09.05.2021 Views

Num243

You also want an ePaper? Increase the reach of your titles

YUMPU automatically turns print PDFs into web optimized ePapers that Google loves.

ا ل حد‏ ث 6

تقرير ‏صحفي

لبنان

لبنان مرتوك ملواجهة ‏»االرتطام الكبري«‏

Journal Alhadath-LInternational Num 243, 7 mai 2021

سوسن مهنا-اندبندنت

يتأرجح لبنان ما بين ‏»الطريق إلى جهنم«‏ و«االرتطام

الكبير«،‏ ويتلمّس الشعب اللبناني طريقه داخل النفق

المظلم المؤدي إلى الهاوية.‏ الكارثة االقتصادية التي

تعصف بالبلد منذ ما قبل انتفاضة 17 أكتوبر ‏)تشرين

األول(‏ 2019، أسهب في شرحها خبراء دوليون ومحليون

كثر،‏ لكن آذان الحكام صمّاء ال تريد أن تتوصّ‏ ل إلى أي حل

إال من خال مصالحها الشخصية.‏ هذه األزمة المعيشية

التي تترافق مع تقارير أمنية خطيرة تلقّاها مسؤولون،‏

تتحدث عن مرحلة ما بعد عيد الفطر،‏ والتحديات التي

تواجه الباد بعد التصريح الذي أطلقه حاكم مصرف لبنان

رياض سامة،‏ بأن احتياطيات المصرف المركزي بالعمات

األجنبية المخصصة لدعم بعض السلع تنتهي في أواخر

مايو ‏)أيار(‏ الحالي،‏ بالتالي ال قدرة على االستمرار بسياسة

الدعم المتّبعة.‏ ورصدت تقارير أمنية ارتفاعاً‏ في معدل

شراء األسلحة الفردية مع إقبال العائات اللبنانية على

اقتنائها،‏ بعدما زادت في الفترة الماضية عمليات النهب

والسرقة وأعمال الفوضى المخلّة باألمن،‏ التي يُرجَّح أن

تتضاعف بعد رفع الدعم.‏

الفقر في لبنان

وكان البنك الدولي توقّع في دراسة أعدّها في أبريل

‏)نيسان(‏ الماضي،‏ بالتعاون مع األمم المتحدة واالتحاد

األوروبي وصندوق النقد الدولي،‏ انكماش الناتج المحلي

اإلجمالي لاقتصاد اللبناني بنسبة 9.5 في المئة عام

2021، رابطاً‏ هذا االنكماش بأسباب عدة،‏ أهمها أزمة

تفشي فيروس كورونا وغياب أي توافق حول معالجة

األوضاع الماكرو-اقتصادية.‏ وأفادت البيانات المرفقة

بالدراسة بأن نسبة الفقر في لبنان،‏ خصوصاً‏ بعد الحرب

السورية،‏ ارتفعت بشكل الفت،‏ مشيرةً‏ إلى أن أكثر من

50 في المئة من الشعب أصبح تحت خط الفقر،‏ إذ إن

العائات التي تواجه صعوبةً‏ في شراء الطعام والحصول

على الخدمات األساسية بلغت نسبتها 41 في المئة،‏ أما

تلك التي تعاني صعوبةً‏ في الحصول على خدمات الصحة

واالستشفاء فبلغت نسبتها 36 في المئة.‏ إضافة إلى ذلك،‏

سُ‏ جّل ارتفاع مستويات البطالة من 28 في المئة مع نهاية

فبراير ‏)شباط(‏ 2020، أي قبل مرحلة تفشي ‏»كوفيد-‏‎19‎‏«،‏

إلى 40 في المئة في شهر ديسمبر ‏)كانون األول(‏ الماضي.‏

وما زاد الطين بلّة،‏ إعان نقيب الصيادلة غسان األمين أنه

في غضون أسابيع ستصبح أدوية مهمة بيد 5 في المئة

من الشعب اللبناني فقط وسيرتفع سعرها 10 أضعاف.‏

وكانت ‏»الدولية للمعلومات«‏ وثّقت خال مارس ‏)آذار(‏

الماضي،‏ 19 حادثة عنف خال شراء الحاجات األساسية

من المتاجر،‏ في مختلف المناطق شماالً‏ وجنوباً‏ وجباً‏

وبقاعاً.‏

‏»فشِ‏ ل السياسيون اللبنانيون في معالجة األزمة«‏

وأصدر االتحاد األوروبي ‏»ورقة خيارات سياسية«‏ خال

اجتماعه األخير في 19 أبريل الماضي،‏ قال فيها إن

‏»لبنان وشعبه في حاجة ماسة إلى حكومة مسؤولة

وذات صدقية،‏ ملتزمة صراحة إصاحات محددة وقادرة

على تنفيذها،‏ خصوصاً‏ التوصل إلى اتفاق مع صندوق

النقد الدولي ،)IMF( بهدف معالجة أزمات الباد.‏ ولكن

لألسف،‏ فشل السياسيون اللبنانيون في إنجاز ذلك حتى

اآلن«.‏ وحدد االتحاد األوروبي السياسات التي ربما يتّبعها،‏

كمساهمات لمعالجة التحديات التي تواجه لبنان.‏

هذه األزمات والمواقف تطرح عامات استفهام كثيرة

وأسئلة حول ماذا بعد رفع الدعم وماذا ينتظر لبنان

واللبنانيين؟ وما هي اإلجراءات السريعة التي يمكن أن

تجنّب لبنان لحظة االرتطام بالتالي سقوط الهيكل؟ وهل

من حل سحري لألزمة؟ أيضاً‏ ما هو هذا ‏»االنهيار«‏ الذي

يتحدث عنه الجميع؟ أليس البلد في حالة انهيار اآلن؟

وكيف تؤثر عمليات التهريب عبر الحدود في فقدان

البضاعة المدعومة من األسواق؟

أموال الدعم هي مدخرات اللبنانيين

وعلّق رئيس المعهد اللبناني لدراسات السوق باتريك

مارديني على موضوع رفع الدعم،‏ فقال إن ‏»هناك

تضخيماً‏ كبيراً‏ لخطورة رفع الدعم،‏ فلن يكون له ذلك

التأثير السلبي الذي يحاولون أن يصوّروه،‏ ألن األموال التي

نستعملها اآلن للدعم هي بالحقيقة أموال المودعين في

المصارف،‏ بالتالي طالما نحن نتّبع هذه السياسة،‏ ذلك

يعني أننا نتابع عملية السطو على أموال المودعين.‏ وبهذا

المعنى،‏ فإن رفع الدعم هو حماية لما تبقّى من أموال

الناس ومدخراتهم وجنى أعمارهم.‏ ومن هذا المنطلق،‏

لرفع الدعم منحى إيجابي من وجهة نظر المودع اللبناني

ألنه يخفف خسارته.‏ ذلك أن الحكومة اللبنانية كانت

ألقت اللوم على المصرف المركزي بسبب خسارته لحوالى

50 مليار دوالر،‏ وقررت على أثر ذلك إجراء التدقيق

الجنائي بالحسابات،‏ وتطلب هذه الحكومة من المصرف

المركزي أن يتابع خسارة أموال المودعين على سياسة

الدعم.‏ تلك السياسة السيئة لدعم الليرة التي أوصلتنا إلى

ما نحن عليه ما زالت مستمرة«.‏

البضاعة المدعومة مفقودة

وعن اإلجراءات التي من الممكن أن تجنّب لبنان لحظة

االرتطام،‏ يقول مارديني إن ‏»سياسة الدعم لم تكُن تعمل

لتأخير هذه اللحظة،‏ وإذا ما نظرنا من حولنا،‏ لرأينا أن

األسعار مرتفعة أصاً،‏ وحتى السلة الغذائية المدعومة

مفقودة من األسواق.‏ ويعني ذلك أن الحديث عن السلة

الغذائية هو مجرد كام.‏ لكن االرتطام حدث وبشكل

عنيف،‏ ألنه ال يمكن الحصول على منتجات مدعومة من

السوبرماركات والمحال التجارية حيث الناس تتصارع على

قارورة زيت،‏ ما يعني أن البضاعة المدعومة مفقودة،‏

ومحاولة المسؤولين الربط بين الدعم وتأخير االرتطام هو

مجرد وهم.‏ إذاً‏ لم تؤدِّ‏ سياسة الدعم إلى نتيجة والدليل

أن ال 6 مليارات دوالر التي تذهب إلى الدعم سنوياً،‏ لم

تحدّ‏ من ارتفاع نسبة الفقر التي زادت من 20 في المئة

إلى أكثر من 55 في المئة،‏ ألنه وببساطة أموال الدعم ال

تصل إلى الفقراء بل إلى فئات أخرى،‏ تحديداً‏ المهربين

والمحتكرين واألغنياء والناس غير المستحقة.‏ هذه

السياسة التي باعونا إياها وأقنعونا بأنها ستمنع الناس من

الوصول إلى خط الفقر،‏ أثبتت فشلها«.‏

وقف االنهيار يكون عبر البدء باإلصاحات

أما بشأن العوامل التي أدت إلى هذا ‏»االنهيار«،‏ فيرى

الباحث في شؤون النقد،‏ ‏»أننا دخلنا في االنهيار منذ عام

2020. والعوامل التي أدت إليه ال تزال موجودة،‏ وطالما

أنها لم تتغيّر،‏ فإن البلد سيكمل انهياره«.‏ ويشرح مارديني

أن ‏»الناس ستنزل تحت خط الفقر،‏ والشركات والمعامل

والمصانع ستقفل أبوابها،‏ والموظفين سيُسرّحون،‏ وكل

المرافق السياحية ستُقفل،‏ وستنقطع المواد الغذائية

وغيرها من البلد«.‏

وعن العوامل التي أوصلت البلد إلى هذا الدرك،‏ يشير

إلى عاملَين أساسيين،‏ ‏»األول هو أن نفقات الدولة

اللبنانية أكثر من إيراداتها،‏ وهي تقترض نسبة الفرق،‏

وهذا ما يحدد مشكلة الدين العام.‏ وبعدما تخلّفت عن

دفع مستحقاتها،‏ لم يعُد أحد يقبل بإقراضها.‏ إذاً‏ لم يعُد

بمقدور الدولة سدّ‏ العجز إال عن طريق طباعة الليرة،‏

وكلما قام المصرف المركزي بطباعة أوراق نقدية،‏ بناءً‏

على طلب الحكومة،‏ تصل هذه الليرة إلى الناس وتتحوّل

إلى طلب على الدوالر.‏ ويؤدي ذلك إلى انهيار أكبر في

سعر الصرف وارتفاع أكبر بسعر الدوالر،‏ وخسارة الثقة

باالقتصاد اللبناني وباإليداعات المصرفية.‏ إذاً‏ طالما أن

نفقات الدولة اللبنانية ال تزال مرتفعة وتموّل تلك النفقات

عن طريق طباعة الليرة،‏ ولم تقُم بأي عملية إصاح تسهم

في خفض النفقات،‏ وال أي إصاح نقدي،‏ االنهيار سيكبر

ويزداد«.‏

وعن الحلول اآلنية،‏ أكد مارديني أن ‏»على الحكومة

اللبنانية البدء اليوم قبل الغد بعملية اإلصاح.‏ لكن

الحكومة الحالية ال تريد فعل أي شيء بحجة أنها حكومة

تصريف أعمال،‏ والحكومة الجديدة ال تتشكّل.‏ والحكومة

المقبلة لن يكون الحل بيدها،‏ إذا لم تباشر بعملية اإلصاح

والشعب ال يهتم بمَن يقوم بتلك العملية،‏ سواء حكومة

جديدة أو الحالية،‏ أو حتى مجلس النواب،‏ ولكن لألسف

الكل يتهرب من تحمّل المسؤولية«.‏

الهامش الربحي الكبير يحفّز التهريب

أما عن كيف تؤثر عمليات التهريب عبر الحدود في فقدان

البضاعة المدعومة من األسواق،‏ فيشير باتريك مارديني

إلى ‏»أن ذلك يحصل في كل البلدان التي اتّبعت سياسة

دعم،‏ وعانت من انقطاع البضاعة المدعومة،‏ بالتالي هذا

األمر ليس محصوراً‏ بلبنان،‏ الذي لديه مشكات على

حدوده.‏ وتؤثر الحدود غير المنضبطة في الوضع،‏ لكن

البضاعة تختفي من األسواق ألسباب ثاثة.‏ أوالً‏ بسبب

التهريب،‏ وثانياً‏ ألنها تُخزّن وتُحتكر،‏ إذ أن التاجر يخزّن

تلك البضاعة وينزع عنها بطاقة التعريف مدعوم،‏ ومن

ثم يبيعها بأسعار مرتفعة وهذا يحصل كثيراً،‏ وثالثاً‏ ازدياد

الطلب على المواد المدعومة من كل فئات المجتمع،‏

أغنياء وفقراء.‏ أيضاً‏ صحيح أن معظم السلع المدعومة

التي تدخل إلى لبنان تُهرّب مباشرة من المرفأ إذا كانت

بضاعة مستوردة كاألدوية،‏ فيُعاد تصديرها قبل وصولها

إلى الداخل اللبناني،‏ بحيث يبيعها التجار بأسعار مرتفعة

محققين أرباحاً‏ كبيرة،‏ وهذا كله بالطبع من احتياطي

مصرف لبنان.‏ وهذا ينطبق على المحروقات،‏ والسلة

الغذائية التي تُهرّب عبر الحدود إلى سوريا،‏ وكل البلدان

المجاورة.‏ مثاً‏ سعر صفيحة البنزين في لبنان 3 دوالرات

وفي سوريا يبلغ سعرها 12 دوالراً،‏ بالتالي مَن يهرّب مادة

البنزين يحقق أرباحاً‏ تبلغ 400 في المئة،‏ إذاً‏ وجود هذا

الهامش الربحي الكبير جداً‏ يحفّز التهريب«.‏

‏»جونز هوبكنز«‏ ينشئ فريقاً‏ لمعالجة أزمة لبنان

وكان معهد ‏»جونز هوبكنز«‏ لاقتصاد التطبيقي أنشأ

فريق عمل لمعالجة األزمة اللبنانية،‏ يضم نخبةً‏ من ألمع

االقتصاديين وأكثرهم نفوذاً‏ في العالم،‏ أمثال البروفيسور

ستيف هانكي المعروف عالمياً‏ ‏»بطبيب العمات

ومهندس مجالس النقد«‏ بحكم إشرافه على تأسيس معظم

مجالس النقد في العقود األربعة األخيرة في كل من

إستونيا وليتوانيا وبلغاريا والبوسنة والهرسك.‏ وجاك دي

الروزيير،‏ االقتصادي الفرنسي الذي شغل منصب المدير

العام لصندوق النقد الدولي وكان حاكم المصرف المركزي

في فرنسا ورئيس البنك األوروبي لإلنشاء والتعمير،‏

ويتمتع بعاقة قوية جداً‏ باإلدارة الفرنسية الحالية.‏ وجون

غرينوود،‏ مصمم مجلس النقد في هونغ كونغ،‏ وهو عضو

في مجلس النقد Board( )Currency لهونغ كونغ،‏ وهو

مَن حلّ‏ األزمة المالية التي عصفت بها،‏ وكبير االقتصاديين

في شركة ‏»إنفيسكو«‏ بلندن.‏

ويشرح رئيس المعهد اللبناني لدراسات السوق عن مبادرة

ستيف هانكي وهل تستطيع أن تُحدث ثغرة وتعالج بعض

األزمات،‏ فقال إن ‏»أنشا ستيف هانكي،‏ طبيب العمات

الذي يعالج مشكات انهيار سعر الصرف حول العالم،‏

فريق عمل في معهد جونز هوبكنز والذي يضم أهم

خبراء دوليين في موضوع معالجة األزمات،‏ ويتمتع هذا

الفريق بخبرة كبيرة بمعالجات أزمات الدول،‏ مثل لبنان،‏

أكثر من أي فريق أو شخص آخر على الكرة األرضية.‏ وفكرة

أنهم اجتمعوا كي يجدوا الحلول المناسبة لألزمة اللبنانية،‏

فهذا يُعتبر أمراً‏ مهماً‏ ال بل عظيماً‏ وعلينا أن نستفيد من

خطوتهم هذه«.‏ ويحاول هذا الفريق أن يحاور المجتمع

الدولي،‏ ويطرح بداية فكرة إنشاء مجلس نقد في لبنان

لوقف انهيار سعر صرف الليرة وارتفاع األسعار،‏ وإعادة

القليل من االستقرار المالي إلى البلد.‏ ونشر الفكرة في

صحيفة ‏»وول ستريت جورنال«.‏

وبدأ هذا الفريق بمشاورات مع المرجعيات الدولية،‏

بدءًا من صندوق النقد الدولي وصوالً‏ إلى كل المهتمين

بالملف اللبناني كي يشرح لهم طبيعة األزمة في البلد.‏

كما يسخّر الفريق عاقاته الشخصية في باريس وواشنطن

ولندن وهونغ كونغ وما يمتلكه من حظوة واحترام

دوليَّين،‏ نظراً‏ إلى خبراته العالية.‏ ولكن لألسف ال حكومة

في لبنان كي يتشاور معها.‏ وكان تحدث إلى البرلمان

اللبناني الذي كان رد فعله أننا ال نستطيع القيام بأي

إصاحات يجب أن تقوم بها الحكومة.‏ وبما أن لبنان في

حالة ‏»غيبوبة«‏ والمسؤولين مشغولون بوزير بالزائد أو

بالناقص وغير مهتمين بمعالجة األزمة،‏ يحاول هذا الفريق

التواصل مع المنظمات الدولية المهتمة إلى حين استيقاظ

لبنان من سباته.‏

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!