الإيراني في أفريقيا
You also want an ePaper? Increase the reach of your titles
YUMPU automatically turns print PDFs into web optimized ePapers that Google loves.
دراسة<br />
التوغل اإليراني<br />
<strong>في</strong> القارة األفريقية<br />
WWW.ARABIANGCIS.ORG
4<br />
6<br />
7<br />
9<br />
11<br />
12<br />
الفهرس<br />
مقدمة<br />
دول الغرب األفريقي<br />
دول القرن األفريقي<br />
دول وسط وجنوب –<br />
جنوب الصحراء األفريقية<br />
نتائج الدراسة<br />
المراجع
التوغل اإليراني<br />
<strong>في</strong> دول جنوب الصحراء األفريقية الكبرى<br />
تعد القارة األفريقية، أو القارة السمراء كما يفضّ ل البعض وصفها، إحدى أوسع مناطق تضارب<br />
المصالح بين الدول الكبرى تاريخياً وحتى يومنا هذا, وذلك لما لموقعها من أهمية استراتيجية<br />
بإطاللها على بعض أهم ممرات التجارة العالمية، وغناها بالمصادر الطبيعية، لذا اجتذبت أنظار<br />
دول ناشئة <strong>في</strong> العقود األخيرة، ومنها إيران، التي تبنت بعد نجاح ثورتها عام 1979 مفاهيم أكثر<br />
توسعية كتصدير الثورة ووالية الفقيه اللذين يعدان أبرز مالمح تلك الثورة.<br />
فتصدير الثورة منصوص عليه <strong>في</strong> الدستور اإليراني <strong>في</strong> أكثر من موقع، وهو يلزمها بتصديرها<br />
إلى الدول واألقليات، فأصبح كما تزعم واجبها األخالقي إلنقاذهم من الهيمنة والظلم العالمي،<br />
وبذلك اتبعت إيران مناهج واستراتيجيات مختلفة <strong>في</strong> التعامل مع كل دولة وشعب، بما يتناسب<br />
مع مختلف التراكيب االجتماعية والدينية واالقتصادية والسياسية، لتسهيل اختراقهم،<br />
وتأسيس قاعدة لها لنشر هذه المفاهيم.<br />
www.arabiangcis.org<br />
4
وتلبست إيران عباءة الدين اإلسلامي والتاريخ<br />
المشترك كاستراتيجية لها لتسهيل اختراقها<br />
لدول الشرق األوسط، وهذا الدور جلي وواضح<br />
اليوم، ويقوم به الحوثيون <strong>في</strong> اليمن، والعديد<br />
من األحزاب السياسية والمليشيات <strong>في</strong> العراق،<br />
واألسد <strong>في</strong> سوريا، وحزب اهلل <strong>في</strong> لبنان، وغيرهم<br />
من الجماعات المنتشرة <strong>في</strong> بلدان الدول العربية،<br />
والتي لم تخف تبعيتها لنظام والية الفقيه.<br />
وال يختلف الدور اإليراني <strong>في</strong> دول جنوب الصحراء<br />
األفريقية كثيراً عما تقوم به <strong>في</strong> الدول العربية،<br />
ولكن عند النظر لدول جنوب الصحراء الكبرى<br />
يتطلب األمر تغيير تلك العدسة التي نستخدمها<br />
لننظر لدورها <strong>في</strong> الشرق األوسط، فالقارة األفريقية<br />
تتميز بتراكيب اجتماعية وديموغرا<strong>في</strong>ات متنوعة<br />
تختلف عما هي <strong>في</strong> الشرق األوسط الذي تشترك<br />
غالبيته الساحقة <strong>في</strong> الدين واللغة والثقافة<br />
اإلسلامية بشكل أوسع.<br />
وعلى سبيل المثال، األديان والثقافات <strong>في</strong> دول<br />
القرن األفريقي تختلف عما هي عليه <strong>في</strong> دول الغرب<br />
والشرق األفريقي، حيث تزيد أعداد المسلمين<br />
عما هي عليه <strong>في</strong> الدول األفريقية الجنوبية، التي<br />
تغلب عليها األديان األخرى كالمسيحية، ويعد<br />
المسلمون <strong>في</strong>ها أقليات.<br />
إن إليران مصالح أخرى <strong>في</strong> توسعها <strong>في</strong> إفريقيا،<br />
وليست محصورة على تصدير الثورة، أو تأسيس<br />
لنظام والية الفقيه فقط، وإنما هناك مصالح<br />
اقتصادية وسياسية بحته، لذلك فمصالحها<br />
تختلف من دولة ألخرى، ومن منطقة ألخرى.<br />
وتجاوزت إيران مرحلة التأسيس لنفسها هناك،<br />
إذ أوجدت منذ سبعينيات القرن الماضي قاعدة<br />
تضمن لها التغلغل بحرية أكبر <strong>في</strong> هذه الدول،<br />
لذا فهي اليوم <strong>في</strong> رأيي تعدت تلك المرحلة بكثير،<br />
وشرعت <strong>في</strong> مرحلة التوسع السياسي واالقتصادي<br />
واالجتماعي <strong>في</strong> أوساط تلك المجتمعات والدول،<br />
والتي أقدرها بأن تكون أطول مرحلة <strong>في</strong> خارطة<br />
طريقها للسيطرة على القارة األفريقية، وتحجيم<br />
أدوار باقي الاعبين <strong>في</strong> الشأن األفريقي.<br />
<strong>في</strong> هذه المرحلة تتبنى إيران عدة مداخل لتضمن<br />
استمراريتها وتوسعها، وكما أسلفت، فإن تنوع<br />
ديموغرا<strong>في</strong>ة القارة األفريقية يجعل من الصعب<br />
عليها اختراق كل هذه الدول والثقافات والتراكيب<br />
بتبني منهج أو استراتيجية موحدة، لذا يتطلب<br />
تحقيق خططها أن تكون سياستها الخارجية<br />
هناك أكثر براغماتية، لتتأقلم مع تلك التنوعات.<br />
ولكن هناك على األقل مبدأ مشتركاً تتبناه<br />
إيران عندما تبرر لتلك الدول سبب تقاربها<br />
معها، وهو وجوب الوقوف معا لهزيمة الهيمنة<br />
الغربية، وتحرير شعوب البلدان التي تعاني من<br />
تلك الهيمنة، وتأسيس جبهة موحدة تكون<br />
إيران طرفاً أساسياً <strong>في</strong>ها لمواجهة نفوذ الدول<br />
المتسلطة بزعمها.<br />
وهذا ما يكرره المسؤولون اإليرانيون خلال<br />
زيارتهم المتكررة لدول أفريقيا، منذ أول زيارة<br />
قام بها رفسنجاني <strong>في</strong> عام 1991 إلى السودان]1[،<br />
وصوالً إلى عهد روحاني… وهذا ما سنسلط عليه<br />
الضوء <strong>في</strong> هذه الورقة البحثية التي ستناقش<br />
مداخل وأهداف التغلغل اإليراني <strong>في</strong> أفريقيا، من<br />
خلال قراءة مفصلة لتغلغلها <strong>في</strong> دول جنوب<br />
الصحراء األفريقية، واختلاف مناهجها باختلاف<br />
المناطق المركزية <strong>في</strong> تلك القارة كدول القرن<br />
األفريقي ودول الغرب األفريقي، وأخيراً دول وسط<br />
وجنوب – جنوب الصحراء األفريقية الكبرى.<br />
5<br />
www.arabiangcis.org
دول الغرب األفريقي<br />
وتلبست إيران عباءة الدين اإلسلامي والتاريخ<br />
المشترك كاستراتيجية لها لتسهيل اختراقها<br />
لدول الشرق األوسط، وهذا الدور جلي وواضح<br />
اليوم، ويقوم به الحوثيون <strong>في</strong> اليمن، والعديد<br />
من األحزاب السياسية والمليشيات <strong>في</strong> العراق،<br />
واألسد <strong>في</strong> سوريا، وحزب اهلل <strong>في</strong> لبنان، وغيرهم<br />
من الجماعات المنتشرة <strong>في</strong> بلدان الدول العربية،<br />
والتي لم تخف تبعيتها لنظام والية الفقيه.<br />
وال يختلف الدور اإليراني <strong>في</strong> دول جنوب الصحراء<br />
األفريقية كثيراً عما تقوم به <strong>في</strong> الدول العربية،<br />
ولكن عند النظر لدول جنوب الصحراء الكبرى<br />
يتطلب األمر تغيير تلك العدسة التي نستخدمها<br />
لننظر لدورها <strong>في</strong> الشرق األوسط، فالقارة األفريقية<br />
تتميز بتراكيب اجتماعية وديموغرا<strong>في</strong>ات متنوعة<br />
تختلف عما هي <strong>في</strong> الشرق األوسط الذي تشترك<br />
غالبيته الساحقة <strong>في</strong> الدين واللغة والثقافة<br />
اإلسلامية بشكل أوسع.<br />
وعلى سبيل المثال، األديان والثقافات <strong>في</strong> دول<br />
القرن األفريقي تختلف عما هي عليه <strong>في</strong> دول الغرب<br />
والشرق األفريقي، حيث تزيد أعداد المسلمين<br />
عما هي عليه <strong>في</strong> الدول األفريقية الجنوبية، التي<br />
تغلب عليها األديان األخرى كالمسيحية، ويعد<br />
المسلمون <strong>في</strong>ها أقليات.<br />
إن إليران مصالح أخرى <strong>في</strong> توسعها <strong>في</strong> إفريقيا،<br />
وليست محصورة على تصدير الثورة، أو تأسيس<br />
لنظام والية الفقيه فقط، وإنما هناك مصالح<br />
اقتصادية وسياسية بحته، لذلك فمصالحها<br />
تختلف من دولة ألخرى، ومن منطقة ألخرى.<br />
وتجاوزت إيران مرحلة التأسيس لنفسها هناك،<br />
إذ أوجدت منذ سبعينيات القرن الماضي قاعدة<br />
تضمن لها التغلغل بحرية أكبر <strong>في</strong> هذه الدول،<br />
لذا فهي اليوم <strong>في</strong> رأيي تعدت تلك المرحلة بكثير،<br />
وشرعت <strong>في</strong> مرحلة التوسع السياسي واالقتصادي<br />
واالجتماعي <strong>في</strong> أوساط تلك المجتمعات والدول،<br />
والتي أقدرها بأن تكون أطول مرحلة <strong>في</strong> خارطة<br />
طريقها للسيطرة على القارة األفريقية، وتحجيم<br />
أدوار باقي الاعبين <strong>في</strong> الشأن األفريقي.<br />
<strong>في</strong> هذه المرحلة تتبنى إيران عدة مداخل لتضمن<br />
استمراريتها وتوسعها، وكما أسلفت، فإن تنوع<br />
ديموغرا<strong>في</strong>ة القارة األفريقية يجعل من الصعب<br />
عليها اختراق كل هذه الدول والثقافات والتراكيب<br />
بتبني منهج أو استراتيجية موحدة، لذا يتطلب<br />
تحقيق خططها أن تكون سياستها الخارجية<br />
هناك أكثر براغماتية، لتتأقلم مع تلك التنوعات.<br />
ولكن هناك على األقل مبدأ مشتركاً تتبناه<br />
إيران عندما تبرر لتلك الدول سبب تقاربها<br />
معها، وهو وجوب الوقوف معا لهزيمة الهيمنة<br />
الغربية، وتحرير شعوب البلدان التي تعاني من<br />
تلك الهيمنة، وتأسيس جبهة موحدة تكون<br />
إيران طرفاً أساسياً <strong>في</strong>ها لمواجهة نفوذ الدول<br />
المتسلطة بزعمها.<br />
وهذا ما يكرره المسؤولون اإليرانيون خلال<br />
زيارتهم المتكررة لدول أفريقيا، منذ أول زيارة<br />
قام بها رفسنجاني <strong>في</strong> عام 1991 إلى السودان]1[،<br />
وصوالً إلى عهد روحاني… وهذا ما سنسلط عليه<br />
الضوء <strong>في</strong> هذه الورقة البحثية التي ستناقش<br />
مداخل وأهداف التغلغل اإليراني <strong>في</strong> أفريقيا، من<br />
خلال قراءة مفصلة لتغلغلها <strong>في</strong> دول جنوب<br />
الصحراء األفريقية، واختلاف مناهجها باختلاف<br />
المناطق المركزية <strong>في</strong> تلك القارة كدول القرن<br />
األفريقي ودول الغرب األفريقي، وأخيراً دول وسط<br />
وجنوب – جنوب الصحراء األفريقية الكبرى.<br />
www.arabiangcis.org<br />
6
دول القرن األفريقي<br />
أما <strong>في</strong> الشرق األفريقي، أو ما يعرف بالقرن األفريقي،<br />
فهناك مالحظة على طريقة عمل إيران <strong>في</strong>ها،<br />
فمن المعروف أن التاريخ ال يمكن صياغته كما<br />
نشاء، وال يمكن تبديل أو تغيير الحقائق التاريخية<br />
بحقائق تتناسب مع مصالحنا، فهذه الحقيقة<br />
ال تؤمن بها إيران التوسعية، إليمانها بإمكانية<br />
إعادة صياغة التاريخ أو تغييره إلقناع عدد كاف<br />
من األجيال الناشئة، ليكون مدخالً لفرض وجودها<br />
التاريخي <strong>في</strong> الدول المستهدفة.<br />
وتعلم إيران أنه لكي تنجح مثل هذه االستراتيجية<br />
يتوجب عليها أن تبذل جهوداً مستمرة تمتد<br />
ألجيال حتى تنجح <strong>في</strong> إقناع أكبر قدر من األجيال<br />
المستهدفة بأنهم – أي الفرس – كانوا الجزء<br />
األهم <strong>في</strong> تاريخهم. ومن المالحظ أنه ليس من<br />
الضروري أن تقوم إيران بهذا الدور بشكل مباشر<br />
كحكومة، وإنما عن طريق المؤرخين <strong>في</strong> الجامعات<br />
اإليرانية وبعض المثق<strong>في</strong>ن المعرو<strong>في</strong>ن]6[ <strong>في</strong> تلك<br />
Sheriff) (Abdel البلدان كالبرو<strong>في</strong>سور عبدالشريف<br />
<strong>في</strong> جامعة دار السالم <strong>في</strong> تنزانيا، وغيره الكثير <strong>في</strong><br />
الدول المستهدفة]7[.<br />
وقد عرفت دول القرن األفريقي وتحديداً الساحل<br />
األفريقي والممتد على طول سواحل الصومال<br />
وصوالً إلى سواحل زنجبار تنزانيا على مر التاريخ<br />
بدخول اإلسالم لها عن طريق رحالت التجار<br />
العرب، وما يؤمن به أهل هذه المناطق أن الوجود<br />
اإلسالمي <strong>في</strong> تاريخهم جاء عن الطريق العرب فترة<br />
توسعهم <strong>في</strong> القرون األولى للهجرة اإلسالمية.<br />
ولكن الرواية اإليرانية تختلف عن هذه الروايات،<br />
وتدعي أن من أدخل اإلسالم هم الشيرازيون<br />
القادمون من إيران، وأنتجت العديد من األفالم<br />
الوثائقية على قنواتها إلقناع العالم والمسلمين<br />
هناك ألن اإلسالم دخل فارسياً عن طريقهم من<br />
خالل اإلمام الشيرازي علي بن الحسن]8[.<br />
وال توجد إحصائيات موثقة عن تعداد السكان<br />
الشيعة <strong>في</strong> تنزانيا أو الساحل الشرقي األفريقي<br />
بشكل عام، ولكن وبحسب التقرير الصادر حول<br />
حرية األديان <strong>في</strong> تنزانيا لعام 2013 من وزارة الخارجية<br />
األمريكية، فإن نسبة معتنقي اإلسالم <strong>في</strong> زنجبار<br />
وحدها تصل إلى%98, نسبة السنة منها ما بين<br />
%90-80، والباقي منها يتوزع على عدد من الفرق<br />
الشيعية يؤمن بها ذوو األصول اآلسيوية]9[.<br />
و<strong>في</strong> دراسة قام بها الدكتور محمد شيخ علبو<br />
من جامعة ماونت كينيا، جمع <strong>في</strong>ها الكثير من<br />
المعلومات حول أنشطة األقليات الشيعية <strong>في</strong><br />
كينيا، ذكر <strong>في</strong>ها أن الفرق الشيعية <strong>في</strong> كينيا<br />
تنقسم إلى فرقتين رئيسيتين وهما االثنا عشرية<br />
واإلسماعيلية )البهورة(. ومن المهم معرفة أن<br />
الفرقة االثني عشرية هي األكثر نشاطاً <strong>في</strong> الترويج<br />
للمذهب الشيعي رغم قلتهم، إال أنه يتركز<br />
معظمهم <strong>في</strong> نيروبي ومومباسا وكوسومو<br />
وبعض المدن الرئيسية األخرى. ويوكل هذا<br />
النشاط للمنظمات الشيعية وأبرزها منظمة<br />
بالل مسلم الخيرية التي أسسها السيد سعيد<br />
اختر رضوي، حيث أشار إلى أن أنشطتها تتركز<br />
<strong>في</strong> السواحل الشرقية، وتستهدف وتستقطب<br />
الشباب السني ال المسيحي <strong>في</strong> تلك المناطق<br />
عن طريق البعثات التعليمية واألنشطة الدينية<br />
ا لمختلفة .<br />
وأوضح الدكتور محمد نوه أيضاً أن هذه النسب <strong>في</strong><br />
تزايد، وذلك يعود للدعم الذي تقدمه إيران لهذه<br />
المنظمات. وبالنظر لتاريخ المنظمة التي تنشط<br />
فروعها <strong>في</strong> الشرق األفريقي، تجد أن السيد رضوي<br />
7<br />
www.arabiangcis.org
أسس هذه المنظمة بعد زيارته للمرجع العراقي<br />
السيد محسن الحكيم <strong>في</strong> سبعينيات القرن<br />
الماضي]10[.<br />
أما على الصعيد االقتصادي، فالحال ال يختلف كثيراً<br />
عما تقوم به <strong>في</strong> سائر دول أفريقيا، ف<strong>في</strong> عام 2007<br />
وصل التبادل التجاري بين إيران وإثيوبيا إلى35<br />
مليون دوالر، مرتفعاً من 19 مليون دوالر مع نهاية<br />
عام 2004، وبحلول عام 2008 وقع البلدان عدة<br />
اتفاقيات لزيادة التعاون <strong>في</strong> مجالي الغاز والزراعة.<br />
أما <strong>في</strong> كينيا، فقد عرضت إيران أن تساعدها <strong>في</strong><br />
بناء محطات نووية والتعاون <strong>في</strong> المجاالت الزراعية<br />
والمعدات والطاقة بشكل عام. ومن المهم<br />
أال ننسى أن القطاع السياحي وبشكل خاص <strong>في</strong><br />
دول القرن األفريقي يعتبر من أهم مصادر الدخل<br />
الوطنية لتلك الدول ككينيا وتنزانيا، حيث تعرف<br />
دول القرن األفريقي بجذبها للسياح األجانب، فتجد<br />
الشباب اإليراني يتوجه لهذه الدول، ويؤسس<br />
شركات تخدم <strong>في</strong> هذا المجال، وأيضاً تجدهم<br />
نشطين <strong>في</strong> تأسيس شركات لتصدير الغاز<br />
اإليراني. التقيت كثيراً منهم <strong>في</strong> نيروبي وأصبحوا<br />
يمتلكون شركات سياحية وشركات لالستيراد<br />
<strong>في</strong> مشتقات النفط، أحدهم يدعى محمد مير<br />
جعفري الذي تعرفت عليه <strong>في</strong> عام 2013 من خالل<br />
أحد زمالئي األتراك، لم يكن وقتها يملك المال<br />
الكا<strong>في</strong> لتسديد إيجار سكنه، ولكن وبعد مرور<br />
عامين فقط إذ بي أعلم أنه افتتح فرعاً إلحدى<br />
اإليراني (Bitumen) شركات تصدير مشتقات النفط<br />
<strong>في</strong> كينيا تدعى سايريس بتروليوم والتي وكما جاء<br />
<strong>في</strong> موقعها شركة حديثة النشأة، وتعمل <strong>في</strong> عشر<br />
دول]11[, وكذلك أحد زمالئه والذي يملك اليوم<br />
شركة سياحية تعمل <strong>في</strong> كينيا وتنزانيا.<br />
والحظت أنهم يعملون بطريقة أكثر تحرراً وال<br />
يمتون بالدين بصلة, فهم ليسوا متدينين، بل<br />
على العكس تماماً, فتجدهم يستقطبون الفئة<br />
غير المسلمة من المحليين والسياح األجانب.<br />
ومن المالحظ أن إيران استغلت ضعف وجود<br />
الشباب العربي المستثمر <strong>في</strong> القارة األفريقية<br />
لزيادة نفوذها، وأصبحت تروّج لنفسها كقوة<br />
اقتصادية مسلمة لتجتذب لها الدولة األفريقية.<br />
وأخيراً تقوم أيضاً بدعم بعض دول الشرق األفريقي<br />
مادياً ومعنوياً لكسب موقعها االستراتيجي<br />
كالحال مع إريتيريا التي منحتها إيران قرضاً بقيمة<br />
25 مليون يورو <strong>في</strong> عام 2009 بعد زيارة قام بها<br />
الرئيس اإلريتيري، وكما هو معروف أيضاً فإيران<br />
تمتلك قاعدة عسكرية <strong>في</strong> إريتيريا مكنتها من<br />
دعم الحوثيين خالل عاصفة الحزم.<br />
www.arabiangcis.org<br />
8
دول وسط وجنوب – جنوب الصحراء األفريقية<br />
تعرف غالبية دول هذه المنطقة بأنها غير مسلمة،<br />
فنسبة المسلمين <strong>في</strong>ها ما زالت ضعيفة، وما زالوا<br />
يصنفون كأقليات دينية، لذلك فإيران تركز كثيراً<br />
على بناء عالقات اقتصادية وسياسية قوية بعيداً<br />
عن الدين.<br />
إن مناطق وسط وجنوب – جنوب أفريقيا أيضاً<br />
معروفة بوفرة مصادرها الطبيعية كالنفط<br />
واليورانيوم. فعلى سبيل المثال أنغوال ذلك البلد<br />
الغني بالنفط، قامت إيران <strong>في</strong> عام 2009 ولصالح<br />
شركة النفط الوطنية األنغولية ببيع ما نسبته<br />
%20 من مشروع حقل الغاز بارس الجنوبي-12<br />
أي ما يعادل 1.5 مليار project)، (South Pars12-<br />
دوالر. وأيضاً ومن هذه الدول دولة جنوب أفريقيا<br />
التي تربطها عالقة متينة جداً مع إيران <strong>في</strong> مجاالت<br />
عدة أبرزها النفط الذي كان أساس نشأة العالقات<br />
اإليرانية – الجنوب أفريقية <strong>في</strong> منتصف تسعينيات<br />
القرن الماضي.<br />
ووصل حجم التبادل التجاري بين البلدين بحلول<br />
عام 2007 إلى أربعة مليارات دوالر مدفوعة<br />
بالصادرات النفطية، ورغم العقوبات الدولية على<br />
إيران وعالقاتها الحميمة مع أمريكا ما زالت جنوب<br />
أفريقيا حليف إيران الرئيسي <strong>في</strong> جنوب -جنوب<br />
الصحراء األفريقية وعالقاتهما <strong>في</strong> تزايد، إذ نتج<br />
(MTN) عن هذا التعاون أيضاً منح إيران شركة<br />
الجنوب أفريقية رخصة التشغيل على أراضيها، وما<br />
بين عامي 2008-2007 غطت تلك الشركة ما نسبته<br />
%40 من شبكة التغطية للهاتف النقال]12[.<br />
إضافة إلى ذلك فإن من أبرز الدول التي تهتم<br />
بها إيران <strong>في</strong> دول الوسط األفريقي هي جمهورية<br />
الكونغو الغارقة <strong>في</strong> الحروب األهلية والغنية<br />
باليورانيوم، فتصدر الكونغو ما تحتاجه إيران<br />
من اليورانيوم وبشكل غير رسمي، حتى ال تكون<br />
الحكومتان طرفاً <strong>في</strong> مثل هذه الصفقات، ومن أبرز<br />
األحداث التي حصلت ما جاء <strong>في</strong> التقرير األممي عام<br />
2006 الذي أبلغت عنه تنزانيا األمم المتحدة بأنها<br />
أوقفت شحنة من اليورانيوم مصدرها جمهورية<br />
الكونغو، وأن الشحنة كانت <strong>في</strong> طريقها إليران، إال أن<br />
جمهورية الكونغو تنكرت لما جاء <strong>في</strong> التقرير]13[.<br />
وهذا التطور الكبير <strong>في</strong> العالقات االقتصادية<br />
والسياسية بين إيران ومعظم دول تلك المنطقة<br />
وعلى األخص الدول الفاعلة على المستوى الدولي،<br />
والدول الغنية باليورانيوم، له أهداف استراتيجية<br />
إليران، فاالهتمام ببناء الشراكات والعالقات<br />
المتينة مع دول جنوب – جنوب الصحراء األفريقية<br />
تحديداً يعطي لنا تفسيراً لما تسعى إيران له، وذلك<br />
من خالل معرفة ماذا تملك تلك الدول من نقاط<br />
قوة. فتست<strong>في</strong>د إيران من خالل بناء عالقات متينة<br />
معها <strong>في</strong> كثير من الجوانب، أهما كان االلتفاف<br />
على العقوبات المفروضة عليها بسبب برنامجها<br />
النووي <strong>في</strong> تلك الفترة لتفتح لنفسها أبواباً أخرى<br />
تستطيع من خاللها تعويض ما تفشل <strong>في</strong> تحقيقه<br />
<strong>في</strong> بلدان ملتزمة بفرض العقوبات الدولية عليها،<br />
وترفض التعامل معها. فتستغل حاجة الدول<br />
األفريقية للخدمات والصناعات األقل كلفة،<br />
فتقوم بتو<strong>في</strong>رها لها.<br />
وتسعى إيران الستقطاب هذه الدول <strong>في</strong> المحافل<br />
الدولية إلنقاذها من تمرير عقوبات دولية عليها<br />
<strong>في</strong> العديد من الملفات، كملفات حقوق اإلنسان<br />
وبرنامجها النووي, فنجحت إيران <strong>في</strong> إسقاط<br />
قرارات دولية، مستخدمة أصدقاءها <strong>في</strong> دول جنوب<br />
– جنوب الصحراء الكبرى, وما حدث خالل تقرير<br />
الوكالة الدولية للطاقة النووية، ف<strong>في</strong> يوليو 2008<br />
9<br />
www.arabiangcis.org
والذي أشار الستمرار إيران <strong>في</strong> تخصيب اليورانيوم<br />
استخدمت إيران عضوية جنوب أفريقيا <strong>في</strong> مجلس<br />
األمن لتكون صوتها للدفاع عنها ضد إقرار أي قرار<br />
يتعلق بإضافة مزيد من العقوبات على إيران، و<strong>في</strong><br />
مارس 2008 أيضاً كرر س<strong>في</strong>ر جنوب أفريقيا <strong>في</strong> األمم<br />
المتحدة رفض بالده المساعي األمريكية واإلسرائيلية<br />
لمحاصرة البرنامج النووي اإليراني بفرض مزيد من<br />
العقوبات، بل قام بدعم حق إيران <strong>في</strong> امتالك التقنية<br />
النووية، ورفع كافة العقوبات لخلق أرضية إلنهاء<br />
الملف دبلوماسياً.<br />
ورغم تمسك بالده بعدم انتشار األسلحة النووية،<br />
إال أن موقفها مع إيران يجعلها تدافع عن حقهم <strong>في</strong><br />
امتالكها. لذلك من المهم عدم التقليل من أصوات<br />
الدول األفريقية <strong>في</strong> المحافل الدولية، حيث تمثل<br />
تلك الدول ثلث مقاعد منظمة األمم المتحدة،<br />
لذلك يكرر المسؤولون اإليرانيون تعبيراً منهم<br />
عن أهمية أفريقيا لهم بترويجهم لفكرة تشكيل<br />
جبهة أفريقية – إيرانية لمواجهة التعنت والهيمنة<br />
الغربية والمستعمرين, فتعلم إيران جيداً مدى عقدة<br />
األفارقة من سيطرة قوى االستعمار، لذلك تحاول إيران<br />
إظهار نفسها بصف تلك الدول التي تواجه االستعمار<br />
بثورتها كما جاء على لسان علي الريجاني <strong>في</strong> نوفمبر<br />
2010 عندما قال: “تنظر الجمهورية اإلسالمية اإليرانية<br />
لدول افريقيا بنظرة خاصة، وبطبيعة الحال، فإن<br />
استراتيجية الجمهورية اإلسالمية تقوم على محاربة<br />
االستعمار واالستكبار العالمي وكذلك الدفاع عن<br />
[المظلومين، وخاصة الدول األفريقية.”]14<br />
ورغم االنتقادات التي واجهتها حكومة نجاد العتمادها<br />
على دول أفريقية ال تستطيع الخروج عن إرادة الدول<br />
المانحة كأمريكا وبريطانيا وغيرهما لتنضم للتكتل<br />
اإليراني، كما حدث <strong>في</strong> عام 2010 عندما صوتت نيجيريا<br />
وأوغندا على إضافة المزيد من العقوبات على إيران<br />
من قبل األمم المتحدة، حيث القت كل استثمارات<br />
نجاد <strong>في</strong> استقطاب أصواتها إلسقاط القرارات الدولية<br />
بالفشل.<br />
www.arabiangcis.org<br />
10
نتائج الدراسة<br />
النتائج التي خرجت بها الدراسة<br />
استطاعت إيران و<strong>في</strong> فترة قياسية أن تؤسس لنفسها <strong>في</strong> أفريقيا مكانة قوية ونفوذًا<br />
اقتصاديًا وسياسيًا واجتماعيًا، وما زالت توسع دائرة هذا النفوذ.<br />
نجحت إيران <strong>في</strong> نشر المذهب الشيعي <strong>في</strong> دول لم يكن بها وجود شيعي من قبل.<br />
تستغل المنظمات اإليرانية غياب المنظمات العربية المدعومة للقيام باألعمال<br />
الخيرية.<br />
11<br />
www.arabiangcis.org
المراجع<br />
1-<br />
2-<br />
3-<br />
4-<br />
5-<br />
6-<br />
7-<br />
8-<br />
9-<br />
10-<br />
11-<br />
12-<br />
13-<br />
14-<br />
Hunter, S. (2010). Iran›s Foreign Policy in the Post-Soviet Era: Resisting the New International Order.<br />
Praeger. pp.228<br />
Leichtman, M. (n.d.). Shii cosmopolitanisms in Africa: Lebanese migration and religious conversion<br />
in Senegal. pp.146<br />
Dr. M. Sey. Muslim Community, in Ghana: The Contemporary Scen. Jurnal Syariah. Volume 5, Issue<br />
2, http://e-journal.um.edu.my/public/article-view.php?id=4355<br />
Campbell, J. (2011). Nigeria: Dancing on the brink. Lanham, MD: Rowman & Littlefield. pp.55<br />
O›Hern, S. K. (2012). Iran›s Revolutionary Guard: The threat that grows while America sleeps.<br />
Washington, D.C.: Potomac Books.<br />
LODHI, A., Y., (1994).Muslims in Eastern Africa - Their Past and Present. Nordic Journal of African<br />
Studies 1(3): Uppsala University, Sweden. pp. 98–88 retrived on 2016/04/06 http://www.njas.helsinki.<br />
fi/pdf-files/vol3num1/lodhi.pdf<br />
Persians of Zanzibar. (2014). Press TV documentaries, retrieved on 2016/04/06 https://www.youtube.<br />
com/watch?v=BqK_hCf8Jng<br />
Skinner, A. (2005). Tanzania & Zanzibar. London: Cadogan Guides. pp.241/ Webber, R. (n.d.). Return<br />
to Zanzibar: Travels through Africa.<br />
International Religious Freedom Report: (2013) http://www.state.gov/documents/organization/222317.<br />
pdf/ Fite, B. and Schulte, C. (2013). U.S. and Iranian Strategic Competition: The Impact of Latin<br />
America, Africa, and the Peripheral States. center for strategic & International studies. Retrieved on<br />
2016/04/08. http://csis.org/files/publication/120404_Iran_Chapter_XIII-Peripheral_States-Revised.pdf<br />
Alio, M., S.,(2014).Kenyan Shiite Community: A Socio-Historical Perspective. Volume 19, Issue 5, Ver.<br />
IV. PP 17-11. Retrieved on 2016/04/10. http://www.iosrjournals.org/iosr-jhss/papers/Vol-19issue5/<br />
Version4-/C019541117.pdf<br />
http://www.cyruspetroleum.com/#!company-profile/cays<br />
http://www.irantracker.org/foreign-relations/iranian-foreign-relations-africa<br />
Berman, I. (n.d.). Iran›s deadly ambition: The Islamic republic›s quest for global power.<br />
Vatanka, A., (2010). Iran Invests Time and Energy in Africa. Middle East Institute. retrieved on<br />
2016/04/18 http://www.mei.edu/content/iran-invests-time-and-energy-africa<br />
www.arabiangcis.org<br />
12
التوغل اإليراني<br />
<strong>في</strong> القارة األفريقية