Shabab News Magazine Issue # 192
Shabab News Magazine Issue # 192
Shabab News Magazine Issue # 192
You also want an ePaper? Increase the reach of your titles
YUMPU automatically turns print PDFs into web optimized ePapers that Google loves.
SUBJECT<br />
ثقافة الشعوب<br />
إن مصطلح ثقافة مصطلح متشعب وكبير كبر الشعوب وتقاليدها، كبر حياتهم<br />
وعيشها، فما اعتدناه في حياتنا وتمسكنا به قد يكون آخر أولويات الشعوب األخرى، فاختالف<br />
الثقافات أوجد اختالف األولويات وتفاوتها لكن ذلك ال يمنع وجود تفاعل كبير بين الشعوب<br />
ورغبة ال تكلّ لمعرفة ثقافة الغير.<br />
ولكل أمة ثقافة تعر عن<br />
كينونتها، وتعكس طبيعتها، وتسجل<br />
عطاءاتها المتراكمة عبر التاريخ الطويل،<br />
فتجعل منها أمة ذات خصوصيات تميزها<br />
عن األمم األخرى. وكذلك هي الثقافة<br />
في نميزها عن الثقافات السائدة، سواء<br />
في الزمن الواحد، أو في أزمنة متطاولة،<br />
وإن كانت تأخذ عنها، وتقتبس منها،<br />
وتتالحق معها، وتندمج فيها، فتتقارب،<br />
وتتحاور، وتتفاعل، فتكتسب قوةً في<br />
ً عى التناغم مع البيئة،<br />
المناعة، وقدرة<br />
وعلى التكيف مع المحيط اإلنساني العام.<br />
وتلك هي طبيعة الثقافة لدى أي أمة من<br />
األمم، وفي كل عصر من العصور.<br />
يُعدّ التفاعل الثقافيّ وليد االنفتاح الحاصل<br />
خالل العقود األخيرة بين مختلف الدول<br />
والشعوب، ونظرًا للتطورات الجذريّة في<br />
مجاالت االتصاالت والعلوم والسياسيّة فلم<br />
تعد الشعوب منكفئة على نفسها، فهي<br />
اليوم تخرج من حدود ثقافتها األصلية<br />
لتتشاركها مع الشعوب األُخرى، تؤثر وتتأثر،<br />
ومن خالله استطاعت الشعوب أن ترى<br />
نفسها في عيون الشعوب األُخرى، مما<br />
ساعدها على مراجعة موروثها الثقافي<br />
عبر مراحل زمنيّة، والمحافظة على أهم<br />
المظاهر الثقافية اإليجابية لديها، والتخلص<br />
من المظاهر التي تشكل عائقًا أمام نمو<br />
حضارتها اإلنسانية وتقدمها.<br />
ويلعب التفاعل الثقافي دورًا مُ همًا في<br />
توطيد التواصل والحوار بين الشعوب،<br />
األمر الذي يُعزز قوة مبدأ السلم العالمي<br />
الذي تتوق لتحقيقه البشرية عبر العصور،<br />
فالشعوب التي تتحاور ثقافيًا لن تلجأ إلى<br />
الحروب وافتعال الصراعات المسلحة ألن لغة<br />
الحوار أشد تأثيرًا ورُقيًا من الفعل العسكري،<br />
ويبدأ عندما تُبدي الشعوب احترامها لثقافة<br />
الشعوب األخرى، ونمط حياتها، ومعتقداتها.<br />
ولعل أهم ما نفتقده اليوم هو ثقافة احترام<br />
اآلخر، فإذا كان االحترام من العادات الحميدة<br />
التي يجب على الفرد التمسك بها في كافة<br />
شؤون حياته، فإن األمر ال يختلف كثيرا على<br />
مستوى المجتمع، بمعنى أن المواطنة<br />
الصالحة، ال يمكن أن تكتمل وتصبح واقعا<br />
مشهودا من دون أن يكون االحترام أساس<br />
التعامل بين جميع المكونات التي تستظل<br />
براية المجتمع، بل إن قيمة االحترام، تخطت<br />
إلى ما هو أبعد وصارت األساس المتين ألي<br />
عالقة دولية ناجحة.<br />
وليس بخاف على أحد منا أن الفرد هو نواة<br />
االحترام ونقطة البداية في هذه المنظومة<br />
الواسعة، حيث تطورت هذه الصفة الحميدة<br />
وصارت ثقافة في حد ذاتها، فلدى كل إنسان<br />
بالمجتمع ثقافته وخبراته التي تكونت<br />
من تجاربه الممتدة واطالعه المتواصل،<br />
وهو ما يعني أن الثقافة في أي مجتمع ال<br />
يمكن اختزالها وقصرها على فئة بعينها<br />
أو أشخاص محددين، اعتاد البعض أن<br />
يسميهم »الصفوة« لكن الحقيقة هي أن<br />
لدى كل فرد ثقافته، والتي غالبا ما تكون<br />
بعيدة عن الصورة النمطية للمثقف والتي<br />
ساهمت في رسمها وتصويرها العديد من<br />
األعمال الفنية.<br />
DEC 2017 I 44