22.01.2015 Views

ApftK

ApftK

ApftK

SHOW MORE
SHOW LESS

Create successful ePaper yourself

Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.

36<br />

26<br />

16<br />

هشام جعيط:‏ الثورات العربية<br />

موريتانيا:‏ حفظ القرآن لتدريب<br />

شالة المغربية:‏ مختصر<br />

زرعت بذورًا للمستقبل<br />

األطفال على التسول<br />

الحضارات ومقام الرومانسية<br />

www.alquds.co.uk<br />

المصريون يتساءلون:‏ هل<br />

اإليزيديون:‏ من سيف داعش<br />

كيف تحمي أطفالك<br />

Volume 26 - Issue 7839 Sunday 17 August 2014<br />

Weekly<br />

السنة السادسة والعشرون العدد 7839 االحد 17 آب ‏)أغسطس(‏ 2014 21 شوال ‎1435‎ه<br />

من اإلنترنت؟<br />

الى جحيم سنجار<br />

نحن حقًا ‏»نور عينيه«؟<br />

40 14<br />

4<br />

تركيا أردوغان:‏<br />

تجديد جمهورية ثانية<br />

أم إحياء سلطنة عثمانية؟<br />

فوز اإلسامي املعتدل رجب طيب أردوغان،‏ في أول انتخابات رئاسية<br />

تشهدها تركيا احلديثة،‏ أطلق سياً‏ من التكهنات حول مصائر األتاتوركية،‏<br />

ومستقبل الدميقراطية التركية،‏ وأدوار تركيا األقليمية والدولية،‏<br />

وإشكالية اإلسام السياسي في احلكم.‏<br />

‏)ملف حدث االسبوع ص 6 13(<br />

Price<br />

List<br />

■ االردن 500 فلس ■ االمارات 5 دراهم ■ البحرين 300 فلس ■ تونس 1.50 مليم ■ اجلزائر 90 دينارا ■ السعودية 3 رياالت ■ السودان‎10‎ دنانير ■ سورية ‎12‎ليرة ■ عُ‏ مان‎200‎ بيزة ■ العراق ‎500‎فلس ■ قطر 4.5 رياالت ■ الكويت 150 فلسا ■ لبنان 1500 ليرة ■ ليبيا 500 درهم ■ مصر 1 جنيه ■ املغرب 6 دراهم ■ اليمن 50 رياال<br />

Australia 1.50 A.Dr • Austria € 2 • Belgium € 2.50 • Cyprus € 1.71 • Denmark 12DKK • France € 2.50 • Germany € 2.50 • Greece € 2 • Italy € 2 • Netherlands € 2.50 • Spain € 2 • Sweden SK 17 • Malta € 1.89 • Switzerland 3.50 SF • Turkey 1.60 YTL • UK £1 • USA $ 3.00 (New York $2.50) • Can $2.50


Volume 26 - Issue 7839 Sunday 17 August 2014<br />

3 2<br />

تقارير اخبارية<br />

غزة - ‏»القدس العربي«:‏ أشرف الهور<br />

شكلت ‏»التهدئة املؤقتة«‏ الثانية التي اتفق عليها وفد الفصائل الفلسطينية منتصف ليل<br />

األربعاء،‏ لتمتد هذه املرة خمسة أيام بدال من ثاثة،‏ ارتياحا لدى سكان قطاع غزة،‏ الذين<br />

عانوا طوال ال 35 يوما من حرب إسرائيلية ‏»اجلرف الصامد«‏ لم يعهدوا مثل شراستها من<br />

قبل،‏ بعد أن وصل عدد الشهداء الى نحو األلفي شهيد،‏ فيما فاق عدد اجلرحى العشرة آالف<br />

جريح.‏<br />

فأينما تولي وجهك في القطاع الساحلي هناك حكايات من املأساة ال حصر لها يرويها<br />

السكان،‏ وقد خلفتها جميعها احلرب.‏ فالقتل كان في كل مكان،‏ والتدمير هذه املرة طال<br />

الشجر واحلجر وقبلها البشر،‏ وعمليات القصف العشوائي واإلبادة اجلماعية للعائات<br />

وقتل األطفال والنساء،‏ واجملازر التي ارتكبت من قبل جيش االحتال اإلسرائيلي في املناطق<br />

احلدودية الشرقية والشمالية لقطاع غزة،‏ خال عمليات التوغل البرية،‏ وما صاحبها من<br />

وقوع ضحايا خال الهروب في الشوارع،‏ وآخرين ما زالوا حتت الركام،‏ كلها جعلت الصدمة<br />

حاضرة في وجوه الغزيني.‏<br />

فسكان غزة املنكوبون واملكلومون ينتظرون تهدئة نهائية من خال املفاوضات التي<br />

تدار في القاهرة بني وفدين فلسطيني يجمع الكل الفلسطيني،‏ وآخر إسرائيلي أمني،‏ على<br />

أن تكون هذه التهدئة شاملة تتمثل في رفع كلي للحصار املفروض عليهم منذ ثماني سنوات،‏<br />

هذا احلصار الذي حول حياتهم إلى جحيم،‏ فإنتشر الفقر وسادت البطالة حتى إنها فاقت<br />

كل النسب العاملية،‏ وجعلت من مكان سكناهم في قطاع غزة احملاصر،‏ أشبه بسجن كبير،‏ له<br />

بوابات مغلقة من كل اإلجتاهات.‏<br />

والسكان كالعادة خاصة من يقطنون على مقربة من احلدود،‏ انشغلوا في تفقد منازلهم<br />

التي تركوها قسرا بسبب االجتياحات والدمار الذي طالها،‏ عادوا من مراكز اإليواء لتفقده<br />

بيوتهم مجددا،‏ واستخراج ما ينفعهم في حياة النزوح اجلديدة من حتت الركام.‏<br />

وقد بلغ عدد الشهداء في آخر إحصائية لوزارة الصحة الفلسطينية أكثر من 1960<br />

شهيدا،‏ وهناك احتمال الن يزيد هذا العدد مع وجود جرحى على أسرة املشافي في القطاع<br />

وفي اخلارج،‏ يعانون من أوضاع صحية خطيرة،‏ خاصة وأن عددا منهم سقط خال األيام<br />

املاضية،‏ فيما فاق عدد اجلرحى 1100 جريح.‏<br />

وحسب احصائية مبدئية أيضا فإن قوات اإلحتال دمرت خال احلرب أكثر من عشرة<br />

آالف وحدة سكنية.‏ فقد حتولت مناطق كبيرة تقع على حدود القطاع إلى أكوام من الركام<br />

بسبب القصف والتجريف اإلسرائيلي.‏<br />

ال تزال غزة تعيش آثار احلرب بسقوط شهداء يوميا من املصابني بجراح خطرة،‏ وتشكل<br />

أزمة احلصول على املياه والكهرباء معضلة يومية كبيرة يواجهها السكان،‏ وقد خلقتها<br />

احلرب،‏ التي دمرت خالها إسرائيل مرافق حيوية،‏ كشركة الكهرباء،‏ ومحطات وآبار املياه،‏<br />

عاوة على النقص احلاد في األدوية التي يعاني منها القطاع الصحي،‏ جراء احلصار والذي<br />

تأثر أيضا بسبب كثرة أعداد اجلرحى.‏<br />

وهناك مشكلة جديدة برزت للواجهة في قطاع غزة وظهرت بشكل جلي األسبوع املاضي،‏<br />

هي التخلص من الصواريخ والقذائف الصاروخية اإلسرائيلية التي أطلقت على القطاع،‏<br />

وعددها كبير جدا،‏ دون أن تنفجر.‏ فقد أدى إنفجار قذيفة صاروخية أطلقتها قوات االحتال<br />

على شمال قطاع غزة،‏ خال محاولة تفكيكها إلى استشهاد ستة مواطنني،‏ بينهم صحافيان<br />

أحدهما ايطالي اجلنسية،‏ وأربعة من الوحدة الشرطية اخملتصة بعملية التفكيك.‏<br />

وعثر الفلسطينيون في ركام املنازل وفي الشوارع على عدد كبير من أنواع مختلفة من<br />

هذه القنابل التي ميكن أن تنفجر في أي حلظة،‏ مخلفة عشرات الضحايا اجلدد،‏ ما لم تكن<br />

هناك مساعدة اختصاصية في تفكيكها.‏<br />

وبالعودة إلى عملية متديد التهدئة فإن أكثر ما ميزها هذه املرة،‏ هو خروج أصوات<br />

فلسطينية ملعلقني ومحللني تدعوا بشكل أوضح مما سبق إلعطاء كل الثقة في الوفد<br />

الفلسطيني املفاوض،‏ الذي يضم شخصيات من كل التنظيمات،‏ ومنحه اجملال األوسع بدون<br />

أي ضغط للوصول إلى حل مشرف يرضي كل الفلسطينيني،‏ خاصة وأنه في املرات السابقة<br />

كانت هناك دعوات كثيرة لهذا الوفد باإلنسحاب.‏<br />

ويرجع السبب في ذلك،‏ ملا حققه الوفد حتى اللحظة من ثبات في املوقف العام،‏ وعدم<br />

تقدمي أي تنازالت إلسرائيل،‏ على حساب الشعب الفلسطيني،‏ خاصة وأن تصريحات<br />

أعضائه كانت متطابقة،‏ ما يؤكد وحدة املوقف الكامل خال املفاوضات.‏<br />

فالكام الذي حتدث به عزام األحمد رئيس الوفد واملسؤول الكبير في حركة فتح،‏ كرره<br />

مسؤولون في حركة حماس،‏ هم أعضاء في الوفد،‏ وأعاده آخرون من تنظيمات أخرى.‏<br />

وسيرى الفلسطينيون ما ستؤول إليه األمور األسبوع املقبل،‏ من ناحية التوصل لوقف<br />

شامل إلطاق النار،‏ يلبي املطالب الفلسطينية،‏ أو هدنة مؤقتة أخرى،‏ أم ستدير إسرائيل<br />

ظهرها وستعمل على توتير الوضع والعودة ملربع احلرب األول.‏<br />

غزة تعيش ‏»هدنة مؤقتة«‏<br />

السنة السادسة والعشرون العدد 7839 االحد 17 آب ‏)أغسطس(‏ 2014 21 شوال ‎1435‎ه<br />

وتترقب حال شامال يلبي مطالبها<br />

السيناريو السعودي يطرح ورقة حل اإلخوان المسلمين<br />

والجماعة تحذر من مكافأة مجزية ل»داعش وأخواتها«‏<br />

عمان - ‏»القدس العربي«:‏<br />

بسام البدارين<br />

عودة احلملة الصحافية األردنية الرسمية<br />

التي حترض على اإلخوان املسلمني وبقوة للواقع<br />

اإلعامي احمللي األسبوع املاضي توحي مجددا بأن<br />

السلطة بدأت تلعب مجددا بورقة ‏»حل اجلماعة«‏<br />

وفتح ملف ترخيصها وهو ملف يفتح كلما صعدت<br />

اجلماعة من خطابها بسبب مستجدات إقليمية،‏ أو<br />

كلما كانت الباد بصدد حتوالت مهمة تتطلب تقليم<br />

أظافر املعارضة املنظمة وإخضاعها وإرهاقها.‏<br />

إلى حد بعيد وجدت النخب األردنية نفسها<br />

هذه األيام حتت إنطباع القفز املفاجىء مجددا<br />

باإليقاع واخليار السعودي عندما يتعلق األمر بأهم<br />

وأعرض وأكبر تيار معارض بإسم األخوان املسلمني.‏<br />

لهذا اإلنطباع مبررات عملية ال ميكن نكرانها<br />

فبدء اخلطوات لتأسيس وزارة للدفاع وألول مرة في<br />

األردن يوحي باإلستعداد ملرحلة التحالف مع احملور<br />

العربي اجلديد الذي يضم السعودية واإلمارات<br />

ومصر والبحرين والكويت وقد يضم في خطوة<br />

الحقة حكومة لبنان بتركيبة يتصدر فيها حليف<br />

السعودية األبرز الشيخ سعد احلريري.‏<br />

املعطيات تتحدث عن إستعداد السعودية<br />

لتمويل عملية طويلة األجل لتوحيد القدرات<br />

العسكرية في هذه الدول مما يتطلب تشكيل<br />

مؤسسات جماعية معنية باجلانب العسكري<br />

التوافقي ضمن املستجدات التي فرضها قبل كل شيء<br />

الدعم السعودي واإلماراتي الكبير ملصر اجلديدة<br />

بقيادة اجلنرال عبد الفتاح السيسي.‏<br />

يرى بعض السياسيني في عمان أن هذه<br />

العملية بدأت فعا باملليارات األربعة التي قررتها<br />

السعودية لتحديث اجليش اللبناني كما يرون أن<br />

‏»األيام السعودية«‏ املقبلة تتطلب فيما يبدو خطوة<br />

‏»إصاحية كبيرة«‏ في كل األحوال من طراز تشكيل<br />

وزارة دفاع في األردن وألول مرة.‏<br />

قد ال يكون األمر مرتبطا باإلخوان املسلمني<br />

ولكن في كل األحوال املعادلة واضحة متاما في<br />

األردن هذه األيام فكل تقارب سياسي أو إقتصادي<br />

أو أمني من أي نوع مع السعودية يؤدي إلى خسارة<br />

مسافة مماثلة في الوزن ومعاكسة في اإلجتاه في<br />

العاقة التحالفية القدمية بني مؤسسات النظام<br />

األردني وجماعة اإلخوان املسلمني.‏<br />

الرجل الثاني في تنظيم اإلخوان املسلمني<br />

الشيخ زكي بني إرشيد سبق ان اعتبر في حديث<br />

الى ‏»القدس العربي«‏ البوصلة السعودية في مسألة<br />

اإلخوان املسلمني منحرفة وظاملة وال مستقبل لها<br />

في األردن،‏ مشددا على أن الظروف واملعطيات في<br />

احلالة األردنية مختلفة متاما.‏<br />

عنصر اإلثارة األبرز الذي أقلق القرار الرسمي<br />

متثل في اخلطاب الصحافي املؤثر الذي قدمه املعتدل<br />

الشيخ حمزة منصور خال احلرب اإلسرائيلية على<br />

قطاع غزة حيث وجه إتهامات مباشرة للسعودية<br />

ومصر بالتواطؤ مع إسرائيل وإتهم املوقف الرسمي<br />

االردني بالتقصير،‏ األمر الذي أغضب اجلانب<br />

السعودي وأزعجه في كل األحوال.‏<br />

السلطة في األردن ال تريد ان تظهر مبظهر من<br />

ال يستطيع إخضاع اإلخوان املسلمني أو يسمح لهم<br />

بالتمدد األفقي والعمودي داخليا وبصورة تضر<br />

باملصالح األردنية مع السعودية ومصر وغيرهما<br />

بناء على إعتبارات إقليمية بحتة وهو وضع مختل<br />

برأي القيادي في احلركة اإلسامية الشيخ مراد<br />

العضايلة الذي رحب عبر ‏»القدس العربي«‏ بأي<br />

مبادرات جوهرية تنتهي بشراكة منطقية وتنطوي<br />

على ‏»كرامة«‏ وتقرأ التحديات التي تواجهها اململكة<br />

بدون تشنج.‏ إرشيد يشكك في أن يكون اخلضوع<br />

للسيناريو السعودي في التعاطي مع إخوان األردن<br />

خيارا يتيما لصاحب القرار األردني ويحذر من ان<br />

البرنامج السعودي أصا تصعيدي مع اإلشارة لعدم<br />

وجود تنظيمات إخوانية أصا في السعودية حتى<br />

حتظر إال إذا كانت الذراع السعودية تعتقد بأنها<br />

تستطيع حظر اإلخوان املسلمني في كل مكان.‏<br />

قراءة الصحف الرسمية واحلكومية األردنية<br />

وتلك املقربة من السلطة هذه األيام تفيد بأن ‏»حملة<br />

باطنية«‏ منظمة بدأت تستهدف اإلخوان املسلمني<br />

وصحيفة ‏»الغد«‏ مثا لم تتردد وهي تشير في تقرير<br />

لها الى ان القضاء قد يتعامل قريبا مع ملف الوضع<br />

القانوني للجماعة املرخصة كجمعية خيرية وليس<br />

سياسية،‏ فيما نقلت ‏»العرب اليوم«‏ عن وزير شؤون<br />

البرملان خالد كالدة قوله بأن احلكومة ال تفكر في<br />

حل جماعة اإلخوان رغم ‏»جتنيها«.‏<br />

سيناريوهات التحريض على جماعة اإلخوان<br />

قفزت للواجهة بعدما نظم املهرجان األخير للجماعة<br />

نصرة لغزة في قلب عمان العاصمة بحضور<br />

جماهيري مكثف حيث القيت خطابات نارية وظهرت<br />

مجسمات لصواريخ القسام تسببت في حملة نقد<br />

واسعة النطاق.‏<br />

العضايلة رأى ان هذه اجملسمات مجرد متثيل<br />

السعودية تستعيد نشاطها السياسي<br />

سليمان نمر<br />

بعد أسابيع من الهدوء ومحاولة النأي بالنفس عن ماشهده العالم العربي<br />

من أحداث وتطورات،‏ واإلنشغال بالنفس وحتصني األوضاع الداخلية<br />

من مخاطر تسلل اإلرهاب اليها وبالتالي اإلضطرابات،‏ وجدت القيادة<br />

السعودية انها ال تستطيع اإلنعزال عن محيطها العربي وال تستطيع<br />

اإلبتعاد عن دورها اإلقليمي بسبب ثقلها السياسي إساميا ودوليا،‏<br />

حتى ولو نسقت مع مصر ألخذ هذا الدور.‏ فالتحالف مع مصر يتطلب ان يكون<br />

للسعودية دورها في مواجهة اضطرابات األوضاع في املنطقة والفوضى<br />

السياسية اإلقليمية.‏<br />

ومن هنا الحظنا انه خال األسبوع املاضي استعادت السعودية نشاطها<br />

السياسي وحتركاتها اإلقليمية ملمارسة دورها السياسي املعهود حتى تأخذ<br />

زمام املبادرة.‏ بعد ان عملت محادثات خادم احلرمني الشريفني امللك عبد الله بن<br />

عبدالعزيز والقيادة السعودية مع الرئيس املصري عبد الفتاح السيسي التي<br />

جرت قبل اسبوع في جدة،‏ على تكريس التحالف املصري السعودي كنواة حللف<br />

عربي جديد سيضم معه دولة االمارات ودول مجلس التعاون اخلليجي واالردن<br />

واملغرب ورمبا اجلزائر يتصدى ملواجهة اإلضطرابات اإلقليمية وماحقة اإلرهاب<br />

وحركاته اجلهادية املتطرفة.‏<br />

وفي هذا اإلطار التقى العاهل السعودي مع ملك االردن في جدة يوم اخلميس<br />

املاضي لاتفاق على الدور واملكان االردني في هذا التحالف.‏ وهذا احللف اجلديد<br />

يتطلب من السعودية ان متارس دورها القيادي فيه والتعاطي مع كل املشاكل<br />

التي سيتصدى لها احللف،‏ والسعي - كما قال وزير اخلارجية السعودي<br />

األمير سعود الفيصل - االسبوع املاضي ‏»للبحث عن مقاربات جديدة جتمع بني<br />

الدول العربية واإلسامية وال تفرق،‏ تتأسس على اإلحترام املتبادل واحلفاظ<br />

على حقوق اجلميع ومصلحتهم،‏ وتكف عن محاولة النيل من بعضنا البعض أو<br />

التوسع على حساب بعضنا البعض«.‏<br />

ومحاكاة من بعض املواطنني وال عاقة لها برسائل<br />

سياسية،‏ لكن مقاالت ظهرت في صحف رسمية مثل<br />

‏»الرأي«‏ و«الدستور«‏ توسعت في التحذير من سعي<br />

اإلخوان إلختطاف ما حصل في غزة وتكريسه<br />

سياسيا في احلالة األردنية،‏ األمر الذي يعتبر<br />

محظورا في كل األحوال.‏<br />

الوزير الكالدة حتدث ل ‏»القدس العربي«‏<br />

عن عدم وجود قرار محدد ضد اإلخوان املسلمني في<br />

املرحلة احلالية في أدراج رئيس الوزراء الدكتور<br />

عبدالله النسور واألخير نفسه وفي لقاء مع رؤساء<br />

التحرير ظهر اخلميس لم يطرح أوراقا ضاغطة<br />

بقسوة وان وجه بعض الرسائل في هذا اخلصوص،‏<br />

واملوقف عموما يبدو ضبابيا ومحيرا وغامضا عندما<br />

يتعلق األمر بعودة مظاهر الصراع بني السلطة<br />

وجماعة اإلخوان على إيقاع احلرب اإلسرائيلية<br />

املعلنة ضد الشعب الفلسطيني دون أن تتضح بعد<br />

اخلطوة التالية.‏<br />

ال يوجد أساس بيروقراطي للقول بأن ‏»حل<br />

جماعة اإلخوان«‏ مبعنى حظرها أردنيا قرار موضوع<br />

اآلن في جيب السلطة،‏ لكن هناك العديد من القرائن<br />

على منو واضح سيتزايد الحقا لإليقاع السعودي<br />

في عمق املؤسسات األردنية وهو منو قد يضع كل<br />

األطراف في عمان في حلظة مقبلة أمام اإلستحقاق<br />

األكثر حساسية وسيختبر إمكانية ‏»التعايش«‏<br />

مجددا بني مؤسسة النظام وجماعة اإلخوان.‏<br />

هذا التعايش مستهدف متاما بدعوات<br />

حتريضية ضد اإلخوان في عمق بعض املؤسسات<br />

ونخبة من كبار املسؤولني واإلختبار دخل فعا حيز<br />

التنفيذ ومن املرجح أنه يثير بعيدا عن األضواء<br />

نقاشا حادا حتى داخل املؤسسات اإلخوانية التي<br />

حاولت باملناسبة إحتواء اجلدل حول فرقة ‏»زمزم«‏<br />

قبل أن تنتج الصحافة اليومية إيحاءاتها اجلديدة<br />

بأن حلظة الصدام تكاد تكون وشيكة.‏<br />

بالنسبة إلرشيد والعضايلة وحتى الشيخ<br />

منصور أي صدام غير مبرر وال توجد أجندة ضد<br />

الدولة واحلكومة واجلميع سيخسر والتصعيد ضد<br />

اجلماعة مكافأة كبيرة ‏»لداعش وأخواتها«‏ واألهم<br />

إستقرار اجملتمع.‏<br />

وبالنسبة للتيار املتشدد ضد اإلخوان في<br />

الدولة فان اإلخوان املسلمني يتجاوزون حدودهم<br />

ويلعبون بورقة املكونات ويرفضون إبعاد اجلناح<br />

املؤيد حلركة حماس ويخيفون اجلميع ويشعرون<br />

بقوة مضخمة وهي إعتبارات ال ميكن التعايش معها<br />

وفقا ملا قاله مسؤول أمني ل ‏»القدس العربي«.‏<br />

وأول شيء أوضحه األمير سعود الفيصل موقف اململكة املبدأي من اسرائيل<br />

انها دولة احتال متارس سياسة العدوان،‏ والشيء اجلديد في كامه عن اسرائيل<br />

اعلن انه ‏»ليس لها احلق في الدفاع عن نفسها النها كيان محتل«‏ موضحا ‏»أنه ال<br />

يوجد بند في القانون الدولي يقول إن احملتل له حق الدفاع عن النفس«‏ وأضاف<br />

ان ‏»إسرائيل كما نرى لم تتورع ولن تتورع عن الذهاب إلى أي مدى ودون حساب<br />

لنظام أو قانون أو شرعية أو إنسانية لتحقيق أغراضها وأهدافها،‏ وليس لها من<br />

هدف سوى استئصال الوجود الفلسطيني وفرض هيمنتها على املنطقة كقوة<br />

إقليمية مسيطرة طاغية«.‏<br />

املهم في كام وزير اخلارجية السعودي ماقاله عن حركة حماس حني قال<br />

‏»أنه ليس من العدل مساواة أعمال حركة املقاومة اإلسامية ‏)حماس(‏ بأعمال<br />

إسرائيل سواء في مداها أو في جوهرها«.‏<br />

وهذه االشارة تؤكد ماكشفت عنه مصادر ديبلوماسية عربية من معلومات<br />

حول ان السعودية طلبت من القيادة املصرية ان تخفف من عدائها حلركة<br />

حماس وعدم التعامل مع امللف الفلسطيني من منطلق ‏»فصائلي«‏ بل من منطلق<br />

وجود سلطة فلسطينية متثل الشرعية الفلسطينية.‏<br />

ونصحت القيادة السعودية الرئيس السيسي بالعمل على تأييد مطالب<br />

الوفد الفلسطيني في القاهرة وحل أي مشاكل عالقة بني مصر وحركة حماس من<br />

خال السلطة الفلسطينية.‏<br />

وتعتقد أوساط فلسطينية ان هذا يعني التخفيف من التأييد املصري<br />

للقيادي الفلسطيني املعزول محمد دحان العطائه دورا في أي تسويات بشأن<br />

مستقبل األوضاع في قطاع غزة،‏ وإعطاء الدور للسلطة الفلسطينية بانها هي<br />

التي ستكون مسؤولة عن أي اتفاقات تعقد بشأن غزة.‏<br />

والشك ان املوقف السعودي هذا سيتناغم مع املوقف االوروبي الذي يشير<br />

األمير سعود الفيصل ان باده جتري االتصاالت الدولية بشأن غزة حني أشار<br />

الى ‏»ان اململكة ومصر تتعاونان سوية وتتصان بكل اجلهات الفاعلة في اجملتمع<br />

الدولي والقادرة على التأثير على إسرائيل حلثها على ممارسة الضغوط عليها<br />

إليقاف القتال«.‏<br />

تقارير اخبارية<br />

رئيس وزراء األردن:‏ ال نفكر في حل<br />

أو حظر جماعة اإلخوان المسلمين<br />

أعلن رئيس الوزراء االردني الدكتور عبد الله النسور ان بالده لم ولن تقوم<br />

بحل جماعة اإلخوان املسلمني.‏ وشدد النسور خالل مؤمتر صحافي<br />

عقده في دار رئاسة الوزراء السبت على ان االردن بلد دميقراطي مبا يكفي<br />

حتى ال يحجز حرية األحزاب،‏ وقال ان هناك متطلبات حتدد آلية العمل<br />

والعالقة بني جماعة اإلخوان املسلمني واحلكومة،‏ فنحن نعطيهم احلق<br />

بالعمل لكن بطريقة قانونية.‏<br />

لكن النسور اتهم مواقف البعض في جماعة اإلخوان املسلمني بانها<br />

كانت ‏»استفزازية«‏ وقال ‏»هنالك تصرفات وأقوال بدرت عنها في الفترة<br />

األخيرة أثارت إمتعاض الشعب االردني«‏ مشيرا ‏»ال أحد يستطيع احتكار<br />

غزة«.‏<br />

وأكد انه ‏»ليس من احلكمة ان نثقل كاهل االردن بالعتاب ونتهمه<br />

بالتقصير،‏ فاالردن جتاه غزة لم يقصر«.‏ وتساءل ما الهدف من نقل<br />

األوضاع واألنظار السلبية عن اسرائيل والقائها على االردن؟.‏<br />

جنبالط : النظام السوري لن يبقى<br />

و»داعش«‏ يسعى لتدمير المنطقة<br />

قال رئيس احلزب التقدمي االشتراكي والزعيم الدرزي األبرز في لبنان<br />

النائب وليد جنبالط،‏ السبت،‏ إن ‏»النظام السوري احلالي لن يبقى«‏ وإن<br />

تنظيم ‏»الدولة اإلسالمية«‏ ‏)داعش(‏ يسعى لتدمير املنطقة كلها،‏ مجددا<br />

متسكه بالنائب هنري حلو كمرشح لرئاسة لبنان ‏»مع الدعوة الختيار<br />

مرشح تسوية«.‏<br />

وأعتبر جنبالط في حديث لقناة ‏»سكاي نيوز عربية«‏ اإلخبارية أن النظام<br />

السوري احلالي ‏»لن يبقى«‏ مشيرا إلى أنه ‏»كان على اجملتمع الدولي<br />

تسليح املعارضة السورية،‏ وكان يجب إعطاء اجليش السوري احلر<br />

سالحا إلسقاط الطائرات«.‏<br />

وفي موضوع آخر،‏ قال جنبالط إن ‏»تنظيم داعش يستهدف تدمير املنطقة<br />

بأكملها وليس لبنان فحسب«‏ محذرا ‏»من خطر وجودي يهدد لبنان<br />

واملنطقة العربية«.‏<br />

حماس تدعو إلى تفعيل المقاومة<br />

ضد إسرائيل في الضفة الغربية<br />

دعت حركة املقاومة اإلسالمية ‏»حماس«‏ إلى تفعيل ما أسمته ‏»املقاومة<br />

الفلسطينية«‏ في الضفة الغربية،‏ ردا على ‏»اإلنتهاكات اإلسرائيلية<br />

املستمرة«.‏<br />

وقال سامي أبو زهري املتحدث الرسمي باسم احلركة،‏ في تصريح<br />

السبت،‏ إنّ‏ اجلرائم واإلنتهاكات املستمرة في الضفة،‏ تؤكد أن املشكلة<br />

هي في ‏»االحتالل اإلسرائيلي«.‏<br />

وأضاف إن هذه االعتداءات ‏»تستوجب تفعيل دور املقاومة في الضفة،‏<br />

لِ‏ لَ‏ جم االحتالل عن ارتكاب اجلرائم،‏ وحماية الشعب الفلسطيني«.‏<br />

مجلس األمن يصوت باإلجماع على قرار<br />

بفرض عقوبات ضد ‏»داعش«‏ و»النصرة«‏<br />

تبنى مجلس األمن الدولي باإلجماع،‏ مشروع قرار يستهدف قطع<br />

اإلمدادات البشرية واملالية عن تنظيمي ‏»الدولة اإلسالمية«‏ ‏)املعروف<br />

إعالميا باسم داعش(‏ و«جبهة النصرة«.‏<br />

ونص القرار،‏ على ‏»نزع سالح وتفكيك«‏ مقاتلي تنظيم ‏»الدولة اإلسالمية«‏<br />

في سوريا والعراق ومقاتلي ‏»جبهة النصرة«‏ وتنظيمات أخرى على<br />

صلة بتنظيم القاعدة.‏ كما نص أيضا على أن مجلس األمن ‏»يحث الدول<br />

األعضاء كافة على اتخاذ اجراءات تهدف إلى وضع حد لتدفق مقاتلني<br />

إرهابيني أجانب ينضمون إلى ‏)الدولة اإلسالمية(‏ أو ‏)جبهة النصرة(«.‏<br />

يمنيون يطالبون الرئيس<br />

هادي بإقالة وزير الدفاع<br />

نظم العشرات من الشباب السبت وقفة احتجاجية أمام منزل الرئيس<br />

اليمني عبدربه منصور هادي،‏ للمطالبة بإقالة وزير الدفاع محمد ناصر<br />

أحمد بدعوى ‏»مساهمته في تفكيك اجليش وإضعاف معنوياته«.‏<br />

ورفع املشاركون في الوقفة اإلحتجاجية الفتات تستنكر<br />

صمت الرئيس اليمني على ما وصفوه ب«فشل وزير الدفاع وخيانته«‏<br />

مطالبني بإنقاذ اجليش اليمني من خالل إقالة الوزير والقيادات الفاسدة<br />

فيه.‏


Volume 26 - Issue 7839 Sunday 17 August 2014<br />

5 4<br />

تقارير اخبارية<br />

الكهرباء باتت ضيفا عابرا في حياتهم:‏<br />

المصريون يتساءلون:‏ هل نحن فعالً..‏ ‏»نور عينيه«؟<br />

القاهرة - ‏»القدس العربي«:‏<br />

حسام عبد البصير<br />

في ظل ظام دامس بسبب إنقطاع الكهرباء<br />

لساعات طويلة على مدار اليوم ينسج املصريون<br />

أحامهم في إنتظار الوعد الرئاسي«بكره تشوفوا<br />

البلد دي هتبقى أيه«.‏ وبالطبع كي يشاهد املصريون<br />

البلد البد أن تضيء املصابيح املظلمة وحتى يتحقق<br />

ذلك املطلب يكتفي املصريون بالوقوف على رصيف<br />

اإلنتظار وقد تقلصت أحام معظمهم من احلصول<br />

على وظائف وحتسن أوضاعهم االقتصادية أو<br />

احلصول على شريك العمر إلى مجرد انتظار عودة<br />

التيار الكهربائي خاصة في ظل حرارة الصيف<br />

امللتهبة والتي جتاوزت األربعني درجة مئوية في<br />

ساعات النهار على مدار أيام األسبوع.‏<br />

وفيما حتلى معظم املسؤولني بالصمت حيال تلك<br />

األزمة الطارئة والتي لم تشهدها الباد سواء في زمن<br />

مبارك أو خال العام الذي تولى فيه محمد مرسي<br />

سدة احلكم حيث توارى وزير الكهرباء عن األنظار<br />

مشدداً‏ على ان األزمة كبيرة وستحتاج سنوات حللها<br />

وهو رأي الرئيس السيسي نفسه،‏ لكن وزير الداخلية<br />

رمى بحبل اإلنقاذ لوزير الكهرباء حينما أعلن ان<br />

خلية ارهابية تابعة لإلخوان املسلمني مسؤولة عن<br />

تفجير أبراج الكهرباء الذي أسفر عن إنقطاع التيار<br />

في عدة مناطق.‏ غير ان حالة الغضب التي تعتري<br />

الشارع ليست بسبب إنقطاع التيار فحسب ولكن<br />

بسبب إرتفاع قيمة اإلستهاك بشكل كبير وهو مادفع<br />

الكثيرين للترحم على الرئيس املعزول محمد مرسي<br />

الذي لم تشهد الباد في السنة التي تولى فيها احلكم<br />

ارتفاع األسعار كما هو يجري اآلن.‏ وقد اشتعلت<br />

شبكات التواصل االجتماعي بالهجوم الشديد على<br />

احلكومة بسبب تردي اخلدمات وارتفاع األسعار<br />

وفي هذا السياق قال أحد أدمن صفحة عاء صادق<br />

على موقع الفيسبوك:‏ بتاع عصير القصب عندنا<br />

من يومني عديت عليه لقيته بيعيط وبيحتسب لله<br />

بصوت عالى<br />

قلت له مالك فيه ايه؟<br />

قال لي الكهربا جايه 2000 أجيب منني دى يوم<br />

ماكانت بتتمعظم كانت بتبقى 300<br />

ويصرخ أجيب منني خليهم يقفلوها أحسن<br />

يومهم قرب<br />

يومهم قرب والراجل منهار وأنا فى ذهول<br />

عارفني فى ذهول ليه..اكتشف األدمن ان«بتاع<br />

العصير ‏»انقابى..‏ لذا قال له:‏ اشرب ياعم شوية<br />

قصب يهدوك<br />

وأنشغل الشارع السياسي على مدار األسبوع<br />

املاضي حتت جنح الظام بعدة قضايا أبرزها تدشني<br />

مشروع الوصلة اجلديدة لقناة السويس الذي<br />

تعول عليه احلكومة في حتسني األداء االقتصادي<br />

للباد ويراهن عليه السيسي بشكل شخصي في<br />

ان يثبت للجماهير التي منحته أصواتها بأن أملهم<br />

فيه لم يذهب هباء.‏ غير ان عددا من الذين ينافقون<br />

الرئيس تسببوا له في حرج بالغ دون ان يتوقعوا<br />

حينما حتدثوا عن املشروع بصفته قناة جديدة<br />

وهو ما أثار موجة من السخرية بني خصوم الرئيس<br />

خاصة على مواقع التواصل االجتماعي.‏ غير ان<br />

الرئيس أولى املشروع اهتماما كبيراً‏ للحد الذي<br />

دفعه للتردد عليه فجراً‏ للوقوف على سير العمل<br />

فيه.‏ ومن األحداث الهامة التي شهدها األسبوع<br />

املنصرم زيارتني مهمتني للرئيس السيسي للمملكة<br />

السعودية وروسيا وكان الهدف الرئيسي للزيارتني<br />

التباحث بشأن موضوعات عدة من بينها القضية<br />

الفلسطينية والتعاون االقتصادي بني الدولتني ولم<br />

يدع نشطاء الفيسبوك وتويتر الزيارة متر مرور<br />

الكرام فها هو حسني الشافعي وهو من أبرز خصوم<br />

النظام احلاكم يعبر عن حزنه بسبب متكن الرئيس<br />

من أداء العمرة.‏ لكنه مالبث ان عبر عن سعادته<br />

وهو مانكتشفه في الكلمات اآلتية:‏ ‏»بعدما قهرتني<br />

صورة السيسي يدخل إلى الكعبة في حراسة مئات<br />

من اجلنود واحلراس في مشهد مشي،‏ عدت ففرحت<br />

جدا بهذه اللقطة.‏ مثل هذا ال ينبغي أن يدخلها إال<br />

بهذه الطريقة.‏ ال ينبغي أن يدخلها إال وهو خائف.‏<br />

سبحان الله كأنها نزلت فيه اآلية الكرمية : ومن أظلم<br />

ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في<br />

خرابها أولئك ما كان لهم أن يدخلوها إال خائفني لهم<br />

في الدنيا خزي ولهم في اآلخرة عذاب عظيم«.‏<br />

غير أن اإلنتقادات املوجهة ملشروع القناة<br />

انطلقت ليس بسبب املشروع الذي لم يكن من بنات<br />

أفكار السيسي وإمنا من زمن مبارك.‏ لكن اإلنتقاد كان<br />

بسبب الضجة اإلعامية التي يطلقها أنصار السيسي<br />

من القيادات السياسية واإلعامية والذين ميألون<br />

الكون ضجيجاً‏ بسبب مشروع لن يعطي ثماره إال<br />

قبل عام اذا مامت إجنازه في املوعد احملدد ومحاولة<br />

البعض ان يضع هذا املشروع في مرتبة تفوق مرتبة<br />

السد العالي الذي بني في زمن حكم الرئيس الراحل<br />

جمال عبد الناصر.‏<br />

كما أثارت زيارة السيسي للسعودية ردود<br />

أفعال أغلبها متفائلة بسبب مايعتبره الكثيرون<br />

نوايا صادقة من قبل العاهل السعودي امللك عبد<br />

الله في دعم االقتصاد املصري وحرصه على الدعوة<br />

ملؤمتر دولي لدعم مصر باإلضافة إلى استيعاب<br />

أعداد أخرى من العمالة املصرية ومناقشة األوضاع<br />

في العراق وسوريا والتصدي للتطرف الديني في<br />

املنطقة،‏ خاصة ‏»داعش«‏ وما يحدث في العراق.‏<br />

وحفل األسبوع املنصرم بالعديد من املآسي بعضها<br />

بسبب فشل احلكومة في التحكم في رفع األسعار<br />

ومخاطر ماتتعرض له الباد من حوادث إرهابية،‏<br />

ثم جاء تقرير منظمة هيومان رايتس ووتش والذي<br />

اتهم النظام الذي بني على رفات حكم اإلخوان<br />

بارتكاب أشد اجلرائم التي عرفها التاريخ عند فض<br />

إعتصام رابعة.‏<br />

األسبوع املاضي كله كان عبارة عن شد أعصاب<br />

بني دولة مازالت غير قادرة على التحكم في إعصابها<br />

ومجتمع بات يتحسس موضع أقدامه ويفيق شيئاً‏<br />

فشيئاً‏ عن وهم الرخاء املقبل والذي كان مرهوناً‏<br />

حسب شهادات بعض رموز النظام برحيل اإلخوان<br />

عن السلطة.‏ لكن اجلماهير التي أعطت أصواتها<br />

للرئيس اجلديد تعيش حالة من عدم التوازن في<br />

انتظار وعود بشبه اإلستقرار في غضون أربعة الى<br />

خمسة أعوام وحتى ذلك احلني هم مطالبون بشد<br />

األحزمة املشدودة أصا على البطون.‏<br />

وقد شهدت الشوارع حالة من االستنفار غير<br />

املسبوق بني أجهزة الدولة خاصة األمنية منها<br />

حتسباً‏ ملظاهرات اإلخوان في الذكرى األولى ملذبحة<br />

رابعة كما تسميها اجلماعة.‏ وفي هذا السياق حتول<br />

عدد من امليادين واملصالح احلكومية والشوارع<br />

الرئيسية لثكنات عسكرية.‏ غير ان جماعات وأحزاب<br />

املعارضة كانت مشغولة بشأن آخر حيث اإلنتخابات<br />

البرملانية على األبواب والقوى كافة باستثناء<br />

اإلساميني بدأت في إحصاء الغنائم التي تستطيع<br />

احلصول عليها حيث مقاعد البرملان املقبل متثل<br />

هدفاً‏ صعب املنال وحتيط بتلك اإلنتخابات حالة من<br />

الضبابية والترقب بسبب قيام رموز احلزب الوطني<br />

املنحل بترتيب صفوفهم من جديد أماً‏ في االستحواذ<br />

على نصيب األسد من املقاعد.‏ وفي ظل ذلك الصراع<br />

احملموم بني القوى السياسية من الطبيعي ان<br />

تتساءل اجلماهير عن حصتها من الغنيمة خاصة<br />

وان وضعها ازداد بؤساً‏ عن السابق.‏<br />

السنة السادسة والعشرون العدد 7839 االحد 17 آب ‏)أغسطس(‏ 2014 21 شوال ‎1435‎ه<br />

بدء ماراثون تشكيل<br />

حكومة العبادي<br />

بغداد - ‏»القدس العربي«:‏<br />

مصطفى العبيدي<br />

حفل األسبوع املاضي بتطورات هامة على صعيد بدء حترك<br />

امللف السياسي في اإلجتاه السليم بعد تكليف رئيس اجلمهورية<br />

فؤاد معصوم،‏ حيدر العبادي بتشكيل احلكومة اجلديدة التي<br />

حضيت بتوافق وترحيب ودعم محلي وعربي ودولي على أمل<br />

إتاحة الفرصة للتغيير الذي سعى اليه الشعب العراقي بقوة<br />

للوصول الى سلطة جديدة تعيد حساباتها وتتجاوز الوضع<br />

املأساوي الذي وصل اليه العراق في فترة حكم سوداوية حفلت<br />

بكل املساوىء واخملاطر التي جرت العراق الى مستوى من<br />

اإلنهيار والتشرذم والفساد واإلقتتال الطائفي والعنصري بني<br />

أبناء الشعب الواحد مما عرض وحدته وكيانه السياسي الى<br />

مخاطر التقسيم والضياع.‏<br />

وكان من الطبيعي ان ينبري املسؤول األول عن اإلنهيار في<br />

العراق الى الوقوف بقوة في وجه التغيير الذي أظهر املوقف<br />

احلقيقي للشعب وقواه السياسية والدينية جتاه أشد فترات<br />

احلكم في العراق سوادا.‏ وقد ظهر جليا أن رئيس الوزراء املنتهية<br />

واليته كان يراهن بقوة على البقاء في السلطة حتى النهاية وأن<br />

يستخدم كل الوسائل واألساليب للوقوف في وجه مد التغيير<br />

املقبل بحجة وجود مؤامرات خارجية وداخلية على الدستور<br />

والشرعية،‏ اال أن الظاهر هو أنها محاوالت الساعات األخيرة قبل<br />

الرحيل أو محاوالت اخلروج بأقل اخلسائر.‏ ومع قناعة العراقيني<br />

بأن احلكومة اجلديدة ليست لديها العصا السحرية وقد ال<br />

تكون أفضل من سابقتها كثيرا،‏ ولكن الدعم والتشجيع اللذين<br />

حظيت بهما من كل األطراف احمللية والدولية وحجم التحديات،‏<br />

سيكون حتما دافعا لها إلعادة النظر وجتاوز الكثير من مساوئ<br />

الوضع السابق واإلنفتاح على كل القوى املؤثرة إليقاف اإلنهيار<br />

احلاصل.‏<br />

ومن جديد أظهرت املباركة والدعم الدولي وخاصة من<br />

جانب ايران وأمريكا لترشيح العبادي وجود املصالح املشتركة<br />

وإمكانية التوافق على خطوط مشتركة في العراق واملنطقة رغم<br />

مظاهر العداء.‏<br />

ومع بدء ماراثون تشكيل احلكومة وعلى الرغم من غياب<br />

برنامج واضح للحكومة اجلديدة،‏ يبدو أن القوى السياسية<br />

حتاول بلورة أوضاعها وشروطها وحجم مشاركتها في احلكومة<br />

وذلك عبر اجتماعات ولقاءات متواصلة ليا ونهارا في محاولة<br />

للوصول الى القاسم املشترك في وقت قصير نظرا خلطورة<br />

املرحلة وتسارع األحداث.‏ وشهد هذا األسبوع حتقق حلم عزيز<br />

على القادة األكراد وهو حصول موافقة دولية على تزويد حكومة<br />

اإلقليم باألسلحة الضرورية واملناسبة ملواجهة حتدي داعش<br />

الذي يقترب من أسوار أربيل.‏ وأهمية القرار الدولي ال تقتصر<br />

على تزويد حكومة الكرد بأسلحة تفتقدها ملواجهة قدرات داعش،‏<br />

وامنا تعتبره خطوة على طريق اإلعتراف الدولي بكيان اإلقليم<br />

واستقاليته.‏ كما ساهمت الغارات األمريكية اجلوية على مواقع<br />

ومعدات داعش في تعزيز قدرات البيشمركة وحتقيق بعض<br />

اإلجنازات على األرض وإيقاف تقدم داعش وليثبت الغرب<br />

مجددا التحالف االستراتيجي بني الغرب والكرد.‏<br />

وتبقى مأساة النازحني الهاربني من مناطق املواجهات<br />

أو من بطش املليشيات التي أصبحت سيدة الشارع بحيث<br />

أصبحت مأساة إنسانية جعلت األمم املتحدة تضع<br />

العراق ضمن الدرجة األعلى في الطوارئ في ظل تقصير رسمي<br />

وشعبي ودولي في تقدمي احللول املناسبة لهذه املشكلة<br />

املعقدة وضرورة حتمل اجلميع مسؤولية إغاثة النازحني مع<br />

العمل على معاجلة أسباب املشكلة وإعادة النازحني الى<br />

مدنهم.‏<br />

وأمنيا وفرت ظروف األزمة احلادة والنزاع على تشكيل<br />

احلكومة املقبلة أجواء مناسبة للمليشيات املسلحة التي حتظى<br />

بدعم مفتوح من حكومة املالكي وإيران للتحرك بكل حرية<br />

لتنفيذ برامجها وأهدافها التي إنعكست على شكل تصعيد طائفي<br />

واضح جتلى في عمليات اإلغتياالت واخلطف والتفجيرات<br />

واإلعتقاالت.‏<br />

ويبقى أمل العراقيني أن يسفر الدعم احمللي والدولي<br />

جلهود احلكومة اجلديدة برئاسة العبادي عن معاجلة اخملاطر<br />

والتحديات وأن يجنب العراق ويات اإلقتتال الطائفي.‏<br />

بروكسل-‏ ‏»القدس العربي«:‏<br />

مالك العثامنة<br />

تبدو املعطيات الواردة في تفاصيل اليوميات الليبية<br />

قامتة جدا،‏ ويصبح كابوس التقسيم اجلغرافي الثاثي<br />

لهذا البلد املنهك بعد ثاث سنوات من ثورته على نظام<br />

معمر القذافي،‏ طموحا مشروعا أمام كابوس أكثر قساوة<br />

يطل من نوافذ الصراع الدائر بحيث قد تتحول ليبيا فيه<br />

إلى كانتونات قبلية مع احتمالية نشوء إمارة إسامية<br />

غير واضحة املعالم فيها.‏ مجلس النواب الليبي والذي<br />

يعاني منذ انتخابه حزيران/يونيو املاضي مصاعب في<br />

عقد اجتماعاته في العاصمة طرابلس بسبب احلرب<br />

الدائرة فيها وفي بنغازي ثاني أكبر املدن الليبية ومهد<br />

الثورة ضد القذافي،‏ أعلن في اجتماعه في طبرق البعيدة<br />

1600 كم عن العاصمة،‏ إقراره لقرارين مهمني،‏ يعكسان<br />

مدى تردي الوضع الراهن في املشهد الليبي.‏<br />

فقد أقر في جلسته يوم األربعاء قرارين يقضي<br />

إحداهما بحل كافة التشكيات املسلحة غير النظامية<br />

والتي ال تخضع لسلطان الدولة وتسبب في إرباك املشهد<br />

األمني في الباد حسب ناطق باسم اجمللس.‏<br />

كما طالب القرار الثاني اجملتمع الدولي من خال<br />

بيروت - ‏»القدس العربي«:‏<br />

سعد الياس<br />

بعد إنحسار صفحة األحداث في بلدة<br />

عرسال الواقعة على احلدود اللبنانية السورية<br />

وإحكام اجليش اللبناني سيطرته على البلدة<br />

والتال،‏ فإن احلدث اللبناني هذا األسبوع تركّ‏ ز<br />

على موضوع التمديد للبرملان الذي تقدّ‏ م حتى<br />

على موضوع إنتخاب رئيس اجلمهورية الذي<br />

لم ينجح النواب اللبنانيون في إجنازه بسبب<br />

استمرار تعطيل نصاب اجمللس من قبل نواب<br />

حزب الله وتكتل التغيير واإلصاح.‏<br />

وعلى الرغم من إرتفاع اصوات معترضة<br />

على التمديد من كتل نيابية سبق ووافقت على<br />

التمديد األول الذي حصل في 31 ايار/مايو 2013<br />

لغاية 31 تشرين االول/اكتوبر 2014 فإن أسهم<br />

هذا التمديد تبدو مرتفعة خصوصاً‏ أن الظروف<br />

األمنية ال تسمح بإجراء اإلنتخابات في موعدها<br />

املقرر بحسب وزير الداخلية نهاد املشنوق<br />

نفسه الذي زار عني التينة للقاء رئيس مجلس<br />

النواب نبيه بري والتشاور معه في موضوع<br />

اإلنتخابات،‏ علماً‏ أن الرئيس بري الذي أوعز في<br />

املرة السابقة للنائب نقوال فتوش بتقدمي اقتراح<br />

القانون املعجل املكرر حول التمديد يجاهر<br />

هذه املرة برفض التمديد الثاني،‏ وهو أعلن<br />

أمام زواره في مقر الرئاسة الثانية ‏»أن رفضه<br />

التمديد ليس للمناورة كما يتراءى للبعض«.‏<br />

ويذهب الرئيس بري أبعد من ذلك بسؤاله ‏»ما<br />

الفائدة من التمديد جمللس معطّ‏ ل وال يشرّ‏ ع،‏<br />

وماذا يفعل مجلس النواب؟ ال هو ينتخب رئيساً‏<br />

للجمهورية،‏ وال يجتمع للتشريع،‏ وال يراقب وال<br />

يحاسب.‏ ماذا يفعل؟ هل هو موجود من أجل أن<br />

يقبض النواب رواتبهم فقط؟«.‏<br />

إال أن أحد النواب الذي لم يشأ ذكر إسمه<br />

قال ل ‏»القدس العربي«‏ ‏»إن موقف الرئيس<br />

بري يهدف الى رفع سقف التفاوض وللتوصل<br />

الى صفقة تؤدي الى التمديد للمجلس النيابي<br />

الذي تؤيده كتلة املستقبل مقابل اقرار مشروع<br />

سلسلة الرتب والرواتب وعودة التشريع<br />

للمجلس الذي تؤيده قوى 8 آذار«.‏ ويضيف ‏»أن<br />

الوقت مازال مبكراً‏ للتوصل الى هذه التسوية<br />

طاملا هناك مدة شهرين ونصف تفصلنا عن<br />

إنتهاء والية البرملان املمدّ‏ د،‏ إذ إن الرئيس بري<br />

هيئة األمم املتحدة ومجلس األمن الدولي بالتدخل<br />

العاجل حلماية املدنيني ومؤسسات الدولة.‏<br />

وكان استيفان دوجريك،‏ املتحدث باسم األمني العام<br />

لألمم املتحدة،‏ بان كي مون،‏ وفي أول تعليق أممي على<br />

مطالبة البرملان الليبي بالتدخل الدولي قد صرح بأن<br />

‏»تغيير مهمة بعثة األمم املتحدة في ليبيا يحتاج إلى قرار<br />

من مجلس األمن الدولي«‏ مضيفا أن ‏»أي تدخل من قبل<br />

اجملتمع الدولي في ليبيا يتعني أن يتم بشكل تنسيقي،‏<br />

وأن يكون حتت رعاية األمم املتحدة«‏ في إشارة واضحة<br />

الى محاوالت تدخل أحادية اجلانب سواء كانت إقليمية<br />

أو من قبل قوى كبرى حتاول حماية مصاحلها في ليبيا.‏<br />

تصريحات املتحدث األممي تزامنت مع قرار أصدره<br />

األمني العام لألمم املتحدة بان كي مون بتغيير رئيس<br />

البعثة األممية في ليبيا والذي كان يشغله السياسي<br />

اللبناني طارق متري،‏ ليتم تعيني اإلسباني بيرناردينو<br />

ليون مبعوثا خاصا للمنظمة الدولية إلى ليبيا والذي<br />

أوضحت مصادر ل»القدس العربي«‏ أنه سيباشر أعماله<br />

في األول من ايلول/سبتمبر القادم.‏<br />

وكان بيان األمم املتحدة الصادر عنها بخصوص<br />

تعيني ليون،‏ قد أشار إلى خلفيته األوروبية كدبلوماسي<br />

في حكومته اإلسبانية وفي مؤسسات اإلحتاد األوروبي،‏<br />

وهو ما يعطي إشارة إلى ظال أوروبية تطغى على<br />

التمديد للبرلمان اللبناني أمر واقع:‏<br />

بري:‏ ما فائدته لمجلس معطّ‏ ل وال يشرّع؟<br />

يستعجل إمتام هذه التسوية كي ال ندخل مجدداً‏<br />

في متاهة الترشيحات ضمن املهلة القانونية<br />

التي أوجدت واقعاً‏ معيناً‏ في التجربة األولى<br />

وخرج بعض املرشحني غير املعروفني إلعان<br />

فوزهم بالتزكية ومن بينهم من هو من دائرة<br />

الزهراني التي يترشح عنها الرئيس بري«.‏<br />

وفي حال التوافق على التمديد يبقى<br />

التوافق على مدته بني مؤيد لتكون املدة<br />

القصوى سنة واحدة كما يرغب الرئيس سعد<br />

احلريري،‏ وسنتني وسبعة أشهر أي الى نهاية<br />

والية اجمللس الطبيعية احملددة ب 4 سنوات<br />

على أن يجري تقصير هذه املهلة في حال سمحت<br />

الظروف األمنية.‏<br />

أما أبرز املعارضني للتمديد فهي الكتل<br />

النيابية املسيحية مبعظمها بعدما كان املعترض<br />

الوحيد في املرة الفائتة التيار الوطني احلر<br />

بقيادة العماد ميشال عون.‏ فقد انضم حزب<br />

القوات اللبنانية وحزب الكتائب الى هذا اخلط<br />

املعترض فيما لم يصدر موقف محدد بعد عن<br />

تيار املردة وحزب الطاشناق املنضويني ضمن<br />

تكتل التغيير واإلصاح واللذين خالفا ارادة<br />

العماد عون سابقاً‏ ووافقا على التمديد متاشياً‏<br />

مع موقف حزب الله والرئيس بري والنائب<br />

وليد جنباط.‏<br />

وبحسب معلومات ‏»القدس العربي«‏ فإن<br />

اعتراض اجلنرال عون على التمديد ينطلق<br />

من آمال لديه في تغيير خريطة توزيع القوى<br />

السياسية داخل اجمللس النيابي مما يسمح<br />

لفريق 8 آذار بزيادة حصته وبالتالي زيادة<br />

حظوظ عون بإنتخابه رئيساً‏ والسيما أنها<br />

الفرصة األخيرة جمليئه ً رئيسا بسبب تقدمه<br />

في السن.‏ أما القوات اللبنانية والكتائب<br />

فبدورهما يأمان زيادة أعضاء كتلتيهما اللتني<br />

تبلغان حالياً‏ 13 نائباً‏ مراهنني على تراجع<br />

اإلشراف الدولي في ليبيا،‏ وهو ما قد يحرك مياه<br />

الدبلوماسية الراكدة نظرا لتشعب املصالح األوروبية<br />

في ليبيا من جهة،‏ واخلطر الدميوغرافي املتمثل بأمواج<br />

الهجرة البشرية القادمة عبر املتوسط من العمق الليبي<br />

املنفلت أمنيا.‏<br />

تعيني املبعوث األممي اجلديد-‏ حسب ما يرى<br />

مراقبون-‏ قد يضع حدا للجدل حول املبعوث السابق<br />

اللبناني طارق متري والذي كثيرا ما أبدت أطراف في<br />

الصراع الليبي حتفظاتها حول دوره الشخصي في<br />

النزاع،‏ واتهامه من قبل التيارات الليبرالية خصوصا<br />

من تيار التحالف الذي يقوده الدكتور محمود جبريل<br />

باإلنحياز لإلساميني والعمل ضمن أجندتهم.‏<br />

مصدر من تيار التحالف لم يرغب بالكشف عن اسمه<br />

أفاد ل»القدس العربي«‏ بأن املبعوث األممي طارق متري<br />

لم يتوفق في أداء مهامه بالشكل املطلوب،‏ وذكر املصدر<br />

قضية املبادرة التي أصر متري على إطاقها في توقيت<br />

حرج وهو اإلنتخابات األخيرة،‏ وإصراره على متريرها<br />

ودفعه لكل األطراف على تبنيها قبل ظهور نتائج الفرز،‏<br />

مما أثار شكوكا حول توقيت املبادرة والتي يقول املصدر<br />

نفسه أنها لم تدرس جيدا ولم يتم التشاور حولها كما<br />

يجب.‏ على الصعيد اإلنساني،‏ فقد حذرت وزارة الصحة<br />

الليبية من انهيار وشيك في القطاع الصحي بسبب<br />

شعبية عون بسبب تعطيل نصاب جلسات<br />

إنتخاب رئيس اجلمهورية واخلاف الناشىء<br />

بينه وبني البطريرك املاروني الكاردينال مار<br />

بشارة بطرس الراعي.‏ وبحسب أوساط القوات<br />

والكتائب فإن اإلنتخابات النيابية قد تقلّ‏ ص<br />

حصة عون مما يضعف إمكانية تعطيله النصاب<br />

مجدداً‏ ويلغي مقولة أنه املمثل األكبر للشريحة<br />

املسيحية.‏<br />

أضف الى ذلك،‏ أن عون إستثمر تأييد<br />

القوات والكتائب للتمديد في املرة السابقة<br />

في محاولة لزيادة شعبيته،‏ وهذا سبب جديد<br />

يدفع الكتائب والقوات لنزع هذه الورقة من يد<br />

عون من خال عدم رفض إجراء اإلنتخابات<br />

النيابية على أساس قانون إنتخاب جديد غير<br />

قانون ‏»الستني«‏ الذي ال يؤمن عدالة التمثيل<br />

للمسيحيني،‏ وألن إجراء اإلنتخابات على<br />

أساس هذا القانون يعني عودة اجمللس النيابي<br />

تقارير اخبارية<br />

ليبيا:‏ بين عسكر إسبارطة وديمقراطية أثينا<br />

تقسيم العهد الملكي أم كانتونات ‏»القبيلة«‏ و»مشايخ الخالفة«؟<br />

مغادرة العمالة األجنبية التي يقوم عليها القطاع الصحي<br />

الليبي من الباد جراء العنف اليومي والذي بات يهدد<br />

حياة اجلميع،‏ خصوصا بعد أن أعلنت الفلبني عزمها على<br />

سحب رعاياها من ليبيا والبالغ عددهم 13 ألفا،‏ يعمل<br />

3000 منهم في القطاع الطبي.‏<br />

وتعاني املستشفيات الليبية من نقص حاد في أدوية<br />

األورام وغسيل الكلى لنقصها من مركز اإلمداد الطبي<br />

الرئيسي حسب مسؤولني في وزارة الصحة.‏ وهو نقص<br />

يعانيه القطاع الصحي،‏ سواء العمومي أو اخلاص،‏<br />

يرافقه عجز كبير في القدرة االستيعابية والدوائية،‏<br />

إضافة إلى املوارد البشرية التي أغلبها من النساء،‏<br />

وتهدد االشتباكات خروجهن من منازلهن،‏ أو من العمالة<br />

الوافدة من الفلبني أو الهند والتي بدأت مبغادرة ليبيا<br />

بأعداد كبيرة،‏ مما يضع القطاع الصحي املتضرر أصا من<br />

قلة األمدادات على حافة انهيار وشيك يتقاطع مع عمليات<br />

نزوح بشري من األحياء التي تتعرض للقصف والتي مت<br />

تقديرها باآلالف.‏<br />

وبني مطالبة مجلس نواب من خارج العاصمة<br />

بتدخل دولي،‏ وصراع مسلح تسيطر فيه التيارات<br />

اإلسامية على األرض في العاصمة وبنغازي،‏ تبقى ليبيا<br />

وطنا معلقا على مصالح دولية متضاربة،‏ ومشروع دولة<br />

مؤجل على ذمة املستقبل.‏<br />

احلالي من دون أي تغيير يّ‏ ذكر.‏<br />

جتدر اإلشارة الى أن العوامل التي أدت الى<br />

التمديد األول للمجلس كانت الوضع األمني في<br />

طرابلس وسقوط عدد من القذائف من اجلانب<br />

السوري على عكار وأحداث عبرا مع الشيخ<br />

أحمد األسير وسقوط عدد من الصواريخ على<br />

الضاحية اجلنوبية.‏ أما العوامل اإلستثنائية<br />

التي تفرض التمديد اليوم فهي أكبر بكثير<br />

وأبرزها أحداث عرسال ومشاركة حزب الله في<br />

القتال في سوريا ما يحول دون اقتراع املئات من<br />

عناصر احلزب في اإلنتخاب إضافة الى انتشار<br />

اجليش اللبناني في العديد من املناطق حلفظ<br />

األمن وعدم قدرته على ضبط أمن اإلنتخابات<br />

على حساب ضبط احلدود،‏ إضافة الى انتشار<br />

النازحني السوريني في مختلف املناطق<br />

اللبنانية واخلوف من وجود خايا نائمة قد<br />

تعكّ‏ ر صفو األمن واإلستقرار.‏


Volume 26 - Issue 7839 Sunday 17 August 2014<br />

7 6<br />

السنة السادسة والعشرون العدد 7839 االحد 17 آب ‏)أغسطس(‏ 2014 21 شوال ‎1435‎ه<br />

حدث األسبوع<br />

حدث األسبوع<br />

مستقبل تركيا بعد فوز أردوغان في الرئاسة<br />

جمهورية جديدة أم سلطنة عثمانية؟<br />

اسطنبول - ‏»القدس العربي«:‏<br />

إسماعيل جمال<br />

بعد أكثر من 11 عاماً‏ قضاها في رئاسة وزراء<br />

اجلمهورية التركية،‏ فاز رجب طيب أردوغان في أول<br />

انتخابات باإلقتراع املباشر تشهدها البالد،‏ ليكون<br />

بذلك ثاني شخص يحكم تركيا ألطول مدة بعد الزعيم<br />

التاريخي مصطفى كمال أتاتورك،‏ مع التأكيد على<br />

نيته حتويل نظام احلكم في البالد إلى ‏»رئاسي«‏ األمر<br />

الذي فتح الباب واسعاً‏ أمام التساؤالت حول مستقبل<br />

تركيا في السنوات املقبلة.‏<br />

‏»تركيا اجلديدة«‏ املصطلح الذي بات ال يفارق أياً‏<br />

من خطابات أردوغان الذي سيتولى الرئاسة طوال<br />

اخلمس سنوات املقبلة،‏ حيث يعتبر أن تركيا تنتقل<br />

من حقبة إلى أخرى مختلفة متاماً‏ عن السابق ولذلك<br />

يجب تغيير الكثير من بُ‏ نى اجلمهورية األساسية لكي<br />

تتناسب مع ‏»تركيا اجلديدة«.‏<br />

هذه التغيرات بات الكثير من معاملها واضحاً‏ في<br />

ظل احلديث عن نيته حتويل نظام احلكم في البالد<br />

إلى النظام الرئاسي والعمل على كتابة دستور جديد<br />

للبالد،‏ والضغط باجتاه حتقيق سالم نهائي مع<br />

األكراد،‏ باإلضافة إلى مواصلة طريق النهوض بتركيا<br />

سياسياً‏ وعسكرياً‏ واقتصادياً‏ .<br />

لكن وبحسب املراقبني ال تبدو رؤية أردوغان<br />

للجمهورية اجلديدة مقصورة على النواحي السياسية<br />

واالقتصادية بإطارها الطبيعي،‏ بل تتجاوز ذلك<br />

وصوالً‏ إلى ترسيخ شكل جديد للجمهورية التركية<br />

التي أسسها أتاتورك عام 1923 على أسس علمانية<br />

راسخة،‏ وإظهار نفسه كمؤسس تاريخي جديد<br />

للجمهورية بصبغة ‏»مُ‏ حافظة«‏ تزيل الكثير من رموز<br />

العلمانية السابقة.‏<br />

حزب العدالة والتنمية احلاكم برئاسة أردوغان<br />

أعلن منذ األشهر األولى لفوزه في أول انتخابات عام<br />

2002 عن رؤيته لتركيا خالل السنوات املقبلة من خالل<br />

ما عُ‏ رف ب«تركيا 2023« وهو التاريخ الذي يصادف<br />

الذكرى املئوية األولى لتأسيس اجلمهورية التركية.‏<br />

في ذاك الوقت لم يكن يتخيل عاقل في تركيا<br />

والعالم أن أردوغان ميكن أن يستمر في احلكم إلى<br />

هذا التاريخ البعيد،‏ لكن األحداث املاضية واملتغيرات<br />

احلالية أثبتت عكس ذلك،‏ حيث بدى أردوغان حتى<br />

قبيل االنتخابات الرئاسية األخيرة كمن حسم<br />

النتائج مسبقاً‏ ، وبات يفكر ويستعد كيف ميكن أن<br />

يضمن متديد فترته الرئاسية إلى فترة ثانية تبقيه 10<br />

سنوات على كرسي الرئاسة،‏ أي حتى تاريخ 2024.<br />

وعلى الرغم من جميع التحديات الداخلية واخلارجية<br />

التي واجهها أردوغان طوال السنوات املاضية،‏ وما<br />

وصفها ب»املؤامرات ومحاوالت اإلنقالب«‏ إال أنه<br />

بقي صامداً‏ في موقعه ويتمتع بالشعبية األوسع<br />

في البالد،‏ هذه الشعبية التي مكنته وحزبه من البقاء<br />

طوال الفترة السابقة في سدة احلكم،‏ واحلصول<br />

على نسب فوز أكبر من السابقة في كل انتخابات<br />

يخوضها وهو ما يؤكد أن مؤشر دعم وتأييد الزعيم<br />

القوي في تركيا لم يبدأ بعد في اإلنحدار.‏<br />

أردوغان الذي تقول األرقام الرسمية أنه استطاع<br />

حتقيق نهضة اقتصادية غير مسبوقة في البالد،‏<br />

يسعى بحسب مخطط ‏»تركيا 2023« إلى وضعها بني<br />

أكبر 10 قوى على مستوى العالم في كافة اجملاالت،‏<br />

مع حلول ذلك التاريخ.‏<br />

ويبدو أن اإلنتخابات البرملانية املقبلة املقرر<br />

اجراؤها بداية العام املقبل،‏ والتي سيسعى أردوغان<br />

لتقدمي موعدها إلى العام،‏ ستكون نقطة حتول<br />

جديدة في تاريخ تركيا،‏ في حال متكن حزب ‏»العدالة<br />

والتنمية«‏ من احلصول على ثلثي مقاعد البرملان،‏ أو<br />

نسبة تقارب ذلك.‏<br />

هذه األهمية تنبع من الرغبة اجلارفة ألردوغان<br />

في تغيير الدستور احلالي للبالد،‏ والذي يعتبره<br />

بات ال يتناسب والتغيرات الكبيرة التي شهدتها<br />

تركيا،‏ ويقف حائالً‏ أمام حتقيق املزيد من اإلجنازات<br />

والتطور،‏ حيث سيسعى فيه إلى تغيير نظام احلكم<br />

إلى رئاسي بشكل رسمي،‏ وإرضاء العديد من فئات<br />

اجملتمع واألقليات كالعلويني واألكراد واألرمن.‏<br />

فالوصول إلى حل شامل ونهائي للقضية الكردية<br />

ميثل حلماً‏ ألردوغان بات ميكن حتقيقه في ظل تقدم<br />

احملادثات التي يجريها منذ أكثر من عامني هاكان<br />

فيدان رئيس جهاز االستخبارات القومي مع عبد الله<br />

أوجالن زعيم حزب العمال الكردستاني الذي يقضي<br />

حكماً‏ بالسجن املؤبد في أحد املعتقالت في مدينة<br />

اسطنبول.‏<br />

إلى جانب القضية الكردية،‏ يهدف أردوغان إلى<br />

حتقيق تقدم في محادثات السالم بني شقي جزيرة<br />

قبرص وصوالً‏ حلل نهائي يوحد اجلزيرتني،‏ وسط<br />

حديث عن إمكانية تقدمي اعتذار رسمي وتسهيالت<br />

لألرمن في الفترة املقبلة.‏ كل ذلك سيمهد الطريق<br />

أردوغان من بائع كعك<br />

إلى كرسي الرئاسة<br />

إلحداث اختراق حقيقي في مباحثات اإلنضمام إلى<br />

االحتاد األوروبي،‏ وحتقيقها جميعا أو جزءا منها،‏<br />

سيعطي أردوغان صفة القائد التاريخي لتركيا الذي<br />

حقق للبالد ما لم يحققه أحد قبله.‏<br />

ومبوازاة ذلك،‏ يرى الكثير من األتراك أن ‏»السلطان<br />

اردوغان«‏ كما يسميه البعض،‏ خرج كثيراً‏ عن طور<br />

الدولة التركية وبات يتعامل مع نفسه كأنه ‏»سلطان<br />

عثماني«‏ له مطلق الصالحيات في كافة شؤون البالد<br />

والعباد داخل تركيا،‏ ومحاولة حتقيق نفوذ حقيقي له<br />

حتى خارج تركيا،‏ وأنه يقود البالد إلى نظام احلزب<br />

الواحد والرجل الواحد.‏<br />

وإن لم يكن هذا التوصيف دقيقاً‏ ، إال أنه وفي احلد<br />

األدنى يعبر عن جزء مهم من شخصية أردوغان<br />

الذي يُ‏ جمع مختصون أنها حتمل كاريزما غير عادية،‏<br />

وأن الرجل ال يتعامل مع نفسه على أنه مجرد رئيس<br />

وزراء أو رئيس مستقبلي،‏ حيث يرى في نفسه قائداً‏<br />

ألمة وامتدادا لتاريخ عثماني طويل،‏ كونه ال ينفك عن<br />

احلديث عن ‏»تاريخ وبطوالت وإجنازات األجداد«.‏<br />

وفي خطاب الفوز الثامن على التوالي ألردوغان<br />

وحزبه قال فور اإلعالن عن نتائج اإلنتخابات<br />

الرئاسية:‏ ‏»اليوم هو فاحتة ملرحلة جديدة في تركيا،‏<br />

اليوم يوم احتضان الدولة للشعب«‏ وبعد اخلطاب<br />

مباشرة توجه لتأدية الصالة في مسجد ‏»أيوب<br />

سلطان«‏ الذي بناه محمد الفاحت وأصبح عادة عثمانية<br />

راسخة أن يتوجه اخللفاء والسالطني اجلدد للصالة<br />

فيه قبل تولي السلطة.‏<br />

ولد رجب طيب أردوغان في 26 شباط/فبراير 1954 في حي قاسم باشا الفقير في إسطنبول في عائلة فقيرة ومتدينة<br />

تنحدر أصولها من مدينة طرابزون،‏ وأمضى طفولته في مدينة ريزة على البحر األسود،‏ ثم انتقل للحياة في اسطنبول<br />

عندما كان عمرة 13 سنة.‏<br />

بسبب فقر أسرته ولتوفير مصروفه،‏ عمل في بيع البطيخ والكعك التركي الشهير ‏»السميط«‏ خال دراسته في املراحل<br />

االبتدائية واإلعدادية،‏ وكان مولعاً‏ بكرة القدم واقترب من اإلحتراف في السبعينيات.‏<br />

درس في مدارس ‏»إمام خطيب«‏ الدينية ثم تخرج من كلية االقتصاد واألعمال في جامعة مرمرة عام 1981.<br />

في العام 1976 انضم الى حركة جنم الدين أربكان الذي يُ‏ عتبر مرشده السياسي والذي تولى بعد سنوات،‏ منصب<br />

رئيس احلكومة في تركيا التي وصفت حينها ب«اإلسامية«‏ لكن االنقاب العسكري في 12 أيلول/سبتمبر 1980 أبعده عن<br />

املعترك السياسي حتى العام 1983، إال أنه عاد في العام 1985 ليصبح مسؤول مدينة اسطنبول عن حزب ‏»الرفاه«‏ الذي<br />

أسسه جنم الدين أربكان.‏<br />

التطور األهم كان في السابع والعشرين من آذار/مارس عام 1994 عندما انتخب رئيساً‏ لبلدية اسطنبول أكبر مدن<br />

تركيا من حيث عدد السكان وحقق خال واليته طفرة كبيرة في العمل البلدي واإلجنازات مما أكسبه شعبية كبيرة،‏ إال أنه<br />

اضطر الى االستقالة حتت ضغط العسكر في العام 1997.<br />

أدين عام 1998 بتهمة ‏»التحريض على الكراهية الدينية«‏ وأُ‏ قصي من احلياة السياسية وسجن ملدة أربعة أشهر في<br />

العام 1999. وأخذ عليه القضاء انه قرأ أثناء خطاب جماهيري في كانون األول/ديسمبر 1997 شعراً‏ يقول فيه:‏ ‏»مساجدنا<br />

ثكناتنا،‏ قبابنا خوذنا،‏ مآذننا حرابنا واملصلون جنودنا،‏ هذا اجليش املقدس يحرس ديننا«.‏<br />

في متوز/يوليو 2001، أجازت له احملكمة الدستورية العودة الى السياسة فأسس في 14 آب/أغسطس 2001 حزب<br />

‏»العدالة والتنمية«‏ الذي يترأسه حالياً‏ برفقة الرئيس ‏)حتى 28 اجلاري(‏ عبد الله غُ‏ ل.‏<br />

فاز احلزب في االنتخابات التشريعية التي جرت في تشرين الثاني/نوفمبر 2002، لكن أردوغان لم يتمكن من تولي<br />

رئاسة الوزراء إلعان اجمللس االنتخابي األعلى عدم أهلية انتخابه قبل شهرين من ذلك،‏ وتولى عبد الله غُ‏ ل ‏)نائبه في<br />

رئاسة احلزب آنذاك(‏ املنصب حتى يتسنى له تنظيم انتخابه شخصياً‏ أثناء انتخابات تشريعية جزئية متكن خالها من<br />

الترشح بفضل تعديات أقرها البرملان الذي يهيمن عليه حزبه،‏ وأصبح من بعدها رئيساً‏ للحكومة في 11 آذار/مارس 2003.<br />

واصل احلزب صعوده برئاسة أردوغان ومتكن من الفوز في االنتخابات العامة ‏)البرملانية(‏ عام 2007 و‎2011‎ على<br />

التوالي،‏ وواصل أردوغان ترأسه للحكومة طوال هذه الفترة وحتى اليوم،‏ بالتوازي مع فوز احلزب في جميع اإلنتخابات<br />

احمللية السابقة التي كان آخرها في الثاثني من آذار/مارس املاضي وحصوله على نسبة ٪46 من أصوات الناخبني.‏<br />

في العاشر من آب/أغسطس اجلاري،‏ فاز في أول إنتخابات رئاسية جتري باإلقتراع املباشر من الشعب بنسبة ٪52<br />

من األصوات،‏ لفترة رئاسية متتد إلى خمس سنوات جعلته ثاني أطول شخص يحكم تركيا بعد الزعيم التاريخي مصطفى<br />

كمال أتاتورك،‏ وأعلن أنه سيسعى إلى كتابة دستور جديد للباد،‏ وحتويل نظام احلكم في الباد إلى ‏»النظام الرئاسي«.‏<br />

متكن من وضع حد لتدخل اجليش التركي في احلياة السياسية،‏ وشهدت الباد في فترة حكمه نهوضا اقتصاديا كبيرا<br />

ومتكن من سد ديونها للبنك الدولي معلناً‏ اقراض البنك 5 مليارات دوالر خال الفترة املقبلة،‏ كما عمل على تطوير اجليش<br />

التركي،‏ وقرب تركيا من الدول العربية واإلسامية.‏<br />

اعتمد أردوغان نهجاً‏ جديداً‏ فيما يتعلق باملسألة الكردية وأجنز إصاحات كبيرة،‏ حركتها عملية اإلنضمام الى االحتاد<br />

األوروبي التي أطلقت في تشرين األول/اكتوبر‎2005‎ لكنها واجهت العديد من الصعوبات في األشهر األخيرة.‏<br />

اتهم حليفه السابق فتح الله غولن بقيادة محاولة انقاب ضده نهاية العام املاضي من خال النفوذ الواسع لعناصر<br />

ما اسماه ‏»الدولة املوازية«‏ في مفاصل الدولة وخاصة سلكي القضاء والشرطة،‏ ويشن ضد أتباعه حربا منذ عدة أشهر.‏<br />

سيتسلم منصب الرئاسة في الثامن والعشرين من الشهر اجلاري كأول رئيس منتخب من الشعب لتركيا.‏<br />

تركيا:‏ سؤال اإلسالم<br />

والديمقراطية<br />

صبحي حديدي<br />

في مثل هذه األيام،‏ قبل سنة،‏ قطعت احلكومة<br />

التركية خطوة أولى كبيرة نحو إقامة صلة أكثر<br />

دميقراطية بني احلكومة املدنية واجليش؛ وذلك عندما<br />

جنح البرملان في تعديل املادة 35 من قانون خدمة<br />

اجليش،‏ والتي كانت تنصّ‏ على أنّ‏ ‏»واجب القوات<br />

املسلحة هو ضمان أمن الوطن التركي واجلمهورية<br />

التركية كما ينصّ‏ عليه الدستور«.‏ تلك،‏ في نظر غالبية<br />

ساحقة من خبراء الشؤون التركية،‏ كانت مسوّ‏ غ<br />

اجليش في االنقالب على املدنيني،‏ أربع مرّ‏ ات بني<br />

أعوام 1960 و‎1997‎‏.‏ أمّ‏ ا التعديل استقرّ‏ على النصّ‏<br />

التالي:‏ ‏»مهمة القوات املسلحة تتمثل في الدفاع عن<br />

الوطن واجلمهورية التركية جتاه التهديدات واألخطار<br />

اخلارجية،‏ والسعي إلى احلفاظ على القوة العسكرية<br />

وتعزيزها،‏ بحيث تشكل قوة رادعة لألعداء،‏ والقيام<br />

باملهمات اخلارجية التي تسند إليها من قبل البرملان<br />

التركي،‏ واملساعدة على تأمني السالم العاملي«.‏<br />

الفت،‏ في هذا امليدان،‏ أنّ‏ تركيا كانت قد شهدت،‏<br />

في أيلول ‏)سبتمبر(‏ 2010، استفتاءً‏ شعبياً‏ على 26 مادة<br />

دستورية،‏ وافق مبوجبه 58 باملئة من األتراك على تلك<br />

التعديالت؛ التي لم متسّ‏ املادة 35، مع ذلك،‏ وحتاشت<br />

املساس بنظيرتها املادة 85 التي تخصّ‏ صالحيات<br />

اجليش في احلياة املدنية.‏ واليوم،‏ مع انتخاب رجب<br />

طيب أردوغان كأوّ‏ ل رئيس باالقتراع الشعبي العامّ‏ ،<br />

فإنّ‏ االصالحات الدستورية التركية تكون قد أكملت<br />

دائرة عريضة نوعية ومتقدّ‏ مة بالقياس إلى االنظمة<br />

الدميقراطية في بلدان مسلمة أخرى.‏<br />

ولقد انقضى زمن شهد ترنّ‏ ح الدميقراطية التركية<br />

‏)وهي الوجهة األخرى من النظام األتاتوركي(‏ حتت<br />

الضربات املتالحقة التي لم يتردد جنراالت اجليش،‏<br />

أنفسهم،‏ في تسديدها إلى قلب التجربة.‏ وفعل<br />

اجلنراالت هذا مراراً‏ وتكراراً‏ ، كلما تعيّ‏ ن أن يشهروا<br />

املسدّ‏ سات استناداً‏ إلى تقديرات مجلس األمن القومي<br />

التركي،‏ بوصفه احلارس الساهر على العلمانية،‏<br />

والفريق الوحيد الذي ميتلك احلقّ‏ في االجتهاد<br />

العلماني،‏ وحتويل محتوى االجتهاد إلى قرارات<br />

ملزمة للمجتمع.‏ وكان يستوي هنا أن يطوّ‏ ع اجليش<br />

القانون ‏)احملكمة الدستورية،‏ وحلّ‏ األحزاب:‏ 24 مرّ‏ ة(؛<br />

أو ينصب حبل املشنقة ‏)كما في مثال عدنان مندريس،‏<br />

أوّ‏ ل زعيم سياسي منتخب دميقراطياً‏ في تاريخ تركيا<br />

احلديث،‏ ورئيس الوزراء خالل فترة 1950 ‎1960‎‏(؛<br />

أو يلجأ إلى اإلنقالب العسكري،‏ بوصفه ذروة العالج<br />

بالكيّ‏ .<br />

وفي هذا الصدد،‏ يتذكر املرء أنّ‏ كبير املستشرقني<br />

األحياء برنارد لويس،‏ ظلّ‏ ميتدح الدميقراطية التركية<br />

ليس فقط ألنها ‏»علمانية«‏ في محيط شرس من الفقه<br />

‏)اإلسالمي(‏ الالعلماني والالدميقراطي في اجلوهر،‏<br />

كما كتب ونظّ‏ ر مراراً‏ ؛ بل أساساً‏ ألنها في يقينه املثال<br />

الوحيد الذي جنح في أيّ‏ بلد مسلم.‏ في ما بعد،‏ ثمّ‏ حتى<br />

هذه الساعة،‏ انقلب لويس على خالصاته هذه،‏ جمعاء،‏<br />

وقرّ‏ ر أنّ‏ انضمام تركيا إلى االحتاد األوروبي سوف<br />

تكون له عواقب وخيمة على اجملتمعات الغربية،‏ ذات<br />

التراث اليهودي املسيحي في اجلوهر.‏<br />

صحيح،‏ في املقابل،‏ أنّ‏ الدميقراطية التركية،‏<br />

ورمبا دميقراطية حزب ‏»العدالة والتنمية«‏ حتديداً‏ ،<br />

تعاني من معضالت بنيوية شتى؛ بينها التمييز ضدّ‏<br />

الهويات الثقافية واإلثنية والدينية ‏)الكرد،‏ وفئات<br />

العلويني،‏ والطوائف املسيحية(،‏ مقابل إعالء شأن<br />

الهوية التركية؛ وأنّ‏ األنظمة احلزبية واالنتخابية<br />

توطّ‏ د شبكات الوالء والهيمنة،‏ عن طريق توظيف املال<br />

واألعمال واإلعالم بصفة خاصة،‏ على حساب التمثيل<br />

البرملاني األكثر أمانة للشرائح الشعبية؛ وأنّ‏ أردوغان<br />

ميارس،‏ شخصياً‏ ، نفوذاً‏ واسع النطاق،‏ ليس دميقراطياً‏<br />

وتشاورياً‏ دائماً‏ ، داخل مؤسسات حزبه؛ ولكن...‏ أيّ‏ ة<br />

دميقراطية هي الكاملة،‏ في أيّ‏ بلد،‏ وأيّ‏ زمن؟<br />

يبقى أنّ‏ ما تشهده تركيا من إصالحات دستورية<br />

يوفّ‏ ر برهاناً‏ على أنّ‏ اجملتمعات املسلمة ليست قاتلة<br />

العلمانية،‏ على نحو مسبق مطلق؛ وأنّ‏ املسافة بني<br />

العابد في مسجده،‏ واملشرّ‏ ع في برملانه،‏ ليست<br />

بالضرورة درب تفكك وخصام وآالم.‏


Volume 26 - Issue 7839 Sunday 17 August 2014<br />

9 8<br />

السنة السادسة والعشرون العدد 7839 االحد 17 آب ‏)أغسطس(‏ 2014 21 شوال ‎1435‎ه<br />

أردوغان رئيسًا..‏ قصة الزعيم الذي حظر يومًا عن العمل السياسي !<br />

تركيا أردوغان والحليف االقتصادي الجديد<br />

حدث األسبوع<br />

د.‏ نزار السامرائي ٭<br />

يظن كثير من العراقيني أن تركيا ظلت في عاقاتها مع<br />

العراق حريصة على إعادة التاريخ إلى الوراء كلما أوشكت<br />

العاقات بني البلدين إلى اإلرتقاء نحو مستويات أعلى،‏<br />

والعودة إلى الوراء ترجع إلى صفحة عندما واصلت فيها<br />

القوات البريطانية أثناء احلرب العاملية األولى الزحف شماال<br />

بعد معركة الفتحة واجلرناف على الرغم من التوصل إلى وقف<br />

إلطاق النار بني الطرفني،‏ إال أن القوات البريطانية لم تتوقف<br />

إال عند احلدود السياسية الراهنة للعراق،‏ وهذا التصور يعود<br />

إلى اخلطاب التركي الشعبي الذي يلقي بالائمة على العرب<br />

في انهيار الدولة العثمانية،‏ ولم تبذل احلكومات التركية<br />

املتعاقبة على احلكم منذ أعلنت اجلمهورية التركية اجلديدة<br />

عام 1923 جهدا حقيقيا إلزالة هذا الفهم الذي كان يتبناه<br />

خصوم االتاتوركية واملدافعون عنها على حد سواء.‏<br />

وكانت تركيا احلديثة من أكثر دول املنطقة تشددا في<br />

التعامل مع األقلية الكردية،‏ ليس في حدود الدولة التركية<br />

فقط وإمنا مع أكراد املنطقة املنتشرين في الدول املتاخمة<br />

جلنوب شرقي وجنوب تركيا،‏ ومع أن تركيا كانت ‏»وما تزال<br />

عضوا فعاال في حلف شمالي األطلسي«‏ وترنو بنظرها نحو<br />

العالم الغربي وخاصة االحتاد األوروبي تاركة محيطها<br />

اإلسامي وراء ظهرها،‏ إال أن حقبة حكم الرئيس توركوت<br />

أوزال الذي كان وفيا لتقاليد األتاتوركية،‏ أضافت صفحة<br />

سلبية في عاقات البلدين عندما لعبت حكومته دورا مؤذيا<br />

لوحدة األراضي العراقية ملا انصاعت إلرادة التحالف الدولي<br />

الذي قادته الواليات املتحدة في عام 1991 حتت شعار إخراج<br />

العراق من الكويت،‏ ففتح أبواب تركيا أمام أكراد العراق إما<br />

كساحة لتسوية اخلافات بني جناحي احلزب الدميقراطي<br />

الكردستاني واإلحتاد الوطني الكردستاني،‏ أو كممر لتحركات<br />

سياسية إقليمية ودولية إلى املنطقة الكردية في شمال<br />

العراق،‏ ولكن تلك السياسات لم تخل من نتائج عكسية على<br />

املصالح التركية وخاصة ما يتعلق بتحريك املشاعر الوطنية<br />

الكردية في الداخل،‏ ويبدو أن سياسات أوزال هي التي أدت<br />

إلى انتعاش احلراك الكردي واكتسابه دعما دوليا متناميا.‏<br />

لكن القضية الكردية واإلعتراف بحقوق الشعب الكردي<br />

القومية ظلت ضمن احملرمات املقدسة لدى األحزاب القومية<br />

والعلمانية التركية،‏ إلى أن ظهر على املسرح السياسي<br />

التركي حزب ‏»العدالة والتنمية«‏ بثقل استثنائي واستطاع<br />

أن يدخل تعديات جوهرية على الدستور وأن يحدد من<br />

دور اجليش التركي الذي كان ينظر إليه باعتباره احلارس<br />

األمني لألتاتوركية في الباد،‏ مستغا احلملة التي مارسها<br />

االحتاد األوروبي حول الدميقراطية وحقوق اإلنسان وإبعاد<br />

املؤسسة العسكرية عن التدخل في الشأن السياسي.‏<br />

لقد جاء حزب ‏»العدالة والتنمية«‏ بأفكار أحدثت صدمة<br />

إيجابية أيقظت اجملتمع التركي من النظرة النمطية التي كان<br />

يتعامل مبوجبها مع كل امللفات الوطنية،‏ فقد بقيت تركيا وفية<br />

حلقبة مصطفى كمال أتاتورك مع أن العالم كان يسير إلى األمام<br />

ال يلوي على شيء،‏ وكان من بني املبادئ التي ركز الطيب رجب<br />

أردوغان إشاعة مفهوم املواطنة الواحدة بني جميع مكونات<br />

الشعب التركي،‏ وكان التعاطي مع امللفني التركي واألرمني مثل<br />

عبور أعمى حلقل ألغام عشوائي في ليلة مظلمة،‏ ولكن اإلرادة<br />

السياسية ألردوغان جعلته يحث اخلطى من أجل إيجاد حل<br />

ناجح للمسألة الكردية في تركيا،‏ ولكنه أيقن أن املضي في<br />

العاقات مع احلركة الكردية من دون قراءة استراتيجية<br />

خاصة سيحوّ‏ ل هذه القضية إلى خطر يهدد اخلاصرة التركية<br />

الرخوة في جنوبي تركيا،‏ حيث يتواجد األكراد اآلخرون<br />

في كتلة بشرية متجانسة ميكن أن تهدد وحدة الدول التي<br />

يتواجدون فيها،‏ السيما وأن هذه احلركة رفعت من سقف<br />

مطالبها إلى حد أن مسعود البارازاني هدد بالدعوة إلستفتاء<br />

تقرير املصير ألكراد العراق،‏ مما سيعني بداهة أن ما تشهده<br />

الساحة الكردية في العراق ال بد أن يجد صداه السريع في<br />

املنطقة الكردية في تركيا،‏ إما االحتمال الثاني فهو أن مبادئ<br />

حزب ‏»العدالة والتنمية«‏ ال تسمح له مبواصلة حذف املكون<br />

الكردي من اخلارطة السكانية التركية،‏ ومن هنا جند تفسير<br />

الزيارة التي قام بها مسعود بارزاني إلى ديار بكر والتي<br />

أراد أردوغان منها توسيع فتح أبواب كردستان العراق<br />

أمام الصناعات التركية الصاعدة والتي ستجد في أسواق<br />

كردستان السوق األكثر نشاطا،‏ ثم ليتكرس الدور التركي<br />

األكثر تأثيرا في سياسات سلطة كردستان وبذلك يستطيع<br />

أردوغان أن يسحب من إيران واحدا من امللفات املهمة التي<br />

ظلت توظفها في مساعيها إلبتزاز الغرب من بني ملفات أخرى<br />

من أجل احلصول على مركز تفاوضي أقوى مع مجموعة 1+5<br />

بشأن البرنامج النووي اإليراني املثير للقلق اإلقليمي وللجدل<br />

الدولي،‏ واستطاعت أنقرة توظيف العاقة اجلديدة مع<br />

البارازاني للتوسط بني احلكومة وحزب العمل الكردستاني<br />

التركي الذي يتزعمه عبد الله أوجان الذي كان يخوض قتاال<br />

مريرا ضد احلكومات املتعاقبة في أنقرة منذ 30 سنة.‏<br />

ونتيجة الشعور املتنامي لسلطة إقليم كردستان<br />

العراق بوجود حليف قوي سياسيا واقتصاديا وعسكريا،‏<br />

فقد استندت عليه كوسادة قادرة على توفير الطمأنينة<br />

واإلستقرار،‏ ورمبا وجدت تركيا في األزمات املتناسلة بني<br />

حكومة نوري املالكي في بغداد وسلطة أربيل،‏ فرصتها<br />

النموذجية لتوسيع استثماراتها اخلارجية،‏ حتى وصلت<br />

تلك االستثمارات في مختلف اجملاالت الصناعية والعقارية<br />

إلى أكثر من 12 مليار دوالر،‏ وإذا ما أخذنا بنظر االعتبار أن<br />

محاوالت تركيا لانضمام لاحتاد األوروبي قد اصطدمت<br />

بحاجز الدين،‏ على الرغم من أن تركيا استجابت للشروط<br />

السياسية واالقتصادية التي يضعها االحتاد املذكور لقبول<br />

أي عضو جديد،‏ مما يعني أن على تركيا أن حتول نظرها من<br />

اإلجتاه الغربي إلى الشرق وخاصة الوطن العربي والعالم<br />

اإلسامي،‏ ومرت العاقات النفطية بني بغداد وأربيل بأزمات<br />

حادة وحاولت حكومة بغداد استخدام عاقاتها مع أنقرة<br />

لوقف كثير من أشكال التعاون مع إقليم كردستان،‏ وخاصة<br />

في مجال نشاط الشركات التركية العاملة في استخراج<br />

النفط وتطوير حقول كردستان،‏ إال أن احلكومة التركية ذهبت<br />

أبعد عندما سمحت بتصدير النفط اخلام املنتج من حقول<br />

نفطية اعترضت احلكومة املركزية في بغداد على اإلنتاج منها<br />

واعتبرت ذلك خرقا للقوانني املرعية،‏ ولم تكتف احلكومة<br />

التركية بالسماح بتصدير النفط بصهاريج بل ساعدت على<br />

إقامة خط لنقل النفط ينتهي مع اخلط العراقي في ميناء<br />

جيهان على املتوسط.‏<br />

إن العاقات االقتصادية تعتبر في عالم اليوم محركا<br />

رئيسيا للعاقات السياسية بني الدول بصرف النظر عن<br />

طبيعة نظمها االجتماعية،‏ ولعل العاقة بني أنقرة وأربيل ما<br />

يجسد هذه احلقيقة،‏ فأربيل تقود مشروعا قوميا إن استمر<br />

بقوة الدفع التي يسير فيها حاليا فإنه سيصب في نهاية<br />

املطاف ورمبا ليس في زمن بعيد في تقسيم دول املنطقة مبا<br />

فيها تركيا،‏ حتى إذا أعطت احلركة الكردية من التطمينات<br />

الكافية ألنقرة بأنها ال متد بصرها إلى خارج احلدود العراقية،‏<br />

فعدوى التغيرات الدراماتيكية التي تقع في املكونات السكانية<br />

واحلركات السياسية في مناطق متقاربة جغرافيا ال تعرف لها<br />

حدودا،‏ لهذا تريد أنقرة تأخير احللم الكردي إلى زمن رمبا<br />

ال وجود فيه للسيد أردوغان في احلكم أو احلياة،‏ ألن تركيا<br />

تعلم علم اليقني أنها مهما قدمت من تنازالت ألكراد الداخل<br />

أو مارست عليهم الضغوط عبر العاقة املتميزة مع قيادة<br />

البارازاني فإنها غير قادرة على إلغاء ذلك احللم.‏<br />

فما هي خيارات أردوغان والذي كان له الدور البارز<br />

في تهدئة أوضاع أكراد تركيا من دون أن يوجد احلل النهائي<br />

ملشكلتهم،‏ وما هو املدى الذي يستطيع أن يذهب فيه مع سلطة<br />

إقليم كردستان؟<br />

ال توجد خيارات مفتوحة أمام أردوغان إلى النهاية<br />

ألنه يعرف أنه إن تغاضى عما يحصل في شمال العراق فإمنا<br />

يشجع األكراد في جنوب تركيا على الذهاب إلى اخليارات<br />

نفسها،‏ من دون أن تتوقف املطالبات القومية في تركيا سواء<br />

من العرب أو من األقليات األخرى،‏ ولكن أردوغان ال يريد<br />

إضاعة الفرصة على باده وشركاتها الناهضة من جني<br />

األرباح الهائلة خاصة وأن هناك فرصا للبناء وإقامة املشاريع<br />

في اجلزء الواقع حتت سلطة مسعود بارزاني أي محافظتي<br />

أربيل ودهوك،‏ لكن التطورات التي وقعت بعد 10 حزيران/‏<br />

يونيو املاضي واحتال البيشمركة ملدينة كركوك التي<br />

تضم أكبر جتمع تركماني في العراق إضافة إلى وجود العرب<br />

فيها،‏ ال بد أن يحد من املرونة التي ميتلكها أردوغان في تعاطيه<br />

مع القضية الكردية العراقية،‏ إذ أن األحزاب القومية في تركيا<br />

ستتعرض لضغوط من ‏»أبناء العمومة«‏ في كركوك والذين<br />

سيسجلون على تركيا أنها خذلتهم في أكثر األوقات حراجة<br />

وصعوبة،‏ السيما وأن العالم الذي هب لتقدمي النجدة لبضعة<br />

عشرات من اآلالف من اليزيديني،‏ جتاهل مصير مئات اآلالف<br />

من التركمان والعرب في كركوك وما جاورها من مناطق<br />

تقطنها أغلبية تركمانية،‏ وأسوأ ما في املشهد أن تركيا في<br />

عهودها السابقة كانت تنتفض إذا تعرض التركمان مبن<br />

فيهم الشيعة ألي تصرف حكومي تفسره على أنه اضطهاد<br />

لهم.‏<br />

السنوات اخلمس من رئاسة أردوغان قد تشهد قيام دولة<br />

‏»كردستان اجلنوبية«‏ ولكن اخلبراء السياسيني في العراق<br />

وتركيا واملنطقة والعالم يعرفون جيدا أن هناك سايكس-‏<br />

بيكو جديدة تعد للمنطقة وأن تركيا واحدة من ساحات<br />

اختبارها،‏ ونستطيع أن نفهم من ذلك أن أكراد تركيا وسوريا<br />

هبوا لنجدة إخوانهم أكراد العراق عندما تقدمت قوات ‏»الدولة<br />

اإلسامية«‏ نحو مناطق ال صلة لها بكردستان الطبيعية،‏ وكان<br />

الهدف من وراء هذا التحرك الذي لم تدنه الواليات املتحدة وال<br />

االحتاد األوروبي وال حتى تركيا،‏ إيجاد الطرق املفتوحة بني<br />

الدولة الكردية في شمال العراق والتي سيلتحق بها اإلقليم<br />

الكردي السوري نتيجة الظروف السورية املعروفة،‏ أما<br />

اإلقليم الكردي التركي فرمبا يكون مؤجا ليس من أجل عيون<br />

اردوغان،‏ وإمنا ألن خطوة كهذه ستدفع بالقوى السياسية<br />

التركية إلى إعادة النظر مبا ‏»منح لألكراد من إمتيازات«‏ كما أن<br />

ذلك سيدفع بإيران إلى التشدد مع األكراد الذين يعانون أصا<br />

من قمع قومي باسم اإلسام ووالية الفقيه،‏ ولهذا يدرس أكراد<br />

العراق خطواتهم بحذر شديد مع أقل ضجة إقليمية ودولية<br />

حتى يستيقظ العالم يوما على وقع مارشات عسكرية تنبئ<br />

بوالدة دولة قوية على حدود تركيا وتسيطر على أهم مصادر<br />

املياه في املنطقة التي تعاني من عطش شديد.‏<br />

٭ باحث عراقي<br />

محمد زاهد غول<br />

أعلن مساء العاشر من شهر آب/اغسطس 2014<br />

في العاصمة التركية أنقرة أن رجب طيب أردوغان قد<br />

فاز مبنصب رئيس اجلمهورية التركية،‏ وهذا الفوز<br />

هو التاسع ألردوغان وحزب العدالة والتنمية في كل<br />

اإلنتخابات واإلستفتاءات السابقة.‏ أي ان أردوغان<br />

يفوز بثقة الشعب التركي خال اثنتي عشر عاماً‏<br />

تسع مرات في إنتخابات دميقراطية عامة،‏ بالرغم من<br />

أن املعارضة التركية قد بذلت كل جهودها الشعبية<br />

واإلعامية واالجتماعية والسياسية في مواجهة حزب<br />

‏»العدالة والتنمية«‏ الذي تربع على عرش البرملان<br />

ورئاسة الوزراء التركية منذ عام ، 2002 وها هو يتربع<br />

على عرش اجلمهورية من خال اإلنتخابات املباشرة منذ<br />

عام 2014.<br />

إن الطريقة التي حقق بها أردوغان وحزب ‏»العدالة<br />

والتنمية«‏ هذا الفوز تعتمد على الرؤية الفكرية التي تقدم<br />

بها احلزب بوصفه أحد أنواع اإلمتداد الطبيعي للحركة<br />

اإلسامية التركية عام 2001، وهو عام تأسيس حزب<br />

‏»العدالة والتنمية«.‏ وهو أحد فروع أو جداول نهر احلركة<br />

اإلسامية التركية،‏ التي إنطلقت في صورتها األخيرة<br />

مع حركة املرحوم جنم الدين أربكان عام 1970 عندما<br />

أسس حزب ‏»الوطن األم«‏ ولكن اإلستبداد العسكري<br />

في تركيا حل حزب ‏»الوطن األم«‏ بتهمة مطالبته<br />

بعودة احلياة اإلسامية إلى تركيا.‏ وحيث أن تأسيس<br />

حزب ‏»الوطن األم«‏ قام على أساس الدستور التركي<br />

اإلستبدادي العلماني،‏ والوصف باالستبدادي أهم من<br />

وصف العلماني،‏ ألن املشكلة الكبرى كانت مع اإلستبداد<br />

العسكري في تركيا وليس مع العلمانية املتطرفة فقط،‏<br />

وعندما اجتمع اإلستبداد العسكري مع العلمانية<br />

املتطرفة في ذلك الوقت أصبح موقف احلكومة التركية<br />

موقفاً‏ غير قانوني أوالً‏ ، وغير دميقراطي باملفهوم العاملي<br />

للدميقراطية ثانياً‏ ، وضد اإلرادة الشعبية التركية ثالثاً‏ .<br />

كان من حكمة جنم الدين أربكان بوصفه زعيماً‏<br />

للحركة اإلسامية التركية في ذلك الوقت أن يستثمر هذا<br />

الفشل السياسي للدولة التركية في مواجهة الدميقراطية،‏<br />

وأن ال يلجأ إلى مواجهة العسكر بالقوة وإن كان تصرفهم<br />

بحل حزبه حزب ‏»الوطن األم«‏ غير قانوني وال دميقراطي<br />

وضد اإلرادة الشعبية،‏ ولكنه فضل التعامل مع املوضوع<br />

سياسياً‏ ، فأسس حزب ‏»السامة الوطني«‏ عام 1973<br />

ليكون معبراً‏ جديدا عن احلركة اإلسامية التركية بدل<br />

حزب ‏»الوطن األم«‏ هذه احلكمة للحركة اإلسامية<br />

مكنتها من ان تكسب الشارع التركي أكثر،‏ ألنها احتمت<br />

بالدميقراطية التي يعلنها الدستور التركي،‏ وإن كان<br />

استبدادياً‏ وعلمانياً‏ متطرفاً‏ في الواقع السياسي.‏<br />

وفي إنتخابات 1974 متكن حزب ‏»السامة الوطني«‏<br />

عن طريق اإلنتخابات الدميقراطية من الفوز بعدد من<br />

مقاعد البرملان التركي تقدر ب )38( واملشاركة في تشكيل<br />

احلكومة مع رئيس الوزراء بوالند أجاويد ممثل حزب<br />

‏»الشعب اجلمهوري«‏ العدو اللدود للحركة اإلسامية<br />

التركية،‏ وهكذا استطاعت احلركة كسب موقف جديد<br />

لها مع الشعب،‏ وان تفرض تصوراً‏ جديدا على األحزاب<br />

السياسية،‏ فالشعب التركي مكنها ان تكون في احلكومة،‏<br />

وأصبح جنم الدين أربكان نائباً‏ لرئيس الوزراء،‏ ومتكن<br />

حينها من إتخاذ أهم قرار عسكري في التاريخ التركي<br />

املعاصر بالتدخل العسكري في قبرص حلماية القبارصة<br />

األتراك من اإلنقاب العسكري الذي قامت به حكومة<br />

اليونان في قبرص عام 1974.<br />

وبالرغم من هذا النصر للحركة اإلسامية وحزب<br />

‏»السامة الوطني«‏ الذي كان رجب طيب أردوغان<br />

عضوا فيه ورئيساً‏ لشبيبته فرع احلزب في اسطنبول،‏<br />

إال ان اإلنقاب العسكري عام 1980 أسقط احلكومة<br />

املدنية التركية وأمر بحل حزب ‏»السامة الوطني«‏ ومع<br />

ذلك لم تناضل احلركة اإلسامية عسكرياً‏ ضد اإلنقاب<br />

العسكري العلماني املتطرف،‏ بل واصلت مسيرتها<br />

الدميقراطية.‏ وعندما توفرت ظروف دميقراطية أفضل<br />

شكلت احلركة حزب ‏»الفضيلة«‏ وبعد حله من العسكر<br />

شكلت حزب ‏»الرفاه«‏ وكلها أحزاب تعبر عن وجهة<br />

النظر اإلسامية التركية،‏ واملاحظ على هذا الصعود في<br />

احلركة انها كانت دميقراطية اوالً‏ ، وتعاملت مع الدستور<br />

التركي بحسب قوانينه ثانياً‏ ، وأنها راهنت على اإلرادة<br />

الشعبية ثالثاً‏ ، وأنها لم تستعمل العنف وال مواجهة<br />

الدولة العسكرية االنقابية رابعاً‏ ، وأنها لم تدافع عن<br />

اسمها السياسي خامساً‏ .<br />

إن البند اخلامس األخير مهم جداً‏ ، فلم تدافع احلركة<br />

اإلسامية عن اسمها األول حزب ‏»الوطن األم«‏ وال االسم<br />

الثاني حزب ‏»السامة الوطني«‏ وال اسمها الثالث ‏»حزب<br />

الفضيلة«‏ وال اسمها الرابع حزب ‏»الرفاه«‏ ألنها لم جتعل<br />

االسم السياسي حلركتها مقدساً‏ ، ولم جتعل شخصية<br />

جنم الدين أربكان مقدسة وإمنا تعاملت معه على انه<br />

مجتهد يصيب ويخطىء في العمل السياسي.‏ ولذلك<br />

وبعد ان وصلت احلركة اإلسامية إلى طريق ضيق مع<br />

شخصية أربكان رحمه الله،‏ وأصبح شخصية صدامية<br />

مع احلكومات التركية املتعاقبة ألكثر من ثاثة عقود،‏<br />

كان ال بد من أن تبحث احلركة عن مخارج لها تستطيع<br />

من خالها مواصلة عملها وعدم الوقوف عند شخصية<br />

بطولية كبيرة مثل جنم الدين أربكان،‏ من هنا جاءت<br />

فكرة تأسيس حزب ‏»العدالة والتنمية«‏ بزعامة رجب<br />

طيب أردوغان عام 2001، وهو ابن احلركة اإلسامية<br />

التركية في حزب ‏»السامة الوطني«‏ و«حزب الفضيلة«‏<br />

وحزب ‏»الرفاه«‏ والبقية الباقية من حزب ‏»الرفاه«‏<br />

أسست حزب ‏»السعادة«‏ بزعامة جنم الدين أربكان.‏<br />

فلما جاءت اإلنتخابات البرملانية عام 2002 حقق<br />

حزب ‏»العدالة والتنمية«‏ بقيادة أردوغان تفوقاً‏ كبيراً‏<br />

على كافة األحزاب مبا فيها حزب ‏»السعادة«‏ بزعامة<br />

أربكان.‏ ومنذ ذلك التاريخ واحلركة اإلسامية التركية<br />

تزيد من قوتها وجناحها بقوة فكرتها احلضارية،‏ ونهجها<br />

الدميقراطي،‏ وجناحها االقتصادي،‏ فكان فوز أردوغان<br />

مبنصب رئاسة الوزراء لثاث دورات إنتخابية متوالية<br />

2002 و‎2006‎ و‎2011‎ دلياً‏ على ان حزب ‏»العدالة والتنمية«‏<br />

جنح في إقناع الشعب التركي بجدارته في قيادة املرحلة،‏<br />

وباألخص انه حقق جناحاً‏ اقتصادياً‏ منقطع النظير<br />

داخلياً‏ وخارجيا،‏ وفي أحلك الظروف السياسية العاملية<br />

بسبب الهجمة الهمجية األمريكية على حركات اإلسام<br />

السياسي منذ عام 2001، وبالرغم من األزمة االقتصادية<br />

العاملية التي تعرض لها العالم عام 2008، فإن النهج<br />

الدميقراطي داخل تركيا كان كفياً‏ بأن يؤدي إلى النجاح<br />

االقتصادي،‏ وهكذا أثبتت التجربة التركية حلزب العدالة<br />

والتنمية بان العاقة بني الدميقراطية واالقتصاد عاقة<br />

طردية حتماً‏ ، فزيادة الدميقراطية تعني زيادة النجاح<br />

االقتصادي،‏ وزيادة النجاح االقتصادي ال ميكن ان تتم<br />

إال في ظل الدميقراطية،‏ وأن محاربة الدميقراطية تعني<br />

تدمير االقتصاد الوطني قبل ان تكون تدميرا للحريات،‏<br />

وقبل ان تكون قتا لإلرادة الشعبية.‏ إن فوز أردوغان<br />

رئيسا للجمهورية التركية في 2014/8/10 هو دليل<br />

على ان احلركة اإلسامية التركية جنحت في مسارها<br />

النهضوي ألنها استثمرت بيئتها السياسية جيداً‏ ، حتى<br />

وهي في أحلك ظروفها اإلستبدادية والعلمانية املتطرفة<br />

واإلنقابات العسكرية،‏ فإنحنت للعاصفة الهائجة،‏<br />

وانزوت الى جانب الطريق أحياناً‏ في حلظات انفات<br />

احليوانات الضارية،‏ فلم تراهن على قوة مادية متكن<br />

الوحوش من اإلنقضاض عليها،‏ وأستثمرت الدميقراطية<br />

التي هي التعبير احلقيقي عن اإلرادة الشعبية بكل<br />

مقوماتها الفكرية والدينية والفلسفية واالجتماعية<br />

واالقتصادية والسياسية،‏ وأعطت لكل الشعوب<br />

اإلسامية وأحزابها الفكرية والسياسية منوذجاً‏ في<br />

التعامل مع الواقع وعدم التعالي عليه،‏ وال الصدام معه،‏<br />

وال أن تكون ضحيته.‏<br />

عمان - ‏»القدس العربي«:‏<br />

إسالم أبو زهري<br />

إختصرت صحيفة ‏»السبيل«‏ الناطقة بإسم<br />

اإلساميني في األردن حجم اإلحتفال الشعبي بفوز<br />

احلليف األقوى جلماعة اإلخوان املسلمني في اإلقليم<br />

رجب طيب أردوغان مبنصب رئاسة اجلمهورية التركية<br />

وهي تفرد خبر الفوزعلى ثمانية أعمدة في صفحتها<br />

األولى .<br />

الحقا ركبت منابر اإلخوان املسلمني املوجة وأفردت<br />

مساحات واسعة لتغطية احلدث التركي.‏ وإسترسلت<br />

فضائية ‏»اليرموك«‏ احملسوبة على اإلخوان املسلمني<br />

ببث برامج متخصصة للتحاور حول التحول احلاصل<br />

في اإليقاع اإلقليمي والتركي بعد فوز آرودوغان مباشرة<br />

خال العدوان اإلسرائيلي العسكري على قطاع غزة.‏<br />

من جانب آخر توسعت وسائط التواصل<br />

اإلجتماعي األردنية في نشر تلك اللقطات الفريدة التي<br />

تظهر إحتفالية الشعب التركي وإحتاله للشوارع في<br />

املدن الرئيسية إحتفاال بالقفزة التي برمجها أردوغان<br />

فيما لوحظ على املستوى األردني احمللي بأن اجلانب<br />

التحليلي للمشهد غاب عن الصحافة الرسمية أو املقربة<br />

من السلطات.‏<br />

جميع األنظار عمليا في الساحة األردنية إجتهت<br />

نحو رئيس اجلمهورية التركية اجلديد رجب طيب<br />

أردوغان بعد فوزه وحصوله على األغلبية املطلقة<br />

ليكون الرئيس احلادي عشر لتركيا واألول الذي يفوز<br />

فوز أردوغان بعيون ‏»إخوان األردن«:‏<br />

تعزيز للقضية الفلسطينية ورسالة للتوقف عن استهداف اإلسالم السياسي<br />

في إنتخابات مباشرة من قبل الشعب بنسبة ٪56 من<br />

األصوات وسط قبول ورفض عربي وغربي له وبالذات<br />

في مساحة الكيان االسرائيلي .<br />

أردوغان قال في خطاب الرئاسة إنّ‏ يوم فوزه ‏»هو<br />

يوم مياد تركيا اجلديدة«‏ متوجهً‏ ا بالشكر إلى أهل غزة<br />

معلنا عن ‏»نقل جرحى اإلعتداءات اإلسرائيلية على قطاع<br />

غزة إلى تركيا من أجل تلقي العاج وحتقيق السام<br />

الداخلي واخلارجي«...هذه الدعوة التي مت تطبيقها<br />

جزئيا فعا،‏ حظيت بتغطية واسعة النطاق من منابر<br />

اإلخوان املسلمني اإلعامية.‏<br />

نائب املراقب العام جلماعة اإلخوان املسلمني الشيخ<br />

زكي بني إرشيد عبر عن سعادته بتولي أردوغان املنصب<br />

اجلديد معتبرا أنه تعزيز للحركة اإلسامية في العالم<br />

في ظل اإلستهداف العاملي لها ومحاولة قطع الطريق<br />

على الربيع العربي . إرشيد قال ل ‏»القدس العربي«‏<br />

في تصريح خاص أن أردوغان قصة جناح بإمتياز في<br />

القيادة والتنظيم واإلدارة األمر الذي جعل من تركيا<br />

منوذجا ملا بعد احلداثة.‏<br />

يوافق احمللل السياسي اإلسامي حلمي األسمر<br />

على هذا اإلستنتاج موضحا ان ما يقفز بتجربة أردوغان<br />

ليس فقط خطابه النقي والواضح في دعم املستضعفني<br />

من شعوب العالم ودوره البارز في املنطقة لصالح<br />

باده إمنا أيضا تلك النجاحات االقتصادية اإلبداعية<br />

التي حققها ونقل بها تركيا من دولة مدينة إلى دولة با<br />

ديون قادرة على اإلستثمار والبقاء وال حتتاج تلك الدول<br />

اإلستعمارية التي توظف دعمها املالي.‏<br />

وفقا إلرشيد الفوز جاء لتراكم اإلجنازات التي عمل<br />

عليها أردوغان في املاضي،‏ حيث أعلن الرئيس املنتخب<br />

من شعبه منذ فوزه الكاسح انحيازه لقضايا األمة<br />

العربية وحتديدا فلسطني وأهدى فوزه لها واستطاع ان<br />

يضع نفسه خبرا أمام العالم .<br />

وجهة نظر األسمر وإرشيد أن تركيا اليوم ليست<br />

مثل تركيا قدميا ومتلك مشروعا للنهضة يحمل مقومات<br />

النجاح ويتحلى بالنهوض االقتصادي ومحاربة الفساد<br />

خصوصا وان الفوز بالرئاسة جرى بعد سعي أطراف<br />

دولية متعددة ملضايقة مشروع تركيا احلديثة اإلسامي<br />

عبر بعض القوى في الداخل التي تآمرت على التجربة.‏<br />

ويرى اإلخوان املسلمون في األردن على لسان<br />

الشيخ إرشيد أن هذا اإلنتصار جاء في سياق معاكس<br />

لألنظمة العربية التي صنفت نفسها كدول معتدلة.‏<br />

وعلى هذه الدول وفقا إلرشيد ان تتوقف عن الشعور<br />

بأن تركيا أردوغان تشكل تهديدا لها أو إستفزازا.‏ وليس<br />

سرا أن اإليقاع التركي اليوم يعني أن على النظام الرسمي<br />

العربي أن يعيد حساباته ويراجع موقفه من احلركة<br />

اإلسامية ويعمل معها على حتقيق شراكة سياسية من<br />

أجل مغادرة مناطق التأزم.‏ وال يخفي إرشيد قناعته بان<br />

جناح أردوغان هو سند حقيقي للمقاومة الفلسطينية في<br />

غزة وضربة قاسية ومؤملة السرائيل .<br />

األمني العام جلبهة العمل اإلسامي الشيخ حمزة<br />

منصور إعتبر ان األنظمة العربية التي ترفض أردوغان<br />

هي أنظمة فاسدة ال تريد ان ترى نظاما دميقراطيا يكشف<br />

فسادها وإستبدادها.‏ مبينا انه لم يرث احلكم وراثة بل<br />

كان خيارا من الشعب التركي وينبغي على احلكومات<br />

العربية ان حتترم إرادة الشعوب وتخدمها بدال من<br />

اإلسترسال في التآمر عليها.‏<br />

ويتحدث الشيخ منصور عن ضرورة تعلم األنظمة<br />

العربية من جتربة أردوغان وفوزه،‏ حيث جدد الشعب<br />

ثقته فيه للمرة التاسعة آما ان يحقق جناحه املصاحلة<br />

الوطنية وبناء دولة عصرية مستندة الى موروثها<br />

احلضاري .<br />

وأضاف ان على أردوغان ان يواصل جهوده في<br />

دعم القضية الفلسطينية التي تتعرض ملؤامرة كونية<br />

لتصفيتها.‏<br />

ويرى مراقبون أن تركيا متيزت بدور كبير في وقف<br />

العدوان اإلسرائيلي على غزة في 2012 كما دعمت بشدة<br />

مطلب السلطة الفلسطينية،‏ برئاسة محمود عباس،‏ في<br />

نيل صفة دولة مراقب في األمم املتحدة.‏<br />

وفي احلرب اإلسرائيلية األخيرة على قطاع غزة،‏<br />

انتقد أردوغان وبشدة ‏»إسرائيل«‏ متهما إياها بش حرب<br />

إبادة ضد الفلسطينيني في قطاع غزة.‏<br />

وبدأت تركيا الحقا في وقت متأخر،‏ بإجراءات نقل<br />

جرحى قطاع غزة للعاج في تركيا،‏ حيث توجهت طائرة<br />

إسعاف تابعة لوزارة الصحة التركية إلى مطار ‏»بن<br />

غوريون«‏ في تل أبيب ، لنقل أول دفعة منهم.‏<br />

هذا احلراك في تقدير األسمر يؤشر على تلك املظاهر<br />

احليوية في اإلسام السياسي املعتدل عندما يحصل<br />

على فرصته في مخاطبة املشكات احليوية والتعامل<br />

معها،‏ كما يؤشر على أن تركيا أردوغان تتباين وتختلف<br />

عن غيرها من الدول العربية اإلسامية التي تتموقع<br />

خلف اإلخفاق وتخشى أعداء األمة وال تسعى فعا<br />

لتحقيق تنمية اقتصادية حقيقية.‏


Volume 26 - Issue 7839 Sunday 17 August 2014<br />

11 10<br />

حدث األسبوع<br />

السنة السادسة والعشرون العدد 7839 االحد 17 آب ‏)أغسطس(‏ 2014 21 شوال ‎1435‎ه<br />

حدث األسبوع<br />

عالقتهما عميقة واستراتيجية عززتها تفاهمات قيادتي البلدين<br />

الدوحة وأنقرة وعزف على وتر التوافقات اإلقليمية والدولية<br />

الدوحة - ‏»القدس العربي«:‏<br />

خال آخر زيارة له لقطر أكد رئيس الوزراء التركي<br />

آنذاك رجب طيب أردوغان وهو يفتتح مقر سفارة باده<br />

الفخم في املنطقة الدبلوماسية،‏ أن ‏»أنقرة والدوحة<br />

تستمران في النمو رغم األزمات التي يشهدها العالم،‏<br />

كما أن كا البلدين قد سجا تطورا كبيرا في املوارد<br />

البشرية،‏ ورغم وجود مشاكل اقتصادية شهدها العالم<br />

في اآلونة األخيرة،‏ فإنهما قد متكنتا من احلفاظ على<br />

موقفيهما«.‏ أردوغان اآلن وهو يستعد لدخول بوابة<br />

قصره الرئاسي حلكم باده من أبوابها الواسعة،‏ يطمح<br />

بكل ثقة لرسم عاقة باده مع قطر التي يعتبرها حليفا<br />

استراتيجيا،‏ من اإلرث الذي يجمعهما.‏ وسبق لرئيس<br />

حزب العدالة والتنمية وهو اآلن احلاكم اجلديد لتركيا<br />

أن صرح أن البلدين:‏ ‏»لهما آراء متطابقة في املسائل ذات<br />

الصلة اإلقليمية والدولية،‏ ويبذالن قصارى جهدهما من<br />

أجل حتويل املنطقة إلى نقطة سام«.‏ وكان أمير دولة<br />

قطر الشيخ متيم بن حمد آل ثاني استهل شهر رمضان<br />

األخير جهوده الدبلوماسية التي تبذلها باده ألجل<br />

وقف العدوان اإلسرائيلي على غزة،‏ بزيارة ألنقرة نسق<br />

فيها مع الطرف التركي سبل تعزيز اجلهود الدولية لدعم<br />

املقاومة في غزة.‏<br />

يرى مراقبون أن تطابق وجهات النظر بني الدوحة<br />

وأنقرة في الكثير من القضايا وامللفات اإلقليمية<br />

والدولية،‏ يأتي بسبب التنسيق املستمر بني قيادتي<br />

انطاكيا - ‏»القدس العربي«:‏<br />

محمد اقبال بلو<br />

‏»أنتم املهاجرون ونحن األنصار«‏ عبارة<br />

رددها رئيس احلكومة التركية السابق<br />

ورئيس اجلمهورية املنتخب رجب طيب<br />

أردوغان منذ وصول اول سوري الجئ<br />

إلى تركيا،‏ إذ لقي السوريون في تركيا<br />

البلد اجملاور لشمال البالد من جهة<br />

حلب وإدلب خير معاملة على اإلطالق<br />

باملقارنة مع املعاملة التي تلقوها في دول<br />

اللجوء األخرى كلبنان واألردن أو مصر،‏<br />

وبشهادة كل سوري يقيم في تركيا فإن<br />

احلكومة قدمت تسهيالت كثيرة تساعد<br />

الالجئ السوري على جتاوز معاناته<br />

التي عاشها في سوريا قبل وصوله<br />

لتركيا.‏<br />

شغلت مسألة انتخابات رئاسة<br />

اجلمهورية التركية والتي فاز فيها املرشح<br />

رجب طيب أردوغان رئيس احلكومة<br />

السابق برئاسة اجلمهورية وبجدارة<br />

كبيرة غالب السوريني على اختالف<br />

توجهاتهم،‏ بل كان السوريون من أكثر<br />

املتابعني حلملة أردوغان االنتخابية وكان<br />

لهم حضور كبير في معظم خطاباته التي<br />

ألقاها في العديد من األقاليم التركية،‏ حيث<br />

ركز أردوغان في كل خطاباته على ضرورة<br />

مساعدة السوريني وحسن استقبالهم<br />

من قبل املواطنني األتراك،‏ لدرجة أنه قال<br />

في أحد خطاباته قبل اإلنتخابات بشهور<br />

في مدينة الريحانية احلدودية عندما<br />

بادر احلضور من االتراك للتصفيق فرحاً‏<br />

البلدين وحصرهما املشترك على بلورة مواقف تتسق<br />

مع املبادئ األصيلة،‏ فالثقل الكبير الذي تتمتع به تركيا<br />

إقليميا ودوليا يجعل منها العبا فاعا في استقرار<br />

املنطقة،‏ ووسيطا حلل النزاعات ودعم جهود السام.‏<br />

وفي تصريح له يؤكد أحمد دمييروك،‏ سفير تركيا<br />

لدى الدوحة:‏ ‏»إن العاقات بني البلدين تشهد تطورا<br />

كبيرا،‏ وتسجل منوا كبيرا في شتى اجملاالت السياسية<br />

واالقتصادية والثقافية والبشرية،‏ وتركيا وقطر بلدان<br />

صديقان تربطهما عاقات متميزة،‏ وهما ينحدران من<br />

ثقافة وعاقات تاريخية وطيدة«.‏ وقال السفير التركي:‏<br />

‏»نحن سنمضي قدما من أجل تعزيز العاقات بني<br />

شعبينا الشقيقني وكذلك عن طريق التعاون والتضامن،‏<br />

وسنواصل في االستثمار إلثبات وجودنا والتعاون<br />

مع قطر«.‏ وفي حتليله لنتائج اإلنتخابات األخيرة<br />

والتفاعات الناجتة عنها محليا وإقليميا يرى الباحث<br />

واملهتم بالشأن التركي محمد األخرص في تصريح<br />

ل»القدس العربي«‏ أن فوز أردوغان ‏-غير املفاجىء ‏-في<br />

اإلنتخابات الرئاسية بنسبة ٪52 من أصوات الناخبني<br />

األتراك يشي مبرحلة سياسية متقدمة بعمر صغير،‏<br />

متهيداً‏ لإلنتخابات البرملانية التي ستجري عام 2015.<br />

ويؤكد أن املشهد السياسي التركي في الفترة<br />

املقبلة سيكون مكثفاً‏ على املستوى الداخلي،‏ في إطار<br />

التحضيرات التي سيسعى حزب ‏»العدالة والتنمية«‏<br />

إلجنازها قبيل اإلنتخابات البرملانية،‏ وفي املقابل<br />

فإن الصراع مع جماعة كولن سيأخذ أبعادا أوسع،‏<br />

الستهداف قدرتهم على توجيه الضربات،‏ وتفتيت<br />

أردوغان رئيسًا لألتراك والسوريون<br />

يحتفلون بنجاحه ويطمئنون لبقائه في السلطة<br />

واحتفاالً‏ بوصوله إلى مدينتهم ‏»من يحب<br />

أردوغان فليكرم السوريني«.‏<br />

جاءت احلمالت االنتخابية املضادة<br />

للمرشحني اآلخرين وباالً‏ على السوريني<br />

الذين شعروا باخلطر واخلوف من<br />

مصيرهم في حال لم ينجح رجب طيب<br />

أردوغان في انتخابات الرئاسة،‏ حيث<br />

طرح منافسو أردوغان مسألة السوريني<br />

وتواجدهم في تركيا على جدول أعمالهم<br />

الرئاسية إن جنحوا في االنتخابات،‏<br />

وأكدوا ألنصارهم أنهم سيسعون لتخفيف<br />

الوجود السوري في تركيا،‏ حيث ينتمي<br />

أنصار أوغلو معظمهم للطائفية العلوية<br />

التي ساندت نظام بشار األسد منذ انطالق<br />

الثورة السورية في األقوال واملواقف<br />

تارة وفي األفعال اإلجرامية تارة أخرى،‏<br />

كاجملزرة التي أشرف عليها مهراج أورال<br />

في بانياس والتي راح ضحيتها عشرات<br />

األطفال والنساء ذبحاً‏ بالسكاكني.‏<br />

وشهدت العديد من املدن التركية<br />

توترات ما قبل اإلنتخابات وما بعدها،‏ إذ<br />

اعتمد معارضو أردوغان على اللعب على<br />

املوضوع السوري واقتناص كل جانب<br />

سلبي مهما كان ضئيل األهمية ليستخدم<br />

ورقة ضد أردوغان في اإلنتخابات،‏<br />

وحاول أولئك إشعال الفنت في مختلف<br />

املناطق كأنطاكية وعنتاب وكيليس<br />

وحتى العاصمة أنقرة أيضاً‏ ، ليثبتوا<br />

للناخب التركي أن هناك مصيبة متر بها<br />

البالد تسبب بها رجب طيب أردوغان هي<br />

استقبال السوريني واحتوائهم وتغلغلهم<br />

ضمن اجملتمع التركي.‏ وقد أدرك عقالء كثر<br />

من السوريني خطورة هذه املرحلة وعملوا<br />

على الكثير من حمالت التهدئة وشكر<br />

الشعب التركي على حسن استقباله حتى<br />

في بعض املناطق التي أسيء لهم فيها رغم<br />

قلتها.‏<br />

ومع بدء اإلنتخابات الرئاسية كان<br />

السوريون من املتابعني بكل اهتمام لسير<br />

اإلنتخابات،‏ وحاولوا اإللتزام بالقوانني<br />

التي فرضت بشكل مؤقت في يوم<br />

اإلنتخابات وهي منع جتول السوريني<br />

حتى نهاية العملية،‏ والتزامهم بهذه<br />

التعليمات رغبة منهم بسير اإلنتخابات<br />

دون أية إشكاالت،‏ حتى أنهم اعتبروا أن<br />

التزامهم هو تعبير عن مساندتهم ملرشح<br />

حزب ‏»العدالة والتنمية«‏ أردوغان.‏ ومع<br />

إعالن النتائج وفوز املرشح الذي أحب<br />

السوريني وأحبوه انطلقوا في الشوارع<br />

يعبرون عن فرحهم بفوزه،‏ فجابت<br />

مظاهرات حاشدة شوارع أنطاكية ذات<br />

الغالبية العلوية املعارضة ألردوغان<br />

واملؤيدة لنظام لبشار األسد،‏ بدأ فيها<br />

املتظاهرون بترديد هتافات التهنئة للرئيس<br />

املنتخب اجلديد كما رددوا شعارات الثورة<br />

السورية وإسقاط رأس نظامها بشار<br />

األسد في جو مشحون بالطائفية واحلقد<br />

على كل كلمة تقال في هذه التظاهرات،‏<br />

ورغم ذلك كان حزن األنطاكيني عميقاً‏<br />

لنجاح أردوغان ويبدو أنه منعهم عن<br />

التعرض للمسيرات املهنئة تلك والتي لم<br />

تستمر طويالً‏ بكل حال.‏<br />

جناح رجب طيب أردوغان رئيساً‏ للبالد<br />

كان مبعث انفراج أسارير السوريني<br />

جميعاً‏ في تركيا،‏ إذ شعروا حينها انهم<br />

بخير لسنوات أخرى قادمة،‏ فقد وثقوا<br />

بناهم الصلبة داخل مؤسسات الدولة.‏ وحول مسار<br />

العاقات اخلارجية التي يتوقع أن يعيد حتديد أولوياتها<br />

أردوغان يشير الباحث إلى أن السياسة اخلارجية<br />

التركية ستشهد فرصة ألن تتنفس الصعداء،‏ بعد مرحلة<br />

من العزلة عاشتها مع أغلب دول اجلوار،‏ ويؤكد على<br />

التزام الدولة التركية بسلوك يتسم باإلعتدال واإلتزان<br />

في تعاملها مع دول املنطقة الفترة املقبلة.‏ وفيما يتعلق<br />

بالعاقة مع دول اخلليج يشير الباحث املهتم بالشأن<br />

التركي أنها مرتبطة بشكل أساسي في العاقة مع مصر<br />

وخاصة في شقها السياسي،‏ ولكن التطورات اإلقليمية<br />

قد تدفع نحو ردم هوة النزاع بني الطرفني،‏ وخاصة إذا<br />

ما تدخل األمريكان واألطراف األوروبية في ظل تصاعد<br />

دور داعش في املنطقة.‏<br />

ويعد التعاون االقتصادي بني البلدين عنواناً‏<br />

عريضاً‏ لتطور عاقاتهما،‏ إذ بلغ حجم التبادل التجاري<br />

1.3 مليار دوالر في 2013، فضاً‏ عن أن استثمارات<br />

الشركات التركية في السوق القطرية بلغت 12 مليار<br />

دوالر،‏ ما يعكس الرغبة املتبادلة في ترسيخ عاقات<br />

اقتصادية منوذجية.‏ وتشكل تركيا للقطريني بلداً‏ متطوراً‏<br />

آمناً‏ ، لذلك يقصدونها للسياحة والتعرف على طفرتها<br />

الهائلة في اجملاالت اخملتلفة،‏ حيث بلغ عدد زائريها من<br />

املواطنني القطريني 15 ألف سائح في العام املاضي،‏<br />

ويتوقع املراقبون إرتفاع العدد مستقباً‏ ، خصوصاً‏ مع<br />

إرتفاع عدد رحات اخلطوط اجلوية القطرية للمدن<br />

التركية.‏<br />

وشهدت العاقات القطرية التركية توقيع عدة<br />

بهذا القائد منذ بداية ثورتهم،‏ كما انه لم<br />

يقم بأي تصرف ينقص الثقة تلك بل قام<br />

بكل ما يعززها ويزيدها،‏ إذ منحت تركيا<br />

السوريني الكثير من احلقوق،‏ منها حق<br />

العالج والتداوي في املشافي التركية<br />

مجاناً‏ رغم أن املواطن التركي يدفع رسوماً‏<br />

رمزية بسيطة جراء عالجه،‏ كما متكن<br />

كل سوري يحتاج أية عملية جراحية من<br />

إجرائها على نفقة احلكومة مهما كانت<br />

تكاليفها باهظة،‏ هذا في حال توفرها<br />

في املشافي احلكومية،‏ من جهة أخرى<br />

استقبلت تركيا كل اإلصابات اآلتية من<br />

الداخل السوري مهما كانت أسبابها فمن<br />

جرحى املعارك إلى مصابي القصف إلى<br />

أصحاب األمراض املزمنة،‏ كل هؤالء تلقوا<br />

العالج مجاناً‏ في املشافي التركية.‏<br />

كما سمحت احلكومة التركية بافتتاح<br />

مدارس للسوريني وبذلك حصل كل طفل<br />

سوري على حق التعليم،‏ وأصدرت قرارات<br />

تسمح باستقبال الطالب اجلامعيني<br />

السوريني للتسجيل في اجلامعات.‏<br />

ومتيزت تركيا أنها أول دولة في العالم بل<br />

الوحيدة التي سمحت للسوريني بالدخول<br />

إلى أراضيها عبر املعابر احلدودية<br />

الرسمية رغم انتهاء مدة جوازات سفرهم،‏<br />

فلم يعد موضوع جتديد اجلواز عائقاً‏ أمام<br />

تنقل السوريني من وإلى تركيا،‏ فضالً‏ عن<br />

امتيازات أخرى كحق العمل وممارسة<br />

املهن واحلرف وافتتاح احملال والشركات<br />

التجارية وما إلى ذلك.‏<br />

جناح أردوغان في انتخابات الرئاسة<br />

يعتبره معظم السوريني انتصارا لقضيتهم<br />

وقد عبر أردوغان عن ذلك بخطابه في يوم<br />

اتفاقيات اقتصادية مهمة بني البلدين أسهمت بشكل<br />

مباشر في تطوير العاقات الثنائية،‏ مثل اتفاقيات تطوير<br />

التبادل االقتصادي وحماية اإلستثمارات ومنع اإلزدواج<br />

الضريبي وإعفاء الشركات التركية من شرط الكفيل،‏<br />

هذا باإلضافة إلى الزيارات العديدة املتبادلة والتي قام<br />

بها كبار املسؤولني في البلدين والتي عززت من مسيرة<br />

تلك العاقات وأكسبتها قوة ومتانة وفتحت أمامها آفاقا<br />

واسعة من أبواب التعاون االقتصادي واإلستثماري<br />

املشترك.‏<br />

ويشير اخلبراء إلى أن الفرص اآلن مهيأة أكثر من<br />

أي وقت مضى إلقامة عاقات جتارية واقتصادية متميزة<br />

تكون تتويجاً‏ وتعبيراً‏ حقيقياً‏ وصادقاً‏ حلجم العاقات<br />

التي تربط بني القيادتني في البلدين،‏ فقد ارتفع حجم<br />

التبادل التجاري بني قطر وتركيا خال السنوات اخلمس<br />

األخيرة.‏ ويصل حجم االستثمارات القطرية في تركيا<br />

إلى أكثر من مليار دوالر.‏ فالدوحة تشكل اليوم بوابة<br />

أنقرة نحو أسواق اخلليج.‏ وبفضل مكانتها االقتصادية<br />

الكبيرة وريادتها في مجاالت تصدير الغاز،‏ أصبحت قطر<br />

مؤهلة ألن تشكل نقطة انطاق ألي دولة تريد دخول<br />

األسواق اخلليجية األخرى.‏<br />

وتشير معطيات لغرفة جتارة وصناعة قطر إلى<br />

أن رأسمال الشركات التركية العاملة في قطر يتجاوز<br />

ال‎1.6‎مليار دوالر،‏ وتستثمر خصوصا في قطاع<br />

اإلنشاءات والسياحة والديكور،‏ ويبلغ حجم املشروعات<br />

التي تنفذها شركات تركية في قطر نحو 13.5 مليار دوالر<br />

معظمها متت ترسيته في السنوات العشر األخيرة.‏<br />

االنتخابات ‏»ما حدث ليس انتصاراً‏ لتركيا<br />

فحسب،‏ هو انتصار لدمشق وحماة وحلب<br />

وبغداد وغزة ورام الله«‏ وهذا ما صدقه<br />

السوريون حتى قبل ان يقوله ألنهم ملسوه<br />

حقيقة،‏ ويطمئن اليوم الالجئون السوريون<br />

في تركيا على مستقبلهم القريب خالل<br />

السنوات املقبلة التي سيكون فيها أردوغان<br />

رئيساً‏ للجمهورية التركية بل يتوقعون أن<br />

ال تبقى امليزات التي حصلوا عليها كما هي،‏<br />

بل يجدون أنهم سيحصلون على ميزات<br />

إضافية،‏ وأن ظروفهم سوف تتحسن أكثر<br />

مما كانت عليه في السنوات السابقة التي<br />

قضوها في املدن التركية.‏<br />

ويعاني سوريو الداخل أشد املعاناة<br />

حتت القصف،‏ فضالً‏ عن ان آالفا من<br />

مقاتلي اجليش السوري احلر يطمحون أن<br />

يكون دعم أردوغان للقضية السورية أكبر<br />

من ذي قبل بعد توليه منصب الرئاسة،‏ بل<br />

ويتوقعون ان يكون النتخابه دوراً‏ هاماً‏ في<br />

ازدياد زخم الثورة السورية وتقوية شوكة<br />

مقاتلي احلر ضد نظام بشار األسد،‏ كما<br />

يأملون أن يلعب أردوغان دوراً‏ كبيراً‏ على<br />

الصعيد السياسي في املرحلة املقبلة من<br />

الثورة السورية،‏ السيما أنه بفوزه هذا<br />

أثبت للعالم قوته السياسية ودوره الكبير<br />

في املنطقة،‏ والذي سيجعل الدور التركي<br />

.. حسب ناشطني،‏ األكبر في األحداث<br />

املقبلة التي سيمر بها الشرق األوسط،‏<br />

ويتوقعون أن يكون هذا الدور إيجابياً‏<br />

ولصالح شعوب املنطقة بأسرها،‏ واألهم<br />

أن معظم املعارضني السوريني الذين<br />

تفرقهم األيديولوجيا يجمعهم حب<br />

أردوغان ويطلقون عليه لقب ‏)القائد(.‏<br />

الدوحة - ‏»القدس العربي«:‏<br />

سليمان حاج إبراهيم<br />

عودة رجب طيب أردوغان إلى سدة احلكم في<br />

تركيا من بوابة الرئاسة هذه املرة يفتح اجملال لتعزيز<br />

أكبر لعالقاته مع دول احمليط اإلقليمي،‏ وفي أجندته<br />

خطة واضحة إلعادة رسم معادالته الدولية على<br />

أسس مختلفة عما كان عليه حال األمر وهو رئيس<br />

للوزراء،‏ خصوصا مع دول اخلليج التي تعول عليها<br />

الدبلوماسية التركية لفتح صفحة جديدة.‏ ويستند<br />

الوافد اجلديد على القصر الرئاسي في أنقرة على<br />

رصيده املتميز مع الدوحة التي تعد عالقاتهما<br />

منوذجية لتوسيعها إلى باقي الدول.‏ وفي هذا السياق<br />

يعتبر سالم بن مبارك آل شافي،‏ سفير دولة قطر لدى<br />

اجلمهورية التركيّ‏ ة في حوار مع ‏»القدس العربي«‏ أن<br />

اجلميع في دول مجلس التعاون اخلليجي وفي تركيا<br />

يدرك حجم اخملاطر التي تتهدد املنطقة وهذا يتطلب<br />

املزيد من التقارب ومحاولة التنسيق الفعّ‏ ال على األقل<br />

في القضايا األساسيّ‏ ة التي تهمّ‏ اجلميع،‏ وأشار إلى<br />

وجود قضايا إقليمية ودولية حتتاج إلى عمل ثنائي<br />

ومتعدد األطراف وحجم التوافق بني الرؤية التركيّ‏ ة<br />

لهذه القضايا ورؤية دول مجلس التعاون اخلليجي<br />

كبير على الرغم من التمايز أو اإلختالف في بعض<br />

القضايا احملدودة.‏<br />

○ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان صرح خالل<br />

زيارة سابقة له للدوحة أن ‏»هناك خاصية متميزة أخرى<br />

بني تركيا وقطر،‏ وهي أن الدوحة وأنقرة لهما آراء متطابقة<br />

في املسائل ذات الصلة اإلقليمية والدولية«‏ وأكد أن ‏»بالده<br />

تبذل قصارى جهدها مع دولة قطر من أجل حتويل منطقتنا<br />

إلى منطقة سالم«‏ هل هذا احلال سوف يستمر مع انتخابه<br />

مؤخرا رئيسا للجمهورية؟<br />

• نعم صحيح،‏ العاقات القطرية-التركية عاقات<br />

منوذجية ال تقوم على املصالح فقط بل تستند الى رؤية<br />

مشتركة وقيم ومبادئ سامية،‏ وهي تسير في مسار<br />

تصاعدي منذ سنوات ونتوقع أن تستمر كذلك مع استام<br />

السيد رجب طيب أردوغان ملنصب رئاسة اجلمهورية<br />

في 28 أغسطس / آب احلالي،‏ ولذلك فلن نتفاجأ إذا ما<br />

قرر أردوغان زيارة الدوحة في أول زيارة خارجية له<br />

بعد استامه للمنصب مبا يعكس عمق العاقات بني<br />

البلدين.‏ وأولويتنا في دولة قطر على الصعيد اخلارجي<br />

هو حتقيق السام واإلزدهار للمنطقة وشعوبها ليس<br />

ألننا نؤمن بذلك فقط،‏ بل الن هناك مصلحة مشتركة في<br />

ذلك أيضا خملتلف الشعوب والدول في املنطقة.‏ ونحن ال<br />

نزال نؤمن بسياسة الوساطات واحلوار حلل اخلافات<br />

والنزاعات ونسعى دوما الى أن تكون عاقاتنا جيدّ‏ ة مع<br />

مختلف األطراف والاعبني،‏ لكن ذلك ال يتحقق بطبيعة<br />

احلال على حساب املبادئ والثوابت والقيم األساسية<br />

التي نؤمن بها ومنارسها والتي نقف من خالها مع<br />

تطلعات الشعوب وآمالها نحو مستقبل أفضل.‏ ونعتقد<br />

أن اجلانب التركي يشاطر دولة قطر هذه الرؤية ويعمل<br />

من أجلها،‏ وهو ما يجب أن يكون أيضا مع جميع األطراف<br />

اإلقليمية والدولية التي تلتقي حول هذا الهدف بغض<br />

النظر عن اخللفيات.‏ ما يهم هو التوصّ‏ ل إلى النتيجة<br />

املرجوّ‏ ة وليس منافسة أحد ما،‏ على دور ما،‏ في مكان ما.‏<br />

‏○ما هي أبرز أوجه التنسيق املشترك للقضايا الدولية<br />

الراهنة؟ خصوصا بالنسبة لقضية غزة التي تشغل بال<br />

الرأي العام احمللي والدولي؟<br />

• كما تعلمون لقطر وتركيا آراء متطابقة في قضايا<br />

إقليمية ودولية عدّ‏ ة،‏ ومن هذا املنطلق فإن التعاون<br />

في هذه القضايا ذات االهتمام املشترك مهم وضروري<br />

ونرى أنّ‏ ه إيجابي جدا خاصة في الظروف الطارئة،‏<br />

علماً‏ انّ‏ التعاون والتشاور بني البلدين ليس أمرا طارئا<br />

أو مستجدا بحد ذاته،‏ فهناك آلية ثنائية للتشاور<br />

والتنسيق في املواضيع التي تهم البلدين واملنطقة ككل<br />

قائمة على مبادئ راسخة منذ سنوات،‏ وال شك أنّ‏ الهم<br />

دخول أردوغان بوابة القصر الرئاسي في أنقرة وتفاعالت دولية تضبط إيقاعه<br />

بوادر تحول السياسة الخارجية التركية<br />

بانفتاح على الخليج والدوحة بوابته<br />

املشترك اآلن هو كيفية عبور املنطقة إلى بر األمان.‏<br />

حاليا،‏ يحتل موضوع اإلعتداء االسرائيلي على<br />

الفلسطينيني في قطاع غزّ‏ ة أولويّ‏ ة،‏ وهناك جهود<br />

دبلوماسيّ‏ ة مكثّ‏ فة ومضنية يبذلها كل من سعادة الدكتور<br />

خالد بن محمد العطيّ‏ ة وزير خارجيتنا ووزير خارجية<br />

تركيا أحمد داوود أوغلو من أجل إيقاف العدوان وإزالة<br />

احلصار عن غزّ‏ ة،‏ وذلك بالتعاون أيضا مع الفاعلني<br />

اإلقليميني والدوليني،‏ كذلك كانت هناك إدانة واضحة<br />

من قبل مجلس التعاون اخلليجي للعدوان االسرائيلي<br />

وعبر وزراء اخلارجية مؤخرا عن دعمهم الكامل للشعب<br />

الفلسطيني وللسلطة الفلسطينية للتوصل لوقف دائم<br />

إلطاق النار في غزة وضرورة التوصل التفاق دائم<br />

يضمن تنفيذ تل أبيب التزاماتها دون مماطلة وتسويف،‏<br />

ورفع احلصار عن القطاع وعودة احلياة الطبيعية<br />

لسكانه.‏<br />

ال يجوز أن يبقى هناك احتال وتطهير عرقي وقتل<br />

مفتوح للفلسطينيّ‏ ني على مرأى ومسمع العالم كلّ‏ ه في<br />

القرن الواحد والعشرين.‏ ما تسعى دولة قطر وتركيا<br />

إليه ويجب على اجملتمع الدولي وعلى كل طرف أن<br />

يتحمّ‏ ل مسؤوليته جتاهه،‏ هو حل للمشكلة من جذورها.‏<br />

نعتقد أن الغالبية العظمى من دول وشعوب العالم احلر<br />

تشاطرنا هذا الرأي وضرورة عدم بقاء الوضع على ما<br />

هو عليه.‏ ومن هذا املنطلق تتمسك قطر مبوقفها املبدئي<br />

هذا وتعمل مع كافة األطراف الفاعلة إقليميا ودوليا بهذا<br />

اخلصوص.‏<br />

○ هل هناك جهودا تبذلها تركيا من أجل تقوية عالقتها<br />

مع دول اخلليج عموما مستفيدة من التفاهم االستراتيجي<br />

املوجود مع قطر لتعزيز هذا املستوى اخلليجي من عالقاتها؟<br />

• ال شك انّ‏ اجلانب التركي هو اخملوّ‏ ل باإلجابة عن<br />

جهوده في هذا اجملال،‏ لكن من ناحيتنا في قطر،‏ نرى<br />

أنّ‏ عاقات جيدة بني تركيا واخلليج العربي تعدّ‏ أمر<br />

ضروريا ومهمّ‏ ا وحيويا لنا ولهم وللمنطقة ككل.‏ فهناك<br />

قضايا إقليمية ودولية حتتاج إلى عمل ثنائي ومتعدد<br />

األطراف وحجم التوافق بني الرؤية التركيّ‏ ة لهذه القضايا<br />

ورؤية دول مجلس التعاون اخلليجي كبير ‏)املوقف من<br />

عملية السام على سبيل املثال والدولة الفلسطينية(‏<br />

على الرغم من التمايز أو اإلختاف في بعض القضايا<br />

احملدودة.‏ اجلميع يدرك حجم اخملاطر التي تتهدد املنطقة<br />

وهذا يتطلب املزيد من التقارب ومحاولة التنسيق الفعّ‏ ال<br />

على األقل في القضايا األساسيّ‏ ة التي تهمّ‏ نا وهو ما نعتقد<br />

أنّ‏ ه يجب أن يكون.‏<br />

○ هل حجم االستثمارات القطرية في تركيا التي بلغت<br />

نحو 740 مليون دوالر يرتقب أن يشهد تطورا في الفترة<br />

املقبلة وهل تعكس مستوى العالقات الثنائية التي تربط<br />

البلدين؟<br />

• بالرغم من التقدّ‏ م السريع احلاصل على صعيد<br />

زيادة حجم التبادل التجاري بني البلدين وزيادة<br />

االستثمارات في السنوات األخيرة،‏ اال أنّ‏ حجم العاقات<br />

االقتصاديّ‏ ة بني البلدين ال يعكس حقيقة املستوى املمتاز<br />

الذي وصلت اليه العاقات الثنائية.‏ ومن هذا املنطلق،‏<br />

كثّ‏ ف اجلانب القطري واجلانب التركي أيضا من اجلهود<br />

املشتركة في العام 2014 لرفع حجم التبادل التجاري<br />

وزيادة االستثمارات مبا يتناسب مع العاقات املمتازة،‏<br />

ونعتقد انّ‏ حجم االستثمارات القطرية في تركيا قد يرتفع<br />

الى حوالي 20 مليار دوالر في حال مت اإلتفاق بشكل نهائي<br />

على بعض املشاريع التي ال تزال قيد الدراسة.‏ تركيا هي<br />

أرض خصبة لاستثمار وهناك الكثير من املشاريع املهمّ‏ ة<br />

والكبرى التي ميكن للمستثمر أن يتطلّ‏ ع إليها سواء في<br />

قطاع الطاقة أو النقل أو السياحة أو البنوك أو العقارات<br />

أو التصنيع وكلّ‏ ها قطاعات واعدة،‏ لنا استثمارات في عدد<br />

منها السيما القطاع املصرفي والسياحي والطاقة ونتطلّ‏ ع<br />

ألن يكون لنا دور أكبر في االستثمار في هذه القطاعات<br />

والقطاعات السابقة مع تولي أردوغان ملنصب الرئاسة<br />

وتعزيز االستقرار السياسي والتقدم االقتصادي لتركيا.‏<br />

فقطر وتركيا متتلكان مقوّ‏ مات اقتصادية هامة وإمكانات<br />

واعدة لتحقيق شراكة اقتصادية على أعلى مستوى<br />

ممكن،‏ وكاهما يتمتع باالستقرار والديناميّ‏ ة والثروة<br />

وهذه ميزة نسعى الى توظيفها في تطوير عاقاتنا<br />

االقتصادية.‏<br />

○ الشركات التركية تشهد تواجدا مكثفا في قطر<br />

وهناك حسب آخر إحصائية أزيد من 60 مؤسسة تركية<br />

وتبلغ قيمة املشاريع التي حتملتها نحو 35 مليار دوالر،‏ هال<br />

هناك مؤشرات إلرتفاع حجم هذه االستثمارات مع استعداد<br />

قطر لتشييد مشاريع ضخمة ألجل مونديال ‎2022‎؟<br />

• نعم ال شك في ذلك.‏ قطر عموما ترحّ‏ ب دوما<br />

باملستثمرين من أي بلد كانوا،‏ وبخصوص االتراك<br />

فسمعتهم وسمعة شراكاتهم ممتازة على الصعيد احمللي<br />

والعاملي وهناك عدد كبير من الشركات التركيّ‏ ة العاملة<br />

في الدوحة تقودها في الغالب شركات املقاوالت والبناء،‏<br />

اذ حتتل شركات املقاوالت التركيّ‏ ة املرتبة الثانية على<br />

املستوى العاملي،‏ وتعتبر قطر بالنسبة إلى تركيا سابع<br />

أكبر سوق للمقاوالت التركيّ‏ ة.‏ وكما تعلمون فازت<br />

مجموعة ‏)اس.تي.اف.ايه(‏ وشركة ‏»يابي مركزي«‏<br />

التركيتني في نيسان/ابريل املاضي مبناقصة في مشروع<br />

مترو الدوحة الذي أُ‏ علن عن أنّ‏ قيمته قد تصل الى حوالي<br />

4.4 مليار دوالر،‏ وهو أعلى رقم يحصل عليه مقاول تركي<br />

في مناقصة خارجيّ‏ ة على اإلطاق،‏ وتعتبر املناقصة<br />

األكثر تكلفة في قائمة املشاريع االستثمارية اخملصصة<br />

للتحضيرات التي يتم اإلعداد لها في قطر الستضافة<br />

كأس العام في كرة القدم للعام 2022.


Volume 26 - Issue 7839 Sunday 17 August 2014<br />

13 12<br />

حدث األسبوع<br />

السنة السادسة والعشرون العدد 7839 االحد 17 آب ‏)أغسطس(‏ 2014 21 شوال ‎1435‎ه<br />

حدث األسبوع<br />

رغم الخالفات في ملفات عدة:‏<br />

ايران ترحب بتركيا أردوغان وروحاني يأمل استمرار العالقات<br />

يتهمونه بالسعي لنقل السلطة الى الرئاسة<br />

الخبراء األمريكيون غير سعداء بفوز أردوغان<br />

واشنطن - ‏»القدس العربي«:‏<br />

رائد صالحة<br />

تخوفت معظم التحليات األمريكية من طموحات<br />

الرئيس التركي اجلديد رجب طيب أردوغان عبر حتويل<br />

مؤسسة الرئاسة الرمزية الى سلطة تنفيذية قوية.‏<br />

وأتفق عدد كبير من اخلبراء على ان التحول نحو شكل<br />

جديد من الرئاسة ليس أمرا مفروغا منه الن محاوالت<br />

تغيير الدستور ستواجه مقاومة شرسة من املعارضة<br />

السياسية.‏<br />

وقال هنري باركي استاذ العلوم السياسية في<br />

جامعة ليهاي في حتليل جمللس العاقات اخلارجية ان<br />

التنمية االقتصادية القوية واملكاسب االجتماعية قد<br />

عززت من فرص أردوغان في الفوز إضافة الى قدرته<br />

حتى اآلن على التعامل مع الصراعات اإلقليمية الشائكة<br />

في العراق وسوريا على الرغم من اإلحتجاجات ومزاعم<br />

الفساد ولكن بعد قليل من توليه منصب الرئاسة فانه<br />

يريد التأكد من قدرته على نقل بعض صاحيات السلطة<br />

التنفيذية الى مقره اجلديد.‏<br />

وال يعتقد باركي انه ميكن تغيير الدستور التركي<br />

لتحويل السلطة التنفيذية الى الرئاسة ولكنه يؤمن<br />

بان أردوغان سيهيمن في املستقبل املنظور على نظام<br />

سياسي جديد بدون ترتيبات دستورية للسلطة وقال<br />

ان أردوغان سياسي بارع يعلم متاما نبض األمة ويعرف<br />

ماذا يريد الناس،‏ وكل ما فعله بعد فترة الركود املدمرة<br />

جاء بنتائج ايجابية ولكن املشكلة بان الرئيس اجلديد<br />

نفسه قد تغير عما كان عليه في وقت مبكر من القرن<br />

احلالي.‏<br />

وحول سر جتاوب االتراك مع جدول أعمال أردوغان<br />

أجاب باركي بانه اذا سألت االتراك ان كانوا أفضل حاال<br />

منهم في أعوام 2004 و‎2007‎ و‎2011‎ فان اجلواب سيكون<br />

‏»نعم نحن أفضل حاال«‏ حيث حقق أرودغان وحزبه<br />

خطوات كثيرة جيدة جدا مثل إصاح الرعاية الصحية.‏<br />

وقد عاش االتراك مع أنظمة استبدادية طوال حياتهم<br />

ولكنهم اآلن يستبشرون باملستقبل.‏<br />

ويرى باركي ان الرئيس املنتهية واليته عبدالله<br />

غول هو الوحيد الذي ميلك قوة كافية لتحدي أردوغان<br />

ومنعه من نقل بعض الصاحيات الى الرئاسة ولكن<br />

عليه ان يقرر ما اذا سوف يرمي القبعة الى احللبة كزعيم<br />

حلزب ‏»العدالة والتنمية«.‏<br />

ورأت صحيفة ‏»دايلي بيست«‏ ان أردوغان سيواجه<br />

مشاكل خارجية من أهمها تصاعد نفوذ تنظيم ‏»الدولة<br />

اإلسامية«‏ الذي أعلن اخلافة على جانب احلدود<br />

التركية وتزايد مشكلة الاجئني.‏ وقالت الصحيفة في<br />

لهجة معادية ان هذه واحدة من املشاكل الوخيمة التى<br />

ستواجه أردوغان بسبب حساباته اخلاطئة كرئيس<br />

للوزراء واعتقاده بانه رجل قوي ال ميكن تعويضه في<br />

السياسة التركية.‏ ومهما كان لقبه كما تضيف الصحيفة،‏<br />

فانه يترك باده في عزلة متزايدة في املنطقة وعلى عاقة<br />

سيئة مع احللفاء وخاصة الواليات املتحدة.‏<br />

وأكدت مجلة ‏»اإليكونومست«‏ من جهتها أنه من<br />

الصعب الطعن بالفوز الدميقراطي للرئيس التركي<br />

أردوغان بشكل جدي ألن استطاعات الرأي النزيهة<br />

كانت لصاحله الى حد كبير قبل جناحه الساحق بنسبة<br />

52 في املئة.‏ وكتبت أن أردوغان يعرف بالتأكيد كيفية<br />

الفوز في االنتخابات منذ ان ساعد على تأسيس حزب<br />

‏»العدالة والتنمية«‏ قبل 13 عاما حيث سجل ثمانية<br />

انتصارات متتالية وقبل أيام حقق اإلنتصار التاسع.‏<br />

ويفسر عدد من احملللني االقتصاديني جناح أردوغان<br />

باالجنازات االقتصادية املثيرة لاعجاب حلزبه منذ<br />

وصوله الى السلطة في تشرين الثاني/نوفمبر 2002<br />

حيث بلغ متوسط النمو االقتصادي حوالي 5 في املئة،‏<br />

ومت ترويض التضخم،‏ ومتكن احلزب من وضع اجليش<br />

حتت سيطرة املدنيني بشكل اكبر،‏ ومنح أردوغان األكراد<br />

حقوقا أكثر في تركيا أكثر من أي زعيم سياسي آخر.‏ وفي<br />

عام 2005 حقق شيئا كان قد استعصى على جميع أسافه<br />

وهو بدء محادثات العضوية مع االحتاد االوروبي.‏ ولكن<br />

هنالك قلقا من األطراف األمريكية واألوروبية الى جانب<br />

اجليش واملؤسسة العلمانية واملعارضة السياسية<br />

بشأن صعود أردوغان الى قصر كانكايا وخاصة بعد<br />

نزول االتراك الى الشوارع في الصيف املاضي أثر إندالع<br />

فضيحة فساد وردة الفعل العنيفة على االحتجاجات<br />

حيث استخدمت شرطة مكافحة الشغب الغاز املسيل<br />

للدموع إضافة الى اإلعتداء على وسائل اإلعام احلرة<br />

ومحاوالت فرض الرقابة على االنترنت.‏<br />

وتتهم معظم التحليات اإلعامية األمريكيةأردوغان<br />

بانه يخطط العطاء رئاسة اجلمهورية قوة أكثر من<br />

وظيفتها االحتفالية عبر حتويلها الى منصب تنفيذي<br />

كما هو احلال في فرنسا،‏ وللقيام بذلك ال بد له من تغيير<br />

الدستور وهي عملية حتتاج عادة الى أغلبية الثلثني في<br />

البرملان ومن غير املرجح حتقيق ذلك دون عقد صفقة مع<br />

احلزب الكردي،‏ ومن شأن ذلك تدعيم طموحات أردوغان<br />

لتعزيز الرئاسة والبقاء الى مابعد عام 2023 الذكرى<br />

املئوية لقيام جمهورية اتاتورك.‏<br />

وعودة الى ‏»اإليكونومست«‏ التي قالت ان هذه<br />

النتيجة ستكون غير جذابة ألولئك الذين يؤمنون<br />

بالتعددية السياسية.‏ حيث قال عدد من اخلبراء ان<br />

الرئاسات ميكن ان تعمل بقوة ولكنها يجب ان تكون<br />

مقيدة مبؤسسات قوية ال تزال تركيا تفتقر اليها.‏<br />

ولكن ما الذي يدفع أردوغان للمضي قدما في<br />

طموحاته؟ اإلجابة التى يقدمها اخلبراء تتلخص في<br />

نقطتني هما اقتصاد الضعفاء واإلرث الذي قدمه أردوغان<br />

حتى اآلن.‏ حيث أكدت االستطاعات ان سبب انتصار<br />

أردوغان يعود الى اإلرتفاع السريع ملستويات املعيشة<br />

ولكن االقتصاد كما يقول اخلبراء بدأ يتباطأ وعجز<br />

احلساب اجلاري الهائل يجعل الباد تعتمد بشكل كبير<br />

على تدفقات رأس املال،‏ وعندما ترتفع أسعار الفائدة<br />

العاملية ميكن ان تعاني تركيا.‏ وقد مت اكتشاف ‏»فخ الدخل<br />

املتوسط«‏ وفقدان القدرة التنافسية للسلع املنتجة محليا<br />

وعدم القدرة على نقل ما تصل اليه التكنولوجيا لذا<br />

حتتاج تركيا الى إصاحات حترير لرأس املال األجنبي.‏<br />

ولكن أظهر رغبة ضئيلة في القيام بهذه اإلصاحات كما<br />

ان عضوية االحتاد االوروبي تبقى احتماال بعيدا اآلن<br />

ومن املرجح ان تبتعد االحتمالية اذا حتركت تركيا بعيدا<br />

عن املعايير الدميقراطية الليبرالية.‏<br />

اإلختبار األول لنوايا أردوغان سيظهر في تعامله<br />

مع قضية خليفة الرئيس التركي املنتهية واليته عبد<br />

الله غول حيث سيتم تقييم شخصية رئيس الوزراء<br />

اجلديد ومدى رغبة أردوغان في اختيار ‏»دمية«‏ في<br />

املنصب أو رئيس وزراء قويا،‏ وفي حالة اختياره الدمية<br />

فان الناس قد يبدأون في مقارنته بالرئيس الروسي<br />

فادميير بوتني.‏<br />

السياسيون األمريكيون ال تعجبهم بشكل عام<br />

تصريحات أردوغان حول أسرائيل وهم بالتأكيد غير<br />

سعداء بفوزه األخير الساحق ومن آخر التصريحات<br />

األمريكية الغاضبة من الرئيس التركي اجلديد حتذير<br />

السناتور ماركو روبيو بان على أردوغان وقف معاداته<br />

السرائيل والقيام باعمال وتصريحات استفزازية.‏ وقال<br />

انه ‏»منزعج«‏ من مقارنة رجب طيب أردوغان للعدوان<br />

االسرائيلي على غزة بنازية املانيا هتلر،‏ وندد روبيو<br />

املرشح اجلمهوري احملتمل للرئاسة األمريكية املقبلة بنية<br />

املنظمات التركية إلختراق احلصار على غزة.‏<br />

أردوغان:‏ الخروج من جبّ‏ يوسف وبناء الجمهورية الثانية<br />

طهران - ‏»القدس العربي«:‏<br />

رغم اخلاف احلاد الذي نشأ اثر احلرب الدائرة<br />

في سوريا حافظت اجلمهورية اإلسامية في ايران على<br />

مصاحلها مع تركيا حيث كان الرئيس االيراني حسن<br />

روحاني من اوائل املتصلني بالرئيس التركي املنتخب<br />

رجب طيب أردوغان مهنئا ومعربا عن آماله ان تشهد<br />

املرحلة اجلديدة عاقات وطيدة بني البلدين اإلقليميني<br />

في مختلف القضايا مبديا،‏ ارتياحه لتنمية العاقات بني<br />

البلدين خاصة بعد الزيارة التي قام بها أردوغان الى<br />

طهران العام املاضي،‏ آما ان يتمكن البلدان من تنفيذ<br />

اإلتفاقات املبرمة بينهما بأفضل صورة ممكنة،‏ مشيرا<br />

الى ضرورة التعاون فيما يتعلق مبلفات العراق وسوريا<br />

وفلسطني.‏ من جانبه أكد الرئيس التركي املنتخب ان<br />

العاقات بني البلدين ستصبح أمنت في ظل احلكومة<br />

اجلديدة وانه سيعمل على تطويرها.‏<br />

ولم يكن املوقف االيراني من جناح حزب العدالة<br />

والتنمية في تركيا مفاجأة سياسية فقد أعلن قبل ذلك<br />

مستشار رئيس مجلس الشورى االيراني حسني شيخ<br />

اإلسامي ان باده تدعم خط أردوغان السياسي رغم<br />

وجود بعض اخلافات أبرزها اخلاف حول األزمة<br />

في سوريا أضف الى ذلك امللف األخطر استراتيجيا<br />

وهو موافقة تركيا على استضافة محطة لدرع الدفاع<br />

الصاروخي حللف شمال األطلسي في شرق األناضول.‏<br />

ورغم اخلاف اال ان الدولتني برعتا في ادارة التوتر<br />

بينهما ألسباب عدة منها قضية االكراد وقضايا التجارة<br />

والنفط والغاز اضافة الى بعض القضايا السياسية أهمها<br />

قضية فلسطني وامللف النووي االيراني.‏<br />

تاريخيا بدأت العاقات االيرانية التركية بالتحسن<br />

مع وصول جنم الدين اربكان لرئاسة وزراء تركيا كأول<br />

رئيس وزراء إسامي لتركيا احلديثة في العام 1996<br />

بعد فتور غلب على العاقات بينهما منذ جناح الثورة<br />

اإلسامية في ايران عام 1979 نظرا للبعد االيديولوجي<br />

بني النظام الديني الثوري والعلمانية الكمالية.‏ حيث<br />

اختار اربكان ايران لتكون أول محطة خارجية له ووقع<br />

فيها صفقة الستيراد الغاز الطبيعي االيراني قيمتها<br />

25 مليار دوالر ومدتها 25 عاما.‏ وتخطى التحسن في<br />

العاقات املستوى االقتصادي ليشمل جانبا من امللفات<br />

األمنية للبلدين خاصة بعد القبض على زعيم تنظيم<br />

حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجان في عام 1998،<br />

وقرار إيران محاربة املوالني له في أراضيها.‏<br />

عمقت الزيارة التي قام بها أردوغان الى ايران عام<br />

2004 العاقات بني البلدين في مجال األمن الوطني<br />

كما رفعت مستوى التعاون فيما بينهم حلفظ احلدود<br />

املشتركة حيث وقع البلدان سلسلة اتفاقات للتعاون<br />

األمني.‏ سياسيا القت قرارت أردوغان فيما يتعلق<br />

بالقضية الفلسطينية ترحيبا واسعا من طهران.‏<br />

كما أدانت منظمات غير حكومية تركية السياسات<br />

االسرائيلية في لبنان وفلسطني كان أهم ثمارها اسطول<br />

احلرية الذي توجه نحو غزة عام 2010 ساعيا لفك<br />

احلصار عنها األمر الذي أدى الى استشهاد 20 شخصا<br />

وجرح ستني أخرين.‏<br />

وال ننسى املشهد األبرز حني انسحب أردوغان<br />

من قاعة مؤمتر دافوس االقتصادي في يناير 2009<br />

غاضبا وذلك بعد مشادة كامية بينه وبني الرئيس<br />

االسرائيلي شيمون بيريز حول العدوان على غزة<br />

2009/2008. كل هذه املشاهد نالت اعجاب الساسة في<br />

طهران مما جعلهم يستمرون في تأييدهم ألردوغان رغم<br />

سياسته املتبعة في سوريا والدعم الذي قدمته باده<br />

للثوار السقاط نظام احلليف االيراني هناك.‏<br />

اقتصاديا عزز أردوغان العاقات مع ايران خاصة<br />

في مجال الطاقة فتابع مسيرة سلفه اربكان حيث وقع في<br />

شباط/فبراير من العام 2007 صفقتني مع ايران األولى<br />

متنح شركة البترول االيرانية حق التنقيب عن النفط<br />

والغاز في ايران،‏ والثانية مشروع مد خط أنابيب لنقل<br />

الغاز من تركمانستان ‏)شرق بحر قزوين(‏ الى تركيا ومن<br />

بعدها الى اوروبا عبر األراضي االيرانية بدال من بحر<br />

قزوين.‏<br />

وزاد حجم املبادالت التجارية بني البلدين في<br />

العام 2012 عن 21 مليار دوالر مسجا أعلى مستوى له<br />

في تاريخ العاقات بينهما.‏ ولكن مع تشديد العقوبات<br />

الغربية على قطاع التجارة االيراني تدنى حجم املبادالت<br />

بني البلدين في العام املاضي األمر الذي لم يرق لرئيس<br />

الوزراء التركي الذي أعلن بعد زيارته لطهران في شباط/‏<br />

فبراير من العام احلالي عن توقيع اتفاقيات لتسهيل<br />

العمليات التجارية بني البلدين متوقعا ان يصل حجم<br />

املبادالت التجارية مع نهاية العام 2015 الى 35 مليار<br />

دوالر،‏ وهذا ما أكده وزير االقتصاد التركي الشهر املاضي<br />

والذي أشار الى ان البلدين ميلكان املقومات الازمة<br />

لتحقق هذا األمر.‏<br />

وأكد أردوغان في خطاب القاه بعد انتهاء<br />

االنتخابات انه باق على مواقفه ومستمر في سياساته<br />

التي كان عليها وسيعمل على تقويتها من خال منصبه<br />

اجلديد ليبني تركيا جديدة.‏ وهذا يعني ان كل املعاهدات<br />

واالتفاقيات التي أبرمها مع ايران مازالت قائمة وان<br />

املنافسة بني البلدين سيكون لها الدور األكبر في ادارة<br />

املنطقة مستقبا،‏ وستكون على أشدها.‏<br />

إبراهيم درويش<br />

في العاشر من آب/أغسطس فاز رئيس الوزراء التركي رجب طيب<br />

أردوغان في االنتخابات الرئاسية بنسبة 52 في املئة من أصوات الشعب،‏ بعد<br />

أن كان حزب ‏»العدالة والتنمية«‏ الذي يترأسه يحكم الباد منذ عام 2002. وفور<br />

إعان النتائج ذهب أردوغان إلى مقام الصحابي أبو أيوب األنصاري وصلى<br />

ركعتني فيه.‏ وتعددت التفسيرات حول فعله هذا،‏ فالصاة في مقام أيوب الذي<br />

يحمل حي اسمه في اسطنبول هو تقليد كان يفعله ساطني آل عثمان قبل<br />

توليهم العرش،‏ مما أحيا لدى الكثيرين فكرة والدة السلطان أردوغان خاصة<br />

أن جماعته السياسية يطلق عليها ‏»العثمانيون اجلدد«.‏ ولكن األتراك يحلون<br />

أبو أيوب مقاما مهما في حياتهم باعتباره الرافعة لهويتهم يتبركون باملقام<br />

ويبدأون كل مناسبة مهمة في حياتهم منه مثل ختان األطفال.‏<br />

ومع ذلك فتح فوز أردوغان في اجلولة األولى من اإلنتخابات تكهنات كثيرة<br />

خاصة بعد القائه خطاب النصر من شرفة حزبه ‏»العدالة والتنمية«‏ حول تغيير<br />

في مهمة الرئيس من فخرية لتنفيذية،‏ وهو ما دعا املعلقني في الغرب للحديث<br />

عن والدة سلطان أو عهد استبدادي في ظل النقد الذي يوجه للزعيم التركي في<br />

الغرب والذي يعترف في الوقت نفسه مبركزية أردوغان واألردوغانية لتركيا<br />

املعاصرة وجناحاتها اإلقتصادية.‏ فاستطاعات الرأي التركية وحتليل نتائج<br />

وأشكال التصويت في مناطق تركيا تشير إلى شعبية أردوغان في كل أنحاء<br />

تركيا وهو الزعيم التركي الوحيد الذي يحظى اليوم بإجماع.‏<br />

ومن املؤكد سيترك فوز أردوغان كأول رئيس ينتخبه الشعب التركي بدال<br />

من البرملان أثره على مسار تركيا املستقبل من ناحية طبيعة وسلطات الرئيس<br />

الفخرية،‏ وعاقة تركيا بالواليات املتحدة وأوروبا،‏ ومواقف تركيا مما يجري<br />

في العالم العربي من اضطرابات خاصة تلك القريبة من احلدود التركية:‏ سوريا<br />

والعراق.‏<br />

وال بد من اإلشارة إلى أن من حذر من انتقال ظاهرة الرجل القوي في<br />

روسيا لتركيا وتبادل األدوار بني بوتني-‏ ميدفيدف ألنقرة يتجاوز بالضرورة<br />

ما فعله أردوغان خال‎12‎ عاما من حكم تركيا والتحوالت اإلقتصادية التي<br />

جعلت من بلده واحدة من اقتصاديات العالم املهمة شهدت نسبة منو اقتصادي<br />

عالية.‏ ففي عهد أو عصر أردوغان فتحت املدارس واملستشفيات وحتسنت<br />

خدمات الدولة عنها في العقود التي سبقتها وساعد على الوصول لهذه الدرجة<br />

من التقدم عوامل تتعلق بالتغيرات الدولية واإلستقرار الذي عاشته تركيا<br />

ومميزات شخصية متيز بها أردوغان إبن األحياء الشعبية في اسطنبول الذي<br />

حتول من العب في ملعب كرة قدم ناجح بداية حياته لاعب في ملعب تركيا<br />

الواسع ومن متدرب في مدرسة األئمة واخلطباء خلطيب يتحدث لكل األتراك<br />

بطوائفهم وانتماءاتهم وأفكارهم.‏<br />

وتشير رحلة أردوغان في السياسة لشخصية استثنائية،‏ فهو نتاج<br />

لفكر اإلحياء اإلسامي في القرن العشرين وفكر اآلباء املؤسسني للصحوة<br />

اإلسامية والتجربة الدميقراطية التركية واحلداثة التي بدأها مصطفى<br />

كمال أتاتورك،‏ واستطاع أردوغان املزج بينهما وخلق منوذجه الذي يعرف<br />

باألردوغانية،‏ والذي أخذ من التجربة اإلسامية التي بدأها أبو احلركة<br />

االسامية في تركيا جنم الدين أربكان التمسك بالهوية اإلسامية والتأكيد<br />

على هوية تركيا اإلسامية،‏ ولم يقبل من التجربة األربكانية في كل متثاتها من<br />

‏»الفكر الوطني«‏ حلزب ‏»السامة والرفاه«‏ ومن ثم ‏»الفضيلة«‏ انغاقها وحذرها<br />

في التعامل مع الواقع السياسي وعدم فهمها للمناورات السياسية وتشددها في<br />

فهم اإلسام واكتسب من التجربة األتاتوركية واحلداثة املشوهة التي أقامها<br />

في تركيا اإلنفتاح واحلس الدميقراطي،‏ وجاء اخللط بني التجربتني متوازنا<br />

وأنشأ ما نراه النموذج األردوغاني.‏ فلم يقبل أردوغان مثا القومية املتطرفة<br />

لألتاتوركية التي عاملت األكراد بقسوة،‏ ويشير كتاب سيرته الذاتية،‏ أن<br />

الرئيس التركي أظهر اهتماما مبكرا باألكراد والقضية الكردية عندما كان عضوا<br />

في التيار اإلسامي الذي ميثله أربكان في ذلك الوقت.‏<br />

وال بد للباحث في مسيرة أردوغان اإللتفات دائما إلى أنه لم يحقق ما حققه<br />

لوال العقد الذي أقامه مع اجلماهير،‏ فهو اليوم أهم زعيم سياسي في تركيا.‏ لكن<br />

الوصول إلى هذا لم يكن سها،‏ ولم يأت بدون عمل،‏ وتتذكر والدته كيف كانت<br />

تقضي الليالي تنتظر عودته من نشاطاته في األوقات الصعبة التي كانت متر<br />

بها تركيا.‏<br />

وهنا ففوز اردوغان في اإلنتخابات الرئاسية وقبلها البلدية في آذار<br />

‏)مارس(‏ جاء بعد عام حافل وصعب من اإلضطرابات في تركيا،‏ من تظاهرات<br />

حديقة غازي ملعركته مع من سماها ‏»الدولة املوازية«‏ أي أتباع رجل الدين التركي<br />

فتح الله غولن املقيم في الواليات املتحدة والذين اخترقوا طوال عقود املؤسسة<br />

السياسية احلاكمة من قضاء وجيش وشرطة وأمن.‏ ضمن هذه الظروف،‏<br />

واحلملة التي قامت بها األحزاب القومية ضده بسبب حواره مع األكراد ودعمه<br />

للثورة السورية،‏ يعتبر استحقاقا تاريخيا وتتويجا ألردوغان بل بداية كما<br />

قالت صحيفة ‏»التاميز«‏ اللندنية ملرحلة جديدة في تاريخ تركيا احلديث وهو<br />

‏»عصر أردوغان«.‏ ولكن ما هي مامح هذه املرحلة القادمة،‏ فهي بالتأكيد ستكون<br />

مليئة بالتحديات واملتطلبات فأردوغان ال يريد لعب دور تشريفي كما لعبه<br />

سلفه عبدالله غول وحتدث في خطاب انتصاره عن دور تنفيذي في الوزارة<br />

وبالتأكيد ميكن ألردوغان لعب هذا الدور فالدستور التركي يكفل له هذا احلق،‏<br />

فهو يكفل للرئيس صاحيات واسعة تشمل تأخير إقرار التشريعات يصدرها<br />

البرملان وتعيني القضاة في احملاكم العليا وترؤس ‏»مجلس األمن القومي«.‏<br />

كما يحق لرئيس اجلمهورية ‏»الدعوة إلى انعقاد مجلس الوزراء وترؤس<br />

اجتماعاته بالطريقة التي يراها/تراها مناسبة«،‏ حسب املادة 104 من الدستور.‏<br />

ولعل هذه السلطات املكفولة بالدستور هي نتاج فترة من املشاكل التي شهدتها<br />

تركيا قبل 3 عقود،‏ نتيجة النهيار اإلقتصاد عام 1979 واإلنقاب عام 1980 ومن<br />

هنا جلأ املشرعون األتراك لتقوية منزلة الرئيس لتركي لتفادي أوضاع مثل<br />

هذه،‏ أي منحه الفرصة للتدخل في املسار التنفيذي إن دعت الضرورة.‏<br />

ولم يتم اللجوء إلى هذه املواد طوال عقدي الثمانينات والتسعينات لكن<br />

فوز حزب العدالة والتنمية عام 2002 أدى بالرئيس أحمد جندت سيزر لتأخير<br />

إقرار التشريعات الصادرة عن احلزب املذكور وبانتخاب عبدالله غول رئيسا<br />

للجمهورية عام 2007، عادت السلطات وبشكل كامل لرئيس الوزراء.‏<br />

ويحتاج أردوغان لتعزيز وضعه إلى اإلبقاء على عجلة التنمية جارية<br />

والبحث عن مصادر للدخل تعوض ما خسرته تركيا في العراق بسبب األزمة<br />

احلالية،‏ فمعدل النمو تراجع من نسبة ٪9 عام 2010 إلى نسبة ٪4 العام<br />

املاضي وهي نسبة معقولة لكن اإلقتصاد عامل مهم في تعزيز سلطة الرئيس.‏<br />

املرحلة القادمة ستطبع بطابع الرئيس إن في العاقة مع الواليات املتحدة<br />

أو أوروبا.‏ وبالنسبة لألخيرة يبدو أن تركيا تخلت عن حلمها اإلنضمام لإلحتاد<br />

األوروبي منذ فترة،‏ إما ألنها لم تعد بحاجة إليه أو أنها ال تريد حتمل مشاكله،‏<br />

وما تطمح إليه هو أن يكون وضعها مثل وضع النرويج كما صرح وزير شؤون<br />

اإلحتاد األوروبي أجنمان باغيس العام املاضي أي اإلستفادة من اتفاقيات<br />

التجارة احلرة ولك ليس عضوا كاما،‏ إن أخذنا بعني اإلعتبار املعارضة القائمة<br />

لعضوية تركيا.‏ فوز أردوغان يعني أنه سيكون في سدة احلكم هنا ملدة أطول<br />

خاصة أن الدستور يسمح له بالترشح بعد نهاية واليته التي تستمر خمسة<br />

أعوام،‏ وقد يظل حتى حتتفل تركيا باملئوية األولى على والدتها عام 1923.<br />

هذا إن ظل متمثا ملقولته التي قالها عندما انشق عن حزب الفضيلة ‏»لم<br />

أتغير ولكنني تطورت«.‏ وهذا التطور الدائم جاء رغما عن توقعات صحيفة<br />

‏»راديكال«‏ بعد سجنه عام 1998 بأنه لن يكون ‏»مختارا وال حتى على حارة«.‏<br />

كل هذا نتاج إميان من أردوغان بضرورة طرق األبواب واملثابرة،‏ فكما أخبر أول<br />

عضو نسائي في حركة أربكان سيبال أرصان:‏ ‏»سنحكم هذا البلد،‏ ومن أخرج<br />

يوسف من اجلب سيهبنا احلكم«.‏


Volume 26 - Issue 7839 Sunday 17 August 2014<br />

15 14<br />

السنة السادسة والعشرون العدد 7839 االحد 17 آب ‏)أغسطس(‏ 2014 21 شوال ‎1435‎ه<br />

تحقيقات<br />

تحقيقات<br />

جوع وتشريد وإبادة جماعية<br />

اإليزيديون يفرون من سيف داعش إلى جحيم جبل سنجار<br />

أعز الناس إلى قلبه كراعي الغنم داخيل الذي فر مع<br />

أسرته إلى اخاديد صخرية عند املراعي احمليطة بسنجار<br />

وأجبرته حالة الهستيرية التي يعيشها الفارون لترك<br />

ورائه والدته البالغة من العمر 95 عاما.‏ وقال ‏'تركت<br />

والدتي على اجلبل في كهف.‏ قالت لي،‏ أريد البقاء هنا.‏<br />

اجنوا بانفسكم'.‏ وخال األيام القليلة املاضية هبط<br />

داخيل وآالف معه من فوق اجلانب الغربي للجبل<br />

وعبروا سها إلى احلدود السورية وعادوا إلى إقليم<br />

كردستان العراق.‏ وقال مورال وهو رجل شرطة ‏'على<br />

اجلبل مات أكثر من 30 شخصا جوعا.‏ عاد بنا الزمن<br />

أكثر من مئة عام فوق اجلبل'‏ وروى كيف استبد اليأس<br />

برجل ما دفعه ليقتل نفسه وشقيقاته اخلمس هربا من<br />

املعاناة.‏ إلى ذلك،‏ نزح اآلالف من األكراد اإليزيديني<br />

إلى مخيم نوروز في بلدة عني ديوار الواقعة في ريف<br />

احلسكة شمال شرق سوريا.‏ وأكّ‏ د الكاتب والسياسي<br />

الكردي السوري املعارض عدنان بوزان األمني العام<br />

حلركة الشعب الكردستاني في سوريا ‏»ان تنظيم<br />

‏)داعش(‏ نفذ هجمات شرسة على مناطق عدّ‏ ة في إقليم<br />

كردستان العراق مثل سنجار وزمار التي تضم غالبيّ‏ ة<br />

كرديّ‏ ة من الطائفة اإليزيدية،‏ حيث أرتكب فيها أبشع<br />

اجلرائم بحقهم،‏ من خال نحر الرجال ( أي فصل<br />

الرأس عن اجلسد(‏ واختطاف نسائهم .« وأضاف ‏'ان<br />

مثل هذه اجلرائم ليست األولى من نوعها التي ترتكب<br />

بحق الطائفة اإليزيدية،‏ ففي عهد الفتوحات<br />

والغزوات اإلساميّ‏ ة تكررت مثل هذه األعمال وها نحن<br />

اليوم نرى السيناريو ذاته يتكرر مع هذه الطائفة مرة<br />

أخرى حتت راية اإلسام،‏ لكن في احلقيقة هدف تنظيم<br />

الدولة هو اخلراب والدمار وتهجير السكان من أماكنهم،‏<br />

متسائاً‏ ' أي شريعة وأي دين يقبل بنحر الرجال<br />

واختطاف النساء'.‏<br />

ويقول نبيل ياسني الذي أجرى دراسة واسعة عن<br />

تاريخ وثقافة االيزيديني في السبعينيات ل ‏'القدس<br />

العربي'‏ : ‏»إن ما يتعرض له اإليزيديون على يد داعش<br />

يعتبر إبادة جماعية وتكفيرا وهو أمر مخجل متاما«.‏<br />

ويضيف:‏ ‏'لكي نكون موضوعيني فان اإلسام لم يتعرض<br />

لهذه األقليات باإلبادة أو القتل . ان حماية االيزيديني<br />

ال تعني حماية الناس وأديانهم فحسب وإمنا حماية<br />

التراث اإلنساني الذي كانت األقليات الدينية جزءا<br />

اساسيا منه«.‏ ويتابع ياسني الذي قضى اربعة عشر<br />

يوما في قرى ايزيدية في ضواحي سنجار:‏ ‏»ان حماية<br />

التاريخ تقتضي حماية اجلغرافيا التي ترتبط بهذا<br />

التاريخ ولذلك فان عمليات تهجير االيزيديني ترتبط<br />

مبحاوالت إبادتهم ونقلهم من جغرافيتهم التاريخية<br />

وتطهيرهم دينيا وإنسانيا.‏<br />

انه من اخملزي ان يحدث اليوم ما يحدث<br />

لألقليات الدينية واملذهبية في عصر يفترض انه عصر<br />

الدميقراطية وحقوق اإلنسان.‏ هناك أكثر من خمسني<br />

الف إنسان ايزيدي محاصر على سفوح جبل سنجار<br />

وجتري عمليا إغاثتهم باملاء والطعام«.‏<br />

تظهر مبا ال تقبل الشك أن عصابات داعش قد أعدمت<br />

ما ال يقل عن 500 من اإليزيديني بعد دخولها سنجار«.‏<br />

وأضاف:‏ ‏»بعض الضحايا ومن ضمنهم نساء وأطفال<br />

دفنوا أحياء في مقابر جماعية متفرقة في منطقة سنجار<br />

وأطرافها«.‏<br />

وتناقلت وسائل اإلعام قصص مأساوية للنازحني<br />

الذين وصلوا الى دهوك هرباً‏ من بطش داعش منها<br />

فتيات ايزيديات القني بأنفسهن من فوق جبل سنجار<br />

جتنبا الختطافهن على أيدي اجلهاديني.‏ فيما روى<br />

صحافي انه شاهد الكاب تتغذى على جثث املوتى.‏<br />

اإليزيديات يبعن<br />

في أسواق النخاسة كسبايا<br />

وصف شهود عيان رؤية نساء يرمني بأنفسهن من<br />

فوق اجلبل لتجنب التعرض لاغتصاب وبيعهن كعبيد<br />

للجنس بعدما تناقلت مصادر عدة أن مسلحي داعش<br />

يقومون بعرض النساء اخملطوفات للبيع كسبايا<br />

بأسواق مدينة نينوى،‏ املأساة التي أكدها الهال األحمر<br />

العراقي.‏<br />

إلى ذلك،‏ أكد عضو مجلس مفوضية حقوق اإلنسان<br />

هيمن الباجان أن عدد النساء اخملتطفات في بعض<br />

املناطق وصل إلى أكثر من 500 وإنهن تبلغن أن اجلميات<br />

بينهن سيتم تزويجهن إلى أمراء داعش.‏ وقال شهود<br />

عيان إنه مت نقل األيزيديات من بلدتي زمار وسنجار،‏<br />

إلى تلعفر وبعاج،‏ ومت بيعهن ك«سبايا«‏ في أسواق<br />

أقيمت للنخاسة ‏»بيع الرقيق«‏ التي تعود جذورها إلى<br />

ما قبل التاريخ.‏<br />

وكان تنظيم ‏»داعش«،‏ قد افتتح الشهر<br />

املاضي،«مكتبا للزواج«‏ للنسوة اللواتي يرغنب في<br />

االقتران مبسلحيه في املناطق التي يسيطر عليها في<br />

سوريا والعراق،‏ حسبما أفاد ‏»املرصد السوري حلقوق<br />

اإلنسان«.‏ ونقل ‏»املرصد«‏ عن سكان الباب قولهم إن<br />

‏»داعش«‏ طلبت من الراغبات بالزواج إدراج أسمائهن<br />

وعناوينهن لديها،‏ ‏»لكي يتمكن املسلحون الراغبون<br />

بالزواج من طرق أبوابهن وطلب الزواج منهن رسميا«‏<br />

حسب وصفه.‏<br />

نبذة عن ثقافة وعقيدة اإليزيديين<br />

لطاملا عرف اإليزيديني،‏ الذين ينتشرون<br />

في مناطق متفرقة في شمال العراق وسوريا،‏<br />

وجنوب غربي تركيا،‏ بعدم رغبتهم في توضيح<br />

معتقداتهم لآلخر وبعزلتهم عن العالم،‏ بسبب<br />

متركزهم في املناطق اجلبلية.‏ ويقول استاذ<br />

الدراسات الشرقية في جامعة كوتنكن االملانية،‏<br />

الدكتور خليل جندي أن ما من دين جهله الناس<br />

واختلفوا في شأنه وظهوره ومعرفة اصله<br />

كالدين االيزيدي وذلك ألن هذه الطائفة متارس<br />

طقوسها بعيدا عن انظار الغرباء.‏<br />

وحول املزيد من التفاصيل عن هذه الطائفة<br />

وثقافتها اجرت ‏'القدس العربي'‏ حديث خاص<br />

مع الكاتب نبيل ياسني الذي قدم شرحاً‏ مفصاً‏<br />

عن هذه الثقافة وتاريخها.‏ وبحسب ياسني<br />

ان االيزيديني هم نتاج التاريخ الرافديني<br />

والبيئة العراقية.‏ ورغم انهم يسكنون باألصل<br />

حتت سفح جبل سنجار في قرى متناثرة غرب<br />

املوصل،‏ اال ان لهم وجود في شمال املوصل<br />

وجنوبه أيضا في بحزاني وبعشيقة وفي<br />

الشيخان حيث املرقد املقدس لهم،‏ وهو مرقد<br />

الشيخ عادي أو عدي بن مسافر في روايات<br />

أخرى.‏ ويقول ياسني أن الديانة اليزيدية قدمية<br />

ورغم انها أصا مانية مثنوية تقوم على اخلير<br />

والشر اال انها اختلطت عبر مراحل متعددة<br />

بديانات أخرى مثل اليهودية واملسيحية<br />

واإلسام حيث متارس هذه الطائفة اخلتان<br />

والتعميد وإشعال النيران على رؤوس اجلبال<br />

في الواحد والعشرين من نيسان/ابريل كل<br />

عام.‏ واجملتمع االيزيدي مكون من سبع طبقات<br />

دينية واجتماعية الميكن ان تتزواج فيما بينها<br />

واهمها طبقة االمراء وتليها طبقة القراء وهم<br />

شيوخ الدين.‏ كما انهم اليسمحون لشخص<br />

اجنبي،‏ اي غير ايزيدي بالزواج من نسائهم<br />

وكانت هناك حادثة قتل فتاة قبل سنتني النها<br />

احبت شخصا غير ايزيدي واردات الزواج منه.‏<br />

ويضيف ياسني:‏ ‏»لقد شهدت حني كنت اعد<br />

حتقيقا صحفيا واسعا عنهم في السبعينات<br />

نشر مصورا في مجلة ‏)الف باء ) العراقية<br />

االسبوعية،‏ الرمز املقدس لهم وهو)طاووس<br />

ملك(‏ وهو عبارة عن متثال لطائر يشبه الديك<br />

‏.وهوبحجم قبضة اليد.‏ ولم يكن مسموحا<br />

الحد غير يزيدي برؤيته.‏ وقد وافق شيخهم<br />

على حضور الطقس الديني دون السماح لنا<br />

بتصويره«.‏ واإليزيدية،‏ حسب ياسني،‏ الميكن<br />

اعتناقها.‏ فهي دين بالوالدة . وهي طائفة ال<br />

تعبد الشيطان كما يشاع،‏ بل هم يتجنبون ذكره<br />

خوفا منه باعتباره غاويا.‏<br />

‏»وقد رأيت بعض مصاحف إليزيديني اما<br />

في بعشيقة او بحزاني ، وهناك ختم شمع احمر<br />

على كلمة الشيطان حيثما وردت«.‏ وكثير من<br />

اسماء االيزيديني هي اسماء اسامية ‏.وهم<br />

اليعادون االديان االخرى رغم حمات القمع<br />

التي تعرضوا لها.‏ وقد طلبوا من الساطني<br />

العثمانيني عدة مرات اعفاءهم من اخلدمة في<br />

اجليش واملشاركة في حروب االمبراطورية<br />

العثمانية وقد استجيب لطلبهم فيما بعد.‏<br />

ولايزيديني كتابهم املقدس واسمه الكتاب<br />

االسود.‏ كما يؤمن اإليزيديون أن ‏»الشيخ<br />

عدي بن مسافر«‏ تلقى وحيا من السماء،‏ وأنهم<br />

شعب اختاره الله،‏ ويعتبر مرقده الكائن في<br />

منطقة ‏»شيخان«‏ مكانا مقدسا،‏ حيث يوجد<br />

معبد ‏»اللش«،‏ الذي يحج إليه اإليزيديون من<br />

العراق،‏ ومن جميع أنحاء العالم.‏ وال توجد<br />

إحصائيات رسمية بعدد االيزيديني في العراق،‏<br />

لكن تقديرات ترجح ان عددهم ال يتجاوز 600<br />

ألف نسمة.‏<br />

ذبح وإبادة جماعية وتخيير بين<br />

إعتناق اإلسالم أو الموت<br />

لندن - ‏»القدس العربي«:‏<br />

ريما شري<br />

الطائفة اإليزيدية أصبحت حتت دائرة الضوء.‏ من<br />

هم اإليزيديون؟ هل يعبدون إلها واحدا؟ من هو ‏»امللك<br />

طاووس«‏ الذي يقدسونه؟ وما قصة معبد اللش ورمز<br />

الشمس على أضرحتهم؟ هل يغتسلون قبل الصاة؟<br />

وهل هم،‏ فعا،‏ ‏»عبدة الشيطان«؟ فجأة،‏ دخلت هذه<br />

األسئلة وغيرها بؤرة اإلهتمام الدولي والعربي بعد<br />

سيطرة مسلحي ما يسمى بتنظيم الدولة اإلسامية<br />

على معقل االيزيديني في مدينة سنجار شمال غرب<br />

العراق وإرغمت مئات اآلالف من السكان على مغادرة<br />

منازلهم واللجوء إلى جبل سنجار.‏ وهناك،‏ على جبل<br />

معزول حتاصره داعش من جميع اجلهات وحيث<br />

يحاول العالقون التسلل ببطء من اجلهة الشمالية<br />

للجبل،‏ يستغيث املواطن االيزيدي خلف حجي صارخا:‏<br />

‏»املسلحون سيفتكون بنا جميعا با رحمة«.‏ ولكن هل<br />

من يسمع إستغاثة حجي واجلميع مشغول في البحث<br />

عن هذه الديانة اإليزيدية ‏»الغامضة«‏ واألساطير التي<br />

حتكى عنها.‏ هنا محاولة لتسليط الضوء على معاناة<br />

االيزيدي ‏»اإلنسان«‏ من تشريد وترويع وتهميش على<br />

يد مسلحي داعش مع نبذة عن هذه الطائفة.‏<br />

جبل سنجار:‏ كارثة إنسانية<br />

ومساعدات ‏»تهطل من السماء«‏<br />

يحاصر مقاتلو ما يعرف بتنظيم ‏»الدولة<br />

اإلسامية«‏ منذ نحو أكثر من 16 يوماً‏ اآلالف من اإليزيديني<br />

في جبل سنجار،‏ بعد أن جلأوا إليه جراء اقتحام عناصر<br />

التنظيم قضاء سنجار.‏ يحاول اإليزيديون العالقون<br />

هناك ان يستقلوا الطائرات هربا من زحف املسلحني في<br />

حني يجهد آخرون إللتقاط أغذية وماء وإمدادات طبية<br />

تسقطها طائرات أمريكية وبريطانية من اجلو.‏ وتعليقا<br />

على احلالة املأساوية التي تسود املشردين خال<br />

محاولتهم الصعود إلى الطائرة قال موظف اإلغاثة<br />

االيزيدي ميرزا ديناي في تصريحات صحافية:‏ ‏»ميكنك<br />

أن تتخيل عندما تهبط وسط نحو خمسة آالف شخص<br />

وال ميكنك أن تقل إال ما بني عشرة وعشرين شخصا،‏<br />

واجلميع يحاول ان يستقل الطائرة.«‏ وبعد أن تفاقمت<br />

أزمة االيزيديني العالقني في اجلبل،‏ وصلت بعثة تقييم<br />

ميدانية أمريكية إلى سنجار لتقييم احلالة اإلنسانية<br />

للفاريني.‏ إال أن وزارة الدفاع األمريكية إستبعدت القيام<br />

بأي عملية إخاء بعدما تبني للبعثة أن أعداد النازحني<br />

وظروفهم أفضل مما كان متوقعاً‏ . ولكن األستاذ اجلامعي<br />

األيزيدي في العراق سالم حسن يقول ل ‏'القدس العربي'‏<br />

أن أبرز املشاكل التي مازال اإليزيديون يعانون منها<br />

حتى اآلن هي فقدان األمل بنجاتهم بسبب تأخر وصول<br />

اإلغاثة واملعونات باإلضافة إلى إرتفاع درجات احلرارة<br />

وعدم توفر املياه.‏ ويضيف:‏ ‏'دفن الكثير من األشخاص<br />

ابناءهم بني األحجار لعدم استطاعتهم حتمل هذه<br />

الظروف الصعبة.«‏<br />

قصص مأساوية يخلفها<br />

النزوح واألهوال تالحق الناجين<br />

تقدُ‏ م مسلحي داعش في شمال العراق أجبر آالف<br />

األشخاص من االيزيديني إلى النزوح نحو مناطق<br />

أخرى وخاصة كردستان العراق التي شهدت حدودها<br />

تدفق املئات من العائات.‏ منهم من حمل أطفاله على<br />

كتفه متحدياً‏ حرارة الشمس القائظة،‏ مسعفاً‏ نفسه<br />

وعائلته بكميات قليلة من الغذاء واملياه يلتهموها كلما<br />

نفذ صبرهم على حتمل اجلوع والعطش.‏ ومنهم من<br />

عبر احلدود وترك ورائه بيته،‏ وقريته وأمتعته وحتى<br />

خال ساعة واحدة من بعد ظهر يوم اجلمعة ذُ‏ بح<br />

80 ايزيدي وخطفت نسائهم على يد مسلحي داعش<br />

الذين وصلوا في مركبات إلى قرية بشمال العراق وقتلوا<br />

عشرات االيزيديني بعد أن خيروهم ما بني إعتناق<br />

اإلسام أو القتل.‏ وقال أحد سكان قرية قريبة للنائب<br />

االيزيدي محما خليل:‏ ‏'إن الدولة اإلسامية قضت خمسة<br />

أيام حتاول إقناع القرويني باعتناق اإلسام.‏ بعد ذلك مت<br />

جمع الرجال وقتلوا بالرصاص'.‏ وبحسب ميسر حجي<br />

صالح قائمقام قضاء سنجار مبحافظة نينوى شمالي<br />

العراق وضع داعش نحو أربعة آالف عائلة إيزيدية أمام<br />

خيارين إما اإلسام أو القتل.‏<br />

وقال كريستوف هينز مقرر األمم املتحدة اخلاص<br />

واملعني بحاالت اإلعدام خارج سلطة القضاء إن املنظمة<br />

الدولية تلقت تقارير تفيد بأن مقاتلي الدولة اإلسامية<br />

يطاردون أفراد األقليات ويأمرونهم باعتناق اإلسام أو<br />

املوت.‏<br />

ومنذ استولى مسلحو داعش على سنجار شُ‏ رد نحو<br />

700 ألف إيزيدي قتل منهم 500 على األقل خال الهجوم<br />

الذي شنه التنظيم شمال الباد.‏ وقال الوزير محمد<br />

شياع السوداني أن املسلحني دفنوا بعض الضحايا<br />

أحياء،‏ مبن في ذلك عدد من النساء واألطفال وأسروا<br />

300 امرأة .<br />

وقال:‏ ‏»لدينا أدلة قاطعة حصلنا عليها من<br />

اإليزيديني الناجني من املوت وكذلك صور ملواقع اجلرائم


Volume 26 - Issue 7839 Sunday 17 August 2014<br />

17 16<br />

السنة السادسة والعشرون العدد 7839 االحد 17 آب ‏)أغسطس(‏ 2014 21 شوال ‎1435‎ه<br />

حوار<br />

حوار<br />

○ كيف تفسرون تصاعد نفوذ احلركات اإلسالمية<br />

اجلهادية في املنطقة؟<br />

• في البداية ال بد من التطرق إلى تاريخ نشأة<br />

احلركات اإلسامية.‏ فهذه احلركات اإلساموية في<br />

العالم العربي والتي صارت اليوم متكاثرة وأخذت منهج<br />

عنف كبير،‏ كانت موجودة منذ السبعينيات.‏ ولو أردنا<br />

تصفح التاريخ سنجد أن جذور هذه احلركات تعود إلى<br />

أواخر القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين.‏<br />

حركة اإلخوان املسلمني مثا تكونت سنة 1928 كحركة<br />

إصاحية لتعبئة الناس،‏ ثم تطورت،‏ وأتت الحقا الثورة<br />

االيرانية - ولو أن لها مسحة شيعية - وأثرت على<br />

احلركات اإلسامية في كل العالم االسامي.‏ ال يجب<br />

أن ننسى أن بناء اجلمهورية اإلسامية مت في بلد غير<br />

عربي وهو ايران..‏ وحركة طالبان نشأت في بلد غير<br />

عربي،‏ وحتى االساميون قبل طالبان الذين ‏»جاهدوا«‏<br />

ضد االحتاد السوفييتي هم إساميون أيضا و«جاهدوا«‏<br />

باسم اإلسام في بلد غير عربي هو افغانستان.‏<br />

ووجدت حركات إسامية فيما بعد في اندونيسيا،‏ لعلها<br />

ضعفت اآلن.‏ بحيث أن احلركات املسلحة واملسيسة<br />

باسم اإلسام وجدت في الرقعة اإلسامية وليس في<br />

الباد العربية التي كانت الفكرة القومية الوحدوية<br />

هي املسيطرة فيها خصوصا لدى املثقفني.‏ فالفكرة<br />

اإلسامية املسيسة قويت واقتحمت الرقعة العربية في<br />

الثمانينيات وقد لعبت العناصر من أصل عربي العائدة<br />

من أفغانستان دورا كبيرا في ترويج الفكر اإلسامي.‏<br />

وفي تونس،‏ فكر اإلسام السياسي،‏ موجود منذ أوائل<br />

السبعينيات ولكنه قوي بعد الثورة اإلسامية في إيران<br />

التي أخذت تلعب دورا بارزا في الثمانينيات.‏ وكذلك في<br />

اجلزائر حيث قامت ‏»ثورة حقيقية«‏ من قبل اإلساميني<br />

ضد الدولة اجلزائرية لترسيخ الدولة اإلسامية وكانت<br />

حصيلتها حربا أهلية دامت عشر سنوات.‏ ورغم أن<br />

المؤرخ والمفكر التونسي هشام جعيط ل ‏»القدس العربي«:‏<br />

اخفقت الثورات العربية اليوم لكن ذلك<br />

ال يعني أنها لن تنجح..‏ لقد زرعت بذورا للمستقبل<br />

تونس - ‏»القدس العربي«:‏ روعة قاسم<br />

اعتبر املفكر واملؤرخ التونسي هشام جعيط أن انفتاح العالم بشكل كبير ساهم في<br />

سهولة تهريب السالح ونقل األفكار املتطرفة،‏ وأوضح أيضا في حوار مع ‏»القدس العربي«‏<br />

أن العالم اإلسالمي في مخاض تاريخي ويشهد زلزاال داخليا قويا ألن هناك أزمة قوية<br />

في األنفس والواقع االجتماعي،‏ مشيرا إلى أن اتساع رقعة الفقر لدى عديد الشرائح في<br />

اجملتمعات العربية ساهم أكثر في انضمام الشباب للتيارات اجلهادية.‏ وأضاف أن أوروبا<br />

في حالة انحطاط سياسي واقتصادي.‏<br />

ويعد هشام جعيط من أبرز املفكرين التونسيني والعرب،‏ وقد تخصص في التاريخ<br />

اإلسالمي ونشر العديد من األعمال سواء في العالم العربي أو أوروبا.‏ وهو أستاذ زائر<br />

في كل من جامعة مونتريال في كندا وجامعة كاليفورنيا في الواليات املتحدة األمريكية،‏<br />

باإلضافة إلى معهد فرنسا.‏ ويتولى منذ شباط ‏/فبراير‎2012‎ رئاسة مجمع بيت احلكمة<br />

في تونس.‏<br />

التيارات اإلساموية الراديكالية هي املسيطرة لكن<br />

هناك تيارات إساموية معتدلة لكن ليست هي األقوى.‏<br />

○ وأين توجد هذه التيارات بالتحديد؟<br />

• توجد في املغرب وفي اجلزائر،‏ وهي ضعيفة<br />

وتتعامل مع السلطة،‏ وموجودة أيضا في تونس مع<br />

حركة النهضة،‏ كما أن حركة اإلخوان املسلمني في مصر<br />

ميكن تصنيفها حركة سياسية معترفا بها زمن مبارك،‏<br />

إلى حد ما واليوم تغير الوضع.‏<br />

○ هل برأيك حلركة النهضة في تونس عالقة ما<br />

بالتنظيمات التكفيرية مثلما يتم الترويج له؟<br />

• ال.‏ لكن بعض هذه احلركات مثل حركة ‏»أبو<br />

عياض«‏ السلفية ‏)تنظيم أنصار الشريعة(‏ كانت لها<br />

عاقة مع النهضة إمنا ليست قوية.‏ النهضة مسيسة أكثر<br />

وليست بحركة جهادية خصوصا بعد الثورة.‏<br />

اآلن بعد احلرب ضد أفغانستان وما حصل في<br />

العراق من إسقاط لنظام صدام حسني وبعض فترة<br />

الربيع العربي،‏ ميكن القول بأن احلركات اجلهادية<br />

قويت في كل مكان حتى في أوروبا وتغلغلت في صفوف<br />

الشباب وعديد الشرائح وصارت حركات مسلحة...‏<br />

احلركات اجلهادية ازدادت قوة بعد ما سمي بالربيع<br />

العربي أي الثورات التي أسقطت النظم الديكتاتورية<br />

التي كانت نظما متشددة على احلركات االسامية حفاظا<br />

على ذاتها وعلى وجودها.‏<br />

○ إضافة إلى موجة ‏»الربيع العربي«‏ التي ذكرتها،‏<br />

ماهي األسباب األخرى لتصاعد خطر هذه احلركات<br />

اجلهادية؟<br />

• ثمة أسباب عميقة قدمية ومن بينها أن قسما<br />

من املسلمني أو العرب صاروا يعتبرون أن اللجوء الى<br />

اإلسام املتشدد هو الوسيلة الوحيدة إليقاظ العالم<br />

اإلسامي ولتوحيده من جديد،‏ ومن هنا انطلقت فكرة<br />

اخلافة.‏ فهذه احلركات تسعى إلى تكوين قوة عاملية<br />

باإلمكانات الموجودة.‏ ليس هناك خطر على تونس من اإلرهاب<br />

تضاهي القوة الغربية وهي أيضا حركات مضادة للغرب<br />

ألسباب متعددة منها االستعمار القدمي،‏ مشكلة فلسطني،‏<br />

هيمنة العالم الغربي على االنظمة العربية وعلى<br />

اجملتمعات العربية اإلسامية،‏ وتوغل األفكار الغربية..‏<br />

هناك نوع من الرجوع إلى االصول لهذا سميت باحلركات<br />

االصولية.‏<br />

كما أنه وعلى الرغم من دخول البلدان اإلسامية في<br />

احلداثة بقيت جماهيرها متشددة أو باألحرى متمسكة<br />

بالفهم املنغلق للدين.‏ فبعد خروج اإلستعمار القدمي<br />

من البلدان العربية واإلسامية منذ منتصف القرن<br />

العشرين لم تتغلغل األفكار التحديثية كثيرا في البلدان<br />

العربية واإلسامية،‏ وبقي املستوى الثقافي متدنيا ألننا<br />

عانينا قرونا من االبتعاد عما كل ما يجري في العالم.‏ لم<br />

تنهض الدول العربية بكفاية وهذا له أسباب تاريخية<br />

تعود إلى القرن السابع عشر حني كان العالم اإلسامي<br />

في حالة ضعف.‏<br />

كما أن هناك بلدانا مثل السعودية،‏ ورغم أن أنظمتها<br />

تقاوم التيارات اجلهادية خوفا من أن تطيح بها،‏ إال أنها<br />

اعتمدت في البدء على اإلسام باعتباره القوة األساسية<br />

القادرة على النهوض بهذا العالم.‏ كما أن عاملنا يشهد<br />

اتساعا كبيرا لرقعة الفقر لدى عديد الشرائح وهذه<br />

البيئة املهمشة تسمح أكثر بإنضمام الشباب للتيارات<br />

اجلهادية.‏<br />

○ ماهي األسباب التي جتعل القاعدة وداعش<br />

الجهاديون ليست لديهم أي معرفة<br />

باإلسالم ويفتقدون لروح الدين<br />

وأخواتها تستقطب العديد من الشباب؟ وهل في اعتقادكم<br />

أن هذه احلركات اجلهادية ميكن أن تعزز نفوذها في املنطقة<br />

مستقبال بسبب الوضع األمني املتردي؟<br />

• هناك تخوف كبير من احلركات اإلسامية مبالغ<br />

فيه نوعا ما.‏ العالم اإلسامي في مخاض تاريخي طبيعي<br />

يعرف زلزاال داخليا قويا،‏ هناك أزمة قوية في األنفس<br />

والواقع االجتماعي،‏ والعالم اإلسامي منشطر وقسم<br />

منه متغرب،‏ وهناك قلة متتلك زمام السلطة العلمية<br />

والفكرية واالقتصادية.‏ لو نظرنا إلى التطور التاريخي<br />

في العالم سنرى أن هناك فترات،‏ باخلصوص في العصر<br />

احلديث ‏-تطرقت إليها في كتبي-‏ تقع فيها أزمات قوية<br />

جدا،‏ على غرار ما حصل في فرنسا في أواخر القرن<br />

الثامن عشر من ثورات وحروب دامت في أوروبا ألكثر<br />

من عشرين سنة.‏ فالثورة الفرنسية لم تتوقف وبقيت<br />

قائمة في هذا البلد إلى حدود أواخر القرن التاسع<br />

عشر،‏ وجدت باستمرار ثورات أطاحت بامللوك طوال<br />

القرن التاسع عشر،‏ وعند وقوع احلرب العاملية األولى<br />

سنة 1914 لم تكن هناك جمهوريات في أوروبا املتقدمة<br />

صناعيا وعلميا باستثناء فرنسا.‏ كانت امللوكيات قائمة<br />

الذات وحرب 1914 كانت مجزرة أطاحت بأوروبا كمركز<br />

للعالم،‏ القارة العجوز تفجرت بعد حرب 1914 ومتت<br />

اإلطاحة باالمبراطوريات.‏ وما يحصل اليوم في العالم<br />

العربي و اإلسامي هو نوع من االضطراب القوي لم<br />

تقم به الدول وإمنا قامت به اجملتمعات وعناصر باسم<br />

اإلسام وجدت في الدين شيئا ميكن االرتكاز عليه لذلك<br />

هي تستقطب الشباب.‏<br />

○ قلت أنه ال يجب اخلوف من احلركات اإلسالمية<br />

اجلهادية فكيف ذلك؟<br />

• في تونس مثا أرى أن اإلعام والساسة<br />

يرتعدون أمام هذه احلركات رغم أنها ضعيفة..‏<br />

○ لكن خطرها لم يكن قائما في عهد بن علي؟<br />

• ألن بن علي كان يقمعها قمعا شديدا وقمع كل<br />

الناس معها.‏ وفي اجلزائر حصل أيضا قمع شديد لكن<br />

القوى اإلسامية كانت قوية.‏<br />

○ هل تتوقعون أن ينجح ما يسمى ‏»داعش«‏ أو<br />

الدولة اإلسالمية في التمدد في لبنان وسوريا ومناطق<br />

أخرى؟<br />

• داعش معطى جديد..املئات في سوريا يريدون<br />

اجلهاد..فالشباب في العالم العربي وحتى في إفريقيا<br />

يائس ومخترق من قبل صور خابة من الغرب ويعتقد<br />

أن الغرب هو اجلنة.‏ هناك من يختار الهجرة إلى هذا<br />

الغرب،‏ وقد مات الكثير من الشباب في املتوسط،‏<br />

وهناك من يختار اجلهاد واحلرب على الغرب.‏ من<br />

ناحية أخرى،‏ العالم العربي واإلسامي ضعيف ثقافيا،‏<br />

ولم تصل احلضارة إلى اجملتمعات اإلسامية باملعنى<br />

املادي واملعنوي إال ابتداء من 1900، فالعقول فارغة<br />

والنخب ال تفكر إال في العمل السياسي.‏ أذكر وأنا في<br />

السادسة عشرة من عمري في عام 1950 كانت أحاديث<br />

العامة وحتى املثقفني تتركز على الطبقة احلاكمة وعائلة<br />

بورقيبة.‏ هناك تراكم للفراغ الفكري وهؤالء اإلساميون<br />

اجلهاديون ليست لديهم أي معرفة بالدين وال بروحه.‏<br />

حينما نتكلم عن احلركات اإلسامية اجلهادية<br />

يجب أن نذكر أن العالم أصبح مرتبطا بقوة لم توجد<br />

أبدا في السابق،‏ إذ تأتي األسلحة من كل جانب..‏ هناك<br />

أوروبيون يجاهدون في سوريا،‏ العوملة ليست مسألة<br />

مالية واقتصادية فقط،‏ بل هي حالة عامة توحد العالم.‏<br />

وهذا ما يفسر انتشار الساح واألفكار املتطرفة بقوة.‏<br />

○ هل تقترحون استراتيجية فكرية وثقافية للقضاء<br />

على اإلرهاب أو وقف متدده؟<br />

• ال..هذا األمر غير ممكن ألنه يتطلب مشروعا<br />

ثقافيا ال بد له من أن ميتد على كامل التراب اإلسامي<br />

والعربي ويأخذ وقتا طويا حوالي نصف قرن..‏ ال ميكن<br />

بني عشية وضحاها أن يغير املد الثقافي الواقع املوجود.‏<br />

وأخشى ما أخشاه أن تتمكن هذه القوى املتطرفة من<br />

السيطرة على األمور ألنها تتمدد.‏<br />

○ إذن ما السبيل للقضاء على اإلرهاب؟<br />

• ال ميكن القضاء عليه بشكل كلي،‏ وفيما يخص<br />

تونس أعتقد ان احلل عسكري بالدرجة األولى فا بد<br />

من تقوية اجليش.‏ اإلرهابيون في تونس هم تونسيون<br />

وهناك بعض اجلزائريني وخطرهم يكمن في احلدود<br />

فقط.‏<br />

○ لكن هناك خشية من أن ينتقلوا الى الداخل؟<br />

• باالمكانات املتوفرة في تونس ليس هناك خطر<br />

على البلد.‏<br />

○ لكن هناك خشية لدى البعض من أن تتحول ليبيا<br />

إلى وكر لإلرهاب ميكن أن ميتد إلى دول اجلوار؟<br />

• في ليبيا هناك مليشيات تقاتل بعضها البعض<br />

وليس لها مصالح في تونس.‏ لذلك ال خوف من نقل<br />

العنف إلى بادنا.‏<br />

○ البعض يعتبر أن هناك جهات أجنبية تقف وراء<br />

صعود هذه التنظيمات إلحداث فوضى خالقة تؤدي إلى<br />

مزيد من التقسيم،‏ ما رأيكم في هذا ‏»الطرح«؟<br />

• ال اعتقد ذلك..‏ فهناك مركب اضطهاد لدى البعض<br />

مفاده أن أمريكا تسير األمور وهذا يعود إلى نقص في<br />

فهم السياسة اخلارجية االمريكية.‏<br />

صحيح أن العالم الغربي منصرف متاما إلى مساندة<br />

اسرائيل أكثر فأكثر ولكن فيما يخص الواليات املتحدة<br />

فقد تبني أن جهازها التنفيذي له دبلوماسية ضعيفة<br />

ومتململة ولم يكن قادرا على أي شيء في خصوص<br />

إسرائيل.‏ ما لم يفهمه العرب واملسلون أن العالم الغربي<br />

متجه إلى اإلنحطاط.‏<br />

○ كيف ذلك؟<br />

• أوروبا اليوم غير قادرة على بلورة سياسة<br />

خارجية،‏ غير قادرة على التأثير في تسيير أمورها.‏<br />

غير قادرة على التحرر من البنوك األمريكية.‏ األزمة<br />

االقتصادية سنة 2008 كشفت إلى أي حد باتت معه<br />

البنوك االوروبية تابعة متاما ألمريكا،‏ ولم يحصل هذا<br />

مع الصني وروسيا.‏ عندما ذهب الفرنسيون بقيادة<br />

ساركوزي ومعهم بعض اإليطاليني والبريطانيني<br />

إلى ليبيا وقاموا مبا قاموا به لم يكونوا قادرين على<br />

التغلب على القذافي لوال األمريكان.‏ بالطبع اإلنحطاط<br />

ال يحدث بني عشية وضحاها إمنا هو طويل األمد،‏ لكن<br />

من الواضح أن أوروبا اآلن في حالة ضعف شديد ليس<br />

فقط من الناحية الدبلوماسية لكن أيضا من الناحية<br />

االقتصادية.‏<br />

إن ما حصل في اوكرانيا يقيم الدليل على وهن<br />

أوروبا،‏ كما أظهرت واشنطن ضعفا أمام االرادة الروسية<br />

في تلك البقعة.‏ كما أن روسيا انتصرت على أمريكا فيما<br />

يتعلق بامللف السوري.‏<br />

كثيرون يعتبرون أن دعم روسيا لنظام األسد<br />

يتعلق مبصاحلها في املنطقة لكن املسألة أبعد من ذلك<br />

بكثير.‏ روسيا اليوم في حالة نهوض من جديد،‏ وعندما<br />

سقط االحتاد السوفييتي عوض أن يشجعه الغربيون<br />

واألمريكان على النهوض أرادوا تدمير روسيا وحتويلها<br />

الى بلد متخلف.‏ لكن هذا األمر لم يكن ليقبل به أبناء هذا<br />

البلد قادة وشعوبا ألن روسيا متتلك حضارة عظيمة،‏<br />

وعادت مع بوتني إلى سالف عهدها.‏<br />

لقد تعرض بوتني للغدر من الغربيني في خصوص<br />

ليبيا،‏ لذلك فان روسيا التي تريد أن تسترجع نفسها<br />

كقوة عاملية،‏ أرادت أن تعوض ما خسرته في ليبيا في<br />

سوريا،‏ وعدم استشارتها في امللف االوكراني سيزيد من<br />

شراستها في امللف السوري.‏ يجب ان يعي الغربيون ان<br />

روسيا في حالة صعود ولديها امكانيات كبيرة.‏<br />

○ في رأيكم ملاذا أخفقت الثورات في سوريا واليمن<br />

وليبيا؟<br />

• أخفقت اليوم،‏ لكن ذلك ال يعني أنها لن تنجح في<br />

املستقبل.‏ لقد زرعت بذورا للمستقبل.‏<br />

○ رغم احلروب األهلية وكل هذا الدمار هل هناك أمل<br />

في جناح ‏»الربيع العربي«؟<br />

• من الصعب ان نتوقع ما سيحصل في املستقبل<br />

في سوريا والعراق.‏ لكن رغم ذلك ال أعتقد أن داعش<br />

ستنجح في العراق،‏ ولن تصل إلى تشكيل دولة تضم<br />

البلدين.‏<br />

○ في رأيكم هل الثورة التونسية تشكل استثناء؟ وهل<br />

هناك ‏»ربيع عربي«‏ حقيقي؟<br />

• نعم هناك ربيع عربي،‏ أسميها ثورات أطاحت<br />

بالديكتاتوريات وهو طور ضروري وسيأتي طور ثان<br />

يخلق تطاحنات وأمورا من هذا القبيل.‏ الثورة في تونس<br />

ليست استثناء لكن التونسيني بطبيعتهم ال مييلون<br />

الى العنف.‏ لقد شهدت تونس ‏»حربا أهلية كامية«‏ بني<br />

اليسار والنهضة،‏ بني احلداثيني والنهضة خوفا على<br />

منط احلياة،‏ ورغم الصراع الذي جرى في تونس متكن<br />

ساسة هذا البلد من إصدار دستور توافقي ممتاز.‏ ويبدو<br />

أن الترويكا،‏ أو الثالوث ‏»املكروه«‏ قد تدربت على احلكم.‏<br />

○ كيف ترون املشهد الثقافي والفكري اليوم وما هو<br />

دور املثقف في إحداث نهضة فكرية في خضم األحداث<br />

التي تشهدها املنطقة؟<br />

• ليس لدينا مثقف مبعنى املفكر احلقيقي.‏ وفي<br />

تونس صحيح أن لدينا ثقافة عامة لكن حتى االكادمييون<br />

لديهم عقلية املوظف.‏ لكن انفتاح التونسيني على اخلارج<br />

وامتاك هؤالء األكادمييني لقدر معني من العلم جعلهم ال<br />

يستسيغون سياسة بن علي الغبية،‏ كما وقع ارتفاع في<br />

مستوى الوعي من قبل جمهور واسع من التونسيني<br />

وهذا طور ضروري لتطور الباد.‏<br />

الذين قاموا بالثورة في تونس هم أناس غضبوا من<br />

سبل العيش في ظل ديكتاتورية غبية،‏ أما الساسة الذين<br />

حكموا فيما بعد،‏ على غرار املرزوقي وحركة النهضة،‏<br />

فإنهم لم يشاركوا في الثورة،‏ ومن الواضح أن كل طرف<br />

من هؤالء حاول اجمليء بإيديولوجيته،‏ على غرار حركة<br />

النهضة التي أرادت فرضها لكنها فشلت وأدركت أنه<br />

يستحيل عليها القيام بذلك.‏<br />

○ إلى أين تسير األمور في مصر؟<br />

• السيسي يسير على منوذج بينوشيه،‏ فهو يريد<br />

السلطة ال أكثر وال أقل،‏ وانتخاب املصريني لإلخوان<br />

املسلمني في البداية يعد أيضا خطأ وقلة إدراك.‏<br />

○ هل تعتقد أن اإلخوان في مصر يحصدون اليوم<br />

نتيجة فشلهم في احلكم؟<br />

• هم حكموا مدة قصيرة جدا،‏ لكن لم يقع تغيير<br />

مثلما يريد الشعب.‏ هم أصا لم يشاركوا في الثورة<br />

املصرية.‏<br />

○ في اعتقادكم هل ما تزال الشعوب العربية ملتزمة<br />

بقضيتها األم..فلسطني؟<br />

• على االطاق..لم تعد الشعوب العربية مهتمة<br />

بالقضية األم.‏ وعلى الفلسطينيني أن يحلوا أمورهم<br />

مبفردهم.‏ في غزة هم شبه أموات واليوم هناك كارثة<br />

إنسانية،‏ وأعتقد،‏ شخصيا أن ما قامت به حماس في<br />

عملها املقاوم هو أمر جيد.‏<br />

○ هل هناك معادلة جديدة في األفق؟<br />

• ال لم يتغير شيء واملعادلة ستبقى على حالها<br />

إال إذا قام الفلسطينيون كلهم وليس فقط غزة،‏ بحرب<br />

حقيقية.‏ حتى اآلن لم تقم حرب حقيقية،‏ رمبا بسبب<br />

نقص الساح ألن الشعوب العربية لم تساعدهم.‏ على<br />

الشعب الفلسطيني أن يخوض حربا حقيقية ويصيب<br />

عدوه باخلوف ويقتل الكثير من عناصره لكي تتغير<br />

املعادلة.‏<br />

○ لو حتدثنا عن آخر اجنازاتكم الفكرية وهل أثر<br />

تفرغكم إلدارة بيت احلكمة على إنتاجكم؟<br />

• أنا أحلم برفع املستوى الفكري والثقافي والعلمي<br />

على املدى الطويل من خال بيت احلكمة.‏ لكن عملي في<br />

هذا الصرح العلمي أثر على مستوى إنتاجي الفكري،‏ لقد<br />

كنت أشتهي كتابة منتوج فلسفي فكري لكن لم يسمح لي<br />

الوقت بذلك.‏<br />

النهضة فهمت أنه من غير الممكن<br />

فرض ايديولوجيتها على التونسيين


Volume 26 - Issue 7839 Sunday 17 August 2014<br />

19 18<br />

السنة السادسة والعشرون العدد 7839 االحد 17 آب ‏)أغسطس(‏ 2014 21 شوال ‎1435‎ه<br />

كتب<br />

كتب<br />

الحضارة اإلنسانية وتراث نصّ‏<br />

الشعر العربي<br />

في ظني أن األدب العربي ينتمي إلى مجموعة<br />

اآلداب القدمية:‏ اليونانية والاتينية بل واملصرية<br />

القدمية والصينية والهندية.‏ وأعني باألدب العربي هذا<br />

التراث األدبي الذي حفظه لنا الرواة واملؤلفون وأبدعه<br />

اللسان العربي بني القرنني اخلامس والثالث عشر<br />

املياديني.‏ وقد حتلّ‏ هذه النظرة كثيراً‏ من املشكات،‏<br />

فعلى الذين يهاجمون النظم في الشعر العربي أن يذكروا<br />

هزيود وكتابه ‏»األعمال واأليام«‏ الذي هو مفكرة راعٍ‏<br />

أليام احلرث والبذار،‏ وعلى الذين يشجبون ألفية بن<br />

مالك أن يذكروا أن اليونان كانوا ينظمون معظم معارفهم<br />

شعراً‏ حتى اجلغرافيا والفلك،‏ ألن النثر لم يكن قد استقل<br />

بعد بعامله ومامحه الفنية.‏ وليذكروا هوراس وكتابه<br />

‏»فن الشعر«‏ في الباغة.‏ وعلى الذين ينعون على األدب<br />

العربي افتقاده فن الرواية احلديثة أن يذكروا انها لم<br />

تنشأ إال في القرن الثامن عشر.‏ إن األدب العربي إذن هو<br />

أحد اآلداب الكاسيكية الكبرى،‏ فيه طابعها وله عاملها،‏<br />

رائد<br />

شعرية التفاصيل<br />

في أواخر خمسينيات القرن املاضي،‏ لم يكن مألوفاً‏ أن تشهد البالغة العربية نصّ‏ اً‏ شعرياً‏ يهبط باللغة<br />

إلى مستويات ‏»عامية«‏ و«يومية«،‏ مثل هذه:‏ ‏»يا صاحبي،‏ إني حزين/‏ طلعَ‏ الصباحُ‏ ، فما ابتسمتُ‏ ، ولم<br />

يُ‏ نر وجهي الصباح/‏ وخرجتُ‏ من جوف املدينة أطلب الرزق املتاح/‏ وغمستُ‏ في ماء القناعة خبزَ‏ أيامي<br />

الكَ‏ فاف/‏ ورجعتُ‏ بعد الظهر في جيبي قروشْ‏ / فشربت شاياً‏ في الطريق/‏ ورتقت نعلي«.‏<br />

ولسوف مترّ‏ عقود قبل أن يستقرّ‏ في الذائقة العربية أنّ‏ صاحب هذا النصّ‏ ، الشاعر املصري الراحل<br />

صالح عبد الصبور )1931 1981( كان يستكشف سمة جمالية سوف تصبح امتيازاً‏ لكثير من جتارب<br />

الشعر العربي الالحقة،‏ الشابة بصفة خاصة،‏ في شكل قصيدة النثر حتديداً‏ ؛ أي:‏ شعرية التفاصيل،‏<br />

ملتقَ‏ طة ضمن لغة الهوامش واحلياة اليومية.‏<br />

واحلال أنّ‏ عبد الصبّ‏ ور لم يكن شاعراً‏ رائداً‏ في الشكل الذي سيحمل تسمية ‏»الشعر احلرّ‏ «، أو ‏»شعر<br />

التفعيلة«،‏ على نطاق مصر وحدها؛ بل كان،‏ أيضاً‏ ، طاقة جتريب خالقة وحيوية ترفد املشهد الشعري<br />

العربي باسره،‏ إلى جانب جتارب بدر شاكر السياب،‏ نازك املالئكة،‏ نزار قباني،‏ خليل حاوي،‏ وسواهم.‏<br />

ولقد بدأ دوره يتضح على امتداد مجموعاته الشعرية،‏ ابتداءً‏ من ‏»الناس في بالدي«،‏ ‎1957‎؛ ‏»أقول لكم«،‏<br />

‎1961‎؛ ‏»تأمالت في زمن جريح«،‏ ‎1970‎؛ ‏»أحالم الفارس القدمي«،‏ ‎1964‎؛ ‏»شجر الليل«،‏ ‎1973‎؛ و«اإلبحار في<br />

الذاكرة«،‏ 1977.<br />

وهو يقف بينها معتزاً‏ بأصالته ووجوده وإسهامه احلي<br />

في تطوير التجربة األدبية في العالم.‏ وهنا ال نظلمه وال<br />

نحابيه،‏ ال نظلمه حني نحاول أن نطبق عليه قواعدنا<br />

احلديثة،‏ وال نحابيه حني نحاول بالزيف أن نتلمس فيه<br />

ما لم يعرف،‏ وما لم يكن من شواغله،‏ وحني ندافع عن<br />

سماته متوهمني أنها عيوب،‏ وما هي إال سمات كل أدب<br />

عرفته الدنيا قبل عصر النهضة.‏<br />

لقد تغير العالم كثيراً‏ منذ عصر النهضة.‏ فتميز<br />

الشعر عن النثر،‏ واستقل النثر بعامله،‏ ووجد نقاد جدد<br />

غير أرسطو الذي عاشت عليه احلضارات اليونانية<br />

والرومانية والعربية،‏ ووجدت فنون محدثة كالقصة<br />

القصيرة والرواية،‏ وطولب الشاعر أن يكون كل ما<br />

يقوله شعراً‏ . ومرت أوروبا بعصر التنوير ‏)القرن<br />

الثامن عشر(‏ وعصر الرومانتيكية ‏)القرن التاسع عشر(‏<br />

وعصر االضطراب في القرن العشرين،‏ وتغيرت صورة<br />

األدب تغيراً‏ حاداً‏ جذرياً‏ ، وأعيد النظر في التراث األدبي<br />

كذلك متثّ‏ ل إسهامه التجديدي في ميدان آخر خاصّ‏ ، هو املسرحية الشعرية،‏ وفي ذلك قال:‏ ‏»لو كنت<br />

رأيت القضية كما يراها بعض النقاد الذين يزعمون أن الشعر ال مبرر له على املسرح،‏ وأن املسرح الشعري<br />

بقية متحجرة من عهد قدمي،‏ ملا فكرت في كتابة املسرح الشعري.‏ ولكني لم أكن أرى املوضوع من هذه<br />

الزاوية،‏ بل لعلي أيضاً‏ لم أكن أتوسط فيه أو أهادن،‏ فقد كنت أرى أن الشعر هو صاحب احلق الوحيد في<br />

املسرح.‏ وكنت أرى املسرح النثري،‏ وبخاصة حني تهبط أفكاره ولغته،‏ انحرافاً‏ في املسرح«.‏ وقد كتب عبد<br />

الصبور خمس مسرحيات شعرية:‏ ‏»مأساة احلالج«،‏ ‎1964‎؛ ‏»مسافر ليل«،‏ ‎1968‎؛ ‏»األميرة تنتظر«،‏ ‎1969‎؛<br />

و«ليلى واجملنون«،‏ ‎1971‎؛ و«بعد أن ميوت امللك«،‏ 1975.<br />

وفي 13 آب ‏)أغسطس(،‏ ولكن قبل 33 سنة،‏ أودت نوبة قلبية حادة بحياة شاعر كان يعد بالكثير؛<br />

ليس في احلياة الثقافية املصرية والعربية،‏ وعلى صعيد التجريب اإلبداعي في املسرح والقصيدة،‏ فحسب؛<br />

بل في تلك املناطق احليوية التي تخصّ‏ تطوير اليوميّ‏ واحملسوس والهامشي في اللغة الشعرية،‏ ونقل<br />

البالغة العربية إلى ميادين ثرّ‏ ة ومتجددة،‏ حتى حني تتناول...‏ كوب الشاي ورتق النعل!‏<br />

كله،‏ بل وأمتد هذا التغير إلى كل الفنون بشكل عام،‏<br />

مثل فنون التصوير واملسرح،‏ ونشأت فنون جديدة<br />

كالسينما.‏ واتسعت أبعاد التجربة اإلنسانية،‏ واكتُ‏ شف<br />

اإلنسان اكتشافاً‏ جديداً‏ . وباختصار نشأت ومنت<br />

حضارة جديدة تختلف عن احلضارات القدمية كلها،‏<br />

طابعاً‏ ، وأسلوباً‏ ، ونظراً‏ لألمور.‏<br />

ومن احلق أن هذه احلضارة احلديثة كان موطن<br />

نشوئها غرب أوروبا،‏ ولكنها اآلن متتد على مدى العالم<br />

كله من أقاصي سيبيريا إلى مضيق أالسكا.‏ فهي ليست<br />

حضارة غرب أوروبا،‏ ولكنها حضارة العالم احلديث،‏<br />

التي حتاول من خال اضطرابها بني اآلراء واألفكار<br />

أن تهتدي إلى فلسفة جديدة نستطيع أن نسميها<br />

‏»اإلنسانية اجلديدة«‏ متييزاً‏ لها عن النزعة اإلنسانية<br />

في القرن الثامن عشر.‏ وكما أن احلضارة احلديثة ملك<br />

لإلنسان،‏ في أي من مواطنه،‏ يستطيع أن ينهل من نبع<br />

هذه احلضارة،‏ فكذلك شأن األدب والفن )...(.<br />

صالح عبد الصبور<br />

ولقد استرحت في أمر الشعر العربي إلى نوع من<br />

اليقني حني قرأته،‏ فأحببت ما أحببت وكرهت ما كرهت،‏<br />

وتخيرت تراثي اخلاص منه،‏ واختلط تراثي اخلاص<br />

منه بتراثي اخلاص من كل شعر قرأته بدءاً‏ من كتاب<br />

املوتى واإللياذة،‏ ونهاية بآخر ما قرأت.‏ ولم يكن دليلي<br />

إلى تخير تراثي اخلاص هو قيمة هذا الشعر في لغته،‏<br />

أو تعبيره عن عصره،‏ ولكن قيمته في أي لغة،‏ وتعبيره<br />

عن اإلنسان.‏<br />

ليس التراث تركة جامدة،‏ ولكنه حياة متجددة.‏<br />

واملاضي ال يحيا إال في احلاضر،‏ وكل قصيدة ال تستطيع<br />

أن متدّ‏ عمرها إلى املستقبل ال تستحق أن تكون تراثاً‏ .<br />

ولكل شاعر أن يتخير تراثه كما يشاء.‏<br />

٭ فقرات من سلسلة مقاالت بعنوان ‏»حياتي في<br />

الشعر«،‏ جُ‏ معت ونُ‏ شرت ضمن أعمال عبد الصبور الكاملة،‏<br />

دار العودة،‏ بيروت 1977.<br />

د.حسين مجدوبي<br />

صدر هذا الكتاب منذ شهرين في فرنسا<br />

عن جريدة لوموند ومجلة ‏»الفي«،‏ وهو<br />

األول من سلسلة جديدة تعالج إشكاليات<br />

العالم،‏ حيث يحاول،‏ عبر مقاالت وحوارات<br />

وبيانات ووثائق تاريخية،‏ تقدمي أجوبة على<br />

التطورات والتغيرات التي يعيشها الغرب في<br />

الوقت الراهن،‏ وما ينتظره من حتديات كبرى<br />

في ظل صعود قوى كبرى تهدد هيمنته على<br />

العالم.‏<br />

ويختلف املفكرون في تقييم ما يفترض<br />

أنه انهيار تدريجي للحضارة الغربية،‏ والتي<br />

تعني في األساس عدم استمرار ريادتها للعالم<br />

كما فعلت منذ ما يصطلح عليه ‏»اإلكتشافات<br />

الكبرى«،‏ بني من يتحدث عن فقدان الغرب<br />

الريادة بشكل سريع وبني من يؤمن بإنهيار<br />

الريادة احلضارية على املدى البعيد،‏ بحكم<br />

أن تاريخ احلضارات ميتد لقرون وال ميكن<br />

احتسابه بعقود.‏<br />

وفي ‏»تاريخ الغرب:‏ انهيار أم حتول؟«،‏<br />

يحاول مجموعة من الباحثني األكادمييني<br />

والصحافيني اخلبراء،‏ حتت إشراف جان<br />

بيير دونيس وديديي بوركيري،‏ معاجلة<br />

السؤال إنطاقا من عمق التاريخ الى الوقت<br />

الراهن.‏ ويؤكد املشرفون على هذا العمل<br />

السياسي-‏ الفكري أنه يتميز بتعاون بني<br />

صحافيني خبراء يعايشون األحداث الدولية<br />

بكثافة،‏ ومفكرين وفاسفة يضفون البعد<br />

األكادميي والفكري على هذه األحداث.‏ ومن<br />

األسماء املساهمة مثقفني كبار منهم عرب مثل<br />

اللبناني جورج قرم،‏ ومن فرنسا جاك أتالي،‏<br />

ومن إيران الفيلسوف داريوش شايغان،‏ ومن<br />

الكاميرون أشيل مبيمب،‏ واألمريكي إدموند<br />

فيلبس.‏<br />

ومن التحديات التي واجهها مؤلفو<br />

الكتاب ربط املاضي باحلاضر واستشراف<br />

املستقبل والتعاطي مع الغرب مبثابة وحدة أم<br />

وحدات،‏ السيما في ظل تناسل الدراسات التي<br />

تتعلق بانهيار دول معينة مثل فرنسا وتقدم<br />

أخرى مثل املانيا ومحافظة الواليات املتحدة<br />

على مكانتها رغم التحديات الكبرى.‏<br />

الكتاب ينطلق من اإلمبراطورية<br />

الرومانية التي يعتبرها بعض املؤرخني<br />

النواة احلقيقية لتأسيس الغرب وينتقل الى<br />

العصور الوسطى التي هيمنت فيها الكنيسة<br />

واإلكتشافات اجلغرافية والنهضة األوروبية<br />

وعصر األنوار وبداية اإلستعمار األوروبي<br />

للعالم والثورة العلمية-‏ الصناعية لينتهي<br />

باحملطات الكبرى في القرن العشرين،‏ وهي<br />

احلرب الباردة ومحاولة تصدير القيم الكونية<br />

من حقوق اإلنسان والدميقراطية في فضاءات<br />

العوملة مع العقود األولى للقرن الواحد<br />

والعشرين،‏ والتحدي الكبير لظاهرة اإلرهاب<br />

املرتبطة باإلسام.‏<br />

وقدم للكتاب/اجمللة املفكر اللبناني<br />

جورج قرم الذي يعتبر من أكبر دارسي الغرب<br />

في العالم العربي وصاحب الكتاب املتميز<br />

‏»شرق وغرب:‏ الشرخ االسطوري«،‏ معتبرا<br />

أن ‏»هوية الغرب جرى تضخيمها من خال<br />

‏»تاريخ الغرب:‏ انهيار أم تحول؟«‏<br />

إجابات متباينة حول إشكالية حضارية وسياسية<br />

تعسف علمي على ربط أحداث وقعت في حقب<br />

متباعدة تاريخيا وجغرافيا من أجل إنشاء<br />

ميغا هوية في مواجهة اآلخر الذي هو املسلم<br />

والعربي والهندي والفارسي و...«.‏<br />

ويتطرق الكتاب الى ما يصفه ‏»انتحار<br />

الغرب«‏ بسبب احلرب العاملية األولى واحلرب<br />

العاملية الثانية التي هي استمرار للحروب<br />

املتعددة أو الثنائية التي كانت تعيشها<br />

أوروبا.‏ حيث يؤكد املؤرخ جورج هنري<br />

سوتو أن ‏»هذه احلروب كانت فشا ألوروبا<br />

وليس الغرب«،‏ وكيف عملت الواليات املتحدة<br />

على إنقاذ منظومة الغرب من خال تدخلها<br />

في احلرب وإقامة ‏»احللف األطلسي«‏ الذي<br />

كان جدد مفهوم الغرب ولكن هذه املرة في<br />

مواجهة القيم الشيوعية.‏ وال يتردد الكتاب<br />

في مقاالته واحلوارات التي يقدمها عن إبراز<br />

ثنائية التناقض الكبيرة التي يجسدها الغرب<br />

تاريخيا،‏ فالغرب هو مصدر التطور واحلداثة<br />

وحقوق اإلنسان من خال الثورات السياسية<br />

الكبرى مثل الثورة الفرنسية والثورة<br />

األمريكية،‏ ولكنه في الوقت ذاته أرسى نظام<br />

العبودية عامليا من خال منظومة الرواج<br />

الثاثي وأرسى طرائق استغال الشعوب<br />

األخرى من خال إقامة نظام كولونيالي<br />

عاملي حتت ذريعة املساهمة في نقل احلضارة<br />

الغربية ‏»للعالم غير املتحضر«.‏ ويكتب املفكر<br />

التونسي مالك شبل حول هذا التناقض:‏<br />

‏»مختبرات الغرب تبحث علميا ملواجهة<br />

األمراض ولكن هذه األدوية ال تصل الى العالم<br />

الفقير«،‏ مبرزا هيمنة املنفعة املالية على القيم<br />

اإلنسانية في الغرب في مثل هذه احلالة.‏<br />

ويبحث الغرب عن تناقضات لهويته<br />

لضمان استمراره،‏ وهنا يقدم الكتاب ثنائية<br />

الغرب واآلخر التي يتجلى أبرز مظاهرها<br />

في ‏»االستشراق«‏ أو ‏»الغرب والشرق«،‏<br />

حيث يحضر العالم العربي واإلسامي<br />

ويستمر حضوره حاليا عبر قضايا سلبية<br />

مثل اإلرهاب املنسوب لإلسام الذي يحابي<br />

مفكرين متطرفني في الغرب.‏ وهذا األمر يتعلق<br />

بالقيم،‏ ولكن أتالي يؤكد أن ‏»القيم الغربية<br />

ليست غربية محضة بل حملتها ثقافات أخرى<br />

من دميقراطية وحرية فردية وجند ذلك مع<br />

الفيلسوف ابن سينا الذي كان غربيا في<br />

تفكيره قبل ظهور مفهوم الغرب«.‏<br />

ويطرح الكتاب مستقبل الغرب،‏ ويلجأ<br />

الى املفكر الذي يوصف ب ‏»رسول إنهيار<br />

الغرب«‏ األملاني أزفالد شبينغلر صاحب<br />

كتاب ‏»انهيار الغرب«‏ الصادر في بداية القرن<br />

العشرين،‏ معتمدا على ما يسمى ‏»النظرية<br />

الدائرية للحضارة«‏ وهي صعود وسقوط<br />

حضارة مهما بلغت من القوة واألوج.‏ ويؤكد<br />

جيلبير ميرليو من جامعة سوربون أن الكتاب<br />

يجد اآلن إقباال ألن اجلميع يتحدث عن انهيار<br />

الغرب وصعود قوى أخرى.‏<br />

وبعيدا عن النظريات،‏ يتحدث الكتاب<br />

عن مخاطر فقدان الغرب الريادة،‏ انطاقا من<br />

معطيات وأرقام التجارة الدولية واإلنتاج<br />

الصناعي ونوعية وعدد االختراعات املسجلة<br />

وإرتفاع نسبة السياح والتأثير الدولي<br />

املتنامي وصابة الطبقة املتوسطة املتنامية.‏<br />

وتنتهي املقاالت الى وجود تهديد حقيقي<br />

صادر عن منطقة الشرق مثل الصني أو دول<br />

مثل روسيا أو تكتات مثل دول ‏»بريكس«،‏<br />

وهي الصني والهند وجنوب إفريقيا<br />

والبرازيل وروسيا،‏ لهيمنة الغرب على<br />

العالم.‏ وتتحدث التحاليل االستراتيجية عن<br />

نظام اقتصاد عاملي جديد يوزع مواقع القوة<br />

اجليوستراتيجية.‏<br />

ورغم أن الغرب يعاني من إيقاعني،‏<br />

إيقاع الواليات املتحدة التي حتافظ على<br />

قدراتها الصناعية والعسكرية مقابل تراجع<br />

أوروبا التي بدأت تعاني من عودة شبح<br />

اإلنقسامات واإلنفصال والقوى املتطرفة<br />

التي تهدد وحدتها،‏ يرى باحثون أن الغرب<br />

يعمل على ضمان استمرار تفوقه العسكري<br />

واالقتصادي.‏ وعن اجلانب العسكري،‏<br />

يكتب املفكر االستراتيجي جان سيلفستير<br />

مونغرونيي:‏ ‏»احللف األطلسي يريد استمرار<br />

مراقبة العالم«.‏ ويؤكد أن األوروبيني يرغبون<br />

في حلف أطلسي يقوم على قيم تاريخية<br />

لإلرث احلضاري الغربي وعلى توسيع<br />

وحتديث احللف بدخول أعضاء جدد مختلفني<br />

كما جرى مع تركيا.‏<br />

ومن جانبه،‏ يؤكد كبير غاتينوا،‏ وهو<br />

صحافي متخصص في االقتصاد من جريدة<br />

‏»لوموند«‏ ‏»أن الغرب وفي صمت تام عمل<br />

على التفاوض حول السوق األطلسية طيلة<br />

25 سنة قبل الكشف عنها مؤخرا لتكون أكبر<br />

سوق عاملية ستجعل الواجهة األطلسية<br />

تستمر اقتصاديا مهما يقال عن انتقال العالم<br />

الى واجهة الباسفيك«.‏<br />

وتبقى اخلاصة الرئيسية هي استحالة<br />

استمرار هيمنة الغرب في ريادة العالم<br />

وحيدا،‏ وصعوبة قيام كتلة أخرى بتعويضه<br />

مستقبا بشكل تام،‏ ألن الثقافات أصبحت<br />

منفتحة ومتمازجة وليست منغلقة مثل<br />

القرون املاضية التي بلور فيها الغرب قوته<br />

وصعوده احلضاري.‏ فالعالم يشهد تكتات<br />

وطموحات ستصب ال محالة في نظام عاملي<br />

متوازن آخذ في التبلور وسيتطلب عقودا.‏<br />

L’Histoire de l’Occident - Déclin<br />

ou métamorphose<br />

Hors-série Le Monde - La Vie,<br />

collection Histoire<br />

Juin 2014. 188 pages.


ّ<br />

كتب<br />

Volume 26 - Issue 7839 Sunday 17 August 2014<br />

21 20<br />

السنة السادسة والعشرون العدد 7839 االحد 17 آب ‏)أغسطس(‏ 2014 21 شوال ‎1435‎ه<br />

ذاكرة<br />

عبد اللطيف الوراري ٭<br />

إدريس امللياني واحدٌ‏ من أهمّ‏ روّ‏ اد القصيدة<br />

املغربية احلديثة،‏ ومتتد جتربته ألكثر من أربعة عقود<br />

لم يكفّ‏ عن تطويرها باستمرار.‏ منذ الستينيّ‏ ات وهو<br />

هنا،‏ عينه على اجلمال،‏ وفي طرف لسانه قصيدة على<br />

األهبة والسعة.‏ وهو شاعر مغربي بحقّ‏ ، وذلك ألنّ‏ ك<br />

جتد في شعره مالمح وأيقونات وروائح من املكان<br />

املغربي،‏ واألسطورة املغربية،‏ والطبع املغربي السمح؛<br />

من غير أن يعني ذلك أنّ‏ ه أسير رؤية ‏»هوياتيّ‏ ة«‏ مغلقة،‏<br />

فالشاعر منفتح ومتسامح،‏ ومُ‏ طّ‏ لع على ما يكتبه اآلخر<br />

الشعري،‏ ومتفاعل مع أحداث عصره،‏ بال مطلق وال<br />

متعاليات.‏<br />

وإذا وقفنا على ما مييّ‏ ز جتربة إدريس امللياني،‏<br />

من حيث املضمون،‏ فإنّ‏ ه انتقل،‏ تدريجيّ‏ اً‏ ، من االلتزام<br />

السياسي واالجتماعي املباشر الذي ارتبط بتجربته<br />

احلزبية واإليديولوجية،‏ إلى االلتزام اإلنساني الذي<br />

تغدو معه ذات الشاعر بوعيها الفردي اجلمعي معبراً‏<br />

لقول احلقيقة والصدع بها.‏ وفي هذا الصدد،‏ لم يكن<br />

تطوير املعنى الشعري عنده يتمُّ‏ خارجاً‏ ، أو يشفُّ‏<br />

عن سيرورته لوال هذا االنشغال نفسه الذي يتمُّ‏ على<br />

صعد أسطرة الذات واللغة والبناء النصي،‏ فضالً‏ عمّ‏ ا<br />

نالحظه من اهتمامٍ‏ عالٍ‏ باإليقاع الشعري وبنائه قلّ‏ ما<br />

جنده عند مجايليه،‏ أو من جاء بعده ليس في الشعر<br />

املغربي فحسب،‏ بل في خارطة الشعر العربي احلديث<br />

برمّ‏ تها.‏<br />

في ديوانه ‏»نشيد السمندل«،‏ يُ‏ طلق الشاعر هذا<br />

الوعي اإلنساني العارم،‏ العابر للتاريخ واملشّ‏ اء بني<br />

تفاصيل احلياة واختالطاتها اليومية،‏ وفي نفسه<br />

‏»عقدة إيقاعيّ‏ ة«‏ بطعم الصعق.‏ وقد أفصح عن هذا<br />

الوعي الكتابي تعدُّ‏ د األصوات الذي انتظم من مجموع<br />

املكونات اللسانية واألسلوبية والثقافية اخملتلفة الذي<br />

دمجها الشاعر في بنية العمل بحساسية النسّ‏ اج،‏<br />

فبدت البنية حواريّ‏ ةً‏ ، مفتوحةً‏ ومتوتّ‏ رة في جدلية<br />

الذات واآلخر.‏ ومثل هذا الوعي ال يتأتّ‏ ى إال لشاعرٍ‏<br />

قارئ جيّ‏ د للشعر العاملي،‏ وبصيرٍ‏ بأفانينه وجماليّ‏ اته<br />

وينابيع قاعه،‏ ال يكتب القصيدة إال إذا جمع أطرافها<br />

من التاريخ وعكسها في مرآة الوعي.‏<br />

فمن جهة أولى،‏ ينفتح الشاعر على مُ‏ دوّ‏ نة الشعر<br />

العربي القدمي والوسيط ‏)املمزَّ‏ ق العبدي،‏ النابغة<br />

الذبياني،‏ عمرو بن براقة الهمداني،‏ ابن جاندار،‏ ابن<br />

فركون،‏ حنا األسعد(،‏ أو احلديث ‏)محمود درويش،‏<br />

محمد بنعمارة،‏ محمد علي شمس الدين(؛ وعلى<br />

املرجع الثقافي الروسي ‏)األيقونة الفالدمييرية،‏<br />

الشمس احلمراء،‏ بيريوزْ‏ كا،‏ سْ‏ فيتْ‏ النا،‏ سيبيري التاج،‏<br />

أوكا(؛ مثلما ينهل من متثيالت أسطورة املوت والبعث<br />

والتجدُّ‏ د واخلصب ‏)عشتار،‏ أورفيوس،‏ إيلِ‏ يّ‏ ا،‏ بعل(؛<br />

ويُ‏ حيل على القرآن الكرمي ونصوص احلديث النبوي<br />

والكتاب املقدس،‏ وينثر سجلّ‏ اتٍ‏ من اليومي املغربي<br />

املعاصر ومعمعته شَ‏ ذْ‏ راً‏ وسُ‏ خْ‏ راً‏ ، من جهة أخرى؛ وذلك<br />

تبئيراً‏ لقناع ‏)السمندل(‏ الذي يتّ‏ خذه رمزاً‏ اِ‏ ستعاريّ‏ اً‏<br />

في بنية العمل،‏ ويرتفع به إلى مستوى أسطرته بسبب<br />

ما تعانيه الذات وتُ‏ كابده بحكمة اخلسارات.‏ وهو<br />

هيالري كلينتون<br />

ما يضعنا في مواجهة بنية كتابيّ‏ ة ممتدّ‏ ة في الزمن،‏<br />

تخترقها ملفوظات،‏ وحوارات،‏ واستشهادات،‏ وصور<br />

‏»نشيد السمندل«‏ للشاعر المغربي إدريس الملياني<br />

هوية مفتوحة على تجليات التاريخ واألسطورة<br />

ومتثيالتٌ‏ ، وأقنعةٌ‏ ، وأمكنة،‏ ووقائع من التاريخ القدمي<br />

واحلديث،‏ وأمناط من صراع الوعي والرؤية لدى<br />

الذات.‏ إنّ‏ التناص،‏ هنا،‏ ال يعني املزج بني وعيني أو<br />

لغتني في ملفوظ واحد،‏ بل يصير أخدوداً‏ يحفر مجراه<br />

في وعي النص والوعيه معاً‏ ، ويوجّ‏ ه قراءته ويتحكم<br />

في إنتاج القدرة على التدليل؛ وبالتالي،‏ يصير طريقةً‏<br />

إلدراك العمل وتأويله،‏ إذ أنّ‏ امللفوظات داخله ال تكون<br />

دالة باعتبار عالقات خطابها املرجعية اخلارج -<br />

نصية،‏ وإمنا باعتبار عالقات نصية داخلية.‏<br />

لقد أشار الشاعر إلى جُ‏ ماع ذلك،‏ ودلّ‏ ل عليه تدليالً‏ ،<br />

وهو يعنون عمله ب«نشيد السمندل«.‏ وقد يوحي<br />

العنوان بالغنائية،‏ إلّ‏ ا أنها غنائية مركّ‏ بة؛ فاألنا الغنائي<br />

فيها يتلبّ‏ س بذواتٍ‏ أخرى،‏ ويفجّ‏ ر أفانني الرمز والقناع<br />

واحلوار والتبئير الداخلي،‏ ويستدعي التاريخ والتراث<br />

الثقافي في تنويعاته؛ وهو ما نرى فيه بلورةً‏ لصوته<br />

اإلنشادي وجتربته الداخلية بكلّ‏ ما تفضّ‏ عنه من<br />

روح قلقة في التعبير عن موقفها من العالم والنظر إليه:‏<br />

اشتغال الغنائيّ‏ ة أكثر من وظيفتها ال يتحدّ‏ د إلّ‏ ا داخل<br />

خطابها املفرد ودالليّ‏ ته اخلاصة.‏<br />

مستعيداً‏ الصيغة النيتشوية،‏ يُ‏ دشّ‏ ن الشاعر العمل<br />

بقصيدة ‏»هكذا تكلّ‏ م املمزَّ‏ ق العبدي«،‏ التي فيها نلمح<br />

عبورات مؤملة لزمنٍ‏ اِ‏ نتقاليٍّ‏ ، سياسي وثقافي،‏ يطوي<br />

صفحةً‏ ليفتح أخرى أكثر إيالماً‏ وشعوراً‏ باخليبة<br />

واخلذالن،‏ وقد ‏»كُ‏ تبت بالدمع والدم واملنون«‏ ‏)ص‎12‎‏(؛<br />

ولهذا نعته ب«الزمن السيافيّ‏ اخلؤون«‏ الذي أطلق<br />

جموع صغار املستبدّ‏ ين وقراصنة اجلمال والضوء،‏<br />

ونبذ قيم الوفاء والتضحية والنضال؛ فيندب الفارس<br />

ووالداته الشائهة،‏ ويرسم صورةً‏ مفارقةً‏ عنه.‏<br />

لن يكون هذا الفارس-‏ املمزَّ‏ ق إال الشاعر وجيله<br />

ورفاقه من ‏»إخوان كهف«‏ الذين اعتزلوا مببادئهم<br />

الناس ممّ‏ ن باعوا أرواحهم للشيطان،‏ وخلدوا إلى<br />

الصمت فماتوا حزناً‏ على أحالمهم اجملهضة وبريدهم<br />

الذي لم يصِ‏ لْ‏ هُ‏ مْ‏ ، وجرّ‏ تِ‏ هم التي انكسرت هباءً‏ من ‏»روع<br />

البالد«،‏ بدءاً‏ من فاس العاملة التي سيقت بالشكيمة،‏<br />

مروراً‏ مبدنٍ‏ وأضرحةٍ‏ وشبه منازل لم تبع إلّ‏ ا الوهم،‏<br />

إلى بيروت التي تعوي على حافّ‏ ة املوت.‏ وفي مقابل<br />

‏»األيقونة الفالدمييرية«‏ ‏)ص‎33‎‏(‏ التي جمعت الروس<br />

حولها،‏ و«العرس األوملبي«‏ ‏)ص‎107‎‏(‏ الذي غنّ‏ ت<br />

فيه الصني وأبهرت العالم،‏ لم يجد الشاعر من الزمن<br />

العربي األخرق إال ‏»متالشيات«‏ في كلّ‏ مكان ‏)ص‎87‎‏(.‏<br />

لقد استعار الشاعر قناع املمزّ‏ ق العبدي لإليحاء<br />

مبعاني التجربة املريرة التي كابدها فرديّ‏ اً‏ وتكبّ‏ دها<br />

جمعيّ‏ اً‏ ، وهي ال تتوقّ‏ ف عند نصّ‏ هذه القصيدة،‏ بل<br />

تتجاوزه لتشعّ‏ في العمل ككلّ‏ . فالقناع اخلاص الذي<br />

تُ‏ قدّ‏ مه القصيدة يعبّ‏ ر عن التفاعل بني أنا الشاعر<br />

والشخصية التي يرتدي قناعها باعتبارها أناه اآلخر<br />

الذي يقوم بعملية امتصاص جوهره جدليّ‏ اً‏ ، ويُ‏ فجّ‏ ر<br />

دالالت جتربتها األكثر معنى وإيحاءً‏ وامتداداً‏ من تلك<br />

التجربة األصل.‏<br />

وفي هذا السياق،‏ ومن أجل تكثيف القناع<br />

واالرتفاع مبستواه إلى مصافّ‏ الرمز واألسطورة،‏<br />

يستدعي الشاعر طائر السمندل،‏ وهو ناريّ‏ ينبعث<br />

من رماده شبيهاً‏ بطائر العنقاء أو الفينيق،‏ فيدمجه في<br />

لعبة التقنُّ‏ ع بآلية اشتغال كثيفة لكنّ‏ ها ال تستحيل إلى<br />

التجريد،‏ وهو يجعل البؤرة الداللية للتجربة تأخذ بعداً‏<br />

دراميّ‏ اً‏ يصبغ تكوينات اللغة بصبغته،‏ ويكمّ‏ ل نتوءات<br />

القناع ويزيد عليه:‏ ‏»هل أنا حقّ‏ اً‏ / كما زعموا/‏ غريبَ‏<br />

الوجه واليد واللّ‏ سانِ‏ / أموتُ‏ ثُ‏ مّ‏ أقومُ‏ / كالعنقاءِ‏ /<br />

مفترشاً‏ وملتحفاً‏ رمادي/‏ مستجيراً‏ بي/‏ من<br />

الرمضاءِ‏ / أنهضُ‏ طائراً‏ / حُ‏ رّ‏ اً‏ / طليقاً‏ / كالقطا،‏ وأشبُّ‏<br />

ناراً‏ / في سمائي/‏ ليس لي غيري/‏ رفيقاً‏ / أنتمي لي/‏<br />

وحيداً‏ ، كالسَّ‏ مَ‏ نْ‏ دَ‏ لِ‏ / في انطفائي/‏ واتّ‏ قادي«.‏ ‏)ص‎61‎‏(‏<br />

في شعور األنا بغربته التي تتصادى مع غربة<br />

املتنبي في شعب بوان،‏ أو شعوره باالقتالع والنبذ<br />

والالانتماء بعدما انفضّ‏ اجلميع عنه،‏ ممّ‏ ن باعوا<br />

الذكرى واستأثروا باإلرث،‏ يصير احتراق السمندل<br />

إراديّ‏ اً‏ ال رجعة عنه،‏ إذ موته فعل تطهير وواجب<br />

تضحية ال تضع حدّ‏ اً‏ لوجود الفرد إال لتعبر به من<br />

وجود إلى وجود آخر مفارق ومختلف في كلّ‏ يته عما<br />

ألفه آنفاً‏ ، وأكثر حبّ‏ اً‏ وإشراقاً‏ من يومه.‏ فالشاعر،‏ إذن،‏<br />

يتلبّ‏ س بأسطورة هذا الطائر الذي يحترق بإرادته ألجل<br />

أن يولد من رماده،‏ راسماً‏ حلنينه إليه شارة نصر-‏<br />

أيقونيّ‏ اً‏ . إنّ‏ السمندل،‏ هنا،‏ يرمز إلى األمل،‏ وناره إلى<br />

أتون احلقيقة املُ‏ طهِّ‏ ر.‏ في قصيدة ‏»طائر النار«‏ يحاور<br />

محمود درويش مُ‏ ستهلّ‏ اً‏ بعبارته الشعرية الدالّ‏ ة:‏ ‏»لقد<br />

متُّ‏ مبا فيه الكفاية«،‏ مومئاً‏ إلى أنّ‏ درويشاً‏ ‏»أورفْ‏ وَ‏ يّ‏<br />

الغِ‏ ناء«‏ لم ميُ‏ تْ‏ ، وأنّ‏ صخرة أمله الشخصي واألوزار<br />

اجلمعيّ‏ ة لم تُ‏ عْ‏ مِ‏ ه عن ‏»ضياء األمل.‏ وفي ‏»سونيتة إلى<br />

احلريز العزيز«،‏ يحاور الشاعر املغربي محمد بنعمارة<br />

من خالل كلماته الساطعة التي أودعها في ‏»مملكة<br />

الروح«،‏ فيتّ‏ خذ من احملاورة سانحةً‏ إلعادة كتابة تلك<br />

الكلمات من جديد بعدما انكشفت احلقيقة وارتفع<br />

احلجاب.‏<br />

لقد ترافقت جتربة العمل الشعري،‏ وطريقة تدبيره<br />

آليّ‏ ات التناصّ‏ فيه،‏ مع التحوُّ‏ ل الذي عرفته جتربة<br />

إدريس امللياني الشعرية،‏ على األقلّ‏ منذ ديوانيه<br />

‏»زهرة الثلج«‏ )1998( و«مغارة الريح«‏ )2000(، سواءٌ‏<br />

على مستوى الرؤية،‏ أو البنية الشعرية،‏ أو تدبير<br />

غنائية القصيدة التي دخلت مرحلة الغنائية املركبة مع<br />

االستخدام املكثف للرمز والقناع واملونتاج واحلوار<br />

الدرامي والسرد والسوناتا واملشهدية،‏ واستدعاء<br />

التراث األسطوري والديني والتاريخي املتصل بتيمات<br />

املوت واحلياة والوطن واإلنسان واحلرية،‏ جنباً‏<br />

إلى جنب مع متطلّ‏ بات ذات الشاعر على املستوى<br />

الوجودي واإلنساني في بحثها عن خالصها،‏ مرتفعاً‏<br />

بها إلى مستوى أسطورتها الشخصية،‏ وبالتزامها<br />

اإلنساني إلى مقامٍ‏ مُ‏ ستحقّ‏ .<br />

٭ شاعر وناقد مغربي<br />

إدريس امللياني:‏ ‏»نشيد السمندل«.‏ شرق غرب،‏<br />

بيروت 2009.<br />

كان محمود قد أعطي فيزا ملدة 24 ساعة فقط<br />

لدخول واشنطن من نيويورك،‏ حيث حضر جلسة<br />

من جلسات األمم املتحدة بشأن فلسطني.‏ كانت<br />

الفيزا التي تدخل حاملها الى منطقة مبنى جامعة<br />

األمم،‏ ليست لها عالقة بيروقراطية بالفيزا األمريكية<br />

العادية،‏ التي تدخل الى باقي أمريكا،‏ التي كانت لها<br />

شروطها شبه التعجيزية ألي شيوعي قدمي.‏ وسبب<br />

حاجة هذا الشاعر للنوع الثاني من الفيزا لدخول<br />

العاصمة األمريكية واشنطن،‏ كانت الدعوة التي<br />

وجهتها له جامعة جورجتاون العريقة،‏ لكي يقرأ<br />

شعره هناك.‏<br />

أبلغتني صديقة مصرية عن موعد القراءة ومكانها،‏<br />

وطلبت مني أن اصطحبها الى هناك،‏ النها كانت حتب<br />

طالبا من يافا،‏ وكانت متأكدة أنها ستراه لو حضرنا.‏<br />

لم أعرف ماذا أفعل:‏ لم أرد خذالن صديقتي الهائمة<br />

بالغرام،‏ ولكن،‏ في الوقت نفسه،‏ لم أرد ان أتأخر<br />

عن درس الرواية الفيكتورية التي كانت جزءا من<br />

دوامي.‏ فاتفقت معها أن أوصلها الى املكان،‏ وأجلس<br />

محمود درويش واللقاء األول<br />

في الصف األخير لعدة دقائق،‏ ثم انسحب بسرعة<br />

وصمت.‏<br />

هكذا فعلنا.‏ ولكن هجم القدر وأخذ شكل يد سمينة<br />

تذرب من العرق،‏ هي يد كلوفيس مقصود الذي متنطق<br />

بذراعي وشدني بعنف الى املقعد األمامي مواجه<br />

محمود درويش.‏ كنت حينها بوهيمية الهوى،‏ أنتعل<br />

صندال مخمليا بكعب عال،‏ بلون البنفسج،‏ وأظافر<br />

أصابع قدمي مطلية باللون األسود.‏ رمبا كان ذلك رد<br />

فعل على تقاليد تلك اجلامعة ‏»اجليزويت«‏ املسيحية<br />

التقليدية جدا،‏ حيث كان املدرسون والدارسون فيها<br />

يحاولون االختفاء وراء لباس رسمي باهت ال يدل<br />

على أي حرية شخصية.‏<br />

في اللحظة التي جلست أثناءها،‏ كانت عينا محمود<br />

حتدقان باألسود الطاغي املتنافر مع بياض جلدي.‏<br />

كان ينظر بفضول واستغراب،‏ وحني رفع عينيه،‏ وجد<br />

انني أمسكته متلبسا بالنظر إلى ساقي،‏ فضحكت.‏<br />

حينها،‏ بدأ هو اآلخر بالضحك الال ارادي،‏ ثم التثاؤب<br />

من دون توقف،‏ محاوال ضبط نفسه ألنه كان على<br />

‏)الجزء الثاني(‏<br />

وشك إلقاء الشعر.‏<br />

بدأ بقراءة ‏»قصيدة االرض«:‏<br />

« في شهر آذار،‏ في سنة االنتفاضة،‏ قالت لنا<br />

األرض<br />

أسرارها الدموية.‏ في شهر آذار مرت أمام<br />

البنفسج والبندقية خمس بنات.‏ وقفن على باب<br />

مدرسة ابتدائية،‏ واشتعلت مع الورود والزعتر<br />

البلدي.‏<br />

افتتحت نشيد التراب.‏ دخلن العناق النهائي - آذار<br />

يأتي إلى األرض من باطن األرض يأتي،‏ ومن رقصة<br />

الفتيات -<br />

البنفسج مال قليال<br />

ليعبر صوت البنات.‏ العصافير مدت مناقيرها<br />

في اجتاه النشيد وقلبي«‏<br />

كان وقع هذه األسطر انفجارا حسيا ألعصابي.‏<br />

لم يكن محمود درويش معروفا آنذاك في العالم<br />

األنكلوسكسوني،‏ ولم تكن له ترجمات إلى اللغة<br />

االنكليزية.‏ فالقاعة كانت شبه فارغة،‏ واحلضور<br />

تألف من بعض الطالب العرب،‏ الذين،‏ مثلي أنا،‏<br />

حفظوا ‏»سجل أنا عربي«‏ في صفوفهم االعدادية<br />

في أوطانهم األصلية،‏ وبعض األصدقاء والسفراء<br />

العرب.‏<br />

حني انتهى من القراءة،‏ طلب منه شاب مغربي أن<br />

يقرأ قصيدة ‏»سجل«‏ قال له محمود الذي كان دوماً‏<br />

يصر على إجبار جمهوره أن يلحقوا به كلما تغير<br />

وتطور شعريا،‏ بقليل من العصابية:‏ ‏»سجل أنت؛ فأنا<br />

سجلت!«.‏<br />

حينها،‏ قمت ألذهب الى ما تبقى من محاضرتي،‏<br />

فوجدت حامت حسيني،‏ ممثل منظمة التحرير<br />

الفلسطينية في واشنطن،‏ يناديني باسمي ألعود،‏ ألن<br />

محمود كان قد نزل عن املنصة ماشيا باجتاهي،‏ تاركا<br />

وراءه املعجبني الذين أرادوا توقيعه على كتبه.‏<br />

‏»أنا مضطر ملغادرة واشنطن في الصباح الباكر<br />

ألعود إلى بيروت،‏ فهل تريدين مني أن آتي بأي شيء<br />

لعمك نزار؟«.‏<br />

شكرته وابتسمت وقلت:‏ ‏»نعم،‏ أوصيك بإيصال<br />

هاتني القبلتني خلدي عمي احلبيب«‏ ثم قبلت محمود<br />

بعفوية على وجنتيه.‏ فاحمر وجهه خجال.‏ سألني<br />

هل ميكنك مرافقتنا إلى العشاء؟ فقلت:‏ ‏»ال،‏ ألن أهلي<br />

بانتظاري في البيت«.‏<br />

فرد:‏ ‏»اسمحي لي بسؤالك على انفراد للحظة«.‏<br />

ابتعدنا عن اجلمع ملدة خمس دقائق،‏ فقال مباشرة:‏<br />

‏»هل تقبلني الزواج مني؟«‏ أجبت بنعم،‏ أقبل الزواج<br />

منك،‏ فقال:‏ ‏»علينا اذا أن نتزوج فورا،‏ لنذهب إلى<br />

باريس،‏ وننتظر فتح مطار مدينة بيروت حيث أسكن«.‏<br />

أخرج من سترته ورقة بيضاء وبقلمه ‏»الباركر«‏<br />

قسمها نصفني،‏ ووضع اسمينا في أعلى كل قسم،‏<br />

وقال لي اكتبي ما حتبني في احلياة حتت اسمك،‏<br />

وأنا سأكتب في خانتي ما أحب.‏ طلبت منه أن يبدأ.‏<br />

فكتب ما يلي:‏ ‏»عصا الراعي،‏ غروب الشمس في<br />

اجلليل،‏ القطط،‏ احلذاء االيطالي الناعم امللمس،‏ األزعر<br />

موتزارت،‏ الغتيار اإلسباني،‏ قصص تشيكوف،‏<br />

قيلولة بعد الغداء،‏ صدف البحر،‏ سمك السلطان<br />

ابراهيم املقلي«.‏<br />

ثم أعطاني الورقة،‏ فكتبت:‏ ‏»الفل املطبق،‏ الورد<br />

الشامي اجلوري،‏ رائحة زهر الياسمني عند املساء،‏<br />

صوت اآلذان في حي الشاغور،‏ األوركيد البري،‏<br />

احمليط الهندي والبراكني التي حتيط به،‏ شجر املوز<br />

واملطر االستوائي،‏ القطط،‏ ثم القطط،‏ ثم القطط«.‏<br />

حينها،‏ ذهبنا إلى جامع واشنطن وكان قد وصل<br />

إليه بعض األصدقاء وأهلي،‏ فسألني محمود:‏ ‏»ما هو<br />

مهرك؟«.‏<br />

قلت ‏»مهري هو احلرية،‏ فال أريد منك سوى<br />

عصمتي بيدي«.‏<br />

ال أظن أنه فهم ما معنى العصمة،‏ فقبل مباشرة،‏<br />

وزوجنا الشيخ،‏ وبدأنا رحلتنا األولى معا،‏ التي دامت<br />

تسعة أشهر.‏<br />

بعد ساعات كنا على طائرة فرنسية،‏ متوجهني إلى<br />

باريس،‏ حيث كنا نعرف أن عز دين قلق كان بانتظارنا<br />

في املطار.‏<br />

حينها كنت في الثامنة عشرة من عمري.‏


Volume 26 - Issue 7839 Sunday 17 August 2014<br />

23 22<br />

السنة السادسة والعشرون العدد 7839 االحد 17 آب ‏)أغسطس(‏ 2014 21 شوال ‎1435‎ه<br />

غزة:‏ فلسطينيون يؤدون صاة اجلمعة في مسجد السوسي الذي تعرض للقصف االسرائيلي


Volume 26 - Issue 7839 Sunday 17 August 2014<br />

25 24<br />

السنة السادسة والعشرون العدد 7839 االحد 17 آب ‏)أغسطس(‏ 2014 21 شوال ‎1435‎ه<br />

آداب<br />

الناصرة ‏-»القدس العربي«:‏<br />

وديع عواودة<br />

فنون<br />

‏»طه«‏ مسرحية جديدة ملسرح امليدان الفلسطيني<br />

في حيفا تروي سيرة حياة الشاعر الراحل طه محمد<br />

علي،‏ املهجر من صفورية قضاء الناصرة،‏ وهي قصة<br />

شاعر لم يتوقّ‏ ف عن العشق.‏<br />

من تأليف ومتثيل الفنان عامر حليحل وإخراج<br />

الفنان يوسف أبو وردة،‏ تستعيد سيرة شاعر فلسطيني<br />

عرفه العالم قبل رحيله في 2011، بقوة شعره ببساطته<br />

وبإنسانيته وخلوه من الكراهية رغم جرائم الصهيونية<br />

بحقه وحق شعبه ووطنه.‏<br />

ومتتلئ قصة حياة طه محمد علي باملصاعب<br />

الكثيرة،‏ وقدرته اخلارقة على إعالة عائلته وهو<br />

صبيّ‏ غضّ‏ ، وامتهانه للشعر في سن متقدمة جدً‏ ا،‏ بعد<br />

محاوالت كتابة متردّ‏ دة في الشعر والقصة القصيرة.‏<br />

تبدأ املسرحية باعتاء طه املنصة،‏ شيخ في<br />

السبعني يقف وسط بقعة ضوء يرتدي بدلة بنية،‏<br />

نظارته السميكة حتجب عينيه،‏ حليته نابتة لكنها<br />

مرتبة،‏ شعره أبيض ينظر إلى أعلى قبل أن يستسلم<br />

للكام.‏ في أول كلمة ينطق بها يوحي بقسوة حياته<br />

بقوله بصوت أجش ‏:«أنا أجيت عالدنيا غصنب عنها..‏<br />

مش بخاطرها..‏ ما كانت بدها اياني..أبوي في جيل<br />

وحده وعشرين،‏ جتوز بنت اجليران فاطمة،‏ بنت<br />

اخلمست عشر سنة ». ويكمل طه باللغة العامية فصول<br />

والدته بروح نكتة سوداء بعدما رزق والده بثاثة أبناء<br />

سماهم طه وماتوا صغارا حتى غيروا اسم فاطمة لنجمة<br />

وغيروا اسم املولود اجلديد ل ‏»مياد«‏ لكنه مات فقرر أبو<br />

طه تغيير الدار.‏<br />

وتنطلق املسرحية املكونة من 15 مشهدا ملدة ساعة<br />

وفي املشهد األول يروي فرحته في طفولته يوم قرر<br />

والده أن يقتني له بسطارا ‏)حذاء(‏ ليذهب للمدرسة<br />

فيرتاح من اإلصابات الناجمة من املشي حافيا.‏ ورغم<br />

الفقر يظفر بالبسطار بفضل والدته املدبرة التي انتظرت<br />

بياع ‏»الكنادر«‏ املغربي بعشرين قرشا بدال من اقتنائه<br />

بليرة من الدكان.‏ تألق طه في املدرسة منذ بلغها ‏:«أبوي<br />

كان حاطط أمله فيّ‏ من يوم ما وداني على الكتّ‏ اب وملّ‏ ا<br />

رحت عاملدرسة،‏ في امتحان التصنيف رفعّ‏ وني دوس<br />

دوغري على الصف الثاني.‏ رفعت راس أبوي من أول<br />

غزواتي«.‏ ووقع طه بغرام اللغة العربية منذ طفولته<br />

وخطواته األولى كانت مع كتاب ‏»البستان«‏ إلسعاف<br />

النشاشيبي وكان يحتوي على دروس في بحور وأصول<br />

الشعر العربي.‏ ويكشف طه حلظة احلب مع القصيدة<br />

رغم أن األستاذ استهل تاوة الشعر على مسامعه ببيت<br />

شعر البن رشيق :<br />

الشعر شيء حسن … ليس به من حرج<br />

فعلموا أوالدكم……عقار طب املهج<br />

وفتحت املدرسة الباب له على عوالم جحا،‏ وكليلة<br />

ودمنة،‏ ويوليوس قيصر شكسبير،‏ حتى عنترة.‏<br />

ويوضح طه أن والده كان يحب عنترة ألنه كان بطا<br />

مغوارا وكرمي النفس أما هو فأحبه ألنه كان شاعرا.‏<br />

في املسرحية املستندة لسيرة حياة وأعمال الراحل،‏<br />

الذي أبدى شغفا نادرا باملطالعة منذ صغره،‏ متتزج<br />

مسيرته الشخصية بالرواية الفلسطينية التاريخية<br />

برشاقة ولباقة الفتتني.‏ في سيرة التعليم واملطالعة على<br />

سبيل املثال يستذكر طه أن كتب املدرسة لم تكفه فصار<br />

من رواد مكتبة جاره احلاج طاهر الذي كان يعير الكتب<br />

ألهالي صفورية في إطار مشروعه لتثقيف أهالي بلده.‏<br />

وينتقل بساسة من قصة الكتب إلى لنكبة الفلسطينية<br />

مسرح الميدان في حيفا يستلهم حياة الشاعر طه محمد علي<br />

تغريبة فلسطينية تروي النكبة والنزوح والشعر والعشق<br />

بقوله الساخر:‏ ‏»بده الناس تقرا عشان توعا وتستوعب<br />

انه في مخططات لسرقة الباد كلها..‏ بس احلج كان<br />

ينفخ في قربة مخزوقة..‏ أنا كنت اسمعهن مبضافة أبوي<br />

يقولوا إنه بدهن يسرقولنا الباد..‏ وأضحك بيني وبني<br />

حالي..‏ كيف يعني بدهن يسرقوها..‏ بدهن ييجوا بالليل<br />

يسحبوها من حتتنا واحنا ناميني ونصحا الصبح<br />

وناقي حالنا ناميني على وال اشي؟«.‏<br />

ويبلغ طه العاشرة ويدرك أن البيت بحاجة ملعيل<br />

قبل أن يضطر والده املقعد ملد يده طالبا الطعام ألبنائه<br />

وصار طه يسترزق بالعمل معهما ويغتنم الفرصة<br />

لوصف عروس الكرمل ومقاربتها مع الناصرة في فترة<br />

االنتداب:‏ ‏»كنت صرت زاير الناصرة كم مرة،‏ كانت أكبر<br />

من صفورية بشوية بس فيها حركة أكبر:‏ اسبطارات،‏<br />

كهربا،‏ مصانع دخان،‏ بيوت زهرية بشبابيك<br />

قزاز وسطوح قرميد أحمر،‏ سوق بنات بتنانير ودار<br />

سينما«.‏<br />

ويتابع بصوت يشي باالندهاش من زيارة طفل<br />

ريفي ملدينة عصرية وهنا أيضا الكلمات معطرة بالفكاهة<br />

: ‏»بس حيفا،‏ حيفا مدهشة،‏ مدينة مدينة،‏ مدينة<br />

عاألصول،‏ سيارات،‏ شوارع مضوية بامبات،‏ دكاكني<br />

فاخرة ومصانع وناس شكال ألوان ببدالت وغرفتات..‏<br />

والبحر..‏ بحيفا كنت أول مرّ‏ ة بشوف عرب ويهود<br />

بحكوا مع بعض عادي،‏ أنا أول مرة شفت اليهود كانوا<br />

جايبني مجموعة استكشاف للمنطقة من الكيبوتس،‏<br />

حاملني خوارط ومطرات مي،‏ شلّ‏ ة شباب وصبايا مع<br />

بعض والصبايا البسات شورطات.‏ كانت أول مرّ‏ ة<br />

عيني بتشوف صابونة ركبة بنت في حياتي.‏ في حيفا<br />

شفت زالم ونسوان ماشيني في الشارع ماسكني ايدين<br />

بعض،‏ ومنهم قاعدين في القهوة بتخرفوا أو بقروا<br />

جرايد وبشربوا قهوة…أكلت حمّ‏ ص بلحمة وشربت<br />

ملوناضة،‏ شميت ريحة املشاوي اغزوزطات السيارات<br />

ودهان الكنادر وريحة البحر…روحت مسحور من حيفا<br />

بس األهم نظرة أبوي ملّ‏ ن فتت عالدار وبإيدي 5 جنيهات<br />

بالتمام والكمال…‏ عينني ابوي كان فيهم فوق ما فيهم،‏<br />

نظرة راحة.‏ شفّ‏ شفة من فنجانه وقال ألمي:‏ يا فاطمة<br />

حطّ‏ ي لطه لقمة يوكلها.«‏<br />

في مشهد تالي يهز فيه املشاهدين تارة بالضحك<br />

حتى متتلئ القاعة بالقهقهات وتارة باستدراره دموعهم<br />

لشدة وقع السرد التراجيدي فيروي بداية حتول احلاجة<br />

ملتعة بعدما جمع بعض النقود،‏ وبدأ يحترف التجارة<br />

قبل أن يرافق والده لزيارة عمه ليباركوا له مبياد بنت<br />

سموها أميرة.‏ ‏»رحنا،‏ فتنا عالدار،‏ إمي زغردت وأبوي<br />

كبّ‏ ر وهلّ‏ ل وعبط عمي وقريوا الفاحتة وأبوي قلّ‏ ي:‏<br />

أمسيرة الك يا طه«.‏ ويكبر طه وأميرة حتى صارت تبرق<br />

حبا كلما التقيا لكن النكبة الفلسطينية حترمه من أميرة<br />

وحبها.‏ بعدما يستعيد الصبي طه حالة الرعب الذي<br />

دبّ‏ فيه وفي أهالي بلدته خال احتالها وإلقاء القنابل<br />

عليها من طائرة كانت حتوم كالبوم ومكشرة)عابسة(.‏<br />

ويروي الرحيل للبنان ومأساة اللجوء املرّ‏ طيلة عام<br />

من البرد واجلوع والغربة وموت غزالة شقيقته الفتاة<br />

اجلميلة املدللة بعد مرضها.‏ اضطرت العائلة لدفن<br />

‏»غزالة«‏ في مقبرة باب عتبة بيت مستأجر فلم جتف<br />

دمعة والدتها كيف ال وهي ‏»غزالة«‏ اسم على مسمى<br />

وعمود الدار ‏»ال تعرف تشتغل في الدار وال تعرف توكل<br />

وال حتكي«.‏ حالة العذاب هذه دفعت أبو طه التخاذ قرار<br />

حاسم بالعودة لفلسطني بأي ثمن قبل أن متوت فاطمة<br />

حزنا على غزالة.‏ أم طه تقبل على مضض وال تغادر<br />

لبنان قبل أن تدق باب أم محمد صاحبة البيت املستأجر<br />

وتوصيها ‏:«ديري بالك على غزالة«.‏ وما يلبث املمثل<br />

مينح املشاهدين فرصة جديدة لتذوق حاوة قصيدة<br />

طه بتاوة بعض أشعاره املتعلقة بأحداث املسرحية<br />

كما يقول هنا قبيل العودة من لبنان بعدما فقد ‏»غزالة«‏<br />

وبقيت ‏»أميرة«‏ مع أسرتها هناك ودون أن تتاح فرصة<br />

وداعها ‏»فأنا مودعتش أميرة،‏ أنا ودعتها..‏ بس ودعتها<br />

مع الكل:‏ ‏»نحن لم نبك/‏ ساعة الوداع!/‏ فلدينا/‏ لم يكن<br />

وقت/‏ وال دمع/‏ ولم يكن وداع!/‏ نحن لم ندرك/‏ حلظة<br />

الوداع/‏ أنه الوداع/‏ فأنّ‏ ى لنا البكاء؟/‏ ونحن لم نسهر<br />

ولم نغف/‏ ليلة الرحيل/‏ ليلتها/‏ لم يكن عندنا ليل/‏ وال<br />

نار/‏ ولم يطلع القمر!«.‏<br />

وترتقي املسرحية ذروة جديدة برسائلها<br />

الوجدانية املشحونة بتوقفه عند عوتهم للباد وقد<br />

اكتشفوا أنها تغيرت وانقلبت رأسا على عقب:‏ ‏»وصلنا،‏<br />

البلد صار شكلها شكلها غير،‏ حتى الهوا صارت ريحته<br />

غير وقالولنا إنه رجعة على صفورية ما في وإنه الباد<br />

بطّ‏ ل اسمها فلسطني صارت إسرائيل«،‏ منوها بدرب<br />

اآلالم الذي سارت فيه العائلة حتى حازت على بطاقات<br />

هوية زرقاء.‏<br />

ويعبّ‏ ر طه عن قسوة مشاعر العائدين الذين حتولوا<br />

بيوم وليلة من الجئني في لبنان إلى مهجّ‏ رين في وطنهم،‏<br />

بقصيدة عتاب إنسانية غاضبة يلقيها عامر حليحل<br />

بنبرة متجانسة مع روحها ‏:«األرض خائنة/‏ األرض ال<br />

حتفظ الوّ‏ د/‏ واألرض ال تؤمتن/‏ األرض مومس/‏ تدير<br />

مرقصا/‏ على رصيف ميناء/‏ تضحك بكل اللغات/‏ وتلقم<br />

خصرها لكل وافد/‏ األرض تتنكر لنا/‏ تخوننا وتخدعنا/‏<br />

والثرى يضيق بنا/‏ يتذمّ‏ ر منّ‏ ا ويكرهنا/‏ والوافدون/‏<br />

بحارة ومغتصبون/‏ يزيلون احلواكير/‏ ويدفنون<br />

األشجار/‏ مينعوننا من إدامة النظر/‏ إلى زهور البرقوق<br />

وعصا الراعي/‏ ويحرمون علينا ملس البقول/‏ والعلت<br />

والعكوب/‏ جديلتك/‏ هي السبب الوحيد/‏ الذي يشنقني<br />

إلى هذه العاهرة«.‏<br />

في مشهد جديد يعلو فيه املنسوب الدرامي تنتقل<br />

من الرينة العائلة للناصرة بحثا عن الرزق ويبدأ طه<br />

في انتظار ‏»أميرة«‏ رغم ضغوط األم بأن يتزوج<br />

من غيرها » فالبنات كثار«‏ حتى بلغت رسالة من عمه<br />

في لبنان بواسطة حاج عائد من السعودية قطعت<br />

أحامه ‏:«اجلميع بخير والعيلة اجتمعت كلها في عني<br />

احللوة ومشتاقني وبدعولنا ليل نهار..آه وإنه ‏»أميرة«‏<br />

جتوزت..‏<br />

ويترجم طه انفعاالته بعد اخلبر غير السار بقصيدة<br />

يسردها املمثل على اخلشبة بقلب مكسور:‏ ‏»آن أخيرا<br />

لهذا القلب أن يقفز/‏ آن أن تفارقه األزهار/‏ أن تهجره<br />

املنى واألعاصير/‏ وأن تتخلى عنه األجنحة !/ آن له أن<br />

ييبس/‏ كما تيبس الصدفة!/‏ وأن يفرّ‏ غ من هواجسه/‏<br />

وأشباح غيانه«.‏<br />

ومتضي األيام ويبقى طه في حي الصفافرة في<br />

الناصرة وقلبه في عني احللوة حتى يفجع بقراءة ما<br />

كتبته اجلروزليم بوست عام 1982 عن بلوغ قوات أرئيل<br />

شارون عتبة بيروت وعن حتول مخيم عني احللوة لركام<br />

فيتحرك شريط الذاكرة بقوة:‏ عني احللوة..‏ أميرة..‏ عني<br />

احللوة..‏ أميرة أميرة عني احللوة..أميرة<br />

ويلوذ طه من مأساته بالشعر فيكتب قصيدة<br />

بعنوان ‏»أميرة«‏ يقول في مطلعها : ‏»قصيدة فارقة/‏<br />

عندما يرحل أحباؤنا/‏ كما رحلت/‏ تبدأ في داخلنا هجرة<br />

ال تنتهي/‏ ويحيا معنا يقني/‏ أن كل ما هو جميل/‏ فينا ومن<br />

حولنا/‏ ما عدا احلزن/‏ يرحل يغادر،‏ وال يعود…«.‏<br />

ويعترف طه أن هذه القصيدة محطة فارقة في<br />

مسيرته األدبية وكأنه ‏»بعد ما كتبتها فهمت مني أنا..‏<br />

تصاحلت مع نفسي،‏ مع أميرة،‏ مع أبوي مع الدنيا كلها«.‏<br />

ويبوح بأن هذه القصيدة منحته الثقة وأن الشعر فرض<br />

نفسه عليه مسلما بفكرة أنه شاعر ‏…صدق أبوي بأن<br />

حلمي أكبر من أي وصية كان ممكن يوصيني إياها وأنا<br />

من هذا اليوم وعدت قلمي إنه ما ينشف..‏<br />

وصارت اجملات تنشر والصحف والكتب<br />

والدارسون املهتمون يزورون الشاعر طه محمد علي<br />

في دكانه ملقابلته وهو شاعر بنفسه شاعرا.‏ وتختتم<br />

املسرحية بفصل أخير تتابع روايتها التوثيقية لسيرة<br />

طه الذي يرافق سميح القاسم إلى لندن للقاء الشعراء<br />

العرب في احتفال كبير.‏ وقتها اهتزت مشاعره وانفعل<br />

إزاء اللقاء احلاسم مع كبار الشعراء في ‏»مربط خيلنا«‏<br />

وكاد انفعاله أن ينسيه أين وضع األوراق داخل حقيبته<br />

التي حملت قصيدة استعد إللقائها في احملفل الشعري<br />

كما كاد أن يسقط متعثرا في الطريق للمنصة بعدما علق<br />

‏»بزمي«‏ صندله بالشنطة فضحك وضحك الشعراء.‏ لكنه<br />

ما لبث أن استعاد ثقته وتا قصيدة ‏»عبد الهادي يصارع<br />

دولة عظمى«‏ وهذه املرة صفقت القاعة وما ضحكت<br />

إمنا ‏»وقفت على إجريها وزقفت«‏ ويتابع باللغة احملكية<br />

رابطا هذه املرحلة من نهائيات حياته بالبدايات يوم<br />

جاء للحياة عنوة : ‏»أنا هيك،‏ في حياتي ما أجاني إشي<br />

لعندي بسهولة،‏ أنا أصا أجيت عالدنيا غصب عنها،‏<br />

مش بخاطرها،‏ ما كان بدها إياني«.‏<br />

الفنان التشكيلي السوداني صالح ابراهيم:‏<br />

مشروعي يهدف إلستلهام<br />

الذات السودانية عن طريق الذاكرة الشعبية<br />

الخرطوم - ‏»القدس العربي«:‏<br />

صالح الدين مصطفى<br />

يظل املشروع التشكيلي لدى الفنان صاح ابراهيم<br />

يشكل مبحثا متصا ينهل من ثقافات السودان على<br />

تنوعها إضافة الى اإلرث اإلنساني العام.‏ وهو كغيره<br />

من التشكيليني السودانيني جمع بني املوهبة احلقيقية<br />

والدراسة األكادميية منذ حصوله على بكالوريوس<br />

كلية الفنون اجلميلة والتطبيقية ثم املاجستير واآلن<br />

اقترب من نيل الدكتوراه عن صورة اإلنسان اإلفريقي<br />

في الفن األوروبي القدمي.‏ ويقول إن مشروعه الفكري<br />

واجلمالي:«يهدف الى إبراز الذات الثقافية السودانية<br />

عن طريق اإلستلهام من الذاكرة الشعبية التي<br />

تتجلى في قصص اجلدات«احلبوبات«‏ واألحاجي<br />

وكل السرديات التي متزج األسطورة بالواقع بغرض<br />

التواصل واحلوارات مع ثقافات اآلخرين«.‏ وهو يسعى<br />

إلبراز كل ذلك من خال املعارض اجلماعية والشخصية<br />

داخل وخارج السودان،‏ إضافة للورش الفنية التي يتم<br />

من خالها ترسيخ الرؤى والتحاور حول املوضوعات<br />

الفنية.‏ ويشتمل املشروع أيضا على الدراسات واملقاالت<br />

األدبية والنقدية في الصحف والدوريات.‏<br />

ويرى صاح أن التشكيل السوداني يحظى بحضور<br />

مميز في كافة احملافل واملنابر الدولية التي حتتفي به<br />

على نحو مؤثر قل أن يوجد داخل السودان نفسه،‏<br />

ويستدل بالوجود العاملي الباذخ جملموعة كبيرة من<br />

الفنانني التشكيليني السودانني،‏ وفي الوقت نفسه فإن<br />

التشكيلي محبط ومهمل في باده وفي تقديره أن ذلك<br />

يرجع لعدة أسباب:«‏ أهمها أن الشأن الثقافي ليس من<br />

أولويات إهتمام احلكومات الوطنية املتعاقبة وهذا األمر<br />

يشمل كل ضروب الفنون وليس الفن التشكيلي وحده«.‏<br />

ويضيف بأن التشكيل في السودان يتميز<br />

بخصوصية واضحة ال تخطئها العني،‏ مما يعبر عن<br />

ذات ثقافية تنطلق من هوية محددة.‏ ويقول في هذا<br />

الشأن:«ساهم التشكيليون الرواد في تعبيد هذا الطريق،‏<br />

ومسمى مدرسة اخلرطوم يشير الى أن في اخلرطوم<br />

منجزات تشكيلية تشير الى هوية متفردة وليست هي<br />

مدرسة باملفهوم األوروبي،‏ ومعظم التشكيليني يرتادون<br />

هذا الطريق ولكن بعضا منهم يتنكب في تيه يفتقد الى<br />

الوجهة الصائبة«.‏<br />

من إجنازات التشكيلي صاح ابراهيم فوزه بجائزة<br />

‏»نوما«‏ اليابانية وهي تعنى برسوم كتب األطفال من<br />

خال نصوص تعبر عن ثقافات بعينها في قارات محددة،‏<br />

من أهم اهدافها اإلرتقاء بهذه الثقافات وجعلها تتحاور<br />

إذكاء لوحدة اجلنس البشري.‏ ويقول:«‏ مما يحمد<br />

لهذه اجلائزة أنها لفتت النظر الى اإلهتمام بشريحة<br />

اجتماعية مهمة وهي شريحة األطفال،‏ لكن من املؤسف<br />

أنها توقفت ألسباب مالية«.‏ ويرى أن أطفال السودان في<br />

حاجة ملحة ألعمال فنية حتمل جودة عالية في الشكل<br />

واملضمون وذلك إلحداث توازن في ظل التدفق الفضائي<br />

الذي يحاصرهم صباحا ومساء.‏<br />

وميتد املشروع التشكيلي ليشمل جانبا مهما<br />

متعلقا بتوثيق املعالم األصيلة في ‏»جزيرة توتي«‏ ذات<br />

اخلصوصية االجتماعية املميزة حيث كانت منطقة مغلقة<br />

يتم الوصول اليها بواسطة عبّ‏ ارة نيلية محلية تسمى<br />

‏»البنطون«‏ ثم جرى ربطها مع اخلرطوم،‏ فآثر نفر كرمي<br />

من أبناء اجلزيرة وعلى رأسهم الدكتور عمر الصديق<br />

على توثيق مامحها القدمية قبل أن تندثر،‏ ويقول عن<br />

هذا املشروع:‏ ‏»بدأت في العمل في هذا املشروع عبر<br />

جانبه التشكيلي في عام 2007 وقمنا بإعداد رسومات<br />

ملشاهد عديدة مثل احلراثة،‏ الطابية،النخات الثاث<br />

التي وصفها الفنان خليل فرح في إحدى أغنياته<br />

واملعدية التي يعبر بها أهالي توتي يعبرون بها في<br />

أربعينات القرن املنصرم وكذلك بعض األساطير املرتبطة<br />

بالغرق في النيل«.‏<br />

انتبه صاح مبكرا للعملة السودانية،‏ وتوج بحثه<br />

في هذا اجملال عبر رسالة علمية بعنوان ‏»دالالت األلوان<br />

صالح ابراهيم<br />

والرموز في العملة الورقية السودانية«‏ ويقول:«كان<br />

الهدف األساسي من هذه الدراسة هو تبيان البعد<br />

الثقافي الوطني في تصميم العملة الورقية ومن أهم<br />

النتائج التي توصلت اليها الدراسة أن العملة الورقية<br />

السودانية هي أولى العمات في وادي النيل«.‏<br />

يشارك صاح ابراهيم من خال وجوده في جامعة<br />

الفاشر ‏»كلية التنمية البشرية«‏ في التواصل مع اجملتمع<br />

احمللي في شمال درافور وغيرها من واليات السودان،‏<br />

وذلك عبر الورش واحملاضرات وإقامة املعارض ويقول<br />

إن الفنان احلقيقي ال ينفصل عن مجتمعه ويُ‏ رجع العزلة<br />

التي يعيش فيها بعض التشكيليني لنوع التعليم املوجود<br />

في السودان والذي فصل الطالب اجلامعي عن مجتمعه<br />

دون مبرر.‏<br />

ويعكف حاليا على البحث في صورة اإلنسان<br />

اإلفريقي في الفن األوروبي ما قبل اإلستعمار ويقول:«‏<br />

هي رسالة دكتوراه قيد اإلعداد في جامعة السودان<br />

للعلوم والتكنولوجيا،‏ كلية الدراسات العليا وتبحث<br />

في فترة ما قبل االستعمار وهي فترة ينقصها االهتمام<br />

بالدراسة - إال ما ندر-‏ والهدف األساسي من هذه<br />

الدراسة هو محاولة توضيح رؤية الفنان األوروبي<br />

لإلنسان األفريقي إبان تلك الفترة بعد أن صار االنسان<br />

االفريقي جزءا من اجملتمعات االوروبية وأحد شرائحه<br />

وصار يشكل حضورا في األعمال التشكيلية االوروبية،‏<br />

والسؤال هنا ‏:هل ينطلق الفنان االوروبي في تناوله<br />

لإلنسان األفريقي من ثقافة مجتمعه التي تتبنى مفهوم<br />

تفوق الرجل األبيض واملركزية األوروبية التي قادت<br />

الحقا لإلستعمار االستيطاني لقارة أفريقيا أم أن األمر<br />

ليس كذلك؟«.‏


Volume 26 - Issue 7839 Sunday 17 August 2014<br />

27 26<br />

السنة السادسة والعشرون العدد 7839 االحد 17 آب ‏)أغسطس(‏ 2014 21 شوال ‎1435‎ه<br />

حريات<br />

موريتانيا - ‏»القدس العربي«:‏<br />

عبدالله مولود<br />

‏»األملودات«‏ أو ‏»التاليبي«‏ كما يسمون<br />

في جنوب موريتانيا وفي السنغال<br />

اجملاورة،‏ أطفال في عمر الزهور فرض عليهم<br />

معلمو القرآن وأساتذة الكتاتيب التجول كل<br />

يوم من الصباح حتى املساء جلمع األموال<br />

عن طريق التسول واإلستجداء في األسواق<br />

وأمام املساجد وفي تقاطعات الطرق.‏<br />

تخلص منهم ذووهم لعدم القدرة على<br />

إعالتهم في مجتمعات أثقل الفقر كواهل<br />

معيليها،‏ وضاعف االرتباط بأربع نساء<br />

وهو العادة الزجنية الشائعة،‏ عدد أفراد<br />

حريات<br />

ضحيتها عشرات اآلالف من أبناء المكون الزنجي الموريتاني<br />

حفظ القرآن وسيلة تدريب األطفال على التسول<br />

األسرة التي قد تنجب ثاثني طفا بل وأكثر.‏<br />

من رحم هذه املعاناة ولدت ظاهرة<br />

‏»األملودات«‏ وهي جمع كلمة ‏»أملودو«‏<br />

ومعناها ‏»طالب القرآن«‏ وهي منتشرة<br />

باخلصوص داخل القوميات الزجنية في<br />

جنوب موريتانيا وفي عموم السنغال.‏<br />

ممادو جبيري )9 سنوات(‏ طفل<br />

غض إلتقته ‏»القدس العربي«‏ عند نقطة<br />

لتجمع األطفال املستجدين في مقاطعة<br />

الرياض جنوب العاصمة نواكشوط يقول<br />

‏»..مفروض علي يوميا أن أحصل ملعلمي<br />

3000 أوقية ‏)حوالي عشرة دوالرات(‏ وإال<br />

سيكون الضرب املبرح بالعصا جزائي«.‏<br />

الطفل جبيري بدا حافي القدمني يلبس<br />

لباسا رثا وبدت عيناه حمراوان تتقدان<br />

بسبب إصابته بالرمد احلبيبي.‏<br />

غير بعيد منه يقف الطفل أمادو لوه<br />

)11 سنة(‏ أكد ‏»أنه فخور بهذه املهنة فهو<br />

يجمع ماال يعطي منه ملعلمه ما اشترط<br />

عليه والباقي يساعد به أمه ذات األيتام<br />

الثمانية«.‏<br />

‏»القدس العربي«‏ زارت مدرسة البركة<br />

في حي كوسوفو في مقاطعة عرفات في<br />

نواكشوط هناك دافع معلم القرآن الذي<br />

طلب عدم ذكر اسمه عن ظاهرة استغال<br />

معلمي القرآن لألطفال مؤكدا ‏»أنها عادة<br />

حسنة جرى العمل بها منذ زمن طويل<br />

وهي عبارة عن نوع من التكافل بني أفراد<br />

اجملتمع«.‏<br />

وشرح سالي موندو كبير طلبة املدرسة<br />

عادة تسول أطفال القرآن فأكد ‏»أن الطالب<br />

إذا أكمل ربع القرآن يجب عليه أن يدفع<br />

للمعلم 30.000 أوقية )100 دوالر(‏ وإذا<br />

حفظ نطف القرآن وجب عليه دفع<br />

60.000 أوقية للمعلم وإذا أنهى القرآن حفظا<br />

وجتويدا وجب عليه دفع 120 ألف أوقية<br />

للمعلم.‏ ومبا أن أسر الطلبة أسر فقيرة يكون<br />

نظام استغال األطفال في التسول جلمع<br />

املال هو الوسيلة الوحيدة لسداد نفقات<br />

التعليم«.‏<br />

ويضيف أستاذ املدرسة ‏»أنه يتولى<br />

إعاشة جميع الطاب من جيبه اخلاص وهو<br />

ال ميلك أي مصدر للدخل سوى ما يأتي به<br />

األطفال«.‏<br />

ويقول املدون املوريتاني أحمد جدو<br />

‏»في كل صباح،‏ تخرج مجموعة من أطفال<br />

مدينة نواكشوط،‏ عاصمة موريتانيا،‏ ال<br />

للذهاب إلى املدارس بل للتسول!‏ وتسمى<br />

هذه اجملموعة ‏»أملودات«‏ ينتشرون بثيابهم<br />

الرثة وأشكالهم املتعبة وعلبهم املعدنية<br />

الفارغة،‏ و يبدأون باستدرار عطف املارة<br />

عند إشارات املرور وأمام مطاعم ومقاهي<br />

وأسواق العاصمة«.‏<br />

ويضيف ولد جدو في تدوينة أخيرة له<br />

‏»هؤالء األطفال الذين تتراوح أعمارهم بني<br />

4 و‎12‎ عاما ال يتسولون من أجل أنفسهم،‏<br />

بل تلبية لرغبة الشيوخ الذين يدرسونهم<br />

القراَ‏ ن في الكتاتيب.‏ ويتم األمر مبعرفة<br />

أهلهم ومبوافقهم،‏ فهم يتسولون من أجل<br />

حفظ القراَ‏ ن،‏ وأهلهم يقبلون ذلك نتيجة<br />

لفقرهم،‏ يظلون طوال النهار يتسكعون في<br />

الشوارع حتى يحققوا احلد األدنى املفروض<br />

من طرف شيخهم«.‏<br />

ويتابع املدون شرح رؤيته للظاهرة<br />

قائا ‏»إنهم يقتاتون أثناء مسيرتهم اليومية<br />

على الطعام الذي يجود به أصحاب املطاعم<br />

واملارة،‏ ألنه ليس من حقهم ملس ما يحصلون<br />

عليه من نقود..ويأتي هؤالء األطفال في<br />

الغالب من مدن الداخل املوريتاني،‏ وأحيانا<br />

من دولتي السنغال ومالي«.‏<br />

ويضيف ‏»هذه الظاهرة ليست جديدة<br />

على اجملتمع املوريتاني،‏ لكنها خاصة<br />

باملكون الزجني،‏ وهي في األصل كانت<br />

نوعاً‏ من«التكافل االجتماعي«‏ بحيث<br />

يتكفل اجملتمع بطلبة العلم،‏ وهو ما يعتبر<br />

مبثابة الواجب األخاقي،‏ ولبث قيم<br />

التواضع واألخوة لدى طاب العلم،‏ حيث<br />

كان الشيخ الذي يدرس القراَ‏ ن ‏)املرابو(‏<br />

يتكفل باألوالد ويسكنهم في الكتاب الذي<br />

يديره،‏ وال يتقاضى أجرة على تدريسهم،‏<br />

وتسولهم يقتصر على طلب وجبات الطعام<br />

ألنفسهم،‏ وهي كانت فلسفة لدى مدرسي<br />

القراَ‏ ن اَ‏ نذاك،‏ حيث يعتبرون أن األمر<br />

سيجعل الطلبة متواضعني وغير متكبرين،‏<br />

وهذا بحسب رأيهم هدف نبيل،‏ ومن خال<br />

هذا الفعل يريد آباء الطاب أن يثبتوا أن<br />

أبناءهم قد ضحوا من أجل تعلم القراَ‏ ن<br />

وعلوم اللغة«.‏<br />

ويتابع ‏»..لكن مع وجود الدولة<br />

احلديثة وهجرة الكثير من سكان الريف إلى<br />

العاصمة،‏ بسبب اجلفاف والفقر واجلوع،‏<br />

تغيرت األوضاع وحتولت الظاهرة إلى<br />

جتارة وانتهاك للطفولة،‏ وحتولت بعض<br />

الكتاتيب التي تدرس القراَ‏ ن للزنوج في<br />

نواكشوط إلى مراكز لنشر املتسولني في<br />

الشارع،‏ وحتول بعض مدرسي القراَ‏ ن إلى<br />

مجموعة من اجملرمني الذين يفرضون على<br />

األطفال املوجودين لديهم أن يتسولوا و أن<br />

يحصلوا على مبالغ محددة،‏ وإال تعرضوا<br />

للضرب والتنكيل،‏ بحيث يوجدون على<br />

الطرقات في ساعات متأخرة من الليل وهم<br />

ما زالوا يبحثون عن املبلغ املطلوب«.‏<br />

ويرى أحمد جدو ‏»أن ظاهرة األملودات<br />

طريق إلى اإلنحراف واجلهل«ويؤكد ‏»أن<br />

وجود هؤالء األطفال في الشارع لفترات<br />

طويلة وتعودهم على التسول وحرمانهم<br />

لسنوات من رؤية أهلهم،‏ حوّ‏ ل الكثير<br />

منهم إلى مجرمني ناشطني في عصابات،‏<br />

ميارسون النشل وكل أشكال اللصوصية،‏<br />

ويتم استخدامهم أحياناً‏ في جتارة<br />

اخملدرات،‏ ويصبح مصير الكثير منهم<br />

التورط في جرائم والذهاب إلى السجن«.‏<br />

ويطالب املدون املوريتاني احلكومة<br />

بالتحرك ‏»إلنقاذ األطفال،‏ بوضع برامج<br />

حقيقية فعالة من أجل دمجهم في احلياة<br />

الطبيعية،‏ والوقوف في وجه املشايخ<br />

املتاجرين بهم باسم تدريس القراَ‏ ن،‏ ووضع<br />

قوانني واضحة جترم فعلهم،‏ مع القيام<br />

بحمات توعية اجملتمعات إلقناع العائات<br />

بالتوقف وتنبيهها خلطورة ما يحدث<br />

ألوالدها«‏ مضيفا ‏»أن ظاهرة ‏»األملودات«‏ ال<br />

تقتصر على موريتانيا فقط،‏ فهي موجودة<br />

في أغلب دول غرب إفريقيا وهي متارس<br />

بالطريقة نفسها«.‏<br />

وملواجهة ظاهرة تشرد األطفال<br />

افتتحت احلكومة املوريتانية عام 2006،<br />

مركز احلماية والدمج االجتماعي التابع<br />

للوزارة املكلفة بشؤون املرأة والطفولة<br />

الذي استقبل حسب مديرته املساعدة مرمي<br />

بنت احلبيب ‏»أزيد من 600 شخص ما بني<br />

مشرد ولقيط«.‏<br />

وتؤكد مرمي بنت احلبيب ‏»إن احلكومة<br />

املوريتانية تنفذ عبر املركز سياسة ذات<br />

محورين أحدهما وقائي،‏ واآلخر عاجي<br />

حيث أسست مراكز اإليواء،‏ واعتمدت<br />

البحث عن األطفال املهددين باالنحراف،‏ أو<br />

املعرضني للتسرب املدرسي نتيجة للتفكك<br />

األسري،‏ أو للفقر املدقع من أجل دمجهم<br />

وحمايتهم«.‏<br />

هذه الظاهرة منتشرة في الكتاتيب<br />

التي يشرف عليها معلمون وهي خاصة<br />

أيضا باألطفال ذوي األصول الزجنية.‏<br />

يقول تيام عبد الله وهو مختص في<br />

علم االجتماع وناشط في منظمات دولية<br />

معنية باستغال األطفال ‏»إن ظاهرة<br />

استغال أطفال ‏»التاليبي«‏ ازدادت بعد أن<br />

تدنى ريع الزراعة املصدر املالي الذي كان<br />

يعتمد عليه أساتذة الكتاتيب فلم يبق لديهم<br />

من وسيلة سوى ابتعاث األوالد جلمع املال<br />

في الطرقات«.‏<br />

ويضيف ‏»في املدن يتعرض األطفال<br />

لشتى اخملاطر:‏ حوادث الطرق،‏ اإلختطاف،‏<br />

اإلعتداءات اجلسدية واجلنسية وغير<br />

ذلك...«.‏<br />

وتؤكد األخصائية اإلجتماعية آمناتا<br />

سمب ‏»على خطورة أوضاع األطفال<br />

املشردين فهم بعيدون عن ذويهم وال<br />

ميلكون وسيلة للدفاع في حالة اإلعتداء<br />

عليهم في الشارع أو في حالة ما إذا عاملهم<br />

املعلم بعنف«.‏<br />

وتضيف ‏»إن مصير األطفال داخل<br />

الكتاتيب،‏ هو بيد معلميهم من شيوخ القرآن<br />

الذين اتخذوا فتح املدارس وجمع األيتام<br />

فيها وسيلة للعيش،‏ فتجد الشيخ الواحد<br />

يدير عشر مدارس جتمع كل منها مئات<br />

األطفال،‏ وال بد لكل طفل أن يجمع مبلغا<br />

ماليا كل يوم،‏ ومشاكل احلياة من غاء<br />

وارتفاع تكاليف االستئجار والدواء كل هذا<br />

يجعل مشائخ املدارس ملزمون بدفع األوالد<br />

نحو اإلستجداء«.‏<br />

ويشير صمبا جاخاتي وهو خريج<br />

سابق من مدرسة للقرآن في مدينة كيهيدي<br />

جنوب موريتانيا إلى ‏»أن معلمي القرآن<br />

يخفون احلقائق عن عائات األطفال<br />

املستغلني«.‏<br />

وال تتوقف معاناة هؤالء األطفال عند<br />

حدود وجودهم داخل الكتاتيب بل املشكلة<br />

أكبر بعد التخرج حيث ال ميلك اخلريجون<br />

مهارات متكنهم من العمل فيضطر الكثيرون<br />

منهم للتحول بدورهم ألساتذة يستغلون<br />

أطفاال آخرين وهكذا دواليك..‏<br />

وحذرت دراسات اجتماعية كثيرة<br />

تناولت هذه الظاهرة بينها دراسة<br />

أعدها األستاذ محمدو جوم عام 2001<br />

لوزارة التعليم السنغالية،‏ من خطورة<br />

نظام الكتاتيب القائم على استغال<br />

األطفال.‏<br />

يقول محمدو جوم ‏»..خال فترة<br />

الطفولة التي يتعلم فيها الصبي احلياة<br />

اإلجتماعية يكون طاب الكتاتيب على<br />

الهامش منبوذين لروائحهم املنتنة<br />

وألجسادهم املوبوءة فيكبرون على العزلة<br />

واإلعتزال وعلى حياة ال سيادة فيها إال<br />

للعنف والشقاء«.‏<br />

ومبا أن أطفال اليوم هم قادة اجملتمع<br />

في الغد فما الذي تفعله حكومات الدول التي<br />

تنتشر فيها هذه الظاهرة الغريبة؟ بالنسبة<br />

للسنغال التي تنتشر فيها أكثر هذه الظاهرة<br />

والتي عبرت منها الى موريتانيا ومالي فإن<br />

احلكومة جتمع بني رقابة الكتاتيب عن بعد<br />

والسماح باستمرارية نظامها خوفا من<br />

إثارة شيوخها ذوي التأثير الكبير.‏ وفي<br />

عام 2012 اصدر الرئيس السنغالي السابق<br />

عبد الله واد قانونا بتحرمي التسول داخل<br />

املدن غير أن احلكومة اضطرت،‏ حتت ضغط<br />

احتجاجات الشيوخ،‏ لسحب القانون بعد<br />

ثاثة أشهر من تطبيقه.‏<br />

وكانت منظمة ‏»هيومن رايتس ووتش«‏<br />

قد نشرت في آذار/مارس املاضي تقريرا<br />

بعنوان ‏»استغال بحجة التعليم«‏ انتقدت<br />

فيه تعامل السلطات السنغالية مع ظاهرة<br />

تسول األطفال،‏ ودعت إلصدار قانون ينظم<br />

ويدعم املدارس القرآنية حتى ال تظل وكرا<br />

لتدمير الناشئة.‏<br />

البداية:‏<br />

تؤكد إحصائيات منظمة اليونسيف أن عدد األطفال املستغلني ضمن ظاهرة ‏»أملودات تاليبي«‏ يبلغ 150.000 طفل.‏<br />

بدأت الظاهرة عام 1974 عندما هجر الريفيون السنغاليون واملوريتانيون قراهم بعدما اكتسح جفاف السبعينيات احملاصيل<br />

الزراعية ففروا نحو املدن الكبرى أما في احلصول على وسيلة كسب للمعاش.‏<br />

أسباب:‏<br />

فقدت األسر مواشيها وقضى اجلفاف على احملاصيل فاضطر السكان إلرسال أبنائهم للكتاتيب ووضعهم حتت تصرف مشائخ<br />

مدرسني للقرآن مع السماح باستغالهم مقابل تعليمهم.‏<br />

نشأت الظاهرة وافتتحت مئات املدارس،‏ وعلى مر السنني ترسخت املنظومة اإلستغالية وأصبح كل من ال ميلك وسيلة إلعاشة<br />

ابنه يرميه داخل املدارس ليتحول إلى مسترق للمعلم الذي هو أبوه الروحي.‏<br />

واجبات الطفل:‏<br />

أن يأتي كل يوم بنقود أو بخبز أو سكر أو دقيق أو فواكه..املهم أن يأتي بشيء،‏ وهذا يضطره للتجوال طيلة اليوم بني املنازل<br />

ودور العبادة وداخل األسواق..‏ ويضطر األطفال أحيانا للسرقة كيا يعودوا بأيد فارغة.‏<br />

غرائب:‏<br />

غالبية أطفال ‏»األملودات«‏ ال يحفظون أي شيء من القرآن رغم مضي سنوات عليهم وهم في مدارس قرآنية؛ إنهم أدوات بشرية<br />

ال دور لهم سوى إثراء املعلم.‏<br />

إحصاءات:‏<br />

150.000 ألف طفل مستغل ضمن نظام ‏»األلمودات«‏<br />

تقدر إحصائيات األمم املتحدة عدد األطفال املستغلني في نظام ‏»األملودات«‏ مبا يتراوح بني 120 و‎150‎ ألف طفل.‏


Volume 26 - Issue 7839 Sunday 17 August 2014<br />

29 28<br />

السنة السادسة والعشرون العدد 7839 االحد 17 آب ‏)أغسطس(‏ 2014 21 شوال ‎1435‎ه<br />

ميديا<br />

ميديا<br />

معجم لغوي لتجميل العدوان اإلسرائيلي على الوعي الغربي<br />

لندن - ‏»القدس العربي«:‏<br />

أياد بركات<br />

‏»ليس للنشر أو التوزيع«‏ جملة كتبت على كل صفحة من صفحات<br />

كتاب سري،‏ سربته ‏»نيوزويك«‏ وكتبت عنه صحيفة ‏»اإلندبندت«‏<br />

البريطانية.‏<br />

الكتاب بعنوان ‏»مشروع إسرائيل،‏ معجم لغوي شامل<br />

2009« واملعد بعناية فائقة إلعتباره معجما إعاميا ودليا في أساليب<br />

التأثير على وعي اجلمهور،‏ وكسب الرأي العام األمريكي واألوروبي،‏<br />

‏»يستعمله كل من يحارب في اخلطوط األمامية في اإلعام دفاعا عن<br />

إسرائيل لكسب املزيد من الدعم والتأثير لصاحلها«-‏ مقتبس من<br />

الكتاب.‏<br />

كتبه قبل خمس سنوات الدكتور فرانك لونتز من احلزب<br />

اجلمهوري األمريكي واخلبير في إستطاعات الرأي واإلستراتيجيا<br />

السياسية،‏ مع فريق من خبراء الدعاية واإلعان وخبراء امليديا وذلك<br />

بتكليف من مؤسسة تطلق على نفسها إسم ‏»مشروع إسرائيل من أجل<br />

األمن واحلرية والسام«‏ عام 2009 بعد حرب ‏»الرصاص املصبوب«‏<br />

على غزة،‏ لتعليم وتدريب املتحدثني الرسميني اإلسرائيليني والنشطاء<br />

اإلعاميني الذين يظهرون عبر وسائل اإلعام،‏ وذلك لتبرير<br />

إعتداءات إسرائيل الوحشية وقتلها للمدنيني واألطفال،‏ لرأي عام<br />

أمريكي وأوروبي بدأت تصله صور ضحايا العدوان اإلسرائيلي عبر<br />

اإلنترنت وشبكات التواصل اإلجتماعي،‏ فأصبحت الصورة تتضح<br />

تدريجيا له،‏ صورة إسرائيل احلقيقية.‏<br />

الكتاب موجه للجمهور األمريكي في الدرجة األولى واألوروبي<br />

في الثانية،‏ ونصائحه مبنية على دراسات علمية عن طبيعة اجلماهير<br />

وطريقة تفكيرها،‏ وهو مدعم بإستطاعات رأي مفصلة حول مختلف<br />

القضايا التي تتعلق بإسرائيل.‏<br />

وحسب الكتاب،‏ هناك ثاث فئات من اجلمهور األمريكي،‏ فئة مؤيدة<br />

إلسرائيل وستبقى كذلك،‏ وال داعي خملاطبتها حملاولة التأثير عليها من<br />

خال وسائل اإلعام العامة،‏ بل يجب مخاطبتها مباشرة ووجها لوجه<br />

من خال املنظمات واملؤسسات التي متثلها،‏ والثانية هي من اجلمهور،‏<br />

وهي الفئة املعارضة إلسرائيل والكارهة لسياساتها،‏ وهؤالء بالنسبة<br />

للكتاب ال ينبغي إهدار الوقت واملال في محاوالت التأثير عليهم من<br />

خال وسائل اإلعام العامة،‏ حتى احلوار املباشر يعتبره الكتاب غير<br />

مفيد!‏ اال في إطار محاضرات أو مناظرات في اجلامعات وذلك لتدريب<br />

نشطاء اإلعام الشباب املؤيدين إلسرائيل لتقوية أدائهم اإلعامي<br />

واخلطابي من خال مشاركتهم في هذه املناظرات واحملاضرات.‏<br />

أما الفئة الثالثة من اجلمهور،‏ فهم من غير املعارضني إلسرائيل<br />

أو املؤيدين لها فيسميها الكتاب بفئة ‏»القابلني لإلقناع«‏ وهي الفئة<br />

التي يجب التركيز عليها في توجيه اخلطاب اإلعامي اإلسرائيلي<br />

للعمل على إقناعها،‏ إما بالبقاء على رأيها أو الستمالة قناعاتها لصالح<br />

إسرائيل وقضاياها!‏<br />

من أجل حتقيق هذا الهدف الصعب يشرح الكتاب بالتفصيل<br />

الدقيق الكلمات والعبارات احملددة التي يجب على املتحدثني<br />

استعمالها وتلك التي يجب جتنبها وذلك حسب القضية املطروحة،‏<br />

مثل قضية قتل املدنيني،‏ حل الدولتني،‏ عودة الاجئني،‏ وباقي القضايا<br />

واألسئلة التي قد تطرح.‏<br />

يشرح د.‏ لونتز كيفية وأسلوب املراوغة وجتنب اإلجابة عن<br />

األسئلة الصعبة أو الشائكة.‏ فمثاً‏ يقول الكتاب ‏»مهما كان السؤال<br />

الذي تواجهه يجب عليك جتاوزه بساسة وإستغاله فقط كجسر<br />

للعبور واإلنتهاء بعبارات وأفكار تصب في صالح إسرائيل،‏ فعندما<br />

يسألونك سؤاال مباشراً‏ فأنت لست ملزما بإعطاء جواب مباشر،‏ أنت<br />

من يتحكم في ماذا تقول وكيف تقوله،‏ وتذكر أن تقدمي إجابات ليس<br />

هو الهدف من إجراء مقابات تليفزيونية،‏ لكن هدفك احلقيقي هو<br />

التأثير على القابلني لإلقناع وكسبهم لصالح إسرائيل«.‏<br />

يقدم الكتاب وصفات وأساليب عديدة لكيفية التأثير على<br />

اجلمهور وعلى وعي املشاهد وعقله الباطني.‏ في البند األول من بنود<br />

الكتاب يقول:‏ ‏»املشاهد لن يتأثر مباذا تعرف ومبهاراتك اللغوية اال<br />

اذا شعر أنك إنسان حنون،‏ دائما إظهر تعاطفك مع الطرفني،‏ الضحايا<br />

اإلسرائيليني والفلسطينيني!«.‏<br />

ويعتبر الكتاب ان نسبة كبيرة من الشعب األمريكي متعاطفة<br />

مع الفلسطينيني،‏ لذلك على املتحدثني اإلسرائيليني في اإلعام،‏ عدم<br />

مهاجمة الشعب الفلسطيني أو إتهام ‏»الفلسطينيني«‏ باإلرهاب،‏ بل<br />

عليهم مهاجمة حماس ألن الناس يعتقدون بأنها منظمه إرهابية.‏<br />

فالطريقة هي،‏ التفريق الدائم بني حماس والشعب الفلسطيني،‏<br />

والربط املستمر بني حماس وإيران وبرنامجها النووي،‏ ألن إيران في<br />

الوعي األمريكي ما زالت تشكل خطراً‏ وتعتبر داعما رئيسيا لإلرهاب.‏<br />

ينصح الكتاب املتحدثني اإلعاميني بأن ال يستعملوا مفردات<br />

الرفض والكلمات السلبية،‏ فاجلمهور يريد أن يشعر دائما بأن هناك<br />

أما فيقتنع بسهولة أكثر باملتحدث اإلعامي الذي يستخدم كلمات<br />

ومصطلحات إيجابية بدال من السلبية.‏ يقول الكتاب ‏»ليس مهما أن<br />

تقول أنت ضد ماذا ومن،‏ أو أن توضح القضايا التي تقف بالضد منها،‏<br />

األهم أن توضح للجمهور القضايا التي تؤيدها واألهداف التي تسعى<br />

لتحقيقها«.‏ فبغض النظر عما يجري في الشرق األوسط من أحداث،‏<br />

على اإلسرائيليني القول باستمرار بأنهم ما زالوا يريدون السام.‏<br />

يعتبر الكتاب بأن العالم وأغلبية الناس ترى اإلسرائيليني<br />

والفلسطينيني غير متكافئني من حيث القوة واجلبروت،‏ وأن الناس<br />

تعتبر أن الصراع احلالي هو صراع بني داوود وجالوت،‏ ولكن هذه<br />

املرة،‏ الفلسطيني هو داوود.‏<br />

إن هذا اإلنطباع لدى الناس<br />

يعتبره الكتاب خطرا على<br />

إسرائيل،‏ لذلك يقدم سلسلة<br />

من النصائح واإلرشادات<br />

لتغيير هذا اإلنطباع بشكل<br />

غير مباشر،‏ فيلجأ ألسالبيب<br />

البرمجة اللغوية وإختيار<br />

الكلمات التي تؤثر على العقل<br />

الباطني للمستمع واملشاهد<br />

لتغيير هذا اإلنطباع واستبداله<br />

بإنطباع آخر مفاده أن الطرفني<br />

اإلسرائيلي والفلسطيني هما<br />

متساويان،‏ وذلك باإليحاء بأن<br />

قدراتهما العسكرية متكافئة!‏<br />

ولتحقيق هذا الهدف ينصحهم<br />

الكتاب باإلكثار من إستعمال<br />

كلمات مثل ‏»شراكة،‏ مشاركة،‏<br />

إحترام متبادل،‏ التعايش،‏<br />

العيش جنبا الى جنب بسام«.‏<br />

وينصحهم بتكرار جمل مثل:‏<br />

‏»اإلسرائيليون والفلسطينيون،‏<br />

كاهما لديهم احلق ب … « وما<br />

يتبع هذه اجلملة ليس مهما،‏<br />

املهم ان يسمعها اجلمهور تتكرر<br />

مع باقي الكلمات األخرى،‏ هكذا<br />

ومع الوقت يصبح اجلمهور<br />

األمريكي مقتنعا بأن هناك<br />

طرفني للصراع يتساوان في<br />

املسؤوليات والواجبات،‏ فيعتقد<br />

مثا أن ‏»من حق إسرائيل الدفاع<br />

عن نفسها«‏ ليدعم بذلك تبرير<br />

جرائمها وإعتداءاتها املستمرة.‏<br />

الدكتور فرانك لونتز<br />

لندن - ‏»القدس العربي«:‏<br />

محمد عايش<br />

فَ‏ قَ‏ د العديد من الناشطني املصريني<br />

صفحاتهم على ‏»فيسبوك«‏ و«تويتر«‏ بعد<br />

أن مت استهدافها وقرصنتها مؤخراً‏ من قبل<br />

خبراء متخصصني،‏ ليتبني لهم أن عملية<br />

استهداف مبرمجة ومتعمدة من املكان نفسه<br />

واجلهة هي التي تقوم بذلك،‏ بحسب ما أكد<br />

ناشط ل»القدس العربي«.‏<br />

وتدور رحى معركة طاحنة على<br />

االنترنت بني مؤيدي النظام اجلديد في<br />

مصر،‏ ومعارضيه ممن يؤيدون الرئيس<br />

السابق محمد مرسي،‏ ويعتبرون ما حدث في<br />

الثالث من متوز/‏ يوليو 2013 انقاباً‏ عسكرياً‏<br />

أطاح بثورة يناير ومكتسباتها.‏<br />

ويتعرض صحافيون ومدونون<br />

لإلستهداف على االنترنت وعبر شبكات<br />

التواصل االجتماعي،‏ سواء باإلساءة<br />

ألشخاصهم أو مبحاولة محاصرتهم وإسكات<br />

اصواتهم،‏ فيما شرح أحدهم أن ثمة طريقتني<br />

ملاحقة الناشطني واإلعاميني إحداهما من<br />

خال القرصنة التي تنتهي بسرقة احلساب<br />

أو الصفحة أو املوقع االلكتروني،‏ والثانية<br />

أن تنهال سيول من الشكاوى ضد ناشط<br />

أو إعامي بعينه فتقوم إدارة ‏»فيسبوك«‏<br />

أو ‏»تويتر«‏ بإغاق حسابه،‏ ومن ثم يكون<br />

قد مت إسكاته وغاب عن شبكات التواصل<br />

صحافيون يتحدثون عن استهداف متعمد لصفحاتهم على ‏»فيسبوك«‏<br />

مصر تالحق معارضيها عبر االنترنت بجيش من ‏»الهاكرز«‏<br />

لندن - ‏»القدس العربي«:‏<br />

جنحت اسرائيل في مترير إعان دعائي مدفوع<br />

الثمن على صفحات جريدة ‏»الغارديان«‏ البريطانية،‏<br />

التي تعتبر واحدة من أهم وأشهر الصحف في اململكة<br />

املتحدة،‏ وذلك بعد أن رفضت جريدة ‏»التاميز«‏ نشر هذا<br />

اإلعان،‏ فيما دبت حالة من الغضب واإلستياء الشديد<br />

ضد ‏»الغارديان«‏ في أوساط أبناء اجلالية العربية<br />

واملسلمة في بريطانيا إضافة الى املنظمات واجلمعيات<br />

الداعمة املتعاطفة مع الشعب الفلسطيني.‏<br />

وتضمن اإلعان مزاعم على لسان الصهيوني<br />

األمريكي ايلي فايزل،‏ العضو في اجمللس االستشاري<br />

جملموعة ‏»إالد«‏ للمستوطنني املتدينني،‏ قال فيها إن حركة<br />

حماس استخدمت املدنيني واألطفال دروعاً‏ بشرية ولذلك<br />

سقط عدد كبير منهم في القصف االسرائيلي على قطاع<br />

غزة.‏<br />

وحاول اإلعان الترويج لفكرة أن اسرائيل تدافع<br />

عن نفسها في وجه االرهاب،‏ وهي الفكرة التي لم تعد<br />

تنطلي على الرأي العام الغربي والعاملي،‏ حيث كشفت<br />

الصور وتسجيات الفيديو حجم القتل الذي متارسه<br />

اسرائيل وأنها هي التي تبدأ بالعدوان.‏<br />

وتواجه اسرائيل أسوأ أحوالها منذ عقود طويلة<br />

في اجملال اإلعامي،‏ حيث لم يعد الكثير من الصحافيني<br />

ووسائل اإلعام يدافعون عنها في عدوانها على<br />

الفلسطينيني،‏ فيما جنح الفلسطينيون على الصعيد<br />

اإلعامي بصورة واضحة في فضح اجلرائم االسرائيلية<br />

وتعرية االحتال أمام العالم.‏<br />

وأثار اإلعان املدفوع الذي نشرته ‏»الغارديان«‏<br />

استياء واسعاً‏ في أوساط قرائها دفعهم الى التوقيع على<br />

عريضة احتجاج أرسلوا بها الى الصحيفة وقع عليها<br />

نحو 14 ألف قارئ لتضطر الصحيفة بدورها الى نشر<br />

رسالة اإلحتجاج ونشر العديد غيرها من االعتراضات<br />

على اإلعان،‏ وذلك في الصفحة اخملصصة لبريد القراء.‏<br />

وتساءلت إحدى احملتجات في رسالتها الى<br />

‏»الغارديان«:‏ ‏»هل كانت الصحيفة ستقبل نشر اإلعان<br />

لو كان مناصراً‏ للفلسطينيني وتضمن تشبيه جلرائم<br />

االجتماعي.‏<br />

ويبدو أن النظام اجلديد في مصر<br />

قد تعلم من أخطاء املاضي،‏ حيث بات في<br />

حكم املؤكد أن شبكات التواصل االجتماعي<br />

واملدونات واملواقع االلكترونية اجلماهيرية<br />

لعبت دوراً‏ كبيراً‏ في إسقاط الرئيسني<br />

املصريني السابقني محمد حسني مبارك<br />

ومحمد مرسي،‏ وهو ما جعل الرئيس عبد<br />

الفتاح السيسي ونظامه يولون اهتماماً‏<br />

استثنائياً‏ لهذه األدوات التي توفر اتصاالً‏<br />

جماهيرياً‏ لم يعرفه العالم من قبل.‏<br />

وأبلغ الناشط واإلعامي املصري سامح<br />

العطفي ‏»القدس العربي«‏ بأن صفحته<br />

على ‏»فيسبوك«‏ مت إغاقها ومت حرمانه<br />

من التواصل مع آالف املصريني من خالها،‏<br />

مشيراً‏ الى أن عملية اإلغاق جاءت بعد<br />

حملة مكثفة استمرت طوياً‏ ضده وضد ما<br />

كان يعبر عنه من مواقف وآراء معارضة<br />

للنظام اجلديد في مصر.‏<br />

وبحسب العطفي فان إدارة ‏»فيسبوك«‏<br />

هي التي أغلقت صفحته بعد أن تلقت عدداً‏<br />

كبيراً‏ من الشكاوى ضده،‏ وذلك رغم أنه لم<br />

يرتكب أي مخالفات لسياسات املوقع،‏ ولم<br />

ينشر سوى آراء ومواقف شخصية ال تتميز<br />

بشيء سوى أنها تعارض السيسي ونظامه.‏<br />

ويؤكد أن لدى ‏»نظام السيسي جيش<br />

من قراصنة االنترنت احملترفني الذين<br />

يقومون بإسكات األصوات،‏ وماحقة<br />

الصحافيني واملعارضني«‏ مشيراً‏ الى أن هذا<br />

االسرائيليني بجرائم النازية؟«‏ وأجابت على السؤال<br />

بكلمة:‏ ‏»ال«.‏<br />

وقال أحد قراء الصحيفة إنه يواظب على شرائها<br />

وقراءتها منذ 25 سنة،‏ لكنه قرر التوقف عن شرائها<br />

وقراءتها منذ أن شاهد ‏»اإلعان املقزز واملستفز«.‏<br />

وأعتبر احملتجون املوقعون على العريضة أن جريدة<br />

‏»الغارديان«‏ جتاهلت موقف الرأي العام في بريطانيا<br />

والذي خرج بعشرات اآلالف يتظاهر في شوارع لندن<br />

وشوارع العديد من املدن األخرى ضد احلرب االسرائيلية<br />

اجليش ال ينجح في إقناع إدارة ‏»فيسبوك«‏<br />

باغاق أي صفحة ما لم تكن له إمكانات<br />

ضخمة،‏ حيث يتطلب األمر شكاوى من<br />

أجهزة وعناوين الكترونية مختلفة وأسماء<br />

وحسابات عديدة.‏<br />

ويتفق مع العطفي الناشط املصري<br />

املقيم في لندن إسام البغدادي الذي قال<br />

ل»القدس العربي«‏ إن قراصنة مصريني<br />

جنحوا في سرقة صفحته على ‏»فيسبوك«‏<br />

ونشروا عليها صورة الرئيس املصري عبد<br />

الفتاح السيسي لعدة ساعات قبل أن ينجح<br />

في استعادتها.‏<br />

ويؤكد البغدادي أنَّ‏ لدى النظام اجلديد<br />

في مصر ‏»جيش من القراصنة احملترفني<br />

الذين يعملون على مدار الساعة من أجل<br />

إسكات أصوات املعارضة على االنترنت«‏<br />

مشيراً‏ الى أن العديد من الناشطني اإلعاميني<br />

مت استهدافهم على االنترنت،‏ وبعضهم خسر<br />

حسابه على ‏»فيسبوك«‏ أو ‏»تويتر«‏ بشكل<br />

كامل ولألبد.‏<br />

ويضيف أن املشكلة في عملية اإلختراق<br />

وسرقة احلسابات ال تتوقف عند إسكات<br />

الشخص،‏ وإمنا يتعرض لعملية جتسس<br />

كبيرة تكشف الكثير من مراساته اخلاصة،‏<br />

فضاً‏ عن أنه منذ اللحظة األولى لسقوطه<br />

كضحية في أيدي ‏»الهاكرز«‏ فانه يتحول على<br />

الفور الى ‏»طعم«‏ يتم به اصطياد اآلخرين،‏<br />

حيث يبدأ الذين قاموا بإختراق احلساب<br />

مبحاولة االتصال بأصدقاء الناشط من<br />

خاله من أجل اإليقاع بهم بسهولة.‏<br />

وهو ينصح بالتحوط من عمليات<br />

اإلختراق التي تستهدف الناشطني<br />

والصحافيني،‏ داعياً‏ اياهم الى إنشاء<br />

حسابات احتياطية على الدوام من أجل<br />

استخدامها عند احلاجة.‏<br />

يشار الى أن أهمية شبكات التواصل<br />

االجتماعي واملدونات قد ازدادت بالنسبة<br />

‏»الغارديان«‏ تنشر إعالنًا مؤيدًا إلسرائيل يثير غضبًا في بريطانيا<br />

على غزة،‏ كما خرج عشرات اآلالف يتظاهرون مؤخراً‏<br />

ضد تغطية ‏»بي بي سي«‏ اإلعامية للعدوان االسرائيلي<br />

والتي لم تكن محايدة وال منصفة وامنا كانت منحازة<br />

لاسرائيليني.‏<br />

وكانت القوى املؤيدة السرائيل في بريطانيا<br />

وعدد من دول العالم حاولت نشر إعانات مدفوعة<br />

الثمن تروج للرواية االسرائيلية وحتاول تغيير مسار<br />

الرأي العام الغربي،‏ فيما يقول العديد من املراقبني إن<br />

اسرائيل حاولت من خال إعانات مدفوعة وباهظة<br />

للناشطني واإلعاميني املصريني خال<br />

الشهور األخيرة،‏ وذلك بسبب إحكام الهيمنة<br />

احلكومية على وسائل اإلعام،‏ وإغاق<br />

العديد من الصحف والفضائيات،‏ وهو ما<br />

جعل االنترنت املنبر الوحيد املتوفر والذي<br />

يجعلهم قادرين على التواصل مع اآلخرين،‏<br />

خاصة بالنسبة للناشطني خارج مصر<br />

الراغبني في التأثير في الداخل.‏<br />

الثمن شراء ذمم بعض الصحف والتأثير في سياساتها<br />

التحريرية أيضاً‏ ، حيث دفعت مبالغ مالية كبيرة نظير<br />

إعاناتها.‏<br />

ورفضت جريدة ‏»التاميز«‏ البريطانية نشر اإلعان<br />

الذي وافقت ‏»الغارديان«‏ على نشره،‏ وذلك رغم أن<br />

التاميز محسوبة تقليدياً‏ في بريطانيا على التيار<br />

اليميني،‏ بينما تعتبر ‏»الغارديان«‏ صحيفة اليسار في<br />

بريطانيا،‏ وتبدي تعاطفاً‏ في العادة مع غالبية القضايا<br />

العربية،‏ وخاصة القضية الفلسطينية.‏


Volume 26 - Issue 7839 Sunday 17 August 2014<br />

31 30<br />

السنة السادسة والعشرون العدد 7839 االحد 17 آب ‏)أغسطس(‏ 2014 21 شوال ‎1435‎ه<br />

اقتصاد<br />

اقتصاد<br />

الحرب على غزة..‏ جرف اقتصادي موجع إلسرائيل<br />

خمسة ماليين رصاصة...‏ و‎82‎ ألف قذيفة مدفع ودبابة..‏<br />

50 مليون لتر وقود للطائرات المقاتلة<br />

الناصرة - ‏»القدس العربي«:‏<br />

وديع عواودة<br />

فيما يتفاقم اجلدل الصاخب في إسرائيل حول<br />

النتائج احلقيقية للعدوان على غزة والتي تصفها<br />

أوساط إعامية وسياسية متزايدة بالفشل،‏ هناك اتفاق<br />

على كونها باهظة الكلفة من الناحية االقتصادية.‏ وتفيد<br />

معطيات وزارة املالية في إسرائيل اليوم أن احلرب على<br />

غزة منذ التاسع من متوز/يوليو املاضي قد أحلقت بها<br />

سلسلة أضرار اقتصادية فادحة،‏ بشكل مباشر وغير<br />

مباشر وللقطاعني العام واخلاص.‏<br />

ووفق هذه التقديرات الرسمية تبلغ كلفة احلرب<br />

بالنسبة لاقتصاد اإلسرائيلي نحو 13 مليار شيكل)نحو<br />

4 مليارات دوالر(.‏ وبلغت كلفة اجملهود احلربي املباشر<br />

نحو الثلثني والثلث الثالث هو خسارة املرافق<br />

االقتصادية وإنخفاض حجم اإلنتاج وتدني النمو<br />

االقتصادي بنسبة ٪0.5 حتى اآلن.‏<br />

أما معطيات اجليش اإلسرائيلي فتدلل على حجم<br />

وشراسة العدوان الذي تعرضت له غزة طيلة شهر<br />

ونيف،‏ حيث مت تزويد الوحدات املقاتلة بخمسة مايني<br />

رصاصة و‎43‎ ألف قذيفة مدفع و 39 ألف قذيفة دبابة<br />

وتشير املعطيات الى أن اجلنود استخدموا نحو ٪60<br />

من هذه الذخائر.‏ كما تشير تقارير اجليش الى استهاكه<br />

11 مليون ليتر سوالر واستهلك ساح اجلو 50 مليون<br />

ليتر وقود خاص بالطائرات احلربية)ضعف ما مت<br />

استهاكه في عدوان عمود العنان(.‏<br />

وكشفت صحيفة ‏»هآرتس«‏ يوم اجلمعة نقا عن<br />

املؤسسة األمنية أن اجليش اإلسرائيلي أطلق قذائف<br />

مدفعية خال هذه احلرب أربعة أضعاف ما أطلقه في<br />

حرب ‏»الرصاص املصبوب«‏ نهاية 2008 منوهة أنه<br />

أطلق في حي الشجاعية على سبيل املثال 600 قذيفة<br />

في الساعة وفي رفح أطلق ألف قذيفة مدفع خال ثاث<br />

ساعات.‏ ومت تزويد اجلنود خال احلرب ب 23 ألف<br />

نظاراة حلماية العيون و 35 ألف فرشة فيما استخدم<br />

اجليش 1073 حافلة و 1147 تاكسي لنقل جنود االحتياط<br />

. كذلك مت توزيع مليوني وجبة غذاء ومليون قنينة ماء<br />

على اجلنود خال احلرب.‏ ويستدل من معطيات وزارة<br />

الدفاع أن احلرب تسببت في قتل 64 جنديا وإصابة<br />

720 جنديا يخضع نحو نصفهم للعاج عاوة على 100<br />

جندي يخضعون للرعاية النفسية وكل هذا سيؤدي<br />

للمزيد من اخلسائر املادية.‏<br />

وتشمل الكلفة االقتصادية األضرار الناجمة<br />

عن سقوط الصواريخ في مناطق إسرائيلية مأهولة<br />

وتعويضات للمستعمرات احمليطة بغاف قطاع غزة<br />

على بعد 40 كيلومترا من احلدود.‏ أما السياحة في<br />

إسرائيل فأصيبت بجراح بالغة جدا.‏ وتعتبر أكثر<br />

املرافق االقتصادية تضررا بعدما هبطت احلجوزات في<br />

الفنادق واملطاعم وغيرها بنسبة ٪90، تليها املصانع<br />

التي أغلقت أبوابها في جنوب الباد بشكل شبه كامل.‏<br />

ويوضح مدير سلطة الضرائب في وزارة املالية<br />

موشيه آشر أن األثمان الباهظة للحرب مرشحة<br />

لإلرتفاع نتيجة عدم اإلستقرار وتبعاته،‏ مرجحا أن يتم<br />

فرض ضرائب جديدة على اإلسرائيليني في نهاية املطاف<br />

بخاف وعود وزير املالية يئير لبيد الذي قال إن وزارته<br />

لن تزيد حجم الرسوم الضريبية.‏ وكما كان متوقعا<br />

شهدت جلنة املالية في البرملان اإلسرائيلي)الكنيست(‏<br />

حربا على حجم ونوعية التعويضات التي تطالب بها<br />

أوساط كثيرة كاملصانع واملزارع والفنادق واملتاجر<br />

وغيرها.‏ وكانت جلنة املالية قد قررت تقليص ميزانيات<br />

الرفاه والصحة والتعليم للعام املقبل بثاثة مليارات<br />

شيكل مع جتميد عشرات املشاريع كبناء املدارس<br />

ورياض األطفال من أجل سد العجز في ميزانية وزارة<br />

الدفاع وتوفير مصادر متويل للحرب.‏<br />

لكن احمللل االقتصادي أمني فارس يوضح ل<br />

‏»القدس العربي«‏ أن تقليص ميزانية اخلدمات في<br />

إسرائيل لن يكفي وأنها ستضطر لفرض ضرائب جديدة<br />

بدءا من العام املقبل وستواصل رفض املطالب باإلعان<br />

عنها حربا ال عملية عسكرية وذلك حتاشيا للتعويضات<br />

املترتبة على ذلك لكافة سكان الباد.‏<br />

ويشير فارس إلى أن إسرائيل تكبدت خسائر مادية<br />

موجعة جراء احلرب على غزة على املديني القصير<br />

والطويل وتابع ‏»يبلغ حجم الناجت القومي في إسرائيل<br />

نحو 450 مليار شيكل ويكفي أنه خسر كل يوم ٪10<br />

خال مدة احلرب وستكون النتائج وخيمة«.‏<br />

وينوه إلى أن السياحة لم تكن اجلانب الوحيد الذي<br />

تعرض ألضرار فادحة مؤكدا أن الزراعة أصيبت بخسائر<br />

موجعة ألن النقب الغربي هو ‏»سلة اخلضار واحلبوب«‏<br />

وقد تعرض خلسائر كبيرة .<br />

كذلك يشير اخلبير االقتصادي إلى تعرض<br />

املنتوجات اإلسرائيلية للمقاطعة في العالم موضحا أن<br />

خسائرها ستكون كارثية في حال طال أمدها ولم تكن<br />

مجرد ردة فعل انفعالية آنية.‏<br />

ويضيف إن االقتصاد اإلسرائيلي ورغم مناعته قد<br />

أصيب بهزة شديدة خال احلرب ألنها امتدت أكثر من<br />

شهر وتابع ‏»ستحتاج إسرائيل لعدة سنوات من أجل<br />

أن يتعافى اقتصادها وستبقى خدمات الرفاه والصحة<br />

والتربية ضحية احلرب ما يعني أن احلرب ستزيد نسبة<br />

الفقر واألزمة االقتصادية-‏ االجتماعية القائمة أصا في<br />

الباد نتيجة استئثار األمن بحصة األسد من املوازنة<br />

العامة.‏ من هذه الناحية فإن احلرب على غزة..‏ هي<br />

جرف اقتصادي موجع بالنسبة إلسرائيل«.‏<br />

يشار الى أن معطيات املالية اإلسرائيلية تفيد أيضا<br />

أن عدوان ‏»الرصاص املصبوب«‏ في 2009 والذي دام 22<br />

يوما قد كلفّ‏ اقتصاد إسرائيل نحو ثلث كلفة ‏»اجلرف<br />

الصامد«.‏<br />

العرب في طليعة الزبائن المرتقبين<br />

دول البريكس تخلق ذراعا مالية بديلة لصندوق النقد والبنك الدوليين<br />

مدريد - ‏»القدس العربي«:‏<br />

حسين مجدوبي<br />

أقدمت خال األسابيع القليلة املاضية دول بريكس<br />

‏»البرازيل والصني وروسيا والهند وجنوب إفريقيا«‏ على<br />

خطوة استراتيجية بتأسيس بنك يسمى ‏»البنك اجلديد<br />

للتنمية«‏ ليكون بديا للبنك الدولي وصندوق النقد<br />

الدولي،‏ وهو أداة اقتصادية وسياسية في آن واحد،‏<br />

وقد يشكل بداية تخلص بعض الدول العربية من ‏»سيف<br />

دميوقليس«‏ اجلاثم فوق رأسها.‏<br />

وجرى تأسيس البنك في البرازيل بحضور قادة<br />

الدول املذكورة،‏ وهو قفزة استراتيجية ألنه سيكون<br />

مبثابة الذراع املالي واالقتصادي للقوى اخلمس املذكورة<br />

التي ترغب في إرساء عالم متعدد األقطاب في مواجهة<br />

هيمنة الغرب،‏ وهو عالم آخذ في التبلور.‏<br />

ويعتبر هذا البنك اخلطوة اجلريئة الثانية بعد<br />

اخلطوة األولى التي اتفقت عليها دول البريكس اخلمس<br />

فوضى في أسواق النفط<br />

العالمية بسبب ‏»داعش«‏<br />

لندن - ‏»القدس العربي«:‏<br />

دخلت أسواق النفط العاملية في حالة من الفوضى منذ تقدمت قوات تنظيم<br />

‏»داعش«‏ نحو شمال العراق في شهر حزيران/‏ يونيو املاضي،‏ حيث تتمركز<br />

العديد من آبار النفط،‏ وهو ما ميثل تهديداً‏ لإلمدادات التي تأتي من العراق الى<br />

اخلارج،‏ والتي متثل ثقالً‏ بالغ األهمية في األسواق.‏<br />

وخالل األيام القليلة املاضية شهدت أسعار النفط حالة من الفوضى،‏ حيث<br />

تراجعت بأكثر من ٪2 في تداوالت اخلميس املاضي،‏ لتعاود اإلرتفاع في اليوم<br />

التالي بنحو ٪1، في مؤشر على حالة التردد والترقب واإلرتباك التي تسود<br />

األسواق بسبب األحداث في العراق.‏<br />

وما يجري في العراق،‏ وأوكرانيا،‏ هما عامالن مهمان في حتريك أسواق النفط<br />

وحتديد حركة أسعارها،‏ وذلك على الرغم من أن تقرير وكالة الطاقة الدولية أظهر<br />

أن امدادات النفط في وضع جيد،‏ وأنها سجلت ارتفاعاً‏ خالل الفترة املاضية،‏ في<br />

خضم التوترات التي يشهدها العالم.‏<br />

ورغم القلق الذي يسود األسواق،‏ وحالة عدم االستقرار في أسعار النفط،‏ إال<br />

أن اخلبير النفطي الكويتي كامل احلرمي قال ل»القدس العربي«‏ إن انعكاسات ما<br />

يجري في العراق ال تزال محدودة على النفط«‏ مشيراً‏ الى أن السبب في ذلك يعود<br />

الى أن قوات ‏»داعش«‏ لم تصل حتى اآلن الى أماكن حساسة وذات تأثير ملموس<br />

على اإلمدادات.‏<br />

وأضاف إن أسعار النفط مرشحة لقفزة في حال وصل مقاتلو ‏»داعش«‏ الى<br />

جنوب العراق،‏ أو اقتربوا من هناك،‏ حيث يوجد اجلزء األكبر من النفط العراقي،‏<br />

وهو ما يعني أن امدادات العراق ستكون حينها مهددة بالفعل،‏ وبالتالي ستتأثر<br />

األسواق.‏<br />

لكن احلرمي ال يتوقع في ضوء األحداث الراهنة أن يصل مقاتلو ‏»داعش«‏ الى<br />

اجلنوب،‏ مستبعداً‏ تبعاً‏ لذلك أن تتصاعد وتيرة األحداث في العراق الى مستويات<br />

تؤثر على انتاج النفط.‏<br />

وفيما تواجه بعض منابع النفط في العالم تهديداً‏ حقيقياً‏ ، فان تطورات<br />

استراتيجية تطرأ على أسواق النفط هي التي تؤدي الى كبح جماح األسعار،‏<br />

بحسب ما يرى الكثير من احملللني،‏ ومن بينها اجتاه الواليات املتحدة الى التوسع<br />

في انتاج النفط الصخري الذي ميثل بديالً‏ مهماً‏ عن النفط التقليدي الذي ال تزال<br />

الواليات املتحدة أكبر مستهلك له في العالم.‏<br />

وبفضل االنتاج األمريكي من النفط الصخري،‏ فقد أظهرت أحدث األرقام<br />

الرسمية أن صادرات الواليات املتحدة من النفط التقليدي ارتفع في شهر<br />

حزيران/‏ يونيو املاضي الى أعلى مستوى له منذ العام 1957، وذلك بعد أن قفز<br />

بنسبة ٪35، وهي زيادة غير مسبوقة منذ عقود.‏<br />

وبحسب بيانات مكتب اإلحصاء السكاني في الواليات املتحدة فقد وصلت<br />

الصادرات النفطية إلى 389 ألف برميل يومياً‏ خالل شهر حزيران/يونيو املاضي،‏<br />

وأرسلت كلها تقريباً‏ إلى كندا،‏ لتكون بذلك قد ارتفعت ٪35 مقارنة عما كانت عليه<br />

في شهر أيار/مايو املاضي.‏<br />

الصيف املاضي في جنوب إفريقيا بإنشاء شبكة إنترنت<br />

جديدة وبديلة للحالية،‏ هذه األخيرة التي تهمني عليها<br />

الواليات املتحدة األمريكية.‏<br />

والبنك اجلديد يبلغ رأسماله 50 مليار دوالر وسيقفز<br />

في املدى القريب الى مئة مليار دوالر وقد يتضاعف املبلغ<br />

خال السنوات األخيرة،‏ علما أنه يتوفر على احتياطي<br />

يقدر مبئة مليار دوالر أخرى.‏ يأتي التأسيس ليضرب<br />

الهيمنة املطلقة لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي<br />

على حركة القروض العاملية،‏ وهي التي ال ميكن سلخها<br />

عن التوظيف السياسي وكذلك عن تنفيذ برامج غامضة<br />

ذهبت ضحيتها الكثير من الدول ومنها العربية مثل<br />

املغرب وتونس واليمن.‏ وسيسمح املبلغ اإلحتياطي<br />

من تصحيح بعض االختاالت املالية العاملية التي قد<br />

تهدد اقتصاد العالم ومنها اقتصاديات دول البريكس<br />

ودول صاعدة.‏ وصرحت رئيس البرازيل ديلما روسيف<br />

‏»البنك واإلحتياطي هما أدوات لتصحيح اإلختال<br />

املالي في العالم«.‏ ويرفع البنك اجلديد شعار التنمية<br />

التي أهملها صندوق النقد الدولي أساسا،‏ حيث أصبح<br />

همه هو تقدمي القروض وفرض أجندات تقشف يجمع<br />

الكثيرون على أنها لم تكن صائبة نهائيا.‏ وتؤكد دول<br />

البريكس أن املرحلة األولى ستكون خاصة بالقروض<br />

لألعضاء أما املرحلة الثانية فستكون منفتحة على معظم<br />

الدول خاصة في حالة انضمام دول مثل تركيا ونيجيريا<br />

واملكسيك وماليزيا وأندونيسيا.‏<br />

وأجمعت كتابات حتليلية عدة على الطابع املنطقي<br />

الذي يحكم إنشاء البنك بحكم أن الدول اخلمس تشكل<br />

٪25 من اإلنتاج العاملي وحتتل مراتب متقدمة في سلم<br />

التبادل التجاري العاملي.‏<br />

وتتبنى دول البريكس مواقف سياسية مناهضة<br />

للغرب خال السنوات األخيرة جتلت في ملفات<br />

بلدان مثل سوريا وأوكرانيا،‏ لكن كانت تنقصها ذراع<br />

اقتصادية تقلل من ضغوط الغرب عليها وعلى شركائها.‏<br />

ويأتي البنك ليحقق لها بداية االستقالية املالية عن<br />

مؤسسات جاءت بعد احلرب العاملية الثانية بل وقد<br />

يحمي شركاءها من الدول الصغيرة من االختاالت<br />

املالية والضغوطات.‏<br />

ورحبت دول عدة باملولود املالي اجلديد الذي<br />

سيكون مقره في شنغهاي الصينية،‏ وهو اختيار رمزي<br />

بحكم التحول املرتقب للصني دولة عظمى مستقبا<br />

محل الواليات املتحدة التي كان قد جرى اختيارها مقرا<br />

لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي.‏ وغالبية هذه<br />

الدول تنتمي الى أمريكا الاتينية التي جتسد ثقافة<br />

التمرد على الغرب.‏<br />

ولم تعلن الدول العربية موقفا من البنك اجلديد<br />

للتنمية،‏ لكن في ظل ميل بعض الدول الى سياسة<br />

روسيا والصني مثل سوريا ومصر واملغرب وتونس<br />

فقد تراهن على قروض فيه لغياب شروط سياسية<br />

مجحفة حتى تنجو تدريجيا من شروط الغرب املالية.‏<br />

وبدأت دول البريكس حتتل مراكز متقدمة في التبادل<br />

التجاري مع الدول العربية وخاصة روسيا والصني،‏ كما<br />

تلتقي مع هذه الدول سياسيا في قضايا دولية.‏ وعليه،‏<br />

ما هو سياسي وجتاري سينتقل الى القروض،‏ وهو ما<br />

سيساعد دوال عربية للتخلص تدريجيا من شروط البنك<br />

الدولي.‏<br />

50.7 مليار دوالر خسائر األردن<br />

المتوقعة بسبب انقطاع الغاز المصري<br />

مع نهاية العام الحالي<br />

عمّ‏ ان األناضول رجح رئيس جلنة الطاقة في مجلس النواب<br />

االردني النائب جمال قموة أن ترتفع خسائر االردن اإلجمالية<br />

نتيجة انقطاع امدادات الغاز املصري مع نهاية العام احلالي<br />

إلى 7.05 مليار دوالر.‏<br />

ووقعت مصر مع األردن عام 2004 اتفاقا مدته 15 عاما لتوريد<br />

250 مليون قدم مكعب من الغاز يوميا،‏ بقيمة 2.5 دوالر للمليون<br />

وحدة حرارية بريطانية،‏ إال أن احلكومة املصرية رفعت أسعار<br />

الغاز خالل أبريل/‏ نيسان 2011 ليصل إلى 5.7 دوالرات للمليون<br />

وحدة حرارية،‏ فيما تقدر مصادر رسمية متوسط استيراد مصر<br />

للغاز بنحو 16 دوالر للمليون وحدة حرارية.‏<br />

وقال رئيس جلنة الطاقة في مجلس النواب االردني النائب<br />

جمال قموة إن خسائر شركة الكهرباء اململوكة بالكامل<br />

للحكومة بلغت خالل العام املاضي 1.36 مليار دوالر وبلغت<br />

خالل الفترة املنقضية من العام احلالي 1.97 مليار دوالر<br />

ويتوقع أن تصل الى ملياري دوالر مع نهاية هذا العام الفتا الى<br />

ان اخلسائر املتحققة منذ عام 2010 و حتى االن بلغت نحو 6.2<br />

مليار دوالر.‏<br />

وفي وقت سابق من العام اجلاري،‏ قدرت احلكومة األردنية<br />

خسائرها نتيجة النقطاع الغاز املصري نحو 5 مليارات دوالر حتى<br />

اآلن وهي عبارة عن فروقات توليد الطاقة الكهربائية باستخدام<br />

الوقود الثقيل والديزل منذ تعرض خط الغاز للتفجيرات.‏<br />

وكان األردن يعتمد على ٪80 من الغاز املصري لتوليد<br />

الكهرباء،‏ فيما يعتمد حاليا على الوقود الثقيل والسوالر،‏ لتوليد<br />

الطاقة الكهربائية كبديل عن الغاز املصري.‏<br />

وأشار قموة إلى أن شركة الكهرباء قد حققت خسائر<br />

بأحجام مختلفة منذ العام 2010 إبان تذبذب امدادات الغاز<br />

الطبيعي املصري لألردن بسبب تعرض االنبوب الناقل للتفجيرات<br />

عدة مرات.‏<br />

وأضاف ان تلك اخلسائر في ارتفاع مستمر وبشكل يومي<br />

حيث حتولت شركة الكهرباء الوطنية اململوكة الستخدام الديزل<br />

‏»السوالر«‏ بغرض توليد الطاقة الكهربائية بتكلفة مرتفعة.‏<br />

وتعرض اخلط الناقل للغاز املصري الطبيعي لالردن للتفجير<br />

اكثر من 19 مرة منذ االطاحة بنظام الرئيس املصري األسبق<br />

محمد حسني مبارك وتوقف االنبوب عن العمل نهائيا منذ يوليو/‏<br />

متوز من العام 2013.<br />

وقال النائب قموة إنه لم يتم حتى اآلن اعادة استئناف ضخ<br />

الغاز لألردن مبوجب االتفاقية املوقعة مع اجلانب املصري قبل<br />

عدة سنوات ومت تعديلها لتشمل السعر والكميات،‏ وحتى عندما<br />

يتم الضخ فان الكميات ال تتجاوز 50 الى 100 مليون قد مكعب<br />

يوميا.‏<br />

وأشار الى ان حكومة باله تسعى إليجاد مصادر بديلة للغاز<br />

املصري الطبيعي وذلك لوقف نزيف اخلسائر التي تتعرض لها<br />

شركة الكهرباء الوطنية التي تتحول تلقائيا الى دين تتحمله<br />

خزينة الدولة.‏<br />

وبني قموة أن شركة الكهرباء حتقق خسائر فادحة نتيجة<br />

لدعم احلكومة ألسعار الكهرباء قبل ان تقوم برفعها تدريجيا منذ<br />

أغسطس/آب من العام املاضي وذلك للسيطرة على العجز املالي<br />

للشركة والوصول بعد سنوات الى نقطة التعادل بحيث تغطي<br />

األسعار التكلفة.‏<br />

وقال ان زيادة أسعار الكهرباء التي تطبق على مراحل<br />

استثنى الشرائح الفقيرة التي يقل استهالكها الشهري عن 70.5<br />

دوالرا شهريا إضافة الى استثناءات للقطاع الزراعي.‏<br />

وتقدر فاتورة الطاقة في االردن سنويا بنحو 6.5 مليار دوالر<br />

وهي تشكل ما نستبه ٪ 21 من الناجت احمللي االجمالي فيما كانت<br />

ال تتجاوز 3.7 مليار دوالر عام 2011 وبنسبة ٪13.3 من الناجت<br />

االجمالي للبالد أي قبل انقطاع الغاز املصري .<br />

وأعلنت احلكومة األردنية مساء االربعاء املاضي أنها بصدد<br />

التفاوض مع السلطة الفلسطينية لشراء الغاز من احلقل الذي مت<br />

اكتشافه في غزة مؤخرا وذلك كبديل عن الغاز املصري الذي بات<br />

مستبعدا اعادة ضخه لألردن حاليا.‏<br />

ووجه وزير الطاقة والثروة املعدنية االردني محمد حامد<br />

اجلهات احمللية اخملتصة لالسراع في عمليات تطوير حقل الريشة<br />

الغازي الذي قال انه حقل واعد في انتاج الغاز.‏<br />

ويواجه االردن حتديات اقتصادية كبيرة واملتمثلة بعجز<br />

مالي مقدر لهذا العام بحوالي 1.5 مليار دوالر ومديونية جتاوزت<br />

28 مليار دوالر ويتوقع ان تصل الى 30 مليار دوالر مع نهاية العام<br />

احلالي نتيجة الرتفاع فوائد الدين العام وطرح احلكومة لسندات<br />

دوالرية في االسوق العاملية بكفالة الواليات املتحدة .<br />

وارتفعت األعباء املالية على االردن نتيجة الستضافته حوالي<br />

1.6 مليون الجىء سوري لإلنفاق على كافة اجملاالت اضافة<br />

الى الضغوط على البنى التحتية والنواحي االمنية واالجتماعية<br />

وارتفاع الطلب على السلع الغذائية وارتفاع فاتورة الدعم.‏ وأعلنت<br />

احلكومة األردنية يوم األربعاء املاضي أنها قدمت 3.1 مليار دوالر<br />

كدعم للسلع واخلدمات العام املاضي.‏


Volume 26 - Issue 7839 Sunday 17 August 2014<br />

33 32<br />

السنة السادسة والعشرون العدد 7839 االحد 17 آب ‏)أغسطس(‏ 2014 21 شوال ‎1435‎ه<br />

رياضة<br />

رياضة<br />

المحاكمات الرياضية..‏<br />

هل تُطور كرة القدم<br />

أم تعرقل الالعبين؟<br />

لندن - القدس العربي:‏<br />

اجتهت أنظار اجملتمع الرياضي طوال األيام القليلة<br />

املاضية نحو مدينة لوزان السويسرية،‏ حيث كانت<br />

محكمة التحكيم الرياضي هناك تقوم بالنظر في قضية<br />

الاعب لويس سواريز،‏ مهاجم أوروجواي،‏ الذي<br />

عوقب باحلرمان من اللعب ملدة أربع شهور،‏ فيما فتحت<br />

هذه احملاكمة الباب أمام كثير من األسئلة التي تتعلق<br />

باحملاكمات الرياضية وانعكاسها على الاعبني،‏ وعلى<br />

رياضة كرة القدم بشكل عام.‏<br />

وقضت احملكمة الرياضية بتثبيت العقوبة التي<br />

فرضها االحتاد الدولي لكرة القدم ‏)الفيفا(‏ على سواريز،‏<br />

والتي تقضي بحرمانه من اللعب ملدة أربعة شهور،‏ اضافة<br />

الى تسعة مباريات دولية قادمة،‏ وهو ما سيحرم الاعب<br />

من مناسبات هامة،‏ إال أن احملكمة سمحت لسواريز<br />

بالتدريب وممارسة األلعاب الرياضية غير املباريات،‏<br />

وهو ما أتاح له املشاركة في التدريبات التي بدأت في<br />

نادي برشلونة بحضوره يوم اجلمعة املاضية.‏<br />

وقالت احملكمة الرياضية في بيانها الذي اطلعت<br />

عليه ‏»القدس العربي«‏ إنها ‏»وجدت أن العقوبات<br />

املفروضة على الاعب تتناسب بشكل عام مع اخلطأ الذي<br />

ارتكبه«،‏ إال أنها اعتبرت أن ‏»إيقاف الاعب عن دخول<br />

االستادات وااليقاف عن أي أنشطة لها مبالغ فيها بالنظر<br />

الى أن مثل هذه االجراءات غير مائمة لتجرم اخلطأ<br />

الذي ارتكبه الاعب وسيكون لها تأثير على أنشطته<br />

عقب نهاية االيقاف«.‏<br />

وكان سوايرز قد ارتكب انتهاكاً‏ نادر احلدوث<br />

في استادات كرة القدم،‏ حيث عضَّ‏ املدافع االيطالي<br />

جيورجيو كيليني خال مباراة لعب فيها كل منهما في<br />

مونديال كأس العالم الذي أقيم في البرازيل الشهر<br />

املاضي.‏<br />

وكان العشرات من مشجعي سواريز قد جتمعوا<br />

أمام قاعة احملكمة في سويسرا عندما وصل اليها الاعب<br />

من أجل االدالء بافادته قبل أسابيع،‏ في حالة تشبه<br />

االحتجاج على عقوبة الفيفا،‏ ومتثل تأييداً‏ له وضغطاً‏<br />

على احملكمة من أجل إسقاط العقوبة التي فرضها عليه<br />

‏»الفيفا«‏ بعد املباراة املشار اليها في كأس العالم.‏<br />

ويتساءل الكثير من احملللني واملراقبني عن جدوى<br />

وأهمية احملاكمات الرياضية،‏ في الوقت الذي يرى فيه<br />

كثيرون بأنها متثل ماذاً‏ مهماً‏ لاعبني الذين يشعرون<br />

بتعسف في استخدام السلطة من قبل ‏»الفيفا«،‏ وأحيانا<br />

من قبل الهيئات املنظمة للمباريات واأللعاب الرياضية<br />

فغي بادهم.‏<br />

ويذهب احمللل الرياضي املصري صاح رشاد الى<br />

اعتبار أن احملكمة الرياضية في سويسرا هي ‏»املاذ<br />

األخير للمظلومني«،‏ معتبراً‏ تأسيسها في العام 1984<br />

مبثابة اجناز كبير في مجال إحقاق احلقوق في اجملتمع<br />

الرياضي،‏ واحلفاظ على حقوق ومكتسبات الاعبني.‏<br />

وبحسب رشاد فان احملكمة ظهرت كنتيجة لكثرة<br />

النزاعات الرياضية التي حدثت في العالم وال تزال<br />

حتدث في احلقل الرياضي،‏ مشيراً‏ الى أن الرياضيني<br />

كانوا ‏»في أمس احلاجة إلي إنشاء محكمة رياضية<br />

دولية تعنى بحل النزاعات الدولية من خال التحكيم<br />

أو التوسط وحسب حاجة القائمني علي شؤون الرياضة<br />

من أجل حسم الدعاوى بني الفيفا واالحتادات الوطنية<br />

والاعبني واألندية ووكاء الاعبني«.‏<br />

وفي الوقت الذي يثني فيه رشاد على احملكمة ويعتبر<br />

أنها اجناز كبير للمجتمع الرياضي العاملي،‏ فان املنتقدين<br />

يقولون إن هذه احملكمة تواجه عدداً‏ من االشكاالت،‏ أولها<br />

أنها ال تزال غير فعالة وال تصل الكثير من النزاعات اليها،‏<br />

خاصة النزاعات في العالم العربي الذي ال زالت العديد<br />

من دوله غير منضمة الى احملكمة،‏ بحسب ما قال صحفي<br />

رياضي ل»القدس العربي«.‏<br />

أما املشكلة األخرى التي يشير إليها بعض احملللني<br />

فهي أن الصاحيات التي تتمتع بها احملكمة،‏ واجملاالت<br />

التي تعمل فيها،‏ محدودة وال تطال كافة املشاكل واألزمات<br />

التي مير بها الاعبون واجملتمع الرياضي،‏ خاصة إذا كان<br />

احلديث عن نزاعات على مستوى النوادي الثانوية وغير<br />

الكبرى في بادها.‏<br />

وينص النظام األساسي للمحكمة على أنه ‏»ميكن<br />

اللجوء فقط الى احملكمة الرياضية الدولية بعد استنفاد<br />

كل القنوات الداخلية األخرى«،‏ كما ينص أيضاً‏ على<br />

أن ‏»ال تتعامل احملكمة مع االستئنافات املرفوعة في كل<br />

من اجملاالت التالية:‏ ‏)أ(‏ انتهاكات قوانني اللعبة.‏ ‏)ب(‏<br />

عقوبات إيقاف الرياضيني إال إذا كانت أكثر من ثاثة<br />

أشهر«.‏<br />

نظرة عامة<br />

تأسست احملكمة الدولية املستقلة للتحكيم الرياضي<br />

عام 1984 في مدينة لوزان بسويسرا وقد انضمت إليها<br />

حتي اآلن )87( دولة.‏<br />

يعمل في احملكمة أكثر من 300 قاض أو محكم من<br />

مختلف دول العالم،‏ وتطبق النظام األساسي للفيفا،‏<br />

إضافة للقانون السويسري علي االحتادات األعضاء<br />

أو الروابط وهي جهة قضائية معترف بها من القانون<br />

السويسري ودول العالم.‏<br />

قرارات احملكمة ملزمة جلميع املؤسسات الرياضية<br />

في العالم مبا فيها االحتاد الدولي لكرة القدم وهي جهة<br />

قضائية مستقلة.‏<br />

تفصل احملكمة في حوالي 200 قضية سنوياً‏ .<br />

من أبرز القضايا العربية التي نظرت فيها احملكمة<br />

قضية الاعب البرازيلي إميرسون اجملنس قطرياً‏ والتي<br />

رفعها االحتاد العراقي ضد نظيره القطري على اعتبار أن<br />

الاعب غير مؤهل قانوناً‏ الرتداء فانلة املنتخب القطري<br />

وذلك الشتراكه مع منتخبني لدولتني مختلفتني.‏<br />

تتخذ احملكمة من مدينة لوزان السويسرية مقراً‏<br />

دائماً‏ لها،‏ لكن لها فروع في نيويورك وسيدني أيضاً‏ ، كما<br />

يتم إنشاء محاكم مؤقتة في املدن املستضيفة لأللعاب<br />

األوملبية.‏


رياضة<br />

Volume 26 - Issue 7839 Sunday 17 August 2014<br />

35 34<br />

السنة السادسة والعشرون العدد 7839 االحد 17 آب ‏)أغسطس(‏ 2014 21 شوال ‎1435‎ه<br />

رياضة<br />

ثمانية من نجوم الكرة قرروا االنسحاب خالل شهر واحد<br />

موسم اعتزال اللعب الدولي<br />

فيها،‏ حيث أنهم يجتذبون جمهوراً‏ كبيراً‏ من<br />

مشجعي لعبة كرة القدم،‏ وهو اجلمهور الذي يدفع<br />

مبالغ ضخمة من أجل حضور املباريات واجللوس<br />

على مقاعد املشجعني في مالعب كرة القدم.‏<br />

وبحسب املعلومات التي تسربت من البرازيل<br />

فان مئات آالف املولعني بكرة القدم وصلوا الى<br />

هناك الشهر املاضي حلضور مباريات كرة القدم<br />

ضمن مونديال 2014، وهو ما يعني أن مبالغ مالية<br />

ضخمة تدفقت على البالد جاء بها املولعون بكرة<br />

القدم.‏<br />

وفي بريطانيا التي بدأ فيها الدوري االنكليزي،‏<br />

فان أسعار تذاكر املباريات سجلت ارتفاعاً‏ كبيراً‏<br />

دفع املشجعني الى التظاهر ضد هذه األسعار<br />

التي تفرضها النوادي االنكليزية.‏ ويصل سعر<br />

التذكرة الواحدة في مباريات الدوري االنكليزي<br />

الى أكثر من 1000 جنيه استرليني )1600 دوالر(،‏<br />

فيما ال متنع هذه األسعار املرتفعة عشاق الكرة<br />

من التهافت نحو شراء التذاكر في أوقات مبكرة<br />

حلضور املباريات الساخنة.‏<br />

اسم الالعب<br />

ستيفن جيرارد<br />

تشافي هيرنانديز<br />

هوارد ويب<br />

ديدييه دروجبا<br />

سمير نصري<br />

ميروسالف كلوسه<br />

فرانك ريبيري<br />

ايريك ابيدال<br />

أبرز المعتزلين بعد المونديال<br />

تاريخ االعتزال<br />

النادي/‏ المنتخب<br />

منتخب انكلترا<br />

اسبانيا / العب وسط<br />

مالحظات<br />

حكم دولي<br />

21 يوليو 2014<br />

05 أغسطس 2014<br />

06 أغسطس 2014<br />

08 أغسطس 2014<br />

10 أغسطس 2014<br />

11 أغسطس 2014<br />

13 أغسطس 2014<br />

14 أغسطس 2014<br />

-<br />

ساحل العاج/‏ مهاجم<br />

منتخب فرنسا<br />

منتخب ألمانيا / مهاجم<br />

نادي بايرن ميونخ / ألمانيا<br />

اولمبياكوس/‏ اليونان<br />

1<br />

2<br />

3<br />

4<br />

5<br />

6<br />

7<br />

8<br />

لندن - ‏»القدس العربي«:‏<br />

تسابق عدد من جنوم كرة القدم العاملية نحو<br />

االعتزال خالل االيام القليلة املاضية،‏ خاصة<br />

اعتزال اللعب الدولي،‏ في ظاهرة الفتة تفتح الباب<br />

أمام الكثير من األسئلة حول األسباب التي تدفع<br />

هؤالء الالعبني لالعتزال وترك اللعب،‏ خاصة<br />

املباريات الدولية.‏<br />

ويقول مراقبون إن األسباب وراء موجة<br />

االعتزال األخيرة تتباين بني موعدها الذي يأتي<br />

في أعقاب مونديال كأس العالم والذي يعتبر<br />

موسماً‏ العادة االنتشار والتموضع بالنسبة<br />

لالعبني في املنتخبات املهمة بالعالم،‏ والنوادي<br />

الرئيسية،‏ وصوالً‏ الى أسباب إدارية تتعلق<br />

بالنوادي واملنتخبات التي يلعب في صفوفها<br />

هؤالء املعتزلني.‏<br />

ورصدت ‏»القدس العربي«‏ قائمة تضم ثمانية<br />

من أبرز وأهم الالعبني الكرويون في العالم الذين<br />

اعتزلوا خالل شهر واحد فقط،‏ أي منذ أواخر<br />

شهر متوز/‏ يوليو املاضي وحتى حلظة إعداد<br />

هذا التقرير،‏ أو منذ انتهاء مباريات كأس العالم<br />

2014 في البرازيل الشهر املاضي وحتى منتصف<br />

شهر آب/‏ أغسطس احلالي،‏ وهو رقم يعتبر كبيراً‏<br />

نسبياً‏ . وأرجع محلل رياضي حتدث ل»القدس<br />

العربي«‏ موجة االعتزال التي يشهدها العالم<br />

الرياضي في الوقت الراهن الى مجموعة من<br />

األسباب في مقدمتها انتهاء مباريات كأس العالم،‏<br />

مبا ميثل موسماً‏ العادة االنتشار والتموضع<br />

بالنسبة للعديد من الالعبني،‏ مشيراً‏ الى أن الكثير<br />

من الالعبني يقوم باعادة تقييم أدائه في أعقاب<br />

املناسبات الدولية الهامة مثل كأس العالم،‏ كما<br />

أن بعض الالعبني اآلخرين يجد نفسه وقد حقق<br />

مستويات جيدة غير مسبوقة تدفعه الى اعتبار<br />

أنه متكن من حتقيق أحالمه الكروية من مداليات<br />

وكؤوس وانتصارات مختلفة.‏<br />

وميثل ميروسالف كلوسه مهاجم أملانيا<br />

مثاالً‏ مهماً‏ على جنم كروي قرر االعتزال الدولي<br />

بعد أن ذاع صيته،‏ وعال جنمه،‏ حيث أنه ثاني<br />

أكثر الالعبني خوضاً‏ للمباريات مع أملانيا برصيد<br />

137 وال يتفوق عليه سوى النجم السابق لوثار<br />

ماتاوس.‏ وكانت أولى مبارياته الدولية في 2001<br />

ومضى ليصبح هداف أملانيا على مر العصور<br />

برصيد 71 هدفاً‏ .<br />

سمير نصري..‏ حالة فريدة<br />

ويرى محلل رياضي حتدث ل»القدس<br />

العربي«‏ أن أحد أبرز املعتزلني في املوجة اجلديدة<br />

هو العب املنتخب الفرنسي سمير نصري،‏ إال أنه<br />

يشير الى وجود ‏»ظروف خاصة«‏ وراء اعتزال<br />

نصري،‏ حيث كانت خالفات شخصية دبت بينه<br />

وبني املدرب وبعض املسؤولني في املنتخب ما<br />

أدى الى مغادرته املنتخب الفرنسي.‏<br />

وكان نصري قال للصحافيني:‏ ‏»أواجه<br />

اتهامات وتعاني أسرتي جراء ذلك.‏ ال أريد<br />

ألسرتي أن تعاني ولذلك أرى أن من االفضل<br />

التوقف والتركيز على مسيرتي مع النادي«.‏<br />

وخاض نصري 41 مباراة دولية وعرف عنه<br />

إثارته للجدل وعوقب بااليقاف لثالث مباريات<br />

بعدما اشتبك لفظيا مع صحفي عقب خسارة<br />

فرنسا أمام اسبانيا في دور الثمانية لبطولة<br />

أوروبا 2012. وغاب الالعب ايضا عن كأس<br />

العالم 2010 بعدما استبعده املدرب السابق رميون<br />

دومينيك من التشكيلة.‏<br />

وباعتزال العديد من جنوم كرة القدم اللعب<br />

الدولي،‏ فانهم سيغيبون عن جمهورهم بشكل<br />

شبه نهائي،‏ في الوقت الذي يعتبر هؤالء النجوم<br />

مبثابة ثروات هامة لبالدهم أو للفرق التي يلعبون


Volume 26 - Issue 7839 Sunday 17 August 2014<br />

37 36<br />

السنة السادسة والعشرون العدد 7839 االحد 17 آب ‏)أغسطس(‏ 2014 21 شوال ‎1435‎ه<br />

مدن وآثار<br />

مدن وآثار<br />

سحر خاص جعلها بين اآلثار األكثر رومانسية في العالم<br />

شالة المغربية:‏ مختصر الحضارات<br />

األمازيغية والرومانية واإلسالمية<br />

املوحدي مدينة الرباط،‏ همشت شالة<br />

مجددا إلى أن جاءها املرينيون ليعيدوا<br />

إليها ألقها ودورها احلضاري.‏ فبنوا فيها<br />

مدرسة ومسجدا مبئذنة بديعة املعمار،‏ وهي<br />

مئذنة أبي احلسن املريني،‏ ومقبرة للملوك<br />

والشرفاء.‏ ويعتبر قبر أبي احلسن من أجمل<br />

مآثر شالة.‏ كما أن فيها خلوة كان يعتزل<br />

فيها كثير من شعراء ذلك الزمن.‏ وقد اختار<br />

السلطان املريني األول أبو يوسف يعقوب<br />

أن يبني على مقربة من بقايا مدينة سا<br />

الرومانية مسجدا من طابقني زوده مبساكن<br />

لطاب العلم،‏ كما كان مقاما لعابري السبيل.‏<br />

ثم دفن فيه مع زوجته شمس الضحى،‏<br />

التي كانت مسيحية واعتنقت اإلسام،‏<br />

وأربعة من خلفائه.‏ وحظيت شالة على عهد<br />

السلطان أبي احلسن باهتمام بالغ.‏ أما ابنه<br />

السلطان أبو عنان املريني فقد أهتم ببناء<br />

مدرسة شمال املسجد،‏ إضافة إلى حمام<br />

ودار للنزالة.‏ وزين أضرحة أسافه بقبب<br />

مزخرفة تعتبر منوذجا حيا للفن املعماري<br />

املتميز لدولة بني مرين.‏<br />

تعرضت شالة مجددا للتهميش بعد<br />

قرار املرينيني إعادة فتح مقبرة القلة بفاس.‏<br />

فأهملت بناياتها،‏ وتعرضت بداية القرن<br />

15 للنهب والتدمير.‏ لتمسي بتاريخها<br />

احلضاري مقبرة ومحجا على هامش<br />

مدينة رباط الفتح لسكان املنطقة،‏ ثم معلما<br />

تاريخيا متميزا في العصر احلديث.‏ شالة<br />

اليوم مزار أثري طبيعي مبناظر خابة،‏ ال<br />

سيما في فصل الربيع.‏ كما تعرضت سنة<br />

1755 لزلزال قوي دمر كثيرا من معاملها<br />

وبقيت على حالها لعدة عقود.‏ ولشالة<br />

سحر خاص جعلها تعد ضمن اآلثار األكثر<br />

رومانسية في العالم،‏ وقد عدها املغرب<br />

منذ العقود األولى من القرن 20 من املباني<br />

التاريخية واملواقع واملناطق املرتبة في عداد<br />

اآلثار في والية الرباط.‏ وخص منها كا من<br />

البقايا األثرية ملوقع شالة ‏)ظهير بتاريخ 19<br />

تشرين الثاني/نوفمبر - 1920 ج.‏ ر،‏ رقم<br />

423 في 23 تشرين الثاني/نوفمبر 1920(،<br />

وسور موقع شالة الذي بني في القرن 14<br />

)1339( وهو سور خماسي األضاع مدعم<br />

بعشرين برجا مربعا وثاث بوابات أكبرها<br />

وأجملها زخرفة وعمارة البوابة الرئيسية<br />

للموقع املقابل للسور املوحدي لرباط الفتح<br />

‏)قرار وزيري بتاريخ 5 آب/أغسطس 1932<br />

- ج.‏ ر،‏ رقم 1035 في 26 آب/أغسطس<br />

.)1932<br />

الطبيعة األثرية والتاريخية والعلمية<br />

والفنية اجلمالية أو األصيلة.‏ والتي تكتسي<br />

أهمية وطنية أو عاملية.‏ سواء كانت هذه<br />

األشياء معزولة أو على شكل مجموعة،‏<br />

وتزود وزارة الثقافة إدارة اجلمارك<br />

سنويا بائحة املنقوالت املسجلة أوليا<br />

حلمايتها أو تلك املصنفة واحملمية بصفة<br />

نهائية.‏ كما تطلعها في حالة إضافة أسماء<br />

جديدة بعد تسجيلها أو تصنيفها من لدن<br />

الوزارة.‏ ويقضي طلب وزارة الثقافة بحظر<br />

تصدير أي مواد منقولة أو مصدرها مبان<br />

مسجلة أو مصنفة،‏ ما عدا حاالت خاصة<br />

متنح فيها تراخيص تصدير مؤقتة من قبل<br />

السلطات اخملتصة إبان املعارض بغرض<br />

الترميم أو بهدف إجراء دراسات عليها في<br />

اخلارج.‏ ويشمل حظر التصدير الكلي أو<br />

اجلزئي خارج األراضي املغربية كل املواد<br />

املتحصل عليها نتيجة هدم مبان مصنفة<br />

أو مسجلة،‏ ويترتب على عمليات التصدير<br />

غير املشروعة للقطع الفنية والتحف األثرية<br />

عقوبات حبسية وغرامات مالية.‏ وقد تصل<br />

العقوبة احلبسية حد السجن 3 سنوات،‏<br />

بينما تتراوح الغرامة ما بني 20 ألف درهم<br />

إلى 200 ألف درهم ‏)الدوالر يساوي حوالي<br />

8.5 دراهم(‏ وقد يجمع بني العقوبتني أو<br />

يكتفى بإحداها فقط.‏ وأكدت اجلمارك في<br />

بيان سابق أن ‏»مصاحلها ستواصل فرض<br />

احلصول على إذن مسبق لعمليات تصدير<br />

القطع الفنية أو األثرية التي يشكل احلفاظ<br />

عليها أهمية خاصة لفن وثقافة وتاريخ<br />

املغرب«.‏<br />

ويرى باحثون مغاربة في علم اآلثار أن<br />

اإلجراء الذي اتخذته اجلمارك يبقى إجراء<br />

أوليا وغير كاف في ظل النقص احلاد في<br />

عدد موظفي وزارة الثقافة،‏ والغياب شبه<br />

الكلي ألي حماية أمنية للمواقع التاريخية<br />

املصنفة أو غير املصنفة كإرث تاريخي<br />

وطني.‏ ويشير الباحثون إلى أن املغرب ال<br />

ميتلك جردا باآلثار املسروقة سنويا ألنها<br />

غير معروفة لدى وزارة الثقافة،‏ وأن املغرب<br />

يضم نحو 15 ألف موقع أثري بني آثار<br />

معروفة وصغيرة ومواقع ما قبل املياد وما<br />

بعده وأخرى إسامية.‏ إضافة إلى أضرحة<br />

وحصون عسكرية ومدن عتيقة مطمورة<br />

حتت التراب ال يعرفها سوى الباحثون<br />

املتخصصون في علم اآلثار.‏<br />

شالة مدينة مدرجة ضمن الئحة املواقع<br />

األثرية العاملية ملنظمة األمم املتحدة للتربية<br />

والعلم والثقافة-‏ اليونيسكو-‏ منذ سنة<br />

2012. ويحتضن موقعها األثري منذ سنة<br />

2005 مهرجانا سنويا ملوسيقى اجلاز<br />

األوروبي.‏<br />

سرقة آثار<br />

الرباط - ‏»القدس العربي«:‏<br />

مصعب السوسي<br />

على بعد نحو كيلومترين جنوب شرق<br />

مركز العاصمة املغربية الرباط وبعيدا جدا<br />

عن صخبها وحركة التنقل منها وإليها،‏<br />

وعلى بعد قرون من الزمن،‏ تقع مدينة<br />

شالة األثرية بأطالها الرومانية وآثارها<br />

اإلسامية ومناظرها اخلابة.‏ آثار ترجع<br />

بالزائر إلى القرن السادس قبل املياد،‏<br />

فاملوقع ضارب جذوره احلضارية عميقا في<br />

هذه األرض.‏<br />

تذكر كتب التاريخ القدمي شالة على<br />

انها مدينة صغيرة تقع على نهر يحمل<br />

اسم ‏»سا كولونيا«‏ Colonia( ،)Sala<br />

والذي يسمى حاليا بنهر أبي رقراق.‏ واختار<br />

الفينيقيون املوضع الذي تشغله شالة كأول<br />

نبع ماء قابلوه قرب املصب،‏ فكانت املنطقة<br />

مبثابة املركز التجاري للفينيقيني في املغرب<br />

األقصى.‏ وفي القرن الرابع قبل املياد<br />

أقام الرومان في املوقع احلالي لشالة،‏ أو<br />

مستوطنة سا،‏ في مكان كان حينها محتا<br />

من طرف الفينيقيني وهي مدينة سا حاليا.‏<br />

والتي ستصبح بعدها مرفأ مزدهرا إلى<br />

نهاية اإلمبراطورية الرومانية.‏<br />

موقع استراتيجي<br />

وقد وجد الفينيقيون املنطقة قبل نحو<br />

3 آالف سنة مأهولة بسكان من عنصر<br />

‏»اجليتول األمازيغي«‏ الذين كانوا منتشرين<br />

في جل ربوع شمال إفريقيا،‏ وهم سكان<br />

‏»جزولة«‏ باللسان العربي.‏ وذكر الرحالة<br />

اإلدريسي )1099- 1160( أن جزولة في<br />

القرن 12 ميادي كانت تشغل منطقة متتد<br />

من مراكش إلى سا،‏ حيث كان دورها هاما<br />

جدا في احلياة السياسية املغربية إلى عهد<br />

العلويني في القرن 17.<br />

شالة من أهم املدن التي ارتبط بها موقع<br />

سيسمى تاريخيا فيما بعد برباط الفتح،‏<br />

والتي كانت حتى ظهور دولة املرابطني<br />

مجرد فضاء متسع شمالي مدينة شالة<br />

ترتبط بها إداريا وتاريخيا.‏ وبلغت شالة<br />

أوج عظمتها أوائل القرن الثالث امليادي،‏<br />

إذ كانت املرسى الوحيد للمراكب الرومانية<br />

التي متدهم باحملاصيل الزراعية.‏ وجتلب<br />

أصنافا عدة من املصنوعات الرومانية إليها.‏<br />

وقبل ظهور اإلسام في املغرب كانت قبيلة<br />

مصمودة األمازيغية تشكل أكبر قوة بشرية<br />

في املنطقة وفي سواحل األطلسي.‏ وقد كان<br />

الرومان يسعون إلى السيطرة التامة على<br />

ضفتي نهر أبي رقراق،‏ لذا فقد عملوا على<br />

اقتاع عنصر اجليتول ذي النزعة املقاومة<br />

من املنطقة.‏<br />

كل ازدهار<br />

حضاري يعقبه تهميش<br />

في العهد اإلسامي،‏ أصبحت تسمية<br />

‏»سا«‏ مقتصرة على املدينة احلديثة الواقعة<br />

على الضفة اليمنى للوادي،‏ أما املوقع األثري<br />

فسمي ‏»شالة«.‏ وقد ازدهرت شالة بداية<br />

خال عهدي امللكني األمازيغيني يوبا األول<br />

ويوبا الثاني،‏ فابنه بطليموس املوريتاني،‏<br />

حيث جهزت بعدة بنايات عمومية جسدت<br />

التأثير الهليني والروماني على العمارة في<br />

عهد املمالك األمازيغية،‏ كما سكت نقودا حتمل<br />

اسمها.‏ وبعد اغتيال بطليموس سنة 40<br />

ميادية،‏ شهدت املدينة حتوال جديدا حتت<br />

احلكم الروماني متيز بتغيير في مكوناتها<br />

احلضرية،‏ فتم إنشاء الساحة العمومية<br />

واحلمامات واملعبد الرئيسي.‏ وحصنت<br />

شالة بسور امتد من الساحل األطلسي إلى<br />

حدود وادي عكراش.‏ وفي سنة 144 أحيطت<br />

املدينة بسور دفاعي،‏ لتظل حتت االحتال<br />

الروماني حتى أواخر القرن الرابع وبداية<br />

القرن اخلامس امليادي.‏ وبعض حدود<br />

املدينة القدمية غير معروف اليوم،‏ إذ لم يتم<br />

اكتشاف سوى احلي العمومي إضافة إلى<br />

جانبي طريق رئيسي يسمى « ديكومانوس<br />

ماكسموس«.‏ وهو مرصف ينتهي في جهته<br />

الشرقية بساحة عمومية على شاكلة املنتدى<br />

الروماني Romanum( .)Forum وفي<br />

الساحة معبد مكون من 5 مقصورات تبرز<br />

أيضا التأثير املعماري املوري األمازيغي<br />

في العمارة الرومانية.‏ إضافة إلى ‏»حوض<br />

احلوريات«‏ ومخازن عمومية وحمامات.‏<br />

وشماال تظهر بقايا املعبد الرسمي وهو بناية<br />

ضخمة بني جزء منها فوق صف من الدكاكني<br />

املقببة،‏ ويضم فضاء شالة أيضا كا من<br />

قوس النصر وبضع أجزاء من الواجهة<br />

الرئيسية لدار العدالة.‏<br />

في الفترة ما بني القرن اخلامس والقرن<br />

العاشر امليادي تعرضت شالة،‏ ومن<br />

معانيها في اللغة األمازيغية:‏ احلاضرة،‏<br />

إلى بعض التهميش.‏ حيث اتخذت كموقع<br />

يرابط فيه الفرسان ملواجهة قبيلة برغواطة<br />

التي أسست دولة لها في منطقة تامسنا<br />

‏)تعني باألمازيغية:‏ السهل اخلالي،‏ وهي<br />

منطقة تاريخية امتدت بني وادي أبي رقراق<br />

ووادي أم الربيع - منطقة الشاوية سطات<br />

وزعير حاليا(‏ على الساحل األطلسي بني<br />

آسفي وسا.‏ وبعدما أسس يعقوب املنصور<br />

تعني كلمة شالة أيضا في اللغة<br />

األمازيغية الوفرة والكثرة،‏ فقد بنيت<br />

في مكان يتوفر فيه كل ما هو ضروري<br />

لاستقرار.‏ وفي عهد الفينيقيني صار اسمها<br />

‏»شاال«‏ ثم أصبحت ‏»سا«‏ في عهد الرومان.‏<br />

وهذا االسم انتقل إلى مدينة سا احلالية<br />

التي كانت متثل ضاحية لشالة.‏<br />

ويدق باحثون في الثقافة والتراث<br />

منذ سنوات ناقوس اخلطر الذي يتهدد<br />

هذا املوقع األثري،‏ حيث يعتبر بعضهم<br />

اإلهمال الذي تعاني منه شالة شاهدا على<br />

السياسة العامة لوزارة الثقافة التي ال تولي<br />

اهتمامها بهذا املعلم التاريخي بعد السرقات<br />

املتكررة التي تعرضت لها.‏ مطالبني مبراجعة<br />

السياسة الثقافية للمغرب برمتها،‏ بعد<br />

السرقات التي تعرض لها قبر أبي احلسن<br />

املريني،‏ حيث مثل احلادث كارثة ثقافية<br />

وتاريخية وحضارية للمغرب.‏<br />

وتتعرض آثار موقع شالة لإلهمال<br />

والسرقات بحكم موقعها القصي واملنفرد،‏<br />

وكانت وزارة الثقافة قد راسلت إدارة<br />

اجلمارك املغربية تطالبها بإحداث دورية<br />

ملراقبة تصدير القطع الفنية والتحف<br />

األثرية أواخر سنة 2009. وطلبت الوزارة<br />

من مصالح اجلمارك مراقبة املنقوالت،‏ مبا<br />

فيها الوثائق واألرشيف واخملطوطات ذات


Volume 26 - Issue 7839 Sunday 17 August 2014<br />

39 38<br />

السنة السادسة والعشرون العدد 7839 االحد 17 آب ‏)أغسطس(‏ 2014 21 شوال ‎1435‎ه<br />

علوم وتكنولوجيا<br />

علوم وتكنولوجيا<br />

العالم يترقب الكشف عن الهاتف الجديد خالل أسابيع<br />

‏»آيفون 6« سيكون في حجمين وكاميرا متعددة العدسات غير قابلة للكسر<br />

طائرة تجسس بدون<br />

طيار ب‎150‎ دوالرا فقط<br />

لندن - ‏»القدس العربي«:‏<br />

محمد عايش<br />

ما زال املولعون بالتكنولوجيا في حالة انتظار وترقب لهاتف ‏»آيفون<br />

6« املتوقع أن تكشف عنه شركة ‏»أبل«‏ األمريكية في التاسع من شهر أيلول/‏<br />

سبتمبر املقبل،‏ في الوقت الذي تتزايد فيه وتيرة التوقعات والشائعات<br />

بشأن املواصفات احملتملة للجهاز،‏ والتي يجمع املراقبون على أنها ستكون<br />

استثنائية وغير مسبوقة في عالم الهواتف الذكية.‏<br />

ورصدت ‏»القدس العربي«‏ العديد من التسريبات التي تتحدث عن<br />

مواصفات الهاتف اجلديد والتي تنوعت بني املزايا الداخلية،‏ والتحديثات<br />

من حيث الشكل والشاشة والتي تشغل أذهان املستخدمني أيضاً‏ ، فيما<br />

يبدو ان ‏»آيفون 6« قد يسجل قفزة في عالم الهواتف الذكية في حال صحت<br />

التسريبات والتوقعات بشأنه والتي زاد حجمها بسبب طول اإلنتظار.‏<br />

ومن بني املواصفات التي تأكدت بصورة شبه قاطعة هي أن هاتف<br />

‏»آيفون 6« سيكون بنسختني األولى بشاشة كبيرة حجمها 5.5 انش،‏<br />

والثانية بشاشة عادية قياسها 4.7 انش،‏ لتكون شركة ‏»أبل«‏ قد دخلت بذلك<br />

في منافسة واضحة مع ‏»سامسونغ«‏ الكورية التي حققت جناحاً‏ كبيراً‏ عندما<br />

طرحت هاتفها الشهير ‏»غاالكسي نوت«‏ بشاشته الكبيرة.‏<br />

المعالج األسرع في العالم<br />

وكشفت جريدة ‏»دايلي ميرور«‏ البريطانية في تقرير لها أن ‏»آيفون 6«<br />

سيحتوي على اجليل اجلديد من معاجلات البيانات )A8(، والتي ستكون<br />

األسرع في العالم،‏ وهو ما سيؤدي الى رفع مستوى أداء الهاتف وسرعته<br />

في تنفيذ األوامر.‏<br />

وبحسب الصحيفة فإن هاتف ‏»آيفون 6« سيضم أسرع القط ‏»واي فاي«‏<br />

في العالم،‏ ليتمتع مستخدموه بسرعة انترنت فائقة عبر ‏»واي فاي«‏ تتجاوز<br />

السرعات التي توفرها أجهزة الكمبيوتر،‏ فضاً‏ عن قدرة الهاتف على التقاط<br />

شبكات بعيدة.‏<br />

وبحسب املعلومات التي نشرتها ‏»دايلي ميرور«‏ فإن شركة ‏»أبل«‏ طورت<br />

قدرة التقاط شبكات ال«واي فاي«‏ في الهاتف اجلديد ‏»آيفون 6« إضافة الى<br />

تطوير قدرات اإلستشعار من أجل التعرف على بصمة صاحبه.‏<br />

محفظة نقود<br />

لكن تقارير عديدة،‏ ومن بينها ما نشرته صحيفتا ‏»دايلي ميرور«‏<br />

و«دايلي ميل«‏ البريطانيتان،‏ تشير الى أن امليزة األهم التي ستحملها هواتف<br />

‏»آيفون 6« هي الشريحة الذكية املسماة )NFC( وهي التي تتيح حتويل<br />

الهاتف النقال الى محفظة نقود،‏ لتستخدم في عمليات الدفع املالي عن بعد،‏<br />

وهي الشريحة ذاتها املستخدمة في البطاقات اجلديدة التي طرحتها شركة<br />

‏»فيزا«‏ العاملية من أجل الدفع عن بعد ودون احلاجة لتعبئة كلمة املرور أو<br />

مترير البطاقة على جهاز الدفع.‏<br />

وكشفت ‏»دايلي ميل«‏ مؤخراً‏ أن شركة ‏»أبل«‏ جتري مباحثات مع كبريات<br />

شركات الدفع العاملية،‏ مثل ‏»فيزا«‏ و«ماستر كارد«‏ من أجل التوصل الى<br />

إتفاقات إلصدار بطاقات دفع وائتمان تكون مخزنة في هواتف ‏»آيفون«‏ دون<br />

احلاجة الى حمل بطاقات باستيكية تقليدية من قبل املستخدمني.‏<br />

غير قابل للكسر<br />

الى ذلك،‏ فإن مشكلة تفتت الهيكل عند إرتطام الهاتف باألرض،‏ تغلبت<br />

عليها شركة ‏»أبل«‏ هذه املرة بعد أن حتولت الى ‏»بزنس«‏ كبير.‏ حيث يضطر<br />

آالف ورمبا مايني املستخدمني حول العالم يومياً‏ الى تغيير هياكل هواتفهم،‏<br />

وغالباً‏ ما يشترون هياكل باستيكية مقلدة مصنوعة في الصني يتراوح ثمن<br />

الواحد منها بني 10 و‎20‎ دوالراً‏ فقط،‏ لكنها ال تعمر طوياً‏ .<br />

وتقول أحدث املعلومات املتداولة حول ‏»آيفون 6« إن الكريستال<br />

غير القابل للكسر سوف يدخل في صناعته مبا يجعله أكثر قوة ومقاومة<br />

للضربات والصدمات،‏ فضاً‏ عن أن شاشة الهاتف ستكون مصنوعة هي<br />

األخرى من زجاج أقوى بكثير من ذلك املستخدم في هواتف ‏»آيفون«‏<br />

السابقة،‏ لكنها في الوقت ذاته ستظل أضعف من الهيكل الذي سيحتوي على<br />

الكريستال.‏<br />

ونشرت ‏»دايلي ميل«‏ تقريراً‏ قالت فيه إن شعار شركة ‏»أبل«‏ املثبت خلف<br />

اجلهاز سيكون غير قابل للكشط أو املسح أو التشويه ويحافظ على ملعانه،‏<br />

وال ميكن أن يتكسر أو يتفتت.‏<br />

سماعات وكاميرا مختلفة<br />

ونشرت العديد من املواقع االلكترونية املتخصصة في متابعة أحدث<br />

صرعات التكنولوجيا والهواتف الذكية معلومات مفادها أن الهاتف اجلديد<br />

سوف يكون مزوداً‏ بسماعات عالية اجلودة من شركة )Beats( العاملية،‏<br />

على أنَّ‏ مرد هذه املعلومات الى أن ‏»أبل«‏ كانت مؤخراً‏ قد استحوذت على هذه<br />

الشركة مقابل ثاث مليارات دوالر في حترك منها للتطوير وللدخول في عالم<br />

االلكترونيات السمعية.‏<br />

وكشف موقع إخباري صيني،‏ نقاً‏ عن مصدر في شركة ‏»فوكسكون«‏<br />

التي تقوم بانتاج الهاتف حلساب ‏»أبل«‏ إن ‏»آيفون 6« سيتضمن ألول مرة في<br />

تاريخ الهواتف الذكية كاميرا تصوير بارزة ميكن لصاحبها أن يقوم بتغيير<br />

عدساتها وفقاً‏ للحاجة،‏ لتكون بذلك كاميرا أقرب الى أدوات احملترفني ولديها<br />

قدرات أكبر على التصوير،‏ سواء التقاط الصور الثابتة أو الفيديو.‏<br />

لندن - القدس العربي:‏<br />

فوجئ زوار موقع ‏»يوتيوب«‏ العاملي بفيديو جديد<br />

متكن مستخدم هاو من التقاطه بواسطة اخلدمات<br />

التي توفرها ‏»غوغل«.‏ حيث يظهر في الفيديو مخلوق<br />

يبدو وكأنه رجل أو مخلوق شبيه بالبشر،‏ وهو يسير<br />

على سطح القمر،‏ في حادثة هي األولى من نوعها على<br />

االطاق.‏ ويأتي الكشف اجلديد الذي رمبا ميثل دلياً‏<br />

على وجود مخلوقات شبيهة بالبشر على سطح األرض<br />

في الوقت الذي يثور فيه جدل واسع على مستوى<br />

العالم،‏ وفي أروقة وكالة ‏»ناسا«‏ الفضائية،‏ وهذا اجلدل<br />

حول احتماالت وجود مخلوقات تعيش في الفضاء ولم<br />

يتمكن اإلنسان حتى هذه اللحظة من الوصول اليها أو<br />

التعرف عليها.‏<br />

ويقول ناشر الفيديو إن ما متكن من التقاطه ميكن<br />

أن يكون جسماً‏ متحركاً‏ يشبه الرجل،‏ أو جسم اإلنسان<br />

فيديو يظهر مخلوقات شبيهة بالبشر على القمر<br />

العادي،‏ أو أنه عبارة عن ظل جلسم يشبه اإلنسان،‏ وفي<br />

احلالتني فانه ميثل دلياً‏ على وجود حياة على سطح<br />

القمر،‏ ومخلوقات فضائية ميكن أن تكون موجودة هناك<br />

لكن اإلنسان لم يصل اليها حتى اآلن.‏<br />

وبحسب صاحب الفيديو فإنه ميكن التقاط<br />

اجلسم املشابه لإلنسان على سطح القمر،‏ باستخدام<br />

خدمة Moon( )Google وعلى االحداثيات التالية:‏<br />

.)W 4.75’36°19 N 26.35’34°27(<br />

وفي الوقت الذي يؤكد فيه صاحب الفيديو أن ما<br />

رآه ليس سوى جسم إلنسان أو خمللوق يشبه البشر،‏<br />

فإن بعض اخلبراء يشيرون الى أن ما رآه هذا الشخص<br />

ليس سوى نتاج حالة نفسية يُ‏ طلق عليها اخلبراء اسم<br />

‏»بارادوليا«‏ وهي حالة يرى فيها الشخص أشياء ليست<br />

موجودة في احلقيقة لكنه يكون مهيئاً‏ سلفاً‏ نفسياً‏ ألن<br />

يراه فتظهر أمام عينيه.‏<br />

وكانت وكالة ‏»ناسا«‏ الفضائية األمريكية قالت إن<br />

تقديراتها ‏»املتحفظة«‏ تشير الى أن اجملرة التي يعيش<br />

لندن - ‏»القدس العربي«:‏<br />

متكنت شركة تكنولوجيا فرنسية من إنتاج طائرة بدون طيار ميكن استخدامها خملتلف<br />

األغراض مبا فيها التجسس والتقاط الصور،‏ فضاً‏ عن مختلف االستخدامات املدنية املمكنة،‏ إال<br />

أن الغريب في ذلك أن ثمنها ليس سوى 150 دوالراً‏ فقط.‏<br />

وأطلقت الشركة الفرنسية على الطائرة اسم Spider( ،)Rolling إال أنها قالت أنها ال تزال غير<br />

قادرة على نقل البضائع واألشياء الثقيلة،‏ كما أنه ال ميكن إستخدامها حتى اآلن في التسوق،‏ حيث تطمح<br />

الشركة في تطويرها الحقاً‏ ليتمكن املستخدمون من إستعمالها في عمليات التسوق ونقل ما يشترونه من<br />

السوبر ماركت الى املنزل،‏ بدالً‏ من حمله.‏<br />

وقالت شركة االلكترونيات الفرنسية التي أنتجت الطائرة إنه ميكن التحكم فيها بواسطة الهاتف احملمول،‏ كما<br />

أنها قادرة على التقاط الصور ونقلها مباشرة الى صاحبها،‏ فضاً‏ عن الوزن االجمالي للطائرة ليس سوى 65 غراماً‏<br />

فقط،‏ أي أنها خفيفة جداً‏ .<br />

ولدى الطائرة أربع مروحيات لتتمكن من التحليق بفعالية عالية،‏ على أن يتم توجيهها بواسطة الهاتف احملمول،‏ كما<br />

حتتوي الطائرة على عجلتني أيضاً‏ لتمكينها من السير على األرض عند الوصول الى املكان املطلوب،‏ فضاً‏ عن قدرتها على السير<br />

على اجلدران واحلوائط أيضاً‏ بواسطة العجلتني.‏<br />

وتقول الشركة املنتجة إن ثمن الطائرة اجلديدة هو 150 دوالراً‏ فقط،‏ ويتم التحكم فيها بواسطة تطبيق يتم تثبيته على الهاتف<br />

احملمول فيرتبط بالطائرة،‏ إال أنها تظل حتت السيطرة في محيط ال يتجاوز 49 متراً‏ فقط،‏ أي أنها ال تزال غير قادرة على التحليق بعيداً‏ ،<br />

باإلضافة الى عدم قدرتها على حمل األوزان الثقيلة.‏<br />

وكانت دولة اإلمارات أعلنت مؤخراً‏ أنها ستستخدم طائرات بدون طيار في عمليات توصيل الوثائق الرسمية والطرود إلى مواطنيها،‏<br />

وذلك في إطار جهود حتديث اخلدمات احلكومية،‏ في مشروع هو األول من نوعه في العالم.‏<br />

والطائرة التي تعمل بالبطارية وقطرها نصف متر تشبه الفراشة ومزودة بحجيرة علوية،‏ ميكنها أن حتمل طروداً‏ صغيرة،‏ وهي باللون األبيض<br />

ومزركشة بعلم اإلمارات وتعمل ب‎4‎ محركات.‏<br />

وقال املهندس اإلماراتي عبدالرحمن السركال،‏ الذي صمم املشروع إنه سيتم استخدام نظام األمان الذي يعمل ببصمة اإلصبع وبصمة العني حلماية<br />

الطائرة وشحناتها.‏ وكان جيف بيزوس املدير التنفيذي لشركة أمازون للتجارة عن طريق اإلنترنت قال في كانون أول/‏ ديسمبر املاضي إن شركته خططت<br />

لتسليم البضائع ملايني الزبائن بأسطول من الطائرات بدون طيار،‏ لكن مهندسني قالوا إن السامة ومشاكل فنية تعني أنه من غير املرجح أن تصبح اخلطة حقيقة<br />

واقعة خال السنوات القليلة املقبلة.‏<br />

البشر على أحد كواكبها وهو كوكب األرض قد يكون<br />

عليها أكثر من 100 مليون عالم،‏ وفي كل عالم مخلوقات<br />

فضائية مختلفة،‏ على أن الوصول الى هذه اخمللوقات<br />

سيتم خال عشرين عاماً‏ على األكثر.‏<br />

وبحسب خريطة طريق وضعتها وكالة ‏»ناسا«‏<br />

الفضائية فإنه توجد مخلوقات فضائية على مجرة<br />

‏»درب التبانة«‏ وسيتمكن البشر من الوصول اليهم<br />

خال العشرين عاماً‏ املقبلة،‏ إال أن هؤالء ليسوا في<br />

نطاق اجملموعة الشمسية.‏ وكشفت الوكالة خال حديث<br />

ملمثلها في العاصمة األمريكية واشنطن أن عمليات<br />

البحث املقررة ضمن خريطة الطريق املوضوعة سلفاً‏<br />

ستتم بواسطة عدد من التليسكوبات املوجودة حالياً‏<br />

لدى الوكالة،‏ إضافة الى عدد آخر من التليسكوبات التي<br />

يجري تطويرها للعمل بها مستقبا.‏<br />

وقال رائد الفضاء السابق،‏ واملدير في ‏»ناسا«‏<br />

تشارلز بولدين:‏ ‏»هل لدينا اعتقاد بأن ثمة حياة في ما<br />

بعد األرض؟..‏ أود القول أنني ومعظم زمائي نعتقد بأنه<br />

من غير احملتمل أن يكون البشر وحدهم في هذا الكون«.‏<br />

وكان كوكب املريخ وعشرات األقمار والكواكب<br />

املوجودة في اجملموعة الشمسية محل اهتمام وبحث<br />

وفحص طوال العقود املاضية إلستكشاف ما اذا كان ثمة<br />

كائنات فضائية غريبة أم ال،‏ إال أن احلديث حالياً‏ حتول<br />

الى الكواكب خارج اجملموعة الشمسية من أجل البحث<br />

عن اخمللوقات األخرى.‏<br />

ويقول أحد رواد الفضاء التابعني ل«ناسا«‏ إن<br />

مخلوقات فضائية وكائنات غريبة قد تكون حالياً‏ على<br />

كوكب املشتري،‏ إال أن هذا االفتراض ال يوجد ما يدعمه<br />

حتى اآلن.‏<br />

وتعمل وكالة ‏»ناسا«‏ حالياً‏ على تطوير تليسكوبني<br />

بالغي األهمية،‏ األول من املفترض أن يرى النور في العام<br />

2017، أما الثاني سيكون جاهزاً‏ بحلول العام 2018،<br />

للمساعدة في استكشاف مزيد من احلياة الفضائية،‏<br />

ورمبا يتمكن اإلنسان من الوصول الى معلومات وحقائق<br />

كانت غائبة عنه في املاضي بفضل هذه التليسكوبات.‏


Volume 26 - Issue 7839 Sunday 17 August 2014<br />

41 40<br />

السنة السادسة والعشرون العدد 7839 االحد 17 آب ‏)أغسطس(‏ 2014 21 شوال ‎1435‎ه<br />

أسرة<br />

لندن - ‏»القدس العربي«:‏<br />

أسرة<br />

يبدي الكثير من اآلباء واألمهات قلقاً‏ بالغاً‏ من<br />

استخدام أطفالهم ألجهزة الكمبيوتر والهواتف الذكية<br />

من أجل الدخول على االنترنت وقضاء ساعات طويلة،‏<br />

في الوقت الذي تزدحم فيه الشبكة العنكبوتية بالكثير<br />

من املواد املفيدة والضارة في آن واحد،‏ مما يجعل من<br />

الصعب على الكثير من األهالي مراقبة أطفالهم على مدار<br />

الساعة،‏ والتأكد أنهم لم ينزلقوا الى احملتوى الضار<br />

والسيء على االنترنت.‏<br />

وبينما دخلت هذه املشكلة كل بيت،‏ فان عائات<br />

كثيرة جلأت الى االستغناء عن االنترنت نهائياً‏ ،<br />

متنازلني عن فوائده ألطفالها،‏ في سبيل تفادي أضراره<br />

احملتملة،‏ إال أن الكثير من اخلبراء يرون عكس ذلك،‏<br />

وينصحون بعدم االستغناء عن االنترنت والكمبيوتر<br />

كلياً‏ من أجل حماية األطفال.‏<br />

وكتب اخلبير في مجال االنترنت وتكنولوجيا<br />

املعلومات ستيوارت دريدغ مقاالً‏ في جريدة ‏»الغارديان«‏<br />

ينصح فيه اآلباء واألمهات أن يعلموا أطفالهم اخلطوات<br />

الازمة لتصفح انترنت آمن،‏ بدالً‏ من حرمانهم من<br />

استخدام أجهزة الكمبيوتر،‏ سواء املكتبية أو اللوحية.‏<br />

ويقول دريدغ إن األطفال ينظرون الى االنترنت على<br />

أنه ‏»كيان ساحر«‏ وبالتالي فانه يجذبهم على كل حال،‏<br />

ومن الصعب حرمانهم من استخدامه على اإلطاق،‏ لكن<br />

من املمكن توعيتهم على الدوام من أجل إيصالهم الى<br />

استخدام آمن لانترنت والكمبيوتر.‏<br />

ويضيف إن على اآلباء واألمهات تعليم أبنائهم ما<br />

ال يعرفونه عن االنترنت مثل الفيروسات التي تسبب<br />

ضرراً‏ بأجهزة الكمبيوتر،‏ أو متكن اآلخرين من اختراق<br />

جهاز الكمبيوتر وسرقة محتوياته والتجسس عليه.‏<br />

كما يجب تعليمهم احلقائق التي تتعلق باخلصوصية<br />

وعمليات ‏»اإلصطياد«‏ التي تتم من خال شبكات<br />

التواصل االجتماعي أو غرف الدردشة.‏<br />

ويقول الباحث في أمن املعلومات في شركة<br />

‏»كاسبركي«‏ العاملية ديفيد إم إن ‏»من األمور الهامة من<br />

أجل حماية األطفال خال التصفح على االنترنت<br />

هو مناقشتهم والتحدث اليهم بشكل متواصل عن<br />

املواقع االلكترونية التي يزورونها،‏ واألنشطة التي<br />

يزاولونها على االنترنت،‏ على أن يتم ذلك في سن مبكرة<br />

لهم«.‏<br />

وينصح بأن يتم السماح لألطفال في مرحلة من<br />

املراحل بتصفح االنترنت واستخدام الكمبيوتر بحضور<br />

خبراء يؤكدون ضرورة التوعية من المخاطر االلكترونية<br />

كيف تحمي أطفالك من االنترنت؟<br />

اآلباء واألمهات من أجل مراقبتهم أوالً‏ ، وتعليمهم ثانياً‏<br />

السلوك الصحيح على االنترنت والذي يضمن حمايتهم<br />

من اخملاطر االلكترونية،‏ حيث ميكن أن يتم خال<br />

هذه األوقات مناقشة املسائل املتعلقة بكلمات املرور<br />

والفيروسات وحماية اجلهاز واحلسابات االلكترونية<br />

من السرقة.‏<br />

وتنقل ‏»الغارديان«‏ عن شياغ ماكمانوس،‏ احملامي<br />

بشركة ‏»سيمانتيك«‏ العاملية التي تنتج برنامج ‏»نورتون<br />

أنتي فايروس«‏ قوله:‏ ‏»النصيحة التي أقدمها لعائلتي<br />

وأصدقائي هي:‏ ما ال تفعله مع اآلخرين وجهاً‏ لوجه<br />

فا تفعله على االنترنت..‏ فمثاً‏ : هل تذهب الى شخص<br />

غريب بالكامل وتتحدث اليه في الشارع وأنت ال تعرف<br />

عنه شيئاً‏ ؟ وهل تسيء الى شخص من أصدقائك أو أي<br />

شخص ال تعرفه؟..‏ اذا كان اجلواب ال فا تفعل ذلك على<br />

االنترنت أيضاً‏ «.<br />

ويضيف أن على اآلباء واألمهات أن يعلموا<br />

أطفالهم هذه النصيحة،‏ حيث ال ينبغي التحدث الى<br />

شخص غريب وال فتح قنوات حوار وإتصال معه على<br />

االنترنت،‏ متاماً‏ كما هو احلال في الشارع،‏ كما يجب<br />

عدم إرتكاب أي انتهاك أو اإلساءة لآلخرين من خال<br />

االنترنت.‏<br />

وميثل االنترنت خطورة بالغة على األطفال،‏ حيث<br />

أنه عالم مفتوح من املواقع االلكترونية وغرف الدردشة<br />

وشبكات التواصل،‏ فيما يبدي الكثير من اآلباء واألمهات<br />

قلقاً‏ بالغاً‏ من أنشطة أطفالهم على االنترنت.‏<br />

وكانت شركة ‏»فيسبوك«‏ التي متتلك أكبر شبكة<br />

تواصل اجتماعي في العالم قد خففت من القيود<br />

املفروضة على اشتراكات القاصرين في خدماتها،‏ وهو<br />

ما دعا الكثير من املؤسسات واجلمعيات والنشطاء<br />

الى انتقاد اخلطوة على اعتبار أنها متثل خطورة على<br />

األطفال،‏ وعلى أساس أن ‏»فيسبوك«‏ قد يتحول<br />

الى وسيلة للتواصل غير املشروع بني األطفال وبني<br />

البالغني.‏<br />

افقي:‏<br />

من المطبخ الشرقي<br />

كتف خروف محشي<br />

املقادير:‏<br />

1 عود صغير قرفة<br />

‎1‎ملعقة كبيرة بهار حلو<br />

2 ملعقة صغيرة فلفل اسود<br />

2 ملعقة صغيرة شومر<br />

‎2‎ملعقة صغيرة كمون<br />

2 ملعقة صغيرة كزبرة جافة<br />

2/1 ملعقة صغيرة قرنفل<br />

10 حبات هيل<br />

2/1 ملعقة صغيرة خردل حسب<br />

التتبيلة<br />

‎1‎قطعة فخذ خروف مفتوحة من اجلانب<br />

6 فصوص ثوم<br />

1 حبة متوسطة بصل<br />

4/1 ملعقة كبيرة زيت زيتون<br />

1 ملعقة كبيرة ملح<br />

2/1 ملعقة صغيرة فلفل اسود<br />

مخضراوات للسوتيه بروكلي،‏ جزر،‏<br />

قرنبيط،‏ فلفل احمر حلو،‏ اخضر،‏ اصفر<br />

طريقة حتضير كتف اخلروف املشوي<br />

1( يوضع خليط البهارات في مقالة واسعة<br />

سخني القرفة،‏ البهار احللو،‏ الفلفل،‏ الشومر،‏<br />

)1( قدمي الزمان )2( ميشي عكس اتفاق )3( فَ‏ عل ما طُ‏ لب منه غير حاف )4( اساس نوع حرفان هجائيان مكرران )5( استماع ننظر ‏)معكوسة(‏<br />

)6( اعماله غير سهلة ‏)‏‎7‎‏(قل وزنها ‏)باللهجة املصرية(‏ مصائب )8( دع مهانة سحب )9( حروف هجائية بضائع )10( فارغات ‏)باللهجة املصرية(‏<br />

تكلم بشكل غير واضح )11( فقدان كامل للوعي.‏<br />

طبق األسبوع<br />

الكمون،‏ الكزبرة،‏ القرنفل،‏<br />

الهيل،‏ اخلردل،‏ اتركيه<br />

يبرد ثم ضعيه في مطحنة<br />

البهارات واطحنيه الى<br />

ان يصبح ناعما،‏ احفظي<br />

البهارات في برطمان<br />

زجاجي.‏<br />

2( سخني الفرن<br />

لدرجة حرارة 200،<br />

احضري صينية شوي<br />

بشبك،‏ احضري خيط قطن<br />

خاص لربط اللحوم.‏<br />

3( ضعي الثوم،‏<br />

البصل،‏ النعناع،‏<br />

البقدونس،‏ زيت الزيتون،‏<br />

امللح والفلفل،‏ اضيفي<br />

ملعقة صغيرة من خليط البهارات،‏ في املطحنة الى<br />

ان يصبح اخلليط ناعما.‏ اتركيه جانبا.‏<br />

4( ضعي كتف اخلروف املفتوح جانباً‏ على<br />

صينية واسعة،‏ في طبق صغير ضعي نصف<br />

خليط البهارت وملعقة صغيرة من امللح،‏<br />

قلبي ليختلط،‏ وزعي هذا اخلليط على اللحم<br />

على كافة اجلوانب.‏ ضعي خليط الثوم في<br />

وسط اللحم،‏ لفي جيدا ثم اربطيه باستعمال<br />

اخليط.‏<br />

5( ضعي اللحم على الشبك،‏ ادخلي الفرن<br />

ملدة 15 دقيقة،‏ ثم غلفي بورق املونيوم<br />

واتركي الكتف ملدة تتراوح من ساعة<br />

ونصف الى ساعتني الى ان ينضج،‏ في منتصف<br />

الوقت انزعي األملنيوم ورشيه بقليل من زيت<br />

الزيتون.‏<br />

6( دعي اللحم يبرد ملدة 10 دقائق قبل<br />

التقدمي.‏ قدميه بجانب اخلضراوات وسلطة<br />

الروب.‏<br />

7( ضعي اخلضار في طبق،‏ انثري بقية<br />

البهار وملح وقليل من الزيت،‏ ضعيها في<br />

اجلهاز.‏<br />

كلمات متقاطعة<br />

عمودي:‏<br />

)1( هزمهن الزهرة اول ظهورها )2( ساقية كلهم )3( ما يلحق<br />

باألصل ارتفع وعال )4( اصله طعام يستخدم فيه البيض <br />

حرفان هجائيان )5( قوة الشيء رضي ‏)‏‎6‎‏(اداة نفي نوع من<br />

احللوى يصنع من الدقيق والعسل املاء اتخذ قراراً‏ ‏)معكوسة(‏<br />

)7( عدل كلمة تقال للتعجب )8( حرف مكرر وثن حزين<br />

جداً‏ )9( عكس شراء احتجاجي)‏‎10‎‏(‏ اصل الشيء استطاب<br />

الشيء )11( حقول عكس وافق.‏<br />

الحمل<br />

الثور<br />

الجوزاء<br />

السرطان<br />

االسد<br />

العذراء<br />

الميزان<br />

العقرب<br />

القوس<br />

الجدي<br />

تشعر ان احوالك تتغير نحو االفضل<br />

فا توجد معاكسات او مشاكل في العمل،‏ قد<br />

تسوي اخلاف بينك وبني من حتب قريبا.‏<br />

يوم صعب ويتصف بالعديد من<br />

الضغوطات حتل بالصبر لكي تتجاوزه،‏<br />

مزاجيتك تأثر على عاقتك مبن حتب.‏<br />

حاول ان تعطي من حتب فرصة اخرى.‏<br />

تكون على قدر كافي من املسؤولية وتتولى<br />

زمام االمور بجدارة وقوة.‏<br />

تصادف العديد من االعمال التى جتعلك<br />

حائرا من أين تبدأ،‏ ال تدع تسمح لاهل<br />

بالتدخل بينك وبني مع من حتب.‏<br />

هناك اخبار السارة تشعرك باالستقرار،‏<br />

حاول ان تعترف ملن حتب بحقيقة مشاعرك<br />

وتقربه منك قبل ان تخسره.‏<br />

تصادف العديد من االعمال الروتينية<br />

اململة حاول ان تتحلى بالصبر،‏ خاف ينتهي<br />

بينك وبني من حتب قريبا جدا.‏<br />

ال تأخذ أي كلمة توجه لك على محمل<br />

اجلد وكن أكثر مرحا،‏ عدم االستقرار في<br />

عاقتك العاطفية مع من حتب.‏<br />

احلظ يقف الى جانبك حاول ان تستغل<br />

هذا اليوم لصاحلك،‏ تزداد جاذبيتك من<br />

اجلنس اآلخر فا تتسرع.‏<br />

حاول ان تكون اكثر تعاونا في تبادل<br />

املعلومات مع اصدقائك واقاربك،‏ ال تتذمر<br />

كثيرا من اي تصرف يقوم به من حتب.‏<br />

الريجيم في مقتبل العمر يسبب المشاكل الحقًا<br />

لندن - ‏»القدس العربي«:‏<br />

أظهرت دراسة طبية حديثة منشورة في الواليات املتحدة أن النساء في<br />

مقتبل العمر اللواتي يواظنب على الريجيم والتقليل من الطعام يصبحن أكثر<br />

عرضة ملواجهة املشاكل الصحية عند التقدم في السن.‏<br />

وبحسب الدراسة األمريكية التي اطلعت ‏»القدس العربي«‏ على مضمونها<br />

فان مخاطر الوزن الزائد أو السمنة بعد سن الثاثني تزيد بأكثر من ٪50 لدى<br />

السيدات اللواتي كن ميارسن الريجيم في مرحلة عمرية مبكرة،‏ وحتديداً‏ في<br />

فترة ما قبل بلوغهن سن اخلامسة عشرة،‏ حيث يكن في سن مبكرة قد افتقدن<br />

الى السعرات احلرارية والكربوهيدرات.‏<br />

وبهذه النتيجة فان الريجيم املبكر عند الفتيات يعني في النهاية أنه<br />

ليس سوى عملية تأجيل للسمنة والوزن الزائد،‏ وبالتالي فهو مجرد تأجيل<br />

للمشاكل الصحية التي ستواجههن حتماً‏ بعد بلوغ الثاثني عاماً‏ .<br />

وقالت اختصاصية التغذية في جامعة فلوريدا باميا كيل إن النساء<br />

اللواتي بدأن أول ريجيم في حياتهن خال سن املراهقة،‏ وكذلك الفتيات<br />

اللواتي استخدمن حبوب منع الشهية واملساعدة على الريجيم في محاولة<br />

للتخفيف من أوزانهن يواجهن مشاكل أكبر في سن ما بعد الثاثني من العمر.‏<br />

وتدعو كيل احلكومات الى التدخل في املدارس االبتدائية من أجل منع<br />

الفتيات ممن هن في سن صغيرة من البدء في الريجيم ومحاوالت تخسيس<br />

الوزن حتى لو كن يعانني من السمنة الزائدة،‏ حيث أن الدراسة تخلص الى أن<br />

األفضل هو تأجيل الريجيم الى ما بعد النمو الكامل للجسم.‏<br />

وكانت دراسة سابقة قد أظهرت أيضاً‏ أن اإلنقاص السريع للوزن<br />

والريجيم القاسي هو طريقة ضارة وخاطئة،‏ حيث تخسيس الوزن من خال<br />

خفض املاء في اجلسم وليس حرق الدهون.‏<br />

ويرى أطباء التغذية إن ‏»الريجيم السريع يؤدي إلى جفاف اجلسم<br />

والتأثير على عمل جميع أجهزة اجلسم،‏ مثل الشعر واجللد واجلهاز الهضمي<br />

وغيرها،‏ هذا باإلضافة إلى أنه مبجرد التوقف عن متابعة الريجيم يعود<br />

اجلسم إلى ما هو عليه من قبل«.‏<br />

وأضاف أن ‏»الريجيم السريع يؤدي أيضاً‏ إلى الشعور بالتعب واإلرهاق<br />

املستمر،‏ وذلك يرجع إلى أن إنقاص الوزن السريع يؤدي إلى قلة السعرات<br />

احلرارية التي متد اجلسم بالطاقة األزمة له،‏ مما يؤدي إلى اإلحساس الدائم<br />

بالتعب واخلمول والكسل والرغبة الدائمة بالنوم طوال اليوم«.‏<br />

وينصح األطباء بجعل خطة إنقاص الوزن طويلة املدى وذلك لتحقيق<br />

التغير املطلوب في شكل اجلسم،‏ باإلضافة إلى ضرورة الرجوع إلى أخصائي<br />

سمنة،‏ حتى يقوم بعمل التحاليل الازمة قبل البدء في الريجيم لتفادي أي<br />

أضرار صحية ميكن حدوثها.‏<br />

سودوكو لعبة يابانية يقوم الالعب فيها مبلء املربعات<br />

الفارغة بحيث ان كل عمود او سطر يجب ان يكتمل بأرقام من<br />

1 الى 9 شرط استخدام كل رقم مرة واحدة في كل خط افقي<br />

وعمودي وكل مربع من املربعات التسعة.‏<br />

سودوكو<br />

الدلو<br />

الحوت<br />

تشعر انك ضائع وال تعرف ماذا تريد<br />

حاول ان تتحلى بالصبر،‏ الغي كل مقاباتك<br />

مع احلبيب في هذه الفترة حتى تشعر<br />

باالستقرار.‏<br />

تلقى على عاتقك العديد من املسؤوليات<br />

ولكنك تنجزها كلها،‏ احلبيب يتجاهلك حاول<br />

ان تقابله وتعرف السبب.‏<br />

باشر ادارة اعمالك بنفسك وال توكل<br />

اعمالك للعاملني معك.‏ حاول ان تصطحب<br />

احلبيب الى سهرة لطيفة لكي تلطف االجواء<br />

بينكما.‏


Al-Quds Al-Arabi<br />

Al-Quds Al-Arabi<br />

Al-Quds Al-Arabi<br />

Al-Quds Al-Arabi<br />

ً<br />

Volume 26 - Issue 7839 Sunday 17 August 2014<br />

43 42<br />

السنة السادسة والعشرون العدد 7839 االحد 17 آب ‏)أغسطس(‏ 2014 21 شوال ‎1435‎ه<br />

منوعات<br />

منوعات<br />

المعتقدات الخرافية في حياتنا اليومية<br />

رغم أن كل األغاني تتغزل في اللون األسمر<br />

الفتيات السودانيات يدفعن ‏»ثمنا باهظا « لتبييض البشرة!‏<br />

الخرطوم - ‏»القدس العربي«:‏<br />

صالح الدين مصطفى<br />

تغيير اللون من األسمر الى األبيض جريا وراء<br />

مقياس وهمي للجمال،‏ أصبح ظاهرة في اجملتمع<br />

السوداني.‏ وبدال من أن جتلب هذه العملية اإلعجاب<br />

باتت تثير الشفقة والسخرية،‏ حيث جتد لون الوجه<br />

يختلف في الغالب عن لون األيدي والرجلني.‏ وانتشرت<br />

محات صغيرة تعرف شعبيا باسم ‏»قدر ظروفك«‏ وفيها<br />

تباع الكرميات بامللعقة،‏ وخطورة هذا األمر تكمن في عدم<br />

التمكن من معرفة انتهاء صاحية الكرمي أو نوع الشركات<br />

املنتجة!‏<br />

وتشير اإلحصائيات إلى أن مستحضرات التجميل<br />

وأدوات املكياج من أكثر البضائع في كل األسواق حراكاً‏<br />

‏»دخوالً‏ وخروجا«‏ وأصبحت البوتيكات املتخصصة<br />

في هذا النوع منتشرة في كل املدن واألرياف ومعظم<br />

املستهلكات من طالبات املدارس الثانوية واجلامعات<br />

اخملتلفة ومن املوظفات في القطاعات كافة.‏<br />

وانتبه مؤلفو األغاني في السودان مبكرا لضرورة<br />

االحتفاء « بالسمرة«‏ وقد انتشرت العديد من األغنيات<br />

التي تروج لذلك،‏ ومنها رائعة الفنان الراحل ابراهيم<br />

الكاشف ‏»اسمر جميل عاجبني لونو « والتي تغنت بها<br />

مؤخرا املطربة السورية زينة افتيموس.‏ ويترمن كل<br />

السودانيني بأغنية الفنان محمد األمني ‏»أسمر جميل<br />

فتان«‏ ويقول الفنان محمد وردي في أغنيته الشهيرة نور<br />

العني«‏ في اللون األسمر دوبت شبابي«‏ واحتفى الفنان<br />

الراحل مصطفى سيد أحمد بنص الشاعر محمد طه القدال<br />

‏»سمحة وسمرية«‏ وغنى كذلك لعاطف خيري « ياسمراء<br />

يا واضحة«‏ ويندر أن جتد أغنية سودانية تتغزل في املرأة<br />

البيضاء.‏<br />

تقول ماجدة أحمد وهي طالبة في جامعة اخلرطوم<br />

إنها تستخدم أدوات املكياج ومستحضرات التجميل لكن<br />

بشكل معتدل وفي الوقت نفسه تتابع مع طبيبة متخصصة<br />

في اجملال اجللدي حتى تعالج كل ما يخص بشرتها بشكل<br />

صحيح.‏ وتضيف أن هذه األمور تشكل جزءا من ميزانيتها<br />

الشهرية دون شك ولكنها غير مؤرقة.‏<br />

أما أمل أحمد الطالبة في جامعة املغتربني فتقول:‏<br />

‏»أفضل أن أحصل على كل ما أريد في بداية كل شهر<br />

وأحاول أن أحصل على املنتجات األصلية رغم إنها غالية<br />

الثمن ولكنها مضمونة على أي حال«.‏<br />

بعض الفتيات يستخدمن ‏»حقن«‏ لتفتيح البشرة،‏<br />

فاتن الطيب قالت إن هذه الظاهرة أصبحت منتشرة<br />

في الفترة األخيرة وحكت لنا قصة إحدى قريباتها التي<br />

إنتهى بها األمر إلى ان أصيبت بالفشل الكلوي حيث<br />

حتتاج لغسيل إسبوعي.‏ وتقول رندا احلاج وهي طالبة<br />

جامعية إن سعر احلقنة الواحدة التي تستخدم لتفتيح<br />

البشرة تساوي ألف جنيه وهو ما يعادل راتب أستاذتها<br />

في اجلامعة.‏ هناء محمد،‏ موظفة قالت ال أحاول أن أرهق<br />

امليزانية فكل شهر أحصل على ما قيمته 250-200 جنيهاً‏ ال<br />

غير من املوجود في األسواق فأسعارها مناسبة وال أركز<br />

على املاركات العاملية فهي غالية جداً‏ .<br />

والذي ينظر الى شاشة تلفزيون السودان<br />

والشاشات األخرى التي تستهدف املشاهد السوداني،‏<br />

يجد أن املقياس األول للجمال هو أن يكون لون وجه<br />

املذيعة أبيض،‏ وهذا أدى لتعقيدات كثيرة جدا وطمس<br />

لهوية املرأة السودانية خاصة السمراء،‏ وبذلك خلت<br />

الشاشات من ذوات هذا اللون إال في بعض احلاالت<br />

النادرة.‏<br />

وتقول خبيرة التجميل سلوى الطاهر ‏»إن الفتيات<br />

يتأثرن بالقنوات الفضائية التي تعرض جنمات من ذوات<br />

اللون األبيض وإنعكس األمر على الشباب الذين صاروا<br />

ال يلتفتون للسمراوات«‏ وأضافت ‏»أن اللون الطبيعي هو<br />

األجمل وأن األنسان يجب أن يتماهى مع بيئته«.‏<br />

سعاد عبد الرحمن تخصصت في هذا اجملال ومتتلك<br />

محا بسيطا ألدوات التجميل وتقول ‏»هناك استغال<br />

ومتاجرة في جمال املرأة السودانية خاصة أنها ال تسعى<br />

ملعرفة الصحيح واملفيد من أجل صحتها فهي دائماً‏ جتري<br />

وراء ما هو سريع املفعول ورخيص الثمن دون مراعاة<br />

العواقب األخرى التي قد تؤثر على بشرتها بشكل يحتاج<br />

إلى عاج طويل بعد ذلك فأنصحها بالتركيز على املفيد<br />

والذي يقدم لها ما حتتاج إليه فعاً‏ وذلك عبر املتخصصني<br />

في اجملاالت اخملتلفة«.‏<br />

وقال لنا صاحب محل في شارع احلرية إن املنتجات<br />

العشبية الطبيعية ذات أسعار مناسبة وصار اجلميع<br />

يفضل هذا النوع من املنتجات ألنها أكثر أماناً‏ من غيرها،‏<br />

فأسعار الصابون تتراوح بني 55-35 جنيهاً‏ واملنتجات<br />

األخرى من 130-60 جنيهاً‏ وقال إن اإلقبال كبير على<br />

كرميات الشعر واحلنة اخلاصة بالشعر خاصة من قبل<br />

الشابات.‏<br />

وتقول متاضر الزين صاحبة محل جتميل سيدات<br />

ومهتمة ‏»مبيك آب«‏ املذيعات ‏:«ال أدري من أين جاء هذا<br />

العُ‏ رف بإعاء شأن البيضاوات على حساب السمراوات،‏<br />

علما بأن العديد من الدول التي تشاركنا في السحنة<br />

والوجدان فيها مناذج جميلة باللون األسمر،‏ وإذا نظرنا<br />

الى القناة اإلثيوبية - على سبيل املثال-‏ جند أن املذيعات<br />

هناك ال يطمسن جمال لونهن األسمر باملبيضات وكذلك<br />

احلال في القناة االرترية،‏ وبذلك ساهمت تلك القنوات في<br />

إبراز اجلمال األفريقي في أبهى جتلياته«.‏<br />

وتضيف أن هنالك مناذج عاملية ملذيعات - ومقدمات<br />

برامج يتمتعن باللون األسمر وعلى رأسهن بالطبع<br />

‏»اوبرا وينفري«‏ صاحبة البرنامج الشهير،‏ ومن املذيعات<br />

السودانيات الائي احتفظن بلونهن األسمر فتحية<br />

ابراهيم واميان محمد دفع الله وبرزت مؤخرا املذيعة<br />

سلمى سيد في قناة ‏»الشروق«.‏<br />

عبد العزيز الطيب اختصاصي أمراض اجللد طرحنا<br />

ظاهرة استعمال البنات ملواد كيميائية ليبدو لونهن<br />

أبيض فأشار أوال الى عبقرية املرأة السودانية التي<br />

إخترعت مواد جتميل تتناسب متاما مع الطقس احلار<br />

ولون بشرتها وذلك مثل«الدلكة«‏ وأضاف إن بعض<br />

الفتيات يستعملن عقارا يقلل من مقاومة اجلسم ويعرضه<br />

لألمراض املزمنة وأمراض السرطان منوها الى أن املادة<br />

املوجودة في السطح اخلارجي للجلد هي حماية من الله<br />

تعالى ألجسامنا حسب الظروف البيئية التي نعيش فيها<br />

وهو ينصح الفتيات باستخدام مرطبات اجلسم الطبيعية<br />

واألغذية التي حتتوي على الفيتامينات املوجودة في<br />

الفواكه واخلضروات.‏<br />

تأسست عام 9891 1989<br />

الناشر:‏<br />

‏»القدس العربي«‏ مؤسسة<br />

واالعالن للنشر<br />

التحرير:‏ رئيسة<br />

العالول سناء<br />

Editor In Chief<br />

luolA SANA ALOUL anaS<br />

Al-Quds repapsweN Al-Arabi tnednepednI Weekly ylkeeW Independent ibarA-lA Newspaper<br />

sduQ-lA<br />

500 طفل في المهرجان<br />

الدولي الثامن لفولكلور الطفل في سال<br />

المغرب - ‏»القدس العربي«:‏<br />

Head Office (London): 164-166 King Street, Hammersmith,<br />

London W6 0QU England<br />

Tel: +44 0208-741 8008 (6 Lines) Fax: + 44 0208-741 8902<br />

Email: alquds@alquds.co.uk ٭ www.alquds.co.uk<br />

Cairo Office: 43 a Kasser Al Neel St, First Floor,<br />

Flat No (2) ٭ Tel/Fax: (202) 25282918<br />

Morocco Office: 8 Elmerj Street Flat No.6<br />

Hassam - Rabat - Morocco ٭ Tel/Fax: 00212 5377 23152<br />

Amman Office: Queen Rania St. Akkawi Complex<br />

4th Floor/ ٭ No 408 Tel/Fax: (009626) 5066089<br />

القاهرة - ‏»القدس العربي«:‏<br />

مارينا الراهب<br />

لقد أصبحنا في القرن 21 ومع ذلك مازال هناك من<br />

يتشاءم من البومة ورقم 13 ويوم اجلمعة 13 والقطة<br />

السوداء وفتح املقص ليا واخلياطة في ساعة متأخرة،‏<br />

ويتفاءل بحدوة احلصان وحذاء الطفل الصغير وخمسة<br />

وخميسة.‏<br />

ولكن هذه املعتقدات لم تأت من فراغ،‏ فهي ميراث<br />

تاريخي منذ القدم وتتوارثه األجيال،‏ ولذلك ال يخلو<br />

تراث أي شعب من مثل هذه اخلرافات،‏ سواء كانت<br />

ضمنت األساطير أو ممارسة الشعائر الدينية والسحرية<br />

بطريقة خاطئة ال متت للواقع بصلة.‏ وللجهل دخل كبير<br />

في إنتشار هذه اخلرافات والتمسك بها والتعايش معها،‏<br />

كما انها تتغلغل داخلهم وتتوارث وال تزول بزوال اجلهل<br />

النها ذات جذور عميقة ومتشبثة داخلهم.‏<br />

كما يرجع إنتشارها الى تخلف اجملتمع وعدم قدرة<br />

البعض على مواجهة كثير من املشاكل سواء االجتماعية<br />

أو الثقافية أو االقتصادية.‏ وتلعب وسائل اإلعام دورا<br />

كبيرا في استمرار وانتشار هذه اخلرافات واملعتقدات،‏<br />

فنجد بعضها يتحدث عن السحر والدجل والشعوذة<br />

وحتضير األرواح وقراءة الفنجان والكف وعمل الزار<br />

واستشارة الفلكيني والتأكيد على تأثير األبراج فى حياة<br />

الفرد اليومية.‏<br />

وتلعب الصدفة دورا في تصديق ذلك فنرى مثا<br />

قارئة الفنجان تروي قصصا من خيالها الواسع تكون<br />

بديهية في حياة كل إنسان فتلعب الصدفة دورها في<br />

حتقيق هذه القصة مما يجعل اإلنسان يتشبث بلحظة<br />

أمل النه يبحث عن أي مخرج يطمئنه ويحقق له امنياته<br />

ويخفف عنه حتى وان كان هذا اخملرج خرافيا.‏<br />

لكل مجتمع إنساني معتقداته وعاداته التي تتحكّ‏ م<br />

بقدر ملحوظ في سلوك أفراده وقد تكون هذه املعتقدات<br />

أصيلة موروثة من األقدمني أو منقولة من مجتمعات<br />

أخرى ولدينا في الوطن العربي الكثير من اإلعتقادات<br />

وسنتطرق الى بعض منها.‏<br />

المغرب:‏<br />

ترتبط في الغالب مبعتقدات قدمية ضاعت أصولها<br />

األولى،‏ وأصبحت مجرد معتقدات با تفسير واضح،‏<br />

ومنها مثا نذكر:‏<br />

إذا عوى الكلب،‏ أو نعق البوم أو وقف الديك فوق<br />

ظهر احلصان،‏ فان معنى ذلك ان رب البيت سوف ميوت<br />

قريبا.‏ وكذلك اعتقادهم بان املرأة التي ترضع،‏ ينبغي<br />

عليها ان حتاذر من سقوط قطرات من حليبها على<br />

األرض،‏ فاذا حصل وشربها النمل،‏ فإن ما سينتج عن<br />

ذلك هو جفاف ثدييها من احلليب،‏ وان أرادت ان يعود<br />

حليبها غزيرا،‏ يكون عليها ان تطبخ كسكسا مصنوعا<br />

من سميد القمح وتخلطه بالسكر واحلناء وقليل من<br />

الزيت ثم حتمل الوجبة تلك الى غار النمل وتأخذ معها<br />

بضع حبات من الشعير لتنثرها من حوله.‏ مبجرد وصول<br />

النمل الى الوجبة،‏ يعود احلليب إلى ثديي املرأة كسابق<br />

عهده.‏<br />

ولطقوس اإلستحمام عند املغاربة نكهة خاصة،‏<br />

فالكثير منهم يخافون دخول احلمّ‏ ام ليا،‏ خشية التقاء<br />

‏»اجلّ‏ نونْ‏ » أو أرواح شريرة تسكن املكان،‏ وفئة أخرى ال<br />

تستطيع حتى غسل األواني باملاء السّ‏ اخن ليا،‏ مخافة<br />

‏»حرق جنيّ‏ » يسكن البالوعات أو مجاري املياه.‏ أما<br />

الضحك بكثرة فيعني أن اليوم التالي سيكون مليئا<br />

باألحزان والبكاء.‏<br />

مصر:‏<br />

اخلرزة الزرقاء:‏ على الرغم من ان اللون األزرق<br />

يرمز الى السماء وكان يرمز للصفاء والبركة عند القدماء<br />

إال انهم يؤمنون اآلن بأن اللون األزرق يقي من شر عني<br />

احلاسد.‏ وأيضا يؤمنون بالكف ‏)خمسة وخميسة(‏<br />

تقوم النساء بالتخميس في وجه احلاسدين مع ذكر<br />

رقم خمسة وتكراره للتأكد من ابعاد احلسد عنها.‏ وفي<br />

األعراس أيضا يستخدمون البخور ورش امللح لتفادي<br />

احلسد،‏ وجند أيضا من يقوم بقص ورقة على شكل<br />

عروسة ويقوم بغرس الدبابيس فيها وثقبها مع ذكر<br />

عبارة ‏)من عني فان(‏ ثم يقوم بحرقها.‏<br />

وجند أيضا خرافات مرتبطة باحلمل والوالدة،‏<br />

فاملرأة التي تشعر بالقلق لعدم قدرتها على اإلجناب تلجأ<br />

الى الزار والسحر واألحجبة واألساليب اخلرافية عندما<br />

يعجز األطباء عن حتقيق الشفاء لها.‏<br />

معتقدات النوبيين في مصر:‏<br />

ال يزال كثير من النوبيني يلقون الطعام ويوقدون<br />

الشموع ‏»جلن النيل«‏ حتى يومنا هذا في طقوس زائدة<br />

تنم عن اإلجال واخلوف والرجاء.‏ ويعتقد أهل النوبة<br />

أن ‏»الدجري«‏ كائنات خيرة حتمي من األمراض،‏ وحتفظ<br />

األطفال من الغرق في النيل،‏ وتقي من العقم،‏ وفي مقابل<br />

ذلك يدفع لها النوبيون الطعام بصورة ثابتة ودائمة.‏<br />

ففي الزواج والوالدة واخلتان وغيرها يتوجه الناس<br />

إلى النيل حاملني معهم الثريد،‏ ورمبا تذبح ذبيحة لهذا<br />

الغرض،‏ ويضعون الطعام في شيء شبيه بالزورق من<br />

سعف النخيل،‏ مع شيء من الزيت،‏ وفتيل من القطن<br />

مشتعل،‏ ويتركون هذا كله على سطح املاء،‏ وسط<br />

األغاني واالحتفاالت،‏ ورمبا قذف بعضهم الطعام قذفا<br />

في املاء أو رمى بالعطور واحلناء،‏ ويأخذون قلياً‏ من ماء<br />

النيل ليمسحوا جسد الصبي تبركاً‏ ، وكذا املرأة العقيم.‏<br />

ومن أغرب االعتقادات عن الزواج والتي يؤمن بها<br />

الكثير من االفراد في مختلف الباد:‏<br />

○ كعكة الزفاف:‏ تقول اإلسطورة ان املرأة إذا<br />

نامت ووضعت حتت الوسادة كعكة فإنها حتلم بشريك<br />

حياتها املستقبلي.‏ وكذلك جند االعتقاد في حمل العريس<br />

لعروسته:‏ يجب على العريس حمل عروسه يوم الزفاف<br />

ويرجع هذا املعتقد الى إميان القدماء بانه يجب على<br />

العريس حمل عروسه بكل شجاعة عند املرور بأي عتبة<br />

وذلك حلمايتها من األرواح الشريرة.‏<br />

○ مكعب السكر:‏ يجب على العروس في يوم زفافها<br />

وضع مكعب من السكر في القفاز الذي ترتديه وذلك<br />

اعتقاداً‏ بأنه يضفي على حياتها املقبلة السعادة واجلمال.‏<br />

○ سقوط األمطار:‏ تؤمن الكثير من الشعوب بأن<br />

سقوط األمطار يوم الزفاف يدل على احلظ السعيد<br />

للعروسني.‏<br />

○ احلناء لطرد األرواح الشريرة:‏ يقيم أهل<br />

العروسني قبل العرس بيوم اإلحتفاالت ووضع احلنة<br />

على أيديهم وأرجلهم وذلك إلعتقادهم انها حتميهم من<br />

عني الشيطان.‏<br />

○ العملة الفضية والعملة الذهبية:‏ تأخد العروس<br />

يوم زفافها عملة فضية من والدها وعملة ذهبية وذلك<br />

اعتقادا بان ذلك لن يجعلها تكمل حياتها بدون والديها.‏<br />

○ قرص ركبة العروس يوم الدخلة:‏ تقوم العديد من<br />

الفتيات اللواتي لم يتزوجن بعد بقرص ركبة العروس<br />

وذلك حتى يصيبهن احلظ ويتزوجن في أقرب وقت<br />

بعدها.‏<br />

في لندن ونيويورك وفرانكفورت وتوزع في جميع انحاء العالم تطبع<br />

املقر المقر الرئيسي ‏)لندن(:‏ الرئيسي ‏)لندن(:‏ 166/164 كنج 661/461 ستريت،‏ كنج همرسميث،‏ ستريت،‏<br />

همرسميث،‏<br />

لندن دبليو 6 او كيو يو هاتف:‏ )6 0208 741 8008<br />

مكتب القاهرة:‏ 43 أ شارع قصر النيل الطابق األول شقة رقم )2(<br />

مكتب القاهرة:‏ 34 أ شارع قصر النيل الطابق<br />

مكتب املغرب:‏ 8 زنقة األول املرج شقة 6 شقة حسان رقم )2( الرباط<br />

لندن W6 0QU هاتف:‏ 0208-741 8008 +44 6( خطوط(‏<br />

فاكس:‏ 0208-741 8902 + 44<br />

خطوط(‏ فاكس:‏ 0208 741 8902<br />

)202( 25282918<br />

00212 5377<br />

هاتف/فاكس:‏<br />

هاتف/‏ فاكس:‏ 23152<br />

٭<br />

٭<br />

مكتب المغرب:‏ 8 زنقة المرج شقة 6 حسان <br />

مكتب عمان:‏ شارع امللكة رانيا مجمع عكاوي<br />

الرباط<br />

الطابق الرابع رقم 408 ٭ هاتف/فاكس:‏ (009626) 5066089<br />

٭ هاتف/‏ فاكس:‏ 00212 5377 23152<br />

االشتراكات:‏<br />

Published In London, New York and Frankfurt<br />

by Al Quds Al- Arabi Publishing LTD<br />

Circulated in Europe, Middle East,<br />

North Africa and North America.<br />

٭ هاتف/فاكس:‏ (202) 25282918<br />

تنظم جمعية ابي رقراق الدورة الثامنة للمهرجان الدولي لفولكور<br />

الطفل التي ستقام في سا من 17 الى 24 من شهر آب/‏ اغسطس احلالي،‏<br />

حتت الرئاسة الشرفية لألميرة اللة مرمي شقيقة العاهل املغربي امللك محمد<br />

السادس.‏<br />

وأكد رئيس املهرجان عبد الرويجل في ندوة صحافية عقدتها اللجنة<br />

املنظمة في مقر اجلمعية،‏ ان الدورة التي ستقام حتت شعار«أطفال السام«‏<br />

ستعرف مشاركة 500 طفل وطفلة ميثلون 22 دولة عربية وأجنبية.‏<br />

وأضاف ان هذا املهرجان يهدف لنشر قيم التسامح والسام بني<br />

الشعوب وبخاصة بني األطفال،‏ وترسيخ روح احملبة والتعايش بني<br />

مختلف أجيال الغد،‏ وذلك من أجل عالم يسوده احلوار والتسامح<br />

والسام.‏<br />

وأبرز مدير املهرجان ان البرنامج يتضمن إلقاء نداء السام باللغات<br />

األربع،‏ العربية واألمازيغية واألنكليزية والفرنسية حتت قبة البرملان،‏<br />

حيث ستسقبل الوفود املشاركة من قبل عدد من الشخصيات واملسؤولني<br />

على رأسهم رئيس احلكومة عبد االله بن كيران ورئيس مجلس النواب<br />

وغيرهما.‏<br />

وأشار الى ان برنامج الدورة،‏ التي ستشمل فقراتها أيضا مدن<br />

الرباط،‏ وطنجة،‏ ومتارة،‏ سيكون حافا بالعديد من األنشطة اخلصبة<br />

واملشوقة،‏ حيث سينطلق حفل اإلفتتاح في الساحة الكبرى لباب املريسة<br />

بكرنفال كبير،‏ وبعروض فنية راقية خملتلف البلدان املشاركة،‏ التي تبرز<br />

تنوع احلضارات اإلنسانية،‏ والثقافات الكونية.‏<br />

وأكد الرويجل الذي انتخب مؤخرا أمينا عاما للفيدرالية الدولية<br />

لفولكلور الطفل،‏ سيعرف تكرمي رينات حبيب الله رئيس هذه الفيدرالية،‏<br />

فضا عن العديد من األنشطة املوازية،‏ تهدف في العمق الى تعزيز روح<br />

التعاون واحلوار والتواصل بني املشاركني،‏ وإذكاء روح احملبة والتسامح<br />

والتعايش بني مختلف القارات.‏<br />

وقال ان املهرجان،‏ الذي يسعى الى إشاعة ثقافة السام،‏ وجعل<br />

املغرب فضاء كونيا يلم إبداعات أطفال العالم،‏ وهو محطة دولية لترسيخ<br />

روح التعايش والتسامح بني مختلف األجناس واحلضارات.‏<br />

السنوي 450 جنيها استرلينيا في عموم بريطانيا و‎750‎ دوالرا امريكيا<br />

االشتراك<br />

العربي وخارج بريطانيا بما في ذلك اجور البريد<br />

للوطن


Volume 26 - Issue 7839 Sunday 17 August 2014<br />

السنة السادسة والعشرون العدد 7839 االحد 17 آب ‏)أغسطس(‏ 2014 21 شوال ‎1435‎ه<br />

رأي<br />

www.alquds.co.uk<br />

Weekly<br />

أحمد بيضون<br />

مجتمعاتنا ‏»التعدّ‏ دية«:‏<br />

ال فراقَ‏ بإحسان<br />

حني يصبح الفراق بني املكوّ‏ نات الرئيسة جملتمعٍ‏<br />

متعدّ‏ د أمراً‏ مقضياً‏ ، تبرز بني أَ‏ وْ‏ لى العواقب باالعتبار<br />

أرجحيةُ‏ القضاء على املدن أو،‏ في األقلّ‏ ، على مدينية<br />

املدن،‏ وأخصّ‏ ها العواصم.‏ فإمنا تصبح املدن مدناً‏<br />

باستدراجها التخالط وجتاوزها انفراد الوحدة<br />

الطبيعية أو التقليدية بديرتها.‏ وتزداد املدينية<br />

مدينية كلّ‏ ما اتّ‏ سع صدرها ال لتَ‏ خالط وحدات من<br />

الصنف نفسه وحسب بل لتَ‏ خالط أصنافٍ‏ متغايرة<br />

من الوحدات.‏ وإذا كانت املدن العربية قد استبْ‏ قَ‏ ت<br />

نسبة من تعمّ‏ د التجاور بني أبناء الطائفة الواحدة<br />

أو اجلهة أو العشيرة،‏ وهو ما يجسّ‏ ده نظام احلارات،‏<br />

أرفع من النسبة التي جندها في املدن األوروبية،‏ مثاً‏ ،<br />

فإن ذلك ال يعني البتّ‏ ة أن فقدان املدينة واحدة من هذه<br />

املكوّ‏ نات أو أكثر من واحدة ال ميثّ‏ ل انحطاطاً‏ أو نكوصاً‏<br />

منها عن السوية املدينية.‏ وهذا فضاً‏ عن النكبة التي<br />

ميثّ‏ لها،‏ بطبيعة احلال،‏ للفئة املستهدفة قلعها من<br />

موطن عيشها ومعاشها األصلي أو املتبنّ‏ ى.‏ يصحب<br />

هذا عنفٌ‏ ال يُ‏ عرف مداه،‏ ونشاهد في هذه األيّ‏ ام بعض<br />

عيّ‏ ناته،‏ يحتاج إليه فرض هذه النكبة على ضحاياها.‏<br />

فاحلال أنه ال يلوح،‏ في احلاالت املعروضة على مرأىً‏<br />

منّ‏ ا،‏ أسلوبٌ‏ ‏»نظيف«‏ إلعادة التشكيل اإلثنيّ‏ أو<br />

الطائفي لعاصمةٍ‏ أو ملدينةٍ‏ كبرى أو لوحدةٍ‏ إقليمية<br />

أخرى.‏ وال تستغني الدعوة إلى مثل هذا عن التسليم<br />

باملذبحة وبالدمار اللذين يقتضيهما تنفيذه.‏<br />

إلى ذلك،‏ ال يحتمل أن يوافق تقسيم األرض<br />

تقسيماً‏ منصفاً‏ للموارد.‏ بل إن كلّ‏ واحد من األوطان<br />

اجلديدة املرجتلة سيضع يده على ما يجده حتت يده<br />

من خيرات الباد ومرافقها ولو لم يكن في هذا وجه<br />

حقّ‏ واضح.‏ ويفيد النظر في حاالت النزاع القائمة<br />

في محيطنا أن النجاة بالثروة أو االنفراد باملوقع<br />

لن يكونا غائبني عن اخمليلة االنفصالية.‏ وهو ما<br />

يجعل استمرار النزاع عبر احلدود اجلديدة مرجّ‏ حاً‏<br />

ويستبعد ألمدٍ‏ طويل،‏ على األرجح،‏ خافة حسن<br />

اجلوار للصراع اجلاري.‏<br />

إلى هذا ترتسم عامات استفهام تتعلّ‏ ق باألنظمة<br />

السياسية التي يحتمل أن يفضي إليها التقسيم<br />

أو االنفصال ومبا ميكن أن يضمره كل من األنظمة<br />

اجلديدة للجماعة التي يظلّ‏ ها وما يرجّ‏ ح أن تتمخّ‏ ض<br />

عنه هذه األنظمة من حالةٍ‏ إقليمية.‏<br />

وذاك أن البحث السياسي في ما يسمّ‏ ى<br />

‏»اجملتمعات التعدّ‏ دية«‏ يبدو متخلّ‏ فاً‏ عن وقائع التاريخ<br />

حني يواصَ‏ ل التحدّ‏ ثُ‏ عن هذه اجملتمعات وكأنها<br />

ال تزال استثناءً‏ من قاعدة الدول-األمم في عالم<br />

اليوم...‏ وكأن البحث في األنظمة السياسية املناسبة<br />

لها،‏ هو اآلخر،‏ مغادرةٌ‏ جلادّ‏ ة الدميقراطية العريضة<br />

القائمة على مبدأ املواطنة حصراً‏ أي على مقت<br />

االعتراف ب«هيئاتٍ‏ وسيطة«‏ تفصل ما بني املواطن<br />

واألمّ‏ ة حني تتّ‏ خذ لنفسها صفة اجملاميع السياسية<br />

أيضاً‏ ال ‏»األوّ‏ لية«‏ ‏)مبعنى الدينية أو اللغوية أو<br />

اإلثنية،‏ إلخ...(‏ وحسب.‏<br />

واحلال أن افتراض االستثناء هذا يرقى إلى<br />

عهدٍ‏ شهد خروج األقطار املتتابع من حال االستعمار<br />

وحتوّ‏ لها إلى دول منظورة بدورها.‏ إذ ذاك بدا<br />

التكوين األوّ‏ لي ألكثرها يستدعي ابتعاداً‏ ، اختلفت<br />

أشكاله،‏ عن أنظمة الدول القدمية،‏ القليلة العدد،‏<br />

التي كانت قد تألّ‏ فت منها - مثاً‏ - عصبة األمم غداة<br />

احلرب العاملية األولى.‏ كان هذا االبتعاد الزماً‏ لتجنيب<br />

هذه الباد متزّ‏ قاً‏ عصف ببعضها فعاً‏ وبدا محتماً‏ في<br />

بعضها اآلخر.‏<br />

وفي كثير من احلاالت،‏ مثّ‏ لت السلطوية مخرجاً‏<br />

تباينت مدّ‏ ته من حال التمزّ‏ ق هذه.‏ وفي بعضها أذِ‏ نَ‏<br />

متتّ‏ عُ‏ اجلماعات بقواعد إقليمية بالذهاب إلى التقسيم<br />

العاجل أو اآلجل بعد محنة دامية.‏ وفي البعض اآلخر،‏<br />

استقرّ‏ ت احلال على اعتماد الصيغة الفدرالية أو<br />

الصيغة الكنفدرالية،‏ وهما كانتا معروفتني في بعض<br />

الدول القدمية.‏ وفي بعضها األخير،‏ انتهى األمر إلى<br />

اعتماد ما يسمّ‏ ى ‏»النظام التوافقي«‏ وهو يفترض<br />

اعترافاً‏ ، في نطاق الدولة املركزية الواحدة،‏ مبكوّ‏ نات<br />

سياسية وسيطة للمجتمع هي نفسها اجلماعات التي<br />

أنشأها التاريخ وجعل االنتماء إليها عرفياً‏ ال طوعيّ‏ اً‏ .<br />

تلك كانت احلال في قبرص ولبنان،‏ مثاً‏ ، وقد اعتُ‏ برت<br />

أنظمتها شبيهة بأنظمة دول أوروبية صغيرة،‏ أقدم<br />

منها عهداً‏ ، أبرزها بلجيكا وهولندا.‏ وهذا مع اإلقرار<br />

بأن هذه الفئة من األنظمة يختلف بعضها عن اآلخر<br />

كثيراً‏ ومتتّ‏ بصات قربى متباينة إلى الفئات األخرى.‏<br />

هذا العالم الذي ارتسمت معامله في أواسط<br />

القرن املاضي شهد مذّ‏ اك حتوّ‏ الت عميقة بدّ‏ لت<br />

تصنيف اجملتمعات جلهة تكوينها السياسي وأحالت<br />

إلى قاعدة ما بقي ينظر إليه حيناً‏ من الزمن على أنه<br />

استثناء.‏ فسواءٌ‏ أتعلّ‏ ق األمر مبجتمعاتٍ‏ أنشأَ‏ تها<br />

الهجرة أساساً‏ ، كما في العالم اجلديد،‏ أم مبجتمعات<br />

أخرى حمل إليها ماضيها االستعماري وحاجاتها<br />

العملية كتاً‏ كبيرةً‏ من املهاجرين،‏ راحت املعاداة<br />

املتصاعدة للتمييز وتقدّ‏ م املساواة احلقوقية<br />

يفرضان االعتراف باخلصوصيات الثقافية ويزيدان<br />

من منظورية احلدود بني اجلماعات.‏ وهو ما فعلته<br />

أيضاً‏ أزمات ما بعد االستعمار في األقطار اجلديدة<br />

التي أخفقت السلطوية في كبت الفوارق اإلثنية أو<br />

القبلية أو الطائفية أو اللغوية فيها.‏ وهو،‏ أخيراً‏ ، ما<br />

أبرزته ظروف تفكيك االتّ‏ حاد السوفييتي والكتلة<br />

االشتراكية في جوار اتّ‏ حاد أوروبي مستعدّ‏ الستقبال<br />

قطع املنظومة املنهارة ونظام دولي أصبح متاسكه<br />

وإجماعه على معاجلة حاالت النزاع التي طرحت<br />

ورعاية املسار االنتقالي يبدوان اليوم أثراً‏ بعد عني.‏<br />

مهما يكن من أمر،‏ تبدو مسألة سياسة الفوارق<br />

مطروحةً‏ اليوم،‏ ولو على أنحاءٍ‏ متباينة،‏ على جميع<br />

دول الكرة ومجتمعاتها تقريباً‏ . وأمّ‏ ا االختاف بني<br />

احلاالت فيتأتى من طبيعة املكوّ‏ نات ومن عددها<br />

والنسب احلجمية بينها ومن نسيج العاقات بينها،‏<br />

مبا فيه توزيع املوارد،‏ ومن النفوذ اخلارجي الفاعل<br />

فيها،‏ إلخ.‏ فما الذي تأدّ‏ ى،‏ على وجه اإلجمال،‏ عن<br />

اعتماد صيغة ‏»التوافق«‏ بدياً‏ جاء به االضطرار أو<br />

االختيار من مبدأ ‏»املواطنة«‏ لسياسة الفوارق املشار<br />

إليها؟ نحاول في العجالة املقبلة تأمّ‏ اً‏ في هذه املسألة<br />

يحفزه التلويح املتكرّ‏ ر ب«التوافق«‏ وريثاً‏ ألنظمة<br />

كانت قد طمست تعدّ‏ د املكوّ‏ نات وجبَ‏ هَ‏ تْ‏ ه باإلنكار في<br />

األوطان التي تضربها،‏ على مقربة منّ‏ ا،‏ رياح التمزّ‏ ق<br />

والنزاع األهليّ‏ ني.‏<br />

كاتب لبناني<br />

أمير تاج السر<br />

اختيارات<br />

بوصفي قارئا مواظبا في املقام األول،‏ وأزعم<br />

أنني من الذين يتابعون اإلصدارات اجلديدة،‏<br />

واختيارات القراء من الكتب والترويج لها في كل<br />

عام،‏ فقد انسقت وراء عدد من تلك االختيارات،‏<br />

وبالتالي قرأت روايتني لألفغاني خالد حسيني،‏<br />

هما ‏»عداء الطائرة الورقية«،‏ و«ألف شمس<br />

مشرقة«،‏ كانت نشرتهما بلومزبري قطر<br />

بالعربية بالتتابع.‏ وكنت أشاهد بعيني في<br />

رحالت خارجية،‏ حني أزور املكتبات،‏ كيف أن<br />

الناس يتقاتلون على شراء ما أسميته:‏ ماركة<br />

خالد حسيني،‏ بغض النظر إن كان قد أجاد في<br />

الكتابة أم ال؟ أو إن كانت أعماله تستحق بالفعل<br />

أن يشارك أحدهم في التدافع من أجل احلصول<br />

عليها؟<br />

بالنسبة ل«عداء الطائرة الورقية«،‏ فهي<br />

القصة التي ينبغي أن يكتبها مهاجر أفغاني خرج<br />

أهله من بلد انتهت صالحيته في اإليواء كوطن<br />

يسع اجلميع،‏ حني سيطر عليه حزب الطالبان،‏<br />

وفرض شروط الوطنية التي لن تنطبق على أي<br />

فرد آخر بخالف أفراد الطالبان.‏ قصة محكمة<br />

ومربكة،‏ وشديدة اإليحاء وهي متسك باألزمة<br />

من قبل بداياتها،‏ وتسعى وراء أي حل ممكن.‏<br />

األفغاني األمريكي احلر،‏ ال يظل أسير حريته<br />

في البالد البعيدة،‏ لكنه يعود إلنقاذ طفل تركه<br />

صديقه،‏ وبالتالي هو يعود ليصف بالده بعد أن<br />

زالت ظاللها وبساتينها،‏ وشوارعها،‏ وأحضان<br />

أمهاتها،‏ وكل تلك العالمات الكبيرة التي كانت<br />

جتعلها بالدا.‏ القارئ يبدأ مع الراوي حني بدأ<br />

طفال،‏ يستمر معه في أيام الرعب،‏ وسنوات احللم<br />

البعيد،‏ ويعود معه راكبا أيام اخلطر وهو يبحث<br />

عن الطفل الذي تركه عداء الطائرة الورقية.‏ ولعل<br />

التقاط هذه الرواية من قبل السينما وحتويلها<br />

إلى شريط سينمائي ناجح،‏ جعل قراءتها تزداد،‏<br />

وكنت كتبت رأيا من قبل ذكرت فيه إن السينما<br />

أداة مطلوبة للترويج للرواية.‏<br />

‏»ألف شمس مشرقة«،‏ عمل آخر مهم حلسيني<br />

كونه يلتقط الهم الوطني نفسه،‏ مع التركيز على<br />

اجملتمع أكثر،‏ فترى قصصا متشابكة،‏ تؤدي إلى<br />

قصص متشابكة،‏ ولكن يأتي اإلمتاع في النهاية.‏<br />

اختيار القراء هنا،‏ ومع كاتب مثل خالد<br />

حسيني،‏ يبدو لي جيدا وصادقا وليس نابعا من<br />

انسياق وراء شهرة،‏ فالعمالن الروائيان اللذان<br />

ذكرتهما،‏ فيهما مجهود كبير،‏ من ناحية صناعة<br />

الفكرة،‏ وصناعة حيلها،‏ واللغة املستخدمة،‏ التي<br />

كانت سهلة،‏ وخالية من التعقيد.‏ إنها عدة الكاتب<br />

اجليد،‏ لكنها ليست عدة الكاتب الظاهرة،‏ وقد<br />

أصبح حسيني ظاهرة بال شك،‏ هنا مع اإلجادة،‏<br />

تتدخل عوامل كثيرة،‏ تنتقي كاتبا جيدا من<br />

وسط كتاب آخرين جيدين،‏ لترسمه في ماليني<br />

اخمليالت،‏ وحتوله إلى ظاهرة،‏ ورمبا تأتي عوامل<br />

أخرى أشد بطشا وسطوة لتنتقي كاتبا غير جيد<br />

باملرة،‏ وترسمه في ماليني اخمليالت أيضا،‏ محولة<br />

إياه إلى ظاهرة.‏<br />

لن أحتدث عن تلك العوامل ذات السطوة،‏<br />

ألنني ال أعرفها حقيقة،‏ فقط أقول بكل ارتياح،‏<br />

إنني أسعد كثيرا حني أرى كاتبا جيدا أصبح<br />

ظاهرة،‏ وبذلك سعدت بكتابات خالد حسيني،‏<br />

والياباني هاروكي موراكامي،‏ واآلن أقرأ ما تكتبه<br />

التركية إليف شافاق،‏ ألرى إن كان حتويلها إلى<br />

ظاهرة،‏ كان إيجابيا أم ال؟<br />

روائي سوداني

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!