22.03.2019 Views

تحكيم القوانين

  • No tags were found...

You also want an ePaper? Increase the reach of your titles

YUMPU automatically turns print PDFs into web optimized ePapers that Google loves.

الق وانين <strong>تحكيم</strong> رسالة<br />

للشيخ العالمة مفتي الديار السعودية<br />

محمد بن إبراهيم آل شيخ رحمه هللا<br />

) 9899 ه - 9831 ه )


)) بسم هللا الرحمن الرحيم<br />

))<br />

قال الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه هللا تعالى في رسالته<br />

‏"<strong>تحكيم</strong> <strong>القوانين</strong>":‏<br />

إنّ‏ من الكفر األكبر المستبين ، تنزيل القانون اللعين ، منزلة ما نزل به<br />

الروح األمين ، على قلب محمد صلى هللا عليه وسلم ، ليكون من المنذرين<br />

، بلسان عربي مبين ، في الحكم به بين العالمين ، والرّدِّ‏ إليه عند تنازع<br />

المتنازعين ، مناقضة ومعاندة لقول هللا عزّ‏ وجل : چ ئج ئح ئم ئى<br />

ئي بج بح بخ بم بى بي تج تح تختم تى تي ثج<br />

:٥1 [ ، النساء ] ثم ثى چ<br />

ي ح كِّموا النبي صلى هللا عليه وسلم ، فيما شجر بينهم<br />

وقد نفى هللا سبحانه وتعالى اإليمان عمن لم<br />

، نفيا<br />

مؤكدا بتكرار<br />

أداة النفي وبالقسم ، قال تعالى ‏:چ ۈ ۇٴ ۋ ۋ ۅ ۅ ۉ<br />

ۉ ې ې ې ې ى ى ئا ئا ئە ئە ئو<br />

[ ٥٥ ، النساء:‏ ] ئو چ<br />

ولم يكتف تعالى وتقدس منهم بمجرد ال<strong>تحكيم</strong><br />

للرسول صلى هللا عليه وسلم ، حتى يضيفوا إلى ذلك عدم وجود شيء من<br />

الحرج في نفوسهم ، بقوله جل شأنه : چ ې ې ې ى ى ئا<br />

الضيق : والحرج ٥٥] ، النساء:‏ ] ئا ئە چ<br />

صدورهم لذلك وسالمتها من القلق واالضطراب.‏<br />

. بل ال بدّ‏ من اتساع<br />

ولم يكتف تعالى أيضا هنا بهذين األمرين ، حتى يضموا إليهما التسليم :<br />

وهو كمال االنقياد لحكمه صلى هللا عليه وسلم ، بحيث يتخلّون هاهنا من<br />

أي تعلق للنفس بهذا الشيء ، ويسلموا ذلك إلى الحكم الحق أتمّ‏ تسليم<br />

ولهذا أكّد ذلك بالمصدر المؤكّد ، وهو قوله جلّ‏ شأنه تسليمًا المبيّن<br />

أنه ال ي كتفى هاهنا بالتسليم..‏ بل ال بدّ‏ من التسليم المطلق وتأمل ما في اآلية<br />

،<br />

}<br />

{<br />

:


األولى ، وهي قوله تعالى<br />

‏:چ ئج ئح ئم ئى ئي بج بح بخ بم بى<br />

بي تج تح تختم تى تي ثج ثم ثى چ<br />

٥1: [ النساء ]<br />

{<br />

كيف<br />

ذكر النّك رة ، وهي قوله:‏ شيء{‏ في سياق الشرط ، وهو قوله جلّ‏ شأنه<br />

فإن تنازعتم المفيد العموم فيما ي تصوّ‏ ر التنازع فيه جنسا وقدرً‏ ا.‏<br />

:<br />

}<br />

{<br />

{<br />

:<br />

ثم تأمل كيف جعل ذلك شرطا في حصول اإليمان باهلل واليوم اآلخر،‏ بقوله<br />

إن كنتم تؤمنون باهلل واليوم اآلخر ، ثم قال جل شأنه ذلك خير<br />

فشيء ي طلق هللا عليه أنه خير،‏ ال يتطرّق إليه شرّ‏ أبدا بل هو خير<br />

محض عاجال وآجالً‏ ثم قال:‏ وأحسن تأويالً‏ أي عاقبةً‏ في الدنيا<br />

واآلخرة ، فيفيد أنّ‏ الردَّ‏ إلى غير الرسول صلى هللا عليه وسلم عند التنازع<br />

شرٌّ‏ محض ، وأسوأ عاقبة في الدنيا واآلخرة.‏ عكس ما يقوله المنافقون<br />

}<br />

:<br />

{<br />

:<br />

،<br />

:<br />

}<br />

}<br />

{<br />

چ ژ ڑ ڑ ک ک ک چ<br />

[ ٥٦ ، النساء:‏ ]<br />

وقولهم : چ ڳ ڱ<br />

[<br />

99<br />

ڱ ڱ چ ]<br />

البقرة:‏<br />

ولهذا ردّ‏ هللا عليهم قائال<br />

: چ ڱ ں ں ڻ ڻ ڻ ڻ ۀ چ<br />

.<br />

)<br />

، [ 9٦<br />

(<br />

]<br />

البقرة:‏ وعكس ما عليه القانونيون من حكمهم على القانون<br />

بحاجة العالم بل ضرورتهم إلى التحاكم إليه ، وهذا سوء ظن ص ر ‏ٍف<br />

بما جاء به الرسول صلى هللا عليه وسلم ، ومحض استنقاص لبيان هللا<br />

ورسوله ، والحكم عليه بعدم الكفاية للناس عند التنازع ، وسوء العاقبة في<br />

الدنيا واآلخرة إن هذا الزم لهم<br />

،<br />

وتأمّل أيضا ما في اآلية الثانية من العموم ، وذلك في قوله تعالى<br />

چ:‏ ۉ ۉ ې چ<br />

،<br />

فإنّ‏ اسم الموصول مع ص لته مع صيغ<br />

العموم عند األصوليين وغيرهم ، وذلك العموم والشمول هو من ناحية<br />

األجناس واألنواع،‏ كما أنه من ناحية القدر،‏ فال فرق هنا بين نوع ونوع<br />

كما أنّه ال فرق بين القليل والكثير،‏ وقد نفى هللا اإليمان عن م ن أراد


التحاكم إلى غير ما جاء به الرسول صلى هللا عليه وسلم ، من المنافقين ،<br />

كما قال تعالى : چ ٱ ٻ ٻ ٻ ٻ پ پ پ پ ڀ ڀ<br />

ڀ ڀ ٺ ٺ ٺ ٺ ٿ ٿ ٿ ٿ ٹ ٹ ٹ ٹ<br />

ڤ ڤ ڤ ڤ ڦ ڦ چ<br />

[ ٥٦ النساء:‏ ]<br />

}<br />

{ :<br />

فإنّ‏ قوله عز و جل<br />

ي ز ع مون تكذيب لهم فيما ادّعوه من اإليمان ، فإنه ال يجتمع التحاكم<br />

إلى غير ما جاء به النبي صلى هللا عليه وسلم مع اإليمان في قلب عبدٍ‏<br />

أصالً،‏ بل أحدهما ينافي اآلخر،‏ والطاغوت مشتق من الطغيان<br />

مجاوزة الحدّ‏ فكلُّ‏ م ن ح ك م بغير ما جاء به الرسول صلى هللا عليه وسلم<br />

أو حاك م إلى غير ما جاء به النبي صلى هللا عليه وسلم ، فقد ح ك م<br />

بالطاغوت وحاكم إليه وذلك أنّه م ن حقِّ‏ كل أحدٍ‏ أن يكون حاكمًا بما جاء<br />

به النبي صلى هللا عليه وسلم ، ال بخالفه.‏ كما أنّ‏ من حقِّ‏ كل أحدٍ‏<br />

أن ي حاك م إلى ما جاء به النبي صلى هللا عليه وسلم فم ن ح ك م بخالفه أو<br />

حاكم إلى خالفه فقد طغى ، وجاوز حدّه ، ح ك مًا أو <strong>تحكيم</strong>ا ، فصار بذلك<br />

طاغوتا لتجاوزه حده<br />

،<br />

، وهو :<br />

...<br />

، فقط<br />

.<br />

وتأمل قوله عز وجل:‏ چ ٿ ٿ ٹ ٹ ٹ چ تعرف منه معاندة<br />

القانونيين ، وإرادتهم خالف مراد هللا منهم حول هذا الصدد ، فالمراد منهم<br />

شرعًا والذي تعبّدوا به هو:‏ الكفر بالطاغوت ال <strong>تحكيم</strong>ه...‏ چ ٹ ٹ<br />

،<br />

[ ٥1<br />

ٹ ڤ ڤ ڤ ڤ ڦ چ ]<br />

البقرة:‏<br />

ثم تأمل قوله<br />

: چ ٹ<br />

ڤ ڤ ڤ ڤ ڦ چ<br />

[ ٥٦ النساء:‏ ]<br />

كيف دلَّ‏ على أنّ‏ ذلك<br />

ضالل ، وهؤالء القانونيون يرونه من الهدى ، كما دلّت اآلية على أنّه من<br />

إرادة الشيطان ، عكس ما يتصور القانونيون من ب عدهم من الشيطان ، وأ ‏ّن<br />

فيه مصلحة اإلنسان ، فتكون على زعمهم مرادات الشيطان هي صالح<br />

اإلنسان ، ومراد الرحمن وما ب عث به سيد ولد عدنان صلى هللا عليه وسلم


معزوال من هذا الوصف،‏ وم ن حىً‏ عن هذا الشأن وقد قال تعالى منكرا على<br />

هذا الضرب من الناس ، ومقر ‏ًرا ابتغاءهم أحكام الجاهلية ، وموضحا أنه<br />

ال ح كم أحسن من ح كمه : چ ی ی ئجئح ئم ئى ئي بج بح بخ<br />

المائدة:‏ ] بم بى چ<br />

. [ ٥٦<br />

فتأمل هذه اآلية الكريمة وكيف دلّت على أنّ‏ ق سمة الحكم ثنائية ، وأنّه ليس<br />

بعد حكم هللا تعالى إالّ‏ ح كم الجاهلية ، شاءوا أم أبوا ، بل هم أسوأ منهم<br />

حاالً‏ ، وأكذب منهم مقاالً‏ ، ذلك أنّ‏ أهل الجاهلية ال تناق ض لديهم حول هذا<br />

الصدد وأما القانونيون فمتناقضون ، حيث يزعمون اإليمان بما جاء به<br />

الرسول صلى هللا عليه وسلم ، ويناقضون ويريدون أن يتّخذوا بين ذلك<br />

سبيالً‏ ، وقد قال هللا تعالى في أمثال هؤالء : چ ڈ ڈ ژ ژڑ<br />

ڑ ک ک ک ک چ<br />

[ 9٥9 النساء:‏ ]<br />

ثم انظر كيف ردّت<br />

هذه اآلية الكريمة على القانونيين ما زعموه من ح سن زبالة أذهانهم<br />

،<br />

ونحاتة أفكارهم ، بقوله عزّ‏ وج ‏ّل : چ ئم ئى ئي بج بح بخ بم چ<br />

" :<br />

قال الحافظ ابن كثير في تفسير هذه اآلية ينكر هللا على من خرج من<br />

حكم هللا الم ح كم المشتمل على كل خير ، الناهي عن كل ش ‏ّر ، وع د ل إلى<br />

ما سواه من اآلراء واألهواء واالصطالحات ، التي وضعها الرجال بال<br />

مستند من شريعة هللا ، كما كان أهل الجاهلية يحكمون به من الضالالت<br />

والجهاالت ، مما يضعونها بآرائهم وأهوائهم ، وكما يحكم به التتار من<br />

السياسات الملكية المأخوذة عن م ل كهم جنكيز خان الذي وضع لهم كتابًا<br />

مجموعًا من أحكامٍ‏ قد اقتبسها من شرائع شتى ، من اليهودية<br />

، والملة اإلسالمية ، وغيرها وفيها كثير من األحكام أخذها من مجرد<br />

نظره وهواه ، فصارت في ب نيه شر ‏ًعا م تّبعا يقدِّمونها على الحكم بكتاب هللا<br />

و سنّة رسوله صلى هللا عليه وسلم ، فمن فعل ذلك فهو كافر يجب قتاله<br />

حتى يرجع إلى حكم هللا ورسوله ، فال يح كِّم سواه في قليل وال كثير قال<br />

تعالى : چ ی ی ئجئح چ<br />

، والنصرانية<br />

.<br />

"<br />

"<br />

، أي :<br />

يبتغون ويريدون ، وعن حكم هللا


چ،‏<br />

چ،‏<br />

يعدلون ، چ ئم ئى ئي بج بح بخ بم چ أي<br />

:<br />

.<br />

)<br />

ومن أعدل من هللا<br />

في حكمه ، ل م ن ع ق ل عن هللا شرعه وآمن به وأيقن ، وعل م أنّ‏ هللا أحكم<br />

الحاكمين ، وأرحم بخلقه من الوالدة بولدها ، فإنه تعالى هو العالم بكل<br />

شيء ، القادر على كل شيء ، العادل في كل شيء".‏ ( انتهى قول الحافظ<br />

ابن كثير<br />

وقد قال عزّ‏ شأنه قبل ذلك مخاطبا نبيه محمدًا صلى هللا عليه وسلم<br />

چ ڑ ڑ ک ک کک گ گ گ گ ڳ ڳ ڳڳ چ<br />

:<br />

، و :<br />

[<br />

المائدة:‏ ٨3<br />

قال تعالى<br />

چ ۆ ۈ ۈ ۇٴ ۋ ۋ ۅ ۅ<br />

]<br />

ۉ ۉ ې ې ې ې ى ى ئا ئائە چ<br />

[ ٨1 ، المائدة:‏ ]<br />

وقال تعالى م خيرا نبيه محمدا صلى هللا عليه وسلم ، بين الح كم بين اليهود<br />

واإلعراض عنهم إن جاء وه لذلك ‏:چ پ پ پ پ ڀ ڀ ڀڀ<br />

ٺ ٺ ٺ ٺ ٿ ٿٿ ٿ ٹ ٹ ٹ ٹڤ ڤ<br />

ڤ ڤ ڦ ڦ چ<br />

[ ٨٦ ، المائدة:‏ ]<br />

: والقسط هو<br />

حقا إالّ‏ ح كم هللا ورسوله ، والحكم بخالفه هو الجور،‏ والظلم<br />

العدل وال عدل<br />

، والضالل ،<br />

والكفر،‏ والفسوق ، ولهذا قال تعالى بعد ذلك : چ ۀ ۀ ہ ہ ہ ہ<br />

[<br />

ھ ھ ھ ھ چ ]<br />

المائدة:‏‎٨٨‎<br />

ې ى ى ئا ئا ئە<br />

[<br />

٨٥<br />

ئە ئو ئو ئۇ چ ]<br />

المائدة:‏<br />

ڄ ڃ ڃ ڃ ڃ چ<br />

. [٨٤<br />

چ چ چ ڇ چ ]<br />

المائدة:‏


فانظر كيف سجّل تعالى على الحاكمين بغير ما أنزل هللا الكفر والظلم<br />

والفسوق ، وم ن الممتنع أن ي سمِّي هللا سبحانه الحاكم بغير ما أنزل هللا<br />

كافرً‏ ا وال يكون كافرً‏ ا ، بل كافر مطلقًا ، إمّا كفر عمل وإما كفر اعتقاد<br />

وما جاء عن ابن عباس رضي هللا عنهما في تفسير هذه اآلية من<br />

رواية طاووس وغيره يدلُّ‏ أنّ‏ الحاكم بغير ما أنزل هللا كافر إمّا كفر اعتقادٍ‏<br />

ناقل عن الملّة ، وإمّا كفر عملٍ‏ ال ينقل عن الملّة<br />

،<br />

.<br />

،<br />

أمّا األول :<br />

وهو كفر<br />

االعتقاد فهو أنواع<br />

:<br />

أحدها أن يجحد الحاكم بغير ما أنزل هللا أحقيّة ح كم هللا ورسوله وهو<br />

معنى ما ر وي عن ابن عباس ، واختاره ابن جرير أنّ‏ ذلك هو جحود ما<br />

أنزل هللا من الح كم الشرعي ، وهذا ما ال نزاع فيه بين أهل العلم ، فإ ‏ّن<br />

األصول المتقررة المتّفق عليها بينهم أنّ‏ م ن ج ح د أصالً‏ من أصول الدين<br />

أو فرعًا م جمعًا عليه ، أو أنكر حرفًا مما جاء به الرسول صلى هللا عليه<br />

وسلم ‏ًا ، فإنّه كافر الكفر الناقل عن الملّة<br />

.<br />

، قطعيّ‏<br />

:<br />

الثاني أن ال يجحد الحاكم بغير ما أنزل هللا كون ح كم هللا ورسول ه حقّ‏ ‏ًا<br />

لكن اعتقد أنّ‏ ح كم غير الرسول صلى هللا عليه وسلم أحسن من ح كمه<br />

وأتمّ‏ وأشمل لما يحتاجه الناس من الح كم بينهم عند التنازع ، إمّا م طلقا<br />

أو بالنسبة إلى ما استجدّ‏ من الحوادث ، التي نشأت عن تطوّ‏ ر الزمان<br />

وتغير األحوال ، وهذا أيضًا ال ريب أنه كافر ، لتفضيله أحكام المخلوقين<br />

التي هي محض زبالة األذهان ، وصر ف ح ثالة األفكار ، على ح كم الحكيم<br />

الحميد وح كم هللا ورسول ه ال يختلف في ذاته باختالف األزمان<br />

األحوال ، وتجدّد الحوادث ، فإنّه ما من قضية كائن ‏ٍة ما كانت إالّ‏ وح كمها<br />

في كتاب هللا تعالى ، وسنة رسوله - صلى هللا عليه وسلم نصّ‏ ‏ًا أو ظاهرً‏ ا<br />

أو استنباطًا أو غير ذلك ، ع ل م ذلك م ن علمه ، وج ه ل ه م ن جهله وليس<br />

معنى ما ذكره العلماء من تغيّر الفتوى بتغير األحوال ما ظنّه م ن قلَّ‏<br />

نصيب ه أو عدم من معرفة مدارك األحكام وع ل لها ، حيث ظنّوا أنّ‏ معنى<br />

ذلك بحسب ما ي الئم إرادتهم الشهوانية البهيمية ، وأغراضهم الدنيوية<br />

،<br />

،<br />

، وتطور<br />

-<br />

،<br />

...


وتصوّ‏ راتهم الخاطئة ولهذا تجد هم يحامون عليها ، ويجعلون النصوص<br />

تابعة لها منقادة إليها ، مهما أمكنهم فيحرفون لذلك الك ل م عن مواضعه<br />

وحينئذٍ‏ معنى تغيُّر الفتوى بتغير األحوال واألزمان مراد العلماء منه<br />

ما كان م ستصحبه فيه األصول الشرعية ، والعلل المرعية<br />

التي ج ن س ها مراد هلل تعالى ورسوله صلى هللا عليه وسلم ، ومن المعلوم<br />

أنّ‏ أرباب <strong>القوانين</strong> الوضعية عن ذلك بمعزل ، وأنهم ال يقولون إالّ‏ على ما<br />

يالئم مراداتهم ، كائنة ما كانت،‏ والواقع أصدق شاه ‏ٍد<br />

.<br />

:<br />

، والمصالح<br />

"<br />

.<br />

:<br />

"<br />

الثالث أن ال يعتقد كون ه أحسن من ح كم هللا ورسوله ، لكن اعتقد أنه مثله<br />

، فهذا كالنوعين الذين قبله ، في كونه كافرً‏ ا الكفر الناقل عن الملّة<br />

يقتضيه ذلك من تسوية المخلوق بالخالق والمناقضة والمعاندة لقوله هللا<br />

عزّ‏ وجلّ‏ : چ ٺ ٿ ٿٿ چ<br />

، لما<br />

[ 99 الشورى:‏ ]<br />

،<br />

:<br />

.<br />

ونحوها من<br />

اآليات الكريمة الدالّة على تفرُّد الربّ‏ بالكمال ، وتنزيهه عن ممثالة<br />

المخلوقين ، في الذات والصفات واألفعال والح كم بين الناس فيما يتنازعون<br />

فيه<br />

الرابع أن ال يعتقد كون ح كم الحاكم بغير ما أنزل هللا مماثالً‏ لحكم هللا<br />

ورسوله،‏ فضالً‏ عن أن يعتقد كونه أحسن منه ، لكن اعتقد جواز الح كم بما<br />

يخالف ح كم هللا ورسوله ، فهذا كالذي قبله يصد ق عليه ما يصدق عليه<br />

العتقاده جواز ما علم بالنصوص الصحيحة الصريحة القاطعة تحريمه<br />

،<br />

.<br />

، ومكابرة<br />

:<br />

الخامس وهو أعظمها وأشملها وأظهرها معاندة للشرع<br />

ألحكامه ، ومشاقّة هلل ورسوله ، ومضاهاة بالمحاكم الشرعية ، إعدا ‏ًدا<br />

وإمدادًا وإرصا ‏ًدا وتأصي ‏ًال ، وتفري ‏ًعا وتشكي ‏ًال وتنوي ‏ًعا ، وحك ‏ًما وإلزا ‏ًما<br />

ومراجع ومستندات فكما أنّ‏ للمحاكم الشرعية مراجع مستمدّات<br />

مرجعها كلُّها إلى كتاب هللا وسنة رسوله صلى هللا عليه وسلم<br />

المحاكم مراجع القانون الم لفّق من شرائع شتى ، وقوانين كثيرة<br />

كالقانون الفرنسي ، والقانون األمريكي ، والقانون البريطاني ، وغيرها من<br />

،<br />

،<br />

،<br />

، فلهذه<br />

:<br />

.<br />

، هي


<strong>القوانين</strong> ، ومن مذاهب بعض البدعيين المنتسبين إلى الشريعة وغير ذلك.‏<br />

فهذه المحاكم في كثير من أمصار اإلسالم مهيّأة مكملة األبواب<br />

والناس إليها أسراب إث ر أسراب ، يحك م ح كّام ها بينهم بما يخالف ح كم<br />

الس نّة والكتاب ، من أحكام ذلك القانون ، وت لزمهم به ، وت ق رُّهم عليه<br />

وت حتِّم ه عليهم فأيُّ‏ ك فر فوق هذا الكفر؟!‏ ، وأيُّ‏ مناقضة للشهادة بأنّ‏<br />

محمدًا رسول هللا بعد هذه المناقضة ؟!‏<br />

،<br />

،<br />

، مفتوحة<br />

.<br />

...<br />

و ذ ك ر أدلّة جميع ما قدّمنا على وجه البس ط معلومة معروفة ، ال يحتمل<br />

ذكرها في هذا الموضوع فيا معشر الع قالء ، ويا جماعات األذكياء<br />

وأولي النهى كيف ترضون أن تجري عليكم أحكام أمثالكم<br />

أشباهكم ، أو م ن هم دونكم ، م مّن يجوز عليهم الخطأ ، بل خطأهم أكثر<br />

من صوابهم بكثير ، بل ال صواب في ح كمهم إالّ‏ ما هو م ستمدٌّ‏ من ح كم هللا<br />

ورسوله ‏ًا أو استنباطًا ، ت د عونهم يحكمون في أنفسكم ودمائكم<br />

وأبشاركم ، وأعراضكم وفي أهاليكم من أزواجكم وذراريكم ، وفي أموالكم<br />

وسائر حقوقكم ؟؟<br />

ويتركون ويرفضون أن يحكموا فيكم بح كم هللا ورسوله ، الذي ال يتطرّق<br />

إليه الخطأ ، وال يأتيه الباطل من بين يديه وال من خلفه تنزيل من حكيم<br />

حميد وخ ضوع الناس ورضوخهم لحكم ربِّهم خضوع ورضوخ ل ح كم<br />

م ن خلقهم تعالى ليعبدوه فكما ال يسجد الخلق إالّ‏ هلل ، وال يعبدون إالّ‏ إياه<br />

وال يعبدون المخلوق ، فكذلك يجب أن ال يرضخوا وال يخضعوا أو ينقادوا<br />

إالّ‏ لح كم الحكيم العليم الحميد ، الرؤوف الرحيم ، دون ح كم المخلوق<br />

الظلوم الجهول ، الذي أهلكته الشكوك والشهوات والشبهات<br />

على قلوبهم الغفلة والقسوة والظلمات فيجب على الع قالء أن يربئوا<br />

بنفوسهم عنه ، لما فيه من االستعباد لهم ، والتحكم فيهم باألهواء<br />

واألغراض ، واألغالط واألخطاء فضالً‏ عن كونه كفرً‏ ا بنصِّ‏<br />

، وأفكار<br />

،<br />

، واستولت<br />

،<br />

،<br />

، نصّ‏<br />

...<br />

]<br />

قوله تعالى : چ ۀ ۀ ہ ہ ہ ہ ھ ھ ھ ھ چ<br />

[ . المائدة:‏‎٨٨‎


:<br />

السادس ما يحك م به كثير من رؤساء العشائر ، والقبائل من البوادي<br />

ونحوهم ، من حكايات آبائهم وأجدادهم ، وعاداتهم التي يسمُّونها<br />

‏"سلومهم"‏ ، يتوارثون ذلك منهم ، ويحكمون به ويح ضُّون على التحاكم<br />

إليه عند النزاع ، بقا ‏ًء على أحكام الجاهلية ، وإعراضًا ورغب ‏ًة عن ح كم هللا<br />

ورسوله حول وال قوة إالّ‏ باهلل<br />

:<br />

.<br />

، فال<br />

وأمّا القسم الثاني من قسمي ك فر الحاكم بغير ما أنزل هللا ، وهو الذي ال<br />

ي خرج من الملة فقد تقدّم أنّ‏ تفسير ابن عباس رضي هللا عنهما لقول هللا<br />

-<br />

-<br />

عزّ‏ وجلّ‏ : چ ۀ ۀ ہ ہ ہ ہ ھ ھ ھ ھ چ<br />

" :<br />

" :<br />

قد شمل ذلك القسم ، وذلك في قوله رضي هللا عنه في اآلية ك فر<br />

دون كفر"‏ ، وقوله أيضًا ليس بالكفر الذي تذهبون إليه وذلك أن<br />

ت ح م ل ه شهوت ه وهواه على الح كم في القضية بغير ما أنزل هللا ، مع اعتقاده<br />

أنّ‏ ح كم هللا ورسوله هو الحقّ‏ ، واعترافه على نفسه بالخطأ ومجانبة الهدى<br />

وهذا وإن لم ي خر ج ه ك ف ر ه عن الملّة ، فإنه معصية ع ظمى أكبر من الكبائر<br />

كالزنا وش رب الخمر،‏ والسّر قة واليمين الغموس ، وغيرها فإنّ‏ معصية ً<br />

سمّاها هللا في كتابه كفرً‏ ا ، أعظم من معصية لم ي سمِّها ك فرً‏ ا<br />

،<br />

.<br />

"<br />

:<br />

، إنّه<br />

نسأل هللا أن يجمع المسلمين على<br />

وليُّ‏ ذلك والقادر عليه<br />

التحاكم إلى كتابه<br />

، انقيا ‏ًدا ورضا ‏ًء<br />

.<br />

تمّت الرسالة<br />

. وهلل الحمد

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!