أوراق عمل المؤتمر السادس

– ب
– 2
– 3
اإلمامة(،‏ ثم نقل هذه اإلدانة عن طريق أبواق البالط كالخطباء ووعاظ السالطين والجواسيس وبذلك يسجل لنفسه
انتصارً‏ ا على خصمه.‏
يدخل اإلمام عليه السالم مجلس الخليفة،‏ وخالفًا لما اعتاده الداخلون من السالم على الخليفة بإمرة المسلمين،‏ يتوجه
إلى كل الحاضرين،‏ ويشير إليهم جميعًا ويقول:‏ ‏"السالم عليكم"،‏ ودون أن ينتظر اإلذن بالجلوس يأخذ مكانه في
المجلس،‏ وهذا الموقف من اإلمام عليه السالم أضرم نار الحسد والحقد في قلب هشام،‏ فبدأ هشام على الفور يقول
لإلمام عليه السالم:‏ " يا محمد بن علي ال يزال الرجل منكم قد شق عصا المسلمين ودعا إلى نفسه وزعم أنه اإلمام
سفهًا وقلة علم"‏ واستمر يوبخ اإلمام عليه السالم.‏
وبعد هشام أخذ أفراد بطانته يرددون مثل هذه التهم والتوبيخ،‏ واإلمام عليه السالم ساكت في كل هذه المدة ومطرق
بوقار ينتظر فرصة اإلجابة،‏ وحين أفرغت البطانة ما في كنانتها وخيم السكوت على المجلس نهض اإلمام عليه
السالم وتوجه إلى الحاضرين وبعد أن حمد هللا وأثنى عليه وصلى على نبيه،‏ خاطب المجلس بعبارات قصيرة
قارعة بين تفاهة هذه البطانة وانقيادها البهيمي كما بين فيها مكانة أهل البيت عليهم السالم وفق معايير إسالمية،‏
واستخف بكل ما يحيط بالخليفة وحاشيته من هيل وهيلمان ومكانة وسلطان،‏ فقال عليه السالم:‏ ‏"أيها الناس!‏ أين
تذهبون؟ وأين يراد بكم؟ بنا هدى هللا أولكم،‏ وبنا يختم آخركم،‏ فإن يكن لكم ملك معج ل،‏ فإن لنا ملكًا مؤجالً‏ ، وليس
بعد ملكنا ملك،‏ ألنا أهل العاقبة.‏ يقول هللا عز وجل:‏ والعاقبة للمتقين"‏
في رواية أن اإلمام الباقر والصادق عليهما السالم حجا بيت هللا حتى إذا بلغا المسجد الحرام،‏ واأللوف من
الناس محتشدين في المسجد،‏ وبحضور هشام بن عبد الملك،‏ وقف اإلمام الصادق عليه السالم وبمحضر من أبيه
عليه السالم يوضح لهم المفهوم الشيعي عن أهل البيت ويقول لهم بكل صراحة،‏ بأنهم هم الذين يتمتعون بهذه
الصفات والخصوصيات،‏ وهم أصحاب الزعامة الروحية واالجتماعية في المجتمع وهم وارثوه الحقيقيون،‏ فقال
عليه السالم رافعًا عقيرته:‏ ‏"الحمد هلل الذي بعث محمدًا بالحق نبيًا،‏ وأكرمنا به،‏ فنحن صفوة هللا على خلقه،‏ وخيرته
من عباده،‏ فالسعيد من تبعنا،‏ والشقي من عادانا وخالفنا".‏
استخدام حلقات الدروس والتعليم كوسيلة للمعارضة،‏ وهذا األمر ظهر بوضوح في حركة اإلمام الصادق عليه
السالم العلمية فكما هو معلوم فإن العلوم الفقهية والفكرية التي يلقيها اإلمام الصادق عليه السالم تختلف عما كان
ينشره الفقهاء والعلماء التابعيين للجهاز الحاكم وهذا االختالف لم يكن اختالفًا فكريًا عقائديًا فحسب،‏ بل كان اختالفًا
يعبر عن محتوى هجومي معارض ولكن بأسلوب سلمي محض.‏
رفض الثورات التي تقوم على أساس المصالح الشخصية وإعالن البراءة منها،‏ وأبرز ما نقله التاريخ في ذلك
هو موقف اإلمام جعفر الصادق عليه السالم حين رفض رفضًا قاطعًا المشاركة في الثورة التي نشبت إلسقاط الحكم
األموي والتي قادها العباسيون
26