طريق التمكين

َّ
طريق التمكين ١٨
صلى االله عليه وسلم من اقتصاره في مكة على الدعوة،‏ ولم يقم بأية أعمال مادية حتى هاجر الى المدينة.‏
ويقول في موطن آخر:‏ وعلى المسلمين أن ي ُك َ ونوا إسلاما ً في أعمالهم وتصرفاتهم فللإسلام طريقة خاصة في تحقيق الأهداف
والغايات ومنها حمل الدعوة لاستئناف الحياة الإسلامية بإعادة دولة الخلافة والالتزام بهذه الطريقة التي تعتمد الصراع
الفكري والكفاح السياسي,‏ وتستبعد الأعمال المادية،‏ هو التزام بالطريقة الشرعية التي طلبها الإسلام وليس خوفا ً أو هربا ً،‏
من الوصف بالإرهاب.‏
ويقول أيضا ً:‏ لا شأن للكتلة الإسلامية – أي الحزب – التي تحمل الدعوة بالنواحي العملية،‏ ولا تشتغل بشيء غير الدعوة،‏
وتعتبر القيام بأي عمل من الأعمال الأخرى ملهيا ً ومخدرا ً ومعوقا ً عن الدعوة،‏ ولا يجوز الاشتغال بها مطلقا ً.‏
ويقول:‏ ولهذا لا يجوز للكتلة وهي تحمل الدعوة،‏ أن تقوم ككتلة بأي عمل من الأعمال الأخرى,‏ ويجب أن تقتصر على الفكر
والدعوة.‏
فالحزب كما يظهر من أدبياته لا يرى الجهاد ‏"الأعمال المادية"‏ ولا يدعو إليه ولا يسمح به،‏ بل هو ليس من شأنه فهو حزب
سياسي يدعو الى السياسة ويجاهد بالسياسة،‏ عمله الكفاح السياسي والصراع الفكري بل يرى الجهاد معيقا ً له ومخدرا ً
وملهيا ً عن الهدف الأسمى الذي سيغير به اتمعات ويشيد به الخلافة وهو العمل السياسي،‏ بل يرى هذه الطريقة التي
يتبناها هي الطريقة الشرعية التي أمر بها الإسلام فلا يجوز تجاوزها بحال من الأحوال،‏ وبالتالي فالجهاد لتغيير الأوضاع
القائمة عنده أمر ٌ مبتدع والعمل به مخالف للهدي النبوي الكريم.‏
وهذا واالله عين ما يريده أعداء الملة والدين من أبناء المسلمين،‏ أن يسقطوا الجهاد المتعين من قاموس أبجدياتهم،‏ حتى
يسوقوهم إلى مسالخ الموت،‏ كما تساق البهائم,‏ ولا حول ولا قوة إلا باالله العلي العظيم.‏
قال ابن دقيق العيد:‏ ) القياس يقتضي أن يكون الجهاد أفضل الأعمال التي هي وسائل،‏ لأن الجهاد وسيلة إلى إعلان الدين
ونشره وإخماد الكفر ودحضه ففضيلته بحسب فضيلة ذلك واالله أعلم.)‏ .
ِ ن َّ َّ َ االله بم ِ َا
ِ ِ ن ان ْت َه َ و ْا ف َإ
وقال ابن جرير الطبري في تفسير قوله تعالى:‏ { و َق َات ِل ُوه ُم ْ ح َ ت َّى لا ت َك ُ ون َ ف ِت ْن َة ٌ و َي َك ُ ون َ الد ِّين ُ ك ُ ل ُّه ُ ِ ِالله ف َإ
ي َع ْم َل ُون َ ب َص ِ ير ٌ {: ) فقاتلوهم حتى لا يكون شرك ولا يعبد إلا االله وحده لا شريك له،‏ فيرتفع البلاء عن عباد االله من الأرض وهو
الفتنة ويكون الدين كله الله وحتى تكون الطاعة والعبادة كلها الله خالصة دون غيره.)‏
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية:‏ وقوله تعالى:‏ " إن لا تنفروا يعذبكم عذابا أليما ويستبدل قوما غيركم"،‏ قد يكون العذاب من
عنده وقد يكون بأيدي العباد,‏ فإذا ترك الناس الجهاد في سبيل االله،‏ فقد يبتليهم بأن يوقع بينهم العداوة حتى تقع بينهم
الفتنة،‏ كما هو الواقع،‏ فإن الناس إذا اشتغلوا بالجهاد في سبيل االله،‏ جمع االله قلوبهم وألف بينهم وجعل بأسهم على
عدو االله وعدوهم,‏ وإذا لم ينفروا في سبيل االله عذبهم االله بأن يلبسهم شيعا،‏ ويذيق بعضهم بأس بعض,‏ وكذلك قوله:‏
‏"ولنذيقهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلهم يرجعون",‏ يدخل في العذاب الأدنى ما يكون بأيدي العباد كما قد فسر
بوقعة بدر بعض ما وعد االله به المشركين من العذاب ( .
وقال أيضا ً رحمه االله:‏ هذا أيضا خطاب لكل قرن وقد أخبر فيه أنه من نكل عن الجهاد المأمور به عذبه واستبدل به من يقوم
بالجهاد وهذا هو الواقع.‏ ( .
وقال رحمه االله:‏ إن قوام الدين بالكتاب الهادي والحديد الناصر كما ذكره االله تعالى.‏ فعلى كل أحد الاجتهاد في اتفاق القرآن
والحديد الله تعالى ولطلب ما عنده مستعينا باالله في ذلك)‏
وقال ابن القيم رحمه االله:‏ قال تعالى لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط.‏ فهذا
الهدى ثم قال وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد فهذا النصر فذكر الكتاب الهادي والحديد الناصر).‏
فهل آن الأوان لحزب التحرير أن يعود الى رشده ويلتمس الطريق القويم ويهتدي به ليصل الى ما يرجو إن كان جادا ً.‏
ويقول أحد دعاتهم البارزين:‏ دخلت على الشيخ تقي الدين النبهاني،‏ فاقترحت عليه أن ي ُدخل القرآن الكريم،‏ في منهاج
الدراسة في حلقات الحزب,‏ فقال:‏ اسمع يا أمين,‏ لا تتلف لي شباب الحزب,‏ أنا لا أريد دراويش..‏
إذا كان حافظ كتاب االله درويش لا يفقه شيئا ً..!‏ أو أصبح من ي ُعلم كتاب ربه غبيا ً لا يعي شيئا ً..‏ فمن هو إذا ً بنظركم العالم،‏
وعلى أكتاف من ستقوم دولتكم المزعومة ‏!؟ أوما علمتم أن العلم كل العلم في هذا الكتاب الكريم،‏ الذي لا يأتيه الباطل من
بين يديه ولا من خلفه تنزيل من عزيز حكيم،‏ أوما ترامى إلى مسامعكم قوله تعالى:‏ { م َا ف َر َّط ْ ن َا ف ِي ال ْك ِ ِ ت َاب م ِن ْ ش َ ي ْ ٍ ء ث ُم َّ إلى
ِ ر َب ِّه م ْ ي ُح ْ ش َ ر ُون َ {. ولكنه التخبط والى االله المشتكى.‏
ورحم االله الأستاذ المودودي إذ يقول فيهم:‏ ) لا تجادلوهم،‏ دعوهم للأيام يموتوا..)‏ .