27.12.2020 Views

ماكو فضاء حر للابداع - العدد 03

ماكو فضاء حر للابداع MAKOU free space for creativity ماكو مجلة الكترونية تهتم بتاريخ الفن العراقي، تتابع نشأته في القرن الماضي وما حصل من تبدلات في الاسلوب والرؤيا، مع اهتمام بنشر ما يتوفر من وثائق وصور ذات علاقة بهذا التاريخ

ماكو فضاء حر للابداع
MAKOU free space for creativity

ماكو مجلة الكترونية تهتم بتاريخ الفن العراقي، تتابع نشأته في القرن الماضي وما حصل
من تبدلات في الاسلوب والرؤيا، مع اهتمام بنشر ما يتوفر من وثائق وصور ذات علاقة
بهذا التاريخ

SHOW MORE
SHOW LESS

You also want an ePaper? Increase the reach of your titles

YUMPU automatically turns print PDFs into web optimized ePapers that Google loves.

األشكال اخلالصة من لذائذ جمالية ‏)الصورتني

82 و 83( وبعد ثقايف يتراسل مع أطروحات

التأصيل والهوية.‏ وسوف جند ذلك ضاغطاً‏

وجودياً‏ جلياً‏ لدى الفنان الذي خبر مكابدات

الغربة وصراعاتها الثقافية والوجودية،‏ خاصة

بعد رحيله املتأخر من بغداد يف العقد األول من

األلفية الثالثة.‏

يف نسق من األعمال اخلزفية يفتح لنا الفنان

طارق إبراهيم نوافذ نطل من خاللها على

فضاءات خارج بنيتها،‏ تستدرجنا لعاملها اخلاص

وبفتحاتها التي أجدها عيوناً‏ ترفد بصيرتنا

ورؤانا،‏ وهي ترتد عميقاً‏ لنصوص اإلصغاء إلى

الالمحدود وغير املتعني الالمرئي املتشكل

فنياً‏ وطقوسياً‏ يف تفاصيل احلياة االجتماعية

والفكر امليثولوجي الرافديني القدمي،‏ ويف قلقه

الوجودي.‏ .

إستدعى متاثيل ‏)الوالدة النذرية(‏ التي كانت

تقدم عبر طقوس نذرية للعوالم املتحكمة

بخصوبة األنثى ‏)احلمل والوالدة(،‏ وكانت توضع

يف غرف املعابد األشد قداسة ‏)قدس األقداس

،)cella واملائزة بعيونها الكبيرة،‏ ولذلك سُ‏ ميت

ب«متاثيل العيون.‏ ‏)الصفحتني 115،106(.

لرمبا من خالل تلك العيون احملدقة يف غياهب

املجهول والالمرئي،‏ حيث تطل على العالم

امليتافزيقي،‏ وهي حتمل يف جنباتها اآلمال

املعقودة باخلصوبة والتناسل،‏ وجتنب املخاوف

التي ترسخت يف الفكر االجتماعي من العيون

الضارة واحلاسدة،‏ والتي اختزلت عبر السنون

واحلقب إلى سبعة أعني والتي ما تزال تعلق

يف واجهات بعض البيوت وفوق أبوابها وعلى

واجهات بعض احملال التجارية ظناً‏ منهم أنها

تسهم يف درء اخلطر احملدق بهم من خالل

نظرات تلك العيون احلاسدة.‏ يف الشكل )115 )

يكثف الفنان دوال العمل بصياغته تلك،‏ مانحاً‏

الشكل اخلزيف سلطته القارة من خالل تلك

الفتحات التي تثير فينا رغبة عارمة الكتشاف

ما ترنو إليه وتبصر،‏ يف األعلى عينان سومريتان

وجدت كثيراً‏ يف متاثيل اآللهة واملتعبدين

السومريني وامتدت للحضارات التي تلتها.‏

ويف جتربة اخلزاف طارق إبراهيم احتفاء

بدميومة ذلك التراث احلضاري،‏ والذي نلمح

صداه يتردد يف وعي الفنان الذي يستلهم هذا

التراث العظيم وفهم احلقيقة التي يبوح بها

العمل الفني.‏

فالعيون السومرية التي حافظت على دوام

حضورها يف ذاكرة التأريخ،‏ واحتفظت لذاتها

بكلمة يتردد صداها يف صحائف املستقبل

حيث تسترد وجودها برشاقة يف أسطح اخلزف

وحوامل التصوير واألعمال النحتية يف أعتاب

األلفية الثالثة.‏ وهذه اجلزئية احلضارية التي

أحلت بظهورها يف جتارب الفنان األخيرة

خالل زيارته لعمان قادماً‏ من املهجر يف أميركا،‏

ليترجم هذا احلنني والبوح ببالغة مستدعياً‏

تلك العيون السومرية التي بقيت محدقة آلالف

السنني.‏

فمكابدات الغربة وضغط الهوية،‏ وهو الفنان

الستيني الذي خبر هذا املخاض األنطلوجي

وصراعات الفكر والهوية واألصالة والتجديد

والثراء التقني،‏ مع أقرانه من هذا اجليل الفعال

واملؤثر بكل األصعدة،‏ كلها عوامل ساهمت يف

ترسيخ نظرته اجلمالية عبر جتربته الفنية

املؤثرة،‏ مانحاً‏ الطني بالغة احلضور ورنينه

اخلاص.‏ إنه الفنان امللتاع بحب العراق،‏ الذي

لم يستطع أن يدخر دمعاً‏ حلظة ذكر بغداد،‏ إنه

الكبير طارق إبراهيم.‏

62

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!