17.09.2016 Views

الإيراني في أفريقيا

You also want an ePaper? Increase the reach of your titles

YUMPU automatically turns print PDFs into web optimized ePapers that Google loves.

دراسة<br />

التوغل اإليراني<br />

<strong>في</strong> القارة األفريقية<br />

WWW.ARABIANGCIS.ORG


4<br />

6<br />

7<br />

9<br />

11<br />

12<br />

الفهرس<br />

مقدمة<br />

دول الغرب األفريقي<br />

دول القرن األفريقي<br />

دول وسط وجنوب –<br />

جنوب الصحراء األفريقية<br />

نتائج الدراسة<br />

المراجع


التوغل اإليراني<br />

<strong>في</strong> دول جنوب الصحراء األفريقية الكبرى<br />

تعد القارة األفريقية،‏ أو القارة السمراء كما يفضّ‏ ل البعض وصفها،‏ إحدى أوسع مناطق تضارب<br />

المصالح بين الدول الكبرى تاريخياً‏ وحتى يومنا هذا,‏ وذلك لما لموقعها من أهمية استراتيجية<br />

بإطاللها على بعض أهم ممرات التجارة العالمية،‏ وغناها بالمصادر الطبيعية،‏ لذا اجتذبت أنظار<br />

دول ناشئة <strong>في</strong> العقود األخيرة،‏ ومنها إيران،‏ التي تبنت بعد نجاح ثورتها عام 1979 مفاهيم أكثر<br />

توسعية كتصدير الثورة ووالية الفقيه اللذين يعدان أبرز مالمح تلك الثورة.‏<br />

فتصدير الثورة منصوص عليه <strong>في</strong> الدستور اإليراني <strong>في</strong> أكثر من موقع،‏ وهو يلزمها بتصديرها<br />

إلى الدول واألقليات،‏ فأصبح كما تزعم واجبها األخالقي إلنقاذهم من الهيمنة والظلم العالمي،‏<br />

وبذلك اتبعت إيران مناهج واستراتيجيات مختلفة <strong>في</strong> التعامل مع كل دولة وشعب،‏ بما يتناسب<br />

مع مختلف التراكيب االجتماعية والدينية واالقتصادية والسياسية،‏ لتسهيل اختراقهم،‏<br />

وتأسيس قاعدة لها لنشر هذه المفاهيم.‏<br />

www.arabiangcis.org<br />

4


وتلبست إيران عباءة الدين اإلسلامي والتاريخ<br />

المشترك كاستراتيجية لها لتسهيل اختراقها<br />

لدول الشرق األوسط،‏ وهذا الدور جلي وواضح<br />

اليوم،‏ ويقوم به الحوثيون <strong>في</strong> اليمن،‏ والعديد<br />

من األحزاب السياسية والمليشيات <strong>في</strong> العراق،‏<br />

واألسد <strong>في</strong> سوريا،‏ وحزب اهلل <strong>في</strong> لبنان،‏ وغيرهم<br />

من الجماعات المنتشرة <strong>في</strong> بلدان الدول العربية،‏<br />

والتي لم تخف تبعيتها لنظام والية الفقيه.‏<br />

وال يختلف الدور اإليراني <strong>في</strong> دول جنوب الصحراء<br />

األفريقية كثيراً‏ عما تقوم به <strong>في</strong> الدول العربية،‏<br />

ولكن عند النظر لدول جنوب الصحراء الكبرى<br />

يتطلب األمر تغيير تلك العدسة التي نستخدمها<br />

لننظر لدورها <strong>في</strong> الشرق األوسط،‏ فالقارة األفريقية<br />

تتميز بتراكيب اجتماعية وديموغرا<strong>في</strong>ات متنوعة<br />

تختلف عما هي <strong>في</strong> الشرق األوسط الذي تشترك<br />

غالبيته الساحقة <strong>في</strong> الدين واللغة والثقافة<br />

اإلسلامية بشكل أوسع.‏<br />

وعلى سبيل المثال،‏ األديان والثقافات <strong>في</strong> دول<br />

القرن األفريقي تختلف عما هي عليه <strong>في</strong> دول الغرب<br />

والشرق األفريقي،‏ حيث تزيد أعداد المسلمين<br />

عما هي عليه <strong>في</strong> الدول األفريقية الجنوبية،‏ التي<br />

تغلب عليها األديان األخرى كالمسيحية،‏ ويعد<br />

المسلمون <strong>في</strong>ها أقليات.‏<br />

إن إليران مصالح أخرى <strong>في</strong> توسعها <strong>في</strong> إفريقيا،‏<br />

وليست محصورة على تصدير الثورة،‏ أو تأسيس<br />

لنظام والية الفقيه فقط،‏ وإنما هناك مصالح<br />

اقتصادية وسياسية بحته،‏ لذلك فمصالحها<br />

تختلف من دولة ألخرى،‏ ومن منطقة ألخرى.‏<br />

وتجاوزت إيران مرحلة التأسيس لنفسها هناك،‏<br />

إذ أوجدت منذ سبعينيات القرن الماضي قاعدة<br />

تضمن لها التغلغل بحرية أكبر <strong>في</strong> هذه الدول،‏<br />

لذا فهي اليوم <strong>في</strong> رأيي تعدت تلك المرحلة بكثير،‏<br />

وشرعت <strong>في</strong> مرحلة التوسع السياسي واالقتصادي<br />

واالجتماعي <strong>في</strong> أوساط تلك المجتمعات والدول،‏<br />

والتي أقدرها بأن تكون أطول مرحلة <strong>في</strong> خارطة<br />

طريقها للسيطرة على القارة األفريقية،‏ وتحجيم<br />

أدوار باقي الاعبين <strong>في</strong> الشأن األفريقي.‏<br />

<strong>في</strong> هذه المرحلة تتبنى إيران عدة مداخل لتضمن<br />

استمراريتها وتوسعها،‏ وكما أسلفت،‏ فإن تنوع<br />

ديموغرا<strong>في</strong>ة القارة األفريقية يجعل من الصعب<br />

عليها اختراق كل هذه الدول والثقافات والتراكيب<br />

بتبني منهج أو استراتيجية موحدة،‏ لذا يتطلب<br />

تحقيق خططها أن تكون سياستها الخارجية<br />

هناك أكثر براغماتية،‏ لتتأقلم مع تلك التنوعات.‏<br />

ولكن هناك على األقل مبدأ مشتركاً‏ تتبناه<br />

إيران عندما تبرر لتلك الدول سبب تقاربها<br />

معها،‏ وهو وجوب الوقوف معا لهزيمة الهيمنة<br />

الغربية،‏ وتحرير شعوب البلدان التي تعاني من<br />

تلك الهيمنة،‏ وتأسيس جبهة موحدة تكون<br />

إيران طرفاً‏ أساسياً‏ <strong>في</strong>ها لمواجهة نفوذ الدول<br />

المتسلطة بزعمها.‏<br />

وهذا ما يكرره المسؤولون اإليرانيون خلال<br />

زيارتهم المتكررة لدول أفريقيا،‏ منذ أول زيارة<br />

قام بها رفسنجاني <strong>في</strong> عام 1991 إلى السودان]‏‎1‎‏[،‏<br />

وصوالً‏ إلى عهد روحاني…‏ وهذا ما سنسلط عليه<br />

الضوء <strong>في</strong> هذه الورقة البحثية التي ستناقش<br />

مداخل وأهداف التغلغل اإليراني <strong>في</strong> أفريقيا،‏ من<br />

خلال قراءة مفصلة لتغلغلها <strong>في</strong> دول جنوب<br />

الصحراء األفريقية،‏ واختلاف مناهجها باختلاف<br />

المناطق المركزية <strong>في</strong> تلك القارة كدول القرن<br />

األفريقي ودول الغرب األفريقي،‏ وأخيراً‏ دول وسط<br />

وجنوب – جنوب الصحراء األفريقية الكبرى.‏<br />

5<br />

www.arabiangcis.org


دول الغرب األفريقي<br />

وتلبست إيران عباءة الدين اإلسلامي والتاريخ<br />

المشترك كاستراتيجية لها لتسهيل اختراقها<br />

لدول الشرق األوسط،‏ وهذا الدور جلي وواضح<br />

اليوم،‏ ويقوم به الحوثيون <strong>في</strong> اليمن،‏ والعديد<br />

من األحزاب السياسية والمليشيات <strong>في</strong> العراق،‏<br />

واألسد <strong>في</strong> سوريا،‏ وحزب اهلل <strong>في</strong> لبنان،‏ وغيرهم<br />

من الجماعات المنتشرة <strong>في</strong> بلدان الدول العربية،‏<br />

والتي لم تخف تبعيتها لنظام والية الفقيه.‏<br />

وال يختلف الدور اإليراني <strong>في</strong> دول جنوب الصحراء<br />

األفريقية كثيراً‏ عما تقوم به <strong>في</strong> الدول العربية،‏<br />

ولكن عند النظر لدول جنوب الصحراء الكبرى<br />

يتطلب األمر تغيير تلك العدسة التي نستخدمها<br />

لننظر لدورها <strong>في</strong> الشرق األوسط،‏ فالقارة األفريقية<br />

تتميز بتراكيب اجتماعية وديموغرا<strong>في</strong>ات متنوعة<br />

تختلف عما هي <strong>في</strong> الشرق األوسط الذي تشترك<br />

غالبيته الساحقة <strong>في</strong> الدين واللغة والثقافة<br />

اإلسلامية بشكل أوسع.‏<br />

وعلى سبيل المثال،‏ األديان والثقافات <strong>في</strong> دول<br />

القرن األفريقي تختلف عما هي عليه <strong>في</strong> دول الغرب<br />

والشرق األفريقي،‏ حيث تزيد أعداد المسلمين<br />

عما هي عليه <strong>في</strong> الدول األفريقية الجنوبية،‏ التي<br />

تغلب عليها األديان األخرى كالمسيحية،‏ ويعد<br />

المسلمون <strong>في</strong>ها أقليات.‏<br />

إن إليران مصالح أخرى <strong>في</strong> توسعها <strong>في</strong> إفريقيا،‏<br />

وليست محصورة على تصدير الثورة،‏ أو تأسيس<br />

لنظام والية الفقيه فقط،‏ وإنما هناك مصالح<br />

اقتصادية وسياسية بحته،‏ لذلك فمصالحها<br />

تختلف من دولة ألخرى،‏ ومن منطقة ألخرى.‏<br />

وتجاوزت إيران مرحلة التأسيس لنفسها هناك،‏<br />

إذ أوجدت منذ سبعينيات القرن الماضي قاعدة<br />

تضمن لها التغلغل بحرية أكبر <strong>في</strong> هذه الدول،‏<br />

لذا فهي اليوم <strong>في</strong> رأيي تعدت تلك المرحلة بكثير،‏<br />

وشرعت <strong>في</strong> مرحلة التوسع السياسي واالقتصادي<br />

واالجتماعي <strong>في</strong> أوساط تلك المجتمعات والدول،‏<br />

والتي أقدرها بأن تكون أطول مرحلة <strong>في</strong> خارطة<br />

طريقها للسيطرة على القارة األفريقية،‏ وتحجيم<br />

أدوار باقي الاعبين <strong>في</strong> الشأن األفريقي.‏<br />

<strong>في</strong> هذه المرحلة تتبنى إيران عدة مداخل لتضمن<br />

استمراريتها وتوسعها،‏ وكما أسلفت،‏ فإن تنوع<br />

ديموغرا<strong>في</strong>ة القارة األفريقية يجعل من الصعب<br />

عليها اختراق كل هذه الدول والثقافات والتراكيب<br />

بتبني منهج أو استراتيجية موحدة،‏ لذا يتطلب<br />

تحقيق خططها أن تكون سياستها الخارجية<br />

هناك أكثر براغماتية،‏ لتتأقلم مع تلك التنوعات.‏<br />

ولكن هناك على األقل مبدأ مشتركاً‏ تتبناه<br />

إيران عندما تبرر لتلك الدول سبب تقاربها<br />

معها،‏ وهو وجوب الوقوف معا لهزيمة الهيمنة<br />

الغربية،‏ وتحرير شعوب البلدان التي تعاني من<br />

تلك الهيمنة،‏ وتأسيس جبهة موحدة تكون<br />

إيران طرفاً‏ أساسياً‏ <strong>في</strong>ها لمواجهة نفوذ الدول<br />

المتسلطة بزعمها.‏<br />

وهذا ما يكرره المسؤولون اإليرانيون خلال<br />

زيارتهم المتكررة لدول أفريقيا،‏ منذ أول زيارة<br />

قام بها رفسنجاني <strong>في</strong> عام 1991 إلى السودان]‏‎1‎‏[،‏<br />

وصوالً‏ إلى عهد روحاني…‏ وهذا ما سنسلط عليه<br />

الضوء <strong>في</strong> هذه الورقة البحثية التي ستناقش<br />

مداخل وأهداف التغلغل اإليراني <strong>في</strong> أفريقيا،‏ من<br />

خلال قراءة مفصلة لتغلغلها <strong>في</strong> دول جنوب<br />

الصحراء األفريقية،‏ واختلاف مناهجها باختلاف<br />

المناطق المركزية <strong>في</strong> تلك القارة كدول القرن<br />

األفريقي ودول الغرب األفريقي،‏ وأخيراً‏ دول وسط<br />

وجنوب – جنوب الصحراء األفريقية الكبرى.‏<br />

www.arabiangcis.org<br />

6


دول القرن األفريقي<br />

أما <strong>في</strong> الشرق األفريقي،‏ أو ما يعرف بالقرن األفريقي،‏<br />

فهناك مالحظة على طريقة عمل إيران <strong>في</strong>ها،‏<br />

فمن المعروف أن التاريخ ال يمكن صياغته كما<br />

نشاء،‏ وال يمكن تبديل أو تغيير الحقائق التاريخية<br />

بحقائق تتناسب مع مصالحنا،‏ فهذه الحقيقة<br />

ال تؤمن بها إيران التوسعية،‏ إليمانها بإمكانية<br />

إعادة صياغة التاريخ أو تغييره إلقناع عدد كاف<br />

من األجيال الناشئة،‏ ليكون مدخالً‏ لفرض وجودها<br />

التاريخي <strong>في</strong> الدول المستهدفة.‏<br />

وتعلم إيران أنه لكي تنجح مثل هذه االستراتيجية<br />

يتوجب عليها أن تبذل جهوداً‏ مستمرة تمتد<br />

ألجيال حتى تنجح <strong>في</strong> إقناع أكبر قدر من األجيال<br />

المستهدفة بأنهم – أي الفرس – كانوا الجزء<br />

األهم <strong>في</strong> تاريخهم.‏ ومن المالحظ أنه ليس من<br />

الضروري أن تقوم إيران بهذا الدور بشكل مباشر<br />

كحكومة،‏ وإنما عن طريق المؤرخين <strong>في</strong> الجامعات<br />

اإليرانية وبعض المثق<strong>في</strong>ن المعرو<strong>في</strong>ن]‏‎6‎‏[‏ <strong>في</strong> تلك<br />

Sheriff) (Abdel البلدان كالبرو<strong>في</strong>سور عبدالشريف<br />

<strong>في</strong> جامعة دار السالم <strong>في</strong> تنزانيا،‏ وغيره الكثير <strong>في</strong><br />

الدول المستهدفة]‏‎7‎‏[.‏<br />

وقد عرفت دول القرن األفريقي وتحديداً‏ الساحل<br />

األفريقي والممتد على طول سواحل الصومال<br />

وصوالً‏ إلى سواحل زنجبار تنزانيا على مر التاريخ<br />

بدخول اإلسالم لها عن طريق رحالت التجار<br />

العرب،‏ وما يؤمن به أهل هذه المناطق أن الوجود<br />

اإلسالمي <strong>في</strong> تاريخهم جاء عن الطريق العرب فترة<br />

توسعهم <strong>في</strong> القرون األولى للهجرة اإلسالمية.‏<br />

ولكن الرواية اإليرانية تختلف عن هذه الروايات،‏<br />

وتدعي أن من أدخل اإلسالم هم الشيرازيون<br />

القادمون من إيران،‏ وأنتجت العديد من األفالم<br />

الوثائقية على قنواتها إلقناع العالم والمسلمين<br />

هناك ألن اإلسالم دخل فارسياً‏ عن طريقهم من<br />

خالل اإلمام الشيرازي علي بن الحسن]‏‎8‎‏[.‏<br />

وال توجد إحصائيات موثقة عن تعداد السكان<br />

الشيعة <strong>في</strong> تنزانيا أو الساحل الشرقي األفريقي<br />

بشكل عام،‏ ولكن وبحسب التقرير الصادر حول<br />

حرية األديان <strong>في</strong> تنزانيا لعام 2013 من وزارة الخارجية<br />

األمريكية،‏ فإن نسبة معتنقي اإلسالم <strong>في</strong> زنجبار<br />

وحدها تصل إلى‎%98‎‏,‏ نسبة السنة منها ما بين<br />

%90-80، والباقي منها يتوزع على عدد من الفرق<br />

الشيعية يؤمن بها ذوو األصول اآلسيوية]‏‎9‎‏[.‏<br />

و<strong>في</strong> دراسة قام بها الدكتور محمد شيخ علبو<br />

من جامعة ماونت كينيا،‏ جمع <strong>في</strong>ها الكثير من<br />

المعلومات حول أنشطة األقليات الشيعية <strong>في</strong><br />

كينيا،‏ ذكر <strong>في</strong>ها أن الفرق الشيعية <strong>في</strong> كينيا<br />

تنقسم إلى فرقتين رئيسيتين وهما االثنا عشرية<br />

واإلسماعيلية ‏)البهورة(.‏ ومن المهم معرفة أن<br />

الفرقة االثني عشرية هي األكثر نشاطاً‏ <strong>في</strong> الترويج<br />

للمذهب الشيعي رغم قلتهم،‏ إال أنه يتركز<br />

معظمهم <strong>في</strong> نيروبي ومومباسا وكوسومو<br />

وبعض المدن الرئيسية األخرى.‏ ويوكل هذا<br />

النشاط للمنظمات الشيعية وأبرزها منظمة<br />

بالل مسلم الخيرية التي أسسها السيد سعيد<br />

اختر رضوي،‏ حيث أشار إلى أن أنشطتها تتركز<br />

<strong>في</strong> السواحل الشرقية،‏ وتستهدف وتستقطب<br />

الشباب السني ال المسيحي <strong>في</strong> تلك المناطق<br />

عن طريق البعثات التعليمية واألنشطة الدينية<br />

ا لمختلفة .<br />

وأوضح الدكتور محمد نوه أيضاً‏ أن هذه النسب <strong>في</strong><br />

تزايد،‏ وذلك يعود للدعم الذي تقدمه إيران لهذه<br />

المنظمات.‏ وبالنظر لتاريخ المنظمة التي تنشط<br />

فروعها <strong>في</strong> الشرق األفريقي،‏ تجد أن السيد رضوي<br />

7<br />

www.arabiangcis.org


أسس هذه المنظمة بعد زيارته للمرجع العراقي<br />

السيد محسن الحكيم <strong>في</strong> سبعينيات القرن<br />

الماضي]‏‎10‎‏[.‏<br />

أما على الصعيد االقتصادي،‏ فالحال ال يختلف كثيراً‏<br />

عما تقوم به <strong>في</strong> سائر دول أفريقيا،‏ ف<strong>في</strong> عام 2007<br />

وصل التبادل التجاري بين إيران وإثيوبيا إلى‎35‎<br />

مليون دوالر،‏ مرتفعاً‏ من 19 مليون دوالر مع نهاية<br />

عام 2004، وبحلول عام 2008 وقع البلدان عدة<br />

اتفاقيات لزيادة التعاون <strong>في</strong> مجالي الغاز والزراعة.‏<br />

أما <strong>في</strong> كينيا،‏ فقد عرضت إيران أن تساعدها <strong>في</strong><br />

بناء محطات نووية والتعاون <strong>في</strong> المجاالت الزراعية<br />

والمعدات والطاقة بشكل عام.‏ ومن المهم<br />

أال ننسى أن القطاع السياحي وبشكل خاص <strong>في</strong><br />

دول القرن األفريقي يعتبر من أهم مصادر الدخل<br />

الوطنية لتلك الدول ككينيا وتنزانيا،‏ حيث تعرف<br />

دول القرن األفريقي بجذبها للسياح األجانب،‏ فتجد<br />

الشباب اإليراني يتوجه لهذه الدول،‏ ويؤسس<br />

شركات تخدم <strong>في</strong> هذا المجال،‏ وأيضاً‏ تجدهم<br />

نشطين <strong>في</strong> تأسيس شركات لتصدير الغاز<br />

اإليراني.‏ التقيت كثيراً‏ منهم <strong>في</strong> نيروبي وأصبحوا<br />

يمتلكون شركات سياحية وشركات لالستيراد<br />

<strong>في</strong> مشتقات النفط،‏ أحدهم يدعى محمد مير<br />

جعفري الذي تعرفت عليه <strong>في</strong> عام 2013 من خالل<br />

أحد زمالئي األتراك،‏ لم يكن وقتها يملك المال<br />

الكا<strong>في</strong> لتسديد إيجار سكنه،‏ ولكن وبعد مرور<br />

عامين فقط إذ بي أعلم أنه افتتح فرعاً‏ إلحدى<br />

اإليراني (Bitumen) شركات تصدير مشتقات النفط<br />

<strong>في</strong> كينيا تدعى سايريس بتروليوم والتي وكما جاء<br />

<strong>في</strong> موقعها شركة حديثة النشأة،‏ وتعمل <strong>في</strong> عشر<br />

دول]‏‎11‎‏[,‏ وكذلك أحد زمالئه والذي يملك اليوم<br />

شركة سياحية تعمل <strong>في</strong> كينيا وتنزانيا.‏<br />

والحظت أنهم يعملون بطريقة أكثر تحرراً‏ وال<br />

يمتون بالدين بصلة,‏ فهم ليسوا متدينين،‏ بل<br />

على العكس تماماً,‏ فتجدهم يستقطبون الفئة<br />

غير المسلمة من المحليين والسياح األجانب.‏<br />

ومن المالحظ أن إيران استغلت ضعف وجود<br />

الشباب العربي المستثمر <strong>في</strong> القارة األفريقية<br />

لزيادة نفوذها،‏ وأصبحت تروّج لنفسها كقوة<br />

اقتصادية مسلمة لتجتذب لها الدولة األفريقية.‏<br />

وأخيراً‏ تقوم أيضاً‏ بدعم بعض دول الشرق األفريقي<br />

مادياً‏ ومعنوياً‏ لكسب موقعها االستراتيجي<br />

كالحال مع إريتيريا التي منحتها إيران قرضاً‏ بقيمة<br />

25 مليون يورو <strong>في</strong> عام 2009 بعد زيارة قام بها<br />

الرئيس اإلريتيري،‏ وكما هو معروف أيضاً‏ فإيران<br />

تمتلك قاعدة عسكرية <strong>في</strong> إريتيريا مكنتها من<br />

دعم الحوثيين خالل عاصفة الحزم.‏<br />

www.arabiangcis.org<br />

8


دول وسط وجنوب – جنوب الصحراء األفريقية<br />

تعرف غالبية دول هذه المنطقة بأنها غير مسلمة،‏<br />

فنسبة المسلمين <strong>في</strong>ها ما زالت ضعيفة،‏ وما زالوا<br />

يصنفون كأقليات دينية،‏ لذلك فإيران تركز كثيراً‏<br />

على بناء عالقات اقتصادية وسياسية قوية بعيداً‏<br />

عن الدين.‏<br />

إن مناطق وسط وجنوب – جنوب أفريقيا أيضاً‏<br />

معروفة بوفرة مصادرها الطبيعية كالنفط<br />

واليورانيوم.‏ فعلى سبيل المثال أنغوال ذلك البلد<br />

الغني بالنفط،‏ قامت إيران <strong>في</strong> عام 2009 ولصالح<br />

شركة النفط الوطنية األنغولية ببيع ما نسبته<br />

%20 من مشروع حقل الغاز بارس الجنوبي-‏‎12‎<br />

أي ما يعادل 1.5 مليار project)، (South Pars12-<br />

دوالر.‏ وأيضاً‏ ومن هذه الدول دولة جنوب أفريقيا<br />

التي تربطها عالقة متينة جداً‏ مع إيران <strong>في</strong> مجاالت<br />

عدة أبرزها النفط الذي كان أساس نشأة العالقات<br />

اإليرانية – الجنوب أفريقية <strong>في</strong> منتصف تسعينيات<br />

القرن الماضي.‏<br />

ووصل حجم التبادل التجاري بين البلدين بحلول<br />

عام 2007 إلى أربعة مليارات دوالر مدفوعة<br />

بالصادرات النفطية،‏ ورغم العقوبات الدولية على<br />

إيران وعالقاتها الحميمة مع أمريكا ما زالت جنوب<br />

أفريقيا حليف إيران الرئيسي <strong>في</strong> جنوب ‏-جنوب<br />

الصحراء األفريقية وعالقاتهما <strong>في</strong> تزايد،‏ إذ نتج<br />

(MTN) عن هذا التعاون أيضاً‏ منح إيران شركة<br />

الجنوب أفريقية رخصة التشغيل على أراضيها،‏ وما<br />

بين عامي 2008-2007 غطت تلك الشركة ما نسبته<br />

%40 من شبكة التغطية للهاتف النقال]‏‎12‎‏[.‏<br />

إضافة إلى ذلك فإن من أبرز الدول التي تهتم<br />

بها إيران <strong>في</strong> دول الوسط األفريقي هي جمهورية<br />

الكونغو الغارقة <strong>في</strong> الحروب األهلية والغنية<br />

باليورانيوم،‏ فتصدر الكونغو ما تحتاجه إيران<br />

من اليورانيوم وبشكل غير رسمي،‏ حتى ال تكون<br />

الحكومتان طرفاً‏ <strong>في</strong> مثل هذه الصفقات،‏ ومن أبرز<br />

األحداث التي حصلت ما جاء <strong>في</strong> التقرير األممي عام<br />

2006 الذي أبلغت عنه تنزانيا األمم المتحدة بأنها<br />

أوقفت شحنة من اليورانيوم مصدرها جمهورية<br />

الكونغو،‏ وأن الشحنة كانت <strong>في</strong> طريقها إليران،‏ إال أن<br />

جمهورية الكونغو تنكرت لما جاء <strong>في</strong> التقرير]‏‎13‎‏[.‏<br />

وهذا التطور الكبير <strong>في</strong> العالقات االقتصادية<br />

والسياسية بين إيران ومعظم دول تلك المنطقة<br />

وعلى األخص الدول الفاعلة على المستوى الدولي،‏<br />

والدول الغنية باليورانيوم،‏ له أهداف استراتيجية<br />

إليران،‏ فاالهتمام ببناء الشراكات والعالقات<br />

المتينة مع دول جنوب – جنوب الصحراء األفريقية<br />

تحديداً‏ يعطي لنا تفسيراً‏ لما تسعى إيران له،‏ وذلك<br />

من خالل معرفة ماذا تملك تلك الدول من نقاط<br />

قوة.‏ فتست<strong>في</strong>د إيران من خالل بناء عالقات متينة<br />

معها <strong>في</strong> كثير من الجوانب،‏ أهما كان االلتفاف<br />

على العقوبات المفروضة عليها بسبب برنامجها<br />

النووي <strong>في</strong> تلك الفترة لتفتح لنفسها أبواباً‏ أخرى<br />

تستطيع من خاللها تعويض ما تفشل <strong>في</strong> تحقيقه<br />

<strong>في</strong> بلدان ملتزمة بفرض العقوبات الدولية عليها،‏<br />

وترفض التعامل معها.‏ فتستغل حاجة الدول<br />

األفريقية للخدمات والصناعات األقل كلفة،‏<br />

فتقوم بتو<strong>في</strong>رها لها.‏<br />

وتسعى إيران الستقطاب هذه الدول <strong>في</strong> المحافل<br />

الدولية إلنقاذها من تمرير عقوبات دولية عليها<br />

<strong>في</strong> العديد من الملفات،‏ كملفات حقوق اإلنسان<br />

وبرنامجها النووي,‏ فنجحت إيران <strong>في</strong> إسقاط<br />

قرارات دولية،‏ مستخدمة أصدقاءها <strong>في</strong> دول جنوب<br />

– جنوب الصحراء الكبرى,‏ وما حدث خالل تقرير<br />

الوكالة الدولية للطاقة النووية،‏ ف<strong>في</strong> يوليو 2008<br />

9<br />

www.arabiangcis.org


والذي أشار الستمرار إيران <strong>في</strong> تخصيب اليورانيوم<br />

استخدمت إيران عضوية جنوب أفريقيا <strong>في</strong> مجلس<br />

األمن لتكون صوتها للدفاع عنها ضد إقرار أي قرار<br />

يتعلق بإضافة مزيد من العقوبات على إيران،‏ و<strong>في</strong><br />

مارس 2008 أيضاً‏ كرر س<strong>في</strong>ر جنوب أفريقيا <strong>في</strong> األمم<br />

المتحدة رفض بالده المساعي األمريكية واإلسرائيلية<br />

لمحاصرة البرنامج النووي اإليراني بفرض مزيد من<br />

العقوبات،‏ بل قام بدعم حق إيران <strong>في</strong> امتالك التقنية<br />

النووية،‏ ورفع كافة العقوبات لخلق أرضية إلنهاء<br />

الملف دبلوماسياً.‏<br />

ورغم تمسك بالده بعدم انتشار األسلحة النووية،‏<br />

إال أن موقفها مع إيران يجعلها تدافع عن حقهم <strong>في</strong><br />

امتالكها.‏ لذلك من المهم عدم التقليل من أصوات<br />

الدول األفريقية <strong>في</strong> المحافل الدولية،‏ حيث تمثل<br />

تلك الدول ثلث مقاعد منظمة األمم المتحدة،‏<br />

لذلك يكرر المسؤولون اإليرانيون تعبيراً‏ منهم<br />

عن أهمية أفريقيا لهم بترويجهم لفكرة تشكيل<br />

جبهة أفريقية – إيرانية لمواجهة التعنت والهيمنة<br />

الغربية والمستعمرين,‏ فتعلم إيران جيداً‏ مدى عقدة<br />

األفارقة من سيطرة قوى االستعمار،‏ لذلك تحاول إيران<br />

إظهار نفسها بصف تلك الدول التي تواجه االستعمار<br />

بثورتها كما جاء على لسان علي الريجاني <strong>في</strong> نوفمبر<br />

2010 عندما قال:‏ ‏“تنظر الجمهورية اإلسالمية اإليرانية<br />

لدول افريقيا بنظرة خاصة،‏ وبطبيعة الحال،‏ فإن<br />

استراتيجية الجمهورية اإلسالمية تقوم على محاربة<br />

االستعمار واالستكبار العالمي وكذلك الدفاع عن<br />

‏[المظلومين،‏ وخاصة الدول األفريقية.”]‏‎14‎<br />

ورغم االنتقادات التي واجهتها حكومة نجاد العتمادها<br />

على دول أفريقية ال تستطيع الخروج عن إرادة الدول<br />

المانحة كأمريكا وبريطانيا وغيرهما لتنضم للتكتل<br />

اإليراني،‏ كما حدث <strong>في</strong> عام 2010 عندما صوتت نيجيريا<br />

وأوغندا على إضافة المزيد من العقوبات على إيران<br />

من قبل األمم المتحدة،‏ حيث القت كل استثمارات<br />

نجاد <strong>في</strong> استقطاب أصواتها إلسقاط القرارات الدولية<br />

بالفشل.‏<br />

www.arabiangcis.org<br />

10


نتائج الدراسة<br />

النتائج التي خرجت بها الدراسة<br />

استطاعت إيران و<strong>في</strong> فترة قياسية أن تؤسس لنفسها <strong>في</strong> أفريقيا مكانة قوية ونفوذًا<br />

اقتصاديًا وسياسيًا واجتماعيًا،‏ وما زالت توسع دائرة هذا النفوذ.‏<br />

نجحت إيران <strong>في</strong> نشر المذهب الشيعي <strong>في</strong> دول لم يكن بها وجود شيعي من قبل.‏<br />

تستغل المنظمات اإليرانية غياب المنظمات العربية المدعومة للقيام باألعمال<br />

الخيرية.‏<br />

11<br />

www.arabiangcis.org


المراجع<br />

1-<br />

2-<br />

3-<br />

4-<br />

5-<br />

6-<br />

7-<br />

8-<br />

9-<br />

10-<br />

11-<br />

12-<br />

13-<br />

14-<br />

Hunter, S. (2010). Iran›s Foreign Policy in the Post-Soviet Era: Resisting the New International Order.<br />

Praeger. pp.228<br />

Leichtman, M. (n.d.). Shii cosmopolitanisms in Africa: Lebanese migration and religious conversion<br />

in Senegal. pp.146<br />

Dr. M. Sey. Muslim Community, in Ghana: The Contemporary Scen. Jurnal Syariah. Volume 5, Issue<br />

2, http://e-journal.um.edu.my/public/article-view.php?id=4355<br />

Campbell, J. (2011). Nigeria: Dancing on the brink. Lanham, MD: Rowman & Littlefield. pp.55<br />

O›Hern, S. K. (2012). Iran›s Revolutionary Guard: The threat that grows while America sleeps.<br />

Washington, D.C.: Potomac Books.<br />

LODHI, A., Y., (1994).Muslims in Eastern Africa - Their Past and Present. Nordic Journal of African<br />

Studies 1(3): Uppsala University, Sweden. pp. 98–88 retrived on 2016/04/06 http://www.njas.helsinki.<br />

fi/pdf-files/vol3num1/lodhi.pdf<br />

Persians of Zanzibar. (2014). Press TV documentaries, retrieved on 2016/04/06 https://www.youtube.<br />

com/watch?v=BqK_hCf8Jng<br />

Skinner, A. (2005). Tanzania & Zanzibar. London: Cadogan Guides. pp.241/ Webber, R. (n.d.). Return<br />

to Zanzibar: Travels through Africa.<br />

International Religious Freedom Report: (2013) http://www.state.gov/documents/organization/222317.<br />

pdf/ Fite, B. and Schulte, C. (2013). U.S. and Iranian Strategic Competition: The Impact of Latin<br />

America, Africa, and the Peripheral States. center for strategic & International studies. Retrieved on<br />

2016/04/08. http://csis.org/files/publication/120404_Iran_Chapter_XIII-Peripheral_States-Revised.pdf<br />

Alio, M., S.,(2014).Kenyan Shiite Community: A Socio-Historical Perspective. Volume 19, Issue 5, Ver.<br />

IV. PP 17-11. Retrieved on 2016/04/10. http://www.iosrjournals.org/iosr-jhss/papers/Vol-19issue5/<br />

Version4-/C019541117.pdf<br />

http://www.cyruspetroleum.com/#!company-profile/cays<br />

http://www.irantracker.org/foreign-relations/iranian-foreign-relations-africa<br />

Berman, I. (n.d.). Iran›s deadly ambition: The Islamic republic›s quest for global power.<br />

Vatanka, A., (2010). Iran Invests Time and Energy in Africa. Middle East Institute. retrieved on<br />

2016/04/18 http://www.mei.edu/content/iran-invests-time-and-energy-africa<br />

www.arabiangcis.org<br />

12


التوغل اإليراني<br />

<strong>في</strong> القارة األفريقية

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!