أساسيات النظام القضائي القطري ماضيه وحاضره - جامعة دمشق
أساسيات النظام القضائي القطري ماضيه وحاضره - جامعة دمشق
أساسيات النظام القضائي القطري ماضيه وحاضره - جامعة دمشق
- No tags were found...
You also want an ePaper? Increase the reach of your titles
YUMPU automatically turns print PDFs into web optimized ePapers that Google loves.
مجلة <strong>جامعة</strong> <strong>دمشق</strong> للعلوم الاقتصادية والقانونية– المجلد 25- العدد الأول-2009<br />
محمد حاتم البيات<br />
أساسيات <strong>النظام</strong> القضائي <strong>القطري</strong><br />
<strong>ماضيه</strong> <strong>وحاضره</strong><br />
الدكتور<br />
محمد حاتم البيات<br />
كلية القانون<br />
<strong>جامعة</strong> قطر<br />
قطر<br />
الملخص<br />
يهدف البحث إلى إبراز الملامح العامة والأساسية للنظام القضائي <strong>القطري</strong> منذ بداياته مع فجر<br />
الاستقلال ولغاية آخر تعديل طرأ عليه في عام2007.كما ويعرض البحث المراحل التشريعية التي<br />
خضع لها هذا <strong>النظام</strong> القضائي من حيث البحث في القوانين المتعاقبة الصادرة في هذا الشأن<br />
وتعليقنا عليها وتحديد موقفنا منها، مبينين التطور الملحوظ والحثيث على صعيد تحديد مسائل<br />
التنظيم القضائي <strong>القطري</strong>، وذلك من خلال الإجابة عن عدة تساؤلات تتعلق بهذا <strong>النظام</strong> أهمها:<br />
هل <strong>النظام</strong> القضائي <strong>القطري</strong> يقوم على أساس إسلامي أم من أصل لاتيني؟ وهل تطبق الجهات<br />
القضائية <strong>القطري</strong>ة في بيئة القضاء المدني أحكام الشريعة الإسلامية أم أحكام القوانين الوضعية؟<br />
57
أساسيات <strong>النظام</strong> القضائي <strong>القطري</strong> <strong>ماضيه</strong> <strong>وحاضره</strong><br />
المقدمة<br />
أولا ً:<br />
التعريف بموضوع البحث:<br />
إن تحديث القوانين في الوقت الراهن يشكل الركيزة الأساسية في التطور الاقتصادي والاجتماعي<br />
والسياسي للدولة الحديثة، والتي تسعى بشكل دؤوب إلى تطوير وتحديث المسائل القانونية ولاسيما<br />
مسائل التنظيم القضائي. في الواقع، أهم القطاعات في الدولة هو قطاع القضاء، إذ يعد صمام الأمان<br />
في المجتمع لأنه لا يقل أهمية عن قطاع الدفاع والتعليم والصحة. وما من شك في أن وجود القضاء<br />
في المجتمع الإنساني المتحضر يشكل الحماية القانونية لمصالح أفراد هذا المجتمع ويعد أيضا ً وسيلة<br />
ناجعة لإقامة العدالة بين الناس. فالقضاء يحمي الحقوق المصانة بالدستور أو القانون، ويبعد تسلط<br />
وتعدي الأفراد على بعضهم<br />
بعضا ً، ولاشك أن ّه يشكل الدعامة الأساسية التي تهدف إلى إحقاق الحق<br />
ونشر العدل، وما العدل إلا مقصد من مقاصد الشريعة الإسلامية الغراء، حيث يقول سبحانه وتعالى<br />
في كتابه العزيز:<br />
(1)<br />
"لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط"..."<br />
في دولة قطر نتلمس اليوم تطورا ً ملحوظ ًا وحثيث ًا على صعيد تحديث مسائل <strong>النظام</strong> القضائي، إذ إن<br />
التطور في مختلف أنشطة الحياة يقتضي جعله عصريا ً وأكثر مرونة بما ينسجم وتطور الحياة<br />
الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي تشهدها البلاد.<br />
إن القضاء في دولة قطر شأنه شأن بقية الدول العربية التي تجعل من العمل القضائي عملا عاما تقوم<br />
الدولة على تنظيمه وممارسته. ودراستنا للتنظيم القضائي <strong>القطري</strong> تقتضي معالجة <strong>النظام</strong> القانوني<br />
المعمول فيه، وكذلك <strong>النظام</strong> القضائي. سنعالج في بحثنا ما نص عليه المشرع <strong>القطري</strong> من أحكام<br />
جديدة<br />
سواء، في قانون السلطة القضائية الجديد لجهة القضاء والقضاة، أم في القوانين الجديدة<br />
المتعاقبة والمعدلة لقوانين المرافعات لناحية هيكلية المحاكم والإجراءات المعمول فيها أمام تلك<br />
المحاكم، كالقوانين <strong>القطري</strong>ة 12 و13 لسنة 2005.هذه القوانين سهلت من إجراءات التقاضي وأنشأت<br />
مرافق قضائية جديدة لم تكن موجودة من قبل، والتي وضعت أسسا ً لهذا <strong>النظام</strong> القضائي الحديث يقوم<br />
على مبادئ عامة في الإجراءات والأصول والقواعد المتعارف عليها، المستقرة في التشريعات<br />
المختلفة العربية والأجنبية، والتي تهدف إلى حسن سير القضاء، واستتباب الأمن والطمأنينة في<br />
المجتمع <strong>القطري</strong>. ولا تفوتنا الإشارة في هذا الموضع إلى أن المشرع <strong>القطري</strong>،في <strong>النظام</strong> القضائي<br />
1<br />
-سورة الحديد الآية رقم<br />
.25<br />
58
مجلة <strong>جامعة</strong> <strong>دمشق</strong> للعلوم الاقتصادية والقانونية– المجلد 25- العدد الأول-2009<br />
محمد حاتم البيات<br />
الذي اعتمده تأثر كثير ًا بالمشرع المصري والسوري وما قضيا به من قوانين تتعلق بالقضاء<br />
والقضاة، وغيرها.<br />
وما من شك في أن تحديث قانون المرافعات المدنية والتجارية في الدولة، وكذلك المصادر المكملة<br />
له إنما يشكل مظهرا ً من مظاهر الحضارة في الدولة، إذ عن طريقه يكتمل التنظيم في المجتمع،<br />
علاوة على أن ّه يوسم بقانون ضمان الحق، حيث لا قيمة تذكر لأي حق قانوني إذا لم تكن هناك<br />
ضوابط فعالة من أجل حمايته<br />
.<br />
ونحن في دراستنا سنعير هذا القانون الاهتمام الكبير كونه يشكل القواعد العامة في إجراءات<br />
التقاضي، إلى جانب قانون السلطة القضائية الجديد، والذي بنى الهرم القضائي الجديد في دولة قطر<br />
وكل ما يتعلق بشؤونه وشؤون القضاة أيضا ً-أفراد السلطة القضائية-. وإذا كانت مهمة تحقيق<br />
العدالة بين أفراد المجتمع ومؤسساته هي، كما ذكر، من غايات الدولة فهي من أسمى غاياتها. وإذا<br />
كانت القوانين المختلفة الأغراض والاختصاصات في سبيل العدالة، فإن قانون المرافعات وما يتضمنه<br />
من أحكام هو ميزان العدالة الدقيق، إذ إن في ثنايا مواده يكمن التوزيع الدقيق للاختصاصات<br />
والإجراءات والمواعيد، وكذلك الحقوق الإجرائية التي تحقق المساواة بين الأطراف المتنازعة من<br />
جهة، وبينهم وبين دواوين المحاكم ودوائرها وكتبتها والسادة القضاة من جهة أخرى. فهو، بحق،<br />
الأساس القانوني المعتمد لدى القضاء المدني، والذي من خلاله ندرس ونقف على أوجه <strong>النظام</strong><br />
القضائي <strong>القطري</strong>، والذي يشكل المحور الأساسي لدراستنا.<br />
فالقضاء عماد الدولة ووظيفتها الأساسية نحو الأفراد ومن دونه لا يشعر هؤلاء الأفراد بالثقة والأمن<br />
والطمأنينة الأمر الذي اقتضى من المشرع <strong>القطري</strong> مراجعة دائمة وتقييم ًا مستمرا ً للتشريعات<br />
المختلفة في دولة قطر.<br />
ثاني ًا: فكرة البحث:<br />
تكمن هذه الدراسة في تسليط الضوء على <strong>النظام</strong> القضائي في قطر لما لها من تأثير كبير في ترسيخ<br />
القواعد والإجراءات التي يقوم عليها <strong>النظام</strong> القضائي <strong>القطري</strong>. فقد خضع هذا <strong>النظام</strong> لعدة تعديلات<br />
إلى أن وصل إلى ما هو عليه الآن. فبعد أن كان القضاء عبارة عن مجرد لجان وطنية محلية<br />
وأجنبية ومشتركة من أجانب وقطريين أصبح يتبلور <strong>النظام</strong> القضائي شيئ ًا فشيئ ًا على شكل هيئات<br />
قضائية. وهذه الدراسة تبحث في التطور التاريخي للنظام القضائي في قطر. ومن –جانبنا-لم نعثر<br />
على دراسة قانونية تفصيلية للنظام القضائي <strong>القطري</strong>، الأمر الذي اقتضى منا الوقوف على هذه<br />
المسالة وإعداد هذا البحث المتواضع .<br />
59
أساسيات <strong>النظام</strong> القضائي <strong>القطري</strong> <strong>ماضيه</strong> <strong>وحاضره</strong><br />
ثاني ًا:<br />
إشكالية البحث:<br />
تتحدد إشكالية البحث أولا ً في إبراز أهم الملامح العامة للنظام القضائي <strong>القطري</strong> منذ بداياته التقليدية<br />
وحتى فجر الاستقلال. وثاني ًا في استعراض أهم المبادئ العامة التي يقوم عليها <strong>النظام</strong> القضائي<br />
<strong>القطري</strong> الحالي.<br />
كما تقتضي الدراسة محاولة الإجابة عن التساؤلات الآتية:<br />
هل <strong>النظام</strong> القضائي <strong>القطري</strong> يقوم على أساس إسلامي أم من أصل لاتيني؟ وهل تطبق الجهات<br />
القضائية في قطر أحكام الشريعة الإسلامية أم أحكام القوانين الوضعية؟<br />
ما هو مجال إعمال مبدأ الفصل بين السلطات... وهل السلطة القضائية مستقلة عن السلطة التنفيذية<br />
في القيام بأعمالها؟ ومن هم أعضاء المجلس الأعلى للقضاء في قطر وما اختصاصاته؟<br />
وأخيرا ً هل <strong>النظام</strong> القضائي <strong>القطري</strong> نظام متكامل ومتنوع ؟<br />
أمام هذه التساؤلات ومن خلال الإجابة عنها، لابد لنا من أن نوجه النقد إلى ما هو قائم، ومن ثم<br />
اقتراح التعديلات التي يمكن أن تسهم في تطوير <strong>النظام</strong> القضائي <strong>القطري</strong>.<br />
ثالث ًا: خطة الدراسة:<br />
تقتضي هذه، الدراسة أن يقسم البحث إلى فصلين: الفصل الأول: ونطلق عليه نشوء نواة لنظام<br />
قضائي جزئي، ونتناول فيه التطور التاريخي للقضاء في قطر، حيث نعالج بدايات القضاء في قطر<br />
وأسسه وأهميته وما خضع إليه من تطور عبر الزمن من خلال البحث في الجذور التاريخية للقضاء<br />
<strong>القطري</strong> منذ بداياته البسيطة، قبل اكتشاف البترول وبعده وحتى مرحلة ما قبل الاستقلال في عام<br />
.1971<br />
(المبحث الأول). ثم نتطرق إلى معالجة واقع القضاء في قطر مع بدايات الاستقلال وظهور<br />
الدولة وبسط سيادتها على قوانينها وانتقال السلطة القضائية فيها من القضاة البريطانيين إلى المحاكم<br />
الوطنية في مرحلة ما بعد الاستقلال (المبحث الثاني).<br />
أما الفصل الثاني فقد خصص لتحديث <strong>النظام</strong> القضائي، وهو الأهم في دراستنا، و سيتركز البحث فيه<br />
على محتوى <strong>النظام</strong> القضائي <strong>القطري</strong> الحالي وأسسه ومقوماته ومصادره بعد التعديلات الجارية عليه،<br />
والتي حملت في طياتها معالم تحديثه وتطويره (المبحث الأول). ثم نتطرق إلى المبادئ التي يقوم<br />
عليها هذا <strong>النظام</strong>، سواء المبادئ العامة والتي تتفق وغالبية النظم القضائية العربية والأجنبية، أو<br />
المبادئ الخاصة، والتي تميز هذا <strong>النظام</strong> عن غيره من النظم، (المبحث الثاني)، وأخير ًا نتناول<br />
60
مجلة <strong>جامعة</strong> <strong>دمشق</strong> للعلوم الاقتصادية والقانونية– المجلد 25- العدد الأول-2009<br />
محمد حاتم البيات<br />
باختصار أهم الجهات القضائية المحدثة وفق قانون السلطة القضائية الجديد والقوانين المكملة له<br />
(المبحث الثالث).<br />
الفصل الأول<br />
نشوء نواة نظام قضائي:<br />
الإنسان كائن حي واجتماعي بطبعه وحياته، ولا تستقيم حياته إلا إذا عاش في جماعة بعيدا عن<br />
الانعزالية. والعيش المشترك في ظل الجماعة لابد أن يحدث كثير ًا من الخلافات والنزاعات نظر ًا<br />
لتعارض المصالح والرغبات وحب السيطرة والاستيلاء على حقوق الغير. الأمر الذي يقتضي وجود<br />
قضاء لحسم أي نزاع ولرفع ظلم الناس بعضهم عن بعض ويؤدي الحقوق إلى أصحابها لأن طبائع<br />
البشر جبلت على التظالم، فلابد من سلطة قضائية تمنع المظالم وتقطع المنازعات وتحقق العدل.من<br />
هنا، عموم ًا، أوجبت الشريعة الإسلامية الغراء وجود القضاء في المجتمع.<br />
ولما كانت القبائل <strong>القطري</strong>ة بطبيعتها ذات بيئة عربية إسلامية، فإن أول ما احتاجته تلك القبائل هو<br />
الفصل بالنزاعات حول المسائل الشرعية، وكان الفصل فيها يستند إلى مرجعية الشريعة الإسلامية.<br />
وفي دراستنا في هذا الفصل نبين الجذور التاريخية للقضاء في قطر في مرحلة ما قبل الاستقلال<br />
(المبحث الأول). ثم ندرس فيما بعد واقع القضاء، آنذاك، وتنوعه في قطر مع فجر الاستقلال<br />
(المبحث الثاني).<br />
المبحث الأول<br />
أساس القضاء في قطر في مرحلة ما قبل الاستقلال:<br />
ما من شك في أن الدولة العثمانية كانت تهيمن على قطر كغيرها من البلاد العربية الأخرى.ففي عهد<br />
الدولة العثمانية كان هناك ما يدعى بالسلطان والذي كان يمارس القضاء بين الناس .واستمر هذا<br />
النفوذ العثماني في الخليج والجزيرة العربية دون توقف. وبعد مرور حقبة من الزمن بدأ يضعف ذلك<br />
النفوذ العثماني شيئ ًا فشيئ ًا، وفي المقابل كان يزداد النشاط البريطاني لتطويق الوجود العثماني في<br />
الخليج توطئة للتخلص منه نهائي ًا. وخلال عامي 1912-1911 كانت حروب البلقان قد أضعفت من<br />
نفوذ الدولة العثمانية، الأمر الذي دعا الأتراك إلى اللجوء إلى طاولة المفاوضات مع بريطانيا لإنهاء<br />
المشاكل المعلقة بين الدولتين في الخليج. إثر هذه المفاوضات تم الاتفاق على تحديد مناطق النفوذ<br />
61
أساسيات <strong>النظام</strong> القضائي <strong>القطري</strong> <strong>ماضيه</strong> <strong>وحاضره</strong><br />
العثماني وفق مشروع ميثاق أنجلو-تركي وقعه آنذاك وزراء خارجية تركيا وبريطانيا عام<br />
( 1)<br />
1913<br />
إلا أن هذا الميثاق لم يكتب له النور إذ إن الحرب العالمية الأولى حالت دون وضعه موضع التنفيذ،<br />
لأن بريطانيا انتصرت على الأتراك فيها. ومع انتهاء النفوذ العثماني أدى إلى ذلك ظهور النفوذ<br />
(2)<br />
البريطاني وأصبحت السيادة للبريطانيين ليس على قطر وحدها وإنما على منطقة الخليج بأكملها .<br />
وفي تلك المرحلة يدق التمييز بين حالتين اثنتين: الأولى حول بدايات القضاء في قطر في مرحلة<br />
المجتمع البسيط وقبل اكتشاف البترول(المطلب الأول). أما الثانية فتبحث في تطور الحياة في قطر<br />
وظهور القضاء النوعي مع اكتشاف البترول (المطلب الثاني).<br />
المطلب الأول<br />
في مرحلة المجتمع البسيط و قبل اكتشاف البترول:<br />
بدأ البريطانيون يتوافدون إلى قطر شيئ ًا فشيئ ًا فأدى ذلك إلى ازدياد العلاقات الاقتصادية وغيرها بين<br />
البريطانيون أنفسهم وبينهم وبين رعايا دول أجنبية أخرى في قطر فنجم عن ذلك نزاعات فيما بينهم.<br />
والجدير بالذكر أن تلك العلاقات كانت تخضع لنظام خاص استناد ًا إلى المعاهدة المبرمة بين الشيخ<br />
عبد االله بن جاسم آل ثاني وبين الحكومة البريطانية عام<br />
،1935<br />
والخصومات الناشئة عن هذه<br />
العلاقات كان يتم الفصل فيها بواسطة المعتمد البريطاني أو من ينوب عنه. وهذا يدل على غياب<br />
جهاز قضائي قطري يفصل بين النزاعات بين الأجانب في قطر. وعلى فرض كانت الخصومة مشتركة<br />
بين طرف أجنبي وطرف قطري، أو بين طرف أجنبي وطرف غير قطري مسلم مقيم في قطر فالفصل<br />
في هذه الخصومة كان يعود إلى محكمة مشتركة مشكلة من شيوخ قطر أو من ممثلين عنهم ومن<br />
(3)<br />
المعتمد البريطاني أو ممثل عنه .<br />
وفي هذه المرحلة كان الغوص على اللؤلؤ والتجارة فيه أمرا ً بالغ الأهمية في حياة أهل قطر،حيث<br />
كان الصغير والكبير يعمل من أجل شيء واحد وهو اللؤلؤ، وعليه كانت تقوم الحياة الاقتصادية والتي<br />
كانت تشكل الأساس الذي يقوم عليه البناء الاجتماعي والسياسي بأكمله، نظرا ً لأن البترول لم يكتشف<br />
بعد في قطر. ثم إن مهنة الغوص وحياة البحر كان يحكمها عرف يلتزم به <strong>القطري</strong>ون ويقوم فيما<br />
بينهم مقام القانون. أما النزاعات الناشئة بهذا الخصوص فكان لها قضاء خاص يفصل بها.<br />
1-أحمد الشلق، تاريخ قطر السياسي، مطابع الدوحة الحديثة، طبعة أولى،<br />
1999، ص.62.<br />
2-فؤاد سعيد العايد، سياسية بريطانيا في الخليج ، 1914-1953ج.2، ص.255ومابعد.<br />
3مبارك بن خليفة العسيري، محاضرة عن تاريخ القضاء في قطر، ألقيت في مركز الدراسات القانونية والقضائية في قطر تاريخ<br />
2002/1/7.منشورات المجلس الأعلى للقضاء<br />
، 2004 ص.2<br />
62
مجلة <strong>جامعة</strong> <strong>دمشق</strong> للعلوم الاقتصادية والقانونية– المجلد 25- العدد الأول-2009<br />
محمد حاتم البيات<br />
وعلى ضوء ذلك، يلاحظ أن ّه كان يوجد في قطر في هذه المرحلة، نوعان من القضاء بخصوص<br />
<strong>القطري</strong>ين، إن صح التعبير: الأول كان يدعى بالقضاء العرفي، في حين يدعى الآخر بالقضاء<br />
الشرعي. وهذان النوعان من القضاء كانت لهما أهمية كبيرة في حياة <strong>القطري</strong>ين سواء لجهة المسائل<br />
(1)<br />
الشرعية أم لجهة شؤون الغوص على اللؤلؤ .<br />
ويذكر بأن المنازعات الناشئة بين <strong>القطري</strong>ين، مهما كانت طبيعتها، كانت ترفع مباشرة إلى الحاكم في<br />
قطر. ونحن نعتقد أن الحاكم حينذاك يعد بمنزلة قاضي إحالة وقاضي تنفيذ وفق المفهوم المعاصر<br />
وهو يجمع هاتين الصفتين بآنٍ معا ً: قاضي إحالة عندما يقوم بإحالة النزاع المرفوع أمامه إلى<br />
القضاء الشرعي، إذا كان يتعلق بمسألة من مسائل الأحوال الشخصية، أو إلى القضاء العرفي (أهل<br />
السالفة)، إذا كان يتعلق بنزاع حول شؤون الغوص على اللؤلؤ. ونذكر من القضاة الشرعيين<br />
المختصين بالفصل في الخصومات الناشئة في المسائل الشرعية ابن مانع وابن محمود. أما القضاء<br />
العرفي فقد كان يشغله أهل السالفة، وهؤلاء من كبار رجال قطر العارفين بمسائل الغوص وتجارة<br />
(2)<br />
اللؤلؤ، أمثال شاهين العسيري وخليفة الهتمي .<br />
وهذا الحاكم يعد في الوقت نفسه –من وجهة نظرنا-بمنزلة قاضي تنفيذ، وفق النظم القضائية<br />
الحديثة، لأنه كان يقوم على تنفيذ القرارات التي يتوصل إليها أهل السالفة أو القضاة الشرعيون في<br />
جميع المسائل التي تعرض عليهم من قبله. ونقصد من وراء استخدام مصطلح<br />
التنفيذ في هذا<br />
الموضع هو أمر الحاكم بتنفيذ ما توصل إليه هؤلاء القضاة، أما متابعة هذا التنفيذ فقد كان<br />
يتم،بالطبع، بواسطة تابعي الحاكم.<br />
المطلب الثاني<br />
بعد تطور المجتمع <strong>القطري</strong><br />
نتيجة اكتشاف البترول:<br />
أولا ً: الحاجة إلى القضاء:<br />
بدأت في هذه المرحلة مسألة الغوص على اللؤلؤ والتجارة فيه تتضاءل شيئ ًا فشيئ ًا ويعود السبب<br />
الأساسي في ذلك إلى اكتشاف البترول وما ترتب عليه من تطور فعلي في جميع نواحي الحياة<br />
ولاسيما الاجتماعية والاقتصادية منها<br />
.<br />
1<br />
د..عبد العزيز المنصور، التطور السياسي لقطر، مطابع الدوحة، دون طبعة، ص.113 ومابعد.<br />
2-مبارك بن خليفة العسيري، المرجع السابق، ص.2.<br />
63
أساسيات <strong>النظام</strong> القضائي <strong>القطري</strong> <strong>ماضيه</strong> <strong>وحاضره</strong><br />
وهذا التطور في المجتمع وظهور البترول أدى بدوره أيضا ً إلى تطور جهاز الدولة الإداري وأصبح<br />
مكتب الحاكم يضم إدارات رئيسية أربعا ً تختص بالشؤون القانونية والمالية والإدارية وشؤون<br />
البترول. إن اكتشاف البترول أدى إلى تقلص دور البريطانيين في الجهاز الحكومي للدولة. وخير دليل<br />
على ذلك تشكيل هذه الإدارات الأربع التابعة لمكتب الحاكم. ويذكر أيضا ً أن دور البريطانيين تقلص<br />
في عهد الشيخ على بن عبد االله آل ثاني. فلم يعد يوجد في مكتب الحاكم بريطاني واحد. ثم إن إدارة<br />
المعارف مديرها عربي، وأن الإدارات الأخرى في مجال الزراعة والتدريب المهني والفني والشؤون<br />
الاجتماعية والجمارك والخدمات الطبية والصحة العامة، أصبح مديروها جميعا من الشخصيات<br />
(1)<br />
<strong>القطري</strong>ة والعربية على قدم الوثاق .<br />
ثاني ًا:<br />
تنوع القضاء:<br />
أدى تطور الجهاز الإداري في قطر إلى نشوء نواة لنظام قضائي. الأمر الذي نجم عنه اختفاء<br />
للقضاء العرفي، إلا ّ أن ّه بقي العمل جاريا ً بالقضاء الشرعي. حيث تأسست في قطر أول محكمة شرعية<br />
عام 1928 وانتهى عهد الأحكام الشفوية، بل أصبحت النزاعات الشرعية تتخذ شكل الدعاوى<br />
الشرعية المسجلة حسب الأصول. كذلك الأمر،الأحكام الصادرة فيها أضحت تسجل في سجلات<br />
رسمية. ومع تطور أجهزة الحكم والإدارة وازدياد العمران البشري وازدياد الأجانب من العرب<br />
المسلمين أدى ذلك إلى نشوء رئاسة للمحاكم الشرعية يرأسها قاضي القضاة 2.وإلى جانب القضاء<br />
الشرعي وتطوره بقيت محكمة المعتمد البريطاني صاحبة الولاية بنظر قضايا الرعايا البريطانيين<br />
وكذلك رعايا الدول الأجنبية الأخرى من غير المسلمين، العاملين في قطر، والتي ازدادت شيئ ًا فشيئ ًا<br />
بسبب البترول. ومع اختفاء القضاء العرفي الخاص بشؤون الغوص ظهر ما يسمى بالمحكمة العدلية<br />
للفصل في مسائل غير شرعية. هذه المحكمة تتولى الفصل، على وجه العموم، بالنزاعات كل ّها التي<br />
تخرج عن اختصاص القضاء الشرعي. وكان يتولى القضاء في هذه المحكمة العدلية حاكم قطر ونائبه<br />
(3)<br />
في ذلك الوقت . وهذا يعني أن الحاكم ونائبه هم أصحاب الولاية في الفصل في الخصومات الناشئة<br />
بين الأفراد.ومما لاشك فيه أن الفصل الحقيقي في النزاع لا يكون بشكل مباشر من الحاكم أو نائبه<br />
وإنما من قبل تابعين لهم يعملون لدى مكتب كل منهما، ممن تتوافر فيهم الخبرة والاختصاص<br />
.والمؤلفات التي تتحدث عن التاريخ <strong>القطري</strong> تشير، كما ذكر، إلى أن مكتب الحاكم كان يضم عدة<br />
1-أحمد الشلق، المرجع السابق، ص120.<br />
2أحمد الشلق،<br />
المرجع السابق، ص121.<br />
3-الشيخ احمد بن علي (الحاكم) والشيخ خليفة بن حمد (نائب الحاكم).<br />
64
مجلة <strong>جامعة</strong> <strong>دمشق</strong> للعلوم الاقتصادية والقانونية– المجلد 25- العدد الأول-2009<br />
محمد حاتم البيات<br />
(1)<br />
إدارات رئيسية تختص بالشؤون القانونية والمالية والإدارية والبترول . ونستطيع القول: إن القضاء<br />
العرفي سابقا ً (قضاء السالفة) والقضاء الشرعي، وقضاء المحكمة العدلية لاحقا ً، جميع هذه الجهات<br />
القضائية، كانت تتصف بالقضاء الوطني لأنها كانت تفصل في النزاعات الداخلية الناشئة بين<br />
<strong>القطري</strong>ين. دون غيرهم. أما بالنسبة للنزاعات التي كانت تنشأ بين عدة أطراف، قطريين وغير<br />
قطريين من دول أخرى إسلامية أو غير إسلامية لا توسم بأنها نزاع داخلي، ومن ثم لم تكن تخضع<br />
لولاية القضاء الوطني المتجسد في المحكمة العدلية، بل على العكس كانت تعد نزاعات مشتركة<br />
تخضع لصلاحية المحكمة المشتركة، والتي كانت تؤلف من ثلاثة أشخاص: الحاكم، ونائبه، والمعتمد<br />
البريطاني أو ممثل عنه. وأول مكان خصص لعقد جلسات المحكمة الشرعية أو العدلية أو المشتركة<br />
كان في قلعة (الكوت) وسط الدوحة، العاصمة <strong>القطري</strong>ة. أما فيما بعد فقد انتقلت هذه المحاكم إلى مبنى<br />
خاص سمي بمبنى المحاكم الشرعية والعدلية.<br />
ومما تجب الإشارة إليه في هذا الموضع أنه إن كان النزاع يضم أطرافا ً متنازعة من الرعايا<br />
البريطانيين أو من هؤلاء وأطراف آخرين من دول أجنبية غير مسلمة أو العكس فقد كان يتم الفصل<br />
فيه من قبل محكمة المعتمد البريطاني. وكانت جلسات هذه المحكمة تعقد في دار القنصلية البريطانية<br />
(2)<br />
في الدوحة برئاسة قاضٍ بريطاني يحضر من خارج قطر .<br />
ثالث ًا: التوسع في مفهوم القضاء:<br />
نلاحظ مما تقدم أن القضايا التي يكون أطرافها أجانب من غير المسلمين كان يتم الفصل فيها من قبل<br />
محكمة مؤلفة من قاض واحد (قضاء الفرد). أما النزاعات الأخرى فقد كانت تعرض على محاكم<br />
مؤلفة من ثلاثة قضاة (قضاء الجماعة)، كالمحاكم الشرعية والعدلية والمشتركة<br />
.<br />
ومع ذلك لم يكن يقتصر التشكيل القضائي حينذاك على هذا الحد لأن تدفق العمال إلى قطر وازدياد<br />
العمالة فيها أدى إلى صدور القانون<br />
4 لسنة<br />
1963 الخاص بإنشاء محكمة للعمل إذ إن الحاجة لها<br />
أضحت ضرورية، لأنها كانت تختص بالنظر وبصفة نهائية في جميع الدعاوى المتعلقة بتطبيق أحكام<br />
قانون العمل رقم<br />
3 لسنة ،1963<br />
(3)<br />
والذي اقتضى صدوره إنشاء محكمة العمل . وهذا القانون كان<br />
يعد الرائد بشأن تنظيم العمل والعمال وتحديد العلاقة بين العمال وأرباب العمل، مع بيان حقوق<br />
1-عبد العزيز المنصور،<br />
أحمد الشلق،<br />
التطور السياسي لقطر<br />
،1946-1916<br />
2<br />
المرجع السابق،<br />
ا- نظر بالتفصيل هذا الموضوع،<br />
3-مجموعة قوانين قطر،<br />
ص.120<br />
المجاد السادس،<br />
مبارك العسيري،<br />
ص.<br />
المرجع السابق، ص.7.<br />
2998-2995<br />
مطابع الدوحة دون طبعة،<br />
بخصوص نصوص القانون<br />
ص.8 وما بعد. انظر أيضا ً،<br />
4 تاريخ .1962/3/19<br />
65
أساسيات <strong>النظام</strong> القضائي <strong>القطري</strong> <strong>ماضيه</strong> <strong>وحاضره</strong><br />
وواجبات كل منهما. كذلك الأمر وعلى إثر صدور قانون العمل وإنشاء محكمة العمل صدر أيضا<br />
القانون رقم<br />
5 لسنة ،1963<br />
والذي ينظم المرافعات وإجراءات التقاضي أمام محكمة العمل. ويبدو أن<br />
قطر كانت الدولة الثانية بعد مصر التي أنشأت قضاء عمالي ًا متخصص ًا، ثم تبعتها فيما بعد بقية الدول<br />
العربية الأخرى. وقانون العمل رقم<br />
3 لسنة<br />
إلى أن وصل إلى صيغته النهائية في ظل قانون العمل الحالي رقم<br />
حالي ًا في دولة قطر.<br />
1962 خضع إلى عدة تعديلات جذرية وبمراحل متعاقبة<br />
14 لسنة ،2004<br />
الساري المفعول<br />
ومع ظهور هذه القوانين الخاصة بالعمل ومحكمة العمل والإجراءات المتبعة أمامها ظهرت الحاجة<br />
إلى التوسع في مفهوم القضاء. وقد تجلى ذلك من خلال إحداث قضاء مدني وقضاء جنائي،يتمتع<br />
بصلاحيات أوسع من صلاحيات محكمة العمل.<br />
(1)<br />
الأمر الذي أدى إلى إنشاء محاكم مدنية وجزائية.<br />
وفي عام 1968 أنشئت في قطر محكمة خاصة للنظر في جرائم المرور، وكانت الجهة القضائية<br />
الوحيدة المختصة بنظر جرائم المرور الناشئة عن حوادث المركبات<br />
.<br />
وبعد إحداث بلدية قطر، نتيجة التوسع العمراني، استحدثت محكمة لشؤون بلدية قطر في عام<br />
1969<br />
تختص بالنظر في مخالفات البناء ومراقبة المواد التموينية وكل ما يتعلق بأمور تنظيمية تكون من<br />
مهام البلدية .إلا أن هذه المحكمة لم تر النور كثير ًا لأنها ألغيت بعد مرور سنة على إنشائها بمفعول<br />
القانون رقم<br />
12 تاريخ<br />
/1970/5 26 الخاص بإنشاء محكمة قطر الجزائية. إذ كانت تختص في نظر<br />
الدعاوى الجزائية بخصوص الجرائم التي تقررها القوانين المدرجة بجدول ملحق في القانون ذاته<br />
الذي أنشأ هذه المحكمة.<br />
أما بالنسبة لمحكمة المعتمد البريطاني التي كانت تعقد جلساتها في دار القنصلية في الدوحة<br />
بخصوص النزاعات القائمة بين البريطانيين وغيرهم من رعايا دول أجنبية غير مسلمة، المقيمين<br />
على أرض قطر لم تعد مقبولة من قبل الحكومة <strong>القطري</strong>ة. إذ كان لابد من أن تستكمل الدولة سيادتها<br />
على جميع رعاياها، المقيمين على أرضها، بأن تقوم بالسعي الحثيث لإنهاء هذه الهيمنة البريطانية<br />
لهذا الجانب المهم من السلطات القضائية في قطر.<br />
وتحقيقا لذلك جرى اتفاق بين الحكومتين <strong>القطري</strong>ة والبريطانية بهدف إنهاء الممارسة البريطانية<br />
لبعض السلطات القضائية في قطر. وكان قد صدر، قبل استقلال قطر بنحو أسبوع قانونان<br />
18-13<br />
1-المذكرة التفسيرية للقانون رقم<br />
1 لسنة<br />
إنشاء محكمة العمل ، مجموعة قوانين قطر، المجلد السابع، ص.1303.<br />
1963 والخاص بتعديل القوانين4-3 لسنة ، 1962 المتعلقان بقانون العمل وقانون<br />
66
مجلة <strong>جامعة</strong> <strong>دمشق</strong> للعلوم الاقتصادية والقانونية– المجلد 25- العدد الأول-2009<br />
محمد حاتم البيات<br />
تاريخ<br />
1971 8/25<br />
(1)<br />
: الأول،يتعلق بإنشاء نظام المحاكم العدلية (مدنية وجزائية واستئناف). أما<br />
الثاني فنظم انتقال السلطة القضائية، بخصوص الأجانب في قطر، من يد المعتمد البريطاني في قطر<br />
إلى هذه المحاكم الوطنية. ويعد هذا القانون بمنزلة الخطوة الأخيرة المساهمة في استقلال قطر<br />
سياسيا ً وقضائي ًا، ومن ثم امتداد سيادة قوانينها على جميع المقيمين،من أجانب وغير أجانب، على<br />
أرض قطر ثم أن ّه كان يشكل مساهمة فعالة في إضعاف النفوذ البريطاني والذي انتهى رسميا ً مع<br />
إعلان استقلال قطر في سبتمبر عام<br />
المبحث الثاني<br />
.1971<br />
:1971<br />
هيكلية القضاء في قطر بعد<br />
عام الاستقلال<br />
بعد توقيع الحكومة البريطانية معاهدة الحماية مع الحكومة <strong>القطري</strong>ة، حصلت قطر على كامل استقلالها<br />
وأصبحت من ثم سيادة الدولة كاملة. حيث بدأت قطر مع فجر الاستقلال اتخاذ خطوات واسعة ومهمة<br />
لبناء نظامها السياسي والإداري وأيضا ً، وهو ما يهمنا، <strong>النظام</strong> القضائي. وقد تجسد ذلك بإصدار<br />
تشريعات عديدة كان الهدف منها تحويل الإمارة في ذلك الوقت إلى دولة ومن ثم التحويل من مجتمع<br />
ينتمي إلى قبائل إلى مجتمع ينتمي إلى دولة. ففي بداية الاستقلال بدأت مرحلة جديدة لتنمية الدولة<br />
والمجتمع وما يهمنا في هذه المرحلة الجديدة هو تطور <strong>النظام</strong> القضائي في الدولة. وكان من أهم هذه<br />
التشريعات الأساسية لهذا الغرض، هو القانون الناظم لانتقال السلطة القضائية إلى المحاكم<br />
(3)<br />
(2)<br />
الوطنية . وهذه الأخيرة نشأت مع صدور نظام المحاكم العدلية . وما من شك في أن هذا القانون<br />
يؤرخ عهدا ً جديد ًا في تاريخ القانون والقضاء في دولة قطر. ويمكننا القول، من جانب آخر، أن ّه<br />
أحدث قفزة نوعية في مجال تحديث <strong>النظام</strong> القضائي في ذلك الوقت. وبفضل هذا القانون شهدت دولة<br />
قطر قضاء مدني ًا وجزائي ًا على درجتين، هذا إلى جانب القضاء الشرعي، وأصبح لكل قضاء محاكمه<br />
الخاصة به. كما وأحدث منصب رئيس المحاكم العدلية، وهذه التسمية وردت في كثير من القوانين<br />
الصادرة مع بدايات الاستقلال وإلى<br />
(4)<br />
حين الحصول عليه كاملا ً .<br />
1-مجموعة قوانين قطر، المجلد السادس، ص.3026.<br />
2-القانون رقم<br />
3-القانون<br />
18 تاريخ 1971/8/ 25<br />
13 لسنة<br />
4-راجع في هذا الخصوص القانون<br />
القانون<br />
القانون<br />
1971 وهو ماكان يطلق عليه بقانون المحاكم العدلية في قطر.<br />
12 لسنة<br />
1970 بإنشاء محكمة قطر الجزئية، القانون<br />
4 لسنة<br />
8 لسنة<br />
1962 المتعلق بالرسوم القضائية الخاصة بمحكمة العمل، القانون<br />
18 لسنة<br />
19 لسنة<br />
1969 بإنشاء محكمة شؤون بلدية قطر.<br />
1962 بإنشاء محكمة العمل ،<br />
1978 بإنشاء محكمة المرور، أخيرا<br />
67
أساسيات <strong>النظام</strong> القضائي <strong>القطري</strong> <strong>ماضيه</strong> <strong>وحاضره</strong><br />
إن نظام المحاكم العدلية الجديد<br />
13 لسنة<br />
1971 حمل معه هيكلية قضاء شبه متكاملة. الأمر الذي دعا<br />
إلى إلغاء عدة محاكم لم يعد لها حاجة بظهور هذا <strong>النظام</strong>، كمحكمة المرور، ومحكمة قطر الجزائية،<br />
ومحكمة شؤون بلدية قطر. أما محكمة العمل فبقيت على حالها كما سنرى.<br />
أنشأ هذا القانون في بداية الأمر المحكمة الجزائية الصغرى والمحكمة الجزائية الكبرى للنظر في<br />
(1)<br />
قضايا الجرائم المنصوص عليها في قانون عقوبات قطر . وكذلك الإجراءات المتبعة أمام هذه<br />
(2)<br />
المحاكم بموجب قانون الإجراءات الجنائية . علاوة على المحكمة المدنية التي استحدثت فيما بعد<br />
ووسع نطاق العمل بهذه المحكمة فقسمت إلى محكمة مدنية صغرى ومحكمة مدنية كبرى وأناط كل<br />
(3)<br />
منها باختصاص محدد . هذا فضلا ً عن<br />
(4)<br />
محكمة استئناف كمحكمة درجة ثانية .<br />
نلاحظ من خلال ما تقدم أنه على الرغم من إحداث محاكم مدنية إلا انه لم يكن هناك قانون للمرافعات<br />
المدنية أمام هذه المحاكم، على غرار قانون الإجراءات الجنائية أمام المحاكم الجزائية. وما كان<br />
(5)<br />
معمول فيه أمام هذه المحاكم المدنية هو قانون المرافعات الخاص أمام محكمة العمل . بسبب غياب<br />
قانون للمرافعات المدنية والتجارية في بيئة القضاء المدني، إذ إنه لم يصدر في دولة قطر إلا في<br />
أواخر عام<br />
.1990<br />
(6)<br />
القوانين المتعلقة فيها ، إذ إن<br />
وبصدور هذا القانون الأخير رقم<br />
13 لعام 1990<br />
ألغيت محكمة العمل وجميع<br />
نظام المحاكم العدلية لعام 1971 لم يوقف العمل بهذه المحكمة<br />
حينذاك. وأصبحت من ثم القضايا التي كانت تنظر فيها محكمة العمل من اختصاص المحكمة المدنية<br />
الصغرى أو الكبرى، حسب قيمة الحق المدعى به.<br />
وخلاصة القول نستنتج أن القضاء في قطر قبل الاستقلال كان ينحصر في القضاء الشرعي المستمد<br />
من أحكام الشريعة الإسلامية الغراء. هذا من جهة، ومن جهة أخرى،القضاء العرفي الموسوم بقضاء<br />
السالفة المستمد من الأعراف والتقاليد المتعلقة بشؤون الغوص على اللؤلؤ. فضلا ً عن أن قضاء<br />
المحكمة المشتركة الخاصة بالنزاعات المتعلقة بالبريطانيين وغيرهم من الأجانب، للفصل بهذه<br />
النزاعات من قبل قاض بريطاني وليس قطريا ً. حيث لم يكن للحكومة <strong>القطري</strong>ة حينذاك سلطة قضائية<br />
على المقيمين الأجانب في قطر. إلا أن هذا الوضع ما لبس أن تغير بشكل جذري مع فجر الاستقلال<br />
1-والذي صدر في ظل القانون<br />
2-والذي صدر في ظل القانون<br />
3-بموجب القانون<br />
14 لسنة .1971<br />
15 لسنة .1971<br />
8 لسنة .1985<br />
4<br />
د.حيدر احمد دفع االله ، أصول المرافعات المدنية والتجارية، الطبعة الأولى مكتبة المناعي ، الدوحة قطر،<br />
5-القانون<br />
1997 ص.713.<br />
8 لسنة .1962<br />
6-كقانون المرافعات وقانون الرسوم القضائية ذوات الأرقام<br />
5-4 لسنة .1962<br />
68
مجلة <strong>جامعة</strong> <strong>دمشق</strong> للعلوم الاقتصادية والقانونية– المجلد 25- العدد الأول-2009<br />
محمد حاتم البيات<br />
لسببين اثنين: الأول وهو صدور قانون 1971 الخاص بنظام المحاكم العدلية القائم على مبدأ التقاضي<br />
على درجتين وعلى مبدأ قضاء الفرد وقضاء الجماعة والذي احتوى على قضاء متنوع، القضاء<br />
المدني والقضاء الجزائي إلى جانب القضاء الشرعي والذي بقي المشرع <strong>القطري</strong> في هذا <strong>النظام</strong><br />
محتفظا به لأهميته الكبرى. والثاني، وهو الأهم، أصبحت الحكومة <strong>القطري</strong>ة تمارس سيادتها الكاملة<br />
وتطبيق قوانينها على جميع المقيمين على أرضها من عرب وأجانب، بريطانيين، أو غيرهم. ولكن<br />
هل بقي هذا <strong>النظام</strong> القضائي هو السائد في الدولة أم أن المشرع <strong>القطري</strong> عمل على تطويره وتحديثه؟<br />
الفصل الثاني<br />
استكمال <strong>النظام</strong> القضائي مقوماته:<br />
منذ عهد الاستقلال كان لقانون 1971 الخاص بنظام المحاكم العدلية الأثر الأكبر في انطلاقة <strong>النظام</strong><br />
القضائي في دولة قطر. وهو يعد باكورة <strong>النظام</strong> القضائي القائم على أساس مبدأ التقاضي على<br />
درجتين ومبدأ قضاء الفرد وقضاء الجماعة، محاكم مدنية ومحاكم جزائية، كمحاكم تصدر أحكاما ً من<br />
الدرجة الأولى.إلى جانب محكمة الاستئناف كمحكمة درجة ثانية. ثم توسع العمل بنظام المحاكم<br />
المدنية إلى محاكم مدنية صغرى ومحاكم مدنية كبرى وتحديد اختصاص وظيفي وقيمي محدد لكل<br />
منها.كذلك الأمر قسمت المحاكم الجزائية إلى محاكم جزائية صغرى ومحاكم جزائية كبرى. ونستطيع<br />
القول: إن ّه مع صدور قانون المحاكم العدلية استكمل <strong>النظام</strong> القضائي أساسياته، حيث وقف الأطراف<br />
المتنازعة على القوانين التي تعمل فيها هذه المحاكم وكذلك إجراءات التقاضي المطبقة على الدعاوى<br />
المرفوعة أمامها. وبقي العمل جاريا ً في هذا <strong>النظام</strong> القضائي منذ فجر الاستقلال الكامل للبلاد حتى<br />
صدور القانون رقم<br />
13 لسنة<br />
1990 بإصدار قانون المرافعات المدنية والتجارية. وبصدور هذا<br />
القانون استكمل <strong>النظام</strong> القضائي مقوماته، فأصبح يجاري التطور ويلبي حاجات الفرد الأساسية. هذا<br />
القانون احتوى في مضمونه على مجموعة القواعد القانونية التي يجب على الأطراف المتنازعة<br />
اتباعها وعلى المحاكم تطبيقها في حسم نزاعات المتقاضين أمامها فهو يبين بوضوح القواعد<br />
والإجراءات الواجب العمل بها منذ رفع النزاع إلى حين البت فيه بحكم اكتسب الدرجة القطعية، بل<br />
وأكثر من ذلك يبين أيضا ً إجراءات تنفيذه. وجعل المشرع <strong>القطري</strong> أحكام هذا القانون تشكل القواعد<br />
العامة في المرافعات والتي يجب العمل فيها ليس فقط أمام المحاكم المدنية فحسب، بل أيضا ً أمام<br />
المحاكم<br />
(1)<br />
الجزائية في حال خلو النص في قانون الإجراءات الجنائية . وعدت هذه الأحكام موحدة،<br />
1-القانون<br />
15 لسنة<br />
1971 بإصدار قانون الإجراءات الجنائية المعدل وهو ساري المفعول منذ فجر الاستقلال وحتى تاريخه.<br />
69
أساسيات <strong>النظام</strong> القضائي <strong>القطري</strong> <strong>ماضيه</strong> <strong>وحاضره</strong><br />
واجبة التطبيق،<br />
(1)<br />
لأنها ألغت العمل بأحكام القوانين الأخرى . وقانون 13 لعام 1990 لا يزال ساري<br />
المفعول منذ صدوره في عام 1990 وتعديله في عام 1995وحتى نهاية<br />
التعديلات الجارية على هذا القانون في عام<br />
2005. يجدر<br />
2005<br />
واختصاصاتها.هذه التعديلات وردت في القوانين<br />
المدنية والتجارية رقم<br />
حملت في طياتها<br />
13-12 لسنة ،2005<br />
القول: إن<br />
صياغة جديدة لهيكلية المحاكم<br />
المعدلة لقانون المرافعات<br />
(2)<br />
13 لسنة 1990. ونلاحظ بأن هذه التعديلات بمفعول هذه القوانين، والتي<br />
سنتحدث عنها في حينها، حدثت <strong>النظام</strong> القضائي في الدولة. فضلا ً عن تطور هذا <strong>النظام</strong> الذي حمله<br />
قانون السلطة القضائية الجديد رقم<br />
10 لسنة . 2004<br />
وبعبارة أخرى، إن التعديلات التي حملتها<br />
القوانين المذكورة أعلاه وكذلك القانون الجديد للسلطة القضائية حملت في طياتها مفاهيم أوسع للنظام<br />
القضائي في الدولة وصياغة جديدة له، سواء على صعيد العمل القضائي أم على صعيد تشكيل<br />
المحاكم واختصاصاتها الواسعة. فبالنسبة إلى قانون السلطة القضائية الجديد جاء بترتيب جديد<br />
للمحاكم، فألغى تسميات بعض المحاكم واستعاض عنها بمسميات جديدة تتفق وتطور <strong>النظام</strong> القضائي.<br />
فضلا ً عن أنه أنشأ محكمة التمييز التي لم تكن موجودة قبل صدور هذا القانون .ولا يخفى عن البال<br />
أن المشرع <strong>القطري</strong> قد تأثر كثيرا بأحكام المشرع المصري في قانون المرافعات وفي جميع ما يتعلق<br />
بالهيكلية الجديدة للمحاكم وطبيعتها ومسمياتها وأخيرا ً اختصاصاتها. أما على صعيد القوانين<br />
-12<br />
13 لعام<br />
المدنية والتجارية<br />
2005 فهما المكملان لقانون السلطة القضائية الجديد والمعدلان لأحكام قانون المرافعات<br />
13 لسنة<br />
1990.بما ينسجم مع تطور وتحديث <strong>النظام</strong> القضائي، وعلى وجه<br />
الخصوص فيما يتعلق بالتشكيل الجديد للمحاكم واختصاصها الوظيفي أو القيمي الجديدين. وبهذه<br />
القوانين الجديدة استكمل <strong>النظام</strong> القضائي مقوماته الحديثة وأصبح من ثم يساير النظم القضائية<br />
الرائدة في الدول العربية كمصر وسورية ولبنان.<br />
في مجال دراستنا في هذا الفصل الثاني سوف نتناول ضمن (المبحث الأول) التعريف بقانون السلطة<br />
القضائية الجديد وتحديد مصادره وبيان ما قضى به من أحكام جديدة على صعيد القضاء والقضاة،<br />
ومن ثم ننتقل لتحديد مضمون القانونين<br />
13-12 لعام<br />
المبادئ التي يقوم عليها <strong>النظام</strong> القضائي <strong>القطري</strong>.<br />
2005.أما (المبحث الثاني) فنخصصه لدراسة<br />
1-كالقانون<br />
5 لسنة<br />
محكمة العمل <strong>القطري</strong>ة.<br />
1962 الخاص بإجراءات التقاضي أمام محكمة العمل، والقانون<br />
22 لسنة<br />
2<br />
د.يوسف الزمان وعلي الخنجي، قانون المرافعات المدنية والتجارية رقم<br />
13 لسنة ، 1990 دار<br />
2005 ص13.<br />
1962 نظام جواز التداعي أمام<br />
المنهل للطباعة ، القاهرة<br />
70
مجلة <strong>جامعة</strong> <strong>دمشق</strong> للعلوم الاقتصادية والقانونية– المجلد 25- العدد الأول-2009<br />
محمد حاتم البيات<br />
المبحث الأول<br />
مصادر قانون السلطة القضائية وقانون المرافعات المدنية<br />
والتعديلات<br />
الطارئة على هيكلية<br />
المحاكم واختصاصاتها:<br />
ما من شك في أن الوظيفة الأساسية للدولة هي إقامة العدل بين الأفراد. والعمل القضائي بمفهومه<br />
المعاصر هو عمل عام غالب ًا ما تستأثر الدولة بتنظيمه وممارسته. والدولة بما لها من سلطة على<br />
أفرادها، لا تبيح لهؤلاء الأفراد أن يقتصوا حقوقهم بأيديهم بمفعول قوة بعضهم على بعض، بل<br />
أوجبت على كل من يدعي حقا على آخر أن يلجأ إلى السلطة القضائية في الدولة، لأن "ممارسة<br />
(1)<br />
الوظيفة القضائية من المهام الأساسية للدولة الحديثة" ، بحسبان أن الدولة تضطلع بمهمة تأمين<br />
العدالة، يجب أن يكون جهازها القضائي سهل الإجراءات من جهة وألا يكون باهظ التكاليف من جهة<br />
أخرى. أضف إلى ذلك أن القضاء النزيه والمستقل إنما يعبر عن حضارة الدولة وتقدمها ورقيها، ثم<br />
إن ّه صمام الأمان والأمن في المجتمع. والدولة الحديثة تولي القضاء اهتمام ًا بالغ الأهمية. تتجلى هذه<br />
الأهمية في إصدار التشريعات المختلفة الإجرائية منها والموضوعية والتي تتوافق مع المجتمع<br />
وتطوره وحاجته، بهدف إيصال العدالة إلى الجميع بأيسر الطرائق وأقلها تكلفة.<br />
في الواقع أن ممارسة الوظيفة القضائية للدولة يستلزم نوعين من التشريعات. والمشرع <strong>القطري</strong><br />
أصدر من أجل ذلك قانون ًا للسلطة القضائية وقانونا آخر للمرافعات المدنية والتجارية يتعلق الأول<br />
بالتنظيم القضائي، أما الثاني فيتعلق بالإجراءات واجبة الإتباع أمام المحاكم المدنية على اختلاف<br />
أنواعها ودرجاتها.<br />
في الواقع سوف تتناول دراستنا معالجة قانونين من أهم القوانين في الدولة،سواء على صعيد القضاء<br />
أم على صعيد القضاة: قانون السلطة القضائية وقانون المرافعات المدنية والتجارية.يلاحظ أن أول<br />
قانون للسلطة القضائية صدر في دولة قطر في عام<br />
(2)<br />
. 1999 إلا أن <strong>النظام</strong> القضائي لم يكن واضحا<br />
ومكتملا بموجب هذا القانون، وعلى العكس من ذلك جاء قانون السلطة القضائية الجديد في عام<br />
2003 المعدل له ليكمل الهيكل القضائي وليعزز من شأن القضاة واستقلالهم الكامل في أداء عملهم،<br />
وهذا القانون حمل في طياته الكثير من معالم التحديث والتطوير للسلطة القضائية في الدولة. أما<br />
1<br />
د.أمينة النمر، قوانين المرافعات، الكتاب ، منشاة المعارف بالإسكندرية،<br />
2-في ظل القانون<br />
2003 ص.15.<br />
6 لعام .1999<br />
71
أساسيات <strong>النظام</strong> القضائي <strong>القطري</strong> <strong>ماضيه</strong> <strong>وحاضره</strong><br />
قانون المرافعات المدنية والتجارية<br />
13 لسنة<br />
1990 فهو أول قانون صدر في الدولة ولا يزال ساري<br />
المفعول حتى تاريخه. فما المقصود من قانون السلطة القضائية وقانون المرافعات المدنية؟<br />
يمكن أن نحدد المقصود من قانون السلطة القضائية بأنه مجموعة من القواعد القانونية تهدف إلى<br />
تنظيم السلطة القضائية في الدولة وتحدد أنواع المحاكم وولاية كل واحدة منها.أما قانون المرافعات<br />
المدنية والتجارية<br />
13 لسنة 1990 فيعرف<br />
بأن ّه مجموعة من القواعد القانونية والتي يجب على<br />
المتقاضين اتباعها وعلى المحاكم تطبيقها في فصل المنازعات التي ترفع أمامها منذ رفع النزاع<br />
وحتى البت فيه بحكم قطعي نهائي.فالقانون الأول ينظم السلطة القضائية أما الثاني فيتناول حسن سير<br />
النزاع أمام السلطة القضائية إذ إن ّه يحدد القواعد والإجراءات الواجب اتباعها بشأن كل نزاع يرفع<br />
أمام القضاء. وعلى الرغم من أن هذه القواعد والإجراءات أمام القضاء قد تختلف باختلاف طبيعة<br />
الدعوى، دعاوى مدنية تنظر أمام القضاء المدني أو دعاوى جزائية تنظر أمام القضاء الجزائي.إلا أنه<br />
ومع ذلك توجد قواعد وأصول مشتركة تبقى ضرورية لضمان حسن سير العدالة من ثم يجب العمل<br />
بها، على وجه العموم أمام القضاء المدني أو الجزائي. من ذلك مبدأ حرية الدفاع، ومبدأ إلزام<br />
المحاكم بالإجابة عن جميع دفوع الخصوم ومبدأ عدم النظر بالموضوع الواحد إلا مرة واحدة، كذلك<br />
مبدأ عدم الحكم بأكثر مما يطلبه الخصوم، وأخيرا القاعدة التي تعد أن قانون المرافعات المدنية<br />
والتجارية يشكل المرجع الأساسي لجميع القوانين الإجرائية والتي يقتضي رجوع المحاكم إليها عند<br />
(2)<br />
(1)<br />
خلو هذه القوانين الإجرائية من نص . حتى ولو لم ينص القانون عليها .<br />
وعلى صعيد موقع كل من قانون السلطة القضائية وقانون المرافعات المدنية<br />
الأخرى، مازال الجدل الفقهي القانوني بشأنه<br />
أم من فروع القانون الخاص.<br />
من فروع القانون<br />
قائما ً حول مدى اعتباره فرعا ً من فروع القانون العام<br />
في الحقيقة بالنسبة لقانون المرافعات المدنية والتجارية هناك<br />
اتجاهان اثنان: يرى الأول بأنه فرع من فروع القانون الخاص، لأنه يتضمن الإجراءات التي يجب<br />
اتباعها أمام القضاء المدني أو التجاري فيما يخص تطبيق أحكام القانون المدني أو التجاري. وهذان<br />
القانونان يشكلان الأساس في القانون الخاص. أما الاتجاه الثاني فيرى على العكس يجب اعتباره<br />
فرعا من فروع القانون العام لسبب بسيط انه ينظم مرفقا ً عاما ً ومهما ً من مرافق الدولة ألا وهو<br />
القضاء. أما في الوقت الحاضر، فيرى الفقه، وهو على صواب، أن قانون المرافعات يمثل مركز ًا<br />
وسطا بين فرعي القانون العام والخاص. بعض من قواعده تعد من القانون الخاص لأنه يهدف إلى<br />
1-رزق االله انطاقي ، أصول المحاكمات في المواد المدنية والتجارية ، الطبعة التاسعة، منشورات <strong>جامعة</strong> <strong>دمشق</strong><br />
2-قرار مجلس الدولة الفرنسي ، الأول من تشرين الثاني 1926 مجموعة داللوز الفرنسية<br />
2002، ص.8.<br />
.25 ،1927.2<br />
72
مجلة <strong>جامعة</strong> <strong>دمشق</strong> للعلوم الاقتصادية والقانونية– المجلد 25- العدد الأول-2009<br />
محمد حاتم البيات<br />
.<br />
حماية وصيانة الحقوق الفردية .وبعضها الآخر على العكس فتعد من القانون العام لأنها تهدف إلى<br />
تنظيم المرفق العام في الدولة هو القضاء، وهذه القواعد بأكملها قد تكون من متعلقات <strong>النظام</strong> العام<br />
(1)<br />
وقد لا تتعلق به .<br />
أما بالنسبة لقانون السلطة القضائية فلا جدال في أن جميع قواعده من <strong>النظام</strong> العام بسبب أنها تنظم<br />
السلطة القضائية كإحدى سلطات الدولة الأساسية<br />
نتناول في (المطلب الأول) من هذا المبحث الأول مصادر قانون السلطة القضائية وقانون المرافعات<br />
المدنية، أما في (المطلب الثاني) فنعرض باختصار إلى الهيكلية الجديدة للمحاكم واختصاصاتها<br />
المتعددة.وفق قانون السلطة القضائية الجديد من جهة، والتعديلات الجارية على قانون المرافعات<br />
المدنية والتجارية من جهة أخرى.<br />
المطلب الأول<br />
أولا ً: المصادر:<br />
المصادر الرسمية:<br />
1- الدستور الدائم للدولة:<br />
يعد الدستور المصدر الأساسي لقانون السلطة القضائية وقانون المرافعات المدنية فضلا ً عن<br />
المعاهدات وبعض القوانين الخاصة، وقد احتوى الدستور الدائم للبلاد على قواعد أساسية تتصل<br />
بالقضاء ودوره في إقامة العدالة. من ذلك "السلطة القضائية مستقلة وتتولاها المحاكم على اختلاف<br />
أنواعها ودرجاتها،<br />
(2)<br />
وتصدر أحكامها وفق القانون" . أيضا ً "سيادة القانون أساس الحكم في الدولة<br />
(3)<br />
وشرف القضاء ونزاهة القضاة وعدلهم ضمان للحقوق والحريات" .ونص آخر أكد استقلال القضاة<br />
في عملهم لضمان تحقيق العدالة حيث قضى أن "القضاة مستقلون، لا سلطان عليهم في قضائهم لغير<br />
(4)<br />
القانون، ولا يجوز لأية جهة التدخل في القضايا أو في سير العدالة" . أما على صعيد التقاضي<br />
فقال"التقاضي حق مصون ومكفول للناس كافه ويعين القانون إجراءات وأوضاع ممارسة هذا<br />
(5)<br />
الحق" .<br />
1<br />
أحمد صاوي ، شرح قانون المرافعات المدنية والتجارية ، دار النهضة العربية القاهرة<br />
2-المادة 130 من الدستور الدائم للدولة.<br />
3-المادة الدستور الدائم للدولة.<br />
4-المادة 130 من الدستور الدائم للدولة.<br />
2001 ص<br />
129 من<br />
5-المادة 135 من الدستور الدائم للدولة.<br />
213 وما بعدها.<br />
73
أساسيات <strong>النظام</strong> القضائي <strong>القطري</strong> <strong>ماضيه</strong> <strong>وحاضره</strong><br />
2-قانون المحاكم العدلية:<br />
(1)<br />
ويسمى أيضا ً بنظام المحاكم العدلية ، وكان يعنى بتنظيم كل ما يخص المحاكم العدلية من حيث<br />
نشأتها واختصاصاتها وتشكيلها، وشروط تعيين القضاة وحصاناتهم وواجباتهم ومحاكمتهم، وكذلك<br />
يحدد نظام جلسات المحاكم ومن لهم حق المرافعة أمام هذه المحاكم<br />
لسنة<br />
.<br />
وفي ظل هذا القانون كان <strong>النظام</strong> القضائي في قطر، قبل صدور قانون المرافعات المدنية والتجارية<br />
13<br />
،1990<br />
ذا صفة مزدوجة، حيث كان يمارس القضاء جهتان: المحاكم العدلية والمحاكم<br />
الشرعية. تطبق الأولى القوانين الوضعية، في حين تحكم الثانية بمقتضى قواعد الشريعة الإسلامية.<br />
وتجدر الإشارة في هذا الموضع إلى أن أول تنظيم للسلطة القضائية في دولة قطر كان من خلال<br />
القانون<br />
6 لسنة ،1999<br />
وقد جمع هذا القانون بين المحاكم العدلية والمحاكم الشرعية وأعاد تشكيلها<br />
من جديد، وغير في بعض اختصاصاتها، كما أنشأ محكمة التمييز على قمة الهرم القضائي والتي<br />
تعمل على توحيد الحلول القانونية فضلا ً عن أنها محكمة قانون ولكن لسوء حظ المشرع <strong>القطري</strong> لم<br />
يلق هذا القانون قبولا ً لأنه لم ير النور بسبب عدم نشره في الجريدة الرسمية، بسبب أن ّه في تلك<br />
المرحلة كان هناك تحضير لإصدار قانون جديد أوسع للسلطة القضائية. وقد صدر هذا القانون الجديد<br />
تحت رقم<br />
ألغى القانون<br />
10 لسنة<br />
2003 فألغى بصدوره القانون<br />
13 لسنة 1971<br />
6 لسنة 1999<br />
(قانون المحاكم العدلية) كذلك<br />
(قانون السلطة القضائية السابق) وكل حكم يخالف أحكامه، وذلك ابتداء<br />
من تاريخ العمل به في أول أكتوبر عام 2004،والذي سنتولى الحديث عنه في موضعه لاحقا ً.<br />
3-قانون المرافعات المدنية والتجارية رقم13 لسنة<br />
على اعتبار أن هذا القانون هو أول قانون للمرافعات في قطر،<br />
1990<br />
(2)<br />
فبصدوره ألغيت قوانين عديدة . وقد<br />
أكدت قواعد هذا القانون ترسيخ المبادئ العامة للمرافعات المتعارف عليها والمستقرة في قوانين<br />
المرافعات والأصول المختلفة، ولاسيما القانون المصري والقانون السوري، والتي تهدف إلى حسن<br />
سير القضاء وإجراءاته. إن هذا القانون<br />
(3)<br />
أُخضع إلى تعديلات غيرت من الاختصاص القيمي<br />
والوظيفي للمحاكم ووسعت ولاية الفصل في النزاعات وعلى اختلاف أنواعها كما سنرى لاحقا ً.<br />
1-وفق القانون<br />
13 لسنة 1970 المعدل.<br />
2-مثل القانون 4و5و8و12 لسنة 1962 المتعلقة على التوالي، كما ذكر، بإنشاء محكمة العمل، والمرافعات أمامها، والرسوم<br />
القضائية الخاصة بها، وجواز التداعي أمامها، وكذلك إلغاء كل نص يتعارض وأحكامه.<br />
3-بموجب القوانين 12 و13 لسنة2005 والتي سنتولى شرحها تباعا في موضعها.<br />
74
مجلة <strong>جامعة</strong> <strong>دمشق</strong> للعلوم الاقتصادية والقانونية– المجلد 25- العدد الأول-2009<br />
محمد حاتم البيات<br />
4-:قانون المحاماة الجديد الصادر بالقانون رقم<br />
وصدر هذا القانون في<br />
23 لعام 2006<br />
2006/6/29<br />
وضع موضع التنفيذ بعد شهرين من تاريخ نشره، وقد نص على<br />
(1)<br />
وجوب العمل بأحكامه وإلغاء كل حكم يخالف أحكامه .وهذا القانون ذو طابع خاص في كل مايتعلق<br />
بممارسة العمل المهني في قطر، في الواقع لم تعد ممارسة مهنة المحاماة<br />
فحسب، وإنما هناك جهات أخرى حكومية وغير حكومية<br />
حكرا ً<br />
على المحامين<br />
في الدولة، أجاز هذا القانون لموظفيها<br />
ممارسة المهنة، كمؤسسة قطر للبترول، حيث أجاز القانون الجديد للمحاماة لموظفيها مباشرة<br />
الاختصاصات المتعلقة بأعمال المهنة المنصوص عنها في هذا القانون، بل وأيضا ً ليس لمؤسسة قطر<br />
(2)<br />
للبترول فحسب وإنما للشركات التي تسهم في رأسمالها أو تؤسس بمفردها أو بالاشتراك مع الغير.<br />
كما أجاز القانون نفسه للهيئات والمؤسسات العامة والشركات والمنشات الخاصة أن يقوم موظفوها<br />
(3)<br />
بمباشرة الاختصاصات الملقاة على عاتق المحامين في إدارة قضايا الدولة . كذلك الأمر أجاز<br />
(4)<br />
القانون الترخيص بالعمل في قطر لمكاتب المحاماة العالمية بقرار من وزير العدل وذلك بالعمل في<br />
(5)<br />
أعمال المهنة التي يحددها الترخيص، ويمنح الترخيص مدة خمس سنوات قابلة للتجديد . وأخير ًا<br />
منح القانون للمحامين من غير <strong>القطري</strong>ين ممارسة المحاماة في قطر بشرط الحضور أمام المحاكم<br />
باسم مكتب قطري للمحاماة، ويشترط القانون بهؤلاء أن يكونوا من المرخص لهم بمزاولة المحاماة<br />
في بلادهم وأن يكون قد مضى على التحاقهم في مكتب المحاماة <strong>القطري</strong> مدة ثلاث سنوات على<br />
(6)<br />
الأقل .<br />
من استقراء النصوص السابقة نجد-من جانبنا- أن المشرع <strong>القطري</strong> في قانون المحاماة منح فئات<br />
متعددة من الأشخاص الذين يمارسون العمل المهني في قطر، وبذلك لم تعد أعمال المحاماة حكر ًا<br />
على المحامين فقط. كذلك الأمر فيما يتعلق بالترخيص لمكاتب المحاماة العالمية، نرى<br />
من جانبنا- –<br />
أن النص جاء عاما ً ولم يحدد معايير أو ضوابط يمكن الركون إليها للعمل بموجبها، والتي ستشير إلى<br />
أن المكتب المزمع الترخيص له يعد من مكاتب المحاماة العالمية.<br />
1-المادة الأولى من قانون المحاماة رقم<br />
23 لعام . 2006<br />
2<br />
3<br />
4<br />
5<br />
6<br />
المادة 5 من قانون المحاماة رقم<br />
المادة الرابعة من القانون<br />
23 لعام .2006<br />
23 لعام .2006<br />
نتساءل –من جهتنا – من هي الجهة التي تحكم بان هذا المكتب من المكاتب العالمية للمحاماة<br />
المادة السابعة من قانون المحاماة<br />
المادة التاسعة من قانون المحاماة <strong>القطري</strong><br />
23 لعام .2006<br />
23 لعام .2006<br />
75
أساسيات <strong>النظام</strong> القضائي <strong>القطري</strong> <strong>ماضيه</strong> <strong>وحاضره</strong><br />
5-المعاهدات والاتفاقيات القضائية:<br />
هذه المعاهدات والاتفاقيات الدولية لا تدخل حيز التنفيذ إلا بمصادقة الدول الموقعة عليها، بموجب<br />
قانون.هذه المعاهدات والحالة هذه تعد مصادر رسمية لقانون المرافعات <strong>القطري</strong>، لأنها تنظم جانب ًا أو<br />
آخر من جوانب العمل القضائي.<br />
وقد صادقت دولة قطر على عدد كبير من المعاهدات والاتفاقيات القضائية، سواء على صعيد الدول<br />
العربية، أم على صعيد دول مجلس التعاون الخليجي.ومن أهم هذه الاتفاقيات والمعاهدات، اتفاقية<br />
الرياض للتعاون القضائي والموقعة في إطار حاجة الدول العربية. ومن المعاهدات، معاهدة تنفيذ<br />
(1)<br />
الأحكام والإنابات والإعلانات القضائية بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية .<br />
وتجدر الإشارة إلى أن هذه المعاهدات والاتفاقيات الأولوية في التطبيق على أحكام القانون الداخلي.<br />
وبعبارة أخرى، العمل بموجب أحكام التنفيذ في القانون الداخلي، فيما يتعلق بتنفيذ السندات الأجنبية<br />
في دولة قطر، مرهون بألا يخالف أحكام المعاهدات والاتفاقيات المعقودة، أو التي تعقد بين دولة قطر<br />
(2)<br />
وغيرها من الدول في هذا الشأن .<br />
ثاني ًا:<br />
المصادر غير الرسمية<br />
وتشتمل هذه المصادر غير الرسمية على التقاليد القضائية المعروفة والقواعد الفقهية وأخير ًا آراء<br />
الفقه واجتهادات المحاكم.<br />
1-التقاليد القضائية:<br />
وهي عبارة عن مجموعة من طرائق التفكير والعمل انتقلت من جيل قضائي إلى آخر واستقرت في<br />
القضاء وأصبح بالنتيجة عادة يحترمها القضاة ويعملون بموجبها. كالمداولة السرية في غرفة<br />
المداولة،<br />
(3)<br />
وعدم جواز اشتراك غير القضاة فيها وإلا كان الحكم باطلا ً ، أو المشورة قبل إصدار<br />
الأحكام القضائية. وأن هذه المداولة وإشراك القضاة الذين وقفوا على النزاع وأسبابه، لم تعد مجرد<br />
تقليد قضائي وإنما أصبحت نصوصا ً قانونية،<br />
التشريعات العربية التي تشترط في المداولة أن تكون سرية.<br />
(4)<br />
عندما جعلها المشرع سرية . وهذا حال غالبية<br />
1<br />
راجع اتفاقية الرياض للتعاون القضائي ومعاهدة تنفيذ الأحكام والانا بات القضائية في دول مجلس التعاون الخليجي منشورات<br />
الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي<br />
2-المادة<br />
3-المادة<br />
.2002<br />
379 من قانون المرافعات المدنية والتجارية <strong>القطري</strong> ، الكتاب الثالث (التنفيذ).<br />
118 من قانون المرافعات المدنية والتجارية .<br />
4-المادة 117 من قانون المرافعات المدنية والتجارية.<br />
76
د3<br />
د-<br />
مجلة <strong>جامعة</strong> <strong>دمشق</strong> للعلوم الاقتصادية والقانونية– المجلد 25- العدد الأول-2009<br />
محمد حاتم البيات<br />
2- القواعد الفقهية:<br />
عند خلو التشريع من نص قانوني على مسألة ما فإن ّه يمكن للقضاة اللجوء إلى القواعد الفقهية<br />
للاستدلال بها في أحكامهم. ومن هذه القواعد قاعدة لا يضار الطاعن من طعنه، والمصلحة مناط<br />
الدعوى، ولا يحكم على أحد قبل سماع دفعه، ولا دعاوى بطلان ضد الأحكام، ولا بطلان في<br />
الإجراءات<br />
(1)<br />
بغير ضرر .<br />
هذه القواعد الفقهية درج القضاة على العمل بها ولاسيما عند غياب النص التشريعي.ثم قننت مثل<br />
هذه القواعد في التشريع. وهذا قانون المرافعات <strong>القطري</strong> نص على أن ّه "لا يقبل أي طلب أو دفع لا<br />
(2)<br />
تكون لصاحبه فيه مصلحة قائمة يقرها القانون" .<br />
3-آراء الفقه واجتهادات المحاكم:<br />
تعد آراء الفقه واجتهادات المحاكم في أغلب القوانين المدنية مصدر ًا تفسيري ًا لقانون المرافعات وهي<br />
وإن لم تكن ملزمة إلا أنه لا يمنع القاضي من أن يسترشد ويستأنس بها عند تطبيقه للقانون.<br />
فالقاضي بإمكانه الرجوع إلى المؤلفات القانونية رفيعة المستوى للاسترشاد بها والحصول منها على<br />
توضيح وتفسير ما أبهم الحل القانوني بشأنه من المنازعات. من ذلك ما اعتاد عليه القضاة في<br />
مختلف الدول العربية الرجوع إلى مؤلفات الفقيه السنهوري للاستئناس بآرائه. والقاضي عندما يرجع<br />
إلى مؤلف ما لا يعني أن ّه ملزم بذلك، وإنما يرجع إليه نظرا ً لقناعته برأيه الفقهي والذي يعده في<br />
جادة الصواب، هذا من جهة، ومن جهة أخرى، لأنه لم يجد مصدر ًا رسميا ً يلجأ إليه لحل النزاع<br />
(3)<br />
المعروض عليه .<br />
تعد<br />
كذلك الأمر بالنسبة لاجتهادات المحاكم، ولاسيما قرارات محكمة الاستئناف واجتهاد محكمة التمييز،<br />
(4)<br />
مصدر ًا تفسيري ًا للقواعد القانونية . فالقاضي له أن يستأنس بأحكام أصدرها قضاة آخرون،<br />
أعلى منه درجة من درجات التقاضي، إلا أن ّه، يبدو لنا، ملزما ً بالأخذ بها عندما تكون مثل هذه<br />
القرارات صادرة عن أعلى محكمة في الجهاز القضائي كمحكمة التمييز. ولاشك في أن أحكام محكمة<br />
التمييز التي تتضمن مبادئ قانونية يكون لها صفة الإلزام بالنسبة للمحاكم الدنيا. فضلا ً عن أن الهيئة<br />
1<br />
.ضياء شيت حطاب، دراسات في قانون المرافعات العراقي، مطبعة بغداد،<br />
2-المادة الأولى من الأحكام العامة لقانون المرافعات المدنية والتجارية13 لسنة<br />
1999 ص.518.<br />
.1990<br />
.مفلح عواد ،أصول المحاكمات المدنية والتنظيم القضائي ، دار الثقافة للنشر والتوزيع عمان الأردن<br />
2004 ص.266.<br />
4-انظر مؤلفنا ، مدخل إلى علم القانون ، منشورات <strong>جامعة</strong> <strong>دمشق</strong>، كلية الحقوق، قسم التعليم المفتوح ، الطبعة الأولى ،<br />
ص.13 وما بعد.<br />
2003<br />
77
أساسيات <strong>النظام</strong> القضائي <strong>القطري</strong> <strong>ماضيه</strong> <strong>وحاضره</strong><br />
العامة لمحكمة التمييز إذا قررت مبدأ قانوني ًا ما فعلى جميع الغرف أو الهيئات الأخرى التقيد فيه.<br />
وإذا كان الأمر على هذه الشاكلة داخل محكمة التمييز نفسها فكيف يكون الأمر بالنسبة لمحكمة<br />
التمييز كمحكمة عليا والمحاكم الأخرى كمحاكم دنيا؟<br />
المطلب الثاني<br />
التشكيل الجديد للمحاكم واختصاصاتها:<br />
نعالج في هذا المطلب الثاني الهيكلية الجديدة<br />
القضائية الجديد رقم<br />
المرافعات المدنية والتجارية<br />
قبل التعديل.<br />
10 لسنة ،2003<br />
للمحاكم واختصاصاتها الوظيفية<br />
وكذلك القوانين<br />
-12<br />
13 لسنة<br />
وفق قانون السلطة<br />
13لسنة 2005 المعدلة لقانون<br />
1990. بعد إعطاء نظرة سريعة على هيكلية المحاكم السابقة<br />
أولا ً: الملامح العامة لتوزيع جهة القضاء وفق قانون المحاكم العدلية السابق:<br />
في الماضي كان يقتصر <strong>النظام</strong> القضائي على جهتين للقضاء: الأولى، جهة القضاء الشرعي و الثانية<br />
جهة القضاء العادي. ويتجسد القضاء الشرعي بالمحاكم الشرعية التي تقوم على تطبيق القوانين<br />
الوضعية إلى جانب أحكام الشريعة الإسلامية. وتختص هذه المحاكم بمنازعات الأحوال الشخصية<br />
للمسلمين، كالزواج والطلاق والنسب والنفقة وبوجه عام، مختلف مسائل الأحوال الشخصية. فضلا ً<br />
(1)<br />
عن اختصاصها في نظر الجرائم المستبعدة من اختصاص المحاكم الجزائية العدلية . ومن هذه<br />
الجرائم، القتل والانتحار والجرائم الجنسية والخلقية، الجرائم المتعلقة بالزواج والزنا ووطء<br />
(2)<br />
المحارم . ويشترط في اختصاص هذه المحاكم الشرعية أن يكون المتهم فيها مسلما ً وهذه المحكمة<br />
لا تطبق قانون عقوبات قطر على مثل هذه الجرائم وإنما تعمل على تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية<br />
الغراء عليها. أما الثانية، فهي جهة القضاء العادي وقد تجسد ذلك بالمحاكم العدلية التي كانت تعمل<br />
على تطبيق القوانين الوضعية، فيما يعرض عليها من منازعات من صلب اختصاصها. وهذه المحاكم<br />
العدلية كانت تعد عصب الجهاز القضائي وأساسه. وتتكون هذه المحاكم العدلية وفق قانون1971 من<br />
ثلاث هيئات قضائية: المحاكم الجزائية، المحاكم المدنية، محكمة الاستئناف. فأما المحاكم الجزائية<br />
فيتوزع العمل فيها إلى محاكم جزائية صغرى ومحاكم جزائية كبرى، كذلك الأمر بالنسبة للمحاكم<br />
1-المادة 2 من القانون<br />
13 لسنة<br />
1971(قانون المحاكم العدلية الملغى).<br />
2-الفصول السابع عشر والثاني والثالث والعشرون من قانون عقوبات قطر رقم<br />
14 لسنة .1971<br />
78
مجلة <strong>جامعة</strong> <strong>دمشق</strong> للعلوم الاقتصادية والقانونية– المجلد 25- العدد الأول-2009<br />
محمد حاتم البيات<br />
المدنية إلى صغرى وكبرى، وأخيرا ً محكمة الاستئناف. ومن هذا التقسيم يلاحظ غياب لجهة القضاء<br />
الإداري وهذا الغياب ليس فقط في هذا <strong>النظام</strong> السابق وإنما أيضا ً في <strong>النظام</strong> القضائي الحالي الجديد<br />
.<br />
ففي السابق كانت المنازعات الخاصة بالعقود الإدارية والتي تكون الدولة طرفا ً فيها من اختصاص<br />
المحاكم العدلية أما أمر إلغاء القرارات الإدارية أو التعويض عنها فهو يخرج عن ولاية المحاكم<br />
العدلية <strong>القطري</strong>ة على وجه العموم. ويبدو أن المشرع <strong>القطري</strong> لا يعترف بآلية القضاء الإداري بهيئة<br />
مجلس دولة على غرار النظم القضائية العربية والأجنبية الأخرى، كمصر وسورية وفرنسا. وهذا ما<br />
يشكل عيب ًا في <strong>النظام</strong> القضائي <strong>القطري</strong> لخلوه من القضاء الإداري، أهم الجهات القضائية في الدولة<br />
الحديثة.<br />
ومع ذلك صدر في الآونة الأخيرة في قطر القانون رقم<br />
7 لعام<br />
2007 بشأن الفصل في المنازعات<br />
الإدارية والذي تم بموجبه إنشاء دائرة خاصة أمام المحكمة الابتدائية للنظر في المنازعات الإدارية.<br />
تؤلف هذه الدائرة من ثلاثة قضاة تختص دون غيرها بنظر هذه المنازعات الإدارية المحددة بهذا<br />
القانون. إلا أن هذه الدائرة الإدارية لا تضاهي القضاء الإداري بالمعنى الواسع للكلمة، والسبب في<br />
ذلك أن عملها مقيد ومن خلال حالات محددة وفقا ً لهذا القانون، وهو ما يشكل –من جهتنا -حماية<br />
لبعض القرارات الإدارية والأوامر والمراسيم الأميرية المتعلقة ببعض المسائل القانونية، والتي لسنا<br />
بمقام البحث فيها، بمنأى عن الإلغاء. فأين نحن من وجود ما يدعى بهيئة قضاء إداري مستقل<br />
يختص نوعيا بإلغاء القرارات والأوامر الإدارية على اختلاف أنواعها وطبيعتها ؟.<br />
ومع ذلك استحدث المشرع <strong>القطري</strong> أيضا ً في ظل القانون<br />
6 لعام 2007<br />
دائرة تسمى بالدائرة<br />
"الدستورية" للفصل بالمنازعات المعلقة بدستورية القوانين وتنازع الاختصاص وتعيين الجهة<br />
المختصة لنظر النزاع. وتؤلف هذه الدائرة من رئيس محكمة التمييز وأربعة من أعضائها ويصدر<br />
بتعيين هؤلاء الأعضاء مرسوم بناء على ترشيح المجلس الأعلى للقضاء<br />
.<br />
من استقراء ذلك يتبين لنا أن رئيس محكمة التمييز يمكن أن يمارس هيمنة إدارية وتسلطا ً في<br />
اختيار هؤلاء الأعضاء لأنه هو نفسه الذي يشغل منصب رئيس المجلس الأعلى للقضاء، هذا من<br />
جهة، ومن جهة أخرى نتساءل لماذا لم ينص المشرع على محكمة دستورية عليا أسوة بتشريعات<br />
الدول الأخرى من دول مجلس التعاون الخليجي كالكويت، ومن خارج مجلس التعاون الخليجي<br />
كمصر وسورية، ولاسيما أن أعضاء المحكمة الدستورية العليا في هذه الدول المشار إليها تؤلف من<br />
خمسة أعضاء؟ ويبدو أن المشرع أراد من وراء ذلك تبعية هذه الدائرة لمحكمة التمييز؟ وبذلك نجد<br />
-من جانبنا- أن هذه الدائرة والحالة هذه، لن توسم بأن ّها هيئة قضائية مستقلة، وكذلك لن تجرؤ قط<br />
أن تبت بعدم دستورية قانون أو مرسوم في يوم من الأيام .فأين نحن من الهيئة القضائية المستقلة؟<br />
79
أساسيات <strong>النظام</strong> القضائي <strong>القطري</strong> <strong>ماضيه</strong> <strong>وحاضره</strong><br />
ومبدأ التقاضي على درجتين كان يعمل به منذ نشوء هذه المحاكم العدلية. هذه المحاكم، كما ورد<br />
أعلاه، على درجتين. محاكم درجة أولى: المحكمة الجزائية الصغرى والكبرى. تتألف الأولى من قاض<br />
فرد في حين تتألف الثانية من ثلاثة قضاة وكل منهما لها اختصاصاتها المتعددة حسب القوانين التي<br />
أنشئت في ظلها. كذلك الأمر كان يجري العمل بالنسبة للمحكمة المدنية الصغرى والكبرى.أما محاكم<br />
الدرجة الثانية فهي:<br />
أولا ً: المحكمة الجزائية الكبرى بصفتها الاستئنافية ولا يختلف تشكيلها هنا عن تشكيلها بصفتها<br />
الأساسية. وتختص بالنظر في الاستئناف المرفوع إليها بشان الأحكام الصادرة عن المحكمة<br />
الجزائية الصغرى في المخالفات وتكون قراراتها نهائية. كذلك الأمر بالنسبة للمحكمة المدنية<br />
الكبرى حيث تعد مرجعا ً استئنافي ًا للأحكام الصادرة عن المدنية الصغرى ويكون حكمها<br />
الاستئنافي نهائي ًا.<br />
ثاني ًا: محكمة الاستئناف وتتألف من ثلاثة قضاة ورئيسها هو رئيس المحاكم العدلية لأن هذه المحكمة<br />
تعد أعلى درجة في المحاكم حينذاك. وكانت تنظر بلائحة الاستئناف التي ترفع أمامها بشان<br />
الأحكام الصادرة بالصفة الابتدائية عن المحكمة الجزائية الكبرى والمحكمة المدنية الكبرى<br />
وكذلك الأحكام الصادرة عن المحكمة الجزائية الصغرى في الجنح. والحكم الاستئنافي غير قابل<br />
للطعن بسبب أن محكمة الاستئناف، بموجب قانون المحاكم العدلية الملغى،كانت على رأس<br />
الهرم القضائي في ذلك الوقت<br />
.<br />
ثاني ًا: الهيكلية الجديدة للمحاكم وفق قانون السلطة القضائية الجديد والقوانين<br />
المكملة له:<br />
لابد لنا من الإشارة إلى أن المشرع <strong>القطري</strong> في القوانين التي أحدثت هذا <strong>النظام</strong> الجديد تأثر -إلى حد<br />
كبير- ب<strong>النظام</strong> القضائي المعمول فيه في مصر وسورية.<br />
بعد صدور قانون السلطة القضائية الجديد رقم<br />
10 لسنة<br />
2003 ووضعه موضع التنفيذ خضع هذا<br />
<strong>النظام</strong> القضائي إلى تطوير وتحديث، وقد تجلى ذلك من خلال توحيد جهة القضاء في نوع واحد من<br />
المحاكم ذات الدرجة الأولى وأسند لها ولاية الفصل في جميع المنازعات التي كانت من اختصاص<br />
المحاكم الشرعية أو المحاكم العدلية. ونستطيع القول: إن نتيجة ذلك التحديث أن المحاكم الابتدائية<br />
المكونة وفق <strong>النظام</strong> القضائي الجديد هي ذات اختصاص شامل في الفصل في النزاعات المرفوعة<br />
(1)<br />
أمامها ماعدا المسائل التي تتعلق بأعمال السيادة ومسائل الجنسية . فليس للمحاكم النظر في هذه<br />
1-المادة 13 من قانون السلطة القضائية رقم<br />
10 لسنة 2003<br />
80
مجلة <strong>جامعة</strong> <strong>دمشق</strong> للعلوم الاقتصادية والقانونية– المجلد 25- العدد الأول-2009<br />
محمد حاتم البيات<br />
المسائل، سواء بصورة مباشرة أم غير مباشرة. ويبدو أن الهدف من ذلك هو إعطاء السلطة<br />
التنفيذية مرونة أكثر تستطيع من خلالها مواجهة متطلبات السياسة العليا للدولة دون أن تتعرض<br />
للمخاطر الناشئة عن المراجعة القضائية لأعمالها. إذ إن ّها مسائل من متعلقات <strong>النظام</strong> العام. ومن<br />
المحاكم المحدثة وفق <strong>النظام</strong> القضائي الجديد محكمة التمييز التي نص قانون السلطة القضائية الجديد<br />
(1)<br />
على إنشائها واعتبارها أعلى قمة في الهرم القضائي .<br />
وطبقا للتشريعات الجديدة يتألف الهيكل القضائي في <strong>النظام</strong> القضائي <strong>القطري</strong> من محكمة التمييز على<br />
رأس الهرم القضائي(1). ثم تليها محكمة الاستئناف<br />
(2)<br />
والمحكمة الابتدائية(3)، ونتبع ذلك بإعطاء<br />
لمحة مختصرة عن المجلس الأعلى للقضاء المحدث وفقا ً لقانون السلطة القضائية الجديد(4). وسوف<br />
نولي تباعا ً شرح كيفية تشكيل هذه المحاكم وكذلك بيان اختصاصاتها بإيجاز. وفقا ً للقوانين<br />
لسنة 2005 المعدلة لأحكام قانون المرافعات المدنية والتجارية<br />
الوارد في قانون السلطة القضائية الجديد.<br />
1-محكمة التمييز:<br />
12 و13<br />
13 لسنة .1990<br />
وحسب الترتيب<br />
تعد محكمة التمييز في قمة الهرم القضائي شأنها شأن محكمة النقض في الدول العربية. فهناك من<br />
هذه الدول العربية من غير دول الخليج العربي يطلق عليها اسم محكمة النقض كسورية ومصر. أما<br />
بعض الدول الأخرى فتطلق عليها اسم، محكمة التمييز، كما في لبنان. أما دول مجلس التعاون<br />
الخليجي فهي مسماة بمحكمة التمييز. ومهما كانت التسمية المطلقة فإنها لا تغير من المهام الأساسية<br />
لها في الإشراف والرقابة على صحة تطبيق المحاكم الدنيا للقانون وسلامة تفسيره. وهذه المحكمة<br />
حديثة العهد، كما سبق القول، و<strong>النظام</strong> القضائي منذ نشأته في عام<br />
1971<br />
والذي كان يدعى بنظام<br />
المحاكم العدلية، كان يفتقر إلى محكمة عليا كمحكمة التمييز اليوم في قطر، تؤدي وظيفة تدقيق<br />
الحكام المطعون فيها أمامها من ناحية مخالفتها لأحكام القانون. ومع ذلك يبقى اختصاص المحكمة<br />
محصورا ً<br />
في الدوائر المشكلة، كالدائرة المدنية والدائرة الجنائية والدائرة الدستورية والإدارية<br />
اليوم. ولا يمكن أن تتعدى ذلك<br />
وت ُ<br />
.<br />
(2)<br />
َّلؤَ ف ُ محكمة التمييز من رئيس وعدد كاف ً من نواب الرئيس والقضاة<br />
وتختص بنظر الطعون<br />
بالتمييز في الأحكام وبالإجراءات التي يحددها القانون. وقد صدر في قطر القانون<br />
12 تاريخ<br />
2005/4/5 بشان حالات وإجراءات الطعن بالتمييز في غير المواد الجنائية. وهذه الحالات وردت<br />
1-المادة 4 من قانون السلطة القضائية الجديد<br />
2-المادة 1/6 من قانون السلطة القضائية رقم<br />
10 لسنة 2003<br />
2003 لسنة 10<br />
81
أساسيات <strong>النظام</strong> القضائي <strong>القطري</strong> <strong>ماضيه</strong> <strong>وحاضره</strong><br />
على سبيل الحصر. ونحن لن نتعرض في دراستنا لشرح هذه الحالات ولا إلى إجراءات الطعن أمام<br />
محكمة التمييز وإنما سنكتفي بالإشارة إليها فحسب. إذ إن مجال بحثنا يتحدد في بيان <strong>النظام</strong> القضائي<br />
في الدولة وليس البحث في إجراءات التقاضي أو الطعن ومن جانب آخر سنهتم بإبراز أهم النقاط<br />
الأساسية المتعلقة بسير العمل في محكمة التمييز في قطر من حيث إنشاء الدوائر فيها وصدور<br />
الأحكام عنها.<br />
.<br />
أما على صعيد حالات الطعن بالتمييز فهذه الحالات واحدة في أي محكمة تمييز وفي أي من الدول<br />
العربية، كمصر وسورية ولبنان، والأجنبية، كفرنسا، لأن طبيعتها محكمة قانون وليس محكمة<br />
موضوع. وحالات الطعن أمام محكمة التمييز تتحدد في حالة ما إذا كان الحكم المطعون فيه مبنيا على<br />
مخالفة القانون، أو الخطأ في تطبيقه، أو تأويله، أو إذا وقع بطلان في الحكم أو في الإجراءات أثر<br />
(1)<br />
في الحكم . كذلك الأمر للنائب العام، وفي أي وقت كان، أن يطعن بالتمييز لمصلحة القانون في<br />
الأحكام النهائية وأيا كانت المحكمة التي أصدرتها، إذا كان الحكم مبني ًاعلى مخالفة القانون، أو الخطأ<br />
في تطبيقه، أو في تأويله، وذلك في حالتين: الأولى، الأحكام التي لا يجيز القانون للخصوم الطعن<br />
فيها أما الثانية فهي الأحكام التي فوت الخصوم ميعاد الطعن فيها، أو نزلوا فيها عن الطعن. وهذا<br />
(2)<br />
الطعن لا يضر ولا يفيد الخصوم<br />
(3)<br />
ونظرا ً لكثرة الطعون وتنوعها في الأحكام القضائية أمام محكمة التمييز ت ُنشأ فيها دوائر متعددة<br />
لتوزع عليها هذه الطعون، ويرأس كل دائرة رئيس المحكمة أو أحد نواب الرئيس أو أحد قضاة<br />
المحكمة. ومن هذه الدوائر تلك المخصصة للنظر في الطعون بالتمييز في المواد المدنية والتجارية،<br />
وأخرى للطعون في مواد الأحوال الشخصية. ويصدر بتوزيع الأعضاء على هذه الدوائر بقرار من<br />
(4)<br />
رئيس المحكمة بناء على اقتراح جمعيتها العامة .<br />
وإذا رأت إحدى دوائر المحكمة العدول عن مبدأ قانوني قررته أحكام سابقة صادرة عنها أو عن<br />
الدوائر الأخرى، أو عرضت مسالة تتعلق بتنازع الاختصاص سلبا ً أو إيجابا ً،أحالت الدعوى إلى دوائر<br />
المحكمة مجتمعة للفصل فيها وفقا ً لما تراه، ضمانا ً لعدم الاختلاف بينها بشان تطبيق القانون.<br />
والقاعدة التي تسود في نظر الطعون بالتمييز، هي ذاتها القاعدة المعمول بها في التشريعات العربية<br />
12 تاريخ<br />
1-المادة 1 من القانون 2005/4/5 يشأن حالات وإجراءات الطعن بالتمييز في غير المواد الجنائية.<br />
2 انظر: الدكتور أحمد حشيش، <strong>النظام</strong> القضائي، المرجع السابق، تاريخ 2005/4/5، من القانون والمادة 1، ص 517 القانون<br />
الناظم لحالات وإجراءات الطعن بالتمييز في غير المواد الجنائية .<br />
3-بعض التشريفات الأخرى العربية والأجنبية تطلق على هذه الدوائر تسمية" الغرف" كالغرفة المدنية والغرفة الجزائية.<br />
4-المادة 2/6 من قانون السلطة القضائية رقم<br />
10 لسنة<br />
2004.راجع يوسف الزمان وعلى الخنجي ، المرجع السابق، ص.475.<br />
82
مجلة <strong>جامعة</strong> <strong>دمشق</strong> للعلوم الاقتصادية والقانونية– المجلد 25- العدد الأول-2009<br />
محمد حاتم البيات<br />
قاطبة، وهي أن محكمة التمييز لا تعيد النظر في موضوع النزاع الذي فصل فيه الحكم المطعون فيه،<br />
بل هي تقبل هذه الوقائع كمسلمة سبق تأييدها أمام قاضي الموضوع، ثم تبحث هل ط ُبق َ القانون قد<br />
عليها تطبيق ًا سليما ً أو لا؟ ومن ثم الحكم إما برفض الطعن أو قبوله وتمييز الحكم المطعون فيه. فهي<br />
محكمة قانون لأنها تراقب عن كثب سلامة تطبيق القانون على وقائع النزاع كما أثبتها الحكم<br />
المطعون فيه.<br />
ومع ذلك خرج المشرع <strong>القطري</strong> في القانون 12لسنة 2005 الخاص بحالات الطعن أمام محكمة<br />
التمييز عن هذا الأصل مخولا ً محكمة التمييز، إذا شاءت، الفصل في الحكم المطعون فيه فيما إذا كان<br />
هذا الحكم قد ميز لسبب من غير أسباب قواعد الاختصاص. وتفصل فيه ومن ثم بهيئة محكمة<br />
موضوع. وإزاء ذلك لم تعد محكمة التمييز محكمة قانون فحسب بل وأيضا ً محكمة موضوع فقط في<br />
هذه الحالة الخاصة. وبهذا قضت أحكام المادة 22 من القانون<br />
12 لسنة<br />
2005 الخاص بحالات الطعن<br />
أمام محكمة التمييز" إذا كان الحكم المطعون فيه قد ميز لمخالفة قواعد الاختصاص تقتصر المحكمة<br />
على الفصل في مسالة الاختصاص، وعند الاقتضاء تعين المحكمة المختصة التي يجب التداعي أمامها<br />
بإجراءات جديدة .وإذا كان الحكم قد ميز لغير ذلك من الأسباب، فللمحكمة أن تفصل في الموضوع،<br />
أو أن تحيل القضية إلى المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه لتحكم فيها من جديد بهيئة مؤلفة<br />
من قضاة آخرين. وتلتزم المحكمة التي أحيلت إليها القضية، بحكم محكمة التمييز في المسائل التي<br />
فصل فيها".<br />
ويتبين لنا من هذا النص، آنف الذكر، أن أمر الفصل في موضوع الطعن من قبل محكمة التمييز<br />
بهيئة محكمة موضوع في، هذه الحالة الخاصة، يبقى أمرا جوازيا ً لمحكمة التمييز، على حين غرة<br />
يصبح أمرا ً وجوبي ًا لها في حال قبلت تمييز الحكم المطعون فيه وكان الموضوع صالح ًا للفصل فيه،<br />
أو في حالة كان الطعن أمام محكمة التمييز للمرة الثانية. ونحن نعتقد أن تصدي محكمة التمييز<br />
للفصل في موضوع الطعن في مثل هذه الأحوال الخاصة لا ينال من طبيعتها القانونية كمحكمة<br />
قانون،هذا من جهة. ومن جهة أخرى يسرع من عجلة الفصل في النزاع ويقلل من التكاليف على<br />
المتقاضين.<br />
وأخيرا ً نص قانون السلطة القضائية على أن يكون لمحكمة التمييز مكتب فني يؤلف من رئيس وعدد<br />
كاف من القضاة،<br />
(1)<br />
ويلحق به عدد كاف من الموظفين . يختص هذا المكتب بعدة أمور منها:<br />
استخلاص المبادئ القانونية التي تقرها المحكمة فيما تصدره من أحكام وتبويبها ومتابعة نشرها،<br />
1-المادة 8 من القانون<br />
2 لسنة .2005<br />
83
أساسيات <strong>النظام</strong> القضائي <strong>القطري</strong> <strong>ماضيه</strong> <strong>وحاضره</strong><br />
وإصدار مجموعات الأحكام وإعداد البحوث الفقهية، والإشراف على جداول المحكمة وعرض الطعون<br />
المتماثلة أو المرتبطة أو التي يحتاج الفصل فيها إلى تقرير مبدأ قانوني واحد على رئيس المحكمة<br />
(1)<br />
ليقر نظرها أمام دائرة واحدة، تجنب ًا للاختلاف في قضاء الدوائر المتعددة في هذه الطعون.<br />
2-محكمة الاستئناف:<br />
ومحكمة الاستئناف هي محكمة ذات درجة ثانية من درجات التقاضي. والنزاع يعرض على هذه<br />
المحكمة في صورة طعن بالاستئناف موجه ضد حكم صدر عن المحكمة الابتدائية الكلية بوصفها<br />
(2)<br />
محكمة أول درجة . وتؤلف محكمة الاستئناف من رئيس وعدد كاف ً من الرؤساء ونواب الرئيس<br />
والقضاة. وتتعدد الدوائر فيها للنظر في الطعون الاستئنافية في المواد الجنائية، والمواد المدنية<br />
والتجارية، ومسائل الأحوال الشخصية، والتركات والمنازعات الإدارية، وغيرها.ويصدر بإنشاء هذه<br />
(3)<br />
الدوائر وتحديد اختصاصاتها بقرار عن المجلس الأعلى للقضاء . والجدير بالتذكير أن المجلس<br />
الأعلى للقضاء يصدر قراره بشأن توزع الأعضاء على هذه الدوائر بناء على اقتراح الجمعية العامة<br />
لمحكمة الاستئناف.<br />
إن الطعن استئناف ًا يؤدي إلى نقل ملف الدعوى الصادر فيها الحكم المستأنف إلى محكمة الاستئناف<br />
لإعادة النظر والفصل فيه من جديد.وتكون من ثم لمحكمة الاستئناف السلطة التقديرية الكاملة على<br />
النزاع من ناحية الواقع والقانون معا ً، إذ إن ّها محكمة موضوع ذات درجة ثانية.حيث تنظر بالحكم<br />
المستأنف من جديد والحكم الاستئنافي قد يكون قابلا للطعن بالتمييز، وقد لا يقبل.<br />
والجدير بالذكر أن القانون<br />
13 لسنة<br />
2005 بتعديل أحكام قانون المرافعات المدنية والتجارية<br />
13<br />
لسنة1990 لم ينص على أي حكم جديد بشان محكمة الاستئناف في حين أن قانون السلطة القضائية<br />
10 لسنة<br />
الجديد رقم 2004 قضى بإنشاء جمعية عامة لها ولجنة وقتية تنبثق عن هذه الجمعية<br />
. (4 )<br />
العامة لمعالجة الأمور الداخلية لمحكمة الاستئناف<br />
3-المحكمة الابتدائية:<br />
المحكمة الابتدائية هي محكمة ذات درجة أولى وهي من ثم الجهة القضائية التي تنظر النزاع للمرة<br />
الأولى. وهي ذات اختصاص شامل تنظر في جميع المسائل وعلى اختلاف أنواعها، عدا منها ما<br />
1-المادة 9 من قانون السلطة القضائية<br />
10 لسنة<br />
2<br />
د.احمد حشيش، التنظيم القضائي ، المرجع السابق، ص.223.<br />
3-المادة 10 من قانون السلطة القضائية<br />
4-راجع المواد من<br />
10 لسنة .2004<br />
17<br />
-21 من قانون السلطة القضائية<br />
2005.انظر أيضا د.أسامة روبي ، المرجع السابق، ص.115.<br />
10 لسنة<br />
العمل فيهما، كأحد المبادئ التي يقوم عليها <strong>النظام</strong> القضائي <strong>القطري</strong>.<br />
2004.راجع سابقا ً مبدأ الجمعيات العامة ولجانها الوقتية وآلية<br />
84
مجلة <strong>جامعة</strong> <strong>دمشق</strong> للعلوم الاقتصادية والقانونية– المجلد 25- العدد الأول-2009<br />
محمد حاتم البيات<br />
يتعلق بمسائل الجنسية وأعمال السيادة،<br />
(1)<br />
كما ذكر أعلاه، وسواء بصورة مباشرة أم غير مباشرة ،<br />
وهذا على خلاف ما كان معمولا فيه في ظل نظام المحاكم العدلية قبل العمل بقانون السلطة القضائية<br />
الجديد لسنة<br />
فضلا ً عن تحديد<br />
،2005<br />
حيث كانت محاكم الدرجة الأولى موزعة بين المحاكم الشرعية والمحاكم العدلية<br />
(2)<br />
الاختصاص لكل منها .<br />
وعند وضع قانون السلطة القضائية موضع التنفيذ أحيلت الدعاوى التي كانت منظورة أمام المحاكم<br />
الشرعية والمحاكم العدلية إلى الدوائر المختصة في المحكمة الابتدائية، لأن هذه المحاكم الأخيرة<br />
ألغيت<br />
(3)<br />
ولم يعد لها وجود . وعلى اعتبار أن قانون السلطة القضائية هو القانون الناظم للقضاء<br />
ويرسم من ثم الإطار العام للمحاكم فإن قانون المرافعات المدنية والتجارية<br />
13 لسنة 1990 هو<br />
القانون المكمل له لأن هذا الأخير يحدد الإجراءات واجبة الاتباع أمام المحاكم التي تشكل وفقا لقانون<br />
السلطة القضائية. وتأسيس ًا على ذلك صدر القانون<br />
المرافعات المدنية والتجارية<br />
13 تاريخ<br />
13 لسنة<br />
بموجب قانون السلطة القضائية الجديد. ونحن نعتقد أن القانون<br />
2005/4/5 بتعديل أحكام قانون<br />
1990 لتتوافق وتنسجم مع الهيكلية الجديدة للمحاكم المؤلفة<br />
13 لسنة<br />
2005 لم يأت بتعديل<br />
جوهري على هيكلية المحاكم وإنما غير تسمية المحاكم والتي كان معمولا بها في قانون المحاكم<br />
العدلية<br />
13 لسنة .1971<br />
وقد قضى القانون<br />
13 لسنة<br />
2005 صراحة على أن تستبدل بعبارات<br />
المحكمة المدنية الكبرى والمحكمة المدنية الصغرى والمحاكم العدلية. عبارات" المحكمة الكلية"<br />
و"المحكمة الجزئية"و"المحاكم" وذلك أينما وردت في قانون المرافعات المدنية والتجارية<br />
13 لسنة<br />
1990.هذا على صعيد تسمية المحاكم. إلا أن ّه يجدر القول: إن هذا القانون، الذي أطلق التسمية<br />
الجديدة للمحاكم، عدل اختصاص هذه المحاكم حيث منحها ً اختصاص ًا عاما ً وشاملا ً للنزاعات ذات<br />
الطابع المدني والتجاري والإداري أو الشرعي بسبب أنه أوقف العمل بالمحاكم الشرعية والمحاكم<br />
العدلية هذا على صعيد الاختصاص الوظيفي أو النوعي أما بالنسبة للاختصاص القيمي فرفع النصاب<br />
القانوني إلى مئة ألف ريال للمحكمة الابتدائية الجزئية، أما إذا زادت قيمة الحق المدعى به عن هذا<br />
المبلغ فينعقد الاختصاص إلى المحكمة الابتدائية الكلية.<br />
وقضى قانون السلطة القضائية الجديد بأن المحكمة الابتدائية تؤلف من رئيس وعدد كاف من<br />
الرؤساء والقضاة. ويكون لدى المحكمة الابتدائية دوائر لنظر قضايا الحدود والقصاص، والقضايا<br />
1-المادة 13 من قانون السلطة القضائية<br />
10 لسنة .2004<br />
2<br />
انظر د.بدو حنا ، محاكمات مدنية –اجتهادات –دراسات منشورات الحلبي الحقوقية بيروت لبنان<br />
3-المادة 77 من قانون السلطة القضائية<br />
1999 ص.528.<br />
10 لسنة .2004<br />
85
أساسيات <strong>النظام</strong> القضائي <strong>القطري</strong> <strong>ماضيه</strong> <strong>وحاضره</strong><br />
المدنية والتجارية، ومسائل الأحوال الشخصية، والتركات، والمنازعات الإدارية،<br />
(1)<br />
وغيرها .ويصدر<br />
بإنشاء هذه الدوائر وتحديد اختصاصاتها قرار من المجلس الأعلى للقضاء، أما تشكيلها فبقرار من<br />
رئيس المحكمة الابتدائية بناء على اقتراح جمعيتها العامة. أما أحكامها فتصدر عن ثلاثة قضاة،<br />
ويرأسها أقدم الرؤساء بها،<br />
(2)<br />
ويحل أقدم الرؤساء بالمحكمة محل رئيس المحكمة عند غيابه .أضف<br />
إلى ذلك إلى أن المجلس الأعلى للقضاء له إنشاء دائرة أو أكثر، بناء على اقتراح رئيس المحكمة،<br />
(3)<br />
برئاسة قاض فرد بغاية الفصل في بعض القضايا التي يحددها القانون .<br />
وكما نوهنا فيما سبق إن المحكمة الابتدائية قسمت إلى قسمين ووزع العمل في كل قسم على أساس<br />
النصاب القيمي للحق المدعى به. وقد قضت بذلك أحكام المادة 22 من القانون<br />
13 لسنة 2005<br />
بقولها"تختص المحكمة الابتدائية من قاضٍ فرد ويشار إليها بالمحكمة الجزئية بالحكم ابتدائي ًا في<br />
جميع الدعاوى والمنازعات المدنية والتجارية والعقود الإدارية التي لاتزيد فيها قيمة الدعوى على<br />
مئة ألف ريال".<br />
أما الثانية فهي أيضا ً ذات اختصاص عام وشامل وتنظر بالنزاعات التي يتحدد قيمة الحق المدعى به<br />
على أكثر من مئة ألف ريال قطري. ونحن نعتقد بأن رفع النصاب القانوني للمحكمة الجزئية من<br />
ثلاثين إلى مئة ألف يخفف العبء وضغط الدعاوى على المحكمة الكلية. ولاسيما وأن هذه المحكمة<br />
الأخيرة تتمتع باختصاص النظر في الدعاوى مجهولة القيمة من جهة ومن جهة أخرى النظر بمسائل<br />
الأحوال الشخصية على اختلاف أنواعها وكذلك التركات. وهذا ما نصت عليه أحكام المادة<br />
24 من<br />
ذات القانون بقولها"تختص المحكمة الابتدائية مؤلفة من ثلاثة قضاة ويشار إليها بالمحكمة الكلية<br />
بالحكم ابتدائيا في الدعاوى والمنازعات المدنية والتجارية والعقود الإدارية التي تزيد فيها قيمة<br />
الدعوى على مئة ألف ريال، والدعاوى مجهولة القيمة، والدعاوى والمنازعات الخاصة بالأحوال<br />
الشخصية والتركات. وتختص بالحكم في الطلبات العارضة أو المرتبطة بالطلب الأصلي مهما كانت<br />
(4)<br />
قيمتها أو نوعها . وتختص وحدها دون غيرها في الفصل في دعاوى الإفلاس والصلح الواقي من<br />
الإفلاس ودعوى الحيازة وغير ذلك من الدعاوى التي ينص القانون على اختصاصها بغض النظر عن<br />
قيمتها.".<br />
1-المادة /1 11 من قانون السلطة لقضائية<br />
2-المادة 2/11 من قانون السلطة القضائية<br />
3-المادة 12 من قانون السلطة القضائية<br />
10 لسنة .2004<br />
10 لسنة .2004<br />
1 لسنة2004.<br />
4<br />
د.علي عوض حسن ، الدفع بعدم الاختصاص في المواد المدنية ، دار العدالة القاهرة ، 2005 ص.207 وما بعد.<br />
86
مجلة <strong>جامعة</strong> <strong>دمشق</strong> للعلوم الاقتصادية والقانونية– المجلد 25- العدد الأول-2009<br />
محمد حاتم البيات<br />
وواضح من النص السابق أن اختصاص المحكمة الكلية واسع وشامل ويعود السبب في ذلك إلى أن<br />
المحكمة الكلية تختص اليوم بكلّ النزاعات التي كانت سابقا من اختصاص المحاكم الشرعية<br />
والمحاكم العدلية أو محكمة العمل.فضلا عن اختصاصها النوعي في دعاوى الإفلاس والصلح الواقي<br />
من الإفلاس وكذلك دعاوى الحيازة وغيرها من الدعاوى التي يحددها القانون وبغض النظر عن قيمة<br />
الحق المدعى به.<br />
أما على صعيد الأحكام التي تصدرها المحكمة الابتدائية الكلية فهي على نوعين: أحكام نهائية وأحكام<br />
(1)<br />
قابلة للطعن بالاستئناف . فالنزاعات المتعلقة بالميراث والوصية والوقف والمهر يكون حكمها فيها<br />
نهائي ًا، فيما إذا كانت قيمة الحق المدعى به في هذه النزاعات لا<br />
(3)<br />
تبقى من أحكام فهي قابلة للطعن وفقا للقواعد العامة في الطعن استئناف ًا .<br />
(2)<br />
تزيد على ثلاثين ألف ريال . وما<br />
وخلاصة القول نرى أن المحكمة الابتدائية ذات اختصاص ولائي بجميع النزاعات التي حددها القانون<br />
13 لسنة<br />
2005 باستثناء أعمال السيادة ومسائل الجنسية. وخيرا ً ما فعل المشرع <strong>القطري</strong> في قانون<br />
السلطة القضائية الذي أخرج من اختصاص المحكمة الابتدائية هذه المسائل لسبب أن أعمال السيادة<br />
هي الأعمال التي تباشرها السلطة التنفيذية، كإبرام المعاهدات وإعلان حالة الطوارئ والأحكام العرفية<br />
وإبعاد الأجانب،<br />
(4)<br />
أو أخيرا ً منح اللجوء السياسي إلى شخص ما . أما الفقه فيعتقد،وهو على<br />
صواب،أن مثل هذه الأعمال السيادية، ومهما كان موضوعها، تخرج عن اختصاص القضاء بشكل<br />
(5)<br />
عام .على أن ّه لا يوجد، برأينا، ما يمنع من أن يبحث القاضي في تحديد هذه الأعمال، المذكورة<br />
أعلاه، وهل هذه الأعمال تدخل ضمن مفهوم أعمال السيادة ومسائل الجنسية أم لا؟ وإذا كانت من<br />
ضمن هذه الأعمال السيادية فيمكن حينئذٍ أن يعلن عدم اختصاصه.<br />
4-المجلس الأعلى للقضاء<br />
قضى قانون السلطة القضائية في المادة<br />
22 منه<br />
بإنشاء مجلس أعلى للقضاء بهدف تحقيق مبدأ<br />
استقلال القضاء يكون جميع الأعضاء فيه من السلطة القضائية حصرا ً ويتألف من سبعة أعضاء:<br />
رئيس محكمة التمييز رئيس ًا وأقدم النواب في محكمة التمييز نائبا وأقدم القضاة فيها عضوا ً. ورئيس<br />
1<br />
المستشار أنور طلبة، موسوعة المرافعات المدنية والتجارية، الجزء الثاني والرابع القاهرة<br />
2-المادة 24 من القانون<br />
2001 ص.713 .<br />
13 لسنة .2005<br />
3<br />
انظر في تفصيل ذلك د.محمد سعيد عبد الصمد ، نظرية الوضع الظاهر في قانون المرافعات، الطبعة الأولى، المكتبة القانونية<br />
القاهرة ، 2006 ص.113 وما بعد.<br />
4-محكمة القضاء الإداري ، باريس، 1987، راجع أحمد السيد صاوي، المرجع السابق، ص.344.<br />
5-أبو الوفا، المرجع السابق، ص.24.<br />
87
أساسيات <strong>النظام</strong> القضائي <strong>القطري</strong> <strong>ماضيه</strong> <strong>وحاضره</strong><br />
محكمة الاستئناف وأقدم النواب والقضاة فيها وأخيرا ً رئيس المحكمة الابتدائية. ويعد هذا المجلس<br />
التجسيد العملي لمبدأ الفصل بين السلطات الثلاث التشريعية والقضائية والتنفيذية. ويمارس المجلس<br />
اختصاصاته وفق القانون ويعمل على حسن وتطوير العمل القضائي و<strong>النظام</strong> القضائي. صحيح أن<br />
أعضاء هذا المجلس من السلطة القضائية حصرا ً، وإعمالا ً لمبدأ الفصل بين السلطات، إلا أننا نعتقد<br />
–من جانبنا- أن هذا الفصل شكلي، فقد يتدخل عناصر من السلطة التشريعية أو السلطة التنفيذية<br />
لدى القضاء لصالح أحد الخصوم أو بقصد الإضرار به، وقد يكون التدخل بأعمال هي من صميم<br />
الأعمال المنوطة بالمجلس الأعلى للقضاء.<br />
ويختص المجلس الأعلى للقضاء، باختصار شديد، في كل ما يتعلق بأمور القضاء والقضاة وقد أسند<br />
قانون السلطة القضائية للمجلس عدد ًا من الاختصاصات تقوم في مجملها على تحقيق استقلال القضاء<br />
وإدارة شؤونه بإبداء الرأي في المسائل المتعلقة بالقضاء، كاقتراح إنشاء محاكم جديدة، وفي تعيين<br />
القضاة وترقيتهم ونقلهم وندبهم وإعارتهم والتظلمات المتعلقة بشؤونهم، وأخيرا ً الاختصاص بأمر<br />
(1)<br />
مساءلتهم .<br />
المبحث الثاني<br />
المبادئ التي<br />
يقوم عليها<br />
<strong>النظام</strong> القضائي <strong>القطري</strong>:<br />
رقم<br />
حرصت التشريعات الحديثة، ومنها التشريع <strong>القطري</strong>، على تنظيم القضاء كسلطة قضائية عامة من<br />
سلطات الدولة مهمتها الفصل في المنازعات الناشئة بين الأفراد وإقامة العدل بينهم. وقد عنيت هذه<br />
التشريعات بإقرار مبادئ أساسية تحكم حسن سير العملية القضائية على الوجه الأمثل بهدف الوصول<br />
(2)<br />
إلى حكم عادل وعاجل .<br />
وقد حرصت التشريعات الحديثة على تنظيم القضاء واعتباره سلطة عامة وفقا لمبدأ الفصل بين<br />
السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية. ومن هذه التشريعات الحديثة قانون المرافعات <strong>القطري</strong><br />
13 لعام<br />
مبادئ أساسية<br />
1990 وكذلك قانون السلطة القضائية رقم 10لعام<br />
.2003<br />
هذه القوانين نصت على<br />
تتعلق بحسن سير القضاء على نحو ينظم السلطة القضائية ووظيفتها الأساسية في<br />
(3)<br />
الفصل في النزاعات بين الأفراد أو بين الأفراد والدولة كطرف آخر .<br />
1<br />
2<br />
3<br />
المادة 23 من قانون السلطة القضائية.<br />
د.احمد حشيش التنظيم القضائي ، الطبعة الأولى، المكتبة القانونية الحديثة ، القاهرة<br />
2007 ص.213.<br />
راجع في تفصيل ذلك د. محمد وأصل، أصول المحاكمات المدنية ، مطبوعات <strong>جامعة</strong> <strong>دمشق</strong><br />
.2006<br />
88
مجلة <strong>جامعة</strong> <strong>دمشق</strong> للعلوم الاقتصادية والقانونية– المجلد 25- العدد الأول-2009<br />
محمد حاتم البيات<br />
إن <strong>النظام</strong> القضائي <strong>القطري</strong>،نظام متأثر ب<strong>النظام</strong> القضائي المصري، ويقوم كغيره، على مبادئ أساسية،<br />
نابعة من الدستور والقانون، وسوف نتطرق إلى هذه المبادئ عن طريق حصرها في نقطتين<br />
أساسيتين:<br />
الأولى: المبادئ التي تنظم عمل القضاء: كمبدأ استقلال القضاء، مبدأ المساواة ومجانية القضاء، مبدأ<br />
المجابهة بالدليل وعلانية جلسات المحاكمة والنطق بالحكم وأخيرا ً مبدأ حياد القاضي.<br />
الثانية: المبادئ التي تحكم تكوين القضاء: كمبدأ التقاضي على درجتين، مبدأ القضاء الثابت، مبدأ<br />
قضاء الفرد وقضاء الجماعة، وأخيرا ً نعتقد-من جانبنا-أيضا ً بمبدأ الجمعيات العامة للمحاكم<br />
ولجانها الوقتية، ومبدأ تقييم القاضي: كمبادئ قضى بها قانون السلطة القضائية الجديد رقم<br />
10 لسنة .2003<br />
المطلب الأول<br />
المبادئ التي تنظم عمل القضاء:<br />
هناك عدة مبادئ أساسية، دستورية وقانونية، تسود نظام القضاء في قطر، ندرسها على التوالي.<br />
أولا ً: مبدأ استقلال القضاء في أداء عمله القضائي:<br />
يقصد باستقلالية القضاء أن السلطة القضائية مستقلة في عملها عن السلطتين التشريعية والتنفيذية.<br />
فالقاضي يحكم في النزاع المعروض أمامه بموجب القانون ووحي ضميره ولا سلطان عليه إلا<br />
القانون نفسه. وينتج عن ذلك أنه لا يجوز للسلطة التشريعية أو السلطة التنفيذية الفصل في النزاعات<br />
بين الأفراد، وكذلك الأمر لا يجوز لأي من هاتين السلطتين التعديل في حكم قضائي، أو توجيه القضاة<br />
في إصدار أحكام معينة أو محددة بشكل مسبق، أو حتى التأثير في قضائهم بشكل أو بآخر.<br />
وما من شك في أن استقلال القضاء على النحو المتقدم يساعد القضاة على أداء مهامهم بصدق<br />
وعدل وفي إعلان كلمة الحق والقانون، ونشر العدل على خير وجه. وقد أجمعت دساتير الدول على<br />
اختلاف أنظمتها السياسية اعتبار القضاء سلطة مستقلة. وتأكيدا ً لهذا المبدأ نصت تلك الدساتير<br />
على أن القضاة مستقلون ولا سلطان عليهم في قضائهم لغير القانون. فالقضاء في أي دولة هو<br />
مظهر نهضتها وعنوان تقدمها ورقيها، وتخلف القضاء يعني ضمنا تخلف الدولة عن مواكبة التطور<br />
والحضارة المدنية. والقوانين مهما بلغت من الإتقان والإحكام لا تؤدي وظيفتها إلا بقضاء عادل<br />
ومستقل. لذلك حرصت الدول على توفير كلّ مظاهر الاستقلال لقضائها وتقرير كل الضمانات<br />
والضوابط اللازمة حتى يؤدي القضاء رسالته العظيمة المقدسة بعيدا ً عن كل عوامل التأثير والتأثر<br />
89
أساسيات <strong>النظام</strong> القضائي <strong>القطري</strong> <strong>ماضيه</strong> <strong>وحاضره</strong><br />
والإرهاب والإغراء، واستقلال القضاء مبدأ<br />
(1)<br />
أقرته الدساتير بهدف تحصين القضاء والقضاة . وقد<br />
حرص الدستور الدائم لدولة قطر على تأكيد استقلالية القضاء وعدم جواز التدخل في جهاز القضاء.<br />
حيث ورد بهذا الشأن في الدستور"القضاة مستقلون، لا سلطان عليهم في قضائهم لغير القانون، ولا<br />
(2)<br />
يجوز لأي جهة التدخل في القضايا أو في سير العدالة" . وقد ورد المضمون ذاته في قانون المحاكم<br />
(3)<br />
العدلية "القضاة مستقلون لا سلطان عليهم في قضائهم لغير القانون وتصدر أحكامهم وتنفذ وفق<br />
(4)<br />
القانون" . كذلك الأمر جاء قانون السلطة القضائية الجديد مطابقا ً لما ورد في القوانين المذكورة<br />
(5)<br />
أعلاه . وبغية تامين استقلال السلطة القضائية منح المشرع <strong>القطري</strong>، كغيره، القاضي حصانة تحول<br />
دون عزله. فضلا ً عن أن مبدأ استقلال القضاء لا يعني –من جانبنا- الفصل التام بينه وبين السلطة<br />
التنفيذية والتشريعية في الدولة، فالسلطة التنفيذية قد تمارس بعضا من الهيمنة الإدارية على السلطة<br />
القضائية، وهو حال جميع الدول، من نظام جمهوري أو ملكي، وتتمثل هذه الهيمنة فيما لها من<br />
صلاحيات تعيين ونقل القضاة<br />
(6)<br />
والإشراف الإداري على المحاكم والقضاة . ومع هذا لا نعني أن ّه<br />
بإمكان السلطة التنفيذية المساس باستقلال القضاء، لأن المشرع وضع الضمانات التي تكفل استقرار<br />
القضاة في أداء عملهم.<br />
ومن مبادئ الأمم المتحدة الأساسية بشأن استقلال السلطة القضائية أن ّه "يكون للقضاة الحرية في<br />
تكوين جمعيات للقضاة أو غيرها من المنظمات لتمثيل مصالحهم والنهوض بتدريبهم المهني وحماية<br />
استقلالهم القضائي".<br />
وجاء أيضا ً أن ّه "تكفل الدولة استقلال السلطة القضائية وينص عليه دستور البلد وقوانينه ومن واجب<br />
جمع المؤسسات الحكومية وغيرها احترام ومراعاة استقلال السلطة القضائية".<br />
ثاني ًا: مبدأ المساواة أمام القضاء:<br />
ويقصد بالمساواة أمام القضاء عدم قيام القاضي بالتمييز بين الأطراف المتنازعة بحسب مكانتهم أو<br />
إمكانياتهم، بل يجب عليه معاملتهم معاملة المثل من حيث إجراءات التقاضي وضماناته. إن معاملة<br />
1<br />
د.علي الخنجي ، التعليق على قانون المرافعات <strong>القطري</strong> ، المرجع السابق، ص.7.<br />
2-المادة 131 من الدستور الدائم لدولة قطر.<br />
3-الملغى بالقانون<br />
13 لسنة .1990<br />
4-المادة 23 من قانون المحاكم العدلية الملغى بالقانون<br />
5-المادة 2 من قانون السلطة القضائية رقم<br />
13 لسنة<br />
10 لسنة .2004<br />
6راجع بهذا الصدد أحكام المواد 32-28 من قانون السلطة القضائية <strong>القطري</strong> رقم<br />
السلطة القضائية السوري رقم<br />
1990 بإصدار قانون المرافعات المدنية والتجارية.<br />
10 لعام 2003 والماد<br />
68 لعام ، 1961 والمواد<br />
27-23 من قانون استقلال القضاء الأردني.<br />
80-70 من قانون<br />
90
ط2<br />
مجلة <strong>جامعة</strong> <strong>دمشق</strong> للعلوم الاقتصادية والقانونية– المجلد 25- العدد الأول-2009<br />
محمد حاتم البيات<br />
القاضي للمتقاضين أمامه معاملة سواء من شأنها أن تعزز ثقة الناس في القضاء بشكل عام والقاضي<br />
بشكل خاص. كما تبعث الطمأنينة في نفوسهم.<br />
ويدخل، بنظرنا، ضمن مبدأ المساواة أمام القضاء، حق اللجوء إلى القضاء كحق دستوري للفرد.<br />
ونظرا لما تتمتع به الدولة من وظيفة قضائية فإن ّه يقع على عاتقها كفالة حق التقاضي لجميع الناس<br />
لإقامة العدل بين الجميع. ثم إن هذا الحق يعد من الحقوق العامة التي تتيح للجميع اللجوء إلى<br />
السلطة القضائية،<br />
(1)<br />
كسلطة من سلطات الدولة العامة .<br />
ودستور دولة قطر أشار صراحة إلى مبدأ اللجوء إلى القضاء والمساواة بين الناس أمامه"التقاضي<br />
حق مصون ومكفول للناس كافة،<br />
(2)<br />
ويبين القانون إجراءات وأوضاع ممارسة هذا الحق" . ونرى من<br />
هذا النص الدستوري المهم أن يكون لكل فرد الحق في أن يحاكم أمام القضاء العادي، الطبيعي،<br />
ورفض فكرة المحاكم الخاصة أو الاستثنائية والتي في غالب الأحيان لا تقدم العدالة المطلوبة .ويكمن<br />
السبب في نظرنا في أن مثل هذه المحاكم تؤلف من غير القضاة، أو برئاسة قاض وعضوية آخرين<br />
من غير القضاة عسكريين أو فئات أخرى من المجتمع. ثم إن مثل هذه المحاكم لا تحفظ على الإطلاق<br />
ضمانات التقاضي المقررة أمام القضاء العادي، بل وأكثر من ذلك تكون هذه المحاكم في حقيقتها<br />
محاكم صورية أو محاكم تفتيش، لأنها تنطق، إن صح التعبير، بأحكام جاهزة مسبقا ً، وتكاد تخلو من<br />
أبسط الحقوق المقررة للمتقاضين كالطعن أو الاعتراض. ويرى الفقه، وهو في جادة الصواب،<br />
" نأ<br />
محاكمة شخص أمام محكمة خاصة يحمل أحد معنيين: إما محاباته، وإما الرغبة في التشدد عليه<br />
فينكسر وتضعف حجته،<br />
(3)<br />
وفي الحالتين يفسد قضاء القاضي" . ثم إن هذه المحاكم الخاصة لا تعد<br />
(4)<br />
وفق رأي الفقه قضاء طبيعي ًا. ومن جانبنا نعتقد بأن مثل هذه المحاكم الاستثنائية أو الخاصة<br />
يصعب تسميتها بمحاكم على غرار المحاكم العادية، صحيح أنها تكون أحيان ًا برئاسة قاض إلا أن هذا<br />
القاضي قد لا يكون مختصا بالمسألة المعروضة عليه بل إنه اختير لمجرد<br />
(5)<br />
أن ّه قاضٍ . ثم إن<br />
الأعضاء الآخرين ليسوا من العناصر القضائية، ناهيك على أن التصويت في المداولة من قبل هؤلاء<br />
الأعضاء سيكون لا محالة وفقا ً لتوجيه أو تحت ضغط أحد، وهو على الأقل تصويت غير موضوعي.<br />
1<br />
د.أحمد مليجي ، الموسوعة الشاملة بقانون المرافعات -آراء الفقه والصيغ القانونية ، دار العدالة القاهرة<br />
2-المادة<br />
135 من الدستور الدائم لدولة قطر .<br />
2002 ص.223.<br />
3-أحمد السيد صاوي، الوسيط في شرح قانون المرافعات المدنية والتجارية ، 1997، دار النهضة العربية ، ص.46.انظر<br />
أيضا في المعنى ذاته رزق االله انطاقي ، المرجع السابق ، ص.50.<br />
4-أحمد فتحي سرور، الوسيط في قانون الإجراءات الجنائية، ج.<br />
.1980، ص.269.<br />
5<br />
د.مفلح عواد القضاة، المحاكمات المدنية والتنظيم القضائي ، دار الثقافة للنشر والتوزيع عمان الأردن،<br />
2004 ص.38.<br />
91
أساسيات <strong>النظام</strong> القضائي <strong>القطري</strong> <strong>ماضيه</strong> <strong>وحاضره</strong><br />
في دولة قطر لا وجود للمحاكم الخاصة أو الاستثنائية، إذ إن القضاء ينحصر في جهة القضاء<br />
العادي،<br />
(1)<br />
محاكم مدنية ومحاكم جزائية،الذي يتشكل من قضاة ممتهنين للعمل القضائي .<br />
وعلى اعتبار أن الدولة تكفل حق التقاضي للأفراد كافة فإن العدل يقدم لهم بالمجان، والدولة توفر<br />
لهم هذه الخدمة المجانية لأن ّها خدمة عامة. وهذا هو مبدأ مجانية القضاء والذي يعد النتيجة الحتمية<br />
لمبدأ المساواة أمام القضاء، إذ لن تتحقق المساواة بالمعنى الحقيقي إلا إذا كان القضاء متاحا ً<br />
للجميع، سواء المقتدر منهم أم غير المقتدر. وفي الحالة التي نكون فيها خارج هذه الفرضية ذلك<br />
يعني أن الفقير سيحرم من حصوله على هذه الخدمة. ومبدأ المساواة يتوقف –من جانبنا- على<br />
تحقيق العدالة على تطبيقه. فهو شكل من أشكال العدالة ومظهر بارز من مظاهره. وقد نصت المادة<br />
العاشرة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان أن الفرد له الحق في نظر قضيته أمام<br />
محكمة مستقلة<br />
نزيهة نظرا ً عادلا ً علني ًا للفصل في حقوقه والتزاماته، ونعتقد –من وجهة نظرنا أيضا ً- أن من آثار<br />
ذلك المبدأ أن جميع الناس متساوون أمام القضاء ولهم حق التقاضي أمام محاكم واحدة وبإجراءات<br />
واحدة وبقانون واحد.<br />
ومع ذلك لابد للمتقاضيين من أن يتحملا، عند لجوئهم إلى القضاء،الرسوم القضائية وهي غالب ًا ما<br />
تكون رمزية ولا تنال من مبدأ مجانية القضاء. وقد راعى المشرع <strong>القطري</strong> في فرض هذه الرسوم<br />
التوفيق بين اعتبارين اثنين: الأول المحافظة -قدر الإمكان- على مبدأ مجانية القضاء، فوضع<br />
للرسوم حدا ً أعلى، مهما كانت قيمة الحق المدعى به، حتى لا تثقل كاهل المتقاضين أو تصرفهم عن<br />
(2)<br />
حقهم في اللجوء إلى القضاء . أما الثاني فلتجنب إساءة استعمال حق التقاضي ومنع الدعاوى<br />
الكيدية وذلك بفرض حد أدنى من الرسوم وهي خمسون ريالا ً، وفرض أيضا ً رسوم أخرى لا مقام هنا<br />
للتفصيل فيها.<br />
.<br />
(3)<br />
وأخيرا ً لم يحرم المشرع <strong>القطري</strong> الفقير من المطالبة بحقه أمام القضاء إذا ثبتت عدم قدرته على دفع<br />
الرسوم القضائية المستوجبة، وذلك من خلال منحه المعونة القضائية وإعفائه عن تسديد هذه الرسوم<br />
كلها أو بعضها وفقا ً لما تراه اللجنة المختصة<br />
1<br />
- يجدر التنويه بأنه هناك غياب لمسؤولية القاضي المهنية ، وفق التشريع <strong>القطري</strong> ، حيث لم ينص المشرع على دعوى<br />
مخاصمة القضاة.، والتي هي دعوى مسؤولية مدنية ضد القاضي بحيث يمكن أن تترتب فيما إذا كان القاضي أو الهيئة الحاكمة<br />
قد أصدرت حكما مبرما ، وفق القانون ، واعتبر المحكوم عليه أن هذا الحكم بني على الخطأ المهني الجسيم ومخالف للقانون من<br />
شانه أن يضر بحقوقه .فله من حيث المبدأ أن يرفع دعوى مخاصمة ضد القاضي أو القضاة الذين أصدروا هذا الحكم المبرم<br />
يطالب فيها بالتعويض عن الضرر كما أنه يطالب المحكمة المختصة بنظر هذه الدعوى بإبطال الحكم الذي صدر ضده.وفقا<br />
للقواعد العامة في المسوولية المدنية التقصيرية من أن كل خطأ سبب ضررا للغير يلزم من ارتكبه بالتعويض.ولكن أساس دعوى<br />
المخاصمة ليس الخطأ العادي وإنما الخطأ الجسيم.<br />
2-المادة 532 من قانون المرافعات المدنية والتجارية 13 لسنة 1990 المعدل.<br />
3-المادة 551 ن قانون المرافعات المدنية والتجارية<br />
13 لسنة 1990 المعدل.<br />
92
مجلة <strong>جامعة</strong> <strong>دمشق</strong> للعلوم الاقتصادية والقانونية– المجلد 25- العدد الأول-2009<br />
محمد حاتم البيات<br />
نضيف إلى ذلك، أن قانون مزاولة مهنة المحاماة الجديد<br />
في قطر رقم<br />
23 لسنة 2006<br />
قضى بأن<br />
تشكل في المحاكم لجنة للمساعدة القضائية، تقرر ندب أحد المحامين للقيام بأي عمل من أعمال<br />
المحاماة في حالات متعددة منها،عندما يكون أحد المتقاضين معسرا ً أو عاجزا ً عن دفع أتعاب<br />
المحاماة، هذا من جهة، ومن جهة أخرى إذا تقرر إعفاؤه من دفع الرسوم القضائية كلها أو بعضها،<br />
(1)<br />
والمحامي المنتدب يقوم بالدفاع عنه دون مقابل أتعاب .<br />
ومن المبادئ المكملة لمبدأ المساواة أمام القضاء مبدأ حياد القاضي. حيث يكمن الغرض الأساسي من<br />
ممارسة الدولة للوظيفة القضائية في ضمان حياد القاضي في فصله للنزاع المعروض عليه. وبعبارة<br />
أخرى، إن حياد القاضي يقتضي منه أن يقف موقف الحكم الذي يزن مصالح الأطراف في الدعوى<br />
بعدل وحق. فلا يساعد أيا ً من الخصوم في جمع الأدلة لصالحه ولا أن يبدي رأيا ً في موضوع النزاع،<br />
أو أن يفشي منطوق الحكم قبل إصداره وهو ما قضى به قانون السلطة<br />
(2)<br />
القضائية الجديد.. . ثم إن<br />
المشرع <strong>القطري</strong> في قانون المرافعات المدنية والتجارية في باب الإثبات لم يأخذ بمبدأ الإثبات الحر<br />
الذي يسمح للقاضي جمع الأدلة. فالخصوم كما القاضي مقيدون ضمن دائرة أدلة الإثبات التي حددها<br />
القانون على سبيل الحصر. كذلك الأمر وبالمقابل يجب ألا يكون موقف القاضي سلبي ًا بالنسبة لأدلة<br />
الإثبات المبرزة بالدعوى بل على العكس لابد من أن يكون دوره إيجابي ًا فيها بشكل محايد وإعمالا ً<br />
لمبدأ حياد القاضي.<br />
فضلا ً عن ذلك يقتضي مبدأ حياد القاضي مراعاة عدة أمور منها: ألا تكون له مصلحة في الدعوى<br />
التي ينظر فيها، وألا يحكم بعلمه الشخصي. لأنه سيكون هذا العلم لا محالة دليلا ً في الدعوى لمصلحة<br />
أحد الأطراف فيها. لأنه بذلك سيجمع بين صفتي الحكم والشاهد معا ً. كذلك الأمر على القاضي أن<br />
يساوي بين الخصوم في كل ما يتعلق بالدفوع والدفاع وأن يمك ّن كل خصم من مناقشة وتفنيد أدلة<br />
الخصم الآخر، لإثبات عكسها، إذا كان لديه دليل مناقض.استناد ًا إلى لقاعدة الأصولية الشهيرة<br />
الدائن إثبات الالتزام وعلى المدين إثبات التخلص منه".<br />
"على<br />
وعلاوة على ذلك وحرصا ً من القانون على ضمان مظهر حياد القاضي أمام الخصوم الماثلين أمامه،<br />
وللحيلولة من أن يتأثر حكمه بدافع القرابة أو المصلحة حدد قانون المرافعات أسباب ًا لرد القاضي<br />
وقضى بعدم صلاحيته للفصل في الدعوى في هذه الأحوال لأن حكمه يخشى معه على حياده.فالقاضي<br />
1-راجع المواد 56و59 من قانون<br />
10 لسنة<br />
1996 الخاص بمزاولة مهنة المحاماة في دولة قطر.<br />
2-المادة 43 من قانون السلطة القضائية الجديد لسنة 2004.تقول"لا يجوز للقاضي أن يبدي رأيا في المنازعات المعروضة عليه،<br />
كما لا يجوز له إفشاء أسرار المداولة".<br />
93
أساسيات <strong>النظام</strong> القضائي <strong>القطري</strong> <strong>ماضيه</strong> <strong>وحاضره</strong><br />
إنسان بشر قد يتعرض لعوامل ما وبدورها قد تؤثر<br />
(1)<br />
في عمله القضائي ، الأمر الذي يقتضي كف يده<br />
عن الحكم في الدعوى لضمان حياده في إصدار حكمه. هذه العوامل تختلف باختلاف أسباب عدم<br />
صلاحية القاضي للحكم، وأسباب رده أو تنحيه. والجدير بالذكر، أن إجراءات رد القاضي أو تنحيه في<br />
قانون المرافعات<br />
13 لسنة<br />
(2)<br />
1990 قد أخضعت إلى تعديلات لسنا بمقام تفصيلها .<br />
ونود الإشارة أخيرا ً إلى أن مبدأ الحياد لابد وأن يكون إيجابي ًا وهذا يعني مراقبة أطراف النزاع أو<br />
أحدهم ومنعه من المراوغة والتسويف بإطالة أمد النزاع،أو التلاعب بإجراءات التقاضي بأي وجه<br />
تحت ستار حق الدفاع. ويعتقد الفقه،وهو على صواب، أنه"لا محل لأن يسلم القاضي بإرساء حكم<br />
القانون على موضوع الدعوى، ولا يسلم له بإنزال حكم القانون عند السير فيها أو عند تصحيح<br />
(3)<br />
شكلها أو عند إثباتها.كل هذا بحدود موقف حيادي عادل" .<br />
(4)<br />
فضلا ً عن أن قانون السلطة القضائية الجديد ، أجاز التفتيش على أعمال القاضي مرة على الأقل كل<br />
سنتين لتقييم أداء عمله ويكون تقدير الكفاية بإحدى الدرجات الآتية: كفء -فوق المتوسط-متوسط-<br />
أقل من المتوسط. وفي حال حصول القاضي على تقريرين متتاليين بدرجة اقل من المتوسط فإن<br />
المجلس الأعلى للقضاء له أن يقرر إحالته إلى التقاعد أو نقله إلى وظيفة أخرى غير قضائية. وله<br />
التظلم من ذلك أمام ذات المجلس ويكون قرار هذا الأخير بشأن تقدير الكفاية نهائي ًا. ونحن نؤيد هذه<br />
العقوبة لأنها تحث القاضي على العمل الدؤوب والتفاني فيه مما يخدم، بشكل خاص، مصلحته<br />
الشخصية بالنتيجة، وبشكل عام، المصلحة العامة.<br />
ثالث ًا: مبدأ علانية الجلسات والمجابهة بالدليل:<br />
ويقصد بمبدأ العلانية في جلسات المحاكمة أن تكون هذه الجلسات مفتوحة بحيث يكون من حق أي<br />
شخص أن يحضرها. ومبدأ العلانية لا ينحصر في جلسات المحاكمة فحسب بل يمتد ليشمل جلسة<br />
النطق بالحكم، إلا أن بعض جلسات المحاكمة يمكن أن تكون سرية أما جلسة النطق بالحكم فلاب د أن<br />
تكون علنية. وسرية بعض الجلسات ليس فيه مساس بمبدأ العلانية وإنما تقرر هذه السرية من قبل<br />
هيئة المحكمة لاعتبارات معينة نص عليها القانون صراحة كالخلافات الأسرية، أو لاعتبارات <strong>النظام</strong><br />
1<br />
د.علي الخنجي ، المرجع السابق، ص.8.<br />
2-انظر المواد 1151-101 من القانون<br />
13 لسنة<br />
3-أحمد أبو الوفا، المرافعات المدنية والتجارية ، الطبعة الخامسة عشرة،<br />
4-راجع المواد 49-48 من قانون السلطة القضائية<br />
2005 المعدل لأحكام قانون المرافعات المدنية والتجارية<br />
13 لسنة .1990<br />
1990، ص.16.<br />
10 لسنة .2004<br />
94
مجلة <strong>جامعة</strong> <strong>دمشق</strong> للعلوم الاقتصادية والقانونية– المجلد 25- العدد الأول-2009<br />
محمد حاتم البيات<br />
(1)<br />
العام مثلا ً. وقد قيل، وبحق، إن العلانية يجب أن تمتد لتشمل تسبيب الأحكام القضائية والسماح<br />
بنشر المناقشات والمرافعات ومنطوق الأحكام في وسائل الإعلام، وإعطاء نسخة عن الحكم لكل من<br />
(2)<br />
يطلبها .<br />
ومن جهتنا نعتقد مع الفقه<br />
بأن وجود مبدأ العلانية في النظم القضائية ومنها <strong>النظام</strong> <strong>القطري</strong> يحقق<br />
عدة فوائد: أولها العلانية تسمح بالرقابة الشعبية على أعمال المحاكم مما يدفع هذه المحاكم إلى الدقة<br />
والموضوعية في إصدار أحكامها، وثانيها: أن مبدأ العلانية يبعث الثقة والطمأنينة في نفوس الأطراف<br />
المتنازعة ويعزز من هيئة القضاء والقضاة، وثالث ًا: يعد الحكم زاجرا ً لمن تسول نفسه ارتكاب<br />
الجرائم.<br />
ويعد الفقه-وهو على صواب- نأ<br />
العلانية هي الأصل في الأحكام<br />
(3)<br />
وتبعث الثقة لدى الجميع .<br />
وقد جاء في الدستور <strong>القطري</strong> بأن "جلسات المحاكم علنية إلا إذا قررت المحكمة جعلها سرية مراعاة<br />
للنظام العام أو<br />
(4)<br />
للآداب العامة، وفي جميع الأحوال يكون النطق بالحكم في جلسة علنية . وهذا ذاته<br />
(5)<br />
ما تقرر في قانون السلطة القضائية بنص مطابق .<br />
ونحن نعتقد بأن من متممات مبدأ العلانية في جلسات المحكمة مبدأ المجابهة بالدليل والمواجهة بين<br />
الخصوم في الدعوى. ويقتضي هذا المبدأ أن جميع إجراءات التقاضي والتي يباشرها كل خصم في<br />
الدعوى يتعين أن تكون في حضور الخصم الآخر أو بحضور من يمثله قانون ًا. وهذا بدوره يفسح<br />
المجال أمام كل خصم الاطلاع على أدلة خصمه في الدعوى لتفنيدها ومناقشتها والدفاع عن مصالحه<br />
في ضوئها. وعلى الساحة العملية يكمن ذلك من خلال تبادل المذكرات بين الخصوم أنفسهم، (عندما<br />
تقبل طبيعة المحكمة المرافعة منهم)، أو بين ممثليهم. ومبدأ المجابهة بالدليل، لأننا نعده، متمم ًا لمبدأ<br />
العلانية فلا يعني اطلاع الخصوم في الدعوى على الأدلة المبرزة فيها فحسب وإنما بإمكان أي شخص<br />
(6)<br />
آخر، تتوافر فيه المصلحة أم لا، أن يطلع على ما يشاء منها، ما دامت جلسات المحكمة مفتوحة .<br />
1-المادة 59 من قانون المرافعات المدنية والتجارية<br />
13 لسنة<br />
3<br />
قانون المرافعات <strong>القطري</strong> ، الجزء الأول ، دار العلوم للطباعة الدوحة قطر ص.9.<br />
2-أحمد السيد صاوي، المرجع السابق، ص.76.<br />
لد.إبراهيم النفياوي، التعسف في التقاضي، الطبعة الأولى ، المكتبة القانونية القاهرة<br />
4-المادة 133 من الدستور الدائم لدولة قطر.<br />
5-المادة 15 من قانون السلطة القضائية رقم<br />
1990 المعدل.انظر في تفصيل ذلك ، علي الخنجي ، التعليق على<br />
2007 ص.518 .<br />
10 لسنة .2004<br />
6- وهذا ما لمسناه عمليا ً وشخصيا ً من خلال حضور عناصر إعلامية في جلسات المحاكم في ظل دعاوى يكون الأطراف فيها<br />
أو بعضهم على مستوى رفيع وذلك من خلال ممارستنا لمهنة المحاماة.<br />
95
أساسيات <strong>النظام</strong> القضائي <strong>القطري</strong> <strong>ماضيه</strong> <strong>وحاضره</strong><br />
وتطبيق ًا لهذه المبادئ أوجب قانون المرافعات على كل مدعي أن يقدم نسخا ً عن استدعاء دعواه<br />
والأدلة فيها بعدد المدعى عليهم عند قيدها في قلم المحكمة، وما هذا إلا بقصد الاطلاع على الدعوى<br />
(1)<br />
والمستندات المبرزة بها من قبل المدعى عليهم .<br />
المطلب الثاني<br />
المبادئ التي تحكم تكوين القضاء <strong>القطري</strong>:<br />
هذه المبادئ<br />
تشكل الضمانات الفعالة في حصول المتقاضي على حكم قضائي أخضع إلى درجتين من<br />
التقاضي. وهذا <strong>النظام</strong> يمنح فرصة للخصم الذي صدر الحكم ضده بأن يعرض موضوع النزاع على<br />
محكمة أخرى أعلى درجة من المحكمة مصدرة الحكم (مبدأ التقاضي على درجتين). أما على صعيد<br />
المحاكم فهي تصنف إلى فئتين: محاكم تؤلف من مجموعة قضاة، ومحاكم تشكل برئاسة قاض واحد<br />
(مبدأ قضاء الفرد وقضاء الجماعة). وهذه المحاكم ثابتة غير سيارة (مبدأ القضاء الثابت) وأخير ًا<br />
ينبثق عن كل محكمة من هذه المحاكم جمعية عامة ولجنة وقتية (مبدأ الجمعيات العامة للمحاكم<br />
ولجانها الوقتية). وسوف نتولى دراسة هذه المبادئ على التوالي.<br />
أولا ً:<br />
مبدأ التقاضي على درجتين:<br />
يعد مبدأ التقاضي على درجتين من المبادئ الأصيلة التي يقوم عليها الجهاز القضائي <strong>القطري</strong> إذ إن<br />
هذا المبدأ يبعث الطمأنينة في نفوس الأطراف المتنازعة لأنه يقضي بعرض النزاع على مرجع قضائي<br />
أعلى. ولاسيما في الحالة التي يكون فيها حكم محكمة الدرجة الأولى صادر ًا عن جهة قضائية برئاسة<br />
قاضٍ واحد (قضاء الفرد) وفي هذه الحالة سيعرض هذا الحكم، بنتيجة الطعن فيه، على محكمة<br />
الدرجة الثانية المؤلفة من ثلاثة قضاة (قضاء الجماعة) ومن الواضح أن نظر النزاع من محكمة<br />
الدرجة الثانية يعطي انطباع ًا حسنا ً بالنسبة للمتقاضي المستأنف أو الطاعن. لأن هذه المحكمة ذات<br />
(2)<br />
الدرجة الثانية ستفصل من جديد في النزاع . وقد أخذ المشرع <strong>القطري</strong> بنظام التقاضي على درجتين<br />
أول مرة في ظل قانون المحاكم العدلية لعام<br />
والتجارية<br />
1971 والذي<br />
13 لسنة<br />
ألغي بصدور قانون المرافعات المدنية<br />
1990 والذي احتفظ بنظام التقاضي على درجتين. ويلاحظ أن قبل عام<br />
1971 لم<br />
يكن القضاء الشرعي والقضاء العرفي إلا على درجة واحدة. إذ إن هذا القضاء،الشرعي والعرفي،<br />
الوحيد في قطر لم يكن يشكل نظاما ً قضائي ًا متكاملا ً على غرار الأنظمة الحالية في الدولة القائمة على<br />
2<br />
1-راجع في هذا الشأن المواد<br />
39-33 من قانون المرافعات المدنية والتجارية (المعدل).<br />
د.أسامة روبي عبد العزيز ، الوسيط في قانون المرافعات المدنية والتجارية ، الطبعة الأولى 2007 ص.113 وما بعد .<br />
96
مجلة <strong>جامعة</strong> <strong>دمشق</strong> للعلوم الاقتصادية والقانونية– المجلد 25- العدد الأول-2009<br />
محمد حاتم البيات<br />
مبدأ التقاضي على درجتين فضلا ً عن محكمة التمييز. وقد تعزز هذا المبدأ بموجب القانون الجديد<br />
للسلطة القضائية لسنة<br />
،2003<br />
وكذلك القوانين المعدلة لقانون المرافعات ذوات الأرقام<br />
13-12 لعام<br />
.2005<br />
والتي سنتحدث عنها لاحقا ً ومفصلا ً في مبحثنا القادم.<br />
ومبدأ التقاضي على درجتين له محاسنه ومساوئه. إلا انه يحقق فوائد أكثر بكثير من المساوئ التي<br />
تنجم عن تطبيقه. فمن مساوئه انه يزيد من نفقات التقاضي ويؤخر البت في النزاع، ثم أن الخطأ<br />
وارد من محاكم الدرجة الثانية إذ إن المبدأ لا يعني أن قضاة محاكم الدرجة الثانية معصومون عن<br />
الخطأ. فالخطأ ممكن من محاكم الدرجة الأولى والثانية على حد سواء. أضف إلى ذلك أن حكم<br />
محكمة الدرجة الثانية لا يعني انه سيكون أكثر مطابقة للقانون من حكم محكمة الدرجة الأولى. على<br />
حين أنه على الرغم من هذه المساوئ وغيرها فإن مبدأ التقاضي على درجتين فوائده أكثر من<br />
مساوئه. فمن جهة يدفع قضاة محكمة الدرجة الأولى إلى العناية بأحكامهم والتأني في إصدارها<br />
(1)<br />
والخشية من استئنافها لفسخها.من المرجع الاستئنافي المختص . ومن جهة أخرى، يبعث الطمأنينة<br />
في نفوس المتقاضين وكذلك يؤمن حسن سير العدالة، ما دام النزاع سيعرض مرة ثانية أمام محكمة<br />
الدرجة الثانية، والذي غالب ًا ما تتكون من قضاة أكثر تجربة وممارسة من قضاة محكمة الدرجة<br />
الأولى. يعد الفقه أن هذا المبدأ، والذي تأخذ به غالبية التشريعات العربية والأجنبية، يحقق قضاء<br />
(2)<br />
عادلا ً ومحايدا ً .<br />
ثاني ًا: قضاء الفرد وقضاء الجماعة:<br />
إن القاعدة العامة في <strong>النظام</strong> القضائي <strong>القطري</strong> يقوم على مبدأ قضاء الجماعة أما الاستثناء عليه فهو<br />
قضاء الفرد. وقد ظهر ذلك مع تطبيق أول قانون للمرافعات المدنية والتجارية<br />
13 لسنة 1990 في<br />
قطر. ومن أهم المحاكم التي تؤلف برئاسة قاضٍ فرد قاضي التنفيذ. وبموجب قانون السلطة القضائية<br />
الجديد والقوانين 12 و13 المعدلة لقانون المرافعات<br />
13 لسنة<br />
1990 يمكن للمجلس الأعلى للقضاء<br />
وباقتراح من رئيس المحكمة الابتدائية إنشاء دائرة أو أكثر تصدر أحكامها عن قاض فرد وذلك من<br />
(3)<br />
أجل الفصل في القضايا التي يحددها القانون . فضلا ً عن المحكمة الابتدائية الجزئية المؤلفة من<br />
قاضٍ فرد.<br />
1-يندر، برأينا وجود قضاة اليوم يخشون إلغاء الأحكام الصادرة عنهم بمفعول الاستئناف أو الطعن .فالقاضي سواء أمام محكمة<br />
الدرجة الأولى أو محكمة الدرجة الثانية يصدر حكمه أو يوافق على صدوره وفق قناعته دون أن يكترث بصدور هذا الحكم وهل<br />
سيخضع إلى الاستئناف أو الطعن.<br />
2-أمينة مصطفى النمر ، قوانين المرافعات ، الكتاب الأول، طبعة منشأة المعارف ص.11.<br />
3-المادة 12 من قانون السلطة القضائية 10 لسنة2004.راجع المواد22 و101 من القانون<br />
المرافعات المدنية والتجارية<br />
13 لسنة 2005 المعدل<br />
13 لسنة .1990<br />
لقانون<br />
97
أساسيات <strong>النظام</strong> القضائي <strong>القطري</strong> <strong>ماضيه</strong> <strong>وحاضره</strong><br />
أما على صعيد مبدأ قضاء الجماعة وهو المبدأ السائد في <strong>النظام</strong> القضائي في دولة قطر فلأن ّه المجال<br />
الرحب في هذا <strong>النظام</strong>. إذ إن غالبية المحاكم <strong>القطري</strong>ة اليوم مشكلة من ثلاثة قضاة. من ذلك للمحكمة<br />
(2)<br />
(1)<br />
الابتدائية الكلية ، محكمة الاستئناف، وأيضا ً محكمة التمييز المحدثة في دولة قطر العام<br />
(3)<br />
المنصرم .<br />
وتأسيس ًا على ذلك نجد أن مضمون <strong>النظام</strong> القضائي مؤلف من محاكم جماعية، وهو الأصل، ومحاكم<br />
فردية، الاستثناء على هذا الأصل.<br />
قضاء الجماعة وقضاء الفرد يعتريهما محاسن ومساوئ. ومن محاسن نظام قضاء الفرد أنه يجعل<br />
القاضي منفرد ًا في المسؤولية،<br />
(4)<br />
مما يحمل القاضي على الإخلاص في عمله . ثم إن هذا <strong>النظام</strong> يؤدي<br />
إلى السرعة في فصل القضايا لأن القاضي الفرد يصدر أحكامه دون التشاور مع بقية لقضاة، وأخيرا<br />
يقال: إن<br />
قضاء الفرد يقتصد في النفقات بالنسبة لخزينة الدولة. أما من مساوئه فلأ ن الفصل في<br />
النزاع يكون من قبل قاضٍ وحيد ولاسيما إذا كان حديث العهد في العمل القضائي وقد يتعنت في رأيه<br />
الأمر الذي يؤدي إلى التأثير في حكمه. كذلك الأمر على صعيد قضاء الجماعة، فقد قيل في تبريره<br />
إن الأحكام تصدر بعد مداولة ومشاورة بين أعضاء المحكمة، وفي الحالة التي لا يستجمع القرار<br />
موافقة الأعضاء فإنه على الأقل سيكون بالأكثرية. هذا كله يحقق حسن سير القضاء ويخدم<br />
العدالة.فضلا عن ذلك، فإن قضاء الجماعة فيه التجرد في العمل القضائي وعدم الانحياز والمحاباة<br />
لطرف على حساب طرف آخر، وعلى وجه الخصوص في البلاد التي تكثر فيها الوساطة والتدخل في<br />
شؤون القضاة. ومن المعلوم أن قضاء الجماعة فيه ضمان أكثر لتحقيق حسن سير العدالة من قضاء<br />
الفرد. وإن أمر الاقتصاد في النفقات لم ولن يعد في يوم من الأيام مبرر ًا كافيا ً لاتباع نظام قضاء دون<br />
قضاء الجماعة.<br />
ثالث ًا: مبدأ القضاء الثابت:<br />
قضى قانون السلطة القضائية<br />
(5)<br />
بأن تكون مدينة الدوحة مقرا للمحاكم . وهذا يعني أن المحاكم في<br />
دولة قطر لها صفة ثابتة وهذا شأن جميع الأنظمة القضائية في الدول العربية بما فيها دول مجلس<br />
1-المادة 11 من قانون السلطة القضائية لسنة2004، المواد 24-22 من القانون<br />
13 لسنة<br />
1990.وتجدر الإشارة إلى أن هذا التقسيم في المحاكم أساسه <strong>النظام</strong> القضائي المصري.<br />
2-المادة 10 من قانون السلطة القضائية لسنة2004.<br />
3-المادة 6 من قانون السلطة القضائية لسنة<br />
.2004<br />
4<br />
2005 المعدل لقانون المرافعات<br />
د.حيدر احمد دفع االله ، أصول المرافعات المدنية والتجارية ، الطبعة الأولى ، 1997 مكتبة المناعي قطر الدوحة ص.192 .<br />
5-المادة 5من قانون السلطة القضائية رقم<br />
10 لسنة .2004<br />
98
مجلة <strong>جامعة</strong> <strong>دمشق</strong> للعلوم الاقتصادية والقانونية– المجلد 25- العدد الأول-2009<br />
محمد حاتم البيات<br />
التعاون الخليجي. فالمقر العام للمحاكم العاصمة <strong>القطري</strong>ة ولا يوجد في المدن الأخرى ثمة هيئة<br />
قضائية. وهذا ما يفسر أن جميع النزاعات تخضع لولاية المحاكم في العاصمة. ومن باب أولى ألا<br />
يوجد وفق هذا <strong>النظام</strong> المحكمة الموسومة بمحكمة موطن المدعى عليه فادعاء شخص على آخر بحق<br />
شخصي مثلا ً. لا يعني إقامته أمام محكمة موطن المدعى عليه، أو محكمة موطن المتنازع عليه<br />
عندما يكون عقارا ً مثلا ً، وإنما أمام المحكمة الابتدائية وبغض النظر عن كونها محكمة موطن المدعى<br />
عليه آم موطن المدعي، إذ لا يوجد في هذا <strong>النظام</strong> محاكم ذات اختصاص محلي وفق التوزيع<br />
الجغرافي للمنطقة، لأن قانون المرافعات المدنية والتجارية <strong>القطري</strong> لم ينص على قواعد الاختصاص<br />
المحلي. ونعتقد أن ذلك يشكل نقصا ً في هذا <strong>النظام</strong> رغم من أنه لا يوجد ثمة مانع من إحداث محاكم<br />
أو دوائر في المدن الأخرى، ولاسيما أن قطر تزدهر اقتصاديا وعلى مختلف الأصعدة، وخير دليل<br />
على ذلك ما قضى به قانون السلطة القضائية من أن لمجلس القضاء الأعلى إنشاء دوائر للمحاكم<br />
(1)<br />
الابتدائية في المدن الأخرى بناء على اقتراح من هذه المحاكم . أضف إلى ذلك أن ّه ليس للمحاكم<br />
والحالة هذه أن تنتقل خارج المكان الذي حدده القانون لها تحت طائلة بطلان الإجراءات التي تقوم<br />
بها أو الأحكام التي تصدرها. فلا يوجد في دولة قطر محاكم سيارة وقد تأيد هذا المبدأ بقانون السلطة<br />
(2)<br />
القضائية . ولم يكتف المشرع <strong>القطري</strong> بجعل المحاكم ذات صفة ثابتة بل أكد في قانون المرافعات<br />
المدنية والتجارية<br />
(3)<br />
أن ّه يجب أن تكون المرافعة في قاعة المحكمة . ومع ذلك أجاز قانون السلطة<br />
القضائية بعد أخذ موافقة المجلس الأعلى للقضاء عقد جلسات للمحاكم خارج مقارها الأصلية. وهذا<br />
حال القضاء المستعجل حيث منح القانون قاضي الأمور المستعجلة حق عقد الجلسات في غير قاعة<br />
(4)<br />
المحكمة، وفي أي وقت يحدده . ويجب في هذه الحالة عدم الخلط بين عقد جلسات خارج قاعة<br />
المحكمة وبين ما يسمى بالمحاكم السيارة أو المتنقلة. ففي الحالة الأولى عندما يجد قاضي الأمور<br />
المستعجلة ضرورة عقد جلسة أو عدة جلسات خارج المحكمة لا يعني أننا أمام مبدأ القضاء المتحرك<br />
وإنما لزوم الدعوى تقتضي ذلك. إذ إن هذا المبدأ الأخير يقصد منه أن المحاكم لها صلاحية الانتقال<br />
خارج المكان الذي حدده القانون لها للفصل في المنازعات التي تعرض عليها.وهو ما لم يقض به<br />
(5)<br />
قانون السلطة القضائية.<br />
1/5<br />
1-المادة من قانون السلطة القضائية<br />
2-المادة 5 من قانون السلطة القضائية<br />
10 لسنة .2004<br />
10 لسنة .2004<br />
3-المادة 31 من قانون المرافعات المدنية والتجارية<br />
4-المادة 2/5 من قانون السلطة القضائية<br />
13 لسنة .1990<br />
10 لسنة .2004<br />
5-مع ملاحظة أن مثل هذا المبدأ ، مبدأ القضاء السيار أو المتحرك قد أخذت به انكلترا.<br />
99
أساسيات <strong>النظام</strong> القضائي <strong>القطري</strong> <strong>ماضيه</strong> <strong>وحاضره</strong><br />
رابعا ً: مبدأ الجمعيات العامة للمحاكم ولجانها الوقتية:<br />
وفقا ً لقانون السلطة القضائية <strong>القطري</strong><br />
الجديد رقم<br />
10 لعام 2003<br />
تكون لكل محكمة جمعية عامة<br />
تجتمع بدعوة من رئيس المحكمة أو ثلث عدد أعضائها وذلك للنظر في عدة أمور مهمة منها:تشكيل<br />
الدوائر وتوزيع القضايا عليها، وتنظيم العمل في أثناء العطلة القضائية. هذه الجمعية العامة تتألف<br />
من جميع أعضائها، ولا يكون انعقادها صحيح ًا إلا بحضور أكثر من نصف الأعضاء تصدر القرارات<br />
في الجمعية بأغلبية أصوات الأعضاء الحاضرين، وفي حال تساوي الأصوات يرجح جانب الرئيس<br />
.ويفهم من وجود هذه الجمعية العامة إشراك جميع القضاة أعضاء هذه المحكمة في إدارة شؤونها<br />
واتخاذ القرار. ونرى في آلية العمل هذه لدى الجمعية العامة تؤدي إلى عدم تسلط رئيس المحكمة<br />
وعدم انفراده في إصدار القرارات التي تتعلق بأمور المحكمة.<br />
فضلا ً عن ذلك تشكل الجمعية العامة في كل محكمة لجنة تسمى بلجنة الشؤون الوقتية برئاسة رئيس<br />
المحكمة أو من يقوم مقامه. وعضوية أقدم اثنين من أعضائها. وتتولى هذه اللجنة اختصاصات<br />
الجمعية العامة للمحكمة في كل مسالة مستعجلة لا تحتمل انتظار دعوتها للانعقاد. إلا أننا نرى أن<br />
هذه اللجنة الوقتية قد تسلب سلطة أعضاء المحكمة وإشراكهم في المداولة معهم قبل إصدار القرار<br />
بحجة تعذر انعقاد الجمعية العامة. ويبدو أن لهذا السبب يجب عرض جميع قرارات الجمعية العامة<br />
ولجنتها الوقتية على المجلس الأعلى للقضاء للمصادقة عليها كونه الجهة العليا في السلطة<br />
القضائية. ويحق للمجلس بعد تبلغه هذه القرارات عدم المصادقة عليها وإعادتها إلى الجمعية أو<br />
اللجنة لإعادة النظر فيها.<br />
(1)<br />
وإذا أصرتا على هذه القرارات يبت المجلس بها بقرار نهائي .<br />
في الواقع صحيح أن الجمعية العامة أو اللجنة الوقتية المنبثقة عنها تعنى بمعالجة جميع الأمور<br />
الداخلية للمحكمة، كونها على دراية فيها أكثر من غيرها، إلا أن قراراتها تبقى بالنهاية مجرد<br />
اقتراحات قد لا تخرج إلى حيز التنفيذ بسبب أن المجلس قد لا يصادق عليها، وقد يخرج بالنتيجة<br />
بقرارات على عكس ما وصلت إليه قرارات الجمعية العامة أو اللجنة الوقتية المنبثقة عنها ونرى أن َّه<br />
في النتيجة سيكون القرار النهائي للمجلس الأعلى للقضاء. وحبذا لو فعل المشرع <strong>القطري</strong> في<br />
قانون السلطة القضائية وأسند منذ البداية أمر معالجة هذه الأمور إلى المجلس، كونه الجهة العليا في<br />
(2)<br />
<strong>النظام</strong> القضائي المختصة بأمور القضاء والقضاة كل ّها . وإزاء ذلك لا نرى ما يبرر النص على<br />
الجمعيات العامة للمحاكم واللجان الوقتية المنبثقة عنها. والاكتفاء بجعل هذه الصلاحية منذ بداية<br />
1-راجع المواد 21-17 من قانون السلطة القضائية<br />
10 لسنة .2004<br />
2 د.محمد سعيد عبد الصمد، نظرية الوضع الظاهر في قانون المرافعات، الطبعة الأولى ،<br />
2006 ص.626.<br />
100
مجلة <strong>جامعة</strong> <strong>دمشق</strong> للعلوم الاقتصادية والقانونية– المجلد 25- العدد الأول-2009<br />
محمد حاتم البيات<br />
الأمر للمجلس وحده المؤلف من أعضاء في السلطة القضائية،هذا من جهة ومن جهة أخرى نرى أن<br />
تفرغ القضاة للعمل القضائي البحت يدفع عجلة الفصل في النزاعات بعيدا ً عن انشغالهم في الأمور<br />
الإدارية للمحكمة.<br />
الخاتمة:<br />
-<br />
-<br />
-<br />
بعد دراسة أساسيات <strong>النظام</strong> القضائي وفق التشريع <strong>القطري</strong>، نجمل أهم ماتوصلنا إليه من نتائج في<br />
النقاط الآتية:<br />
بعد إنهاء العمل باللجان بدأ القضاء في قطر من خلال قضاء السالفة والقضاء الشرعي، وهذا<br />
القضاء الأخير كان يفصل في منازعات الأحوال الشخصية وفق أحكام الشريعة الإسلامية.أما<br />
القضاء العرفي الموسوم بقضاء السالفة فكان ينحصر في نظر مسائل الغوص على اللؤلؤ مستند ًا<br />
في ذلك إلى الأعراف والتقاليد في هذا الشأن. والأحكام التي تصدر في هذا الصدد كانت على<br />
درجة واحدة لا تقبل المراجعة، وهذا يعني أن مبدأ التقاضي آنذاك كان على درجة واحدة.<br />
تطور الجهاز الإداري في قطر أدى بدوره إلى تطور الجهاز القضائي ونشوء بوادر لنظام قضائي<br />
يقوم على مبدأ التقاضي على درجتين. وهو ما أدى إلى اختفاء قضاء السالفة مع اكتشاف<br />
البترول.أما القضاء الشرعي فلم يعد يصدر أحكاما ً شفوية بسبب إنشاء محكمة شرعية للفصل في<br />
منازعات الأحوال الشخصية. ومع تطور أجهزة الحكم والإدارة والتوسع العمراني وازدياد الأجانب<br />
من العرب المسلمين أدى كل ذلك إلى نشوء رئاسة للمحاكم الشرعية.<br />
ازدياد الأجانب البريطانيين وكذلك رعايا الدول الأجنبية الأخرى من غير المسلمين الأمر الذي<br />
اقتضى استمرار العمل بمحكمة المعتمد البريطاني والتي كانت تعقد جلساتها في دار القنصلية<br />
البريطانية برئاسة قاضٍ يحضر من خارج قطر.<br />
العلاقات الدولية الفردية المشتملة على عنصر أجنبي لم يكن الفصل فيها يخضع إلى ولاية القضاء<br />
الوطني بل إلى قضاء المحكمة المشتركة المؤلفة من الحاكم ونائبه والمعتمد البريطاني.<br />
ظهور تنوع في المحاكم إثر ازدياد العمالة الوافدة إلى قطر الأمر الذي أدى إلى إنشاء محكمة<br />
للفصل في جميع منازعات العمل الفردية أو الجماعية بهيئة قضاء عمالي متخصص، فضلا ً عن<br />
المحاكم المتنوعة الأخرى.<br />
-<br />
-<br />
-<br />
مع فجر الاستقلال في عام 1971 تحول المجتمع <strong>القطري</strong> من مجتمع ينتمي إلى قبائل إلى مجتمع<br />
ينتمي إلى دولة، وهذا ما أدى إلى انتقال السلطة القضائية إلى المحاكم الوطنية والتي نشأت مع<br />
صدور قانون المحاكم العدلية، والذي أرخ عهدا ً جديد ًا في تاريخ القانون والقضاء في قطر.<br />
101
أساسيات <strong>النظام</strong> القضائي <strong>القطري</strong> <strong>ماضيه</strong> <strong>وحاضره</strong><br />
وضع قانون المحاكم العدلية موضع التنفيذ أدى إلى إلغاء جميع المحاكم باستثناء المحاكم<br />
الشرعية ومحكمة العمل، لأنه أرسى معالم قضاء مدني وجزائي متنوع، وهو يعد باكورة <strong>النظام</strong><br />
القضائي القائم على مبدأ التقاضي على درجتين ومبدأ قضاء الفرد وقضاء الجماعة.<br />
-<br />
-<br />
يعد قانون المرافعات المدنية والتجارية رقم<br />
13 لعام<br />
1990 هو أول قانون للمرافعات في قطر.<br />
حيث أكدت قواعد هذا القانون ترسيخ المبادئ العامة للأصول المتعارف عليها المستقرة في غالبية<br />
قوانين المرافعات المدنية والتي تهدف إلى حسن سير القضاء وإجراءاته، إذ إن وضعه موضع<br />
التنفيذ ألغى قوانين عديدة.<br />
جعل المشرع <strong>القطري</strong> في القانون<br />
13 لعام ،2005<br />
المعدل لقانون المرافعات، الاختصاص عاما ً<br />
وشاملا ً للمحاكم الابتدائية بعد أن ألغى المحاكم الشرعية والعدلية ومحكمة العمل.<br />
وعلى صعيد الاختصاص فإننا رأينا غياب ًا للاختصاص المحلي أو المكاني للمحاكم وعلى العكس<br />
عد المشرع <strong>القطري</strong> أن المحاكم مقرها الدوحة ويفهم من ذلك أنه لا وجود لمحاكم خارج<br />
العاصمة،كمحكمة موطن المدعى عليه أو محكمة موقع العقار المتنازع عليه. في الوقت الذي<br />
تكون دولة قطر فيه بحاجة إلى التوسع في اختصاص المحاكم بقدر توسعها في العمران نتيجة<br />
لازدهارها الاقتصادي والاجتماعي والتجاري الملحوظ .<br />
-<br />
-<br />
- أن مبدأ قضاء الفرد يتجسد عمليا في إحداث المحكمة الابتدائية الجزئية، إذ إن ّها تؤلف من قاض<br />
فرد، أما مبدأ قضاء الجماعة فيلقى مجاله الرحب في المحكمة الابتدائية الكلية وكثير من المحاكم<br />
الأخرى الموزعة في الجهاز القضائي <strong>القطري</strong>. كما تعد المحكمة الكلية المرجع الاستئنافي للأحكام<br />
الصادرة عن المحكمة الجزئية، أو قاضي الأمور المستعجلة فيها. فضلا ً عن ذلك رأينا أن<br />
الاختصاص النوعي منعقد أيضا للمحكمة الابتدائية الكلية بصلاحية الفصل في بعض النزاعات<br />
وبغض النظر عن قيمة النزاع، كالإفلاس وشهر الإعسار. وهذه الدعاوى كثيرا ما تثير مشاكل<br />
قانونية معقدة يتوقف الفصل فيها على درجة معينة من الخبرة والدراية والتي قد لا تتوافر في<br />
قضاة المحاكم الابتدائية الجزئية.<br />
أما على صعيد مبدأ الجمعيات العامة للمحاكم ولجانها الوقتية، الذي استحدثه قانون السلطة<br />
القضائية فلا نعتقد-من جانبنا- بوجود مبرر يقتضي مثل هذا النهج، ولاسيما أن اجتماعات<br />
الجمعية العامة لها مفهومها الإداري وليس القضائي، بل وأكثر من ذلك إن القرارات الصادرة<br />
عنها لا تنفذ إلا إذا صادق عليها المجلس الأعلى للقضاء، وقد لا يصادق عليها، ويستطيع أن<br />
يقرر بعكس ما اتجهت إليه تلك القرارات. في هذه الفرضية ستكون اجتماعات الجمعية العامة<br />
-<br />
102
مجلة <strong>جامعة</strong> <strong>دمشق</strong> للعلوم الاقتصادية والقانونية– المجلد 25- العدد الأول-2009<br />
محمد حاتم البيات<br />
والقرارات الصادرة عنها دون جدوى. فضلا ً عن انشغال السادة القضاة بأمور إدارية لا علاقة لهم<br />
بها، في الوقت الذي يجب أن يخصص وقتهم وعملهم لخدمة القضايا المرفوعة أمامهم والتفرغ<br />
لأجلها لفصلها على وجه السرعة. هذا من جهة ومن جهة أخرى إن هذه الجمعيات العامة تنبثق<br />
عنها لجان وقتية تتمتع باختصاصات الجمعية العامة ذاتها وتجتمع تحت ستار عدم إمكانية انعقاد<br />
هذه الأخيرة، مما يؤدي إلى تسلط أعضاء هذه اللجنة الوقتية واتخاذ قرارات قد لا يوافق عليها<br />
فيما لو اجتمعت الجمعية العامة.ونحن نعتقد بعدم جدوى النص على مثل هذه الجمعيات العامة<br />
للمحاكم ما دام القرار النهائي للمجلس الأعلى للقضاء. ثم إن وجود هذا المجلس كافٍ لرعاية<br />
مصالح القضاة والقضاء، ولاسيما أن أعضاءه من السلطة القضائية.<br />
إن إنشاء محكمة التمييز في <strong>النظام</strong> القضائي <strong>القطري</strong> ما هو إلا توسع في الجهاز القضائي وتحديثة<br />
عما كان عليه في السابق .ومما يزيد من تطور هذا <strong>النظام</strong> القضائي عندما يتضمن مجلسا ً أعلى<br />
للقضاء يقوم على رعاية القضاء والقضاة بغية حسن سير العدالة، وأكثر من ذلك عندما يرأسه<br />
قاضٍ على مستوى معين من العمل القضائي ويتشكل من قضاة، أفراد من السلطة القضائية. بعيدا ً<br />
عن الخلط بين هذه السلطة الأخيرة وبين أعضاء من السلطة التنفيذية.<br />
ومع ذلك فإن ما يعيب هذا <strong>النظام</strong> القضائي في قطر انه يعد، برأينا، نظاما ً ناقصا ً، غير كامل، إذ<br />
إن ّه يفتقر إلى قضاء على درجة كبيرة من الأهمية ألا وهو القضاء الإداري. فليس هناك ثمة جهة<br />
قضائية تستطيع إلغاء قرار إداري رفيع المستوى، صادر عن السلطة التنفيذية على غرار ما<br />
يسمى بمجلس الدولة في <strong>النظام</strong> القضائي لدى الدول العربية الأخرى كسورية ومصر ولبنان.<br />
وغيرها من الدول الأجنبية كفرنسا.فضلا عن غياب المحكمة الدستورية العليا للبت في دستورية<br />
القوانين.<br />
وعلاوة على ذلك لم ينص المشرع <strong>القطري</strong> على الحالات التي ترتب المسؤولية المدنية للقاضي<br />
والموسومة بدعوى مخاصمة القضاة. فالأنظمة القضائية لدى سائر الدول العربية الأخرى وكذلك<br />
الدول الأجنبية1، تتضمن قوانين المرافعات فيها حالات يمكن إعلان المسؤولية المدنية للقاضي<br />
من خلالها كما لو وقع من القاضي غش أو تدليس أو غدر أو خطأ مهني جسيم،أو حالة إنكاره<br />
للعدالة. فهذه الدعوى تستند إلى حق المتضرر بطلب التعويض عن الضرر فيما إذا اثبت هذا<br />
الضرر،في الوقت الذي أجاز المشرع <strong>القطري</strong> في قانون المرافعات المدنية والتجارية للقاضي رفع<br />
دعوى تعويض على طالب الرد. وإذا كان الأمر على هذه الشاكلة أليس من العدل أن نعطي أيضا ً<br />
-<br />
-<br />
-<br />
103
أساسيات <strong>النظام</strong> القضائي <strong>القطري</strong> <strong>ماضيه</strong> <strong>وحاضره</strong><br />
-<br />
الحق ذاته إلى أطراف الدعوى فيما إذا صدر بحقهم حكم قضائي مبرم في غير محله القانوني.<br />
ونعتقد-من جانبنا-أن المشرع <strong>القطري</strong> قد عد، على ما يبدو، أن أعمال القاضي مقدسة<br />
ومعصومة عن الخطأ ولا يمكن المراجعة بشأنها. لذلك نقترح على المشرع <strong>القطري</strong> التدخل<br />
والنص على دعوى المخاصمة وإجراءات رفعها وتحديد المحكمة المختصة فيها وفي هذا رفع من<br />
شأن <strong>النظام</strong> القضائي وليس الإقلال من قيمة القاضي، لإن القاضي إنسان بشر ليس معصوما ً من<br />
الخطأ.<br />
وحيث قد وصلنا إلى إنهاء هذه الدراسة، نأمل أن نكون قد وفقنا في إبراز أهم الأسس التي يقوم<br />
عليها <strong>النظام</strong> القضائي <strong>القطري</strong>، مما يفيد القارئ غير <strong>القطري</strong> في الوقوف على فكرة عامة للنظام<br />
القضائي <strong>القطري</strong>، وما يكتنفه من سلبيات عديدة، والتي نتمنى بشأنها على المشرع <strong>القطري</strong>، أن<br />
يسلك مسلكا ً موحدا ً وثابت ًا لغايات استقرار <strong>النظام</strong> القضائي وتأصيله، مما يجعله قادر ًا على مواكبة<br />
تطور مجمل النظم القضائية العربية والأجنبية الأخرى. هذا ولابد من الإشارة أخيرا ً إلى أننا<br />
وجدنا صعوبة كبيرة في إعداد هذه الدراسة، والسبب هو غياب المصادر العلمية والبحوث<br />
القانونية التي تبرز الجذور التاريخية للقضاء في قطر، ومرجعية <strong>النظام</strong> القضائي <strong>القطري</strong><br />
والتشريعات التي كان معمولا ً فيها في ذلك الوقت، أو التي تبحث في <strong>النظام</strong> القضائي الحالي<br />
والمبادئ التي يقوم عليها.<br />
104
د-<br />
د-<br />
د-<br />
د-<br />
د-<br />
د-<br />
د-<br />
د-<br />
مجلة <strong>جامعة</strong> <strong>دمشق</strong> للعلوم الاقتصادية والقانونية– المجلد 25- العدد الأول-2009<br />
محمد حاتم البيات<br />
أهم مراجع<br />
البحث<br />
-المستشار أنور طلبة:<br />
موسوعة المرافعات المدنية والتجارية، الجزء الثاني والرابع، القاهرة<br />
.أحمد الشلق:<br />
تاريخ قطر السياسي،مطابع الدوحة الحديثة،طبعة أولى،1999 .<br />
.أحمد مليجي<br />
.2001<br />
:<br />
الموسوعة الشاملة بقانون المرافعات<br />
-آراء الفقه والصيغ القانونية، دار العدالة القاهرة<br />
.2002<br />
.أسامة روبي عبد العزيز<br />
:<br />
الوسيط في قانون المرافعات المدنية والتجارية، الطبعة الأولى<br />
.أحمد خليل:<br />
. 2007<br />
أصول المحاكمات المدنية، منشاة المعارف بالإسكندرية 1999.<br />
.أحمد حشيش:<br />
التنظيم القضائي:الطبعة الأولى،المكتبة القانونية الحديثة، القاهرة . 2007<br />
.أحمد السيد صاوي:<br />
الوسيط في شرح قانون المرافعات المدنية والتجارية، دار النهضة العربية<br />
.أحمد أبو الوفا:<br />
.1997<br />
. 1997<br />
شرح قانون المرافعات المدنية والتجارية<br />
،<br />
الطبعة الخامسة عشر القاهرة<br />
-أمينة مصطفى النمر<br />
:<br />
قوانين المرافعات،الكتاب الأول،مشاة المعارف بالإسكندرية<br />
.2003<br />
-<br />
د..إبراهيم النفياوي:<br />
.<br />
التعسف في التقاضي،الطبعة الأولى، المكتبة القانونية القاهرة 2007<br />
: .بدوي حنا<br />
محاكمات مدنية –اجتهادات –دراسات منشورات الحلبي الحقوقية بيروت لبنان<br />
. 1999<br />
105
د-<br />
د-<br />
د-<br />
د-<br />
د-<br />
د-<br />
أساسيات <strong>النظام</strong> القضائي <strong>القطري</strong> <strong>ماضيه</strong> <strong>وحاضره</strong><br />
.رزق االله انطاقي:<br />
أصول المحاكمات في المواد المدنية والتجارية مطبعة <strong>جامعة</strong> <strong>دمشق</strong><br />
- د.حيدر أحمد دفع االله :<br />
.2003<br />
أصول المرافعات المدنية والتجارية،الطبعة الأولى مكتبة المناعي، الدوحة قطر،1997 .<br />
- صلاح الدين الناهي<br />
:<br />
النظرية العامة في الدعوى في المرافعات والأصول المدنية الطبعة الأولى<br />
-صلاح الدين سلحدار<br />
.1988<br />
:<br />
أصول المحاكمات المدنية منشورات <strong>جامعة</strong> حلب<br />
.ضياء شيت حطاب:<br />
.2004<br />
دراسات في قانون المرافعات العراقي،مطبعة بغداد،1999.<br />
: .سعيد مبارك<br />
التنظيم القضائي أصول المحاكمات المدنية في التشريع الأردني<br />
.سوسن فهد الأعرج<br />
1996.<br />
:<br />
الموجز في قانون أصول المحاكمات المدنية دون طبعة.<br />
-د.فؤاد سعيد العابد:<br />
سياسية بريطانيا في الخليج، 1914-1953ج.2 دون طبعة.<br />
.عبد العزيز المنصور:<br />
التطور السياسي لقطر 1946-1916،مطابع الدوحة دون طبعة.<br />
.علي عوض حسن:<br />
الدفع بعدم الاختصاص في المواد المدنية، دار العدالة، . 2005<br />
-مبارك بن خليفة العسيري:<br />
القاهرة<br />
محاضرة عن تاريخ القضاء في قطر،ألقيت في مركز الدراسات القانونية والقضائية في قطر تاريخ<br />
2002/1/7 .غير منشورة.<br />
-محمد وعبد الوهاب العشماوي:<br />
106
د-<br />
د-<br />
د-<br />
د-<br />
مجلة <strong>جامعة</strong> <strong>دمشق</strong> للعلوم الاقتصادية والقانونية– المجلد 25- العدد الأول-2009<br />
محمد حاتم البيات<br />
قواعد المرافعات في التشريع المصري،دار النهضة العربية.1975.<br />
-محمد رأفت عثمان:<br />
<strong>النظام</strong> القضائي في الفقه الإسلامي الطبعة السادسة<br />
.مفلح عواد القضاة :<br />
.2005<br />
المحاكمات المدنية والتنظيم القضائي، دار الثقافة للنشر والتوزيع عمان الأردن،2004.<br />
.محمد سعيد عبد الصمد:<br />
نظرية الوضع الظاهر في قانون المرافعات،الطبعة الأولى،<br />
-المستشار محمود طهماز<br />
.2006<br />
:<br />
أصول المحاكمات في المواد المدنية والتجارية، الجزء الأول<br />
.محمود التحيوي:<br />
. دون طبعة ،<br />
نظام القضاء المدني وفقا لقانون المرافعات وتعديلاته رقم<br />
1999. القاهرة<br />
23 لسنة 1992<br />
-محمد واصل<br />
:<br />
أصول المحاكمات المدنية، منشورات <strong>جامعة</strong> <strong>دمشق</strong><br />
-هشام خالد:<br />
.2006<br />
مفهوم العمل القضائي في ضوء الفقه وأحكام المرافعات، مؤسسة شباب ال<strong>جامعة</strong>،1990.<br />
.يوسف الزمان وعلي الخنجي:<br />
قانون المرافعات المدنية والتجارية رقم<br />
أهم القوانين<br />
-القانون المدني <strong>القطري</strong><br />
-قانون المحاكم العدلية رقم<br />
13 لسنة ،1990<br />
دار المنهل للطباعة، القاهرة<br />
. 2005<br />
22 لسنة .2004<br />
13 لسنة .1971<br />
-قانون السلطة القضائية <strong>القطري</strong> رقم<br />
10 لسنة .2003<br />
-قانون المرافعات المدنية والتجارية <strong>القطري</strong> رقم<br />
13 لسنة<br />
1990.المعدل بالقانون رقم<br />
7 لسنة<br />
1995<br />
-قانون المحاماة <strong>القطري</strong> رقم<br />
23 لعام 2006<br />
107
تبا<br />
أساسيات <strong>النظام</strong> القضائي <strong>القطري</strong> <strong>ماضيه</strong> <strong>وحاضره</strong><br />
13 لسنة<br />
2005 بتعديل قانون المرافعات المدنية والتجارية<br />
والمتعلق بالاختصاص القيمي والوظيفي للمحاكم <strong>القطري</strong>ة.<br />
-القانون رقم<br />
-القانون<br />
-القانون رقم<br />
-القانون رقم<br />
13 لسنة 1990 المعدل<br />
12 لسنة<br />
7 لعام<br />
6 لعام<br />
2005 بشان حالات وإجراءات الطعن بالتمييز في غير المواد الجنائية.<br />
2007 بشأن الفصل في المنازعات الإدارية.<br />
2007 بشأن الفصل في المنازعات الدستورية.<br />
-مجموعة قوانين قطر،المجلد السادس،ص.2998-2995 بخصوص نصوص القانون<br />
4 تاريخ<br />
1962/3/19<br />
-المذكرة التفسيرية للقانون رقم<br />
1 لسنة<br />
1963 والخاص بتعديل القوانين4-3 لسنة<br />
،1962<br />
المتعلقين بقانون العمل وقانون إنشاء محكمة العمل، مجموعة قوانين قطر،المجلد السابع،ص.1303.<br />
-اتفاقية الرياض للتعاون القضائي ومعاهدة تنفيذ الأحكام والإنابات القضائية<br />
التعاون الخليجي) منشورات الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي<br />
(الخاصة بدول مجلس<br />
.2002<br />
-اتفاقية الرياض للتعاون القضائي ومعاهدة تنفيذ الأحكام والإنا<br />
القضائية (المتعلقة بدول مجلس<br />
التعاون الخليجي والدول العربية الأخرى من خارج المجلس) منشورات الأمانة العامة لمجلس التعاون<br />
الخليجي<br />
.2002<br />
.<br />
تاريخ ورود البحث إلى مجلة <strong>جامعة</strong> <strong>دمشق</strong><br />
.2007/7/11<br />
108