والرأي

والتحليل والتعليق من ناحية أخرى،‏ فا يعرف املتلقي هل هذا جزء من

الخبر؟ أو هو رأي الصحفي ووجهة نظره.‏

التضليل باملعلومات التي ليست لها عاقة بالحدث،‏ على حساب

الحقائق املهمة.‏

التضليل بالعناوين ومقدمات األخبار املعتمدة على املبالغة والتهويل

والغموض واملعلومات الناقصة،‏ وهذا ال يتفق أحياناً‏ مع مضمون الخبر

أو املادة الصحفية.‏

التضليل باستخدام مفردات معينة تؤدي إلى اصدار أحكام باإلدانة

على املواقف واألشخاص والجماعات والدول،‏ أو تحمل وجهة نظر

بالتأييد أو الرفض.‏

التضليل باإليهام والتدليس في املصادر واملعلومات،‏ وعرض معلومات

مضللة بكلمات غير واضحة املصادر،‏ وهي معلومات وأخبار غير صحيحة.‏

التضليل بإدعاء التوازن الشكلي بين رأيين فقط،‏ واختيارين ال غير،‏

مع تعمد إهمال وجهات النظر األخرى،‏ وتغييب الكثير من االحتماالت

واآلراء والحلول.‏

التضليل باختيار قضايا ومشكات زائفة،‏ واالبتعاد عن قضايا

أخرى تهم الجمهور،‏ وتساهم في تشكيل الوعي الصحيح.‏

التضليل بالحذف والتجاهل،‏ سواءاً‏ كان ذلك لقضية أو حدث أو

مشكلة،‏ وهذا يجعلها خارج وعي الجمهور.‏

210


التضليل بالتضخيم والتهويل،‏ لقضية أو حدث أو مشكلة،‏ ليترك

ذلك انطباعاً‏ ً زائفا حول حجمها لدى الجمهور.‏

التضليل بالتهوين وتقليل قيمة املوضوع،‏ رغم أهميته للجمهور

وعاقته بمصالحهم واهتماماتهم.‏

التضليل بالتفكيك والتجزؤ،‏ وحصر النقاش في جزئيات بعينها،‏

وقطعها عن اإلطار العام،‏ وسياقها الطبيعي،‏ وصورتها الكاملة.‏

التضليل بقلب الصورة،‏ حتى يصل األمر أحياناً‏ إلى تصوير املجرم

بأنه ضحية،‏ والضحية هو املجرم املعتدي.‏

ً

التضليل باملصطلحات املصنوعة املنحوتة،‏ التي تبني وترسخ مفهوما

معيناً‏ يتوافق مع مصالح صانع املصطلح،‏ الذي قام باستحداثه والترويج

له،‏ لتغييب الحقائق وتزييف الوعي.‏

التضليل باستخدام مصطلحات قد تكون صحيحة ومقبولة ومتفق

عليها في أصلها،‏ ولكنها تستخدم تعمداً‏ ً وتضليا في سياق خاطئ ال يرتبط بها.‏

التضليل باإلحصائيات واستطاعات الرأي غير الحقيقية،‏ ألنها لم تحدث

أصاً،‏ أو أنها كانت حافلة باألخطاء اإلجرائية التي تؤدي إلى خطأ النتائج.‏

التضليل بالقراءة املخادعة لإلحصائيات واستطاعات الرأي

الصحيحة،‏ لكن التاعب بطريقة عرضها وتفسيرها،‏ يتم سواءً‏ بالكلمات

أو بالرسوم البيانية.‏

ثانياً‏ : تقنيات التاعب بالصور:‏

يقوم على خداع الحواس والبصر وتقديم الصورة كدليل على

صدقية الخبر املنشور.‏ ومن أشكاله:‏

التضليل بالصورة،‏ سواء في طريقة التقاطها،‏ أو تغيير مضمونها،‏ والتحكم

في األلوان،‏ أو إضافة صور أشخاص أو أشياء أو حذفها،‏ أو يتم االدعاء بأن

هذه الصور تمثل الواقع في حين هي مصنعة لتعطي انطباعاً‏ ً معينا .

211


مونتاج الصور واعادة تركيبها بما يخدم هدف الجهة املضللة.‏

التضليل باختيار صورة حقيقية لشخص أو حدث إال أنها التقطت

من زاوية معينة،‏ أو في لحظة معينة،‏ إلعطاء رسالة مضللة حول

الشخص أو املوقف أو الحدث.‏

التضليل بالكاريكاتير السياسي واالجتماعي،‏ الذي يتعامل معه الناس

باعتباره طرفة وتسلية،‏ بينما هو رأي وموقف ورسالة مؤثرة،‏ تجمع بين

خصائص الكلمة وخصائص الصورة.‏

وهنالك تقنيات أخرى تُ‏ ستخدم في تضليل الرأي العام الجماهيري،‏

مرتبطة بتقنيات إعداد وتقديم البرامج الحوارية:‏

التضليل باختيار أضعف شخصية ممكنة وأسوئها لتمثيل قضية

ما في حوار أو حديث إعامي،‏ لكي يتم إسقاط القضية وتشويهها عبر

هذه الشخصية املهزوزة السيئة،‏ أو الضعيفة.‏

التضليل بالحوار املشوّ‏ ه الذي يتم فيه التغييب الكلي املتعمد

للقضية الجوهرية املحورية،‏ واإلغراق بالتفاصيل الهامشية،‏ والثانويات

الصغيرة،‏ ذات األثر املحدود على القضية املحورية التي تم تغييبها قسراً‏ .

التضليل بتكرار الفكرة الخاطئة وترسيخها مهما تكن خاطئة،‏

وتعزيز السلوك املنحرف وترسيخه مهما يكن منحرفاً‏ ، وذلك بالتكرار

املستمر املتواصل حتى تستقر في وعي الجمهور.‏

ثالثاً‏ : اآلثار املترتبة عن صناعة التضليل اإلعامي:‏

من املعلوم أن التضليل أصا هو مفردة سيئة باطلة العمل

والنوايا واالهداف وعندما نذكر مساوئ التضليل،‏ نعني بذلك

مدى ضررها وفتكها باملتلقي واملجتمع عموما.‏ ورصدت الدراسات

اإلعامية عبر العصور بعض ممارسات عملية التضليل اإلعامي مع

اختاف الوسيلة الناقلة للرسائل اإلعامية املضللة،‏ وقد تمكنت

212


الدراسات من حصر مساوئ التضليل اإلعامي في عدة أنماط وهي )3)) :

إحداث الخلل في التفكير وعدم القدرة على األداء الصحيح.‏

زعزعة الثقة بالنفس وبالقناعات الفكرية سياسيا ً واجتماعياً‏

وثقافياً‏ .

زرع الشك أو اتهام أشخاص أو مجموعات أو دولة أو دول وتكريس

الكره والضغينة تجاههم.‏

التصرف على وفق الطرف املضلل والنيابة عنه في تنفيذ أهدافه.‏

تشتيت الجمهور واالمكانيات واملوارد صوب أهداف خاطئة.‏

أضعاف الروح املعنوية لدى الجهة املستهدفة ويبدو وكأنه مغلوب

على أمره وال طاقة له باملواجهة.‏

التأثر بالحرب النفسية احباطاً‏ أو شلا في التفكر نتيجة التزود

بمعلومات مضللة.‏

تنتقل الروح املعنوية املضللة لآلخرين بفعل العدوى وتناقل االخبار

واالشاعة.‏

الفشل في اصدار أحكام بناء على أخبار كاذبة ومضللة يؤدي الى

ضعف الثقة بالجهة املستهدفة عامة والشخصية املضللة خاصة.‏

يؤدي التضليل الى ضرب مكامن الصدق ومنابع الرؤية وتشويش

املزاج.‏

يؤدي التضليل الدائم الى اضعاف االستجابة والتلبية لدى الكثير

من الجمهور.‏

رابعاً‏ : وسائل التضليل اإلعامي:‏

‎34‎‏-نزهت الدليمي،‏ املرجع السابق https://annabaa.org/arabic/

.referenceshirazi/25614،2020

213


إن وسائل التضليل اإلعامي يتم تقسيمها على وفق أقدمية

الوسائل اإلعامية وأحدثيتها،‏ إضافة إلى التركيز على تصنيفها وفق

كثرة استخدامها من قبل الجمهور املتلقي،‏ حيث تمر هذه الوسائل

بمجموعة من املراحل املرتبطة في مراحل الصراع واألزمات اإلعامية،‏

بحيث تسع الوسائل اإلعامية بسببها إلى تغطية األحداث اإلعامية

ووضعها ضمن مساحات شاسعة،‏ وذلك من أجل االستفادة منأشكال

املطبوعات سواء كانت رسوما أو صحفا أو نشرات أو صورًا أو كتبا أو

الفتات أو منشورات أو قصصا.حيث تعتبر املنشورات من أهم الوسائل

التي تمثل الجوهر والحجر األساسي،‏ وتستعمل في حمات التضليل

اإلعامي )3)) . ومن أهم الوسائل:‏

الوسائل الحية املسموعة واملرئية ‏)القنوات الفضائية(:‏ كونها ت ُ عَ‏ دُ‏

أكثر الوسائل فعالة في عملية التضليل لتغيير االتجاهات وتشويه

الحقائق لسعة انتشارها.‏

وسائل التواصل اإلجتماعي ‏)سوشيال ميديا(:‏ بكل تطبيقاتها املتاحة

واملستخدمة بحسب أهميتها وتطوير خدماتها التكنولوجية على مستوى

خدمات النص ‏)التحرير(،‏ أو خدمات البث الحي والنشر،‏ أو خدمات

الصوت والصورة......الخ((.‏ فزيادة أعداد مستخدمي مواقع التواصل

االجتماعي ملفت للنظر تجعل تلك املواقع أشبه بوسيلة إعامية

جديدة،‏ لذلك يسهل انتشار األخبار املضللة والزائفة فيها عن طريق

مجموعات اجتماعية يتواجدون ويتفاعلون في البيئة االفتراضية،‏ وهذا

ما يسهم في بروز التضليل اإلعامي.‏

الدعاية التجارية والسياسية:‏ جهود يتوفر فيها عامل التعمد والقصد

في العرض والتأثير وهي جهود منظمة مقصودة للتأثير في الغير وفق خطة

35- لبنى مهدي،‏ ماهي وسائل التضليل اإلعالمي،‏ موقع العريب،‏ 2021، https://

.e3arabi.com

214


موضوعة مسبقاً‏ إلقناعه بفكرة أو سلعة أو رأي بهدف تغيير سلوكه

وتعمد إحداث تأثير في اآلراء و االتجاهات واملعتقدات على نطاق واسع

عن طريق الرموز و الكلمات و الصور وإيماءاتها املختلفة , ولهذا التأثير

املتعمد جانبان : جانب إيجابي يهدف إلى غرس بعض اآلراء واالتجاهات

, وجانب سلبي يعمل على إضعاف أو تغيير اآلراء واالتجاهات األخرى )3)) .

اإلنترنت:‏ عن طريق تبادل االتصال بين األجهزة العامة،‏ وتضم

خدمات اإلنترنت بشكل عام:‏ حزم البرامج والتطبيقات على اختاف

أنواعها،‏ وحسابات البريد اإللكتروني،‏ ومواقع الويب الشخصية أو

الصفحات الرئيسية،‏ والرسائل املصورة.‏

اإلذاعات الداخلية والخارجية واملوجهة:‏ فاإلذاعات الخارجية

املوجهة تُ‏ عد من إحدى الوسائل اإلعامية التقليدية للتضليل اإلعامي

التى تقدِّ‏ م برامجها إلى عددٍ‏ من الدول بلغات تلك الشعوب،‏ ألجل كسب

عطف الجمهور بها ليقف إلى جوار البلد املرسل لإلذاعة،‏ ويتم ذلك عبر

دراسات استراتيجية مخطَّط لها.‏

الصحافة الورقية واإللكترونية:‏ اقتحمت الصحافة الرقمية عالم

اإلعام واملعلومات واألخبار واالتصال،‏ وانتزعت من الصحافة الورقية

‏َّرت لديها عادات االستهاك االتصالية

عددً‏ ا كبيرًا من جماهيرها الذين تغي

لتتجه نحو الكمبيوتر واأللواح اإللكترونية والهواتف الجوالة للحصول

على األخبار واملعلومات،‏ ويرى آخرون أن الصحافة الورقية قادرة

على استيعاب التطورات الحاصلة في مجال اإلعام الرقمي وأن الجزم

باختفائها أو اندثارها ليس له ما يُ‏ بَرره،‏ بعد أن نجح املطبوع في التعايش

مع الراديو،‏ والتليفزيون )3)) .

36- فؤادة عبد املنعم بكري,‏ العالقات العامة يف املنشآت السياحية,‏ القاهرة،‏ عامل

الكتب,‏‎2004‎‏,ص‎60‎‏.‏

37- املعز بن مسعود،‏ الصحافة الورقية العربية:‏ رصاع البقاء ورهانات الرقمنة؟)بحث

علمي(،‏ مركز الجزيرة للدراسات،‏ 2016، https://studies.aljazeera.net/ar/mediastu

215


األفام السينمائية او األغاني أو املسلسات التلفزيونية:‏ إن االنتشار

الكبير والواسع لألفام األجنبية والدراما املدبلجة وتحديداً‏ خال

السنوات القليلة املاضية،‏ فتح األبواب أمام مستثمرين وتجار شركات

االنتاج واالسواق العربية الستيراد شتى أنواع املسلسات واألفام

األجنبية ودبلجتها إلى اللغات واللهجات املختلفة،‏ والتي تحتوى على

مضامين سلبية هائلة تضر املصلحة العامة على صعيد الغزو الثقافي

واالجتماعي والسياسي لبلدان الدول النامية،‏ فهي تستخدم أسلوب

اإلثارة والتشويق والفكاهة وأساليب أخرى متعددة لجذب املشاهد لها،‏

والتي تتعرض للتضليل والدعاية.‏

املؤتمرات الصحفية,‏ والندوات,‏ واالجتماعات,‏ واللقاءات,‏ والدعوات

الخاصة،‏ والكتب واملجات،‏ باإلضافة إلى الصحف الكاريكاتيرية.‏

خامساً‏ : التجنب وآليات التحقق من عمليات التضليل اإلعالمي:‏

تقول ‏»كلير واردل«‏ مديرة التوجيه اإلستراتيجي واألبحاث في مؤسسة

First Draft الداعمة للصحفيين واألكاديميين الذين يسعون إلى التعامل

مع التحديات املتعلقة باملسائل املوثوقية والحقيقية في العصر الرقمي:‏

‏»نحن نعيش في عصر فوضى املعلومات،‏ وهو واقع يخلق العديد من

التحديات الجديدة للصحفيين والباحثين واملختصين في مجال املعلومات

واملحتوى.‏ ومن تلك التحديات:‏ هل أتناول كصحفي محتوى رائجاً‏ ؟ ومتى

أفعل ذلك؟ كيف أصوغ العنوان املتعلق بهذا املحتوى؟ وكيف أكشف

الفبركة في مقاطع الفيديو أو الصور بشكل فعال؟ ومتى أقوم بهذا الدور؟

كيف يمكن قياس ‏»النقطة الحرجة«؟ كل هذه األسئلة هي تحديات

تواجهها من يعمل في بيئة إعامية مليئة باملعلومات،‏ إنه أمر معقد«‏ )3)) .

.html.161206082318636/12/dies/2016

38- كلر واردل،‏ عرص فوىض املعلومات،‏ دليل التحقق من عمليات التضليل

216


ّ

التجنب من التضليل اإلعالمي:‏

في ظل سعي الصحفيين ملحاربة املعلومات املظللة،‏ فإن األطراف

التي تتعّ‏ مد نشرها حرصت على تطوير أساليبها كي تتجنب كشفها.‏ ومع

ذلك ما يزال من الشائع تحديد بعض األنماط املتكررة من املحتوى

اإلعامي،‏ سواء كان في وسائل إعام تقليدية أم محتويات رقمية تثير

الريبة.‏ وسنوضح أوالً‏ كيفية تجنب الصحفي أو املتصفح أو املتعرض

ملحتوى وسائل اإلعام التقليدية واإللكترونية من التضليل،‏ سواء كان

هذا التضليل متعمداً‏ أو خطأ ً مهنيا غير مقصود،‏ فهنالك بعض املهارات

التي تساعدنا على التجنب من التضليل كاآلتي )3)) :

ال تلتقي كل خبر بالتصديق املطلق،‏ وخاصة إذ كان خبراً‏ ً مهما أو

خطيراً‏ ، وعليك أن تقدر حجم االهتمام بالخبر والتغطية املرافقة له،‏

والحظ مدى منطقيته وانسجامه مع مامح العصر ومقتضياته.‏ فمثاً:‏

ً

ال يمكن اكتشاف عاج جديد لعدة أنواع من السرطان،‏ ثم ال تجد خبرا

عنها إال في صفحة مجهولة على أحدى مواقع التواصل االجتماعي،‏ حتى

لو تابعها املايين؟!.‏ واملقصود هنا أن يُ‏ محص الصحفي ما يقرأ أو يسمع.‏

التحقق من املصدر:‏ يعتمد كثير من عمليات التضليل اإلعامي

على إخفاء مصدر املعلومة أو إبهامه،‏ متهربا من ذكره بالتعتيم أو

التعميم،‏ مثال:‏ كأن تقول:‏ ذكر خبراء،‏ أو أثبتت دراسات،‏ أو صرّح

مسؤولون،‏ دون أن تُ‏ سمي أو توضح األسماء واأللقاب؟!‏ فمن األصح

أن يراجع الصحفي املصدر األصلي،‏ فإذا كان الخبر ً منقوال مثاً‏

عن وزارة خارجية دولة ما،‏ فا داعي للقلق،‏ تأكد وتححق من الخبر

والتالعب اإلعالمي،‏ ‏)تحرير:‏ كريغ سيلفرمان(،‏ ترجمة:‏ معهد الجزيرة لإلعالم،‏ 2020،

صص-‏‎22‎ 33.

39- عامر يحيى،‏ تسع مهارات تجنبك تضليل وسائل اإلعالم،‏ شبكة الجزيرة اإلعالمية،‏

.https://www.aljazeera.net ،2018

217


على موقعه اإللكتروني،‏ أو معرّفاته في وسائل التواصل االجتماعي.‏

الحيطة والحذر من األجندات:‏ كثير من املنصات اإلعامية هي منابر

لدول أو ألحزاب،‏ وإن لم تُ‏ ذكر ذلك ً صراحة فإنه يكون ً معروفا القتراب

خطها التحريري منها،‏ لذلك كن حذراً‏ من التوجهات واألجندات الخفية.‏

مثال:‏ فقد تحتفي بعض الفضائيات واملواقع اإللكترونية مثاً‏ بخبر

يُ‏ ‏سئ للمهاجرين،‏ أو ُ تضخم قيمة دراسة عن متعددي امليول الجنسية

والهوية الجندرية،‏ أو غير ذلك مما على الصحفي أن يفهمه في سياق

مُ‏ لكية صاحب الوسيلة اإلعامية التي أوردته.‏

مقارنة املحتوى مع طرف ثالث:‏ قارن القصص والروايات مع طرف

ثالث محايد،‏ وربما رابع وخامس وسادس بحسب أهمية املوضوع اذا

دخلك الطرف الثاني في دوامة ‏»أيهما أصدق«؟.‏ فاألحداث املهمة غالبا

ال تنفرد بتغطيتها منصة واحدة حتى لو حققت فيه سبقا صحفيا وكانت

أول من ينشرها،‏ ألن التنافس بين املنصات اإلعامية يدفع بعضها إلى

التفوّ‏ ق على بعضها اآلخر في التحقق من الحدث وتفاصيله وإيضاحاته،‏

وسماع آراء محللين متنوعين له.‏

عدم اإلغراء بالعناوين:‏ في ظل التضليل وفبركة االخبار واملعلومات،‏

تتجه كثير من عناوين األخبار بحيل متنوعة،‏ كإثارة سؤال أو تحدًّ‏ ، أو

استخدام كلمات تفيد الغموض كالسرّ‏ والسبب والحقيقة،‏ أو اجتزاء

النص واإليهام بمعنى غير مقصود،‏ أو اإلغراب،‏ أو غير ذلك مما يُ‏ ثير

ً، بل إن بعضه من مهارات العمل

الفضول.‏ وال يُ‏ عد كل هذا تضليا

الصحفي املطلوبة،‏ لكن التضليل يكون حين يتعمد العنوان أن يوحي

بشيء غير املضمون،‏ وهذا يقع كثيرا عمداً‏ أو ً خطا . مثال:‏ عندما يتحدث

العنوان عن ‏»اتهامات خطيرة«،‏ في حين يكون املضمون عادياً‏ ال خطورة

فيه،‏ أو ‏»أغرب كذا«‏ ويكون طبيعيا ال غرابة فيه،‏ أو ‏»أهم كذا«‏ ويكون

218


غيره أهم منه،‏ أو ‏»الكشف عن اتصاالت«‏ وليس فيه أي كشف،‏ بل هي

اتصاالت معلنة أصا،......إلخ((‏

التحقق من عناصر الخبر:‏ الصحفي الجيد ال بد أن يتطرق لألسئلة

الستة املعروفة:‏ ماذا حدث؟،‏ كيف حدث؟،‏ من الذي قام به؟،‏ أين وقع

الحدث؟،‏ متى وقع حدث؟،‏ وملاذا وقع الحدث؟ حتى لو كانت إجابتها

غير معروفة،‏ قد يتم تجاهل أو إخفاء بعض هذه العناصر بهدف صرف

انتباه القارئ عنها.‏ مثال:‏ ال يذكر أن االجتماع وقع في مكان مهم للحدث،‏

أو أن التفجير كان في منشأة عسكرية،‏ أو أن االختطاف تم رداً‏ على

اعتقاالت،‏ فرغم أن ما جاء في الخبر ليس كذباً‏ ، لكن ما أخفاه يغير

داللة القصة والحكم عليها.‏

عزل األحكام واألوصاف:‏ تُ‏ عَ‏ مد وسائل اإلعام املوجهة إلى تكريس

أجندتها وتمرير أحكامها القيمية فيما تنشره،‏ ويتضح هذا في أوصاف

مثل:‏ إرهابيون،‏ مقاومون،‏ ثائرون،‏ مخربون.‏ وبعضها تتهاون في إطاق

األحكام،‏ مثل:‏ أشهر ممثل،‏ أفضل كاتب،‏ أهم إنجاز،‏ أحسن طريقة،‏

أجمل فيلم،‏ ‏.....إلخ((.‏ فإن تجنب التضليل واالنخداع يفرض على

الصحفي عزل هذه األحكام القيمية،‏ فليس الخبر في أن الذين استولوا

على املنطقة إرهابيون أم ثوار،‏ لكن في أن هذه املنطقة باتت في حوزتهم،‏

ولتسمهم كل وسيلة بحسب أجندتها،‏ وسمّ‏ هم أنت بحسب معاييرك

القيمية.‏ ومهما كان أسلوب صياغة الخبر محببً‏ ا أو مزعجً‏ ا،‏ فعلى

الصحفي أال يتأثر بما قد يتضمنه من مبالغات وأحكام وتعميمات

ومجازفات،‏ فغالبا ما تكون هذه محل شك.‏

معيار التخصص:‏ قد يسهل الوصول إلى الخبر،‏ لكن املتخصص

يظل أقدر على تقييمه ومعالجته وبيان أهميته،‏ مثال:‏ فإن الخبر الطبي

ترتفع مصداقيته إذا كان في موقع طبي،‏ والتقني يُ‏ توقع ‏-وال يشترط

219


ّ

َ

طبعا-‏ أن يكون أكثر دقة في املواقع املختصة في شؤون التقنية.‏ وكذلك

وسائل اإلعام املتخصصة،‏ يتوقع أن تكون أكثر دقة وشموالً‏ وأحسن

طرحاً‏ ً وتحليا للقضايا واملوضوعات التي تتخصص فيه.‏

تكوين شبكة مصداقية:‏ مهما كنت ماهراً‏ في قراءة األخبار

وتمحيصها،‏ فإن أهم نصيحة للوصول إلى الخبر السليم هي تلقيه من

مصدر موثوق،‏ ولذلك كان أول ما بحث فيه علماء الحديث ‏)الخبر(‏ هو

مصداقية الراوي وكفاءته.‏ وال يكفي االعتماد على وسيلة إعامية واحدة

حتى لو كانت في غاية املصداقية،‏ لذلك ينبغي أن تبني لنفسك شبكة

من منصات اإلعام التي قد جربتها واختبرتها ‏-ال بناء على السمعة فقط-‏

في مجاالت مختلفة،‏ تكون مصدر أخبارك وإليها ترجع للتحقق مما وردك

من خارجها،‏ مراعياً‏ ما سبق للتحقق من املهنية واملوضوعية.‏

آليات التحقق من التضليل اإلعالمي:‏

أطلق املركز الدولي للصحفيين ومشروع Facebook للصحافة

سلسلة ويبنارات جديدة تحت عنوان ‏»طرق وأدوات التحقق من

املحتوى الرقمي«‏ حيث أشار االستاذ الجامعي واملدرب اإلعامي ‏»داود

إبراهيم«‏ إلى بعض األدوات الخاصة بالتحقق من صحة الصور واألخبار

ومقاطع الفيديو )4)) . وقبل القيام بالتحقق،‏ ينصح « داود ابراهيم«‏

الصحفيين واإلعاميين باالستعداد من خال اإلجابة على األسئلة

اآلتية:‏ هل املوضوع مهم؟ هل املوضوع قابل للتحقق؟ هل لدينا الوقت

الكافي واملوارد للتحقق من املوضوع؟ هل هناك مصادر يمكن أن تثبت

صحة املضمون دون عدمه؟ وينصح في التفكير بالتحقق كآلية وليس

كأداة،‏ وعرَضَ‏ بعض اإلرشادات املفيدة التي منها:‏

40- شبكة الصحفين الدولين،‏ مكافحة التضليل واملعلومات الخاطئة،‏ ,30 Nov

.2021، https://ijnet.org/ar/story

220


إسأل نفسك:‏ ممَّ‏ أتحقق؟

تحقق من املصدر ‏)موقع إخباري،‏ صفحة فيسبوك،‏ تويتر…..إلخ((.‏

تحقق من الكاتب/الكاتبة.‏

إبحث عما يقوله اآلخرون عن املصدر.‏

تحقق من الصورة أو الفيديو املستخدم.‏

تحقق من مسألة أو معلومة محددة.‏

إبحث عن محاوالت تحقق سابقة عن نفس املوضوع.‏

ال تثق بأي خبر منقول عن موقع آخر بدون زيارة املوقع املذكور.‏

إبحث عن الخبر وتأكد من صحته قبل نشره أو مشاركته.‏

إن كان الخبر مترجماً‏ ، تأكد من صحة ودقة الترجمة.‏

أما بالنسبة للتحقق من الصور،‏ فحذر ‏»داود ابراهيم«‏ من أنه ال

يجب الثقة حتى بالعين ألنّ‏ اليوم هناك أدوات كثيرة للتاعب بالصور،‏

فبحال وصلتك صورة من شخص عليك أن:‏

تتأكد أنّ‏ من أرسلها لك هو املصور.‏

أطلب منه أن يرسل لك أكثر من صورة وأن يتصور في املوقع.‏

أطلب منه أن يرسل الصورة األصلية باإليميل،‏ تحقق من مصدره.‏

يمكن التحقق من معلومات الصورة وموقعها وتوقيت وتاريخ

ا لتقا طها .

كما يجب أن تسأل:‏ متى تم التقاط هذه الصورة؟ أين تم التقاطها؟

من التقطها؟ ملاذا تمت مشاركتها اآلن؟ ما الذي لفتك في الصورة بعد

التمعن؟

وللتحقق من الصور،‏ هنالك بعض املواقع املفيدة التي تساعد

الصحفيين من التضليل والتاعب )4)) :

41- شبكة الصحفين الدولين،‏ املصدر السابق.‏

221


Pic2Map، Image Metadata، Verexif.com، Reveal،Reverse

Tineye.com،Bing، Suncalc، البحث العكسي للصور،‏ Image Search

.Imageedited.com، Forensically، FotoForensics

كيف يتعرف الصحفي على الفيديوهات املفبركة؟

قد يمكن كشف الفيديو املزور باستخدام Deepfake ‏)التزييف

العميق(‏ ولكن األمر سيزداد صعوبة مع تطور التكنولوجيا،‏ وهنالك

بعض األشياء التي إذا الحظتها في فيديو فهو في األغلب مزور )4)) :

وجوه غريبة املنظر:‏ في العديد من الفيديوهات املزورة باستخدام

هذه البرمجية تبدو الوجوه فيها غريبة،‏ إذا كانت املامح ال تصطف

بشكل صحيح،‏ إذا بدا كل ‏شيء آخر طبيعيا ً ولكن يبدو الوجه غريباً‏

فعلى األغلب تم التزوير باستخدام .Deepfake

وميض:‏ سمة مشتركة بين الفيديوهات املزورة الرديئة ويبدو الوجه

فيها وامضاً‏ وتظهر املامح األصلية في بعض األحيان لوهلة قصيرة،‏

ويبدو ذلك واضحاً‏ أكثر على أطراف الوجه أو عندما يمر شخص من

أمامه،‏ إذا ظهر وميض غريب فالفيديو مزور على األغلب.‏

أجسام مختلفة:‏ تعمل برمجية التزييف العميق DeepFake على

استبدال الوجوه فقط ومعظم الناس يحاولون الحصول على جسم

مطابق بشكل جيد ولكن ليس ذلك ممكنا دائماً‏ ، إذا كان الشخص يبدو

أطول أو أنحف أو أقصر بشكل ملحوظ أو لديه وشوم ال يملكها في

الحقيقة أو بالعكس هناك احتمال كبير أن الفيديو مزور.‏

مقاطع قصيرة:‏ حالياً‏ عندما يعمل التطبيق بشكل مثالي وتتم عملية

استبدال الوجه بشكل ال يمكن تميزه فإن هذه العملية في الحقيقة

42- محمد الحواس لباز،‏ تطبيق ‏»ديبفايك«‏ شبح التضليل اإلعالمي،‏ IJNet شبكة

الصحفين الدولين،‏ 2019، .https://ijnet.org

222


ً

يمكنها فعل ذلك ملدة قصيرة.‏ وبعد مدة ليست بطويلة تبدأ إحدى

املشكات املذكورة أعاه ستبدأ بالحدوث وهذا هو سبب أن معظم

املقاطع املزورة التي يشاركها املشاهدون تبلغ بضع ثوان فقط في حين

أن بقية اللقطات غير صالحة لاستعمال.‏ إذا شاهدت ً مقطعا قصيراً‏

للغاية ألحد املشاهير يفعل شيئاً‏ ما وليس هناك سبب وجيه لكونه

قصيرًا جداً‏ فهذا دليل أنه مزور باستخدام .DeepFake

مقاطع با صوت أو مزامنة الشفاه )Lip-Sync( ‏سيء:‏ تطبيق

DeepFake يقوم بتعديل املامح فقط حيث ال يجعل صوت شخص ما

يبدو كآخر تماما،‏ إذا كان املقطع با صوت وليس هناك أي سبب لعدم

وجود صوت فهذا دليل آخر أنه مزور باستخدام DeepFake وباملثل

حتى لو وجد صوت إذا كانت الكلمات املنطوقة ال تتطابق مع الشفاه

املتحركة بشكل صحيح أو بدت الشفاه غريبة في حين يتكلم الشخص

فيحتمل أن يكون الفيديو مزور.‏

مقاطع غير معقولة:‏ هذا النوع غني عن القول فإذا شاهدت مقطعا

يستحيل تصديقه فهناك احتمال كبير أنه مزور.‏

مصادر مشكوك فيها:‏ إن مصدر الفيديو غالباً‏ يكون دليا كبيرًا على

صحته،‏ فإذا كان مصدر القصة على منصة إعامية موثوقة كصحيفة

نيويورك تايمز مثاً،‏ ّ فإن صحته أكبر بكثير من احتمال صحته لو كان

من موقع ما آخر على اإلنترنت.‏

223


خالصة املبحث:‏

يتضح من عرض وتقديم محاور هذا املبحث أن هناك عددً‏ ا من

الطرق واألساليب حول كيفية التصدي ومكافحة عمليات التضليل

االعامي وتحجيم فاعليها والقائمين بالتضليل في وسائل اإلعام

التقليدية والجديدة،‏ سواء كان ذلك على املستوى الشخصي أو على

املستوى الرسمي كجهات سياسية أو دول،‏ وفي الوقت نفسه بإمكاننا

تهيئة أرضية مناسبة لترويج خطاب مدني ودقيق في مواجهة األخبار

الكاذبة واملعلومات املضللة.‏ لقد أتاحت التطورات التكنولوجية في

مجال االتصال واملعلومات تقدماً‏ ً إيجابيا لتوسيع مساحة حرية

التعبير عن الرأي والحصول على املعلومات من جهة،‏ وفي الوقت نفسه

أُ‏ ستغلت هذه الخدمات اإللكترونية املتاحة من جهة أخرى من قبل

أفراد وجماعات وجهات رسمية ووهمية وبطرق شتى،‏ لنشر وبث االخبار

املضللة والزائفة والترويج للخطاب العنصري والكراهية ألغراض تفيد

مصالحهم السياسية أو تستخدم بدافع تشويه سمعة شخصايات

بارزة أو جهات سياسية منافسة لهم.‏ وفي الوقت نفسه هناك الكثير من

التجارب وآليات تكنولوجية حديثة تجري مع منصات األخبار ومواقع

التواصل االجتماعي على اإلنترنت،‏ وبفضل تلك التطورات التكنولوجية

تختبر املؤسسات اإلخبارية منتجات وخدمات تساعدها في تحديد

خطاب الكراهية واللغة التي تحرض على العنف.‏ وهناك ازدهار كبير

في النماذج واألساليب الجديدة التي تبشر بالخير ملستقبل الصحافة

ً

على اإلنترنت واستهاك وسائل اإلعام.‏ فضا عن كل هذه املعطيات،‏

تقع على عاتق الجميع مسؤولية مكافحة آفة األخبار الكاذبة واملعلومات

املضللة،‏ وتتطلب هذه املسؤليات مزيداً‏ من اإلجراءات من حيث

املمارسة والتطبيق من أجل تعزيز املعايير القوية للصحافة املهنية،‏

224


ودعم الصحافة االستقصائية،‏ ومكافحة مصادر التمويل والحوافز

املالية ملروجي حمات التضليل اإلعامي على املنصات االلكترونية

ومواقع التواصل االجتماعي التي تُ‏ مول من قبل شخصيات بارزة و جهات

سياسية مختلفة،‏ وتنظيم حمات التوعية االجتماعية لتحسين املعرفة

الرقمية بين عامة الناس من قبل املؤسسات التربوية والتعلمية للدولة

ومنظمات املجتمع املدني.‏ وكل هذه الخطوات الازمة ستعمل مجتمعة

على زيادة جودة الخطاب واملحتوى اإلعامي وإضعاف البيئة التي دفعت

باملعلومات املضللة نحو العالم.‏

225


قائمة املراجع واملصادر

• IJNet شبكة الصحفيين الدوليين،‏ مكافحة التضليل واملعلومات الخاطئة،‏

.Nov 30, 2021، https://ijnet.org/ar/story

‏•إبراهيم الداقوقي،‏ صورة األتراك لدى العرب،‏ بيروت،‏ مركز درسات الوحدة

العربية،‏ 2001.

‏•اسماعيل عزام،‏ اإلعام وصناعة املوقف من اآلخر،‏ معهد الجزيرة لإلعام،‏

13 أغسطس ،2018 https://institute.aljazeera.net

‏•جال الشافعي،‏ من التضليل اإلعامي،‏ مصر،‏ دار البشير للثقافة والعلوم،‏

ط‎1‎‏،‏ 2005.

‏•حسن الزين،‏ دور التضليل اإلعامي في الحرب الناعمة،‏ مركز املعارف

للدراسات الثقافية،‏ 2017، .https://www.almaarefcs.org

‏•حسن العاصي،‏ اإلغراق اإلعامي تصنيع الكذب والتضليل،‏ شبكة النبأ

االخبارية،‏ https://annabaa.org/arabic/referenceshirazi/22678.2020

‏•حسن العاصي،‏ خيمياء وسائل اإلعام،‏ صناعة التزييف والتضليل،‏ جريدة

العمق املغربي اإللكترونية،‏ أغسطس 2018، .https://al3omk.com

• عبدالعزيز خليل املطوع،‏ الربيع األسود،‏ ثورة أو ظاهرة أو فعل من فعول

تجفيف األمة،‏ بيروت:‏ املؤسسة العربية للدراسات والنشر،‏ 2013.

‏•عصام سليمان املوسى،‏ الثورة الرقمية تصنع اإلعام العربي على مفترق

الطريق،‏ مجلة املستقبل العربي،‏ مركز دراسات الوحدة العربية،‏ لبنان،‏

العدد‎276‎‏،‏ مايس 2010.

• عمار يحيى،‏ تسع مهارات تجنبك تضليل وسائل اإلعام،‏ شبكة الجزيرة

اإلعامية،‏ ،2018 .https://www.aljazeera.net

‏•فهد عبدالرحمن الشميمري،‏ التربية اإلعامية،‏ الرياض:‏ مكتبة امللك فهد

الوطنية،‏ ط‎1‎‏،‏ 2010.

• فؤادة عبد املنعم بكري,‏ العاقات العامة في املنشآت السياحية,‏ القاهرة،‏

عالم الكتب,‏‎2004‎‏.‏

226


َ لَ‏ لَ‏ http://wiki.dorar-aliraq.net/

227

قاموس لسان العرب البن منظور،ض

lisan-alarab

• كلير واردل،‏ عصر فوضى املعلومات،‏ دليل التحقق من عمليات التضليل

والتاعب اإلعامي،‏ ‏)تحرير:‏ كريغ سيلفرمان(،‏ ترجمة:‏ معهد الجزيرة لإلعام،‏

.2020

• لبنى مهدي،‏ ماهي وسائل التضليل اإلعامي،‏ موقع العربي،‏ 2021.

‏•ما هي األخبار الزائفة؟ النهار،‏‎2018‎ .https://www.annahar،

• محمد الحواس لباز،‏ تطبيق ‏»ديبفايك«‏ شبح التضليل اإلعامي،‏ IJNet

شبكة الصحفيين الدوليين،‏ 2019، .https://ijnet.org

‏•مختار الصحاح,‏ بيروت،‏ دارالكتاب العربي.‏

• املعز بن مسعود،‏ الصحافة الورقية العربية:‏ صراع البقاء ورهانات

الرقمنة؟)بحث علمي(،‏ مركز الجزيرة للدراسات،‏ 2016، https://studies.

.aljazeera.net

‏•نبيلة رزاقي،‏ تجريم نشر وترويج الشائعات اإللكترونية عبر مواقع التواصل

االجتماعي،‏ املجلة األكاديمية للبحث القانوني،‏ م‎12‎‏،‏ العدد)خاص(،‏ 2021.

• نزهت الدليمي،‏ التضليل اإلعامي وكيفية املواجهة،‏ شبكة النبأ املعلوماتية،‏

.https://annabaa.org،2020

• نزيهة سعيد،‏ دليل اإلعام والصحافيين العرب لتغطية قضايا متعددي

امليول الجنسية والهوية الجندرية،‏ منظمة تحرك اآلن الدولية Right( Out

.Action International)، 2017

‏•هربرت شيللر,‏ املتاعبون بالعقول,‏ ترجمة عبدالسام رضوان,‏ ط‎2‎ , الكويت:‏

عالم املعرفة,‏ املجلس الوطني للثقافة والفنون واآلداب,‏ 1999.

‏•يسري مصطفى،‏ الوصم والتنميط من املنظور االجتماعي،‏ مركز دراسات

األمن األوروبي http://ceoss-eg.org/wp-content/uploads. 2016 .CESS،

• Claire Wardle, Connaître l’ennemi : les rouages de la désinformation,

Pour la Science. 28 octobre 2019, https://www.pourlascience.fr/sd/

sciences-sociales.


•Definition of misinformation noun from the Oxford Advanced

Learner›s Dictionary,https://www.oxfordlearnersdi

• Ellen Gutoskey, Disinformation vs. Misinformation: What’s the

Difference?, MENTAL FLOSS, December 24, 2021, https://www.

mentalfloss.com.

•Guy Durandin, l›information, la disinformation et la realite, presses

Universitaires de France,Paris, 1993.

•Meira Gebel, Misinformation vs. disinformation: What to know

about each form of false information, and how to spot them online,

Insider, Jan 16, 2021, https://www.businessinsider.com.

•Schwartz, Oscar (12 November 2018). «You thought fake news was

bad? Deep fakes are where truth goes to die.

•Shevon Desa,Hailey Mooney, Jo Angela, «Fake News,» Lies and

Propaganda: How to Sort Fact from Fiction,University of Michigan

Library, Oct 26, 2021, https://guides.lib.umich.edu/fakenews.

•Thomas J. Froehlich, A Disinformation-Misinformation Ecology:

The Case of Trump, Submitted: June 28th 2020Reviewed: November

11th 2020Published: December 7th 2020, https://www.intechopen.

com

228


229


230

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!