You also want an ePaper? Increase the reach of your titles
YUMPU automatically turns print PDFs into web optimized ePapers that Google loves.
ِ<br />
المتحف األثري الصغير<br />
بإمكانيات مادية متواضعة، وعزمية كبيرة افتتح يوم<br />
اخلميس املاضي مبتحف السراي احلمراء، نافذة جديدة تُ ضاف<br />
إلى املتحف الكبير وهي عبارة عن )املتحف األثري الصغير( والذي<br />
سيكون « منبرا من منابر ثقافة الطفل وجسر تواصل ألطفالنا<br />
مع ماضيهم املجيد .. سعيا خللق جيل يحترم ماضيه لينطلق<br />
بخطى ثابتة نحو مستقبل زاهر .. فمن ال ماضي له ال حاضر وال<br />
مستقبل له ..فاملجتمعات املتحضرة تقاس باحترامها ملاضيها«<br />
حسب القائمني على املشروع، كان احلضور ممتنّا لهذه البادرة مما<br />
انعكس ايجابيا على إدارة املتحف الصغير، غامرين إياهم بحب<br />
وحتية لهذا العرس الثقايف الرائع، ويضاف إلى اجلهود املتواصلة<br />
لتنمية ثقافة النشء احلديث يف ليبيا اجلديدة حلفظ التراث<br />
والتاريخ لهذا البلد العريق.<br />
حُبُّ الوَط َنِ غَريزةٌ في كلِّ إنسان<br />
7<br />
العدد: <strong>17</strong><br />
األحد<br />
15 شعبان 1437ه<br />
22 مايو 2016م<br />
فإنَّ اهللَ عَزَّ وجلَّ عندما خَلق آدمَ عليه السَّالمُ خلقَ معه حواءَ ألجل أنْ تكتمل دائرة الحياة ، وجاءتِ الذُّرِّيَّةُ<br />
بعد ذلك بحسب الغريزة البشريَّة ، فجعل اهلل تعاىل هذه الذُّرِّيَّةَ تَعيش يف مُبتدأ األَمر يف مُحيطٍ واحدٍ ، ويف<br />
مُجتَمعٍ واحدٍ ، وبقي الحال على ما هو عليه إىل حنيٍ أراده اهلل سُبحانه ، ودارتِ األَيَّامُ والشُّهورُ والسَّنواتُ ،<br />
فازدادتِ الذُّرِّيَّة ، وكَبُرَتْ مساحة املُحيط الَّذي كانوا يَعيشون فيه ، إىل أنِ اتَّسَعَتِ البُقعة الَّتي كانوا يَعيشون<br />
عليها جدًّا ، وتباعَدَتِ الدِّيارُ ، ونشأتِ القُرى فاملُدُنُ ، إىل أنْ أَصبحت دُويالت ، وقارَّات .<br />
كتب / صالح سالم عمر املصراتي<br />
وبعد كلِّ هذه الظُّ روف املُحيطة باإلنسان<br />
؛ والَّ تي دَعَ تْ إلى هذا التَّ باعُ د ؛ ودعت إلى بروز<br />
هذه التَّ قسيماتِ ، يظهر يف احلياة البَشريَّ ة<br />
عامل االنتماء إلى القبائل ، واالنتماءِ إلى<br />
الوَطن بصورة تِ لقائيَّ ة ، ألنَّ لكلِّ إنسان مِ نَّ ا<br />
بقعة على األرض تُ ؤويه وينتمي إليها ، فيها<br />
أهلُه ، وفيها أبنائهُ ، وبها مَ سكنه ، وفيها عمله<br />
، فصار اإلنسان تِ ً لقائيّ ا يعودُ إلى هذا الوطن ،<br />
ومع ظهور عامل االنتماء إلى األوطان ؛ تأتي<br />
الشَّ ريعة اإلسالميَّ ة باألصول الثَّ ابتة الَّ تي تَدعو<br />
إلى التَّ آلف والتَّ قارب بني كلِّ هذه االنتماءات ،<br />
ويف ذلك املعنى يقول احلَ قُّ سبحانه يف سورة [<br />
احلُ جُ رات : 13 ] )) يَآأَيُّ هَا النَّ اسُ إِ نَّ ا خَ لَقْ نَاكُ م<br />
مِّ ن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَ عَلْنَاكُ م شُ عُ وبً ا وَقَبَآئِ لَ لِ تَعَارَفُ واْ<br />
إِ نَّ أَكْ رَمَ كُ م عِ ندَ اهللِ أَتْقَ اكُ م إِ نَّ اهللَ عَ لِ يمٌ خَ بِ يرٌ (( .<br />
وبعد ظهور هذه األوطان على الكوكب<br />
الَّ ذي نعيشُ فيه ، وظهورِ عامل االنتماء إلى<br />
تلكم األوطان ، ينشأ يف النَّ فْ سِ البَشريَّ ة عامل<br />
جديدٌ يربط اإلنسانَ بالوطن الَّ ذي ينتمي إليه<br />
، هذا العامِ لُ هُ و حُ بُّ الوطن ، فكلُّ إنسان منَّ ا<br />
له ما يَربطُ ه بالوطن الَّ ذي ينتمي إليه ، ففي<br />
ذالكم الوطن يُ وجدُ األَهلُ واألقارب واألحبابُ<br />
والذِّ كريات ، ويوجدُ يف الوطنِ أشياء أُخرى<br />
معنويَّ ة ال يجدها اإلنسانُ يف وطنٍ آخر غير<br />
الَّ ذي ينتمي إليه ، فينشأ يف اإلنسان عاملٌ<br />
يجعله يرتبط ويتعلَّق بالوطن الَّ ذي ينتمي إليه<br />
، ولو أنَّ أحدً ا نازَعَ إنسانً ا يف وطنِ هِ الَّ ذي ينتمي<br />
إليه ؛ أوْ مَ نَعَهُ من وطنِ هِ ، فلرمبَّ ا تَثورُ ثائرته ،<br />
وينقلبُ رأسً ا على عَ قِ ب ، وليس يف ذلك مِ نْ عَ يْ بٍ<br />
أبدً ا ، فهذه كتبُ السُّ نَّ ةِ تَرْ وِ ي لنا من حديثِ عَ بدِ<br />
اهللِ بنِ عَ دِ يِّ رضي اهلل عنه أنَّ ه قال : ( رَأَيتُ رسولَ<br />
اهللِ صلى اهلل عليه وسلم واقِ فً ا علَى احلَ زْ وَرَةِ [<br />
وهُ و مكان يف مَ كَّ ةَ ] فقال : واهللِ إِ نَّكِ خلَ َ يْ رُ أَرضِ<br />
اهللِ ، وأَحَ بُّ أَرضِ اهللِ إلَى اهللِ ، ولَوالَ أَنِّي أُخْ رِ جْ تُ<br />
مِ نكِ ما خَ رَجْ تُ ) واحلديث رواه اإلمام أحمد<br />
والتِّ رْ مِ ذِ ي وغيرهما .<br />
ويف روايةٍ أنَّه عليه الصَّ الةُ والسَّ الم قال :<br />
( ولَوْ الَ أَنَّ قَومِ ي أَخرَجُ وني مِ نكِ , ما سَ كَنْتُ<br />
غَ يرَكِ ) . فهذا رسولُ اهلل صلَّى اهلل عليه وسلَّم<br />
له تَعَلُّ قٌ بأرضهِ وأرضِ آبائهِ وأجدادِ هِ ، ولَمْ يَرْ ضَ<br />
اخلُ روج منها ، بل ولقد روَى البُ خاري يف حديث<br />
بَدْ ءِ الوَحي أنَّ ورقةَ بن نَوفلٍ عندما عرض عليه<br />
رسُ ولُ اهلل صلَّى اهلل عليه وسلَّم ما كان رآهُ يف<br />
غار حِ راء ؛ وعرَفَ ورقةُ أنَّهُ النَّ بي املُرتَقب ، قال<br />
له ورقة : يا ليتني كنتُ فيها جَ دَ عً ا إذْ يُ خْ رِ جُ كَ<br />
قَومُ كَ ، فقال رسولُ اهلل صلى اهلل عليه وسلَّم :<br />
( أَوَ مُ خْ رِ جِ يَّ هُ مْ ) ؟؟!! كاملُستَغِ رب ألمْ رِ اخلُ روجِ<br />
مِ نْ أَرضِ هِ وأهلِ هِ ، ويف هذا دليلٌ على حُ بِّ الوطن ،<br />
وشِ دَّ ةِ مُ فارقته على النَّ فْ سِ .<br />
إنَّ الوطن إذا أدرك كلُّ واحدٍ مِ نَّ ا أهمِّ يَّ تَه يف<br />
النَّ فْ سِ ويف املُجتمع وحتَّ ى يف الدِّ يانةِ ، ملَ َا جتَ َ رَأَ<br />
أَحدٌ أنْ يَعْ بَثَ بوطَ نهِ ، أوْ يَعبَثَ مبُ قدَّ رات وطنهِ ،<br />
وذلك ألنَّ الوطنيَّ ة عاملٌ يَربطُ اإلنسانَ بأرضهِ<br />
، ويزيد مِ ن تَعلُّ قِ هِ مبوطنه ، وال يُ قْ بَلُ مِ ن عاقلٍ<br />
يَدَّ عي حُ بَّ الوَطنِ من جانبٍ ؛ وهو يف الوقت<br />
نَفسهِ يضربُ مبِ عْ وَلٍ من حديدٍ يف سبيل تدمير<br />
الوطن الَّ ذي يُ ؤويه ويُ ؤوي أهْ لَهُ وأحبابَهُ ، فهذا<br />
ال يُ قبل ، ألنَّ حُ بَّ الوطن يُ حَ تِّ مُ على اإلنسان أن<br />
يَخدمَ هذا الوطن الَّ ذي ينتمي إليه ؛ ويف إطارِ<br />
ال يصطِ دم مع الشَّ ريعة الَّ تي أَوجَ دَ ت فِ ينا حُ بَّ<br />
الوطن ، والبُ دَّ أنْ تَظهرَ آثارُ حُ بِّ الوطن يف كُ لِّ<br />
إنسانٍ مُ خْ لِ صٍ يَدَّ عي حُ بَّ الوَطن ، فهذا نَبِ يُّ اهلل<br />
يوسف عليه السَّ الم ، مع أنَّه نَبِ يٌّ مُ صْ طَ فً ى مِ ن<br />
عِ ند اهلل تعالَى ، إذْ به يَتعايشُ مع حاكِ م ليس<br />
مبُ سلِ مٍ ، ويعيشُ يف أرضٍ ليست مبِ ُ سلِ مة آنذاك<br />
، ومع كُ لِّ ذلك يَقومُ هذا النَّ بيُّ الكرمي بخِ دمة<br />
أرض مِ صر ، يقوم علَى خدمةِ األرض الَّ تي آوَتْهُ<br />
، ويقوم على أمرٍ حافظ بهِ علَى اقتصادِ البلدِ<br />
الَّ ذي يعيش فيه ، فزَرَعَ أرضً ا قاسيَةً بالشَّ عيرِ ،<br />
وابتَنَى الصَّ ومعات الكَبيرة للحِ فاظِ علَى الشَّ عِ ير<br />
يف سُ نبُ لِ هِ حتَّ ى ال يَفسد ، مع سِ ياسةٍ حَ كيمةٍ يف<br />
اإلنفاقِ طِ يلَةِ السَّ بع سنوات العِ جَ اف ، إلى أنْ<br />
مَ رَّ تِ األَزمَ ةُ الَّ تي عَ صَ فَ تْ بالبِ الدِ ومبا جاوَرَها ،<br />
وما تَضَ رَّ رتْ أرضُ مِ صْ رَ والَ سُ كَّ انُ ها آنذاك ، هذا<br />
األمرُ يَغْ رِ سُ فينا نحن حُ بَّ الوطنِ ، الَّ ذي تَظهرُ<br />
آثارُه عبر قَنوات خدمة التُّ راب الَّ ذي نعيش عليه<br />
ومنَ وت فوقَهُ ونُ قْ بَرُ حتَ تَه .<br />
إنَّ اإلنسان إذا تعلَّق بوطنهِ ، وأَحَ بَّ الوطن<br />
الَّ ذي ينتمِ ي إليه ؛ صار يتألَّ مُ إذا جُ رِ حَ وطَ نُ هُ ،<br />
ويَفرَحُ إذا عَ مَّ الوَطَ نَ سُ رُ ورٌ ، بلَ إنَّ اإلنسان الَّ ذي<br />
صَ دَقَ يف وَطَ نِ يَّتِ هِ ، يَغضَ بُ إذا أُسْ تُبْعِ دَ من وَطَ نِ هِ<br />
، ويتألَّ م ً جدّ ا إذَا طُ رِ دَ منهُ ، ولذلك كان التَّ غريبُ<br />
يف اإلسالمِ عُ قوبة من العُ قوباتِ ، وقدْ عُ رِ فَ مُ نذُ<br />
القِ دَ أنَّ من أشدِّ العُ قوبات على اإلنسانِ أنْ<br />
يُ بْعَدَ عن مَ وطِ نه الَّ ذي ترعرع فيه ، ولنا يف « كتاب<br />
اهلل تعالَى « الدُّ روس والعِ بر ، ففي سُ ورة [ األعراف<br />
: 88 ] يَذْ كُ ر لنا ربُّ نا سُ بحانه قِ صَّ ة نَبِ يِّ هِ شُ عيب<br />
عليه السَّ الم ، عندما أرسلَهُ إلى قَومهِ ، ودعاهُ م<br />
شعيبٌ إلى إرضاء الرَّ حمنِ ، رفض القَ ومُ دعوتَه ،<br />
وأرادوا أن يُ عاقِ بوه علَى ذلك ، فما وجدوا سَ بيالً<br />
أفضل يف نَظرهِ م من إبعادهِ عنِ األرض الَّ تي نَشأَ<br />
فيها ، واسمعوا إلى ما قال اهلل تعالى ، )) قَالَ املْ َلَ ُ<br />
الَّذِ ينَ اسْ تَكْبَرُوا مِ نْ قَوْمِ هِ لَنُخْ رِ جَ نَّكَ يَا شُ عَيْبُ<br />
وَالَّ ذِ ينَ ءَامَ نُ واْ مَ عَكَ مِ نْ قَرْ يَتِ نَا أَوْ لَتَعُ ودُ نَّ يفِ<br />
مِ لَّتِ نَا قَالَ أَوَلَوْ كُ نَّ ا كَارِ هِ نيَ (( فمُ فارقة الوطن<br />
والتَّ غَرُّ بُ والسَّ فر إمنَّ ا هيَ مَ شَ اقٌّ ال يستطيع<br />
اإلنسان حتمُّ لها بسهولة ويُ سْ رٍ ، وذلك ملِ َا عُ رِ فَ<br />
عند جميع العُ قالء بأنَّ مُ فارقَةَ الوطنِ والنِّعْ مَ ة<br />
املألوفة من أصعبِ األمور على النَّ فْ سِ ، ولذلك<br />
املعنى ساوموه على أن يترُ كَ الدِّ يانة ؛ أوْ يُ طْ رد<br />
من مَ وطِ نهِ ، وكِ الَ األَمْ رَين تَكْ رَهه النَّ فْ سُ .<br />
إنَّ عقوبة اإلبعادِ عن الوطن والتَّ هجيرِ منه ،<br />
قدِ اتَّخذَ ها أَيضً ا قومُ لُ وطٍ مع نَبِ يِّ هم الَّ ذي أُرسلَه<br />
اهلل إليهم ، فعندما دعاهم لوطٌ إلى ما كُ لِّفَ بهِ ،<br />
عارضه قَومُ هُ ورفضوا دعوته ، وقرَّ روا إبعادَهُ عنِ<br />
الوطن الَّ ذي ترعرع فيه ، واسمعوا ماذا قال ربُّ نا<br />
سُ بحانه يف سُ ورة [ النَّ مل : 56 ] )) وَمَ ا كَانَ جَ وَابَ<br />
قَومِ هِ إِآلَّ أَن قَالُواْ أَخْ رِ جُ واْ ءَالَ لُوطٍ مِ ن قَرْيَتِ كُ م<br />
إِ نَّهُ م أُنَاسٌ يَتَطَ هَّ رُ ونَ (( .<br />
فالطَّ رْ دُ واإلبعادُ عن الوطن سياسةٌ قاسيةٌ<br />
علَى القُ لوبِ ، واإلنسان العاقلُ والسَّ وِ يُّ يستشعرُ<br />
شدَّ ة هذه العُ قوبة ، ألنَّ الفِ طامَ عن املألوف شديدٌ<br />
؛ والفِ راقَ عن األوطان شاقٌ ، ولذلك املَعنى صحَّ<br />
عن رسولِ الهُ دَ ى صلَّى اهلل عليه وسلَّم أنَّ هُ قالَ :<br />
( السَّ فَ رُ قِ طْ عَةٌ مِ نَ العذابِ ، ميَ ْ نَعُ أحدَ كُ م طعامَ هُ<br />
وشرابَهُ ونَومَ هُ ، فإذَا قَضَ ى أحَ دُ كم نَهْ مَ تَهُ مِ نْ<br />
سَ فَ رِ هِ [ أَيْ : مقصوده ] ، فَلْيُ عَجِّ ل إِ لَى أهْ لهِ ) <br />
واحلديث رواه مالكٌ والبخاري ومُ سلم .<br />
الوطنُ هو مَ كَانُ اإلنسان ومَ ستقرُّ إقامته ،<br />
ولهذا املعنَى قالوا بأنَّ اإلخراجَ من الوطن يكون<br />
أصعب من القتل أحيانً ا ، وذلك لدوام تَعَبِ<br />
التَّ هجِ يرِ واإلِ بعادِ ، ولِ دَ وامِ تألُّ مِ النَّ فْ سِ بذلك<br />
يف هذه احلَ ياة ، بخالفِ املوت الَّ ذي ينتهي أمرُ هُ<br />
يف حلَ ظاتٍ يسيرة ، واستدلُّ وا علَى ذلك بقول<br />
اهلل تعالى يف سورة [ البقرة : 191 ] (( وَالفِ تْ نَةُ<br />
أَشَ دُّ مِ نَ القَ تْ لِ (( أَيِ أنَّ املِحَ نَ الَّ تي يُ فتن بها<br />
اإلنسان ؛ كاإلِ خراج من الوطن ، تكون أَصعب من<br />
القتل لدوام تَعبِ ها وتألُّ مِ النَّ فْ سِ بها ، وألجْ ل<br />
ذلك قال اهلل تعالَى يف سورة [ النِّسآء : 66 ] ))<br />
وَلَوْ أَنَّ ا كَتَبْنَا عَ لَيهِ م أَنِ اقْ تُ لُ واْ أَنفُ سَ كُ م أَوِ اخْ رُ جُ واْ<br />
مِ ن دِ يَارِ كم ّ مَ ا فَعَلُوهُ إِ الَّ قَلِ يلٌ مِّ نْهُ م (( ، فاستبان<br />
بذلك معنى التَّ هجيرِ واخلُ روج من الوطن .<br />
روى البخاريُّ وغيرُ ه من حديثِ أنَسٍ رضي<br />
اهلل عنه قال : كان رسولُ اهللِ صلى اهلل عليه وسلم<br />
إذَا قَدِ مَ مِ ن سَ فَ رٍ فأَبصَ رَ جُ درَانَ املدينةِ أَوْ ضَ عَ<br />
نَاقَتَهُ [ أَيْ حَ ثَّ ها علَى السَّ يْ رِ ] ، وإنْ كانتْ دَابَّ ةً<br />
حَ رَّ كَها مِ نْ حُ بِّها . [ أي : مِ ن حُ بِّ املدينة الَّ تي<br />
انتمَ ى إليها ] .<br />
قال احلافظ ابنُ حَ جَ رٍ يف شرح هذا احلديث<br />
: فيه دَاللةٌ على فضل املدينة وعلى مشروعية<br />
حُ بِّ الوطن واحلَ ننيِ إليه أ.ه.<br />
فَحُ بُّ الوطنِ أَمْ رٌ غَ رِ يزِ يٌّ ومطلوبٌ ، وأمَّ ا<br />
حديث ( حُ بِّ الوطن من اإلميان ) فهو حديثٌ<br />
ال يصحُّ ؛ وقد قال السَّ خَ اوِ ي : لَمْ أَقِ فْ عليه<br />
ومَ عناهُ صَ حِ يحٌ . وقد تأوَّ ل بعض أهل العِ لْمِ<br />
معنى احلديث علَى أنَّ هُ ينبغي لكامل اإلميان أنْ<br />
يَعمر وطَ نَه بالعمل الصَّ الح واإلحسان ، ولذلك<br />
اسْ تَحسنَ بعضُ هم معنى احلديثِ .<br />
))) خامتة ((( ؛ اإلِ بلُ حتَ ِ نُّ إلى أوطانها وإن<br />
كان عهدُ ها بها بعيدً ا ، والطَّ ير حتَ ِ نُّ إلى أوكارِ ها <br />
وإنْ كان موضعها مُ جْ دَ بً ا ، وكذلك اإلنسان يَحِ نُّ<br />
إلى وطنِ هِ وإنْ كان غيرُ هُ رُمبَّ ا أنفع له يف وَقتٍ ما<br />
، ويَحِ نُّ كذلك إلى وطَ نِ هِ وإنْ كان مُ بْعَدً ا فيه عن<br />
ممارسةِ ما يُ تقِ نه ، ولقد صَ دق القائلُ :<br />
بالدي وإنْ جارَتْ عَ لَيَّ عَ زِ يزَةٌ *** وأَهْ لِ ي<br />
وإِ نْ ضَ نُّ وْ ا عَ لَيَّ كِ رَامُ . والسَّ الم عليكم .