10.07.2015 Views

ظواهر من التمرد في نماذج من شعر العصر العباسي الأول - جامعة دمشق

ظواهر من التمرد في نماذج من شعر العصر العباسي الأول - جامعة دمشق

ظواهر من التمرد في نماذج من شعر العصر العباسي الأول - جامعة دمشق

SHOW MORE
SHOW LESS
  • No tags were found...

You also want an ePaper? Increase the reach of your titles

YUMPU automatically turns print PDFs into web optimized ePapers that Google loves.

٢٠٠٤مجلة <strong>جامعة</strong> <strong>دمشق</strong> – المجلد ٢٠- العدد (١+٢)صالح علي سليمالشتيوي<strong>ظواهر</strong> <strong>من</strong> <strong>التمرد</strong><strong>في</strong> <strong>نماذج</strong> <strong>من</strong> <strong>شعر</strong> <strong>العصر</strong> <strong>العباسي</strong> الأول*د.‏ صالح علي سليم الشتيويالملخصتغيرت الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والفكرية <strong>في</strong> <strong>العصر</strong> <strong>العباسي</strong>الأول،‏ فدفعت كثيرا ً <strong>من</strong> ال<strong>شعر</strong>اء إلى <strong>التمرد</strong> والإحساس بالاغتراب،‏ لذا برزت هذهال<strong>ظواهر</strong> بروزا ً جليا ً <strong>في</strong> أشعارهم.‏وقد اختارت هذه الورقة <strong>نماذج</strong> <strong>من</strong> تلك الأشعار،‏ لتدرسها وتكشف أبعادها،‏ أماأضرب <strong>التمرد</strong> التي عالجتها ‏-الورقة-‏ فهي:‏<strong>التمرد</strong> الفني.‏<strong>التمرد</strong> الاجتماعي.‏<strong>التمرد</strong> الديني.‏<strong>التمرد</strong> النفسي.‏<strong>التمرد</strong> الوجودي والقبلي.‏.١.٢.٣.٤.٥______________* قسم اللغة العربية-‏ كلية العلوم والآداب - ال<strong>جامعة</strong> الهاشمية-‏ الأردن.‏٨٥


<strong>ظواهر</strong> <strong>من</strong> <strong>التمرد</strong> <strong>في</strong> <strong>نماذج</strong> <strong>من</strong> <strong>شعر</strong> <strong>العصر</strong> <strong>العباسي</strong> الأولكانت الدولة <strong>العباسي</strong>ة واسعة الأرجاء،‏ وكانت تتشكل <strong>من</strong> عناصر مختلفة وطبقاتمتباينة،‏ فهنالك طبقات مترفة غنية تتمتع باللهو والمجون،‏ <strong>في</strong> حين أن هنالك طبقاتشعبية يتقاسمها الفقر والحرمان؛ مما ضاعف <strong>من</strong> نقمتها واستيائها.‏ وقد كانت ‏"الطبقاتالبائسة <strong>في</strong> <strong>العصر</strong> <strong>العباسي</strong> الأول أكثر طبقاته عددا ً،‏ وكانت تكدح وتشقى…‏ لينعمالخلفاء والوزراء وعلية القوم وكبار التجار والإقطاعيون بالحياة الرغدة والعيشالناعم،‏ غير مفكرين <strong>في</strong> جوع جائع ولا <strong>في</strong> عري عارٍ،‏ بينما تتجرع الطبقة الفقيرة(١)التعسة آلاما ً ثقالا ً وأهوالا ً طوالا ً…‏ .يضاف إلى ذلك أن حركة الزهد دفعت بعض ال<strong>شعر</strong>اء إلى <strong>التمرد</strong>،‏ ‏"ذلك أن قوما ًما يئسوا <strong>من</strong> الغنى،‏ ورأوا أن نفوسهم لا تطاوعهم للقرب <strong>من</strong> ذوي الجاه،‏ أو حاولواذلك ففشلوا؛ فلجؤوا إلى القناعة يروضون أنفسهم عليها…‏وقوما ً عافت نفوسهم مارأت <strong>من</strong> شهوات لا حد لها،‏ ورأوا أن النفس إذا نالت ما طمحت،‏ تفت ّحت أمامهاشهوات وشهوات،‏(٢)وللوصول إلى كل شهوة متاعب وعقبات؛ ففضلوا أن يقمعوها"‏ ،وهذا ما عبر عنه <strong>شعر</strong>اء <strong>العصر</strong> <strong>العباسي</strong> الأول بجلاء كما سنرى <strong>في</strong>ما بعد.‏ولا بد <strong>من</strong> الإشارة إلى تبدل القيم وتغيرها إثر انتقال السلطة العربية الإسلامية<strong>من</strong> بني أمية إلى بني العباس،‏ إذ برز أثر الأجنبي والموالي خاصة ‏-الشعوبية-،‏ فقد‏"كانت الحياة السياسية والاجتماعية مواتية للفرس <strong>في</strong> <strong>العصر</strong> <strong>العباسي</strong>؛ فجهروا(٣)بشعوبيتهم <strong>في</strong> غير تعريض"‏ .______________(١)(٢)ضيف،‏ شوقي،‏ ال<strong>شعر</strong> وطوابعه الشعبية على مر العصور،‏ ص‎٨٨‎‏.‏أمين،‏ أحمد،‏ ضحى الإسلام،‏ ج‎١‎‏،‏ صالحو<strong>في</strong>،‏ أحمد محمد،‏ تيارات ثقا<strong>في</strong>ة بين العرب والفرس،‏ ص.١٥٢.١٣٣-١٣٢(٣)٨٦


٢٠٠٤مجلة <strong>جامعة</strong> <strong>دمشق</strong> – المجلد ٢٠- العدد (١+٢)صالح علي سليمالشتيويكماالفرس القديمة:‏‏"حاول بعض الفرس إضعاف الإسلام بنشر الزندقة المستمدة <strong>من</strong> دياناتزرادشتية ومانوية ومزدكية،‏ وأغلب الظن أن المانوية(١)تأثيرا ً <strong>في</strong> عقول بعض الناس وقلوبهم <strong>في</strong> <strong>العصر</strong> <strong>العباسي</strong>"‏ .كانت أكثرهاو<strong>من</strong> الطبيعي أن يتأثر ال<strong>شعر</strong>اء بهذا الواقع؛ فالصلة بين الشاعر وعصره وثيقة،‏فهو يعي قضايا مجتمعه ومشكلاته.‏ف<strong>التمرد</strong> جزء <strong>من</strong> الواقع <strong>العباسي</strong> ووجه <strong>من</strong> وجوه قلق الإنسان <strong>في</strong>ه،‏ ولذا،‏ يحاولهذا البحث أن يلقي الضوء على <strong>نماذج</strong> <strong>من</strong> <strong>شعر</strong> <strong>العصر</strong> <strong>العباسي</strong> الأول،‏ ليدرسها،‏ويكشف عنها.‏.١ويمكن أن ندرس هذه المسألة <strong>من</strong> الزوايا التالية:‏<strong>التمرد</strong> الفني.‏.٢<strong>التمرد</strong> الاجتماعي.‏٣.٤أولا ً:‏<strong>التمرد</strong> النفسي.‏<strong>التمرد</strong> الفني:‏.٥<strong>التمرد</strong> الوجودي والقبلي.‏. <strong>التمرد</strong> الديني.‏______________(١)المرجع نفسه،‏ ص ١٢٧- ١٢٨.(٢)أبو نواس،‏ الحسن بن هانئ،‏ الديوان،‏ ص.٣٠٩٨٧


١<strong>ظواهر</strong> <strong>من</strong> <strong>التمرد</strong> <strong>في</strong> <strong>نماذج</strong> <strong>من</strong> <strong>شعر</strong> <strong>العصر</strong> <strong>العباسي</strong> الأولبرزت هذه الظاهرة <strong>في</strong> <strong>شعر</strong> <strong>العصر</strong> <strong>العباسي</strong> الأول وبخاصة <strong>في</strong> <strong>شعر</strong> أبي نواسالذي كان يدعو ال<strong>شعر</strong>اء إلى هجر الد<strong>من</strong> والرسوم،‏ ليحثهم حثا ً على افتتاح قصائدهمبذكر الخمر،‏ إذ يقول(٢):قل ل<strong>من</strong> يبكي على رسمٍ‏ درس واقفا ً ما ضر لو كان جلساتركِ‏ الربع وسلمى جانب ًا واصطبح ك َرخية ً مثل القبس.(١)فهو يسخر <strong>من</strong> ال<strong>شعر</strong>اء العرب الذين كانوا يقفون على الأطلال،‏ ليدعو دعوةصريحة إلى الإقبال على ابنة الحان المحرمة،‏ وهي دعوة نابعة <strong>من</strong> نزعة شعوبية <strong>في</strong>ه،‏إلى جانب تغير الحياة الاجتماعية،‏ فقد ‏"بعد الناس عن حياة البداوة ومعيشة الصحراء،‏وأصبحوا يحيون حياة حضارية ليس <strong>في</strong>ها ظعن ولا ارتحال،‏ وليس هنا مجال للوقوفعلى الأطلال <strong>في</strong> مقدمات القصائدو<strong>من</strong> مظاهر <strong>التمرد</strong> الفني محاولة بعض ال<strong>شعر</strong>اء تحطيم عمود ال<strong>شعر</strong> العربي،‏<strong>من</strong> ذلك قول صريع الغواني يمدح يزيد بن مزيد الشيبانيسد الثغور يزيد بعدما انفرجت ْأغر أبيض يغ ْشى البيض أبيض لاموفِ‏ على مهجٍ‏ <strong>في</strong> يومٍ‏ ذي رهجٍ‏:(٢)بقائمِ‏ السيفِ‏ لا بالخت ْلِ‏ والحيلِ‏يرضى لمولاه يوم الروعِ‏ بالفشلِ‏كأنه أجلٌ‏ يسعى إلى أملِ‏فقد امتلأ النص السابق بالصنعة اللفظية،‏ إذ استخدم الشاعر ألوانا ً كثيرة <strong>من</strong>البديع،‏ كالطباق <strong>في</strong> قوله:‏ ‏"سد"‏ و ‏"انفرجت"،‏ والجناس <strong>في</strong> قوله:‏ ‏"مهج"‏ و ‏"رهج"،‏.٨٢-٨١______________(١)(٢)(٣)انظر خليف،‏ يوسف،‏ تاريخ ال<strong>شعر</strong> <strong>في</strong> <strong>العصر</strong> <strong>العباسي</strong>،‏ ص فقد ذكر عوامل اجتماعيةوفنية،‏ فلتراجع هناك.‏صريع الغواني،‏ مسلم بن الوليد الأنصاري،‏ الديوان،‏ ص ٨-٩، يغشى البيض:‏ أي التي علىرؤوس الفرسان.‏ يوم الروع بالفشل:‏ أي بالكهامة،‏ وهو أن ينبو السيف عن القطع.‏ موف علىمهج:‏ يو<strong>في</strong> عليها بالقتل.‏ <strong>في</strong> يوم ذي رهج:‏ <strong>في</strong> يوم غبار <strong>من</strong> الحرب.‏هدارة،‏ محمد مصطفى،‏ اتجاهات ال<strong>شعر</strong> العربي <strong>في</strong> القرن الثاني الهجري،‏ ص.٦٢٥٨٨


١٢٠٠٤مجلة <strong>جامعة</strong> <strong>دمشق</strong> – المجلد ٢٠- العدد (١+٢)صالح علي سليمالشتيوي.(٣)والتقسيم المرصع <strong>في</strong> البيت الثالث،‏ وكأن مسلما ً كان ‏"مضطرا ً إلى الاستزادة <strong>من</strong> هذهالصنعة اللفظية،‏ ليلبس نهجه القديم <strong>في</strong> ال<strong>شعر</strong> لباسا ً يوائم عصره ويتساوى معالمجددين <strong>من</strong> معاصريه الذين خرجوا عن عمود ال<strong>شعر</strong> التقليدي <strong>من</strong> أمثال أبي نواسوأبي العتاهيةثاني ًا:‏ <strong>التمرد</strong> الاجتماعي:‏يتبدى <strong>التمرد</strong> على القيم والتقاليد،‏ <strong>في</strong> <strong>العصر</strong> <strong>العباسي</strong> الأول،‏ بصورة جلية؛ فقد تغيرت(١)كثير <strong>من</strong> المفاهيم والأعراف لدى ال<strong>شعر</strong>اء،‏ و<strong>من</strong> ذلك ما قاله محمد بن حازم :اضرع إلى االله لا تضرع إلى الناسِ‏واستغنِ‏ عن كل ذي ق ُربى وذي رحمٍ‏واقنع بيأسٍ‏ فإن العز <strong>في</strong> الياسإن الغني <strong>من</strong> استغنى عن الناسِ‏يتبدى تصدع الذات وتمزقها لعدم انسجامها مع مجتمعها،‏ و<strong>من</strong> هنا،‏ جاء هذاالشرخ بين الذات والبنية الاجتماعية،‏ ففقدت مقومات التواصل والوئام.‏وإذا تأملنا النص،‏ فإننا نجد أن الألفاظ تكشف عن رؤى الشاعر الداخلية،‏ هذهالرؤى التي تصطدم بواقعه الخارجي،‏ فقد استخدم ألفاظا ً تتصل بعالمه الباطني،‏ <strong>من</strong>مثل:‏ ‏"اضرع،‏ اقنع،‏ اليأس،‏ …".ويتمرد أبو المخفف على مجتمعه؛ <strong>في</strong>تخذ العاذل رمزا ً فنيا ً يسقط عليه أفكارهومشاعره،‏ إذ يقول( ٢):.٦٣______________(١)ابن حازم الباهلي،‏ محمد،‏ الديوان،‏ ص والشاعر بصري كان ينزل مدينة السلام،‏ ويكنى أباجعفر،‏ شاعر كثير ال<strong>شعر</strong>،‏ له أشياء مختارة…‏ وكان يظهر القناعة،‏ ويكثر القول <strong>في</strong>ها،‏ وهو أسألالخلق.‏ انظر ابن الجراح،‏ أبو عبد االله محمد ابن داود،‏ الورقة،‏ ص.١١٧٨٩


<strong>ظواهر</strong> <strong>من</strong> <strong>التمرد</strong> <strong>في</strong> <strong>نماذج</strong> <strong>من</strong> <strong>شعر</strong> <strong>العصر</strong> <strong>العباسي</strong> الأولدع عنك لومي يا عذولُ‏إن الرغيف َ محببتقولُ‏ما أفهم فلست ُ جميلُ‏مطلبه الناسِ‏ <strong>في</strong> لقد أصم الشاعر أذنيه عن سماع أقوال مجتمعه ونصائحه،‏ ولذا،‏ جاء فعل الأمر:‏‏"دع"؛ ليجسد لنا موقف الرفض والتحدي و<strong>التمرد</strong> على العاذل-‏ رمز المجتمع كماأرى-‏ فلم يعد الشاعر يفهم ما يقوله مجتمعه؛ لأن الشاعر فقير تهمه مقومات حياتهالأساسية والمعيشية.‏ويلفت النظر ظاهرة الحوار - <strong>في</strong> البيت الأول-‏ وهي ظاهرة شائعة <strong>في</strong>ال<strong>شعر</strong> العربي؛ فقد كانت ‏"السمة البارزة لل<strong>شعر</strong> <strong>في</strong>ما مضى هو أنه <strong>شعر</strong> مخاطبة أوحوار ‏-صراحة أو ض<strong>من</strong>ا ً-‏ فال<strong>شعر</strong> القديم يتمثل <strong>في</strong> معظمه <strong>في</strong> حالة يرى <strong>في</strong>ها الشاعريخاطب آخرين <strong>من</strong> ‏"قفا نبك <strong>من</strong> ذكرى حبيب و<strong>من</strong>زل"‏ إلى ‏"دع عنك لومي فإن اللومإغراء".‏ ومهما دنا الشاعر <strong>من</strong> التجريدات الحكمية،‏ ومهما بدا أنه يحدث نفسه؛ فهو <strong>في</strong>النهاية يخاطب أناسا ً ماثلين أمامه أو <strong>في</strong> ذهنه،‏ يتوقع <strong>من</strong>هم استجابة آنية.‏ إنه يتوقعالحوار،‏ أو الفعل <strong>من</strong> نوع ما،‏ ولو كان هذا الفعل صيحة إعجاب <strong>من</strong> السامع؛ فالشاعرالقديم كان يعرف المونولوج بمعنى مخاطبة النفس.‏ فالشاعر <strong>في</strong> الماضي يخاطب نفسهعلى تقطع،‏ متسائلا ً،‏ متشكيا ً،‏ متفاخرا ً،‏ ثم يعود إلى موضوعه الذي هو على الأغلب____________________١٢٤، وانظر.٣٥(٢)انظر ابن الجراح،‏ الورقة،‏ ص الحسين أحمد،‏ أشعار الشحاذين <strong>في</strong> <strong>العصر</strong> <strong>العباسي</strong>،‏ص والشاعر هو عاذر بن شاكر،‏ كان <strong>في</strong> أيام المأمون وبعد ذلك ببغداد،‏ وله أشعار <strong>في</strong>وصف الخبز..كان ظريفا ً ، انظر ابن الجراح،‏ الورقة،‏ ص.١٢٢٩٠


١٣٢٠٠٤مجلة <strong>جامعة</strong> <strong>دمشق</strong> – المجلد ٢٠- العدد (١+٢)صالح علي سليمالشتيويخطابي يستهدف جمهورا ً يستمع إليه.‏ وصيغة المتكلم تتحول بسهولة <strong>من</strong>إلى ‏"نحن"‏(١)الجمع"‏ .المفرد ‏"أنا"‏ويتنكر أبو الشمقمق لأعراف المجتمع وينتهكها؛ <strong>في</strong>علن أن صلابة الوجه هي(٢)سلاح الفتى،‏ يقول :صلابة ُ الوجهِ‏ سلاح الفتى ورق َّة ُ الوجهِ‏ <strong>من</strong> الحرفه<strong>من</strong> كان صلبا ً وجهه محكما ًفأنت َ <strong>من</strong>ه الدهرِ‏ <strong>في</strong> طرفهيستخدم الشاعر <strong>في</strong> النص ألفاظا ً توحي بالعنف <strong>من</strong> مثل ‏"صلابة الوجه"‏ و ‏"صلبا ًوجهه".‏و<strong>من</strong> الواضح أن الجمل الاسمية قد غلبت على مساحة النص،‏ وكأن الشاعريبتغي أن يرسم قاعدة ثابتة لنفسه ‏-أو للآخرين-‏ لاتباعها،‏ والمحافظة عليها.‏ويدعو حماد عجرد إلى نبذ الإنسان الذي يصاحب الناس لمصلحة ذاتية؛ <strong>في</strong>تقرب<strong>من</strong> الموسرين،‏ ويجانب الفقراء،‏ يقول( ١):فارفض بإهمالٍ‏ أخوة ً <strong>من</strong>وعليك <strong>من</strong> حالاه واحدة ٌيقلي المقِل َّ ويعشق المثري<strong>في</strong> العسرِ‏ إما كنت َ واليسرِ‏ويصرح أحد الط<strong>في</strong>ليين لهذا <strong>العصر</strong>-أن ّه لم يعد يكترث للمثل الاجتماعية،‏ <strong>في</strong>قول( ٢):.٤٧-٤٦______________(١)(٢)جبرا،‏ جبرا إبراهيم،‏ الرحلة الثا<strong>من</strong>ة ‏"دراسات نقدية"،‏ صأبو الشمقمق،‏ مروان بن محمد،‏ ما تبقى <strong>من</strong> <strong>شعر</strong>ه،‏ ض<strong>من</strong> كتاب ‏"<strong>شعر</strong>اء عباسيونصهو أبو محمد مروان بن محمد بن مروان الحكم،‏ وهو بصري،‏ كان ربما لحن،‏ ويهزل كثيرا ً،‏ويجد،‏ <strong>في</strong>كثر صوابه،‏ قدم بغداد <strong>في</strong> أيام هارون الرشيد،‏ وكان <strong>من</strong> زمرة أبي نواس.‏ انظر الخطيبالبغدادي،‏ أبو بكر أحمد بن علي،‏ ج‎١٣‎‏،‏ ص٧٦، والشاعر.١٤٦٩١


<strong>ظواهر</strong> <strong>من</strong> <strong>التمرد</strong> <strong>في</strong> <strong>نماذج</strong> <strong>من</strong> <strong>شعر</strong> <strong>العصر</strong> <strong>العباسي</strong> الأولولما رأيت ُ الناس ضن ّوا بمالهمولم أر <strong>في</strong>هم داعيا ً لابنِ‏ فاقةٍ‏ركبت ُ ط<strong>في</strong>ليا ً وطوفت ُ <strong>في</strong>همفلم يك <strong>في</strong>هم <strong>من</strong> يهِش ُّ إلى الفضلِ‏يحن إلى شربٍ‏ ويصبو إلى أكلِ‏ولم أكترث للحلمِ‏ والعلمِ‏ والأصلِ‏<strong>في</strong>بدو أن الوضع الاقتصادي المتردي كان يؤدي دورا ً حاسما ً <strong>في</strong> دفع ال<strong>شعر</strong>اءإلى <strong>التمرد</strong>؛ فالكدية كانت وسيلة للتحرر والتحلل الأخلاقي والاجتماعي.‏ وعلى الرغم<strong>من</strong> أنغير‏"شخصية المكدي كانت ممقوتة <strong>في</strong> الحياة وتثير الاشمئزاز والكراهية،‏ ولكنهاأصبحت <strong>في</strong> الفن مثار الإعجاب والتقدير،‏ ولعل ذلك ارتبط بتمردها،‏ وإن كان فوضويا ً(١)<strong>من</strong>ظم"‏ويرفض جعيفران الموسوس سلوك الناس الذين يخلون بوعودهم،‏ ولا يحافظون(٢)عليها،‏ <strong>في</strong>قولأُف ٍّ ل<strong>من</strong> لا يتم ما وعدايا واعد الوعدِ‏ ليس ينجزه أبداعذابهِ‏ <strong>من</strong> تعبٍ‏ <strong>في</strong> أُف ٍّ ل<strong>من</strong> لا يزالُ‏ صاحبه جئتك <strong>في</strong> حاجةٍ‏ تقول غداعندك ما عشت ُ حاجة ً أبداأك ُل َّ طولِ‏ الزمانِ‏ أنت إذالا جعل االله لي إليك ولاضاق الشاعر ذرعا ً ببعض الشرائح الاجتماعية التي لا تكترث بالقيم والأعراف،‏فلا ت<strong>في</strong> بوعودها؛ فتتعب <strong>من</strong> يتعامل معها،‏ و<strong>من</strong> هنا؛ فالشاعر يتمرد عليها،‏ ويرفض____________________.٦٨(١)(٢)ابن المعتز،‏ عبد االله،‏ طبقات ال<strong>شعر</strong>اء،‏ صالخطيب البغدادي،‏ أحمد بن علي،‏ كتاب التط<strong>في</strong>ل وحكايات الط<strong>في</strong>ليين وأخبارهم ونوادر كلامهموأشعارهم،‏ ص ٨١، وانظر عطوان،‏ حسين،‏ ال<strong>شعر</strong>اء الصعاليك <strong>في</strong> <strong>العصر</strong> <strong>العباسي</strong> الأول،‏ ص.١٦١٩٢


١١٢٠٠٤مجلة <strong>جامعة</strong> <strong>دمشق</strong> – المجلد ٢٠- العدد (١+٢)صالح علي سليمالشتيويأساليبها الملتوية،‏ ولا بدع <strong>في</strong> هذا؛ ‏"فليس الهدف <strong>من</strong> ال<strong>شعر</strong> الصور،‏ بل معرفة العالموالعلاقات التي تربط بين الناس ومعرفة الذات وتطور الشخصية الإنسانيةقول روبرت شولز-"‏(٣)‏-على حدوواضح أن الشاعر قد كرر اسم الفعل المضارع ‏"أف ّ"‏ مرتين ‏-<strong>في</strong> النص-‏ وهيلفظة توحي بزخم التجربة والبوح بمكنوناتها،‏ فهي <strong>من</strong> الأصوات التي تدل دلالة(١)طبيعية على التضجر،‏ وتحمل دلالة أخرى،‏ وهي الاستخفاف والاستقذار .ويبدو أن البناء الداخلي لكثير <strong>من</strong> الكلمات قد أسهم <strong>في</strong> تفريغ الشحنات العاط<strong>في</strong>ةالتي أقلقت الشاعر <strong>في</strong> تجربته القاسية مع الناس؛ فلجأ إلى الإكثار <strong>من</strong> أحرف المد <strong>في</strong>القا<strong>في</strong>ة،‏ مثل:‏ وعدا،‏ أبدا،‏ غدا…‏ وكأنه يريد أن ينفث ما <strong>في</strong> قلبه <strong>من</strong> أحاسيس الضيقوالكبت؛ كي يروح عن نفسه.‏ويفلسف جعفر بن علبة الحارثي شربه الخمر؛ <strong>في</strong>بين أن السكر لا يفسد الحلم،‏فليس بعار أن يحتسي المرء ابنة الحان،‏ ولكن العار أن يكون لئيما ً،‏ قال،١٩٩٥(٢)______________(١)الحسين،‏ أحمد،‏ أدب الكدية <strong>في</strong> <strong>العصر</strong> <strong>العباسي</strong>،‏ دار الحصاد للنشر والتوزيع،‏ <strong>دمشق</strong>،‏ ط‎٢‎‏،‏صابن حبيب القاسم الحسن بن محمد،‏ عقلاء المجانين،‏ ص والشاعر:‏ هو جعيفران بن علي،‏<strong>من</strong> ساكني سر <strong>من</strong> رأى،‏ ومولده و<strong>من</strong>شؤه ببغداد،‏ وكان أبوه <strong>من</strong> أبناء الجند الخراسانية،‏ وكانيتشيع.‏ كان أديبا ً شاعرا ً مطبوعا ً،‏ وغلبت عليه المرة السوداء ‏(خلط <strong>من</strong> أخلاط البدن تفرزهالمرارة)،‏ فاختلط ‏"هذي"‏ واضطرب عقله،‏ وبطل ‏"هزل"‏ <strong>في</strong> أكثر أوقاته ومعظم أحواله،‏ ثم كان إذاأفاق،‏ ثاب إليه عقله وطبعه،‏ فقال ال<strong>شعر</strong> الجيد،‏ انظر الأصفهاني،‏ الأغاني،‏ ج‎٢٠‎‏،‏ صالغانمي،‏ سعيد،‏ اللغة والخطاب الأدبي ‏"مقالات لغوية <strong>في</strong> الأدب"،‏ ط‎١‎‏،‏أدونيس،‏ الصو<strong>في</strong>ة والسوريالية،‏ ص‎١٩٢‎‏،‏ وانظر ناصف،‏ مصطفى،‏ أحمد حجازي الشاعرالمعاصر،‏ ص إذ يقول:‏ إن ال<strong>شعر</strong> ينبغي له أن يفصح عن أزمة علاقتنا بالمجتمع.‏ ينبغيلنا ألا يلهينا الجمال والفتنة والغناء والحب عن مواجع حقيقية.‏انظر كشاش،‏ محمد،‏ اللغة والحواس،‏ صالأصفهاني،‏ أبو الفرج علي بن الحسين،‏ الأغاني،‏ ج‎١٣‎‏،‏ ص والشاعر هو:‏ جعفر بن علبة بنربيعة الحارثي،‏ <strong>من</strong> مخضرمي الدولتين الأموية و<strong>العباسي</strong>ة،‏ شاعر مقل غزل فارس مذكور <strong>في</strong> قومه،‏وكان أبوه علبة بن ربيعة شاعرا ً أيض ًا.‏ انظر المصدر نفسه،‏ ج‎١٣‎‏،‏ ص.٢٠٢١٩٩٣، ص ١٠٨، وانظر.٥٠.١٩٥.٥١.١٤٤.٨٩-٨٨.٢٥٨(٢)(٣)(١ )(٢)٩٣


<strong>ظواهر</strong> <strong>من</strong> <strong>التمرد</strong> <strong>في</strong> <strong>نماذج</strong> <strong>من</strong> <strong>شعر</strong> <strong>العصر</strong> <strong>العباسي</strong> الأوللقد زعموا أن ّي سكرت ُ وربمالعمرك ما بالسكرِ‏ عار على الفتىوإن أمرا ً دامت ْ مواثيق ُ عهدهِ‏يكون الفتى سكران وهو حليمولكن عارا ً أن يقال لئي معلى دونِ‏ ما لاقيته لكريميصطدم الوعي الفردي بالقيم الجماعية‏-داخل النص-‏وهذا هو ديدن معظمال<strong>شعر</strong>اء؛ ‏"فالشاعر يشاهد الواقع حوله ب<strong>من</strong>ظاره الذاتي،‏ وليس <strong>من</strong> ال<strong>من</strong>ظار الاجتماعي؛فهو يسقط الكثير <strong>من</strong> اعتباراته،‏ بينما يؤكد بعض الجوانب ويصب عليها اهتمامه،‏ وهو(٣)<strong>في</strong> وقوفه هذا يكون صياغة جديدة تتناسب ومزاجه الخاص"‏(١)ويؤكد أبو نواس إصراره على المضي <strong>في</strong> الفساد والغي،‏ يقول :لذ ّابالتاركِ‏ لست ُ صلاحييبغي ل<strong>من</strong> ق ُلْ‏ كاما اللذ ّاتِ‏ أطيب للصلاحِ‏الندامى تِ‏ بصلاحيرشدي بعت ُ بافتضاحِ‏جهارا ً ن إن الشاعر لا يهمه أن يتحدى مجتمعه؛ <strong>في</strong>تجاوز قيمه <strong>في</strong> سبيل متعته وحسب،‏ بلراح يحض على الإباحية ويجاهر بالمعصية ويعلن <strong>التمرد</strong> والفسق.‏ولنلاحظ أن أبا نواس تقمص شخصية أخرى؛ فأخذ يوجه خطابه إليها،‏ محاولا ًالكشف عن أزمته الداخلية،‏ والتعبير عما يرنو إليه،‏ حتى وإن خالف الجماعة.‏____________________(٣)الركابي،‏ وحيدة حسين علي،‏ دراسة ارتباطيه بين الإبداع وبعض الخصائص النفسية لل<strong>شعر</strong>اء،‏ ص.٨٨٩٤


١٢٠٠٤مجلة <strong>جامعة</strong> <strong>دمشق</strong> – المجلد ٢٠- العدد (١+٢)صالح علي سليمالشتيويويهتف ربيعة الرقي بالناس جميعا ً أن يتركوه؛ فهو ليس <strong>من</strong> أهل الفلاح وإنمامشغول بالغزل،‏ يقول(٢):الفلاحِ‏أهلِ‏ <strong>من</strong> لست ُ ذروني الناس أيها الصحاحِ‏المرضِ‏ بهوى معن َّى إنسان أنا وراحِ‏لهوٍ‏ وأخو للغواني زير أنا لم يحفل الشاعر بقاعدة خلقية،‏ <strong>في</strong> الأبيات،‏ وإنما يحاول أن يشق مذهبا ً يجسدحريته أو فرديته.‏وإذا ما تملينا النص؛ فإننا نجد أن الشاعر بدأ بصيغة نداء مركبةيتبعها ‏"أيها"‏بفعل أمر:‏ ‏"ذروني"؛ مما يدل على توتره،‏ ثم استخدم فعلا ً نا<strong>في</strong>ا ً جامدا ً غير مشتق‏"ليس"؛ ليشي بتوقف استمرار الحدث الذي يليه،‏ و<strong>في</strong> هذا تجسيد لموقف الرفضوالتحدي.‏وواضح أن الشاعر بدأ بخطاب الجماعة:‏ ‏"ذروني"،‏ ثم تحول إلى ضمير ‏"الأنا"،‏ولعل مرد ذلك أن الشاعر قد انسلخ <strong>من</strong> القطيع الإنساني؛ وفقد ارتباطه بالقيم السائدة.‏(١)ويجاهر صريع الغواني بتهالكه على الملذات،‏ حين يقول :______________(٢)(١)أبو نواس،‏ الحسن بن هاني،‏ الديوان،‏ ، ص ١٣٥.ربيعة الرقي،‏ ربيعة بن ثابت،‏ <strong>شعر</strong>ه،‏ ص ٨٧، وربيعة الرقي هو ربيعة بن ثابت الأنصاري،‏ ويكنىأبا شبابة،‏ وقيل:‏ إنه كان يكنى أبا ثابت،‏ وكان ينزل الرقة،‏ وبها مولده ونشأته وهو <strong>من</strong>المكثرين المجيدين،‏ وكان ضريرا ً،‏ وإنما أخمل ذكره وأسقطه عن طبقته بعده عن العراق وتركهخدمة الخلفاء ومخالطة ال<strong>شعر</strong>اء.‏ انظر الأصفهاني،‏ الأغاني،‏ ج‎١٦‎‏،‏ صصريع الغواني:‏ الديوان،‏ ص…٢٧١.٢٠٩(١)٩٥


<strong>ظواهر</strong> <strong>من</strong> <strong>التمرد</strong> <strong>في</strong> <strong>نماذج</strong> <strong>من</strong> <strong>شعر</strong> <strong>العصر</strong> <strong>العباسي</strong> الأوللم أصح <strong>من</strong> لذ ّّةِ‏ لالا ولا طربِ‏نفسي تنازعني اللذات دائِب ًةكم ليلةٍ‏ بت ُّ مسرورا ً ومغتبط ًاوكيف َ يصحو قرين اللهوِ‏ واللعبِ؟وإنما اللهو واللذات ُ <strong>من</strong> أربيجذلان <strong>من</strong>غمسا ً <strong>في</strong> اللهو والطربِ‏يصور الشاعر‏-<strong>في</strong> الأبيات السابقة-‏المسلك المخالف لقيم المجتمع وأعرافه،‏ ويتغن ّى به.‏مسلكه اللاهي،‏ ويبدو كأنه يفاخر بهذاويرفض الرقاشي المشاركة <strong>في</strong> الحرب؛ ليفر <strong>من</strong>ها إلى الخمر التي تنسي الهموم(٢)وتبعث الراحة <strong>في</strong> النفوس،‏ يقول :جماميالقصف عن لَ‏ طا قد الدرع جن ّبيني بالحسامِ‏وابدي رد والمِط البيضة واكسري وسهاميبقوسي رِ‏ البح ل ُجة <strong>في</strong> واقذ<strong>في</strong> ولجاميوبسرجي وبرمحي وبترسي بالصدامِ‏مهري االله أصاب مهري،‏ واعقري مقاميالحرب <strong>في</strong> أنا لا أطلب أن يعرف َ كرامِ‏فتيان بين تراني أن وبحسبي بانهزامِ‏قوم هم ما إذا الراح نهزم وهامِ‏لأجسادوالطع ن الضرب ون ُخل ِّي ،١٦ ص .٢٦٢____________________(٢)المطرد:‏ابن المعتز،‏ طبقات ال<strong>شعر</strong>اء،‏ ص ٢٢٧، وانظر الأصفهاني،‏ الأغاني،‏ جالرمح القصير.‏ البيضة:‏ الخوذة.‏ الصدام:‏ داء يصيب الدواب <strong>في</strong> رؤوسها.‏ الرقاشي:‏ هو أبوالفضل بن عبد الصمد مولى رقاش،‏ وهو <strong>من</strong> ربيعة،‏ وكان مطبوعا ً،‏ سهل ال<strong>شعر</strong>،‏ نقي الكلام،‏ وقدناقض أبا نواس…‏ ويقال:‏ إنه كان <strong>من</strong> العجم <strong>من</strong> أهل الري.‏ انظر الأغاني،‏ ج،١٦ ص .٢٦٠٩٦


٢٠٠٤مجلة <strong>جامعة</strong> <strong>دمشق</strong> – المجلد ٢٠- العدد (١+٢)صالح علي سليمالشتيويلشقيقالَ‏ قد طا(١)لَ‏ عن الحرب جِمامييرفض الشاعر <strong>في</strong> الأبيات،‏ الفروسية؛ <strong>في</strong>طلب إبعاد أدوات القتال؛ لأنه لا يريدأن يكون فارسا ً يتغنى الناس ببطولته،‏ فمثل هذه القيم لا تشغله،‏ وإنما يكت<strong>في</strong> أن ينضمإلى زمرة المجان والخلعاء الذين يدخلون معركة أخرى،‏ هي معركة اللهو والمجونواحتساء الخمر حتى يهزموها،‏ دون أن تكلفهم شيئا ً؛ فهو يفضل فروسية الشرب علىفروسية الحرب،‏ وهذا مسلك يذكرنا ‏"بفلسفة أبي نواس الذي كان يرفض حياة الإغارةوالسلب والغزو،‏ ويفضل عليها حياة الوداعة واللهو والسلام والحرية والمجون،‏فرفض بعض أعراف الحياة القديمة،‏ وانتصر للجديد <strong>في</strong> الحياة و<strong>في</strong> الفن.‏كما أن هذا مظهر جديد <strong>من</strong> مظاهر التحلل الاجتماعي،‏ بل ‏"قد يوصف بأنه أثر<strong>من</strong> آثار التحضر والاستغراق <strong>في</strong> المدينة،‏ وكان يشير إلى أن ذوق <strong>العصر</strong> قد تغير،‏وأن أشياء كانت تثير الانفعال لدى الإنسان العربي <strong>من</strong> قبل لم تعد لها الإثارة نفسهالدى قطاع عريض <strong>من</strong> أهل مدن العراق"‏.والطريف أننا نجد بعض ال<strong>شعر</strong>اء يتمرد على النسك والزهد،‏ و<strong>من</strong> ذلك ما قاله(١)يحيى بن زياد الحارثي:‏______________(١)إسماعيل،‏ عز الدين،‏ <strong>في</strong> ال<strong>شعر</strong> <strong>العباسي</strong>السامرائي،‏ يونس:‏ <strong>شعر</strong>اء عباسيون،‏ ج‎٣‎‏،‏ ص، ص .٣١٩.٧٣-٧٢(١)والشاعر:‏ يحيى بن زياد الحارثي بن عبيداالله،‏ كان يقال له عبد الحجر،‏ وكانت عمته ريطة بنت عبد االله زوجة محمد بن علي بن عبد االله بنالعباس،‏ فولدت له السفاح،‏ <strong>في</strong>حيى ابن خال أبى العباس السفاح،‏ وهو <strong>من</strong> أهل الكوفة،‏ وكان شاعرا ًأديبا ً ماجنا ً نسب إلى الزندقة،‏ وكان صديق مطيع بن إياس وحماد عجرد ووالبة بن الحباب.‏ انظرالبغدادي،‏ تاريخ بغداد،‏ ج‎١٤‎‏،‏ ص.١٠٧-١٠٦(٢)يونس،‏ انتصار،‏ السلوك الاجتماعي،‏والفن ‏"قراءة <strong>من</strong> الداخل"،‏ ص٩٧٨، ص.١٠٨٣٤٣، نقلا ً عن الرباعي،‏ عبد القادر،‏ عرار:‏ الرؤيا٩٧


<strong>ظواهر</strong> <strong>من</strong> <strong>التمرد</strong> <strong>في</strong> <strong>نماذج</strong> <strong>من</strong> <strong>شعر</strong> <strong>العصر</strong> <strong>العباسي</strong> الأولأقولُ‏ لذي طربٍ‏ ضاحكٍ‏دع الن ُسك ويحك لا تبغِهِ‏ولا تقع الدهر <strong>في</strong> صاحبٍ‏ولا تبكين على ناسكٍ‏إذا مل َّ ذو الن ُسكِ‏ <strong>من</strong> ن ُسكِهِ‏فتكِهِ‏على أخاك وعاون زكهِ‏بل <strong>من</strong>ه أكثروا وإن فابكهِ‏طربٍ‏ ذو مات وإن وصريحة.‏هذه حالة نفسية فزعة <strong>من</strong> هول ما واجهه الشاعر،‏ ولذا،‏ كانت ردة فعله عنيفةولعلنا نجد تفسير مثل هذه الحالة <strong>في</strong> علم النفس،‏ فقد جاء <strong>في</strong>ه:‏ ‏"وكثيرا ً ماتقف البيئة <strong>في</strong> سبيل إشباع دوافع الفرد،‏ فت<strong>شعر</strong> الذات بالتهديد والخطر،‏ ويتكون دافعالخوف الذي إذا زاد على مستوى قدرة الاحتمال،‏ يتحول إلى قلق يسيطر على سلوكه(٢)وشخصيته عامة"‏ .ومما يجدر ذكره أن بعض ال<strong>شعر</strong>اء كان يرفض مسلك اللهو،‏ ويتمرد عليه،‏ و<strong>من</strong>(١)ذلك ما قاله سعدون المجنون:‏النبيذِ‏لأهلِ‏ النبيذ َ تركت ُ العزيزيذل ُّ النبيذ َ لأن فإن كان ذا جائزا ً للشبابِ‏وأصبحت ُ أشرب ماء قراحاويكسو الوجوه الن ّضار الصباحافما العذر <strong>في</strong>ه إذا الشيب لاحافهذا تمرد واضح على حياة المجون والخلاعة التي كانت <strong>من</strong>تشرة <strong>في</strong> المجتمع<strong>العباسي</strong>؛ فالنبيذ يذل العزيز،‏ وإذا كان جائزا ً <strong>في</strong> مرحلة الشباب؛ فإنه لا يليق بالشيوخ.‏٩٨


١٢٠٠٤مجلة <strong>جامعة</strong> <strong>دمشق</strong> – المجلد ٢٠- العدد (١+٢)صالح علي سليمالشتيويو<strong>من</strong> الجلي أن الشاعر اعتمد <strong>في</strong> الأبيات السابقة على ال<strong>من</strong>طق الصريح والمباشربقصد الإفهام،‏ فساق الدليل والبرهان،‏ بهدف الإقناع والوعظ،‏ ولعله تأثر بتيار الزهد<strong>في</strong> <strong>العصر</strong> <strong>العباسي</strong>.‏ثالث ًا:‏ <strong>التمرد</strong> الديني:‏خرج بعض ال<strong>شعر</strong>اء على القيم الدينية،‏ و<strong>من</strong> ذلك ما نجده عند بشار بن برد،‏حين يقول:‏( ٢)تقولُ‏ لي الصغرى الصلاة َ وقد دنت ْ شواكلُ‏ توديعِ‏ الإمام المؤيدِ‏فقلت ُ لها:‏ ألقي الصلاة َ وأنثني شفاعة َ <strong>من</strong> يأوي لحران مقصدِ‏تبدلَ‏ <strong>من</strong> حب الصلاةِ‏ حديثنا وكنت أراه غاية المتعبدِ‏لعمرك ما ترك الصلاةِ‏ ب<strong>من</strong>كرٍ‏ ولا الصوم إن زارتك ‏"أم محمدِ"‏ويتضح التهتك والفجور <strong>في</strong> الأبيات السابقة،‏ وربما نجم هذا التهتك عن زندقةبشار التي كان يجاهر بها.‏(١)ويبدو <strong>التمرد</strong> الديني عند عمرو بن عبد الملك الوراق،‏ حين يقول:‏.٣١١______________(١)ابن الجوزي،‏ جمال الدين أبو الفرج عبد الرح<strong>من</strong> بن علي،‏ صفوة الصفوة،‏ ج‎٢‎‏،‏ صسعدون المجنون:‏ يقال:‏ إن اسمه سعيد،‏ وكنيته أبو عطاء،‏ ولقبه سعدون،‏ <strong>من</strong> أهل البصرة،‏ كان<strong>من</strong> عقلاء المجانين وحكمائهم…طوف <strong>في</strong> البلاد،‏ ودونت أخباره،‏ استقدمه المتوكل وسمع كلامه،‏وكان <strong>من</strong> المحبين الله عز وجل،‏ صام ستين سنة،‏ فجف دماغه؛ فسماه الناس مجنون ًا.‏ انظر الكتبي،‏محمد بن شاكر،‏ فوات الو<strong>في</strong>ات،‏ ج‎٢‎‏،‏ ص ٤٨، وانظر ابن حبيب،‏ عقلاء المجانين،‏ صابن برد،‏ بشار،‏ الديوان،‏ ج‎٢‎‏،‏ ص الشواكل:‏ جمع الشاكلة،‏ وهي الطريقة.‏ الإمامالمؤيد:‏ الخليفة المهدي.‏ الحران:‏ الشديد العطش.‏ المقصد:‏ المش<strong>في</strong> على الهلاك.‏الشابشتي،‏ أو الحسن علي بن محمد،‏ الديارات،‏ ص‎١٧٣-١٧٢‎‏.‏ والشاعر:‏ مولى عنزة،‏ وهو عمروالمبارك شاعر ماجن رشيدي،‏ له <strong>شعر</strong> كثير <strong>في</strong> حرب الأمين والمأمون،‏ وأصله بصري،‏ وهو أحد.١١٤.١٩٥-١٩٤(٢)(١)٩٩


<strong>ظواهر</strong> <strong>من</strong> <strong>التمرد</strong> <strong>في</strong> <strong>نماذج</strong> <strong>من</strong> <strong>شعر</strong> <strong>العصر</strong> <strong>العباسي</strong> الأولكرخيةٍ‏ومدامةٍ‏فتيةٍ‏<strong>في</strong> عاقرتها المجامهروا معشرٍ‏ <strong>في</strong> سترة ًالمجانة َ جعلوا ‏ُعليهمالصلاة تمضي تنب<strong>من</strong> تنبه فإذا صلواتهممضت ْ وإذا العنبماء <strong>من</strong> حمراء العربدين على ليسوا والطر باللذاذةِ‏ <strong>في</strong> نة َ الرتبعلى للعاذلين الغضب<strong>في</strong> <strong>من</strong>هم والسكر الطل ب<strong>في</strong> <strong>من</strong>ها كان ه رجب<strong>في</strong> جمادى صل ّوا والنفاق.‏لقد حمل الشاعر‏-كما يبدو-‏ الخمر رفضه العلني لأساليب المجتمع <strong>في</strong> التسترفبدت الحرية عنده أقرب إلى الفوضى والتحلل؛ فهو يجاهر بالمعصية وعدمالاكتراث بالمجتمع الإسلامي الذي يعيش <strong>في</strong>ه.‏و<strong>من</strong> الملاحظ أن الشاعر قد اتكأ على البناء القصصي،‏ ولعل اعتماده على هذاالعنصر القصصي هو الذي دفعه إلى الإكثار <strong>من</strong> الأفعال الماضية التي امتلأ بهاالنص.‏(١)ويظهر <strong>التمرد</strong> الديني عند والبة بن الحباب،‏ حين يقول:‏إن كان يجزى بالخير فاعلهشرا ً ويجزى القبيح بالحسنِ‏____________________الخلعاء المجان،‏ وله مع أبي نواس أخبار.‏ انظر المرزباني،‏ محمد بن عمران،‏ معجم ال<strong>شعر</strong>اء،‏ ص٣٢، وانظر الشابشتي،‏ الديارات،‏ صابن الحباب،‏ والبة،‏ ما وصلنا <strong>من</strong> <strong>شعر</strong>ه،‏ ض<strong>من</strong> كتاب ‏"<strong>في</strong> فلك أبي نواس"،‏ صأبو دلامة،‏ زند بن الجون،‏ الديوان،‏ ص.٢٩.١٧٢.٥٩(١)(٢)١٠٠


٢٠٠٤مجلة <strong>جامعة</strong> <strong>دمشق</strong> – المجلد ٢٠- العدد (١+٢)صالح علي سليمالشتيويفويلُ‏ تالي القرآنِ‏ <strong>في</strong> ظلمِ‏ الل ّيلِ‏ وطوبى لعابدِ‏ الوثنِ‏فهذا <strong>شعر</strong> ينطق ب<strong>التمرد</strong> والاستهتار الديني،‏ ومرده الزمرة الاجتماعية المتحللة<strong>من</strong> الأخلاق والتي رافقها الشاعر؛ فتركت أثرا ً <strong>في</strong> حياته.‏ونحن نعلم أن لفظة‏"الويل"‏ترتبط بالعذاب،‏ وكلمة:‏ ‏"طوبى"‏تتصل بالخيروالفلاح،‏ لكن الشاعر أحدث دهشة وغرابة،‏ <strong>من</strong> خلال هذا الأسلوب اللغوي؛ مما يستفزوعي القارئ،‏ ويصدم نفسيته،‏ ويسبب خلخلة <strong>في</strong> توقعاته،‏ وانتهاكا ً لحدود معرفتهوذوقه الذي ألف استخدامات <strong>من</strong>طقية وواقعية للغة.‏(٢)ونلحظ <strong>التمرد</strong> الديني <strong>في</strong> <strong>شعر</strong> أبي دلامة،‏ أذ يقول:‏ن ُبئت ُ أن طريق َ الحجِ‏ معطشةواالله ما بي <strong>من</strong> خيرٍ‏ فتطلبني<strong>من</strong> الط ّلا وما شربي بتصريدِ‏<strong>في</strong> المسلمين وما ديني بمحمودِ‏يصرح الشاعر بحريته،‏ وهي حرية لا تعرف أي ضابط <strong>من</strong> الضوابط؛ فالشاعريعرض علينا أقبح ما لديه <strong>من</strong> فكر يعتنقه و<strong>من</strong> سلوك يعتد به.‏ويصرح أبو الهندي بكل تحرر <strong>من</strong> الدين والأعراف أنه كان يشرب(١)شهر رمضان،‏ <strong>في</strong>قول:‏الخمر <strong>في</strong>______________.٤٧( (١)٢)أبو الهندي،‏ الديوان،‏ صابن حنبل،‏ أحمد،‏ مسند،‏ أحمد ، ج‎٥‎‏،‏ ص ١٩٣، وانظر النويري،‏ شهاب الدين،‏ نهاية الأرب <strong>في</strong>فنون الأدب،‏ ص.٢١٩(٣)ديك الجن الحمصي،‏ عبد السلام بن رغبان،‏ الديوان،‏ ص.١٧٠١٠١


<strong>ظواهر</strong> <strong>من</strong> <strong>التمرد</strong> <strong>في</strong> <strong>نماذج</strong> <strong>من</strong> <strong>شعر</strong> <strong>العصر</strong> <strong>العباسي</strong> الأولشربت ُ الخمر <strong>في</strong> رمضان حتىفقال أخي:‏ الديوك <strong>من</strong>اديات ٌرأيت ُ البدر للش ِّعرى شريكافقلت ُ له:‏وما يدري الديوكاإن شرب الخمر <strong>في</strong> رمضان والمجاهرة به شيء يهز نفسية السامع،‏ لكن الشاعريعلن ذلك بصراحة،‏ دون مراعاة لمشاعر الناس.‏وتستوقفنا لفظة‏"الديوك"؛ فهي ذات دلالة إيحائية،‏ ذلك أن الديك يوقظ الناسللصلاة وقت السحر؛ فقد وهب صوتا ً محببا ً يذكر الناس بطيبه كل صباح.‏وقد ظلصوت الديك محببا ً إلى العرب حتى بعد الإسلام؛ فقد روي أن النبي عليه السلام امتدح(٢)صوته،‏ وقال:‏ ‏"إنه يؤذن للصلاة"‏ ، لكن الشاعر لا يأبه بكل هذه المعاني والرموز.‏(٣)ويستهتر ديك الجن الحمصي بالقيم الدينية،‏ قائلا ً :أأترك لذة َ الصهباءِ‏ عمدا ًحياة ٌ ثم موت ٌ ثم بعث ٌوخمرِ‏لبنٍ‏ <strong>من</strong> وعدوه لما عمروِ‏أم يا خرافة حديث ُ وهذا تمرد ما بعده تمرد،‏ واستهتار ما بعده استهتار؛ فالشاعر لاللتقاليد الإسلامية،‏ وإنما راح يجاهر بشكوكه التي تفجع السامع وتنف ّره.‏يقيم وزنا ًوغير خاف أن الشاعر عمد إلى أسلوب الاستفهام الاستنكاري ‏-كما اعتقد-‏ <strong>في</strong>البيت الأول،‏ وقد كرر همزة الاستفهام مرتين - وهي همزة قطع-‏ لتمثل الصوتالمضطرب الخائف،‏ وذلك حين يتذكر الشاعر أنه سيترك لذة الخمر التي اعتادها.‏لكنه لجأ إلى الأسلوب الخبري <strong>في</strong> البيت الثاني،‏ وقد أكثر <strong>من</strong> صيغ التنكير التيتحمل معنى الإبهام والتعميم التي تتحالف مع أسلوب الرفض والشك،‏ ولعلنا لا نبالغ<strong>في</strong> هذا التحليل؛ ‏"فالذي يساعد على الدخول <strong>في</strong> عالم القصيدة ليس هو معرفة غرضها١٠٢


٢٠٠٤مجلة <strong>جامعة</strong> <strong>دمشق</strong> – المجلد ٢٠- العدد (١+٢)صالح علي سليمالشتيويأو <strong>من</strong>اسبة إنشائها،‏ بل هو إضاءتها وكشف أسرارها اللغوية وتفسير نظام بنائهاوطريقة تركيبها وإدراك العلاقات <strong>في</strong>ها،‏ وبيان الوجوه الممكنة للنص <strong>من</strong> خلالالمعطيات التعبيرية المبنية على تواشج المفردات والبناء النحوي الذي يعد ركيزة(١)النص الأساسية"‏ .(٢)ويتمادى إبراهيم بن سيابة <strong>في</strong> مجونه وتحرره الديني والأخلاقي،‏ <strong>في</strong>قول:‏قد كنت ُ قبل اليوم أُدعى مسلما ًواليوم صار الكفر <strong>من</strong> أسمائيإن الشاعر يجد <strong>في</strong> الخطيئة و<strong>التمرد</strong> والرفض ضرورات أساسية،‏ فاتخذ <strong>من</strong>هاسلاحا ً يؤكد بها فرديته وحريته.‏على أننا نجد بعض ال<strong>شعر</strong>اء يتمرد على أولئك الذين يبيعون دينهم؛ لينغمسوا <strong>في</strong>(١)ملاهي دنياهم،‏ كقول أبي العتاهية :يا بائع الدينِ‏ بالدنيا وباطلهاترضى بدينك شيئا ً ليس يسواه.١٦.٩٣______________(١)(٢)عبد اللطيف،‏ محمد حماسة،‏ الإبداع الموازي ‏"التحليل النصي لل<strong>شعر</strong>"،‏ صابن المعتز،‏ طبقات ال<strong>شعر</strong>اء،‏ ص والشاعر كان حجاما ً … وكان يرمى بالزندقة،‏ وقد أخذهالمهدي وأحضر كتبه،‏ فلم يوجد <strong>في</strong>ها شيء <strong>من</strong> ذلك؛ فأ<strong>من</strong>ه واستكتبه،‏ وكان يكتب <strong>في</strong> مجلسه وبينيديه،‏ وكان <strong>من</strong> أبلغ الناس وأفصحهم.‏ انظر المصدر نفسه،‏ صأبو العتاهية،‏ إسماعيل بن القاسم،‏ الديوان،‏ صابن برد،‏ بشار،‏ الديوان،‏ ج‎٣‎‏،‏ ص الفند:‏ الكذب.‏ تغز‏:‏ تصبر.‏ هفا <strong>في</strong> المشي هفوا ً:‏ أسرعوخف ّ <strong>في</strong>ه.‏.٩٣.٣٥٢.٩١-٩٠(١)(٢)١٠٣


<strong>ظواهر</strong> <strong>من</strong> <strong>التمرد</strong> <strong>في</strong> <strong>نماذج</strong> <strong>من</strong> <strong>شعر</strong> <strong>العصر</strong> <strong>العباسي</strong> الأولوجاء النداء،‏ هنا،‏ وكأنه صرخة مدوية يطلقها الشاعر <strong>في</strong> وجه المستهترين الذينلا يلتزمون بأوامر الدين،‏ <strong>في</strong>ساوون بين الدنيا والآخرة؛ ليحملهم على التخلي عن<strong>من</strong>هجهم ال<strong>من</strong>حرف.‏رابعا ً:‏<strong>التمرد</strong> النفسي:‏برز <strong>التمرد</strong> النفسي <strong>في</strong> ال<strong>شعر</strong> <strong>العباسي</strong>،‏ ونجد مظاهر هذا <strong>التمرد</strong> <strong>في</strong> <strong>شعر</strong> بشار(٢)بن برد،‏ إذ يقول :دع ذكر عبدة َ إنه فندما نولتك بما تطالبهافاسكن إلى سكنٍ‏ تسر بهقد شاب رأسك <strong>في</strong> تذك ِّرهاوتعز ترفد <strong>من</strong>ك ما رفدواإلا مواعد كل ُّها فندذهب الزمان وأنت َ <strong>من</strong>فردوهفا الفراق ُ ورقت ْ الكبديكتنف الصراع ‏"الأنا الشاعرة"،‏ مما جعلها تلجأ إلى زجر النفس؛ للكف عن حب‏"عبده"‏ التي لا ت<strong>في</strong> بوعودها،‏ <strong>في</strong> حين أن الز<strong>من</strong> يمضي،‏ والشيب يغزو <strong>شعر</strong> رأسهالشاعر-.‏-(١)ويتبدى <strong>التمرد</strong> النفسي <strong>في</strong> <strong>شعر</strong> حماد عجرد حين كان يستجير بالقبور،‏ كقوله :لم أجد لي <strong>من</strong> الأنامِ‏ مجيرا ًغير أن ّي جعلت ُ قبر أبي أيفاستجرت ُ القبور والأحجاراوب لي <strong>من</strong> حوادث الدهر جارا______________(١)ابن المعتز،‏ طبقات ال<strong>شعر</strong>اء،‏ صابن الأحنف،‏ العباس،‏ الديوان،‏ ص.٦٧.٢٦٢(٢)اخلع عذارك:‏ كناية عن عدم الحياء.‏١٠٤


٢٠٠٤مجلة <strong>جامعة</strong> <strong>دمشق</strong> – المجلد ٢٠- العدد (١+٢)صالح علي سليمالشتيويوحقيق ٌل<strong>من</strong> يجاور ذاك القبر أن يأ<strong>من</strong> الردى والعِثارافالاستجارة بالقبور لا تدفع عن الشاعر أذى،‏ ولا ترد شرا ً،‏ وإنما هي وسيلةنفسية يلوذ بها،‏ بعد أن قنط <strong>من</strong> البشر الأحياء؛ فولى وجهه شطر القبور،‏ يلتمس عندهاالأ<strong>من</strong> والطمأنينة.‏و<strong>من</strong> ناحية أخرى،‏ فالاستجارة بالقبور تذكرنا بالجاهليين وعاداتهم،‏ على الرغم<strong>من</strong> أن الشاعر يعيش <strong>في</strong> مجتمع متحضر،‏ بكل ما <strong>في</strong>ه <strong>من</strong> معطيات فكرية وثقا<strong>في</strong>ةجديدة،‏ وهذا يشي ب<strong>التمرد</strong> والخروج على المألوف والسائد أيضا ً.‏(٢)ويدعو العباس بن الأحنف إلى تمرد عاط<strong>في</strong> نفسي،‏ حين يقول :هوا<strong>في</strong> عذارك اخلع همه<strong>من</strong> هوى خالف ْ ك ولا تخف ْ <strong>من</strong> لا يخافك<strong>في</strong> كل ِّ ما تهوى خلافكف<strong>التمرد</strong>،‏ هنا،‏ ينطلق <strong>من</strong> نفسية الشاعر،‏ فهو شاعر غزل،‏ وهو يدرك أن مجتمعهلا يقبل <strong>من</strong>ه مسلك العشق ‏-حتى وإن كان عذريا ً-‏ و<strong>من</strong> هنا،‏ حث نفسه ‏-أو شخصيةوهمية-‏ على عدم الالتزام بشرائع المجتمع ونواميسه.‏وقد أكثر الشاعر <strong>من</strong> أفعال الأمر والنهيالصرامة والحدة و<strong>التمرد</strong>.‏‏-<strong>في</strong> النص-‏والتي تحمل طابع١٠٥


<strong>ظواهر</strong> <strong>من</strong> <strong>التمرد</strong> <strong>في</strong> <strong>نماذج</strong> <strong>من</strong> <strong>شعر</strong> <strong>العصر</strong> <strong>العباسي</strong> الأولويتمرد أبو العتاهية على نفسه وما تسول له <strong>من</strong> حب الطمع <strong>في</strong>عيش عالما ً مليئ ًا(١)بالمشاعر المحتدمة،‏ <strong>في</strong>قول:‏حت َّى متى يستفزني الطمعيا نفس مالي أراكِ‏ آ<strong>من</strong>ة ًأليس لي بالكفافِ‏ متسعحيث ُ يكون الروعات ُ والفز عفقد جاء النص ترجمةوتمزق وصراع،‏ و<strong>في</strong> هذا تمرد نفسي واضح.‏لنفسية الشاعر المروعة وما يرقد <strong>في</strong> أعماقها <strong>من</strong> خوفولعل الشاعر‏-حين يخاطب نفسه-‏يريد أن يبث أفكاره،‏ أيضا ً،‏ إلى مجتمعه،‏ <strong>في</strong>بين رفضه لتهالكهم على الدنيا،‏ وثقتهمبها؛ ولا عجب <strong>في</strong> هذا؛ ‏"فقد يكثر أن ينطلق الشاعر <strong>من</strong> ذاته إلى تقديم رؤية للحياة أو(٢)الكون <strong>من</strong> خلال نفسه بوصفها مفردا ً <strong>من</strong> مفردات الحياة"‏ .(٣)ويظهر <strong>التمرد</strong> النفسي عند محمد بن حازم الباهلي وهو يناجي نفسه،‏ حين يقول :أصبو؟خمسين أبعد وجهلُ‏وشيب سِن ٌّ حربللجهل والشيب صعبلعمرك أمرٍ؛ يكشف البيتان عن أبعاد الكيان النفسي للذات الشاعرة،‏ فهي تستهجن التصابي <strong>في</strong>سن الشيخوخة.‏ وقد جاء الجمع بين المتناقضات:‏ السن والشيب والجهل بالإضافة إلىأسلوب الاستفهام،‏ ليفجر الموقف الانفعالي ويسهم <strong>في</strong> إبراز حالة الرفض و<strong>التمرد</strong>.‏______________.٢٠٥(١)(٢)أبو العتاهية،‏ الديوان،‏ صعبد اللطيف،‏ محمد حماسة،‏ اللغة وبناء ال<strong>شعر</strong>،‏ صابن حازم الباهلي،‏ محمد،‏ الديوان،‏ ص.٧٠.٣٤(٣)١٠٦


٢٠٠٤مجلة <strong>جامعة</strong> <strong>دمشق</strong> – المجلد ٢٠- العدد (١+٢)صالح علي سليمالشتيوي(١)ويلقانا <strong>التمرد</strong> النفسي <strong>في</strong> <strong>شعر</strong> ديك الجن،‏ إذ يقول :<strong>من</strong> ّيأخبر بي لست َ عن ّي السائلُ‏ أيها جن ّيصورة <strong>في</strong> االلهُ‏ براني إنسان أنا التظن ّيعنك فدع العينِ‏ <strong>في</strong> الأسمج أنا بل <strong>من</strong> ّييسلم ف<strong>من</strong> نفسي <strong>من</strong> أسلم لا أنا ويتضح تمرد الشاعر <strong>من</strong>ذ البيت الأول،‏ فقد جاء الخطاب أشبه ما يكون بجرسال<strong>من</strong>به،‏ فكأن الشاعر هو الذي يبتغي أن يلفت انتباه الآخرين إلى صفاته النفسية‏"الغريبة"،‏ إذ لم نألفكالسماجة والتشبه بصورة الجني….‏‏-<strong>في</strong> الغالب-‏ أن يتحدث ال<strong>شعر</strong>اء عن أنفسهم بصفات سلبية،‏ولا يخفى <strong>في</strong> أن الشاعر قد وظف صوت السين،‏ <strong>في</strong> النص،‏ وأكثر <strong>من</strong>ه،‏ وهوصوت مهموس يناسب تصوير الأحاسيس الداخلية؛ وكأن الشاعر يحس بالأصواتإحساسا ً دقيقا ً،‏ وهذا شيء طبيعي؛(١)أصوات أكثر مما يثيره بناء الكلمات بوصفها معانٍ"‏ .______________(١)ديك الجن الحمصي،‏ الديوان،‏ ص ١٣٤.‏"فمعنى القصيدة إنما يثيره بناء الكلمات بوصفها.٢٣.١٣٥مكليش،‏ أرشيبالد،‏ ال<strong>شعر</strong> والتجربة،‏ صابن المعتز،‏ طبقات ال<strong>شعر</strong>اء،‏ ص النسا:‏ عرق <strong>من</strong> الورك إلى الكعب.‏ الجلا:‏ انحسار <strong>شعر</strong>مقدم الرأس.‏ والشاعر:‏ هو أبو الخطاب البهدلي التميمي عمر ابن عامر،‏ بصري فصيح،‏ راجزمتقدم،‏ كان الأصمعي يتخذه حجة ويروي <strong>شعر</strong>ه.‏ وكان أبو الخطاب حيا ً أيام الرشيد.‏ انظر ابنالجراح،‏ الورقة،‏ ص ٦٤، وانظر النجار،‏ إبراهيم،‏ مجمع الذاكرة أو <strong>شعر</strong>اء عباسيون <strong>من</strong>سيون،‏١٤٥. ج‎١‎ ص(١)(٢)١٠٧


٢٠٠٤مجلة <strong>جامعة</strong> <strong>دمشق</strong> – المجلد ٢٠- العدد (١+٢)صالح علي سليمالشتيوي( ٢ )يقول :ويتبدى <strong>التمرد</strong> النفسي <strong>في</strong> <strong>شعر</strong> الفضل بن هاشم <strong>في</strong> مدحه هارون الواثق؛ حينصرفاالمخبلُ‏ أنا يومكل َّ الذي أنا بلطمٍ‏فعاجلونيبنارِ‏وحرقونيبيمث ِّلوا ويحكم‏،‏ يا مستحق ٌّفإننيحتف ٌإن ّي قوم يا ماإذا أسوى فلست ُ خلقا ًقط ُّ أجد ولم يومٍ‏كل َّ لأن َّني بقيحٍ‏ظفرت ُ ولو شكٍ‏غير أفنيت ُه تخفىليس حماقتي حرفاالخبلُ‏ يزيدني نقفاالرأس وشججوا يطفىليس لهيبها أتوف َّىأن قبل <strong>من</strong> انفىأن طفلا ً كنت ُ مذ ْ حت ْفالي فعجلوا نصفاللبيعِ‏ عرضت ُ مستخف َّاكخلقتيألفىالمقاذرِ‏ على حلفاللنحر يكون ولف ّاوسف ّا ً حسوا ً يفجؤنا الشاعر بهذا النص،‏ <strong>في</strong>بدو <strong>التمرد</strong> النفسي جليا ً،‏ إذ يصف نفسه بجملةصفات سلبية <strong>من</strong> مثل:‏ الخبل والحماقة…‏ وغير ذلك،‏ ولذا؛ فهو يستحق كل أصنافالإهانة والتعذيب،‏ بل راح يبالغ،‏ <strong>في</strong>عترف أنه يتهالك على المقاذر،‏ كل ذلك بأسلوبفكاهي،‏ وربما كانت لديه التواءات نفسية دفعته إلى هذا النمط <strong>من</strong> السلوك،‏ وربما أث ّرالمجتمع ‏-بقيمه وأعرافه-‏ <strong>في</strong> نفسيته؛ ‏"فالعمل الفني ابتدعه إنسان له سمات نفسية١٠٩


<strong>ظواهر</strong> <strong>من</strong> <strong>التمرد</strong> <strong>في</strong> <strong>نماذج</strong> <strong>من</strong> <strong>شعر</strong> <strong>العصر</strong> <strong>العباسي</strong> الأولمعينة،‏ وكان هذا الإنسان يعيش <strong>في</strong> مجتمع لا بد أن نظمه وقيمه أثرت <strong>في</strong> تفكيره(١)وكيانه"‏ .وقد استدعت كثافة المعاناة‏-ولوفني ًا-‏جمالية تكافأت مع خصوبة الأحاسيسالناتجة عن التجربة ال<strong>شعر</strong>ية؛ فوظف الشاعر خطابا ً تهويليا ً يتكئ على بنية المبالغة؛لأداء فعله التأثيري.‏كما طوع الشاعر وزنا ً قصيرا ًموقف الدعابة(٢)الدلالة"‏ .والفكاهة،‏ ولا شك <strong>في</strong> أنخامسا ً:‏ <strong>التمرد</strong> الوجودي والقبلي:‏‏-هو البحر المجتث-‏ فجاءت قطعته خ<strong>في</strong>فة تلائم‏"البحر يوفر للمعنى تنسيقا ً صوتيا ً يسند(٣)ظهر<strong>التمرد</strong> الوجودي عند بعض ال<strong>شعر</strong>اء و<strong>من</strong> ذلك ما قاله أبو الخطاب البهدلي :قل لليالي ما أردتِ‏ فاصنعي<strong>من</strong> الشبابِ‏ فأجدي أو دعيويحكِ‏ كف ِّي <strong>من</strong> ملامي واربعِيإن ّي لو عمرت ُ عمر الأصمعيونسر ل ُقمان الهجف ِّ الأقرعِ‏<strong>في</strong> عرضِ‏ شبرينِ‏ وخمس أذرعِ‏يرجعِ‏لم أبليتهِ‏ الذي إن مودعِ‏شر أودعتِ‏ قد وأنتِ‏ فاسمعيإليكِ‏ ألقي ما وحق َّ تبعِ‏وعمر لقمان وعمر ما كان بد <strong>من</strong> تبوي مضجعييهجعِ‏لم ساكنه مضجعٍ‏ <strong>في</strong> ______________(١)ستولنتيز،‏ جيروم،‏ النقد الفني ‏"دراسة جمالية وفلس<strong>في</strong>ة،‏ صابن الشيخ،‏ جمال الدين،‏ ال<strong>شعر</strong>ية العربية،‏ صابن الجراح،‏ الورقة،‏ ص.٦٨٠.٢٦٩.٦٥(٢)(٣)١١٠


<strong>ظواهر</strong> <strong>من</strong> <strong>التمرد</strong> <strong>في</strong> <strong>نماذج</strong> <strong>من</strong> <strong>شعر</strong> <strong>العصر</strong> <strong>العباسي</strong> الأولوالتراكيب ال<strong>شعر</strong>ية تؤدي دورا ً خطيرا ً <strong>في</strong> الإيحاء بالمعاني التي تبثها الصور(١)الرمزية ".كما برز <strong>التمرد</strong> القبلي،‏ فعلى الرغم <strong>من</strong> أن ال<strong>شعر</strong>اء <strong>العباسي</strong>ين يعيشون <strong>في</strong> مجتمعمتحضر قد نأى عن الفكر الجاهلي؛ ظلت الحياة القبلية تتسلل إلى أشعارهم،‏ و<strong>من</strong>هؤلاء ال<strong>شعر</strong>اء:‏العماني؛ فهو يتمرد على واقعه؛ <strong>في</strong>عبر عن سخطه وثورته؛ وممايضاعف <strong>من</strong> آلامه أن يجد مولى غنيا ً مترفا ً،‏ <strong>في</strong> حين أنه العربي الأصيل فقير ينهشه(٢)الفقر والحرمان،‏ يقول <strong>من</strong> أرجوزة له :بندار<strong>من</strong>عم يستوي لا البيطا رقصصه مقصص أطماربرده وعربي ٌّ قد نصلت ْ <strong>من</strong> رجلهِ‏ الأظفارالجداربه مال قد أحدب حماروله قيان له يطيف ُ <strong>في</strong> السوق به ال ِّجارعثارله الطرقِ‏ <strong>في</strong> يظل ُّ أوارله حصنٍ‏ إلى يأوي دينا رولا <strong>في</strong>ه درهم لا يبدأ الشاعر أرجوزته بمطلع انفعالي،‏ <strong>من</strong> خلال استخدامه حرف الن<strong>في</strong>،‏ ثم أخذيفصل <strong>في</strong> صورة العربي،‏ وكأنه يريد أن يحفز المتلقي ويستثيره بهذه الصورة؛ليض<strong>من</strong> مشاركته الوجدانية.‏.١٨٢______________(١)(٢)قاسم،‏ عدنان حسين،‏ التصوير ال<strong>شعر</strong>ي،‏ صابن المعتز،‏ طبقات ال<strong>شعر</strong>اء،‏ ص والعماني،‏ اسمه محمد بن ذؤيب،‏ <strong>من</strong> بني نهشل <strong>من</strong> دارم<strong>من</strong> بني فقيم…‏ مات وهو ابن ثلاثين ومائة سنة،‏ ولم يكن عمانيا ً،‏ وإنما غلب عليه العماني،‏ وكانالسبب <strong>في</strong> ذلك أن دكينا ً الراجز نظر إليه وهو يسقي الإبل ويرتجز،‏ فرآه مصفرا ً ضرير ًا ‏(مريض ًامهزولا ً)؛ فقال:‏ <strong>من</strong> هذا العماني؟ لصفرة وجهه،‏ فلزمه ذلك.‏ انظر المصدر نفسه،‏ ص-١٠٩.١١٣.١١٠١١٢


٢٠٠٤مجلة <strong>جامعة</strong> <strong>دمشق</strong> – المجلد ٢٠- العدد (١+٢)صالح علي سليمالشتيويو<strong>من</strong> البين أن الشاعر أسقط مشاعره على الشخصية المتخيلة؛ فاستخدم ضميرالغائب؛ لأنه‏-الشاعر-‏لا يريد أن يواجه الموقف مباشرة؛ فتقمص الشخصيةالأخرى،‏ وتلفع بها،‏ وجعلها تتصف بالضعف والهوان.‏وقداستثمر الشاعر بحر الرجز،‏ وهو بحر‏"على درجة <strong>من</strong> الإسراع والعجلة؛(١)لأن الرجز لاتحاد تفعيلاته مسترسل الإيقاع لا يحس قارئه بتوقف"‏ ، فكأن الشاعريريد أن يقذف ما <strong>في</strong> صدره <strong>من</strong> حمم وبراكين لم يستطع حبسها.‏ويروي الأصمعي لشاعر <strong>من</strong> تميم شاهده ممسكا ً بأستار الكعبة،‏ وهو يجأر(٢)بشكواه إليه سبحانه وتعالى،‏ <strong>في</strong>قول :أيا رب الناس وال<strong>من</strong> والهدىأما تستحي <strong>من</strong>ي وقد قمت ُ عاريا ًأترزق ُ العلوج وقد عصواأمالي <strong>في</strong> هذا الأنام قسيمأناجيك يا ربي وأنت َ كريموتترك قرما ً <strong>من</strong> قرومِ‏ تميمويتضح <strong>التمرد</strong> القبلي <strong>في</strong> البيت الأخير؛ إذ يذكرنا بالنظرة الجاهلية القبلية.‏كماتتض<strong>من</strong> الأبيات انتهاكا ً للأعراف الدينية،‏ أيضا ً؛ ف<strong>في</strong>ها ضيق بالبشر،‏ ونقمة علىمصرف الحظوظ.‏و<strong>من</strong> البدهي أن نجد مثل هذه <strong>التمرد</strong>ات التي نجمت عن اختلال الوضعالاقتصادي،‏ بل إن ‏"قيام الشطار والعيارين هو أحد أشكال <strong>التمرد</strong>ات الشعبية التي قامت(١)نتيجة تفسخ اقتصادي سياسي عانت <strong>من</strong>ه الطبقات الفقيرة"‏ ..٦٠______________(١)٦٥٠(٢)النويهي،‏ محمد،‏ ال<strong>شعر</strong> الجاهلي،‏ ج‎١‎‏،‏ صالبيهقي،‏ إبراهيم بن محمد،‏ المحاسن والمساوئ،‏ تحقيق محمد سويد،دار إحياء العلوم،‏ بيروت،‏ ط‎٢‎‏،‏‏(و<strong>في</strong> البيت الأخير إقواء)،وانظر عطوان،‏ حسين،‏ ال<strong>شعر</strong>اء الصعاليك <strong>في</strong><strong>العصر</strong> <strong>العباسي</strong> الأول،‏ ص.٣٥١٩٩٥، ص١١٣


<strong>ظواهر</strong> <strong>من</strong> <strong>التمرد</strong> <strong>في</strong> <strong>نماذج</strong> <strong>من</strong> <strong>شعر</strong> <strong>العصر</strong> <strong>العباسي</strong> الأولوإذا تملينا النص؛ فإننا نلحظ أن الشاعر يكثر <strong>من</strong> أدوات النداء والاستفهام؛ ولعلهذه الأدوات تحمل بعدا ً نفسيا ً يفجر مأساة عميقة <strong>في</strong> نفس الشاعر؛ ف<strong>من</strong> المعلوم أن(٢)‏"جميع أدوات النداء والاستفهام تتمتع بقيم أسلوبية تأثيرية"‏ .(٣)ونرى <strong>التمرد</strong> القبلي <strong>في</strong> <strong>شعر</strong> العكوك حين يمدح أبا دلف العجلي،‏ <strong>في</strong>قول :دع جد قحطان أو مضروامتدح <strong>من</strong> وائلٍ‏ رجلا ً<strong>في</strong> يمانيهِ‏ و<strong>في</strong> مضرهعصر الآفاق <strong>من</strong> عصرهفما زالت القحطانية واليمانية ترن <strong>في</strong> أذن الشاعرالنص-‏ و<strong>في</strong> هذا إيحاء بالقبلية التي ظلت تتسلل إلى نفسه.‏‏-حتى وإن رفضها <strong>في</strong>كشفت هذه الدراسة عن بعض <strong>ظواهر</strong> <strong>التمرد</strong> <strong>في</strong> <strong>شعر</strong> <strong>العصر</strong> <strong>العباسي</strong> الأول،‏وقد بان لنا أن هذه ال<strong>ظواهر</strong> كانت <strong>من</strong>تشرة <strong>في</strong> ال<strong>شعر</strong> <strong>العباسي</strong>،‏ وذلك بسبب الظروفالاجتماعية والفكرية والاقتصادية…‏ وما تبعها <strong>من</strong> تناقضات كثيرة،‏ هيأت لظهور هذهال<strong>ظواهر</strong>.‏____________________(١)انظر الحسين،‏ أحمد،‏ أدب الكدية <strong>في</strong> <strong>العصر</strong> <strong>العباسي</strong>،‏ ص ٣٢، وانظر أحمد،‏ شكري محمود،‏الشطار والعيارون،‏ ص إذ يقول:‏ ‏"لم يكن الشطار والعيارون يعدون اللصوصية جريمة،‏وإنما هي صناعة يحللونها؛ لأن ما يستولون عليه <strong>من</strong> أموال التجار والأغنياء زكاة تلك الأموال؛فقدالعبد،‏ محمد،‏ اللغة والإبداع الأدبي،‏ صالعكوك،‏ علي بن جبلة،‏ <strong>شعر</strong>ه،‏ ص الجدا:‏ العطاء.‏ <strong>العصر</strong>:‏ الملجأ.‏ والعكوك:‏ هو علي بنجبلة الضرير،‏ خراساني بنوي ‏"نسبة إلى أبناء الشيعة الخراسانية"،‏ شاعر مطبوع مجيد،‏ وكانأبرص،‏ وله مدائح حسان…‏ مدح المأمون.‏ انظر ابن الجراح،‏ الورقة‎١١٣‎‏.‏.٦٩.٦٣.١٠١٠(٢)(٣)١١٤


٢٠٠٤مجلة <strong>جامعة</strong> <strong>دمشق</strong> – المجلد ٢٠- العدد (١+٢)صالح علي سليمالشتيويوقد وقفت عند خمسة أضرب <strong>من</strong> <strong>التمرد</strong>،‏ هي:‏والنفسي والوجودي ‏"والقبلي".‏<strong>التمرد</strong> الفني والاجتماعي والدينيو<strong>من</strong> الجدير ذكره أنها‏-الدراسة-‏ لم تعالج ظاهرة <strong>التمرد</strong> عند ال<strong>شعر</strong>اء الكبارفحسب،‏ بل درستها <strong>من</strong> خلال أشعار المغمورين الذين لم يلتفت إليهم الدارسون.‏١١٥


<strong>ظواهر</strong> <strong>من</strong> <strong>التمرد</strong> <strong>في</strong> <strong>نماذج</strong> <strong>من</strong> <strong>شعر</strong> <strong>العصر</strong> <strong>العباسي</strong> الأولالمصادر والمراجع––أحمد،‏ شكري محمود:‏الشطار والعيارونمجلة الرسالةشركة النور.١للصحافة والطباعة والنشر – بيروت العدد-٧٤١ السنة -١٥‎١٩٤٧‎م.‏– بيروت –ابن الأحنف،‏ العباس:‏الديوان– شرح أنطون نعيم– دار الجيل.٢ط‎١‎ ‎١٩٩٥‎م.‏أدونيس:‏ الصو<strong>في</strong>ة والسوريالية – دار الساقي – بيروت ط‎١‎‎١٩٩٢‎م.‏ -.٣–إسماعيل،‏ عز الدين:‏<strong>في</strong> ال<strong>شعر</strong> <strong>العباسي</strong>‏(الرؤية والفن)‏– المكتبة الأكاديمية.٤القاهرة– ط‎١‎ –‎١٩٩٤‎م.‏––الأصفهاني:‏أبو الفرج علي بن الحسين:‏الأغانيدار الكتب العلمية.٥– ط‎٢‎‏.‏ بيروتأمين،‏ أحمد : ضحى الإسلام – مكتبة النهضة المصرية– ط‎٧‎ –‎١٩٣٣‎م.‏.٦–بدوي،‏ عبد الرح<strong>من</strong>:‏الإنسانية والوجودية،‏ <strong>في</strong> الفكر العربيوكالة.٧المطبوعات– الكويت– دار القلم– بيروت ‎١٩٨٢‎م.‏ابن برد،‏ بشار:‏الديوان،‏ تقديم صلاح الدين الهواري– <strong>من</strong>شورات دار ومكتبة.٨الهلال– بيروت – ط‎١‎‎١٩٩٨‎م.‏– دارالبيهقي،‏ إبراهيم بن محمد:‏المحاسن والمساوئ– تحقيق محمد سويد.٩إحياء العلوم– بيروت – ط‎٢‎‎١٩٩٥‎م.‏– بيروتجبرا ، جبرا إبراهيم:‏الرحلة الثا<strong>من</strong>ة– <strong>من</strong>شورات المكتبة <strong>العصر</strong>ية.١٠‎١٩٦٧‎م.‏ ––ابن الجراح،‏ أبو عبد االله محمد بن داود:‏الورقة– تحقيق عبد الوهاب عزام.١١وعبد الستار فراج – دار المعارف– مصر – ط‎٢‎ – ١٩٥٣ م.‏–ابن الجوزي– جمال الدين أبو الفرج عبد الرح<strong>من</strong> بن علي: صفة الصفوة.١٢تحقيق عبد السلام هارون مؤسسة الكتب الثقا<strong>في</strong>ة– بيروت – ط‎٢‎ –١١٦‎١٩٩٢‎م.‏


٢٠٠٤مجلة <strong>جامعة</strong> <strong>دمشق</strong> – المجلد ٢٠- العدد (١+٢)صالح علي سليمالشتيوي.١٣ابن حازم الباهلي،‏ محمد:– <strong>دمشق</strong>.١٤الديوان – صنعة محمد خير البقاعي – دار قتيبة‎١٩٩٢‎م.‏للطباعة والنشر تحقيق وجمع نوفل‏(<strong>في</strong> فلك أبي نواس)‏ ض<strong>من</strong> كتاب ابن الحباب،‏ والبة:‏ سابايارد– بيروت - ط‎١‎.١٥‏-‏‎١٩٩٢‎م.‏ابن حبيب،‏ أبو القاسم الحسن بن محمد:‏ عقلاء المجانينالأسعد – دار النفائس – بيروت ط‎١‎ ‎١٩٩٧‎م.‏....١٦الحسين،‏ أحمد:‏ (١) أدب الكدية <strong>في</strong> <strong>العصر</strong> <strong>العباسي</strong>-‏والنشر والتوزيع– <strong>دمشق</strong> – ط‎٢‎(٢)‎١٩٩٥‎م.‏تحقيق عمردار الحصادأشعار الشحاذين <strong>في</strong> <strong>العصر</strong> <strong>العباسي</strong> – جمع وتحقيق – دار الجليل للطباعة<strong>دمشق</strong> ط‎١٩٨٦-١‎م.‏–.١٧صادقابن حنبل،‏ أحمد:‏ مسند أحمد–المكتب الإسلامي للطباعة والنشر–– بيروت – ط‎١‎ –.١٨‎١٩٦٩‎م.‏دارالحو<strong>في</strong>:‏ أحمد محمد:‏ تيارات ثقا<strong>في</strong>ة بين العرب والفرس – دار نهضة مصرللطباعة والنشر – الفجالة القاهرة– ط‎٣‎ –.١٩العربي‎١٩٧٨‎م.‏الخطيب البغدادي،‏ أبو بكر أحمد بن علي:‏ (١) تاريخ بغداد – تاريخ الكتاب– بيروت.‏(٢)كتاب التط<strong>في</strong>ل وحكايات الط<strong>في</strong>ليين وأخبارهم... -الجابي – دار ابن حزم للطباعة والنشر – بيروت ط‎١‎بعناية بسام عبد الوهاب–.٢٠‎١٩٦٩‎م.‏خليف،‏ يوسف:‏ تاريخ ال<strong>شعر</strong> <strong>في</strong> <strong>العصر</strong> <strong>العباسي</strong> – دار الثقافة للنشر والتوزيع- القاهرة –.٢١الجيل‎١٩٨٠‎م.‏أبو دلامة،‏ زند بن الجون:‏ الديوان – شرح وتحقيق اميل بديع يعقوب– دار– بيروت – ط‎١‎‎١٩٦٩‎م.‏١١٧


<strong>ظواهر</strong> <strong>من</strong> <strong>التمرد</strong> <strong>في</strong> <strong>نماذج</strong> <strong>من</strong> <strong>شعر</strong> <strong>العصر</strong> <strong>العباسي</strong> الأول.٢٢ديك الجن الحمصي،‏ عبد السلام بن رغبان:‏ الديوان – تحقيق أحمد مطلوبوعبد االله الجبوري – نشر وتوزيع دار الثقافة– بيروت.٢٣‎١٩٦٤‎م.‏الرباعي ، عبد القادر:‏ عرار ‏(الرؤيا والفن – قراءة <strong>من</strong> الداخلوالتوزيع – عمان ط‎١‎ ‎٢٠٠٢‎م.‏(.٢٤أز<strong>من</strong>ة للنشرربيعة الرقي،‏ ربيعة بن ثابت:‏ <strong>شعر</strong> ربيعة الرقي – جمع وتحقيق يوسف بكار– دار الأندلس للطباعة والنشر ط‎٢‎-.٢٥‎١٩٨٤‎م.‏الركابي،‏ وحيدة حسين علي:‏ دراسة إرتباطية بين الإبداع وبعض الخصائصالنفسية لل<strong>شعر</strong>اء – رسالة دكتوراه مخطوطة – ال<strong>جامعة</strong> المستنصرية–.٢٦‎٢٠٠١‎م.‏السامرائي،‏ يونس:‏ <strong>شعر</strong>اء عباسيون – جمع أشعار لهم – عالم الكتب ومكتبةالنهضة العربية – بيروت ط‎١‎–.٢٧‎١٩٩٠‎م.‏ستولنتيز،‏ جيروم:‏ النقد الفني ‏(دراسة جمالية وفلس<strong>في</strong>ة)‏ ترجمة فؤاد زكرياالهيئة المصرية العامة للكتاب ط‎٢‎––-.٢٨.٢٩‎١٩٨١‎م.‏الشابشتي،‏ أبو الحسن علي بن محمد:‏ الديارات – تحقيق كوركيس عواد<strong>من</strong>شورات – مكتبة المثنى – بغداد ط‎٢‎ ‎١٩٦٦‎م.‏أبو الشمقمق،‏ مروان بن محمد:‏ ما تبقى <strong>من</strong> <strong>شعر</strong>ه – ض<strong>من</strong> كتاب ‏(<strong>شعر</strong>اء– عباسيون)‏جمع غوستاف غرنباوم-‏ ترجمة وتحقيق محمد يوسف نجممراجعة إحسان عباس – <strong>من</strong>شورات مكتبة الحياة–– بيروت.٣٠‎١٩٥٩‎م.‏ابن الشيخ،‏ جمال الدين:‏ ال<strong>شعر</strong>ية العربية – ترجمة مبارك حنون ومحمد الوليومحمد أوراغ – دار توبقال للنشر – الدار البيضاء– ط‎١‎ –.٣١صريع الغواني،‏ مسلم بن الوليد الأنصاريدار المعارف – القاهرة ط‎٣‎‏.‏:‎١٩٩٦‎م.‏الديوان – تحقيق سامي الدهان–.٣٢القاهرةضيف،‏ شوقي:ال<strong>شعر</strong> وطوابعه الشعبية على مر العصور – دار المعارف–– ط‎٢‎ –‎١٩٧٧‎م.‏١١٨


٢٠٠٤مجلة <strong>جامعة</strong> <strong>دمشق</strong> – المجلد ٢٠- العدد (١+٢)صالح علي سليمالشتيوي.٣٣غريبعبد الطيف،‏ محمد حماسة:‏ (١) الإبداع الموازي ‏(التحليل النصي لل<strong>شعر</strong>)-‏ دار– القاهرة -(٢).٣٤ط‎١‎‎٢٠٠١‎م.‏اللغة وبناء ال<strong>شعر</strong> – دار غريب للطباعة والنشر– القاهرة‏-‏‎٢٠٠١‎م.‏العبد،‏ محمد:‏ اللغة والإبداع الأدبي – دار الفكر للدراسات والنشر– القاهرة ––.٣٥‎١٩٨٩‎م.‏أبو العتاهية،‏ إسماعيل بن القاسم:‏ الديوان - تحقيق عمر الطباع – شركة دارالأرقم بن أبي الأرقم– ط‎١‎.٣٦بيروت‎١٩٩٧‎م.‏عطوان،‏ حسين:‏ ال<strong>شعر</strong>اء الصعاليك <strong>في</strong> <strong>العصر</strong> <strong>العباسي</strong> الأول – دار الجيل-– ط‎١‎‏-‏.٣٧‎١٩٨٨‎م.‏العكوك،‏ علي بن جبلة:‏ <strong>شعر</strong>ه – جمعه وحققه وقدم له حسين عطوانالمعارف– دار– مصر - ط‎٣‎ - د/ت.‏.٣٨الغانمي،‏ سعيد:‏ اللغة والخطاب الأدبي ‏(مقالات لغوية <strong>في</strong> الأدب)‏ اختياروترجمة – المركز الثقا<strong>في</strong> العربي – بيروت ط‎١‎––.٣٩‎١٩٩٣‎م.‏قاسم،‏ عدنان حسين:‏ التصوير ال<strong>شعر</strong>ي مكتبة الفلاح الكويت ط‎١‎ –‎١٩٨٨‎م.‏الكتبي،‏ محمد بن شاكر:‏ فوات الو<strong>في</strong>ات – تحقيق إحسان عباس – دار الثقافة––.٤٠.٤١.٤٢بيروت.‏كشاش،‏ محمد:‏ اللغة والحواس – المكتبة <strong>العصر</strong>ية – بيروت ط‎١‎–.٤٣‎٢٠٠١‎م.‏المرزباني،‏ محمد بن عمران:‏ معجم ال<strong>شعر</strong>اء – تحقيق ف.كرنكو – دار الجيل– بيروت ط‎١‎‏-‏ ‎١٩٩١‎م.‏ابن المعتز،‏ عبد االله:‏ طبقات ال<strong>شعر</strong>اءالمعارف–تحقيق عبد الستار فراج–– مصر –‎١٩٥٦‎م.‏دار١١٩


<strong>ظواهر</strong> <strong>من</strong> <strong>التمرد</strong> <strong>في</strong> <strong>نماذج</strong> <strong>من</strong> <strong>شعر</strong> <strong>العصر</strong> <strong>العباسي</strong> الأول.٤٤مكليش،‏ أرشيبالد:‏‎١٩٦٣‎م.‏ال<strong>شعر</strong> والتجربة–ترجمة سلمى الجيوسي– بيروت –.٤٥للكتابناصف،‏ مصطفى:‏– القاهرة –.٤٦النجار،‏ إبراهيم:‏أحمد حجازي الشاعر المعاصر‎١٩٩٦‎م.‏مجمع الذاكرةكلية الآداب والعلوم الإنسانية ال<strong>جامعة</strong> التونسية– أو <strong>شعر</strong>اء عباسيون <strong>من</strong>سيون– الهيئة المصرية العامة– <strong>من</strong>شورات–.٤٧أبو نواس،‏ الحسنبن هانئ:‏مؤسسة الأعلمي للمطبوعات بيروت– الديوان‎١٩٨٩‎م.‏تحقيق علي العسيلي-– ط‎١‎‏-‏.٤٨النويري،‏ شهاب الدين:‏طبعة دار الكتب– القاهرة.٤٩‎١٩٩٧‎م.‏نهاية الأرب <strong>في</strong> فنون الأدب‎١٩١٦‎م.‏النويهي،‏ محمد:‏ ال<strong>شعر</strong> الجاهلي – الدار القومية للطباعة والنشر<strong>من</strong>شورات– نسخة مصورة عن– القاهرة.‏.٥٠هدارة،‏ محمد مصطفى:‏الاسكندريةاتجاهات ال<strong>شعر</strong> العربي <strong>في</strong> القرن الثاني الهجري––.٥١أبو الهندي:‏النجف الأشرف‎١٩٨١‎م.‏ديوان أبي الهندي،‏ صنعة عبد االله الجبوري– مطبعة النعمان–– العراق – ط‎١‎.٥٢‎١٩٩٦‎م.‏يونس،‏ انتصار:‏ السلوك الاجتماعي – دار المعارف.– مصر - ‎١٩٧٨‎م.‏______________تاريخ ورود البحث إلى مجلة <strong>جامعة</strong> <strong>دمشق</strong> ٢٠٠٢/٩/٧.١٢٠


٢٠٠٤مجلة <strong>جامعة</strong> <strong>دمشق</strong> – المجلد ٢٠- العدد (١+٢)صالح علي سليمالشتيوي١٢١

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!