فٍ
5vVuct
5vVuct
You also want an ePaper? Increase the reach of your titles
YUMPU automatically turns print PDFs into web optimized ePapers that Google loves.
ال"<br />
بسم اهلل الرمحن الرحيم<br />
َ<br />
َ<br />
َ<br />
َ<br />
دَعَوَ ىَآرامية َالقَ رآن َ..َيفَمَ حكمة َالَلَسن<br />
)معاين احلروف املقطعة(<br />
مناد يوما وهو قائم عىل ظهر سفينته أن هلموا أركم اليوم عجبا!<br />
ٍ<br />
حدثني صاحبي قال: نادى<br />
تبذون به من سلفكم، وتفهمون به ما خفي من كالم ربكم. فأقبل الناس إليه عجىل ال يلوون عىل<br />
أحد. حتى إذا استووا عىل ظهر السفينة، وخمرت هبم عباب اليم، قال هلم: إن مراد ربكم ال يفهم عىل<br />
وجهه إال بفهم لسان بني إرم! فلام سمعوا مقالته نظر بعضهم إىل بعض، وحاصوا يبتغون العودة.<br />
فلام مهوا بالكالم قال مشرتطا:<br />
حيدثني اليوم إال عارف<br />
باآلرامية حتى<br />
ال يضيع وقتي، وال أضيع<br />
وقته"، فصار يعرف ب»مش رتط اآلرامية«. وكان الناس منه عىل أصناف: صنف ريض بام قال لعدم<br />
اآللة، وآثر البقاء عىل متن السفينة، بعد أن توسطت هبم من احلرية ُل جا. وصنف أدرك اخلطر وأيقن<br />
وبرهان وإنصاف. لكنه مل يؤبه له، إذ مل يكن عاملا<br />
ٍ<br />
باهلل كة، فرد ما قال صاحب الف لك بعل ٍم وعد ٍل،<br />
بتلك<br />
اللغة امليتة التي قلبتها رصوف الدهر ظهرا لبطن، لكنها رشط البقاء الوحيد. لذا آثر هؤالء حل<br />
أقر ب النجاة وعادوا برغم اغتالم البحر إىل ديار آبائهم ساملني. وبقي صنف ثالث<br />
مستو <strong>فٍ</strong> لرشط<br />
البقاء الذي اشرتطه صاحب<br />
الف لك، لكنه مل ينبس<br />
ببنت شفه، حتى اختلج يف نفوس من معهم:<br />
أهؤالء أحياء فريجون أم أموات فينعون؟ وبات الناس يدوكون ليلتهم.<br />
فلام نظرت إىل حايل أدركت أال نجاة من اهلالك إال باحلراك. فتعلقت بحبل السفينة أهوي إىل<br />
قارب النجاة أبتغي<br />
السالمة. فكنت إذا نظرت إىل املوج اهلادر ترددت، فكنت إذا نظرت إىل أعىل<br />
1
أشفقت عىل من ريض بالبقاء ألنه مل يعلم، وعجبت ملن علم فلم يتكلم، وخيل يل أن السفينة تتجه<br />
إىل احلتف. فظللت معلقا عىل جانب السفينة بحبل األمل، أنظر مرة إىل أعىل ومرة إىل أسفل.<br />
ثم إين استعنت باهلل<br />
وعزمت<br />
عىل<br />
أن أصعد<br />
عىل<br />
ظهر الفلك ثانية<br />
لام<br />
سمعت<br />
»مشرتط<br />
اآلرامية«<br />
يقول:<br />
رضيت بنقاش "علمي لغوي" جمرد، "وكونوا عىل يقني<br />
أنني لن أستحيي من<br />
أن<br />
أقول للجميع: »أنا أخطأت يف هذه أو تلك« إذا تبني اخلطأ، وال أعتربها معيبة أو منقصة." فأكربت<br />
ذلك منه رغم تعجله يف أصل األمر، وعلمت أن املسألة مل حتسم بعد، وأن توجيه املركب إىل بر األمان<br />
غري بعيد. أ. ه.<br />
ثم إن صاحبي أرص عىل أن أعلق عىل ما ادعى »املشرتط«، فكان هذا الذي بني يديك.<br />
2
ر ر<br />
ٍ<br />
»معاين احلروف املقطعة يف القرآن الكريم باآلرامية«<br />
الم:<br />
حتدث<br />
»م شرتط<br />
اآلرامية«<br />
عن احلروف املقطعة يف رسائل صوتية قصرية مجعها حتت عنوان<br />
"<br />
»معاين احلروف املتقطعة ]هكذا[ يف القرآن الكريم باآلرامية«. وكان مما قال: إن احلروف املقطعة<br />
حتمل معان آرامية واضحة جدا" ، 1 وأن هذه املعاين الواضحة جدا رسعان ما لفتت ناظريه دون<br />
تكلف ملا رشع يف دراسة اآلرامية.<br />
لكن<br />
»مشرتط اآلرامية« يف<br />
مقطعه هذا<br />
آثر<br />
االكتفاء بمثال واحد عىل مقولته حتى ال يصدم<br />
املشاهد ب"صواعق" متتالية. هذا املثال هو قوله جل وعال يف مطلع سورة البقرة ويف مواضع أخر:<br />
)الم(.<br />
قال »املشتط«: إن )الم( باآلرامية هي )ألف – المد – ميم(.<br />
وكنت أظنه سيلفظها عىل الطريقة اآلرامية أو ابنتها الّسيانية هكذا )آلَف – المَ ذ –<br />
لسنا يف معرض احلديث عن العربانية هنا. لكنها مسألة يسرية سأجتاوزها عىل كل حال.<br />
ميم ) إذ<br />
قال<br />
»املشتط«: لو نطقت<br />
ككلمة واحدة تصبح )اَل ر م(، وهذه كلمة<br />
ٍ<br />
هذه األحرف اآلرامية<br />
ذات معني يف اآلرامية. وقد وردت يف سفر ]أي كتاب[ املزامري<br />
David( )The Psalms of عىل لسان<br />
(<br />
ملخ داڤيد( – الصواب )هَ مِّ ل ر خ داڤيد( – أو امللك داود عليه السالم.<br />
قلت: أي عالقة لسفر املزامري املسطور بالعربانية<br />
بام تريد أن تثبته من أن )الم( آرامية األصل؟<br />
1<br />
أعدت صياغة كالم املشرتط بالعربية الفصيحة لعدم قبول العامية يف حمكمة األلسن.<br />
3
ر<br />
نول<br />
قال املشتط غري مكتث: وهنا الذي لفتني أن ثمة آية من آيات الزبور ]أو املزامري[ قال فيها<br />
امللك داود عليه السالم: ( َالرم! ش<br />
َمعو َمه<br />
أين أومري لكم(.<br />
و"حتى يصل املعنى بشكل دقيق<br />
ويستيقن كل واحد يسمع هذا الكالم صحته لغويا" كتب املشرتط عىل السبورة )אלם( ثم ضبطها<br />
بالشكل هكذا )אָ לַ ם ֵ( ]مع التباس احلركة األخرية عندي[. ثم كتب كالم امللك داود عليه السالم<br />
يف املزامري عىل هذا النحو )שמעוֵמהֵאניֵאומרֵלכם( وقرأه بالعربانية: )ش مَ ع و مَ ه أين أومري<br />
ل ك م(. ثم قال: )اَلم( معناها: ص ه! أو صمتا ! أو إنصات! وهذا الذي صنعه امللك داود عليه السالم؛<br />
إذ لام وردت كلمة )اَلرم( يف املزامري كان القصد منها: "صَ<br />
متاً! اسمعوا ما أقول لكم."<br />
ويل مع ما قال وقفات:<br />
أوالً: كلمة )אָ לַ ם ֵ( كام ضبطها ال<br />
الصحيحة لقراءهتا يف أول سورة البقرة؟<br />
ٍ<br />
بسكون<br />
ت قرأ )اَلرم( وإنام ر )آلَمي ) بياءٍ مم الة. فهل هذه هي الطريقة<br />
ثانياً: بدا االقتباس العرباين قريبا جدا من اُلر س العريب، ومرد ذلك إىل أنه قرأ كلمة )שמעו(<br />
ع و(؛ والصواب أن تقرأ ر )شم ع و( بالكّس، ألهنا فعل ثالثي بسيط جاء<br />
ٍ<br />
ثم فتحة هكذا )ش مَ<br />
بصيغة األمر، فتكّس فاؤه بحركة »حرييق« )ש ֵ( وتلفظ (<br />
رش(. وأما )לכם( فقرأها بنح ٍو من العربية<br />
هكذا )لك م(، والصواب أن تلفظ )لَخ ر م( باخلاء ال بالكاف، ألهنا جاءت يف وسط الكلمة ومل<br />
يسبقها سكون تام. لكن هذا كله ال يعنيني كثريا،<br />
العرباين تتطلب مراسا .<br />
أثرب فيه عىل املشرتط، فضبط قواعد النطق<br />
ثالثاً: ما يعنيني هنا هو قول »مشرتط اآلرامية« إن الذي لفت ناظريه هو الفقرة التي نقلها لنا<br />
من سفر مزامري داود، وهي قوله عليه السالم: )אלםֵשמעוֵמהֵאניֵאומרֵלכם( وتعني – كام<br />
4
أ)<br />
ترمجها –<br />
)صمتاً! اسمعوا ما أقول لكم(. وأقول له: إن هذا النص برمته ليس له آثر يف سفر املزامري؛<br />
»الكتاب املقدس« Bible( )The Holy<br />
بل ليس يف سف ٍر<br />
من أسفار ما يسمى<br />
البتة.<br />
وليس يف<br />
بنائه<br />
اللغوي ما يوحي<br />
بأنه نص<br />
يف العهد القديم، فقل يل بربك من أين جاء؟<br />
وردت لقد<br />
الكلمة<br />
العربانية<br />
)אלם(<br />
)الم( يف<br />
»الكتاب املقدس« جمردة<br />
)دون<br />
لواحق( يف<br />
عرشة مواضع:<br />
ٍ<br />
ستة منها هبذه الصورة )אֻ לָ ם(<br />
والم(، وتعنى "الر واق" أو "السقيفة".<br />
-<br />
ومرتني<br />
هبذه الصورة )א ל ֵם(<br />
)إرلّيم( بياء ممالة، وتعني<br />
"األخرس"<br />
أو<br />
"العاجز عن<br />
-<br />
الكالم" وسيأيت احلديث عنها لتعلقها بمسألتنا.<br />
- ومرتني هبذه الصورة )א לֶ ם( )إيل ر م( بياء ممالة أيضا؛ واختلف يف معناها بني ما سبق من<br />
معنى اخلرس وبني أن تكون علام عىل شخص بعينه.<br />
فأين منشأ اخللط عند املشتط؟<br />
إن املشرتط – كام يقر<br />
بنفسه –<br />
ليس أول من ذهب إىل أن اآلرامية يمكن –<br />
بزعمه –<br />
أن تفّس<br />
كتاب اهلل<br />
العريب املبني<br />
بشكل<br />
"أفضل".<br />
فقد سبقه إىل ذلك مسترشقون غربيون من أمثال<br />
نولدكه<br />
وكريستوف لوكسمبورج ومنغانا وغريهم. أما من العرب فقط أطل برأسه مؤخرا بروفيسور لبناين<br />
أمريكي<br />
نرصاين<br />
يدعى<br />
»غَ ربيال صوما«، صنف<br />
كتابا يف<br />
آرامية القرآن الكريم لو قرأه سيبويه<br />
النفطر ت خارصته ضحكا. وقد أجرت معه إحدى القنوات حوارا حول موضوع الكتاب، فكان<br />
5
ر<br />
مما سئل عنه الدقيقة 57:35(<br />
)عند<br />
تفسري<br />
)الم( يف أول سورة البقرة، فقال<br />
مشريا إىل كتابه:<br />
"أنا<br />
أرشت هنا إىل موضع »الم« يف الكتاب املقدس" 2 وهذه إشارته:<br />
ثم أضاف: "وقد قرأت للعلامء الباحثني يف هذا املوضوع، فوجدت منهم من يقول: إن معنى<br />
كباحث يف اللغات السامية ال أشجع طاليب إن<br />
ٍ<br />
»الم« هو )إر َمر يل م ريو( أي )قال يل الرب(. ولكن<br />
وجدوا خمطوطة أن يضيفوا عليها حرفا أو ينزعوا منها حرفا... »الم« هي كلمة كتابية )Biblical(<br />
معناها<br />
"صمت".<br />
... إذا نظرت يف كتابي<br />
املزامري وإشعياء<br />
وقرأهتام بالعربية الكتابية ( Biblia<br />
وجدت كلمة<br />
»اَلَم«.<br />
و»اَلَم«<br />
معناها<br />
»صمت«.<br />
عندما<br />
يرشع يف القداس يصعد<br />
...<br />
)Hebraica<br />
الكاهن فيقول: Stop!( )Please! بمعنى: هل يمكن أن تنصتوا؟ ألننا سنرشع يف القداس. ويف هذه<br />
اآلية القرآنية عندما يصعد اإلمام ويقول بأننا سنرشع يف قراءة القرآن الكريم، يقول: ا ل م! أي:<br />
صمت! Silence!( ".)Please!<br />
قارن )باأللوان( بني ما قال صوما وبني قول املشرتط:<br />
"بعض املسترشقني أضافوا إىل »الم« بعض احلروف حتى يصل إىل معنى يقال يف القداس يف<br />
كثري من الكنائس وهو )آمر يل إمرر ي و(. و)آمر يل إمريو( هي اختصار يقال يف بعض القداسات يف<br />
كنائس النصارى ومعناه: )قال الرب يل(. لكني ملا سألت الربوفيسور النرصاين الذي كان يدرسنا:<br />
2<br />
الربوفيسور »غربيال صوما« ال يكاد يفصح عن مراده بالعربية، فوجدتني مضطرا إىل "تعريب" كالمه.<br />
6
مَ<br />
مَ<br />
ر<br />
َا<br />
ٍ<br />
)امر يل امريو( هل هي جذور »الم«؟ قال: ال، فيها إضافات.<br />
إنصات!"<br />
...<br />
)اَل ر م( معناها: ص ه! أو صمتا ! أو<br />
فاملشرتط هنا يشري رصاحة إىل تعلمه اآلرامية عىل يد أستاذ "نرصاين". وهذا األستاذ النرصاين<br />
يقول لتالميذه إن )إرمَ ر يل م ري و( فيها إضافة عىل أصل كلمة »الم« وأنه ال حيبذ ذلك، وهو الكالم<br />
عينه الذي قاله »غربيال صوما« يف حواره.<br />
–<br />
ورأيي –<br />
واهلل أعلم<br />
أن<br />
"الربوفسور<br />
النرصاين"<br />
ليس إال<br />
»غربيال صوما«، وأنه<br />
مصدر<br />
املشرتط يف بعض تفسرياته عىل األقل. لكن املشرتط مل يكن دقيقا يف نقله فاختلطت عليه أمور منها:<br />
أوالً: سمع املشرت ط عبارة )إرمَ ر يل م ري و( اآلرامية فنقلها دون تثبتٍ هكذا: ر )آمر يل إم رر يو( وهو<br />
خطأ.<br />
ثانياً: اضطر إىل تفسري ) –<br />
)الَ<br />
التي قرأها (<br />
لم( –<br />
بعربانية »الكتاب املقدس« ال اآلرامية<br />
التي اشرتطها عىل نفسه، ألن هذا ما صنعه »صوما«.<br />
ثالثاً: اختلط عىل املشرتط حديث الربوفيسور عن عبارة )إرمَ ر يل م ري و( مع حديثه عن ابتداء<br />
القداس بطلب الصمت، فظن أن عبارة )إرمَ ر يل م ري و( تقال يف قداسات بعض الكنائس.<br />
أخرياً: اختلط عىل املشرتط حديث الربوفيسور النرصاين عن صعود الكاهن عىل املنصة وكذا<br />
صعود اإلمام – كام زعم – عىل املنرب وطلبه الصمت قبل قراءة القرآن، اختلط هذا بحديثه عن سفر<br />
مزامري داود عليه السالم وأهنا حتوي كلمة ( َال<br />
(، فظن<br />
أن الذي يصعد وخياطب املأل بقوله )صمتا )<br />
هو داود عليه السالم.<br />
واحلقيقة أن هذا النص ال وجود له يف سفر املزامري، بل ليس يف »الكتاب<br />
7
املقدس« أصال ، كام سبق بيانه. لكنني مل أجد بعد تفسريا إلضافته عبارة )ش مَ ع و مَ ه أين أومري ل ك م(<br />
حمفوظ لديه.<br />
ٍ<br />
إال اختالطها بنص<br />
ثم إن املشرتط أهنى حديثه يف مقطوعته بقوله: ما زلت أبحث يف )الر( و)كهيعص(، عندي<br />
فيها استنتاجات لكنها ليست كاملة. سأسأل عنها املختصني يف اآلرامية حتى يساعدونني فيها. فهل<br />
كان »غربيال صوما« واحدا من هؤالء؟<br />
8
»املعنى الرسياين ل )الم(، )الر(، )طه(، )كهيعص(«<br />
حتت هذا العنوان ويف عرضٍ<br />
أكثر حيوية رد<br />
»مشرتط<br />
اآلرامية«<br />
عىل<br />
من شكك يف<br />
ه وي ته<br />
الدينية، ووعد بأنه إن مكن اهلل له وأتقن اآلرامية بلهجتيها الرشقية والغربية، سينرصف إىل "احلمري ي<br />
وباقي اللغات"، ويعني هبا اللغات العربية اُلنوبية القديمة التي تعرف بالصيهدية كالسبئية واملعينية.<br />
قال ثم<br />
املشتط: إذا تدبرنا كتاب اهلل عز وجل سنجد أنه<br />
"مت َخم<br />
بالكلامت واجلمل العربية<br />
ذات األصول اآلرامية." ووعد بأنه سيبني ذلك "بشكل لغوي وعلمي". ثم أثنى عىل أولئك الذين<br />
نقلوا ما قال إىل أساتذة جييدون اآلرامية فقالوا هلم: "كالمك صح!" وحض عىل أن يصنع هذا هبذا<br />
املقطع أيضا .<br />
قلت: عبارة "متخم" ال ينبغي أن تقال عن كتاب اهلل عز وجل، وهي مع ذلك أبعد ما تكون<br />
عن وصف احلقيقة كام سأبني إن شاء اهلل. وسأحاول بيان ذلك "بشكل لغوي وعلمي" كام اشرتط<br />
هو عىل نفسه. ولعله يعرض الكالم عىل أساتذة اآلرامية ليخربونا أينا أسعد بالصواب.<br />
الم )تتمة(:<br />
يعود املشرتط يف هذا العرض إىل تفسري )الم( التي مل<br />
يتم<br />
احلديث عنها. هذه املرة سيذكر لنا<br />
معنى<br />
ثم الكلمة،<br />
يرينا طريقة كتابتها، ثم<br />
يوثق<br />
ذلك بالبحث عن<br />
الكلمة يف<br />
معجم إلكرتوين عىل<br />
شبكة اإلنرتنت لريى املشاهد بأم عينيه صدق ما يقول.<br />
أ" عرف أهنا صدمة! بس حتملوا!" عىل حد<br />
قوله.<br />
9
يكتب املشرتط الكلمة )אלם( )الم( عىل السبورة. ثم ينتقل إىل املعجم اإللكرتوين فيكتب<br />
الكلمة يف حمرك البحث لتظهر لنا املعاين التالية:<br />
يقرأ املشرتط معاين املفردة األوىل )א לֶ ם(: speechlessness( )silence, دون أن يرتمجها. ثم<br />
يعود ليحدثنا عن ذكرها – املوهوم كام سبق – عىل لسان امللك داود عليه السالم يف سفر املزامري.<br />
10
؛ و(<br />
ويل مع ما قال وقفات:<br />
أوالً: حتدث املشرتط عن آرامية احلروف املقطعة؛ لكنه ملا أراد إثبات مقولته استعمل قاموس<br />
مورفيكس Dictionary( )Morfix<br />
العرباين. وهو كمن يستدل لصحة<br />
بمعجم خمتص باللهجة العراقية. فأين العلمية يف هذا؟<br />
مفردة يف اللهجة املرصية مثال<br />
ٍ<br />
ثانياً:<br />
لنفرتض جدال أن<br />
قاموس<br />
مورفيكس<br />
آرامي<br />
وليس عربانيا، فأين معنى<br />
"صمتا"<br />
فيام<br />
وجد املشرتط فيه من<br />
املعاين ؟<br />
إن معنى<br />
املفردة األوىل )א לֶ ם( عىل القائمة هو: speechlessness( silence,<br />
املشرتط مل يبني<br />
لنا املقصود من الكلمتني اإلنجليزيتني speechlessness( ،)silence, إذ ليس املراد من كلمة )silence(<br />
يف هذا السياق الصمت<br />
الطوعي<br />
أو اإلنصات،<br />
وإنام<br />
»الوجوم«<br />
أو<br />
»عدم القدرة عىل الكالم«، كام<br />
توضحه كلمة .)speechlessness(<br />
وهذا املعنى تؤكده<br />
كلمة<br />
)א ל ֵם( التي عرضها<br />
القاموس<br />
يف<br />
السطرين الثاين والثالث، حيث تعني "األخرس" أو "األبكم"<br />
.)mute(<br />
ثالثاً: أصل كلمة )الم( يف<br />
العربانية واآلرامية<br />
ال َشد<br />
3<br />
والعقد والضم.<br />
ولذا اشتق منها يف<br />
العربانية )אֵַל ֵ םיֵ<br />
)<br />
)ألِّيم(، ويف اآلرامية )אַ לָ ם( )أالّ م(، بمعنى "الشديد" أو "القوي". ويقابلها يف<br />
َلم( ؛ إذ يشتق منه )ال َول م( أي القيد، واحلبل الذي ي ش د. ومنه )الوليمة( ملا فيها من<br />
العربية اُلذر )وَ 4<br />
االجتامع؛<br />
وكذا<br />
)الوَ لمة(<br />
التي هي<br />
5<br />
متام اليشء واجتامعه.<br />
ويف السبئية )الم( )الم( بمعنى<br />
3<br />
Koehler & Baumgartner. The Hebrew and Aramaic Lexicon of the Old Testament (Leiden: Brill, 2001),<br />
4<br />
قد تقابل الواو يف العربية األلف يف العربانية كام يف )אגד "أجد"( و)وَ جَ د( بمعنى الشد والضم واإلحكام.<br />
5<br />
ابن منظور، »لسان العرب«، مادة )ولم(.<br />
vol. I, p. 57.<br />
11
ح ث7<br />
معان تدور – كام ترى –<br />
ٍ<br />
"الوليمة"، و)المت( )ألمة أو أملت( بمعنى "القرناء والرشكاء" ، 6 وكلها<br />
حول الشد والعقد والضم كام بين ا.<br />
ولكن ما عالقة هذه املعاين املشرتكة بني اللغات السامية )أو باألحرى العربية القديمة( وبني<br />
معنى اخلرس<br />
أو البكم؟ يبني هذا احلاخام<br />
»ماتيتياهو كالرك« يف كتابه<br />
»املعجم التأثييل للعربية<br />
الكتابية«<br />
ي<br />
يرشح معنى اخلرس حتت مادة )אלם( بقوله dumb( )being tongue-tied; وتعني<br />
.)to bind(<br />
"معقود اللسان؛ أخرس"، فهو<br />
معنى<br />
مرتبط<br />
بالعقد<br />
أيضا<br />
وجاء يف<br />
»معجم<br />
حرفيا :<br />
جيزنيوس العرباين-الكلداين«،<br />
الذي هو عمدة<br />
عند علامء الساميات،<br />
تفسري<br />
)אלם( بكون املرء<br />
"صامتا أو أبكم كام لو كان معقود اللسان":<br />
6<br />
بيستون وآخرون »املعجم السبئي«، مادة ،)ʾLM( ص 5.<br />
7<br />
Matityahu Clark. Etymological Dictionary of Biblical Hebrew (Jerusalem: Feldheim Publishers, 1999), p.<br />
10.<br />
12
و،<br />
فكل<br />
وقد أكد جيزنيوس هذا املعنى بمقارنته بالكلمة العربية )بكم(، كام استدل هلذا املعنى بسفر<br />
إشعياء )53: 7(. ويف هذا رد عىل "الربوفيسور" »غربيال صوما« الذي حاول أن جيد يف نص إشعياء<br />
)7 :53(<br />
القائل »كنعجة )נֵֶאֱ לָ מֵָה( أمام جا ِّزهيا ...« معنى اإلنصات والصمت والسكون؛ مع أن<br />
املقصود "عجامء"<br />
ب" كامء" كام هو ظاهر السياق.<br />
فعلم أن معنى »اخلرس« إنام استعري من أصل العقد والربط؛ ولذا وصفت كلمة )א לֶ ם( يف<br />
قاموس مورفيكس الذي استعان به املشرتط ب"املنمقة" ،)flowery( ألن هلا معنى غري املعنى األصي<br />
مستعارا<br />
من العقد bind( )to أن معنى اإلنصات ليس هو املقصود يف معاجم العربانية واآلرامية،<br />
وإنام اخلرس والعي<br />
الذي هو انعقاد اللسان عن الكالم أو البيان.<br />
أرسد وهنا<br />
نصوص<br />
»الكتاب<br />
املقدس« التي وردت فيها كلمة )אלם( جمردة من اللواحق، وفقا لرتمجة »ڤان دايك« العربية الشهرية:<br />
»فَقَالَ لَه الرَّ ب : مَ ن صَ نَعَ ل ر إلرن سَ ر ان فَامً ؟ أَو مَ ن يَص نَع أَخ رَ<br />
َس أَو أَصَ مَّ أَو ر بَص ريً ا أَو أَع مَ ى؟<br />
.1<br />
أَمَ ا ه وَ أَنَا الرَّ ب ؟« ]تكوين 11[ 4:<br />
...« .2<br />
ل ر قَائ ر ر د املن ر ش ر د ينَ عَ َلَ َ احل امَ مَ ةر<br />
ر<br />
ال بَك امَ ء«. ]مزامري 56[ ]من ترمجة »كتاب احلياة« لغياب النص يف ترمجة »ڤان دايك«[<br />
»أَحَ قا براحل<br />
ِّق األَخ رَ<br />
رس تَتَكَ لَّم و َن ...؟«<br />
]مزامري ]2 :58<br />
.3<br />
»ح ر ينَئ ر ذ يَق ف ر ز األَع رَ ج كَاإلريَّلر وَ يَتَ َنَّم ل ر سَ ان<br />
األَخ رَ رس«. ]إشعياء 6[ 35:<br />
.4<br />
أما بقية املواضع فجاءت بمعنى "الرواق".<br />
)56<br />
وقد استشهد<br />
»غربيال صوما«<br />
بالنص الثاين<br />
)املزمور<br />
ليتوصل إىل معنى الصمت<br />
.<br />
واإلنصات<br />
مع بعده،<br />
كام استشهد قبل بسفر إشعياء<br />
،)7 :53(<br />
لكنهام مل حيققا له ما ت<br />
بل إن<br />
بعض معاجم اآلرامية املعتربة ال تذكر معنى الصمت أصال، كمعجم اآلرامية البابلية لسوكولوف<br />
13
ىعن<br />
Aramaic( A(، Dictionary of Jewish Babylonian والقاموس الّسياين الذي كتبه ابن هبلول<br />
)ܠܗܟܣܝܩܘܢ ܣܘܪܝܝܐ ܕܒܪ ܒܗܠܘܠ( وصار مرجعا للمسترشقني.<br />
فأين معنى )صمتا!( أو )Please!( يف هذا كله؟ وأي<br />
هذه املعاين<br />
أليق<br />
باحلروف املقطعة يف<br />
مطلع سورة البقرة؟ أيقال ملستمع القرآن: )اخرَ س! ذلك الكتاب ال ريب فيه(؟ نعوذ باهلل من عل ٍم<br />
ال ينفع.<br />
هذا كله إنام أوردته تن ز ال،<br />
لئال يقال حاد عن جواب الدعوى. وإال فمجرد اعتامد املشرتط<br />
مرجعا غري آرامي سواء كان هذا املرجع<br />
»قاموس مورفيكس«<br />
أم »سفر املزامري«<br />
ي سقط دعواه من<br />
أوهلا. وإنام أطلت يف جواب )الم( ليعلم أن هذه املباحث اللغوية ال حيكم فيها بالظنون واألوهام،<br />
بل تتطلب حتريا ودقة، فكيف إذا تعلقت بتفسري كتاب اهلل عز وجل.<br />
كهيعص:<br />
حتدث »مشرتط اآلرامية« بعد )الم( عن تفسري )الر( و)طه(. لكنني سأرجئ احلديث عنهام<br />
وأقدم احلديث عن )كهيعص( الرتباط األخرية ب )الم( يف أمر سأفصح عنه فيام بعد.<br />
استهل املشرتط حديثه بقوله: "هذي أكثر يشء مطلوب معناها." ثم أضاف بأن )كهيعص(<br />
يف أصلها اآلرامي تتألف من كلمتني )كه( و )يعص(، وكتبهام عىل السبورة هكذا: )כהֵיעץ(. فلام<br />
أراد إثبات قوله عاد إىل قاموسه العرباين يبحث فيه عن كلمة آرامية!!! وبالفعل، كان م<br />
)כה(<br />
جليا يف العربانية: so( )Biblical: thus,<br />
أي<br />
"هكذا". ثم أضاف<br />
بأن كلمة<br />
)Biblical( تعني أهنا<br />
مستعملة يف »الكتاب املقدس«، وص دق. ثم صنع مع )יעץ( )يعص( مثلام صنع مع )כה(، فكان<br />
املعنى جليا أيضا : advise( )to وتعني "وعظ" أو "أشار ب". فام اإلشكال يف هذا، إذن؟<br />
14
صيع<br />
وعظ"(،"<br />
لن أحتدث هنا عن اُلانب الرشعي بسبب ما اشرتطت عىل نفيس منذ البدء، لكنني سأناقش<br />
ما قال املشرتط من منظور لغوي رصف.<br />
أوالً: إن اللجوء إىل قاموس عرباين إلثبات آرامية القرآن خمالف ألبسط قواعد البحث العلمي<br />
املحايد، مع إقراري<br />
بأن بعض أسفار »الكتاب املقدس« )دانيال وعزرا ومواطن أخرى قليلة( دونت<br />
باآلرامية. وعليه فإين سأقبل – تنز ال – استشهاد »مشرتط اآلرامية«<br />
بقاموسه لئال يتشعب النقاش<br />
دون طائل، مع التنبيه عىل أن كلمة )כה( )كه( عندما وردت يف آرامية العهد القديم – كام يف قول<br />
دانيال )7: 28( )עַ ד־כָ הֵסֹופָ אֵד י־מ לְּ תָ א( )عذ-َ<br />
كَه سوفا<br />
"هكذا". لكنني سأغض الطرف عن هذا كله حتى ال أ ع د مماحكا .<br />
ر<br />
ذي م ر لثا( – كان معناها "هنا" وليس<br />
.)<br />
|<br />
ثانياً:<br />
يقول مشرتط اآلرامية إن )كهيعص(<br />
مؤلفة من<br />
كلمتني آراميتني مها<br />
)كه<br />
لكن الناظر يف املعاجم املختصة بدراسة »الكتاب املقدس« سيفاجأ بأمر غريب. ف»معجم جيزنيوس<br />
العربي-الكلداين« )= اآلرامي(، عىل سبيل املثال، ينص بالفعل عىل أن )יעץ( تعني advise( = to<br />
لكن الغرابة تكمن يف ترصحيه بأن الكلمة ليست آرامية وإنام عربانية؛ وأن صورة املقابل<br />
اآلرامي )الكلداين( هي )ي َعط( بالطاء )יְֵּעט(،ֵַ<br />
ال بالصاد كام قيل لنا!<br />
15
ٍ<br />
أخذت مرجعا معتربا آخر هو املعجم احلجة ( and The Brown-Driver-Briggs Hebrew<br />
)English Lexicon<br />
لعي أجد ما أسوغ به دعوى آرامية فواتح سورة مريم. فوجدت ما يي:<br />
وجدت ما ي عزز أن الكلمة اآلرامية تكتب بالطاء )יְּעַ ט( ال بالصاد )יעץ(!<br />
قلت لعل هذا خاص<br />
باستعامل<br />
»الكتاب املقدس«،<br />
ومددت يدي<br />
إىل معجم شهري جدا ال<br />
جيهله من درس العربانية، فهو ال يدع شاذة وال فاذة إال أتى عليها، كام أنه يعتني بذكر املشرتك بني<br />
اللغات السامية؛ هذا املعجم هو )מ לֹוןֵאֶ בֶ ןֵׁשֹוׁשָ ן( »معجم إڤ ر ن شوشان« )عربي-عربي(. قلبت<br />
صفحات هذا السفر الضخم فوجدت ما يي:<br />
َعظ ...[.<br />
ومعناها: يعص<br />
]ذات صلة<br />
ب عوص؛ اآلرامية: يعط؛ العربية:<br />
َو<br />
16
ر<br />
عجبا! إن »مشرتط اآلرامية« مل ي عل منا – أو لعله مل ي علم – أن اآلرامية تستلزم أن تكون فواتح<br />
سورة مريم )كهيعط( بدال من )كهيعص(.<br />
لن أعتمر هنا عاممة الواعظ فأحتدث عام ينبغي أو ال ينبغي يف تفسري كتاب اهلل عز وجل، فقد<br />
اشرتطت عىل نفيس أال أجتاوز مهمتي اللغوية كام أنني لست من علامء الرشيعة. لذا سأغمض عيني<br />
وأقول: لعل اآلرامية استعارت )יעץ( )يعص( فيام بعد، ولن أدقق كثريا.<br />
ثالثاً: لو سلمنا جدال بأن )كهيعص(<br />
ذات أصلٍ<br />
عرباين وأن<br />
»مشرتط اآلرامية«<br />
إنام أراد<br />
العربانية فأخطأ التعبري، مل يكن يف ذلك حجة. ألن صيغة )يَعَص( )יעץ( هي صيغة املايض يف<br />
العربانية،<br />
فالياء أو ال)يود(<br />
ليست ياء<br />
مضارعة وإنام هي من أصل الكلمة، حاهلا حال الواو يف<br />
)وعظ(. فيكون معنى العبارة )هكذا َو َعظ( ال كام ظن املشرتط )هكذا يَعظ(.<br />
رمحة ربك عبده زكريا(؟ وهل<br />
ر<br />
ذكر<br />
رابعاً: ما املعنى الذي يستفاد من قولنا: )هكذا وعظ ر<br />
)ذ ر كر(<br />
هنا فاعل للفعل )وعظ(، أم خرب ملبتدأ حمذوف تقديره )هكذا وعظ <br />
]هذا[<br />
ذ ر كر رمحة<br />
ربك(؟ أليس قيل لنا: إن احلروف املقطعة "حتمل معان آراميةً واضحة جداً"؟ فال هي آرامية وال<br />
هي واضحة!<br />
أخرياً:<br />
أقول ملشرتط اآلرامية: حدثتنا عن<br />
"صواعق"، وآن لك أن تتعرف عىل الصاعقة<br />
احلقيقية التي ال أظنك تقبلها بحال؛ "صدمة! بس حتمل!"<br />
17
ت يف »شف<br />
دراسة يف جملة Review( )The Jewish Quarterly<br />
كتب احلاخام اليهودي<br />
»جوزيف<br />
مان«<br />
8<br />
بعنوان "مصنف حج اجي ضد القرائني وطوائف أخرى". نرش احلاخام يف هذه الدراسة نصا عربانيا<br />
كان من بني النصوص التي اكت<br />
جنيزة القاهرة« يعود إىل كاتب هيودي جمهو ٍل عاش يف القرن<br />
احلادي عرش أو الثاين عرش امليالدي. ينعي فيه الكاتب ختاذل اليهود عن أداء رسالتهم، وتأثرهم بمن<br />
حوهلم من النصارى واملسلمني، وأهنم مل يقتدوا ب"األحبار اليهود العرشة" الذين كانوا من أصحاب<br />
لكنهم نرصوا ملة هيود؛<br />
ولذا<br />
ي عرف النص باسم<br />
»قصة أصحاب حممد« .<br />
وهاك ما<br />
حممد )(<br />
يعنينا من النص بالعربانية ثم ترمجته بالعربية.<br />
8<br />
Joseph Mann, “A Polemical Work against Karaite and Other Sectaries”, The Jewish Quarterly Review,<br />
New Series, Vol. 12, No. 2 (University of Pennsylvania Press, Oct., 1921), pp. 123-150.<br />
18
"... وكام صنع الذين جاءوا من بعدهم مع راعي الغنم 9 يف املوضع املعروف باُلبل احلديث. 10<br />
وكان شأنه مع الراهب الذي كان يف املوضع الذي يقال له »بلقني« 11 عىل العمود الذي يعرف بعالمة<br />
الشمس؛<br />
]و[مع األحبار العرشة:<br />
أبراهام<br />
الذي يقال له<br />
»كعب األحبار«؛<br />
وأبشالوم<br />
الذي يقال له<br />
»عبد اهلل بن سالم«؛<br />
ويعقوب<br />
الذي يقال له<br />
»ع مر الشهيد«؛<br />
ويو َحنَّان<br />
الذي يقال له<br />
»املنهزم إىل<br />
اُلنة«؛ وأصحاهبم كل باسمه وك نيته، ]أولئك[ الذين جاءوا إليه وعملوا له آية »القالون« ( הֵקלון(،<br />
12<br />
وكتبوا وركبوا أسامءهم واحدا واحدا، وهكذا مكتوب ب חףֵגץ البقرة )ככהֵיעצוֵחכמיֵישֵ<br />
לאלםֵהרשע(. وكان كل هذا حتى يكون سببا خلالص شعب الرب، كيال يؤذهيم ببهتانه."<br />
حاشاه -<br />
بأيب هو وأمي – وكذبت هيود.<br />
هذه هي القصة التي افرتاها هؤالء الب هت عىل النبي وصاحبه عبد اهلل بن سالم . وقد<br />
جاء يف كتاب »إفحام اليهود« للحكيم السموأل املغريب – وكان من كبار أحبار اليهود قبل إسالمه –<br />
ما يشري إىل مثل ما ورد يف هذه القصة املفرتاة. فقد ذكر املغريب حتت<br />
اإلسالم« ما يي:<br />
»فصل فيام<br />
يعتقدونه يف دين<br />
»هم يزع مون أن املصطفى صىل اهلل عليه وسلم ورش ف وعظم وكرم كان قد<br />
رأى أحالما تدل عىل كونه صاحب دولة، وأنه سافر إىل الشام يف جتارة خلدجية<br />
رضوان اهلل عليها،<br />
واجتمع بأحبار اليهود وقص عليهم أحالمه فعلموا أنه<br />
9 راعي الغنم: يعني به صفوة اخللق حممد .<br />
10<br />
اجلبل احلديث: لعل املقصود منه »جبل النور«.<br />
11<br />
بلقني: هي البلقاء بأرض الشام.<br />
12 مل أفهم ما ترمز إليه هاتان الكلمتان. وركاكة األسلوب عائدة إىل ركاكة األصل.<br />
19
صاحب دولة، فأ صحب وه 13 »عبد اهلل بن سالم«، فقرأ عليه علوم التوراة وفقه ها<br />
م دة . زعموا وأفرطوا يف دعواهم إىل أن نسبوا الفصاحة املعجزة التي يف القرآن<br />
14<br />
إىل تأليف عبد اهلل بن سالم.«<br />
ثم فّس السموأل كلمة خطرية وردت يف النص العرباين أعاله هي<br />
كلمة<br />
»القالون«<br />
( הֵקלון("، فقال: "وأما القرآن العظيم فإهنم يسمونه فيام بينهم »قالون«، وهو اسم للس وءة بلساهنم،<br />
يعنون بذلك أنه عورة املسلمني."<br />
لكننا مل نفّس بعد ما أخفاه الكاتب يف الكلامت التي آثرت أن أبقيها بحروفها العربانية. يقول<br />
الكاتب<br />
اليهودي<br />
اليهود إن<br />
بعد أن لفقوا<br />
القالون )يعني<br />
به<br />
»القرآن العظيم«(<br />
دسوا أسامءهم<br />
فيه،<br />
وجعلوا شاهد ذلك يف العبارة التالية: )ככהֵיעצוֵחכמיֵישֵלאלםֵהרשע(، وإليك تفصيلها:<br />
ֵ<br />
ֵ<br />
ֵ<br />
ֵ<br />
ֵ<br />
النص<br />
כֵכהֵֵ<br />
יעצוֵ<br />
חכֵמֵיֵ<br />
ֵישֵ<br />
לאלםֵ<br />
הרשע<br />
القراءة<br />
ككه<br />
يعصو<br />
حخمي<br />
يس<br />
لالم<br />
هرشع<br />
املعنى<br />
هكذا<br />
وع َظ<br />
حاخامات<br />
إرسائي َل<br />
األبك َم<br />
األثي َم<br />
-<br />
الرمز<br />
كه<br />
يعص<br />
حم<br />
يس<br />
الم<br />
ذ َّكر َك فهل<br />
هذا بيشء؟<br />
أشري هنا إىل أن حريف )יש( مها اختصار لكلمة )י שְֵּרָ א ל( أي<br />
"إرسائيل" كام رصحت به بعض النسخ. وأما )הרשע( )هَ َر َشع( فال أدري إن كانت ترمز إىل فواتح<br />
سورة ما، أم أهنا عىل ظاهرها. كام أن يف النص بيانا ألمرين مهمني.<br />
ٍ<br />
أوهلام: أن الفعل )יעץ( )يَ َعص(<br />
13<br />
أي جعلوه صاحبا له.<br />
14<br />
السموأل املغريب، إفحام اليهود )بريوت: دار اُليل، 1410 ه( ت. د. الرشقاوي، ص 157. 146،<br />
20
ا)<br />
جاء هنا بصيغة املايض وهو ما يؤيد ما أسلفنا من أن معناه )وعظ( وليس )يعظ(. واآلخر: أن كلمة<br />
)אלם( )الم( إنام يراد منها األبكم العيي عىل ما سبق بيانه، وليس فيها معنى السكوت واإلنصات.<br />
هنا يستبني لطالب احلق أصل ما شاع بني الناس من تفسري<br />
)الم( و )كهيعص( ونحومها<br />
اعتامدا<br />
عىل اللغة اآلرامية )أو<br />
العربانية يف احلقيقة(، وأن ذلك<br />
من أكاذيب اليهود<br />
وافرتاءاهتم<br />
منذ<br />
القرن اخلامس أو السادس اهلجري؛ فال ثمة "اكتشاف" وال "ف تح" وال علم مل يعلمه سلف األمة،<br />
وإنام قول عىل اهلل وعىل كتابه بغري علم.<br />
الر:<br />
بقي من مجلة احلروف املقطعة التي فّسها مشرتط اآلرامية )الر( و )طه(.<br />
( אֵלר(.<br />
|<br />
قال املشتط: إن<br />
)الر(<br />
أو )אלר(<br />
تتألف من<br />
مقطعني:<br />
لر(<br />
األلف فأما<br />
)א(<br />
لوحدها فتعني powerful( )strong, mighty,<br />
أو "قوي" أي<br />
"عزيز". وأما )לר( –<br />
التي ذكر بأن<br />
نطقها احلقيقي هو )لري( – فتعني "تأمل!"<br />
أو "تب رص !".<br />
قلت: قوله إن األلف )א( لوحدها تعني powerful( )strong, mighty, أي "قوي" أو "عزيز"<br />
مل أجد له أثرا يف املعاجم املعتربة، وال أدري من أي املصادر اقتبس هذا املعنى، إال إذا كان املراد معنى<br />
كلمة )أ لف( يف الكنعانية القديمة، وهو »الثور«، وأنه كني هبا عن القوة. لكن هذا بعيد، وهو جمرد<br />
ختريج مني لقول املشرتط.<br />
21
ط)<br />
ٍ<br />
ر<br />
وأما قوله: إن )לר( تلفظ )لري( وأهنا تعني "تأمل!"<br />
أو "تب رص !"، فأدع للمشرتط إثباته، ألين<br />
قلبت حروف<br />
)אלר( ظهرا لبطنٍ<br />
عىل اختالف ما أمكنني من ترصيفها<br />
)لر، الر، الر، لور، لري،<br />
...<br />
إلخ( فلم أهتد إليها قط فيام بني يدي من معاجم اآلرامية والعربانية.<br />
لرؤية(؛ وهي مصدر الفعل )ראה(<br />
ر<br />
وكنت أظن أن املشرتط إنام أراد )לראות( )ل ر رأوت( )=<br />
)رأه( مسبوقا بالالم، ويقابله يف العربية الفعل )رأى(، وقد يؤدي معنى النظر والتأمل وفقا لقاموس<br />
مورفيكس الذي يرجع إليه. وال دليل فيه البتة، فإن الالم ليست من أصل الكلمة.<br />
لكنني قرأت له مؤخرا كالما يشري فيه إىل مصدر<br />
( ريل ) وأهنا "دارجة بني رس يان ريف دمشق<br />
–<br />
أهنا )تأمل("، وبام أهنا دارجة<br />
فلن جتدها<br />
يعتذر كام<br />
– يف معاجم الّسيانية<br />
ألهنا<br />
أشبه بعبارة<br />
)wanna(<br />
معجم<br />
العامية اإلنجليزية. لكن هذا غري صحيح، فكلمة<br />
إنجليزي معترب .<br />
)wanna(<br />
اإلنجليزية ال يكاد خيلو منها<br />
أرأيت كيف<br />
عد ل<br />
املشرتط إىل<br />
تفسري القرآن بعامية<br />
ٍ<br />
مبتذلة<br />
بعد أن زعم<br />
اعتامد<br />
عىل القرآن<br />
اآلرامية القديمة؟ فهل عجز اهلل – تبارك وتعاىل عن ذلك علوا كبريا – أن يبني مراده إال بالدارجة<br />
الّسيانية؟ وهل هذا هو القرآن الذي قال اهلل<br />
عنه (<br />
لَو أَن زَ ل نَا هََٰ ذَ ا ال ق ر آنَ عَ َلَ َٰ جَ بَل لَرَ أَي تَه خَ اش ًعا<br />
م تَصَ دِّ عً ا ر من خَ ش ر يَة اهللَّر(؟ وهل<br />
يقبل أحدنا أن يقال له إن الكلمة العامية<br />
)شوف!( مثال<br />
وردت يف<br />
سورة كذا وكذا؟ نعوذ باهلل من ذلك.<br />
طه:<br />
بقي أن أختم ببيان ما قيل يف تفسري )طه(. فهذا املشرتط يكتبها باحلرف املربع هكذا<br />
)טה(،<br />
ثم يقول بأهنا كلمتان. أما )ט( )<br />
فتعني الطني، وهو –<br />
كام يقول – استعامل قديم يف الثقافات<br />
22
ط)<br />
الّسيانية واآلرامية والعربية.<br />
وأما )ה( )ه ) فهي ذات صلةٍ بالكلمة اإلنجليزية ،)Hey!( أي أهنا<br />
حرف نداء.<br />
قلت: يل مع هذا وقفات.<br />
أوال:<br />
) ال تعني<br />
)الطني( يف اآلرامية بحال من األحوال، ومل يرد هذا املعنى يف املعاجم<br />
املختصة باالستعامالت القديمة أو احلديثة، وإثبات ذلك دونه خرط القتاد، وهو ما سأبينه بعد قليل.<br />
ثانياً: ال يليق أن يقال إن )ه( يف )طه( ذات صلةٍ بالكلمة اإلنجليزية )Hey!( فهذه األخرية<br />
عامية مبتذلة ال يستعملها للنداء إال رعاع األعاجم.<br />
ثالثاً: )הֵָ( التي أصل ها )הָ א( )ها( ال تستعمل يف اآلرامية للنداء وإنام للتنبيه، وتكون يف أول<br />
اُلملة ال آخرها. ويقابلها يف اإلنجليزية )Lo!( أو )Behold!( ال .)Hey!( أما يف العربية فيقابلها )ها(<br />
كام يف قول اهلل تبارك وتعاىل: )هَ ا<br />
األول:<br />
ر<br />
أَن ت م أ والَ ء ر حت ر ب وَنَ م وَ الَ ُي ر ب ونَك م وَ ت ؤ م ر ن ونَ برال ك ر تَابر ك لِّه(؛ وقول<br />
فَها أَنا تائ ر ب ر من ح بِّ لَي َل<br />
فَام لَكَ ك لَّام ذ ك ر رَ ت تَذوب<br />
رابعاً:<br />
إنام انتقل معنى )الطني( إىل حرف )ט( )ط( يف العربانية نتيجة تالعب الباطنيني اليهود<br />
باسم هذا احلرف يف األبجدية العربانية. فاسمه الصحيح يف العربانية )טית( أي )طيث( بالثاء، لكن<br />
الباطنيني القباليني الذين حياولون إجياد أرسار موهومة يف أحرف العربانية يعدلون عن ذلك إىل قراءته<br />
بالطاء هكذا )טיט( )طيط( وتعني الطني أو احلمأ. لكن أحدا ممن جييد العربانية أو اآلرامية ال خيالف<br />
23
ٍ<br />
טטי<br />
ر<br />
يف أن بني الكلمتني بعد املرشقني يف املعنى، فاألوىل تعني )طني( والثانية جمرد حرف، أو أهنا )دوالب(<br />
يف الكنعانية القديمة.<br />
وعليه فإن كان قصد املشرتط أن صوت احلرف )טֵָ( )طا(َ<br />
العرباين أو اآلرامي يعني )طني(<br />
فقد أبعد النجعة وأغرق يف النزع، فهذا غلط حمض؛ فكلمة )طني( تقرأ )ط ر يط( ال )طا(َ<br />
كام بينت.<br />
وإن قصد أن احلرف )ط( جمرد رمز لكلمة )طني( فقد خالف مبدأه الذي هو عدم زيادة أحرف عىل<br />
الذي بني يديه، كام قال عن )إمر لي مريو(. وإن قال إن )ط( هو حرف )טית( )طيث( يف العربانية<br />
واآلرامية سواء بسواء، لزمه أن يقرأ اآلية هكذا )طيث - ها( بدال من )طا - ها(<br />
حرف )טית( )طيث( يساوي كلمة<br />
( )<br />
(<br />
طيط(، فهو حتريف وختريف.<br />
وأما. القول بأن<br />
أما ما نسب إىل ابن عباس فقد ضعفه مجع من أهل العلم وليس هذا موضعه.<br />
ختاماً أقول، كنت قد عقدت العزم عىل مناقشة كل ما ذكر املشرتط من أمثلة )أحد، صمد،<br />
جهنم، إلخ(، لكنني رأيت أن أقترص عىل احلروف املقطعة، طمعا يف أن يكون يف ذلك غنية عن ذكر<br />
الباقي. فإن دعا األمر يف قابل األيام إىل إمتام ما بدأت أمتمته يف حينه إن شاء اهلل.<br />
اهلل أسأل<br />
أن يغفر يل وألخي، وأن جيعل ما قلته زادا إىل حسن املصري إليه،<br />
وعتادا إىل<br />
يمن<br />
القدوم عليه،<br />
إنه بكل مجيل كفيل، وهو حسبنا ونعم الوكيل.<br />
كتبه<br />
فيصل بن عيل الكاميل<br />
»مركز الفكر الغريب«<br />
1437/1/14 ه<br />
24