28.02.2015 Views

o_19f8b6vh41cme456stg7461ajk1r.pdf

  • No tags were found...

Create successful ePaper yourself

Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.

19<br />

ªà›<br />

2015 »ØfÉL 27 AÉKÓãdG ` 128 Oó©dG<br />

التعنيف الشديد بعد جانفي 2011 ‏.مؤشرات<br />

عديدة تلك التي تؤكد ما سبق,‏ حيث نستنتج<br />

في قراءتنا لألرقام املتوفرة الى ان حريف<br />

وسائل النقل بات ينزع الى العنف بدل تقدمي<br />

شكوى في حق العون او بدل رفضه خلدمات<br />

النقل العمومي وبالنظر الى عدد الشكاوى<br />

التي تصل شركة املعنية كتابيا نلحظ ان انها<br />

متواضعة جدا مقارنة بعدد املسافرين حيث<br />

بلغت 278 شكوى و 51 اقتراح في حني يقدر<br />

عدد املسافرين حوالي 200 مليون مسافر<br />

في السنة .<br />

في املقابل فان حاالت العنف املوجهة ضد<br />

عون النقل فاقت عدد الشكاوى حيث وصلت<br />

422 اعتداء سنة 2013 اسفر عنها اكثر من<br />

9700 يوم غياب عن العمل وجتدر االشارة<br />

الى ان معدل العنف على اعوان النقل وصل<br />

ذروته سنة 2012 حيث اسفر عنه اكثر من<br />

12 الف يوم غياب في قطاع النقل .<br />

وحسب ما اكده محمد الشملي مكلف باإلعالم<br />

في شركة النقل التونسية « ألخر خبر « فان<br />

االعتداءات على اعوان النقل تطورت ما بعد<br />

2011 من اعتداءات فردية الى اعتداءات<br />

جماعية مشيرا الى انها تكلف الشركة.‏<br />

فارتفاع عدد ايام الغياب يؤدي الى ارتفاع عدد<br />

السفرات امللغاة . و افادنا محمد الشملي الى<br />

انه و منذ 2012 مت احداث جلنة متكونة من<br />

اطباء و خبراء نفسيني ملتابعة احلالة النفسية<br />

لألعوان خاصة وان اغلبهم يتعرضون<br />

الى صدمة نفسية . املواطن التونسي هو<br />

االخر ضحية وسائل النقل حيث تؤدي به<br />

الضغوطات اليومية الى جانب ما يتعرض له<br />

في كل وسائل من ضييق و نشل و اعتداء<br />

جنسي ولفظي فانه ال يجد كيف يعبر عن<br />

رفضه للخدمات املقدمة من قبل شركة النقل<br />

إال باالعتداء على ممثلها املتمثل اساسا في<br />

سواق احلافالت او اعوان االستخالص دفاعا<br />

منه حسب رأيه عن حقه في النقل العمومي .<br />

وسائل النقل العمومي وعقلية ‏»رزق البيليك«‏<br />

من وجهة نظر اجتماعية ال تختلف رؤية عالم االجتماع عما سبق ذكره حيث يفسر عالم االجتماع<br />

يعتبر النقل العمومي من أهم املرافق االجتماعية واخلدماتية ذات العالقة الوثيقة بحياة املواطنني من<br />

مختلف الشرائح االجتماعية.كما أنه يكتسي أهمية بالغة على املستوى االقتصادي.فشبكة النقل هي شريان<br />

االقتصاديات احلديثة،‏ فال ميكن احلديث عن اقتصاد مستقر أو ناهض أو متطور في غياب قطاع نقل قوي<br />

ومنظم وناجع ميكن العمال واملوظفني من الوصول إلى مواقع اإلنتاج في الوقت احملدد وفي ظروف حسنة.‏<br />

¢ùfƒJ »a »eƒª©dG ædGقل bGh<br />

Yلى FÓ©dGق«‏ iƒà°ùªdG<br />

بقدر أهمية هذا القطاع االستراتيجي بقدر<br />

مشاكله التي تراكمت بشكل جعلت منه مرادفا<br />

ملفردات رداءة اخلدمات والهدر االقتصادي<br />

واملالي بشكل يسيء إلى املنتمني إليه ومستعمليه<br />

على حد السواء.تبدو مشاكله ظاهرة للعيان من<br />

خالل حالة أسطوله املتهرئ ومواعيده غير<br />

املضبوطة وحالة التشنج في عرباته سواء بني<br />

املواطنني أو في عالقة املواطنني بطاقم العمل<br />

املسدي لهذه اخلدمة.فالكل يشتكي ويتذمر<br />

من الكل،حيث غالبا ما تتحول عربات النقل<br />

العمومي إلى فضاءات للعنف اللفظي والبدني<br />

وكل أشكال اإلساءة والتحرش والسرقة<br />

والنشل وكأنها جزر خارجة على قانون<br />

االنضباط ويسود فيها قانون الغاب أكثر<br />

من أي شيء آخر.عنف ال تكاد متيز فيه بني<br />

الضحية واجلالد.فالعاملون فيه يشتكون من<br />

صعوبة ظروف العمل وعدم تفهم املواطنني.‏<br />

واملواطنون يتذمرون من سوء اخلدمات وعدم<br />

مرونة األعوان في التعامل معهم وحاالت<br />

التأخير واالكتظاظ واالبتزاز.وفي جميع<br />

احلاالت،ومهما كانت رواية هذه األطراف<br />

فان العلة األساسية التي تنخر هذا القطاع من<br />

طرف أبنائه وحرفائه هي عقلية ‏»رزق البيليك«.‏<br />

فالسواد األعظم من مستعمليه ال يدفعون ثمن<br />

تذاكرهم أو يتحيلون في االقتطاع ويعتبرون<br />

ذلك حقا مكتسبا وحتى وان مسكوا مخالفني<br />

فإنهم يبدون كل أشكال املقاومة للتفصي من<br />

العقاب ورغم ذلك يطالبون بتحسني وجتويد<br />

اخلدمات.والعاملون فيه استفحلت لديهم علة<br />

املطلبية ولعل آخر حلقاتها اإلضراب األخير<br />

الذي شل حركة االقتصاد واملجتمع.كما أنهم<br />

في الغالب ال يبدون أي مجهود إضافي لتجويد<br />

خدماتهم ويتصرفون كأي موظف عمومي<br />

شعاره االقتصاد في اجلهد والتعلل بالظروف.‏<br />

…OÉصüàb’G iƒà°ùªdG Yلى<br />

يساهم قطاع النقل بنسبة 8.5 باملائة من الناجت<br />

احمللي اخلام.ولكن في هذه الوضعية العبثية<br />

التي يدور في فلكها النقل العمومي في تونس<br />

والتي عمقتها االنتدابات العشوائية بعد الثورة<br />

‏)تقدر باآلالف(‏ والتي استفاد منها طرف<br />

سياسي معني،إلى درجة أن هذه املؤسسات<br />

أصبحت مهددة في وجودها.فقد بلغ عجز<br />

املؤسسات العمومية الناشطة في مجال النقل<br />

اليوم ما يناهز 1400 مليون دينار<br />

وهو ما ميثل أكثر من ثلث العجز<br />

املسجل لدى الشركات العمومية<br />

التونسية مجتمعة والذي يبلغ 3800<br />

مليار.كما أن 20 مؤسسة نقل عمومي<br />

من أصل 26 مهددة باإلفالس وهو<br />

ما يقتضي تدخل الدولة إلنقاذها<br />

عبر ضخ مبلغ 1000 مليون دينار<br />

وهو رقم خرافي وإعجازي في ظل<br />

هشاشة التوازنات املالية القائمة.‏ هذا<br />

القطاع االستراتيجي أصبح اليوم<br />

عبء عن الدولة عوض أن يكون رافدا من روافد<br />

ميزانيتها وشريانا من شرايني اقتصادها.‏<br />

وبعيدا عن املنطق االقتصادي املباشر،فان هذا<br />

القطاع يساهم بأدائه احلالي في نوع من الهدر<br />

االقتصادي غير املباشر.فعدم انتظام الرحالت<br />

أو تأخرها،ونقل العمال واملوظفني في ظروف<br />

غير إنسانية له كلفة نفسية واقتصادية عبر<br />

التأثير املباشر على مردودية األعوان في مواقع<br />

إنتاجهم فهم ال يستطيعون أن يقدموا قيمة<br />

مضافة بعد رحلة يومية طويلة عنوانها العناء<br />

واإلرهاق البدني والتوتر العصبي.‏<br />

áMôàقªdG ëdGلƒل<br />

قطاع ميثل 11 باملائة من حجم االستثمارات في<br />

تونس يعيش في هذه الوضعية املزرية،وضع<br />

ال ميكن الصبر عليه أكثر فقد أصبح األمر<br />

ينذر بتهديد السلم االجتماعي باعتبار أنه<br />

ميس مباشرة حياة املاليني من التونسيني<br />

ويشغل عشرات اآلالف<br />

من املواطنني.وسمعة<br />

هذا القطاع وخدماته<br />

ال ميكن أن تتحسن إال<br />

بطرح مشاكله الهيكلية<br />

املزمنة.لقد ان األوان لهذا<br />

القطاع أن يساير التطور<br />

االجتماعي والعمراني<br />

واالقتصادي التي شهدته<br />

تونس.فاملشهد واخلدمات<br />

واملسالك واملخططات<br />

احلالية رمبا كانت صاحلة قبل ثالثني عاما أما<br />

اليوم فال.آن األوان على ربط البعد االجتماعي<br />

واالقتصادي والعمراني للنهوض بهذا القطاع.‏<br />

وهذا ما يتطلب مقاربة جديدة تتجاوز املقاربة<br />

التقليدية القائمة بتقدمي خدمة بائسة للبائسني<br />

بحيث يستقطب هذا القطاع طبقات وشرائح<br />

اجتماعية جديدة ومناطق حضرية جديدة<br />

ظهرت في العقود األخيرة وهي خارج التغطية<br />

بهذه اخلدمة.يكون هذا ممكنا بإرساء مخطط<br />

مديري وخارطة نقل عمومية تربط جميع<br />

اجلهات والضواحي اجلديدة وتستقطب الفئات<br />

الفقيرة كما املتوسطة واملرفهة.خدمات فيها<br />

احلد األدنى من اجلودة والنجاعة والنظام<br />

حتافظ على حق الفئات االجتماعية الهشة من<br />

تالميذ وطلبة ومعوقني دون أن تغفل على<br />

استقطاب حرفاء جدد أرهقتهم مصاريف<br />

السيارات واالكتظاظ املروري دون أن يجدوا<br />

حال في النقل العمومي.‏<br />

طارق باحلاج محمد

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!