23.01.2017 Views

قراءة في مفهوم الشريعة في الخطاب الحداثي

khitab

khitab

SHOW MORE
SHOW LESS

Create successful ePaper yourself

Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.

وائل الحارثي<br />

<br />

واألعراف،‏ التي كانت عند العرب،‏ ويفسّ‏ رون جملة من أحكام <strong>الشريعة</strong> بأنّها نزلت مناسبة للواقع العربي ذي<br />

الطابع البدوي والصحراوي،‏ حينذاك ! 56<br />

والمتحصّ‏ ل من هذا الربط الظر<strong>في</strong> والقسري توسيع نظرية النسبيّة <strong>في</strong> صالحية األحكام الشرعية،‏<br />

وإضعاف قيمة وقوة الثوابت والقطعيات،‏ وتقليص دائرتها لحساب المتغيرات والمظنونات.‏<br />

والمشكل <strong>في</strong> التقرير <strong>الحداثي</strong> تحويل،‏ أو ترقية تأثير الواقع من مجرّد مؤثّر بنيويّ‏ يجب اعتباره عند<br />

ال<strong>قراءة</strong> والتأويل،‏ إلى سلطة معر<strong>في</strong>ة مُتحكِّمة وغالبة على باقي األصول.‏ يقول الجابري:‏ ‏»إن العلم ال يؤمن<br />

بمصدر آخر للعقل وقواعده غير الواقع«‏ . 57<br />

فليس اإلشكال <strong>في</strong> ضرورة اعتبار الواقع مؤثراً‏ منهجياً‏ <strong>في</strong> التأصيل،‏ والتدليل،‏ والتأويل،‏ والتنزيل،‏ إنّما<br />

المشكل مع الرؤية <strong>الحداثي</strong>ة للواقع هو <strong>في</strong> مرتبته،‏ وعالقته بباقي األدلة،‏ واألصول،‏ وحدود تأثيره.‏<br />

- واألطروحة <strong>الحداثي</strong>ة حول <strong>الشريعة</strong> والتشريع مجملة مطلقة كليّة تتعامل مع التشريعات وكأنّها كتلة<br />

واحدة،‏ ومرتبة واحدة..‏ ولم تسمح بنوع من التفصيل والتفريق وال الضبط والتأطير..‏ بخالف التأصيل<br />

الفقهي/اإلسالمي،‏ <strong>في</strong> الماضي والحاضر،‏ الذي تناول ‏»الموقف النصّ‏ » على عدة مستويات:‏<br />

مستوى الثبوت بين الصحيح،‏ والضعيف،‏ والمتواتر،‏ واآلحاد،‏ ثمّ‏ مستوى الداللة بين القطع والظن،‏<br />

والظاهر والمؤول،‏ والمنصوصة وغير المنصوصة،‏ ثمّ‏ مستوى المجال الوظي<strong>في</strong> بين العبادات،‏ والمعامالت،‏<br />

والعادات،‏ ثم مستوى درجة المسألة <strong>في</strong> سُ‏ لّم أولويات <strong>الشريعة</strong> بين األصل والفرع،‏ والكلّي والجزئي،‏ والكبيرة<br />

والصغيرة..‏ ومستوى الثابت والمتغير،‏ والمقدس والبشري...‏ هذه المستويات <strong>في</strong>ها حفر معر<strong>في</strong> داللي متقدّم<br />

ومعقّد،‏ لكن أصابه الجمود والتهميش بفعل التقليد والجدل المذهبي،‏ والبحث التقليدي المستنسخ،‏ الذي شكل<br />

أسيجة دوغمائية تاريخية ال تستحق صفة اإللزام المقدّس،‏ كما هو الحال للنص الشرعي المؤسِّ‏ س.‏<br />

- تأثير التبعيّة الحضارية،‏ حيث يشير الجابري إلى مدى ضغط الحضارة المعاصرة على تبعية المفكر،‏<br />

للمطالبة بتجديد شمولي للعقل العربي/اإلسالمي،‏ <strong>في</strong>قول:‏ ‏“إن الحضارة المعاصرة،‏ التي نعيشها،‏ ليست من<br />

56 انظر:‏ الجابري،‏ وجهة نظر،‏ ص 61، وخليل عبدالكريم <strong>في</strong> كتابه:‏ اإلسالم بين الدولة الدينية والدولة المدنية،‏ ص 204، يقول:‏ "... من األوامر<br />

والنواهي <strong>في</strong> اإلسالم،‏ بداهة ‏-باستثناء أساسيات الدين وأركانه الخمسة التي بُني عليها-‏ ما ارتبط تماماً‏ باألوضاع االجتماعية،‏ التي كانت سائدة؛ بل<br />

مهيمنة-‏ آنذاك".‏ وانظر:‏ كتاب خليل عبدالكريم:‏ الجذور التاريخية للشريعة اإلسالمية،‏ الذي حاول <strong>في</strong>ه الكشف عن الموروث العربي الذي ورثه اإلسالم<br />

عن عرب الجزيرة على حدّ‏ قوله،‏ ‏)ص 9(. ثم دعا إلى ضرورة دراسة المجتمع العربي قبيل اإلسالم لفهم جذور التشريعات اإلسالمية.‏<br />

57 الجابري،‏ تكوين العقل العربي،‏ ص 24.<br />

www.mominoun.com<br />

قسم الدراسات الدينية 22

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!