طريق التمكين
Mektebe -> Arapça Kitablar -> Cihad
Mektebe -> Arapça Kitablar -> Cihad
Create successful ePaper yourself
Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.
<strong>طريق</strong> <strong>التمكين</strong> ٥١<br />
ِ لا َّ س ِ ح ْ ر ٌ م ُب ِ ين ٌ } ) سبأ: ٤٣)<br />
ِ ن ْ ه َذ َا إ<br />
ِ ف ْك ٌ م ُف ْت َر ًى و َق َال َ ال َّذ ِين َ ك َ ف َر ُوا ل ِل ْح َ ق ِّ لم َ َّا ج َ اء َه ُم ْ إ<br />
إ<br />
نعم ! هكذا كان رد ُّ الجاهلية القريشية على الحق المبين، الذي جاء به سيد المرسلين محمد صلى االله عليه وسلم , وما ذلك إلا<br />
لتنفير الناس عن ذاك الخير العظيم، الذي جاء به النبي الكريم, وصدهم عن تلك الدعوة الربانية الخالصة الداعية إلى التوحيد<br />
والكفر بالأنداد والأوثان، التي تعبد من دون االله.<br />
واليوم يتطلع ذاك الموحد الذي أنار االله بصيرته إلى الجاهلية المعاصرة, التي أرخت بأستار ليلها المظلم على البشرية جمعاء,<br />
فلا يبصر سوى تلك السهام المسمومة التي صوبها سدنة الجاهلية وحراسها على صدور الفئة ااهدة، التي رفعت لواء<br />
التوحيد الخالص وكفرت بالأنداد, ولم تبق ِ تلك الجاهلية اللعينة في قاموس كلماتها صفة ً سيئة، ولا نعتا ً بشعا ً، ولا كلمة<br />
بذيئة ً قبيحة, ولا جملة تشمئز منها النفوس، إلا ورمت به تلك الفئة الصادقة.<br />
ٍ عجوز ٍ<br />
أنظروا إليهم إنهم قتلة سفاكوا دماء.. إنهم مجرمون إرهابيون لا يتورعون عن سفك دماء طفل ٍ أو امرأة أو شيخ<br />
مسن.. إنهم فتية طائشون أخرجهم الفقر والحاجة والعوز.. إنهم جهلة لا يفقهون حقيقة دينهم السمح المعتدل المرن<br />
السهل.. إنهم فئة ضالة مضلة خرجت على أمر وطاعة ولي الأمر الشرعي.. إنهم تجار مخدرات وخمر ورقيق أبيض.. إنهم قد<br />
يئسوا من حياتهم, ولفظتهم مجتمعاتهم فهاموا على وجوههم حيارى تائهين فلم يجدوا سوى جماعات الإرهاب الجهادي<br />
محضنا ً لهم ومأوى, ففروا إليها هربا ً من واقعهم المزري المؤلم.. إنهم.. إنهم.. إنهم..<br />
قال الإمام ابن القيم رحمه االله في مدارج السالكين: فإذا أراد المؤمن الذي قد رزقه االله بصيرة ً في دينه، وفقه ً ا في سنة<br />
رسوله، وفهم ًا في كتابه، وأراه ما للناس فيه من الأهواء و البدع و الضلالات، و تنك ّ بهم عن الصراط المستقيم، الذي كان عليه<br />
رسول االله صلى االله عليه وسلم و أصحابه, فإذا أراد أن يسلك هذا الصراط فليوطن نفسه على قدح الجهال، وأهل البدع<br />
فيه وطعنهم عليه, و إزرائهم به, و تنفير الناس عنه, و تحذيرهم منه, كما كان سلفهم من الكفار يفعلون مع متبوعه و<br />
إمامه صلى االله عليه وسلم, فأما إن دعاهم إلى ذلك, و قدح في ما هم عليه, فهنالك تقوم قيامتهم, و يبغون له الغوائل,<br />
و ينصبون له الحبائل، ويجلبون عليه بخيل كبيرهم و رجله، فهو غريب في دينه لفساد أديانهم، غريب في تمسكه بالسنة<br />
لتمسكهم بالبدع، غريب في اعتقاده لفساد عقائدهم.<br />
تأمل إنها نفس الجاهلية الأولى التي واكبت مسير الطليعة الأولى, التي قادها المربي الأول محمد صلى االله عليه وسلم، وها<br />
هي اليوم تعود بثوبها الجديد، تعيق مسير الفئة الغريبة ااهدة بمكرها وكيدها المتجدد، مخترعة ً ألفاظا ً جديدة, وكلمات<br />
وجمل سفيهة لم تخطر على بال أكابر الجاهلية الأولى, ولم تطرق أخيلة صناديدها الأ ُول.<br />
المرحلة الثانية: التعذيب الجسدي<br />
وأمام صبر رواد الطليعة المؤمنة على تكاليف وأعباء الدعوة، وصبرهم على مكر الجاهلية الإعلامي، ومع تزايد أتباع ومؤيدي<br />
العصبة الموحدة، والتفاف القلوب المتلهفة لنصرة الحق عليها, بعد أن أدركوا وتيقنوا وأبصروا ببصيرتهم وبصائرهم الحق<br />
الذي جاءت به تلك الثلة الموحدة, والصدق الذي تختزنه بين ثنايا دعوتها, وثبات روادها، واستعصائهم على البيع والشراء,<br />
وبذلهم الغالي والنفيس، قاصدين وجه مليكهم جل جلاله، ومن ثم إقرار مبادئهم وثوابتهم وقيمهم، واقعا ً معاشا ً في دنيا<br />
البشر.<br />
أقول: بعد أن استعصت الدعوة وحراسها, ويبس عود أبنائها الميامين, وعجزت الجاهلية أن تنال منها بمكرها الإعلامي، أو<br />
أن تحول بينها وبين الجماهير الظمأى لإرواء عطشها من حق السماء، في هذا الوقت من الزمن الممتد، يبدأ الفصل الثاني<br />
من محنة الفئة المؤمنة, حيث تتعرض الدعوة وحملتها إلى هجمة شرسة, وحملة مدمرة قلما ينجوا من بطشها موحد<br />
مخلص لربه, مضح لأجل نصرة دعوته، و<strong>التمكين</strong> لمبادئه.<br />
ولقد أكرم العلي القدير - وهو أعلم بمكنونات النفس البشرية_ أتباع الرسل وقص عليهم في محكم التنزيل المبين شيئا ً<br />
من ذلك الابتلاء, وبعضا ً من تلك المحنة التي ترافق مسيرة صناع اد بناة اتمعات, ليطلعوا على تجارب من سبقهم على<br />
هذا الدرب الشائك الموصل, فيدركوا أنه <strong>طريق</strong> واحد, وجسر ٌ أوحد موصل إلى مرضات العزيز الجبار, وإلى <strong>التمكين</strong> في الأرض<br />
واستلام سدة سلطان االله في الأرض، وصولجان ملكها المغتصب, فيقدموا قدوم من لا يعرف التراجع، ويشمخوا شموخ من<br />
لا يبصر الانحناء, ويثبتوا ثبوت من لا يتطرق إليه طيف الفرار, ويتيقنوا أنه درب الرسل وديدن دعوتهم، و<strong>طريق</strong> أتباعهم وحادي<br />
ورثتهم، وإلى يوم الدين.<br />
ِ ف ِر ْع َو ْن َ أ َ ت َذ َر ُ م ُوس َ ى و َق َو ْم َه ُ ل ِي ُف ْس ِ د ُوا ف ِي الأ ْ َر ْ ِ ض<br />
فعلى لسان أوتاد فرعون وأزلامه المتسلطين قال االله عز وجل: }و َق َال َ الم ْ َلأ َ ُ م ِن ْ ق َو ْم