Create successful ePaper yourself
Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.
36<br />
26<br />
16<br />
هشام جعيط: الثورات العربية<br />
موريتانيا: حفظ القرآن لتدريب<br />
شالة المغربية: مختصر<br />
زرعت بذورًا للمستقبل<br />
األطفال على التسول<br />
الحضارات ومقام الرومانسية<br />
www.alquds.co.uk<br />
المصريون يتساءلون: هل<br />
اإليزيديون: من سيف داعش<br />
كيف تحمي أطفالك<br />
Volume 26 - Issue 7839 Sunday 17 August 2014<br />
Weekly<br />
السنة السادسة والعشرون العدد 7839 االحد 17 آب )أغسطس( 2014 21 شوال 1435ه<br />
من اإلنترنت؟<br />
الى جحيم سنجار<br />
نحن حقًا »نور عينيه«؟<br />
40 14<br />
4<br />
تركيا أردوغان:<br />
تجديد جمهورية ثانية<br />
أم إحياء سلطنة عثمانية؟<br />
فوز اإلسامي املعتدل رجب طيب أردوغان، في أول انتخابات رئاسية<br />
تشهدها تركيا احلديثة، أطلق سياً من التكهنات حول مصائر األتاتوركية،<br />
ومستقبل الدميقراطية التركية، وأدوار تركيا األقليمية والدولية،<br />
وإشكالية اإلسام السياسي في احلكم.<br />
)ملف حدث االسبوع ص 6 13(<br />
Price<br />
List<br />
■ االردن 500 فلس ■ االمارات 5 دراهم ■ البحرين 300 فلس ■ تونس 1.50 مليم ■ اجلزائر 90 دينارا ■ السعودية 3 رياالت ■ السودان10 دنانير ■ سورية 12ليرة ■ عُ مان200 بيزة ■ العراق 500فلس ■ قطر 4.5 رياالت ■ الكويت 150 فلسا ■ لبنان 1500 ليرة ■ ليبيا 500 درهم ■ مصر 1 جنيه ■ املغرب 6 دراهم ■ اليمن 50 رياال<br />
Australia 1.50 A.Dr • Austria € 2 • Belgium € 2.50 • Cyprus € 1.71 • Denmark 12DKK • France € 2.50 • Germany € 2.50 • Greece € 2 • Italy € 2 • Netherlands € 2.50 • Spain € 2 • Sweden SK 17 • Malta € 1.89 • Switzerland 3.50 SF • Turkey 1.60 YTL • UK £1 • USA $ 3.00 (New York $2.50) • Can $2.50
Volume 26 - Issue 7839 Sunday 17 August 2014<br />
3 2<br />
تقارير اخبارية<br />
غزة - »القدس العربي«: أشرف الهور<br />
شكلت »التهدئة املؤقتة« الثانية التي اتفق عليها وفد الفصائل الفلسطينية منتصف ليل<br />
األربعاء، لتمتد هذه املرة خمسة أيام بدال من ثاثة، ارتياحا لدى سكان قطاع غزة، الذين<br />
عانوا طوال ال 35 يوما من حرب إسرائيلية »اجلرف الصامد« لم يعهدوا مثل شراستها من<br />
قبل، بعد أن وصل عدد الشهداء الى نحو األلفي شهيد، فيما فاق عدد اجلرحى العشرة آالف<br />
جريح.<br />
فأينما تولي وجهك في القطاع الساحلي هناك حكايات من املأساة ال حصر لها يرويها<br />
السكان، وقد خلفتها جميعها احلرب. فالقتل كان في كل مكان، والتدمير هذه املرة طال<br />
الشجر واحلجر وقبلها البشر، وعمليات القصف العشوائي واإلبادة اجلماعية للعائات<br />
وقتل األطفال والنساء، واجملازر التي ارتكبت من قبل جيش االحتال اإلسرائيلي في املناطق<br />
احلدودية الشرقية والشمالية لقطاع غزة، خال عمليات التوغل البرية، وما صاحبها من<br />
وقوع ضحايا خال الهروب في الشوارع، وآخرين ما زالوا حتت الركام، كلها جعلت الصدمة<br />
حاضرة في وجوه الغزيني.<br />
فسكان غزة املنكوبون واملكلومون ينتظرون تهدئة نهائية من خال املفاوضات التي<br />
تدار في القاهرة بني وفدين فلسطيني يجمع الكل الفلسطيني، وآخر إسرائيلي أمني، على<br />
أن تكون هذه التهدئة شاملة تتمثل في رفع كلي للحصار املفروض عليهم منذ ثماني سنوات،<br />
هذا احلصار الذي حول حياتهم إلى جحيم، فإنتشر الفقر وسادت البطالة حتى إنها فاقت<br />
كل النسب العاملية، وجعلت من مكان سكناهم في قطاع غزة احملاصر، أشبه بسجن كبير، له<br />
بوابات مغلقة من كل اإلجتاهات.<br />
والسكان كالعادة خاصة من يقطنون على مقربة من احلدود، انشغلوا في تفقد منازلهم<br />
التي تركوها قسرا بسبب االجتياحات والدمار الذي طالها، عادوا من مراكز اإليواء لتفقده<br />
بيوتهم مجددا، واستخراج ما ينفعهم في حياة النزوح اجلديدة من حتت الركام.<br />
وقد بلغ عدد الشهداء في آخر إحصائية لوزارة الصحة الفلسطينية أكثر من 1960<br />
شهيدا، وهناك احتمال الن يزيد هذا العدد مع وجود جرحى على أسرة املشافي في القطاع<br />
وفي اخلارج، يعانون من أوضاع صحية خطيرة، خاصة وأن عددا منهم سقط خال األيام<br />
املاضية، فيما فاق عدد اجلرحى 1100 جريح.<br />
وحسب احصائية مبدئية أيضا فإن قوات اإلحتال دمرت خال احلرب أكثر من عشرة<br />
آالف وحدة سكنية. فقد حتولت مناطق كبيرة تقع على حدود القطاع إلى أكوام من الركام<br />
بسبب القصف والتجريف اإلسرائيلي.<br />
ال تزال غزة تعيش آثار احلرب بسقوط شهداء يوميا من املصابني بجراح خطرة، وتشكل<br />
أزمة احلصول على املياه والكهرباء معضلة يومية كبيرة يواجهها السكان، وقد خلقتها<br />
احلرب، التي دمرت خالها إسرائيل مرافق حيوية، كشركة الكهرباء، ومحطات وآبار املياه،<br />
عاوة على النقص احلاد في األدوية التي يعاني منها القطاع الصحي، جراء احلصار والذي<br />
تأثر أيضا بسبب كثرة أعداد اجلرحى.<br />
وهناك مشكلة جديدة برزت للواجهة في قطاع غزة وظهرت بشكل جلي األسبوع املاضي،<br />
هي التخلص من الصواريخ والقذائف الصاروخية اإلسرائيلية التي أطلقت على القطاع،<br />
وعددها كبير جدا، دون أن تنفجر. فقد أدى إنفجار قذيفة صاروخية أطلقتها قوات االحتال<br />
على شمال قطاع غزة، خال محاولة تفكيكها إلى استشهاد ستة مواطنني، بينهم صحافيان<br />
أحدهما ايطالي اجلنسية، وأربعة من الوحدة الشرطية اخملتصة بعملية التفكيك.<br />
وعثر الفلسطينيون في ركام املنازل وفي الشوارع على عدد كبير من أنواع مختلفة من<br />
هذه القنابل التي ميكن أن تنفجر في أي حلظة، مخلفة عشرات الضحايا اجلدد، ما لم تكن<br />
هناك مساعدة اختصاصية في تفكيكها.<br />
وبالعودة إلى عملية متديد التهدئة فإن أكثر ما ميزها هذه املرة، هو خروج أصوات<br />
فلسطينية ملعلقني ومحللني تدعوا بشكل أوضح مما سبق إلعطاء كل الثقة في الوفد<br />
الفلسطيني املفاوض، الذي يضم شخصيات من كل التنظيمات، ومنحه اجملال األوسع بدون<br />
أي ضغط للوصول إلى حل مشرف يرضي كل الفلسطينيني، خاصة وأنه في املرات السابقة<br />
كانت هناك دعوات كثيرة لهذا الوفد باإلنسحاب.<br />
ويرجع السبب في ذلك، ملا حققه الوفد حتى اللحظة من ثبات في املوقف العام، وعدم<br />
تقدمي أي تنازالت إلسرائيل، على حساب الشعب الفلسطيني، خاصة وأن تصريحات<br />
أعضائه كانت متطابقة، ما يؤكد وحدة املوقف الكامل خال املفاوضات.<br />
فالكام الذي حتدث به عزام األحمد رئيس الوفد واملسؤول الكبير في حركة فتح، كرره<br />
مسؤولون في حركة حماس، هم أعضاء في الوفد، وأعاده آخرون من تنظيمات أخرى.<br />
وسيرى الفلسطينيون ما ستؤول إليه األمور األسبوع املقبل، من ناحية التوصل لوقف<br />
شامل إلطاق النار، يلبي املطالب الفلسطينية، أو هدنة مؤقتة أخرى، أم ستدير إسرائيل<br />
ظهرها وستعمل على توتير الوضع والعودة ملربع احلرب األول.<br />
غزة تعيش »هدنة مؤقتة«<br />
السنة السادسة والعشرون العدد 7839 االحد 17 آب )أغسطس( 2014 21 شوال 1435ه<br />
وتترقب حال شامال يلبي مطالبها<br />
السيناريو السعودي يطرح ورقة حل اإلخوان المسلمين<br />
والجماعة تحذر من مكافأة مجزية ل»داعش وأخواتها«<br />
عمان - »القدس العربي«:<br />
بسام البدارين<br />
عودة احلملة الصحافية األردنية الرسمية<br />
التي حترض على اإلخوان املسلمني وبقوة للواقع<br />
اإلعامي احمللي األسبوع املاضي توحي مجددا بأن<br />
السلطة بدأت تلعب مجددا بورقة »حل اجلماعة«<br />
وفتح ملف ترخيصها وهو ملف يفتح كلما صعدت<br />
اجلماعة من خطابها بسبب مستجدات إقليمية، أو<br />
كلما كانت الباد بصدد حتوالت مهمة تتطلب تقليم<br />
أظافر املعارضة املنظمة وإخضاعها وإرهاقها.<br />
إلى حد بعيد وجدت النخب األردنية نفسها<br />
هذه األيام حتت إنطباع القفز املفاجىء مجددا<br />
باإليقاع واخليار السعودي عندما يتعلق األمر بأهم<br />
وأعرض وأكبر تيار معارض بإسم األخوان املسلمني.<br />
لهذا اإلنطباع مبررات عملية ال ميكن نكرانها<br />
فبدء اخلطوات لتأسيس وزارة للدفاع وألول مرة في<br />
األردن يوحي باإلستعداد ملرحلة التحالف مع احملور<br />
العربي اجلديد الذي يضم السعودية واإلمارات<br />
ومصر والبحرين والكويت وقد يضم في خطوة<br />
الحقة حكومة لبنان بتركيبة يتصدر فيها حليف<br />
السعودية األبرز الشيخ سعد احلريري.<br />
املعطيات تتحدث عن إستعداد السعودية<br />
لتمويل عملية طويلة األجل لتوحيد القدرات<br />
العسكرية في هذه الدول مما يتطلب تشكيل<br />
مؤسسات جماعية معنية باجلانب العسكري<br />
التوافقي ضمن املستجدات التي فرضها قبل كل شيء<br />
الدعم السعودي واإلماراتي الكبير ملصر اجلديدة<br />
بقيادة اجلنرال عبد الفتاح السيسي.<br />
يرى بعض السياسيني في عمان أن هذه<br />
العملية بدأت فعا باملليارات األربعة التي قررتها<br />
السعودية لتحديث اجليش اللبناني كما يرون أن<br />
»األيام السعودية« املقبلة تتطلب فيما يبدو خطوة<br />
»إصاحية كبيرة« في كل األحوال من طراز تشكيل<br />
وزارة دفاع في األردن وألول مرة.<br />
قد ال يكون األمر مرتبطا باإلخوان املسلمني<br />
ولكن في كل األحوال املعادلة واضحة متاما في<br />
األردن هذه األيام فكل تقارب سياسي أو إقتصادي<br />
أو أمني من أي نوع مع السعودية يؤدي إلى خسارة<br />
مسافة مماثلة في الوزن ومعاكسة في اإلجتاه في<br />
العاقة التحالفية القدمية بني مؤسسات النظام<br />
األردني وجماعة اإلخوان املسلمني.<br />
الرجل الثاني في تنظيم اإلخوان املسلمني<br />
الشيخ زكي بني إرشيد سبق ان اعتبر في حديث<br />
الى »القدس العربي« البوصلة السعودية في مسألة<br />
اإلخوان املسلمني منحرفة وظاملة وال مستقبل لها<br />
في األردن، مشددا على أن الظروف واملعطيات في<br />
احلالة األردنية مختلفة متاما.<br />
عنصر اإلثارة األبرز الذي أقلق القرار الرسمي<br />
متثل في اخلطاب الصحافي املؤثر الذي قدمه املعتدل<br />
الشيخ حمزة منصور خال احلرب اإلسرائيلية على<br />
قطاع غزة حيث وجه إتهامات مباشرة للسعودية<br />
ومصر بالتواطؤ مع إسرائيل وإتهم املوقف الرسمي<br />
االردني بالتقصير، األمر الذي أغضب اجلانب<br />
السعودي وأزعجه في كل األحوال.<br />
السلطة في األردن ال تريد ان تظهر مبظهر من<br />
ال يستطيع إخضاع اإلخوان املسلمني أو يسمح لهم<br />
بالتمدد األفقي والعمودي داخليا وبصورة تضر<br />
باملصالح األردنية مع السعودية ومصر وغيرهما<br />
بناء على إعتبارات إقليمية بحتة وهو وضع مختل<br />
برأي القيادي في احلركة اإلسامية الشيخ مراد<br />
العضايلة الذي رحب عبر »القدس العربي« بأي<br />
مبادرات جوهرية تنتهي بشراكة منطقية وتنطوي<br />
على »كرامة« وتقرأ التحديات التي تواجهها اململكة<br />
بدون تشنج. إرشيد يشكك في أن يكون اخلضوع<br />
للسيناريو السعودي في التعاطي مع إخوان األردن<br />
خيارا يتيما لصاحب القرار األردني ويحذر من ان<br />
البرنامج السعودي أصا تصعيدي مع اإلشارة لعدم<br />
وجود تنظيمات إخوانية أصا في السعودية حتى<br />
حتظر إال إذا كانت الذراع السعودية تعتقد بأنها<br />
تستطيع حظر اإلخوان املسلمني في كل مكان.<br />
قراءة الصحف الرسمية واحلكومية األردنية<br />
وتلك املقربة من السلطة هذه األيام تفيد بأن »حملة<br />
باطنية« منظمة بدأت تستهدف اإلخوان املسلمني<br />
وصحيفة »الغد« مثا لم تتردد وهي تشير في تقرير<br />
لها الى ان القضاء قد يتعامل قريبا مع ملف الوضع<br />
القانوني للجماعة املرخصة كجمعية خيرية وليس<br />
سياسية، فيما نقلت »العرب اليوم« عن وزير شؤون<br />
البرملان خالد كالدة قوله بأن احلكومة ال تفكر في<br />
حل جماعة اإلخوان رغم »جتنيها«.<br />
سيناريوهات التحريض على جماعة اإلخوان<br />
قفزت للواجهة بعدما نظم املهرجان األخير للجماعة<br />
نصرة لغزة في قلب عمان العاصمة بحضور<br />
جماهيري مكثف حيث القيت خطابات نارية وظهرت<br />
مجسمات لصواريخ القسام تسببت في حملة نقد<br />
واسعة النطاق.<br />
العضايلة رأى ان هذه اجملسمات مجرد متثيل<br />
السعودية تستعيد نشاطها السياسي<br />
سليمان نمر<br />
بعد أسابيع من الهدوء ومحاولة النأي بالنفس عن ماشهده العالم العربي<br />
من أحداث وتطورات، واإلنشغال بالنفس وحتصني األوضاع الداخلية<br />
من مخاطر تسلل اإلرهاب اليها وبالتالي اإلضطرابات، وجدت القيادة<br />
السعودية انها ال تستطيع اإلنعزال عن محيطها العربي وال تستطيع<br />
اإلبتعاد عن دورها اإلقليمي بسبب ثقلها السياسي إساميا ودوليا،<br />
حتى ولو نسقت مع مصر ألخذ هذا الدور. فالتحالف مع مصر يتطلب ان يكون<br />
للسعودية دورها في مواجهة اضطرابات األوضاع في املنطقة والفوضى<br />
السياسية اإلقليمية.<br />
ومن هنا الحظنا انه خال األسبوع املاضي استعادت السعودية نشاطها<br />
السياسي وحتركاتها اإلقليمية ملمارسة دورها السياسي املعهود حتى تأخذ<br />
زمام املبادرة. بعد ان عملت محادثات خادم احلرمني الشريفني امللك عبد الله بن<br />
عبدالعزيز والقيادة السعودية مع الرئيس املصري عبد الفتاح السيسي التي<br />
جرت قبل اسبوع في جدة، على تكريس التحالف املصري السعودي كنواة حللف<br />
عربي جديد سيضم معه دولة االمارات ودول مجلس التعاون اخلليجي واالردن<br />
واملغرب ورمبا اجلزائر يتصدى ملواجهة اإلضطرابات اإلقليمية وماحقة اإلرهاب<br />
وحركاته اجلهادية املتطرفة.<br />
وفي هذا اإلطار التقى العاهل السعودي مع ملك االردن في جدة يوم اخلميس<br />
املاضي لاتفاق على الدور واملكان االردني في هذا التحالف. وهذا احللف اجلديد<br />
يتطلب من السعودية ان متارس دورها القيادي فيه والتعاطي مع كل املشاكل<br />
التي سيتصدى لها احللف، والسعي - كما قال وزير اخلارجية السعودي<br />
األمير سعود الفيصل - االسبوع املاضي »للبحث عن مقاربات جديدة جتمع بني<br />
الدول العربية واإلسامية وال تفرق، تتأسس على اإلحترام املتبادل واحلفاظ<br />
على حقوق اجلميع ومصلحتهم، وتكف عن محاولة النيل من بعضنا البعض أو<br />
التوسع على حساب بعضنا البعض«.<br />
ومحاكاة من بعض املواطنني وال عاقة لها برسائل<br />
سياسية، لكن مقاالت ظهرت في صحف رسمية مثل<br />
»الرأي« و«الدستور« توسعت في التحذير من سعي<br />
اإلخوان إلختطاف ما حصل في غزة وتكريسه<br />
سياسيا في احلالة األردنية، األمر الذي يعتبر<br />
محظورا في كل األحوال.<br />
الوزير الكالدة حتدث ل »القدس العربي«<br />
عن عدم وجود قرار محدد ضد اإلخوان املسلمني في<br />
املرحلة احلالية في أدراج رئيس الوزراء الدكتور<br />
عبدالله النسور واألخير نفسه وفي لقاء مع رؤساء<br />
التحرير ظهر اخلميس لم يطرح أوراقا ضاغطة<br />
بقسوة وان وجه بعض الرسائل في هذا اخلصوص،<br />
واملوقف عموما يبدو ضبابيا ومحيرا وغامضا عندما<br />
يتعلق األمر بعودة مظاهر الصراع بني السلطة<br />
وجماعة اإلخوان على إيقاع احلرب اإلسرائيلية<br />
املعلنة ضد الشعب الفلسطيني دون أن تتضح بعد<br />
اخلطوة التالية.<br />
ال يوجد أساس بيروقراطي للقول بأن »حل<br />
جماعة اإلخوان« مبعنى حظرها أردنيا قرار موضوع<br />
اآلن في جيب السلطة، لكن هناك العديد من القرائن<br />
على منو واضح سيتزايد الحقا لإليقاع السعودي<br />
في عمق املؤسسات األردنية وهو منو قد يضع كل<br />
األطراف في عمان في حلظة مقبلة أمام اإلستحقاق<br />
األكثر حساسية وسيختبر إمكانية »التعايش«<br />
مجددا بني مؤسسة النظام وجماعة اإلخوان.<br />
هذا التعايش مستهدف متاما بدعوات<br />
حتريضية ضد اإلخوان في عمق بعض املؤسسات<br />
ونخبة من كبار املسؤولني واإلختبار دخل فعا حيز<br />
التنفيذ ومن املرجح أنه يثير بعيدا عن األضواء<br />
نقاشا حادا حتى داخل املؤسسات اإلخوانية التي<br />
حاولت باملناسبة إحتواء اجلدل حول فرقة »زمزم«<br />
قبل أن تنتج الصحافة اليومية إيحاءاتها اجلديدة<br />
بأن حلظة الصدام تكاد تكون وشيكة.<br />
بالنسبة إلرشيد والعضايلة وحتى الشيخ<br />
منصور أي صدام غير مبرر وال توجد أجندة ضد<br />
الدولة واحلكومة واجلميع سيخسر والتصعيد ضد<br />
اجلماعة مكافأة كبيرة »لداعش وأخواتها« واألهم<br />
إستقرار اجملتمع.<br />
وبالنسبة للتيار املتشدد ضد اإلخوان في<br />
الدولة فان اإلخوان املسلمني يتجاوزون حدودهم<br />
ويلعبون بورقة املكونات ويرفضون إبعاد اجلناح<br />
املؤيد حلركة حماس ويخيفون اجلميع ويشعرون<br />
بقوة مضخمة وهي إعتبارات ال ميكن التعايش معها<br />
وفقا ملا قاله مسؤول أمني ل »القدس العربي«.<br />
وأول شيء أوضحه األمير سعود الفيصل موقف اململكة املبدأي من اسرائيل<br />
انها دولة احتال متارس سياسة العدوان، والشيء اجلديد في كامه عن اسرائيل<br />
اعلن انه »ليس لها احلق في الدفاع عن نفسها النها كيان محتل« موضحا »أنه ال<br />
يوجد بند في القانون الدولي يقول إن احملتل له حق الدفاع عن النفس« وأضاف<br />
ان »إسرائيل كما نرى لم تتورع ولن تتورع عن الذهاب إلى أي مدى ودون حساب<br />
لنظام أو قانون أو شرعية أو إنسانية لتحقيق أغراضها وأهدافها، وليس لها من<br />
هدف سوى استئصال الوجود الفلسطيني وفرض هيمنتها على املنطقة كقوة<br />
إقليمية مسيطرة طاغية«.<br />
املهم في كام وزير اخلارجية السعودي ماقاله عن حركة حماس حني قال<br />
»أنه ليس من العدل مساواة أعمال حركة املقاومة اإلسامية )حماس( بأعمال<br />
إسرائيل سواء في مداها أو في جوهرها«.<br />
وهذه االشارة تؤكد ماكشفت عنه مصادر ديبلوماسية عربية من معلومات<br />
حول ان السعودية طلبت من القيادة املصرية ان تخفف من عدائها حلركة<br />
حماس وعدم التعامل مع امللف الفلسطيني من منطلق »فصائلي« بل من منطلق<br />
وجود سلطة فلسطينية متثل الشرعية الفلسطينية.<br />
ونصحت القيادة السعودية الرئيس السيسي بالعمل على تأييد مطالب<br />
الوفد الفلسطيني في القاهرة وحل أي مشاكل عالقة بني مصر وحركة حماس من<br />
خال السلطة الفلسطينية.<br />
وتعتقد أوساط فلسطينية ان هذا يعني التخفيف من التأييد املصري<br />
للقيادي الفلسطيني املعزول محمد دحان العطائه دورا في أي تسويات بشأن<br />
مستقبل األوضاع في قطاع غزة، وإعطاء الدور للسلطة الفلسطينية بانها هي<br />
التي ستكون مسؤولة عن أي اتفاقات تعقد بشأن غزة.<br />
والشك ان املوقف السعودي هذا سيتناغم مع املوقف االوروبي الذي يشير<br />
األمير سعود الفيصل ان باده جتري االتصاالت الدولية بشأن غزة حني أشار<br />
الى »ان اململكة ومصر تتعاونان سوية وتتصان بكل اجلهات الفاعلة في اجملتمع<br />
الدولي والقادرة على التأثير على إسرائيل حلثها على ممارسة الضغوط عليها<br />
إليقاف القتال«.<br />
تقارير اخبارية<br />
رئيس وزراء األردن: ال نفكر في حل<br />
أو حظر جماعة اإلخوان المسلمين<br />
أعلن رئيس الوزراء االردني الدكتور عبد الله النسور ان بالده لم ولن تقوم<br />
بحل جماعة اإلخوان املسلمني. وشدد النسور خالل مؤمتر صحافي<br />
عقده في دار رئاسة الوزراء السبت على ان االردن بلد دميقراطي مبا يكفي<br />
حتى ال يحجز حرية األحزاب، وقال ان هناك متطلبات حتدد آلية العمل<br />
والعالقة بني جماعة اإلخوان املسلمني واحلكومة، فنحن نعطيهم احلق<br />
بالعمل لكن بطريقة قانونية.<br />
لكن النسور اتهم مواقف البعض في جماعة اإلخوان املسلمني بانها<br />
كانت »استفزازية« وقال »هنالك تصرفات وأقوال بدرت عنها في الفترة<br />
األخيرة أثارت إمتعاض الشعب االردني« مشيرا »ال أحد يستطيع احتكار<br />
غزة«.<br />
وأكد انه »ليس من احلكمة ان نثقل كاهل االردن بالعتاب ونتهمه<br />
بالتقصير، فاالردن جتاه غزة لم يقصر«. وتساءل ما الهدف من نقل<br />
األوضاع واألنظار السلبية عن اسرائيل والقائها على االردن؟.<br />
جنبالط : النظام السوري لن يبقى<br />
و»داعش« يسعى لتدمير المنطقة<br />
قال رئيس احلزب التقدمي االشتراكي والزعيم الدرزي األبرز في لبنان<br />
النائب وليد جنبالط، السبت، إن »النظام السوري احلالي لن يبقى« وإن<br />
تنظيم »الدولة اإلسالمية« )داعش( يسعى لتدمير املنطقة كلها، مجددا<br />
متسكه بالنائب هنري حلو كمرشح لرئاسة لبنان »مع الدعوة الختيار<br />
مرشح تسوية«.<br />
وأعتبر جنبالط في حديث لقناة »سكاي نيوز عربية« اإلخبارية أن النظام<br />
السوري احلالي »لن يبقى« مشيرا إلى أنه »كان على اجملتمع الدولي<br />
تسليح املعارضة السورية، وكان يجب إعطاء اجليش السوري احلر<br />
سالحا إلسقاط الطائرات«.<br />
وفي موضوع آخر، قال جنبالط إن »تنظيم داعش يستهدف تدمير املنطقة<br />
بأكملها وليس لبنان فحسب« محذرا »من خطر وجودي يهدد لبنان<br />
واملنطقة العربية«.<br />
حماس تدعو إلى تفعيل المقاومة<br />
ضد إسرائيل في الضفة الغربية<br />
دعت حركة املقاومة اإلسالمية »حماس« إلى تفعيل ما أسمته »املقاومة<br />
الفلسطينية« في الضفة الغربية، ردا على »اإلنتهاكات اإلسرائيلية<br />
املستمرة«.<br />
وقال سامي أبو زهري املتحدث الرسمي باسم احلركة، في تصريح<br />
السبت، إنّ اجلرائم واإلنتهاكات املستمرة في الضفة، تؤكد أن املشكلة<br />
هي في »االحتالل اإلسرائيلي«.<br />
وأضاف إن هذه االعتداءات »تستوجب تفعيل دور املقاومة في الضفة،<br />
لِ لَ جم االحتالل عن ارتكاب اجلرائم، وحماية الشعب الفلسطيني«.<br />
مجلس األمن يصوت باإلجماع على قرار<br />
بفرض عقوبات ضد »داعش« و»النصرة«<br />
تبنى مجلس األمن الدولي باإلجماع، مشروع قرار يستهدف قطع<br />
اإلمدادات البشرية واملالية عن تنظيمي »الدولة اإلسالمية« )املعروف<br />
إعالميا باسم داعش( و«جبهة النصرة«.<br />
ونص القرار، على »نزع سالح وتفكيك« مقاتلي تنظيم »الدولة اإلسالمية«<br />
في سوريا والعراق ومقاتلي »جبهة النصرة« وتنظيمات أخرى على<br />
صلة بتنظيم القاعدة. كما نص أيضا على أن مجلس األمن »يحث الدول<br />
األعضاء كافة على اتخاذ اجراءات تهدف إلى وضع حد لتدفق مقاتلني<br />
إرهابيني أجانب ينضمون إلى )الدولة اإلسالمية( أو )جبهة النصرة(«.<br />
يمنيون يطالبون الرئيس<br />
هادي بإقالة وزير الدفاع<br />
نظم العشرات من الشباب السبت وقفة احتجاجية أمام منزل الرئيس<br />
اليمني عبدربه منصور هادي، للمطالبة بإقالة وزير الدفاع محمد ناصر<br />
أحمد بدعوى »مساهمته في تفكيك اجليش وإضعاف معنوياته«.<br />
ورفع املشاركون في الوقفة اإلحتجاجية الفتات تستنكر<br />
صمت الرئيس اليمني على ما وصفوه ب«فشل وزير الدفاع وخيانته«<br />
مطالبني بإنقاذ اجليش اليمني من خالل إقالة الوزير والقيادات الفاسدة<br />
فيه.
Volume 26 - Issue 7839 Sunday 17 August 2014<br />
5 4<br />
تقارير اخبارية<br />
الكهرباء باتت ضيفا عابرا في حياتهم:<br />
المصريون يتساءلون: هل نحن فعالً.. »نور عينيه«؟<br />
القاهرة - »القدس العربي«:<br />
حسام عبد البصير<br />
في ظل ظام دامس بسبب إنقطاع الكهرباء<br />
لساعات طويلة على مدار اليوم ينسج املصريون<br />
أحامهم في إنتظار الوعد الرئاسي«بكره تشوفوا<br />
البلد دي هتبقى أيه«. وبالطبع كي يشاهد املصريون<br />
البلد البد أن تضيء املصابيح املظلمة وحتى يتحقق<br />
ذلك املطلب يكتفي املصريون بالوقوف على رصيف<br />
اإلنتظار وقد تقلصت أحام معظمهم من احلصول<br />
على وظائف وحتسن أوضاعهم االقتصادية أو<br />
احلصول على شريك العمر إلى مجرد انتظار عودة<br />
التيار الكهربائي خاصة في ظل حرارة الصيف<br />
امللتهبة والتي جتاوزت األربعني درجة مئوية في<br />
ساعات النهار على مدار أيام األسبوع.<br />
وفيما حتلى معظم املسؤولني بالصمت حيال تلك<br />
األزمة الطارئة والتي لم تشهدها الباد سواء في زمن<br />
مبارك أو خال العام الذي تولى فيه محمد مرسي<br />
سدة احلكم حيث توارى وزير الكهرباء عن األنظار<br />
مشدداً على ان األزمة كبيرة وستحتاج سنوات حللها<br />
وهو رأي الرئيس السيسي نفسه، لكن وزير الداخلية<br />
رمى بحبل اإلنقاذ لوزير الكهرباء حينما أعلن ان<br />
خلية ارهابية تابعة لإلخوان املسلمني مسؤولة عن<br />
تفجير أبراج الكهرباء الذي أسفر عن إنقطاع التيار<br />
في عدة مناطق. غير ان حالة الغضب التي تعتري<br />
الشارع ليست بسبب إنقطاع التيار فحسب ولكن<br />
بسبب إرتفاع قيمة اإلستهاك بشكل كبير وهو مادفع<br />
الكثيرين للترحم على الرئيس املعزول محمد مرسي<br />
الذي لم تشهد الباد في السنة التي تولى فيها احلكم<br />
ارتفاع األسعار كما هو يجري اآلن. وقد اشتعلت<br />
شبكات التواصل االجتماعي بالهجوم الشديد على<br />
احلكومة بسبب تردي اخلدمات وارتفاع األسعار<br />
وفي هذا السياق قال أحد أدمن صفحة عاء صادق<br />
على موقع الفيسبوك: بتاع عصير القصب عندنا<br />
من يومني عديت عليه لقيته بيعيط وبيحتسب لله<br />
بصوت عالى<br />
قلت له مالك فيه ايه؟<br />
قال لي الكهربا جايه 2000 أجيب منني دى يوم<br />
ماكانت بتتمعظم كانت بتبقى 300<br />
ويصرخ أجيب منني خليهم يقفلوها أحسن<br />
يومهم قرب<br />
يومهم قرب والراجل منهار وأنا فى ذهول<br />
عارفني فى ذهول ليه..اكتشف األدمن ان«بتاع<br />
العصير »انقابى.. لذا قال له: اشرب ياعم شوية<br />
قصب يهدوك<br />
وأنشغل الشارع السياسي على مدار األسبوع<br />
املاضي حتت جنح الظام بعدة قضايا أبرزها تدشني<br />
مشروع الوصلة اجلديدة لقناة السويس الذي<br />
تعول عليه احلكومة في حتسني األداء االقتصادي<br />
للباد ويراهن عليه السيسي بشكل شخصي في<br />
ان يثبت للجماهير التي منحته أصواتها بأن أملهم<br />
فيه لم يذهب هباء. غير ان عددا من الذين ينافقون<br />
الرئيس تسببوا له في حرج بالغ دون ان يتوقعوا<br />
حينما حتدثوا عن املشروع بصفته قناة جديدة<br />
وهو ما أثار موجة من السخرية بني خصوم الرئيس<br />
خاصة على مواقع التواصل االجتماعي. غير ان<br />
الرئيس أولى املشروع اهتماما كبيراً للحد الذي<br />
دفعه للتردد عليه فجراً للوقوف على سير العمل<br />
فيه. ومن األحداث الهامة التي شهدها األسبوع<br />
املنصرم زيارتني مهمتني للرئيس السيسي للمملكة<br />
السعودية وروسيا وكان الهدف الرئيسي للزيارتني<br />
التباحث بشأن موضوعات عدة من بينها القضية<br />
الفلسطينية والتعاون االقتصادي بني الدولتني ولم<br />
يدع نشطاء الفيسبوك وتويتر الزيارة متر مرور<br />
الكرام فها هو حسني الشافعي وهو من أبرز خصوم<br />
النظام احلاكم يعبر عن حزنه بسبب متكن الرئيس<br />
من أداء العمرة. لكنه مالبث ان عبر عن سعادته<br />
وهو مانكتشفه في الكلمات اآلتية: »بعدما قهرتني<br />
صورة السيسي يدخل إلى الكعبة في حراسة مئات<br />
من اجلنود واحلراس في مشهد مشي، عدت ففرحت<br />
جدا بهذه اللقطة. مثل هذا ال ينبغي أن يدخلها إال<br />
بهذه الطريقة. ال ينبغي أن يدخلها إال وهو خائف.<br />
سبحان الله كأنها نزلت فيه اآلية الكرمية : ومن أظلم<br />
ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في<br />
خرابها أولئك ما كان لهم أن يدخلوها إال خائفني لهم<br />
في الدنيا خزي ولهم في اآلخرة عذاب عظيم«.<br />
غير أن اإلنتقادات املوجهة ملشروع القناة<br />
انطلقت ليس بسبب املشروع الذي لم يكن من بنات<br />
أفكار السيسي وإمنا من زمن مبارك. لكن اإلنتقاد كان<br />
بسبب الضجة اإلعامية التي يطلقها أنصار السيسي<br />
من القيادات السياسية واإلعامية والذين ميألون<br />
الكون ضجيجاً بسبب مشروع لن يعطي ثماره إال<br />
قبل عام اذا مامت إجنازه في املوعد احملدد ومحاولة<br />
البعض ان يضع هذا املشروع في مرتبة تفوق مرتبة<br />
السد العالي الذي بني في زمن حكم الرئيس الراحل<br />
جمال عبد الناصر.<br />
كما أثارت زيارة السيسي للسعودية ردود<br />
أفعال أغلبها متفائلة بسبب مايعتبره الكثيرون<br />
نوايا صادقة من قبل العاهل السعودي امللك عبد<br />
الله في دعم االقتصاد املصري وحرصه على الدعوة<br />
ملؤمتر دولي لدعم مصر باإلضافة إلى استيعاب<br />
أعداد أخرى من العمالة املصرية ومناقشة األوضاع<br />
في العراق وسوريا والتصدي للتطرف الديني في<br />
املنطقة، خاصة »داعش« وما يحدث في العراق.<br />
وحفل األسبوع املنصرم بالعديد من املآسي بعضها<br />
بسبب فشل احلكومة في التحكم في رفع األسعار<br />
ومخاطر ماتتعرض له الباد من حوادث إرهابية،<br />
ثم جاء تقرير منظمة هيومان رايتس ووتش والذي<br />
اتهم النظام الذي بني على رفات حكم اإلخوان<br />
بارتكاب أشد اجلرائم التي عرفها التاريخ عند فض<br />
إعتصام رابعة.<br />
األسبوع املاضي كله كان عبارة عن شد أعصاب<br />
بني دولة مازالت غير قادرة على التحكم في إعصابها<br />
ومجتمع بات يتحسس موضع أقدامه ويفيق شيئاً<br />
فشيئاً عن وهم الرخاء املقبل والذي كان مرهوناً<br />
حسب شهادات بعض رموز النظام برحيل اإلخوان<br />
عن السلطة. لكن اجلماهير التي أعطت أصواتها<br />
للرئيس اجلديد تعيش حالة من عدم التوازن في<br />
انتظار وعود بشبه اإلستقرار في غضون أربعة الى<br />
خمسة أعوام وحتى ذلك احلني هم مطالبون بشد<br />
األحزمة املشدودة أصا على البطون.<br />
وقد شهدت الشوارع حالة من االستنفار غير<br />
املسبوق بني أجهزة الدولة خاصة األمنية منها<br />
حتسباً ملظاهرات اإلخوان في الذكرى األولى ملذبحة<br />
رابعة كما تسميها اجلماعة. وفي هذا السياق حتول<br />
عدد من امليادين واملصالح احلكومية والشوارع<br />
الرئيسية لثكنات عسكرية. غير ان جماعات وأحزاب<br />
املعارضة كانت مشغولة بشأن آخر حيث اإلنتخابات<br />
البرملانية على األبواب والقوى كافة باستثناء<br />
اإلساميني بدأت في إحصاء الغنائم التي تستطيع<br />
احلصول عليها حيث مقاعد البرملان املقبل متثل<br />
هدفاً صعب املنال وحتيط بتلك اإلنتخابات حالة من<br />
الضبابية والترقب بسبب قيام رموز احلزب الوطني<br />
املنحل بترتيب صفوفهم من جديد أماً في االستحواذ<br />
على نصيب األسد من املقاعد. وفي ظل ذلك الصراع<br />
احملموم بني القوى السياسية من الطبيعي ان<br />
تتساءل اجلماهير عن حصتها من الغنيمة خاصة<br />
وان وضعها ازداد بؤساً عن السابق.<br />
السنة السادسة والعشرون العدد 7839 االحد 17 آب )أغسطس( 2014 21 شوال 1435ه<br />
بدء ماراثون تشكيل<br />
حكومة العبادي<br />
بغداد - »القدس العربي«:<br />
مصطفى العبيدي<br />
حفل األسبوع املاضي بتطورات هامة على صعيد بدء حترك<br />
امللف السياسي في اإلجتاه السليم بعد تكليف رئيس اجلمهورية<br />
فؤاد معصوم، حيدر العبادي بتشكيل احلكومة اجلديدة التي<br />
حضيت بتوافق وترحيب ودعم محلي وعربي ودولي على أمل<br />
إتاحة الفرصة للتغيير الذي سعى اليه الشعب العراقي بقوة<br />
للوصول الى سلطة جديدة تعيد حساباتها وتتجاوز الوضع<br />
املأساوي الذي وصل اليه العراق في فترة حكم سوداوية حفلت<br />
بكل املساوىء واخملاطر التي جرت العراق الى مستوى من<br />
اإلنهيار والتشرذم والفساد واإلقتتال الطائفي والعنصري بني<br />
أبناء الشعب الواحد مما عرض وحدته وكيانه السياسي الى<br />
مخاطر التقسيم والضياع.<br />
وكان من الطبيعي ان ينبري املسؤول األول عن اإلنهيار في<br />
العراق الى الوقوف بقوة في وجه التغيير الذي أظهر املوقف<br />
احلقيقي للشعب وقواه السياسية والدينية جتاه أشد فترات<br />
احلكم في العراق سوادا. وقد ظهر جليا أن رئيس الوزراء املنتهية<br />
واليته كان يراهن بقوة على البقاء في السلطة حتى النهاية وأن<br />
يستخدم كل الوسائل واألساليب للوقوف في وجه مد التغيير<br />
املقبل بحجة وجود مؤامرات خارجية وداخلية على الدستور<br />
والشرعية، اال أن الظاهر هو أنها محاوالت الساعات األخيرة قبل<br />
الرحيل أو محاوالت اخلروج بأقل اخلسائر. ومع قناعة العراقيني<br />
بأن احلكومة اجلديدة ليست لديها العصا السحرية وقد ال<br />
تكون أفضل من سابقتها كثيرا، ولكن الدعم والتشجيع اللذين<br />
حظيت بهما من كل األطراف احمللية والدولية وحجم التحديات،<br />
سيكون حتما دافعا لها إلعادة النظر وجتاوز الكثير من مساوئ<br />
الوضع السابق واإلنفتاح على كل القوى املؤثرة إليقاف اإلنهيار<br />
احلاصل.<br />
ومن جديد أظهرت املباركة والدعم الدولي وخاصة من<br />
جانب ايران وأمريكا لترشيح العبادي وجود املصالح املشتركة<br />
وإمكانية التوافق على خطوط مشتركة في العراق واملنطقة رغم<br />
مظاهر العداء.<br />
ومع بدء ماراثون تشكيل احلكومة وعلى الرغم من غياب<br />
برنامج واضح للحكومة اجلديدة، يبدو أن القوى السياسية<br />
حتاول بلورة أوضاعها وشروطها وحجم مشاركتها في احلكومة<br />
وذلك عبر اجتماعات ولقاءات متواصلة ليا ونهارا في محاولة<br />
للوصول الى القاسم املشترك في وقت قصير نظرا خلطورة<br />
املرحلة وتسارع األحداث. وشهد هذا األسبوع حتقق حلم عزيز<br />
على القادة األكراد وهو حصول موافقة دولية على تزويد حكومة<br />
اإلقليم باألسلحة الضرورية واملناسبة ملواجهة حتدي داعش<br />
الذي يقترب من أسوار أربيل. وأهمية القرار الدولي ال تقتصر<br />
على تزويد حكومة الكرد بأسلحة تفتقدها ملواجهة قدرات داعش،<br />
وامنا تعتبره خطوة على طريق اإلعتراف الدولي بكيان اإلقليم<br />
واستقاليته. كما ساهمت الغارات األمريكية اجلوية على مواقع<br />
ومعدات داعش في تعزيز قدرات البيشمركة وحتقيق بعض<br />
اإلجنازات على األرض وإيقاف تقدم داعش وليثبت الغرب<br />
مجددا التحالف االستراتيجي بني الغرب والكرد.<br />
وتبقى مأساة النازحني الهاربني من مناطق املواجهات<br />
أو من بطش املليشيات التي أصبحت سيدة الشارع بحيث<br />
أصبحت مأساة إنسانية جعلت األمم املتحدة تضع<br />
العراق ضمن الدرجة األعلى في الطوارئ في ظل تقصير رسمي<br />
وشعبي ودولي في تقدمي احللول املناسبة لهذه املشكلة<br />
املعقدة وضرورة حتمل اجلميع مسؤولية إغاثة النازحني مع<br />
العمل على معاجلة أسباب املشكلة وإعادة النازحني الى<br />
مدنهم.<br />
وأمنيا وفرت ظروف األزمة احلادة والنزاع على تشكيل<br />
احلكومة املقبلة أجواء مناسبة للمليشيات املسلحة التي حتظى<br />
بدعم مفتوح من حكومة املالكي وإيران للتحرك بكل حرية<br />
لتنفيذ برامجها وأهدافها التي إنعكست على شكل تصعيد طائفي<br />
واضح جتلى في عمليات اإلغتياالت واخلطف والتفجيرات<br />
واإلعتقاالت.<br />
ويبقى أمل العراقيني أن يسفر الدعم احمللي والدولي<br />
جلهود احلكومة اجلديدة برئاسة العبادي عن معاجلة اخملاطر<br />
والتحديات وأن يجنب العراق ويات اإلقتتال الطائفي.<br />
بروكسل- »القدس العربي«:<br />
مالك العثامنة<br />
تبدو املعطيات الواردة في تفاصيل اليوميات الليبية<br />
قامتة جدا، ويصبح كابوس التقسيم اجلغرافي الثاثي<br />
لهذا البلد املنهك بعد ثاث سنوات من ثورته على نظام<br />
معمر القذافي، طموحا مشروعا أمام كابوس أكثر قساوة<br />
يطل من نوافذ الصراع الدائر بحيث قد تتحول ليبيا فيه<br />
إلى كانتونات قبلية مع احتمالية نشوء إمارة إسامية<br />
غير واضحة املعالم فيها. مجلس النواب الليبي والذي<br />
يعاني منذ انتخابه حزيران/يونيو املاضي مصاعب في<br />
عقد اجتماعاته في العاصمة طرابلس بسبب احلرب<br />
الدائرة فيها وفي بنغازي ثاني أكبر املدن الليبية ومهد<br />
الثورة ضد القذافي، أعلن في اجتماعه في طبرق البعيدة<br />
1600 كم عن العاصمة، إقراره لقرارين مهمني، يعكسان<br />
مدى تردي الوضع الراهن في املشهد الليبي.<br />
فقد أقر في جلسته يوم األربعاء قرارين يقضي<br />
إحداهما بحل كافة التشكيات املسلحة غير النظامية<br />
والتي ال تخضع لسلطان الدولة وتسبب في إرباك املشهد<br />
األمني في الباد حسب ناطق باسم اجمللس.<br />
كما طالب القرار الثاني اجملتمع الدولي من خال<br />
بيروت - »القدس العربي«:<br />
سعد الياس<br />
بعد إنحسار صفحة األحداث في بلدة<br />
عرسال الواقعة على احلدود اللبنانية السورية<br />
وإحكام اجليش اللبناني سيطرته على البلدة<br />
والتال، فإن احلدث اللبناني هذا األسبوع تركّ ز<br />
على موضوع التمديد للبرملان الذي تقدّ م حتى<br />
على موضوع إنتخاب رئيس اجلمهورية الذي<br />
لم ينجح النواب اللبنانيون في إجنازه بسبب<br />
استمرار تعطيل نصاب اجمللس من قبل نواب<br />
حزب الله وتكتل التغيير واإلصاح.<br />
وعلى الرغم من إرتفاع اصوات معترضة<br />
على التمديد من كتل نيابية سبق ووافقت على<br />
التمديد األول الذي حصل في 31 ايار/مايو 2013<br />
لغاية 31 تشرين االول/اكتوبر 2014 فإن أسهم<br />
هذا التمديد تبدو مرتفعة خصوصاً أن الظروف<br />
األمنية ال تسمح بإجراء اإلنتخابات في موعدها<br />
املقرر بحسب وزير الداخلية نهاد املشنوق<br />
نفسه الذي زار عني التينة للقاء رئيس مجلس<br />
النواب نبيه بري والتشاور معه في موضوع<br />
اإلنتخابات، علماً أن الرئيس بري الذي أوعز في<br />
املرة السابقة للنائب نقوال فتوش بتقدمي اقتراح<br />
القانون املعجل املكرر حول التمديد يجاهر<br />
هذه املرة برفض التمديد الثاني، وهو أعلن<br />
أمام زواره في مقر الرئاسة الثانية »أن رفضه<br />
التمديد ليس للمناورة كما يتراءى للبعض«.<br />
ويذهب الرئيس بري أبعد من ذلك بسؤاله »ما<br />
الفائدة من التمديد جمللس معطّ ل وال يشرّ ع،<br />
وماذا يفعل مجلس النواب؟ ال هو ينتخب رئيساً<br />
للجمهورية، وال يجتمع للتشريع، وال يراقب وال<br />
يحاسب. ماذا يفعل؟ هل هو موجود من أجل أن<br />
يقبض النواب رواتبهم فقط؟«.<br />
إال أن أحد النواب الذي لم يشأ ذكر إسمه<br />
قال ل »القدس العربي« »إن موقف الرئيس<br />
بري يهدف الى رفع سقف التفاوض وللتوصل<br />
الى صفقة تؤدي الى التمديد للمجلس النيابي<br />
الذي تؤيده كتلة املستقبل مقابل اقرار مشروع<br />
سلسلة الرتب والرواتب وعودة التشريع<br />
للمجلس الذي تؤيده قوى 8 آذار«. ويضيف »أن<br />
الوقت مازال مبكراً للتوصل الى هذه التسوية<br />
طاملا هناك مدة شهرين ونصف تفصلنا عن<br />
إنتهاء والية البرملان املمدّ د، إذ إن الرئيس بري<br />
هيئة األمم املتحدة ومجلس األمن الدولي بالتدخل<br />
العاجل حلماية املدنيني ومؤسسات الدولة.<br />
وكان استيفان دوجريك، املتحدث باسم األمني العام<br />
لألمم املتحدة، بان كي مون، وفي أول تعليق أممي على<br />
مطالبة البرملان الليبي بالتدخل الدولي قد صرح بأن<br />
»تغيير مهمة بعثة األمم املتحدة في ليبيا يحتاج إلى قرار<br />
من مجلس األمن الدولي« مضيفا أن »أي تدخل من قبل<br />
اجملتمع الدولي في ليبيا يتعني أن يتم بشكل تنسيقي،<br />
وأن يكون حتت رعاية األمم املتحدة« في إشارة واضحة<br />
الى محاوالت تدخل أحادية اجلانب سواء كانت إقليمية<br />
أو من قبل قوى كبرى حتاول حماية مصاحلها في ليبيا.<br />
تصريحات املتحدث األممي تزامنت مع قرار أصدره<br />
األمني العام لألمم املتحدة بان كي مون بتغيير رئيس<br />
البعثة األممية في ليبيا والذي كان يشغله السياسي<br />
اللبناني طارق متري، ليتم تعيني اإلسباني بيرناردينو<br />
ليون مبعوثا خاصا للمنظمة الدولية إلى ليبيا والذي<br />
أوضحت مصادر ل»القدس العربي« أنه سيباشر أعماله<br />
في األول من ايلول/سبتمبر القادم.<br />
وكان بيان األمم املتحدة الصادر عنها بخصوص<br />
تعيني ليون، قد أشار إلى خلفيته األوروبية كدبلوماسي<br />
في حكومته اإلسبانية وفي مؤسسات اإلحتاد األوروبي،<br />
وهو ما يعطي إشارة إلى ظال أوروبية تطغى على<br />
التمديد للبرلمان اللبناني أمر واقع:<br />
بري: ما فائدته لمجلس معطّ ل وال يشرّع؟<br />
يستعجل إمتام هذه التسوية كي ال ندخل مجدداً<br />
في متاهة الترشيحات ضمن املهلة القانونية<br />
التي أوجدت واقعاً معيناً في التجربة األولى<br />
وخرج بعض املرشحني غير املعروفني إلعان<br />
فوزهم بالتزكية ومن بينهم من هو من دائرة<br />
الزهراني التي يترشح عنها الرئيس بري«.<br />
وفي حال التوافق على التمديد يبقى<br />
التوافق على مدته بني مؤيد لتكون املدة<br />
القصوى سنة واحدة كما يرغب الرئيس سعد<br />
احلريري، وسنتني وسبعة أشهر أي الى نهاية<br />
والية اجمللس الطبيعية احملددة ب 4 سنوات<br />
على أن يجري تقصير هذه املهلة في حال سمحت<br />
الظروف األمنية.<br />
أما أبرز املعارضني للتمديد فهي الكتل<br />
النيابية املسيحية مبعظمها بعدما كان املعترض<br />
الوحيد في املرة الفائتة التيار الوطني احلر<br />
بقيادة العماد ميشال عون. فقد انضم حزب<br />
القوات اللبنانية وحزب الكتائب الى هذا اخلط<br />
املعترض فيما لم يصدر موقف محدد بعد عن<br />
تيار املردة وحزب الطاشناق املنضويني ضمن<br />
تكتل التغيير واإلصاح واللذين خالفا ارادة<br />
العماد عون سابقاً ووافقا على التمديد متاشياً<br />
مع موقف حزب الله والرئيس بري والنائب<br />
وليد جنباط.<br />
وبحسب معلومات »القدس العربي« فإن<br />
اعتراض اجلنرال عون على التمديد ينطلق<br />
من آمال لديه في تغيير خريطة توزيع القوى<br />
السياسية داخل اجمللس النيابي مما يسمح<br />
لفريق 8 آذار بزيادة حصته وبالتالي زيادة<br />
حظوظ عون بإنتخابه رئيساً والسيما أنها<br />
الفرصة األخيرة جمليئه ً رئيسا بسبب تقدمه<br />
في السن. أما القوات اللبنانية والكتائب<br />
فبدورهما يأمان زيادة أعضاء كتلتيهما اللتني<br />
تبلغان حالياً 13 نائباً مراهنني على تراجع<br />
اإلشراف الدولي في ليبيا، وهو ما قد يحرك مياه<br />
الدبلوماسية الراكدة نظرا لتشعب املصالح األوروبية<br />
في ليبيا من جهة، واخلطر الدميوغرافي املتمثل بأمواج<br />
الهجرة البشرية القادمة عبر املتوسط من العمق الليبي<br />
املنفلت أمنيا.<br />
تعيني املبعوث األممي اجلديد- حسب ما يرى<br />
مراقبون- قد يضع حدا للجدل حول املبعوث السابق<br />
اللبناني طارق متري والذي كثيرا ما أبدت أطراف في<br />
الصراع الليبي حتفظاتها حول دوره الشخصي في<br />
النزاع، واتهامه من قبل التيارات الليبرالية خصوصا<br />
من تيار التحالف الذي يقوده الدكتور محمود جبريل<br />
باإلنحياز لإلساميني والعمل ضمن أجندتهم.<br />
مصدر من تيار التحالف لم يرغب بالكشف عن اسمه<br />
أفاد ل»القدس العربي« بأن املبعوث األممي طارق متري<br />
لم يتوفق في أداء مهامه بالشكل املطلوب، وذكر املصدر<br />
قضية املبادرة التي أصر متري على إطاقها في توقيت<br />
حرج وهو اإلنتخابات األخيرة، وإصراره على متريرها<br />
ودفعه لكل األطراف على تبنيها قبل ظهور نتائج الفرز،<br />
مما أثار شكوكا حول توقيت املبادرة والتي يقول املصدر<br />
نفسه أنها لم تدرس جيدا ولم يتم التشاور حولها كما<br />
يجب. على الصعيد اإلنساني، فقد حذرت وزارة الصحة<br />
الليبية من انهيار وشيك في القطاع الصحي بسبب<br />
شعبية عون بسبب تعطيل نصاب جلسات<br />
إنتخاب رئيس اجلمهورية واخلاف الناشىء<br />
بينه وبني البطريرك املاروني الكاردينال مار<br />
بشارة بطرس الراعي. وبحسب أوساط القوات<br />
والكتائب فإن اإلنتخابات النيابية قد تقلّ ص<br />
حصة عون مما يضعف إمكانية تعطيله النصاب<br />
مجدداً ويلغي مقولة أنه املمثل األكبر للشريحة<br />
املسيحية.<br />
أضف الى ذلك، أن عون إستثمر تأييد<br />
القوات والكتائب للتمديد في املرة السابقة<br />
في محاولة لزيادة شعبيته، وهذا سبب جديد<br />
يدفع الكتائب والقوات لنزع هذه الورقة من يد<br />
عون من خال عدم رفض إجراء اإلنتخابات<br />
النيابية على أساس قانون إنتخاب جديد غير<br />
قانون »الستني« الذي ال يؤمن عدالة التمثيل<br />
للمسيحيني، وألن إجراء اإلنتخابات على<br />
أساس هذا القانون يعني عودة اجمللس النيابي<br />
تقارير اخبارية<br />
ليبيا: بين عسكر إسبارطة وديمقراطية أثينا<br />
تقسيم العهد الملكي أم كانتونات »القبيلة« و»مشايخ الخالفة«؟<br />
مغادرة العمالة األجنبية التي يقوم عليها القطاع الصحي<br />
الليبي من الباد جراء العنف اليومي والذي بات يهدد<br />
حياة اجلميع، خصوصا بعد أن أعلنت الفلبني عزمها على<br />
سحب رعاياها من ليبيا والبالغ عددهم 13 ألفا، يعمل<br />
3000 منهم في القطاع الطبي.<br />
وتعاني املستشفيات الليبية من نقص حاد في أدوية<br />
األورام وغسيل الكلى لنقصها من مركز اإلمداد الطبي<br />
الرئيسي حسب مسؤولني في وزارة الصحة. وهو نقص<br />
يعانيه القطاع الصحي، سواء العمومي أو اخلاص،<br />
يرافقه عجز كبير في القدرة االستيعابية والدوائية،<br />
إضافة إلى املوارد البشرية التي أغلبها من النساء،<br />
وتهدد االشتباكات خروجهن من منازلهن، أو من العمالة<br />
الوافدة من الفلبني أو الهند والتي بدأت مبغادرة ليبيا<br />
بأعداد كبيرة، مما يضع القطاع الصحي املتضرر أصا من<br />
قلة األمدادات على حافة انهيار وشيك يتقاطع مع عمليات<br />
نزوح بشري من األحياء التي تتعرض للقصف والتي مت<br />
تقديرها باآلالف.<br />
وبني مطالبة مجلس نواب من خارج العاصمة<br />
بتدخل دولي، وصراع مسلح تسيطر فيه التيارات<br />
اإلسامية على األرض في العاصمة وبنغازي، تبقى ليبيا<br />
وطنا معلقا على مصالح دولية متضاربة، ومشروع دولة<br />
مؤجل على ذمة املستقبل.<br />
احلالي من دون أي تغيير يّ ذكر.<br />
جتدر اإلشارة الى أن العوامل التي أدت الى<br />
التمديد األول للمجلس كانت الوضع األمني في<br />
طرابلس وسقوط عدد من القذائف من اجلانب<br />
السوري على عكار وأحداث عبرا مع الشيخ<br />
أحمد األسير وسقوط عدد من الصواريخ على<br />
الضاحية اجلنوبية. أما العوامل اإلستثنائية<br />
التي تفرض التمديد اليوم فهي أكبر بكثير<br />
وأبرزها أحداث عرسال ومشاركة حزب الله في<br />
القتال في سوريا ما يحول دون اقتراع املئات من<br />
عناصر احلزب في اإلنتخاب إضافة الى انتشار<br />
اجليش اللبناني في العديد من املناطق حلفظ<br />
األمن وعدم قدرته على ضبط أمن اإلنتخابات<br />
على حساب ضبط احلدود، إضافة الى انتشار<br />
النازحني السوريني في مختلف املناطق<br />
اللبنانية واخلوف من وجود خايا نائمة قد<br />
تعكّ ر صفو األمن واإلستقرار.
Volume 26 - Issue 7839 Sunday 17 August 2014<br />
7 6<br />
السنة السادسة والعشرون العدد 7839 االحد 17 آب )أغسطس( 2014 21 شوال 1435ه<br />
حدث األسبوع<br />
حدث األسبوع<br />
مستقبل تركيا بعد فوز أردوغان في الرئاسة<br />
جمهورية جديدة أم سلطنة عثمانية؟<br />
اسطنبول - »القدس العربي«:<br />
إسماعيل جمال<br />
بعد أكثر من 11 عاماً قضاها في رئاسة وزراء<br />
اجلمهورية التركية، فاز رجب طيب أردوغان في أول<br />
انتخابات باإلقتراع املباشر تشهدها البالد، ليكون<br />
بذلك ثاني شخص يحكم تركيا ألطول مدة بعد الزعيم<br />
التاريخي مصطفى كمال أتاتورك، مع التأكيد على<br />
نيته حتويل نظام احلكم في البالد إلى »رئاسي« األمر<br />
الذي فتح الباب واسعاً أمام التساؤالت حول مستقبل<br />
تركيا في السنوات املقبلة.<br />
»تركيا اجلديدة« املصطلح الذي بات ال يفارق أياً<br />
من خطابات أردوغان الذي سيتولى الرئاسة طوال<br />
اخلمس سنوات املقبلة، حيث يعتبر أن تركيا تنتقل<br />
من حقبة إلى أخرى مختلفة متاماً عن السابق ولذلك<br />
يجب تغيير الكثير من بُ نى اجلمهورية األساسية لكي<br />
تتناسب مع »تركيا اجلديدة«.<br />
هذه التغيرات بات الكثير من معاملها واضحاً في<br />
ظل احلديث عن نيته حتويل نظام احلكم في البالد<br />
إلى النظام الرئاسي والعمل على كتابة دستور جديد<br />
للبالد، والضغط باجتاه حتقيق سالم نهائي مع<br />
األكراد، باإلضافة إلى مواصلة طريق النهوض بتركيا<br />
سياسياً وعسكرياً واقتصادياً .<br />
لكن وبحسب املراقبني ال تبدو رؤية أردوغان<br />
للجمهورية اجلديدة مقصورة على النواحي السياسية<br />
واالقتصادية بإطارها الطبيعي، بل تتجاوز ذلك<br />
وصوالً إلى ترسيخ شكل جديد للجمهورية التركية<br />
التي أسسها أتاتورك عام 1923 على أسس علمانية<br />
راسخة، وإظهار نفسه كمؤسس تاريخي جديد<br />
للجمهورية بصبغة »مُ حافظة« تزيل الكثير من رموز<br />
العلمانية السابقة.<br />
حزب العدالة والتنمية احلاكم برئاسة أردوغان<br />
أعلن منذ األشهر األولى لفوزه في أول انتخابات عام<br />
2002 عن رؤيته لتركيا خالل السنوات املقبلة من خالل<br />
ما عُ رف ب«تركيا 2023« وهو التاريخ الذي يصادف<br />
الذكرى املئوية األولى لتأسيس اجلمهورية التركية.<br />
في ذاك الوقت لم يكن يتخيل عاقل في تركيا<br />
والعالم أن أردوغان ميكن أن يستمر في احلكم إلى<br />
هذا التاريخ البعيد، لكن األحداث املاضية واملتغيرات<br />
احلالية أثبتت عكس ذلك، حيث بدى أردوغان حتى<br />
قبيل االنتخابات الرئاسية األخيرة كمن حسم<br />
النتائج مسبقاً ، وبات يفكر ويستعد كيف ميكن أن<br />
يضمن متديد فترته الرئاسية إلى فترة ثانية تبقيه 10<br />
سنوات على كرسي الرئاسة، أي حتى تاريخ 2024.<br />
وعلى الرغم من جميع التحديات الداخلية واخلارجية<br />
التي واجهها أردوغان طوال السنوات املاضية، وما<br />
وصفها ب»املؤامرات ومحاوالت اإلنقالب« إال أنه<br />
بقي صامداً في موقعه ويتمتع بالشعبية األوسع<br />
في البالد، هذه الشعبية التي مكنته وحزبه من البقاء<br />
طوال الفترة السابقة في سدة احلكم، واحلصول<br />
على نسب فوز أكبر من السابقة في كل انتخابات<br />
يخوضها وهو ما يؤكد أن مؤشر دعم وتأييد الزعيم<br />
القوي في تركيا لم يبدأ بعد في اإلنحدار.<br />
أردوغان الذي تقول األرقام الرسمية أنه استطاع<br />
حتقيق نهضة اقتصادية غير مسبوقة في البالد،<br />
يسعى بحسب مخطط »تركيا 2023« إلى وضعها بني<br />
أكبر 10 قوى على مستوى العالم في كافة اجملاالت،<br />
مع حلول ذلك التاريخ.<br />
ويبدو أن اإلنتخابات البرملانية املقبلة املقرر<br />
اجراؤها بداية العام املقبل، والتي سيسعى أردوغان<br />
لتقدمي موعدها إلى العام، ستكون نقطة حتول<br />
جديدة في تاريخ تركيا، في حال متكن حزب »العدالة<br />
والتنمية« من احلصول على ثلثي مقاعد البرملان، أو<br />
نسبة تقارب ذلك.<br />
هذه األهمية تنبع من الرغبة اجلارفة ألردوغان<br />
في تغيير الدستور احلالي للبالد، والذي يعتبره<br />
بات ال يتناسب والتغيرات الكبيرة التي شهدتها<br />
تركيا، ويقف حائالً أمام حتقيق املزيد من اإلجنازات<br />
والتطور، حيث سيسعى فيه إلى تغيير نظام احلكم<br />
إلى رئاسي بشكل رسمي، وإرضاء العديد من فئات<br />
اجملتمع واألقليات كالعلويني واألكراد واألرمن.<br />
فالوصول إلى حل شامل ونهائي للقضية الكردية<br />
ميثل حلماً ألردوغان بات ميكن حتقيقه في ظل تقدم<br />
احملادثات التي يجريها منذ أكثر من عامني هاكان<br />
فيدان رئيس جهاز االستخبارات القومي مع عبد الله<br />
أوجالن زعيم حزب العمال الكردستاني الذي يقضي<br />
حكماً بالسجن املؤبد في أحد املعتقالت في مدينة<br />
اسطنبول.<br />
إلى جانب القضية الكردية، يهدف أردوغان إلى<br />
حتقيق تقدم في محادثات السالم بني شقي جزيرة<br />
قبرص وصوالً حلل نهائي يوحد اجلزيرتني، وسط<br />
حديث عن إمكانية تقدمي اعتذار رسمي وتسهيالت<br />
لألرمن في الفترة املقبلة. كل ذلك سيمهد الطريق<br />
أردوغان من بائع كعك<br />
إلى كرسي الرئاسة<br />
إلحداث اختراق حقيقي في مباحثات اإلنضمام إلى<br />
االحتاد األوروبي، وحتقيقها جميعا أو جزءا منها،<br />
سيعطي أردوغان صفة القائد التاريخي لتركيا الذي<br />
حقق للبالد ما لم يحققه أحد قبله.<br />
ومبوازاة ذلك، يرى الكثير من األتراك أن »السلطان<br />
اردوغان« كما يسميه البعض، خرج كثيراً عن طور<br />
الدولة التركية وبات يتعامل مع نفسه كأنه »سلطان<br />
عثماني« له مطلق الصالحيات في كافة شؤون البالد<br />
والعباد داخل تركيا، ومحاولة حتقيق نفوذ حقيقي له<br />
حتى خارج تركيا، وأنه يقود البالد إلى نظام احلزب<br />
الواحد والرجل الواحد.<br />
وإن لم يكن هذا التوصيف دقيقاً ، إال أنه وفي احلد<br />
األدنى يعبر عن جزء مهم من شخصية أردوغان<br />
الذي يُ جمع مختصون أنها حتمل كاريزما غير عادية،<br />
وأن الرجل ال يتعامل مع نفسه على أنه مجرد رئيس<br />
وزراء أو رئيس مستقبلي، حيث يرى في نفسه قائداً<br />
ألمة وامتدادا لتاريخ عثماني طويل، كونه ال ينفك عن<br />
احلديث عن »تاريخ وبطوالت وإجنازات األجداد«.<br />
وفي خطاب الفوز الثامن على التوالي ألردوغان<br />
وحزبه قال فور اإلعالن عن نتائج اإلنتخابات<br />
الرئاسية: »اليوم هو فاحتة ملرحلة جديدة في تركيا،<br />
اليوم يوم احتضان الدولة للشعب« وبعد اخلطاب<br />
مباشرة توجه لتأدية الصالة في مسجد »أيوب<br />
سلطان« الذي بناه محمد الفاحت وأصبح عادة عثمانية<br />
راسخة أن يتوجه اخللفاء والسالطني اجلدد للصالة<br />
فيه قبل تولي السلطة.<br />
ولد رجب طيب أردوغان في 26 شباط/فبراير 1954 في حي قاسم باشا الفقير في إسطنبول في عائلة فقيرة ومتدينة<br />
تنحدر أصولها من مدينة طرابزون، وأمضى طفولته في مدينة ريزة على البحر األسود، ثم انتقل للحياة في اسطنبول<br />
عندما كان عمرة 13 سنة.<br />
بسبب فقر أسرته ولتوفير مصروفه، عمل في بيع البطيخ والكعك التركي الشهير »السميط« خال دراسته في املراحل<br />
االبتدائية واإلعدادية، وكان مولعاً بكرة القدم واقترب من اإلحتراف في السبعينيات.<br />
درس في مدارس »إمام خطيب« الدينية ثم تخرج من كلية االقتصاد واألعمال في جامعة مرمرة عام 1981.<br />
في العام 1976 انضم الى حركة جنم الدين أربكان الذي يُ عتبر مرشده السياسي والذي تولى بعد سنوات، منصب<br />
رئيس احلكومة في تركيا التي وصفت حينها ب«اإلسامية« لكن االنقاب العسكري في 12 أيلول/سبتمبر 1980 أبعده عن<br />
املعترك السياسي حتى العام 1983، إال أنه عاد في العام 1985 ليصبح مسؤول مدينة اسطنبول عن حزب »الرفاه« الذي<br />
أسسه جنم الدين أربكان.<br />
التطور األهم كان في السابع والعشرين من آذار/مارس عام 1994 عندما انتخب رئيساً لبلدية اسطنبول أكبر مدن<br />
تركيا من حيث عدد السكان وحقق خال واليته طفرة كبيرة في العمل البلدي واإلجنازات مما أكسبه شعبية كبيرة، إال أنه<br />
اضطر الى االستقالة حتت ضغط العسكر في العام 1997.<br />
أدين عام 1998 بتهمة »التحريض على الكراهية الدينية« وأُ قصي من احلياة السياسية وسجن ملدة أربعة أشهر في<br />
العام 1999. وأخذ عليه القضاء انه قرأ أثناء خطاب جماهيري في كانون األول/ديسمبر 1997 شعراً يقول فيه: »مساجدنا<br />
ثكناتنا، قبابنا خوذنا، مآذننا حرابنا واملصلون جنودنا، هذا اجليش املقدس يحرس ديننا«.<br />
في متوز/يوليو 2001، أجازت له احملكمة الدستورية العودة الى السياسة فأسس في 14 آب/أغسطس 2001 حزب<br />
»العدالة والتنمية« الذي يترأسه حالياً برفقة الرئيس )حتى 28 اجلاري( عبد الله غُ ل.<br />
فاز احلزب في االنتخابات التشريعية التي جرت في تشرين الثاني/نوفمبر 2002، لكن أردوغان لم يتمكن من تولي<br />
رئاسة الوزراء إلعان اجمللس االنتخابي األعلى عدم أهلية انتخابه قبل شهرين من ذلك، وتولى عبد الله غُ ل )نائبه في<br />
رئاسة احلزب آنذاك( املنصب حتى يتسنى له تنظيم انتخابه شخصياً أثناء انتخابات تشريعية جزئية متكن خالها من<br />
الترشح بفضل تعديات أقرها البرملان الذي يهيمن عليه حزبه، وأصبح من بعدها رئيساً للحكومة في 11 آذار/مارس 2003.<br />
واصل احلزب صعوده برئاسة أردوغان ومتكن من الفوز في االنتخابات العامة )البرملانية( عام 2007 و2011 على<br />
التوالي، وواصل أردوغان ترأسه للحكومة طوال هذه الفترة وحتى اليوم، بالتوازي مع فوز احلزب في جميع اإلنتخابات<br />
احمللية السابقة التي كان آخرها في الثاثني من آذار/مارس املاضي وحصوله على نسبة ٪46 من أصوات الناخبني.<br />
في العاشر من آب/أغسطس اجلاري، فاز في أول إنتخابات رئاسية جتري باإلقتراع املباشر من الشعب بنسبة ٪52<br />
من األصوات، لفترة رئاسية متتد إلى خمس سنوات جعلته ثاني أطول شخص يحكم تركيا بعد الزعيم التاريخي مصطفى<br />
كمال أتاتورك، وأعلن أنه سيسعى إلى كتابة دستور جديد للباد، وحتويل نظام احلكم في الباد إلى »النظام الرئاسي«.<br />
متكن من وضع حد لتدخل اجليش التركي في احلياة السياسية، وشهدت الباد في فترة حكمه نهوضا اقتصاديا كبيرا<br />
ومتكن من سد ديونها للبنك الدولي معلناً اقراض البنك 5 مليارات دوالر خال الفترة املقبلة، كما عمل على تطوير اجليش<br />
التركي، وقرب تركيا من الدول العربية واإلسامية.<br />
اعتمد أردوغان نهجاً جديداً فيما يتعلق باملسألة الكردية وأجنز إصاحات كبيرة، حركتها عملية اإلنضمام الى االحتاد<br />
األوروبي التي أطلقت في تشرين األول/اكتوبر2005 لكنها واجهت العديد من الصعوبات في األشهر األخيرة.<br />
اتهم حليفه السابق فتح الله غولن بقيادة محاولة انقاب ضده نهاية العام املاضي من خال النفوذ الواسع لعناصر<br />
ما اسماه »الدولة املوازية« في مفاصل الدولة وخاصة سلكي القضاء والشرطة، ويشن ضد أتباعه حربا منذ عدة أشهر.<br />
سيتسلم منصب الرئاسة في الثامن والعشرين من الشهر اجلاري كأول رئيس منتخب من الشعب لتركيا.<br />
تركيا: سؤال اإلسالم<br />
والديمقراطية<br />
صبحي حديدي<br />
في مثل هذه األيام، قبل سنة، قطعت احلكومة<br />
التركية خطوة أولى كبيرة نحو إقامة صلة أكثر<br />
دميقراطية بني احلكومة املدنية واجليش؛ وذلك عندما<br />
جنح البرملان في تعديل املادة 35 من قانون خدمة<br />
اجليش، والتي كانت تنصّ على أنّ »واجب القوات<br />
املسلحة هو ضمان أمن الوطن التركي واجلمهورية<br />
التركية كما ينصّ عليه الدستور«. تلك، في نظر غالبية<br />
ساحقة من خبراء الشؤون التركية، كانت مسوّ غ<br />
اجليش في االنقالب على املدنيني، أربع مرّ ات بني<br />
أعوام 1960 و1997. أمّ ا التعديل استقرّ على النصّ<br />
التالي: »مهمة القوات املسلحة تتمثل في الدفاع عن<br />
الوطن واجلمهورية التركية جتاه التهديدات واألخطار<br />
اخلارجية، والسعي إلى احلفاظ على القوة العسكرية<br />
وتعزيزها، بحيث تشكل قوة رادعة لألعداء، والقيام<br />
باملهمات اخلارجية التي تسند إليها من قبل البرملان<br />
التركي، واملساعدة على تأمني السالم العاملي«.<br />
الفت، في هذا امليدان، أنّ تركيا كانت قد شهدت،<br />
في أيلول )سبتمبر( 2010، استفتاءً شعبياً على 26 مادة<br />
دستورية، وافق مبوجبه 58 باملئة من األتراك على تلك<br />
التعديالت؛ التي لم متسّ املادة 35، مع ذلك، وحتاشت<br />
املساس بنظيرتها املادة 85 التي تخصّ صالحيات<br />
اجليش في احلياة املدنية. واليوم، مع انتخاب رجب<br />
طيب أردوغان كأوّ ل رئيس باالقتراع الشعبي العامّ ،<br />
فإنّ االصالحات الدستورية التركية تكون قد أكملت<br />
دائرة عريضة نوعية ومتقدّ مة بالقياس إلى االنظمة<br />
الدميقراطية في بلدان مسلمة أخرى.<br />
ولقد انقضى زمن شهد ترنّ ح الدميقراطية التركية<br />
)وهي الوجهة األخرى من النظام األتاتوركي( حتت<br />
الضربات املتالحقة التي لم يتردد جنراالت اجليش،<br />
أنفسهم، في تسديدها إلى قلب التجربة. وفعل<br />
اجلنراالت هذا مراراً وتكراراً ، كلما تعيّ ن أن يشهروا<br />
املسدّ سات استناداً إلى تقديرات مجلس األمن القومي<br />
التركي، بوصفه احلارس الساهر على العلمانية،<br />
والفريق الوحيد الذي ميتلك احلقّ في االجتهاد<br />
العلماني، وحتويل محتوى االجتهاد إلى قرارات<br />
ملزمة للمجتمع. وكان يستوي هنا أن يطوّ ع اجليش<br />
القانون )احملكمة الدستورية، وحلّ األحزاب: 24 مرّ ة(؛<br />
أو ينصب حبل املشنقة )كما في مثال عدنان مندريس،<br />
أوّ ل زعيم سياسي منتخب دميقراطياً في تاريخ تركيا<br />
احلديث، ورئيس الوزراء خالل فترة 1950 1960(؛<br />
أو يلجأ إلى اإلنقالب العسكري، بوصفه ذروة العالج<br />
بالكيّ .<br />
وفي هذا الصدد، يتذكر املرء أنّ كبير املستشرقني<br />
األحياء برنارد لويس، ظلّ ميتدح الدميقراطية التركية<br />
ليس فقط ألنها »علمانية« في محيط شرس من الفقه<br />
)اإلسالمي( الالعلماني والالدميقراطي في اجلوهر،<br />
كما كتب ونظّ ر مراراً ؛ بل أساساً ألنها في يقينه املثال<br />
الوحيد الذي جنح في أيّ بلد مسلم. في ما بعد، ثمّ حتى<br />
هذه الساعة، انقلب لويس على خالصاته هذه، جمعاء،<br />
وقرّ ر أنّ انضمام تركيا إلى االحتاد األوروبي سوف<br />
تكون له عواقب وخيمة على اجملتمعات الغربية، ذات<br />
التراث اليهودي املسيحي في اجلوهر.<br />
صحيح، في املقابل، أنّ الدميقراطية التركية،<br />
ورمبا دميقراطية حزب »العدالة والتنمية« حتديداً ،<br />
تعاني من معضالت بنيوية شتى؛ بينها التمييز ضدّ<br />
الهويات الثقافية واإلثنية والدينية )الكرد، وفئات<br />
العلويني، والطوائف املسيحية(، مقابل إعالء شأن<br />
الهوية التركية؛ وأنّ األنظمة احلزبية واالنتخابية<br />
توطّ د شبكات الوالء والهيمنة، عن طريق توظيف املال<br />
واألعمال واإلعالم بصفة خاصة، على حساب التمثيل<br />
البرملاني األكثر أمانة للشرائح الشعبية؛ وأنّ أردوغان<br />
ميارس، شخصياً ، نفوذاً واسع النطاق، ليس دميقراطياً<br />
وتشاورياً دائماً ، داخل مؤسسات حزبه؛ ولكن... أيّ ة<br />
دميقراطية هي الكاملة، في أيّ بلد، وأيّ زمن؟<br />
يبقى أنّ ما تشهده تركيا من إصالحات دستورية<br />
يوفّ ر برهاناً على أنّ اجملتمعات املسلمة ليست قاتلة<br />
العلمانية، على نحو مسبق مطلق؛ وأنّ املسافة بني<br />
العابد في مسجده، واملشرّ ع في برملانه، ليست<br />
بالضرورة درب تفكك وخصام وآالم.
Volume 26 - Issue 7839 Sunday 17 August 2014<br />
9 8<br />
السنة السادسة والعشرون العدد 7839 االحد 17 آب )أغسطس( 2014 21 شوال 1435ه<br />
أردوغان رئيسًا.. قصة الزعيم الذي حظر يومًا عن العمل السياسي !<br />
تركيا أردوغان والحليف االقتصادي الجديد<br />
حدث األسبوع<br />
د. نزار السامرائي ٭<br />
يظن كثير من العراقيني أن تركيا ظلت في عاقاتها مع<br />
العراق حريصة على إعادة التاريخ إلى الوراء كلما أوشكت<br />
العاقات بني البلدين إلى اإلرتقاء نحو مستويات أعلى،<br />
والعودة إلى الوراء ترجع إلى صفحة عندما واصلت فيها<br />
القوات البريطانية أثناء احلرب العاملية األولى الزحف شماال<br />
بعد معركة الفتحة واجلرناف على الرغم من التوصل إلى وقف<br />
إلطاق النار بني الطرفني، إال أن القوات البريطانية لم تتوقف<br />
إال عند احلدود السياسية الراهنة للعراق، وهذا التصور يعود<br />
إلى اخلطاب التركي الشعبي الذي يلقي بالائمة على العرب<br />
في انهيار الدولة العثمانية، ولم تبذل احلكومات التركية<br />
املتعاقبة على احلكم منذ أعلنت اجلمهورية التركية اجلديدة<br />
عام 1923 جهدا حقيقيا إلزالة هذا الفهم الذي كان يتبناه<br />
خصوم االتاتوركية واملدافعون عنها على حد سواء.<br />
وكانت تركيا احلديثة من أكثر دول املنطقة تشددا في<br />
التعامل مع األقلية الكردية، ليس في حدود الدولة التركية<br />
فقط وإمنا مع أكراد املنطقة املنتشرين في الدول املتاخمة<br />
جلنوب شرقي وجنوب تركيا، ومع أن تركيا كانت »وما تزال<br />
عضوا فعاال في حلف شمالي األطلسي« وترنو بنظرها نحو<br />
العالم الغربي وخاصة االحتاد األوروبي تاركة محيطها<br />
اإلسامي وراء ظهرها، إال أن حقبة حكم الرئيس توركوت<br />
أوزال الذي كان وفيا لتقاليد األتاتوركية، أضافت صفحة<br />
سلبية في عاقات البلدين عندما لعبت حكومته دورا مؤذيا<br />
لوحدة األراضي العراقية ملا انصاعت إلرادة التحالف الدولي<br />
الذي قادته الواليات املتحدة في عام 1991 حتت شعار إخراج<br />
العراق من الكويت، ففتح أبواب تركيا أمام أكراد العراق إما<br />
كساحة لتسوية اخلافات بني جناحي احلزب الدميقراطي<br />
الكردستاني واإلحتاد الوطني الكردستاني، أو كممر لتحركات<br />
سياسية إقليمية ودولية إلى املنطقة الكردية في شمال<br />
العراق، ولكن تلك السياسات لم تخل من نتائج عكسية على<br />
املصالح التركية وخاصة ما يتعلق بتحريك املشاعر الوطنية<br />
الكردية في الداخل، ويبدو أن سياسات أوزال هي التي أدت<br />
إلى انتعاش احلراك الكردي واكتسابه دعما دوليا متناميا.<br />
لكن القضية الكردية واإلعتراف بحقوق الشعب الكردي<br />
القومية ظلت ضمن احملرمات املقدسة لدى األحزاب القومية<br />
والعلمانية التركية، إلى أن ظهر على املسرح السياسي<br />
التركي حزب »العدالة والتنمية« بثقل استثنائي واستطاع<br />
أن يدخل تعديات جوهرية على الدستور وأن يحدد من<br />
دور اجليش التركي الذي كان ينظر إليه باعتباره احلارس<br />
األمني لألتاتوركية في الباد، مستغا احلملة التي مارسها<br />
االحتاد األوروبي حول الدميقراطية وحقوق اإلنسان وإبعاد<br />
املؤسسة العسكرية عن التدخل في الشأن السياسي.<br />
لقد جاء حزب »العدالة والتنمية« بأفكار أحدثت صدمة<br />
إيجابية أيقظت اجملتمع التركي من النظرة النمطية التي كان<br />
يتعامل مبوجبها مع كل امللفات الوطنية، فقد بقيت تركيا وفية<br />
حلقبة مصطفى كمال أتاتورك مع أن العالم كان يسير إلى األمام<br />
ال يلوي على شيء، وكان من بني املبادئ التي ركز الطيب رجب<br />
أردوغان إشاعة مفهوم املواطنة الواحدة بني جميع مكونات<br />
الشعب التركي، وكان التعاطي مع امللفني التركي واألرمني مثل<br />
عبور أعمى حلقل ألغام عشوائي في ليلة مظلمة، ولكن اإلرادة<br />
السياسية ألردوغان جعلته يحث اخلطى من أجل إيجاد حل<br />
ناجح للمسألة الكردية في تركيا، ولكنه أيقن أن املضي في<br />
العاقات مع احلركة الكردية من دون قراءة استراتيجية<br />
خاصة سيحوّ ل هذه القضية إلى خطر يهدد اخلاصرة التركية<br />
الرخوة في جنوبي تركيا، حيث يتواجد األكراد اآلخرون<br />
في كتلة بشرية متجانسة ميكن أن تهدد وحدة الدول التي<br />
يتواجدون فيها، السيما وأن هذه احلركة رفعت من سقف<br />
مطالبها إلى حد أن مسعود البارازاني هدد بالدعوة إلستفتاء<br />
تقرير املصير ألكراد العراق، مما سيعني بداهة أن ما تشهده<br />
الساحة الكردية في العراق ال بد أن يجد صداه السريع في<br />
املنطقة الكردية في تركيا، إما االحتمال الثاني فهو أن مبادئ<br />
حزب »العدالة والتنمية« ال تسمح له مبواصلة حذف املكون<br />
الكردي من اخلارطة السكانية التركية، ومن هنا جند تفسير<br />
الزيارة التي قام بها مسعود بارزاني إلى ديار بكر والتي<br />
أراد أردوغان منها توسيع فتح أبواب كردستان العراق<br />
أمام الصناعات التركية الصاعدة والتي ستجد في أسواق<br />
كردستان السوق األكثر نشاطا، ثم ليتكرس الدور التركي<br />
األكثر تأثيرا في سياسات سلطة كردستان وبذلك يستطيع<br />
أردوغان أن يسحب من إيران واحدا من امللفات املهمة التي<br />
ظلت توظفها في مساعيها إلبتزاز الغرب من بني ملفات أخرى<br />
من أجل احلصول على مركز تفاوضي أقوى مع مجموعة 1+5<br />
بشأن البرنامج النووي اإليراني املثير للقلق اإلقليمي وللجدل<br />
الدولي، واستطاعت أنقرة توظيف العاقة اجلديدة مع<br />
البارازاني للتوسط بني احلكومة وحزب العمل الكردستاني<br />
التركي الذي يتزعمه عبد الله أوجان الذي كان يخوض قتاال<br />
مريرا ضد احلكومات املتعاقبة في أنقرة منذ 30 سنة.<br />
ونتيجة الشعور املتنامي لسلطة إقليم كردستان<br />
العراق بوجود حليف قوي سياسيا واقتصاديا وعسكريا،<br />
فقد استندت عليه كوسادة قادرة على توفير الطمأنينة<br />
واإلستقرار، ورمبا وجدت تركيا في األزمات املتناسلة بني<br />
حكومة نوري املالكي في بغداد وسلطة أربيل، فرصتها<br />
النموذجية لتوسيع استثماراتها اخلارجية، حتى وصلت<br />
تلك االستثمارات في مختلف اجملاالت الصناعية والعقارية<br />
إلى أكثر من 12 مليار دوالر، وإذا ما أخذنا بنظر االعتبار أن<br />
محاوالت تركيا لانضمام لاحتاد األوروبي قد اصطدمت<br />
بحاجز الدين، على الرغم من أن تركيا استجابت للشروط<br />
السياسية واالقتصادية التي يضعها االحتاد املذكور لقبول<br />
أي عضو جديد، مما يعني أن على تركيا أن حتول نظرها من<br />
اإلجتاه الغربي إلى الشرق وخاصة الوطن العربي والعالم<br />
اإلسامي، ومرت العاقات النفطية بني بغداد وأربيل بأزمات<br />
حادة وحاولت حكومة بغداد استخدام عاقاتها مع أنقرة<br />
لوقف كثير من أشكال التعاون مع إقليم كردستان، وخاصة<br />
في مجال نشاط الشركات التركية العاملة في استخراج<br />
النفط وتطوير حقول كردستان، إال أن احلكومة التركية ذهبت<br />
أبعد عندما سمحت بتصدير النفط اخلام املنتج من حقول<br />
نفطية اعترضت احلكومة املركزية في بغداد على اإلنتاج منها<br />
واعتبرت ذلك خرقا للقوانني املرعية، ولم تكتف احلكومة<br />
التركية بالسماح بتصدير النفط بصهاريج بل ساعدت على<br />
إقامة خط لنقل النفط ينتهي مع اخلط العراقي في ميناء<br />
جيهان على املتوسط.<br />
إن العاقات االقتصادية تعتبر في عالم اليوم محركا<br />
رئيسيا للعاقات السياسية بني الدول بصرف النظر عن<br />
طبيعة نظمها االجتماعية، ولعل العاقة بني أنقرة وأربيل ما<br />
يجسد هذه احلقيقة، فأربيل تقود مشروعا قوميا إن استمر<br />
بقوة الدفع التي يسير فيها حاليا فإنه سيصب في نهاية<br />
املطاف ورمبا ليس في زمن بعيد في تقسيم دول املنطقة مبا<br />
فيها تركيا، حتى إذا أعطت احلركة الكردية من التطمينات<br />
الكافية ألنقرة بأنها ال متد بصرها إلى خارج احلدود العراقية،<br />
فعدوى التغيرات الدراماتيكية التي تقع في املكونات السكانية<br />
واحلركات السياسية في مناطق متقاربة جغرافيا ال تعرف لها<br />
حدودا، لهذا تريد أنقرة تأخير احللم الكردي إلى زمن رمبا<br />
ال وجود فيه للسيد أردوغان في احلكم أو احلياة، ألن تركيا<br />
تعلم علم اليقني أنها مهما قدمت من تنازالت ألكراد الداخل<br />
أو مارست عليهم الضغوط عبر العاقة املتميزة مع قيادة<br />
البارازاني فإنها غير قادرة على إلغاء ذلك احللم.<br />
فما هي خيارات أردوغان والذي كان له الدور البارز<br />
في تهدئة أوضاع أكراد تركيا من دون أن يوجد احلل النهائي<br />
ملشكلتهم، وما هو املدى الذي يستطيع أن يذهب فيه مع سلطة<br />
إقليم كردستان؟<br />
ال توجد خيارات مفتوحة أمام أردوغان إلى النهاية<br />
ألنه يعرف أنه إن تغاضى عما يحصل في شمال العراق فإمنا<br />
يشجع األكراد في جنوب تركيا على الذهاب إلى اخليارات<br />
نفسها، من دون أن تتوقف املطالبات القومية في تركيا سواء<br />
من العرب أو من األقليات األخرى، ولكن أردوغان ال يريد<br />
إضاعة الفرصة على باده وشركاتها الناهضة من جني<br />
األرباح الهائلة خاصة وأن هناك فرصا للبناء وإقامة املشاريع<br />
في اجلزء الواقع حتت سلطة مسعود بارزاني أي محافظتي<br />
أربيل ودهوك، لكن التطورات التي وقعت بعد 10 حزيران/<br />
يونيو املاضي واحتال البيشمركة ملدينة كركوك التي<br />
تضم أكبر جتمع تركماني في العراق إضافة إلى وجود العرب<br />
فيها، ال بد أن يحد من املرونة التي ميتلكها أردوغان في تعاطيه<br />
مع القضية الكردية العراقية، إذ أن األحزاب القومية في تركيا<br />
ستتعرض لضغوط من »أبناء العمومة« في كركوك والذين<br />
سيسجلون على تركيا أنها خذلتهم في أكثر األوقات حراجة<br />
وصعوبة، السيما وأن العالم الذي هب لتقدمي النجدة لبضعة<br />
عشرات من اآلالف من اليزيديني، جتاهل مصير مئات اآلالف<br />
من التركمان والعرب في كركوك وما جاورها من مناطق<br />
تقطنها أغلبية تركمانية، وأسوأ ما في املشهد أن تركيا في<br />
عهودها السابقة كانت تنتفض إذا تعرض التركمان مبن<br />
فيهم الشيعة ألي تصرف حكومي تفسره على أنه اضطهاد<br />
لهم.<br />
السنوات اخلمس من رئاسة أردوغان قد تشهد قيام دولة<br />
»كردستان اجلنوبية« ولكن اخلبراء السياسيني في العراق<br />
وتركيا واملنطقة والعالم يعرفون جيدا أن هناك سايكس-<br />
بيكو جديدة تعد للمنطقة وأن تركيا واحدة من ساحات<br />
اختبارها، ونستطيع أن نفهم من ذلك أن أكراد تركيا وسوريا<br />
هبوا لنجدة إخوانهم أكراد العراق عندما تقدمت قوات »الدولة<br />
اإلسامية« نحو مناطق ال صلة لها بكردستان الطبيعية، وكان<br />
الهدف من وراء هذا التحرك الذي لم تدنه الواليات املتحدة وال<br />
االحتاد األوروبي وال حتى تركيا، إيجاد الطرق املفتوحة بني<br />
الدولة الكردية في شمال العراق والتي سيلتحق بها اإلقليم<br />
الكردي السوري نتيجة الظروف السورية املعروفة، أما<br />
اإلقليم الكردي التركي فرمبا يكون مؤجا ليس من أجل عيون<br />
اردوغان، وإمنا ألن خطوة كهذه ستدفع بالقوى السياسية<br />
التركية إلى إعادة النظر مبا »منح لألكراد من إمتيازات« كما أن<br />
ذلك سيدفع بإيران إلى التشدد مع األكراد الذين يعانون أصا<br />
من قمع قومي باسم اإلسام ووالية الفقيه، ولهذا يدرس أكراد<br />
العراق خطواتهم بحذر شديد مع أقل ضجة إقليمية ودولية<br />
حتى يستيقظ العالم يوما على وقع مارشات عسكرية تنبئ<br />
بوالدة دولة قوية على حدود تركيا وتسيطر على أهم مصادر<br />
املياه في املنطقة التي تعاني من عطش شديد.<br />
٭ باحث عراقي<br />
محمد زاهد غول<br />
أعلن مساء العاشر من شهر آب/اغسطس 2014<br />
في العاصمة التركية أنقرة أن رجب طيب أردوغان قد<br />
فاز مبنصب رئيس اجلمهورية التركية، وهذا الفوز<br />
هو التاسع ألردوغان وحزب العدالة والتنمية في كل<br />
اإلنتخابات واإلستفتاءات السابقة. أي ان أردوغان<br />
يفوز بثقة الشعب التركي خال اثنتي عشر عاماً<br />
تسع مرات في إنتخابات دميقراطية عامة، بالرغم من<br />
أن املعارضة التركية قد بذلت كل جهودها الشعبية<br />
واإلعامية واالجتماعية والسياسية في مواجهة حزب<br />
»العدالة والتنمية« الذي تربع على عرش البرملان<br />
ورئاسة الوزراء التركية منذ عام ، 2002 وها هو يتربع<br />
على عرش اجلمهورية من خال اإلنتخابات املباشرة منذ<br />
عام 2014.<br />
إن الطريقة التي حقق بها أردوغان وحزب »العدالة<br />
والتنمية« هذا الفوز تعتمد على الرؤية الفكرية التي تقدم<br />
بها احلزب بوصفه أحد أنواع اإلمتداد الطبيعي للحركة<br />
اإلسامية التركية عام 2001، وهو عام تأسيس حزب<br />
»العدالة والتنمية«. وهو أحد فروع أو جداول نهر احلركة<br />
اإلسامية التركية، التي إنطلقت في صورتها األخيرة<br />
مع حركة املرحوم جنم الدين أربكان عام 1970 عندما<br />
أسس حزب »الوطن األم« ولكن اإلستبداد العسكري<br />
في تركيا حل حزب »الوطن األم« بتهمة مطالبته<br />
بعودة احلياة اإلسامية إلى تركيا. وحيث أن تأسيس<br />
حزب »الوطن األم« قام على أساس الدستور التركي<br />
اإلستبدادي العلماني، والوصف باالستبدادي أهم من<br />
وصف العلماني، ألن املشكلة الكبرى كانت مع اإلستبداد<br />
العسكري في تركيا وليس مع العلمانية املتطرفة فقط،<br />
وعندما اجتمع اإلستبداد العسكري مع العلمانية<br />
املتطرفة في ذلك الوقت أصبح موقف احلكومة التركية<br />
موقفاً غير قانوني أوالً ، وغير دميقراطي باملفهوم العاملي<br />
للدميقراطية ثانياً ، وضد اإلرادة الشعبية التركية ثالثاً .<br />
كان من حكمة جنم الدين أربكان بوصفه زعيماً<br />
للحركة اإلسامية التركية في ذلك الوقت أن يستثمر هذا<br />
الفشل السياسي للدولة التركية في مواجهة الدميقراطية،<br />
وأن ال يلجأ إلى مواجهة العسكر بالقوة وإن كان تصرفهم<br />
بحل حزبه حزب »الوطن األم« غير قانوني وال دميقراطي<br />
وضد اإلرادة الشعبية، ولكنه فضل التعامل مع املوضوع<br />
سياسياً ، فأسس حزب »السامة الوطني« عام 1973<br />
ليكون معبراً جديدا عن احلركة اإلسامية التركية بدل<br />
حزب »الوطن األم« هذه احلكمة للحركة اإلسامية<br />
مكنتها من ان تكسب الشارع التركي أكثر، ألنها احتمت<br />
بالدميقراطية التي يعلنها الدستور التركي، وإن كان<br />
استبدادياً وعلمانياً متطرفاً في الواقع السياسي.<br />
وفي إنتخابات 1974 متكن حزب »السامة الوطني«<br />
عن طريق اإلنتخابات الدميقراطية من الفوز بعدد من<br />
مقاعد البرملان التركي تقدر ب )38( واملشاركة في تشكيل<br />
احلكومة مع رئيس الوزراء بوالند أجاويد ممثل حزب<br />
»الشعب اجلمهوري« العدو اللدود للحركة اإلسامية<br />
التركية، وهكذا استطاعت احلركة كسب موقف جديد<br />
لها مع الشعب، وان تفرض تصوراً جديدا على األحزاب<br />
السياسية، فالشعب التركي مكنها ان تكون في احلكومة،<br />
وأصبح جنم الدين أربكان نائباً لرئيس الوزراء، ومتكن<br />
حينها من إتخاذ أهم قرار عسكري في التاريخ التركي<br />
املعاصر بالتدخل العسكري في قبرص حلماية القبارصة<br />
األتراك من اإلنقاب العسكري الذي قامت به حكومة<br />
اليونان في قبرص عام 1974.<br />
وبالرغم من هذا النصر للحركة اإلسامية وحزب<br />
»السامة الوطني« الذي كان رجب طيب أردوغان<br />
عضوا فيه ورئيساً لشبيبته فرع احلزب في اسطنبول،<br />
إال ان اإلنقاب العسكري عام 1980 أسقط احلكومة<br />
املدنية التركية وأمر بحل حزب »السامة الوطني« ومع<br />
ذلك لم تناضل احلركة اإلسامية عسكرياً ضد اإلنقاب<br />
العسكري العلماني املتطرف، بل واصلت مسيرتها<br />
الدميقراطية. وعندما توفرت ظروف دميقراطية أفضل<br />
شكلت احلركة حزب »الفضيلة« وبعد حله من العسكر<br />
شكلت حزب »الرفاه« وكلها أحزاب تعبر عن وجهة<br />
النظر اإلسامية التركية، واملاحظ على هذا الصعود في<br />
احلركة انها كانت دميقراطية اوالً ، وتعاملت مع الدستور<br />
التركي بحسب قوانينه ثانياً ، وأنها راهنت على اإلرادة<br />
الشعبية ثالثاً ، وأنها لم تستعمل العنف وال مواجهة<br />
الدولة العسكرية االنقابية رابعاً ، وأنها لم تدافع عن<br />
اسمها السياسي خامساً .<br />
إن البند اخلامس األخير مهم جداً ، فلم تدافع احلركة<br />
اإلسامية عن اسمها األول حزب »الوطن األم« وال االسم<br />
الثاني حزب »السامة الوطني« وال اسمها الثالث »حزب<br />
الفضيلة« وال اسمها الرابع حزب »الرفاه« ألنها لم جتعل<br />
االسم السياسي حلركتها مقدساً ، ولم جتعل شخصية<br />
جنم الدين أربكان مقدسة وإمنا تعاملت معه على انه<br />
مجتهد يصيب ويخطىء في العمل السياسي. ولذلك<br />
وبعد ان وصلت احلركة اإلسامية إلى طريق ضيق مع<br />
شخصية أربكان رحمه الله، وأصبح شخصية صدامية<br />
مع احلكومات التركية املتعاقبة ألكثر من ثاثة عقود،<br />
كان ال بد من أن تبحث احلركة عن مخارج لها تستطيع<br />
من خالها مواصلة عملها وعدم الوقوف عند شخصية<br />
بطولية كبيرة مثل جنم الدين أربكان، من هنا جاءت<br />
فكرة تأسيس حزب »العدالة والتنمية« بزعامة رجب<br />
طيب أردوغان عام 2001، وهو ابن احلركة اإلسامية<br />
التركية في حزب »السامة الوطني« و«حزب الفضيلة«<br />
وحزب »الرفاه« والبقية الباقية من حزب »الرفاه«<br />
أسست حزب »السعادة« بزعامة جنم الدين أربكان.<br />
فلما جاءت اإلنتخابات البرملانية عام 2002 حقق<br />
حزب »العدالة والتنمية« بقيادة أردوغان تفوقاً كبيراً<br />
على كافة األحزاب مبا فيها حزب »السعادة« بزعامة<br />
أربكان. ومنذ ذلك التاريخ واحلركة اإلسامية التركية<br />
تزيد من قوتها وجناحها بقوة فكرتها احلضارية، ونهجها<br />
الدميقراطي، وجناحها االقتصادي، فكان فوز أردوغان<br />
مبنصب رئاسة الوزراء لثاث دورات إنتخابية متوالية<br />
2002 و2006 و2011 دلياً على ان حزب »العدالة والتنمية«<br />
جنح في إقناع الشعب التركي بجدارته في قيادة املرحلة،<br />
وباألخص انه حقق جناحاً اقتصادياً منقطع النظير<br />
داخلياً وخارجيا، وفي أحلك الظروف السياسية العاملية<br />
بسبب الهجمة الهمجية األمريكية على حركات اإلسام<br />
السياسي منذ عام 2001، وبالرغم من األزمة االقتصادية<br />
العاملية التي تعرض لها العالم عام 2008، فإن النهج<br />
الدميقراطي داخل تركيا كان كفياً بأن يؤدي إلى النجاح<br />
االقتصادي، وهكذا أثبتت التجربة التركية حلزب العدالة<br />
والتنمية بان العاقة بني الدميقراطية واالقتصاد عاقة<br />
طردية حتماً ، فزيادة الدميقراطية تعني زيادة النجاح<br />
االقتصادي، وزيادة النجاح االقتصادي ال ميكن ان تتم<br />
إال في ظل الدميقراطية، وأن محاربة الدميقراطية تعني<br />
تدمير االقتصاد الوطني قبل ان تكون تدميرا للحريات،<br />
وقبل ان تكون قتا لإلرادة الشعبية. إن فوز أردوغان<br />
رئيسا للجمهورية التركية في 2014/8/10 هو دليل<br />
على ان احلركة اإلسامية التركية جنحت في مسارها<br />
النهضوي ألنها استثمرت بيئتها السياسية جيداً ، حتى<br />
وهي في أحلك ظروفها اإلستبدادية والعلمانية املتطرفة<br />
واإلنقابات العسكرية، فإنحنت للعاصفة الهائجة،<br />
وانزوت الى جانب الطريق أحياناً في حلظات انفات<br />
احليوانات الضارية، فلم تراهن على قوة مادية متكن<br />
الوحوش من اإلنقضاض عليها، وأستثمرت الدميقراطية<br />
التي هي التعبير احلقيقي عن اإلرادة الشعبية بكل<br />
مقوماتها الفكرية والدينية والفلسفية واالجتماعية<br />
واالقتصادية والسياسية، وأعطت لكل الشعوب<br />
اإلسامية وأحزابها الفكرية والسياسية منوذجاً في<br />
التعامل مع الواقع وعدم التعالي عليه، وال الصدام معه،<br />
وال أن تكون ضحيته.<br />
عمان - »القدس العربي«:<br />
إسالم أبو زهري<br />
إختصرت صحيفة »السبيل« الناطقة بإسم<br />
اإلساميني في األردن حجم اإلحتفال الشعبي بفوز<br />
احلليف األقوى جلماعة اإلخوان املسلمني في اإلقليم<br />
رجب طيب أردوغان مبنصب رئاسة اجلمهورية التركية<br />
وهي تفرد خبر الفوزعلى ثمانية أعمدة في صفحتها<br />
األولى .<br />
الحقا ركبت منابر اإلخوان املسلمني املوجة وأفردت<br />
مساحات واسعة لتغطية احلدث التركي. وإسترسلت<br />
فضائية »اليرموك« احملسوبة على اإلخوان املسلمني<br />
ببث برامج متخصصة للتحاور حول التحول احلاصل<br />
في اإليقاع اإلقليمي والتركي بعد فوز آرودوغان مباشرة<br />
خال العدوان اإلسرائيلي العسكري على قطاع غزة.<br />
من جانب آخر توسعت وسائط التواصل<br />
اإلجتماعي األردنية في نشر تلك اللقطات الفريدة التي<br />
تظهر إحتفالية الشعب التركي وإحتاله للشوارع في<br />
املدن الرئيسية إحتفاال بالقفزة التي برمجها أردوغان<br />
فيما لوحظ على املستوى األردني احمللي بأن اجلانب<br />
التحليلي للمشهد غاب عن الصحافة الرسمية أو املقربة<br />
من السلطات.<br />
جميع األنظار عمليا في الساحة األردنية إجتهت<br />
نحو رئيس اجلمهورية التركية اجلديد رجب طيب<br />
أردوغان بعد فوزه وحصوله على األغلبية املطلقة<br />
ليكون الرئيس احلادي عشر لتركيا واألول الذي يفوز<br />
فوز أردوغان بعيون »إخوان األردن«:<br />
تعزيز للقضية الفلسطينية ورسالة للتوقف عن استهداف اإلسالم السياسي<br />
في إنتخابات مباشرة من قبل الشعب بنسبة ٪56 من<br />
األصوات وسط قبول ورفض عربي وغربي له وبالذات<br />
في مساحة الكيان االسرائيلي .<br />
أردوغان قال في خطاب الرئاسة إنّ يوم فوزه »هو<br />
يوم مياد تركيا اجلديدة« متوجهً ا بالشكر إلى أهل غزة<br />
معلنا عن »نقل جرحى اإلعتداءات اإلسرائيلية على قطاع<br />
غزة إلى تركيا من أجل تلقي العاج وحتقيق السام<br />
الداخلي واخلارجي«...هذه الدعوة التي مت تطبيقها<br />
جزئيا فعا، حظيت بتغطية واسعة النطاق من منابر<br />
اإلخوان املسلمني اإلعامية.<br />
نائب املراقب العام جلماعة اإلخوان املسلمني الشيخ<br />
زكي بني إرشيد عبر عن سعادته بتولي أردوغان املنصب<br />
اجلديد معتبرا أنه تعزيز للحركة اإلسامية في العالم<br />
في ظل اإلستهداف العاملي لها ومحاولة قطع الطريق<br />
على الربيع العربي . إرشيد قال ل »القدس العربي«<br />
في تصريح خاص أن أردوغان قصة جناح بإمتياز في<br />
القيادة والتنظيم واإلدارة األمر الذي جعل من تركيا<br />
منوذجا ملا بعد احلداثة.<br />
يوافق احمللل السياسي اإلسامي حلمي األسمر<br />
على هذا اإلستنتاج موضحا ان ما يقفز بتجربة أردوغان<br />
ليس فقط خطابه النقي والواضح في دعم املستضعفني<br />
من شعوب العالم ودوره البارز في املنطقة لصالح<br />
باده إمنا أيضا تلك النجاحات االقتصادية اإلبداعية<br />
التي حققها ونقل بها تركيا من دولة مدينة إلى دولة با<br />
ديون قادرة على اإلستثمار والبقاء وال حتتاج تلك الدول<br />
اإلستعمارية التي توظف دعمها املالي.<br />
وفقا إلرشيد الفوز جاء لتراكم اإلجنازات التي عمل<br />
عليها أردوغان في املاضي، حيث أعلن الرئيس املنتخب<br />
من شعبه منذ فوزه الكاسح انحيازه لقضايا األمة<br />
العربية وحتديدا فلسطني وأهدى فوزه لها واستطاع ان<br />
يضع نفسه خبرا أمام العالم .<br />
وجهة نظر األسمر وإرشيد أن تركيا اليوم ليست<br />
مثل تركيا قدميا ومتلك مشروعا للنهضة يحمل مقومات<br />
النجاح ويتحلى بالنهوض االقتصادي ومحاربة الفساد<br />
خصوصا وان الفوز بالرئاسة جرى بعد سعي أطراف<br />
دولية متعددة ملضايقة مشروع تركيا احلديثة اإلسامي<br />
عبر بعض القوى في الداخل التي تآمرت على التجربة.<br />
ويرى اإلخوان املسلمون في األردن على لسان<br />
الشيخ إرشيد أن هذا اإلنتصار جاء في سياق معاكس<br />
لألنظمة العربية التي صنفت نفسها كدول معتدلة.<br />
وعلى هذه الدول وفقا إلرشيد ان تتوقف عن الشعور<br />
بأن تركيا أردوغان تشكل تهديدا لها أو إستفزازا. وليس<br />
سرا أن اإليقاع التركي اليوم يعني أن على النظام الرسمي<br />
العربي أن يعيد حساباته ويراجع موقفه من احلركة<br />
اإلسامية ويعمل معها على حتقيق شراكة سياسية من<br />
أجل مغادرة مناطق التأزم. وال يخفي إرشيد قناعته بان<br />
جناح أردوغان هو سند حقيقي للمقاومة الفلسطينية في<br />
غزة وضربة قاسية ومؤملة السرائيل .<br />
األمني العام جلبهة العمل اإلسامي الشيخ حمزة<br />
منصور إعتبر ان األنظمة العربية التي ترفض أردوغان<br />
هي أنظمة فاسدة ال تريد ان ترى نظاما دميقراطيا يكشف<br />
فسادها وإستبدادها. مبينا انه لم يرث احلكم وراثة بل<br />
كان خيارا من الشعب التركي وينبغي على احلكومات<br />
العربية ان حتترم إرادة الشعوب وتخدمها بدال من<br />
اإلسترسال في التآمر عليها.<br />
ويتحدث الشيخ منصور عن ضرورة تعلم األنظمة<br />
العربية من جتربة أردوغان وفوزه، حيث جدد الشعب<br />
ثقته فيه للمرة التاسعة آما ان يحقق جناحه املصاحلة<br />
الوطنية وبناء دولة عصرية مستندة الى موروثها<br />
احلضاري .<br />
وأضاف ان على أردوغان ان يواصل جهوده في<br />
دعم القضية الفلسطينية التي تتعرض ملؤامرة كونية<br />
لتصفيتها.<br />
ويرى مراقبون أن تركيا متيزت بدور كبير في وقف<br />
العدوان اإلسرائيلي على غزة في 2012 كما دعمت بشدة<br />
مطلب السلطة الفلسطينية، برئاسة محمود عباس، في<br />
نيل صفة دولة مراقب في األمم املتحدة.<br />
وفي احلرب اإلسرائيلية األخيرة على قطاع غزة،<br />
انتقد أردوغان وبشدة »إسرائيل« متهما إياها بش حرب<br />
إبادة ضد الفلسطينيني في قطاع غزة.<br />
وبدأت تركيا الحقا في وقت متأخر، بإجراءات نقل<br />
جرحى قطاع غزة للعاج في تركيا، حيث توجهت طائرة<br />
إسعاف تابعة لوزارة الصحة التركية إلى مطار »بن<br />
غوريون« في تل أبيب ، لنقل أول دفعة منهم.<br />
هذا احلراك في تقدير األسمر يؤشر على تلك املظاهر<br />
احليوية في اإلسام السياسي املعتدل عندما يحصل<br />
على فرصته في مخاطبة املشكات احليوية والتعامل<br />
معها، كما يؤشر على أن تركيا أردوغان تتباين وتختلف<br />
عن غيرها من الدول العربية اإلسامية التي تتموقع<br />
خلف اإلخفاق وتخشى أعداء األمة وال تسعى فعا<br />
لتحقيق تنمية اقتصادية حقيقية.
Volume 26 - Issue 7839 Sunday 17 August 2014<br />
11 10<br />
حدث األسبوع<br />
السنة السادسة والعشرون العدد 7839 االحد 17 آب )أغسطس( 2014 21 شوال 1435ه<br />
حدث األسبوع<br />
عالقتهما عميقة واستراتيجية عززتها تفاهمات قيادتي البلدين<br />
الدوحة وأنقرة وعزف على وتر التوافقات اإلقليمية والدولية<br />
الدوحة - »القدس العربي«:<br />
خال آخر زيارة له لقطر أكد رئيس الوزراء التركي<br />
آنذاك رجب طيب أردوغان وهو يفتتح مقر سفارة باده<br />
الفخم في املنطقة الدبلوماسية، أن »أنقرة والدوحة<br />
تستمران في النمو رغم األزمات التي يشهدها العالم،<br />
كما أن كا البلدين قد سجا تطورا كبيرا في املوارد<br />
البشرية، ورغم وجود مشاكل اقتصادية شهدها العالم<br />
في اآلونة األخيرة، فإنهما قد متكنتا من احلفاظ على<br />
موقفيهما«. أردوغان اآلن وهو يستعد لدخول بوابة<br />
قصره الرئاسي حلكم باده من أبوابها الواسعة، يطمح<br />
بكل ثقة لرسم عاقة باده مع قطر التي يعتبرها حليفا<br />
استراتيجيا، من اإلرث الذي يجمعهما. وسبق لرئيس<br />
حزب العدالة والتنمية وهو اآلن احلاكم اجلديد لتركيا<br />
أن صرح أن البلدين: »لهما آراء متطابقة في املسائل ذات<br />
الصلة اإلقليمية والدولية، ويبذالن قصارى جهدهما من<br />
أجل حتويل املنطقة إلى نقطة سام«. وكان أمير دولة<br />
قطر الشيخ متيم بن حمد آل ثاني استهل شهر رمضان<br />
األخير جهوده الدبلوماسية التي تبذلها باده ألجل<br />
وقف العدوان اإلسرائيلي على غزة، بزيارة ألنقرة نسق<br />
فيها مع الطرف التركي سبل تعزيز اجلهود الدولية لدعم<br />
املقاومة في غزة.<br />
يرى مراقبون أن تطابق وجهات النظر بني الدوحة<br />
وأنقرة في الكثير من القضايا وامللفات اإلقليمية<br />
والدولية، يأتي بسبب التنسيق املستمر بني قيادتي<br />
انطاكيا - »القدس العربي«:<br />
محمد اقبال بلو<br />
»أنتم املهاجرون ونحن األنصار« عبارة<br />
رددها رئيس احلكومة التركية السابق<br />
ورئيس اجلمهورية املنتخب رجب طيب<br />
أردوغان منذ وصول اول سوري الجئ<br />
إلى تركيا، إذ لقي السوريون في تركيا<br />
البلد اجملاور لشمال البالد من جهة<br />
حلب وإدلب خير معاملة على اإلطالق<br />
باملقارنة مع املعاملة التي تلقوها في دول<br />
اللجوء األخرى كلبنان واألردن أو مصر،<br />
وبشهادة كل سوري يقيم في تركيا فإن<br />
احلكومة قدمت تسهيالت كثيرة تساعد<br />
الالجئ السوري على جتاوز معاناته<br />
التي عاشها في سوريا قبل وصوله<br />
لتركيا.<br />
شغلت مسألة انتخابات رئاسة<br />
اجلمهورية التركية والتي فاز فيها املرشح<br />
رجب طيب أردوغان رئيس احلكومة<br />
السابق برئاسة اجلمهورية وبجدارة<br />
كبيرة غالب السوريني على اختالف<br />
توجهاتهم، بل كان السوريون من أكثر<br />
املتابعني حلملة أردوغان االنتخابية وكان<br />
لهم حضور كبير في معظم خطاباته التي<br />
ألقاها في العديد من األقاليم التركية، حيث<br />
ركز أردوغان في كل خطاباته على ضرورة<br />
مساعدة السوريني وحسن استقبالهم<br />
من قبل املواطنني األتراك، لدرجة أنه قال<br />
في أحد خطاباته قبل اإلنتخابات بشهور<br />
في مدينة الريحانية احلدودية عندما<br />
بادر احلضور من االتراك للتصفيق فرحاً<br />
البلدين وحصرهما املشترك على بلورة مواقف تتسق<br />
مع املبادئ األصيلة، فالثقل الكبير الذي تتمتع به تركيا<br />
إقليميا ودوليا يجعل منها العبا فاعا في استقرار<br />
املنطقة، ووسيطا حلل النزاعات ودعم جهود السام.<br />
وفي تصريح له يؤكد أحمد دمييروك، سفير تركيا<br />
لدى الدوحة: »إن العاقات بني البلدين تشهد تطورا<br />
كبيرا، وتسجل منوا كبيرا في شتى اجملاالت السياسية<br />
واالقتصادية والثقافية والبشرية، وتركيا وقطر بلدان<br />
صديقان تربطهما عاقات متميزة، وهما ينحدران من<br />
ثقافة وعاقات تاريخية وطيدة«. وقال السفير التركي:<br />
»نحن سنمضي قدما من أجل تعزيز العاقات بني<br />
شعبينا الشقيقني وكذلك عن طريق التعاون والتضامن،<br />
وسنواصل في االستثمار إلثبات وجودنا والتعاون<br />
مع قطر«. وفي حتليله لنتائج اإلنتخابات األخيرة<br />
والتفاعات الناجتة عنها محليا وإقليميا يرى الباحث<br />
واملهتم بالشأن التركي محمد األخرص في تصريح<br />
ل»القدس العربي« أن فوز أردوغان -غير املفاجىء -في<br />
اإلنتخابات الرئاسية بنسبة ٪52 من أصوات الناخبني<br />
األتراك يشي مبرحلة سياسية متقدمة بعمر صغير،<br />
متهيداً لإلنتخابات البرملانية التي ستجري عام 2015.<br />
ويؤكد أن املشهد السياسي التركي في الفترة<br />
املقبلة سيكون مكثفاً على املستوى الداخلي، في إطار<br />
التحضيرات التي سيسعى حزب »العدالة والتنمية«<br />
إلجنازها قبيل اإلنتخابات البرملانية، وفي املقابل<br />
فإن الصراع مع جماعة كولن سيأخذ أبعادا أوسع،<br />
الستهداف قدرتهم على توجيه الضربات، وتفتيت<br />
أردوغان رئيسًا لألتراك والسوريون<br />
يحتفلون بنجاحه ويطمئنون لبقائه في السلطة<br />
واحتفاالً بوصوله إلى مدينتهم »من يحب<br />
أردوغان فليكرم السوريني«.<br />
جاءت احلمالت االنتخابية املضادة<br />
للمرشحني اآلخرين وباالً على السوريني<br />
الذين شعروا باخلطر واخلوف من<br />
مصيرهم في حال لم ينجح رجب طيب<br />
أردوغان في انتخابات الرئاسة، حيث<br />
طرح منافسو أردوغان مسألة السوريني<br />
وتواجدهم في تركيا على جدول أعمالهم<br />
الرئاسية إن جنحوا في االنتخابات،<br />
وأكدوا ألنصارهم أنهم سيسعون لتخفيف<br />
الوجود السوري في تركيا، حيث ينتمي<br />
أنصار أوغلو معظمهم للطائفية العلوية<br />
التي ساندت نظام بشار األسد منذ انطالق<br />
الثورة السورية في األقوال واملواقف<br />
تارة وفي األفعال اإلجرامية تارة أخرى،<br />
كاجملزرة التي أشرف عليها مهراج أورال<br />
في بانياس والتي راح ضحيتها عشرات<br />
األطفال والنساء ذبحاً بالسكاكني.<br />
وشهدت العديد من املدن التركية<br />
توترات ما قبل اإلنتخابات وما بعدها، إذ<br />
اعتمد معارضو أردوغان على اللعب على<br />
املوضوع السوري واقتناص كل جانب<br />
سلبي مهما كان ضئيل األهمية ليستخدم<br />
ورقة ضد أردوغان في اإلنتخابات،<br />
وحاول أولئك إشعال الفنت في مختلف<br />
املناطق كأنطاكية وعنتاب وكيليس<br />
وحتى العاصمة أنقرة أيضاً ، ليثبتوا<br />
للناخب التركي أن هناك مصيبة متر بها<br />
البالد تسبب بها رجب طيب أردوغان هي<br />
استقبال السوريني واحتوائهم وتغلغلهم<br />
ضمن اجملتمع التركي. وقد أدرك عقالء كثر<br />
من السوريني خطورة هذه املرحلة وعملوا<br />
على الكثير من حمالت التهدئة وشكر<br />
الشعب التركي على حسن استقباله حتى<br />
في بعض املناطق التي أسيء لهم فيها رغم<br />
قلتها.<br />
ومع بدء اإلنتخابات الرئاسية كان<br />
السوريون من املتابعني بكل اهتمام لسير<br />
اإلنتخابات، وحاولوا اإللتزام بالقوانني<br />
التي فرضت بشكل مؤقت في يوم<br />
اإلنتخابات وهي منع جتول السوريني<br />
حتى نهاية العملية، والتزامهم بهذه<br />
التعليمات رغبة منهم بسير اإلنتخابات<br />
دون أية إشكاالت، حتى أنهم اعتبروا أن<br />
التزامهم هو تعبير عن مساندتهم ملرشح<br />
حزب »العدالة والتنمية« أردوغان. ومع<br />
إعالن النتائج وفوز املرشح الذي أحب<br />
السوريني وأحبوه انطلقوا في الشوارع<br />
يعبرون عن فرحهم بفوزه، فجابت<br />
مظاهرات حاشدة شوارع أنطاكية ذات<br />
الغالبية العلوية املعارضة ألردوغان<br />
واملؤيدة لنظام لبشار األسد، بدأ فيها<br />
املتظاهرون بترديد هتافات التهنئة للرئيس<br />
املنتخب اجلديد كما رددوا شعارات الثورة<br />
السورية وإسقاط رأس نظامها بشار<br />
األسد في جو مشحون بالطائفية واحلقد<br />
على كل كلمة تقال في هذه التظاهرات،<br />
ورغم ذلك كان حزن األنطاكيني عميقاً<br />
لنجاح أردوغان ويبدو أنه منعهم عن<br />
التعرض للمسيرات املهنئة تلك والتي لم<br />
تستمر طويالً بكل حال.<br />
جناح رجب طيب أردوغان رئيساً للبالد<br />
كان مبعث انفراج أسارير السوريني<br />
جميعاً في تركيا، إذ شعروا حينها انهم<br />
بخير لسنوات أخرى قادمة، فقد وثقوا<br />
بناهم الصلبة داخل مؤسسات الدولة. وحول مسار<br />
العاقات اخلارجية التي يتوقع أن يعيد حتديد أولوياتها<br />
أردوغان يشير الباحث إلى أن السياسة اخلارجية<br />
التركية ستشهد فرصة ألن تتنفس الصعداء، بعد مرحلة<br />
من العزلة عاشتها مع أغلب دول اجلوار، ويؤكد على<br />
التزام الدولة التركية بسلوك يتسم باإلعتدال واإلتزان<br />
في تعاملها مع دول املنطقة الفترة املقبلة. وفيما يتعلق<br />
بالعاقة مع دول اخلليج يشير الباحث املهتم بالشأن<br />
التركي أنها مرتبطة بشكل أساسي في العاقة مع مصر<br />
وخاصة في شقها السياسي، ولكن التطورات اإلقليمية<br />
قد تدفع نحو ردم هوة النزاع بني الطرفني، وخاصة إذا<br />
ما تدخل األمريكان واألطراف األوروبية في ظل تصاعد<br />
دور داعش في املنطقة.<br />
ويعد التعاون االقتصادي بني البلدين عنواناً<br />
عريضاً لتطور عاقاتهما، إذ بلغ حجم التبادل التجاري<br />
1.3 مليار دوالر في 2013، فضاً عن أن استثمارات<br />
الشركات التركية في السوق القطرية بلغت 12 مليار<br />
دوالر، ما يعكس الرغبة املتبادلة في ترسيخ عاقات<br />
اقتصادية منوذجية. وتشكل تركيا للقطريني بلداً متطوراً<br />
آمناً ، لذلك يقصدونها للسياحة والتعرف على طفرتها<br />
الهائلة في اجملاالت اخملتلفة، حيث بلغ عدد زائريها من<br />
املواطنني القطريني 15 ألف سائح في العام املاضي،<br />
ويتوقع املراقبون إرتفاع العدد مستقباً ، خصوصاً مع<br />
إرتفاع عدد رحات اخلطوط اجلوية القطرية للمدن<br />
التركية.<br />
وشهدت العاقات القطرية التركية توقيع عدة<br />
بهذا القائد منذ بداية ثورتهم، كما انه لم<br />
يقم بأي تصرف ينقص الثقة تلك بل قام<br />
بكل ما يعززها ويزيدها، إذ منحت تركيا<br />
السوريني الكثير من احلقوق، منها حق<br />
العالج والتداوي في املشافي التركية<br />
مجاناً رغم أن املواطن التركي يدفع رسوماً<br />
رمزية بسيطة جراء عالجه، كما متكن<br />
كل سوري يحتاج أية عملية جراحية من<br />
إجرائها على نفقة احلكومة مهما كانت<br />
تكاليفها باهظة، هذا في حال توفرها<br />
في املشافي احلكومية، من جهة أخرى<br />
استقبلت تركيا كل اإلصابات اآلتية من<br />
الداخل السوري مهما كانت أسبابها فمن<br />
جرحى املعارك إلى مصابي القصف إلى<br />
أصحاب األمراض املزمنة، كل هؤالء تلقوا<br />
العالج مجاناً في املشافي التركية.<br />
كما سمحت احلكومة التركية بافتتاح<br />
مدارس للسوريني وبذلك حصل كل طفل<br />
سوري على حق التعليم، وأصدرت قرارات<br />
تسمح باستقبال الطالب اجلامعيني<br />
السوريني للتسجيل في اجلامعات.<br />
ومتيزت تركيا أنها أول دولة في العالم بل<br />
الوحيدة التي سمحت للسوريني بالدخول<br />
إلى أراضيها عبر املعابر احلدودية<br />
الرسمية رغم انتهاء مدة جوازات سفرهم،<br />
فلم يعد موضوع جتديد اجلواز عائقاً أمام<br />
تنقل السوريني من وإلى تركيا، فضالً عن<br />
امتيازات أخرى كحق العمل وممارسة<br />
املهن واحلرف وافتتاح احملال والشركات<br />
التجارية وما إلى ذلك.<br />
جناح أردوغان في انتخابات الرئاسة<br />
يعتبره معظم السوريني انتصارا لقضيتهم<br />
وقد عبر أردوغان عن ذلك بخطابه في يوم<br />
اتفاقيات اقتصادية مهمة بني البلدين أسهمت بشكل<br />
مباشر في تطوير العاقات الثنائية، مثل اتفاقيات تطوير<br />
التبادل االقتصادي وحماية اإلستثمارات ومنع اإلزدواج<br />
الضريبي وإعفاء الشركات التركية من شرط الكفيل،<br />
هذا باإلضافة إلى الزيارات العديدة املتبادلة والتي قام<br />
بها كبار املسؤولني في البلدين والتي عززت من مسيرة<br />
تلك العاقات وأكسبتها قوة ومتانة وفتحت أمامها آفاقا<br />
واسعة من أبواب التعاون االقتصادي واإلستثماري<br />
املشترك.<br />
ويشير اخلبراء إلى أن الفرص اآلن مهيأة أكثر من<br />
أي وقت مضى إلقامة عاقات جتارية واقتصادية متميزة<br />
تكون تتويجاً وتعبيراً حقيقياً وصادقاً حلجم العاقات<br />
التي تربط بني القيادتني في البلدين، فقد ارتفع حجم<br />
التبادل التجاري بني قطر وتركيا خال السنوات اخلمس<br />
األخيرة. ويصل حجم االستثمارات القطرية في تركيا<br />
إلى أكثر من مليار دوالر. فالدوحة تشكل اليوم بوابة<br />
أنقرة نحو أسواق اخلليج. وبفضل مكانتها االقتصادية<br />
الكبيرة وريادتها في مجاالت تصدير الغاز، أصبحت قطر<br />
مؤهلة ألن تشكل نقطة انطاق ألي دولة تريد دخول<br />
األسواق اخلليجية األخرى.<br />
وتشير معطيات لغرفة جتارة وصناعة قطر إلى<br />
أن رأسمال الشركات التركية العاملة في قطر يتجاوز<br />
ال1.6مليار دوالر، وتستثمر خصوصا في قطاع<br />
اإلنشاءات والسياحة والديكور، ويبلغ حجم املشروعات<br />
التي تنفذها شركات تركية في قطر نحو 13.5 مليار دوالر<br />
معظمها متت ترسيته في السنوات العشر األخيرة.<br />
االنتخابات »ما حدث ليس انتصاراً لتركيا<br />
فحسب، هو انتصار لدمشق وحماة وحلب<br />
وبغداد وغزة ورام الله« وهذا ما صدقه<br />
السوريون حتى قبل ان يقوله ألنهم ملسوه<br />
حقيقة، ويطمئن اليوم الالجئون السوريون<br />
في تركيا على مستقبلهم القريب خالل<br />
السنوات املقبلة التي سيكون فيها أردوغان<br />
رئيساً للجمهورية التركية بل يتوقعون أن<br />
ال تبقى امليزات التي حصلوا عليها كما هي،<br />
بل يجدون أنهم سيحصلون على ميزات<br />
إضافية، وأن ظروفهم سوف تتحسن أكثر<br />
مما كانت عليه في السنوات السابقة التي<br />
قضوها في املدن التركية.<br />
ويعاني سوريو الداخل أشد املعاناة<br />
حتت القصف، فضالً عن ان آالفا من<br />
مقاتلي اجليش السوري احلر يطمحون أن<br />
يكون دعم أردوغان للقضية السورية أكبر<br />
من ذي قبل بعد توليه منصب الرئاسة، بل<br />
ويتوقعون ان يكون النتخابه دوراً هاماً في<br />
ازدياد زخم الثورة السورية وتقوية شوكة<br />
مقاتلي احلر ضد نظام بشار األسد، كما<br />
يأملون أن يلعب أردوغان دوراً كبيراً على<br />
الصعيد السياسي في املرحلة املقبلة من<br />
الثورة السورية، السيما أنه بفوزه هذا<br />
أثبت للعالم قوته السياسية ودوره الكبير<br />
في املنطقة، والذي سيجعل الدور التركي<br />
.. حسب ناشطني، األكبر في األحداث<br />
املقبلة التي سيمر بها الشرق األوسط،<br />
ويتوقعون أن يكون هذا الدور إيجابياً<br />
ولصالح شعوب املنطقة بأسرها، واألهم<br />
أن معظم املعارضني السوريني الذين<br />
تفرقهم األيديولوجيا يجمعهم حب<br />
أردوغان ويطلقون عليه لقب )القائد(.<br />
الدوحة - »القدس العربي«:<br />
سليمان حاج إبراهيم<br />
عودة رجب طيب أردوغان إلى سدة احلكم في<br />
تركيا من بوابة الرئاسة هذه املرة يفتح اجملال لتعزيز<br />
أكبر لعالقاته مع دول احمليط اإلقليمي، وفي أجندته<br />
خطة واضحة إلعادة رسم معادالته الدولية على<br />
أسس مختلفة عما كان عليه حال األمر وهو رئيس<br />
للوزراء، خصوصا مع دول اخلليج التي تعول عليها<br />
الدبلوماسية التركية لفتح صفحة جديدة. ويستند<br />
الوافد اجلديد على القصر الرئاسي في أنقرة على<br />
رصيده املتميز مع الدوحة التي تعد عالقاتهما<br />
منوذجية لتوسيعها إلى باقي الدول. وفي هذا السياق<br />
يعتبر سالم بن مبارك آل شافي، سفير دولة قطر لدى<br />
اجلمهورية التركيّ ة في حوار مع »القدس العربي« أن<br />
اجلميع في دول مجلس التعاون اخلليجي وفي تركيا<br />
يدرك حجم اخملاطر التي تتهدد املنطقة وهذا يتطلب<br />
املزيد من التقارب ومحاولة التنسيق الفعّ ال على األقل<br />
في القضايا األساسيّ ة التي تهمّ اجلميع، وأشار إلى<br />
وجود قضايا إقليمية ودولية حتتاج إلى عمل ثنائي<br />
ومتعدد األطراف وحجم التوافق بني الرؤية التركيّ ة<br />
لهذه القضايا ورؤية دول مجلس التعاون اخلليجي<br />
كبير على الرغم من التمايز أو اإلختالف في بعض<br />
القضايا احملدودة.<br />
○ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان صرح خالل<br />
زيارة سابقة له للدوحة أن »هناك خاصية متميزة أخرى<br />
بني تركيا وقطر، وهي أن الدوحة وأنقرة لهما آراء متطابقة<br />
في املسائل ذات الصلة اإلقليمية والدولية« وأكد أن »بالده<br />
تبذل قصارى جهدها مع دولة قطر من أجل حتويل منطقتنا<br />
إلى منطقة سالم« هل هذا احلال سوف يستمر مع انتخابه<br />
مؤخرا رئيسا للجمهورية؟<br />
• نعم صحيح، العاقات القطرية-التركية عاقات<br />
منوذجية ال تقوم على املصالح فقط بل تستند الى رؤية<br />
مشتركة وقيم ومبادئ سامية، وهي تسير في مسار<br />
تصاعدي منذ سنوات ونتوقع أن تستمر كذلك مع استام<br />
السيد رجب طيب أردوغان ملنصب رئاسة اجلمهورية<br />
في 28 أغسطس / آب احلالي، ولذلك فلن نتفاجأ إذا ما<br />
قرر أردوغان زيارة الدوحة في أول زيارة خارجية له<br />
بعد استامه للمنصب مبا يعكس عمق العاقات بني<br />
البلدين. وأولويتنا في دولة قطر على الصعيد اخلارجي<br />
هو حتقيق السام واإلزدهار للمنطقة وشعوبها ليس<br />
ألننا نؤمن بذلك فقط، بل الن هناك مصلحة مشتركة في<br />
ذلك أيضا خملتلف الشعوب والدول في املنطقة. ونحن ال<br />
نزال نؤمن بسياسة الوساطات واحلوار حلل اخلافات<br />
والنزاعات ونسعى دوما الى أن تكون عاقاتنا جيدّ ة مع<br />
مختلف األطراف والاعبني، لكن ذلك ال يتحقق بطبيعة<br />
احلال على حساب املبادئ والثوابت والقيم األساسية<br />
التي نؤمن بها ومنارسها والتي نقف من خالها مع<br />
تطلعات الشعوب وآمالها نحو مستقبل أفضل. ونعتقد<br />
أن اجلانب التركي يشاطر دولة قطر هذه الرؤية ويعمل<br />
من أجلها، وهو ما يجب أن يكون أيضا مع جميع األطراف<br />
اإلقليمية والدولية التي تلتقي حول هذا الهدف بغض<br />
النظر عن اخللفيات. ما يهم هو التوصّ ل إلى النتيجة<br />
املرجوّ ة وليس منافسة أحد ما، على دور ما، في مكان ما.<br />
○ما هي أبرز أوجه التنسيق املشترك للقضايا الدولية<br />
الراهنة؟ خصوصا بالنسبة لقضية غزة التي تشغل بال<br />
الرأي العام احمللي والدولي؟<br />
• كما تعلمون لقطر وتركيا آراء متطابقة في قضايا<br />
إقليمية ودولية عدّ ة، ومن هذا املنطلق فإن التعاون<br />
في هذه القضايا ذات االهتمام املشترك مهم وضروري<br />
ونرى أنّ ه إيجابي جدا خاصة في الظروف الطارئة،<br />
علماً انّ التعاون والتشاور بني البلدين ليس أمرا طارئا<br />
أو مستجدا بحد ذاته، فهناك آلية ثنائية للتشاور<br />
والتنسيق في املواضيع التي تهم البلدين واملنطقة ككل<br />
قائمة على مبادئ راسخة منذ سنوات، وال شك أنّ الهم<br />
دخول أردوغان بوابة القصر الرئاسي في أنقرة وتفاعالت دولية تضبط إيقاعه<br />
بوادر تحول السياسة الخارجية التركية<br />
بانفتاح على الخليج والدوحة بوابته<br />
املشترك اآلن هو كيفية عبور املنطقة إلى بر األمان.<br />
حاليا، يحتل موضوع اإلعتداء االسرائيلي على<br />
الفلسطينيني في قطاع غزّ ة أولويّ ة، وهناك جهود<br />
دبلوماسيّ ة مكثّ فة ومضنية يبذلها كل من سعادة الدكتور<br />
خالد بن محمد العطيّ ة وزير خارجيتنا ووزير خارجية<br />
تركيا أحمد داوود أوغلو من أجل إيقاف العدوان وإزالة<br />
احلصار عن غزّ ة، وذلك بالتعاون أيضا مع الفاعلني<br />
اإلقليميني والدوليني، كذلك كانت هناك إدانة واضحة<br />
من قبل مجلس التعاون اخلليجي للعدوان االسرائيلي<br />
وعبر وزراء اخلارجية مؤخرا عن دعمهم الكامل للشعب<br />
الفلسطيني وللسلطة الفلسطينية للتوصل لوقف دائم<br />
إلطاق النار في غزة وضرورة التوصل التفاق دائم<br />
يضمن تنفيذ تل أبيب التزاماتها دون مماطلة وتسويف،<br />
ورفع احلصار عن القطاع وعودة احلياة الطبيعية<br />
لسكانه.<br />
ال يجوز أن يبقى هناك احتال وتطهير عرقي وقتل<br />
مفتوح للفلسطينيّ ني على مرأى ومسمع العالم كلّ ه في<br />
القرن الواحد والعشرين. ما تسعى دولة قطر وتركيا<br />
إليه ويجب على اجملتمع الدولي وعلى كل طرف أن<br />
يتحمّ ل مسؤوليته جتاهه، هو حل للمشكلة من جذورها.<br />
نعتقد أن الغالبية العظمى من دول وشعوب العالم احلر<br />
تشاطرنا هذا الرأي وضرورة عدم بقاء الوضع على ما<br />
هو عليه. ومن هذا املنطلق تتمسك قطر مبوقفها املبدئي<br />
هذا وتعمل مع كافة األطراف الفاعلة إقليميا ودوليا بهذا<br />
اخلصوص.<br />
○ هل هناك جهودا تبذلها تركيا من أجل تقوية عالقتها<br />
مع دول اخلليج عموما مستفيدة من التفاهم االستراتيجي<br />
املوجود مع قطر لتعزيز هذا املستوى اخلليجي من عالقاتها؟<br />
• ال شك انّ اجلانب التركي هو اخملوّ ل باإلجابة عن<br />
جهوده في هذا اجملال، لكن من ناحيتنا في قطر، نرى<br />
أنّ عاقات جيدة بني تركيا واخلليج العربي تعدّ أمر<br />
ضروريا ومهمّ ا وحيويا لنا ولهم وللمنطقة ككل. فهناك<br />
قضايا إقليمية ودولية حتتاج إلى عمل ثنائي ومتعدد<br />
األطراف وحجم التوافق بني الرؤية التركيّ ة لهذه القضايا<br />
ورؤية دول مجلس التعاون اخلليجي كبير )املوقف من<br />
عملية السام على سبيل املثال والدولة الفلسطينية(<br />
على الرغم من التمايز أو اإلختاف في بعض القضايا<br />
احملدودة. اجلميع يدرك حجم اخملاطر التي تتهدد املنطقة<br />
وهذا يتطلب املزيد من التقارب ومحاولة التنسيق الفعّ ال<br />
على األقل في القضايا األساسيّ ة التي تهمّ نا وهو ما نعتقد<br />
أنّ ه يجب أن يكون.<br />
○ هل حجم االستثمارات القطرية في تركيا التي بلغت<br />
نحو 740 مليون دوالر يرتقب أن يشهد تطورا في الفترة<br />
املقبلة وهل تعكس مستوى العالقات الثنائية التي تربط<br />
البلدين؟<br />
• بالرغم من التقدّ م السريع احلاصل على صعيد<br />
زيادة حجم التبادل التجاري بني البلدين وزيادة<br />
االستثمارات في السنوات األخيرة، اال أنّ حجم العاقات<br />
االقتصاديّ ة بني البلدين ال يعكس حقيقة املستوى املمتاز<br />
الذي وصلت اليه العاقات الثنائية. ومن هذا املنطلق،<br />
كثّ ف اجلانب القطري واجلانب التركي أيضا من اجلهود<br />
املشتركة في العام 2014 لرفع حجم التبادل التجاري<br />
وزيادة االستثمارات مبا يتناسب مع العاقات املمتازة،<br />
ونعتقد انّ حجم االستثمارات القطرية في تركيا قد يرتفع<br />
الى حوالي 20 مليار دوالر في حال مت اإلتفاق بشكل نهائي<br />
على بعض املشاريع التي ال تزال قيد الدراسة. تركيا هي<br />
أرض خصبة لاستثمار وهناك الكثير من املشاريع املهمّ ة<br />
والكبرى التي ميكن للمستثمر أن يتطلّ ع إليها سواء في<br />
قطاع الطاقة أو النقل أو السياحة أو البنوك أو العقارات<br />
أو التصنيع وكلّ ها قطاعات واعدة، لنا استثمارات في عدد<br />
منها السيما القطاع املصرفي والسياحي والطاقة ونتطلّ ع<br />
ألن يكون لنا دور أكبر في االستثمار في هذه القطاعات<br />
والقطاعات السابقة مع تولي أردوغان ملنصب الرئاسة<br />
وتعزيز االستقرار السياسي والتقدم االقتصادي لتركيا.<br />
فقطر وتركيا متتلكان مقوّ مات اقتصادية هامة وإمكانات<br />
واعدة لتحقيق شراكة اقتصادية على أعلى مستوى<br />
ممكن، وكاهما يتمتع باالستقرار والديناميّ ة والثروة<br />
وهذه ميزة نسعى الى توظيفها في تطوير عاقاتنا<br />
االقتصادية.<br />
○ الشركات التركية تشهد تواجدا مكثفا في قطر<br />
وهناك حسب آخر إحصائية أزيد من 60 مؤسسة تركية<br />
وتبلغ قيمة املشاريع التي حتملتها نحو 35 مليار دوالر، هال<br />
هناك مؤشرات إلرتفاع حجم هذه االستثمارات مع استعداد<br />
قطر لتشييد مشاريع ضخمة ألجل مونديال 2022؟<br />
• نعم ال شك في ذلك. قطر عموما ترحّ ب دوما<br />
باملستثمرين من أي بلد كانوا، وبخصوص االتراك<br />
فسمعتهم وسمعة شراكاتهم ممتازة على الصعيد احمللي<br />
والعاملي وهناك عدد كبير من الشركات التركيّ ة العاملة<br />
في الدوحة تقودها في الغالب شركات املقاوالت والبناء،<br />
اذ حتتل شركات املقاوالت التركيّ ة املرتبة الثانية على<br />
املستوى العاملي، وتعتبر قطر بالنسبة إلى تركيا سابع<br />
أكبر سوق للمقاوالت التركيّ ة. وكما تعلمون فازت<br />
مجموعة )اس.تي.اف.ايه( وشركة »يابي مركزي«<br />
التركيتني في نيسان/ابريل املاضي مبناقصة في مشروع<br />
مترو الدوحة الذي أُ علن عن أنّ قيمته قد تصل الى حوالي<br />
4.4 مليار دوالر، وهو أعلى رقم يحصل عليه مقاول تركي<br />
في مناقصة خارجيّ ة على اإلطاق، وتعتبر املناقصة<br />
األكثر تكلفة في قائمة املشاريع االستثمارية اخملصصة<br />
للتحضيرات التي يتم اإلعداد لها في قطر الستضافة<br />
كأس العام في كرة القدم للعام 2022.
Volume 26 - Issue 7839 Sunday 17 August 2014<br />
13 12<br />
حدث األسبوع<br />
السنة السادسة والعشرون العدد 7839 االحد 17 آب )أغسطس( 2014 21 شوال 1435ه<br />
حدث األسبوع<br />
رغم الخالفات في ملفات عدة:<br />
ايران ترحب بتركيا أردوغان وروحاني يأمل استمرار العالقات<br />
يتهمونه بالسعي لنقل السلطة الى الرئاسة<br />
الخبراء األمريكيون غير سعداء بفوز أردوغان<br />
واشنطن - »القدس العربي«:<br />
رائد صالحة<br />
تخوفت معظم التحليات األمريكية من طموحات<br />
الرئيس التركي اجلديد رجب طيب أردوغان عبر حتويل<br />
مؤسسة الرئاسة الرمزية الى سلطة تنفيذية قوية.<br />
وأتفق عدد كبير من اخلبراء على ان التحول نحو شكل<br />
جديد من الرئاسة ليس أمرا مفروغا منه الن محاوالت<br />
تغيير الدستور ستواجه مقاومة شرسة من املعارضة<br />
السياسية.<br />
وقال هنري باركي استاذ العلوم السياسية في<br />
جامعة ليهاي في حتليل جمللس العاقات اخلارجية ان<br />
التنمية االقتصادية القوية واملكاسب االجتماعية قد<br />
عززت من فرص أردوغان في الفوز إضافة الى قدرته<br />
حتى اآلن على التعامل مع الصراعات اإلقليمية الشائكة<br />
في العراق وسوريا على الرغم من اإلحتجاجات ومزاعم<br />
الفساد ولكن بعد قليل من توليه منصب الرئاسة فانه<br />
يريد التأكد من قدرته على نقل بعض صاحيات السلطة<br />
التنفيذية الى مقره اجلديد.<br />
وال يعتقد باركي انه ميكن تغيير الدستور التركي<br />
لتحويل السلطة التنفيذية الى الرئاسة ولكنه يؤمن<br />
بان أردوغان سيهيمن في املستقبل املنظور على نظام<br />
سياسي جديد بدون ترتيبات دستورية للسلطة وقال<br />
ان أردوغان سياسي بارع يعلم متاما نبض األمة ويعرف<br />
ماذا يريد الناس، وكل ما فعله بعد فترة الركود املدمرة<br />
جاء بنتائج ايجابية ولكن املشكلة بان الرئيس اجلديد<br />
نفسه قد تغير عما كان عليه في وقت مبكر من القرن<br />
احلالي.<br />
وحول سر جتاوب االتراك مع جدول أعمال أردوغان<br />
أجاب باركي بانه اذا سألت االتراك ان كانوا أفضل حاال<br />
منهم في أعوام 2004 و2007 و2011 فان اجلواب سيكون<br />
»نعم نحن أفضل حاال« حيث حقق أرودغان وحزبه<br />
خطوات كثيرة جيدة جدا مثل إصاح الرعاية الصحية.<br />
وقد عاش االتراك مع أنظمة استبدادية طوال حياتهم<br />
ولكنهم اآلن يستبشرون باملستقبل.<br />
ويرى باركي ان الرئيس املنتهية واليته عبدالله<br />
غول هو الوحيد الذي ميلك قوة كافية لتحدي أردوغان<br />
ومنعه من نقل بعض الصاحيات الى الرئاسة ولكن<br />
عليه ان يقرر ما اذا سوف يرمي القبعة الى احللبة كزعيم<br />
حلزب »العدالة والتنمية«.<br />
ورأت صحيفة »دايلي بيست« ان أردوغان سيواجه<br />
مشاكل خارجية من أهمها تصاعد نفوذ تنظيم »الدولة<br />
اإلسامية« الذي أعلن اخلافة على جانب احلدود<br />
التركية وتزايد مشكلة الاجئني. وقالت الصحيفة في<br />
لهجة معادية ان هذه واحدة من املشاكل الوخيمة التى<br />
ستواجه أردوغان بسبب حساباته اخلاطئة كرئيس<br />
للوزراء واعتقاده بانه رجل قوي ال ميكن تعويضه في<br />
السياسة التركية. ومهما كان لقبه كما تضيف الصحيفة،<br />
فانه يترك باده في عزلة متزايدة في املنطقة وعلى عاقة<br />
سيئة مع احللفاء وخاصة الواليات املتحدة.<br />
وأكدت مجلة »اإليكونومست« من جهتها أنه من<br />
الصعب الطعن بالفوز الدميقراطي للرئيس التركي<br />
أردوغان بشكل جدي ألن استطاعات الرأي النزيهة<br />
كانت لصاحله الى حد كبير قبل جناحه الساحق بنسبة<br />
52 في املئة. وكتبت أن أردوغان يعرف بالتأكيد كيفية<br />
الفوز في االنتخابات منذ ان ساعد على تأسيس حزب<br />
»العدالة والتنمية« قبل 13 عاما حيث سجل ثمانية<br />
انتصارات متتالية وقبل أيام حقق اإلنتصار التاسع.<br />
ويفسر عدد من احملللني االقتصاديني جناح أردوغان<br />
باالجنازات االقتصادية املثيرة لاعجاب حلزبه منذ<br />
وصوله الى السلطة في تشرين الثاني/نوفمبر 2002<br />
حيث بلغ متوسط النمو االقتصادي حوالي 5 في املئة،<br />
ومت ترويض التضخم، ومتكن احلزب من وضع اجليش<br />
حتت سيطرة املدنيني بشكل اكبر، ومنح أردوغان األكراد<br />
حقوقا أكثر في تركيا أكثر من أي زعيم سياسي آخر. وفي<br />
عام 2005 حقق شيئا كان قد استعصى على جميع أسافه<br />
وهو بدء محادثات العضوية مع االحتاد االوروبي. ولكن<br />
هنالك قلقا من األطراف األمريكية واألوروبية الى جانب<br />
اجليش واملؤسسة العلمانية واملعارضة السياسية<br />
بشأن صعود أردوغان الى قصر كانكايا وخاصة بعد<br />
نزول االتراك الى الشوارع في الصيف املاضي أثر إندالع<br />
فضيحة فساد وردة الفعل العنيفة على االحتجاجات<br />
حيث استخدمت شرطة مكافحة الشغب الغاز املسيل<br />
للدموع إضافة الى اإلعتداء على وسائل اإلعام احلرة<br />
ومحاوالت فرض الرقابة على االنترنت.<br />
وتتهم معظم التحليات اإلعامية األمريكيةأردوغان<br />
بانه يخطط العطاء رئاسة اجلمهورية قوة أكثر من<br />
وظيفتها االحتفالية عبر حتويلها الى منصب تنفيذي<br />
كما هو احلال في فرنسا، وللقيام بذلك ال بد له من تغيير<br />
الدستور وهي عملية حتتاج عادة الى أغلبية الثلثني في<br />
البرملان ومن غير املرجح حتقيق ذلك دون عقد صفقة مع<br />
احلزب الكردي، ومن شأن ذلك تدعيم طموحات أردوغان<br />
لتعزيز الرئاسة والبقاء الى مابعد عام 2023 الذكرى<br />
املئوية لقيام جمهورية اتاتورك.<br />
وعودة الى »اإليكونومست« التي قالت ان هذه<br />
النتيجة ستكون غير جذابة ألولئك الذين يؤمنون<br />
بالتعددية السياسية. حيث قال عدد من اخلبراء ان<br />
الرئاسات ميكن ان تعمل بقوة ولكنها يجب ان تكون<br />
مقيدة مبؤسسات قوية ال تزال تركيا تفتقر اليها.<br />
ولكن ما الذي يدفع أردوغان للمضي قدما في<br />
طموحاته؟ اإلجابة التى يقدمها اخلبراء تتلخص في<br />
نقطتني هما اقتصاد الضعفاء واإلرث الذي قدمه أردوغان<br />
حتى اآلن. حيث أكدت االستطاعات ان سبب انتصار<br />
أردوغان يعود الى اإلرتفاع السريع ملستويات املعيشة<br />
ولكن االقتصاد كما يقول اخلبراء بدأ يتباطأ وعجز<br />
احلساب اجلاري الهائل يجعل الباد تعتمد بشكل كبير<br />
على تدفقات رأس املال، وعندما ترتفع أسعار الفائدة<br />
العاملية ميكن ان تعاني تركيا. وقد مت اكتشاف »فخ الدخل<br />
املتوسط« وفقدان القدرة التنافسية للسلع املنتجة محليا<br />
وعدم القدرة على نقل ما تصل اليه التكنولوجيا لذا<br />
حتتاج تركيا الى إصاحات حترير لرأس املال األجنبي.<br />
ولكن أظهر رغبة ضئيلة في القيام بهذه اإلصاحات كما<br />
ان عضوية االحتاد االوروبي تبقى احتماال بعيدا اآلن<br />
ومن املرجح ان تبتعد االحتمالية اذا حتركت تركيا بعيدا<br />
عن املعايير الدميقراطية الليبرالية.<br />
اإلختبار األول لنوايا أردوغان سيظهر في تعامله<br />
مع قضية خليفة الرئيس التركي املنتهية واليته عبد<br />
الله غول حيث سيتم تقييم شخصية رئيس الوزراء<br />
اجلديد ومدى رغبة أردوغان في اختيار »دمية« في<br />
املنصب أو رئيس وزراء قويا، وفي حالة اختياره الدمية<br />
فان الناس قد يبدأون في مقارنته بالرئيس الروسي<br />
فادميير بوتني.<br />
السياسيون األمريكيون ال تعجبهم بشكل عام<br />
تصريحات أردوغان حول أسرائيل وهم بالتأكيد غير<br />
سعداء بفوزه األخير الساحق ومن آخر التصريحات<br />
األمريكية الغاضبة من الرئيس التركي اجلديد حتذير<br />
السناتور ماركو روبيو بان على أردوغان وقف معاداته<br />
السرائيل والقيام باعمال وتصريحات استفزازية. وقال<br />
انه »منزعج« من مقارنة رجب طيب أردوغان للعدوان<br />
االسرائيلي على غزة بنازية املانيا هتلر، وندد روبيو<br />
املرشح اجلمهوري احملتمل للرئاسة األمريكية املقبلة بنية<br />
املنظمات التركية إلختراق احلصار على غزة.<br />
أردوغان: الخروج من جبّ يوسف وبناء الجمهورية الثانية<br />
طهران - »القدس العربي«:<br />
رغم اخلاف احلاد الذي نشأ اثر احلرب الدائرة<br />
في سوريا حافظت اجلمهورية اإلسامية في ايران على<br />
مصاحلها مع تركيا حيث كان الرئيس االيراني حسن<br />
روحاني من اوائل املتصلني بالرئيس التركي املنتخب<br />
رجب طيب أردوغان مهنئا ومعربا عن آماله ان تشهد<br />
املرحلة اجلديدة عاقات وطيدة بني البلدين اإلقليميني<br />
في مختلف القضايا مبديا، ارتياحه لتنمية العاقات بني<br />
البلدين خاصة بعد الزيارة التي قام بها أردوغان الى<br />
طهران العام املاضي، آما ان يتمكن البلدان من تنفيذ<br />
اإلتفاقات املبرمة بينهما بأفضل صورة ممكنة، مشيرا<br />
الى ضرورة التعاون فيما يتعلق مبلفات العراق وسوريا<br />
وفلسطني. من جانبه أكد الرئيس التركي املنتخب ان<br />
العاقات بني البلدين ستصبح أمنت في ظل احلكومة<br />
اجلديدة وانه سيعمل على تطويرها.<br />
ولم يكن املوقف االيراني من جناح حزب العدالة<br />
والتنمية في تركيا مفاجأة سياسية فقد أعلن قبل ذلك<br />
مستشار رئيس مجلس الشورى االيراني حسني شيخ<br />
اإلسامي ان باده تدعم خط أردوغان السياسي رغم<br />
وجود بعض اخلافات أبرزها اخلاف حول األزمة<br />
في سوريا أضف الى ذلك امللف األخطر استراتيجيا<br />
وهو موافقة تركيا على استضافة محطة لدرع الدفاع<br />
الصاروخي حللف شمال األطلسي في شرق األناضول.<br />
ورغم اخلاف اال ان الدولتني برعتا في ادارة التوتر<br />
بينهما ألسباب عدة منها قضية االكراد وقضايا التجارة<br />
والنفط والغاز اضافة الى بعض القضايا السياسية أهمها<br />
قضية فلسطني وامللف النووي االيراني.<br />
تاريخيا بدأت العاقات االيرانية التركية بالتحسن<br />
مع وصول جنم الدين اربكان لرئاسة وزراء تركيا كأول<br />
رئيس وزراء إسامي لتركيا احلديثة في العام 1996<br />
بعد فتور غلب على العاقات بينهما منذ جناح الثورة<br />
اإلسامية في ايران عام 1979 نظرا للبعد االيديولوجي<br />
بني النظام الديني الثوري والعلمانية الكمالية. حيث<br />
اختار اربكان ايران لتكون أول محطة خارجية له ووقع<br />
فيها صفقة الستيراد الغاز الطبيعي االيراني قيمتها<br />
25 مليار دوالر ومدتها 25 عاما. وتخطى التحسن في<br />
العاقات املستوى االقتصادي ليشمل جانبا من امللفات<br />
األمنية للبلدين خاصة بعد القبض على زعيم تنظيم<br />
حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجان في عام 1998،<br />
وقرار إيران محاربة املوالني له في أراضيها.<br />
عمقت الزيارة التي قام بها أردوغان الى ايران عام<br />
2004 العاقات بني البلدين في مجال األمن الوطني<br />
كما رفعت مستوى التعاون فيما بينهم حلفظ احلدود<br />
املشتركة حيث وقع البلدان سلسلة اتفاقات للتعاون<br />
األمني. سياسيا القت قرارت أردوغان فيما يتعلق<br />
بالقضية الفلسطينية ترحيبا واسعا من طهران.<br />
كما أدانت منظمات غير حكومية تركية السياسات<br />
االسرائيلية في لبنان وفلسطني كان أهم ثمارها اسطول<br />
احلرية الذي توجه نحو غزة عام 2010 ساعيا لفك<br />
احلصار عنها األمر الذي أدى الى استشهاد 20 شخصا<br />
وجرح ستني أخرين.<br />
وال ننسى املشهد األبرز حني انسحب أردوغان<br />
من قاعة مؤمتر دافوس االقتصادي في يناير 2009<br />
غاضبا وذلك بعد مشادة كامية بينه وبني الرئيس<br />
االسرائيلي شيمون بيريز حول العدوان على غزة<br />
2009/2008. كل هذه املشاهد نالت اعجاب الساسة في<br />
طهران مما جعلهم يستمرون في تأييدهم ألردوغان رغم<br />
سياسته املتبعة في سوريا والدعم الذي قدمته باده<br />
للثوار السقاط نظام احلليف االيراني هناك.<br />
اقتصاديا عزز أردوغان العاقات مع ايران خاصة<br />
في مجال الطاقة فتابع مسيرة سلفه اربكان حيث وقع في<br />
شباط/فبراير من العام 2007 صفقتني مع ايران األولى<br />
متنح شركة البترول االيرانية حق التنقيب عن النفط<br />
والغاز في ايران، والثانية مشروع مد خط أنابيب لنقل<br />
الغاز من تركمانستان )شرق بحر قزوين( الى تركيا ومن<br />
بعدها الى اوروبا عبر األراضي االيرانية بدال من بحر<br />
قزوين.<br />
وزاد حجم املبادالت التجارية بني البلدين في<br />
العام 2012 عن 21 مليار دوالر مسجا أعلى مستوى له<br />
في تاريخ العاقات بينهما. ولكن مع تشديد العقوبات<br />
الغربية على قطاع التجارة االيراني تدنى حجم املبادالت<br />
بني البلدين في العام املاضي األمر الذي لم يرق لرئيس<br />
الوزراء التركي الذي أعلن بعد زيارته لطهران في شباط/<br />
فبراير من العام احلالي عن توقيع اتفاقيات لتسهيل<br />
العمليات التجارية بني البلدين متوقعا ان يصل حجم<br />
املبادالت التجارية مع نهاية العام 2015 الى 35 مليار<br />
دوالر، وهذا ما أكده وزير االقتصاد التركي الشهر املاضي<br />
والذي أشار الى ان البلدين ميلكان املقومات الازمة<br />
لتحقق هذا األمر.<br />
وأكد أردوغان في خطاب القاه بعد انتهاء<br />
االنتخابات انه باق على مواقفه ومستمر في سياساته<br />
التي كان عليها وسيعمل على تقويتها من خال منصبه<br />
اجلديد ليبني تركيا جديدة. وهذا يعني ان كل املعاهدات<br />
واالتفاقيات التي أبرمها مع ايران مازالت قائمة وان<br />
املنافسة بني البلدين سيكون لها الدور األكبر في ادارة<br />
املنطقة مستقبا، وستكون على أشدها.<br />
إبراهيم درويش<br />
في العاشر من آب/أغسطس فاز رئيس الوزراء التركي رجب طيب<br />
أردوغان في االنتخابات الرئاسية بنسبة 52 في املئة من أصوات الشعب، بعد<br />
أن كان حزب »العدالة والتنمية« الذي يترأسه يحكم الباد منذ عام 2002. وفور<br />
إعان النتائج ذهب أردوغان إلى مقام الصحابي أبو أيوب األنصاري وصلى<br />
ركعتني فيه. وتعددت التفسيرات حول فعله هذا، فالصاة في مقام أيوب الذي<br />
يحمل حي اسمه في اسطنبول هو تقليد كان يفعله ساطني آل عثمان قبل<br />
توليهم العرش، مما أحيا لدى الكثيرين فكرة والدة السلطان أردوغان خاصة<br />
أن جماعته السياسية يطلق عليها »العثمانيون اجلدد«. ولكن األتراك يحلون<br />
أبو أيوب مقاما مهما في حياتهم باعتباره الرافعة لهويتهم يتبركون باملقام<br />
ويبدأون كل مناسبة مهمة في حياتهم منه مثل ختان األطفال.<br />
ومع ذلك فتح فوز أردوغان في اجلولة األولى من اإلنتخابات تكهنات كثيرة<br />
خاصة بعد القائه خطاب النصر من شرفة حزبه »العدالة والتنمية« حول تغيير<br />
في مهمة الرئيس من فخرية لتنفيذية، وهو ما دعا املعلقني في الغرب للحديث<br />
عن والدة سلطان أو عهد استبدادي في ظل النقد الذي يوجه للزعيم التركي في<br />
الغرب والذي يعترف في الوقت نفسه مبركزية أردوغان واألردوغانية لتركيا<br />
املعاصرة وجناحاتها اإلقتصادية. فاستطاعات الرأي التركية وحتليل نتائج<br />
وأشكال التصويت في مناطق تركيا تشير إلى شعبية أردوغان في كل أنحاء<br />
تركيا وهو الزعيم التركي الوحيد الذي يحظى اليوم بإجماع.<br />
ومن املؤكد سيترك فوز أردوغان كأول رئيس ينتخبه الشعب التركي بدال<br />
من البرملان أثره على مسار تركيا املستقبل من ناحية طبيعة وسلطات الرئيس<br />
الفخرية، وعاقة تركيا بالواليات املتحدة وأوروبا، ومواقف تركيا مما يجري<br />
في العالم العربي من اضطرابات خاصة تلك القريبة من احلدود التركية: سوريا<br />
والعراق.<br />
وال بد من اإلشارة إلى أن من حذر من انتقال ظاهرة الرجل القوي في<br />
روسيا لتركيا وتبادل األدوار بني بوتني- ميدفيدف ألنقرة يتجاوز بالضرورة<br />
ما فعله أردوغان خال12 عاما من حكم تركيا والتحوالت اإلقتصادية التي<br />
جعلت من بلده واحدة من اقتصاديات العالم املهمة شهدت نسبة منو اقتصادي<br />
عالية. ففي عهد أو عصر أردوغان فتحت املدارس واملستشفيات وحتسنت<br />
خدمات الدولة عنها في العقود التي سبقتها وساعد على الوصول لهذه الدرجة<br />
من التقدم عوامل تتعلق بالتغيرات الدولية واإلستقرار الذي عاشته تركيا<br />
ومميزات شخصية متيز بها أردوغان إبن األحياء الشعبية في اسطنبول الذي<br />
حتول من العب في ملعب كرة قدم ناجح بداية حياته لاعب في ملعب تركيا<br />
الواسع ومن متدرب في مدرسة األئمة واخلطباء خلطيب يتحدث لكل األتراك<br />
بطوائفهم وانتماءاتهم وأفكارهم.<br />
وتشير رحلة أردوغان في السياسة لشخصية استثنائية، فهو نتاج<br />
لفكر اإلحياء اإلسامي في القرن العشرين وفكر اآلباء املؤسسني للصحوة<br />
اإلسامية والتجربة الدميقراطية التركية واحلداثة التي بدأها مصطفى<br />
كمال أتاتورك، واستطاع أردوغان املزج بينهما وخلق منوذجه الذي يعرف<br />
باألردوغانية، والذي أخذ من التجربة اإلسامية التي بدأها أبو احلركة<br />
االسامية في تركيا جنم الدين أربكان التمسك بالهوية اإلسامية والتأكيد<br />
على هوية تركيا اإلسامية، ولم يقبل من التجربة األربكانية في كل متثاتها من<br />
»الفكر الوطني« حلزب »السامة والرفاه« ومن ثم »الفضيلة« انغاقها وحذرها<br />
في التعامل مع الواقع السياسي وعدم فهمها للمناورات السياسية وتشددها في<br />
فهم اإلسام واكتسب من التجربة األتاتوركية واحلداثة املشوهة التي أقامها<br />
في تركيا اإلنفتاح واحلس الدميقراطي، وجاء اخللط بني التجربتني متوازنا<br />
وأنشأ ما نراه النموذج األردوغاني. فلم يقبل أردوغان مثا القومية املتطرفة<br />
لألتاتوركية التي عاملت األكراد بقسوة، ويشير كتاب سيرته الذاتية، أن<br />
الرئيس التركي أظهر اهتماما مبكرا باألكراد والقضية الكردية عندما كان عضوا<br />
في التيار اإلسامي الذي ميثله أربكان في ذلك الوقت.<br />
وال بد للباحث في مسيرة أردوغان اإللتفات دائما إلى أنه لم يحقق ما حققه<br />
لوال العقد الذي أقامه مع اجلماهير، فهو اليوم أهم زعيم سياسي في تركيا. لكن<br />
الوصول إلى هذا لم يكن سها، ولم يأت بدون عمل، وتتذكر والدته كيف كانت<br />
تقضي الليالي تنتظر عودته من نشاطاته في األوقات الصعبة التي كانت متر<br />
بها تركيا.<br />
وهنا ففوز اردوغان في اإلنتخابات الرئاسية وقبلها البلدية في آذار<br />
)مارس( جاء بعد عام حافل وصعب من اإلضطرابات في تركيا، من تظاهرات<br />
حديقة غازي ملعركته مع من سماها »الدولة املوازية« أي أتباع رجل الدين التركي<br />
فتح الله غولن املقيم في الواليات املتحدة والذين اخترقوا طوال عقود املؤسسة<br />
السياسية احلاكمة من قضاء وجيش وشرطة وأمن. ضمن هذه الظروف،<br />
واحلملة التي قامت بها األحزاب القومية ضده بسبب حواره مع األكراد ودعمه<br />
للثورة السورية، يعتبر استحقاقا تاريخيا وتتويجا ألردوغان بل بداية كما<br />
قالت صحيفة »التاميز« اللندنية ملرحلة جديدة في تاريخ تركيا احلديث وهو<br />
»عصر أردوغان«. ولكن ما هي مامح هذه املرحلة القادمة، فهي بالتأكيد ستكون<br />
مليئة بالتحديات واملتطلبات فأردوغان ال يريد لعب دور تشريفي كما لعبه<br />
سلفه عبدالله غول وحتدث في خطاب انتصاره عن دور تنفيذي في الوزارة<br />
وبالتأكيد ميكن ألردوغان لعب هذا الدور فالدستور التركي يكفل له هذا احلق،<br />
فهو يكفل للرئيس صاحيات واسعة تشمل تأخير إقرار التشريعات يصدرها<br />
البرملان وتعيني القضاة في احملاكم العليا وترؤس »مجلس األمن القومي«.<br />
كما يحق لرئيس اجلمهورية »الدعوة إلى انعقاد مجلس الوزراء وترؤس<br />
اجتماعاته بالطريقة التي يراها/تراها مناسبة«، حسب املادة 104 من الدستور.<br />
ولعل هذه السلطات املكفولة بالدستور هي نتاج فترة من املشاكل التي شهدتها<br />
تركيا قبل 3 عقود، نتيجة النهيار اإلقتصاد عام 1979 واإلنقاب عام 1980 ومن<br />
هنا جلأ املشرعون األتراك لتقوية منزلة الرئيس لتركي لتفادي أوضاع مثل<br />
هذه، أي منحه الفرصة للتدخل في املسار التنفيذي إن دعت الضرورة.<br />
ولم يتم اللجوء إلى هذه املواد طوال عقدي الثمانينات والتسعينات لكن<br />
فوز حزب العدالة والتنمية عام 2002 أدى بالرئيس أحمد جندت سيزر لتأخير<br />
إقرار التشريعات الصادرة عن احلزب املذكور وبانتخاب عبدالله غول رئيسا<br />
للجمهورية عام 2007، عادت السلطات وبشكل كامل لرئيس الوزراء.<br />
ويحتاج أردوغان لتعزيز وضعه إلى اإلبقاء على عجلة التنمية جارية<br />
والبحث عن مصادر للدخل تعوض ما خسرته تركيا في العراق بسبب األزمة<br />
احلالية، فمعدل النمو تراجع من نسبة ٪9 عام 2010 إلى نسبة ٪4 العام<br />
املاضي وهي نسبة معقولة لكن اإلقتصاد عامل مهم في تعزيز سلطة الرئيس.<br />
املرحلة القادمة ستطبع بطابع الرئيس إن في العاقة مع الواليات املتحدة<br />
أو أوروبا. وبالنسبة لألخيرة يبدو أن تركيا تخلت عن حلمها اإلنضمام لإلحتاد<br />
األوروبي منذ فترة، إما ألنها لم تعد بحاجة إليه أو أنها ال تريد حتمل مشاكله،<br />
وما تطمح إليه هو أن يكون وضعها مثل وضع النرويج كما صرح وزير شؤون<br />
اإلحتاد األوروبي أجنمان باغيس العام املاضي أي اإلستفادة من اتفاقيات<br />
التجارة احلرة ولك ليس عضوا كاما، إن أخذنا بعني اإلعتبار املعارضة القائمة<br />
لعضوية تركيا. فوز أردوغان يعني أنه سيكون في سدة احلكم هنا ملدة أطول<br />
خاصة أن الدستور يسمح له بالترشح بعد نهاية واليته التي تستمر خمسة<br />
أعوام، وقد يظل حتى حتتفل تركيا باملئوية األولى على والدتها عام 1923.<br />
هذا إن ظل متمثا ملقولته التي قالها عندما انشق عن حزب الفضيلة »لم<br />
أتغير ولكنني تطورت«. وهذا التطور الدائم جاء رغما عن توقعات صحيفة<br />
»راديكال« بعد سجنه عام 1998 بأنه لن يكون »مختارا وال حتى على حارة«.<br />
كل هذا نتاج إميان من أردوغان بضرورة طرق األبواب واملثابرة، فكما أخبر أول<br />
عضو نسائي في حركة أربكان سيبال أرصان: »سنحكم هذا البلد، ومن أخرج<br />
يوسف من اجلب سيهبنا احلكم«.
Volume 26 - Issue 7839 Sunday 17 August 2014<br />
15 14<br />
السنة السادسة والعشرون العدد 7839 االحد 17 آب )أغسطس( 2014 21 شوال 1435ه<br />
تحقيقات<br />
تحقيقات<br />
جوع وتشريد وإبادة جماعية<br />
اإليزيديون يفرون من سيف داعش إلى جحيم جبل سنجار<br />
أعز الناس إلى قلبه كراعي الغنم داخيل الذي فر مع<br />
أسرته إلى اخاديد صخرية عند املراعي احمليطة بسنجار<br />
وأجبرته حالة الهستيرية التي يعيشها الفارون لترك<br />
ورائه والدته البالغة من العمر 95 عاما. وقال 'تركت<br />
والدتي على اجلبل في كهف. قالت لي، أريد البقاء هنا.<br />
اجنوا بانفسكم'. وخال األيام القليلة املاضية هبط<br />
داخيل وآالف معه من فوق اجلانب الغربي للجبل<br />
وعبروا سها إلى احلدود السورية وعادوا إلى إقليم<br />
كردستان العراق. وقال مورال وهو رجل شرطة 'على<br />
اجلبل مات أكثر من 30 شخصا جوعا. عاد بنا الزمن<br />
أكثر من مئة عام فوق اجلبل' وروى كيف استبد اليأس<br />
برجل ما دفعه ليقتل نفسه وشقيقاته اخلمس هربا من<br />
املعاناة. إلى ذلك، نزح اآلالف من األكراد اإليزيديني<br />
إلى مخيم نوروز في بلدة عني ديوار الواقعة في ريف<br />
احلسكة شمال شرق سوريا. وأكّ د الكاتب والسياسي<br />
الكردي السوري املعارض عدنان بوزان األمني العام<br />
حلركة الشعب الكردستاني في سوريا »ان تنظيم<br />
)داعش( نفذ هجمات شرسة على مناطق عدّ ة في إقليم<br />
كردستان العراق مثل سنجار وزمار التي تضم غالبيّ ة<br />
كرديّ ة من الطائفة اإليزيدية، حيث أرتكب فيها أبشع<br />
اجلرائم بحقهم، من خال نحر الرجال ( أي فصل<br />
الرأس عن اجلسد( واختطاف نسائهم .« وأضاف 'ان<br />
مثل هذه اجلرائم ليست األولى من نوعها التي ترتكب<br />
بحق الطائفة اإليزيدية، ففي عهد الفتوحات<br />
والغزوات اإلساميّ ة تكررت مثل هذه األعمال وها نحن<br />
اليوم نرى السيناريو ذاته يتكرر مع هذه الطائفة مرة<br />
أخرى حتت راية اإلسام، لكن في احلقيقة هدف تنظيم<br />
الدولة هو اخلراب والدمار وتهجير السكان من أماكنهم،<br />
متسائاً ' أي شريعة وأي دين يقبل بنحر الرجال<br />
واختطاف النساء'.<br />
ويقول نبيل ياسني الذي أجرى دراسة واسعة عن<br />
تاريخ وثقافة االيزيديني في السبعينيات ل 'القدس<br />
العربي' : »إن ما يتعرض له اإليزيديون على يد داعش<br />
يعتبر إبادة جماعية وتكفيرا وهو أمر مخجل متاما«.<br />
ويضيف: 'لكي نكون موضوعيني فان اإلسام لم يتعرض<br />
لهذه األقليات باإلبادة أو القتل . ان حماية االيزيديني<br />
ال تعني حماية الناس وأديانهم فحسب وإمنا حماية<br />
التراث اإلنساني الذي كانت األقليات الدينية جزءا<br />
اساسيا منه«. ويتابع ياسني الذي قضى اربعة عشر<br />
يوما في قرى ايزيدية في ضواحي سنجار: »ان حماية<br />
التاريخ تقتضي حماية اجلغرافيا التي ترتبط بهذا<br />
التاريخ ولذلك فان عمليات تهجير االيزيديني ترتبط<br />
مبحاوالت إبادتهم ونقلهم من جغرافيتهم التاريخية<br />
وتطهيرهم دينيا وإنسانيا.<br />
انه من اخملزي ان يحدث اليوم ما يحدث<br />
لألقليات الدينية واملذهبية في عصر يفترض انه عصر<br />
الدميقراطية وحقوق اإلنسان. هناك أكثر من خمسني<br />
الف إنسان ايزيدي محاصر على سفوح جبل سنجار<br />
وجتري عمليا إغاثتهم باملاء والطعام«.<br />
تظهر مبا ال تقبل الشك أن عصابات داعش قد أعدمت<br />
ما ال يقل عن 500 من اإليزيديني بعد دخولها سنجار«.<br />
وأضاف: »بعض الضحايا ومن ضمنهم نساء وأطفال<br />
دفنوا أحياء في مقابر جماعية متفرقة في منطقة سنجار<br />
وأطرافها«.<br />
وتناقلت وسائل اإلعام قصص مأساوية للنازحني<br />
الذين وصلوا الى دهوك هرباً من بطش داعش منها<br />
فتيات ايزيديات القني بأنفسهن من فوق جبل سنجار<br />
جتنبا الختطافهن على أيدي اجلهاديني. فيما روى<br />
صحافي انه شاهد الكاب تتغذى على جثث املوتى.<br />
اإليزيديات يبعن<br />
في أسواق النخاسة كسبايا<br />
وصف شهود عيان رؤية نساء يرمني بأنفسهن من<br />
فوق اجلبل لتجنب التعرض لاغتصاب وبيعهن كعبيد<br />
للجنس بعدما تناقلت مصادر عدة أن مسلحي داعش<br />
يقومون بعرض النساء اخملطوفات للبيع كسبايا<br />
بأسواق مدينة نينوى، املأساة التي أكدها الهال األحمر<br />
العراقي.<br />
إلى ذلك، أكد عضو مجلس مفوضية حقوق اإلنسان<br />
هيمن الباجان أن عدد النساء اخملتطفات في بعض<br />
املناطق وصل إلى أكثر من 500 وإنهن تبلغن أن اجلميات<br />
بينهن سيتم تزويجهن إلى أمراء داعش. وقال شهود<br />
عيان إنه مت نقل األيزيديات من بلدتي زمار وسنجار،<br />
إلى تلعفر وبعاج، ومت بيعهن ك«سبايا« في أسواق<br />
أقيمت للنخاسة »بيع الرقيق« التي تعود جذورها إلى<br />
ما قبل التاريخ.<br />
وكان تنظيم »داعش«، قد افتتح الشهر<br />
املاضي،«مكتبا للزواج« للنسوة اللواتي يرغنب في<br />
االقتران مبسلحيه في املناطق التي يسيطر عليها في<br />
سوريا والعراق، حسبما أفاد »املرصد السوري حلقوق<br />
اإلنسان«. ونقل »املرصد« عن سكان الباب قولهم إن<br />
»داعش« طلبت من الراغبات بالزواج إدراج أسمائهن<br />
وعناوينهن لديها، »لكي يتمكن املسلحون الراغبون<br />
بالزواج من طرق أبوابهن وطلب الزواج منهن رسميا«<br />
حسب وصفه.<br />
نبذة عن ثقافة وعقيدة اإليزيديين<br />
لطاملا عرف اإليزيديني، الذين ينتشرون<br />
في مناطق متفرقة في شمال العراق وسوريا،<br />
وجنوب غربي تركيا، بعدم رغبتهم في توضيح<br />
معتقداتهم لآلخر وبعزلتهم عن العالم، بسبب<br />
متركزهم في املناطق اجلبلية. ويقول استاذ<br />
الدراسات الشرقية في جامعة كوتنكن االملانية،<br />
الدكتور خليل جندي أن ما من دين جهله الناس<br />
واختلفوا في شأنه وظهوره ومعرفة اصله<br />
كالدين االيزيدي وذلك ألن هذه الطائفة متارس<br />
طقوسها بعيدا عن انظار الغرباء.<br />
وحول املزيد من التفاصيل عن هذه الطائفة<br />
وثقافتها اجرت 'القدس العربي' حديث خاص<br />
مع الكاتب نبيل ياسني الذي قدم شرحاً مفصاً<br />
عن هذه الثقافة وتاريخها. وبحسب ياسني<br />
ان االيزيديني هم نتاج التاريخ الرافديني<br />
والبيئة العراقية. ورغم انهم يسكنون باألصل<br />
حتت سفح جبل سنجار في قرى متناثرة غرب<br />
املوصل، اال ان لهم وجود في شمال املوصل<br />
وجنوبه أيضا في بحزاني وبعشيقة وفي<br />
الشيخان حيث املرقد املقدس لهم، وهو مرقد<br />
الشيخ عادي أو عدي بن مسافر في روايات<br />
أخرى. ويقول ياسني أن الديانة اليزيدية قدمية<br />
ورغم انها أصا مانية مثنوية تقوم على اخلير<br />
والشر اال انها اختلطت عبر مراحل متعددة<br />
بديانات أخرى مثل اليهودية واملسيحية<br />
واإلسام حيث متارس هذه الطائفة اخلتان<br />
والتعميد وإشعال النيران على رؤوس اجلبال<br />
في الواحد والعشرين من نيسان/ابريل كل<br />
عام. واجملتمع االيزيدي مكون من سبع طبقات<br />
دينية واجتماعية الميكن ان تتزواج فيما بينها<br />
واهمها طبقة االمراء وتليها طبقة القراء وهم<br />
شيوخ الدين. كما انهم اليسمحون لشخص<br />
اجنبي، اي غير ايزيدي بالزواج من نسائهم<br />
وكانت هناك حادثة قتل فتاة قبل سنتني النها<br />
احبت شخصا غير ايزيدي واردات الزواج منه.<br />
ويضيف ياسني: »لقد شهدت حني كنت اعد<br />
حتقيقا صحفيا واسعا عنهم في السبعينات<br />
نشر مصورا في مجلة )الف باء ) العراقية<br />
االسبوعية، الرمز املقدس لهم وهو)طاووس<br />
ملك( وهو عبارة عن متثال لطائر يشبه الديك<br />
.وهوبحجم قبضة اليد. ولم يكن مسموحا<br />
الحد غير يزيدي برؤيته. وقد وافق شيخهم<br />
على حضور الطقس الديني دون السماح لنا<br />
بتصويره«. واإليزيدية، حسب ياسني، الميكن<br />
اعتناقها. فهي دين بالوالدة . وهي طائفة ال<br />
تعبد الشيطان كما يشاع، بل هم يتجنبون ذكره<br />
خوفا منه باعتباره غاويا.<br />
»وقد رأيت بعض مصاحف إليزيديني اما<br />
في بعشيقة او بحزاني ، وهناك ختم شمع احمر<br />
على كلمة الشيطان حيثما وردت«. وكثير من<br />
اسماء االيزيديني هي اسماء اسامية .وهم<br />
اليعادون االديان االخرى رغم حمات القمع<br />
التي تعرضوا لها. وقد طلبوا من الساطني<br />
العثمانيني عدة مرات اعفاءهم من اخلدمة في<br />
اجليش واملشاركة في حروب االمبراطورية<br />
العثمانية وقد استجيب لطلبهم فيما بعد.<br />
ولايزيديني كتابهم املقدس واسمه الكتاب<br />
االسود. كما يؤمن اإليزيديون أن »الشيخ<br />
عدي بن مسافر« تلقى وحيا من السماء، وأنهم<br />
شعب اختاره الله، ويعتبر مرقده الكائن في<br />
منطقة »شيخان« مكانا مقدسا، حيث يوجد<br />
معبد »اللش«، الذي يحج إليه اإليزيديون من<br />
العراق، ومن جميع أنحاء العالم. وال توجد<br />
إحصائيات رسمية بعدد االيزيديني في العراق،<br />
لكن تقديرات ترجح ان عددهم ال يتجاوز 600<br />
ألف نسمة.<br />
ذبح وإبادة جماعية وتخيير بين<br />
إعتناق اإلسالم أو الموت<br />
لندن - »القدس العربي«:<br />
ريما شري<br />
الطائفة اإليزيدية أصبحت حتت دائرة الضوء. من<br />
هم اإليزيديون؟ هل يعبدون إلها واحدا؟ من هو »امللك<br />
طاووس« الذي يقدسونه؟ وما قصة معبد اللش ورمز<br />
الشمس على أضرحتهم؟ هل يغتسلون قبل الصاة؟<br />
وهل هم، فعا، »عبدة الشيطان«؟ فجأة، دخلت هذه<br />
األسئلة وغيرها بؤرة اإلهتمام الدولي والعربي بعد<br />
سيطرة مسلحي ما يسمى بتنظيم الدولة اإلسامية<br />
على معقل االيزيديني في مدينة سنجار شمال غرب<br />
العراق وإرغمت مئات اآلالف من السكان على مغادرة<br />
منازلهم واللجوء إلى جبل سنجار. وهناك، على جبل<br />
معزول حتاصره داعش من جميع اجلهات وحيث<br />
يحاول العالقون التسلل ببطء من اجلهة الشمالية<br />
للجبل، يستغيث املواطن االيزيدي خلف حجي صارخا:<br />
»املسلحون سيفتكون بنا جميعا با رحمة«. ولكن هل<br />
من يسمع إستغاثة حجي واجلميع مشغول في البحث<br />
عن هذه الديانة اإليزيدية »الغامضة« واألساطير التي<br />
حتكى عنها. هنا محاولة لتسليط الضوء على معاناة<br />
االيزيدي »اإلنسان« من تشريد وترويع وتهميش على<br />
يد مسلحي داعش مع نبذة عن هذه الطائفة.<br />
جبل سنجار: كارثة إنسانية<br />
ومساعدات »تهطل من السماء«<br />
يحاصر مقاتلو ما يعرف بتنظيم »الدولة<br />
اإلسامية« منذ نحو أكثر من 16 يوماً اآلالف من اإليزيديني<br />
في جبل سنجار، بعد أن جلأوا إليه جراء اقتحام عناصر<br />
التنظيم قضاء سنجار. يحاول اإليزيديون العالقون<br />
هناك ان يستقلوا الطائرات هربا من زحف املسلحني في<br />
حني يجهد آخرون إللتقاط أغذية وماء وإمدادات طبية<br />
تسقطها طائرات أمريكية وبريطانية من اجلو. وتعليقا<br />
على احلالة املأساوية التي تسود املشردين خال<br />
محاولتهم الصعود إلى الطائرة قال موظف اإلغاثة<br />
االيزيدي ميرزا ديناي في تصريحات صحافية: »ميكنك<br />
أن تتخيل عندما تهبط وسط نحو خمسة آالف شخص<br />
وال ميكنك أن تقل إال ما بني عشرة وعشرين شخصا،<br />
واجلميع يحاول ان يستقل الطائرة.« وبعد أن تفاقمت<br />
أزمة االيزيديني العالقني في اجلبل، وصلت بعثة تقييم<br />
ميدانية أمريكية إلى سنجار لتقييم احلالة اإلنسانية<br />
للفاريني. إال أن وزارة الدفاع األمريكية إستبعدت القيام<br />
بأي عملية إخاء بعدما تبني للبعثة أن أعداد النازحني<br />
وظروفهم أفضل مما كان متوقعاً . ولكن األستاذ اجلامعي<br />
األيزيدي في العراق سالم حسن يقول ل 'القدس العربي'<br />
أن أبرز املشاكل التي مازال اإليزيديون يعانون منها<br />
حتى اآلن هي فقدان األمل بنجاتهم بسبب تأخر وصول<br />
اإلغاثة واملعونات باإلضافة إلى إرتفاع درجات احلرارة<br />
وعدم توفر املياه. ويضيف: 'دفن الكثير من األشخاص<br />
ابناءهم بني األحجار لعدم استطاعتهم حتمل هذه<br />
الظروف الصعبة.«<br />
قصص مأساوية يخلفها<br />
النزوح واألهوال تالحق الناجين<br />
تقدُ م مسلحي داعش في شمال العراق أجبر آالف<br />
األشخاص من االيزيديني إلى النزوح نحو مناطق<br />
أخرى وخاصة كردستان العراق التي شهدت حدودها<br />
تدفق املئات من العائات. منهم من حمل أطفاله على<br />
كتفه متحدياً حرارة الشمس القائظة، مسعفاً نفسه<br />
وعائلته بكميات قليلة من الغذاء واملياه يلتهموها كلما<br />
نفذ صبرهم على حتمل اجلوع والعطش. ومنهم من<br />
عبر احلدود وترك ورائه بيته، وقريته وأمتعته وحتى<br />
خال ساعة واحدة من بعد ظهر يوم اجلمعة ذُ بح<br />
80 ايزيدي وخطفت نسائهم على يد مسلحي داعش<br />
الذين وصلوا في مركبات إلى قرية بشمال العراق وقتلوا<br />
عشرات االيزيديني بعد أن خيروهم ما بني إعتناق<br />
اإلسام أو القتل. وقال أحد سكان قرية قريبة للنائب<br />
االيزيدي محما خليل: 'إن الدولة اإلسامية قضت خمسة<br />
أيام حتاول إقناع القرويني باعتناق اإلسام. بعد ذلك مت<br />
جمع الرجال وقتلوا بالرصاص'. وبحسب ميسر حجي<br />
صالح قائمقام قضاء سنجار مبحافظة نينوى شمالي<br />
العراق وضع داعش نحو أربعة آالف عائلة إيزيدية أمام<br />
خيارين إما اإلسام أو القتل.<br />
وقال كريستوف هينز مقرر األمم املتحدة اخلاص<br />
واملعني بحاالت اإلعدام خارج سلطة القضاء إن املنظمة<br />
الدولية تلقت تقارير تفيد بأن مقاتلي الدولة اإلسامية<br />
يطاردون أفراد األقليات ويأمرونهم باعتناق اإلسام أو<br />
املوت.<br />
ومنذ استولى مسلحو داعش على سنجار شُ رد نحو<br />
700 ألف إيزيدي قتل منهم 500 على األقل خال الهجوم<br />
الذي شنه التنظيم شمال الباد. وقال الوزير محمد<br />
شياع السوداني أن املسلحني دفنوا بعض الضحايا<br />
أحياء، مبن في ذلك عدد من النساء واألطفال وأسروا<br />
300 امرأة .<br />
وقال: »لدينا أدلة قاطعة حصلنا عليها من<br />
اإليزيديني الناجني من املوت وكذلك صور ملواقع اجلرائم
Volume 26 - Issue 7839 Sunday 17 August 2014<br />
17 16<br />
السنة السادسة والعشرون العدد 7839 االحد 17 آب )أغسطس( 2014 21 شوال 1435ه<br />
حوار<br />
حوار<br />
○ كيف تفسرون تصاعد نفوذ احلركات اإلسالمية<br />
اجلهادية في املنطقة؟<br />
• في البداية ال بد من التطرق إلى تاريخ نشأة<br />
احلركات اإلسامية. فهذه احلركات اإلساموية في<br />
العالم العربي والتي صارت اليوم متكاثرة وأخذت منهج<br />
عنف كبير، كانت موجودة منذ السبعينيات. ولو أردنا<br />
تصفح التاريخ سنجد أن جذور هذه احلركات تعود إلى<br />
أواخر القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين.<br />
حركة اإلخوان املسلمني مثا تكونت سنة 1928 كحركة<br />
إصاحية لتعبئة الناس، ثم تطورت، وأتت الحقا الثورة<br />
االيرانية - ولو أن لها مسحة شيعية - وأثرت على<br />
احلركات اإلسامية في كل العالم االسامي. ال يجب<br />
أن ننسى أن بناء اجلمهورية اإلسامية مت في بلد غير<br />
عربي وهو ايران.. وحركة طالبان نشأت في بلد غير<br />
عربي، وحتى االساميون قبل طالبان الذين »جاهدوا«<br />
ضد االحتاد السوفييتي هم إساميون أيضا و«جاهدوا«<br />
باسم اإلسام في بلد غير عربي هو افغانستان.<br />
ووجدت حركات إسامية فيما بعد في اندونيسيا، لعلها<br />
ضعفت اآلن. بحيث أن احلركات املسلحة واملسيسة<br />
باسم اإلسام وجدت في الرقعة اإلسامية وليس في<br />
الباد العربية التي كانت الفكرة القومية الوحدوية<br />
هي املسيطرة فيها خصوصا لدى املثقفني. فالفكرة<br />
اإلسامية املسيسة قويت واقتحمت الرقعة العربية في<br />
الثمانينيات وقد لعبت العناصر من أصل عربي العائدة<br />
من أفغانستان دورا كبيرا في ترويج الفكر اإلسامي.<br />
وفي تونس، فكر اإلسام السياسي، موجود منذ أوائل<br />
السبعينيات ولكنه قوي بعد الثورة اإلسامية في إيران<br />
التي أخذت تلعب دورا بارزا في الثمانينيات. وكذلك في<br />
اجلزائر حيث قامت »ثورة حقيقية« من قبل اإلساميني<br />
ضد الدولة اجلزائرية لترسيخ الدولة اإلسامية وكانت<br />
حصيلتها حربا أهلية دامت عشر سنوات. ورغم أن<br />
المؤرخ والمفكر التونسي هشام جعيط ل »القدس العربي«:<br />
اخفقت الثورات العربية اليوم لكن ذلك<br />
ال يعني أنها لن تنجح.. لقد زرعت بذورا للمستقبل<br />
تونس - »القدس العربي«: روعة قاسم<br />
اعتبر املفكر واملؤرخ التونسي هشام جعيط أن انفتاح العالم بشكل كبير ساهم في<br />
سهولة تهريب السالح ونقل األفكار املتطرفة، وأوضح أيضا في حوار مع »القدس العربي«<br />
أن العالم اإلسالمي في مخاض تاريخي ويشهد زلزاال داخليا قويا ألن هناك أزمة قوية<br />
في األنفس والواقع االجتماعي، مشيرا إلى أن اتساع رقعة الفقر لدى عديد الشرائح في<br />
اجملتمعات العربية ساهم أكثر في انضمام الشباب للتيارات اجلهادية. وأضاف أن أوروبا<br />
في حالة انحطاط سياسي واقتصادي.<br />
ويعد هشام جعيط من أبرز املفكرين التونسيني والعرب، وقد تخصص في التاريخ<br />
اإلسالمي ونشر العديد من األعمال سواء في العالم العربي أو أوروبا. وهو أستاذ زائر<br />
في كل من جامعة مونتريال في كندا وجامعة كاليفورنيا في الواليات املتحدة األمريكية،<br />
باإلضافة إلى معهد فرنسا. ويتولى منذ شباط /فبراير2012 رئاسة مجمع بيت احلكمة<br />
في تونس.<br />
التيارات اإلساموية الراديكالية هي املسيطرة لكن<br />
هناك تيارات إساموية معتدلة لكن ليست هي األقوى.<br />
○ وأين توجد هذه التيارات بالتحديد؟<br />
• توجد في املغرب وفي اجلزائر، وهي ضعيفة<br />
وتتعامل مع السلطة، وموجودة أيضا في تونس مع<br />
حركة النهضة، كما أن حركة اإلخوان املسلمني في مصر<br />
ميكن تصنيفها حركة سياسية معترفا بها زمن مبارك،<br />
إلى حد ما واليوم تغير الوضع.<br />
○ هل برأيك حلركة النهضة في تونس عالقة ما<br />
بالتنظيمات التكفيرية مثلما يتم الترويج له؟<br />
• ال. لكن بعض هذه احلركات مثل حركة »أبو<br />
عياض« السلفية )تنظيم أنصار الشريعة( كانت لها<br />
عاقة مع النهضة إمنا ليست قوية. النهضة مسيسة أكثر<br />
وليست بحركة جهادية خصوصا بعد الثورة.<br />
اآلن بعد احلرب ضد أفغانستان وما حصل في<br />
العراق من إسقاط لنظام صدام حسني وبعض فترة<br />
الربيع العربي، ميكن القول بأن احلركات اجلهادية<br />
قويت في كل مكان حتى في أوروبا وتغلغلت في صفوف<br />
الشباب وعديد الشرائح وصارت حركات مسلحة...<br />
احلركات اجلهادية ازدادت قوة بعد ما سمي بالربيع<br />
العربي أي الثورات التي أسقطت النظم الديكتاتورية<br />
التي كانت نظما متشددة على احلركات االسامية حفاظا<br />
على ذاتها وعلى وجودها.<br />
○ إضافة إلى موجة »الربيع العربي« التي ذكرتها،<br />
ماهي األسباب األخرى لتصاعد خطر هذه احلركات<br />
اجلهادية؟<br />
• ثمة أسباب عميقة قدمية ومن بينها أن قسما<br />
من املسلمني أو العرب صاروا يعتبرون أن اللجوء الى<br />
اإلسام املتشدد هو الوسيلة الوحيدة إليقاظ العالم<br />
اإلسامي ولتوحيده من جديد، ومن هنا انطلقت فكرة<br />
اخلافة. فهذه احلركات تسعى إلى تكوين قوة عاملية<br />
باإلمكانات الموجودة. ليس هناك خطر على تونس من اإلرهاب<br />
تضاهي القوة الغربية وهي أيضا حركات مضادة للغرب<br />
ألسباب متعددة منها االستعمار القدمي، مشكلة فلسطني،<br />
هيمنة العالم الغربي على االنظمة العربية وعلى<br />
اجملتمعات العربية اإلسامية، وتوغل األفكار الغربية..<br />
هناك نوع من الرجوع إلى االصول لهذا سميت باحلركات<br />
االصولية.<br />
كما أنه وعلى الرغم من دخول البلدان اإلسامية في<br />
احلداثة بقيت جماهيرها متشددة أو باألحرى متمسكة<br />
بالفهم املنغلق للدين. فبعد خروج اإلستعمار القدمي<br />
من البلدان العربية واإلسامية منذ منتصف القرن<br />
العشرين لم تتغلغل األفكار التحديثية كثيرا في البلدان<br />
العربية واإلسامية، وبقي املستوى الثقافي متدنيا ألننا<br />
عانينا قرونا من االبتعاد عما كل ما يجري في العالم. لم<br />
تنهض الدول العربية بكفاية وهذا له أسباب تاريخية<br />
تعود إلى القرن السابع عشر حني كان العالم اإلسامي<br />
في حالة ضعف.<br />
كما أن هناك بلدانا مثل السعودية، ورغم أن أنظمتها<br />
تقاوم التيارات اجلهادية خوفا من أن تطيح بها، إال أنها<br />
اعتمدت في البدء على اإلسام باعتباره القوة األساسية<br />
القادرة على النهوض بهذا العالم. كما أن عاملنا يشهد<br />
اتساعا كبيرا لرقعة الفقر لدى عديد الشرائح وهذه<br />
البيئة املهمشة تسمح أكثر بإنضمام الشباب للتيارات<br />
اجلهادية.<br />
○ ماهي األسباب التي جتعل القاعدة وداعش<br />
الجهاديون ليست لديهم أي معرفة<br />
باإلسالم ويفتقدون لروح الدين<br />
وأخواتها تستقطب العديد من الشباب؟ وهل في اعتقادكم<br />
أن هذه احلركات اجلهادية ميكن أن تعزز نفوذها في املنطقة<br />
مستقبال بسبب الوضع األمني املتردي؟<br />
• هناك تخوف كبير من احلركات اإلسامية مبالغ<br />
فيه نوعا ما. العالم اإلسامي في مخاض تاريخي طبيعي<br />
يعرف زلزاال داخليا قويا، هناك أزمة قوية في األنفس<br />
والواقع االجتماعي، والعالم اإلسامي منشطر وقسم<br />
منه متغرب، وهناك قلة متتلك زمام السلطة العلمية<br />
والفكرية واالقتصادية. لو نظرنا إلى التطور التاريخي<br />
في العالم سنرى أن هناك فترات، باخلصوص في العصر<br />
احلديث -تطرقت إليها في كتبي- تقع فيها أزمات قوية<br />
جدا، على غرار ما حصل في فرنسا في أواخر القرن<br />
الثامن عشر من ثورات وحروب دامت في أوروبا ألكثر<br />
من عشرين سنة. فالثورة الفرنسية لم تتوقف وبقيت<br />
قائمة في هذا البلد إلى حدود أواخر القرن التاسع<br />
عشر، وجدت باستمرار ثورات أطاحت بامللوك طوال<br />
القرن التاسع عشر، وعند وقوع احلرب العاملية األولى<br />
سنة 1914 لم تكن هناك جمهوريات في أوروبا املتقدمة<br />
صناعيا وعلميا باستثناء فرنسا. كانت امللوكيات قائمة<br />
الذات وحرب 1914 كانت مجزرة أطاحت بأوروبا كمركز<br />
للعالم، القارة العجوز تفجرت بعد حرب 1914 ومتت<br />
اإلطاحة باالمبراطوريات. وما يحصل اليوم في العالم<br />
العربي و اإلسامي هو نوع من االضطراب القوي لم<br />
تقم به الدول وإمنا قامت به اجملتمعات وعناصر باسم<br />
اإلسام وجدت في الدين شيئا ميكن االرتكاز عليه لذلك<br />
هي تستقطب الشباب.<br />
○ قلت أنه ال يجب اخلوف من احلركات اإلسالمية<br />
اجلهادية فكيف ذلك؟<br />
• في تونس مثا أرى أن اإلعام والساسة<br />
يرتعدون أمام هذه احلركات رغم أنها ضعيفة..<br />
○ لكن خطرها لم يكن قائما في عهد بن علي؟<br />
• ألن بن علي كان يقمعها قمعا شديدا وقمع كل<br />
الناس معها. وفي اجلزائر حصل أيضا قمع شديد لكن<br />
القوى اإلسامية كانت قوية.<br />
○ هل تتوقعون أن ينجح ما يسمى »داعش« أو<br />
الدولة اإلسالمية في التمدد في لبنان وسوريا ومناطق<br />
أخرى؟<br />
• داعش معطى جديد..املئات في سوريا يريدون<br />
اجلهاد..فالشباب في العالم العربي وحتى في إفريقيا<br />
يائس ومخترق من قبل صور خابة من الغرب ويعتقد<br />
أن الغرب هو اجلنة. هناك من يختار الهجرة إلى هذا<br />
الغرب، وقد مات الكثير من الشباب في املتوسط،<br />
وهناك من يختار اجلهاد واحلرب على الغرب. من<br />
ناحية أخرى، العالم العربي واإلسامي ضعيف ثقافيا،<br />
ولم تصل احلضارة إلى اجملتمعات اإلسامية باملعنى<br />
املادي واملعنوي إال ابتداء من 1900، فالعقول فارغة<br />
والنخب ال تفكر إال في العمل السياسي. أذكر وأنا في<br />
السادسة عشرة من عمري في عام 1950 كانت أحاديث<br />
العامة وحتى املثقفني تتركز على الطبقة احلاكمة وعائلة<br />
بورقيبة. هناك تراكم للفراغ الفكري وهؤالء اإلساميون<br />
اجلهاديون ليست لديهم أي معرفة بالدين وال بروحه.<br />
حينما نتكلم عن احلركات اإلسامية اجلهادية<br />
يجب أن نذكر أن العالم أصبح مرتبطا بقوة لم توجد<br />
أبدا في السابق، إذ تأتي األسلحة من كل جانب.. هناك<br />
أوروبيون يجاهدون في سوريا، العوملة ليست مسألة<br />
مالية واقتصادية فقط، بل هي حالة عامة توحد العالم.<br />
وهذا ما يفسر انتشار الساح واألفكار املتطرفة بقوة.<br />
○ هل تقترحون استراتيجية فكرية وثقافية للقضاء<br />
على اإلرهاب أو وقف متدده؟<br />
• ال..هذا األمر غير ممكن ألنه يتطلب مشروعا<br />
ثقافيا ال بد له من أن ميتد على كامل التراب اإلسامي<br />
والعربي ويأخذ وقتا طويا حوالي نصف قرن.. ال ميكن<br />
بني عشية وضحاها أن يغير املد الثقافي الواقع املوجود.<br />
وأخشى ما أخشاه أن تتمكن هذه القوى املتطرفة من<br />
السيطرة على األمور ألنها تتمدد.<br />
○ إذن ما السبيل للقضاء على اإلرهاب؟<br />
• ال ميكن القضاء عليه بشكل كلي، وفيما يخص<br />
تونس أعتقد ان احلل عسكري بالدرجة األولى فا بد<br />
من تقوية اجليش. اإلرهابيون في تونس هم تونسيون<br />
وهناك بعض اجلزائريني وخطرهم يكمن في احلدود<br />
فقط.<br />
○ لكن هناك خشية من أن ينتقلوا الى الداخل؟<br />
• باالمكانات املتوفرة في تونس ليس هناك خطر<br />
على البلد.<br />
○ لكن هناك خشية لدى البعض من أن تتحول ليبيا<br />
إلى وكر لإلرهاب ميكن أن ميتد إلى دول اجلوار؟<br />
• في ليبيا هناك مليشيات تقاتل بعضها البعض<br />
وليس لها مصالح في تونس. لذلك ال خوف من نقل<br />
العنف إلى بادنا.<br />
○ البعض يعتبر أن هناك جهات أجنبية تقف وراء<br />
صعود هذه التنظيمات إلحداث فوضى خالقة تؤدي إلى<br />
مزيد من التقسيم، ما رأيكم في هذا »الطرح«؟<br />
• ال اعتقد ذلك.. فهناك مركب اضطهاد لدى البعض<br />
مفاده أن أمريكا تسير األمور وهذا يعود إلى نقص في<br />
فهم السياسة اخلارجية االمريكية.<br />
صحيح أن العالم الغربي منصرف متاما إلى مساندة<br />
اسرائيل أكثر فأكثر ولكن فيما يخص الواليات املتحدة<br />
فقد تبني أن جهازها التنفيذي له دبلوماسية ضعيفة<br />
ومتململة ولم يكن قادرا على أي شيء في خصوص<br />
إسرائيل. ما لم يفهمه العرب واملسلون أن العالم الغربي<br />
متجه إلى اإلنحطاط.<br />
○ كيف ذلك؟<br />
• أوروبا اليوم غير قادرة على بلورة سياسة<br />
خارجية، غير قادرة على التأثير في تسيير أمورها.<br />
غير قادرة على التحرر من البنوك األمريكية. األزمة<br />
االقتصادية سنة 2008 كشفت إلى أي حد باتت معه<br />
البنوك االوروبية تابعة متاما ألمريكا، ولم يحصل هذا<br />
مع الصني وروسيا. عندما ذهب الفرنسيون بقيادة<br />
ساركوزي ومعهم بعض اإليطاليني والبريطانيني<br />
إلى ليبيا وقاموا مبا قاموا به لم يكونوا قادرين على<br />
التغلب على القذافي لوال األمريكان. بالطبع اإلنحطاط<br />
ال يحدث بني عشية وضحاها إمنا هو طويل األمد، لكن<br />
من الواضح أن أوروبا اآلن في حالة ضعف شديد ليس<br />
فقط من الناحية الدبلوماسية لكن أيضا من الناحية<br />
االقتصادية.<br />
إن ما حصل في اوكرانيا يقيم الدليل على وهن<br />
أوروبا، كما أظهرت واشنطن ضعفا أمام االرادة الروسية<br />
في تلك البقعة. كما أن روسيا انتصرت على أمريكا فيما<br />
يتعلق بامللف السوري.<br />
كثيرون يعتبرون أن دعم روسيا لنظام األسد<br />
يتعلق مبصاحلها في املنطقة لكن املسألة أبعد من ذلك<br />
بكثير. روسيا اليوم في حالة نهوض من جديد، وعندما<br />
سقط االحتاد السوفييتي عوض أن يشجعه الغربيون<br />
واألمريكان على النهوض أرادوا تدمير روسيا وحتويلها<br />
الى بلد متخلف. لكن هذا األمر لم يكن ليقبل به أبناء هذا<br />
البلد قادة وشعوبا ألن روسيا متتلك حضارة عظيمة،<br />
وعادت مع بوتني إلى سالف عهدها.<br />
لقد تعرض بوتني للغدر من الغربيني في خصوص<br />
ليبيا، لذلك فان روسيا التي تريد أن تسترجع نفسها<br />
كقوة عاملية، أرادت أن تعوض ما خسرته في ليبيا في<br />
سوريا، وعدم استشارتها في امللف االوكراني سيزيد من<br />
شراستها في امللف السوري. يجب ان يعي الغربيون ان<br />
روسيا في حالة صعود ولديها امكانيات كبيرة.<br />
○ في رأيكم ملاذا أخفقت الثورات في سوريا واليمن<br />
وليبيا؟<br />
• أخفقت اليوم، لكن ذلك ال يعني أنها لن تنجح في<br />
املستقبل. لقد زرعت بذورا للمستقبل.<br />
○ رغم احلروب األهلية وكل هذا الدمار هل هناك أمل<br />
في جناح »الربيع العربي«؟<br />
• من الصعب ان نتوقع ما سيحصل في املستقبل<br />
في سوريا والعراق. لكن رغم ذلك ال أعتقد أن داعش<br />
ستنجح في العراق، ولن تصل إلى تشكيل دولة تضم<br />
البلدين.<br />
○ في رأيكم هل الثورة التونسية تشكل استثناء؟ وهل<br />
هناك »ربيع عربي« حقيقي؟<br />
• نعم هناك ربيع عربي، أسميها ثورات أطاحت<br />
بالديكتاتوريات وهو طور ضروري وسيأتي طور ثان<br />
يخلق تطاحنات وأمورا من هذا القبيل. الثورة في تونس<br />
ليست استثناء لكن التونسيني بطبيعتهم ال مييلون<br />
الى العنف. لقد شهدت تونس »حربا أهلية كامية« بني<br />
اليسار والنهضة، بني احلداثيني والنهضة خوفا على<br />
منط احلياة، ورغم الصراع الذي جرى في تونس متكن<br />
ساسة هذا البلد من إصدار دستور توافقي ممتاز. ويبدو<br />
أن الترويكا، أو الثالوث »املكروه« قد تدربت على احلكم.<br />
○ كيف ترون املشهد الثقافي والفكري اليوم وما هو<br />
دور املثقف في إحداث نهضة فكرية في خضم األحداث<br />
التي تشهدها املنطقة؟<br />
• ليس لدينا مثقف مبعنى املفكر احلقيقي. وفي<br />
تونس صحيح أن لدينا ثقافة عامة لكن حتى االكادمييون<br />
لديهم عقلية املوظف. لكن انفتاح التونسيني على اخلارج<br />
وامتاك هؤالء األكادمييني لقدر معني من العلم جعلهم ال<br />
يستسيغون سياسة بن علي الغبية، كما وقع ارتفاع في<br />
مستوى الوعي من قبل جمهور واسع من التونسيني<br />
وهذا طور ضروري لتطور الباد.<br />
الذين قاموا بالثورة في تونس هم أناس غضبوا من<br />
سبل العيش في ظل ديكتاتورية غبية، أما الساسة الذين<br />
حكموا فيما بعد، على غرار املرزوقي وحركة النهضة،<br />
فإنهم لم يشاركوا في الثورة، ومن الواضح أن كل طرف<br />
من هؤالء حاول اجمليء بإيديولوجيته، على غرار حركة<br />
النهضة التي أرادت فرضها لكنها فشلت وأدركت أنه<br />
يستحيل عليها القيام بذلك.<br />
○ إلى أين تسير األمور في مصر؟<br />
• السيسي يسير على منوذج بينوشيه، فهو يريد<br />
السلطة ال أكثر وال أقل، وانتخاب املصريني لإلخوان<br />
املسلمني في البداية يعد أيضا خطأ وقلة إدراك.<br />
○ هل تعتقد أن اإلخوان في مصر يحصدون اليوم<br />
نتيجة فشلهم في احلكم؟<br />
• هم حكموا مدة قصيرة جدا، لكن لم يقع تغيير<br />
مثلما يريد الشعب. هم أصا لم يشاركوا في الثورة<br />
املصرية.<br />
○ في اعتقادكم هل ما تزال الشعوب العربية ملتزمة<br />
بقضيتها األم..فلسطني؟<br />
• على االطاق..لم تعد الشعوب العربية مهتمة<br />
بالقضية األم. وعلى الفلسطينيني أن يحلوا أمورهم<br />
مبفردهم. في غزة هم شبه أموات واليوم هناك كارثة<br />
إنسانية، وأعتقد، شخصيا أن ما قامت به حماس في<br />
عملها املقاوم هو أمر جيد.<br />
○ هل هناك معادلة جديدة في األفق؟<br />
• ال لم يتغير شيء واملعادلة ستبقى على حالها<br />
إال إذا قام الفلسطينيون كلهم وليس فقط غزة، بحرب<br />
حقيقية. حتى اآلن لم تقم حرب حقيقية، رمبا بسبب<br />
نقص الساح ألن الشعوب العربية لم تساعدهم. على<br />
الشعب الفلسطيني أن يخوض حربا حقيقية ويصيب<br />
عدوه باخلوف ويقتل الكثير من عناصره لكي تتغير<br />
املعادلة.<br />
○ لو حتدثنا عن آخر اجنازاتكم الفكرية وهل أثر<br />
تفرغكم إلدارة بيت احلكمة على إنتاجكم؟<br />
• أنا أحلم برفع املستوى الفكري والثقافي والعلمي<br />
على املدى الطويل من خال بيت احلكمة. لكن عملي في<br />
هذا الصرح العلمي أثر على مستوى إنتاجي الفكري، لقد<br />
كنت أشتهي كتابة منتوج فلسفي فكري لكن لم يسمح لي<br />
الوقت بذلك.<br />
النهضة فهمت أنه من غير الممكن<br />
فرض ايديولوجيتها على التونسيين
Volume 26 - Issue 7839 Sunday 17 August 2014<br />
19 18<br />
السنة السادسة والعشرون العدد 7839 االحد 17 آب )أغسطس( 2014 21 شوال 1435ه<br />
كتب<br />
كتب<br />
الحضارة اإلنسانية وتراث نصّ<br />
الشعر العربي<br />
في ظني أن األدب العربي ينتمي إلى مجموعة<br />
اآلداب القدمية: اليونانية والاتينية بل واملصرية<br />
القدمية والصينية والهندية. وأعني باألدب العربي هذا<br />
التراث األدبي الذي حفظه لنا الرواة واملؤلفون وأبدعه<br />
اللسان العربي بني القرنني اخلامس والثالث عشر<br />
املياديني. وقد حتلّ هذه النظرة كثيراً من املشكات،<br />
فعلى الذين يهاجمون النظم في الشعر العربي أن يذكروا<br />
هزيود وكتابه »األعمال واأليام« الذي هو مفكرة راعٍ<br />
أليام احلرث والبذار، وعلى الذين يشجبون ألفية بن<br />
مالك أن يذكروا أن اليونان كانوا ينظمون معظم معارفهم<br />
شعراً حتى اجلغرافيا والفلك، ألن النثر لم يكن قد استقل<br />
بعد بعامله ومامحه الفنية. وليذكروا هوراس وكتابه<br />
»فن الشعر« في الباغة. وعلى الذين ينعون على األدب<br />
العربي افتقاده فن الرواية احلديثة أن يذكروا انها لم<br />
تنشأ إال في القرن الثامن عشر. إن األدب العربي إذن هو<br />
أحد اآلداب الكاسيكية الكبرى، فيه طابعها وله عاملها،<br />
رائد<br />
شعرية التفاصيل<br />
في أواخر خمسينيات القرن املاضي، لم يكن مألوفاً أن تشهد البالغة العربية نصّ اً شعرياً يهبط باللغة<br />
إلى مستويات »عامية« و«يومية«، مثل هذه: »يا صاحبي، إني حزين/ طلعَ الصباحُ ، فما ابتسمتُ ، ولم<br />
يُ نر وجهي الصباح/ وخرجتُ من جوف املدينة أطلب الرزق املتاح/ وغمستُ في ماء القناعة خبزَ أيامي<br />
الكَ فاف/ ورجعتُ بعد الظهر في جيبي قروشْ / فشربت شاياً في الطريق/ ورتقت نعلي«.<br />
ولسوف مترّ عقود قبل أن يستقرّ في الذائقة العربية أنّ صاحب هذا النصّ ، الشاعر املصري الراحل<br />
صالح عبد الصبور )1931 1981( كان يستكشف سمة جمالية سوف تصبح امتيازاً لكثير من جتارب<br />
الشعر العربي الالحقة، الشابة بصفة خاصة، في شكل قصيدة النثر حتديداً ؛ أي: شعرية التفاصيل،<br />
ملتقَ طة ضمن لغة الهوامش واحلياة اليومية.<br />
واحلال أنّ عبد الصبّ ور لم يكن شاعراً رائداً في الشكل الذي سيحمل تسمية »الشعر احلرّ «، أو »شعر<br />
التفعيلة«، على نطاق مصر وحدها؛ بل كان، أيضاً ، طاقة جتريب خالقة وحيوية ترفد املشهد الشعري<br />
العربي باسره، إلى جانب جتارب بدر شاكر السياب، نازك املالئكة، نزار قباني، خليل حاوي، وسواهم.<br />
ولقد بدأ دوره يتضح على امتداد مجموعاته الشعرية، ابتداءً من »الناس في بالدي«، 1957؛ »أقول لكم«،<br />
1961؛ »تأمالت في زمن جريح«، 1970؛ »أحالم الفارس القدمي«، 1964؛ »شجر الليل«، 1973؛ و«اإلبحار في<br />
الذاكرة«، 1977.<br />
وهو يقف بينها معتزاً بأصالته ووجوده وإسهامه احلي<br />
في تطوير التجربة األدبية في العالم. وهنا ال نظلمه وال<br />
نحابيه، ال نظلمه حني نحاول أن نطبق عليه قواعدنا<br />
احلديثة، وال نحابيه حني نحاول بالزيف أن نتلمس فيه<br />
ما لم يعرف، وما لم يكن من شواغله، وحني ندافع عن<br />
سماته متوهمني أنها عيوب، وما هي إال سمات كل أدب<br />
عرفته الدنيا قبل عصر النهضة.<br />
لقد تغير العالم كثيراً منذ عصر النهضة. فتميز<br />
الشعر عن النثر، واستقل النثر بعامله، ووجد نقاد جدد<br />
غير أرسطو الذي عاشت عليه احلضارات اليونانية<br />
والرومانية والعربية، ووجدت فنون محدثة كالقصة<br />
القصيرة والرواية، وطولب الشاعر أن يكون كل ما<br />
يقوله شعراً . ومرت أوروبا بعصر التنوير )القرن<br />
الثامن عشر( وعصر الرومانتيكية )القرن التاسع عشر(<br />
وعصر االضطراب في القرن العشرين، وتغيرت صورة<br />
األدب تغيراً حاداً جذرياً ، وأعيد النظر في التراث األدبي<br />
كذلك متثّ ل إسهامه التجديدي في ميدان آخر خاصّ ، هو املسرحية الشعرية، وفي ذلك قال: »لو كنت<br />
رأيت القضية كما يراها بعض النقاد الذين يزعمون أن الشعر ال مبرر له على املسرح، وأن املسرح الشعري<br />
بقية متحجرة من عهد قدمي، ملا فكرت في كتابة املسرح الشعري. ولكني لم أكن أرى املوضوع من هذه<br />
الزاوية، بل لعلي أيضاً لم أكن أتوسط فيه أو أهادن، فقد كنت أرى أن الشعر هو صاحب احلق الوحيد في<br />
املسرح. وكنت أرى املسرح النثري، وبخاصة حني تهبط أفكاره ولغته، انحرافاً في املسرح«. وقد كتب عبد<br />
الصبور خمس مسرحيات شعرية: »مأساة احلالج«، 1964؛ »مسافر ليل«، 1968؛ »األميرة تنتظر«، 1969؛<br />
و«ليلى واجملنون«، 1971؛ و«بعد أن ميوت امللك«، 1975.<br />
وفي 13 آب )أغسطس(، ولكن قبل 33 سنة، أودت نوبة قلبية حادة بحياة شاعر كان يعد بالكثير؛<br />
ليس في احلياة الثقافية املصرية والعربية، وعلى صعيد التجريب اإلبداعي في املسرح والقصيدة، فحسب؛<br />
بل في تلك املناطق احليوية التي تخصّ تطوير اليوميّ واحملسوس والهامشي في اللغة الشعرية، ونقل<br />
البالغة العربية إلى ميادين ثرّ ة ومتجددة، حتى حني تتناول... كوب الشاي ورتق النعل!<br />
كله، بل وأمتد هذا التغير إلى كل الفنون بشكل عام،<br />
مثل فنون التصوير واملسرح، ونشأت فنون جديدة<br />
كالسينما. واتسعت أبعاد التجربة اإلنسانية، واكتُ شف<br />
اإلنسان اكتشافاً جديداً . وباختصار نشأت ومنت<br />
حضارة جديدة تختلف عن احلضارات القدمية كلها،<br />
طابعاً ، وأسلوباً ، ونظراً لألمور.<br />
ومن احلق أن هذه احلضارة احلديثة كان موطن<br />
نشوئها غرب أوروبا، ولكنها اآلن متتد على مدى العالم<br />
كله من أقاصي سيبيريا إلى مضيق أالسكا. فهي ليست<br />
حضارة غرب أوروبا، ولكنها حضارة العالم احلديث،<br />
التي حتاول من خال اضطرابها بني اآلراء واألفكار<br />
أن تهتدي إلى فلسفة جديدة نستطيع أن نسميها<br />
»اإلنسانية اجلديدة« متييزاً لها عن النزعة اإلنسانية<br />
في القرن الثامن عشر. وكما أن احلضارة احلديثة ملك<br />
لإلنسان، في أي من مواطنه، يستطيع أن ينهل من نبع<br />
هذه احلضارة، فكذلك شأن األدب والفن )...(.<br />
صالح عبد الصبور<br />
ولقد استرحت في أمر الشعر العربي إلى نوع من<br />
اليقني حني قرأته، فأحببت ما أحببت وكرهت ما كرهت،<br />
وتخيرت تراثي اخلاص منه، واختلط تراثي اخلاص<br />
منه بتراثي اخلاص من كل شعر قرأته بدءاً من كتاب<br />
املوتى واإللياذة، ونهاية بآخر ما قرأت. ولم يكن دليلي<br />
إلى تخير تراثي اخلاص هو قيمة هذا الشعر في لغته،<br />
أو تعبيره عن عصره، ولكن قيمته في أي لغة، وتعبيره<br />
عن اإلنسان.<br />
ليس التراث تركة جامدة، ولكنه حياة متجددة.<br />
واملاضي ال يحيا إال في احلاضر، وكل قصيدة ال تستطيع<br />
أن متدّ عمرها إلى املستقبل ال تستحق أن تكون تراثاً .<br />
ولكل شاعر أن يتخير تراثه كما يشاء.<br />
٭ فقرات من سلسلة مقاالت بعنوان »حياتي في<br />
الشعر«، جُ معت ونُ شرت ضمن أعمال عبد الصبور الكاملة،<br />
دار العودة، بيروت 1977.<br />
د.حسين مجدوبي<br />
صدر هذا الكتاب منذ شهرين في فرنسا<br />
عن جريدة لوموند ومجلة »الفي«، وهو<br />
األول من سلسلة جديدة تعالج إشكاليات<br />
العالم، حيث يحاول، عبر مقاالت وحوارات<br />
وبيانات ووثائق تاريخية، تقدمي أجوبة على<br />
التطورات والتغيرات التي يعيشها الغرب في<br />
الوقت الراهن، وما ينتظره من حتديات كبرى<br />
في ظل صعود قوى كبرى تهدد هيمنته على<br />
العالم.<br />
ويختلف املفكرون في تقييم ما يفترض<br />
أنه انهيار تدريجي للحضارة الغربية، والتي<br />
تعني في األساس عدم استمرار ريادتها للعالم<br />
كما فعلت منذ ما يصطلح عليه »اإلكتشافات<br />
الكبرى«، بني من يتحدث عن فقدان الغرب<br />
الريادة بشكل سريع وبني من يؤمن بإنهيار<br />
الريادة احلضارية على املدى البعيد، بحكم<br />
أن تاريخ احلضارات ميتد لقرون وال ميكن<br />
احتسابه بعقود.<br />
وفي »تاريخ الغرب: انهيار أم حتول؟«،<br />
يحاول مجموعة من الباحثني األكادمييني<br />
والصحافيني اخلبراء، حتت إشراف جان<br />
بيير دونيس وديديي بوركيري، معاجلة<br />
السؤال إنطاقا من عمق التاريخ الى الوقت<br />
الراهن. ويؤكد املشرفون على هذا العمل<br />
السياسي- الفكري أنه يتميز بتعاون بني<br />
صحافيني خبراء يعايشون األحداث الدولية<br />
بكثافة، ومفكرين وفاسفة يضفون البعد<br />
األكادميي والفكري على هذه األحداث. ومن<br />
األسماء املساهمة مثقفني كبار منهم عرب مثل<br />
اللبناني جورج قرم، ومن فرنسا جاك أتالي،<br />
ومن إيران الفيلسوف داريوش شايغان، ومن<br />
الكاميرون أشيل مبيمب، واألمريكي إدموند<br />
فيلبس.<br />
ومن التحديات التي واجهها مؤلفو<br />
الكتاب ربط املاضي باحلاضر واستشراف<br />
املستقبل والتعاطي مع الغرب مبثابة وحدة أم<br />
وحدات، السيما في ظل تناسل الدراسات التي<br />
تتعلق بانهيار دول معينة مثل فرنسا وتقدم<br />
أخرى مثل املانيا ومحافظة الواليات املتحدة<br />
على مكانتها رغم التحديات الكبرى.<br />
الكتاب ينطلق من اإلمبراطورية<br />
الرومانية التي يعتبرها بعض املؤرخني<br />
النواة احلقيقية لتأسيس الغرب وينتقل الى<br />
العصور الوسطى التي هيمنت فيها الكنيسة<br />
واإلكتشافات اجلغرافية والنهضة األوروبية<br />
وعصر األنوار وبداية اإلستعمار األوروبي<br />
للعالم والثورة العلمية- الصناعية لينتهي<br />
باحملطات الكبرى في القرن العشرين، وهي<br />
احلرب الباردة ومحاولة تصدير القيم الكونية<br />
من حقوق اإلنسان والدميقراطية في فضاءات<br />
العوملة مع العقود األولى للقرن الواحد<br />
والعشرين، والتحدي الكبير لظاهرة اإلرهاب<br />
املرتبطة باإلسام.<br />
وقدم للكتاب/اجمللة املفكر اللبناني<br />
جورج قرم الذي يعتبر من أكبر دارسي الغرب<br />
في العالم العربي وصاحب الكتاب املتميز<br />
»شرق وغرب: الشرخ االسطوري«، معتبرا<br />
أن »هوية الغرب جرى تضخيمها من خال<br />
»تاريخ الغرب: انهيار أم تحول؟«<br />
إجابات متباينة حول إشكالية حضارية وسياسية<br />
تعسف علمي على ربط أحداث وقعت في حقب<br />
متباعدة تاريخيا وجغرافيا من أجل إنشاء<br />
ميغا هوية في مواجهة اآلخر الذي هو املسلم<br />
والعربي والهندي والفارسي و...«.<br />
ويتطرق الكتاب الى ما يصفه »انتحار<br />
الغرب« بسبب احلرب العاملية األولى واحلرب<br />
العاملية الثانية التي هي استمرار للحروب<br />
املتعددة أو الثنائية التي كانت تعيشها<br />
أوروبا. حيث يؤكد املؤرخ جورج هنري<br />
سوتو أن »هذه احلروب كانت فشا ألوروبا<br />
وليس الغرب«، وكيف عملت الواليات املتحدة<br />
على إنقاذ منظومة الغرب من خال تدخلها<br />
في احلرب وإقامة »احللف األطلسي« الذي<br />
كان جدد مفهوم الغرب ولكن هذه املرة في<br />
مواجهة القيم الشيوعية. وال يتردد الكتاب<br />
في مقاالته واحلوارات التي يقدمها عن إبراز<br />
ثنائية التناقض الكبيرة التي يجسدها الغرب<br />
تاريخيا، فالغرب هو مصدر التطور واحلداثة<br />
وحقوق اإلنسان من خال الثورات السياسية<br />
الكبرى مثل الثورة الفرنسية والثورة<br />
األمريكية، ولكنه في الوقت ذاته أرسى نظام<br />
العبودية عامليا من خال منظومة الرواج<br />
الثاثي وأرسى طرائق استغال الشعوب<br />
األخرى من خال إقامة نظام كولونيالي<br />
عاملي حتت ذريعة املساهمة في نقل احلضارة<br />
الغربية »للعالم غير املتحضر«. ويكتب املفكر<br />
التونسي مالك شبل حول هذا التناقض:<br />
»مختبرات الغرب تبحث علميا ملواجهة<br />
األمراض ولكن هذه األدوية ال تصل الى العالم<br />
الفقير«، مبرزا هيمنة املنفعة املالية على القيم<br />
اإلنسانية في الغرب في مثل هذه احلالة.<br />
ويبحث الغرب عن تناقضات لهويته<br />
لضمان استمراره، وهنا يقدم الكتاب ثنائية<br />
الغرب واآلخر التي يتجلى أبرز مظاهرها<br />
في »االستشراق« أو »الغرب والشرق«،<br />
حيث يحضر العالم العربي واإلسامي<br />
ويستمر حضوره حاليا عبر قضايا سلبية<br />
مثل اإلرهاب املنسوب لإلسام الذي يحابي<br />
مفكرين متطرفني في الغرب. وهذا األمر يتعلق<br />
بالقيم، ولكن أتالي يؤكد أن »القيم الغربية<br />
ليست غربية محضة بل حملتها ثقافات أخرى<br />
من دميقراطية وحرية فردية وجند ذلك مع<br />
الفيلسوف ابن سينا الذي كان غربيا في<br />
تفكيره قبل ظهور مفهوم الغرب«.<br />
ويطرح الكتاب مستقبل الغرب، ويلجأ<br />
الى املفكر الذي يوصف ب »رسول إنهيار<br />
الغرب« األملاني أزفالد شبينغلر صاحب<br />
كتاب »انهيار الغرب« الصادر في بداية القرن<br />
العشرين، معتمدا على ما يسمى »النظرية<br />
الدائرية للحضارة« وهي صعود وسقوط<br />
حضارة مهما بلغت من القوة واألوج. ويؤكد<br />
جيلبير ميرليو من جامعة سوربون أن الكتاب<br />
يجد اآلن إقباال ألن اجلميع يتحدث عن انهيار<br />
الغرب وصعود قوى أخرى.<br />
وبعيدا عن النظريات، يتحدث الكتاب<br />
عن مخاطر فقدان الغرب الريادة، انطاقا من<br />
معطيات وأرقام التجارة الدولية واإلنتاج<br />
الصناعي ونوعية وعدد االختراعات املسجلة<br />
وإرتفاع نسبة السياح والتأثير الدولي<br />
املتنامي وصابة الطبقة املتوسطة املتنامية.<br />
وتنتهي املقاالت الى وجود تهديد حقيقي<br />
صادر عن منطقة الشرق مثل الصني أو دول<br />
مثل روسيا أو تكتات مثل دول »بريكس«،<br />
وهي الصني والهند وجنوب إفريقيا<br />
والبرازيل وروسيا، لهيمنة الغرب على<br />
العالم. وتتحدث التحاليل االستراتيجية عن<br />
نظام اقتصاد عاملي جديد يوزع مواقع القوة<br />
اجليوستراتيجية.<br />
ورغم أن الغرب يعاني من إيقاعني،<br />
إيقاع الواليات املتحدة التي حتافظ على<br />
قدراتها الصناعية والعسكرية مقابل تراجع<br />
أوروبا التي بدأت تعاني من عودة شبح<br />
اإلنقسامات واإلنفصال والقوى املتطرفة<br />
التي تهدد وحدتها، يرى باحثون أن الغرب<br />
يعمل على ضمان استمرار تفوقه العسكري<br />
واالقتصادي. وعن اجلانب العسكري،<br />
يكتب املفكر االستراتيجي جان سيلفستير<br />
مونغرونيي: »احللف األطلسي يريد استمرار<br />
مراقبة العالم«. ويؤكد أن األوروبيني يرغبون<br />
في حلف أطلسي يقوم على قيم تاريخية<br />
لإلرث احلضاري الغربي وعلى توسيع<br />
وحتديث احللف بدخول أعضاء جدد مختلفني<br />
كما جرى مع تركيا.<br />
ومن جانبه، يؤكد كبير غاتينوا، وهو<br />
صحافي متخصص في االقتصاد من جريدة<br />
»لوموند« »أن الغرب وفي صمت تام عمل<br />
على التفاوض حول السوق األطلسية طيلة<br />
25 سنة قبل الكشف عنها مؤخرا لتكون أكبر<br />
سوق عاملية ستجعل الواجهة األطلسية<br />
تستمر اقتصاديا مهما يقال عن انتقال العالم<br />
الى واجهة الباسفيك«.<br />
وتبقى اخلاصة الرئيسية هي استحالة<br />
استمرار هيمنة الغرب في ريادة العالم<br />
وحيدا، وصعوبة قيام كتلة أخرى بتعويضه<br />
مستقبا بشكل تام، ألن الثقافات أصبحت<br />
منفتحة ومتمازجة وليست منغلقة مثل<br />
القرون املاضية التي بلور فيها الغرب قوته<br />
وصعوده احلضاري. فالعالم يشهد تكتات<br />
وطموحات ستصب ال محالة في نظام عاملي<br />
متوازن آخذ في التبلور وسيتطلب عقودا.<br />
L’Histoire de l’Occident - Déclin<br />
ou métamorphose<br />
Hors-série Le Monde - La Vie,<br />
collection Histoire<br />
Juin 2014. 188 pages.
ّ<br />
كتب<br />
Volume 26 - Issue 7839 Sunday 17 August 2014<br />
21 20<br />
السنة السادسة والعشرون العدد 7839 االحد 17 آب )أغسطس( 2014 21 شوال 1435ه<br />
ذاكرة<br />
عبد اللطيف الوراري ٭<br />
إدريس امللياني واحدٌ من أهمّ روّ اد القصيدة<br />
املغربية احلديثة، ومتتد جتربته ألكثر من أربعة عقود<br />
لم يكفّ عن تطويرها باستمرار. منذ الستينيّ ات وهو<br />
هنا، عينه على اجلمال، وفي طرف لسانه قصيدة على<br />
األهبة والسعة. وهو شاعر مغربي بحقّ ، وذلك ألنّ ك<br />
جتد في شعره مالمح وأيقونات وروائح من املكان<br />
املغربي، واألسطورة املغربية، والطبع املغربي السمح؛<br />
من غير أن يعني ذلك أنّ ه أسير رؤية »هوياتيّ ة« مغلقة،<br />
فالشاعر منفتح ومتسامح، ومُ طّ لع على ما يكتبه اآلخر<br />
الشعري، ومتفاعل مع أحداث عصره، بال مطلق وال<br />
متعاليات.<br />
وإذا وقفنا على ما مييّ ز جتربة إدريس امللياني،<br />
من حيث املضمون، فإنّ ه انتقل، تدريجيّ اً ، من االلتزام<br />
السياسي واالجتماعي املباشر الذي ارتبط بتجربته<br />
احلزبية واإليديولوجية، إلى االلتزام اإلنساني الذي<br />
تغدو معه ذات الشاعر بوعيها الفردي اجلمعي معبراً<br />
لقول احلقيقة والصدع بها. وفي هذا الصدد، لم يكن<br />
تطوير املعنى الشعري عنده يتمُّ خارجاً ، أو يشفُّ<br />
عن سيرورته لوال هذا االنشغال نفسه الذي يتمُّ على<br />
صعد أسطرة الذات واللغة والبناء النصي، فضالً عمّ ا<br />
نالحظه من اهتمامٍ عالٍ باإليقاع الشعري وبنائه قلّ ما<br />
جنده عند مجايليه، أو من جاء بعده ليس في الشعر<br />
املغربي فحسب، بل في خارطة الشعر العربي احلديث<br />
برمّ تها.<br />
في ديوانه »نشيد السمندل«، يُ طلق الشاعر هذا<br />
الوعي اإلنساني العارم، العابر للتاريخ واملشّ اء بني<br />
تفاصيل احلياة واختالطاتها اليومية، وفي نفسه<br />
»عقدة إيقاعيّ ة« بطعم الصعق. وقد أفصح عن هذا<br />
الوعي الكتابي تعدُّ د األصوات الذي انتظم من مجموع<br />
املكونات اللسانية واألسلوبية والثقافية اخملتلفة الذي<br />
دمجها الشاعر في بنية العمل بحساسية النسّ اج،<br />
فبدت البنية حواريّ ةً ، مفتوحةً ومتوتّ رة في جدلية<br />
الذات واآلخر. ومثل هذا الوعي ال يتأتّ ى إال لشاعرٍ<br />
قارئ جيّ د للشعر العاملي، وبصيرٍ بأفانينه وجماليّ اته<br />
وينابيع قاعه، ال يكتب القصيدة إال إذا جمع أطرافها<br />
من التاريخ وعكسها في مرآة الوعي.<br />
فمن جهة أولى، ينفتح الشاعر على مُ دوّ نة الشعر<br />
العربي القدمي والوسيط )املمزَّ ق العبدي، النابغة<br />
الذبياني، عمرو بن براقة الهمداني، ابن جاندار، ابن<br />
فركون، حنا األسعد(، أو احلديث )محمود درويش،<br />
محمد بنعمارة، محمد علي شمس الدين(؛ وعلى<br />
املرجع الثقافي الروسي )األيقونة الفالدمييرية،<br />
الشمس احلمراء، بيريوزْ كا، سْ فيتْ النا، سيبيري التاج،<br />
أوكا(؛ مثلما ينهل من متثيالت أسطورة املوت والبعث<br />
والتجدُّ د واخلصب )عشتار، أورفيوس، إيلِ يّ ا، بعل(؛<br />
ويُ حيل على القرآن الكرمي ونصوص احلديث النبوي<br />
والكتاب املقدس، وينثر سجلّ اتٍ من اليومي املغربي<br />
املعاصر ومعمعته شَ ذْ راً وسُ خْ راً ، من جهة أخرى؛ وذلك<br />
تبئيراً لقناع )السمندل( الذي يتّ خذه رمزاً اِ ستعاريّ اً<br />
في بنية العمل، ويرتفع به إلى مستوى أسطرته بسبب<br />
ما تعانيه الذات وتُ كابده بحكمة اخلسارات. وهو<br />
هيالري كلينتون<br />
ما يضعنا في مواجهة بنية كتابيّ ة ممتدّ ة في الزمن،<br />
تخترقها ملفوظات، وحوارات، واستشهادات، وصور<br />
»نشيد السمندل« للشاعر المغربي إدريس الملياني<br />
هوية مفتوحة على تجليات التاريخ واألسطورة<br />
ومتثيالتٌ ، وأقنعةٌ ، وأمكنة، ووقائع من التاريخ القدمي<br />
واحلديث، وأمناط من صراع الوعي والرؤية لدى<br />
الذات. إنّ التناص، هنا، ال يعني املزج بني وعيني أو<br />
لغتني في ملفوظ واحد، بل يصير أخدوداً يحفر مجراه<br />
في وعي النص والوعيه معاً ، ويوجّ ه قراءته ويتحكم<br />
في إنتاج القدرة على التدليل؛ وبالتالي، يصير طريقةً<br />
إلدراك العمل وتأويله، إذ أنّ امللفوظات داخله ال تكون<br />
دالة باعتبار عالقات خطابها املرجعية اخلارج -<br />
نصية، وإمنا باعتبار عالقات نصية داخلية.<br />
لقد أشار الشاعر إلى جُ ماع ذلك، ودلّ ل عليه تدليالً ،<br />
وهو يعنون عمله ب«نشيد السمندل«. وقد يوحي<br />
العنوان بالغنائية، إلّ ا أنها غنائية مركّ بة؛ فاألنا الغنائي<br />
فيها يتلبّ س بذواتٍ أخرى، ويفجّ ر أفانني الرمز والقناع<br />
واحلوار والتبئير الداخلي، ويستدعي التاريخ والتراث<br />
الثقافي في تنويعاته؛ وهو ما نرى فيه بلورةً لصوته<br />
اإلنشادي وجتربته الداخلية بكلّ ما تفضّ عنه من<br />
روح قلقة في التعبير عن موقفها من العالم والنظر إليه:<br />
اشتغال الغنائيّ ة أكثر من وظيفتها ال يتحدّ د إلّ ا داخل<br />
خطابها املفرد ودالليّ ته اخلاصة.<br />
مستعيداً الصيغة النيتشوية، يُ دشّ ن الشاعر العمل<br />
بقصيدة »هكذا تكلّ م املمزَّ ق العبدي«، التي فيها نلمح<br />
عبورات مؤملة لزمنٍ اِ نتقاليٍّ ، سياسي وثقافي، يطوي<br />
صفحةً ليفتح أخرى أكثر إيالماً وشعوراً باخليبة<br />
واخلذالن، وقد »كُ تبت بالدمع والدم واملنون« )ص12(؛<br />
ولهذا نعته ب«الزمن السيافيّ اخلؤون« الذي أطلق<br />
جموع صغار املستبدّ ين وقراصنة اجلمال والضوء،<br />
ونبذ قيم الوفاء والتضحية والنضال؛ فيندب الفارس<br />
ووالداته الشائهة، ويرسم صورةً مفارقةً عنه.<br />
لن يكون هذا الفارس- املمزَّ ق إال الشاعر وجيله<br />
ورفاقه من »إخوان كهف« الذين اعتزلوا مببادئهم<br />
الناس ممّ ن باعوا أرواحهم للشيطان، وخلدوا إلى<br />
الصمت فماتوا حزناً على أحالمهم اجملهضة وبريدهم<br />
الذي لم يصِ لْ هُ مْ ، وجرّ تِ هم التي انكسرت هباءً من »روع<br />
البالد«، بدءاً من فاس العاملة التي سيقت بالشكيمة،<br />
مروراً مبدنٍ وأضرحةٍ وشبه منازل لم تبع إلّ ا الوهم،<br />
إلى بيروت التي تعوي على حافّ ة املوت. وفي مقابل<br />
»األيقونة الفالدمييرية« )ص33( التي جمعت الروس<br />
حولها، و«العرس األوملبي« )ص107( الذي غنّ ت<br />
فيه الصني وأبهرت العالم، لم يجد الشاعر من الزمن<br />
العربي األخرق إال »متالشيات« في كلّ مكان )ص87(.<br />
لقد استعار الشاعر قناع املمزّ ق العبدي لإليحاء<br />
مبعاني التجربة املريرة التي كابدها فرديّ اً وتكبّ دها<br />
جمعيّ اً ، وهي ال تتوقّ ف عند نصّ هذه القصيدة، بل<br />
تتجاوزه لتشعّ في العمل ككلّ . فالقناع اخلاص الذي<br />
تُ قدّ مه القصيدة يعبّ ر عن التفاعل بني أنا الشاعر<br />
والشخصية التي يرتدي قناعها باعتبارها أناه اآلخر<br />
الذي يقوم بعملية امتصاص جوهره جدليّ اً ، ويُ فجّ ر<br />
دالالت جتربتها األكثر معنى وإيحاءً وامتداداً من تلك<br />
التجربة األصل.<br />
وفي هذا السياق، ومن أجل تكثيف القناع<br />
واالرتفاع مبستواه إلى مصافّ الرمز واألسطورة،<br />
يستدعي الشاعر طائر السمندل، وهو ناريّ ينبعث<br />
من رماده شبيهاً بطائر العنقاء أو الفينيق، فيدمجه في<br />
لعبة التقنُّ ع بآلية اشتغال كثيفة لكنّ ها ال تستحيل إلى<br />
التجريد، وهو يجعل البؤرة الداللية للتجربة تأخذ بعداً<br />
دراميّ اً يصبغ تكوينات اللغة بصبغته، ويكمّ ل نتوءات<br />
القناع ويزيد عليه: »هل أنا حقّ اً / كما زعموا/ غريبَ<br />
الوجه واليد واللّ سانِ / أموتُ ثُ مّ أقومُ / كالعنقاءِ /<br />
مفترشاً وملتحفاً رمادي/ مستجيراً بي/ من<br />
الرمضاءِ / أنهضُ طائراً / حُ رّ اً / طليقاً / كالقطا، وأشبُّ<br />
ناراً / في سمائي/ ليس لي غيري/ رفيقاً / أنتمي لي/<br />
وحيداً ، كالسَّ مَ نْ دَ لِ / في انطفائي/ واتّ قادي«. )ص61(<br />
في شعور األنا بغربته التي تتصادى مع غربة<br />
املتنبي في شعب بوان، أو شعوره باالقتالع والنبذ<br />
والالانتماء بعدما انفضّ اجلميع عنه، ممّ ن باعوا<br />
الذكرى واستأثروا باإلرث، يصير احتراق السمندل<br />
إراديّ اً ال رجعة عنه، إذ موته فعل تطهير وواجب<br />
تضحية ال تضع حدّ اً لوجود الفرد إال لتعبر به من<br />
وجود إلى وجود آخر مفارق ومختلف في كلّ يته عما<br />
ألفه آنفاً ، وأكثر حبّ اً وإشراقاً من يومه. فالشاعر، إذن،<br />
يتلبّ س بأسطورة هذا الطائر الذي يحترق بإرادته ألجل<br />
أن يولد من رماده، راسماً حلنينه إليه شارة نصر-<br />
أيقونيّ اً . إنّ السمندل، هنا، يرمز إلى األمل، وناره إلى<br />
أتون احلقيقة املُ طهِّ ر. في قصيدة »طائر النار« يحاور<br />
محمود درويش مُ ستهلّ اً بعبارته الشعرية الدالّ ة: »لقد<br />
متُّ مبا فيه الكفاية«، مومئاً إلى أنّ درويشاً »أورفْ وَ يّ<br />
الغِ ناء« لم ميُ تْ ، وأنّ صخرة أمله الشخصي واألوزار<br />
اجلمعيّ ة لم تُ عْ مِ ه عن »ضياء األمل. وفي »سونيتة إلى<br />
احلريز العزيز«، يحاور الشاعر املغربي محمد بنعمارة<br />
من خالل كلماته الساطعة التي أودعها في »مملكة<br />
الروح«، فيتّ خذ من احملاورة سانحةً إلعادة كتابة تلك<br />
الكلمات من جديد بعدما انكشفت احلقيقة وارتفع<br />
احلجاب.<br />
لقد ترافقت جتربة العمل الشعري، وطريقة تدبيره<br />
آليّ ات التناصّ فيه، مع التحوُّ ل الذي عرفته جتربة<br />
إدريس امللياني الشعرية، على األقلّ منذ ديوانيه<br />
»زهرة الثلج« )1998( و«مغارة الريح« )2000(، سواءٌ<br />
على مستوى الرؤية، أو البنية الشعرية، أو تدبير<br />
غنائية القصيدة التي دخلت مرحلة الغنائية املركبة مع<br />
االستخدام املكثف للرمز والقناع واملونتاج واحلوار<br />
الدرامي والسرد والسوناتا واملشهدية، واستدعاء<br />
التراث األسطوري والديني والتاريخي املتصل بتيمات<br />
املوت واحلياة والوطن واإلنسان واحلرية، جنباً<br />
إلى جنب مع متطلّ بات ذات الشاعر على املستوى<br />
الوجودي واإلنساني في بحثها عن خالصها، مرتفعاً<br />
بها إلى مستوى أسطورتها الشخصية، وبالتزامها<br />
اإلنساني إلى مقامٍ مُ ستحقّ .<br />
٭ شاعر وناقد مغربي<br />
إدريس امللياني: »نشيد السمندل«. شرق غرب،<br />
بيروت 2009.<br />
كان محمود قد أعطي فيزا ملدة 24 ساعة فقط<br />
لدخول واشنطن من نيويورك، حيث حضر جلسة<br />
من جلسات األمم املتحدة بشأن فلسطني. كانت<br />
الفيزا التي تدخل حاملها الى منطقة مبنى جامعة<br />
األمم، ليست لها عالقة بيروقراطية بالفيزا األمريكية<br />
العادية، التي تدخل الى باقي أمريكا، التي كانت لها<br />
شروطها شبه التعجيزية ألي شيوعي قدمي. وسبب<br />
حاجة هذا الشاعر للنوع الثاني من الفيزا لدخول<br />
العاصمة األمريكية واشنطن، كانت الدعوة التي<br />
وجهتها له جامعة جورجتاون العريقة، لكي يقرأ<br />
شعره هناك.<br />
أبلغتني صديقة مصرية عن موعد القراءة ومكانها،<br />
وطلبت مني أن اصطحبها الى هناك، النها كانت حتب<br />
طالبا من يافا، وكانت متأكدة أنها ستراه لو حضرنا.<br />
لم أعرف ماذا أفعل: لم أرد خذالن صديقتي الهائمة<br />
بالغرام، ولكن، في الوقت نفسه، لم أرد ان أتأخر<br />
عن درس الرواية الفيكتورية التي كانت جزءا من<br />
دوامي. فاتفقت معها أن أوصلها الى املكان، وأجلس<br />
محمود درويش واللقاء األول<br />
في الصف األخير لعدة دقائق، ثم انسحب بسرعة<br />
وصمت.<br />
هكذا فعلنا. ولكن هجم القدر وأخذ شكل يد سمينة<br />
تذرب من العرق، هي يد كلوفيس مقصود الذي متنطق<br />
بذراعي وشدني بعنف الى املقعد األمامي مواجه<br />
محمود درويش. كنت حينها بوهيمية الهوى، أنتعل<br />
صندال مخمليا بكعب عال، بلون البنفسج، وأظافر<br />
أصابع قدمي مطلية باللون األسود. رمبا كان ذلك رد<br />
فعل على تقاليد تلك اجلامعة »اجليزويت« املسيحية<br />
التقليدية جدا، حيث كان املدرسون والدارسون فيها<br />
يحاولون االختفاء وراء لباس رسمي باهت ال يدل<br />
على أي حرية شخصية.<br />
في اللحظة التي جلست أثناءها، كانت عينا محمود<br />
حتدقان باألسود الطاغي املتنافر مع بياض جلدي.<br />
كان ينظر بفضول واستغراب، وحني رفع عينيه، وجد<br />
انني أمسكته متلبسا بالنظر إلى ساقي، فضحكت.<br />
حينها، بدأ هو اآلخر بالضحك الال ارادي، ثم التثاؤب<br />
من دون توقف، محاوال ضبط نفسه ألنه كان على<br />
)الجزء الثاني(<br />
وشك إلقاء الشعر.<br />
بدأ بقراءة »قصيدة االرض«:<br />
« في شهر آذار، في سنة االنتفاضة، قالت لنا<br />
األرض<br />
أسرارها الدموية. في شهر آذار مرت أمام<br />
البنفسج والبندقية خمس بنات. وقفن على باب<br />
مدرسة ابتدائية، واشتعلت مع الورود والزعتر<br />
البلدي.<br />
افتتحت نشيد التراب. دخلن العناق النهائي - آذار<br />
يأتي إلى األرض من باطن األرض يأتي، ومن رقصة<br />
الفتيات -<br />
البنفسج مال قليال<br />
ليعبر صوت البنات. العصافير مدت مناقيرها<br />
في اجتاه النشيد وقلبي«<br />
كان وقع هذه األسطر انفجارا حسيا ألعصابي.<br />
لم يكن محمود درويش معروفا آنذاك في العالم<br />
األنكلوسكسوني، ولم تكن له ترجمات إلى اللغة<br />
االنكليزية. فالقاعة كانت شبه فارغة، واحلضور<br />
تألف من بعض الطالب العرب، الذين، مثلي أنا،<br />
حفظوا »سجل أنا عربي« في صفوفهم االعدادية<br />
في أوطانهم األصلية، وبعض األصدقاء والسفراء<br />
العرب.<br />
حني انتهى من القراءة، طلب منه شاب مغربي أن<br />
يقرأ قصيدة »سجل« قال له محمود الذي كان دوماً<br />
يصر على إجبار جمهوره أن يلحقوا به كلما تغير<br />
وتطور شعريا، بقليل من العصابية: »سجل أنت؛ فأنا<br />
سجلت!«.<br />
حينها، قمت ألذهب الى ما تبقى من محاضرتي،<br />
فوجدت حامت حسيني، ممثل منظمة التحرير<br />
الفلسطينية في واشنطن، يناديني باسمي ألعود، ألن<br />
محمود كان قد نزل عن املنصة ماشيا باجتاهي، تاركا<br />
وراءه املعجبني الذين أرادوا توقيعه على كتبه.<br />
»أنا مضطر ملغادرة واشنطن في الصباح الباكر<br />
ألعود إلى بيروت، فهل تريدين مني أن آتي بأي شيء<br />
لعمك نزار؟«.<br />
شكرته وابتسمت وقلت: »نعم، أوصيك بإيصال<br />
هاتني القبلتني خلدي عمي احلبيب« ثم قبلت محمود<br />
بعفوية على وجنتيه. فاحمر وجهه خجال. سألني<br />
هل ميكنك مرافقتنا إلى العشاء؟ فقلت: »ال، ألن أهلي<br />
بانتظاري في البيت«.<br />
فرد: »اسمحي لي بسؤالك على انفراد للحظة«.<br />
ابتعدنا عن اجلمع ملدة خمس دقائق، فقال مباشرة:<br />
»هل تقبلني الزواج مني؟« أجبت بنعم، أقبل الزواج<br />
منك، فقال: »علينا اذا أن نتزوج فورا، لنذهب إلى<br />
باريس، وننتظر فتح مطار مدينة بيروت حيث أسكن«.<br />
أخرج من سترته ورقة بيضاء وبقلمه »الباركر«<br />
قسمها نصفني، ووضع اسمينا في أعلى كل قسم،<br />
وقال لي اكتبي ما حتبني في احلياة حتت اسمك،<br />
وأنا سأكتب في خانتي ما أحب. طلبت منه أن يبدأ.<br />
فكتب ما يلي: »عصا الراعي، غروب الشمس في<br />
اجلليل، القطط، احلذاء االيطالي الناعم امللمس، األزعر<br />
موتزارت، الغتيار اإلسباني، قصص تشيكوف،<br />
قيلولة بعد الغداء، صدف البحر، سمك السلطان<br />
ابراهيم املقلي«.<br />
ثم أعطاني الورقة، فكتبت: »الفل املطبق، الورد<br />
الشامي اجلوري، رائحة زهر الياسمني عند املساء،<br />
صوت اآلذان في حي الشاغور، األوركيد البري،<br />
احمليط الهندي والبراكني التي حتيط به، شجر املوز<br />
واملطر االستوائي، القطط، ثم القطط، ثم القطط«.<br />
حينها، ذهبنا إلى جامع واشنطن وكان قد وصل<br />
إليه بعض األصدقاء وأهلي، فسألني محمود: »ما هو<br />
مهرك؟«.<br />
قلت »مهري هو احلرية، فال أريد منك سوى<br />
عصمتي بيدي«.<br />
ال أظن أنه فهم ما معنى العصمة، فقبل مباشرة،<br />
وزوجنا الشيخ، وبدأنا رحلتنا األولى معا، التي دامت<br />
تسعة أشهر.<br />
بعد ساعات كنا على طائرة فرنسية، متوجهني إلى<br />
باريس، حيث كنا نعرف أن عز دين قلق كان بانتظارنا<br />
في املطار.<br />
حينها كنت في الثامنة عشرة من عمري.
Volume 26 - Issue 7839 Sunday 17 August 2014<br />
23 22<br />
السنة السادسة والعشرون العدد 7839 االحد 17 آب )أغسطس( 2014 21 شوال 1435ه<br />
غزة: فلسطينيون يؤدون صاة اجلمعة في مسجد السوسي الذي تعرض للقصف االسرائيلي
Volume 26 - Issue 7839 Sunday 17 August 2014<br />
25 24<br />
السنة السادسة والعشرون العدد 7839 االحد 17 آب )أغسطس( 2014 21 شوال 1435ه<br />
آداب<br />
الناصرة -»القدس العربي«:<br />
وديع عواودة<br />
فنون<br />
»طه« مسرحية جديدة ملسرح امليدان الفلسطيني<br />
في حيفا تروي سيرة حياة الشاعر الراحل طه محمد<br />
علي، املهجر من صفورية قضاء الناصرة، وهي قصة<br />
شاعر لم يتوقّ ف عن العشق.<br />
من تأليف ومتثيل الفنان عامر حليحل وإخراج<br />
الفنان يوسف أبو وردة، تستعيد سيرة شاعر فلسطيني<br />
عرفه العالم قبل رحيله في 2011، بقوة شعره ببساطته<br />
وبإنسانيته وخلوه من الكراهية رغم جرائم الصهيونية<br />
بحقه وحق شعبه ووطنه.<br />
ومتتلئ قصة حياة طه محمد علي باملصاعب<br />
الكثيرة، وقدرته اخلارقة على إعالة عائلته وهو<br />
صبيّ غضّ ، وامتهانه للشعر في سن متقدمة جدً ا، بعد<br />
محاوالت كتابة متردّ دة في الشعر والقصة القصيرة.<br />
تبدأ املسرحية باعتاء طه املنصة، شيخ في<br />
السبعني يقف وسط بقعة ضوء يرتدي بدلة بنية،<br />
نظارته السميكة حتجب عينيه، حليته نابتة لكنها<br />
مرتبة، شعره أبيض ينظر إلى أعلى قبل أن يستسلم<br />
للكام. في أول كلمة ينطق بها يوحي بقسوة حياته<br />
بقوله بصوت أجش :«أنا أجيت عالدنيا غصنب عنها..<br />
مش بخاطرها.. ما كانت بدها اياني..أبوي في جيل<br />
وحده وعشرين، جتوز بنت اجليران فاطمة، بنت<br />
اخلمست عشر سنة ». ويكمل طه باللغة العامية فصول<br />
والدته بروح نكتة سوداء بعدما رزق والده بثاثة أبناء<br />
سماهم طه وماتوا صغارا حتى غيروا اسم فاطمة لنجمة<br />
وغيروا اسم املولود اجلديد ل »مياد« لكنه مات فقرر أبو<br />
طه تغيير الدار.<br />
وتنطلق املسرحية املكونة من 15 مشهدا ملدة ساعة<br />
وفي املشهد األول يروي فرحته في طفولته يوم قرر<br />
والده أن يقتني له بسطارا )حذاء( ليذهب للمدرسة<br />
فيرتاح من اإلصابات الناجمة من املشي حافيا. ورغم<br />
الفقر يظفر بالبسطار بفضل والدته املدبرة التي انتظرت<br />
بياع »الكنادر« املغربي بعشرين قرشا بدال من اقتنائه<br />
بليرة من الدكان. تألق طه في املدرسة منذ بلغها :«أبوي<br />
كان حاطط أمله فيّ من يوم ما وداني على الكتّ اب وملّ ا<br />
رحت عاملدرسة، في امتحان التصنيف رفعّ وني دوس<br />
دوغري على الصف الثاني. رفعت راس أبوي من أول<br />
غزواتي«. ووقع طه بغرام اللغة العربية منذ طفولته<br />
وخطواته األولى كانت مع كتاب »البستان« إلسعاف<br />
النشاشيبي وكان يحتوي على دروس في بحور وأصول<br />
الشعر العربي. ويكشف طه حلظة احلب مع القصيدة<br />
رغم أن األستاذ استهل تاوة الشعر على مسامعه ببيت<br />
شعر البن رشيق :<br />
الشعر شيء حسن … ليس به من حرج<br />
فعلموا أوالدكم……عقار طب املهج<br />
وفتحت املدرسة الباب له على عوالم جحا، وكليلة<br />
ودمنة، ويوليوس قيصر شكسبير، حتى عنترة.<br />
ويوضح طه أن والده كان يحب عنترة ألنه كان بطا<br />
مغوارا وكرمي النفس أما هو فأحبه ألنه كان شاعرا.<br />
في املسرحية املستندة لسيرة حياة وأعمال الراحل،<br />
الذي أبدى شغفا نادرا باملطالعة منذ صغره، متتزج<br />
مسيرته الشخصية بالرواية الفلسطينية التاريخية<br />
برشاقة ولباقة الفتتني. في سيرة التعليم واملطالعة على<br />
سبيل املثال يستذكر طه أن كتب املدرسة لم تكفه فصار<br />
من رواد مكتبة جاره احلاج طاهر الذي كان يعير الكتب<br />
ألهالي صفورية في إطار مشروعه لتثقيف أهالي بلده.<br />
وينتقل بساسة من قصة الكتب إلى لنكبة الفلسطينية<br />
مسرح الميدان في حيفا يستلهم حياة الشاعر طه محمد علي<br />
تغريبة فلسطينية تروي النكبة والنزوح والشعر والعشق<br />
بقوله الساخر: »بده الناس تقرا عشان توعا وتستوعب<br />
انه في مخططات لسرقة الباد كلها.. بس احلج كان<br />
ينفخ في قربة مخزوقة.. أنا كنت اسمعهن مبضافة أبوي<br />
يقولوا إنه بدهن يسرقولنا الباد.. وأضحك بيني وبني<br />
حالي.. كيف يعني بدهن يسرقوها.. بدهن ييجوا بالليل<br />
يسحبوها من حتتنا واحنا ناميني ونصحا الصبح<br />
وناقي حالنا ناميني على وال اشي؟«.<br />
ويبلغ طه العاشرة ويدرك أن البيت بحاجة ملعيل<br />
قبل أن يضطر والده املقعد ملد يده طالبا الطعام ألبنائه<br />
وصار طه يسترزق بالعمل معهما ويغتنم الفرصة<br />
لوصف عروس الكرمل ومقاربتها مع الناصرة في فترة<br />
االنتداب: »كنت صرت زاير الناصرة كم مرة، كانت أكبر<br />
من صفورية بشوية بس فيها حركة أكبر: اسبطارات،<br />
كهربا، مصانع دخان، بيوت زهرية بشبابيك<br />
قزاز وسطوح قرميد أحمر، سوق بنات بتنانير ودار<br />
سينما«.<br />
ويتابع بصوت يشي باالندهاش من زيارة طفل<br />
ريفي ملدينة عصرية وهنا أيضا الكلمات معطرة بالفكاهة<br />
: »بس حيفا، حيفا مدهشة، مدينة مدينة، مدينة<br />
عاألصول، سيارات، شوارع مضوية بامبات، دكاكني<br />
فاخرة ومصانع وناس شكال ألوان ببدالت وغرفتات..<br />
والبحر.. بحيفا كنت أول مرّ ة بشوف عرب ويهود<br />
بحكوا مع بعض عادي، أنا أول مرة شفت اليهود كانوا<br />
جايبني مجموعة استكشاف للمنطقة من الكيبوتس،<br />
حاملني خوارط ومطرات مي، شلّ ة شباب وصبايا مع<br />
بعض والصبايا البسات شورطات. كانت أول مرّ ة<br />
عيني بتشوف صابونة ركبة بنت في حياتي. في حيفا<br />
شفت زالم ونسوان ماشيني في الشارع ماسكني ايدين<br />
بعض، ومنهم قاعدين في القهوة بتخرفوا أو بقروا<br />
جرايد وبشربوا قهوة…أكلت حمّ ص بلحمة وشربت<br />
ملوناضة، شميت ريحة املشاوي اغزوزطات السيارات<br />
ودهان الكنادر وريحة البحر…روحت مسحور من حيفا<br />
بس األهم نظرة أبوي ملّ ن فتت عالدار وبإيدي 5 جنيهات<br />
بالتمام والكمال… عينني ابوي كان فيهم فوق ما فيهم،<br />
نظرة راحة. شفّ شفة من فنجانه وقال ألمي: يا فاطمة<br />
حطّ ي لطه لقمة يوكلها.«<br />
في مشهد تالي يهز فيه املشاهدين تارة بالضحك<br />
حتى متتلئ القاعة بالقهقهات وتارة باستدراره دموعهم<br />
لشدة وقع السرد التراجيدي فيروي بداية حتول احلاجة<br />
ملتعة بعدما جمع بعض النقود، وبدأ يحترف التجارة<br />
قبل أن يرافق والده لزيارة عمه ليباركوا له مبياد بنت<br />
سموها أميرة. »رحنا، فتنا عالدار، إمي زغردت وأبوي<br />
كبّ ر وهلّ ل وعبط عمي وقريوا الفاحتة وأبوي قلّ ي:<br />
أمسيرة الك يا طه«. ويكبر طه وأميرة حتى صارت تبرق<br />
حبا كلما التقيا لكن النكبة الفلسطينية حترمه من أميرة<br />
وحبها. بعدما يستعيد الصبي طه حالة الرعب الذي<br />
دبّ فيه وفي أهالي بلدته خال احتالها وإلقاء القنابل<br />
عليها من طائرة كانت حتوم كالبوم ومكشرة)عابسة(.<br />
ويروي الرحيل للبنان ومأساة اللجوء املرّ طيلة عام<br />
من البرد واجلوع والغربة وموت غزالة شقيقته الفتاة<br />
اجلميلة املدللة بعد مرضها. اضطرت العائلة لدفن<br />
»غزالة« في مقبرة باب عتبة بيت مستأجر فلم جتف<br />
دمعة والدتها كيف ال وهي »غزالة« اسم على مسمى<br />
وعمود الدار »ال تعرف تشتغل في الدار وال تعرف توكل<br />
وال حتكي«. حالة العذاب هذه دفعت أبو طه التخاذ قرار<br />
حاسم بالعودة لفلسطني بأي ثمن قبل أن متوت فاطمة<br />
حزنا على غزالة. أم طه تقبل على مضض وال تغادر<br />
لبنان قبل أن تدق باب أم محمد صاحبة البيت املستأجر<br />
وتوصيها :«ديري بالك على غزالة«. وما يلبث املمثل<br />
مينح املشاهدين فرصة جديدة لتذوق حاوة قصيدة<br />
طه بتاوة بعض أشعاره املتعلقة بأحداث املسرحية<br />
كما يقول هنا قبيل العودة من لبنان بعدما فقد »غزالة«<br />
وبقيت »أميرة« مع أسرتها هناك ودون أن تتاح فرصة<br />
وداعها »فأنا مودعتش أميرة، أنا ودعتها.. بس ودعتها<br />
مع الكل: »نحن لم نبك/ ساعة الوداع!/ فلدينا/ لم يكن<br />
وقت/ وال دمع/ ولم يكن وداع!/ نحن لم ندرك/ حلظة<br />
الوداع/ أنه الوداع/ فأنّ ى لنا البكاء؟/ ونحن لم نسهر<br />
ولم نغف/ ليلة الرحيل/ ليلتها/ لم يكن عندنا ليل/ وال<br />
نار/ ولم يطلع القمر!«.<br />
وترتقي املسرحية ذروة جديدة برسائلها<br />
الوجدانية املشحونة بتوقفه عند عوتهم للباد وقد<br />
اكتشفوا أنها تغيرت وانقلبت رأسا على عقب: »وصلنا،<br />
البلد صار شكلها شكلها غير، حتى الهوا صارت ريحته<br />
غير وقالولنا إنه رجعة على صفورية ما في وإنه الباد<br />
بطّ ل اسمها فلسطني صارت إسرائيل«، منوها بدرب<br />
اآلالم الذي سارت فيه العائلة حتى حازت على بطاقات<br />
هوية زرقاء.<br />
ويعبّ ر طه عن قسوة مشاعر العائدين الذين حتولوا<br />
بيوم وليلة من الجئني في لبنان إلى مهجّ رين في وطنهم،<br />
بقصيدة عتاب إنسانية غاضبة يلقيها عامر حليحل<br />
بنبرة متجانسة مع روحها :«األرض خائنة/ األرض ال<br />
حتفظ الوّ د/ واألرض ال تؤمتن/ األرض مومس/ تدير<br />
مرقصا/ على رصيف ميناء/ تضحك بكل اللغات/ وتلقم<br />
خصرها لكل وافد/ األرض تتنكر لنا/ تخوننا وتخدعنا/<br />
والثرى يضيق بنا/ يتذمّ ر منّ ا ويكرهنا/ والوافدون/<br />
بحارة ومغتصبون/ يزيلون احلواكير/ ويدفنون<br />
األشجار/ مينعوننا من إدامة النظر/ إلى زهور البرقوق<br />
وعصا الراعي/ ويحرمون علينا ملس البقول/ والعلت<br />
والعكوب/ جديلتك/ هي السبب الوحيد/ الذي يشنقني<br />
إلى هذه العاهرة«.<br />
في مشهد جديد يعلو فيه املنسوب الدرامي تنتقل<br />
من الرينة العائلة للناصرة بحثا عن الرزق ويبدأ طه<br />
في انتظار »أميرة« رغم ضغوط األم بأن يتزوج<br />
من غيرها » فالبنات كثار« حتى بلغت رسالة من عمه<br />
في لبنان بواسطة حاج عائد من السعودية قطعت<br />
أحامه :«اجلميع بخير والعيلة اجتمعت كلها في عني<br />
احللوة ومشتاقني وبدعولنا ليل نهار..آه وإنه »أميرة«<br />
جتوزت..<br />
ويترجم طه انفعاالته بعد اخلبر غير السار بقصيدة<br />
يسردها املمثل على اخلشبة بقلب مكسور: »آن أخيرا<br />
لهذا القلب أن يقفز/ آن أن تفارقه األزهار/ أن تهجره<br />
املنى واألعاصير/ وأن تتخلى عنه األجنحة !/ آن له أن<br />
ييبس/ كما تيبس الصدفة!/ وأن يفرّ غ من هواجسه/<br />
وأشباح غيانه«.<br />
ومتضي األيام ويبقى طه في حي الصفافرة في<br />
الناصرة وقلبه في عني احللوة حتى يفجع بقراءة ما<br />
كتبته اجلروزليم بوست عام 1982 عن بلوغ قوات أرئيل<br />
شارون عتبة بيروت وعن حتول مخيم عني احللوة لركام<br />
فيتحرك شريط الذاكرة بقوة: عني احللوة.. أميرة.. عني<br />
احللوة.. أميرة أميرة عني احللوة..أميرة<br />
ويلوذ طه من مأساته بالشعر فيكتب قصيدة<br />
بعنوان »أميرة« يقول في مطلعها : »قصيدة فارقة/<br />
عندما يرحل أحباؤنا/ كما رحلت/ تبدأ في داخلنا هجرة<br />
ال تنتهي/ ويحيا معنا يقني/ أن كل ما هو جميل/ فينا ومن<br />
حولنا/ ما عدا احلزن/ يرحل يغادر، وال يعود…«.<br />
ويعترف طه أن هذه القصيدة محطة فارقة في<br />
مسيرته األدبية وكأنه »بعد ما كتبتها فهمت مني أنا..<br />
تصاحلت مع نفسي، مع أميرة، مع أبوي مع الدنيا كلها«.<br />
ويبوح بأن هذه القصيدة منحته الثقة وأن الشعر فرض<br />
نفسه عليه مسلما بفكرة أنه شاعر …صدق أبوي بأن<br />
حلمي أكبر من أي وصية كان ممكن يوصيني إياها وأنا<br />
من هذا اليوم وعدت قلمي إنه ما ينشف..<br />
وصارت اجملات تنشر والصحف والكتب<br />
والدارسون املهتمون يزورون الشاعر طه محمد علي<br />
في دكانه ملقابلته وهو شاعر بنفسه شاعرا. وتختتم<br />
املسرحية بفصل أخير تتابع روايتها التوثيقية لسيرة<br />
طه الذي يرافق سميح القاسم إلى لندن للقاء الشعراء<br />
العرب في احتفال كبير. وقتها اهتزت مشاعره وانفعل<br />
إزاء اللقاء احلاسم مع كبار الشعراء في »مربط خيلنا«<br />
وكاد انفعاله أن ينسيه أين وضع األوراق داخل حقيبته<br />
التي حملت قصيدة استعد إللقائها في احملفل الشعري<br />
كما كاد أن يسقط متعثرا في الطريق للمنصة بعدما علق<br />
»بزمي« صندله بالشنطة فضحك وضحك الشعراء. لكنه<br />
ما لبث أن استعاد ثقته وتا قصيدة »عبد الهادي يصارع<br />
دولة عظمى« وهذه املرة صفقت القاعة وما ضحكت<br />
إمنا »وقفت على إجريها وزقفت« ويتابع باللغة احملكية<br />
رابطا هذه املرحلة من نهائيات حياته بالبدايات يوم<br />
جاء للحياة عنوة : »أنا هيك، في حياتي ما أجاني إشي<br />
لعندي بسهولة، أنا أصا أجيت عالدنيا غصب عنها،<br />
مش بخاطرها، ما كان بدها إياني«.<br />
الفنان التشكيلي السوداني صالح ابراهيم:<br />
مشروعي يهدف إلستلهام<br />
الذات السودانية عن طريق الذاكرة الشعبية<br />
الخرطوم - »القدس العربي«:<br />
صالح الدين مصطفى<br />
يظل املشروع التشكيلي لدى الفنان صاح ابراهيم<br />
يشكل مبحثا متصا ينهل من ثقافات السودان على<br />
تنوعها إضافة الى اإلرث اإلنساني العام. وهو كغيره<br />
من التشكيليني السودانيني جمع بني املوهبة احلقيقية<br />
والدراسة األكادميية منذ حصوله على بكالوريوس<br />
كلية الفنون اجلميلة والتطبيقية ثم املاجستير واآلن<br />
اقترب من نيل الدكتوراه عن صورة اإلنسان اإلفريقي<br />
في الفن األوروبي القدمي. ويقول إن مشروعه الفكري<br />
واجلمالي:«يهدف الى إبراز الذات الثقافية السودانية<br />
عن طريق اإلستلهام من الذاكرة الشعبية التي<br />
تتجلى في قصص اجلدات«احلبوبات« واألحاجي<br />
وكل السرديات التي متزج األسطورة بالواقع بغرض<br />
التواصل واحلوارات مع ثقافات اآلخرين«. وهو يسعى<br />
إلبراز كل ذلك من خال املعارض اجلماعية والشخصية<br />
داخل وخارج السودان، إضافة للورش الفنية التي يتم<br />
من خالها ترسيخ الرؤى والتحاور حول املوضوعات<br />
الفنية. ويشتمل املشروع أيضا على الدراسات واملقاالت<br />
األدبية والنقدية في الصحف والدوريات.<br />
ويرى صاح أن التشكيل السوداني يحظى بحضور<br />
مميز في كافة احملافل واملنابر الدولية التي حتتفي به<br />
على نحو مؤثر قل أن يوجد داخل السودان نفسه،<br />
ويستدل بالوجود العاملي الباذخ جملموعة كبيرة من<br />
الفنانني التشكيليني السودانني، وفي الوقت نفسه فإن<br />
التشكيلي محبط ومهمل في باده وفي تقديره أن ذلك<br />
يرجع لعدة أسباب:« أهمها أن الشأن الثقافي ليس من<br />
أولويات إهتمام احلكومات الوطنية املتعاقبة وهذا األمر<br />
يشمل كل ضروب الفنون وليس الفن التشكيلي وحده«.<br />
ويضيف بأن التشكيل في السودان يتميز<br />
بخصوصية واضحة ال تخطئها العني، مما يعبر عن<br />
ذات ثقافية تنطلق من هوية محددة. ويقول في هذا<br />
الشأن:«ساهم التشكيليون الرواد في تعبيد هذا الطريق،<br />
ومسمى مدرسة اخلرطوم يشير الى أن في اخلرطوم<br />
منجزات تشكيلية تشير الى هوية متفردة وليست هي<br />
مدرسة باملفهوم األوروبي، ومعظم التشكيليني يرتادون<br />
هذا الطريق ولكن بعضا منهم يتنكب في تيه يفتقد الى<br />
الوجهة الصائبة«.<br />
من إجنازات التشكيلي صاح ابراهيم فوزه بجائزة<br />
»نوما« اليابانية وهي تعنى برسوم كتب األطفال من<br />
خال نصوص تعبر عن ثقافات بعينها في قارات محددة،<br />
من أهم اهدافها اإلرتقاء بهذه الثقافات وجعلها تتحاور<br />
إذكاء لوحدة اجلنس البشري. ويقول:« مما يحمد<br />
لهذه اجلائزة أنها لفتت النظر الى اإلهتمام بشريحة<br />
اجتماعية مهمة وهي شريحة األطفال، لكن من املؤسف<br />
أنها توقفت ألسباب مالية«. ويرى أن أطفال السودان في<br />
حاجة ملحة ألعمال فنية حتمل جودة عالية في الشكل<br />
واملضمون وذلك إلحداث توازن في ظل التدفق الفضائي<br />
الذي يحاصرهم صباحا ومساء.<br />
وميتد املشروع التشكيلي ليشمل جانبا مهما<br />
متعلقا بتوثيق املعالم األصيلة في »جزيرة توتي« ذات<br />
اخلصوصية االجتماعية املميزة حيث كانت منطقة مغلقة<br />
يتم الوصول اليها بواسطة عبّ ارة نيلية محلية تسمى<br />
»البنطون« ثم جرى ربطها مع اخلرطوم، فآثر نفر كرمي<br />
من أبناء اجلزيرة وعلى رأسهم الدكتور عمر الصديق<br />
على توثيق مامحها القدمية قبل أن تندثر، ويقول عن<br />
هذا املشروع: »بدأت في العمل في هذا املشروع عبر<br />
جانبه التشكيلي في عام 2007 وقمنا بإعداد رسومات<br />
ملشاهد عديدة مثل احلراثة، الطابية،النخات الثاث<br />
التي وصفها الفنان خليل فرح في إحدى أغنياته<br />
واملعدية التي يعبر بها أهالي توتي يعبرون بها في<br />
أربعينات القرن املنصرم وكذلك بعض األساطير املرتبطة<br />
بالغرق في النيل«.<br />
انتبه صاح مبكرا للعملة السودانية، وتوج بحثه<br />
في هذا اجملال عبر رسالة علمية بعنوان »دالالت األلوان<br />
صالح ابراهيم<br />
والرموز في العملة الورقية السودانية« ويقول:«كان<br />
الهدف األساسي من هذه الدراسة هو تبيان البعد<br />
الثقافي الوطني في تصميم العملة الورقية ومن أهم<br />
النتائج التي توصلت اليها الدراسة أن العملة الورقية<br />
السودانية هي أولى العمات في وادي النيل«.<br />
يشارك صاح ابراهيم من خال وجوده في جامعة<br />
الفاشر »كلية التنمية البشرية« في التواصل مع اجملتمع<br />
احمللي في شمال درافور وغيرها من واليات السودان،<br />
وذلك عبر الورش واحملاضرات وإقامة املعارض ويقول<br />
إن الفنان احلقيقي ال ينفصل عن مجتمعه ويُ رجع العزلة<br />
التي يعيش فيها بعض التشكيليني لنوع التعليم املوجود<br />
في السودان والذي فصل الطالب اجلامعي عن مجتمعه<br />
دون مبرر.<br />
ويعكف حاليا على البحث في صورة اإلنسان<br />
اإلفريقي في الفن األوروبي ما قبل اإلستعمار ويقول:«<br />
هي رسالة دكتوراه قيد اإلعداد في جامعة السودان<br />
للعلوم والتكنولوجيا، كلية الدراسات العليا وتبحث<br />
في فترة ما قبل االستعمار وهي فترة ينقصها االهتمام<br />
بالدراسة - إال ما ندر- والهدف األساسي من هذه<br />
الدراسة هو محاولة توضيح رؤية الفنان األوروبي<br />
لإلنسان األفريقي إبان تلك الفترة بعد أن صار االنسان<br />
االفريقي جزءا من اجملتمعات االوروبية وأحد شرائحه<br />
وصار يشكل حضورا في األعمال التشكيلية االوروبية،<br />
والسؤال هنا :هل ينطلق الفنان االوروبي في تناوله<br />
لإلنسان األفريقي من ثقافة مجتمعه التي تتبنى مفهوم<br />
تفوق الرجل األبيض واملركزية األوروبية التي قادت<br />
الحقا لإلستعمار االستيطاني لقارة أفريقيا أم أن األمر<br />
ليس كذلك؟«.
Volume 26 - Issue 7839 Sunday 17 August 2014<br />
27 26<br />
السنة السادسة والعشرون العدد 7839 االحد 17 آب )أغسطس( 2014 21 شوال 1435ه<br />
حريات<br />
موريتانيا - »القدس العربي«:<br />
عبدالله مولود<br />
»األملودات« أو »التاليبي« كما يسمون<br />
في جنوب موريتانيا وفي السنغال<br />
اجملاورة، أطفال في عمر الزهور فرض عليهم<br />
معلمو القرآن وأساتذة الكتاتيب التجول كل<br />
يوم من الصباح حتى املساء جلمع األموال<br />
عن طريق التسول واإلستجداء في األسواق<br />
وأمام املساجد وفي تقاطعات الطرق.<br />
تخلص منهم ذووهم لعدم القدرة على<br />
إعالتهم في مجتمعات أثقل الفقر كواهل<br />
معيليها، وضاعف االرتباط بأربع نساء<br />
وهو العادة الزجنية الشائعة، عدد أفراد<br />
حريات<br />
ضحيتها عشرات اآلالف من أبناء المكون الزنجي الموريتاني<br />
حفظ القرآن وسيلة تدريب األطفال على التسول<br />
األسرة التي قد تنجب ثاثني طفا بل وأكثر.<br />
من رحم هذه املعاناة ولدت ظاهرة<br />
»األملودات« وهي جمع كلمة »أملودو«<br />
ومعناها »طالب القرآن« وهي منتشرة<br />
باخلصوص داخل القوميات الزجنية في<br />
جنوب موريتانيا وفي عموم السنغال.<br />
ممادو جبيري )9 سنوات( طفل<br />
غض إلتقته »القدس العربي« عند نقطة<br />
لتجمع األطفال املستجدين في مقاطعة<br />
الرياض جنوب العاصمة نواكشوط يقول<br />
»..مفروض علي يوميا أن أحصل ملعلمي<br />
3000 أوقية )حوالي عشرة دوالرات( وإال<br />
سيكون الضرب املبرح بالعصا جزائي«.<br />
الطفل جبيري بدا حافي القدمني يلبس<br />
لباسا رثا وبدت عيناه حمراوان تتقدان<br />
بسبب إصابته بالرمد احلبيبي.<br />
غير بعيد منه يقف الطفل أمادو لوه<br />
)11 سنة( أكد »أنه فخور بهذه املهنة فهو<br />
يجمع ماال يعطي منه ملعلمه ما اشترط<br />
عليه والباقي يساعد به أمه ذات األيتام<br />
الثمانية«.<br />
»القدس العربي« زارت مدرسة البركة<br />
في حي كوسوفو في مقاطعة عرفات في<br />
نواكشوط هناك دافع معلم القرآن الذي<br />
طلب عدم ذكر اسمه عن ظاهرة استغال<br />
معلمي القرآن لألطفال مؤكدا »أنها عادة<br />
حسنة جرى العمل بها منذ زمن طويل<br />
وهي عبارة عن نوع من التكافل بني أفراد<br />
اجملتمع«.<br />
وشرح سالي موندو كبير طلبة املدرسة<br />
عادة تسول أطفال القرآن فأكد »أن الطالب<br />
إذا أكمل ربع القرآن يجب عليه أن يدفع<br />
للمعلم 30.000 أوقية )100 دوالر( وإذا<br />
حفظ نطف القرآن وجب عليه دفع<br />
60.000 أوقية للمعلم وإذا أنهى القرآن حفظا<br />
وجتويدا وجب عليه دفع 120 ألف أوقية<br />
للمعلم. ومبا أن أسر الطلبة أسر فقيرة يكون<br />
نظام استغال األطفال في التسول جلمع<br />
املال هو الوسيلة الوحيدة لسداد نفقات<br />
التعليم«.<br />
ويضيف أستاذ املدرسة »أنه يتولى<br />
إعاشة جميع الطاب من جيبه اخلاص وهو<br />
ال ميلك أي مصدر للدخل سوى ما يأتي به<br />
األطفال«.<br />
ويقول املدون املوريتاني أحمد جدو<br />
»في كل صباح، تخرج مجموعة من أطفال<br />
مدينة نواكشوط، عاصمة موريتانيا، ال<br />
للذهاب إلى املدارس بل للتسول! وتسمى<br />
هذه اجملموعة »أملودات« ينتشرون بثيابهم<br />
الرثة وأشكالهم املتعبة وعلبهم املعدنية<br />
الفارغة، و يبدأون باستدرار عطف املارة<br />
عند إشارات املرور وأمام مطاعم ومقاهي<br />
وأسواق العاصمة«.<br />
ويضيف ولد جدو في تدوينة أخيرة له<br />
»هؤالء األطفال الذين تتراوح أعمارهم بني<br />
4 و12 عاما ال يتسولون من أجل أنفسهم،<br />
بل تلبية لرغبة الشيوخ الذين يدرسونهم<br />
القراَ ن في الكتاتيب. ويتم األمر مبعرفة<br />
أهلهم ومبوافقهم، فهم يتسولون من أجل<br />
حفظ القراَ ن، وأهلهم يقبلون ذلك نتيجة<br />
لفقرهم، يظلون طوال النهار يتسكعون في<br />
الشوارع حتى يحققوا احلد األدنى املفروض<br />
من طرف شيخهم«.<br />
ويتابع املدون شرح رؤيته للظاهرة<br />
قائا »إنهم يقتاتون أثناء مسيرتهم اليومية<br />
على الطعام الذي يجود به أصحاب املطاعم<br />
واملارة، ألنه ليس من حقهم ملس ما يحصلون<br />
عليه من نقود..ويأتي هؤالء األطفال في<br />
الغالب من مدن الداخل املوريتاني، وأحيانا<br />
من دولتي السنغال ومالي«.<br />
ويضيف »هذه الظاهرة ليست جديدة<br />
على اجملتمع املوريتاني، لكنها خاصة<br />
باملكون الزجني، وهي في األصل كانت<br />
نوعاً من«التكافل االجتماعي« بحيث<br />
يتكفل اجملتمع بطلبة العلم، وهو ما يعتبر<br />
مبثابة الواجب األخاقي، ولبث قيم<br />
التواضع واألخوة لدى طاب العلم، حيث<br />
كان الشيخ الذي يدرس القراَ ن )املرابو(<br />
يتكفل باألوالد ويسكنهم في الكتاب الذي<br />
يديره، وال يتقاضى أجرة على تدريسهم،<br />
وتسولهم يقتصر على طلب وجبات الطعام<br />
ألنفسهم، وهي كانت فلسفة لدى مدرسي<br />
القراَ ن اَ نذاك، حيث يعتبرون أن األمر<br />
سيجعل الطلبة متواضعني وغير متكبرين،<br />
وهذا بحسب رأيهم هدف نبيل، ومن خال<br />
هذا الفعل يريد آباء الطاب أن يثبتوا أن<br />
أبناءهم قد ضحوا من أجل تعلم القراَ ن<br />
وعلوم اللغة«.<br />
ويتابع »..لكن مع وجود الدولة<br />
احلديثة وهجرة الكثير من سكان الريف إلى<br />
العاصمة، بسبب اجلفاف والفقر واجلوع،<br />
تغيرت األوضاع وحتولت الظاهرة إلى<br />
جتارة وانتهاك للطفولة، وحتولت بعض<br />
الكتاتيب التي تدرس القراَ ن للزنوج في<br />
نواكشوط إلى مراكز لنشر املتسولني في<br />
الشارع، وحتول بعض مدرسي القراَ ن إلى<br />
مجموعة من اجملرمني الذين يفرضون على<br />
األطفال املوجودين لديهم أن يتسولوا و أن<br />
يحصلوا على مبالغ محددة، وإال تعرضوا<br />
للضرب والتنكيل، بحيث يوجدون على<br />
الطرقات في ساعات متأخرة من الليل وهم<br />
ما زالوا يبحثون عن املبلغ املطلوب«.<br />
ويرى أحمد جدو »أن ظاهرة األملودات<br />
طريق إلى اإلنحراف واجلهل«ويؤكد »أن<br />
وجود هؤالء األطفال في الشارع لفترات<br />
طويلة وتعودهم على التسول وحرمانهم<br />
لسنوات من رؤية أهلهم، حوّ ل الكثير<br />
منهم إلى مجرمني ناشطني في عصابات،<br />
ميارسون النشل وكل أشكال اللصوصية،<br />
ويتم استخدامهم أحياناً في جتارة<br />
اخملدرات، ويصبح مصير الكثير منهم<br />
التورط في جرائم والذهاب إلى السجن«.<br />
ويطالب املدون املوريتاني احلكومة<br />
بالتحرك »إلنقاذ األطفال، بوضع برامج<br />
حقيقية فعالة من أجل دمجهم في احلياة<br />
الطبيعية، والوقوف في وجه املشايخ<br />
املتاجرين بهم باسم تدريس القراَ ن، ووضع<br />
قوانني واضحة جترم فعلهم، مع القيام<br />
بحمات توعية اجملتمعات إلقناع العائات<br />
بالتوقف وتنبيهها خلطورة ما يحدث<br />
ألوالدها« مضيفا »أن ظاهرة »األملودات« ال<br />
تقتصر على موريتانيا فقط، فهي موجودة<br />
في أغلب دول غرب إفريقيا وهي متارس<br />
بالطريقة نفسها«.<br />
وملواجهة ظاهرة تشرد األطفال<br />
افتتحت احلكومة املوريتانية عام 2006،<br />
مركز احلماية والدمج االجتماعي التابع<br />
للوزارة املكلفة بشؤون املرأة والطفولة<br />
الذي استقبل حسب مديرته املساعدة مرمي<br />
بنت احلبيب »أزيد من 600 شخص ما بني<br />
مشرد ولقيط«.<br />
وتؤكد مرمي بنت احلبيب »إن احلكومة<br />
املوريتانية تنفذ عبر املركز سياسة ذات<br />
محورين أحدهما وقائي، واآلخر عاجي<br />
حيث أسست مراكز اإليواء، واعتمدت<br />
البحث عن األطفال املهددين باالنحراف، أو<br />
املعرضني للتسرب املدرسي نتيجة للتفكك<br />
األسري، أو للفقر املدقع من أجل دمجهم<br />
وحمايتهم«.<br />
هذه الظاهرة منتشرة في الكتاتيب<br />
التي يشرف عليها معلمون وهي خاصة<br />
أيضا باألطفال ذوي األصول الزجنية.<br />
يقول تيام عبد الله وهو مختص في<br />
علم االجتماع وناشط في منظمات دولية<br />
معنية باستغال األطفال »إن ظاهرة<br />
استغال أطفال »التاليبي« ازدادت بعد أن<br />
تدنى ريع الزراعة املصدر املالي الذي كان<br />
يعتمد عليه أساتذة الكتاتيب فلم يبق لديهم<br />
من وسيلة سوى ابتعاث األوالد جلمع املال<br />
في الطرقات«.<br />
ويضيف »في املدن يتعرض األطفال<br />
لشتى اخملاطر: حوادث الطرق، اإلختطاف،<br />
اإلعتداءات اجلسدية واجلنسية وغير<br />
ذلك...«.<br />
وتؤكد األخصائية اإلجتماعية آمناتا<br />
سمب »على خطورة أوضاع األطفال<br />
املشردين فهم بعيدون عن ذويهم وال<br />
ميلكون وسيلة للدفاع في حالة اإلعتداء<br />
عليهم في الشارع أو في حالة ما إذا عاملهم<br />
املعلم بعنف«.<br />
وتضيف »إن مصير األطفال داخل<br />
الكتاتيب، هو بيد معلميهم من شيوخ القرآن<br />
الذين اتخذوا فتح املدارس وجمع األيتام<br />
فيها وسيلة للعيش، فتجد الشيخ الواحد<br />
يدير عشر مدارس جتمع كل منها مئات<br />
األطفال، وال بد لكل طفل أن يجمع مبلغا<br />
ماليا كل يوم، ومشاكل احلياة من غاء<br />
وارتفاع تكاليف االستئجار والدواء كل هذا<br />
يجعل مشائخ املدارس ملزمون بدفع األوالد<br />
نحو اإلستجداء«.<br />
ويشير صمبا جاخاتي وهو خريج<br />
سابق من مدرسة للقرآن في مدينة كيهيدي<br />
جنوب موريتانيا إلى »أن معلمي القرآن<br />
يخفون احلقائق عن عائات األطفال<br />
املستغلني«.<br />
وال تتوقف معاناة هؤالء األطفال عند<br />
حدود وجودهم داخل الكتاتيب بل املشكلة<br />
أكبر بعد التخرج حيث ال ميلك اخلريجون<br />
مهارات متكنهم من العمل فيضطر الكثيرون<br />
منهم للتحول بدورهم ألساتذة يستغلون<br />
أطفاال آخرين وهكذا دواليك..<br />
وحذرت دراسات اجتماعية كثيرة<br />
تناولت هذه الظاهرة بينها دراسة<br />
أعدها األستاذ محمدو جوم عام 2001<br />
لوزارة التعليم السنغالية، من خطورة<br />
نظام الكتاتيب القائم على استغال<br />
األطفال.<br />
يقول محمدو جوم »..خال فترة<br />
الطفولة التي يتعلم فيها الصبي احلياة<br />
اإلجتماعية يكون طاب الكتاتيب على<br />
الهامش منبوذين لروائحهم املنتنة<br />
وألجسادهم املوبوءة فيكبرون على العزلة<br />
واإلعتزال وعلى حياة ال سيادة فيها إال<br />
للعنف والشقاء«.<br />
ومبا أن أطفال اليوم هم قادة اجملتمع<br />
في الغد فما الذي تفعله حكومات الدول التي<br />
تنتشر فيها هذه الظاهرة الغريبة؟ بالنسبة<br />
للسنغال التي تنتشر فيها أكثر هذه الظاهرة<br />
والتي عبرت منها الى موريتانيا ومالي فإن<br />
احلكومة جتمع بني رقابة الكتاتيب عن بعد<br />
والسماح باستمرارية نظامها خوفا من<br />
إثارة شيوخها ذوي التأثير الكبير. وفي<br />
عام 2012 اصدر الرئيس السنغالي السابق<br />
عبد الله واد قانونا بتحرمي التسول داخل<br />
املدن غير أن احلكومة اضطرت، حتت ضغط<br />
احتجاجات الشيوخ، لسحب القانون بعد<br />
ثاثة أشهر من تطبيقه.<br />
وكانت منظمة »هيومن رايتس ووتش«<br />
قد نشرت في آذار/مارس املاضي تقريرا<br />
بعنوان »استغال بحجة التعليم« انتقدت<br />
فيه تعامل السلطات السنغالية مع ظاهرة<br />
تسول األطفال، ودعت إلصدار قانون ينظم<br />
ويدعم املدارس القرآنية حتى ال تظل وكرا<br />
لتدمير الناشئة.<br />
البداية:<br />
تؤكد إحصائيات منظمة اليونسيف أن عدد األطفال املستغلني ضمن ظاهرة »أملودات تاليبي« يبلغ 150.000 طفل.<br />
بدأت الظاهرة عام 1974 عندما هجر الريفيون السنغاليون واملوريتانيون قراهم بعدما اكتسح جفاف السبعينيات احملاصيل<br />
الزراعية ففروا نحو املدن الكبرى أما في احلصول على وسيلة كسب للمعاش.<br />
أسباب:<br />
فقدت األسر مواشيها وقضى اجلفاف على احملاصيل فاضطر السكان إلرسال أبنائهم للكتاتيب ووضعهم حتت تصرف مشائخ<br />
مدرسني للقرآن مع السماح باستغالهم مقابل تعليمهم.<br />
نشأت الظاهرة وافتتحت مئات املدارس، وعلى مر السنني ترسخت املنظومة اإلستغالية وأصبح كل من ال ميلك وسيلة إلعاشة<br />
ابنه يرميه داخل املدارس ليتحول إلى مسترق للمعلم الذي هو أبوه الروحي.<br />
واجبات الطفل:<br />
أن يأتي كل يوم بنقود أو بخبز أو سكر أو دقيق أو فواكه..املهم أن يأتي بشيء، وهذا يضطره للتجوال طيلة اليوم بني املنازل<br />
ودور العبادة وداخل األسواق.. ويضطر األطفال أحيانا للسرقة كيا يعودوا بأيد فارغة.<br />
غرائب:<br />
غالبية أطفال »األملودات« ال يحفظون أي شيء من القرآن رغم مضي سنوات عليهم وهم في مدارس قرآنية؛ إنهم أدوات بشرية<br />
ال دور لهم سوى إثراء املعلم.<br />
إحصاءات:<br />
150.000 ألف طفل مستغل ضمن نظام »األلمودات«<br />
تقدر إحصائيات األمم املتحدة عدد األطفال املستغلني في نظام »األملودات« مبا يتراوح بني 120 و150 ألف طفل.
Volume 26 - Issue 7839 Sunday 17 August 2014<br />
29 28<br />
السنة السادسة والعشرون العدد 7839 االحد 17 آب )أغسطس( 2014 21 شوال 1435ه<br />
ميديا<br />
ميديا<br />
معجم لغوي لتجميل العدوان اإلسرائيلي على الوعي الغربي<br />
لندن - »القدس العربي«:<br />
أياد بركات<br />
»ليس للنشر أو التوزيع« جملة كتبت على كل صفحة من صفحات<br />
كتاب سري، سربته »نيوزويك« وكتبت عنه صحيفة »اإلندبندت«<br />
البريطانية.<br />
الكتاب بعنوان »مشروع إسرائيل، معجم لغوي شامل<br />
2009« واملعد بعناية فائقة إلعتباره معجما إعاميا ودليا في أساليب<br />
التأثير على وعي اجلمهور، وكسب الرأي العام األمريكي واألوروبي،<br />
»يستعمله كل من يحارب في اخلطوط األمامية في اإلعام دفاعا عن<br />
إسرائيل لكسب املزيد من الدعم والتأثير لصاحلها«- مقتبس من<br />
الكتاب.<br />
كتبه قبل خمس سنوات الدكتور فرانك لونتز من احلزب<br />
اجلمهوري األمريكي واخلبير في إستطاعات الرأي واإلستراتيجيا<br />
السياسية، مع فريق من خبراء الدعاية واإلعان وخبراء امليديا وذلك<br />
بتكليف من مؤسسة تطلق على نفسها إسم »مشروع إسرائيل من أجل<br />
األمن واحلرية والسام« عام 2009 بعد حرب »الرصاص املصبوب«<br />
على غزة، لتعليم وتدريب املتحدثني الرسميني اإلسرائيليني والنشطاء<br />
اإلعاميني الذين يظهرون عبر وسائل اإلعام، وذلك لتبرير<br />
إعتداءات إسرائيل الوحشية وقتلها للمدنيني واألطفال، لرأي عام<br />
أمريكي وأوروبي بدأت تصله صور ضحايا العدوان اإلسرائيلي عبر<br />
اإلنترنت وشبكات التواصل اإلجتماعي، فأصبحت الصورة تتضح<br />
تدريجيا له، صورة إسرائيل احلقيقية.<br />
الكتاب موجه للجمهور األمريكي في الدرجة األولى واألوروبي<br />
في الثانية، ونصائحه مبنية على دراسات علمية عن طبيعة اجلماهير<br />
وطريقة تفكيرها، وهو مدعم بإستطاعات رأي مفصلة حول مختلف<br />
القضايا التي تتعلق بإسرائيل.<br />
وحسب الكتاب، هناك ثاث فئات من اجلمهور األمريكي، فئة مؤيدة<br />
إلسرائيل وستبقى كذلك، وال داعي خملاطبتها حملاولة التأثير عليها من<br />
خال وسائل اإلعام العامة، بل يجب مخاطبتها مباشرة ووجها لوجه<br />
من خال املنظمات واملؤسسات التي متثلها، والثانية هي من اجلمهور،<br />
وهي الفئة املعارضة إلسرائيل والكارهة لسياساتها، وهؤالء بالنسبة<br />
للكتاب ال ينبغي إهدار الوقت واملال في محاوالت التأثير عليهم من<br />
خال وسائل اإلعام العامة، حتى احلوار املباشر يعتبره الكتاب غير<br />
مفيد! اال في إطار محاضرات أو مناظرات في اجلامعات وذلك لتدريب<br />
نشطاء اإلعام الشباب املؤيدين إلسرائيل لتقوية أدائهم اإلعامي<br />
واخلطابي من خال مشاركتهم في هذه املناظرات واحملاضرات.<br />
أما الفئة الثالثة من اجلمهور، فهم من غير املعارضني إلسرائيل<br />
أو املؤيدين لها فيسميها الكتاب بفئة »القابلني لإلقناع« وهي الفئة<br />
التي يجب التركيز عليها في توجيه اخلطاب اإلعامي اإلسرائيلي<br />
للعمل على إقناعها، إما بالبقاء على رأيها أو الستمالة قناعاتها لصالح<br />
إسرائيل وقضاياها!<br />
من أجل حتقيق هذا الهدف الصعب يشرح الكتاب بالتفصيل<br />
الدقيق الكلمات والعبارات احملددة التي يجب على املتحدثني<br />
استعمالها وتلك التي يجب جتنبها وذلك حسب القضية املطروحة،<br />
مثل قضية قتل املدنيني، حل الدولتني، عودة الاجئني، وباقي القضايا<br />
واألسئلة التي قد تطرح.<br />
يشرح د. لونتز كيفية وأسلوب املراوغة وجتنب اإلجابة عن<br />
األسئلة الصعبة أو الشائكة. فمثاً يقول الكتاب »مهما كان السؤال<br />
الذي تواجهه يجب عليك جتاوزه بساسة وإستغاله فقط كجسر<br />
للعبور واإلنتهاء بعبارات وأفكار تصب في صالح إسرائيل، فعندما<br />
يسألونك سؤاال مباشراً فأنت لست ملزما بإعطاء جواب مباشر، أنت<br />
من يتحكم في ماذا تقول وكيف تقوله، وتذكر أن تقدمي إجابات ليس<br />
هو الهدف من إجراء مقابات تليفزيونية، لكن هدفك احلقيقي هو<br />
التأثير على القابلني لإلقناع وكسبهم لصالح إسرائيل«.<br />
يقدم الكتاب وصفات وأساليب عديدة لكيفية التأثير على<br />
اجلمهور وعلى وعي املشاهد وعقله الباطني. في البند األول من بنود<br />
الكتاب يقول: »املشاهد لن يتأثر مباذا تعرف ومبهاراتك اللغوية اال<br />
اذا شعر أنك إنسان حنون، دائما إظهر تعاطفك مع الطرفني، الضحايا<br />
اإلسرائيليني والفلسطينيني!«.<br />
ويعتبر الكتاب ان نسبة كبيرة من الشعب األمريكي متعاطفة<br />
مع الفلسطينيني، لذلك على املتحدثني اإلسرائيليني في اإلعام، عدم<br />
مهاجمة الشعب الفلسطيني أو إتهام »الفلسطينيني« باإلرهاب، بل<br />
عليهم مهاجمة حماس ألن الناس يعتقدون بأنها منظمه إرهابية.<br />
فالطريقة هي، التفريق الدائم بني حماس والشعب الفلسطيني،<br />
والربط املستمر بني حماس وإيران وبرنامجها النووي، ألن إيران في<br />
الوعي األمريكي ما زالت تشكل خطراً وتعتبر داعما رئيسيا لإلرهاب.<br />
ينصح الكتاب املتحدثني اإلعاميني بأن ال يستعملوا مفردات<br />
الرفض والكلمات السلبية، فاجلمهور يريد أن يشعر دائما بأن هناك<br />
أما فيقتنع بسهولة أكثر باملتحدث اإلعامي الذي يستخدم كلمات<br />
ومصطلحات إيجابية بدال من السلبية. يقول الكتاب »ليس مهما أن<br />
تقول أنت ضد ماذا ومن، أو أن توضح القضايا التي تقف بالضد منها،<br />
األهم أن توضح للجمهور القضايا التي تؤيدها واألهداف التي تسعى<br />
لتحقيقها«. فبغض النظر عما يجري في الشرق األوسط من أحداث،<br />
على اإلسرائيليني القول باستمرار بأنهم ما زالوا يريدون السام.<br />
يعتبر الكتاب بأن العالم وأغلبية الناس ترى اإلسرائيليني<br />
والفلسطينيني غير متكافئني من حيث القوة واجلبروت، وأن الناس<br />
تعتبر أن الصراع احلالي هو صراع بني داوود وجالوت، ولكن هذه<br />
املرة، الفلسطيني هو داوود.<br />
إن هذا اإلنطباع لدى الناس<br />
يعتبره الكتاب خطرا على<br />
إسرائيل، لذلك يقدم سلسلة<br />
من النصائح واإلرشادات<br />
لتغيير هذا اإلنطباع بشكل<br />
غير مباشر، فيلجأ ألسالبيب<br />
البرمجة اللغوية وإختيار<br />
الكلمات التي تؤثر على العقل<br />
الباطني للمستمع واملشاهد<br />
لتغيير هذا اإلنطباع واستبداله<br />
بإنطباع آخر مفاده أن الطرفني<br />
اإلسرائيلي والفلسطيني هما<br />
متساويان، وذلك باإليحاء بأن<br />
قدراتهما العسكرية متكافئة!<br />
ولتحقيق هذا الهدف ينصحهم<br />
الكتاب باإلكثار من إستعمال<br />
كلمات مثل »شراكة، مشاركة،<br />
إحترام متبادل، التعايش،<br />
العيش جنبا الى جنب بسام«.<br />
وينصحهم بتكرار جمل مثل:<br />
»اإلسرائيليون والفلسطينيون،<br />
كاهما لديهم احلق ب … « وما<br />
يتبع هذه اجلملة ليس مهما،<br />
املهم ان يسمعها اجلمهور تتكرر<br />
مع باقي الكلمات األخرى، هكذا<br />
ومع الوقت يصبح اجلمهور<br />
األمريكي مقتنعا بأن هناك<br />
طرفني للصراع يتساوان في<br />
املسؤوليات والواجبات، فيعتقد<br />
مثا أن »من حق إسرائيل الدفاع<br />
عن نفسها« ليدعم بذلك تبرير<br />
جرائمها وإعتداءاتها املستمرة.<br />
الدكتور فرانك لونتز<br />
لندن - »القدس العربي«:<br />
محمد عايش<br />
فَ قَ د العديد من الناشطني املصريني<br />
صفحاتهم على »فيسبوك« و«تويتر« بعد<br />
أن مت استهدافها وقرصنتها مؤخراً من قبل<br />
خبراء متخصصني، ليتبني لهم أن عملية<br />
استهداف مبرمجة ومتعمدة من املكان نفسه<br />
واجلهة هي التي تقوم بذلك، بحسب ما أكد<br />
ناشط ل»القدس العربي«.<br />
وتدور رحى معركة طاحنة على<br />
االنترنت بني مؤيدي النظام اجلديد في<br />
مصر، ومعارضيه ممن يؤيدون الرئيس<br />
السابق محمد مرسي، ويعتبرون ما حدث في<br />
الثالث من متوز/ يوليو 2013 انقاباً عسكرياً<br />
أطاح بثورة يناير ومكتسباتها.<br />
ويتعرض صحافيون ومدونون<br />
لإلستهداف على االنترنت وعبر شبكات<br />
التواصل االجتماعي، سواء باإلساءة<br />
ألشخاصهم أو مبحاولة محاصرتهم وإسكات<br />
اصواتهم، فيما شرح أحدهم أن ثمة طريقتني<br />
ملاحقة الناشطني واإلعاميني إحداهما من<br />
خال القرصنة التي تنتهي بسرقة احلساب<br />
أو الصفحة أو املوقع االلكتروني، والثانية<br />
أن تنهال سيول من الشكاوى ضد ناشط<br />
أو إعامي بعينه فتقوم إدارة »فيسبوك«<br />
أو »تويتر« بإغاق حسابه، ومن ثم يكون<br />
قد مت إسكاته وغاب عن شبكات التواصل<br />
صحافيون يتحدثون عن استهداف متعمد لصفحاتهم على »فيسبوك«<br />
مصر تالحق معارضيها عبر االنترنت بجيش من »الهاكرز«<br />
لندن - »القدس العربي«:<br />
جنحت اسرائيل في مترير إعان دعائي مدفوع<br />
الثمن على صفحات جريدة »الغارديان« البريطانية،<br />
التي تعتبر واحدة من أهم وأشهر الصحف في اململكة<br />
املتحدة، وذلك بعد أن رفضت جريدة »التاميز« نشر هذا<br />
اإلعان، فيما دبت حالة من الغضب واإلستياء الشديد<br />
ضد »الغارديان« في أوساط أبناء اجلالية العربية<br />
واملسلمة في بريطانيا إضافة الى املنظمات واجلمعيات<br />
الداعمة املتعاطفة مع الشعب الفلسطيني.<br />
وتضمن اإلعان مزاعم على لسان الصهيوني<br />
األمريكي ايلي فايزل، العضو في اجمللس االستشاري<br />
جملموعة »إالد« للمستوطنني املتدينني، قال فيها إن حركة<br />
حماس استخدمت املدنيني واألطفال دروعاً بشرية ولذلك<br />
سقط عدد كبير منهم في القصف االسرائيلي على قطاع<br />
غزة.<br />
وحاول اإلعان الترويج لفكرة أن اسرائيل تدافع<br />
عن نفسها في وجه االرهاب، وهي الفكرة التي لم تعد<br />
تنطلي على الرأي العام الغربي والعاملي، حيث كشفت<br />
الصور وتسجيات الفيديو حجم القتل الذي متارسه<br />
اسرائيل وأنها هي التي تبدأ بالعدوان.<br />
وتواجه اسرائيل أسوأ أحوالها منذ عقود طويلة<br />
في اجملال اإلعامي، حيث لم يعد الكثير من الصحافيني<br />
ووسائل اإلعام يدافعون عنها في عدوانها على<br />
الفلسطينيني، فيما جنح الفلسطينيون على الصعيد<br />
اإلعامي بصورة واضحة في فضح اجلرائم االسرائيلية<br />
وتعرية االحتال أمام العالم.<br />
وأثار اإلعان املدفوع الذي نشرته »الغارديان«<br />
استياء واسعاً في أوساط قرائها دفعهم الى التوقيع على<br />
عريضة احتجاج أرسلوا بها الى الصحيفة وقع عليها<br />
نحو 14 ألف قارئ لتضطر الصحيفة بدورها الى نشر<br />
رسالة اإلحتجاج ونشر العديد غيرها من االعتراضات<br />
على اإلعان، وذلك في الصفحة اخملصصة لبريد القراء.<br />
وتساءلت إحدى احملتجات في رسالتها الى<br />
»الغارديان«: »هل كانت الصحيفة ستقبل نشر اإلعان<br />
لو كان مناصراً للفلسطينيني وتضمن تشبيه جلرائم<br />
االجتماعي.<br />
ويبدو أن النظام اجلديد في مصر<br />
قد تعلم من أخطاء املاضي، حيث بات في<br />
حكم املؤكد أن شبكات التواصل االجتماعي<br />
واملدونات واملواقع االلكترونية اجلماهيرية<br />
لعبت دوراً كبيراً في إسقاط الرئيسني<br />
املصريني السابقني محمد حسني مبارك<br />
ومحمد مرسي، وهو ما جعل الرئيس عبد<br />
الفتاح السيسي ونظامه يولون اهتماماً<br />
استثنائياً لهذه األدوات التي توفر اتصاالً<br />
جماهيرياً لم يعرفه العالم من قبل.<br />
وأبلغ الناشط واإلعامي املصري سامح<br />
العطفي »القدس العربي« بأن صفحته<br />
على »فيسبوك« مت إغاقها ومت حرمانه<br />
من التواصل مع آالف املصريني من خالها،<br />
مشيراً الى أن عملية اإلغاق جاءت بعد<br />
حملة مكثفة استمرت طوياً ضده وضد ما<br />
كان يعبر عنه من مواقف وآراء معارضة<br />
للنظام اجلديد في مصر.<br />
وبحسب العطفي فان إدارة »فيسبوك«<br />
هي التي أغلقت صفحته بعد أن تلقت عدداً<br />
كبيراً من الشكاوى ضده، وذلك رغم أنه لم<br />
يرتكب أي مخالفات لسياسات املوقع، ولم<br />
ينشر سوى آراء ومواقف شخصية ال تتميز<br />
بشيء سوى أنها تعارض السيسي ونظامه.<br />
ويؤكد أن لدى »نظام السيسي جيش<br />
من قراصنة االنترنت احملترفني الذين<br />
يقومون بإسكات األصوات، وماحقة<br />
الصحافيني واملعارضني« مشيراً الى أن هذا<br />
االسرائيليني بجرائم النازية؟« وأجابت على السؤال<br />
بكلمة: »ال«.<br />
وقال أحد قراء الصحيفة إنه يواظب على شرائها<br />
وقراءتها منذ 25 سنة، لكنه قرر التوقف عن شرائها<br />
وقراءتها منذ أن شاهد »اإلعان املقزز واملستفز«.<br />
وأعتبر احملتجون املوقعون على العريضة أن جريدة<br />
»الغارديان« جتاهلت موقف الرأي العام في بريطانيا<br />
والذي خرج بعشرات اآلالف يتظاهر في شوارع لندن<br />
وشوارع العديد من املدن األخرى ضد احلرب االسرائيلية<br />
اجليش ال ينجح في إقناع إدارة »فيسبوك«<br />
باغاق أي صفحة ما لم تكن له إمكانات<br />
ضخمة، حيث يتطلب األمر شكاوى من<br />
أجهزة وعناوين الكترونية مختلفة وأسماء<br />
وحسابات عديدة.<br />
ويتفق مع العطفي الناشط املصري<br />
املقيم في لندن إسام البغدادي الذي قال<br />
ل»القدس العربي« إن قراصنة مصريني<br />
جنحوا في سرقة صفحته على »فيسبوك«<br />
ونشروا عليها صورة الرئيس املصري عبد<br />
الفتاح السيسي لعدة ساعات قبل أن ينجح<br />
في استعادتها.<br />
ويؤكد البغدادي أنَّ لدى النظام اجلديد<br />
في مصر »جيش من القراصنة احملترفني<br />
الذين يعملون على مدار الساعة من أجل<br />
إسكات أصوات املعارضة على االنترنت«<br />
مشيراً الى أن العديد من الناشطني اإلعاميني<br />
مت استهدافهم على االنترنت، وبعضهم خسر<br />
حسابه على »فيسبوك« أو »تويتر« بشكل<br />
كامل ولألبد.<br />
ويضيف أن املشكلة في عملية اإلختراق<br />
وسرقة احلسابات ال تتوقف عند إسكات<br />
الشخص، وإمنا يتعرض لعملية جتسس<br />
كبيرة تكشف الكثير من مراساته اخلاصة،<br />
فضاً عن أنه منذ اللحظة األولى لسقوطه<br />
كضحية في أيدي »الهاكرز« فانه يتحول على<br />
الفور الى »طعم« يتم به اصطياد اآلخرين،<br />
حيث يبدأ الذين قاموا بإختراق احلساب<br />
مبحاولة االتصال بأصدقاء الناشط من<br />
خاله من أجل اإليقاع بهم بسهولة.<br />
وهو ينصح بالتحوط من عمليات<br />
اإلختراق التي تستهدف الناشطني<br />
والصحافيني، داعياً اياهم الى إنشاء<br />
حسابات احتياطية على الدوام من أجل<br />
استخدامها عند احلاجة.<br />
يشار الى أن أهمية شبكات التواصل<br />
االجتماعي واملدونات قد ازدادت بالنسبة<br />
»الغارديان« تنشر إعالنًا مؤيدًا إلسرائيل يثير غضبًا في بريطانيا<br />
على غزة، كما خرج عشرات اآلالف يتظاهرون مؤخراً<br />
ضد تغطية »بي بي سي« اإلعامية للعدوان االسرائيلي<br />
والتي لم تكن محايدة وال منصفة وامنا كانت منحازة<br />
لاسرائيليني.<br />
وكانت القوى املؤيدة السرائيل في بريطانيا<br />
وعدد من دول العالم حاولت نشر إعانات مدفوعة<br />
الثمن تروج للرواية االسرائيلية وحتاول تغيير مسار<br />
الرأي العام الغربي، فيما يقول العديد من املراقبني إن<br />
اسرائيل حاولت من خال إعانات مدفوعة وباهظة<br />
للناشطني واإلعاميني املصريني خال<br />
الشهور األخيرة، وذلك بسبب إحكام الهيمنة<br />
احلكومية على وسائل اإلعام، وإغاق<br />
العديد من الصحف والفضائيات، وهو ما<br />
جعل االنترنت املنبر الوحيد املتوفر والذي<br />
يجعلهم قادرين على التواصل مع اآلخرين،<br />
خاصة بالنسبة للناشطني خارج مصر<br />
الراغبني في التأثير في الداخل.<br />
الثمن شراء ذمم بعض الصحف والتأثير في سياساتها<br />
التحريرية أيضاً ، حيث دفعت مبالغ مالية كبيرة نظير<br />
إعاناتها.<br />
ورفضت جريدة »التاميز« البريطانية نشر اإلعان<br />
الذي وافقت »الغارديان« على نشره، وذلك رغم أن<br />
التاميز محسوبة تقليدياً في بريطانيا على التيار<br />
اليميني، بينما تعتبر »الغارديان« صحيفة اليسار في<br />
بريطانيا، وتبدي تعاطفاً في العادة مع غالبية القضايا<br />
العربية، وخاصة القضية الفلسطينية.
Volume 26 - Issue 7839 Sunday 17 August 2014<br />
31 30<br />
السنة السادسة والعشرون العدد 7839 االحد 17 آب )أغسطس( 2014 21 شوال 1435ه<br />
اقتصاد<br />
اقتصاد<br />
الحرب على غزة.. جرف اقتصادي موجع إلسرائيل<br />
خمسة ماليين رصاصة... و82 ألف قذيفة مدفع ودبابة..<br />
50 مليون لتر وقود للطائرات المقاتلة<br />
الناصرة - »القدس العربي«:<br />
وديع عواودة<br />
فيما يتفاقم اجلدل الصاخب في إسرائيل حول<br />
النتائج احلقيقية للعدوان على غزة والتي تصفها<br />
أوساط إعامية وسياسية متزايدة بالفشل، هناك اتفاق<br />
على كونها باهظة الكلفة من الناحية االقتصادية. وتفيد<br />
معطيات وزارة املالية في إسرائيل اليوم أن احلرب على<br />
غزة منذ التاسع من متوز/يوليو املاضي قد أحلقت بها<br />
سلسلة أضرار اقتصادية فادحة، بشكل مباشر وغير<br />
مباشر وللقطاعني العام واخلاص.<br />
ووفق هذه التقديرات الرسمية تبلغ كلفة احلرب<br />
بالنسبة لاقتصاد اإلسرائيلي نحو 13 مليار شيكل)نحو<br />
4 مليارات دوالر(. وبلغت كلفة اجملهود احلربي املباشر<br />
نحو الثلثني والثلث الثالث هو خسارة املرافق<br />
االقتصادية وإنخفاض حجم اإلنتاج وتدني النمو<br />
االقتصادي بنسبة ٪0.5 حتى اآلن.<br />
أما معطيات اجليش اإلسرائيلي فتدلل على حجم<br />
وشراسة العدوان الذي تعرضت له غزة طيلة شهر<br />
ونيف، حيث مت تزويد الوحدات املقاتلة بخمسة مايني<br />
رصاصة و43 ألف قذيفة مدفع و 39 ألف قذيفة دبابة<br />
وتشير املعطيات الى أن اجلنود استخدموا نحو ٪60<br />
من هذه الذخائر. كما تشير تقارير اجليش الى استهاكه<br />
11 مليون ليتر سوالر واستهلك ساح اجلو 50 مليون<br />
ليتر وقود خاص بالطائرات احلربية)ضعف ما مت<br />
استهاكه في عدوان عمود العنان(.<br />
وكشفت صحيفة »هآرتس« يوم اجلمعة نقا عن<br />
املؤسسة األمنية أن اجليش اإلسرائيلي أطلق قذائف<br />
مدفعية خال هذه احلرب أربعة أضعاف ما أطلقه في<br />
حرب »الرصاص املصبوب« نهاية 2008 منوهة أنه<br />
أطلق في حي الشجاعية على سبيل املثال 600 قذيفة<br />
في الساعة وفي رفح أطلق ألف قذيفة مدفع خال ثاث<br />
ساعات. ومت تزويد اجلنود خال احلرب ب 23 ألف<br />
نظاراة حلماية العيون و 35 ألف فرشة فيما استخدم<br />
اجليش 1073 حافلة و 1147 تاكسي لنقل جنود االحتياط<br />
. كذلك مت توزيع مليوني وجبة غذاء ومليون قنينة ماء<br />
على اجلنود خال احلرب. ويستدل من معطيات وزارة<br />
الدفاع أن احلرب تسببت في قتل 64 جنديا وإصابة<br />
720 جنديا يخضع نحو نصفهم للعاج عاوة على 100<br />
جندي يخضعون للرعاية النفسية وكل هذا سيؤدي<br />
للمزيد من اخلسائر املادية.<br />
وتشمل الكلفة االقتصادية األضرار الناجمة<br />
عن سقوط الصواريخ في مناطق إسرائيلية مأهولة<br />
وتعويضات للمستعمرات احمليطة بغاف قطاع غزة<br />
على بعد 40 كيلومترا من احلدود. أما السياحة في<br />
إسرائيل فأصيبت بجراح بالغة جدا. وتعتبر أكثر<br />
املرافق االقتصادية تضررا بعدما هبطت احلجوزات في<br />
الفنادق واملطاعم وغيرها بنسبة ٪90، تليها املصانع<br />
التي أغلقت أبوابها في جنوب الباد بشكل شبه كامل.<br />
ويوضح مدير سلطة الضرائب في وزارة املالية<br />
موشيه آشر أن األثمان الباهظة للحرب مرشحة<br />
لإلرتفاع نتيجة عدم اإلستقرار وتبعاته، مرجحا أن يتم<br />
فرض ضرائب جديدة على اإلسرائيليني في نهاية املطاف<br />
بخاف وعود وزير املالية يئير لبيد الذي قال إن وزارته<br />
لن تزيد حجم الرسوم الضريبية. وكما كان متوقعا<br />
شهدت جلنة املالية في البرملان اإلسرائيلي)الكنيست(<br />
حربا على حجم ونوعية التعويضات التي تطالب بها<br />
أوساط كثيرة كاملصانع واملزارع والفنادق واملتاجر<br />
وغيرها. وكانت جلنة املالية قد قررت تقليص ميزانيات<br />
الرفاه والصحة والتعليم للعام املقبل بثاثة مليارات<br />
شيكل مع جتميد عشرات املشاريع كبناء املدارس<br />
ورياض األطفال من أجل سد العجز في ميزانية وزارة<br />
الدفاع وتوفير مصادر متويل للحرب.<br />
لكن احمللل االقتصادي أمني فارس يوضح ل<br />
»القدس العربي« أن تقليص ميزانية اخلدمات في<br />
إسرائيل لن يكفي وأنها ستضطر لفرض ضرائب جديدة<br />
بدءا من العام املقبل وستواصل رفض املطالب باإلعان<br />
عنها حربا ال عملية عسكرية وذلك حتاشيا للتعويضات<br />
املترتبة على ذلك لكافة سكان الباد.<br />
ويشير فارس إلى أن إسرائيل تكبدت خسائر مادية<br />
موجعة جراء احلرب على غزة على املديني القصير<br />
والطويل وتابع »يبلغ حجم الناجت القومي في إسرائيل<br />
نحو 450 مليار شيكل ويكفي أنه خسر كل يوم ٪10<br />
خال مدة احلرب وستكون النتائج وخيمة«.<br />
وينوه إلى أن السياحة لم تكن اجلانب الوحيد الذي<br />
تعرض ألضرار فادحة مؤكدا أن الزراعة أصيبت بخسائر<br />
موجعة ألن النقب الغربي هو »سلة اخلضار واحلبوب«<br />
وقد تعرض خلسائر كبيرة .<br />
كذلك يشير اخلبير االقتصادي إلى تعرض<br />
املنتوجات اإلسرائيلية للمقاطعة في العالم موضحا أن<br />
خسائرها ستكون كارثية في حال طال أمدها ولم تكن<br />
مجرد ردة فعل انفعالية آنية.<br />
ويضيف إن االقتصاد اإلسرائيلي ورغم مناعته قد<br />
أصيب بهزة شديدة خال احلرب ألنها امتدت أكثر من<br />
شهر وتابع »ستحتاج إسرائيل لعدة سنوات من أجل<br />
أن يتعافى اقتصادها وستبقى خدمات الرفاه والصحة<br />
والتربية ضحية احلرب ما يعني أن احلرب ستزيد نسبة<br />
الفقر واألزمة االقتصادية- االجتماعية القائمة أصا في<br />
الباد نتيجة استئثار األمن بحصة األسد من املوازنة<br />
العامة. من هذه الناحية فإن احلرب على غزة.. هي<br />
جرف اقتصادي موجع بالنسبة إلسرائيل«.<br />
يشار الى أن معطيات املالية اإلسرائيلية تفيد أيضا<br />
أن عدوان »الرصاص املصبوب« في 2009 والذي دام 22<br />
يوما قد كلفّ اقتصاد إسرائيل نحو ثلث كلفة »اجلرف<br />
الصامد«.<br />
العرب في طليعة الزبائن المرتقبين<br />
دول البريكس تخلق ذراعا مالية بديلة لصندوق النقد والبنك الدوليين<br />
مدريد - »القدس العربي«:<br />
حسين مجدوبي<br />
أقدمت خال األسابيع القليلة املاضية دول بريكس<br />
»البرازيل والصني وروسيا والهند وجنوب إفريقيا« على<br />
خطوة استراتيجية بتأسيس بنك يسمى »البنك اجلديد<br />
للتنمية« ليكون بديا للبنك الدولي وصندوق النقد<br />
الدولي، وهو أداة اقتصادية وسياسية في آن واحد،<br />
وقد يشكل بداية تخلص بعض الدول العربية من »سيف<br />
دميوقليس« اجلاثم فوق رأسها.<br />
وجرى تأسيس البنك في البرازيل بحضور قادة<br />
الدول املذكورة، وهو قفزة استراتيجية ألنه سيكون<br />
مبثابة الذراع املالي واالقتصادي للقوى اخلمس املذكورة<br />
التي ترغب في إرساء عالم متعدد األقطاب في مواجهة<br />
هيمنة الغرب، وهو عالم آخذ في التبلور.<br />
ويعتبر هذا البنك اخلطوة اجلريئة الثانية بعد<br />
اخلطوة األولى التي اتفقت عليها دول البريكس اخلمس<br />
فوضى في أسواق النفط<br />
العالمية بسبب »داعش«<br />
لندن - »القدس العربي«:<br />
دخلت أسواق النفط العاملية في حالة من الفوضى منذ تقدمت قوات تنظيم<br />
»داعش« نحو شمال العراق في شهر حزيران/ يونيو املاضي، حيث تتمركز<br />
العديد من آبار النفط، وهو ما ميثل تهديداً لإلمدادات التي تأتي من العراق الى<br />
اخلارج، والتي متثل ثقالً بالغ األهمية في األسواق.<br />
وخالل األيام القليلة املاضية شهدت أسعار النفط حالة من الفوضى، حيث<br />
تراجعت بأكثر من ٪2 في تداوالت اخلميس املاضي، لتعاود اإلرتفاع في اليوم<br />
التالي بنحو ٪1، في مؤشر على حالة التردد والترقب واإلرتباك التي تسود<br />
األسواق بسبب األحداث في العراق.<br />
وما يجري في العراق، وأوكرانيا، هما عامالن مهمان في حتريك أسواق النفط<br />
وحتديد حركة أسعارها، وذلك على الرغم من أن تقرير وكالة الطاقة الدولية أظهر<br />
أن امدادات النفط في وضع جيد، وأنها سجلت ارتفاعاً خالل الفترة املاضية، في<br />
خضم التوترات التي يشهدها العالم.<br />
ورغم القلق الذي يسود األسواق، وحالة عدم االستقرار في أسعار النفط، إال<br />
أن اخلبير النفطي الكويتي كامل احلرمي قال ل»القدس العربي« إن انعكاسات ما<br />
يجري في العراق ال تزال محدودة على النفط« مشيراً الى أن السبب في ذلك يعود<br />
الى أن قوات »داعش« لم تصل حتى اآلن الى أماكن حساسة وذات تأثير ملموس<br />
على اإلمدادات.<br />
وأضاف إن أسعار النفط مرشحة لقفزة في حال وصل مقاتلو »داعش« الى<br />
جنوب العراق، أو اقتربوا من هناك، حيث يوجد اجلزء األكبر من النفط العراقي،<br />
وهو ما يعني أن امدادات العراق ستكون حينها مهددة بالفعل، وبالتالي ستتأثر<br />
األسواق.<br />
لكن احلرمي ال يتوقع في ضوء األحداث الراهنة أن يصل مقاتلو »داعش« الى<br />
اجلنوب، مستبعداً تبعاً لذلك أن تتصاعد وتيرة األحداث في العراق الى مستويات<br />
تؤثر على انتاج النفط.<br />
وفيما تواجه بعض منابع النفط في العالم تهديداً حقيقياً ، فان تطورات<br />
استراتيجية تطرأ على أسواق النفط هي التي تؤدي الى كبح جماح األسعار،<br />
بحسب ما يرى الكثير من احملللني، ومن بينها اجتاه الواليات املتحدة الى التوسع<br />
في انتاج النفط الصخري الذي ميثل بديالً مهماً عن النفط التقليدي الذي ال تزال<br />
الواليات املتحدة أكبر مستهلك له في العالم.<br />
وبفضل االنتاج األمريكي من النفط الصخري، فقد أظهرت أحدث األرقام<br />
الرسمية أن صادرات الواليات املتحدة من النفط التقليدي ارتفع في شهر<br />
حزيران/ يونيو املاضي الى أعلى مستوى له منذ العام 1957، وذلك بعد أن قفز<br />
بنسبة ٪35، وهي زيادة غير مسبوقة منذ عقود.<br />
وبحسب بيانات مكتب اإلحصاء السكاني في الواليات املتحدة فقد وصلت<br />
الصادرات النفطية إلى 389 ألف برميل يومياً خالل شهر حزيران/يونيو املاضي،<br />
وأرسلت كلها تقريباً إلى كندا، لتكون بذلك قد ارتفعت ٪35 مقارنة عما كانت عليه<br />
في شهر أيار/مايو املاضي.<br />
الصيف املاضي في جنوب إفريقيا بإنشاء شبكة إنترنت<br />
جديدة وبديلة للحالية، هذه األخيرة التي تهمني عليها<br />
الواليات املتحدة األمريكية.<br />
والبنك اجلديد يبلغ رأسماله 50 مليار دوالر وسيقفز<br />
في املدى القريب الى مئة مليار دوالر وقد يتضاعف املبلغ<br />
خال السنوات األخيرة، علما أنه يتوفر على احتياطي<br />
يقدر مبئة مليار دوالر أخرى. يأتي التأسيس ليضرب<br />
الهيمنة املطلقة لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي<br />
على حركة القروض العاملية، وهي التي ال ميكن سلخها<br />
عن التوظيف السياسي وكذلك عن تنفيذ برامج غامضة<br />
ذهبت ضحيتها الكثير من الدول ومنها العربية مثل<br />
املغرب وتونس واليمن. وسيسمح املبلغ اإلحتياطي<br />
من تصحيح بعض االختاالت املالية العاملية التي قد<br />
تهدد اقتصاد العالم ومنها اقتصاديات دول البريكس<br />
ودول صاعدة. وصرحت رئيس البرازيل ديلما روسيف<br />
»البنك واإلحتياطي هما أدوات لتصحيح اإلختال<br />
املالي في العالم«. ويرفع البنك اجلديد شعار التنمية<br />
التي أهملها صندوق النقد الدولي أساسا، حيث أصبح<br />
همه هو تقدمي القروض وفرض أجندات تقشف يجمع<br />
الكثيرون على أنها لم تكن صائبة نهائيا. وتؤكد دول<br />
البريكس أن املرحلة األولى ستكون خاصة بالقروض<br />
لألعضاء أما املرحلة الثانية فستكون منفتحة على معظم<br />
الدول خاصة في حالة انضمام دول مثل تركيا ونيجيريا<br />
واملكسيك وماليزيا وأندونيسيا.<br />
وأجمعت كتابات حتليلية عدة على الطابع املنطقي<br />
الذي يحكم إنشاء البنك بحكم أن الدول اخلمس تشكل<br />
٪25 من اإلنتاج العاملي وحتتل مراتب متقدمة في سلم<br />
التبادل التجاري العاملي.<br />
وتتبنى دول البريكس مواقف سياسية مناهضة<br />
للغرب خال السنوات األخيرة جتلت في ملفات<br />
بلدان مثل سوريا وأوكرانيا، لكن كانت تنقصها ذراع<br />
اقتصادية تقلل من ضغوط الغرب عليها وعلى شركائها.<br />
ويأتي البنك ليحقق لها بداية االستقالية املالية عن<br />
مؤسسات جاءت بعد احلرب العاملية الثانية بل وقد<br />
يحمي شركاءها من الدول الصغيرة من االختاالت<br />
املالية والضغوطات.<br />
ورحبت دول عدة باملولود املالي اجلديد الذي<br />
سيكون مقره في شنغهاي الصينية، وهو اختيار رمزي<br />
بحكم التحول املرتقب للصني دولة عظمى مستقبا<br />
محل الواليات املتحدة التي كان قد جرى اختيارها مقرا<br />
لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي. وغالبية هذه<br />
الدول تنتمي الى أمريكا الاتينية التي جتسد ثقافة<br />
التمرد على الغرب.<br />
ولم تعلن الدول العربية موقفا من البنك اجلديد<br />
للتنمية، لكن في ظل ميل بعض الدول الى سياسة<br />
روسيا والصني مثل سوريا ومصر واملغرب وتونس<br />
فقد تراهن على قروض فيه لغياب شروط سياسية<br />
مجحفة حتى تنجو تدريجيا من شروط الغرب املالية.<br />
وبدأت دول البريكس حتتل مراكز متقدمة في التبادل<br />
التجاري مع الدول العربية وخاصة روسيا والصني، كما<br />
تلتقي مع هذه الدول سياسيا في قضايا دولية. وعليه،<br />
ما هو سياسي وجتاري سينتقل الى القروض، وهو ما<br />
سيساعد دوال عربية للتخلص تدريجيا من شروط البنك<br />
الدولي.<br />
50.7 مليار دوالر خسائر األردن<br />
المتوقعة بسبب انقطاع الغاز المصري<br />
مع نهاية العام الحالي<br />
عمّ ان األناضول رجح رئيس جلنة الطاقة في مجلس النواب<br />
االردني النائب جمال قموة أن ترتفع خسائر االردن اإلجمالية<br />
نتيجة انقطاع امدادات الغاز املصري مع نهاية العام احلالي<br />
إلى 7.05 مليار دوالر.<br />
ووقعت مصر مع األردن عام 2004 اتفاقا مدته 15 عاما لتوريد<br />
250 مليون قدم مكعب من الغاز يوميا، بقيمة 2.5 دوالر للمليون<br />
وحدة حرارية بريطانية، إال أن احلكومة املصرية رفعت أسعار<br />
الغاز خالل أبريل/ نيسان 2011 ليصل إلى 5.7 دوالرات للمليون<br />
وحدة حرارية، فيما تقدر مصادر رسمية متوسط استيراد مصر<br />
للغاز بنحو 16 دوالر للمليون وحدة حرارية.<br />
وقال رئيس جلنة الطاقة في مجلس النواب االردني النائب<br />
جمال قموة إن خسائر شركة الكهرباء اململوكة بالكامل<br />
للحكومة بلغت خالل العام املاضي 1.36 مليار دوالر وبلغت<br />
خالل الفترة املنقضية من العام احلالي 1.97 مليار دوالر<br />
ويتوقع أن تصل الى ملياري دوالر مع نهاية هذا العام الفتا الى<br />
ان اخلسائر املتحققة منذ عام 2010 و حتى االن بلغت نحو 6.2<br />
مليار دوالر.<br />
وفي وقت سابق من العام اجلاري، قدرت احلكومة األردنية<br />
خسائرها نتيجة النقطاع الغاز املصري نحو 5 مليارات دوالر حتى<br />
اآلن وهي عبارة عن فروقات توليد الطاقة الكهربائية باستخدام<br />
الوقود الثقيل والديزل منذ تعرض خط الغاز للتفجيرات.<br />
وكان األردن يعتمد على ٪80 من الغاز املصري لتوليد<br />
الكهرباء، فيما يعتمد حاليا على الوقود الثقيل والسوالر، لتوليد<br />
الطاقة الكهربائية كبديل عن الغاز املصري.<br />
وأشار قموة إلى أن شركة الكهرباء قد حققت خسائر<br />
بأحجام مختلفة منذ العام 2010 إبان تذبذب امدادات الغاز<br />
الطبيعي املصري لألردن بسبب تعرض االنبوب الناقل للتفجيرات<br />
عدة مرات.<br />
وأضاف ان تلك اخلسائر في ارتفاع مستمر وبشكل يومي<br />
حيث حتولت شركة الكهرباء الوطنية اململوكة الستخدام الديزل<br />
»السوالر« بغرض توليد الطاقة الكهربائية بتكلفة مرتفعة.<br />
وتعرض اخلط الناقل للغاز املصري الطبيعي لالردن للتفجير<br />
اكثر من 19 مرة منذ االطاحة بنظام الرئيس املصري األسبق<br />
محمد حسني مبارك وتوقف االنبوب عن العمل نهائيا منذ يوليو/<br />
متوز من العام 2013.<br />
وقال النائب قموة إنه لم يتم حتى اآلن اعادة استئناف ضخ<br />
الغاز لألردن مبوجب االتفاقية املوقعة مع اجلانب املصري قبل<br />
عدة سنوات ومت تعديلها لتشمل السعر والكميات، وحتى عندما<br />
يتم الضخ فان الكميات ال تتجاوز 50 الى 100 مليون قد مكعب<br />
يوميا.<br />
وأشار الى ان حكومة باله تسعى إليجاد مصادر بديلة للغاز<br />
املصري الطبيعي وذلك لوقف نزيف اخلسائر التي تتعرض لها<br />
شركة الكهرباء الوطنية التي تتحول تلقائيا الى دين تتحمله<br />
خزينة الدولة.<br />
وبني قموة أن شركة الكهرباء حتقق خسائر فادحة نتيجة<br />
لدعم احلكومة ألسعار الكهرباء قبل ان تقوم برفعها تدريجيا منذ<br />
أغسطس/آب من العام املاضي وذلك للسيطرة على العجز املالي<br />
للشركة والوصول بعد سنوات الى نقطة التعادل بحيث تغطي<br />
األسعار التكلفة.<br />
وقال ان زيادة أسعار الكهرباء التي تطبق على مراحل<br />
استثنى الشرائح الفقيرة التي يقل استهالكها الشهري عن 70.5<br />
دوالرا شهريا إضافة الى استثناءات للقطاع الزراعي.<br />
وتقدر فاتورة الطاقة في االردن سنويا بنحو 6.5 مليار دوالر<br />
وهي تشكل ما نستبه ٪ 21 من الناجت احمللي االجمالي فيما كانت<br />
ال تتجاوز 3.7 مليار دوالر عام 2011 وبنسبة ٪13.3 من الناجت<br />
االجمالي للبالد أي قبل انقطاع الغاز املصري .<br />
وأعلنت احلكومة األردنية مساء االربعاء املاضي أنها بصدد<br />
التفاوض مع السلطة الفلسطينية لشراء الغاز من احلقل الذي مت<br />
اكتشافه في غزة مؤخرا وذلك كبديل عن الغاز املصري الذي بات<br />
مستبعدا اعادة ضخه لألردن حاليا.<br />
ووجه وزير الطاقة والثروة املعدنية االردني محمد حامد<br />
اجلهات احمللية اخملتصة لالسراع في عمليات تطوير حقل الريشة<br />
الغازي الذي قال انه حقل واعد في انتاج الغاز.<br />
ويواجه االردن حتديات اقتصادية كبيرة واملتمثلة بعجز<br />
مالي مقدر لهذا العام بحوالي 1.5 مليار دوالر ومديونية جتاوزت<br />
28 مليار دوالر ويتوقع ان تصل الى 30 مليار دوالر مع نهاية العام<br />
احلالي نتيجة الرتفاع فوائد الدين العام وطرح احلكومة لسندات<br />
دوالرية في االسوق العاملية بكفالة الواليات املتحدة .<br />
وارتفعت األعباء املالية على االردن نتيجة الستضافته حوالي<br />
1.6 مليون الجىء سوري لإلنفاق على كافة اجملاالت اضافة<br />
الى الضغوط على البنى التحتية والنواحي االمنية واالجتماعية<br />
وارتفاع الطلب على السلع الغذائية وارتفاع فاتورة الدعم. وأعلنت<br />
احلكومة األردنية يوم األربعاء املاضي أنها قدمت 3.1 مليار دوالر<br />
كدعم للسلع واخلدمات العام املاضي.
Volume 26 - Issue 7839 Sunday 17 August 2014<br />
33 32<br />
السنة السادسة والعشرون العدد 7839 االحد 17 آب )أغسطس( 2014 21 شوال 1435ه<br />
رياضة<br />
رياضة<br />
المحاكمات الرياضية..<br />
هل تُطور كرة القدم<br />
أم تعرقل الالعبين؟<br />
لندن - القدس العربي:<br />
اجتهت أنظار اجملتمع الرياضي طوال األيام القليلة<br />
املاضية نحو مدينة لوزان السويسرية، حيث كانت<br />
محكمة التحكيم الرياضي هناك تقوم بالنظر في قضية<br />
الاعب لويس سواريز، مهاجم أوروجواي، الذي<br />
عوقب باحلرمان من اللعب ملدة أربع شهور، فيما فتحت<br />
هذه احملاكمة الباب أمام كثير من األسئلة التي تتعلق<br />
باحملاكمات الرياضية وانعكاسها على الاعبني، وعلى<br />
رياضة كرة القدم بشكل عام.<br />
وقضت احملكمة الرياضية بتثبيت العقوبة التي<br />
فرضها االحتاد الدولي لكرة القدم )الفيفا( على سواريز،<br />
والتي تقضي بحرمانه من اللعب ملدة أربعة شهور، اضافة<br />
الى تسعة مباريات دولية قادمة، وهو ما سيحرم الاعب<br />
من مناسبات هامة، إال أن احملكمة سمحت لسواريز<br />
بالتدريب وممارسة األلعاب الرياضية غير املباريات،<br />
وهو ما أتاح له املشاركة في التدريبات التي بدأت في<br />
نادي برشلونة بحضوره يوم اجلمعة املاضية.<br />
وقالت احملكمة الرياضية في بيانها الذي اطلعت<br />
عليه »القدس العربي« إنها »وجدت أن العقوبات<br />
املفروضة على الاعب تتناسب بشكل عام مع اخلطأ الذي<br />
ارتكبه«، إال أنها اعتبرت أن »إيقاف الاعب عن دخول<br />
االستادات وااليقاف عن أي أنشطة لها مبالغ فيها بالنظر<br />
الى أن مثل هذه االجراءات غير مائمة لتجرم اخلطأ<br />
الذي ارتكبه الاعب وسيكون لها تأثير على أنشطته<br />
عقب نهاية االيقاف«.<br />
وكان سوايرز قد ارتكب انتهاكاً نادر احلدوث<br />
في استادات كرة القدم، حيث عضَّ املدافع االيطالي<br />
جيورجيو كيليني خال مباراة لعب فيها كل منهما في<br />
مونديال كأس العالم الذي أقيم في البرازيل الشهر<br />
املاضي.<br />
وكان العشرات من مشجعي سواريز قد جتمعوا<br />
أمام قاعة احملكمة في سويسرا عندما وصل اليها الاعب<br />
من أجل االدالء بافادته قبل أسابيع، في حالة تشبه<br />
االحتجاج على عقوبة الفيفا، ومتثل تأييداً له وضغطاً<br />
على احملكمة من أجل إسقاط العقوبة التي فرضها عليه<br />
»الفيفا« بعد املباراة املشار اليها في كأس العالم.<br />
ويتساءل الكثير من احملللني واملراقبني عن جدوى<br />
وأهمية احملاكمات الرياضية، في الوقت الذي يرى فيه<br />
كثيرون بأنها متثل ماذاً مهماً لاعبني الذين يشعرون<br />
بتعسف في استخدام السلطة من قبل »الفيفا«، وأحيانا<br />
من قبل الهيئات املنظمة للمباريات واأللعاب الرياضية<br />
فغي بادهم.<br />
ويذهب احمللل الرياضي املصري صاح رشاد الى<br />
اعتبار أن احملكمة الرياضية في سويسرا هي »املاذ<br />
األخير للمظلومني«، معتبراً تأسيسها في العام 1984<br />
مبثابة اجناز كبير في مجال إحقاق احلقوق في اجملتمع<br />
الرياضي، واحلفاظ على حقوق ومكتسبات الاعبني.<br />
وبحسب رشاد فان احملكمة ظهرت كنتيجة لكثرة<br />
النزاعات الرياضية التي حدثت في العالم وال تزال<br />
حتدث في احلقل الرياضي، مشيراً الى أن الرياضيني<br />
كانوا »في أمس احلاجة إلي إنشاء محكمة رياضية<br />
دولية تعنى بحل النزاعات الدولية من خال التحكيم<br />
أو التوسط وحسب حاجة القائمني علي شؤون الرياضة<br />
من أجل حسم الدعاوى بني الفيفا واالحتادات الوطنية<br />
والاعبني واألندية ووكاء الاعبني«.<br />
وفي الوقت الذي يثني فيه رشاد على احملكمة ويعتبر<br />
أنها اجناز كبير للمجتمع الرياضي العاملي، فان املنتقدين<br />
يقولون إن هذه احملكمة تواجه عدداً من االشكاالت، أولها<br />
أنها ال تزال غير فعالة وال تصل الكثير من النزاعات اليها،<br />
خاصة النزاعات في العالم العربي الذي ال زالت العديد<br />
من دوله غير منضمة الى احملكمة، بحسب ما قال صحفي<br />
رياضي ل»القدس العربي«.<br />
أما املشكلة األخرى التي يشير إليها بعض احملللني<br />
فهي أن الصاحيات التي تتمتع بها احملكمة، واجملاالت<br />
التي تعمل فيها، محدودة وال تطال كافة املشاكل واألزمات<br />
التي مير بها الاعبون واجملتمع الرياضي، خاصة إذا كان<br />
احلديث عن نزاعات على مستوى النوادي الثانوية وغير<br />
الكبرى في بادها.<br />
وينص النظام األساسي للمحكمة على أنه »ميكن<br />
اللجوء فقط الى احملكمة الرياضية الدولية بعد استنفاد<br />
كل القنوات الداخلية األخرى«، كما ينص أيضاً على<br />
أن »ال تتعامل احملكمة مع االستئنافات املرفوعة في كل<br />
من اجملاالت التالية: )أ( انتهاكات قوانني اللعبة. )ب(<br />
عقوبات إيقاف الرياضيني إال إذا كانت أكثر من ثاثة<br />
أشهر«.<br />
نظرة عامة<br />
تأسست احملكمة الدولية املستقلة للتحكيم الرياضي<br />
عام 1984 في مدينة لوزان بسويسرا وقد انضمت إليها<br />
حتي اآلن )87( دولة.<br />
يعمل في احملكمة أكثر من 300 قاض أو محكم من<br />
مختلف دول العالم، وتطبق النظام األساسي للفيفا،<br />
إضافة للقانون السويسري علي االحتادات األعضاء<br />
أو الروابط وهي جهة قضائية معترف بها من القانون<br />
السويسري ودول العالم.<br />
قرارات احملكمة ملزمة جلميع املؤسسات الرياضية<br />
في العالم مبا فيها االحتاد الدولي لكرة القدم وهي جهة<br />
قضائية مستقلة.<br />
تفصل احملكمة في حوالي 200 قضية سنوياً .<br />
من أبرز القضايا العربية التي نظرت فيها احملكمة<br />
قضية الاعب البرازيلي إميرسون اجملنس قطرياً والتي<br />
رفعها االحتاد العراقي ضد نظيره القطري على اعتبار أن<br />
الاعب غير مؤهل قانوناً الرتداء فانلة املنتخب القطري<br />
وذلك الشتراكه مع منتخبني لدولتني مختلفتني.<br />
تتخذ احملكمة من مدينة لوزان السويسرية مقراً<br />
دائماً لها، لكن لها فروع في نيويورك وسيدني أيضاً ، كما<br />
يتم إنشاء محاكم مؤقتة في املدن املستضيفة لأللعاب<br />
األوملبية.
رياضة<br />
Volume 26 - Issue 7839 Sunday 17 August 2014<br />
35 34<br />
السنة السادسة والعشرون العدد 7839 االحد 17 آب )أغسطس( 2014 21 شوال 1435ه<br />
رياضة<br />
ثمانية من نجوم الكرة قرروا االنسحاب خالل شهر واحد<br />
موسم اعتزال اللعب الدولي<br />
فيها، حيث أنهم يجتذبون جمهوراً كبيراً من<br />
مشجعي لعبة كرة القدم، وهو اجلمهور الذي يدفع<br />
مبالغ ضخمة من أجل حضور املباريات واجللوس<br />
على مقاعد املشجعني في مالعب كرة القدم.<br />
وبحسب املعلومات التي تسربت من البرازيل<br />
فان مئات آالف املولعني بكرة القدم وصلوا الى<br />
هناك الشهر املاضي حلضور مباريات كرة القدم<br />
ضمن مونديال 2014، وهو ما يعني أن مبالغ مالية<br />
ضخمة تدفقت على البالد جاء بها املولعون بكرة<br />
القدم.<br />
وفي بريطانيا التي بدأ فيها الدوري االنكليزي،<br />
فان أسعار تذاكر املباريات سجلت ارتفاعاً كبيراً<br />
دفع املشجعني الى التظاهر ضد هذه األسعار<br />
التي تفرضها النوادي االنكليزية. ويصل سعر<br />
التذكرة الواحدة في مباريات الدوري االنكليزي<br />
الى أكثر من 1000 جنيه استرليني )1600 دوالر(،<br />
فيما ال متنع هذه األسعار املرتفعة عشاق الكرة<br />
من التهافت نحو شراء التذاكر في أوقات مبكرة<br />
حلضور املباريات الساخنة.<br />
اسم الالعب<br />
ستيفن جيرارد<br />
تشافي هيرنانديز<br />
هوارد ويب<br />
ديدييه دروجبا<br />
سمير نصري<br />
ميروسالف كلوسه<br />
فرانك ريبيري<br />
ايريك ابيدال<br />
أبرز المعتزلين بعد المونديال<br />
تاريخ االعتزال<br />
النادي/ المنتخب<br />
منتخب انكلترا<br />
اسبانيا / العب وسط<br />
مالحظات<br />
حكم دولي<br />
21 يوليو 2014<br />
05 أغسطس 2014<br />
06 أغسطس 2014<br />
08 أغسطس 2014<br />
10 أغسطس 2014<br />
11 أغسطس 2014<br />
13 أغسطس 2014<br />
14 أغسطس 2014<br />
-<br />
ساحل العاج/ مهاجم<br />
منتخب فرنسا<br />
منتخب ألمانيا / مهاجم<br />
نادي بايرن ميونخ / ألمانيا<br />
اولمبياكوس/ اليونان<br />
1<br />
2<br />
3<br />
4<br />
5<br />
6<br />
7<br />
8<br />
لندن - »القدس العربي«:<br />
تسابق عدد من جنوم كرة القدم العاملية نحو<br />
االعتزال خالل االيام القليلة املاضية، خاصة<br />
اعتزال اللعب الدولي، في ظاهرة الفتة تفتح الباب<br />
أمام الكثير من األسئلة حول األسباب التي تدفع<br />
هؤالء الالعبني لالعتزال وترك اللعب، خاصة<br />
املباريات الدولية.<br />
ويقول مراقبون إن األسباب وراء موجة<br />
االعتزال األخيرة تتباين بني موعدها الذي يأتي<br />
في أعقاب مونديال كأس العالم والذي يعتبر<br />
موسماً العادة االنتشار والتموضع بالنسبة<br />
لالعبني في املنتخبات املهمة بالعالم، والنوادي<br />
الرئيسية، وصوالً الى أسباب إدارية تتعلق<br />
بالنوادي واملنتخبات التي يلعب في صفوفها<br />
هؤالء املعتزلني.<br />
ورصدت »القدس العربي« قائمة تضم ثمانية<br />
من أبرز وأهم الالعبني الكرويون في العالم الذين<br />
اعتزلوا خالل شهر واحد فقط، أي منذ أواخر<br />
شهر متوز/ يوليو املاضي وحتى حلظة إعداد<br />
هذا التقرير، أو منذ انتهاء مباريات كأس العالم<br />
2014 في البرازيل الشهر املاضي وحتى منتصف<br />
شهر آب/ أغسطس احلالي، وهو رقم يعتبر كبيراً<br />
نسبياً . وأرجع محلل رياضي حتدث ل»القدس<br />
العربي« موجة االعتزال التي يشهدها العالم<br />
الرياضي في الوقت الراهن الى مجموعة من<br />
األسباب في مقدمتها انتهاء مباريات كأس العالم،<br />
مبا ميثل موسماً العادة االنتشار والتموضع<br />
بالنسبة للعديد من الالعبني، مشيراً الى أن الكثير<br />
من الالعبني يقوم باعادة تقييم أدائه في أعقاب<br />
املناسبات الدولية الهامة مثل كأس العالم، كما<br />
أن بعض الالعبني اآلخرين يجد نفسه وقد حقق<br />
مستويات جيدة غير مسبوقة تدفعه الى اعتبار<br />
أنه متكن من حتقيق أحالمه الكروية من مداليات<br />
وكؤوس وانتصارات مختلفة.<br />
وميثل ميروسالف كلوسه مهاجم أملانيا<br />
مثاالً مهماً على جنم كروي قرر االعتزال الدولي<br />
بعد أن ذاع صيته، وعال جنمه، حيث أنه ثاني<br />
أكثر الالعبني خوضاً للمباريات مع أملانيا برصيد<br />
137 وال يتفوق عليه سوى النجم السابق لوثار<br />
ماتاوس. وكانت أولى مبارياته الدولية في 2001<br />
ومضى ليصبح هداف أملانيا على مر العصور<br />
برصيد 71 هدفاً .<br />
سمير نصري.. حالة فريدة<br />
ويرى محلل رياضي حتدث ل»القدس<br />
العربي« أن أحد أبرز املعتزلني في املوجة اجلديدة<br />
هو العب املنتخب الفرنسي سمير نصري، إال أنه<br />
يشير الى وجود »ظروف خاصة« وراء اعتزال<br />
نصري، حيث كانت خالفات شخصية دبت بينه<br />
وبني املدرب وبعض املسؤولني في املنتخب ما<br />
أدى الى مغادرته املنتخب الفرنسي.<br />
وكان نصري قال للصحافيني: »أواجه<br />
اتهامات وتعاني أسرتي جراء ذلك. ال أريد<br />
ألسرتي أن تعاني ولذلك أرى أن من االفضل<br />
التوقف والتركيز على مسيرتي مع النادي«.<br />
وخاض نصري 41 مباراة دولية وعرف عنه<br />
إثارته للجدل وعوقب بااليقاف لثالث مباريات<br />
بعدما اشتبك لفظيا مع صحفي عقب خسارة<br />
فرنسا أمام اسبانيا في دور الثمانية لبطولة<br />
أوروبا 2012. وغاب الالعب ايضا عن كأس<br />
العالم 2010 بعدما استبعده املدرب السابق رميون<br />
دومينيك من التشكيلة.<br />
وباعتزال العديد من جنوم كرة القدم اللعب<br />
الدولي، فانهم سيغيبون عن جمهورهم بشكل<br />
شبه نهائي، في الوقت الذي يعتبر هؤالء النجوم<br />
مبثابة ثروات هامة لبالدهم أو للفرق التي يلعبون
Volume 26 - Issue 7839 Sunday 17 August 2014<br />
37 36<br />
السنة السادسة والعشرون العدد 7839 االحد 17 آب )أغسطس( 2014 21 شوال 1435ه<br />
مدن وآثار<br />
مدن وآثار<br />
سحر خاص جعلها بين اآلثار األكثر رومانسية في العالم<br />
شالة المغربية: مختصر الحضارات<br />
األمازيغية والرومانية واإلسالمية<br />
املوحدي مدينة الرباط، همشت شالة<br />
مجددا إلى أن جاءها املرينيون ليعيدوا<br />
إليها ألقها ودورها احلضاري. فبنوا فيها<br />
مدرسة ومسجدا مبئذنة بديعة املعمار، وهي<br />
مئذنة أبي احلسن املريني، ومقبرة للملوك<br />
والشرفاء. ويعتبر قبر أبي احلسن من أجمل<br />
مآثر شالة. كما أن فيها خلوة كان يعتزل<br />
فيها كثير من شعراء ذلك الزمن. وقد اختار<br />
السلطان املريني األول أبو يوسف يعقوب<br />
أن يبني على مقربة من بقايا مدينة سا<br />
الرومانية مسجدا من طابقني زوده مبساكن<br />
لطاب العلم، كما كان مقاما لعابري السبيل.<br />
ثم دفن فيه مع زوجته شمس الضحى،<br />
التي كانت مسيحية واعتنقت اإلسام،<br />
وأربعة من خلفائه. وحظيت شالة على عهد<br />
السلطان أبي احلسن باهتمام بالغ. أما ابنه<br />
السلطان أبو عنان املريني فقد أهتم ببناء<br />
مدرسة شمال املسجد، إضافة إلى حمام<br />
ودار للنزالة. وزين أضرحة أسافه بقبب<br />
مزخرفة تعتبر منوذجا حيا للفن املعماري<br />
املتميز لدولة بني مرين.<br />
تعرضت شالة مجددا للتهميش بعد<br />
قرار املرينيني إعادة فتح مقبرة القلة بفاس.<br />
فأهملت بناياتها، وتعرضت بداية القرن<br />
15 للنهب والتدمير. لتمسي بتاريخها<br />
احلضاري مقبرة ومحجا على هامش<br />
مدينة رباط الفتح لسكان املنطقة، ثم معلما<br />
تاريخيا متميزا في العصر احلديث. شالة<br />
اليوم مزار أثري طبيعي مبناظر خابة، ال<br />
سيما في فصل الربيع. كما تعرضت سنة<br />
1755 لزلزال قوي دمر كثيرا من معاملها<br />
وبقيت على حالها لعدة عقود. ولشالة<br />
سحر خاص جعلها تعد ضمن اآلثار األكثر<br />
رومانسية في العالم، وقد عدها املغرب<br />
منذ العقود األولى من القرن 20 من املباني<br />
التاريخية واملواقع واملناطق املرتبة في عداد<br />
اآلثار في والية الرباط. وخص منها كا من<br />
البقايا األثرية ملوقع شالة )ظهير بتاريخ 19<br />
تشرين الثاني/نوفمبر - 1920 ج. ر، رقم<br />
423 في 23 تشرين الثاني/نوفمبر 1920(،<br />
وسور موقع شالة الذي بني في القرن 14<br />
)1339( وهو سور خماسي األضاع مدعم<br />
بعشرين برجا مربعا وثاث بوابات أكبرها<br />
وأجملها زخرفة وعمارة البوابة الرئيسية<br />
للموقع املقابل للسور املوحدي لرباط الفتح<br />
)قرار وزيري بتاريخ 5 آب/أغسطس 1932<br />
- ج. ر، رقم 1035 في 26 آب/أغسطس<br />
.)1932<br />
الطبيعة األثرية والتاريخية والعلمية<br />
والفنية اجلمالية أو األصيلة. والتي تكتسي<br />
أهمية وطنية أو عاملية. سواء كانت هذه<br />
األشياء معزولة أو على شكل مجموعة،<br />
وتزود وزارة الثقافة إدارة اجلمارك<br />
سنويا بائحة املنقوالت املسجلة أوليا<br />
حلمايتها أو تلك املصنفة واحملمية بصفة<br />
نهائية. كما تطلعها في حالة إضافة أسماء<br />
جديدة بعد تسجيلها أو تصنيفها من لدن<br />
الوزارة. ويقضي طلب وزارة الثقافة بحظر<br />
تصدير أي مواد منقولة أو مصدرها مبان<br />
مسجلة أو مصنفة، ما عدا حاالت خاصة<br />
متنح فيها تراخيص تصدير مؤقتة من قبل<br />
السلطات اخملتصة إبان املعارض بغرض<br />
الترميم أو بهدف إجراء دراسات عليها في<br />
اخلارج. ويشمل حظر التصدير الكلي أو<br />
اجلزئي خارج األراضي املغربية كل املواد<br />
املتحصل عليها نتيجة هدم مبان مصنفة<br />
أو مسجلة، ويترتب على عمليات التصدير<br />
غير املشروعة للقطع الفنية والتحف األثرية<br />
عقوبات حبسية وغرامات مالية. وقد تصل<br />
العقوبة احلبسية حد السجن 3 سنوات،<br />
بينما تتراوح الغرامة ما بني 20 ألف درهم<br />
إلى 200 ألف درهم )الدوالر يساوي حوالي<br />
8.5 دراهم( وقد يجمع بني العقوبتني أو<br />
يكتفى بإحداها فقط. وأكدت اجلمارك في<br />
بيان سابق أن »مصاحلها ستواصل فرض<br />
احلصول على إذن مسبق لعمليات تصدير<br />
القطع الفنية أو األثرية التي يشكل احلفاظ<br />
عليها أهمية خاصة لفن وثقافة وتاريخ<br />
املغرب«.<br />
ويرى باحثون مغاربة في علم اآلثار أن<br />
اإلجراء الذي اتخذته اجلمارك يبقى إجراء<br />
أوليا وغير كاف في ظل النقص احلاد في<br />
عدد موظفي وزارة الثقافة، والغياب شبه<br />
الكلي ألي حماية أمنية للمواقع التاريخية<br />
املصنفة أو غير املصنفة كإرث تاريخي<br />
وطني. ويشير الباحثون إلى أن املغرب ال<br />
ميتلك جردا باآلثار املسروقة سنويا ألنها<br />
غير معروفة لدى وزارة الثقافة، وأن املغرب<br />
يضم نحو 15 ألف موقع أثري بني آثار<br />
معروفة وصغيرة ومواقع ما قبل املياد وما<br />
بعده وأخرى إسامية. إضافة إلى أضرحة<br />
وحصون عسكرية ومدن عتيقة مطمورة<br />
حتت التراب ال يعرفها سوى الباحثون<br />
املتخصصون في علم اآلثار.<br />
شالة مدينة مدرجة ضمن الئحة املواقع<br />
األثرية العاملية ملنظمة األمم املتحدة للتربية<br />
والعلم والثقافة- اليونيسكو- منذ سنة<br />
2012. ويحتضن موقعها األثري منذ سنة<br />
2005 مهرجانا سنويا ملوسيقى اجلاز<br />
األوروبي.<br />
سرقة آثار<br />
الرباط - »القدس العربي«:<br />
مصعب السوسي<br />
على بعد نحو كيلومترين جنوب شرق<br />
مركز العاصمة املغربية الرباط وبعيدا جدا<br />
عن صخبها وحركة التنقل منها وإليها،<br />
وعلى بعد قرون من الزمن، تقع مدينة<br />
شالة األثرية بأطالها الرومانية وآثارها<br />
اإلسامية ومناظرها اخلابة. آثار ترجع<br />
بالزائر إلى القرن السادس قبل املياد،<br />
فاملوقع ضارب جذوره احلضارية عميقا في<br />
هذه األرض.<br />
تذكر كتب التاريخ القدمي شالة على<br />
انها مدينة صغيرة تقع على نهر يحمل<br />
اسم »سا كولونيا« Colonia( ،)Sala<br />
والذي يسمى حاليا بنهر أبي رقراق. واختار<br />
الفينيقيون املوضع الذي تشغله شالة كأول<br />
نبع ماء قابلوه قرب املصب، فكانت املنطقة<br />
مبثابة املركز التجاري للفينيقيني في املغرب<br />
األقصى. وفي القرن الرابع قبل املياد<br />
أقام الرومان في املوقع احلالي لشالة، أو<br />
مستوطنة سا، في مكان كان حينها محتا<br />
من طرف الفينيقيني وهي مدينة سا حاليا.<br />
والتي ستصبح بعدها مرفأ مزدهرا إلى<br />
نهاية اإلمبراطورية الرومانية.<br />
موقع استراتيجي<br />
وقد وجد الفينيقيون املنطقة قبل نحو<br />
3 آالف سنة مأهولة بسكان من عنصر<br />
»اجليتول األمازيغي« الذين كانوا منتشرين<br />
في جل ربوع شمال إفريقيا، وهم سكان<br />
»جزولة« باللسان العربي. وذكر الرحالة<br />
اإلدريسي )1099- 1160( أن جزولة في<br />
القرن 12 ميادي كانت تشغل منطقة متتد<br />
من مراكش إلى سا، حيث كان دورها هاما<br />
جدا في احلياة السياسية املغربية إلى عهد<br />
العلويني في القرن 17.<br />
شالة من أهم املدن التي ارتبط بها موقع<br />
سيسمى تاريخيا فيما بعد برباط الفتح،<br />
والتي كانت حتى ظهور دولة املرابطني<br />
مجرد فضاء متسع شمالي مدينة شالة<br />
ترتبط بها إداريا وتاريخيا. وبلغت شالة<br />
أوج عظمتها أوائل القرن الثالث امليادي،<br />
إذ كانت املرسى الوحيد للمراكب الرومانية<br />
التي متدهم باحملاصيل الزراعية. وجتلب<br />
أصنافا عدة من املصنوعات الرومانية إليها.<br />
وقبل ظهور اإلسام في املغرب كانت قبيلة<br />
مصمودة األمازيغية تشكل أكبر قوة بشرية<br />
في املنطقة وفي سواحل األطلسي. وقد كان<br />
الرومان يسعون إلى السيطرة التامة على<br />
ضفتي نهر أبي رقراق، لذا فقد عملوا على<br />
اقتاع عنصر اجليتول ذي النزعة املقاومة<br />
من املنطقة.<br />
كل ازدهار<br />
حضاري يعقبه تهميش<br />
في العهد اإلسامي، أصبحت تسمية<br />
»سا« مقتصرة على املدينة احلديثة الواقعة<br />
على الضفة اليمنى للوادي، أما املوقع األثري<br />
فسمي »شالة«. وقد ازدهرت شالة بداية<br />
خال عهدي امللكني األمازيغيني يوبا األول<br />
ويوبا الثاني، فابنه بطليموس املوريتاني،<br />
حيث جهزت بعدة بنايات عمومية جسدت<br />
التأثير الهليني والروماني على العمارة في<br />
عهد املمالك األمازيغية، كما سكت نقودا حتمل<br />
اسمها. وبعد اغتيال بطليموس سنة 40<br />
ميادية، شهدت املدينة حتوال جديدا حتت<br />
احلكم الروماني متيز بتغيير في مكوناتها<br />
احلضرية، فتم إنشاء الساحة العمومية<br />
واحلمامات واملعبد الرئيسي. وحصنت<br />
شالة بسور امتد من الساحل األطلسي إلى<br />
حدود وادي عكراش. وفي سنة 144 أحيطت<br />
املدينة بسور دفاعي، لتظل حتت االحتال<br />
الروماني حتى أواخر القرن الرابع وبداية<br />
القرن اخلامس امليادي. وبعض حدود<br />
املدينة القدمية غير معروف اليوم، إذ لم يتم<br />
اكتشاف سوى احلي العمومي إضافة إلى<br />
جانبي طريق رئيسي يسمى « ديكومانوس<br />
ماكسموس«. وهو مرصف ينتهي في جهته<br />
الشرقية بساحة عمومية على شاكلة املنتدى<br />
الروماني Romanum( .)Forum وفي<br />
الساحة معبد مكون من 5 مقصورات تبرز<br />
أيضا التأثير املعماري املوري األمازيغي<br />
في العمارة الرومانية. إضافة إلى »حوض<br />
احلوريات« ومخازن عمومية وحمامات.<br />
وشماال تظهر بقايا املعبد الرسمي وهو بناية<br />
ضخمة بني جزء منها فوق صف من الدكاكني<br />
املقببة، ويضم فضاء شالة أيضا كا من<br />
قوس النصر وبضع أجزاء من الواجهة<br />
الرئيسية لدار العدالة.<br />
في الفترة ما بني القرن اخلامس والقرن<br />
العاشر امليادي تعرضت شالة، ومن<br />
معانيها في اللغة األمازيغية: احلاضرة،<br />
إلى بعض التهميش. حيث اتخذت كموقع<br />
يرابط فيه الفرسان ملواجهة قبيلة برغواطة<br />
التي أسست دولة لها في منطقة تامسنا<br />
)تعني باألمازيغية: السهل اخلالي، وهي<br />
منطقة تاريخية امتدت بني وادي أبي رقراق<br />
ووادي أم الربيع - منطقة الشاوية سطات<br />
وزعير حاليا( على الساحل األطلسي بني<br />
آسفي وسا. وبعدما أسس يعقوب املنصور<br />
تعني كلمة شالة أيضا في اللغة<br />
األمازيغية الوفرة والكثرة، فقد بنيت<br />
في مكان يتوفر فيه كل ما هو ضروري<br />
لاستقرار. وفي عهد الفينيقيني صار اسمها<br />
»شاال« ثم أصبحت »سا« في عهد الرومان.<br />
وهذا االسم انتقل إلى مدينة سا احلالية<br />
التي كانت متثل ضاحية لشالة.<br />
ويدق باحثون في الثقافة والتراث<br />
منذ سنوات ناقوس اخلطر الذي يتهدد<br />
هذا املوقع األثري، حيث يعتبر بعضهم<br />
اإلهمال الذي تعاني منه شالة شاهدا على<br />
السياسة العامة لوزارة الثقافة التي ال تولي<br />
اهتمامها بهذا املعلم التاريخي بعد السرقات<br />
املتكررة التي تعرضت لها. مطالبني مبراجعة<br />
السياسة الثقافية للمغرب برمتها، بعد<br />
السرقات التي تعرض لها قبر أبي احلسن<br />
املريني، حيث مثل احلادث كارثة ثقافية<br />
وتاريخية وحضارية للمغرب.<br />
وتتعرض آثار موقع شالة لإلهمال<br />
والسرقات بحكم موقعها القصي واملنفرد،<br />
وكانت وزارة الثقافة قد راسلت إدارة<br />
اجلمارك املغربية تطالبها بإحداث دورية<br />
ملراقبة تصدير القطع الفنية والتحف<br />
األثرية أواخر سنة 2009. وطلبت الوزارة<br />
من مصالح اجلمارك مراقبة املنقوالت، مبا<br />
فيها الوثائق واألرشيف واخملطوطات ذات
Volume 26 - Issue 7839 Sunday 17 August 2014<br />
39 38<br />
السنة السادسة والعشرون العدد 7839 االحد 17 آب )أغسطس( 2014 21 شوال 1435ه<br />
علوم وتكنولوجيا<br />
علوم وتكنولوجيا<br />
العالم يترقب الكشف عن الهاتف الجديد خالل أسابيع<br />
»آيفون 6« سيكون في حجمين وكاميرا متعددة العدسات غير قابلة للكسر<br />
طائرة تجسس بدون<br />
طيار ب150 دوالرا فقط<br />
لندن - »القدس العربي«:<br />
محمد عايش<br />
ما زال املولعون بالتكنولوجيا في حالة انتظار وترقب لهاتف »آيفون<br />
6« املتوقع أن تكشف عنه شركة »أبل« األمريكية في التاسع من شهر أيلول/<br />
سبتمبر املقبل، في الوقت الذي تتزايد فيه وتيرة التوقعات والشائعات<br />
بشأن املواصفات احملتملة للجهاز، والتي يجمع املراقبون على أنها ستكون<br />
استثنائية وغير مسبوقة في عالم الهواتف الذكية.<br />
ورصدت »القدس العربي« العديد من التسريبات التي تتحدث عن<br />
مواصفات الهاتف اجلديد والتي تنوعت بني املزايا الداخلية، والتحديثات<br />
من حيث الشكل والشاشة والتي تشغل أذهان املستخدمني أيضاً ، فيما<br />
يبدو ان »آيفون 6« قد يسجل قفزة في عالم الهواتف الذكية في حال صحت<br />
التسريبات والتوقعات بشأنه والتي زاد حجمها بسبب طول اإلنتظار.<br />
ومن بني املواصفات التي تأكدت بصورة شبه قاطعة هي أن هاتف<br />
»آيفون 6« سيكون بنسختني األولى بشاشة كبيرة حجمها 5.5 انش،<br />
والثانية بشاشة عادية قياسها 4.7 انش، لتكون شركة »أبل« قد دخلت بذلك<br />
في منافسة واضحة مع »سامسونغ« الكورية التي حققت جناحاً كبيراً عندما<br />
طرحت هاتفها الشهير »غاالكسي نوت« بشاشته الكبيرة.<br />
المعالج األسرع في العالم<br />
وكشفت جريدة »دايلي ميرور« البريطانية في تقرير لها أن »آيفون 6«<br />
سيحتوي على اجليل اجلديد من معاجلات البيانات )A8(، والتي ستكون<br />
األسرع في العالم، وهو ما سيؤدي الى رفع مستوى أداء الهاتف وسرعته<br />
في تنفيذ األوامر.<br />
وبحسب الصحيفة فإن هاتف »آيفون 6« سيضم أسرع القط »واي فاي«<br />
في العالم، ليتمتع مستخدموه بسرعة انترنت فائقة عبر »واي فاي« تتجاوز<br />
السرعات التي توفرها أجهزة الكمبيوتر، فضاً عن قدرة الهاتف على التقاط<br />
شبكات بعيدة.<br />
وبحسب املعلومات التي نشرتها »دايلي ميرور« فإن شركة »أبل« طورت<br />
قدرة التقاط شبكات ال«واي فاي« في الهاتف اجلديد »آيفون 6« إضافة الى<br />
تطوير قدرات اإلستشعار من أجل التعرف على بصمة صاحبه.<br />
محفظة نقود<br />
لكن تقارير عديدة، ومن بينها ما نشرته صحيفتا »دايلي ميرور«<br />
و«دايلي ميل« البريطانيتان، تشير الى أن امليزة األهم التي ستحملها هواتف<br />
»آيفون 6« هي الشريحة الذكية املسماة )NFC( وهي التي تتيح حتويل<br />
الهاتف النقال الى محفظة نقود، لتستخدم في عمليات الدفع املالي عن بعد،<br />
وهي الشريحة ذاتها املستخدمة في البطاقات اجلديدة التي طرحتها شركة<br />
»فيزا« العاملية من أجل الدفع عن بعد ودون احلاجة لتعبئة كلمة املرور أو<br />
مترير البطاقة على جهاز الدفع.<br />
وكشفت »دايلي ميل« مؤخراً أن شركة »أبل« جتري مباحثات مع كبريات<br />
شركات الدفع العاملية، مثل »فيزا« و«ماستر كارد« من أجل التوصل الى<br />
إتفاقات إلصدار بطاقات دفع وائتمان تكون مخزنة في هواتف »آيفون« دون<br />
احلاجة الى حمل بطاقات باستيكية تقليدية من قبل املستخدمني.<br />
غير قابل للكسر<br />
الى ذلك، فإن مشكلة تفتت الهيكل عند إرتطام الهاتف باألرض، تغلبت<br />
عليها شركة »أبل« هذه املرة بعد أن حتولت الى »بزنس« كبير. حيث يضطر<br />
آالف ورمبا مايني املستخدمني حول العالم يومياً الى تغيير هياكل هواتفهم،<br />
وغالباً ما يشترون هياكل باستيكية مقلدة مصنوعة في الصني يتراوح ثمن<br />
الواحد منها بني 10 و20 دوالراً فقط، لكنها ال تعمر طوياً .<br />
وتقول أحدث املعلومات املتداولة حول »آيفون 6« إن الكريستال<br />
غير القابل للكسر سوف يدخل في صناعته مبا يجعله أكثر قوة ومقاومة<br />
للضربات والصدمات، فضاً عن أن شاشة الهاتف ستكون مصنوعة هي<br />
األخرى من زجاج أقوى بكثير من ذلك املستخدم في هواتف »آيفون«<br />
السابقة، لكنها في الوقت ذاته ستظل أضعف من الهيكل الذي سيحتوي على<br />
الكريستال.<br />
ونشرت »دايلي ميل« تقريراً قالت فيه إن شعار شركة »أبل« املثبت خلف<br />
اجلهاز سيكون غير قابل للكشط أو املسح أو التشويه ويحافظ على ملعانه،<br />
وال ميكن أن يتكسر أو يتفتت.<br />
سماعات وكاميرا مختلفة<br />
ونشرت العديد من املواقع االلكترونية املتخصصة في متابعة أحدث<br />
صرعات التكنولوجيا والهواتف الذكية معلومات مفادها أن الهاتف اجلديد<br />
سوف يكون مزوداً بسماعات عالية اجلودة من شركة )Beats( العاملية،<br />
على أنَّ مرد هذه املعلومات الى أن »أبل« كانت مؤخراً قد استحوذت على هذه<br />
الشركة مقابل ثاث مليارات دوالر في حترك منها للتطوير وللدخول في عالم<br />
االلكترونيات السمعية.<br />
وكشف موقع إخباري صيني، نقاً عن مصدر في شركة »فوكسكون«<br />
التي تقوم بانتاج الهاتف حلساب »أبل« إن »آيفون 6« سيتضمن ألول مرة في<br />
تاريخ الهواتف الذكية كاميرا تصوير بارزة ميكن لصاحبها أن يقوم بتغيير<br />
عدساتها وفقاً للحاجة، لتكون بذلك كاميرا أقرب الى أدوات احملترفني ولديها<br />
قدرات أكبر على التصوير، سواء التقاط الصور الثابتة أو الفيديو.<br />
لندن - القدس العربي:<br />
فوجئ زوار موقع »يوتيوب« العاملي بفيديو جديد<br />
متكن مستخدم هاو من التقاطه بواسطة اخلدمات<br />
التي توفرها »غوغل«. حيث يظهر في الفيديو مخلوق<br />
يبدو وكأنه رجل أو مخلوق شبيه بالبشر، وهو يسير<br />
على سطح القمر، في حادثة هي األولى من نوعها على<br />
االطاق. ويأتي الكشف اجلديد الذي رمبا ميثل دلياً<br />
على وجود مخلوقات شبيهة بالبشر على سطح األرض<br />
في الوقت الذي يثور فيه جدل واسع على مستوى<br />
العالم، وفي أروقة وكالة »ناسا« الفضائية، وهذا اجلدل<br />
حول احتماالت وجود مخلوقات تعيش في الفضاء ولم<br />
يتمكن اإلنسان حتى هذه اللحظة من الوصول اليها أو<br />
التعرف عليها.<br />
ويقول ناشر الفيديو إن ما متكن من التقاطه ميكن<br />
أن يكون جسماً متحركاً يشبه الرجل، أو جسم اإلنسان<br />
فيديو يظهر مخلوقات شبيهة بالبشر على القمر<br />
العادي، أو أنه عبارة عن ظل جلسم يشبه اإلنسان، وفي<br />
احلالتني فانه ميثل دلياً على وجود حياة على سطح<br />
القمر، ومخلوقات فضائية ميكن أن تكون موجودة هناك<br />
لكن اإلنسان لم يصل اليها حتى اآلن.<br />
وبحسب صاحب الفيديو فإنه ميكن التقاط<br />
اجلسم املشابه لإلنسان على سطح القمر، باستخدام<br />
خدمة Moon( )Google وعلى االحداثيات التالية:<br />
.)W 4.75’36°19 N 26.35’34°27(<br />
وفي الوقت الذي يؤكد فيه صاحب الفيديو أن ما<br />
رآه ليس سوى جسم إلنسان أو خمللوق يشبه البشر،<br />
فإن بعض اخلبراء يشيرون الى أن ما رآه هذا الشخص<br />
ليس سوى نتاج حالة نفسية يُ طلق عليها اخلبراء اسم<br />
»بارادوليا« وهي حالة يرى فيها الشخص أشياء ليست<br />
موجودة في احلقيقة لكنه يكون مهيئاً سلفاً نفسياً ألن<br />
يراه فتظهر أمام عينيه.<br />
وكانت وكالة »ناسا« الفضائية األمريكية قالت إن<br />
تقديراتها »املتحفظة« تشير الى أن اجملرة التي يعيش<br />
لندن - »القدس العربي«:<br />
متكنت شركة تكنولوجيا فرنسية من إنتاج طائرة بدون طيار ميكن استخدامها خملتلف<br />
األغراض مبا فيها التجسس والتقاط الصور، فضاً عن مختلف االستخدامات املدنية املمكنة، إال<br />
أن الغريب في ذلك أن ثمنها ليس سوى 150 دوالراً فقط.<br />
وأطلقت الشركة الفرنسية على الطائرة اسم Spider( ،)Rolling إال أنها قالت أنها ال تزال غير<br />
قادرة على نقل البضائع واألشياء الثقيلة، كما أنه ال ميكن إستخدامها حتى اآلن في التسوق، حيث تطمح<br />
الشركة في تطويرها الحقاً ليتمكن املستخدمون من إستعمالها في عمليات التسوق ونقل ما يشترونه من<br />
السوبر ماركت الى املنزل، بدالً من حمله.<br />
وقالت شركة االلكترونيات الفرنسية التي أنتجت الطائرة إنه ميكن التحكم فيها بواسطة الهاتف احملمول، كما<br />
أنها قادرة على التقاط الصور ونقلها مباشرة الى صاحبها، فضاً عن الوزن االجمالي للطائرة ليس سوى 65 غراماً<br />
فقط، أي أنها خفيفة جداً .<br />
ولدى الطائرة أربع مروحيات لتتمكن من التحليق بفعالية عالية، على أن يتم توجيهها بواسطة الهاتف احملمول، كما<br />
حتتوي الطائرة على عجلتني أيضاً لتمكينها من السير على األرض عند الوصول الى املكان املطلوب، فضاً عن قدرتها على السير<br />
على اجلدران واحلوائط أيضاً بواسطة العجلتني.<br />
وتقول الشركة املنتجة إن ثمن الطائرة اجلديدة هو 150 دوالراً فقط، ويتم التحكم فيها بواسطة تطبيق يتم تثبيته على الهاتف<br />
احملمول فيرتبط بالطائرة، إال أنها تظل حتت السيطرة في محيط ال يتجاوز 49 متراً فقط، أي أنها ال تزال غير قادرة على التحليق بعيداً ،<br />
باإلضافة الى عدم قدرتها على حمل األوزان الثقيلة.<br />
وكانت دولة اإلمارات أعلنت مؤخراً أنها ستستخدم طائرات بدون طيار في عمليات توصيل الوثائق الرسمية والطرود إلى مواطنيها،<br />
وذلك في إطار جهود حتديث اخلدمات احلكومية، في مشروع هو األول من نوعه في العالم.<br />
والطائرة التي تعمل بالبطارية وقطرها نصف متر تشبه الفراشة ومزودة بحجيرة علوية، ميكنها أن حتمل طروداً صغيرة، وهي باللون األبيض<br />
ومزركشة بعلم اإلمارات وتعمل ب4 محركات.<br />
وقال املهندس اإلماراتي عبدالرحمن السركال، الذي صمم املشروع إنه سيتم استخدام نظام األمان الذي يعمل ببصمة اإلصبع وبصمة العني حلماية<br />
الطائرة وشحناتها. وكان جيف بيزوس املدير التنفيذي لشركة أمازون للتجارة عن طريق اإلنترنت قال في كانون أول/ ديسمبر املاضي إن شركته خططت<br />
لتسليم البضائع ملايني الزبائن بأسطول من الطائرات بدون طيار، لكن مهندسني قالوا إن السامة ومشاكل فنية تعني أنه من غير املرجح أن تصبح اخلطة حقيقة<br />
واقعة خال السنوات القليلة املقبلة.<br />
البشر على أحد كواكبها وهو كوكب األرض قد يكون<br />
عليها أكثر من 100 مليون عالم، وفي كل عالم مخلوقات<br />
فضائية مختلفة، على أن الوصول الى هذه اخمللوقات<br />
سيتم خال عشرين عاماً على األكثر.<br />
وبحسب خريطة طريق وضعتها وكالة »ناسا«<br />
الفضائية فإنه توجد مخلوقات فضائية على مجرة<br />
»درب التبانة« وسيتمكن البشر من الوصول اليهم<br />
خال العشرين عاماً املقبلة، إال أن هؤالء ليسوا في<br />
نطاق اجملموعة الشمسية. وكشفت الوكالة خال حديث<br />
ملمثلها في العاصمة األمريكية واشنطن أن عمليات<br />
البحث املقررة ضمن خريطة الطريق املوضوعة سلفاً<br />
ستتم بواسطة عدد من التليسكوبات املوجودة حالياً<br />
لدى الوكالة، إضافة الى عدد آخر من التليسكوبات التي<br />
يجري تطويرها للعمل بها مستقبا.<br />
وقال رائد الفضاء السابق، واملدير في »ناسا«<br />
تشارلز بولدين: »هل لدينا اعتقاد بأن ثمة حياة في ما<br />
بعد األرض؟.. أود القول أنني ومعظم زمائي نعتقد بأنه<br />
من غير احملتمل أن يكون البشر وحدهم في هذا الكون«.<br />
وكان كوكب املريخ وعشرات األقمار والكواكب<br />
املوجودة في اجملموعة الشمسية محل اهتمام وبحث<br />
وفحص طوال العقود املاضية إلستكشاف ما اذا كان ثمة<br />
كائنات فضائية غريبة أم ال، إال أن احلديث حالياً حتول<br />
الى الكواكب خارج اجملموعة الشمسية من أجل البحث<br />
عن اخمللوقات األخرى.<br />
ويقول أحد رواد الفضاء التابعني ل«ناسا« إن<br />
مخلوقات فضائية وكائنات غريبة قد تكون حالياً على<br />
كوكب املشتري، إال أن هذا االفتراض ال يوجد ما يدعمه<br />
حتى اآلن.<br />
وتعمل وكالة »ناسا« حالياً على تطوير تليسكوبني<br />
بالغي األهمية، األول من املفترض أن يرى النور في العام<br />
2017، أما الثاني سيكون جاهزاً بحلول العام 2018،<br />
للمساعدة في استكشاف مزيد من احلياة الفضائية،<br />
ورمبا يتمكن اإلنسان من الوصول الى معلومات وحقائق<br />
كانت غائبة عنه في املاضي بفضل هذه التليسكوبات.
Volume 26 - Issue 7839 Sunday 17 August 2014<br />
41 40<br />
السنة السادسة والعشرون العدد 7839 االحد 17 آب )أغسطس( 2014 21 شوال 1435ه<br />
أسرة<br />
لندن - »القدس العربي«:<br />
أسرة<br />
يبدي الكثير من اآلباء واألمهات قلقاً بالغاً من<br />
استخدام أطفالهم ألجهزة الكمبيوتر والهواتف الذكية<br />
من أجل الدخول على االنترنت وقضاء ساعات طويلة،<br />
في الوقت الذي تزدحم فيه الشبكة العنكبوتية بالكثير<br />
من املواد املفيدة والضارة في آن واحد، مما يجعل من<br />
الصعب على الكثير من األهالي مراقبة أطفالهم على مدار<br />
الساعة، والتأكد أنهم لم ينزلقوا الى احملتوى الضار<br />
والسيء على االنترنت.<br />
وبينما دخلت هذه املشكلة كل بيت، فان عائات<br />
كثيرة جلأت الى االستغناء عن االنترنت نهائياً ،<br />
متنازلني عن فوائده ألطفالها، في سبيل تفادي أضراره<br />
احملتملة، إال أن الكثير من اخلبراء يرون عكس ذلك،<br />
وينصحون بعدم االستغناء عن االنترنت والكمبيوتر<br />
كلياً من أجل حماية األطفال.<br />
وكتب اخلبير في مجال االنترنت وتكنولوجيا<br />
املعلومات ستيوارت دريدغ مقاالً في جريدة »الغارديان«<br />
ينصح فيه اآلباء واألمهات أن يعلموا أطفالهم اخلطوات<br />
الازمة لتصفح انترنت آمن، بدالً من حرمانهم من<br />
استخدام أجهزة الكمبيوتر، سواء املكتبية أو اللوحية.<br />
ويقول دريدغ إن األطفال ينظرون الى االنترنت على<br />
أنه »كيان ساحر« وبالتالي فانه يجذبهم على كل حال،<br />
ومن الصعب حرمانهم من استخدامه على اإلطاق، لكن<br />
من املمكن توعيتهم على الدوام من أجل إيصالهم الى<br />
استخدام آمن لانترنت والكمبيوتر.<br />
ويضيف إن على اآلباء واألمهات تعليم أبنائهم ما<br />
ال يعرفونه عن االنترنت مثل الفيروسات التي تسبب<br />
ضرراً بأجهزة الكمبيوتر، أو متكن اآلخرين من اختراق<br />
جهاز الكمبيوتر وسرقة محتوياته والتجسس عليه.<br />
كما يجب تعليمهم احلقائق التي تتعلق باخلصوصية<br />
وعمليات »اإلصطياد« التي تتم من خال شبكات<br />
التواصل االجتماعي أو غرف الدردشة.<br />
ويقول الباحث في أمن املعلومات في شركة<br />
»كاسبركي« العاملية ديفيد إم إن »من األمور الهامة من<br />
أجل حماية األطفال خال التصفح على االنترنت<br />
هو مناقشتهم والتحدث اليهم بشكل متواصل عن<br />
املواقع االلكترونية التي يزورونها، واألنشطة التي<br />
يزاولونها على االنترنت، على أن يتم ذلك في سن مبكرة<br />
لهم«.<br />
وينصح بأن يتم السماح لألطفال في مرحلة من<br />
املراحل بتصفح االنترنت واستخدام الكمبيوتر بحضور<br />
خبراء يؤكدون ضرورة التوعية من المخاطر االلكترونية<br />
كيف تحمي أطفالك من االنترنت؟<br />
اآلباء واألمهات من أجل مراقبتهم أوالً ، وتعليمهم ثانياً<br />
السلوك الصحيح على االنترنت والذي يضمن حمايتهم<br />
من اخملاطر االلكترونية، حيث ميكن أن يتم خال<br />
هذه األوقات مناقشة املسائل املتعلقة بكلمات املرور<br />
والفيروسات وحماية اجلهاز واحلسابات االلكترونية<br />
من السرقة.<br />
وتنقل »الغارديان« عن شياغ ماكمانوس، احملامي<br />
بشركة »سيمانتيك« العاملية التي تنتج برنامج »نورتون<br />
أنتي فايروس« قوله: »النصيحة التي أقدمها لعائلتي<br />
وأصدقائي هي: ما ال تفعله مع اآلخرين وجهاً لوجه<br />
فا تفعله على االنترنت.. فمثاً : هل تذهب الى شخص<br />
غريب بالكامل وتتحدث اليه في الشارع وأنت ال تعرف<br />
عنه شيئاً ؟ وهل تسيء الى شخص من أصدقائك أو أي<br />
شخص ال تعرفه؟.. اذا كان اجلواب ال فا تفعل ذلك على<br />
االنترنت أيضاً «.<br />
ويضيف أن على اآلباء واألمهات أن يعلموا<br />
أطفالهم هذه النصيحة، حيث ال ينبغي التحدث الى<br />
شخص غريب وال فتح قنوات حوار وإتصال معه على<br />
االنترنت، متاماً كما هو احلال في الشارع، كما يجب<br />
عدم إرتكاب أي انتهاك أو اإلساءة لآلخرين من خال<br />
االنترنت.<br />
وميثل االنترنت خطورة بالغة على األطفال، حيث<br />
أنه عالم مفتوح من املواقع االلكترونية وغرف الدردشة<br />
وشبكات التواصل، فيما يبدي الكثير من اآلباء واألمهات<br />
قلقاً بالغاً من أنشطة أطفالهم على االنترنت.<br />
وكانت شركة »فيسبوك« التي متتلك أكبر شبكة<br />
تواصل اجتماعي في العالم قد خففت من القيود<br />
املفروضة على اشتراكات القاصرين في خدماتها، وهو<br />
ما دعا الكثير من املؤسسات واجلمعيات والنشطاء<br />
الى انتقاد اخلطوة على اعتبار أنها متثل خطورة على<br />
األطفال، وعلى أساس أن »فيسبوك« قد يتحول<br />
الى وسيلة للتواصل غير املشروع بني األطفال وبني<br />
البالغني.<br />
افقي:<br />
من المطبخ الشرقي<br />
كتف خروف محشي<br />
املقادير:<br />
1 عود صغير قرفة<br />
1ملعقة كبيرة بهار حلو<br />
2 ملعقة صغيرة فلفل اسود<br />
2 ملعقة صغيرة شومر<br />
2ملعقة صغيرة كمون<br />
2 ملعقة صغيرة كزبرة جافة<br />
2/1 ملعقة صغيرة قرنفل<br />
10 حبات هيل<br />
2/1 ملعقة صغيرة خردل حسب<br />
التتبيلة<br />
1قطعة فخذ خروف مفتوحة من اجلانب<br />
6 فصوص ثوم<br />
1 حبة متوسطة بصل<br />
4/1 ملعقة كبيرة زيت زيتون<br />
1 ملعقة كبيرة ملح<br />
2/1 ملعقة صغيرة فلفل اسود<br />
مخضراوات للسوتيه بروكلي، جزر،<br />
قرنبيط، فلفل احمر حلو، اخضر، اصفر<br />
طريقة حتضير كتف اخلروف املشوي<br />
1( يوضع خليط البهارات في مقالة واسعة<br />
سخني القرفة، البهار احللو، الفلفل، الشومر،<br />
)1( قدمي الزمان )2( ميشي عكس اتفاق )3( فَ عل ما طُ لب منه غير حاف )4( اساس نوع حرفان هجائيان مكرران )5( استماع ننظر )معكوسة(<br />
)6( اعماله غير سهلة )7(قل وزنها )باللهجة املصرية( مصائب )8( دع مهانة سحب )9( حروف هجائية بضائع )10( فارغات )باللهجة املصرية(<br />
تكلم بشكل غير واضح )11( فقدان كامل للوعي.<br />
طبق األسبوع<br />
الكمون، الكزبرة، القرنفل،<br />
الهيل، اخلردل، اتركيه<br />
يبرد ثم ضعيه في مطحنة<br />
البهارات واطحنيه الى<br />
ان يصبح ناعما، احفظي<br />
البهارات في برطمان<br />
زجاجي.<br />
2( سخني الفرن<br />
لدرجة حرارة 200،<br />
احضري صينية شوي<br />
بشبك، احضري خيط قطن<br />
خاص لربط اللحوم.<br />
3( ضعي الثوم،<br />
البصل، النعناع،<br />
البقدونس، زيت الزيتون،<br />
امللح والفلفل، اضيفي<br />
ملعقة صغيرة من خليط البهارات، في املطحنة الى<br />
ان يصبح اخلليط ناعما. اتركيه جانبا.<br />
4( ضعي كتف اخلروف املفتوح جانباً على<br />
صينية واسعة، في طبق صغير ضعي نصف<br />
خليط البهارت وملعقة صغيرة من امللح،<br />
قلبي ليختلط، وزعي هذا اخلليط على اللحم<br />
على كافة اجلوانب. ضعي خليط الثوم في<br />
وسط اللحم، لفي جيدا ثم اربطيه باستعمال<br />
اخليط.<br />
5( ضعي اللحم على الشبك، ادخلي الفرن<br />
ملدة 15 دقيقة، ثم غلفي بورق املونيوم<br />
واتركي الكتف ملدة تتراوح من ساعة<br />
ونصف الى ساعتني الى ان ينضج، في منتصف<br />
الوقت انزعي األملنيوم ورشيه بقليل من زيت<br />
الزيتون.<br />
6( دعي اللحم يبرد ملدة 10 دقائق قبل<br />
التقدمي. قدميه بجانب اخلضراوات وسلطة<br />
الروب.<br />
7( ضعي اخلضار في طبق، انثري بقية<br />
البهار وملح وقليل من الزيت، ضعيها في<br />
اجلهاز.<br />
كلمات متقاطعة<br />
عمودي:<br />
)1( هزمهن الزهرة اول ظهورها )2( ساقية كلهم )3( ما يلحق<br />
باألصل ارتفع وعال )4( اصله طعام يستخدم فيه البيض <br />
حرفان هجائيان )5( قوة الشيء رضي )6(اداة نفي نوع من<br />
احللوى يصنع من الدقيق والعسل املاء اتخذ قراراً )معكوسة(<br />
)7( عدل كلمة تقال للتعجب )8( حرف مكرر وثن حزين<br />
جداً )9( عكس شراء احتجاجي)10( اصل الشيء استطاب<br />
الشيء )11( حقول عكس وافق.<br />
الحمل<br />
الثور<br />
الجوزاء<br />
السرطان<br />
االسد<br />
العذراء<br />
الميزان<br />
العقرب<br />
القوس<br />
الجدي<br />
تشعر ان احوالك تتغير نحو االفضل<br />
فا توجد معاكسات او مشاكل في العمل، قد<br />
تسوي اخلاف بينك وبني من حتب قريبا.<br />
يوم صعب ويتصف بالعديد من<br />
الضغوطات حتل بالصبر لكي تتجاوزه،<br />
مزاجيتك تأثر على عاقتك مبن حتب.<br />
حاول ان تعطي من حتب فرصة اخرى.<br />
تكون على قدر كافي من املسؤولية وتتولى<br />
زمام االمور بجدارة وقوة.<br />
تصادف العديد من االعمال التى جتعلك<br />
حائرا من أين تبدأ، ال تدع تسمح لاهل<br />
بالتدخل بينك وبني مع من حتب.<br />
هناك اخبار السارة تشعرك باالستقرار،<br />
حاول ان تعترف ملن حتب بحقيقة مشاعرك<br />
وتقربه منك قبل ان تخسره.<br />
تصادف العديد من االعمال الروتينية<br />
اململة حاول ان تتحلى بالصبر، خاف ينتهي<br />
بينك وبني من حتب قريبا جدا.<br />
ال تأخذ أي كلمة توجه لك على محمل<br />
اجلد وكن أكثر مرحا، عدم االستقرار في<br />
عاقتك العاطفية مع من حتب.<br />
احلظ يقف الى جانبك حاول ان تستغل<br />
هذا اليوم لصاحلك، تزداد جاذبيتك من<br />
اجلنس اآلخر فا تتسرع.<br />
حاول ان تكون اكثر تعاونا في تبادل<br />
املعلومات مع اصدقائك واقاربك، ال تتذمر<br />
كثيرا من اي تصرف يقوم به من حتب.<br />
الريجيم في مقتبل العمر يسبب المشاكل الحقًا<br />
لندن - »القدس العربي«:<br />
أظهرت دراسة طبية حديثة منشورة في الواليات املتحدة أن النساء في<br />
مقتبل العمر اللواتي يواظنب على الريجيم والتقليل من الطعام يصبحن أكثر<br />
عرضة ملواجهة املشاكل الصحية عند التقدم في السن.<br />
وبحسب الدراسة األمريكية التي اطلعت »القدس العربي« على مضمونها<br />
فان مخاطر الوزن الزائد أو السمنة بعد سن الثاثني تزيد بأكثر من ٪50 لدى<br />
السيدات اللواتي كن ميارسن الريجيم في مرحلة عمرية مبكرة، وحتديداً في<br />
فترة ما قبل بلوغهن سن اخلامسة عشرة، حيث يكن في سن مبكرة قد افتقدن<br />
الى السعرات احلرارية والكربوهيدرات.<br />
وبهذه النتيجة فان الريجيم املبكر عند الفتيات يعني في النهاية أنه<br />
ليس سوى عملية تأجيل للسمنة والوزن الزائد، وبالتالي فهو مجرد تأجيل<br />
للمشاكل الصحية التي ستواجههن حتماً بعد بلوغ الثاثني عاماً .<br />
وقالت اختصاصية التغذية في جامعة فلوريدا باميا كيل إن النساء<br />
اللواتي بدأن أول ريجيم في حياتهن خال سن املراهقة، وكذلك الفتيات<br />
اللواتي استخدمن حبوب منع الشهية واملساعدة على الريجيم في محاولة<br />
للتخفيف من أوزانهن يواجهن مشاكل أكبر في سن ما بعد الثاثني من العمر.<br />
وتدعو كيل احلكومات الى التدخل في املدارس االبتدائية من أجل منع<br />
الفتيات ممن هن في سن صغيرة من البدء في الريجيم ومحاوالت تخسيس<br />
الوزن حتى لو كن يعانني من السمنة الزائدة، حيث أن الدراسة تخلص الى أن<br />
األفضل هو تأجيل الريجيم الى ما بعد النمو الكامل للجسم.<br />
وكانت دراسة سابقة قد أظهرت أيضاً أن اإلنقاص السريع للوزن<br />
والريجيم القاسي هو طريقة ضارة وخاطئة، حيث تخسيس الوزن من خال<br />
خفض املاء في اجلسم وليس حرق الدهون.<br />
ويرى أطباء التغذية إن »الريجيم السريع يؤدي إلى جفاف اجلسم<br />
والتأثير على عمل جميع أجهزة اجلسم، مثل الشعر واجللد واجلهاز الهضمي<br />
وغيرها، هذا باإلضافة إلى أنه مبجرد التوقف عن متابعة الريجيم يعود<br />
اجلسم إلى ما هو عليه من قبل«.<br />
وأضاف أن »الريجيم السريع يؤدي أيضاً إلى الشعور بالتعب واإلرهاق<br />
املستمر، وذلك يرجع إلى أن إنقاص الوزن السريع يؤدي إلى قلة السعرات<br />
احلرارية التي متد اجلسم بالطاقة األزمة له، مما يؤدي إلى اإلحساس الدائم<br />
بالتعب واخلمول والكسل والرغبة الدائمة بالنوم طوال اليوم«.<br />
وينصح األطباء بجعل خطة إنقاص الوزن طويلة املدى وذلك لتحقيق<br />
التغير املطلوب في شكل اجلسم، باإلضافة إلى ضرورة الرجوع إلى أخصائي<br />
سمنة، حتى يقوم بعمل التحاليل الازمة قبل البدء في الريجيم لتفادي أي<br />
أضرار صحية ميكن حدوثها.<br />
سودوكو لعبة يابانية يقوم الالعب فيها مبلء املربعات<br />
الفارغة بحيث ان كل عمود او سطر يجب ان يكتمل بأرقام من<br />
1 الى 9 شرط استخدام كل رقم مرة واحدة في كل خط افقي<br />
وعمودي وكل مربع من املربعات التسعة.<br />
سودوكو<br />
الدلو<br />
الحوت<br />
تشعر انك ضائع وال تعرف ماذا تريد<br />
حاول ان تتحلى بالصبر، الغي كل مقاباتك<br />
مع احلبيب في هذه الفترة حتى تشعر<br />
باالستقرار.<br />
تلقى على عاتقك العديد من املسؤوليات<br />
ولكنك تنجزها كلها، احلبيب يتجاهلك حاول<br />
ان تقابله وتعرف السبب.<br />
باشر ادارة اعمالك بنفسك وال توكل<br />
اعمالك للعاملني معك. حاول ان تصطحب<br />
احلبيب الى سهرة لطيفة لكي تلطف االجواء<br />
بينكما.
Al-Quds Al-Arabi<br />
Al-Quds Al-Arabi<br />
Al-Quds Al-Arabi<br />
Al-Quds Al-Arabi<br />
ً<br />
Volume 26 - Issue 7839 Sunday 17 August 2014<br />
43 42<br />
السنة السادسة والعشرون العدد 7839 االحد 17 آب )أغسطس( 2014 21 شوال 1435ه<br />
منوعات<br />
منوعات<br />
المعتقدات الخرافية في حياتنا اليومية<br />
رغم أن كل األغاني تتغزل في اللون األسمر<br />
الفتيات السودانيات يدفعن »ثمنا باهظا « لتبييض البشرة!<br />
الخرطوم - »القدس العربي«:<br />
صالح الدين مصطفى<br />
تغيير اللون من األسمر الى األبيض جريا وراء<br />
مقياس وهمي للجمال، أصبح ظاهرة في اجملتمع<br />
السوداني. وبدال من أن جتلب هذه العملية اإلعجاب<br />
باتت تثير الشفقة والسخرية، حيث جتد لون الوجه<br />
يختلف في الغالب عن لون األيدي والرجلني. وانتشرت<br />
محات صغيرة تعرف شعبيا باسم »قدر ظروفك« وفيها<br />
تباع الكرميات بامللعقة، وخطورة هذا األمر تكمن في عدم<br />
التمكن من معرفة انتهاء صاحية الكرمي أو نوع الشركات<br />
املنتجة!<br />
وتشير اإلحصائيات إلى أن مستحضرات التجميل<br />
وأدوات املكياج من أكثر البضائع في كل األسواق حراكاً<br />
»دخوالً وخروجا« وأصبحت البوتيكات املتخصصة<br />
في هذا النوع منتشرة في كل املدن واألرياف ومعظم<br />
املستهلكات من طالبات املدارس الثانوية واجلامعات<br />
اخملتلفة ومن املوظفات في القطاعات كافة.<br />
وانتبه مؤلفو األغاني في السودان مبكرا لضرورة<br />
االحتفاء « بالسمرة« وقد انتشرت العديد من األغنيات<br />
التي تروج لذلك، ومنها رائعة الفنان الراحل ابراهيم<br />
الكاشف »اسمر جميل عاجبني لونو « والتي تغنت بها<br />
مؤخرا املطربة السورية زينة افتيموس. ويترمن كل<br />
السودانيني بأغنية الفنان محمد األمني »أسمر جميل<br />
فتان« ويقول الفنان محمد وردي في أغنيته الشهيرة نور<br />
العني« في اللون األسمر دوبت شبابي« واحتفى الفنان<br />
الراحل مصطفى سيد أحمد بنص الشاعر محمد طه القدال<br />
»سمحة وسمرية« وغنى كذلك لعاطف خيري « ياسمراء<br />
يا واضحة« ويندر أن جتد أغنية سودانية تتغزل في املرأة<br />
البيضاء.<br />
تقول ماجدة أحمد وهي طالبة في جامعة اخلرطوم<br />
إنها تستخدم أدوات املكياج ومستحضرات التجميل لكن<br />
بشكل معتدل وفي الوقت نفسه تتابع مع طبيبة متخصصة<br />
في اجملال اجللدي حتى تعالج كل ما يخص بشرتها بشكل<br />
صحيح. وتضيف أن هذه األمور تشكل جزءا من ميزانيتها<br />
الشهرية دون شك ولكنها غير مؤرقة.<br />
أما أمل أحمد الطالبة في جامعة املغتربني فتقول:<br />
»أفضل أن أحصل على كل ما أريد في بداية كل شهر<br />
وأحاول أن أحصل على املنتجات األصلية رغم إنها غالية<br />
الثمن ولكنها مضمونة على أي حال«.<br />
بعض الفتيات يستخدمن »حقن« لتفتيح البشرة،<br />
فاتن الطيب قالت إن هذه الظاهرة أصبحت منتشرة<br />
في الفترة األخيرة وحكت لنا قصة إحدى قريباتها التي<br />
إنتهى بها األمر إلى ان أصيبت بالفشل الكلوي حيث<br />
حتتاج لغسيل إسبوعي. وتقول رندا احلاج وهي طالبة<br />
جامعية إن سعر احلقنة الواحدة التي تستخدم لتفتيح<br />
البشرة تساوي ألف جنيه وهو ما يعادل راتب أستاذتها<br />
في اجلامعة. هناء محمد، موظفة قالت ال أحاول أن أرهق<br />
امليزانية فكل شهر أحصل على ما قيمته 250-200 جنيهاً ال<br />
غير من املوجود في األسواق فأسعارها مناسبة وال أركز<br />
على املاركات العاملية فهي غالية جداً .<br />
والذي ينظر الى شاشة تلفزيون السودان<br />
والشاشات األخرى التي تستهدف املشاهد السوداني،<br />
يجد أن املقياس األول للجمال هو أن يكون لون وجه<br />
املذيعة أبيض، وهذا أدى لتعقيدات كثيرة جدا وطمس<br />
لهوية املرأة السودانية خاصة السمراء، وبذلك خلت<br />
الشاشات من ذوات هذا اللون إال في بعض احلاالت<br />
النادرة.<br />
وتقول خبيرة التجميل سلوى الطاهر »إن الفتيات<br />
يتأثرن بالقنوات الفضائية التي تعرض جنمات من ذوات<br />
اللون األبيض وإنعكس األمر على الشباب الذين صاروا<br />
ال يلتفتون للسمراوات« وأضافت »أن اللون الطبيعي هو<br />
األجمل وأن األنسان يجب أن يتماهى مع بيئته«.<br />
سعاد عبد الرحمن تخصصت في هذا اجملال ومتتلك<br />
محا بسيطا ألدوات التجميل وتقول »هناك استغال<br />
ومتاجرة في جمال املرأة السودانية خاصة أنها ال تسعى<br />
ملعرفة الصحيح واملفيد من أجل صحتها فهي دائماً جتري<br />
وراء ما هو سريع املفعول ورخيص الثمن دون مراعاة<br />
العواقب األخرى التي قد تؤثر على بشرتها بشكل يحتاج<br />
إلى عاج طويل بعد ذلك فأنصحها بالتركيز على املفيد<br />
والذي يقدم لها ما حتتاج إليه فعاً وذلك عبر املتخصصني<br />
في اجملاالت اخملتلفة«.<br />
وقال لنا صاحب محل في شارع احلرية إن املنتجات<br />
العشبية الطبيعية ذات أسعار مناسبة وصار اجلميع<br />
يفضل هذا النوع من املنتجات ألنها أكثر أماناً من غيرها،<br />
فأسعار الصابون تتراوح بني 55-35 جنيهاً واملنتجات<br />
األخرى من 130-60 جنيهاً وقال إن اإلقبال كبير على<br />
كرميات الشعر واحلنة اخلاصة بالشعر خاصة من قبل<br />
الشابات.<br />
وتقول متاضر الزين صاحبة محل جتميل سيدات<br />
ومهتمة »مبيك آب« املذيعات :«ال أدري من أين جاء هذا<br />
العُ رف بإعاء شأن البيضاوات على حساب السمراوات،<br />
علما بأن العديد من الدول التي تشاركنا في السحنة<br />
والوجدان فيها مناذج جميلة باللون األسمر، وإذا نظرنا<br />
الى القناة اإلثيوبية - على سبيل املثال- جند أن املذيعات<br />
هناك ال يطمسن جمال لونهن األسمر باملبيضات وكذلك<br />
احلال في القناة االرترية، وبذلك ساهمت تلك القنوات في<br />
إبراز اجلمال األفريقي في أبهى جتلياته«.<br />
وتضيف أن هنالك مناذج عاملية ملذيعات - ومقدمات<br />
برامج يتمتعن باللون األسمر وعلى رأسهن بالطبع<br />
»اوبرا وينفري« صاحبة البرنامج الشهير، ومن املذيعات<br />
السودانيات الائي احتفظن بلونهن األسمر فتحية<br />
ابراهيم واميان محمد دفع الله وبرزت مؤخرا املذيعة<br />
سلمى سيد في قناة »الشروق«.<br />
عبد العزيز الطيب اختصاصي أمراض اجللد طرحنا<br />
ظاهرة استعمال البنات ملواد كيميائية ليبدو لونهن<br />
أبيض فأشار أوال الى عبقرية املرأة السودانية التي<br />
إخترعت مواد جتميل تتناسب متاما مع الطقس احلار<br />
ولون بشرتها وذلك مثل«الدلكة« وأضاف إن بعض<br />
الفتيات يستعملن عقارا يقلل من مقاومة اجلسم ويعرضه<br />
لألمراض املزمنة وأمراض السرطان منوها الى أن املادة<br />
املوجودة في السطح اخلارجي للجلد هي حماية من الله<br />
تعالى ألجسامنا حسب الظروف البيئية التي نعيش فيها<br />
وهو ينصح الفتيات باستخدام مرطبات اجلسم الطبيعية<br />
واألغذية التي حتتوي على الفيتامينات املوجودة في<br />
الفواكه واخلضروات.<br />
تأسست عام 9891 1989<br />
الناشر:<br />
»القدس العربي« مؤسسة<br />
واالعالن للنشر<br />
التحرير: رئيسة<br />
العالول سناء<br />
Editor In Chief<br />
luolA SANA ALOUL anaS<br />
Al-Quds repapsweN Al-Arabi tnednepednI Weekly ylkeeW Independent ibarA-lA Newspaper<br />
sduQ-lA<br />
500 طفل في المهرجان<br />
الدولي الثامن لفولكلور الطفل في سال<br />
المغرب - »القدس العربي«:<br />
Head Office (London): 164-166 King Street, Hammersmith,<br />
London W6 0QU England<br />
Tel: +44 0208-741 8008 (6 Lines) Fax: + 44 0208-741 8902<br />
Email: alquds@alquds.co.uk ٭ www.alquds.co.uk<br />
Cairo Office: 43 a Kasser Al Neel St, First Floor,<br />
Flat No (2) ٭ Tel/Fax: (202) 25282918<br />
Morocco Office: 8 Elmerj Street Flat No.6<br />
Hassam - Rabat - Morocco ٭ Tel/Fax: 00212 5377 23152<br />
Amman Office: Queen Rania St. Akkawi Complex<br />
4th Floor/ ٭ No 408 Tel/Fax: (009626) 5066089<br />
القاهرة - »القدس العربي«:<br />
مارينا الراهب<br />
لقد أصبحنا في القرن 21 ومع ذلك مازال هناك من<br />
يتشاءم من البومة ورقم 13 ويوم اجلمعة 13 والقطة<br />
السوداء وفتح املقص ليا واخلياطة في ساعة متأخرة،<br />
ويتفاءل بحدوة احلصان وحذاء الطفل الصغير وخمسة<br />
وخميسة.<br />
ولكن هذه املعتقدات لم تأت من فراغ، فهي ميراث<br />
تاريخي منذ القدم وتتوارثه األجيال، ولذلك ال يخلو<br />
تراث أي شعب من مثل هذه اخلرافات، سواء كانت<br />
ضمنت األساطير أو ممارسة الشعائر الدينية والسحرية<br />
بطريقة خاطئة ال متت للواقع بصلة. وللجهل دخل كبير<br />
في إنتشار هذه اخلرافات والتمسك بها والتعايش معها،<br />
كما انها تتغلغل داخلهم وتتوارث وال تزول بزوال اجلهل<br />
النها ذات جذور عميقة ومتشبثة داخلهم.<br />
كما يرجع إنتشارها الى تخلف اجملتمع وعدم قدرة<br />
البعض على مواجهة كثير من املشاكل سواء االجتماعية<br />
أو الثقافية أو االقتصادية. وتلعب وسائل اإلعام دورا<br />
كبيرا في استمرار وانتشار هذه اخلرافات واملعتقدات،<br />
فنجد بعضها يتحدث عن السحر والدجل والشعوذة<br />
وحتضير األرواح وقراءة الفنجان والكف وعمل الزار<br />
واستشارة الفلكيني والتأكيد على تأثير األبراج فى حياة<br />
الفرد اليومية.<br />
وتلعب الصدفة دورا في تصديق ذلك فنرى مثا<br />
قارئة الفنجان تروي قصصا من خيالها الواسع تكون<br />
بديهية في حياة كل إنسان فتلعب الصدفة دورها في<br />
حتقيق هذه القصة مما يجعل اإلنسان يتشبث بلحظة<br />
أمل النه يبحث عن أي مخرج يطمئنه ويحقق له امنياته<br />
ويخفف عنه حتى وان كان هذا اخملرج خرافيا.<br />
لكل مجتمع إنساني معتقداته وعاداته التي تتحكّ م<br />
بقدر ملحوظ في سلوك أفراده وقد تكون هذه املعتقدات<br />
أصيلة موروثة من األقدمني أو منقولة من مجتمعات<br />
أخرى ولدينا في الوطن العربي الكثير من اإلعتقادات<br />
وسنتطرق الى بعض منها.<br />
المغرب:<br />
ترتبط في الغالب مبعتقدات قدمية ضاعت أصولها<br />
األولى، وأصبحت مجرد معتقدات با تفسير واضح،<br />
ومنها مثا نذكر:<br />
إذا عوى الكلب، أو نعق البوم أو وقف الديك فوق<br />
ظهر احلصان، فان معنى ذلك ان رب البيت سوف ميوت<br />
قريبا. وكذلك اعتقادهم بان املرأة التي ترضع، ينبغي<br />
عليها ان حتاذر من سقوط قطرات من حليبها على<br />
األرض، فاذا حصل وشربها النمل، فإن ما سينتج عن<br />
ذلك هو جفاف ثدييها من احلليب، وان أرادت ان يعود<br />
حليبها غزيرا، يكون عليها ان تطبخ كسكسا مصنوعا<br />
من سميد القمح وتخلطه بالسكر واحلناء وقليل من<br />
الزيت ثم حتمل الوجبة تلك الى غار النمل وتأخذ معها<br />
بضع حبات من الشعير لتنثرها من حوله. مبجرد وصول<br />
النمل الى الوجبة، يعود احلليب إلى ثديي املرأة كسابق<br />
عهده.<br />
ولطقوس اإلستحمام عند املغاربة نكهة خاصة،<br />
فالكثير منهم يخافون دخول احلمّ ام ليا، خشية التقاء<br />
»اجلّ نونْ » أو أرواح شريرة تسكن املكان، وفئة أخرى ال<br />
تستطيع حتى غسل األواني باملاء السّ اخن ليا، مخافة<br />
»حرق جنيّ » يسكن البالوعات أو مجاري املياه. أما<br />
الضحك بكثرة فيعني أن اليوم التالي سيكون مليئا<br />
باألحزان والبكاء.<br />
مصر:<br />
اخلرزة الزرقاء: على الرغم من ان اللون األزرق<br />
يرمز الى السماء وكان يرمز للصفاء والبركة عند القدماء<br />
إال انهم يؤمنون اآلن بأن اللون األزرق يقي من شر عني<br />
احلاسد. وأيضا يؤمنون بالكف )خمسة وخميسة(<br />
تقوم النساء بالتخميس في وجه احلاسدين مع ذكر<br />
رقم خمسة وتكراره للتأكد من ابعاد احلسد عنها. وفي<br />
األعراس أيضا يستخدمون البخور ورش امللح لتفادي<br />
احلسد، وجند أيضا من يقوم بقص ورقة على شكل<br />
عروسة ويقوم بغرس الدبابيس فيها وثقبها مع ذكر<br />
عبارة )من عني فان( ثم يقوم بحرقها.<br />
وجند أيضا خرافات مرتبطة باحلمل والوالدة،<br />
فاملرأة التي تشعر بالقلق لعدم قدرتها على اإلجناب تلجأ<br />
الى الزار والسحر واألحجبة واألساليب اخلرافية عندما<br />
يعجز األطباء عن حتقيق الشفاء لها.<br />
معتقدات النوبيين في مصر:<br />
ال يزال كثير من النوبيني يلقون الطعام ويوقدون<br />
الشموع »جلن النيل« حتى يومنا هذا في طقوس زائدة<br />
تنم عن اإلجال واخلوف والرجاء. ويعتقد أهل النوبة<br />
أن »الدجري« كائنات خيرة حتمي من األمراض، وحتفظ<br />
األطفال من الغرق في النيل، وتقي من العقم، وفي مقابل<br />
ذلك يدفع لها النوبيون الطعام بصورة ثابتة ودائمة.<br />
ففي الزواج والوالدة واخلتان وغيرها يتوجه الناس<br />
إلى النيل حاملني معهم الثريد، ورمبا تذبح ذبيحة لهذا<br />
الغرض، ويضعون الطعام في شيء شبيه بالزورق من<br />
سعف النخيل، مع شيء من الزيت، وفتيل من القطن<br />
مشتعل، ويتركون هذا كله على سطح املاء، وسط<br />
األغاني واالحتفاالت، ورمبا قذف بعضهم الطعام قذفا<br />
في املاء أو رمى بالعطور واحلناء، ويأخذون قلياً من ماء<br />
النيل ليمسحوا جسد الصبي تبركاً ، وكذا املرأة العقيم.<br />
ومن أغرب االعتقادات عن الزواج والتي يؤمن بها<br />
الكثير من االفراد في مختلف الباد:<br />
○ كعكة الزفاف: تقول اإلسطورة ان املرأة إذا<br />
نامت ووضعت حتت الوسادة كعكة فإنها حتلم بشريك<br />
حياتها املستقبلي. وكذلك جند االعتقاد في حمل العريس<br />
لعروسته: يجب على العريس حمل عروسه يوم الزفاف<br />
ويرجع هذا املعتقد الى إميان القدماء بانه يجب على<br />
العريس حمل عروسه بكل شجاعة عند املرور بأي عتبة<br />
وذلك حلمايتها من األرواح الشريرة.<br />
○ مكعب السكر: يجب على العروس في يوم زفافها<br />
وضع مكعب من السكر في القفاز الذي ترتديه وذلك<br />
اعتقاداً بأنه يضفي على حياتها املقبلة السعادة واجلمال.<br />
○ سقوط األمطار: تؤمن الكثير من الشعوب بأن<br />
سقوط األمطار يوم الزفاف يدل على احلظ السعيد<br />
للعروسني.<br />
○ احلناء لطرد األرواح الشريرة: يقيم أهل<br />
العروسني قبل العرس بيوم اإلحتفاالت ووضع احلنة<br />
على أيديهم وأرجلهم وذلك إلعتقادهم انها حتميهم من<br />
عني الشيطان.<br />
○ العملة الفضية والعملة الذهبية: تأخد العروس<br />
يوم زفافها عملة فضية من والدها وعملة ذهبية وذلك<br />
اعتقادا بان ذلك لن يجعلها تكمل حياتها بدون والديها.<br />
○ قرص ركبة العروس يوم الدخلة: تقوم العديد من<br />
الفتيات اللواتي لم يتزوجن بعد بقرص ركبة العروس<br />
وذلك حتى يصيبهن احلظ ويتزوجن في أقرب وقت<br />
بعدها.<br />
في لندن ونيويورك وفرانكفورت وتوزع في جميع انحاء العالم تطبع<br />
املقر المقر الرئيسي )لندن(: الرئيسي )لندن(: 166/164 كنج 661/461 ستريت، كنج همرسميث، ستريت،<br />
همرسميث،<br />
لندن دبليو 6 او كيو يو هاتف: )6 0208 741 8008<br />
مكتب القاهرة: 43 أ شارع قصر النيل الطابق األول شقة رقم )2(<br />
مكتب القاهرة: 34 أ شارع قصر النيل الطابق<br />
مكتب املغرب: 8 زنقة األول املرج شقة 6 شقة حسان رقم )2( الرباط<br />
لندن W6 0QU هاتف: 0208-741 8008 +44 6( خطوط(<br />
فاكس: 0208-741 8902 + 44<br />
خطوط( فاكس: 0208 741 8902<br />
)202( 25282918<br />
00212 5377<br />
هاتف/فاكس:<br />
هاتف/ فاكس: 23152<br />
٭<br />
٭<br />
مكتب المغرب: 8 زنقة المرج شقة 6 حسان <br />
مكتب عمان: شارع امللكة رانيا مجمع عكاوي<br />
الرباط<br />
الطابق الرابع رقم 408 ٭ هاتف/فاكس: (009626) 5066089<br />
٭ هاتف/ فاكس: 00212 5377 23152<br />
االشتراكات:<br />
Published In London, New York and Frankfurt<br />
by Al Quds Al- Arabi Publishing LTD<br />
Circulated in Europe, Middle East,<br />
North Africa and North America.<br />
٭ هاتف/فاكس: (202) 25282918<br />
تنظم جمعية ابي رقراق الدورة الثامنة للمهرجان الدولي لفولكور<br />
الطفل التي ستقام في سا من 17 الى 24 من شهر آب/ اغسطس احلالي،<br />
حتت الرئاسة الشرفية لألميرة اللة مرمي شقيقة العاهل املغربي امللك محمد<br />
السادس.<br />
وأكد رئيس املهرجان عبد الرويجل في ندوة صحافية عقدتها اللجنة<br />
املنظمة في مقر اجلمعية، ان الدورة التي ستقام حتت شعار«أطفال السام«<br />
ستعرف مشاركة 500 طفل وطفلة ميثلون 22 دولة عربية وأجنبية.<br />
وأضاف ان هذا املهرجان يهدف لنشر قيم التسامح والسام بني<br />
الشعوب وبخاصة بني األطفال، وترسيخ روح احملبة والتعايش بني<br />
مختلف أجيال الغد، وذلك من أجل عالم يسوده احلوار والتسامح<br />
والسام.<br />
وأبرز مدير املهرجان ان البرنامج يتضمن إلقاء نداء السام باللغات<br />
األربع، العربية واألمازيغية واألنكليزية والفرنسية حتت قبة البرملان،<br />
حيث ستسقبل الوفود املشاركة من قبل عدد من الشخصيات واملسؤولني<br />
على رأسهم رئيس احلكومة عبد االله بن كيران ورئيس مجلس النواب<br />
وغيرهما.<br />
وأشار الى ان برنامج الدورة، التي ستشمل فقراتها أيضا مدن<br />
الرباط، وطنجة، ومتارة، سيكون حافا بالعديد من األنشطة اخلصبة<br />
واملشوقة، حيث سينطلق حفل اإلفتتاح في الساحة الكبرى لباب املريسة<br />
بكرنفال كبير، وبعروض فنية راقية خملتلف البلدان املشاركة، التي تبرز<br />
تنوع احلضارات اإلنسانية، والثقافات الكونية.<br />
وأكد الرويجل الذي انتخب مؤخرا أمينا عاما للفيدرالية الدولية<br />
لفولكلور الطفل، سيعرف تكرمي رينات حبيب الله رئيس هذه الفيدرالية،<br />
فضا عن العديد من األنشطة املوازية، تهدف في العمق الى تعزيز روح<br />
التعاون واحلوار والتواصل بني املشاركني، وإذكاء روح احملبة والتسامح<br />
والتعايش بني مختلف القارات.<br />
وقال ان املهرجان، الذي يسعى الى إشاعة ثقافة السام، وجعل<br />
املغرب فضاء كونيا يلم إبداعات أطفال العالم، وهو محطة دولية لترسيخ<br />
روح التعايش والتسامح بني مختلف األجناس واحلضارات.<br />
السنوي 450 جنيها استرلينيا في عموم بريطانيا و750 دوالرا امريكيا<br />
االشتراك<br />
العربي وخارج بريطانيا بما في ذلك اجور البريد<br />
للوطن
Volume 26 - Issue 7839 Sunday 17 August 2014<br />
السنة السادسة والعشرون العدد 7839 االحد 17 آب )أغسطس( 2014 21 شوال 1435ه<br />
رأي<br />
www.alquds.co.uk<br />
Weekly<br />
أحمد بيضون<br />
مجتمعاتنا »التعدّ دية«:<br />
ال فراقَ بإحسان<br />
حني يصبح الفراق بني املكوّ نات الرئيسة جملتمعٍ<br />
متعدّ د أمراً مقضياً ، تبرز بني أَ وْ لى العواقب باالعتبار<br />
أرجحيةُ القضاء على املدن أو، في األقلّ ، على مدينية<br />
املدن، وأخصّ ها العواصم. فإمنا تصبح املدن مدناً<br />
باستدراجها التخالط وجتاوزها انفراد الوحدة<br />
الطبيعية أو التقليدية بديرتها. وتزداد املدينية<br />
مدينية كلّ ما اتّ سع صدرها ال لتَ خالط وحدات من<br />
الصنف نفسه وحسب بل لتَ خالط أصنافٍ متغايرة<br />
من الوحدات. وإذا كانت املدن العربية قد استبْ قَ ت<br />
نسبة من تعمّ د التجاور بني أبناء الطائفة الواحدة<br />
أو اجلهة أو العشيرة، وهو ما يجسّ ده نظام احلارات،<br />
أرفع من النسبة التي جندها في املدن األوروبية، مثاً ،<br />
فإن ذلك ال يعني البتّ ة أن فقدان املدينة واحدة من هذه<br />
املكوّ نات أو أكثر من واحدة ال ميثّ ل انحطاطاً أو نكوصاً<br />
منها عن السوية املدينية. وهذا فضاً عن النكبة التي<br />
ميثّ لها، بطبيعة احلال، للفئة املستهدفة قلعها من<br />
موطن عيشها ومعاشها األصلي أو املتبنّ ى. يصحب<br />
هذا عنفٌ ال يُ عرف مداه، ونشاهد في هذه األيّ ام بعض<br />
عيّ ناته، يحتاج إليه فرض هذه النكبة على ضحاياها.<br />
فاحلال أنه ال يلوح، في احلاالت املعروضة على مرأىً<br />
منّ ا، أسلوبٌ »نظيف« إلعادة التشكيل اإلثنيّ أو<br />
الطائفي لعاصمةٍ أو ملدينةٍ كبرى أو لوحدةٍ إقليمية<br />
أخرى. وال تستغني الدعوة إلى مثل هذا عن التسليم<br />
باملذبحة وبالدمار اللذين يقتضيهما تنفيذه.<br />
إلى ذلك، ال يحتمل أن يوافق تقسيم األرض<br />
تقسيماً منصفاً للموارد. بل إن كلّ واحد من األوطان<br />
اجلديدة املرجتلة سيضع يده على ما يجده حتت يده<br />
من خيرات الباد ومرافقها ولو لم يكن في هذا وجه<br />
حقّ واضح. ويفيد النظر في حاالت النزاع القائمة<br />
في محيطنا أن النجاة بالثروة أو االنفراد باملوقع<br />
لن يكونا غائبني عن اخمليلة االنفصالية. وهو ما<br />
يجعل استمرار النزاع عبر احلدود اجلديدة مرجّ حاً<br />
ويستبعد ألمدٍ طويل، على األرجح، خافة حسن<br />
اجلوار للصراع اجلاري.<br />
إلى هذا ترتسم عامات استفهام تتعلّ ق باألنظمة<br />
السياسية التي يحتمل أن يفضي إليها التقسيم<br />
أو االنفصال ومبا ميكن أن يضمره كل من األنظمة<br />
اجلديدة للجماعة التي يظلّ ها وما يرجّ ح أن تتمخّ ض<br />
عنه هذه األنظمة من حالةٍ إقليمية.<br />
وذاك أن البحث السياسي في ما يسمّ ى<br />
»اجملتمعات التعدّ دية« يبدو متخلّ فاً عن وقائع التاريخ<br />
حني يواصَ ل التحدّ ثُ عن هذه اجملتمعات وكأنها<br />
ال تزال استثناءً من قاعدة الدول-األمم في عالم<br />
اليوم... وكأن البحث في األنظمة السياسية املناسبة<br />
لها، هو اآلخر، مغادرةٌ جلادّ ة الدميقراطية العريضة<br />
القائمة على مبدأ املواطنة حصراً أي على مقت<br />
االعتراف ب«هيئاتٍ وسيطة« تفصل ما بني املواطن<br />
واألمّ ة حني تتّ خذ لنفسها صفة اجملاميع السياسية<br />
أيضاً ال »األوّ لية« )مبعنى الدينية أو اللغوية أو<br />
اإلثنية، إلخ...( وحسب.<br />
واحلال أن افتراض االستثناء هذا يرقى إلى<br />
عهدٍ شهد خروج األقطار املتتابع من حال االستعمار<br />
وحتوّ لها إلى دول منظورة بدورها. إذ ذاك بدا<br />
التكوين األوّ لي ألكثرها يستدعي ابتعاداً ، اختلفت<br />
أشكاله، عن أنظمة الدول القدمية، القليلة العدد،<br />
التي كانت قد تألّ فت منها - مثاً - عصبة األمم غداة<br />
احلرب العاملية األولى. كان هذا االبتعاد الزماً لتجنيب<br />
هذه الباد متزّ قاً عصف ببعضها فعاً وبدا محتماً في<br />
بعضها اآلخر.<br />
وفي كثير من احلاالت، مثّ لت السلطوية مخرجاً<br />
تباينت مدّ ته من حال التمزّ ق هذه. وفي بعضها أذِ نَ<br />
متتّ عُ اجلماعات بقواعد إقليمية بالذهاب إلى التقسيم<br />
العاجل أو اآلجل بعد محنة دامية. وفي البعض اآلخر،<br />
استقرّ ت احلال على اعتماد الصيغة الفدرالية أو<br />
الصيغة الكنفدرالية، وهما كانتا معروفتني في بعض<br />
الدول القدمية. وفي بعضها األخير، انتهى األمر إلى<br />
اعتماد ما يسمّ ى »النظام التوافقي« وهو يفترض<br />
اعترافاً ، في نطاق الدولة املركزية الواحدة، مبكوّ نات<br />
سياسية وسيطة للمجتمع هي نفسها اجلماعات التي<br />
أنشأها التاريخ وجعل االنتماء إليها عرفياً ال طوعيّ اً .<br />
تلك كانت احلال في قبرص ولبنان، مثاً ، وقد اعتُ برت<br />
أنظمتها شبيهة بأنظمة دول أوروبية صغيرة، أقدم<br />
منها عهداً ، أبرزها بلجيكا وهولندا. وهذا مع اإلقرار<br />
بأن هذه الفئة من األنظمة يختلف بعضها عن اآلخر<br />
كثيراً ومتتّ بصات قربى متباينة إلى الفئات األخرى.<br />
هذا العالم الذي ارتسمت معامله في أواسط<br />
القرن املاضي شهد مذّ اك حتوّ الت عميقة بدّ لت<br />
تصنيف اجملتمعات جلهة تكوينها السياسي وأحالت<br />
إلى قاعدة ما بقي ينظر إليه حيناً من الزمن على أنه<br />
استثناء. فسواءٌ أتعلّ ق األمر مبجتمعاتٍ أنشأَ تها<br />
الهجرة أساساً ، كما في العالم اجلديد، أم مبجتمعات<br />
أخرى حمل إليها ماضيها االستعماري وحاجاتها<br />
العملية كتاً كبيرةً من املهاجرين، راحت املعاداة<br />
املتصاعدة للتمييز وتقدّ م املساواة احلقوقية<br />
يفرضان االعتراف باخلصوصيات الثقافية ويزيدان<br />
من منظورية احلدود بني اجلماعات. وهو ما فعلته<br />
أيضاً أزمات ما بعد االستعمار في األقطار اجلديدة<br />
التي أخفقت السلطوية في كبت الفوارق اإلثنية أو<br />
القبلية أو الطائفية أو اللغوية فيها. وهو، أخيراً ، ما<br />
أبرزته ظروف تفكيك االتّ حاد السوفييتي والكتلة<br />
االشتراكية في جوار اتّ حاد أوروبي مستعدّ الستقبال<br />
قطع املنظومة املنهارة ونظام دولي أصبح متاسكه<br />
وإجماعه على معاجلة حاالت النزاع التي طرحت<br />
ورعاية املسار االنتقالي يبدوان اليوم أثراً بعد عني.<br />
مهما يكن من أمر، تبدو مسألة سياسة الفوارق<br />
مطروحةً اليوم، ولو على أنحاءٍ متباينة، على جميع<br />
دول الكرة ومجتمعاتها تقريباً . وأمّ ا االختاف بني<br />
احلاالت فيتأتى من طبيعة املكوّ نات ومن عددها<br />
والنسب احلجمية بينها ومن نسيج العاقات بينها،<br />
مبا فيه توزيع املوارد، ومن النفوذ اخلارجي الفاعل<br />
فيها، إلخ. فما الذي تأدّ ى، على وجه اإلجمال، عن<br />
اعتماد صيغة »التوافق« بدياً جاء به االضطرار أو<br />
االختيار من مبدأ »املواطنة« لسياسة الفوارق املشار<br />
إليها؟ نحاول في العجالة املقبلة تأمّ اً في هذه املسألة<br />
يحفزه التلويح املتكرّ ر ب«التوافق« وريثاً ألنظمة<br />
كانت قد طمست تعدّ د املكوّ نات وجبَ هَ تْ ه باإلنكار في<br />
األوطان التي تضربها، على مقربة منّ ا، رياح التمزّ ق<br />
والنزاع األهليّ ني.<br />
كاتب لبناني<br />
أمير تاج السر<br />
اختيارات<br />
بوصفي قارئا مواظبا في املقام األول، وأزعم<br />
أنني من الذين يتابعون اإلصدارات اجلديدة،<br />
واختيارات القراء من الكتب والترويج لها في كل<br />
عام، فقد انسقت وراء عدد من تلك االختيارات،<br />
وبالتالي قرأت روايتني لألفغاني خالد حسيني،<br />
هما »عداء الطائرة الورقية«، و«ألف شمس<br />
مشرقة«، كانت نشرتهما بلومزبري قطر<br />
بالعربية بالتتابع. وكنت أشاهد بعيني في<br />
رحالت خارجية، حني أزور املكتبات، كيف أن<br />
الناس يتقاتلون على شراء ما أسميته: ماركة<br />
خالد حسيني، بغض النظر إن كان قد أجاد في<br />
الكتابة أم ال؟ أو إن كانت أعماله تستحق بالفعل<br />
أن يشارك أحدهم في التدافع من أجل احلصول<br />
عليها؟<br />
بالنسبة ل«عداء الطائرة الورقية«، فهي<br />
القصة التي ينبغي أن يكتبها مهاجر أفغاني خرج<br />
أهله من بلد انتهت صالحيته في اإليواء كوطن<br />
يسع اجلميع، حني سيطر عليه حزب الطالبان،<br />
وفرض شروط الوطنية التي لن تنطبق على أي<br />
فرد آخر بخالف أفراد الطالبان. قصة محكمة<br />
ومربكة، وشديدة اإليحاء وهي متسك باألزمة<br />
من قبل بداياتها، وتسعى وراء أي حل ممكن.<br />
األفغاني األمريكي احلر، ال يظل أسير حريته<br />
في البالد البعيدة، لكنه يعود إلنقاذ طفل تركه<br />
صديقه، وبالتالي هو يعود ليصف بالده بعد أن<br />
زالت ظاللها وبساتينها، وشوارعها، وأحضان<br />
أمهاتها، وكل تلك العالمات الكبيرة التي كانت<br />
جتعلها بالدا. القارئ يبدأ مع الراوي حني بدأ<br />
طفال، يستمر معه في أيام الرعب، وسنوات احللم<br />
البعيد، ويعود معه راكبا أيام اخلطر وهو يبحث<br />
عن الطفل الذي تركه عداء الطائرة الورقية. ولعل<br />
التقاط هذه الرواية من قبل السينما وحتويلها<br />
إلى شريط سينمائي ناجح، جعل قراءتها تزداد،<br />
وكنت كتبت رأيا من قبل ذكرت فيه إن السينما<br />
أداة مطلوبة للترويج للرواية.<br />
»ألف شمس مشرقة«، عمل آخر مهم حلسيني<br />
كونه يلتقط الهم الوطني نفسه، مع التركيز على<br />
اجملتمع أكثر، فترى قصصا متشابكة، تؤدي إلى<br />
قصص متشابكة، ولكن يأتي اإلمتاع في النهاية.<br />
اختيار القراء هنا، ومع كاتب مثل خالد<br />
حسيني، يبدو لي جيدا وصادقا وليس نابعا من<br />
انسياق وراء شهرة، فالعمالن الروائيان اللذان<br />
ذكرتهما، فيهما مجهود كبير، من ناحية صناعة<br />
الفكرة، وصناعة حيلها، واللغة املستخدمة، التي<br />
كانت سهلة، وخالية من التعقيد. إنها عدة الكاتب<br />
اجليد، لكنها ليست عدة الكاتب الظاهرة، وقد<br />
أصبح حسيني ظاهرة بال شك، هنا مع اإلجادة،<br />
تتدخل عوامل كثيرة، تنتقي كاتبا جيدا من<br />
وسط كتاب آخرين جيدين، لترسمه في ماليني<br />
اخمليالت، وحتوله إلى ظاهرة، ورمبا تأتي عوامل<br />
أخرى أشد بطشا وسطوة لتنتقي كاتبا غير جيد<br />
باملرة، وترسمه في ماليني اخمليالت أيضا، محولة<br />
إياه إلى ظاهرة.<br />
لن أحتدث عن تلك العوامل ذات السطوة،<br />
ألنني ال أعرفها حقيقة، فقط أقول بكل ارتياح،<br />
إنني أسعد كثيرا حني أرى كاتبا جيدا أصبح<br />
ظاهرة، وبذلك سعدت بكتابات خالد حسيني،<br />
والياباني هاروكي موراكامي، واآلن أقرأ ما تكتبه<br />
التركية إليف شافاق، ألرى إن كان حتويلها إلى<br />
ظاهرة، كان إيجابيا أم ال؟<br />
روائي سوداني