23.01.2015 Views

أساسيات النظام القضائي القطري ماضيه وحاضره - جامعة دمشق

أساسيات النظام القضائي القطري ماضيه وحاضره - جامعة دمشق

أساسيات النظام القضائي القطري ماضيه وحاضره - جامعة دمشق

SHOW MORE
SHOW LESS
  • No tags were found...

You also want an ePaper? Increase the reach of your titles

YUMPU automatically turns print PDFs into web optimized ePapers that Google loves.

مجلة <strong>جامعة</strong> <strong>دمشق</strong> للعلوم الاقتصادية والقانونية–‏ المجلد 25- العدد الأول-‏‎2009‎<br />

محمد حاتم البيات<br />

أساسيات <strong>النظام</strong> القضائي <strong>القطري</strong><br />

<strong>ماضيه</strong> <strong>وحاضره</strong><br />

الدكتور<br />

محمد حاتم البيات<br />

كلية القانون<br />

<strong>جامعة</strong> قطر<br />

قطر<br />

الملخص<br />

يهدف البحث إلى إبراز الملامح العامة والأساسية للنظام القضائي <strong>القطري</strong> منذ بداياته مع فجر<br />

الاستقلال ولغاية آخر تعديل طرأ عليه في عام‎2007‎‏.كما ويعرض البحث المراحل التشريعية التي<br />

خضع لها هذا <strong>النظام</strong> القضائي من حيث البحث في القوانين المتعاقبة الصادرة في هذا الشأن<br />

وتعليقنا عليها وتحديد موقفنا منها،‏ مبينين التطور الملحوظ والحثيث على صعيد تحديد مسائل<br />

التنظيم القضائي <strong>القطري</strong>،‏ وذلك من خلال الإجابة عن عدة تساؤلات تتعلق بهذا <strong>النظام</strong> أهمها:‏<br />

هل <strong>النظام</strong> القضائي <strong>القطري</strong> يقوم على أساس إسلامي أم من أصل لاتيني؟ وهل تطبق الجهات<br />

القضائية <strong>القطري</strong>ة في بيئة القضاء المدني أحكام الشريعة الإسلامية أم أحكام القوانين الوضعية؟<br />

57


أساسيات <strong>النظام</strong> القضائي <strong>القطري</strong> <strong>ماضيه</strong> <strong>وحاضره</strong><br />

المقدمة<br />

أولا ً:‏<br />

التعريف بموضوع البحث:‏<br />

إن تحديث القوانين في الوقت الراهن يشكل الركيزة الأساسية في التطور الاقتصادي والاجتماعي<br />

والسياسي للدولة الحديثة،‏ والتي تسعى بشكل دؤوب إلى تطوير وتحديث المسائل القانونية ولاسيما<br />

مسائل التنظيم القضائي.‏ في الواقع،‏ أهم القطاعات في الدولة هو قطاع القضاء،‏ إذ يعد صمام الأمان<br />

في المجتمع لأنه لا يقل أهمية عن قطاع الدفاع والتعليم والصحة.‏ وما من شك في أن وجود القضاء<br />

في المجتمع الإنساني المتحضر يشكل الحماية القانونية لمصالح أفراد هذا المجتمع ويعد أيضا ً وسيلة<br />

ناجعة لإقامة العدالة بين الناس.‏ فالقضاء يحمي الحقوق المصانة بالدستور أو القانون،‏ ويبعد تسلط<br />

وتعدي الأفراد على بعضهم<br />

بعضا ً،‏ ولاشك أن ّه يشكل الدعامة الأساسية التي تهدف إلى إحقاق الحق<br />

ونشر العدل،‏ وما العدل إلا مقصد من مقاصد الشريعة الإسلامية الغراء،‏ حيث يقول سبحانه وتعالى<br />

في كتابه العزيز:‏<br />

(1)<br />

‏"لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط"..."‏<br />

في دولة قطر نتلمس اليوم تطورا ً ملحوظ ًا وحثيث ًا على صعيد تحديث مسائل <strong>النظام</strong> القضائي،‏ إذ إن<br />

التطور في مختلف أنشطة الحياة يقتضي جعله عصريا ً وأكثر مرونة بما ينسجم وتطور الحياة<br />

الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي تشهدها البلاد.‏<br />

إن القضاء في دولة قطر شأنه شأن بقية الدول العربية التي تجعل من العمل القضائي عملا عاما تقوم<br />

الدولة على تنظيمه وممارسته.‏ ودراستنا للتنظيم القضائي <strong>القطري</strong> تقتضي معالجة <strong>النظام</strong> القانوني<br />

المعمول فيه،‏ وكذلك <strong>النظام</strong> القضائي.‏ سنعالج في بحثنا ما نص عليه المشرع <strong>القطري</strong> من أحكام<br />

جديدة<br />

سواء،‏ في قانون السلطة القضائية الجديد لجهة القضاء والقضاة،‏ أم في القوانين الجديدة<br />

المتعاقبة والمعدلة لقوانين المرافعات لناحية هيكلية المحاكم والإجراءات المعمول فيها أمام تلك<br />

المحاكم،‏ كالقوانين <strong>القطري</strong>ة 12 و‎13‎ لسنة ‎2005‎‏.هذه القوانين سهلت من إجراءات التقاضي وأنشأت<br />

مرافق قضائية جديدة لم تكن موجودة من قبل،‏ والتي وضعت أسسا ً لهذا <strong>النظام</strong> القضائي الحديث يقوم<br />

على مبادئ عامة في الإجراءات والأصول والقواعد المتعارف عليها،‏ المستقرة في التشريعات<br />

المختلفة العربية والأجنبية،‏ والتي تهدف إلى حسن سير القضاء،‏ واستتباب الأمن والطمأنينة في<br />

المجتمع <strong>القطري</strong>.‏ ولا تفوتنا الإشارة في هذا الموضع إلى أن المشرع <strong>القطري</strong>،في <strong>النظام</strong> القضائي<br />

1<br />

‏-سورة الحديد الآية رقم<br />

.25<br />

58


مجلة <strong>جامعة</strong> <strong>دمشق</strong> للعلوم الاقتصادية والقانونية–‏ المجلد 25- العدد الأول-‏‎2009‎<br />

محمد حاتم البيات<br />

الذي اعتمده تأثر كثير ًا بالمشرع المصري والسوري وما قضيا به من قوانين تتعلق بالقضاء<br />

والقضاة،‏ وغيرها.‏<br />

وما من شك في أن تحديث قانون المرافعات المدنية والتجارية في الدولة،‏ وكذلك المصادر المكملة<br />

له إنما يشكل مظهرا ً من مظاهر الحضارة في الدولة،‏ إذ عن طريقه يكتمل التنظيم في المجتمع،‏<br />

علاوة على أن ّه يوسم بقانون ضمان الحق،‏ حيث لا قيمة تذكر لأي حق قانوني إذا لم تكن هناك<br />

ضوابط فعالة من أجل حمايته<br />

.<br />

ونحن في دراستنا سنعير هذا القانون الاهتمام الكبير كونه يشكل القواعد العامة في إجراءات<br />

التقاضي،‏ إلى جانب قانون السلطة القضائية الجديد،‏ والذي بنى الهرم القضائي الجديد في دولة قطر<br />

وكل ما يتعلق بشؤونه وشؤون القضاة أيضا ً-أفراد السلطة القضائية-.‏ وإذا كانت مهمة تحقيق<br />

العدالة بين أفراد المجتمع ومؤسساته هي،‏ كما ذكر،‏ من غايات الدولة فهي من أسمى غاياتها.‏ وإذا<br />

كانت القوانين المختلفة الأغراض والاختصاصات في سبيل العدالة،‏ فإن قانون المرافعات وما يتضمنه<br />

من أحكام هو ميزان العدالة الدقيق،‏ إذ إن في ثنايا مواده يكمن التوزيع الدقيق للاختصاصات<br />

والإجراءات والمواعيد،‏ وكذلك الحقوق الإجرائية التي تحقق المساواة بين الأطراف المتنازعة من<br />

جهة،‏ وبينهم وبين دواوين المحاكم ودوائرها وكتبتها والسادة القضاة من جهة أخرى.‏ فهو،‏ بحق،‏<br />

الأساس القانوني المعتمد لدى القضاء المدني،‏ والذي من خلاله ندرس ونقف على أوجه <strong>النظام</strong><br />

القضائي <strong>القطري</strong>،‏ والذي يشكل المحور الأساسي لدراستنا.‏<br />

فالقضاء عماد الدولة ووظيفتها الأساسية نحو الأفراد ومن دونه لا يشعر هؤلاء الأفراد بالثقة والأمن<br />

والطمأنينة الأمر الذي اقتضى من المشرع <strong>القطري</strong> مراجعة دائمة وتقييم ًا مستمرا ً للتشريعات<br />

المختلفة في دولة قطر.‏<br />

ثاني ًا:‏ فكرة البحث:‏<br />

تكمن هذه الدراسة في تسليط الضوء على <strong>النظام</strong> القضائي في قطر لما لها من تأثير كبير في ترسيخ<br />

القواعد والإجراءات التي يقوم عليها <strong>النظام</strong> القضائي <strong>القطري</strong>.‏ فقد خضع هذا <strong>النظام</strong> لعدة تعديلات<br />

إلى أن وصل إلى ما هو عليه الآن.‏ فبعد أن كان القضاء عبارة عن مجرد لجان وطنية محلية<br />

وأجنبية ومشتركة من أجانب وقطريين أصبح يتبلور <strong>النظام</strong> القضائي شيئ ًا فشيئ ًا على شكل هيئات<br />

قضائية.‏ وهذه الدراسة تبحث في التطور التاريخي للنظام القضائي في قطر.‏ ومن ‏–جانبنا-لم نعثر<br />

على دراسة قانونية تفصيلية للنظام القضائي <strong>القطري</strong>،‏ الأمر الذي اقتضى منا الوقوف على هذه<br />

المسالة وإعداد هذا البحث المتواضع .<br />

59


أساسيات <strong>النظام</strong> القضائي <strong>القطري</strong> <strong>ماضيه</strong> <strong>وحاضره</strong><br />

ثاني ًا:‏<br />

إشكالية البحث:‏<br />

تتحدد إشكالية البحث أولا ً في إبراز أهم الملامح العامة للنظام القضائي <strong>القطري</strong> منذ بداياته التقليدية<br />

وحتى فجر الاستقلال.‏ وثاني ًا في استعراض أهم المبادئ العامة التي يقوم عليها <strong>النظام</strong> القضائي<br />

<strong>القطري</strong> الحالي.‏<br />

كما تقتضي الدراسة محاولة الإجابة عن التساؤلات الآتية:‏<br />

هل <strong>النظام</strong> القضائي <strong>القطري</strong> يقوم على أساس إسلامي أم من أصل لاتيني؟ وهل تطبق الجهات<br />

القضائية في قطر أحكام الشريعة الإسلامية أم أحكام القوانين الوضعية؟<br />

ما هو مجال إعمال مبدأ الفصل بين السلطات...‏ وهل السلطة القضائية مستقلة عن السلطة التنفيذية<br />

في القيام بأعمالها؟ ومن هم أعضاء المجلس الأعلى للقضاء في قطر وما اختصاصاته؟<br />

وأخيرا ً هل <strong>النظام</strong> القضائي <strong>القطري</strong> نظام متكامل ومتنوع ؟<br />

أمام هذه التساؤلات ومن خلال الإجابة عنها،‏ لابد لنا من أن نوجه النقد إلى ما هو قائم،‏ ومن ثم<br />

اقتراح التعديلات التي يمكن أن تسهم في تطوير <strong>النظام</strong> القضائي <strong>القطري</strong>.‏<br />

ثالث ًا:‏ خطة الدراسة:‏<br />

تقتضي هذه،‏ الدراسة أن يقسم البحث إلى فصلين:‏ الفصل الأول:‏ ونطلق عليه نشوء نواة لنظام<br />

قضائي جزئي،‏ ونتناول فيه التطور التاريخي للقضاء في قطر،‏ حيث نعالج بدايات القضاء في قطر<br />

وأسسه وأهميته وما خضع إليه من تطور عبر الزمن من خلال البحث في الجذور التاريخية للقضاء<br />

<strong>القطري</strong> منذ بداياته البسيطة،‏ قبل اكتشاف البترول وبعده وحتى مرحلة ما قبل الاستقلال في عام<br />

.1971<br />

‏(المبحث الأول).‏ ثم نتطرق إلى معالجة واقع القضاء في قطر مع بدايات الاستقلال وظهور<br />

الدولة وبسط سيادتها على قوانينها وانتقال السلطة القضائية فيها من القضاة البريطانيين إلى المحاكم<br />

الوطنية في مرحلة ما بعد الاستقلال ‏(المبحث الثاني).‏<br />

أما الفصل الثاني فقد خصص لتحديث <strong>النظام</strong> القضائي،‏ وهو الأهم في دراستنا،‏ و سيتركز البحث فيه<br />

على محتوى <strong>النظام</strong> القضائي <strong>القطري</strong> الحالي وأسسه ومقوماته ومصادره بعد التعديلات الجارية عليه،‏<br />

والتي حملت في طياتها معالم تحديثه وتطويره ‏(المبحث الأول).‏ ثم نتطرق إلى المبادئ التي يقوم<br />

عليها هذا <strong>النظام</strong>،‏ سواء المبادئ العامة والتي تتفق وغالبية النظم القضائية العربية والأجنبية،‏ أو<br />

المبادئ الخاصة،‏ والتي تميز هذا <strong>النظام</strong> عن غيره من النظم،‏ ‏(المبحث الثاني)،‏ وأخير ًا نتناول<br />

60


مجلة <strong>جامعة</strong> <strong>دمشق</strong> للعلوم الاقتصادية والقانونية–‏ المجلد 25- العدد الأول-‏‎2009‎<br />

محمد حاتم البيات<br />

باختصار أهم الجهات القضائية المحدثة وفق قانون السلطة القضائية الجديد والقوانين المكملة له<br />

‏(المبحث الثالث).‏<br />

الفصل الأول<br />

نشوء نواة نظام قضائي:‏<br />

الإنسان كائن حي واجتماعي بطبعه وحياته،‏ ولا تستقيم حياته إلا إذا عاش في جماعة بعيدا عن<br />

الانعزالية.‏ والعيش المشترك في ظل الجماعة لابد أن يحدث كثير ًا من الخلافات والنزاعات نظر ًا<br />

لتعارض المصالح والرغبات وحب السيطرة والاستيلاء على حقوق الغير.‏ الأمر الذي يقتضي وجود<br />

قضاء لحسم أي نزاع ولرفع ظلم الناس بعضهم عن بعض ويؤدي الحقوق إلى أصحابها لأن طبائع<br />

البشر جبلت على التظالم،‏ فلابد من سلطة قضائية تمنع المظالم وتقطع المنازعات وتحقق العدل.من<br />

هنا،‏ عموم ًا،‏ أوجبت الشريعة الإسلامية الغراء وجود القضاء في المجتمع.‏<br />

ولما كانت القبائل <strong>القطري</strong>ة بطبيعتها ذات بيئة عربية إسلامية،‏ فإن أول ما احتاجته تلك القبائل هو<br />

الفصل بالنزاعات حول المسائل الشرعية،‏ وكان الفصل فيها يستند إلى مرجعية الشريعة الإسلامية.‏<br />

وفي دراستنا في هذا الفصل نبين الجذور التاريخية للقضاء في قطر في مرحلة ما قبل الاستقلال<br />

‏(المبحث الأول).‏ ثم ندرس فيما بعد واقع القضاء،‏ آنذاك،‏ وتنوعه في قطر مع فجر الاستقلال<br />

‏(المبحث الثاني).‏<br />

المبحث الأول<br />

أساس القضاء في قطر في مرحلة ما قبل الاستقلال:‏<br />

ما من شك في أن الدولة العثمانية كانت تهيمن على قطر كغيرها من البلاد العربية الأخرى.ففي عهد<br />

الدولة العثمانية كان هناك ما يدعى بالسلطان والذي كان يمارس القضاء بين الناس ‏.واستمر هذا<br />

النفوذ العثماني في الخليج والجزيرة العربية دون توقف.‏ وبعد مرور حقبة من الزمن بدأ يضعف ذلك<br />

النفوذ العثماني شيئ ًا فشيئ ًا،‏ وفي المقابل كان يزداد النشاط البريطاني لتطويق الوجود العثماني في<br />

الخليج توطئة للتخلص منه نهائي ًا.‏ وخلال عامي 1912-1911 كانت حروب البلقان قد أضعفت من<br />

نفوذ الدولة العثمانية،‏ الأمر الذي دعا الأتراك إلى اللجوء إلى طاولة المفاوضات مع بريطانيا لإنهاء<br />

المشاكل المعلقة بين الدولتين في الخليج.‏ إثر هذه المفاوضات تم الاتفاق على تحديد مناطق النفوذ<br />

61


أساسيات <strong>النظام</strong> القضائي <strong>القطري</strong> <strong>ماضيه</strong> <strong>وحاضره</strong><br />

العثماني وفق مشروع ميثاق أنجلو-تركي وقعه آنذاك وزراء خارجية تركيا وبريطانيا عام<br />

( 1)<br />

1913<br />

إلا أن هذا الميثاق لم يكتب له النور إذ إن الحرب العالمية الأولى حالت دون وضعه موضع التنفيذ،‏<br />

لأن بريطانيا انتصرت على الأتراك فيها.‏ ومع انتهاء النفوذ العثماني أدى إلى ذلك ظهور النفوذ<br />

(2)<br />

البريطاني وأصبحت السيادة للبريطانيين ليس على قطر وحدها وإنما على منطقة الخليج بأكملها .<br />

وفي تلك المرحلة يدق التمييز بين حالتين اثنتين:‏ الأولى حول بدايات القضاء في قطر في مرحلة<br />

المجتمع البسيط وقبل اكتشاف البترول(المطلب الأول).‏ أما الثانية فتبحث في تطور الحياة في قطر<br />

وظهور القضاء النوعي مع اكتشاف البترول ‏(المطلب الثاني).‏<br />

المطلب الأول<br />

في مرحلة المجتمع البسيط و قبل اكتشاف البترول:‏<br />

بدأ البريطانيون يتوافدون إلى قطر شيئ ًا فشيئ ًا فأدى ذلك إلى ازدياد العلاقات الاقتصادية وغيرها بين<br />

البريطانيون أنفسهم وبينهم وبين رعايا دول أجنبية أخرى في قطر فنجم عن ذلك نزاعات فيما بينهم.‏<br />

والجدير بالذكر أن تلك العلاقات كانت تخضع لنظام خاص استناد ًا إلى المعاهدة المبرمة بين الشيخ<br />

عبد االله بن جاسم آل ثاني وبين الحكومة البريطانية عام<br />

،1935<br />

والخصومات الناشئة عن هذه<br />

العلاقات كان يتم الفصل فيها بواسطة المعتمد البريطاني أو من ينوب عنه.‏ وهذا يدل على غياب<br />

جهاز قضائي قطري يفصل بين النزاعات بين الأجانب في قطر.‏ وعلى فرض كانت الخصومة مشتركة<br />

بين طرف أجنبي وطرف قطري،‏ أو بين طرف أجنبي وطرف غير قطري مسلم مقيم في قطر فالفصل<br />

في هذه الخصومة كان يعود إلى محكمة مشتركة مشكلة من شيوخ قطر أو من ممثلين عنهم ومن<br />

(3)<br />

المعتمد البريطاني أو ممثل عنه .<br />

وفي هذه المرحلة كان الغوص على اللؤلؤ والتجارة فيه أمرا ً بالغ الأهمية في حياة أهل قطر،حيث<br />

كان الصغير والكبير يعمل من أجل شيء واحد وهو اللؤلؤ،‏ وعليه كانت تقوم الحياة الاقتصادية والتي<br />

كانت تشكل الأساس الذي يقوم عليه البناء الاجتماعي والسياسي بأكمله،‏ نظرا ً لأن البترول لم يكتشف<br />

بعد في قطر.‏ ثم إن مهنة الغوص وحياة البحر كان يحكمها عرف يلتزم به <strong>القطري</strong>ون ويقوم فيما<br />

بينهم مقام القانون.‏ أما النزاعات الناشئة بهذا الخصوص فكان لها قضاء خاص يفصل بها.‏<br />

‎1‎‏-أحمد الشلق،‏ تاريخ قطر السياسي،‏ مطابع الدوحة الحديثة،‏ طبعة أولى،‏<br />

1999، ص.‏‎62‎‏.‏<br />

‎2‎‏-فؤاد سعيد العايد،‏ سياسية بريطانيا في الخليج ، ‎1914-1953‎ج.‏‎2‎‏،‏ ص.‏‎255‎ومابعد.‏<br />

‎3‎مبارك بن خليفة العسيري،‏ محاضرة عن تاريخ القضاء في قطر،‏ ألقيت في مركز الدراسات القانونية والقضائية في قطر تاريخ<br />

‎2002/1/7‎‏.منشورات المجلس الأعلى للقضاء<br />

، 2004 ص.‏‎2‎<br />

62


مجلة <strong>جامعة</strong> <strong>دمشق</strong> للعلوم الاقتصادية والقانونية–‏ المجلد 25- العدد الأول-‏‎2009‎<br />

محمد حاتم البيات<br />

وعلى ضوء ذلك،‏ يلاحظ أن ّه كان يوجد في قطر في هذه المرحلة،‏ نوعان من القضاء بخصوص<br />

<strong>القطري</strong>ين،‏ إن صح التعبير:‏ الأول كان يدعى بالقضاء العرفي،‏ في حين يدعى الآخر بالقضاء<br />

الشرعي.‏ وهذان النوعان من القضاء كانت لهما أهمية كبيرة في حياة <strong>القطري</strong>ين سواء لجهة المسائل<br />

(1)<br />

الشرعية أم لجهة شؤون الغوص على اللؤلؤ .<br />

ويذكر بأن المنازعات الناشئة بين <strong>القطري</strong>ين،‏ مهما كانت طبيعتها،‏ كانت ترفع مباشرة إلى الحاكم في<br />

قطر.‏ ونحن نعتقد أن الحاكم حينذاك يعد بمنزلة قاضي إحالة وقاضي تنفيذ وفق المفهوم المعاصر<br />

وهو يجمع هاتين الصفتين بآنٍ‏ معا ً:‏ قاضي إحالة عندما يقوم بإحالة النزاع المرفوع أمامه إلى<br />

القضاء الشرعي،‏ إذا كان يتعلق بمسألة من مسائل الأحوال الشخصية،‏ أو إلى القضاء العرفي ‏(أهل<br />

السالفة)،‏ إذا كان يتعلق بنزاع حول شؤون الغوص على اللؤلؤ.‏ ونذكر من القضاة الشرعيين<br />

المختصين بالفصل في الخصومات الناشئة في المسائل الشرعية ابن مانع وابن محمود.‏ أما القضاء<br />

العرفي فقد كان يشغله أهل السالفة،‏ وهؤلاء من كبار رجال قطر العارفين بمسائل الغوص وتجارة<br />

(2)<br />

اللؤلؤ،‏ أمثال شاهين العسيري وخليفة الهتمي .<br />

وهذا الحاكم يعد في الوقت نفسه ‏–من وجهة نظرنا-بمنزلة قاضي تنفيذ،‏ وفق النظم القضائية<br />

الحديثة،‏ لأنه كان يقوم على تنفيذ القرارات التي يتوصل إليها أهل السالفة أو القضاة الشرعيون في<br />

جميع المسائل التي تعرض عليهم من قبله.‏ ونقصد من وراء استخدام مصطلح<br />

التنفيذ في هذا<br />

الموضع هو أمر الحاكم بتنفيذ ما توصل إليه هؤلاء القضاة،‏ أما متابعة هذا التنفيذ فقد كان<br />

يتم،بالطبع،‏ بواسطة تابعي الحاكم.‏<br />

المطلب الثاني<br />

بعد تطور المجتمع <strong>القطري</strong><br />

نتيجة اكتشاف البترول:‏<br />

أولا ً:‏ الحاجة إلى القضاء:‏<br />

بدأت في هذه المرحلة مسألة الغوص على اللؤلؤ والتجارة فيه تتضاءل شيئ ًا فشيئ ًا ويعود السبب<br />

الأساسي في ذلك إلى اكتشاف البترول وما ترتب عليه من تطور فعلي في جميع نواحي الحياة<br />

ولاسيما الاجتماعية والاقتصادية منها<br />

.<br />

1<br />

د..عبد العزيز المنصور،‏ التطور السياسي لقطر،‏ مطابع الدوحة،‏ دون طبعة،‏ ص.‏‎113‎ ومابعد.‏<br />

‎2‎‏-مبارك بن خليفة العسيري،‏ المرجع السابق،‏ ص.‏‎2‎‏.‏<br />

63


أساسيات <strong>النظام</strong> القضائي <strong>القطري</strong> <strong>ماضيه</strong> <strong>وحاضره</strong><br />

وهذا التطور في المجتمع وظهور البترول أدى بدوره أيضا ً إلى تطور جهاز الدولة الإداري وأصبح<br />

مكتب الحاكم يضم إدارات رئيسية أربعا ً تختص بالشؤون القانونية والمالية والإدارية وشؤون<br />

البترول.‏ إن اكتشاف البترول أدى إلى تقلص دور البريطانيين في الجهاز الحكومي للدولة.‏ وخير دليل<br />

على ذلك تشكيل هذه الإدارات الأربع التابعة لمكتب الحاكم.‏ ويذكر أيضا ً أن دور البريطانيين تقلص<br />

في عهد الشيخ على بن عبد االله آل ثاني.‏ فلم يعد يوجد في مكتب الحاكم بريطاني واحد.‏ ثم إن إدارة<br />

المعارف مديرها عربي،‏ وأن الإدارات الأخرى في مجال الزراعة والتدريب المهني والفني والشؤون<br />

الاجتماعية والجمارك والخدمات الطبية والصحة العامة،‏ أصبح مديروها جميعا من الشخصيات<br />

(1)<br />

<strong>القطري</strong>ة والعربية على قدم الوثاق .<br />

ثاني ًا:‏<br />

تنوع القضاء:‏<br />

أدى تطور الجهاز الإداري في قطر إلى نشوء نواة لنظام قضائي.‏ الأمر الذي نجم عنه اختفاء<br />

للقضاء العرفي،‏ إلا ّ أن ّه بقي العمل جاريا ً بالقضاء الشرعي.‏ حيث تأسست في قطر أول محكمة شرعية<br />

عام 1928 وانتهى عهد الأحكام الشفوية،‏ بل أصبحت النزاعات الشرعية تتخذ شكل الدعاوى<br />

الشرعية المسجلة حسب الأصول.‏ كذلك الأمر،الأحكام الصادرة فيها أضحت تسجل في سجلات<br />

رسمية.‏ ومع تطور أجهزة الحكم والإدارة وازدياد العمران البشري وازدياد الأجانب من العرب<br />

المسلمين أدى ذلك إلى نشوء رئاسة للمحاكم الشرعية يرأسها قاضي القضاة ‎2‎‏.وإلى جانب القضاء<br />

الشرعي وتطوره بقيت محكمة المعتمد البريطاني صاحبة الولاية بنظر قضايا الرعايا البريطانيين<br />

وكذلك رعايا الدول الأجنبية الأخرى من غير المسلمين،‏ العاملين في قطر،‏ والتي ازدادت شيئ ًا فشيئ ًا<br />

بسبب البترول.‏ ومع اختفاء القضاء العرفي الخاص بشؤون الغوص ظهر ما يسمى بالمحكمة العدلية<br />

للفصل في مسائل غير شرعية.‏ هذه المحكمة تتولى الفصل،‏ على وجه العموم،‏ بالنزاعات كل ّها التي<br />

تخرج عن اختصاص القضاء الشرعي.‏ وكان يتولى القضاء في هذه المحكمة العدلية حاكم قطر ونائبه<br />

(3)<br />

في ذلك الوقت . وهذا يعني أن الحاكم ونائبه هم أصحاب الولاية في الفصل في الخصومات الناشئة<br />

بين الأفراد.ومما لاشك فيه أن الفصل الحقيقي في النزاع لا يكون بشكل مباشر من الحاكم أو نائبه<br />

وإنما من قبل تابعين لهم يعملون لدى مكتب كل منهما،‏ ممن تتوافر فيهم الخبرة والاختصاص<br />

‏.والمؤلفات التي تتحدث عن التاريخ <strong>القطري</strong> تشير،‏ كما ذكر،‏ إلى أن مكتب الحاكم كان يضم عدة<br />

‎1‎‏-أحمد الشلق،‏ المرجع السابق،‏ ص‎120‎‏.‏<br />

‎2‎أحمد الشلق،‏<br />

المرجع السابق،‏ ص‎121‎‏.‏<br />

‎3‎‏-الشيخ احمد بن علي ‏(الحاكم)‏ والشيخ خليفة بن حمد ‏(نائب الحاكم).‏<br />

64


مجلة <strong>جامعة</strong> <strong>دمشق</strong> للعلوم الاقتصادية والقانونية–‏ المجلد 25- العدد الأول-‏‎2009‎<br />

محمد حاتم البيات<br />

(1)<br />

إدارات رئيسية تختص بالشؤون القانونية والمالية والإدارية والبترول . ونستطيع القول:‏ إن القضاء<br />

العرفي سابقا ً ‏(قضاء السالفة)‏ والقضاء الشرعي،‏ وقضاء المحكمة العدلية لاحقا ً،‏ جميع هذه الجهات<br />

القضائية،‏ كانت تتصف بالقضاء الوطني لأنها كانت تفصل في النزاعات الداخلية الناشئة بين<br />

<strong>القطري</strong>ين.‏ دون غيرهم.‏ أما بالنسبة للنزاعات التي كانت تنشأ بين عدة أطراف،‏ قطريين وغير<br />

قطريين من دول أخرى إسلامية أو غير إسلامية لا توسم بأنها نزاع داخلي،‏ ومن ثم لم تكن تخضع<br />

لولاية القضاء الوطني المتجسد في المحكمة العدلية،‏ بل على العكس كانت تعد نزاعات مشتركة<br />

تخضع لصلاحية المحكمة المشتركة،‏ والتي كانت تؤلف من ثلاثة أشخاص:‏ الحاكم،‏ ونائبه،‏ والمعتمد<br />

البريطاني أو ممثل عنه.‏ وأول مكان خصص لعقد جلسات المحكمة الشرعية أو العدلية أو المشتركة<br />

كان في قلعة ‏(الكوت)‏ وسط الدوحة،‏ العاصمة <strong>القطري</strong>ة.‏ أما فيما بعد فقد انتقلت هذه المحاكم إلى مبنى<br />

خاص سمي بمبنى المحاكم الشرعية والعدلية.‏<br />

ومما تجب الإشارة إليه في هذا الموضع أنه إن كان النزاع يضم أطرافا ً متنازعة من الرعايا<br />

البريطانيين أو من هؤلاء وأطراف آخرين من دول أجنبية غير مسلمة أو العكس فقد كان يتم الفصل<br />

فيه من قبل محكمة المعتمد البريطاني.‏ وكانت جلسات هذه المحكمة تعقد في دار القنصلية البريطانية<br />

(2)<br />

في الدوحة برئاسة قاضٍ‏ بريطاني يحضر من خارج قطر .<br />

ثالث ًا:‏ التوسع في مفهوم القضاء:‏<br />

نلاحظ مما تقدم أن القضايا التي يكون أطرافها أجانب من غير المسلمين كان يتم الفصل فيها من قبل<br />

محكمة مؤلفة من قاض واحد ‏(قضاء الفرد).‏ أما النزاعات الأخرى فقد كانت تعرض على محاكم<br />

مؤلفة من ثلاثة قضاة ‏(قضاء الجماعة)،‏ كالمحاكم الشرعية والعدلية والمشتركة<br />

.<br />

ومع ذلك لم يكن يقتصر التشكيل القضائي حينذاك على هذا الحد لأن تدفق العمال إلى قطر وازدياد<br />

العمالة فيها أدى إلى صدور القانون<br />

4 لسنة<br />

1963 الخاص بإنشاء محكمة للعمل إذ إن الحاجة لها<br />

أضحت ضرورية،‏ لأنها كانت تختص بالنظر وبصفة نهائية في جميع الدعاوى المتعلقة بتطبيق أحكام<br />

قانون العمل رقم<br />

3 لسنة ،1963<br />

(3)<br />

والذي اقتضى صدوره إنشاء محكمة العمل . وهذا القانون كان<br />

يعد الرائد بشأن تنظيم العمل والعمال وتحديد العلاقة بين العمال وأرباب العمل،‏ مع بيان حقوق<br />

‎1‎‏-عبد العزيز المنصور،‏<br />

أحمد الشلق،‏<br />

التطور السياسي لقطر<br />

،1946-1916<br />

2<br />

المرجع السابق،‏<br />

ا-‏ نظر بالتفصيل هذا الموضوع،‏<br />

‎3‎‏-مجموعة قوانين قطر،‏<br />

ص.‏‎120‎<br />

المجاد السادس،‏<br />

مبارك العسيري،‏<br />

ص.‏<br />

المرجع السابق،‏ ص.‏‎7‎‏.‏<br />

2998-2995<br />

مطابع الدوحة دون طبعة،‏<br />

بخصوص نصوص القانون<br />

ص.‏‎8‎ وما بعد.‏ انظر أيضا ً،‏<br />

4 تاريخ .1962/3/19<br />

65


أساسيات <strong>النظام</strong> القضائي <strong>القطري</strong> <strong>ماضيه</strong> <strong>وحاضره</strong><br />

وواجبات كل منهما.‏ كذلك الأمر وعلى إثر صدور قانون العمل وإنشاء محكمة العمل صدر أيضا<br />

القانون رقم<br />

5 لسنة ،1963<br />

والذي ينظم المرافعات وإجراءات التقاضي أمام محكمة العمل.‏ ويبدو أن<br />

قطر كانت الدولة الثانية بعد مصر التي أنشأت قضاء عمالي ًا متخصص ًا،‏ ثم تبعتها فيما بعد بقية الدول<br />

العربية الأخرى.‏ وقانون العمل رقم<br />

3 لسنة<br />

إلى أن وصل إلى صيغته النهائية في ظل قانون العمل الحالي رقم<br />

حالي ًا في دولة قطر.‏<br />

1962 خضع إلى عدة تعديلات جذرية وبمراحل متعاقبة<br />

14 لسنة ،2004<br />

الساري المفعول<br />

ومع ظهور هذه القوانين الخاصة بالعمل ومحكمة العمل والإجراءات المتبعة أمامها ظهرت الحاجة<br />

إلى التوسع في مفهوم القضاء.‏ وقد تجلى ذلك من خلال إحداث قضاء مدني وقضاء جنائي،يتمتع<br />

بصلاحيات أوسع من صلاحيات محكمة العمل.‏<br />

(1)<br />

الأمر الذي أدى إلى إنشاء محاكم مدنية وجزائية.‏<br />

وفي عام 1968 أنشئت في قطر محكمة خاصة للنظر في جرائم المرور،‏ وكانت الجهة القضائية<br />

الوحيدة المختصة بنظر جرائم المرور الناشئة عن حوادث المركبات<br />

.<br />

وبعد إحداث بلدية قطر،‏ نتيجة التوسع العمراني،‏ استحدثت محكمة لشؤون بلدية قطر في عام<br />

1969<br />

تختص بالنظر في مخالفات البناء ومراقبة المواد التموينية وكل ما يتعلق بأمور تنظيمية تكون من<br />

مهام البلدية ‏.إلا أن هذه المحكمة لم تر النور كثير ًا لأنها ألغيت بعد مرور سنة على إنشائها بمفعول<br />

القانون رقم<br />

12 تاريخ<br />

/1970/5 26 الخاص بإنشاء محكمة قطر الجزائية.‏ إذ كانت تختص في نظر<br />

الدعاوى الجزائية بخصوص الجرائم التي تقررها القوانين المدرجة بجدول ملحق في القانون ذاته<br />

الذي أنشأ هذه المحكمة.‏<br />

أما بالنسبة لمحكمة المعتمد البريطاني التي كانت تعقد جلساتها في دار القنصلية في الدوحة<br />

بخصوص النزاعات القائمة بين البريطانيين وغيرهم من رعايا دول أجنبية غير مسلمة،‏ المقيمين<br />

على أرض قطر لم تعد مقبولة من قبل الحكومة <strong>القطري</strong>ة.‏ إذ كان لابد من أن تستكمل الدولة سيادتها<br />

على جميع رعاياها،‏ المقيمين على أرضها،‏ بأن تقوم بالسعي الحثيث لإنهاء هذه الهيمنة البريطانية<br />

لهذا الجانب المهم من السلطات القضائية في قطر.‏<br />

وتحقيقا لذلك جرى اتفاق بين الحكومتين <strong>القطري</strong>ة والبريطانية بهدف إنهاء الممارسة البريطانية<br />

لبعض السلطات القضائية في قطر.‏ وكان قد صدر،‏ قبل استقلال قطر بنحو أسبوع قانونان<br />

18-13<br />

‎1‎‏-المذكرة التفسيرية للقانون رقم<br />

1 لسنة<br />

إنشاء محكمة العمل ، مجموعة قوانين قطر،‏ المجلد السابع،‏ ص.‏‎1303‎‏.‏<br />

1963 والخاص بتعديل القوانين‎4-3‎ لسنة ، 1962 المتعلقان بقانون العمل وقانون<br />

66


مجلة <strong>جامعة</strong> <strong>دمشق</strong> للعلوم الاقتصادية والقانونية–‏ المجلد 25- العدد الأول-‏‎2009‎<br />

محمد حاتم البيات<br />

تاريخ<br />

1971 8/25<br />

(1)<br />

: الأول،يتعلق بإنشاء نظام المحاكم العدلية ‏(مدنية وجزائية واستئناف).‏ أما<br />

الثاني فنظم انتقال السلطة القضائية،‏ بخصوص الأجانب في قطر،‏ من يد المعتمد البريطاني في قطر<br />

إلى هذه المحاكم الوطنية.‏ ويعد هذا القانون بمنزلة الخطوة الأخيرة المساهمة في استقلال قطر<br />

سياسيا ً وقضائي ًا،‏ ومن ثم امتداد سيادة قوانينها على جميع المقيمين،من أجانب وغير أجانب،‏ على<br />

أرض قطر ثم أن ّه كان يشكل مساهمة فعالة في إضعاف النفوذ البريطاني والذي انتهى رسميا ً مع<br />

إعلان استقلال قطر في سبتمبر عام<br />

المبحث الثاني<br />

.1971<br />

:1971<br />

هيكلية القضاء في قطر بعد<br />

عام الاستقلال<br />

بعد توقيع الحكومة البريطانية معاهدة الحماية مع الحكومة <strong>القطري</strong>ة،‏ حصلت قطر على كامل استقلالها<br />

وأصبحت من ثم سيادة الدولة كاملة.‏ حيث بدأت قطر مع فجر الاستقلال اتخاذ خطوات واسعة ومهمة<br />

لبناء نظامها السياسي والإداري وأيضا ً،‏ وهو ما يهمنا،‏ <strong>النظام</strong> القضائي.‏ وقد تجسد ذلك بإصدار<br />

تشريعات عديدة كان الهدف منها تحويل الإمارة في ذلك الوقت إلى دولة ومن ثم التحويل من مجتمع<br />

ينتمي إلى قبائل إلى مجتمع ينتمي إلى دولة.‏ ففي بداية الاستقلال بدأت مرحلة جديدة لتنمية الدولة<br />

والمجتمع وما يهمنا في هذه المرحلة الجديدة هو تطور <strong>النظام</strong> القضائي في الدولة.‏ وكان من أهم هذه<br />

التشريعات الأساسية لهذا الغرض،‏ هو القانون الناظم لانتقال السلطة القضائية إلى المحاكم<br />

(3)<br />

(2)<br />

الوطنية . وهذه الأخيرة نشأت مع صدور نظام المحاكم العدلية . وما من شك في أن هذا القانون<br />

يؤرخ عهدا ً جديد ًا في تاريخ القانون والقضاء في دولة قطر.‏ ويمكننا القول،‏ من جانب آخر،‏ أن ّه<br />

أحدث قفزة نوعية في مجال تحديث <strong>النظام</strong> القضائي في ذلك الوقت.‏ وبفضل هذا القانون شهدت دولة<br />

قطر قضاء مدني ًا وجزائي ًا على درجتين،‏ هذا إلى جانب القضاء الشرعي،‏ وأصبح لكل قضاء محاكمه<br />

الخاصة به.‏ كما وأحدث منصب رئيس المحاكم العدلية،‏ وهذه التسمية وردت في كثير من القوانين<br />

الصادرة مع بدايات الاستقلال وإلى<br />

(4)<br />

حين الحصول عليه كاملا ً .<br />

‎1‎‏-مجموعة قوانين قطر،‏ المجلد السادس،‏ ص.‏‎3026‎‏.‏<br />

‎2‎‏-القانون رقم<br />

‎3‎‏-القانون<br />

18 تاريخ 1971/8/ 25<br />

13 لسنة<br />

‎4‎‏-راجع في هذا الخصوص القانون<br />

القانون<br />

القانون<br />

1971 وهو ماكان يطلق عليه بقانون المحاكم العدلية في قطر.‏<br />

12 لسنة<br />

1970 بإنشاء محكمة قطر الجزئية،‏ القانون<br />

4 لسنة<br />

8 لسنة<br />

1962 المتعلق بالرسوم القضائية الخاصة بمحكمة العمل،‏ القانون<br />

18 لسنة<br />

19 لسنة<br />

1969 بإنشاء محكمة شؤون بلدية قطر.‏<br />

1962 بإنشاء محكمة العمل ،<br />

1978 بإنشاء محكمة المرور،‏ أخيرا<br />

67


أساسيات <strong>النظام</strong> القضائي <strong>القطري</strong> <strong>ماضيه</strong> <strong>وحاضره</strong><br />

إن نظام المحاكم العدلية الجديد<br />

13 لسنة<br />

1971 حمل معه هيكلية قضاء شبه متكاملة.‏ الأمر الذي دعا<br />

إلى إلغاء عدة محاكم لم يعد لها حاجة بظهور هذا <strong>النظام</strong>،‏ كمحكمة المرور،‏ ومحكمة قطر الجزائية،‏<br />

ومحكمة شؤون بلدية قطر.‏ أما محكمة العمل فبقيت على حالها كما سنرى.‏<br />

أنشأ هذا القانون في بداية الأمر المحكمة الجزائية الصغرى والمحكمة الجزائية الكبرى للنظر في<br />

(1)<br />

قضايا الجرائم المنصوص عليها في قانون عقوبات قطر . وكذلك الإجراءات المتبعة أمام هذه<br />

(2)<br />

المحاكم بموجب قانون الإجراءات الجنائية . علاوة على المحكمة المدنية التي استحدثت فيما بعد<br />

ووسع نطاق العمل بهذه المحكمة فقسمت إلى محكمة مدنية صغرى ومحكمة مدنية كبرى وأناط كل<br />

(3)<br />

منها باختصاص محدد . هذا فضلا ً عن<br />

(4)<br />

محكمة استئناف كمحكمة درجة ثانية .<br />

نلاحظ من خلال ما تقدم أنه على الرغم من إحداث محاكم مدنية إلا انه لم يكن هناك قانون للمرافعات<br />

المدنية أمام هذه المحاكم،‏ على غرار قانون الإجراءات الجنائية أمام المحاكم الجزائية.‏ وما كان<br />

(5)<br />

معمول فيه أمام هذه المحاكم المدنية هو قانون المرافعات الخاص أمام محكمة العمل . بسبب غياب<br />

قانون للمرافعات المدنية والتجارية في بيئة القضاء المدني،‏ إذ إنه لم يصدر في دولة قطر إلا في<br />

أواخر عام<br />

.1990<br />

(6)<br />

القوانين المتعلقة فيها ، إذ إن<br />

وبصدور هذا القانون الأخير رقم<br />

13 لعام 1990<br />

ألغيت محكمة العمل وجميع<br />

نظام المحاكم العدلية لعام 1971 لم يوقف العمل بهذه المحكمة<br />

حينذاك.‏ وأصبحت من ثم القضايا التي كانت تنظر فيها محكمة العمل من اختصاص المحكمة المدنية<br />

الصغرى أو الكبرى،‏ حسب قيمة الحق المدعى به.‏<br />

وخلاصة القول نستنتج أن القضاء في قطر قبل الاستقلال كان ينحصر في القضاء الشرعي المستمد<br />

من أحكام الشريعة الإسلامية الغراء.‏ هذا من جهة،‏ ومن جهة أخرى،القضاء العرفي الموسوم بقضاء<br />

السالفة المستمد من الأعراف والتقاليد المتعلقة بشؤون الغوص على اللؤلؤ.‏ فضلا ً عن أن قضاء<br />

المحكمة المشتركة الخاصة بالنزاعات المتعلقة بالبريطانيين وغيرهم من الأجانب،‏ للفصل بهذه<br />

النزاعات من قبل قاض بريطاني وليس قطريا ً.‏ حيث لم يكن للحكومة <strong>القطري</strong>ة حينذاك سلطة قضائية<br />

على المقيمين الأجانب في قطر.‏ إلا أن هذا الوضع ما لبس أن تغير بشكل جذري مع فجر الاستقلال<br />

‎1‎‏-والذي صدر في ظل القانون<br />

‎2‎‏-والذي صدر في ظل القانون<br />

‎3‎‏-بموجب القانون<br />

14 لسنة .1971<br />

15 لسنة .1971<br />

8 لسنة .1985<br />

4<br />

د.حيدر احمد دفع االله ، أصول المرافعات المدنية والتجارية،‏ الطبعة الأولى مكتبة المناعي ، الدوحة قطر،‏<br />

‎5‎‏-القانون<br />

1997 ص.‏‎713‎‏.‏<br />

8 لسنة .1962<br />

‎6‎‏-كقانون المرافعات وقانون الرسوم القضائية ذوات الأرقام<br />

5-4 لسنة .1962<br />

68


مجلة <strong>جامعة</strong> <strong>دمشق</strong> للعلوم الاقتصادية والقانونية–‏ المجلد 25- العدد الأول-‏‎2009‎<br />

محمد حاتم البيات<br />

لسببين اثنين:‏ الأول وهو صدور قانون 1971 الخاص بنظام المحاكم العدلية القائم على مبدأ التقاضي<br />

على درجتين وعلى مبدأ قضاء الفرد وقضاء الجماعة والذي احتوى على قضاء متنوع،‏ القضاء<br />

المدني والقضاء الجزائي إلى جانب القضاء الشرعي والذي بقي المشرع <strong>القطري</strong> في هذا <strong>النظام</strong><br />

محتفظا به لأهميته الكبرى.‏ والثاني،‏ وهو الأهم،‏ أصبحت الحكومة <strong>القطري</strong>ة تمارس سيادتها الكاملة<br />

وتطبيق قوانينها على جميع المقيمين على أرضها من عرب وأجانب،‏ بريطانيين،‏ أو غيرهم.‏ ولكن<br />

هل بقي هذا <strong>النظام</strong> القضائي هو السائد في الدولة أم أن المشرع <strong>القطري</strong> عمل على تطويره وتحديثه؟<br />

الفصل الثاني<br />

استكمال <strong>النظام</strong> القضائي مقوماته:‏<br />

منذ عهد الاستقلال كان لقانون 1971 الخاص بنظام المحاكم العدلية الأثر الأكبر في انطلاقة <strong>النظام</strong><br />

القضائي في دولة قطر.‏ وهو يعد باكورة <strong>النظام</strong> القضائي القائم على أساس مبدأ التقاضي على<br />

درجتين ومبدأ قضاء الفرد وقضاء الجماعة،‏ محاكم مدنية ومحاكم جزائية،‏ كمحاكم تصدر أحكاما ً من<br />

الدرجة الأولى.إلى جانب محكمة الاستئناف كمحكمة درجة ثانية.‏ ثم توسع العمل بنظام المحاكم<br />

المدنية إلى محاكم مدنية صغرى ومحاكم مدنية كبرى وتحديد اختصاص وظيفي وقيمي محدد لكل<br />

منها.كذلك الأمر قسمت المحاكم الجزائية إلى محاكم جزائية صغرى ومحاكم جزائية كبرى.‏ ونستطيع<br />

القول:‏ إن ّه مع صدور قانون المحاكم العدلية استكمل <strong>النظام</strong> القضائي أساسياته،‏ حيث وقف الأطراف<br />

المتنازعة على القوانين التي تعمل فيها هذه المحاكم وكذلك إجراءات التقاضي المطبقة على الدعاوى<br />

المرفوعة أمامها.‏ وبقي العمل جاريا ً في هذا <strong>النظام</strong> القضائي منذ فجر الاستقلال الكامل للبلاد حتى<br />

صدور القانون رقم<br />

13 لسنة<br />

1990 بإصدار قانون المرافعات المدنية والتجارية.‏ وبصدور هذا<br />

القانون استكمل <strong>النظام</strong> القضائي مقوماته،‏ فأصبح يجاري التطور ويلبي حاجات الفرد الأساسية.‏ هذا<br />

القانون احتوى في مضمونه على مجموعة القواعد القانونية التي يجب على الأطراف المتنازعة<br />

اتباعها وعلى المحاكم تطبيقها في حسم نزاعات المتقاضين أمامها فهو يبين بوضوح القواعد<br />

والإجراءات الواجب العمل بها منذ رفع النزاع إلى حين البت فيه بحكم اكتسب الدرجة القطعية،‏ بل<br />

وأكثر من ذلك يبين أيضا ً إجراءات تنفيذه.‏ وجعل المشرع <strong>القطري</strong> أحكام هذا القانون تشكل القواعد<br />

العامة في المرافعات والتي يجب العمل فيها ليس فقط أمام المحاكم المدنية فحسب،‏ بل أيضا ً أمام<br />

المحاكم<br />

(1)<br />

الجزائية في حال خلو النص في قانون الإجراءات الجنائية . وعدت هذه الأحكام موحدة،‏<br />

‎1‎‏-القانون<br />

15 لسنة<br />

1971 بإصدار قانون الإجراءات الجنائية المعدل وهو ساري المفعول منذ فجر الاستقلال وحتى تاريخه.‏<br />

69


أساسيات <strong>النظام</strong> القضائي <strong>القطري</strong> <strong>ماضيه</strong> <strong>وحاضره</strong><br />

واجبة التطبيق،‏<br />

(1)<br />

لأنها ألغت العمل بأحكام القوانين الأخرى . وقانون 13 لعام 1990 لا يزال ساري<br />

المفعول منذ صدوره في عام 1990 وتعديله في عام ‎1995‎وحتى نهاية<br />

التعديلات الجارية على هذا القانون في عام<br />

2005. يجدر<br />

2005<br />

واختصاصاتها.هذه التعديلات وردت في القوانين<br />

المدنية والتجارية رقم<br />

حملت في طياتها<br />

13-12 لسنة ،2005<br />

القول:‏ إن<br />

صياغة جديدة لهيكلية المحاكم<br />

المعدلة لقانون المرافعات<br />

(2)<br />

13 لسنة 1990. ونلاحظ بأن هذه التعديلات بمفعول هذه القوانين،‏ والتي<br />

سنتحدث عنها في حينها،‏ حدثت <strong>النظام</strong> القضائي في الدولة.‏ فضلا ً عن تطور هذا <strong>النظام</strong> الذي حمله<br />

قانون السلطة القضائية الجديد رقم<br />

10 لسنة . 2004<br />

وبعبارة أخرى،‏ إن التعديلات التي حملتها<br />

القوانين المذكورة أعلاه وكذلك القانون الجديد للسلطة القضائية حملت في طياتها مفاهيم أوسع للنظام<br />

القضائي في الدولة وصياغة جديدة له،‏ سواء على صعيد العمل القضائي أم على صعيد تشكيل<br />

المحاكم واختصاصاتها الواسعة.‏ فبالنسبة إلى قانون السلطة القضائية الجديد جاء بترتيب جديد<br />

للمحاكم،‏ فألغى تسميات بعض المحاكم واستعاض عنها بمسميات جديدة تتفق وتطور <strong>النظام</strong> القضائي.‏<br />

فضلا ً عن أنه أنشأ محكمة التمييز التي لم تكن موجودة قبل صدور هذا القانون ‏.ولا يخفى عن البال<br />

أن المشرع <strong>القطري</strong> قد تأثر كثيرا بأحكام المشرع المصري في قانون المرافعات وفي جميع ما يتعلق<br />

بالهيكلية الجديدة للمحاكم وطبيعتها ومسمياتها وأخيرا ً اختصاصاتها.‏ أما على صعيد القوانين<br />

-12<br />

13 لعام<br />

المدنية والتجارية<br />

2005 فهما المكملان لقانون السلطة القضائية الجديد والمعدلان لأحكام قانون المرافعات<br />

13 لسنة<br />

‎1990‎‏.بما ينسجم مع تطور وتحديث <strong>النظام</strong> القضائي،‏ وعلى وجه<br />

الخصوص فيما يتعلق بالتشكيل الجديد للمحاكم واختصاصها الوظيفي أو القيمي الجديدين.‏ وبهذه<br />

القوانين الجديدة استكمل <strong>النظام</strong> القضائي مقوماته الحديثة وأصبح من ثم يساير النظم القضائية<br />

الرائدة في الدول العربية كمصر وسورية ولبنان.‏<br />

في مجال دراستنا في هذا الفصل الثاني سوف نتناول ضمن ‏(المبحث الأول)‏ التعريف بقانون السلطة<br />

القضائية الجديد وتحديد مصادره وبيان ما قضى به من أحكام جديدة على صعيد القضاء والقضاة،‏<br />

ومن ثم ننتقل لتحديد مضمون القانونين<br />

13-12 لعام<br />

المبادئ التي يقوم عليها <strong>النظام</strong> القضائي <strong>القطري</strong>.‏<br />

‎2005‎‏.أما ‏(المبحث الثاني)‏ فنخصصه لدراسة<br />

‎1‎‏-كالقانون<br />

5 لسنة<br />

محكمة العمل <strong>القطري</strong>ة.‏<br />

1962 الخاص بإجراءات التقاضي أمام محكمة العمل،‏ والقانون<br />

22 لسنة<br />

2<br />

د.يوسف الزمان وعلي الخنجي،‏ قانون المرافعات المدنية والتجارية رقم<br />

13 لسنة ، 1990 دار<br />

2005 ص‎13‎‏.‏<br />

1962 نظام جواز التداعي أمام<br />

المنهل للطباعة ، القاهرة<br />

70


مجلة <strong>جامعة</strong> <strong>دمشق</strong> للعلوم الاقتصادية والقانونية–‏ المجلد 25- العدد الأول-‏‎2009‎<br />

محمد حاتم البيات<br />

المبحث الأول<br />

مصادر قانون السلطة القضائية وقانون المرافعات المدنية<br />

والتعديلات<br />

الطارئة على هيكلية<br />

المحاكم واختصاصاتها:‏<br />

ما من شك في أن الوظيفة الأساسية للدولة هي إقامة العدل بين الأفراد.‏ والعمل القضائي بمفهومه<br />

المعاصر هو عمل عام غالب ًا ما تستأثر الدولة بتنظيمه وممارسته.‏ والدولة بما لها من سلطة على<br />

أفرادها،‏ لا تبيح لهؤلاء الأفراد أن يقتصوا حقوقهم بأيديهم بمفعول قوة بعضهم على بعض،‏ بل<br />

أوجبت على كل من يدعي حقا على آخر أن يلجأ إلى السلطة القضائية في الدولة،‏ لأن ‏"ممارسة<br />

(1)<br />

الوظيفة القضائية من المهام الأساسية للدولة الحديثة"‏ ، بحسبان أن الدولة تضطلع بمهمة تأمين<br />

العدالة،‏ يجب أن يكون جهازها القضائي سهل الإجراءات من جهة وألا يكون باهظ التكاليف من جهة<br />

أخرى.‏ أضف إلى ذلك أن القضاء النزيه والمستقل إنما يعبر عن حضارة الدولة وتقدمها ورقيها،‏ ثم<br />

إن ّه صمام الأمان والأمن في المجتمع.‏ والدولة الحديثة تولي القضاء اهتمام ًا بالغ الأهمية.‏ تتجلى هذه<br />

الأهمية في إصدار التشريعات المختلفة الإجرائية منها والموضوعية والتي تتوافق مع المجتمع<br />

وتطوره وحاجته،‏ بهدف إيصال العدالة إلى الجميع بأيسر الطرائق وأقلها تكلفة.‏<br />

في الواقع أن ممارسة الوظيفة القضائية للدولة يستلزم نوعين من التشريعات.‏ والمشرع <strong>القطري</strong><br />

أصدر من أجل ذلك قانون ًا للسلطة القضائية وقانونا آخر للمرافعات المدنية والتجارية يتعلق الأول<br />

بالتنظيم القضائي،‏ أما الثاني فيتعلق بالإجراءات واجبة الإتباع أمام المحاكم المدنية على اختلاف<br />

أنواعها ودرجاتها.‏<br />

في الواقع سوف تتناول دراستنا معالجة قانونين من أهم القوانين في الدولة،سواء على صعيد القضاء<br />

أم على صعيد القضاة:‏ قانون السلطة القضائية وقانون المرافعات المدنية والتجارية.يلاحظ أن أول<br />

قانون للسلطة القضائية صدر في دولة قطر في عام<br />

(2)<br />

. 1999 إلا أن <strong>النظام</strong> القضائي لم يكن واضحا<br />

ومكتملا بموجب هذا القانون،‏ وعلى العكس من ذلك جاء قانون السلطة القضائية الجديد في عام<br />

2003 المعدل له ليكمل الهيكل القضائي وليعزز من شأن القضاة واستقلالهم الكامل في أداء عملهم،‏<br />

وهذا القانون حمل في طياته الكثير من معالم التحديث والتطوير للسلطة القضائية في الدولة.‏ أما<br />

1<br />

د.أمينة النمر،‏ قوانين المرافعات،‏ الكتاب ، منشاة المعارف بالإسكندرية،‏<br />

‎2‎‏-في ظل القانون<br />

2003 ص.‏‎15‎‏.‏<br />

6 لعام .1999<br />

71


أساسيات <strong>النظام</strong> القضائي <strong>القطري</strong> <strong>ماضيه</strong> <strong>وحاضره</strong><br />

قانون المرافعات المدنية والتجارية<br />

13 لسنة<br />

1990 فهو أول قانون صدر في الدولة ولا يزال ساري<br />

المفعول حتى تاريخه.‏ فما المقصود من قانون السلطة القضائية وقانون المرافعات المدنية؟<br />

يمكن أن نحدد المقصود من قانون السلطة القضائية بأنه مجموعة من القواعد القانونية تهدف إلى<br />

تنظيم السلطة القضائية في الدولة وتحدد أنواع المحاكم وولاية كل واحدة منها.أما قانون المرافعات<br />

المدنية والتجارية<br />

13 لسنة 1990 فيعرف<br />

بأن ّه مجموعة من القواعد القانونية والتي يجب على<br />

المتقاضين اتباعها وعلى المحاكم تطبيقها في فصل المنازعات التي ترفع أمامها منذ رفع النزاع<br />

وحتى البت فيه بحكم قطعي نهائي.فالقانون الأول ينظم السلطة القضائية أما الثاني فيتناول حسن سير<br />

النزاع أمام السلطة القضائية إذ إن ّه يحدد القواعد والإجراءات الواجب اتباعها بشأن كل نزاع يرفع<br />

أمام القضاء.‏ وعلى الرغم من أن هذه القواعد والإجراءات أمام القضاء قد تختلف باختلاف طبيعة<br />

الدعوى،‏ دعاوى مدنية تنظر أمام القضاء المدني أو دعاوى جزائية تنظر أمام القضاء الجزائي.إلا أنه<br />

ومع ذلك توجد قواعد وأصول مشتركة تبقى ضرورية لضمان حسن سير العدالة من ثم يجب العمل<br />

بها،‏ على وجه العموم أمام القضاء المدني أو الجزائي.‏ من ذلك مبدأ حرية الدفاع،‏ ومبدأ إلزام<br />

المحاكم بالإجابة عن جميع دفوع الخصوم ومبدأ عدم النظر بالموضوع الواحد إلا مرة واحدة،‏ كذلك<br />

مبدأ عدم الحكم بأكثر مما يطلبه الخصوم،‏ وأخيرا القاعدة التي تعد أن قانون المرافعات المدنية<br />

والتجارية يشكل المرجع الأساسي لجميع القوانين الإجرائية والتي يقتضي رجوع المحاكم إليها عند<br />

(2)<br />

(1)<br />

خلو هذه القوانين الإجرائية من نص . حتى ولو لم ينص القانون عليها .<br />

وعلى صعيد موقع كل من قانون السلطة القضائية وقانون المرافعات المدنية<br />

الأخرى،‏ مازال الجدل الفقهي القانوني بشأنه<br />

أم من فروع القانون الخاص.‏<br />

من فروع القانون<br />

قائما ً حول مدى اعتباره فرعا ً من فروع القانون العام<br />

في الحقيقة بالنسبة لقانون المرافعات المدنية والتجارية هناك<br />

اتجاهان اثنان:‏ يرى الأول بأنه فرع من فروع القانون الخاص،‏ لأنه يتضمن الإجراءات التي يجب<br />

اتباعها أمام القضاء المدني أو التجاري فيما يخص تطبيق أحكام القانون المدني أو التجاري.‏ وهذان<br />

القانونان يشكلان الأساس في القانون الخاص.‏ أما الاتجاه الثاني فيرى على العكس يجب اعتباره<br />

فرعا من فروع القانون العام لسبب بسيط انه ينظم مرفقا ً عاما ً ومهما ً من مرافق الدولة ألا وهو<br />

القضاء.‏ أما في الوقت الحاضر،‏ فيرى الفقه،‏ وهو على صواب،‏ أن قانون المرافعات يمثل مركز ًا<br />

وسطا بين فرعي القانون العام والخاص.‏ بعض من قواعده تعد من القانون الخاص لأنه يهدف إلى<br />

‎1‎‏-رزق االله انطاقي ، أصول المحاكمات في المواد المدنية والتجارية ، الطبعة التاسعة،‏ منشورات <strong>جامعة</strong> <strong>دمشق</strong><br />

‎2‎‏-قرار مجلس الدولة الفرنسي ، الأول من تشرين الثاني 1926 مجموعة داللوز الفرنسية<br />

2002، ص.‏‎8‎‏.‏<br />

.25 ،1927.2<br />

72


مجلة <strong>جامعة</strong> <strong>دمشق</strong> للعلوم الاقتصادية والقانونية–‏ المجلد 25- العدد الأول-‏‎2009‎<br />

محمد حاتم البيات<br />

.<br />

حماية وصيانة الحقوق الفردية ‏.وبعضها الآخر على العكس فتعد من القانون العام لأنها تهدف إلى<br />

تنظيم المرفق العام في الدولة هو القضاء،‏ وهذه القواعد بأكملها قد تكون من متعلقات <strong>النظام</strong> العام<br />

(1)<br />

وقد لا تتعلق به .<br />

أما بالنسبة لقانون السلطة القضائية فلا جدال في أن جميع قواعده من <strong>النظام</strong> العام بسبب أنها تنظم<br />

السلطة القضائية كإحدى سلطات الدولة الأساسية<br />

نتناول في ‏(المطلب الأول)‏ من هذا المبحث الأول مصادر قانون السلطة القضائية وقانون المرافعات<br />

المدنية،‏ أما في ‏(المطلب الثاني)‏ فنعرض باختصار إلى الهيكلية الجديدة للمحاكم واختصاصاتها<br />

المتعددة.وفق قانون السلطة القضائية الجديد من جهة،‏ والتعديلات الجارية على قانون المرافعات<br />

المدنية والتجارية من جهة أخرى.‏<br />

المطلب الأول<br />

أولا ً:‏ المصادر:‏<br />

المصادر الرسمية:‏<br />

1- الدستور الدائم للدولة:‏<br />

يعد الدستور المصدر الأساسي لقانون السلطة القضائية وقانون المرافعات المدنية فضلا ً عن<br />

المعاهدات وبعض القوانين الخاصة،‏ وقد احتوى الدستور الدائم للبلاد على قواعد أساسية تتصل<br />

بالقضاء ودوره في إقامة العدالة.‏ من ذلك ‏"السلطة القضائية مستقلة وتتولاها المحاكم على اختلاف<br />

أنواعها ودرجاتها،‏<br />

(2)<br />

وتصدر أحكامها وفق القانون"‏ . أيضا ً ‏"سيادة القانون أساس الحكم في الدولة<br />

(3)<br />

وشرف القضاء ونزاهة القضاة وعدلهم ضمان للحقوق والحريات"‏ ‏.ونص آخر أكد استقلال القضاة<br />

في عملهم لضمان تحقيق العدالة حيث قضى أن ‏"القضاة مستقلون،‏ لا سلطان عليهم في قضائهم لغير<br />

(4)<br />

القانون،‏ ولا يجوز لأية جهة التدخل في القضايا أو في سير العدالة"‏ . أما على صعيد التقاضي<br />

فقال"التقاضي حق مصون ومكفول للناس كافه ويعين القانون إجراءات وأوضاع ممارسة هذا<br />

(5)<br />

الحق"‏ .<br />

1<br />

أحمد صاوي ، شرح قانون المرافعات المدنية والتجارية ، دار النهضة العربية القاهرة<br />

‎2‎‏-المادة 130 من الدستور الدائم للدولة.‏<br />

‎3‎‏-المادة الدستور الدائم للدولة.‏<br />

‎4‎‏-المادة 130 من الدستور الدائم للدولة.‏<br />

2001 ص<br />

129 من<br />

‎5‎‏-المادة 135 من الدستور الدائم للدولة.‏<br />

213 وما بعدها.‏<br />

73


أساسيات <strong>النظام</strong> القضائي <strong>القطري</strong> <strong>ماضيه</strong> <strong>وحاضره</strong><br />

‎2‎‏-قانون المحاكم العدلية:‏<br />

(1)<br />

ويسمى أيضا ً بنظام المحاكم العدلية ، وكان يعنى بتنظيم كل ما يخص المحاكم العدلية من حيث<br />

نشأتها واختصاصاتها وتشكيلها،‏ وشروط تعيين القضاة وحصاناتهم وواجباتهم ومحاكمتهم،‏ وكذلك<br />

يحدد نظام جلسات المحاكم ومن لهم حق المرافعة أمام هذه المحاكم<br />

لسنة<br />

.<br />

وفي ظل هذا القانون كان <strong>النظام</strong> القضائي في قطر،‏ قبل صدور قانون المرافعات المدنية والتجارية<br />

13<br />

،1990<br />

ذا صفة مزدوجة،‏ حيث كان يمارس القضاء جهتان:‏ المحاكم العدلية والمحاكم<br />

الشرعية.‏ تطبق الأولى القوانين الوضعية،‏ في حين تحكم الثانية بمقتضى قواعد الشريعة الإسلامية.‏<br />

وتجدر الإشارة في هذا الموضع إلى أن أول تنظيم للسلطة القضائية في دولة قطر كان من خلال<br />

القانون<br />

6 لسنة ،1999<br />

وقد جمع هذا القانون بين المحاكم العدلية والمحاكم الشرعية وأعاد تشكيلها<br />

من جديد،‏ وغير في بعض اختصاصاتها،‏ كما أنشأ محكمة التمييز على قمة الهرم القضائي والتي<br />

تعمل على توحيد الحلول القانونية فضلا ً عن أنها محكمة قانون ولكن لسوء حظ المشرع <strong>القطري</strong> لم<br />

يلق هذا القانون قبولا ً لأنه لم ير النور بسبب عدم نشره في الجريدة الرسمية،‏ بسبب أن ّه في تلك<br />

المرحلة كان هناك تحضير لإصدار قانون جديد أوسع للسلطة القضائية.‏ وقد صدر هذا القانون الجديد<br />

تحت رقم<br />

ألغى القانون<br />

10 لسنة<br />

2003 فألغى بصدوره القانون<br />

13 لسنة 1971<br />

6 لسنة 1999<br />

‏(قانون المحاكم العدلية)‏ كذلك<br />

‏(قانون السلطة القضائية السابق)‏ وكل حكم يخالف أحكامه،‏ وذلك ابتداء<br />

من تاريخ العمل به في أول أكتوبر عام ‎2004‎‏،والذي سنتولى الحديث عنه في موضعه لاحقا ً.‏<br />

‎3‎‏-قانون المرافعات المدنية والتجارية رقم‎13‎ لسنة<br />

على اعتبار أن هذا القانون هو أول قانون للمرافعات في قطر،‏<br />

1990<br />

(2)<br />

فبصدوره ألغيت قوانين عديدة . وقد<br />

أكدت قواعد هذا القانون ترسيخ المبادئ العامة للمرافعات المتعارف عليها والمستقرة في قوانين<br />

المرافعات والأصول المختلفة،‏ ولاسيما القانون المصري والقانون السوري،‏ والتي تهدف إلى حسن<br />

سير القضاء وإجراءاته.‏ إن هذا القانون<br />

(3)<br />

أُخضع إلى تعديلات غيرت من الاختصاص القيمي<br />

والوظيفي للمحاكم ووسعت ولاية الفصل في النزاعات وعلى اختلاف أنواعها كما سنرى لاحقا ً.‏<br />

‎1‎‏-وفق القانون<br />

13 لسنة 1970 المعدل.‏<br />

‎2‎‏-مثل القانون ‎4‎و‎5‎و‎8‎و‎12‎ لسنة 1962 المتعلقة على التوالي،‏ كما ذكر،‏ بإنشاء محكمة العمل،‏ والمرافعات أمامها،‏ والرسوم<br />

القضائية الخاصة بها،‏ وجواز التداعي أمامها،‏ وكذلك إلغاء كل نص يتعارض وأحكامه.‏<br />

‎3‎‏-بموجب القوانين 12 و‎13‎ لسنة‎2005‎ والتي سنتولى شرحها تباعا في موضعها.‏<br />

74


مجلة <strong>جامعة</strong> <strong>دمشق</strong> للعلوم الاقتصادية والقانونية–‏ المجلد 25- العدد الأول-‏‎2009‎<br />

محمد حاتم البيات<br />

‎4‎‏-:قانون المحاماة الجديد الصادر بالقانون رقم<br />

وصدر هذا القانون في<br />

23 لعام 2006<br />

2006/6/29<br />

وضع موضع التنفيذ بعد شهرين من تاريخ نشره،‏ وقد نص على<br />

(1)<br />

وجوب العمل بأحكامه وإلغاء كل حكم يخالف أحكامه ‏.وهذا القانون ذو طابع خاص في كل مايتعلق<br />

بممارسة العمل المهني في قطر،‏ في الواقع لم تعد ممارسة مهنة المحاماة<br />

فحسب،‏ وإنما هناك جهات أخرى حكومية وغير حكومية<br />

حكرا ً<br />

على المحامين<br />

في الدولة،‏ أجاز هذا القانون لموظفيها<br />

ممارسة المهنة،‏ كمؤسسة قطر للبترول،‏ حيث أجاز القانون الجديد للمحاماة لموظفيها مباشرة<br />

الاختصاصات المتعلقة بأعمال المهنة المنصوص عنها في هذا القانون،‏ بل وأيضا ً ليس لمؤسسة قطر<br />

(2)<br />

للبترول فحسب وإنما للشركات التي تسهم في رأسمالها أو تؤسس بمفردها أو بالاشتراك مع الغير.‏<br />

كما أجاز القانون نفسه للهيئات والمؤسسات العامة والشركات والمنشات الخاصة أن يقوم موظفوها<br />

(3)<br />

بمباشرة الاختصاصات الملقاة على عاتق المحامين في إدارة قضايا الدولة . كذلك الأمر أجاز<br />

(4)<br />

القانون الترخيص بالعمل في قطر لمكاتب المحاماة العالمية بقرار من وزير العدل وذلك بالعمل في<br />

(5)<br />

أعمال المهنة التي يحددها الترخيص،‏ ويمنح الترخيص مدة خمس سنوات قابلة للتجديد . وأخير ًا<br />

منح القانون للمحامين من غير <strong>القطري</strong>ين ممارسة المحاماة في قطر بشرط الحضور أمام المحاكم<br />

باسم مكتب قطري للمحاماة،‏ ويشترط القانون بهؤلاء أن يكونوا من المرخص لهم بمزاولة المحاماة<br />

في بلادهم وأن يكون قد مضى على التحاقهم في مكتب المحاماة <strong>القطري</strong> مدة ثلاث سنوات على<br />

(6)<br />

الأقل .<br />

من استقراء النصوص السابقة نجد-من جانبنا-‏ أن المشرع <strong>القطري</strong> في قانون المحاماة منح فئات<br />

متعددة من الأشخاص الذين يمارسون العمل المهني في قطر،‏ وبذلك لم تعد أعمال المحاماة حكر ًا<br />

على المحامين فقط.‏ كذلك الأمر فيما يتعلق بالترخيص لمكاتب المحاماة العالمية،‏ نرى<br />

من جانبنا-‏ –<br />

أن النص جاء عاما ً ولم يحدد معايير أو ضوابط يمكن الركون إليها للعمل بموجبها،‏ والتي ستشير إلى<br />

أن المكتب المزمع الترخيص له يعد من مكاتب المحاماة العالمية.‏<br />

‎1‎‏-المادة الأولى من قانون المحاماة رقم<br />

23 لعام . 2006<br />

2<br />

3<br />

4<br />

5<br />

6<br />

المادة 5 من قانون المحاماة رقم<br />

المادة الرابعة من القانون<br />

23 لعام .2006<br />

23 لعام .2006<br />

نتساءل ‏–من جهتنا – من هي الجهة التي تحكم بان هذا المكتب من المكاتب العالمية للمحاماة<br />

المادة السابعة من قانون المحاماة<br />

المادة التاسعة من قانون المحاماة <strong>القطري</strong><br />

23 لعام .2006<br />

23 لعام .2006<br />

75


أساسيات <strong>النظام</strong> القضائي <strong>القطري</strong> <strong>ماضيه</strong> <strong>وحاضره</strong><br />

‎5‎‏-المعاهدات والاتفاقيات القضائية:‏<br />

هذه المعاهدات والاتفاقيات الدولية لا تدخل حيز التنفيذ إلا بمصادقة الدول الموقعة عليها،‏ بموجب<br />

قانون.هذه المعاهدات والحالة هذه تعد مصادر رسمية لقانون المرافعات <strong>القطري</strong>،‏ لأنها تنظم جانب ًا أو<br />

آخر من جوانب العمل القضائي.‏<br />

وقد صادقت دولة قطر على عدد كبير من المعاهدات والاتفاقيات القضائية،‏ سواء على صعيد الدول<br />

العربية،‏ أم على صعيد دول مجلس التعاون الخليجي.ومن أهم هذه الاتفاقيات والمعاهدات،‏ اتفاقية<br />

الرياض للتعاون القضائي والموقعة في إطار حاجة الدول العربية.‏ ومن المعاهدات،‏ معاهدة تنفيذ<br />

(1)<br />

الأحكام والإنابات والإعلانات القضائية بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية .<br />

وتجدر الإشارة إلى أن هذه المعاهدات والاتفاقيات الأولوية في التطبيق على أحكام القانون الداخلي.‏<br />

وبعبارة أخرى،‏ العمل بموجب أحكام التنفيذ في القانون الداخلي،‏ فيما يتعلق بتنفيذ السندات الأجنبية<br />

في دولة قطر،‏ مرهون بألا يخالف أحكام المعاهدات والاتفاقيات المعقودة،‏ أو التي تعقد بين دولة قطر<br />

(2)<br />

وغيرها من الدول في هذا الشأن .<br />

ثاني ًا:‏<br />

المصادر غير الرسمية<br />

وتشتمل هذه المصادر غير الرسمية على التقاليد القضائية المعروفة والقواعد الفقهية وأخير ًا آراء<br />

الفقه واجتهادات المحاكم.‏<br />

‎1‎‏-التقاليد القضائية:‏<br />

وهي عبارة عن مجموعة من طرائق التفكير والعمل انتقلت من جيل قضائي إلى آخر واستقرت في<br />

القضاء وأصبح بالنتيجة عادة يحترمها القضاة ويعملون بموجبها.‏ كالمداولة السرية في غرفة<br />

المداولة،‏<br />

(3)<br />

وعدم جواز اشتراك غير القضاة فيها وإلا كان الحكم باطلا ً ، أو المشورة قبل إصدار<br />

الأحكام القضائية.‏ وأن هذه المداولة وإشراك القضاة الذين وقفوا على النزاع وأسبابه،‏ لم تعد مجرد<br />

تقليد قضائي وإنما أصبحت نصوصا ً قانونية،‏<br />

التشريعات العربية التي تشترط في المداولة أن تكون سرية.‏<br />

(4)<br />

عندما جعلها المشرع سرية . وهذا حال غالبية<br />

1<br />

راجع اتفاقية الرياض للتعاون القضائي ومعاهدة تنفيذ الأحكام والانا بات القضائية في دول مجلس التعاون الخليجي منشورات<br />

الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي<br />

‎2‎‏-المادة<br />

‎3‎‏-المادة<br />

.2002<br />

379 من قانون المرافعات المدنية والتجارية <strong>القطري</strong> ، الكتاب الثالث ‏(التنفيذ).‏<br />

118 من قانون المرافعات المدنية والتجارية .<br />

‎4‎‏-المادة 117 من قانون المرافعات المدنية والتجارية.‏<br />

76


د‎3‎<br />

د-‏<br />

مجلة <strong>جامعة</strong> <strong>دمشق</strong> للعلوم الاقتصادية والقانونية–‏ المجلد 25- العدد الأول-‏‎2009‎<br />

محمد حاتم البيات<br />

2- القواعد الفقهية:‏<br />

عند خلو التشريع من نص قانوني على مسألة ما فإن ّه يمكن للقضاة اللجوء إلى القواعد الفقهية<br />

للاستدلال بها في أحكامهم.‏ ومن هذه القواعد قاعدة لا يضار الطاعن من طعنه،‏ والمصلحة مناط<br />

الدعوى،‏ ولا يحكم على أحد قبل سماع دفعه،‏ ولا دعاوى بطلان ضد الأحكام،‏ ولا بطلان في<br />

الإجراءات<br />

(1)<br />

بغير ضرر .<br />

هذه القواعد الفقهية درج القضاة على العمل بها ولاسيما عند غياب النص التشريعي.ثم قننت مثل<br />

هذه القواعد في التشريع.‏ وهذا قانون المرافعات <strong>القطري</strong> نص على أن ّه ‏"لا يقبل أي طلب أو دفع لا<br />

(2)<br />

تكون لصاحبه فيه مصلحة قائمة يقرها القانون"‏ .<br />

‎3‎‏-آراء الفقه واجتهادات المحاكم:‏<br />

تعد آراء الفقه واجتهادات المحاكم في أغلب القوانين المدنية مصدر ًا تفسيري ًا لقانون المرافعات وهي<br />

وإن لم تكن ملزمة إلا أنه لا يمنع القاضي من أن يسترشد ويستأنس بها عند تطبيقه للقانون.‏<br />

فالقاضي بإمكانه الرجوع إلى المؤلفات القانونية رفيعة المستوى للاسترشاد بها والحصول منها على<br />

توضيح وتفسير ما أبهم الحل القانوني بشأنه من المنازعات.‏ من ذلك ما اعتاد عليه القضاة في<br />

مختلف الدول العربية الرجوع إلى مؤلفات الفقيه السنهوري للاستئناس بآرائه.‏ والقاضي عندما يرجع<br />

إلى مؤلف ما لا يعني أن ّه ملزم بذلك،‏ وإنما يرجع إليه نظرا ً لقناعته برأيه الفقهي والذي يعده في<br />

جادة الصواب،‏ هذا من جهة،‏ ومن جهة أخرى،‏ لأنه لم يجد مصدر ًا رسميا ً يلجأ إليه لحل النزاع<br />

(3)<br />

المعروض عليه .<br />

تعد<br />

كذلك الأمر بالنسبة لاجتهادات المحاكم،‏ ولاسيما قرارات محكمة الاستئناف واجتهاد محكمة التمييز،‏<br />

(4)<br />

مصدر ًا تفسيري ًا للقواعد القانونية . فالقاضي له أن يستأنس بأحكام أصدرها قضاة آخرون،‏<br />

أعلى منه درجة من درجات التقاضي،‏ إلا أن ّه،‏ يبدو لنا،‏ ملزما ً بالأخذ بها عندما تكون مثل هذه<br />

القرارات صادرة عن أعلى محكمة في الجهاز القضائي كمحكمة التمييز.‏ ولاشك في أن أحكام محكمة<br />

التمييز التي تتضمن مبادئ قانونية يكون لها صفة الإلزام بالنسبة للمحاكم الدنيا.‏ فضلا ً عن أن الهيئة<br />

1<br />

‏.ضياء شيت حطاب،‏ دراسات في قانون المرافعات العراقي،‏ مطبعة بغداد،‏<br />

‎2‎‏-المادة الأولى من الأحكام العامة لقانون المرافعات المدنية والتجارية‎13‎ لسنة<br />

1999 ص.‏‎518‎‏.‏<br />

.1990<br />

‏.مفلح عواد ‏،أصول المحاكمات المدنية والتنظيم القضائي ، دار الثقافة للنشر والتوزيع عمان الأردن<br />

2004 ص.‏‎266‎‏.‏<br />

‎4‎‏-انظر مؤلفنا ، مدخل إلى علم القانون ، منشورات <strong>جامعة</strong> <strong>دمشق</strong>،‏ كلية الحقوق،‏ قسم التعليم المفتوح ، الطبعة الأولى ،<br />

ص.‏‎13‎ وما بعد.‏<br />

2003<br />

77


أساسيات <strong>النظام</strong> القضائي <strong>القطري</strong> <strong>ماضيه</strong> <strong>وحاضره</strong><br />

العامة لمحكمة التمييز إذا قررت مبدأ قانوني ًا ما فعلى جميع الغرف أو الهيئات الأخرى التقيد فيه.‏<br />

وإذا كان الأمر على هذه الشاكلة داخل محكمة التمييز نفسها فكيف يكون الأمر بالنسبة لمحكمة<br />

التمييز كمحكمة عليا والمحاكم الأخرى كمحاكم دنيا؟<br />

المطلب الثاني<br />

التشكيل الجديد للمحاكم واختصاصاتها:‏<br />

نعالج في هذا المطلب الثاني الهيكلية الجديدة<br />

القضائية الجديد رقم<br />

المرافعات المدنية والتجارية<br />

قبل التعديل.‏<br />

10 لسنة ،2003<br />

للمحاكم واختصاصاتها الوظيفية<br />

وكذلك القوانين<br />

-12<br />

13 لسنة<br />

وفق قانون السلطة<br />

‎13‎لسنة 2005 المعدلة لقانون<br />

1990. بعد إعطاء نظرة سريعة على هيكلية المحاكم السابقة<br />

أولا ً:‏ الملامح العامة لتوزيع جهة القضاء وفق قانون المحاكم العدلية السابق:‏<br />

في الماضي كان يقتصر <strong>النظام</strong> القضائي على جهتين للقضاء:‏ الأولى،‏ جهة القضاء الشرعي و الثانية<br />

جهة القضاء العادي.‏ ويتجسد القضاء الشرعي بالمحاكم الشرعية التي تقوم على تطبيق القوانين<br />

الوضعية إلى جانب أحكام الشريعة الإسلامية.‏ وتختص هذه المحاكم بمنازعات الأحوال الشخصية<br />

للمسلمين،‏ كالزواج والطلاق والنسب والنفقة وبوجه عام،‏ مختلف مسائل الأحوال الشخصية.‏ فضلا ً<br />

(1)<br />

عن اختصاصها في نظر الجرائم المستبعدة من اختصاص المحاكم الجزائية العدلية . ومن هذه<br />

الجرائم،‏ القتل والانتحار والجرائم الجنسية والخلقية،‏ الجرائم المتعلقة بالزواج والزنا ووطء<br />

(2)<br />

المحارم . ويشترط في اختصاص هذه المحاكم الشرعية أن يكون المتهم فيها مسلما ً وهذه المحكمة<br />

لا تطبق قانون عقوبات قطر على مثل هذه الجرائم وإنما تعمل على تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية<br />

الغراء عليها.‏ أما الثانية،‏ فهي جهة القضاء العادي وقد تجسد ذلك بالمحاكم العدلية التي كانت تعمل<br />

على تطبيق القوانين الوضعية،‏ فيما يعرض عليها من منازعات من صلب اختصاصها.‏ وهذه المحاكم<br />

العدلية كانت تعد عصب الجهاز القضائي وأساسه.‏ وتتكون هذه المحاكم العدلية وفق قانون‎1971‎ من<br />

ثلاث هيئات قضائية:‏ المحاكم الجزائية،‏ المحاكم المدنية،‏ محكمة الاستئناف.‏ فأما المحاكم الجزائية<br />

فيتوزع العمل فيها إلى محاكم جزائية صغرى ومحاكم جزائية كبرى،‏ كذلك الأمر بالنسبة للمحاكم<br />

‎1‎‏-المادة 2 من القانون<br />

13 لسنة<br />

‎1971‎‏(قانون المحاكم العدلية الملغى).‏<br />

‎2‎‏-الفصول السابع عشر والثاني والثالث والعشرون من قانون عقوبات قطر رقم<br />

14 لسنة .1971<br />

78


مجلة <strong>جامعة</strong> <strong>دمشق</strong> للعلوم الاقتصادية والقانونية–‏ المجلد 25- العدد الأول-‏‎2009‎<br />

محمد حاتم البيات<br />

المدنية إلى صغرى وكبرى،‏ وأخيرا ً محكمة الاستئناف.‏ ومن هذا التقسيم يلاحظ غياب لجهة القضاء<br />

الإداري وهذا الغياب ليس فقط في هذا <strong>النظام</strong> السابق وإنما أيضا ً في <strong>النظام</strong> القضائي الحالي الجديد<br />

.<br />

ففي السابق كانت المنازعات الخاصة بالعقود الإدارية والتي تكون الدولة طرفا ً فيها من اختصاص<br />

المحاكم العدلية أما أمر إلغاء القرارات الإدارية أو التعويض عنها فهو يخرج عن ولاية المحاكم<br />

العدلية <strong>القطري</strong>ة على وجه العموم.‏ ويبدو أن المشرع <strong>القطري</strong> لا يعترف بآلية القضاء الإداري بهيئة<br />

مجلس دولة على غرار النظم القضائية العربية والأجنبية الأخرى،‏ كمصر وسورية وفرنسا.‏ وهذا ما<br />

يشكل عيب ًا في <strong>النظام</strong> القضائي <strong>القطري</strong> لخلوه من القضاء الإداري،‏ أهم الجهات القضائية في الدولة<br />

الحديثة.‏<br />

ومع ذلك صدر في الآونة الأخيرة في قطر القانون رقم<br />

7 لعام<br />

2007 بشأن الفصل في المنازعات<br />

الإدارية والذي تم بموجبه إنشاء دائرة خاصة أمام المحكمة الابتدائية للنظر في المنازعات الإدارية.‏<br />

تؤلف هذه الدائرة من ثلاثة قضاة تختص دون غيرها بنظر هذه المنازعات الإدارية المحددة بهذا<br />

القانون.‏ إلا أن هذه الدائرة الإدارية لا تضاهي القضاء الإداري بالمعنى الواسع للكلمة،‏ والسبب في<br />

ذلك أن عملها مقيد ومن خلال حالات محددة وفقا ً لهذا القانون،‏ وهو ما يشكل ‏–من جهتنا ‏-حماية<br />

لبعض القرارات الإدارية والأوامر والمراسيم الأميرية المتعلقة ببعض المسائل القانونية،‏ والتي لسنا<br />

بمقام البحث فيها،‏ بمنأى عن الإلغاء.‏ فأين نحن من وجود ما يدعى بهيئة قضاء إداري مستقل<br />

يختص نوعيا بإلغاء القرارات والأوامر الإدارية على اختلاف أنواعها وطبيعتها ؟.‏<br />

ومع ذلك استحدث المشرع <strong>القطري</strong> أيضا ً في ظل القانون<br />

6 لعام 2007<br />

دائرة تسمى بالدائرة<br />

‏"الدستورية"‏ للفصل بالمنازعات المعلقة بدستورية القوانين وتنازع الاختصاص وتعيين الجهة<br />

المختصة لنظر النزاع.‏ وتؤلف هذه الدائرة من رئيس محكمة التمييز وأربعة من أعضائها ويصدر<br />

بتعيين هؤلاء الأعضاء مرسوم بناء على ترشيح المجلس الأعلى للقضاء<br />

.<br />

من استقراء ذلك يتبين لنا أن رئيس محكمة التمييز يمكن أن يمارس هيمنة إدارية وتسلطا ً في<br />

اختيار هؤلاء الأعضاء لأنه هو نفسه الذي يشغل منصب رئيس المجلس الأعلى للقضاء،‏ هذا من<br />

جهة،‏ ومن جهة أخرى نتساءل لماذا لم ينص المشرع على محكمة دستورية عليا أسوة بتشريعات<br />

الدول الأخرى من دول مجلس التعاون الخليجي كالكويت،‏ ومن خارج مجلس التعاون الخليجي<br />

كمصر وسورية،‏ ولاسيما أن أعضاء المحكمة الدستورية العليا في هذه الدول المشار إليها تؤلف من<br />

خمسة أعضاء؟ ويبدو أن المشرع أراد من وراء ذلك تبعية هذه الدائرة لمحكمة التمييز؟ وبذلك نجد<br />

‏-من جانبنا-‏ أن هذه الدائرة والحالة هذه،‏ لن توسم بأن ّها هيئة قضائية مستقلة،‏ وكذلك لن تجرؤ قط<br />

أن تبت بعدم دستورية قانون أو مرسوم في يوم من الأيام ‏.فأين نحن من الهيئة القضائية المستقلة؟<br />

79


أساسيات <strong>النظام</strong> القضائي <strong>القطري</strong> <strong>ماضيه</strong> <strong>وحاضره</strong><br />

ومبدأ التقاضي على درجتين كان يعمل به منذ نشوء هذه المحاكم العدلية.‏ هذه المحاكم،‏ كما ورد<br />

أعلاه،‏ على درجتين.‏ محاكم درجة أولى:‏ المحكمة الجزائية الصغرى والكبرى.‏ تتألف الأولى من قاض<br />

فرد في حين تتألف الثانية من ثلاثة قضاة وكل منهما لها اختصاصاتها المتعددة حسب القوانين التي<br />

أنشئت في ظلها.‏ كذلك الأمر كان يجري العمل بالنسبة للمحكمة المدنية الصغرى والكبرى.أما محاكم<br />

الدرجة الثانية فهي:‏<br />

أولا ً:‏ المحكمة الجزائية الكبرى بصفتها الاستئنافية ولا يختلف تشكيلها هنا عن تشكيلها بصفتها<br />

الأساسية.‏ وتختص بالنظر في الاستئناف المرفوع إليها بشان الأحكام الصادرة عن المحكمة<br />

الجزائية الصغرى في المخالفات وتكون قراراتها نهائية.‏ كذلك الأمر بالنسبة للمحكمة المدنية<br />

الكبرى حيث تعد مرجعا ً استئنافي ًا للأحكام الصادرة عن المدنية الصغرى ويكون حكمها<br />

الاستئنافي نهائي ًا.‏<br />

ثاني ًا:‏ محكمة الاستئناف وتتألف من ثلاثة قضاة ورئيسها هو رئيس المحاكم العدلية لأن هذه المحكمة<br />

تعد أعلى درجة في المحاكم حينذاك.‏ وكانت تنظر بلائحة الاستئناف التي ترفع أمامها بشان<br />

الأحكام الصادرة بالصفة الابتدائية عن المحكمة الجزائية الكبرى والمحكمة المدنية الكبرى<br />

وكذلك الأحكام الصادرة عن المحكمة الجزائية الصغرى في الجنح.‏ والحكم الاستئنافي غير قابل<br />

للطعن بسبب أن محكمة الاستئناف،‏ بموجب قانون المحاكم العدلية الملغى،كانت على رأس<br />

الهرم القضائي في ذلك الوقت<br />

.<br />

ثاني ًا:‏ الهيكلية الجديدة للمحاكم وفق قانون السلطة القضائية الجديد والقوانين<br />

المكملة له:‏<br />

لابد لنا من الإشارة إلى أن المشرع <strong>القطري</strong> في القوانين التي أحدثت هذا <strong>النظام</strong> الجديد تأثر ‏-إلى حد<br />

كبير-‏ ب<strong>النظام</strong> القضائي المعمول فيه في مصر وسورية.‏<br />

بعد صدور قانون السلطة القضائية الجديد رقم<br />

10 لسنة<br />

2003 ووضعه موضع التنفيذ خضع هذا<br />

<strong>النظام</strong> القضائي إلى تطوير وتحديث،‏ وقد تجلى ذلك من خلال توحيد جهة القضاء في نوع واحد من<br />

المحاكم ذات الدرجة الأولى وأسند لها ولاية الفصل في جميع المنازعات التي كانت من اختصاص<br />

المحاكم الشرعية أو المحاكم العدلية.‏ ونستطيع القول:‏ إن نتيجة ذلك التحديث أن المحاكم الابتدائية<br />

المكونة وفق <strong>النظام</strong> القضائي الجديد هي ذات اختصاص شامل في الفصل في النزاعات المرفوعة<br />

(1)<br />

أمامها ماعدا المسائل التي تتعلق بأعمال السيادة ومسائل الجنسية . فليس للمحاكم النظر في هذه<br />

‎1‎‏-المادة 13 من قانون السلطة القضائية رقم<br />

10 لسنة 2003<br />

80


مجلة <strong>جامعة</strong> <strong>دمشق</strong> للعلوم الاقتصادية والقانونية–‏ المجلد 25- العدد الأول-‏‎2009‎<br />

محمد حاتم البيات<br />

المسائل،‏ سواء بصورة مباشرة أم غير مباشرة.‏ ويبدو أن الهدف من ذلك هو إعطاء السلطة<br />

التنفيذية مرونة أكثر تستطيع من خلالها مواجهة متطلبات السياسة العليا للدولة دون أن تتعرض<br />

للمخاطر الناشئة عن المراجعة القضائية لأعمالها.‏ إذ إن ّها مسائل من متعلقات <strong>النظام</strong> العام.‏ ومن<br />

المحاكم المحدثة وفق <strong>النظام</strong> القضائي الجديد محكمة التمييز التي نص قانون السلطة القضائية الجديد<br />

(1)<br />

على إنشائها واعتبارها أعلى قمة في الهرم القضائي .<br />

وطبقا للتشريعات الجديدة يتألف الهيكل القضائي في <strong>النظام</strong> القضائي <strong>القطري</strong> من محكمة التمييز على<br />

رأس الهرم القضائي(‏‎1‎‏).‏ ثم تليها محكمة الاستئناف<br />

(2)<br />

والمحكمة الابتدائية(‏‎3‎‏)،‏ ونتبع ذلك بإعطاء<br />

لمحة مختصرة عن المجلس الأعلى للقضاء المحدث وفقا ً لقانون السلطة القضائية الجديد(‏‎4‎‏).‏ وسوف<br />

نولي تباعا ً شرح كيفية تشكيل هذه المحاكم وكذلك بيان اختصاصاتها بإيجاز.‏ وفقا ً للقوانين<br />

لسنة 2005 المعدلة لأحكام قانون المرافعات المدنية والتجارية<br />

الوارد في قانون السلطة القضائية الجديد.‏<br />

‎1‎‏-محكمة التمييز:‏<br />

12 و‎13‎<br />

13 لسنة .1990<br />

وحسب الترتيب<br />

تعد محكمة التمييز في قمة الهرم القضائي شأنها شأن محكمة النقض في الدول العربية.‏ فهناك من<br />

هذه الدول العربية من غير دول الخليج العربي يطلق عليها اسم محكمة النقض كسورية ومصر.‏ أما<br />

بعض الدول الأخرى فتطلق عليها اسم،‏ محكمة التمييز،‏ كما في لبنان.‏ أما دول مجلس التعاون<br />

الخليجي فهي مسماة بمحكمة التمييز.‏ ومهما كانت التسمية المطلقة فإنها لا تغير من المهام الأساسية<br />

لها في الإشراف والرقابة على صحة تطبيق المحاكم الدنيا للقانون وسلامة تفسيره.‏ وهذه المحكمة<br />

حديثة العهد،‏ كما سبق القول،‏ و<strong>النظام</strong> القضائي منذ نشأته في عام<br />

1971<br />

والذي كان يدعى بنظام<br />

المحاكم العدلية،‏ كان يفتقر إلى محكمة عليا كمحكمة التمييز اليوم في قطر،‏ تؤدي وظيفة تدقيق<br />

الحكام المطعون فيها أمامها من ناحية مخالفتها لأحكام القانون.‏ ومع ذلك يبقى اختصاص المحكمة<br />

محصورا ً<br />

في الدوائر المشكلة،‏ كالدائرة المدنية والدائرة الجنائية والدائرة الدستورية والإدارية<br />

اليوم.‏ ولا يمكن أن تتعدى ذلك<br />

وت ُ<br />

.<br />

(2)<br />

َّلؤَ‏ ف ُ محكمة التمييز من رئيس وعدد كاف ً من نواب الرئيس والقضاة<br />

وتختص بنظر الطعون<br />

بالتمييز في الأحكام وبالإجراءات التي يحددها القانون.‏ وقد صدر في قطر القانون<br />

12 تاريخ<br />

2005/4/5 بشان حالات وإجراءات الطعن بالتمييز في غير المواد الجنائية.‏ وهذه الحالات وردت<br />

‎1‎‏-المادة 4 من قانون السلطة القضائية الجديد<br />

‎2‎‏-المادة 1/6 من قانون السلطة القضائية رقم<br />

10 لسنة 2003<br />

2003 لسنة 10<br />

81


أساسيات <strong>النظام</strong> القضائي <strong>القطري</strong> <strong>ماضيه</strong> <strong>وحاضره</strong><br />

على سبيل الحصر.‏ ونحن لن نتعرض في دراستنا لشرح هذه الحالات ولا إلى إجراءات الطعن أمام<br />

محكمة التمييز وإنما سنكتفي بالإشارة إليها فحسب.‏ إذ إن مجال بحثنا يتحدد في بيان <strong>النظام</strong> القضائي<br />

في الدولة وليس البحث في إجراءات التقاضي أو الطعن ومن جانب آخر سنهتم بإبراز أهم النقاط<br />

الأساسية المتعلقة بسير العمل في محكمة التمييز في قطر من حيث إنشاء الدوائر فيها وصدور<br />

الأحكام عنها.‏<br />

.<br />

أما على صعيد حالات الطعن بالتمييز فهذه الحالات واحدة في أي محكمة تمييز وفي أي من الدول<br />

العربية،‏ كمصر وسورية ولبنان،‏ والأجنبية،‏ كفرنسا،‏ لأن طبيعتها محكمة قانون وليس محكمة<br />

موضوع.‏ وحالات الطعن أمام محكمة التمييز تتحدد في حالة ما إذا كان الحكم المطعون فيه مبنيا على<br />

مخالفة القانون،‏ أو الخطأ في تطبيقه،‏ أو تأويله،‏ أو إذا وقع بطلان في الحكم أو في الإجراءات أثر<br />

(1)<br />

في الحكم . كذلك الأمر للنائب العام،‏ وفي أي وقت كان،‏ أن يطعن بالتمييز لمصلحة القانون في<br />

الأحكام النهائية وأيا كانت المحكمة التي أصدرتها،‏ إذا كان الحكم مبني ًاعلى مخالفة القانون،‏ أو الخطأ<br />

في تطبيقه،‏ أو في تأويله،‏ وذلك في حالتين:‏ الأولى،‏ الأحكام التي لا يجيز القانون للخصوم الطعن<br />

فيها أما الثانية فهي الأحكام التي فوت الخصوم ميعاد الطعن فيها،‏ أو نزلوا فيها عن الطعن.‏ وهذا<br />

(2)<br />

الطعن لا يضر ولا يفيد الخصوم<br />

(3)<br />

ونظرا ً لكثرة الطعون وتنوعها في الأحكام القضائية أمام محكمة التمييز ت ُنشأ فيها دوائر متعددة<br />

لتوزع عليها هذه الطعون،‏ ويرأس كل دائرة رئيس المحكمة أو أحد نواب الرئيس أو أحد قضاة<br />

المحكمة.‏ ومن هذه الدوائر تلك المخصصة للنظر في الطعون بالتمييز في المواد المدنية والتجارية،‏<br />

وأخرى للطعون في مواد الأحوال الشخصية.‏ ويصدر بتوزيع الأعضاء على هذه الدوائر بقرار من<br />

(4)<br />

رئيس المحكمة بناء على اقتراح جمعيتها العامة .<br />

وإذا رأت إحدى دوائر المحكمة العدول عن مبدأ قانوني قررته أحكام سابقة صادرة عنها أو عن<br />

الدوائر الأخرى،‏ أو عرضت مسالة تتعلق بتنازع الاختصاص سلبا ً أو إيجابا ً،أحالت الدعوى إلى دوائر<br />

المحكمة مجتمعة للفصل فيها وفقا ً لما تراه،‏ ضمانا ً لعدم الاختلاف بينها بشان تطبيق القانون.‏<br />

والقاعدة التي تسود في نظر الطعون بالتمييز،‏ هي ذاتها القاعدة المعمول بها في التشريعات العربية<br />

12 تاريخ<br />

‎1‎‏-المادة 1 من القانون 2005/4/5 يشأن حالات وإجراءات الطعن بالتمييز في غير المواد الجنائية.‏<br />

2 انظر:‏ الدكتور أحمد حشيش،‏ <strong>النظام</strong> القضائي،‏ المرجع السابق،‏ تاريخ 2005/4/5، من القانون والمادة 1، ص 517 القانون<br />

الناظم لحالات وإجراءات الطعن بالتمييز في غير المواد الجنائية .<br />

‎3‎‏-بعض التشريفات الأخرى العربية والأجنبية تطلق على هذه الدوائر تسمية"‏ الغرف"‏ كالغرفة المدنية والغرفة الجزائية.‏<br />

‎4‎‏-المادة 2/6 من قانون السلطة القضائية رقم<br />

10 لسنة<br />

‎2004‎‏.راجع يوسف الزمان وعلى الخنجي ، المرجع السابق،‏ ص.‏‎475‎‏.‏<br />

82


مجلة <strong>جامعة</strong> <strong>دمشق</strong> للعلوم الاقتصادية والقانونية–‏ المجلد 25- العدد الأول-‏‎2009‎<br />

محمد حاتم البيات<br />

قاطبة،‏ وهي أن محكمة التمييز لا تعيد النظر في موضوع النزاع الذي فصل فيه الحكم المطعون فيه،‏<br />

بل هي تقبل هذه الوقائع كمسلمة سبق تأييدها أمام قاضي الموضوع،‏ ثم تبحث هل ط ُبق َ القانون قد<br />

عليها تطبيق ًا سليما ً أو لا؟ ومن ثم الحكم إما برفض الطعن أو قبوله وتمييز الحكم المطعون فيه.‏ فهي<br />

محكمة قانون لأنها تراقب عن كثب سلامة تطبيق القانون على وقائع النزاع كما أثبتها الحكم<br />

المطعون فيه.‏<br />

ومع ذلك خرج المشرع <strong>القطري</strong> في القانون ‎12‎لسنة 2005 الخاص بحالات الطعن أمام محكمة<br />

التمييز عن هذا الأصل مخولا ً محكمة التمييز،‏ إذا شاءت،‏ الفصل في الحكم المطعون فيه فيما إذا كان<br />

هذا الحكم قد ميز لسبب من غير أسباب قواعد الاختصاص.‏ وتفصل فيه ومن ثم بهيئة محكمة<br />

موضوع.‏ وإزاء ذلك لم تعد محكمة التمييز محكمة قانون فحسب بل وأيضا ً محكمة موضوع فقط في<br />

هذه الحالة الخاصة.‏ وبهذا قضت أحكام المادة 22 من القانون<br />

12 لسنة<br />

2005 الخاص بحالات الطعن<br />

أمام محكمة التمييز"‏ إذا كان الحكم المطعون فيه قد ميز لمخالفة قواعد الاختصاص تقتصر المحكمة<br />

على الفصل في مسالة الاختصاص،‏ وعند الاقتضاء تعين المحكمة المختصة التي يجب التداعي أمامها<br />

بإجراءات جديدة ‏.وإذا كان الحكم قد ميز لغير ذلك من الأسباب،‏ فللمحكمة أن تفصل في الموضوع،‏<br />

أو أن تحيل القضية إلى المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه لتحكم فيها من جديد بهيئة مؤلفة<br />

من قضاة آخرين.‏ وتلتزم المحكمة التي أحيلت إليها القضية،‏ بحكم محكمة التمييز في المسائل التي<br />

فصل فيها".‏<br />

ويتبين لنا من هذا النص،‏ آنف الذكر،‏ أن أمر الفصل في موضوع الطعن من قبل محكمة التمييز<br />

بهيئة محكمة موضوع في،‏ هذه الحالة الخاصة،‏ يبقى أمرا جوازيا ً لمحكمة التمييز،‏ على حين غرة<br />

يصبح أمرا ً وجوبي ًا لها في حال قبلت تمييز الحكم المطعون فيه وكان الموضوع صالح ًا للفصل فيه،‏<br />

أو في حالة كان الطعن أمام محكمة التمييز للمرة الثانية.‏ ونحن نعتقد أن تصدي محكمة التمييز<br />

للفصل في موضوع الطعن في مثل هذه الأحوال الخاصة لا ينال من طبيعتها القانونية كمحكمة<br />

قانون،هذا من جهة.‏ ومن جهة أخرى يسرع من عجلة الفصل في النزاع ويقلل من التكاليف على<br />

المتقاضين.‏<br />

وأخيرا ً نص قانون السلطة القضائية على أن يكون لمحكمة التمييز مكتب فني يؤلف من رئيس وعدد<br />

كاف من القضاة،‏<br />

(1)<br />

ويلحق به عدد كاف من الموظفين . يختص هذا المكتب بعدة أمور منها:‏<br />

استخلاص المبادئ القانونية التي تقرها المحكمة فيما تصدره من أحكام وتبويبها ومتابعة نشرها،‏<br />

‎1‎‏-المادة 8 من القانون<br />

2 لسنة .2005<br />

83


أساسيات <strong>النظام</strong> القضائي <strong>القطري</strong> <strong>ماضيه</strong> <strong>وحاضره</strong><br />

وإصدار مجموعات الأحكام وإعداد البحوث الفقهية،‏ والإشراف على جداول المحكمة وعرض الطعون<br />

المتماثلة أو المرتبطة أو التي يحتاج الفصل فيها إلى تقرير مبدأ قانوني واحد على رئيس المحكمة<br />

(1)<br />

ليقر نظرها أمام دائرة واحدة،‏ تجنب ًا للاختلاف في قضاء الدوائر المتعددة في هذه الطعون.‏<br />

‎2‎‏-محكمة الاستئناف:‏<br />

ومحكمة الاستئناف هي محكمة ذات درجة ثانية من درجات التقاضي.‏ والنزاع يعرض على هذه<br />

المحكمة في صورة طعن بالاستئناف موجه ضد حكم صدر عن المحكمة الابتدائية الكلية بوصفها<br />

(2)<br />

محكمة أول درجة . وتؤلف محكمة الاستئناف من رئيس وعدد كاف ً من الرؤساء ونواب الرئيس<br />

والقضاة.‏ وتتعدد الدوائر فيها للنظر في الطعون الاستئنافية في المواد الجنائية،‏ والمواد المدنية<br />

والتجارية،‏ ومسائل الأحوال الشخصية،‏ والتركات والمنازعات الإدارية،‏ وغيرها.ويصدر بإنشاء هذه<br />

(3)<br />

الدوائر وتحديد اختصاصاتها بقرار عن المجلس الأعلى للقضاء . والجدير بالتذكير أن المجلس<br />

الأعلى للقضاء يصدر قراره بشأن توزع الأعضاء على هذه الدوائر بناء على اقتراح الجمعية العامة<br />

لمحكمة الاستئناف.‏<br />

إن الطعن استئناف ًا يؤدي إلى نقل ملف الدعوى الصادر فيها الحكم المستأنف إلى محكمة الاستئناف<br />

لإعادة النظر والفصل فيه من جديد.وتكون من ثم لمحكمة الاستئناف السلطة التقديرية الكاملة على<br />

النزاع من ناحية الواقع والقانون معا ً،‏ إذ إن ّها محكمة موضوع ذات درجة ثانية.حيث تنظر بالحكم<br />

المستأنف من جديد والحكم الاستئنافي قد يكون قابلا للطعن بالتمييز،‏ وقد لا يقبل.‏<br />

والجدير بالذكر أن القانون<br />

13 لسنة<br />

2005 بتعديل أحكام قانون المرافعات المدنية والتجارية<br />

13<br />

لسنة‎1990‎ لم ينص على أي حكم جديد بشان محكمة الاستئناف في حين أن قانون السلطة القضائية<br />

10 لسنة<br />

الجديد رقم 2004 قضى بإنشاء جمعية عامة لها ولجنة وقتية تنبثق عن هذه الجمعية<br />

. (4 )<br />

العامة لمعالجة الأمور الداخلية لمحكمة الاستئناف<br />

‎3‎‏-المحكمة الابتدائية:‏<br />

المحكمة الابتدائية هي محكمة ذات درجة أولى وهي من ثم الجهة القضائية التي تنظر النزاع للمرة<br />

الأولى.‏ وهي ذات اختصاص شامل تنظر في جميع المسائل وعلى اختلاف أنواعها،‏ عدا منها ما<br />

‎1‎‏-المادة 9 من قانون السلطة القضائية<br />

10 لسنة<br />

2<br />

د.احمد حشيش،‏ التنظيم القضائي ، المرجع السابق،‏ ص.‏‎223‎‏.‏<br />

‎3‎‏-المادة 10 من قانون السلطة القضائية<br />

‎4‎‏-راجع المواد من<br />

10 لسنة .2004<br />

17<br />

-21 من قانون السلطة القضائية<br />

‎2005‎‏.انظر أيضا د.أسامة روبي ، المرجع السابق،‏ ص.‏‎115‎‏.‏<br />

10 لسنة<br />

العمل فيهما،‏ كأحد المبادئ التي يقوم عليها <strong>النظام</strong> القضائي <strong>القطري</strong>.‏<br />

‎2004‎‏.راجع سابقا ً مبدأ الجمعيات العامة ولجانها الوقتية وآلية<br />

84


مجلة <strong>جامعة</strong> <strong>دمشق</strong> للعلوم الاقتصادية والقانونية–‏ المجلد 25- العدد الأول-‏‎2009‎<br />

محمد حاتم البيات<br />

يتعلق بمسائل الجنسية وأعمال السيادة،‏<br />

(1)<br />

كما ذكر أعلاه،‏ وسواء بصورة مباشرة أم غير مباشرة ،<br />

وهذا على خلاف ما كان معمولا فيه في ظل نظام المحاكم العدلية قبل العمل بقانون السلطة القضائية<br />

الجديد لسنة<br />

فضلا ً عن تحديد<br />

،2005<br />

حيث كانت محاكم الدرجة الأولى موزعة بين المحاكم الشرعية والمحاكم العدلية<br />

(2)<br />

الاختصاص لكل منها .<br />

وعند وضع قانون السلطة القضائية موضع التنفيذ أحيلت الدعاوى التي كانت منظورة أمام المحاكم<br />

الشرعية والمحاكم العدلية إلى الدوائر المختصة في المحكمة الابتدائية،‏ لأن هذه المحاكم الأخيرة<br />

ألغيت<br />

(3)<br />

ولم يعد لها وجود . وعلى اعتبار أن قانون السلطة القضائية هو القانون الناظم للقضاء<br />

ويرسم من ثم الإطار العام للمحاكم فإن قانون المرافعات المدنية والتجارية<br />

13 لسنة 1990 هو<br />

القانون المكمل له لأن هذا الأخير يحدد الإجراءات واجبة الاتباع أمام المحاكم التي تشكل وفقا لقانون<br />

السلطة القضائية.‏ وتأسيس ًا على ذلك صدر القانون<br />

المرافعات المدنية والتجارية<br />

13 تاريخ<br />

13 لسنة<br />

بموجب قانون السلطة القضائية الجديد.‏ ونحن نعتقد أن القانون<br />

2005/4/5 بتعديل أحكام قانون<br />

1990 لتتوافق وتنسجم مع الهيكلية الجديدة للمحاكم المؤلفة<br />

13 لسنة<br />

2005 لم يأت بتعديل<br />

جوهري على هيكلية المحاكم وإنما غير تسمية المحاكم والتي كان معمولا بها في قانون المحاكم<br />

العدلية<br />

13 لسنة .1971<br />

وقد قضى القانون<br />

13 لسنة<br />

2005 صراحة على أن تستبدل بعبارات<br />

المحكمة المدنية الكبرى والمحكمة المدنية الصغرى والمحاكم العدلية.‏ عبارات"‏ المحكمة الكلية"‏<br />

و"المحكمة الجزئية"و"المحاكم"‏ وذلك أينما وردت في قانون المرافعات المدنية والتجارية<br />

13 لسنة<br />

‎1990‎‏.هذا على صعيد تسمية المحاكم.‏ إلا أن ّه يجدر القول:‏ إن هذا القانون،‏ الذي أطلق التسمية<br />

الجديدة للمحاكم،‏ عدل اختصاص هذه المحاكم حيث منحها ً اختصاص ًا عاما ً وشاملا ً للنزاعات ذات<br />

الطابع المدني والتجاري والإداري أو الشرعي بسبب أنه أوقف العمل بالمحاكم الشرعية والمحاكم<br />

العدلية هذا على صعيد الاختصاص الوظيفي أو النوعي أما بالنسبة للاختصاص القيمي فرفع النصاب<br />

القانوني إلى مئة ألف ريال للمحكمة الابتدائية الجزئية،‏ أما إذا زادت قيمة الحق المدعى به عن هذا<br />

المبلغ فينعقد الاختصاص إلى المحكمة الابتدائية الكلية.‏<br />

وقضى قانون السلطة القضائية الجديد بأن المحكمة الابتدائية تؤلف من رئيس وعدد كاف من<br />

الرؤساء والقضاة.‏ ويكون لدى المحكمة الابتدائية دوائر لنظر قضايا الحدود والقصاص،‏ والقضايا<br />

‎1‎‏-المادة 13 من قانون السلطة القضائية<br />

10 لسنة .2004<br />

2<br />

انظر د.بدو حنا ، محاكمات مدنية ‏–اجتهادات ‏–دراسات منشورات الحلبي الحقوقية بيروت لبنان<br />

‎3‎‏-المادة 77 من قانون السلطة القضائية<br />

1999 ص.‏‎528‎‏.‏<br />

10 لسنة .2004<br />

85


أساسيات <strong>النظام</strong> القضائي <strong>القطري</strong> <strong>ماضيه</strong> <strong>وحاضره</strong><br />

المدنية والتجارية،‏ ومسائل الأحوال الشخصية،‏ والتركات،‏ والمنازعات الإدارية،‏<br />

(1)<br />

وغيرها ‏.ويصدر<br />

بإنشاء هذه الدوائر وتحديد اختصاصاتها قرار من المجلس الأعلى للقضاء،‏ أما تشكيلها فبقرار من<br />

رئيس المحكمة الابتدائية بناء على اقتراح جمعيتها العامة.‏ أما أحكامها فتصدر عن ثلاثة قضاة،‏<br />

ويرأسها أقدم الرؤساء بها،‏<br />

(2)<br />

ويحل أقدم الرؤساء بالمحكمة محل رئيس المحكمة عند غيابه ‏.أضف<br />

إلى ذلك إلى أن المجلس الأعلى للقضاء له إنشاء دائرة أو أكثر،‏ بناء على اقتراح رئيس المحكمة،‏<br />

(3)<br />

برئاسة قاض فرد بغاية الفصل في بعض القضايا التي يحددها القانون .<br />

وكما نوهنا فيما سبق إن المحكمة الابتدائية قسمت إلى قسمين ووزع العمل في كل قسم على أساس<br />

النصاب القيمي للحق المدعى به.‏ وقد قضت بذلك أحكام المادة 22 من القانون<br />

13 لسنة 2005<br />

بقولها"تختص المحكمة الابتدائية من قاضٍ‏ فرد ويشار إليها بالمحكمة الجزئية بالحكم ابتدائي ًا في<br />

جميع الدعاوى والمنازعات المدنية والتجارية والعقود الإدارية التي لاتزيد فيها قيمة الدعوى على<br />

مئة ألف ريال".‏<br />

أما الثانية فهي أيضا ً ذات اختصاص عام وشامل وتنظر بالنزاعات التي يتحدد قيمة الحق المدعى به<br />

على أكثر من مئة ألف ريال قطري.‏ ونحن نعتقد بأن رفع النصاب القانوني للمحكمة الجزئية من<br />

ثلاثين إلى مئة ألف يخفف العبء وضغط الدعاوى على المحكمة الكلية.‏ ولاسيما وأن هذه المحكمة<br />

الأخيرة تتمتع باختصاص النظر في الدعاوى مجهولة القيمة من جهة ومن جهة أخرى النظر بمسائل<br />

الأحوال الشخصية على اختلاف أنواعها وكذلك التركات.‏ وهذا ما نصت عليه أحكام المادة<br />

24 من<br />

ذات القانون بقولها"تختص المحكمة الابتدائية مؤلفة من ثلاثة قضاة ويشار إليها بالمحكمة الكلية<br />

بالحكم ابتدائيا في الدعاوى والمنازعات المدنية والتجارية والعقود الإدارية التي تزيد فيها قيمة<br />

الدعوى على مئة ألف ريال،‏ والدعاوى مجهولة القيمة،‏ والدعاوى والمنازعات الخاصة بالأحوال<br />

الشخصية والتركات.‏ وتختص بالحكم في الطلبات العارضة أو المرتبطة بالطلب الأصلي مهما كانت<br />

(4)<br />

قيمتها أو نوعها . وتختص وحدها دون غيرها في الفصل في دعاوى الإفلاس والصلح الواقي من<br />

الإفلاس ودعوى الحيازة وغير ذلك من الدعاوى التي ينص القانون على اختصاصها بغض النظر عن<br />

قيمتها.".‏<br />

‎1‎‏-المادة /1 11 من قانون السلطة لقضائية<br />

‎2‎‏-المادة 2/11 من قانون السلطة القضائية<br />

‎3‎‏-المادة 12 من قانون السلطة القضائية<br />

10 لسنة .2004<br />

10 لسنة .2004<br />

1 لسنة‎2004‎‏.‏<br />

4<br />

د.علي عوض حسن ، الدفع بعدم الاختصاص في المواد المدنية ، دار العدالة القاهرة ، 2005 ص.‏‎207‎ وما بعد.‏<br />

86


مجلة <strong>جامعة</strong> <strong>دمشق</strong> للعلوم الاقتصادية والقانونية–‏ المجلد 25- العدد الأول-‏‎2009‎<br />

محمد حاتم البيات<br />

وواضح من النص السابق أن اختصاص المحكمة الكلية واسع وشامل ويعود السبب في ذلك إلى أن<br />

المحكمة الكلية تختص اليوم بكلّ‏ النزاعات التي كانت سابقا من اختصاص المحاكم الشرعية<br />

والمحاكم العدلية أو محكمة العمل.فضلا عن اختصاصها النوعي في دعاوى الإفلاس والصلح الواقي<br />

من الإفلاس وكذلك دعاوى الحيازة وغيرها من الدعاوى التي يحددها القانون وبغض النظر عن قيمة<br />

الحق المدعى به.‏<br />

أما على صعيد الأحكام التي تصدرها المحكمة الابتدائية الكلية فهي على نوعين:‏ أحكام نهائية وأحكام<br />

(1)<br />

قابلة للطعن بالاستئناف . فالنزاعات المتعلقة بالميراث والوصية والوقف والمهر يكون حكمها فيها<br />

نهائي ًا،‏ فيما إذا كانت قيمة الحق المدعى به في هذه النزاعات لا<br />

(3)<br />

تبقى من أحكام فهي قابلة للطعن وفقا للقواعد العامة في الطعن استئناف ًا .<br />

(2)<br />

تزيد على ثلاثين ألف ريال . وما<br />

وخلاصة القول نرى أن المحكمة الابتدائية ذات اختصاص ولائي بجميع النزاعات التي حددها القانون<br />

13 لسنة<br />

2005 باستثناء أعمال السيادة ومسائل الجنسية.‏ وخيرا ً ما فعل المشرع <strong>القطري</strong> في قانون<br />

السلطة القضائية الذي أخرج من اختصاص المحكمة الابتدائية هذه المسائل لسبب أن أعمال السيادة<br />

هي الأعمال التي تباشرها السلطة التنفيذية،‏ كإبرام المعاهدات وإعلان حالة الطوارئ والأحكام العرفية<br />

وإبعاد الأجانب،‏<br />

(4)<br />

أو أخيرا ً منح اللجوء السياسي إلى شخص ما . أما الفقه فيعتقد،وهو على<br />

صواب،أن مثل هذه الأعمال السيادية،‏ ومهما كان موضوعها،‏ تخرج عن اختصاص القضاء بشكل<br />

(5)<br />

عام ‏.على أن ّه لا يوجد،‏ برأينا،‏ ما يمنع من أن يبحث القاضي في تحديد هذه الأعمال،‏ المذكورة<br />

أعلاه،‏ وهل هذه الأعمال تدخل ضمن مفهوم أعمال السيادة ومسائل الجنسية أم لا؟ وإذا كانت من<br />

ضمن هذه الأعمال السيادية فيمكن حينئذٍ‏ أن يعلن عدم اختصاصه.‏<br />

‎4‎‏-المجلس الأعلى للقضاء<br />

قضى قانون السلطة القضائية في المادة<br />

22 منه<br />

بإنشاء مجلس أعلى للقضاء بهدف تحقيق مبدأ<br />

استقلال القضاء يكون جميع الأعضاء فيه من السلطة القضائية حصرا ً ويتألف من سبعة أعضاء:‏<br />

رئيس محكمة التمييز رئيس ًا وأقدم النواب في محكمة التمييز نائبا وأقدم القضاة فيها عضوا ً.‏ ورئيس<br />

1<br />

المستشار أنور طلبة،‏ موسوعة المرافعات المدنية والتجارية،‏ الجزء الثاني والرابع القاهرة<br />

‎2‎‏-المادة 24 من القانون<br />

2001 ص.‏‎713‎ .<br />

13 لسنة .2005<br />

3<br />

انظر في تفصيل ذلك د.محمد سعيد عبد الصمد ، نظرية الوضع الظاهر في قانون المرافعات،‏ الطبعة الأولى،‏ المكتبة القانونية<br />

القاهرة ، 2006 ص.‏‎113‎ وما بعد.‏<br />

‎4‎‏-محكمة القضاء الإداري ، باريس،‏ 1987، راجع أحمد السيد صاوي،‏ المرجع السابق،‏ ص.‏‎344‎‏.‏<br />

‎5‎‏-أبو الوفا،‏ المرجع السابق،‏ ص.‏‎24‎‏.‏<br />

87


أساسيات <strong>النظام</strong> القضائي <strong>القطري</strong> <strong>ماضيه</strong> <strong>وحاضره</strong><br />

محكمة الاستئناف وأقدم النواب والقضاة فيها وأخيرا ً رئيس المحكمة الابتدائية.‏ ويعد هذا المجلس<br />

التجسيد العملي لمبدأ الفصل بين السلطات الثلاث التشريعية والقضائية والتنفيذية.‏ ويمارس المجلس<br />

اختصاصاته وفق القانون ويعمل على حسن وتطوير العمل القضائي و<strong>النظام</strong> القضائي.‏ صحيح أن<br />

أعضاء هذا المجلس من السلطة القضائية حصرا ً،‏ وإعمالا ً لمبدأ الفصل بين السلطات،‏ إلا أننا نعتقد<br />

‏–من جانبنا-‏ أن هذا الفصل شكلي،‏ فقد يتدخل عناصر من السلطة التشريعية أو السلطة التنفيذية<br />

لدى القضاء لصالح أحد الخصوم أو بقصد الإضرار به،‏ وقد يكون التدخل بأعمال هي من صميم<br />

الأعمال المنوطة بالمجلس الأعلى للقضاء.‏<br />

ويختص المجلس الأعلى للقضاء،‏ باختصار شديد،‏ في كل ما يتعلق بأمور القضاء والقضاة وقد أسند<br />

قانون السلطة القضائية للمجلس عدد ًا من الاختصاصات تقوم في مجملها على تحقيق استقلال القضاء<br />

وإدارة شؤونه بإبداء الرأي في المسائل المتعلقة بالقضاء،‏ كاقتراح إنشاء محاكم جديدة،‏ وفي تعيين<br />

القضاة وترقيتهم ونقلهم وندبهم وإعارتهم والتظلمات المتعلقة بشؤونهم،‏ وأخيرا ً الاختصاص بأمر<br />

(1)<br />

مساءلتهم .<br />

المبحث الثاني<br />

المبادئ التي<br />

يقوم عليها<br />

<strong>النظام</strong> القضائي <strong>القطري</strong>:‏<br />

رقم<br />

حرصت التشريعات الحديثة،‏ ومنها التشريع <strong>القطري</strong>،‏ على تنظيم القضاء كسلطة قضائية عامة من<br />

سلطات الدولة مهمتها الفصل في المنازعات الناشئة بين الأفراد وإقامة العدل بينهم.‏ وقد عنيت هذه<br />

التشريعات بإقرار مبادئ أساسية تحكم حسن سير العملية القضائية على الوجه الأمثل بهدف الوصول<br />

(2)<br />

إلى حكم عادل وعاجل .<br />

وقد حرصت التشريعات الحديثة على تنظيم القضاء واعتباره سلطة عامة وفقا لمبدأ الفصل بين<br />

السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية.‏ ومن هذه التشريعات الحديثة قانون المرافعات <strong>القطري</strong><br />

13 لعام<br />

مبادئ أساسية<br />

1990 وكذلك قانون السلطة القضائية رقم ‎10‎لعام<br />

.2003<br />

هذه القوانين نصت على<br />

تتعلق بحسن سير القضاء على نحو ينظم السلطة القضائية ووظيفتها الأساسية في<br />

(3)<br />

الفصل في النزاعات بين الأفراد أو بين الأفراد والدولة كطرف آخر .<br />

1<br />

2<br />

3<br />

المادة 23 من قانون السلطة القضائية.‏<br />

د.احمد حشيش التنظيم القضائي ، الطبعة الأولى،‏ المكتبة القانونية الحديثة ، القاهرة<br />

2007 ص.‏‎213‎‏.‏<br />

راجع في تفصيل ذلك د.‏ محمد وأصل،‏ أصول المحاكمات المدنية ، مطبوعات <strong>جامعة</strong> <strong>دمشق</strong><br />

.2006<br />

88


مجلة <strong>جامعة</strong> <strong>دمشق</strong> للعلوم الاقتصادية والقانونية–‏ المجلد 25- العدد الأول-‏‎2009‎<br />

محمد حاتم البيات<br />

إن <strong>النظام</strong> القضائي <strong>القطري</strong>،نظام متأثر ب<strong>النظام</strong> القضائي المصري،‏ ويقوم كغيره،‏ على مبادئ أساسية،‏<br />

نابعة من الدستور والقانون،‏ وسوف نتطرق إلى هذه المبادئ عن طريق حصرها في نقطتين<br />

أساسيتين:‏<br />

الأولى:‏ المبادئ التي تنظم عمل القضاء:‏ كمبدأ استقلال القضاء،‏ مبدأ المساواة ومجانية القضاء،‏ مبدأ<br />

المجابهة بالدليل وعلانية جلسات المحاكمة والنطق بالحكم وأخيرا ً مبدأ حياد القاضي.‏<br />

الثانية:‏ المبادئ التي تحكم تكوين القضاء:‏ كمبدأ التقاضي على درجتين،‏ مبدأ القضاء الثابت،‏ مبدأ<br />

قضاء الفرد وقضاء الجماعة،‏ وأخيرا ً نعتقد-من جانبنا-أيضا ً بمبدأ الجمعيات العامة للمحاكم<br />

ولجانها الوقتية،‏ ومبدأ تقييم القاضي:‏ كمبادئ قضى بها قانون السلطة القضائية الجديد رقم<br />

10 لسنة .2003<br />

المطلب الأول<br />

المبادئ التي تنظم عمل القضاء:‏<br />

هناك عدة مبادئ أساسية،‏ دستورية وقانونية،‏ تسود نظام القضاء في قطر،‏ ندرسها على التوالي.‏<br />

أولا ً:‏ مبدأ استقلال القضاء في أداء عمله القضائي:‏<br />

يقصد باستقلالية القضاء أن السلطة القضائية مستقلة في عملها عن السلطتين التشريعية والتنفيذية.‏<br />

فالقاضي يحكم في النزاع المعروض أمامه بموجب القانون ووحي ضميره ولا سلطان عليه إلا<br />

القانون نفسه.‏ وينتج عن ذلك أنه لا يجوز للسلطة التشريعية أو السلطة التنفيذية الفصل في النزاعات<br />

بين الأفراد،‏ وكذلك الأمر لا يجوز لأي من هاتين السلطتين التعديل في حكم قضائي،‏ أو توجيه القضاة<br />

في إصدار أحكام معينة أو محددة بشكل مسبق،‏ أو حتى التأثير في قضائهم بشكل أو بآخر.‏<br />

وما من شك في أن استقلال القضاء على النحو المتقدم يساعد القضاة على أداء مهامهم بصدق<br />

وعدل وفي إعلان كلمة الحق والقانون،‏ ونشر العدل على خير وجه.‏ وقد أجمعت دساتير الدول على<br />

اختلاف أنظمتها السياسية اعتبار القضاء سلطة مستقلة.‏ وتأكيدا ً لهذا المبدأ نصت تلك الدساتير<br />

على أن القضاة مستقلون ولا سلطان عليهم في قضائهم لغير القانون.‏ فالقضاء في أي دولة هو<br />

مظهر نهضتها وعنوان تقدمها ورقيها،‏ وتخلف القضاء يعني ضمنا تخلف الدولة عن مواكبة التطور<br />

والحضارة المدنية.‏ والقوانين مهما بلغت من الإتقان والإحكام لا تؤدي وظيفتها إلا بقضاء عادل<br />

ومستقل.‏ لذلك حرصت الدول على توفير كلّ‏ مظاهر الاستقلال لقضائها وتقرير كل الضمانات<br />

والضوابط اللازمة حتى يؤدي القضاء رسالته العظيمة المقدسة بعيدا ً عن كل عوامل التأثير والتأثر<br />

89


أساسيات <strong>النظام</strong> القضائي <strong>القطري</strong> <strong>ماضيه</strong> <strong>وحاضره</strong><br />

والإرهاب والإغراء،‏ واستقلال القضاء مبدأ<br />

(1)<br />

أقرته الدساتير بهدف تحصين القضاء والقضاة . وقد<br />

حرص الدستور الدائم لدولة قطر على تأكيد استقلالية القضاء وعدم جواز التدخل في جهاز القضاء.‏<br />

حيث ورد بهذا الشأن في الدستور"القضاة مستقلون،‏ لا سلطان عليهم في قضائهم لغير القانون،‏ ولا<br />

(2)<br />

يجوز لأي جهة التدخل في القضايا أو في سير العدالة"‏ . وقد ورد المضمون ذاته في قانون المحاكم<br />

(3)<br />

العدلية ‏"القضاة مستقلون لا سلطان عليهم في قضائهم لغير القانون وتصدر أحكامهم وتنفذ وفق<br />

(4)<br />

القانون"‏ . كذلك الأمر جاء قانون السلطة القضائية الجديد مطابقا ً لما ورد في القوانين المذكورة<br />

(5)<br />

أعلاه . وبغية تامين استقلال السلطة القضائية منح المشرع <strong>القطري</strong>،‏ كغيره،‏ القاضي حصانة تحول<br />

دون عزله.‏ فضلا ً عن أن مبدأ استقلال القضاء لا يعني ‏–من جانبنا-‏ الفصل التام بينه وبين السلطة<br />

التنفيذية والتشريعية في الدولة،‏ فالسلطة التنفيذية قد تمارس بعضا من الهيمنة الإدارية على السلطة<br />

القضائية،‏ وهو حال جميع الدول،‏ من نظام جمهوري أو ملكي،‏ وتتمثل هذه الهيمنة فيما لها من<br />

صلاحيات تعيين ونقل القضاة<br />

(6)<br />

والإشراف الإداري على المحاكم والقضاة . ومع هذا لا نعني أن ّه<br />

بإمكان السلطة التنفيذية المساس باستقلال القضاء،‏ لأن المشرع وضع الضمانات التي تكفل استقرار<br />

القضاة في أداء عملهم.‏<br />

ومن مبادئ الأمم المتحدة الأساسية بشأن استقلال السلطة القضائية أن ّه ‏"يكون للقضاة الحرية في<br />

تكوين جمعيات للقضاة أو غيرها من المنظمات لتمثيل مصالحهم والنهوض بتدريبهم المهني وحماية<br />

استقلالهم القضائي".‏<br />

وجاء أيضا ً أن ّه ‏"تكفل الدولة استقلال السلطة القضائية وينص عليه دستور البلد وقوانينه ومن واجب<br />

جمع المؤسسات الحكومية وغيرها احترام ومراعاة استقلال السلطة القضائية".‏<br />

ثاني ًا:‏ مبدأ المساواة أمام القضاء:‏<br />

ويقصد بالمساواة أمام القضاء عدم قيام القاضي بالتمييز بين الأطراف المتنازعة بحسب مكانتهم أو<br />

إمكانياتهم،‏ بل يجب عليه معاملتهم معاملة المثل من حيث إجراءات التقاضي وضماناته.‏ إن معاملة<br />

1<br />

د.علي الخنجي ، التعليق على قانون المرافعات <strong>القطري</strong> ، المرجع السابق،‏ ص.‏‎7‎‏.‏<br />

‎2‎‏-المادة 131 من الدستور الدائم لدولة قطر.‏<br />

‎3‎‏-الملغى بالقانون<br />

13 لسنة .1990<br />

‎4‎‏-المادة 23 من قانون المحاكم العدلية الملغى بالقانون<br />

‎5‎‏-المادة 2 من قانون السلطة القضائية رقم<br />

13 لسنة<br />

10 لسنة .2004<br />

‎6‎راجع بهذا الصدد أحكام المواد 32-28 من قانون السلطة القضائية <strong>القطري</strong> رقم<br />

السلطة القضائية السوري رقم<br />

1990 بإصدار قانون المرافعات المدنية والتجارية.‏<br />

10 لعام 2003 والماد<br />

68 لعام ، 1961 والمواد<br />

27-23 من قانون استقلال القضاء الأردني.‏<br />

80-70 من قانون<br />

90


ط‎2‎<br />

مجلة <strong>جامعة</strong> <strong>دمشق</strong> للعلوم الاقتصادية والقانونية–‏ المجلد 25- العدد الأول-‏‎2009‎<br />

محمد حاتم البيات<br />

القاضي للمتقاضين أمامه معاملة سواء من شأنها أن تعزز ثقة الناس في القضاء بشكل عام والقاضي<br />

بشكل خاص.‏ كما تبعث الطمأنينة في نفوسهم.‏<br />

ويدخل،‏ بنظرنا،‏ ضمن مبدأ المساواة أمام القضاء،‏ حق اللجوء إلى القضاء كحق دستوري للفرد.‏<br />

ونظرا لما تتمتع به الدولة من وظيفة قضائية فإن ّه يقع على عاتقها كفالة حق التقاضي لجميع الناس<br />

لإقامة العدل بين الجميع.‏ ثم إن هذا الحق يعد من الحقوق العامة التي تتيح للجميع اللجوء إلى<br />

السلطة القضائية،‏<br />

(1)<br />

كسلطة من سلطات الدولة العامة .<br />

ودستور دولة قطر أشار صراحة إلى مبدأ اللجوء إلى القضاء والمساواة بين الناس أمامه"التقاضي<br />

حق مصون ومكفول للناس كافة،‏<br />

(2)<br />

ويبين القانون إجراءات وأوضاع ممارسة هذا الحق"‏ . ونرى من<br />

هذا النص الدستوري المهم أن يكون لكل فرد الحق في أن يحاكم أمام القضاء العادي،‏ الطبيعي،‏<br />

ورفض فكرة المحاكم الخاصة أو الاستثنائية والتي في غالب الأحيان لا تقدم العدالة المطلوبة ‏.ويكمن<br />

السبب في نظرنا في أن مثل هذه المحاكم تؤلف من غير القضاة،‏ أو برئاسة قاض وعضوية آخرين<br />

من غير القضاة عسكريين أو فئات أخرى من المجتمع.‏ ثم إن مثل هذه المحاكم لا تحفظ على الإطلاق<br />

ضمانات التقاضي المقررة أمام القضاء العادي،‏ بل وأكثر من ذلك تكون هذه المحاكم في حقيقتها<br />

محاكم صورية أو محاكم تفتيش،‏ لأنها تنطق،‏ إن صح التعبير،‏ بأحكام جاهزة مسبقا ً،‏ وتكاد تخلو من<br />

أبسط الحقوق المقررة للمتقاضين كالطعن أو الاعتراض.‏ ويرى الفقه،‏ وهو في جادة الصواب،‏<br />

" نأ<br />

محاكمة شخص أمام محكمة خاصة يحمل أحد معنيين:‏ إما محاباته،‏ وإما الرغبة في التشدد عليه<br />

فينكسر وتضعف حجته،‏<br />

(3)<br />

وفي الحالتين يفسد قضاء القاضي"‏ . ثم إن هذه المحاكم الخاصة لا تعد<br />

(4)<br />

وفق رأي الفقه قضاء طبيعي ًا.‏ ومن جانبنا نعتقد بأن مثل هذه المحاكم الاستثنائية أو الخاصة<br />

يصعب تسميتها بمحاكم على غرار المحاكم العادية،‏ صحيح أنها تكون أحيان ًا برئاسة قاض إلا أن هذا<br />

القاضي قد لا يكون مختصا بالمسألة المعروضة عليه بل إنه اختير لمجرد<br />

(5)<br />

أن ّه قاضٍ‏ . ثم إن<br />

الأعضاء الآخرين ليسوا من العناصر القضائية،‏ ناهيك على أن التصويت في المداولة من قبل هؤلاء<br />

الأعضاء سيكون لا محالة وفقا ً لتوجيه أو تحت ضغط أحد،‏ وهو على الأقل تصويت غير موضوعي.‏<br />

1<br />

د.أحمد مليجي ، الموسوعة الشاملة بقانون المرافعات ‏-آراء الفقه والصيغ القانونية ، دار العدالة القاهرة<br />

‎2‎‏-المادة<br />

135 من الدستور الدائم لدولة قطر .<br />

2002 ص.‏‎223‎‏.‏<br />

‎3‎‏-أحمد السيد صاوي،‏ الوسيط في شرح قانون المرافعات المدنية والتجارية ، 1997، دار النهضة العربية ، ص.‏‎46‎‏.انظر<br />

أيضا في المعنى ذاته رزق االله انطاقي ، المرجع السابق ، ص.‏‎50‎‏.‏<br />

‎4‎‏-أحمد فتحي سرور،‏ الوسيط في قانون الإجراءات الجنائية،‏ ج.‏<br />

.1980، ص.‏‎269‎‏.‏<br />

5<br />

د.مفلح عواد القضاة،‏ المحاكمات المدنية والتنظيم القضائي ، دار الثقافة للنشر والتوزيع عمان الأردن،‏<br />

2004 ص.‏‎38‎‏.‏<br />

91


أساسيات <strong>النظام</strong> القضائي <strong>القطري</strong> <strong>ماضيه</strong> <strong>وحاضره</strong><br />

في دولة قطر لا وجود للمحاكم الخاصة أو الاستثنائية،‏ إذ إن القضاء ينحصر في جهة القضاء<br />

العادي،‏<br />

(1)<br />

محاكم مدنية ومحاكم جزائية،الذي يتشكل من قضاة ممتهنين للعمل القضائي .<br />

وعلى اعتبار أن الدولة تكفل حق التقاضي للأفراد كافة فإن العدل يقدم لهم بالمجان،‏ والدولة توفر<br />

لهم هذه الخدمة المجانية لأن ّها خدمة عامة.‏ وهذا هو مبدأ مجانية القضاء والذي يعد النتيجة الحتمية<br />

لمبدأ المساواة أمام القضاء،‏ إذ لن تتحقق المساواة بالمعنى الحقيقي إلا إذا كان القضاء متاحا ً<br />

للجميع،‏ سواء المقتدر منهم أم غير المقتدر.‏ وفي الحالة التي نكون فيها خارج هذه الفرضية ذلك<br />

يعني أن الفقير سيحرم من حصوله على هذه الخدمة.‏ ومبدأ المساواة يتوقف ‏–من جانبنا-‏ على<br />

تحقيق العدالة على تطبيقه.‏ فهو شكل من أشكال العدالة ومظهر بارز من مظاهره.‏ وقد نصت المادة<br />

العاشرة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان أن الفرد له الحق في نظر قضيته أمام<br />

محكمة مستقلة<br />

نزيهة نظرا ً عادلا ً علني ًا للفصل في حقوقه والتزاماته،‏ ونعتقد ‏–من وجهة نظرنا أيضا ً-‏ أن من آثار<br />

ذلك المبدأ أن جميع الناس متساوون أمام القضاء ولهم حق التقاضي أمام محاكم واحدة وبإجراءات<br />

واحدة وبقانون واحد.‏<br />

ومع ذلك لابد للمتقاضيين من أن يتحملا،‏ عند لجوئهم إلى القضاء،الرسوم القضائية وهي غالب ًا ما<br />

تكون رمزية ولا تنال من مبدأ مجانية القضاء.‏ وقد راعى المشرع <strong>القطري</strong> في فرض هذه الرسوم<br />

التوفيق بين اعتبارين اثنين:‏ الأول المحافظة ‏-قدر الإمكان-‏ على مبدأ مجانية القضاء،‏ فوضع<br />

للرسوم حدا ً أعلى،‏ مهما كانت قيمة الحق المدعى به،‏ حتى لا تثقل كاهل المتقاضين أو تصرفهم عن<br />

(2)<br />

حقهم في اللجوء إلى القضاء . أما الثاني فلتجنب إساءة استعمال حق التقاضي ومنع الدعاوى<br />

الكيدية وذلك بفرض حد أدنى من الرسوم وهي خمسون ريالا ً،‏ وفرض أيضا ً رسوم أخرى لا مقام هنا<br />

للتفصيل فيها.‏<br />

.<br />

(3)<br />

وأخيرا ً لم يحرم المشرع <strong>القطري</strong> الفقير من المطالبة بحقه أمام القضاء إذا ثبتت عدم قدرته على دفع<br />

الرسوم القضائية المستوجبة،‏ وذلك من خلال منحه المعونة القضائية وإعفائه عن تسديد هذه الرسوم<br />

كلها أو بعضها وفقا ً لما تراه اللجنة المختصة<br />

1<br />

- يجدر التنويه بأنه هناك غياب لمسؤولية القاضي المهنية ، وفق التشريع <strong>القطري</strong> ، حيث لم ينص المشرع على دعوى<br />

مخاصمة القضاة.،‏ والتي هي دعوى مسؤولية مدنية ضد القاضي بحيث يمكن أن تترتب فيما إذا كان القاضي أو الهيئة الحاكمة<br />

قد أصدرت حكما مبرما ، وفق القانون ، واعتبر المحكوم عليه أن هذا الحكم بني على الخطأ المهني الجسيم ومخالف للقانون من<br />

شانه أن يضر بحقوقه ‏.فله من حيث المبدأ أن يرفع دعوى مخاصمة ضد القاضي أو القضاة الذين أصدروا هذا الحكم المبرم<br />

يطالب فيها بالتعويض عن الضرر كما أنه يطالب المحكمة المختصة بنظر هذه الدعوى بإبطال الحكم الذي صدر ضده.وفقا<br />

للقواعد العامة في المسوولية المدنية التقصيرية من أن كل خطأ سبب ضررا للغير يلزم من ارتكبه بالتعويض.ولكن أساس دعوى<br />

المخاصمة ليس الخطأ العادي وإنما الخطأ الجسيم.‏<br />

‎2‎‏-المادة 532 من قانون المرافعات المدنية والتجارية 13 لسنة 1990 المعدل.‏<br />

‎3‎‏-المادة 551 ن قانون المرافعات المدنية والتجارية<br />

13 لسنة 1990 المعدل.‏<br />

92


مجلة <strong>جامعة</strong> <strong>دمشق</strong> للعلوم الاقتصادية والقانونية–‏ المجلد 25- العدد الأول-‏‎2009‎<br />

محمد حاتم البيات<br />

نضيف إلى ذلك،‏ أن قانون مزاولة مهنة المحاماة الجديد<br />

في قطر رقم<br />

23 لسنة 2006<br />

قضى بأن<br />

تشكل في المحاكم لجنة للمساعدة القضائية،‏ تقرر ندب أحد المحامين للقيام بأي عمل من أعمال<br />

المحاماة في حالات متعددة منها،عندما يكون أحد المتقاضين معسرا ً أو عاجزا ً عن دفع أتعاب<br />

المحاماة،‏ هذا من جهة،‏ ومن جهة أخرى إذا تقرر إعفاؤه من دفع الرسوم القضائية كلها أو بعضها،‏<br />

(1)<br />

والمحامي المنتدب يقوم بالدفاع عنه دون مقابل أتعاب .<br />

ومن المبادئ المكملة لمبدأ المساواة أمام القضاء مبدأ حياد القاضي.‏ حيث يكمن الغرض الأساسي من<br />

ممارسة الدولة للوظيفة القضائية في ضمان حياد القاضي في فصله للنزاع المعروض عليه.‏ وبعبارة<br />

أخرى،‏ إن حياد القاضي يقتضي منه أن يقف موقف الحكم الذي يزن مصالح الأطراف في الدعوى<br />

بعدل وحق.‏ فلا يساعد أيا ً من الخصوم في جمع الأدلة لصالحه ولا أن يبدي رأيا ً في موضوع النزاع،‏<br />

أو أن يفشي منطوق الحكم قبل إصداره وهو ما قضى به قانون السلطة<br />

(2)<br />

القضائية الجديد..‏ . ثم إن<br />

المشرع <strong>القطري</strong> في قانون المرافعات المدنية والتجارية في باب الإثبات لم يأخذ بمبدأ الإثبات الحر<br />

الذي يسمح للقاضي جمع الأدلة.‏ فالخصوم كما القاضي مقيدون ضمن دائرة أدلة الإثبات التي حددها<br />

القانون على سبيل الحصر.‏ كذلك الأمر وبالمقابل يجب ألا يكون موقف القاضي سلبي ًا بالنسبة لأدلة<br />

الإثبات المبرزة بالدعوى بل على العكس لابد من أن يكون دوره إيجابي ًا فيها بشكل محايد وإعمالا ً<br />

لمبدأ حياد القاضي.‏<br />

فضلا ً عن ذلك يقتضي مبدأ حياد القاضي مراعاة عدة أمور منها:‏ ألا تكون له مصلحة في الدعوى<br />

التي ينظر فيها،‏ وألا يحكم بعلمه الشخصي.‏ لأنه سيكون هذا العلم لا محالة دليلا ً في الدعوى لمصلحة<br />

أحد الأطراف فيها.‏ لأنه بذلك سيجمع بين صفتي الحكم والشاهد معا ً.‏ كذلك الأمر على القاضي أن<br />

يساوي بين الخصوم في كل ما يتعلق بالدفوع والدفاع وأن يمك ّن كل خصم من مناقشة وتفنيد أدلة<br />

الخصم الآخر،‏ لإثبات عكسها،‏ إذا كان لديه دليل مناقض.استناد ًا إلى لقاعدة الأصولية الشهيرة<br />

الدائن إثبات الالتزام وعلى المدين إثبات التخلص منه".‏<br />

‏"على<br />

وعلاوة على ذلك وحرصا ً من القانون على ضمان مظهر حياد القاضي أمام الخصوم الماثلين أمامه،‏<br />

وللحيلولة من أن يتأثر حكمه بدافع القرابة أو المصلحة حدد قانون المرافعات أسباب ًا لرد القاضي<br />

وقضى بعدم صلاحيته للفصل في الدعوى في هذه الأحوال لأن حكمه يخشى معه على حياده.فالقاضي<br />

‎1‎‏-راجع المواد ‎56‎و‎59‎ من قانون<br />

10 لسنة<br />

1996 الخاص بمزاولة مهنة المحاماة في دولة قطر.‏<br />

‎2‎‏-المادة 43 من قانون السلطة القضائية الجديد لسنة ‎2004‎‏.تقول"لا يجوز للقاضي أن يبدي رأيا في المنازعات المعروضة عليه،‏<br />

كما لا يجوز له إفشاء أسرار المداولة".‏<br />

93


أساسيات <strong>النظام</strong> القضائي <strong>القطري</strong> <strong>ماضيه</strong> <strong>وحاضره</strong><br />

إنسان بشر قد يتعرض لعوامل ما وبدورها قد تؤثر<br />

(1)<br />

في عمله القضائي ، الأمر الذي يقتضي كف يده<br />

عن الحكم في الدعوى لضمان حياده في إصدار حكمه.‏ هذه العوامل تختلف باختلاف أسباب عدم<br />

صلاحية القاضي للحكم،‏ وأسباب رده أو تنحيه.‏ والجدير بالذكر،‏ أن إجراءات رد القاضي أو تنحيه في<br />

قانون المرافعات<br />

13 لسنة<br />

(2)<br />

1990 قد أخضعت إلى تعديلات لسنا بمقام تفصيلها .<br />

ونود الإشارة أخيرا ً إلى أن مبدأ الحياد لابد وأن يكون إيجابي ًا وهذا يعني مراقبة أطراف النزاع أو<br />

أحدهم ومنعه من المراوغة والتسويف بإطالة أمد النزاع،أو التلاعب بإجراءات التقاضي بأي وجه<br />

تحت ستار حق الدفاع.‏ ويعتقد الفقه،وهو على صواب،‏ أنه"لا محل لأن يسلم القاضي بإرساء حكم<br />

القانون على موضوع الدعوى،‏ ولا يسلم له بإنزال حكم القانون عند السير فيها أو عند تصحيح<br />

(3)<br />

شكلها أو عند إثباتها.كل هذا بحدود موقف حيادي عادل"‏ .<br />

(4)<br />

فضلا ً عن أن قانون السلطة القضائية الجديد ، أجاز التفتيش على أعمال القاضي مرة على الأقل كل<br />

سنتين لتقييم أداء عمله ويكون تقدير الكفاية بإحدى الدرجات الآتية:‏ كفء ‏-فوق المتوسط-متوسط-‏<br />

أقل من المتوسط.‏ وفي حال حصول القاضي على تقريرين متتاليين بدرجة اقل من المتوسط فإن<br />

المجلس الأعلى للقضاء له أن يقرر إحالته إلى التقاعد أو نقله إلى وظيفة أخرى غير قضائية.‏ وله<br />

التظلم من ذلك أمام ذات المجلس ويكون قرار هذا الأخير بشأن تقدير الكفاية نهائي ًا.‏ ونحن نؤيد هذه<br />

العقوبة لأنها تحث القاضي على العمل الدؤوب والتفاني فيه مما يخدم،‏ بشكل خاص،‏ مصلحته<br />

الشخصية بالنتيجة،‏ وبشكل عام،‏ المصلحة العامة.‏<br />

ثالث ًا:‏ مبدأ علانية الجلسات والمجابهة بالدليل:‏<br />

ويقصد بمبدأ العلانية في جلسات المحاكمة أن تكون هذه الجلسات مفتوحة بحيث يكون من حق أي<br />

شخص أن يحضرها.‏ ومبدأ العلانية لا ينحصر في جلسات المحاكمة فحسب بل يمتد ليشمل جلسة<br />

النطق بالحكم،‏ إلا أن بعض جلسات المحاكمة يمكن أن تكون سرية أما جلسة النطق بالحكم فلاب د أن<br />

تكون علنية.‏ وسرية بعض الجلسات ليس فيه مساس بمبدأ العلانية وإنما تقرر هذه السرية من قبل<br />

هيئة المحكمة لاعتبارات معينة نص عليها القانون صراحة كالخلافات الأسرية،‏ أو لاعتبارات <strong>النظام</strong><br />

1<br />

د.علي الخنجي ، المرجع السابق،‏ ص.‏‎8‎‏.‏<br />

‎2‎‏-انظر المواد 1151-101 من القانون<br />

13 لسنة<br />

‎3‎‏-أحمد أبو الوفا،‏ المرافعات المدنية والتجارية ، الطبعة الخامسة عشرة،‏<br />

‎4‎‏-راجع المواد 49-48 من قانون السلطة القضائية<br />

2005 المعدل لأحكام قانون المرافعات المدنية والتجارية<br />

13 لسنة .1990<br />

1990، ص.‏‎16‎‏.‏<br />

10 لسنة .2004<br />

94


مجلة <strong>جامعة</strong> <strong>دمشق</strong> للعلوم الاقتصادية والقانونية–‏ المجلد 25- العدد الأول-‏‎2009‎<br />

محمد حاتم البيات<br />

(1)<br />

العام مثلا ً.‏ وقد قيل،‏ وبحق،‏ إن العلانية يجب أن تمتد لتشمل تسبيب الأحكام القضائية والسماح<br />

بنشر المناقشات والمرافعات ومنطوق الأحكام في وسائل الإعلام،‏ وإعطاء نسخة عن الحكم لكل من<br />

(2)<br />

يطلبها .<br />

ومن جهتنا نعتقد مع الفقه<br />

بأن وجود مبدأ العلانية في النظم القضائية ومنها <strong>النظام</strong> <strong>القطري</strong> يحقق<br />

عدة فوائد:‏ أولها العلانية تسمح بالرقابة الشعبية على أعمال المحاكم مما يدفع هذه المحاكم إلى الدقة<br />

والموضوعية في إصدار أحكامها،‏ وثانيها:‏ أن مبدأ العلانية يبعث الثقة والطمأنينة في نفوس الأطراف<br />

المتنازعة ويعزز من هيئة القضاء والقضاة،‏ وثالث ًا:‏ يعد الحكم زاجرا ً لمن تسول نفسه ارتكاب<br />

الجرائم.‏<br />

ويعد الفقه-وهو على صواب-‏ نأ<br />

العلانية هي الأصل في الأحكام<br />

(3)<br />

وتبعث الثقة لدى الجميع .<br />

وقد جاء في الدستور <strong>القطري</strong> بأن ‏"جلسات المحاكم علنية إلا إذا قررت المحكمة جعلها سرية مراعاة<br />

للنظام العام أو<br />

(4)<br />

للآداب العامة،‏ وفي جميع الأحوال يكون النطق بالحكم في جلسة علنية . وهذا ذاته<br />

(5)<br />

ما تقرر في قانون السلطة القضائية بنص مطابق .<br />

ونحن نعتقد بأن من متممات مبدأ العلانية في جلسات المحكمة مبدأ المجابهة بالدليل والمواجهة بين<br />

الخصوم في الدعوى.‏ ويقتضي هذا المبدأ أن جميع إجراءات التقاضي والتي يباشرها كل خصم في<br />

الدعوى يتعين أن تكون في حضور الخصم الآخر أو بحضور من يمثله قانون ًا.‏ وهذا بدوره يفسح<br />

المجال أمام كل خصم الاطلاع على أدلة خصمه في الدعوى لتفنيدها ومناقشتها والدفاع عن مصالحه<br />

في ضوئها.‏ وعلى الساحة العملية يكمن ذلك من خلال تبادل المذكرات بين الخصوم أنفسهم،‏ ‏(عندما<br />

تقبل طبيعة المحكمة المرافعة منهم)،‏ أو بين ممثليهم.‏ ومبدأ المجابهة بالدليل،‏ لأننا نعده،‏ متمم ًا لمبدأ<br />

العلانية فلا يعني اطلاع الخصوم في الدعوى على الأدلة المبرزة فيها فحسب وإنما بإمكان أي شخص<br />

(6)<br />

آخر،‏ تتوافر فيه المصلحة أم لا،‏ أن يطلع على ما يشاء منها،‏ ما دامت جلسات المحكمة مفتوحة .<br />

‎1‎‏-المادة 59 من قانون المرافعات المدنية والتجارية<br />

13 لسنة<br />

3<br />

قانون المرافعات <strong>القطري</strong> ، الجزء الأول ، دار العلوم للطباعة الدوحة قطر ص.‏‎9‎‏.‏<br />

‎2‎‏-أحمد السيد صاوي،‏ المرجع السابق،‏ ص.‏‎76‎‏.‏<br />

لد.إبراهيم النفياوي،‏ التعسف في التقاضي،‏ الطبعة الأولى ، المكتبة القانونية القاهرة<br />

‎4‎‏-المادة 133 من الدستور الدائم لدولة قطر.‏<br />

‎5‎‏-المادة 15 من قانون السلطة القضائية رقم<br />

1990 المعدل.انظر في تفصيل ذلك ، علي الخنجي ، التعليق على<br />

2007 ص.‏‎518‎ .<br />

10 لسنة .2004<br />

6- وهذا ما لمسناه عمليا ً وشخصيا ً من خلال حضور عناصر إعلامية في جلسات المحاكم في ظل دعاوى يكون الأطراف فيها<br />

أو بعضهم على مستوى رفيع وذلك من خلال ممارستنا لمهنة المحاماة.‏<br />

95


أساسيات <strong>النظام</strong> القضائي <strong>القطري</strong> <strong>ماضيه</strong> <strong>وحاضره</strong><br />

وتطبيق ًا لهذه المبادئ أوجب قانون المرافعات على كل مدعي أن يقدم نسخا ً عن استدعاء دعواه<br />

والأدلة فيها بعدد المدعى عليهم عند قيدها في قلم المحكمة،‏ وما هذا إلا بقصد الاطلاع على الدعوى<br />

(1)<br />

والمستندات المبرزة بها من قبل المدعى عليهم .<br />

المطلب الثاني<br />

المبادئ التي تحكم تكوين القضاء <strong>القطري</strong>:‏<br />

هذه المبادئ<br />

تشكل الضمانات الفعالة في حصول المتقاضي على حكم قضائي أخضع إلى درجتين من<br />

التقاضي.‏ وهذا <strong>النظام</strong> يمنح فرصة للخصم الذي صدر الحكم ضده بأن يعرض موضوع النزاع على<br />

محكمة أخرى أعلى درجة من المحكمة مصدرة الحكم ‏(مبدأ التقاضي على درجتين).‏ أما على صعيد<br />

المحاكم فهي تصنف إلى فئتين:‏ محاكم تؤلف من مجموعة قضاة،‏ ومحاكم تشكل برئاسة قاض واحد<br />

‏(مبدأ قضاء الفرد وقضاء الجماعة).‏ وهذه المحاكم ثابتة غير سيارة ‏(مبدأ القضاء الثابت)‏ وأخير ًا<br />

ينبثق عن كل محكمة من هذه المحاكم جمعية عامة ولجنة وقتية ‏(مبدأ الجمعيات العامة للمحاكم<br />

ولجانها الوقتية).‏ وسوف نتولى دراسة هذه المبادئ على التوالي.‏<br />

أولا ً:‏<br />

مبدأ التقاضي على درجتين:‏<br />

يعد مبدأ التقاضي على درجتين من المبادئ الأصيلة التي يقوم عليها الجهاز القضائي <strong>القطري</strong> إذ إن<br />

هذا المبدأ يبعث الطمأنينة في نفوس الأطراف المتنازعة لأنه يقضي بعرض النزاع على مرجع قضائي<br />

أعلى.‏ ولاسيما في الحالة التي يكون فيها حكم محكمة الدرجة الأولى صادر ًا عن جهة قضائية برئاسة<br />

قاضٍ‏ واحد ‏(قضاء الفرد)‏ وفي هذه الحالة سيعرض هذا الحكم،‏ بنتيجة الطعن فيه،‏ على محكمة<br />

الدرجة الثانية المؤلفة من ثلاثة قضاة ‏(قضاء الجماعة)‏ ومن الواضح أن نظر النزاع من محكمة<br />

الدرجة الثانية يعطي انطباع ًا حسنا ً بالنسبة للمتقاضي المستأنف أو الطاعن.‏ لأن هذه المحكمة ذات<br />

(2)<br />

الدرجة الثانية ستفصل من جديد في النزاع . وقد أخذ المشرع <strong>القطري</strong> بنظام التقاضي على درجتين<br />

أول مرة في ظل قانون المحاكم العدلية لعام<br />

والتجارية<br />

1971 والذي<br />

13 لسنة<br />

ألغي بصدور قانون المرافعات المدنية<br />

1990 والذي احتفظ بنظام التقاضي على درجتين.‏ ويلاحظ أن قبل عام<br />

1971 لم<br />

يكن القضاء الشرعي والقضاء العرفي إلا على درجة واحدة.‏ إذ إن هذا القضاء،الشرعي والعرفي،‏<br />

الوحيد في قطر لم يكن يشكل نظاما ً قضائي ًا متكاملا ً على غرار الأنظمة الحالية في الدولة القائمة على<br />

2<br />

‎1‎‏-راجع في هذا الشأن المواد<br />

39-33 من قانون المرافعات المدنية والتجارية ‏(المعدل).‏<br />

د.أسامة روبي عبد العزيز ، الوسيط في قانون المرافعات المدنية والتجارية ، الطبعة الأولى 2007 ص.‏‎113‎ وما بعد .<br />

96


مجلة <strong>جامعة</strong> <strong>دمشق</strong> للعلوم الاقتصادية والقانونية–‏ المجلد 25- العدد الأول-‏‎2009‎<br />

محمد حاتم البيات<br />

مبدأ التقاضي على درجتين فضلا ً عن محكمة التمييز.‏ وقد تعزز هذا المبدأ بموجب القانون الجديد<br />

للسلطة القضائية لسنة<br />

،2003<br />

وكذلك القوانين المعدلة لقانون المرافعات ذوات الأرقام<br />

13-12 لعام<br />

.2005<br />

والتي سنتحدث عنها لاحقا ً ومفصلا ً في مبحثنا القادم.‏<br />

ومبدأ التقاضي على درجتين له محاسنه ومساوئه.‏ إلا انه يحقق فوائد أكثر بكثير من المساوئ التي<br />

تنجم عن تطبيقه.‏ فمن مساوئه انه يزيد من نفقات التقاضي ويؤخر البت في النزاع،‏ ثم أن الخطأ<br />

وارد من محاكم الدرجة الثانية إذ إن المبدأ لا يعني أن قضاة محاكم الدرجة الثانية معصومون عن<br />

الخطأ.‏ فالخطأ ممكن من محاكم الدرجة الأولى والثانية على حد سواء.‏ أضف إلى ذلك أن حكم<br />

محكمة الدرجة الثانية لا يعني انه سيكون أكثر مطابقة للقانون من حكم محكمة الدرجة الأولى.‏ على<br />

حين أنه على الرغم من هذه المساوئ وغيرها فإن مبدأ التقاضي على درجتين فوائده أكثر من<br />

مساوئه.‏ فمن جهة يدفع قضاة محكمة الدرجة الأولى إلى العناية بأحكامهم والتأني في إصدارها<br />

(1)<br />

والخشية من استئنافها لفسخها.من المرجع الاستئنافي المختص . ومن جهة أخرى،‏ يبعث الطمأنينة<br />

في نفوس المتقاضين وكذلك يؤمن حسن سير العدالة،‏ ما دام النزاع سيعرض مرة ثانية أمام محكمة<br />

الدرجة الثانية،‏ والذي غالب ًا ما تتكون من قضاة أكثر تجربة وممارسة من قضاة محكمة الدرجة<br />

الأولى.‏ يعد الفقه أن هذا المبدأ،‏ والذي تأخذ به غالبية التشريعات العربية والأجنبية،‏ يحقق قضاء<br />

(2)<br />

عادلا ً ومحايدا ً .<br />

ثاني ًا:‏ قضاء الفرد وقضاء الجماعة:‏<br />

إن القاعدة العامة في <strong>النظام</strong> القضائي <strong>القطري</strong> يقوم على مبدأ قضاء الجماعة أما الاستثناء عليه فهو<br />

قضاء الفرد.‏ وقد ظهر ذلك مع تطبيق أول قانون للمرافعات المدنية والتجارية<br />

13 لسنة 1990 في<br />

قطر.‏ ومن أهم المحاكم التي تؤلف برئاسة قاضٍ‏ فرد قاضي التنفيذ.‏ وبموجب قانون السلطة القضائية<br />

الجديد والقوانين 12 و‎13‎ المعدلة لقانون المرافعات<br />

13 لسنة<br />

1990 يمكن للمجلس الأعلى للقضاء<br />

وباقتراح من رئيس المحكمة الابتدائية إنشاء دائرة أو أكثر تصدر أحكامها عن قاض فرد وذلك من<br />

(3)<br />

أجل الفصل في القضايا التي يحددها القانون . فضلا ً عن المحكمة الابتدائية الجزئية المؤلفة من<br />

قاضٍ‏ فرد.‏<br />

‎1‎‏-يندر،‏ برأينا وجود قضاة اليوم يخشون إلغاء الأحكام الصادرة عنهم بمفعول الاستئناف أو الطعن ‏.فالقاضي سواء أمام محكمة<br />

الدرجة الأولى أو محكمة الدرجة الثانية يصدر حكمه أو يوافق على صدوره وفق قناعته دون أن يكترث بصدور هذا الحكم وهل<br />

سيخضع إلى الاستئناف أو الطعن.‏<br />

‎2‎‏-أمينة مصطفى النمر ، قوانين المرافعات ، الكتاب الأول،‏ طبعة منشأة المعارف ص.‏‎11‎‏.‏<br />

‎3‎‏-المادة 12 من قانون السلطة القضائية 10 لسنة‎2004‎‏.راجع المواد‎22‎ و‎101‎ من القانون<br />

المرافعات المدنية والتجارية<br />

13 لسنة 2005 المعدل<br />

13 لسنة .1990<br />

لقانون<br />

97


أساسيات <strong>النظام</strong> القضائي <strong>القطري</strong> <strong>ماضيه</strong> <strong>وحاضره</strong><br />

أما على صعيد مبدأ قضاء الجماعة وهو المبدأ السائد في <strong>النظام</strong> القضائي في دولة قطر فلأن ّه المجال<br />

الرحب في هذا <strong>النظام</strong>.‏ إذ إن غالبية المحاكم <strong>القطري</strong>ة اليوم مشكلة من ثلاثة قضاة.‏ من ذلك للمحكمة<br />

(2)<br />

(1)<br />

الابتدائية الكلية ، محكمة الاستئناف،‏ وأيضا ً محكمة التمييز المحدثة في دولة قطر العام<br />

(3)<br />

المنصرم .<br />

وتأسيس ًا على ذلك نجد أن مضمون <strong>النظام</strong> القضائي مؤلف من محاكم جماعية،‏ وهو الأصل،‏ ومحاكم<br />

فردية،‏ الاستثناء على هذا الأصل.‏<br />

قضاء الجماعة وقضاء الفرد يعتريهما محاسن ومساوئ.‏ ومن محاسن نظام قضاء الفرد أنه يجعل<br />

القاضي منفرد ًا في المسؤولية،‏<br />

(4)<br />

مما يحمل القاضي على الإخلاص في عمله . ثم إن هذا <strong>النظام</strong> يؤدي<br />

إلى السرعة في فصل القضايا لأن القاضي الفرد يصدر أحكامه دون التشاور مع بقية لقضاة،‏ وأخيرا<br />

يقال:‏ إن<br />

قضاء الفرد يقتصد في النفقات بالنسبة لخزينة الدولة.‏ أما من مساوئه فلأ ن الفصل في<br />

النزاع يكون من قبل قاضٍ‏ وحيد ولاسيما إذا كان حديث العهد في العمل القضائي وقد يتعنت في رأيه<br />

الأمر الذي يؤدي إلى التأثير في حكمه.‏ كذلك الأمر على صعيد قضاء الجماعة،‏ فقد قيل في تبريره<br />

إن الأحكام تصدر بعد مداولة ومشاورة بين أعضاء المحكمة،‏ وفي الحالة التي لا يستجمع القرار<br />

موافقة الأعضاء فإنه على الأقل سيكون بالأكثرية.‏ هذا كله يحقق حسن سير القضاء ويخدم<br />

العدالة.فضلا عن ذلك،‏ فإن قضاء الجماعة فيه التجرد في العمل القضائي وعدم الانحياز والمحاباة<br />

لطرف على حساب طرف آخر،‏ وعلى وجه الخصوص في البلاد التي تكثر فيها الوساطة والتدخل في<br />

شؤون القضاة.‏ ومن المعلوم أن قضاء الجماعة فيه ضمان أكثر لتحقيق حسن سير العدالة من قضاء<br />

الفرد.‏ وإن أمر الاقتصاد في النفقات لم ولن يعد في يوم من الأيام مبرر ًا كافيا ً لاتباع نظام قضاء دون<br />

قضاء الجماعة.‏<br />

ثالث ًا:‏ مبدأ القضاء الثابت:‏<br />

قضى قانون السلطة القضائية<br />

(5)<br />

بأن تكون مدينة الدوحة مقرا للمحاكم . وهذا يعني أن المحاكم في<br />

دولة قطر لها صفة ثابتة وهذا شأن جميع الأنظمة القضائية في الدول العربية بما فيها دول مجلس<br />

‎1‎‏-المادة 11 من قانون السلطة القضائية لسنة‎2004‎‏،‏ المواد 24-22 من القانون<br />

13 لسنة<br />

‎1990‎‏.وتجدر الإشارة إلى أن هذا التقسيم في المحاكم أساسه <strong>النظام</strong> القضائي المصري.‏<br />

‎2‎‏-المادة 10 من قانون السلطة القضائية لسنة‎2004‎‏.‏<br />

‎3‎‏-المادة 6 من قانون السلطة القضائية لسنة<br />

.2004<br />

4<br />

2005 المعدل لقانون المرافعات<br />

د.حيدر احمد دفع االله ، أصول المرافعات المدنية والتجارية ، الطبعة الأولى ، 1997 مكتبة المناعي قطر الدوحة ص.‏‎192‎ .<br />

‎5‎‏-المادة ‎5‎من قانون السلطة القضائية رقم<br />

10 لسنة .2004<br />

98


مجلة <strong>جامعة</strong> <strong>دمشق</strong> للعلوم الاقتصادية والقانونية–‏ المجلد 25- العدد الأول-‏‎2009‎<br />

محمد حاتم البيات<br />

التعاون الخليجي.‏ فالمقر العام للمحاكم العاصمة <strong>القطري</strong>ة ولا يوجد في المدن الأخرى ثمة هيئة<br />

قضائية.‏ وهذا ما يفسر أن جميع النزاعات تخضع لولاية المحاكم في العاصمة.‏ ومن باب أولى ألا<br />

يوجد وفق هذا <strong>النظام</strong> المحكمة الموسومة بمحكمة موطن المدعى عليه فادعاء شخص على آخر بحق<br />

شخصي مثلا ً.‏ لا يعني إقامته أمام محكمة موطن المدعى عليه،‏ أو محكمة موطن المتنازع عليه<br />

عندما يكون عقارا ً مثلا ً،‏ وإنما أمام المحكمة الابتدائية وبغض النظر عن كونها محكمة موطن المدعى<br />

عليه آم موطن المدعي،‏ إذ لا يوجد في هذا <strong>النظام</strong> محاكم ذات اختصاص محلي وفق التوزيع<br />

الجغرافي للمنطقة،‏ لأن قانون المرافعات المدنية والتجارية <strong>القطري</strong> لم ينص على قواعد الاختصاص<br />

المحلي.‏ ونعتقد أن ذلك يشكل نقصا ً في هذا <strong>النظام</strong> رغم من أنه لا يوجد ثمة مانع من إحداث محاكم<br />

أو دوائر في المدن الأخرى،‏ ولاسيما أن قطر تزدهر اقتصاديا وعلى مختلف الأصعدة،‏ وخير دليل<br />

على ذلك ما قضى به قانون السلطة القضائية من أن لمجلس القضاء الأعلى إنشاء دوائر للمحاكم<br />

(1)<br />

الابتدائية في المدن الأخرى بناء على اقتراح من هذه المحاكم . أضف إلى ذلك أن ّه ليس للمحاكم<br />

والحالة هذه أن تنتقل خارج المكان الذي حدده القانون لها تحت طائلة بطلان الإجراءات التي تقوم<br />

بها أو الأحكام التي تصدرها.‏ فلا يوجد في دولة قطر محاكم سيارة وقد تأيد هذا المبدأ بقانون السلطة<br />

(2)<br />

القضائية . ولم يكتف المشرع <strong>القطري</strong> بجعل المحاكم ذات صفة ثابتة بل أكد في قانون المرافعات<br />

المدنية والتجارية<br />

(3)<br />

أن ّه يجب أن تكون المرافعة في قاعة المحكمة . ومع ذلك أجاز قانون السلطة<br />

القضائية بعد أخذ موافقة المجلس الأعلى للقضاء عقد جلسات للمحاكم خارج مقارها الأصلية.‏ وهذا<br />

حال القضاء المستعجل حيث منح القانون قاضي الأمور المستعجلة حق عقد الجلسات في غير قاعة<br />

(4)<br />

المحكمة،‏ وفي أي وقت يحدده . ويجب في هذه الحالة عدم الخلط بين عقد جلسات خارج قاعة<br />

المحكمة وبين ما يسمى بالمحاكم السيارة أو المتنقلة.‏ ففي الحالة الأولى عندما يجد قاضي الأمور<br />

المستعجلة ضرورة عقد جلسة أو عدة جلسات خارج المحكمة لا يعني أننا أمام مبدأ القضاء المتحرك<br />

وإنما لزوم الدعوى تقتضي ذلك.‏ إذ إن هذا المبدأ الأخير يقصد منه أن المحاكم لها صلاحية الانتقال<br />

خارج المكان الذي حدده القانون لها للفصل في المنازعات التي تعرض عليها.وهو ما لم يقض به<br />

(5)<br />

قانون السلطة القضائية.‏<br />

1/5<br />

‎1‎‏-المادة من قانون السلطة القضائية<br />

‎2‎‏-المادة 5 من قانون السلطة القضائية<br />

10 لسنة .2004<br />

10 لسنة .2004<br />

‎3‎‏-المادة 31 من قانون المرافعات المدنية والتجارية<br />

‎4‎‏-المادة 2/5 من قانون السلطة القضائية<br />

13 لسنة .1990<br />

10 لسنة .2004<br />

‎5‎‏-مع ملاحظة أن مثل هذا المبدأ ، مبدأ القضاء السيار أو المتحرك قد أخذت به انكلترا.‏<br />

99


أساسيات <strong>النظام</strong> القضائي <strong>القطري</strong> <strong>ماضيه</strong> <strong>وحاضره</strong><br />

رابعا ً:‏ مبدأ الجمعيات العامة للمحاكم ولجانها الوقتية:‏<br />

وفقا ً لقانون السلطة القضائية <strong>القطري</strong><br />

الجديد رقم<br />

10 لعام 2003<br />

تكون لكل محكمة جمعية عامة<br />

تجتمع بدعوة من رئيس المحكمة أو ثلث عدد أعضائها وذلك للنظر في عدة أمور مهمة منها:تشكيل<br />

الدوائر وتوزيع القضايا عليها،‏ وتنظيم العمل في أثناء العطلة القضائية.‏ هذه الجمعية العامة تتألف<br />

من جميع أعضائها،‏ ولا يكون انعقادها صحيح ًا إلا بحضور أكثر من نصف الأعضاء تصدر القرارات<br />

في الجمعية بأغلبية أصوات الأعضاء الحاضرين،‏ وفي حال تساوي الأصوات يرجح جانب الرئيس<br />

‏.ويفهم من وجود هذه الجمعية العامة إشراك جميع القضاة أعضاء هذه المحكمة في إدارة شؤونها<br />

واتخاذ القرار.‏ ونرى في آلية العمل هذه لدى الجمعية العامة تؤدي إلى عدم تسلط رئيس المحكمة<br />

وعدم انفراده في إصدار القرارات التي تتعلق بأمور المحكمة.‏<br />

فضلا ً عن ذلك تشكل الجمعية العامة في كل محكمة لجنة تسمى بلجنة الشؤون الوقتية برئاسة رئيس<br />

المحكمة أو من يقوم مقامه.‏ وعضوية أقدم اثنين من أعضائها.‏ وتتولى هذه اللجنة اختصاصات<br />

الجمعية العامة للمحكمة في كل مسالة مستعجلة لا تحتمل انتظار دعوتها للانعقاد.‏ إلا أننا نرى أن<br />

هذه اللجنة الوقتية قد تسلب سلطة أعضاء المحكمة وإشراكهم في المداولة معهم قبل إصدار القرار<br />

بحجة تعذر انعقاد الجمعية العامة.‏ ويبدو أن لهذا السبب يجب عرض جميع قرارات الجمعية العامة<br />

ولجنتها الوقتية على المجلس الأعلى للقضاء للمصادقة عليها كونه الجهة العليا في السلطة<br />

القضائية.‏ ويحق للمجلس بعد تبلغه هذه القرارات عدم المصادقة عليها وإعادتها إلى الجمعية أو<br />

اللجنة لإعادة النظر فيها.‏<br />

(1)<br />

وإذا أصرتا على هذه القرارات يبت المجلس بها بقرار نهائي .<br />

في الواقع صحيح أن الجمعية العامة أو اللجنة الوقتية المنبثقة عنها تعنى بمعالجة جميع الأمور<br />

الداخلية للمحكمة،‏ كونها على دراية فيها أكثر من غيرها،‏ إلا أن قراراتها تبقى بالنهاية مجرد<br />

اقتراحات قد لا تخرج إلى حيز التنفيذ بسبب أن المجلس قد لا يصادق عليها،‏ وقد يخرج بالنتيجة<br />

بقرارات على عكس ما وصلت إليه قرارات الجمعية العامة أو اللجنة الوقتية المنبثقة عنها ونرى أن َّه<br />

في النتيجة سيكون القرار النهائي للمجلس الأعلى للقضاء.‏ وحبذا لو فعل المشرع <strong>القطري</strong> في<br />

قانون السلطة القضائية وأسند منذ البداية أمر معالجة هذه الأمور إلى المجلس،‏ كونه الجهة العليا في<br />

(2)<br />

<strong>النظام</strong> القضائي المختصة بأمور القضاء والقضاة كل ّها . وإزاء ذلك لا نرى ما يبرر النص على<br />

الجمعيات العامة للمحاكم واللجان الوقتية المنبثقة عنها.‏ والاكتفاء بجعل هذه الصلاحية منذ بداية<br />

‎1‎‏-راجع المواد 21-17 من قانون السلطة القضائية<br />

10 لسنة .2004<br />

2 د.محمد سعيد عبد الصمد،‏ نظرية الوضع الظاهر في قانون المرافعات،‏ الطبعة الأولى ،<br />

2006 ص.‏‎626‎‏.‏<br />

100


مجلة <strong>جامعة</strong> <strong>دمشق</strong> للعلوم الاقتصادية والقانونية–‏ المجلد 25- العدد الأول-‏‎2009‎<br />

محمد حاتم البيات<br />

الأمر للمجلس وحده المؤلف من أعضاء في السلطة القضائية،هذا من جهة ومن جهة أخرى نرى أن<br />

تفرغ القضاة للعمل القضائي البحت يدفع عجلة الفصل في النزاعات بعيدا ً عن انشغالهم في الأمور<br />

الإدارية للمحكمة.‏<br />

الخاتمة:‏<br />

-<br />

-<br />

-<br />

بعد دراسة أساسيات <strong>النظام</strong> القضائي وفق التشريع <strong>القطري</strong>،‏ نجمل أهم ماتوصلنا إليه من نتائج في<br />

النقاط الآتية:‏<br />

بعد إنهاء العمل باللجان بدأ القضاء في قطر من خلال قضاء السالفة والقضاء الشرعي،‏ وهذا<br />

القضاء الأخير كان يفصل في منازعات الأحوال الشخصية وفق أحكام الشريعة الإسلامية.أما<br />

القضاء العرفي الموسوم بقضاء السالفة فكان ينحصر في نظر مسائل الغوص على اللؤلؤ مستند ًا<br />

في ذلك إلى الأعراف والتقاليد في هذا الشأن.‏ والأحكام التي تصدر في هذا الصدد كانت على<br />

درجة واحدة لا تقبل المراجعة،‏ وهذا يعني أن مبدأ التقاضي آنذاك كان على درجة واحدة.‏<br />

تطور الجهاز الإداري في قطر أدى بدوره إلى تطور الجهاز القضائي ونشوء بوادر لنظام قضائي<br />

يقوم على مبدأ التقاضي على درجتين.‏ وهو ما أدى إلى اختفاء قضاء السالفة مع اكتشاف<br />

البترول.أما القضاء الشرعي فلم يعد يصدر أحكاما ً شفوية بسبب إنشاء محكمة شرعية للفصل في<br />

منازعات الأحوال الشخصية.‏ ومع تطور أجهزة الحكم والإدارة والتوسع العمراني وازدياد الأجانب<br />

من العرب المسلمين أدى كل ذلك إلى نشوء رئاسة للمحاكم الشرعية.‏<br />

ازدياد الأجانب البريطانيين وكذلك رعايا الدول الأجنبية الأخرى من غير المسلمين الأمر الذي<br />

اقتضى استمرار العمل بمحكمة المعتمد البريطاني والتي كانت تعقد جلساتها في دار القنصلية<br />

البريطانية برئاسة قاضٍ‏ يحضر من خارج قطر.‏<br />

العلاقات الدولية الفردية المشتملة على عنصر أجنبي لم يكن الفصل فيها يخضع إلى ولاية القضاء<br />

الوطني بل إلى قضاء المحكمة المشتركة المؤلفة من الحاكم ونائبه والمعتمد البريطاني.‏<br />

ظهور تنوع في المحاكم إثر ازدياد العمالة الوافدة إلى قطر الأمر الذي أدى إلى إنشاء محكمة<br />

للفصل في جميع منازعات العمل الفردية أو الجماعية بهيئة قضاء عمالي متخصص،‏ فضلا ً عن<br />

المحاكم المتنوعة الأخرى.‏<br />

-<br />

-<br />

-<br />

مع فجر الاستقلال في عام 1971 تحول المجتمع <strong>القطري</strong> من مجتمع ينتمي إلى قبائل إلى مجتمع<br />

ينتمي إلى دولة،‏ وهذا ما أدى إلى انتقال السلطة القضائية إلى المحاكم الوطنية والتي نشأت مع<br />

صدور قانون المحاكم العدلية،‏ والذي أرخ عهدا ً جديد ًا في تاريخ القانون والقضاء في قطر.‏<br />

101


أساسيات <strong>النظام</strong> القضائي <strong>القطري</strong> <strong>ماضيه</strong> <strong>وحاضره</strong><br />

وضع قانون المحاكم العدلية موضع التنفيذ أدى إلى إلغاء جميع المحاكم باستثناء المحاكم<br />

الشرعية ومحكمة العمل،‏ لأنه أرسى معالم قضاء مدني وجزائي متنوع،‏ وهو يعد باكورة <strong>النظام</strong><br />

القضائي القائم على مبدأ التقاضي على درجتين ومبدأ قضاء الفرد وقضاء الجماعة.‏<br />

-<br />

-<br />

يعد قانون المرافعات المدنية والتجارية رقم<br />

13 لعام<br />

1990 هو أول قانون للمرافعات في قطر.‏<br />

حيث أكدت قواعد هذا القانون ترسيخ المبادئ العامة للأصول المتعارف عليها المستقرة في غالبية<br />

قوانين المرافعات المدنية والتي تهدف إلى حسن سير القضاء وإجراءاته،‏ إذ إن وضعه موضع<br />

التنفيذ ألغى قوانين عديدة.‏<br />

جعل المشرع <strong>القطري</strong> في القانون<br />

13 لعام ،2005<br />

المعدل لقانون المرافعات،‏ الاختصاص عاما ً<br />

وشاملا ً للمحاكم الابتدائية بعد أن ألغى المحاكم الشرعية والعدلية ومحكمة العمل.‏<br />

وعلى صعيد الاختصاص فإننا رأينا غياب ًا للاختصاص المحلي أو المكاني للمحاكم وعلى العكس<br />

عد المشرع <strong>القطري</strong> أن المحاكم مقرها الدوحة ويفهم من ذلك أنه لا وجود لمحاكم خارج<br />

العاصمة،كمحكمة موطن المدعى عليه أو محكمة موقع العقار المتنازع عليه.‏ في الوقت الذي<br />

تكون دولة قطر فيه بحاجة إلى التوسع في اختصاص المحاكم بقدر توسعها في العمران نتيجة<br />

لازدهارها الاقتصادي والاجتماعي والتجاري الملحوظ .<br />

-<br />

-<br />

- أن مبدأ قضاء الفرد يتجسد عمليا في إحداث المحكمة الابتدائية الجزئية،‏ إذ إن ّها تؤلف من قاض<br />

فرد،‏ أما مبدأ قضاء الجماعة فيلقى مجاله الرحب في المحكمة الابتدائية الكلية وكثير من المحاكم<br />

الأخرى الموزعة في الجهاز القضائي <strong>القطري</strong>.‏ كما تعد المحكمة الكلية المرجع الاستئنافي للأحكام<br />

الصادرة عن المحكمة الجزئية،‏ أو قاضي الأمور المستعجلة فيها.‏ فضلا ً عن ذلك رأينا أن<br />

الاختصاص النوعي منعقد أيضا للمحكمة الابتدائية الكلية بصلاحية الفصل في بعض النزاعات<br />

وبغض النظر عن قيمة النزاع،‏ كالإفلاس وشهر الإعسار.‏ وهذه الدعاوى كثيرا ما تثير مشاكل<br />

قانونية معقدة يتوقف الفصل فيها على درجة معينة من الخبرة والدراية والتي قد لا تتوافر في<br />

قضاة المحاكم الابتدائية الجزئية.‏<br />

أما على صعيد مبدأ الجمعيات العامة للمحاكم ولجانها الوقتية،‏ الذي استحدثه قانون السلطة<br />

القضائية فلا نعتقد-من جانبنا-‏ بوجود مبرر يقتضي مثل هذا النهج،‏ ولاسيما أن اجتماعات<br />

الجمعية العامة لها مفهومها الإداري وليس القضائي،‏ بل وأكثر من ذلك إن القرارات الصادرة<br />

عنها لا تنفذ إلا إذا صادق عليها المجلس الأعلى للقضاء،‏ وقد لا يصادق عليها،‏ ويستطيع أن<br />

يقرر بعكس ما اتجهت إليه تلك القرارات.‏ في هذه الفرضية ستكون اجتماعات الجمعية العامة<br />

-<br />

102


مجلة <strong>جامعة</strong> <strong>دمشق</strong> للعلوم الاقتصادية والقانونية–‏ المجلد 25- العدد الأول-‏‎2009‎<br />

محمد حاتم البيات<br />

والقرارات الصادرة عنها دون جدوى.‏ فضلا ً عن انشغال السادة القضاة بأمور إدارية لا علاقة لهم<br />

بها،‏ في الوقت الذي يجب أن يخصص وقتهم وعملهم لخدمة القضايا المرفوعة أمامهم والتفرغ<br />

لأجلها لفصلها على وجه السرعة.‏ هذا من جهة ومن جهة أخرى إن هذه الجمعيات العامة تنبثق<br />

عنها لجان وقتية تتمتع باختصاصات الجمعية العامة ذاتها وتجتمع تحت ستار عدم إمكانية انعقاد<br />

هذه الأخيرة،‏ مما يؤدي إلى تسلط أعضاء هذه اللجنة الوقتية واتخاذ قرارات قد لا يوافق عليها<br />

فيما لو اجتمعت الجمعية العامة.ونحن نعتقد بعدم جدوى النص على مثل هذه الجمعيات العامة<br />

للمحاكم ما دام القرار النهائي للمجلس الأعلى للقضاء.‏ ثم إن وجود هذا المجلس كافٍ‏ لرعاية<br />

مصالح القضاة والقضاء،‏ ولاسيما أن أعضاءه من السلطة القضائية.‏<br />

إن إنشاء محكمة التمييز في <strong>النظام</strong> القضائي <strong>القطري</strong> ما هو إلا توسع في الجهاز القضائي وتحديثة<br />

عما كان عليه في السابق ‏.ومما يزيد من تطور هذا <strong>النظام</strong> القضائي عندما يتضمن مجلسا ً أعلى<br />

للقضاء يقوم على رعاية القضاء والقضاة بغية حسن سير العدالة،‏ وأكثر من ذلك عندما يرأسه<br />

قاضٍ‏ على مستوى معين من العمل القضائي ويتشكل من قضاة،‏ أفراد من السلطة القضائية.‏ بعيدا ً<br />

عن الخلط بين هذه السلطة الأخيرة وبين أعضاء من السلطة التنفيذية.‏<br />

ومع ذلك فإن ما يعيب هذا <strong>النظام</strong> القضائي في قطر انه يعد‏،‏ برأينا،‏ نظاما ً ناقصا ً،‏ غير كامل،‏ إذ<br />

إن ّه يفتقر إلى قضاء على درجة كبيرة من الأهمية ألا وهو القضاء الإداري.‏ فليس هناك ثمة جهة<br />

قضائية تستطيع إلغاء قرار إداري رفيع المستوى،‏ صادر عن السلطة التنفيذية على غرار ما<br />

يسمى بمجلس الدولة في <strong>النظام</strong> القضائي لدى الدول العربية الأخرى كسورية ومصر ولبنان.‏<br />

وغيرها من الدول الأجنبية كفرنسا.فضلا عن غياب المحكمة الدستورية العليا للبت في دستورية<br />

القوانين.‏<br />

وعلاوة على ذلك لم ينص المشرع <strong>القطري</strong> على الحالات التي ترتب المسؤولية المدنية للقاضي<br />

والموسومة بدعوى مخاصمة القضاة.‏ فالأنظمة القضائية لدى سائر الدول العربية الأخرى وكذلك<br />

الدول الأجنبية‎1‎‏،‏ تتضمن قوانين المرافعات فيها حالات يمكن إعلان المسؤولية المدنية للقاضي<br />

من خلالها كما لو وقع من القاضي غش أو تدليس أو غدر أو خطأ مهني جسيم،أو حالة إنكاره<br />

للعدالة.‏ فهذه الدعوى تستند إلى حق المتضرر بطلب التعويض عن الضرر فيما إذا اثبت هذا<br />

الضرر،في الوقت الذي أجاز المشرع <strong>القطري</strong> في قانون المرافعات المدنية والتجارية للقاضي رفع<br />

دعوى تعويض على طالب الرد.‏ وإذا كان الأمر على هذه الشاكلة أليس من العدل أن نعطي أيضا ً<br />

-<br />

-<br />

-<br />

103


أساسيات <strong>النظام</strong> القضائي <strong>القطري</strong> <strong>ماضيه</strong> <strong>وحاضره</strong><br />

-<br />

الحق ذاته إلى أطراف الدعوى فيما إذا صدر بحقهم حكم قضائي مبرم في غير محله القانوني.‏<br />

ونعتقد-من جانبنا-أن المشرع <strong>القطري</strong> قد عد‏،‏ على ما يبدو،‏ أن أعمال القاضي مقدسة<br />

ومعصومة عن الخطأ ولا يمكن المراجعة بشأنها.‏ لذلك نقترح على المشرع <strong>القطري</strong> التدخل<br />

والنص على دعوى المخاصمة وإجراءات رفعها وتحديد المحكمة المختصة فيها وفي هذا رفع من<br />

شأن <strong>النظام</strong> القضائي وليس الإقلال من قيمة القاضي،‏ لإن القاضي إنسان بشر ليس معصوما ً من<br />

الخطأ.‏<br />

وحيث قد وصلنا إلى إنهاء هذه الدراسة،‏ نأمل أن نكون قد وفقنا في إبراز أهم الأسس التي يقوم<br />

عليها <strong>النظام</strong> القضائي <strong>القطري</strong>،‏ مما يفيد القارئ غير <strong>القطري</strong> في الوقوف على فكرة عامة للنظام<br />

القضائي <strong>القطري</strong>،‏ وما يكتنفه من سلبيات عديدة،‏ والتي نتمنى بشأنها على المشرع <strong>القطري</strong>،‏ أن<br />

يسلك مسلكا ً موحدا ً وثابت ًا لغايات استقرار <strong>النظام</strong> القضائي وتأصيله،‏ مما يجعله قادر ًا على مواكبة<br />

تطور مجمل النظم القضائية العربية والأجنبية الأخرى.‏ هذا ولابد من الإشارة أخيرا ً إلى أننا<br />

وجدنا صعوبة كبيرة في إعداد هذه الدراسة،‏ والسبب هو غياب المصادر العلمية والبحوث<br />

القانونية التي تبرز الجذور التاريخية للقضاء في قطر،‏ ومرجعية <strong>النظام</strong> القضائي <strong>القطري</strong><br />

والتشريعات التي كان معمولا ً فيها في ذلك الوقت،‏ أو التي تبحث في <strong>النظام</strong> القضائي الحالي<br />

والمبادئ التي يقوم عليها.‏<br />

104


د-‏<br />

د-‏<br />

د-‏<br />

د-‏<br />

د-‏<br />

د-‏<br />

د-‏<br />

د-‏<br />

مجلة <strong>جامعة</strong> <strong>دمشق</strong> للعلوم الاقتصادية والقانونية–‏ المجلد 25- العدد الأول-‏‎2009‎<br />

محمد حاتم البيات<br />

أهم مراجع<br />

البحث<br />

‏-المستشار أنور طلبة:‏<br />

موسوعة المرافعات المدنية والتجارية،‏ الجزء الثاني والرابع،‏ القاهرة<br />

‏.أحمد الشلق:‏<br />

تاريخ قطر السياسي،مطابع الدوحة الحديثة،طبعة أولى،‏‎1999‎ .<br />

‏.أحمد مليجي<br />

.2001<br />

:<br />

الموسوعة الشاملة بقانون المرافعات<br />

‏-آراء الفقه والصيغ القانونية،‏ دار العدالة القاهرة<br />

.2002<br />

‏.أسامة روبي عبد العزيز<br />

:<br />

الوسيط في قانون المرافعات المدنية والتجارية،‏ الطبعة الأولى<br />

‏.أحمد خليل:‏<br />

. 2007<br />

أصول المحاكمات المدنية،‏ منشاة المعارف بالإسكندرية 1999.<br />

‏.أحمد حشيش:‏<br />

التنظيم القضائي:الطبعة الأولى،المكتبة القانونية الحديثة،‏ القاهرة . 2007<br />

‏.أحمد السيد صاوي:‏<br />

الوسيط في شرح قانون المرافعات المدنية والتجارية،‏ دار النهضة العربية<br />

‏.أحمد أبو الوفا:‏<br />

.1997<br />

. 1997<br />

شرح قانون المرافعات المدنية والتجارية<br />

،<br />

الطبعة الخامسة عشر القاهرة<br />

‏-أمينة مصطفى النمر<br />

:<br />

قوانين المرافعات،الكتاب الأول،مشاة المعارف بالإسكندرية<br />

.2003<br />

-<br />

د..إبراهيم النفياوي:‏<br />

.<br />

التعسف في التقاضي،الطبعة الأولى،‏ المكتبة القانونية القاهرة 2007<br />

: ‏.بدوي حنا<br />

محاكمات مدنية ‏–اجتهادات ‏–دراسات منشورات الحلبي الحقوقية بيروت لبنان<br />

. 1999<br />

105


د-‏<br />

د-‏<br />

د-‏<br />

د-‏<br />

د-‏<br />

د-‏<br />

أساسيات <strong>النظام</strong> القضائي <strong>القطري</strong> <strong>ماضيه</strong> <strong>وحاضره</strong><br />

‏.رزق االله انطاقي:‏<br />

أصول المحاكمات في المواد المدنية والتجارية مطبعة <strong>جامعة</strong> <strong>دمشق</strong><br />

- د.حيدر أحمد دفع االله :<br />

.2003<br />

أصول المرافعات المدنية والتجارية،الطبعة الأولى مكتبة المناعي،‏ الدوحة قطر،‏‎1997‎ .<br />

- صلاح الدين الناهي<br />

:<br />

النظرية العامة في الدعوى في المرافعات والأصول المدنية الطبعة الأولى<br />

‏-صلاح الدين سلحدار<br />

.1988<br />

:<br />

أصول المحاكمات المدنية منشورات <strong>جامعة</strong> حلب<br />

‏.ضياء شيت حطاب:‏<br />

.2004<br />

دراسات في قانون المرافعات العراقي،مطبعة بغداد،‏‎1999‎‏.‏<br />

: ‏.سعيد مبارك<br />

التنظيم القضائي أصول المحاكمات المدنية في التشريع الأردني<br />

‏.سوسن فهد الأعرج<br />

1996.<br />

:<br />

الموجز في قانون أصول المحاكمات المدنية دون طبعة.‏<br />

‏-د.فؤاد سعيد العابد:‏<br />

سياسية بريطانيا في الخليج،‏ ‎1914-1953‎ج.‏‎2‎ دون طبعة.‏<br />

‏.عبد العزيز المنصور:‏<br />

التطور السياسي لقطر ‎1946-1916‎‏،مطابع الدوحة دون طبعة.‏<br />

‏.علي عوض حسن:‏<br />

الدفع بعدم الاختصاص في المواد المدنية،‏ دار العدالة،‏ . 2005<br />

‏-مبارك بن خليفة العسيري:‏<br />

القاهرة<br />

محاضرة عن تاريخ القضاء في قطر،ألقيت في مركز الدراسات القانونية والقضائية في قطر تاريخ<br />

2002/1/7 ‏.غير منشورة.‏<br />

‏-محمد وعبد الوهاب العشماوي:‏<br />

106


د-‏<br />

د-‏<br />

د-‏<br />

د-‏<br />

مجلة <strong>جامعة</strong> <strong>دمشق</strong> للعلوم الاقتصادية والقانونية–‏ المجلد 25- العدد الأول-‏‎2009‎<br />

محمد حاتم البيات<br />

قواعد المرافعات في التشريع المصري،دار النهضة العربية.‏‎1975‎‏.‏<br />

‏-محمد رأفت عثمان:‏<br />

<strong>النظام</strong> القضائي في الفقه الإسلامي الطبعة السادسة<br />

‏.مفلح عواد القضاة :<br />

.2005<br />

المحاكمات المدنية والتنظيم القضائي،‏ دار الثقافة للنشر والتوزيع عمان الأردن،‏‎2004‎‏.‏<br />

‏.محمد سعيد عبد الصمد:‏<br />

نظرية الوضع الظاهر في قانون المرافعات،الطبعة الأولى،‏<br />

‏-المستشار محمود طهماز<br />

.2006<br />

:<br />

أصول المحاكمات في المواد المدنية والتجارية،‏ الجزء الأول<br />

‏.محمود التحيوي:‏<br />

. دون طبعة ،<br />

نظام القضاء المدني وفقا لقانون المرافعات وتعديلاته رقم<br />

1999. القاهرة<br />

23 لسنة 1992<br />

‏-محمد واصل<br />

:<br />

أصول المحاكمات المدنية،‏ منشورات <strong>جامعة</strong> <strong>دمشق</strong><br />

‏-هشام خالد:‏<br />

.2006<br />

مفهوم العمل القضائي في ضوء الفقه وأحكام المرافعات،‏ مؤسسة شباب ال<strong>جامعة</strong>،‏‎1990‎‏.‏<br />

‏.يوسف الزمان وعلي الخنجي:‏<br />

قانون المرافعات المدنية والتجارية رقم<br />

أهم القوانين<br />

‏-القانون المدني <strong>القطري</strong><br />

‏-قانون المحاكم العدلية رقم<br />

13 لسنة ،1990<br />

دار المنهل للطباعة،‏ القاهرة<br />

. 2005<br />

22 لسنة .2004<br />

13 لسنة .1971<br />

‏-قانون السلطة القضائية <strong>القطري</strong> رقم<br />

10 لسنة .2003<br />

‏-قانون المرافعات المدنية والتجارية <strong>القطري</strong> رقم<br />

13 لسنة<br />

‎1990‎‏.المعدل بالقانون رقم<br />

7 لسنة<br />

1995<br />

‏-قانون المحاماة <strong>القطري</strong> رقم<br />

23 لعام 2006<br />

107


تبا<br />

أساسيات <strong>النظام</strong> القضائي <strong>القطري</strong> <strong>ماضيه</strong> <strong>وحاضره</strong><br />

13 لسنة<br />

2005 بتعديل قانون المرافعات المدنية والتجارية<br />

والمتعلق بالاختصاص القيمي والوظيفي للمحاكم <strong>القطري</strong>ة.‏<br />

‏-القانون رقم<br />

‏-القانون<br />

‏-القانون رقم<br />

‏-القانون رقم<br />

13 لسنة 1990 المعدل<br />

12 لسنة<br />

7 لعام<br />

6 لعام<br />

2005 بشان حالات وإجراءات الطعن بالتمييز في غير المواد الجنائية.‏<br />

2007 بشأن الفصل في المنازعات الإدارية.‏<br />

2007 بشأن الفصل في المنازعات الدستورية.‏<br />

‏-مجموعة قوانين قطر،المجلد السادس،ص.‏‎2998-2995‎ بخصوص نصوص القانون<br />

4 تاريخ<br />

1962/3/19<br />

‏-المذكرة التفسيرية للقانون رقم<br />

1 لسنة<br />

1963 والخاص بتعديل القوانين‎4-3‎ لسنة<br />

،1962<br />

المتعلقين بقانون العمل وقانون إنشاء محكمة العمل،‏ مجموعة قوانين قطر،المجلد السابع،ص.‏‎1303‎‏.‏<br />

‏-اتفاقية الرياض للتعاون القضائي ومعاهدة تنفيذ الأحكام والإنابات القضائية<br />

التعاون الخليجي)‏ منشورات الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي<br />

‏(الخاصة بدول مجلس<br />

.2002<br />

‏-اتفاقية الرياض للتعاون القضائي ومعاهدة تنفيذ الأحكام والإنا<br />

القضائية ‏(المتعلقة بدول مجلس<br />

التعاون الخليجي والدول العربية الأخرى من خارج المجلس)‏ منشورات الأمانة العامة لمجلس التعاون<br />

الخليجي<br />

.2002<br />

.<br />

تاريخ ورود البحث إلى مجلة <strong>جامعة</strong> <strong>دمشق</strong><br />

.2007/7/11<br />

108

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!