مجلة زيزفون الإلكترونية - العدد الأول
مجلة إلكترونية منوعة تصدر كل شهرين العدد الأول/أبريل 2015 PDF: http://www.4shared.com/file/S018fQ6oce/_-_.html
مجلة إلكترونية منوعة تصدر كل شهرين
العدد الأول/أبريل 2015
PDF:
http://www.4shared.com/file/S018fQ6oce/_-_.html
You also want an ePaper? Increase the reach of your titles
YUMPU automatically turns print PDFs into web optimized ePapers that Google loves.
يرويها لكم: محمود الجمل<br />
أعزايئ قراء املجلة تحية طيبة لكم ولجميع من حولكم..<br />
حكايات رجل عجوز هي قصص واقعية، مُغلفة بخيال الكاتب، عاشها ذلك الرجل العجوز يف مراحل مختلفة من حياته، وهي تعكس مواقف مختلفة بعضها<br />
ساخر وبعضها حزين، والهدف منها التسلية وتعريف الجيل الجديد بالحياة التى عاشها آباؤهم وأجدادهم .أرجو ان تنال اعجابكم.<br />
شاي بطعم الفونيك<br />
من يدخل أحد املحالت التجارية الكبرية مثل »كارفور« أو »السيف واي« أو حتى السوبرماركت، يجد قسامً من الرفوف تصطف عليه عرشات األصناف من<br />
»مزاريف« الشاي، متثل جميع املاركات مثل »لبتون«و »الغزالني«وغريها.وكلٌ منها تتسابق يف عرض منتوجها من الشاي بكل النكهات، ابتداء من القرفة فالزنجبيل أو<br />
اليانسون أو النعناع مع االليمون، ثم مرورا بالشاي اإلنجليزي مثل ال »إيرل قراي« أو شاي »الربيكفست« وغريها مام طاب ولذ من النكهات.<br />
أما الشاي بطعم الفونيك فهذا اخرتاع انفردت بتصنيعه أحد العجائز التي قد تكون اآلن يف ذمة الله فلريحمها الله عىل اي حال..<br />
القصة يا سادة يا كرام حصلت منذ زمن طويل، حينام كانت تلك العجوز تعيش وحدها مع أطفالها الصّ غار، حيث هاجر أوالدها ال أصقاع مختلفة من العامل<br />
، إما طلباً للعلم أو بحثا عن الرزق، وكانت حالة تلك املرأة اإلقتصادية ال تختلف عن حال أي عائلة فلسطينية الجئة تعيش كفاف يومها، وكل ما حصل يف هذه<br />
الحكاية هو من باب املحافظة عىل الدخل القومي للعائلة ومراقبة املرصوفات بشكل دقيق، قد يستفيد منه رئيس أي وزارة أو ديوان املحاسبة لتقلييل نسبه الهدر<br />
والفاقد ال أقل ما ميكن.<br />
من واكب تلك الفرتة الزمنية يعرف أن أي مطبخ يف معظم البيوت كان ال بد من وجود »منلية« فيه إذ مل يكن هنالك من يهتم برتكيب خزائن للمطبخ من<br />
»جوايكو« أو ما هو مصنوع من خشب البلوط أو األملنيوم وذلك ألسباب إقتصادية وتكاليف باهظة ليس باإلمكان توفريها لكل الناس، باإلضافة أن غرفة املطبخ مل<br />
تكن فقط مخصصة ألغراض الطبخ فقط، فقد تكون غرفة للغسيل أو تتحول ال غرفة نوم مساء إذا كانت العائلة كبرية، ولكنني أكاد أجزم بأنها كانت تستعمل حامماً<br />
اثناء الليل خاصة يف فصل الشتاء لدفئها .طبعاً وظيفة النملية هو خزن املواد الغذائية، وخاصة التي يحتاجها الناس يومياً مثل األرز والسكر والشاي والقهوة وغريها<br />
من »قطرميزات« الزيتون واملخلل، والنملية متثل مدى ازدهار أو انحطاط الوضع اإلقتصادي للعائلة، فمن كرثت عنده األصناف واألواين اململوءة بالخريات، فهو يف<br />
عيشة راضية أما من كانت منليته تُرى جدرانها الخشبية الخلفية من زجاجها األمامي فهو وأمه يف هاوية.<br />
اعتاد الناس أن يضعوا قطعاً من الفونيك )النفتالني( يف بيوتهم، للقضاء عىل الروائح الكريهة التي قد تنبعث من الحاممات، أو من األطعمة أثناء الطبخ، باإلضافة<br />
إل وظيفة أخرى للفونيك وهي طرد الحرشات القارضة التي ميكن ان تشارك العائلة يف قوتها ومخزونها الغذايئ.<br />
يشءٌ آخر تجدر اإلشارة إليه..وهو أنه مل يكن معروفاً بعد-عىل االقل يف بالدنا- ما يسمى اليوم يف بيئتنا »بشاي املداليات«، فقد كان يباع الشاي نفالً يعني مثل<br />
القهوة، ومن ال يعرف ما أعني فليسأل أي فرد مرصي، ألنهم ال زالوا يفضلون الشاي املنفول.<br />
لسوء حظ الشاي يف ذلك البيت، كان أن وجد نفسه مجاوراً لقطع الفونيك يف النملية املوجودة يف املطبخ، ألسباب ال يعلمها إال الله وتلك املرأة .ويقال أن معظم<br />
املواد املطحونة تعشق الروائح القوية إذا وضعت بالقرب منها، فاذا صدف ووضعت أي مادة بجانب القهوة فتصبح رائحة القهوة طاغية عليه، ولذلك تجد بعض<br />
الفتيات البائعات التي تعرض عليك العطور يف املطارات تجعلك تشتم حبوب القهوة املحمصة بعد تجربة كل نوع من العطور، وذلك لتصبح قادراً عىل التمييز بني<br />
الروائح، ويف هذا السياق اعرتف بأنني يف أحد املرات عوضاً عن شم حبوب القهوة وضعت كمية ال باس بها يف فمي ومضغتها ظاناً بان هذه هي الطريقة املتبعة.<br />
بالعودة إل قصتنا..قلنا أن الشاي املسكني قد عشق رائحة الفنويك، الفونيك ملن ال يعرفه ذو رائحة نفاثة وقوي جداً، وعليه أصبح الشاي ىف ذلك البيت رغم<br />
أنفه بطعم ورائحة الفونيك..واآلن مل تعد القصة متعلقة بالشاي أو الفونيك، ولكنها أصبحت مأساة ملن رغب يف رشب الشاي يف ذلك البيت، وطبعاً حفاظاً عىل الدخل<br />
القومي، مل يخطر ببال تلك العجوز أن تقوم بالتخلص منه ، ففي الفرتة االول تم اخرتاع طريقه ليك ال تشتم الفونيك أثناء الرشب، فطلبت من أطفالها بأن يغلقوا<br />
أنوفهم باصابعهم أثناء الرشب..زادت احتجاجات الرعية..فوجدت طريقة أخرى، إذ اشرتت كمية من الشاي الجديد تعادل نصف الكمية وخلطته مع الشاي املصاب،<br />
ولكن الرائحة مل تذهب متاماً!<br />
واخرياً هداها عقلها العبقري إل طريقه رخيصة للمعالجة.والنتيجة كانت كارثية، صحيح أنها تخلصت متاما من رائحة الفنونيك، ولكن الشاي املسكني فقد أعز<br />
ماميلك. لن أذكر ما فعلت وما حصل له فسأدعكم تفكرون باألمر ولنرتك مساحة ألفكاركم ولرنى النتيجة .<br />
أرجو أن تسامحني تلك املرأة أينام كانت، وأنا أدرك أن تلك املرحلة من الزمن كانت صعبة جداً عىل الجميع، فبينام كان أوالدها يصارعون الحياة يف الخارج ،<br />
كانت ال تدخر جهداً لتوفري أي مبلغ من املال ولو عىل حساب طعم الشاي، إلراسله إل ابنها الذي كان يدرس يف الخارج لتساعده يف ترصيف حياته.ذلك النوع من<br />
النساء يجب أال يُنىس، ومهام عملنا فلن نوفيهن حقهن علينا، ولن نعوضهن عن تضحيتهن يف سبيلنا..اللهم ارحمنا برحمتك ويرس لنا ما نستطيع تقدميه لتلك النسوة،<br />
وارحم من رحل منهن إل جوارك يا أرحم الرحمني.<br />
30