Brahim Hanine

يرى الفنان إبراهيم حنين في حديثه إلى ‏»الصحراء المغربية«‏ أن القيم الجمالية للحرف في خط ‏»الرسول«‏
تتالءم مع منحى الرسم التشكيلي،‏ مثلما أن اإليقاع الذي يطبع حركية الحروف كما الكتابة يتجاوب مع الجمالية
المعيارية،‏ ويضيف بأن هذا اإلنجاز الفني جعله يشعر بنوع من االعتزاز،‏ ألنه من خالله يخلد حضورا يوميا
وتاريخيا في ذاكرة الفن التشكيلي،‏ إذ تبدو هذه الجدارية كما لو أنها معرض دائم فضال أنه من الناحية الرمزية،‏
فإن هذا الصنيع يظهر نوعا من ‏»تحدي الفن للزمن«‏ ولمضارعة التشكيل الحروفي لجماليات فن المعمار،‏ من
خالل القواسم المشتركة بينهما.‏
امتد انجاز هذه الجدارية الكاليغرافية يوميا خالل ثالث سنوات،‏ حيث كان الفنان إبراهيم حنين يشرف على فريق
عمل مكون من أربعة أفراد،‏ وفضال على أنه كان يقوم أساسا برسم الخطوط واالعتكاف الدؤوب من أجل خلق
المعادلة الضرورية بين المساحة والحجم الكاليغرافي للسور القرآنية،‏ فإنه كان دوما يحرص على أال يشوب
عمله أي تأثير ما،‏ جراء العمل المرتبط ب ‏»الطباعة االلكترونية « وقد استفاد إبراهيم حنين من خبرته في
مجال الجداريات،‏ خاصة بعد الجدارية الكبرى التي أنجزت بمدينة طنجة والتي عمل فيها إلى جانب كل من
الفنانين محمد شبعة وعبد القادر لعرج،‏ أو التي أنجزها بكل من مدينتي أصيلة والصويرة.‏
وتعود البدايات الفنية إلبراهيم حنين إلى سنة 1961، لكنه لم يعلن ظهوره في الساحة التشكيلية المغربية إال مع
أول معرض له سنة 1979، وهو أستاذ للخط العربي والسريغرافيا،‏ وفي رصيده كم عريض من المعارض التي
أقامها وطنيا ودوليا،‏ ورصيد انجاز 27 سيريغرافية لفنانين مغاربة وأجانب،‏ فضال عن احتفاء دولة الصين به،‏
من خالل إقامة معرضين له متواليين،‏ مساهما في إثراء الحوار بين جماليات الكاليغرافيا العربية والكاليغرافيا
الصينية،‏ وقد تميزت المعارض التي أقامها بانجاز العديد من اللوحات التشكيلية التي زاوج فيها بين االشتغال
على القيم الجمالية للحروفية والتشكيل،‏ متميزا باعتماد رموز مثل حرف ‏»الحاء«‏ أو المأذنة«.‏
ويجمع الفنان إبراهيم حنين بين انشغال مزدوج بالخط العربي والتشكيل الحروفي،‏ وله بصمته الخاصة المتفردة
المتمثلة في خلق معادلة جمالية على مستوى استلهام القيم الروحية لهوية التشكيل اإلسالمي الحروفي،‏ واالنخراط
في مجرى التحديث الفني الذي عبرت عنه التيارات الحروفية كتيار تشكيلي في المغرب تأخذ صورة فضاء
جمالي رحب غني باألسماء والروافد،‏ وقد أنتجت خطابا نقديا وتنظيرات في إثرها العديد من النقاد المغاربة
واألجانب.‏
محمد علوط
حروف وهالل،‏ 94x 83 سم