طريق التمكين
Mektebe -> Arapça Kitablar -> Cihad
Mektebe -> Arapça Kitablar -> Cihad
You also want an ePaper? Increase the reach of your titles
YUMPU automatically turns print PDFs into web optimized ePapers that Google loves.
َّ<br />
<strong>طريق</strong> <strong>التمكين</strong> ٣٣<br />
الأدلة على وجوب السمع والطاعة.<br />
إن السمع والطاعة لمن ولاه االله أمرا ً من أمور هذا الدين، أو حمله شأنا ً من شؤون المسلمين في محل ولايته, عبادة يتقرب بها<br />
العبد إلى ربه، حيث أن طاعة أ ُ ولي الأمر من المؤمنين هي في الأصل طاعة الله ولرسوله كما تحدثت بذلك الأحاديث النبوية،<br />
وقد أجمع العلماء على وجوب طاعة الأمراء في غير معصية االله، ونقل هذا الإجماع القاضي عياض وآخرون كما ذكر ذلك<br />
النووي رحمه االله، وللمكانة العظيمة للسمع والطاعة في الإسلام، فقد ذكرها رب ُّنا العلي القدير في كتابه الكريم، آمرا ً أهل<br />
التوحيد بطاعته وطاعة رسوله وطاعة أ ُ ولي الأمر، فقال جل ّ ثناؤه: } ي َا أ َ ي ُّه َ ا ال َّذ ِين َ آ َم َن ُوا أ َ ط ِ يع ُوا االله و َأ َ ط ِ يع ُ وا الر َّس ُ ول َ و َأ ُ ول ِي<br />
ِ و َال ْي َو ْم الآ ْ َخ ِ ر ِ ذ َل ِك َ خ َ ي ْر ٌ و َأ َ ح ْ س َ ن ُ ت َأ ْو ِ يلا ً }.<br />
ِ ن ْ ك ُ ن ْت ُم ْ ت ُؤ ْم ِن ُون َ ب ِ ِ االله<br />
ِ ن ْ ت َن َاز َع ْت ُم ْ ف ِي ش َ ي ْ ٍ ء ف َر ُد ُّوه ُ إلى االله و َالر َّس ُ ِ ول إ<br />
الأ ْ َم ْر ِ م ِن ْك ُ م ْ ف َإ<br />
قال الإمام القرطبي في تفسيره لهذه الآية الكريمة: لما تقدم إلى الولاة في الآية المتقدمة وبدأ بهم فأمرهم بأداء الأمانات وأن<br />
يحكموا بين الناس بالعدل، تقدم في هذه الآية إلى الرعية فأمر بطاعته جل وعز أولا ً، وهي امتثال أوامره واجتناب نواهيه، ثم<br />
بطاعة رسوله ثانيا ً فيما أمر به ونهى عنه، ثم بطاعة الأمراء ثالثا ً، على قول الجمهور وأبي هريرة وابن عباس وغيرهم.<br />
وقد اختلف أهل العلم في المقصود بأ ُولي الأمر كما ذكر ذلك الطبري في تفسيره، قال رحمه االله: اختلف أهل التأويل في<br />
أولي الأمر الذين أمر االله عباده بطاعتهم في هذه الآية، فقال بعضهم عن أبي هريرة: هم الأمراء، وقال آخرون هم الفقهاء،<br />
وقال آخرون هم أهل العلم والدين والعقل.<br />
ثم رجح رحمه االله أن يكونوا هم الأمراء والولاة، لصحة الأخبار عن رسول االله صلى االله عليه وسلم بالأمر بطاعة الأئمة<br />
والولاة فيما كان الله طاعة و للمسلمين مصلحة، وهذا ما ذهب إليه جماهير الفقهاء والمفسرين من السلف والخلف كما<br />
ذكر ذلك النووي رحمه االله.<br />
وقال الجصاص في أحكام القرآن بعد أن ساق بعضا ً من أقوال أهل العلم في ذلك: ويجوز أن يكونوا جميعا ً - أي أ ُ ولو الفقه<br />
والعلم وأمراء السرايا - مرادين بالآية، لأن الاسم يتناولهم جميعا ً، لأن الأمراء يلون أمر تدبير الجيوش والسرايا وقتال العدو،<br />
والعلماء يلون حفظ الشريعة وما يجوز مما لا يجوز، فأم َر َ الناس بطاعتهم والقبول منهم.<br />
أما الأحاديث التي تتحدث عن وجوب السمع والطاعة لمن تولى أمرا ً من أ ُ مورالمسلمين، أو شأنا ً من شؤونهم فهي في الهدي<br />
النبوي من الكثرة بمكان، فلم يهمل باني أول مجتمع مسلم هذا الأمر - أي أمر السمع والطاعة - وذلك لخطورة عواقب<br />
معصية الإمام أو الأمير أو من تولى أمرا ً من أ ُ مور المسلمين، فقد قال حاثا ً أتباعه صلى االله عليه وسلم على السمع والطاعة:<br />
من أطاعني فقد أطاع االله، ومن عصاني فقد عصى االله، ومن يطع الأمير فقد اطاعني، ومن يعص الأمير فقد عصاني، وإنما<br />
الإمام ج ُ ن ّة يقاتل من ورائه وي ُتقى به، فإن أمر بتقوى االله وعدل فإن له بذلك أجرا، وإن قال بغيره فإن عليه منه.<br />
وقال صلى االله عليه وسلم: اسمعوا وأطيعوا، وإن أمر عليكم عبد حبشي كأن رأسه زبيبة.<br />
وعن أبي هريرة رضي االله عنه قال: أوصاني خليلي أن أسمع وأطيع، وإن كان عبدا ً حبشيا ً م ُج َ د ّ ع الأطراف.<br />
وقال صلى االله عليه وسلم: السمع والطاعة على المرء المسلم فيما أحب وكره، ما لم يؤمر بمعصية، فإذا أمر بمعصية فلا<br />
سمع ولا طاعة.<br />
قال الحافظ ابن رجب في جامع العلوم والحكم: وأما السمع والطاعة لولاة أمور المسلمين, ففيها سعادة الدنيا، وبها<br />
تنظيم مصالح العباد في معاشهم, وبها يستعينون على إظهار دينهم وطاعة ربهم, كما قال علي بن أبي طالب رضي االله<br />
عنه: إن الناس لا يصلحهم إلا إمام بر أو فاجر, إن كان فاجرا ً عب َد َ المؤمن ُ فيها ربه, وحمل الفاجر فيها إلى أجله.<br />
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: فطاعة ولاة الأمور واجبة لأمر االله بطاعتهم، فمن أطاع االله ورسوله بطاعة ولاة الأمر الله<br />
فأجره على االله, ومن كان لا يطيعهم إلا لما يأخذه من الولاية والمال فإن أعطوه أطاعهم، وإن منعوه عصاهم: فماله في الآخرة<br />
من خلاق. وقد روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي االله عنه عن النبي صلى االله عليه وسلم قال: "ثلاثة لا يكلمهم االله<br />
يوم القيامة، ولا ينظر إليهم، ولا يزكيهم، ولهم عذاب أليم، رجل على فضل ماء بالفلاة يمنعه من ابن السبيل، ورجل بايع رجلا<br />
بسلعة بعد العصر فحلف له باالله لأخذها بكذا وكذا فصدقه وهو غير ذلك، ورجل بايع إماما ً لا يبايعه إلا لدنيا، فإن أعطاه<br />
منها وفى، وإن لم يعطه منها لم ي َف ِ ".