Üõë∏d ájõcôŸG áæé∏d áãdÉãdG IQhódG ∫ɨ°TCG ΩÉààNG
Üõë∏d ájõcôŸG áæé∏d áãdÉãdG IQhódG ∫ɨ°TCG ΩÉààNG
Üõë∏d ájõcôŸG áæé∏d áãdÉãdG IQhódG ∫ɨ°TCG ΩÉààNG
You also want an ePaper? Increase the reach of your titles
YUMPU automatically turns print PDFs into web optimized ePapers that Google loves.
Samedi 25 Decembre 2010<br />
N°3913<br />
اتجاهات<br />
SAWT<br />
14<br />
25 ديسمبر 2010<br />
AL-AHRAR العدد 3913<br />
●في ذلك السجال ظلت دول المغرب<br />
العربي بعيدة إلى حد كبير، ربما بقدر بعد<br />
المسافة عن إيران معقل المذهب الشيعي<br />
الإثني عشري ومساحة التجسيد العملي<br />
التطبيقي له خاصة بعد قيام الشورة<br />
الإسلامية في إيران عام 1979. وحتى<br />
عندما تظهر بعض الفقاعات الإعلامية من<br />
حين لآخر، في هذه الدولة المغربية أو تلك،<br />
حول ما يوصف بالخطر الشيعي أو ما شابه<br />
ذلك، سرعان ما تختفي لأن الخطر الهقيقي<br />
غير مطروه، وأي تغلغل للمذهب الشيعي<br />
في بلاد المغرب العربي لا يمكن تصديقه أو<br />
تحقيقه بالسرعة أو الكيفية التي يتصورها<br />
بعض المتخوفين من الفكر الشيعي، أو<br />
بعض صيادي المياه العكرة الذين يستغلون<br />
أي شيء لإثارة الأصوات ضد إيران<br />
لأغراض تخدم في الغالب أجندات<br />
الآخرين.<br />
ومع أن ظروفا وأحداثا قد أدت إلى<br />
اهتزازات في العلاقات المغاربية الإيرانية<br />
وصلت إلى درجة الانسداد التام؛ فإن<br />
السنوات الأخيرة شهدت تطورا في هذه<br />
العلاقات، باستشناء أزمة الرباط طهران<br />
الأخيرة.. تطور طره تساوءلات وأثار<br />
مخاوف بعض القوى الإقليمية والدولية<br />
ذات العلاقة المباشرة بقضية الصراع مع<br />
إيران وبرنامجها النووي وأجندتها<br />
المفترضة إقليميا ودوليا. المشير للاستغراب<br />
في تحذيرات البعض أنهم يتهدثون عن<br />
فته مراكز ثقافية وتبادل علمي أكاديمي<br />
وسينما وغناء وأسابيع ثقافية، وكأنّ<br />
الشقافة الفارسية الشيعية آلة كاسهة يمكن<br />
أن تجتاه بلدان المغرب العربي في سنين<br />
معدودة فيتسارع الناس جماعات وفرادى<br />
إلى إعلان الولاء وحتى البيعة العامة لولاة<br />
الأمر في الإمبراطورية الفارسية<br />
المفترضة.<br />
الكلام السابق هو بعض مداخلتي في<br />
ندوة العرب وإيران: مراجعة في التاريخ<br />
والسياسة التي أقامها المركز العربي<br />
■ عبد الهميد عبدوس<br />
السبت<br />
مناوشات بريئة<br />
الطاهر الأدغم<br />
●نبذة عن الكاتب<br />
صدر للعلامة الأديب الأستاذ محمد الصاله الصديق عن<br />
«دار هومه» كتاب في جزءين بعنوان (رحلتي مع الزمان) يسرد<br />
مذكرات كاتب معطاء يشكل موءسسة ثقافية قاءمة بذاتها،<br />
ويمكن اعتباره أمة في رجل بما قدم من جهود ومساهمات<br />
وإثراءات للشقافة الجزاءرية، بصفة خاصة، وللشقافة العربية<br />
والإسلامية، بصفة عامة.<br />
فالأستاذ محمد الصاله الصديق مشقف أصيل موهوب، ولد<br />
ليتفوق، وكتب ليتألق معتمدا على ما وهبه الله تعالى من<br />
شماءل وفضاءل وميزات وقدرات قلما تجتمع في غيره من<br />
الكتاب، ولذلك تنبأ له أساتذته في جامع الزيتونة بمستقبل<br />
مجيد مشرق، منذ أن ألف باكورة كتبه في سنة 1950 تحت<br />
عنوان (أدباء التهصيل) وكان آنذاك في ربيع شبابه، ومنذ ذلك<br />
التاريخ تواصلت المسيرة الفكرية والقلمية للأستاذ محمد<br />
الصاله الصديق في وتيرة تصاعدية مشيدة ذلك الصره<br />
الشقافي الشامخ المشتمل على ما يربو على الماءة كتاب في<br />
مختلف فنون الفكر والشقافة والإبداع إضافة إلى آلاف<br />
المقالات في الصهافة الجزاءرية والعربية، ومئات الأحاديش<br />
والهوارات الإذاعية والتلفزيونية، وكمّ هاءل من المحاضرات<br />
الفكرية والخطب والدروس المسجدية داخل الوطن وخارجه.<br />
تعرفت على الأستاذ محمد الصاله الصديق في بداية<br />
سبعينيات القرن الماضي، حيش أكرمني الله تعالى بأن<br />
تتلمذت عليه في ثانوية ابن خلدون بهي السيدة الإفريقية<br />
بأعالي العاصمة ثم في ميرامار (بلدية الهمامات) غرب<br />
العاصمة، ورغم أن الشانوية كانت تضم نخبة من الأساتذة<br />
البارزين أمشال الشيخ عبد اجمليد حيرش، والدكتور الجنيدي<br />
خليفة، والأستاذ عبود عليوش، والأستاذ بشير خلدون -<br />
عليهم رحمة الله - وغيرهم من الأساتذة من الجزاءر ومصر<br />
وسوريا وفرنسا فقد كان الأستاذ محمد الصاله الصديق<br />
أكثر نجوم الأسرة التعليمية تألقا وأوسعهم شهرة، فهو<br />
صاحب كتاب (مقاصد القرآن) الذي كان قد نال منذ فترة<br />
الخمسينيات من القرن الماضي شهرة معتبرة في المغرب<br />
والمشرق وحظي بتقدير الزعماء العرب، وإعجاب الأساتذة<br />
على مدار التاريخ الإسلامي تميّزت منطقة المغرب العربي بخلوها شبه<br />
التام من الفرق والمذاهب الدينية التي ظهرت في بلاد المشرق العربي وبلاد<br />
فارس وما كان يعرف بما وراء النهر، وهو السبب الذي جعل المنطقة<br />
بعيدة الآن، إلى حد ما، عن ذلك السجال الذي عرفه ويعرفه المشرق<br />
العربي.. السجال الداءر حول العلاقة بين الشيعة والسنة، ومع إيران<br />
وتصدير الشورة والامتدادات المذهبية للجمهورية الإسلامية في عدد من<br />
دول الخليج، فضلا عن العراق ولبنان.<br />
للأبهاش ودراسة السياسات بالدوحة،<br />
قطر، موءخرا.. ندوة كانت متميزة بهضور<br />
باحشين من مشارب شتى، وبقوة الطره<br />
وشفافيته وصراحته في أغلب الموضوعات<br />
وعند أكثر المتدخلين.<br />
دار الهديش عن إشكالية العلاقة مع إيران<br />
خاصة بالنسبة لدول الخليج العربية<br />
والعراق وبقية بلدان المشرق العربي، وكان<br />
ذلك الهديش يبتعد ويقترب لكنه يلتقي<br />
داءما على ضرورة تعريف العرب<br />
لمصالههم حتى لا تتداخل مع مصاله<br />
الآخرين فيجدوا أنفسهم وكلاء لغيرهم في<br />
تنفيذ مخططات وتحقيق أجندات لا ناقة<br />
لهم فيها ولا جمل.<br />
السوءال الذي أتصور أنه لم يأخذ حقه من<br />
الإجابات هو حول المسوءول عن تعريف<br />
تلك المصاله، وهل هي مهمة خالصة<br />
للنظم الهاكمة، أم أن لهم في ذلك شركاء<br />
حقيقيون لا أجراء تحركهم الأهواء<br />
السياسية والمصاله الآنية فتتهكم فيما<br />
تسيل به أقلامهم وتجود به عقولهم<br />
فيسيروا في الاتجاه المعاكس للمصاله<br />
الهقيقية للأمة. إن أكثر حكوماتنا العربية<br />
تعاني من ضغوط وتواجه تحديات<br />
الوقوف بقوة أمام أباطرة العولمة المتوحشة<br />
بشقيها السياسي والاقتصادي، وهكذا<br />
سوف لن تتمكن من تعريف المصاله<br />
بصيغة جامعة مانعة، تجمع جميع مصاله<br />
البلدان العربية وتمنع مصاله الأغيار<br />
الإقليميين أو الدوليين. وهكذا تصبه<br />
الهاجة ماسة إلى مراكز دراسات مستقلة<br />
وجادة ومجتمع مدني حقيقي، ورأي عام<br />
واعي إلى درجة تمكّنه من الاختيار الهرّ<br />
والضغط في الوقت المناسب لمساعدة<br />
الهكام على اتخاذ قرارات تخدم الأمة..<br />
ضغط هو من قبيل الهماية لهوءلاء الهكام<br />
من تهديدات أمريكا ومن شايعها..<br />
ضغط تدفع به الهكومات في وجه سادة<br />
العولمة لتقول لهم إننا أمة ذات سيادة وإن<br />
صورة الهكم عندنا انعكاس لإرادة<br />
2007<br />
حول الروءية..<br />
لتبدأ الدندنة<br />
الشعب، فدونكم هذا المواطن الواعي<br />
المتهضر الهريص على مصاله بلده..<br />
خاطبوه وأقنعوه إن وجدتم إلى ذلك سبيلا.<br />
إشارات ومساءل كشيرة تطرّق إليها<br />
المتدخلون في الندوة وتستهق جميعها<br />
الشره والتعميم عبر وساءل الإعلام<br />
لتصل إلى الرأي العام العربي )المنشود(<br />
حسب مستوياته اخملتلفة.. ومن هذه<br />
الإشارات أننا نتهدش عن العلاقة مع دولة<br />
لها روءية واضهة تسعى للوصول إليها<br />
بهلول عام 2025, حتى لو شككنا في<br />
إمكانية تحقيقها.. روءية تشمل العالم<br />
العربي، أو الدول القريبة من إيران على<br />
الأقل.. فما هي روءية العرب المقابلة؟ وما<br />
هي الهالة التي يرون أنفسهم عليها خلال<br />
عقد أو عقدين أو ثلاثة من الزمن القادم؟..<br />
عندما يكون للعرب روءيتهم الصافية<br />
النقية سيتمكنون من دخول مشروع<br />
شراكة، كما طره بعض المتدخلين في<br />
الندوة، مع الدول الإقليمية الصاعدة مشل<br />
إيران وتركيا.. شراكة ستكون متكافئة،<br />
لأننا حينها أهل روءية واضهة مشلهم تماما،<br />
ولن نكون بأي حال تحت عباءة برامج<br />
وسياسات وأجندات الآخرين، حتى لو<br />
اشتركنا في بعض مراحل المسيرة ورفعنا<br />
شعارات متقاربة في هذا الوقت أو ذلك<br />
الموقف.<br />
إن الروءية الواضهة هي التي جعلت دولة<br />
خليجية صغيرة الهجم تحقق إنجازات غير<br />
مسبوقة في مجالات متعددة، ومن هناك<br />
تحولت من شبه جزيرة صغيرة إلى دولة<br />
عظيمة بإعلامها وموءتمراتها ووساطاتها<br />
وعلاقاتها، ولعل من أحسن ما لاحظت في<br />
عناوين أخبار صهف ذلك البلد هو الربط<br />
الجميل بين الإنجازات وروءية الدولة، على<br />
شاكلة: تماشيا مع روءية الدولة الوزير<br />
الفلاني يفتته أو يدشّن أو يعطي إشارة<br />
الانطلاق.. فإلى الروءية ثم الروءية ثم<br />
الروءية.. حولها ندندن جميعا: من الصغير<br />
إلى الكبير ومن الأمير إلى الخفير.<br />
وتقريض الأدباء، ومده الشعراء، كما كان في تلك الفترة من<br />
فرسان الإعلام المسموع والمرءي الذي يصل إلى كل الفئات<br />
والجهات، ومع كل هذا مازلت أتذكره طلق المحيا، جميل الروه،<br />
جم التواضع ينتزع إعجاب تلاميذه بجاذبية شخصيته وسعة<br />
علمه وبراعة أسلوبه في التواصل مع الآخرينوقدرته على<br />
إشراك مستمعيه في الدروس.<br />
وتعرفت على أستاذي الجليل محمد الصاله الصديق بصفة<br />
أعمق عندما توليت إدارة تحرير جريدة ''البصاءر'' لسان حال<br />
جمعية العلماء المسلمين الجزاءريين التي يهرص كل الهرص<br />
على تزويدها بكل التزام وانتظام بمقالاته الهامة التي تصدر<br />
في ''البصاءر'' منذ استئناف صدور سلسلتها الرابعة في 20<br />
ماي 2000 تحت ركن «ما قلّ ودلّ» كما شرفني في سنة<br />
بكتابة مقدمة لكتابي الصادر عن دار المعرفة بعنوان<br />
(وقاءع الزمن المر)، ثم غمرني بفضله بإدراج إسمي في قاءمة<br />
أبناءه الروحيين الذين ذكرهم في الجزء الشاني من موءلفه<br />
(رحلتي مع الزمان).<br />
لا أزعم أنني بهذه الكلمات البسيطة قد توصلت حتى إلى<br />
تقديم لمحة عن شخصية عالم وأديب قد لا تكفي مجلدات<br />
بكاملها للإحاطة والإشاده بمواهبه الشخصية وإسهاماته<br />
الفكرية والأدبية وجهوده التنويرية في ميدان التربية والتعليم،<br />
وعذري أن التاريخ الذي دخله بكل فاعلية واقتدار سيبقي<br />
ذكره طالما بقيت آثاره مواءد عامرة بالكلمة الجميلة والفكرة<br />
الرشيدة والهكمة السديدة والموعظة الهسنة، وكل ذلك هو<br />
من بركات القرآن العظيم الذي ملأ صدره وأتم حفظه وهو لم<br />
يتجاوز التاسعة من عمره ثم استرشد بهديه طوال مسيرته.<br />
نبذة عن الكتاب<br />
أما الكتاب (رحلتي مع الزمان) فهو تسجيل أمين وتصوير<br />
بارع لمراحل حياة حافلة بالأحداش والإنجازات يوجزها الموءلف<br />
في العبارة المبسوطة على صدر الغلاف وهي ''مذكراتي عبر<br />
ضيافتي فوق هذه الأرض، أعرضها بعد تردد طويل، فلعلها<br />
تنفع الأحياء وتوءدي بعض ما يجب نهو الأموات، ولا مناص<br />
● كنا صغارا في القرية،<br />
وكانت لنا أيام خاصّ ة تكون<br />
فيها جرعة الفره أكبرَ منها<br />
في الأيام الأخرى، ومنها يوم<br />
عاشوراء، وهنا على<br />
الأصدقاء الشيعة أن يتريشوا<br />
فلا يعتقدوا أننا كنا نفره<br />
بقتل السيد الهسين رضي<br />
الله عنه، فقد قلت إننا كنا<br />
صغارا وقرويين لم يصلنا لا<br />
خبر الهسين ولا بني أمية،<br />
ولا حتى خبر الرسول الكريم<br />
محمد إنما كان فرحنا بسبب<br />
ظهور بوسعدية في ذلك<br />
اليوم بالذات من العام في<br />
قرية أولاد جهيش.. يوم<br />
عاشوراء، ليجعل للقرى<br />
الأخرى أياما أخرى يفره بها<br />
أطفالها، وبوسعدية هذا يا<br />
سادة يا مادة يا أحباب الله<br />
درويش يشبه في هيئته<br />
دراويش الأتراك، وترافقه<br />
فرقة موسيقية منها من<br />
يضرب على الطبل ومن<br />
يضرب على البندير ومن<br />
يضرب على الزرنة، يقصد<br />
بيوت القرية بيتا.. بيتا<br />
ليبارك العراءس والولدان<br />
والهجاج والمُشترى حديشا من<br />
البغال والأفراس وكباش<br />
الإخصاب، وإن حدش أن<br />
وُ جدت امرأة تأخر عنها<br />
الهمل بما يكفي لإثارة القلق<br />
فهو مسموه لها بأن تحسن<br />
إخفاء وجهها بلهافها وتدخل<br />
في الهضرة لترقص على<br />
أنغام الزرنة حتى يُغمى<br />
عليها، فيما يطلق بوسعدية<br />
صيهات عاليات يتخللها<br />
كلام مفهوم مشل: يا ربي يا<br />
عالي لوتاد.. عمّر حجرها<br />
بلولاد، وكلام غير مفهوم<br />
عادة ما يكون أخفتَ من<br />
الأول فيضيع موجات..<br />
موجات في الأنغام، وحين<br />
تسقط اخمللوقة تبادر النساء<br />
إلى الزغاريد ويبادر كبير<br />
(رحلتي مع الزمان) للأستاذ محمد الصاله الصديق<br />
من أنها سترضي قوما وتغضب آخرين، كلا الأمرين عندي<br />
سواء ما دامت النية خالصة والغاية شريفة، ويبقى الكمال لله<br />
وحده ''. ينقسم الكتاب إلى جزءين، يمتد الجزء الأول على 66<br />
صفهة من القطع المتوسط يفتتهها الموءلف بآيتين من الذكر<br />
الهكيم هما الآيتان 15 و16 من سورة الأحقاف، ثم يهدي<br />
الكاتب موءلفه إلى أرواه أمه وأبيه ومشاءخه ومقدمة يبسط<br />
فيها أسباب تأليفه لهذه المذكرات، ثم يعرض لمحة عن أصله<br />
ونسبه وتأثير والده الإمام الشيخ محمد البشير بطريقته<br />
الطرقية ونزعته الإصلاحية في تنشئته وتكوين شخصيته<br />
مع التأكيد على دور الزاوية اليلولية في منطقة القباءل في<br />
توسيع وصقل معارفه.<br />
في وسط هذه البيئة الإسلامية القرآنية تكونت شخصية<br />
العلامة محمد الصاله الصديق المُهبة للعلم والخير والمحافِظة<br />
على الأصالة والمتمردة على ظلم المستعمر الفرنسي<br />
والطامحة دوما إلى ارتقاء مدارج العلم واجملد وتوسيع آفاق<br />
المعرفة والإدراك.<br />
ويخصص الكتاب حيزا واسعا للهديش عن سنوات الدراسة<br />
في جامع الزيتونة الذي تخرج منه بامتياز بشهادة التهصيل<br />
في العلوم في صاءفة عام 1951 مع الإفاضة في وصف<br />
مراحل ومشاق الرحلة أو المغامرة الجريئة التي قادته رفقة<br />
صديق عمره الأستاذ محمد نسيب - رحمه الله - من الجزاءر<br />
إلى تونس لطلب العلم متهديا الرقابة الفرنسية وحواجز<br />
التفتيش التي يقيمها الأمن الفرنسي للقبض على المسافرين<br />
دون ترخيص، ثم يتناول بالتفصيل الهديش عن مشاءخه<br />
وزملاءه وذكرياته في جامع الزيتونة خلال سنوات الدراسة،<br />
وبعد التخرج يعود إلى مسقط رأسه بقرية أبي زار بداءرة<br />
عزازقة بولاية تيزي وزو للتدريس في الزواية اليلولية التي<br />
درس فيها قبل الرحلة إلى تونس.<br />
ثم تأتي المرحلة الهاسمة في تاريخ الجزاءر المعاصرة وفي حياة<br />
جيل الأستاذ محمد الصاله الصديق وهي مرحلة اندلاع ثورة<br />
التهرير المباركة في الفاتح نوفمبر 1954, وهي الشورة التي<br />
خيوط<br />
ينسجها أسبوعيا:<br />
عبد الرزاق بوكبة<br />
العاءلة إلى إطلاق البارود،<br />
ولمن أراد أن يستزيد من هذه<br />
الطقوس فعليه بقراءة رواية<br />
حروف الضباب لشوّ ار الخيّر<br />
الذي استشمر رواءيا فيها<br />
بشكل راق وراءق، فلماذا<br />
كنا نفره نهن الأطفال<br />
بظهور بوسعدية؟، لأننا كنا<br />
نُعفى من الرعي في ذلك<br />
اليوم حتى لا تفوتنا بركة<br />
الزاءر السنوي المحترم، لماذا<br />
ينزع الطفل العربي دوما إلى<br />
الفره بالإعفاء من المهمات<br />
التي يقوم بها؟، هل لاحظتم<br />
الفره الذي يسكن الأطفال<br />
حين يقال لهم إنكم لا<br />
تدرسون غدا لسبب من<br />
الأسباب؟، هل هي روه<br />
الطفولة المغروسة في الجميع<br />
أم بسبب الطريقة المتعسفة<br />
التي نربط بها طفلنا بما هو<br />
واجب؟، كما كان ظهور<br />
بوسعدية مرتبطا عندنا<br />
بهشو بطوننا بلهم الدجاج<br />
البلدي حد التخمة، إذ كان<br />
في حكم المقدس أن تختار<br />
كل امرأة متزوجة أحسن<br />
ديوكها ودجاجاتها لترميه<br />
بين يدي الزاءر المقدس فيجر<br />
عليه بخنجر يسمى<br />
البوسعادي، وكم كان يروق<br />
لي اختلاط رقصات الدجاج<br />
المذبوه بأنغام الفرقة<br />
المقدسة، هل أخذ هذا الرجلُ<br />
اسمَه من اسم خنجره؟، كان<br />
بوسعدية يرفض أن يأخذ<br />
شيئا من الصدقات أو<br />
الهدايا عكس باقي<br />
الدراويش، حتى أنه كان إذا<br />
طاه الليل على القرية يلج ٔا<br />
إلى جامعها ويبيت فيه مع<br />
مرافقيه رافضا الأطباق التي<br />
يغرقه بها ساكنوها، كان<br />
يكتفي بكسرة الشعير مع<br />
البصل، وكان يهضر ذلك<br />
كله معه من بيته الذي كنا<br />
نسمع بأنه بعيد، بعيد جدا<br />
لذلك فهو لا يظهر إلا مرة<br />
في العام، مرة قلت لجدي:<br />
من أين يعيش ما دام لا يقبل<br />
عاشوراء<br />
ّ خاصة<br />
الصدقات؟، تنهنه وهو<br />
يصنع سجادة من الهلفاء:<br />
ستعرف عندما تكبر، وها قد<br />
كبرت ولم أعرف بعد، وهو<br />
في الهقيقة ليس السوءال<br />
الوحيد الذي طرحته في<br />
صغري وقوبل بهذا المنطق،<br />
لذلك فقد كان حلمي بأن<br />
أكبر ملهّا حتى أعرف<br />
الإجابات، وطبعا كان<br />
الأطفال الذين ولدوا بعد أن<br />
بارك بوسعدية أمهاتهم هم<br />
أكثرنا احتراما له وأعمقنا<br />
لهفة لمقدمه السنوي المبارك،<br />
مرة كنا نلعب تحت شجرة<br />
الخروب التي تجتمع تحتها<br />
عجاءز القرية لطبخ العصيدة<br />
وتوزيعها على الناس كي<br />
يسقط المطر في بدايات<br />
الخريف حتى يهرش الخلق<br />
عطلانهم، وحدش أن ذكر<br />
أحدهم بوسعدية بسوء..<br />
نظر إليه صبي نظرة حارقة<br />
ثم انسهب إلى الخلف.. غاب<br />
عن الأنظار، وبينما نهن<br />
نتهافت على قصعة<br />
العصيدة إذا بصاحبنا الذي<br />
ذكر بوسعدية بسوء يطلق<br />
صرخة لم يتنفس بعدها أبدا،<br />
لقد تلقى ضربة قاتلة بهجر<br />
سمين من طرف الصبي<br />
الذي غاب عن الأنظار،<br />
وحين سئل عن سبب ذلك<br />
قال: إنه جاء إلى الهياة بعد أن<br />
رقصت أمه في حضرة<br />
بوسعدية، وهو لا يسمه<br />
خمللوق في الدنيا بأن يسبه أو<br />
يسيء إليه، اليوم.. وأنا<br />
أستهضر هذه الأجواء بعد<br />
أكثر من عشرين عاما في<br />
متاهات الجزاءر العاصمة<br />
الباردة أشعر بالوجع نفسه<br />
الذي انتاب ذاك الصبي<br />
المضروب بالهجر السمين،<br />
الفرق بيننا أنه غادر الهياة<br />
سريعا فيما أعيشها أنا في<br />
صبر شجرة الخروب، يا<br />
إلهي.. ماذا كنت سأفعل لو<br />
لم أكن كاتبا؟.<br />
انخرط فيها بكل حماس وقناعة بعد أن انتظرها مع مجموعة<br />
من المناضلين بكل ترقب وتفاوءل.<br />
بعد انكشاف سره الشوري تُقرر قيادة جبهة التهرير الوطني<br />
بمنطقة القباءل إرساله إلى تونس عن طريق باريس للتمويه<br />
على المصاله الاستعمارية التي كانت تتهيأ لإلقاء القبض<br />
عليه. ومن تونس التهق بليبيا في مهمة قتالية تحت قيادة<br />
الراءد يذير، وبعدها عين مسوءولا عن إعلام الشورة في ليبيا<br />
وهي المهمة التي أبلى فيها البلاء الهسن خدمة للشورة وسمعة<br />
الجزاءر اجملاهدة، وظل في هذه المهمة إلى غاية استرجاع<br />
الاستقلال الوطني، وبعد عودته للجزاءر ونظرا للأوضاع<br />
المضطربة والمشهونة بعد الاستقلال التهق بسلك التعليم<br />
الشانوي بعد فترة قصيرة قضاها في السلك الدبلوماسي. وفي<br />
سنة 1980<br />
انتدبه الشيخ عبد الرحمان شيبان - أطال الله<br />
عمره - وزير الشوءون الدينية آنذاك للعمل في الوزارة<br />
والإشراف على إحياء تراش الإمام عبد الهميد بن باديس كما<br />
يتعرض لنشاطه الإعلامي في الصهافة والإذاعة والتلفزيون<br />
منذ سنة 1968.<br />
أما الجزء الشاني من الكتاب وهو بعنوان «شخصيات في<br />
الذاكرة» فيمتد على 501 صفهة، وهو عبارة عن موسوعة<br />
حول أعلام الجزاءر والشخصيات التي عاصرها أو تعرّف<br />
عليها، وهي شخصيات وأعلام ساطعة في مختلف الميادين<br />
الجهادية والعلمية والسياسية والأدبية والتعليمية، وتبهرك، بلا<br />
شك، قدرة الأستاذ محمد الصاله الصديق على ربط كل<br />
تلك الصلات الهميمية مع هذا العدد الكبير والمتنوع من<br />
الشخصيات التي طبعت القرن العشرين في الجزاءر والعالم<br />
العربي والإسلامي من زعماء وروءساء وقاة مدنيين<br />
وعسكريين أثناء ثورة التهرير وبعد الاستقلال، وكذلك<br />
قدرته الفاءقة على التقاط وتصوير جوهر الشخصيات التي<br />
عرفها من أعلام الجزاءر ومفكريها ومصلهيها وأدباءها<br />
وإعلامييها وحتى بعض معارفه من عامة الناس، وكل ذلك<br />
في أسلوب مشرق مشع بجمال الصورة وقوة التركيب<br />
ووضوه المعنى وثراء البيان وحسن الذوق.<br />
فهنيئا للمكتبة الجزاءرية بهذا السفر المفيد والممتع.