أوراق عمل المؤتمر السادس
أوراق عمل مؤتمر الإسلام العظيم والمرأة في نسخته السادسة تحت عنوان (الإسلام سياسة وسلام- الحِراك السياسي للمرأة المسلمة) والذي أقيم في البحرين بتاريخ 3 شعبان 1433هـ الموافق 23 يونيو 2012م
أوراق عمل مؤتمر الإسلام العظيم والمرأة في نسخته السادسة تحت عنوان (الإسلام سياسة وسلام- الحِراك السياسي للمرأة المسلمة) والذي أقيم في البحرين بتاريخ 3 شعبان 1433هـ الموافق 23 يونيو 2012م
- No tags were found...
Create successful ePaper yourself
Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.
<strong>أوراق</strong> ال<strong>عمل</strong>
<strong>عمل</strong><br />
<strong>أوراق</strong> ال<strong>المؤتمر</strong><br />
<br />
الورقة األولى<br />
"مفهوم السلمية في بعديه: النظري وال<strong>عمل</strong>ي إسالميًّا"<br />
إعداد: األستاذة فاطمة جعفر الحمران<br />
3 20 ص<br />
<br />
الورقة الثانية<br />
"الحضور السياسي للمرأة المسلمة في البحرين"<br />
إعداد: األستاذة رملة عبد الحميد حسين<br />
ص<br />
<br />
21 34<br />
مالحظة: األفكار الواردة في هذه األوراق ال تعبر بالضرورة عن رأي المجلس اإلسالميّ<br />
العلمائيّ<br />
2
الورقة األولى<br />
" مفهوم السلمية في بعديه: النظري وال<strong>عمل</strong>ي إسالميًّا"<br />
إعداد: األستاذة فاطمة جعفر الحمران<br />
السيرة الذّاتية لمقدمة ورقة )مفهوم السلمية في بعديه: النظري وال<strong>عمل</strong>ي إسالميًّا(<br />
األستاذة فاطمة جعفر عبد هللا أحمد الحمران<br />
مبلغة، كاتبة ومدرسة في العديد من الحوزات العلمية، ومنها: حوزة السيد الغريفي، وحوزة دار السالم.<br />
مديرة حوزة اإلمام الباقر )عليه السالم(- قسم النساء.<br />
لها العديد من األبحاث، ومنها:<br />
شباب بين الوعي والجهل.<br />
اإلمامة بين النص والشورى.<br />
•<br />
•<br />
•<br />
•<br />
•<br />
3
ِ<br />
ِ<br />
ِ<br />
ِ<br />
ِ<br />
ِ<br />
ِ<br />
ِ<br />
ِ<br />
مفهوم السلمية في بعديه: النظري وال<strong>عمل</strong>ي إسالميًّا<br />
المقدمة<br />
خصَّ المولى )عزَّ وجلَّ( نبيَّه بصالته وسالمه، وصالة مالئكته، وأمر المؤمنين بالصَّالة عليه مقرونة بالسَّالم<br />
والتسليم، فقال: ﴿إِنَّ هللاه وه مهاله ئِ هكتههُ يُصهلُّونه عهلهى النَّبِيِّ يها أهيُّهها الَّذِينه آمهنُوا صهلُّوا عهلهيْهِ وه سهلّ ِمُوا تهسْلِيمًا<br />
هللا )ص(: "أال أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم، أفشوا السالم بينكم".<br />
رغم أنَّنا أ َّمة الرسول )صلَّى هللا عليه وآله(، واألولى بإفشاء السَّالم إال أننا نجد العالم اإلسالمي في نزاعات مستمرة،<br />
ال تخلو من الحروب المتفرقة وقد كثرت في اآلونة األخيرة لذلك ارتأى المجلس اإلسالمي العلمائي أن يجعل شعاره<br />
ه )اإلسالم سياسة وسالم( عدالة، كرامة، أُخ َّوة.<br />
السَّالم لغة:<br />
ورد في معجم مقاييس اللغة البن فارس ما يلي:<br />
)سلم( السّين والالم والميم معظم باب من الصحة والعافية.<br />
فالسالمة أن يسلم اإلنسان من العاهة.<br />
وهللا عزَّ وج َّل هو )ال َّسالم( لسالمته مما يلحق المخلوقين من العيب والنقص والفناء.<br />
﴿وه هللاُ يهدْعُو إِلهى دهارِ السَّالهمِ ...﴾ فالسَّالم هو هللا ج َّل ثناؤه... وداره الجنة... ومن بابه اإلسالم، وهو االنقياد التام.<br />
وفي المعجم الوسيط، قريبًا من هذا المعنى وهذا اللفظ:<br />
أسلم: انقاد... وأخلص الدين ل... ودخل في دين اإلسالم.. ودخل في السّلم.. وال َّسالم اسم من أسمائه تعالى...<br />
)السَّالمة( البراء من العيوب. مادة برء.<br />
والسَّالم هو تحية اإلسالم... بل تحية أهل الجنة... وهي قولنا )السَّالم عليكم( والتحية فيها مستحبة استحبابًا مؤكدًا، أما<br />
ردها فهو واجب شرعًا وعق ًال، بمثلها )وعليكم ال َّسالم( أو بأحسن منها بأن تزد )ورحمة هللا وبركاته( وما أشبه.<br />
وهي سواء للزائر الداخل... أو للمودّع الخارج، فالتحية ال َّسالم...<br />
والسالم هو عالمة انتهاء الصَّالة والخروج من الحضرة المقدسة هلل تعالى، والتي دخلتها بتكبيرة اإلحرام استئذانًا فال<br />
بد من السَّالم عند االنتهاء والخروج، فتسلم على الوسيلة إلى هللا وهو الرسول )ص( وآله األطهار، وتسلّم على نفسك<br />
تحية من هللا، وتسلّم على المالئكة من حولك، فيكون كل ما أنت فيه سال ًما وهدو ًء واطمئنانًا.<br />
والقرآن الكريم نصَّ على ال َّسالم تصري ًحا وتلمي ًحا:<br />
ومن ضمن التلميح:<br />
التعايش السّلمي مع بقية الناس غير المسلمين من الطوائف والجماعات بالبر والقسط، مع اختالف عقائدهم.<br />
"الناس صنفان: إمَّا أخ لك في الدين أن نظير لك في الخلق".<br />
﴾ )1( ، وقال رسول<br />
، )2(<br />
لعام 1433<br />
)1<br />
)2<br />
السّلم وال َّسالم الضمني في القرآن:<br />
تشجيعه على التعامل مع اآلخرين على أساس السّلم وال َّسالم ونبذ العنف والقتال<br />
عهنِ الْجهاهِلِي هن﴾ )3( .<br />
معاني تحمل في باطنها معنى السّلم وال َّسالم.. بعيدة عن االنتقام..<br />
﴿خُذِ الْعهفْوه وه أْمُرْ بِالْعُرْ فِ هوأهعْرِ ْض<br />
- 1<br />
- 2<br />
- 3<br />
األحزاب/<br />
يونس/<br />
األعراف/<br />
.56<br />
.25<br />
.199<br />
4
ِ<br />
ِ<br />
ِ<br />
ِ<br />
ِ<br />
ِ<br />
ِ<br />
ِ<br />
﴿<br />
تشمل قبول عذرهم دون محاسبة وتدقيق.<br />
وه اله تهسْتهوِي الْحهسهنهةُ وه اله السَّيّ ِئهةُ ادْفهعْ بِالَّتِي ه هِي أهحْسهنُ فهإِذها الَّذِي بهيْنهكه وه بهيْنه ُ عهدها وه ةٌ كهأهنَّهُ وه لِيٌّ حهمِي ٌم﴾ )4( .<br />
إنَّ اإلسالم ال يؤمن مطلقًا بمفهوم أو المعاملة السيئة أو إيقاع الظلم أو استخدام القسوة ببني اإلنسان...<br />
﴿<br />
السّلم وال َّسالم في حركة النب َّوات:<br />
بعد المطالعة نتوصل: إنَّ دعواتهم وحركاتهم لم تكن قائمة على الحروب والقتل والعنف بل كان يتجلَّى فيها كل معان<br />
السّلم وال َّسالم.<br />
دعوة موسى )ع( لفرعون من خالل قوله تعالى: وه قهاله مُوسهى يها فِرْ عهوْ نُ إِنّ ِي ره سُولٌ مّ ِن رَّ بِّ الْعهالهمِينه * حهقِيقٌ عهلهى<br />
أهن الَّ أهقُوله عهلهى هللاِ إِالَّ الْحهقَّ قهدْ جِ ئْتُكُم بِبهيّ ِنهةٍ مّ ِن رَّ بّ ِكُمْ فهأهرْ سِلْ ه مهعِي بهنِي إِسْره ائِي هل<br />
ولقد جاهد سنين طوال وواجه صنوف وألوان العذاب والتشريد والقتل وهو يدعو بني إٍسرائيل إلى االستعانة<br />
بالصبر...<br />
﴿قهاله مُوسهى لِقهوْ مِهِ اسْتهعِينُوا بِاهللِ وه اصْبِرُ واْ...﴾ )6( .<br />
لم يواجه الظلم بالظلم، وال العنف بالعنف، بل بالصبر والسَّالم.<br />
في مورد آخر: اذْههبها إِلهى فِرْ عهوْ نه إِنَّهُ طهغهى * فهقُواله لههُ قهوْ الً لَّيّ ِنًا لَّعهلَّهُ يهتهذهكَّرُ أهوْ يهخْشهى<br />
قوال له قوال ليّنًا يدخل إلى قلبه وإلى عقله، فلعل هذه الكلمة الليّنة تجعله يتذكر ويخشى.<br />
ورسول هللا )ص( خير قدوة في الرفق مع الناس ودعوتهم إلى دين هللا )الرفق لم يوضع على شيء إال زانه و ال نزع<br />
من شيء إال شانه(.<br />
ومن المعلوم والمؤكَّد أ َّن جميع األنبياء دعوا إلى الرفق وكذلك األديان السماوية، لكن اإلسالم وضح معالم الرفق<br />
وأكمل نواقصه وبه قام اإلسالم واقترن اسمه، فالمسلم من سلم الناس من يده ولسانه.<br />
من قبل سنين الدعوة شجع رسول هللا )ص( فكرة إنشاء لجنة من أجل السَّالم والعدل قبل اإلسالم بل جعل األمر واقعًا<br />
<strong>عمل</strong>يًّا، فكانت لجنة مؤلفة من ممثلي كل قبيلة من بني عبد المطلب وبني أسد وبني زهرة وبني تميم وغيرهم، وكان<br />
من أهداف الحلف:<br />
التقليل من خطر الحرب.<br />
حماية طرق المسافرين.<br />
مساعدة الفقير.<br />
منع القوي من السيطرة على الضعيف.<br />
نصرة المظلوم.<br />
وكذلك دعوة نبي هللا سليمان لملكة سبأ بلقيس )السّلمية(. قهالهتْ يها أهيُّهها المهَله ُ إِنّ ِي ه أُلْقِي إِلهيَّ كِتهابٌ كهرِ يمٌ * إِنَّهُ مِن<br />
سُلهيْمهانه وه إِنَّهُ بِسْمِ هللاِ الرَّ حْمهنِ الرَّ حِ يمِ * أهالَّ تهعْلُوا عهلهيَّ وه أْتُونِي مُسْلِمِي هن﴾ )8( .<br />
. )7( ﴾<br />
. )5( ﴾<br />
﴿<br />
﴿<br />
-1<br />
-2<br />
-3<br />
-4<br />
-5<br />
)1<br />
)2<br />
وبحثنا ينقسم إلى فصلين:<br />
السّلمية في األحكام الفقهيَّة: مقتطفات من كلّ عنوان إال الجهاد.<br />
السّلمية في منهجية أهل البيت )ع(: ونقتصر على بعض المعصومين<br />
حياتهم الشريفة. وإال فإنَّ ال َّسالم هو اإلسالم كله.<br />
)عليهم السَّالم(،<br />
من الجنبات وبعض<br />
فصلت/<br />
األعراف/<br />
األعراف/<br />
.34 النمل/ - 4<br />
.105 ،104 - 5<br />
.128 - 6<br />
- 7 طه/43، .44<br />
،29 .31 ،30<br />
- 8 5
ِ<br />
ِ<br />
الفصل األول<br />
السّلمية في األحكام الفقهيَّة<br />
كتاب الجهاد<br />
أوًلا : تعريف الجهاد في اللغة واًلصطالح الفقهي:<br />
الجهاد لغة: بذل الوسع الجهد: بالفتح، النصب والمشقَّة.<br />
الجُهد: بالضم، الطاقة.<br />
شرعًا: القتال إلعالء كلمة اإلسالم وإقامة شعائر اإليمان. بذل المال والنفس إلعالء كلمة اإلسالم.<br />
6<br />
–<br />
)1<br />
)2<br />
)3<br />
)1<br />
)2<br />
)3<br />
)1<br />
الجهاد في مصطلح الفقهاء:<br />
بذل النفس والمال في البدأة بقتال طوائف ثالث من األعداء:<br />
الحزبيون من الكفار.<br />
البغاة على اإلمام المعصوم أو من ن َّصبه.<br />
أهل الذّمة إذا أخلوا بشرائطها. )القتال االبتدائي(<br />
يقول السيد الخوئي فيمن يجب قتاله، طوائف ثالث:<br />
الكفار المشركون غير أهل الكتاب، فإنه يجب دعوتهم لإلسالم، فإن قبلوا وإال وجب جهادهم.<br />
أهل الكتاب من الكفار، وهم اليهود والنصارى والصابئة والمجوس يجب قتالهم حتى يسلموا أو يعطوا<br />
الجزية.<br />
البغاة وهم طائفتان:<br />
أ. الباغية على المعصوم )ع( فإنه على المؤمنين أن يقاتلوهم حتى يفيئوا إلى أمر هللا وطاعة اإلمام )ع(.<br />
ب. الطائفة الباغية على الطائفة األخرى من المسلمين، فإنه يجب على سائر المسلمين أن يقوموا باإلصالح<br />
بينهما، فإن ظلت الباغية على بغيها قاتلوها حتى تفيء إلى أمر هللا.<br />
الجهاد الدفاعي:<br />
في اللغة: نحَّاه وأبعده، ودفع عنه األذى حماه منه، دافع عنه مدافعة حامى عنه وانتصر له.<br />
في اصطالح الفقهاء ينقسم إلى قسمين:<br />
عبارة عن دفاع المسلمين إذا هجم عليهم عدو، ويخشى منه على بيضة اإلسالم وحومة الدين وحوزة<br />
المسلمين ومجتمعهم.<br />
فيجب الدفاع ببذل النفوس واألموال، بأية وسيلة ممكنة من طرق الدفاع، وهو واجب كفائي أو عيني حتى تندفع<br />
الهجمة.<br />
)2<br />
الدفاع عن النفس: إنه يجب على كل إنسان عقال وشرعًا وفطرة أن يدفع عن نفسه وحريمه وأمواله ما<br />
استطاع.<br />
فلو هجم مهاجم قاصد بسوء من قتل أو جرح أو تجاوز عرض، محاربًا أو ل ًّصا أو غيرهما وجب الدفع ولو انجر إلى<br />
جرحه أو قتله، وليس له االستسالم واالنظالم.<br />
والجرح والقتل مع<br />
والعصا ويجب في الدفاع مراعاة األسهل فاألسهل، فيدفعه باإلخطار والصياح والدفع باليد مالحظة الترتيب.<br />
–<br />
–<br />
)1<br />
)2<br />
-<br />
-<br />
قسم الفقهاء الدفاع الشرعي من حيث طبيعة الشيء الواجبة صيانته والمحافظة عليه إلى قسمين:<br />
دفاع شخصي: وهو دفاع اإلنسان عن نفسه أو ماله أو عرضه ضد كل ما يتهدده من أخطار، سواء كانت<br />
تلك الجهة كافرة أو مسلمة، حصل التعرض في بالد الكفار أو المسلمين.<br />
دفاع نوعي عام: هو دفاع اإلنسان عن دينه أو مجتمعه أو وطنه اإلسالمي أو عزة اإلسالم والمسلمين.<br />
أمين اإلسالم الطبرسي: وجوب دفاع أهل كل منطقة ضد العدو الذي يخشى منه على أساس اإلسالم وأصله.<br />
العالمة الحلي: الجهاد الدفاعي، فإنه يجب مطلقًا ما دهم المسلمين عددو يخشى منه على بيضة اإلسالم وجب<br />
على المسلمين كافة النفور إليهم ودفعهم...
صاحب جواهر الكالم: لو أراد الكفار محو اإلسالم ودرس شعائره وعدم ذكر محمد )ص( وشريعته فال<br />
إشكال في وجوب الجهاد.<br />
وكذا الشهيد الثاني في مسالك األفهام. وكذا كاشف الغطاء )ذات األربعة أقسام الدفاعية(.<br />
-<br />
-<br />
-1<br />
-2<br />
خالصة التقسيم<br />
ابتدائي: مع الكفار والمشركين من بعد دعوتهم لإلسالم، وفيه نظر...<br />
دفاعي:<br />
أ- عن بيضة اإلسالم لو ناله خطر يهدده. وتعرض وجوده وأرواح المسلمين للخطر.<br />
ب- دفاع اإلنسان عن نفسه، وعن كل حرمة تصان كاألعراض واألرواح واألموال لو تعرضت للهتك من<br />
قبل العدو.<br />
)1<br />
)2<br />
)3<br />
)4<br />
ثانياا: شروط الجهاد وقوانينه الشرعية:<br />
الدفاعي:<br />
على المسلمين الدفاع بشرط المكنة من المقاومة والصمود.<br />
إحراز النصر ليس شرطًا لوجوب الدفاع.<br />
العصا.<br />
الدفع باليد الصياح يجب في الدفاع مراعاة األسهل فاألسهل، الدفع باإلخطار يمكن للحاكم اإلسالمي استخدام نفوذه إلجبار المسلمين على المشاركة، ألن إسالمية اإلنسان ومواطنيته<br />
تلزمانه بوظائف في ظل نظام قائم ودولة مستقرة.<br />
واجب مع مختلف األعداء الذين يهددون البالد اإلسالمية، حتى لو كان العدو مسلمًا فاسقًا طالبًا للرئاسة<br />
راغبًا في الدنيا.<br />
يهدف للحيلولة دون محو اإلسالم وزوال المجتمع اإلسالمي واستغاللهم وأنفسهم وأموالهم وأعراضهم.<br />
–<br />
–<br />
–<br />
)5<br />
)6<br />
)1<br />
)2<br />
نظرية الشيخ شمس الدين في الدفاع عن النفس:<br />
الدفاع عن النفس يشمل الدفاع عن الحياة وعن القطع والجرح واإليالم )الدفاع عن الذات( ويشمل الدفاع عن العرض<br />
والمال، ألنه ما يقوّ م الوجود المعنوي واالعتباري واالجتماعي لإلنسان.<br />
العنف ضد الحركة اإلسالمية، يتصور على أنحاء:<br />
أن يست<strong>عمل</strong> العنف المسلح ضدها من دون أن يصدر عنها أي عنف ضد الخصم وأي استفزاز له، ويست<strong>عمل</strong><br />
الخصم العنف ضد الحركة اإلسالمية لمجرد أنها تدعو إلى اإلسالم وإلى تطبيق الشريعة اإلسالمية<br />
باألسلوب السلمي وال<strong>عمل</strong> التنظيمي. فعنف الخصم ضدها عدوان محض وظلم واضح وبغير بغير حق.<br />
فالحكم في هذه الصورة:<br />
أ. لو أمكن الدفاع بأسلوب آخر غير العنف المسلح وال يؤدي إلى القتل والجرح تعين ذلك، وصار استعمال<br />
العنف المسلح غير مشروع.<br />
ب. أن يقع القتل والجرح إذا اضطر إليهما، وانحصر الدفاع على خصوص المعتدي دون غيره من الناس.<br />
فإذا علم أن الدفاع بالعنف المسلح يؤدي إلى قتل وجرح سائر الناس اللذين ال عالقة لهم باالعتداء أو إتالف ممتلكاتهم<br />
أو تشريدهم من ديارهم أو شيء من ذلك، فالظاهر عدم مشروع الدفاع بالعنف المسلح في هذه الحالة.<br />
ج. أن ال يتسبب الدفاع بالعنف المسلح في إحداث فتنة وفي اإلخالل بالنظام العام لحياة المجتمع، فلو علم أو<br />
غلب على الظن تسببه في شيء منهما فالظاهر عدم مشروعية الدفاع بهذا األسلوب، لما علم من الشرع من<br />
وجوب سد جميع أبواب الفتنة واإلخالل بالنظام.<br />
أن يست<strong>عمل</strong> العنف ضد الحركة اإلسالمية ألنها تتبع في <strong>عمل</strong>ها أسلوبًا يستفز الخصم ويتسبب في استعمال<br />
العنف ضدها. ولبيان الحكم لدينا مقامان:<br />
7
-<br />
-<br />
.1<br />
.2<br />
.1<br />
.2<br />
.3<br />
)1<br />
-<br />
أ. البحث في مشروعية استعمال األسلوب الذي يستفز الخصم في الرد بالعنف، هذا مما ال شك فيه في الجملة<br />
حرمة التسبب في دفع الغير الرتكاب الحرام وعليه اتفاق الفقهاء والكتاب والسنة.<br />
ب. البحث في مشروعية الدفاع من قبل الحركة اإلسالمية بالعنف المسلح ضد الخصم المستفز، والظاهر جواز<br />
الدفاع عن نفسها في الجملة وإن كانت آثمة ب<strong>عمل</strong>ها الذي أدى إلى العدوان عليها، ويجوز الرد بالعنف المسلح فو ًرا:<br />
إذا كان الخصم غير مسلم.<br />
إذا كان مسلم فيجب السعي لوقف القتال وإصالح ذات البين فال يشرع الدفاع بالقتال قبل فشل مساعي الصلح<br />
ثم يكون الدفاع مشروعًا.<br />
االستنتاج<br />
إنَّ الجهاد االبتدائي خاص بالكفار والمشركين )أهل الكتاب(. بينما الجهاد الدفاعي، مع مختلف األعداء الذين<br />
يخاف منهم على محو اإلسالم وهتك حرمات المجتمع اإلسالمي.<br />
الحرص الشديد في كال الجهادين على حفظ األمان والسلم األهلي، ويدور معه مدار وجود وعدم.<br />
إنَّ الجاد الدفاعي أولى بالتشريع من الجهاد االبتدائي، ألنه القدر المتيقن باإلجماع.<br />
ثالثاا: وقفة أمام الجهاد الدفاعي ومتعلقاته:<br />
ما يسمَّى بحق الدفاع الشرعي: الضمانات الالزمة لتأمين إمكانية استفادة ذي الحق من حقّه، أي له سلطة<br />
وقائية، تمكنه من خاللها دفع الخطر الذي يهدده وصد الحاالت العدوانية التي يتعرض لها.<br />
هذا ال يختلف فيه، وإنما االختالف في تشخيص الصغريات والموضوعات الخارجية مثل: تشخيص نوع<br />
الحق، دائرة الحق، أصل ثبوت الحق، عدم ثبوت الحق، كون العدوان الواقع هل كان مشروعًا أم غير<br />
مشروع؟<br />
الدفاع الشخصي: عن النفس والمال والعرض واألهل مقابل السرّ اق وقطاع الطرق، هذا الدفاع ال يعدّه<br />
الفقهاء مصداقًا من مصاديق الجهاد رغم وجود بعض الروايات تعتبر المقتول في هذا الحال شهيدًا. إال أ َّن<br />
الفقهاء ال يعدّونه شهيدًا إال عند الدفاع عن الدين في مقابل هجوم الكافرين أو المشركين أو المسلمين الباغين<br />
الفاسقين، فالقدر المتيقن من الجهاد الدفاعي والذي رأي الفقهاء قوال وعمال هو التصدي لغزو الكفر لبالد<br />
المسلمين بغرض اسئصال شأفة اإلسالم والمسلمين والقضاء عليهم وعلى عقائدهم وشعائرهم وشريعة محمد<br />
)ص(. هذا الدفاع هو بالقطع واليقين فرد من أفراد الجهاد في سبيل هللا.<br />
)2<br />
)3<br />
)1<br />
)2<br />
)3<br />
إنَّ تقريب العزة لإلسالم إن كان أم ًرا يجب القتال ألجله، فالقتال بدافع المحافظة على عزة اإلسالم أولى<br />
وأحرى بالوجوب، ألن حفظ ما هو كائن أوجب وأهم من الحصول على ما لم يكن.<br />
أمثلة: الحفاظ على الشعائر الدينية أولى من المطالبة بالحقوق السياسية.<br />
رابعاا: الجهاد الدفاعي في سيرة الفقهاء:<br />
أ. النضال العسكري:<br />
لم يكتف الفقهاء بدراسة أحكام الجهاد والدفاع بل دخلوا بأنفسهم ميادين القتال دفاعًا عن البالد اإلسالمية وعزة<br />
المسلمين.<br />
شن الشيخ جعفر كاشف الغطاء حملة تعبئة عامة في الوسط العلمائي استهدفت الدفاع عن المدن المقدّسة في<br />
النجف األشرف وكربالء زمان الحمالت الوهابية الباغية الفاسقة.<br />
عندما شن الروس هجماتهم ضد إيران، فقد أصدر كاشف الغطاء عام 1228ه. ق. أم ًرا يدعو فيه لجهاد<br />
الكفار اللئام ودفعهم عن شريعة سيد األنام )ص(. وكذلك أصدر كال من الطباطبائي والكيالني، فتوى<br />
مشابهة.<br />
في زمن الحركة الدستورية )المشروطة( فقد عززت روسيا في سنة 1327ه.ق قواتها المسلحة إلى الشمال<br />
من إيران، ومارست ضغوطا شديدة سنة 1329ه.ق. على أهالي تلك المناطق، وقد تزامن هذا مع الحملة<br />
8
ِ<br />
أ.<br />
ب.<br />
ج.<br />
د.<br />
االستعمارية اإليطالية على ليبيا، فأصدر الشيخ عبد هللا الماندراني والسيد إسماعيل الصدر وشيخ الشريعة<br />
األصفهاني واآلخوند كاظم الخراساني:<br />
وجوب التعاضد واالجتماع.<br />
وضع حد لالعتداءات األجنبية.<br />
يحرم السكوت والسكينة ما لم ترتفع الغائلة الكبرى.<br />
هو جهاد كبدر وحنين.<br />
عندما شن الحلفاء األوروبيون على الدولة العثمانية وأعاثوا في مدن إيران والعراق فسادًا، أصدر فقهاء<br />
الشيعة والسنة فتاوى بالجهاد ودفع المعتدين.<br />
أما الجهاد لتحرير فلسطين، فقد أصدر الفقهاء سيول من الفتاوى اآلمرة بالجهاد:<br />
الشيخ كاشف الغطاء.<br />
السيد اإلمام الخميني.<br />
السيد محسن الحكيم.<br />
السيد هادي الميالني.<br />
السيد شهاب الدين المرعشي. وغيرهم كثير.<br />
)4<br />
)5<br />
-<br />
-<br />
-<br />
-<br />
-<br />
ب.<br />
الدفاع السلمي )المقاومة السياسية(:<br />
النجفي في الجواهر في بيان حكم الجهاد )نعم، قد يمنع الوجوب بل يقال بالحرمة لو أراد الكفار ملك بعض<br />
بلدان اإلسالم أو جميعها في هذه األزمنة من حيث السلطنة مع إبقاء المسلمين على إقامة شعار اإلسالم وعدم<br />
تعرضهم في أحكامهم بوجه من الوجوه ضرورة عدم جواز التغرير بالنفس من دون إذن شرعي بل الظاهر<br />
اندراجه في النواهي عن القتال في زمن الغيبة مع الكفار في غير ما استثني، إذ هو في الحقيقة إعانة لدولة<br />
الباطل على مثلها(.<br />
)1<br />
)2<br />
-<br />
-<br />
-<br />
-<br />
)3<br />
)4<br />
)5<br />
)6<br />
اإلمام الخميني في تحرير الوسيلة ج1 ص462/461، وكذا المشكيني: ذهبا إلى وجوب الدفاع ضد<br />
االستيالء السّياسي واالقتصادي لَلعداء، والمفضي لجعل المسلمين أسرى سياسيًّا واقتصاديًّا ووهنهم...<br />
وهذا الوجوب يشمل مختلف األساليب والطرق وأنواع المقاومة مثل:<br />
تحريم االتجار ببضائعهم/ ترك مختلف أشكال المراودة/ المعاملة ِ السّياسية والتجارية معهم/ المقاومة المنفية<br />
)السلبية( مثل:<br />
ترك شراء األمتعة/ ترك المعاملة معهم مطلقا.<br />
يحرم على رؤوساء الدول الروابط والمناسبات، وبطلت عقودها.<br />
يجب على المسلمين إرشادهم وإلزامهم بتركها.<br />
االستيالء االقتصادي )فتوى تأميم النفط( آية هللا الخونساري.<br />
لقطع يد المستعمرين البريطانيين )فتوى حرمة استعمال التتن والتنباك( الميرزا الشيرازي.<br />
االستيالء الثقافي )فتوى تحريم األلبسة واألقمشة األجنبية( السيد محمد كاظم اليزدي.<br />
خلع ثياب المذلة وارتداء ثياب العزة. اآلخوند الخراساني.<br />
التحرز في الحركات/ السكنات/ الكيفيات/ الملبس/ المطعم/ المشرب/ السلوك/ الخزي.<br />
صاحب الرياض: إذا وقع الضرر بكثرة السواد وجب على أولياء المجانين واألطفال إحضارهم في جيش<br />
اإلسالم.<br />
فتوى تحريم انتخاب الملك فيصل في العراق:<br />
بعد اندحار القوات البريطانية في العراق، فقد قررت انجلترا ترشيح الملك فيصل؛ ليتسنى لها إبرام اتفاقية معه<br />
إلبقائها في العراق. وقد حرم كثير من الفقهاء تلك االنتخابات واشتراك الشعب فيها. وقد إثر ذلك أبعد الفقهاء عن<br />
إيران وهم الخالصي/ األصفهاني/ النائيني.<br />
9
ِ<br />
ِ<br />
ِ<br />
ِ<br />
ِ<br />
ِ<br />
ِ<br />
ِ<br />
)7<br />
)8<br />
)9<br />
الحكم بكفر االنتماء للحزب الشيوعي:<br />
فحرم اإلمام الحكيم االنتماء إليه، للحد من نفوذ الكفار والعقائد اإللحادية.<br />
عند دخول اإلنجليز العراق، وجعله محمية تحت ظل االنتداب البريطاني، قام الشيخ محمد تقي الحائري<br />
الشيرازي قائد ثورة العشرين، وخليفته شيخ الشريعة األصفهاني بإرسال كتاب إلى الرئيس األمريكي<br />
)وِلسن(، يطالبان فيه مساندته في دعم العراقيين بإقامة دولة عربية مستقلة إسالمية، يرأسها ملك مسلم مقيد<br />
بمجلس تشريعي.<br />
والحماية على العراق يقرره المجلس الوطني بعد مؤتمر الصلح.<br />
وأصدر الشيخ محمد تقي الشيرازي إلى العراقيين كافة قبيل انطالق الثورة بشهر واحد حثهم على:<br />
أ. االتحاد على جمع الصفوف.<br />
ب. الحفاظ على األرض.<br />
ج. مؤيدًا المظاهرات واالحتجاجات السلمية.<br />
محذرً ا: أ. إياكم واإلخالل باألمن. ب. التخالف والتشاجر مع بعضكم البعض فإنه مضر بقصدكم. ج. المحافظة على<br />
جميع الملل والنحل في نفوسهم وأموالهم وأعراضهم.<br />
تبني الشيخ شمس الدين هذه النظرية اآلتية:<br />
أ. إنّ ال<strong>عمل</strong> السّياسي السلمي الواعي القائم على الحكمة والموعظة الحسنة على المستوى الشعبي، وتعبئة<br />
الجماهير.<br />
ب. التعاون مع القوى ذات األهداف المشتركة ولو بصورة جزئية.<br />
يؤديان إلى الحضور السّياسي، وإلى اعتراف المجتمع والنظام والقوة السّياسية األخرى في جميع أنحاء العالم.<br />
ال<strong>عمل</strong> السّياسي السّلمي: قد يكون بطيئًا في تحقيق النتائج، ويقتضي بذل الجهود الكبيرة والتضحيات الكثيرة، ولكن<br />
بالتأكيد سيؤدي إلى نتائج أكثر ثباتًا، وأسلم عاقبة.<br />
السيد فضل هللا: أسلوب الهدوء يتبنى سياسة النفس الطويل، لوجود خطوات <strong>عمل</strong>ية لتربية األفراد والجماعات؛ من<br />
أجل القاعدة الشعبية الصلبة، في هدوء وسالم؛ ليتسنّى للعاملين تعميق المفاهيم واألفكار األصيلة في ذهنية األمَّة،<br />
فتواجه التحديات من مواقع العمق والقوة، ال من مواقع الضعف والسطحية.<br />
لذلك: العنف ال يساعد على الوصول إلى النتائج السّليمة المطلوبة. لماذا؟<br />
ألنّه: أ. يشغل الساحة عن <strong>عمل</strong>ية البناء الذاتي التغييري.<br />
ب. ويعطّل <strong>عمل</strong>ية النمو فيما يثيره من أجواء الحماس واالنفعال.<br />
ج. عرضة لالهتزاز، ألنَّ ذلك يجعلها في موقع الخطر من قبل الخصم التي يحاول ضربها بقسوة للتخلص منها.<br />
هل يشر ع استعمال العنف ضد األنظمة الحاكمة غير اإلسالمية.<br />
ألنهم لم يطبقوا الشريعة اإلسالمية؟<br />
شمس الدين: إنَّ هؤالء الحكام وأعوانهم مسلمون في ظاهر الحال، ولذا حقن اإلسالم دماءهم، ومخالفتهم لإلسالم<br />
"باعتبار نظامًا سياسيًّا للمجتمع" من جهة كونهم يتولون الحكم على أساس نظام غير إسالمي، من حيث أساس<br />
ومصدر شرعية ذلك النظام، ومن حيث القوانين التي ينفذها، ليس سببًا كافيًا للحكم بكفرهم المجوز شرعًا لجهادهم.<br />
ولو سلمنا جدالً بكفر هؤالء الحكام، فال دليل على مشروعية جهادهم بالقتل والقتال؛ ألجل إقامة حكومة إسالمية مع<br />
وجود المندوحة للتوصل إلى ذلك ال<strong>عمل</strong> اإلسالمي )السلمي(، والدعوة إلى هللا بالحكمة والموعظة الحسنة.<br />
الغنوشي: دعوة اإلسالم إلى الجهاد ال تعني دعوته إلى العنف، فللجهاد في اإلسالم أشكال متعددة تتناسب والظروف<br />
الموضوعية التي يفرضها واقع الحال، فهناك جهاد بالكلمة وليس أدل على ذلك حين اعتبر من أعلى مراتب الجهاد<br />
)كلمة حقٍّ عند سلطان جائر(، ولهذا فإنَّ المظاهرات واالحتجاجات والمواجهة مع مختلف األنظمة العربية بحسب<br />
هذا التقييم هي أعمال جهادية، ألنَّ قوانين المنع والطوارئ الظالمة، واعتقال الناشطين السياسيين، وزجّهم في<br />
السجون، وهم يدافعون عن المال العام <strong>عمل</strong> جهادي، ألنهم بذلك يدافعون عن حقوقهم المشروعة التي منحهم هللا<br />
وسرقتها األنظمة منهم.<br />
خامساا: وظيفة التشخيص وبيان الحكم:<br />
10
ِ<br />
ِ<br />
ِ<br />
ِ<br />
ِ<br />
ِ<br />
ِ<br />
.1<br />
.2<br />
.3<br />
.4<br />
.5<br />
الشيخ جعفر السبحاني: ليكون الحاكم الشرعي مؤهال لحمل مسؤولياته وكفو ًءا ألداء صالحياته يجب توافر سلسلة<br />
شروط كشرط أساسي لمقام الحكومة والرئاسة:<br />
حسن الوالية والقدرة على اإلدارة. أكفأ من غيره على اإلدارة. وأقدر من غيره على الوالية والقيادة. بحيث<br />
يتمكن من لهمّ شعث المسلمين وجمع شملهم، يدفع بهم نحو الحضارة المدنية والتقدم ما يسميه السياسيون اليوم<br />
)بالنضج العقلي والرشد السّياسي(.<br />
التفوق في الدراية السياسية: أن يكون الحاكم متفوقًا على غيره في السّياسة، أوسع من غيره في االطالع<br />
على مصالح األمة، وأعرف من غيره بأمورها وحاجاتها.<br />
أن تبلغ رؤيته السّياسية واالجتماعية درجة يستطيع معها أن يقود األمة سياسيًّا واجتماعيًّا نحو األمام.<br />
يسلتزم هذا منه أن يكون ملمًّا باألوضاع السّياسية، عارفًا بما يجري على الساحة الدولية ليحفظ األمة من<br />
الخطر.<br />
اإلمام الصادق )ع(: "العالم بزمانه ال تهجم عليه اللوابس".<br />
11<br />
-<br />
-<br />
في الحديث المروي عن اإلمام الحسين )ع(:"مجاري األمور بيد العلماء باهلل األمناء على حالله وحرامه".<br />
وروي عن موالنا ولي العصر "وأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا فإنهم حجتي عليكم وأنا<br />
حجة هللا عليهم".<br />
في كتاب الفقيه والسلطة واألمة يتحدث عن صالحية الفقيه: فهو صاحب قرار الصلح والحرب، والمسؤول عن<br />
تحصين الثغور، وتأمين القوة الجاهزة لدفع األداء... وهو المسؤول عن أمن نفوس الناس وأموالهم وأعراضهم.<br />
السيد فضل هللا: يشترط فيه المعرفة بشؤون زمانه وعصره، بالنحو الذي يساعده على األداء السياسي الحكيم<br />
واإلدارة الرشيدة. وللفقيه المجتهد الوالية والسلطة على إدارة شؤون الناس العامة أي بما يحفظ مصالحهم السّياسية<br />
واالقتصادية واالجتماعية واألمنية ونحوها.<br />
كالم ال بدَّ منه:<br />
هل أن تشخيص وجوب الدفاع من الشؤون ذات الطابع الحكومي المطاط، الذي ترك فيه االختيار للحاكم الشرعي،<br />
ليرى فيه رأيه من المصالح والمفاسد، فنظره هو المعيار؟ أم من الشؤون ذات الطابع الشرعي، الذي ال مجال فيه<br />
لنظر الحاكم إال بالعنوان الثانوي "كوجود مصلحة ضرورية التحصيل تقتضي تعطيل الحكم الشرعي ألجلها"؟<br />
أو هو من العنوانين المتكثرة والمتزاحمة؟ بين حرمة إعانة الجائر وجوب التصدي للكافر.<br />
الجواب:<br />
هل إنها )المسألة( تنطوي على مصلحة ثابتة يتولى الشارع إحرازها بنفسه.<br />
أم مصلحة متغيرة بتغير الظروف واألحوال، فقد تثبت في زمان وتنتفي في آخر. ولهذا لم يتول الشارع أمرها<br />
وأحالها على الحاكم الشرعي ليقدّر المصلحة وفقا للظروف الموضوعية المحيطة به.<br />
فلو كان الحاكم ثابتًا قد تكون في زمان المصلحة منتفية.<br />
النتيجة:<br />
.1<br />
.2<br />
ناسب أن ال يحدد الشارع حكمًا محدَّدًا لمفروض األسئلة ويترك التحديد للحاكم الشرعي ليتخذ الموقف الذي<br />
يتالءم وظروف الحدث. فيكون من األحكام الحكومية ال الشرعية.<br />
ما يؤيد ذلك: هو ما مر من سيرة الفقهاء، فتارة يقرّ ون النضال العسكري وتارة يقرون النضال السياسي،<br />
والمداهنة.<br />
سادساا: من فلسفة الدفاع في اإلسالم.<br />
سابعاا: منع استخدام القوة في اإلسالم:<br />
إنَّ األصل والقاعدة األولية في اإلسالم هو عدم استخدام القوة والال عنف بل السّلم وال َّسالم، أما القتال والحرب<br />
والدفاع والجهاد فهي االستثناء، وال مسوّ غ في نظر اإلسالم مهما كانت الظروف، فهو لم يأذن بالحرب إال دفعًا<br />
للعدوان... مشروطة بشروط كثيرة والتي منها: فتوى شورى المراجع.<br />
أوال: اآليات الكريمة: )مناقشة قتال الناس من أجل توحيدهم(
ِ<br />
ِ<br />
شرع اإلذن بالجهاد في السنة الثانية للهجرة، بعد أن استمرت الدعوة السلمية 15 عامًا.<br />
﴿أُذِنه لِلَّذِينه يُقهاتهلُونه بِأهنَّهُمْ ظُلِمُوا وه إِنَّ هللاه عهلهى نهصْرِ هِمْ لهقهدِيرٌ }الحج/39{ الَّذِينه أُخْرِ جُوا مِن دِيهارِ هِمْ بِغهيْرِ حهقٍّ<br />
إِالَّ أهن يهقُولُوا ره بُّنها هللاُ...﴾ )9( ، هذه آيات الجهاد، ال تدعو إلى فرض الدعوة، بل إنها تجيز للمسلمين القتال في<br />
حاالت محدودة واستثنائية:<br />
-<br />
-<br />
﴾<br />
﴿<br />
﴿<br />
-<br />
-<br />
-<br />
-<br />
.1<br />
.2<br />
-<br />
-<br />
-<br />
-<br />
أ. الدفاع عن النفس...<br />
ب. قتال الذين أخرجوا من ديارهم.<br />
ج. قتال الذين يصدون عن اإليمان واإلسالم.<br />
لم ترد آية واحدة تدعو إلى نشر الدعوة بالقوة والحرب بل العكس صحيح.<br />
ادْعُ إِلِى سهبِيلِ ره بّ ِكه بِا لْحِ كْمهةِ وه الْمهوْ عِظهةِ الْحهسهنهةِ وه جهادِلْهُم بِالَّتِي ه هِي أهحْسه ُن﴾ )10( .<br />
والعقيدة أساسًا من األمور الباطنية، واآلية كأنها تقرّ ر أ َّن المؤمن يهتدي بأحد هذه األساليب الثالثة. والعقيدة<br />
ال تقبل الفرض.<br />
أما األصل في دعوة الناس إلى توحيد هللا وتطويعهم إلى العبودية فهو قتالهم فيما لو رفضوا التوحيد وأعاقوا دعوته<br />
إال أن هذا ال يعني أن نجرّ د سيوفنا بوجه العالم كله، ألن ذلك م َّما يجافي روح الدين من ناحية، وغير ممكن من ناحية<br />
أخرى.<br />
وهذا ليس من تكليفنا الشرعي أن نجرد سيوفنا ونقاتل البشرية التي ال تؤمن بما ندعو إليه.<br />
منتظري: يعني ذلك أن نقاتل نصف سكان األرض، مليارات البشر، مع أن استبقاءهم وذب النشاط الثقافي فيهم ربما<br />
يوجب تنبه الكثير منهم وانجذابهم نحو اإلسالم.<br />
اله إِكْره اهه فِي الدّ ِينِ... )البقرة/256(:<br />
الجهاد ال النتشار الدعوة بل لحرية انتشارها.<br />
لم يرغم )ص( الناس على اإلسالم، ألن هللا لو شاء لهدى الناس جميعًا.<br />
﴿وه لهوْ شهاء ره بُّكه آلمهنه مهن فِي األهرْ ضِ كُلُّهُمْ جهمِيعًا أهفهأهنته تُكْرِ هُ النَّاسه حهتَّى يهكُونُواْ مُؤْمِنِي هن﴾ )يونس/99(.<br />
الجهاد آخر حل: آخر حل في النزاعات الدولية، فتقدم الحلول السلمية والتحكيم وقبلهما لزوم الدعوة وإقرار جو<br />
التفاهم كل ذلك يدل على أنه ليس أول حل، بل هو آخر حل في أفق السلم من منظار اإلسالم.<br />
ولهذا أسلوب الحكمة والموعظة الحسنة هو األسلوب األول واألساس في القرآن للدعوة.<br />
ولذا يسمى القرآن بكتاب الحوار، ألنه يحمل وثيقة رائعة من وثائق الحوار الديني، الذي يتعلق بكل قضايا العقيدة،<br />
معتمدًا األساليب المتنوعة.<br />
إنَّ قيمة الحوار في القرآن أنه:<br />
أ. لم يحدد لإلنسان موضوعات الحوار، فال مقدسات في مفرداته.<br />
ب. لم يحدد له اإلنسا هن المحاور، فال مشكلة مع أي إنسان كان أو موضوع كان.<br />
تارة نجده مع هللا واألنبياء.<br />
تارة نجده مع هللا وإبليس.<br />
تارة نجده مع األنبياء وأقوامهم. كالنبي إبراهيم والنمرود وكموسى وفرعون.<br />
ويعني هذا: ال حظر على شخصية في الحوار أو موضوع فيه.<br />
فقد نقل لنا التاريخ اإلسالمي الكثير من مجلس الحوار بين علماء المسلمين وعلماء األديان األخرى وأصحاب األفكار<br />
المضادة لإلسالم في جو رائع من أجواء الحرية الفكرية، ك<strong>المؤتمر</strong> الذي عقده الخليفة العباسي المأمون لإلمام الرضا<br />
)ع( فقد اجتمع فيه علماء النصارى والمجوس، وغيرهم من أهل الملل والنحل، حيث كان الحوار المتبادل يمثل وثيقة<br />
تاريخية تدل على مدى ما يمثله اإلسالم من سعة ورحابة صدر في مجال الدعوة واإليمان.<br />
حلقات فكرية يديرها اإلمام الصادق )ع( في المسجد الحرام فيجتمع إليه زنادقة ذلك العصر ومالحدته، كابن المقفع<br />
وابن أبي العوجاء، وأبي شاكر الديصاني، فيناقشونه في وجود هللا وحاكميته بأسلوب يغلب عليه طابع التحدي،<br />
فيواجههم بالحجة القوية والبرهان القاطع والكلمة الطيبة الحسنة.<br />
12<br />
- 9<br />
- 10<br />
الحج/<br />
النحل/<br />
.40 ،39<br />
.125
ِ<br />
ِ<br />
ثانياا: السنة الشريفة:<br />
السيرة الجهادية: في بداية الدعوة، يجيء المسلمون لإلذن بالقتال فلم يأذن لهم ويأمرهم بالصبر. وكان المنطلق<br />
لحروب رسول هللا )ص(:<br />
أ. للرد بالمثل في مهاجمة المسلمين.<br />
ب. لنقض العهد من قبل العدو.<br />
وال يوجد مورد واحد بهدف الحرب أو لنشر الدعوة بالقوة.<br />
كان سالح رسول هللا )ص( والذين آمنوا معه في حقبة الجهاد السلمي في مواجهة عدوانية مع مشركي قريش<br />
الصمود المكون من قوة اإليمان والمطاولة في الصبر، حتى أذن هللا لهم بالهجرة.<br />
أثبتت السيرة النبوية أن أول خيار كان يطرقه رسول هللا )ص( هو المعاهدات<br />
قال تعالى<br />
والصلح تجنبًا للحرب، كما فعل مع الحبشة وكفار قريش في صلح الحديبية.<br />
السّلم يتضح بجالء في صلح الحديبية:<br />
شروط قريش كانت قاسية إال أ َّن الصلح تم:<br />
أ. عدم االعتراف بالرسول والمرسل.<br />
ب. الملتحق بالمشركين ال يرد.<br />
ج. الملتحق بالمسلمين يرد<br />
قبل رسول هللا )ص( شروط قريش وتم الصلح بينهما، علمًا بأنه وأصحابه كانوا يتمتعون بالقوة، استجابة للوحي،<br />
وحرصًا على ال َّسالم واقتضاء للمصلحة. قفل )ص( راجعًا بعد إبرام الصلح، في الطريق نزلت عليه سورة الفتح ﴿إِنَّا<br />
فهتهحْنها لهكه فهتْحًا مُّبِينًا﴾ )الفتح/1(.<br />
﴿وه الصُّلْحُ خهيْرٌ ﴾ )11( ،<br />
-<br />
-<br />
)1<br />
)2<br />
)3<br />
)4<br />
)5<br />
)6<br />
)7<br />
)8<br />
)9<br />
)10<br />
)11<br />
من وصاياه في الجهاد )الغزوات(:<br />
في الحديث عن الصادق )ع(: "... ال تغدروا وال تغلوا وال تمثلوا وال تقطعوا شج ًرا... وال تقتلوا شي ًخا فانيًا وال صبيًا<br />
وال امرأة، وأيَّما رج ٍل من أدنى المسلمين وأقصاهم نظر إلى أحد من المشركين فهو جار حتى يسمع كالم هللا، فإن<br />
سمع كالم هللا فإن تبعكم فأخوكم في دينكم، وإن أبى فاستعينوا باهلل عليه وأبلغوه إلى مأمنه".<br />
الضوابط السلمية ال 16 في الجهاد:<br />
يجب على الجيش اإلسالمي إذا ما التقى بالعدو أن يشرح لهم حقائق اإلسالم ويدعوهم إليه بشكل ناصع ال<br />
غموض فيه وتقديم األدلة للخصم من أجل إرجاعه، ثم إنذاره وتخويفه.<br />
حرمة القتال في األشهر الحرم.<br />
عدم البدء بالقتال. قال اإلمام علي )ع( لجنده في صفين ( ال تقاتلوهم حتى يبدؤوكم ...(<br />
تحريم الفرار من الزحف ووجوب الثبات.<br />
أن يكون القتال خالصًا لوجه هللا، ال رياء وال طمع وال انتقام، قال اإلمام علي )ع( لبعض قادته )وال يحملنكم<br />
شنآنهم على قتالهم(.<br />
الطاعة والنظام حين يحمى وطيس المعركة.<br />
حرمة قتل األسرى.<br />
حرمة التعرض للنساء. قال علي )ع( : )وال تهيجوا امرأة بأذى وإن شتمن أعراضكم(.<br />
حرمة قتل المكره.<br />
حرمة قتل الذمّي.<br />
حرمة قتل األطفال والشيوخ.<br />
13<br />
- 11 النساء/ .128
ِ<br />
ِ<br />
)12<br />
)13<br />
)14<br />
)15<br />
)16<br />
حرمة التمثيل والتنكيل.<br />
حرمة القتل بالسم.<br />
حرمة قتل ملقي السالح، قال اإلمام علي )ع(: )ال يطعن في غير مقبل وال يقتل مدبرً ا وال يجهز<br />
على جريح ومن أغلق بابه فهو آمن(.<br />
حرمة إتالف الممتلكات والتخريب االقتصادي )وال تقطعوا شجرة مثمرة وال تحرقوا زر ًعا وال<br />
تعقروا البهائم(.<br />
استجابة دعوة السلم من قبل األعداء، قال تعالى: ﴿وه إِن جهنهحُواْ لِلسَّلْمِ فهاجْنهحْ لههها وه تهوه كَّلْ عهلهى هللاِ﴾<br />
)األنفال/61(، ووجوب االستجابة لالستجارة وطلب األمان وه إِنْ أهحهدٌ مّ ِنه الْمُشْرِ كِينه اسْتهجهاره كه فهأهجِ رْ هُ حهتَّى<br />
يهسْمهعه كهالهمه هللاِ﴾ )التوبة/6(.<br />
﴿<br />
﴾<br />
-<br />
-<br />
-<br />
﴿<br />
ب. السيرة األخالقية:<br />
أسلوب الدعوة عند رسول هللا قائم على استراتيجية السّلم.<br />
عنه )ص(:"من عالمات المؤمن إفشاء السَّالم وإطعام الطعام والصالة بالليل والناس نيام".<br />
وحين سئل عن خير أخالق أهل الدنيا واآلخرة "إفشاء السَّالم في العالم".<br />
وكل أنواع األذى وصنوف العذاب يقابلها بالتوجيه القرآني:<br />
﴿فهاصْفهحْ عهنْهُمْ وه قُلْ سهاله مٌ فهسهوْ فه يهعْلهمُو هن﴾ )الزخرف/89(.<br />
﴿فهاصْفهحِ الصَّفْحه الْجهمِي هل...﴾ )الحجر/85(<br />
ثُمَّ بهدَّلْنها مهكهانه السَّيّ ِئهةِ الْحهسهنهةه حهتَّى عهفهواْ... )األعراف/95(<br />
يوم فتح مكة، حيث قوي العضد واشتد الساعد وبرزت شوكته على أولئك الغالظ الجفاة، أمر المنادي ينادي:<br />
اليوم يوم المرحمة، اليوم تصام الحرمة. باألمن للجميع.<br />
عودته من غزوة ذات الرقاع.<br />
سماحه للنصارى واليهود باإلقامة في المدينة وهم أكثر الناس عداوة.<br />
دعاؤه )ص(: "اللهم أصلح ذات بيننا، وألف بين قلوبنا، واهدنا سبل ال َّسالم".<br />
-1<br />
-2<br />
-3<br />
ِ السّلمية في فريضة األمر بالمعروف والنهي عن المنكر<br />
من األمور المهمَّة التي لها عالقة بترسيخ السّلم وال َّسالم فريضة األمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولم يوجبها<br />
المولى جل وعال إال من أجل إحالل السّ ِلم والسَّالم في البالد وذلك من خالل ردع أهل المعاصي عن معاصيهم.<br />
وتجب هذه الفريضة بشروطها:<br />
حسن النية. واإلخالص.<br />
ال يحق لنا النهي إال عن المنكرات العلنية المجاهر بها.<br />
تجب مع األمن من الضرر والحرج الشديد الذي يصعب تحمله.<br />
ِ السّلمية في آلية األمر والنهي: لو تعدى عن المقدار الالزم في دفع المنكر فتضرر فاعل المنكر أثم المعتدي<br />
ووجب الضمان، وكذا لو كان المنع عن المعصية يتم بأخذ سالحه. فأخذه وأتلفه أو يتم بلوي يده فلواها<br />
وكسرها...<br />
لو كان بعض مراتب القول أقل إيذاءً من بعض مراتب القلب تعين وجوبها.<br />
وهذا التدرج في تطبيق الفريضة قائم على منهج اللين وال َّسالم البعيدين عن العنف لتؤدي الفريضة دورها<br />
بصورة أكمل وبأقل قدر من الضرر واإلهانة واإليذاء.<br />
-<br />
-<br />
-<br />
14
ِ<br />
ِ السّلمية في القصاص والديات<br />
تهتَّقُو هن﴾ )12( .<br />
)1<br />
)2<br />
)3<br />
.1<br />
.2<br />
.3<br />
)4<br />
قوله تعالى ﴿وه لهكُمْ فِي الْقِصهاصِ حهيهاةٌ يهاْ أُولِيْ األهلْبهابِ لهعهلَّكُمْ<br />
للحدود والقصاص األثر الكبير في إحالل السالم في المجتمع، ألنها رداعة مانعة الرتكاب الجرائم العنيفة<br />
واإلرهابية.<br />
وااللتزام بها يوجب صيانة المجتمع ومنعه من االنحراف وجعله معافى سويًّا.<br />
فالقصد منها: حقن الدماء، وكف العدوان على األرواح. وهو أحد أسباب العيش اآلمن.<br />
حق الحياة: كل إنسان له حق الحياة، ال يحق ألي شخص آخر أن يسلب هذا الحق منه. فإن كان القتل عمدًا: أوجب<br />
لولي المقتول القصاص. وجعل له حق العفو إنْ أراد. فإن كان القتل خطأ وشبهة أوجب لولي المقتول الدية.<br />
واإلسالم حبّب العفو سواء كان في النفس أو في الطرف. وأكد االستحباب للمعتدي النادم والتائب لما فيه من تأنيب<br />
للضمير. ويتأكد االستحباب إذا استسلم للقصاص لما فيه من كسر للنفس واإلقدام على تحمل المشقة.<br />
- واإلسالم جعل للولي الخيار في العفو عن القاتل وليس له الرجوع فيما لو اختاره، ألن حقه قد سقط بالعفو.<br />
السّلمية في كتاب النكاح والطالق<br />
حرمة التدليس: ألنَّ الشرع أراد لهذه العالقة أن تكون حميمية مبنية على الثقة والصراحة ولن تكون كذلك<br />
بالغش والكذب.<br />
إباحة الشرط: فتح الشرع هذا الباب لتجميع واحتواء الميول واالتجاهات المختلفة والمزدوجة بين الطرفين،<br />
بشرط أن ال يخالف مقتضى العقد. وليكون الشرط صمام أمان للعيش بسالم دون مشاكل واحتراب.<br />
تأدية حق الفراش: حق مشترك لكليهما لحصانة حياتهما، فلو تنصل أحدهما جاز لآلخر المطالبة.<br />
عالج النشوز:<br />
تقديم العظة والنصيحة.<br />
الهجر في المضجع.<br />
جاز الضرب بشروط.<br />
عالج نشوز الزوج:<br />
أ. جاز للزوجة أن تتولى بنفسها <strong>عمل</strong>ية الوعظ والتحذير.<br />
ب. إن لم ينفع جاز رفع أمرها للحاكم الشرعي.<br />
التسريح بإحسان: بعد استنفاد جميع الحلول للرجوع بالعالقة الزوجية، جاء الدين يشرع الطالق ليكون حال<br />
توافقيًا، بدل أن يعيشا تحت سقف من المشاكل والمنازعات وعدم الرضا. وهذا حل سلمي بدل الهجران<br />
والغيبة الطويلة.<br />
الفصل الثاني<br />
مفهوم السِّلمية ببعديه النظري وال<strong>عمل</strong>ي في حياة أهل البيت )ع(<br />
15<br />
- 12 البقرة .179
أوال: السِّلمية في نهج أمير المؤمنين اإلمام علي بن أبي طالب )ع(<br />
المفاهيم الحربية في نهج البالغة:<br />
اإلسالم سالم ومحب ة، عبادة و<strong>عمل</strong>، ينأی عن الحرب والقتل، ويوغل فی التسامح ومعانقة اإلنسانية. رسم فی<br />
دستوره، القرآن الكريم، أطُرَ الدولة الحنون، تحضن أقطار الدنيا من المشرق إلی المغرب، تعاليمُها سمحاء تفيض<br />
نورً ا، وتثمر خيرً ا، يأتيها رزق ربها رغدًا، أرادها صورة منقولة عن جنة الخلد. هذه الدولة الحنون تحد ثها العوامل<br />
الشريرة، قادها شياطين اإلِّ نس لينحرفوا بها عن جاد ة الحق، ويحتاج تقويمها إلی القوَّ ة، فتولد الحرب بين ظالمة<br />
قاهرة، ودفاعية عادلة، ذات عزَّ ة وتمنُّع، تنافحُ عن العقيدة واإلِّ نسان واألوطان. لم يفرض اإلِّسالم درأ الحرب<br />
بالحرب، بل واجهها فی كثير من مراحلها بالكلمة المحاورة معتمدًا النصيحة والمفاوضة، وأحيانًا يرفع شعار<br />
الالعنف مستخدمًا المهاجرة، والدعاء والتهجد... أما إذا شكلت الحرب خطرً ا علی وجود اإلِّ سالم فالجهاد<br />
استراتيجية رادعة .<br />
جمهورية الحكمة ص 307<br />
تقرير الحرب فی نهج البالغة<br />
قال اإلمام علی )عليه السالم(: )إن الحرب شرها ذريع، وطعمها فظيع( الحربُ دماء ودمار، عدوَّ ة الحياة، فرضها<br />
اإلِّ نسان الوحش علی اإلِّ نسان األخالق. إن سكت المظلوم، أريقت دماؤه وإن قاوم أراق الدماء. وبما أن الدماء<br />
الطاهرة يجب أن تصان فال بدَّ من مواجهة المعتدی، فتقع الحرب هادفة إلی إبادة الظالم، فيعيش المظلوم، لذلك قال<br />
اإلمام علی )عليه السالم (: ربَّ حرب أعود من سلم( ألنها تردع الفساد وتقلع بذور الشر وتحمی الحياة من<br />
الضياع.<br />
فی الكون خطان: الخير والشر.<br />
األول يهدف إلی السعادة والسالم والعدل والحرية والمساواة والمحبَّة...<br />
أما الثانی فيهدف إلی الشقاء والحرب والظلم واإلستعباد والطبقية والبغض... وليس من طبع الخير أن يثير<br />
الحروب، إنما تفرض عليه دفاعًا عن الوجود اإلِّ نسانی. فی هذه المواقف )الحرب أعود من السلم( .<br />
ونهی اإلمام عن مثيرات الحروب الخلف واللجاج قال : )الخُلف مثار الحروب( .<br />
وفی موضع آخر قال : )اللجاج مثار الحروب( فاإلِّ مام تحلَّی بأخالق اإلِّ سالم واشتهر بالزهد فكان صوامًا قو امًا،<br />
بكا ءًا من خشية هللا. لكن زهده لم يمنعه من الدفاع عن الدين الجديد، وقد فَقِّهَ تشريعاته الحربية. وخاض معاركه<br />
16
الخالدة: بدرً ا وأحدًا والخندق وخيبر... وكان بطل هذه الحروب صنع النصر بذی فقاره. إن نتائج معركة بدر تؤكد<br />
هذه الحقيقة. عقد ابن هشام في )سيرة النبی( فصالً ذكر فيه قتلی بدر من المشركين مع تسمية قاتليهم. نستخلص<br />
منه أن اإلمام عليًا قتل بمفرده أو بالمشاركة، اثنين وعشرين رجالً من أصل خمسين مشركًا صرعوا يوم بدر.<br />
ويرتفع هذا العدد إذا اعتبرنا عدد القتلی سبعين مشركًا .<br />
جمهورية الحكمة ص 307<br />
و 308<br />
أخالق الحرب فی نهج البالغة<br />
وضَّاءةُ، واضحة، تؤلف شرعة إنسانية بنودها العدل والرحمة واالشفاق، يغمرها ال<strong>عمل</strong> الصادق. مع الخطوة<br />
األولی يرتفع الدعاء: )اللهمَّ إليكَ نُقِّلت األقدام، وأتعبت األبدان، وأفضيت القلوب، ورفعت األيدی، وشخصت<br />
األبصار...( .<br />
ولما عزم علی لقاء القوم بصفين قال: )اللهمَّ رب السقف المرفوع إن أظهرتنا علی عدوَّ نا فجنِّبنا البغی، وسد دنا<br />
للحق، وإن أظهرتهم علينا، فأرزقنا الشهادة، واعصمنا من الفتنة(<br />
وله أيضًا عند لقاء العدو: )اللهمَّ أنت عصمتی وناصری، ومانعی اللهمَّ بك أصول وبك أقاتل(. الدعاء الحربی عند<br />
اإلمام استعانة بالخالق، ال حبًّا بالنصر بقدر ما هو طلبُ للهداية تجنبًا للبغی وسدادًا فی طريق الحق، وتقبالً لل<strong>عمل</strong><br />
الجهادي .<br />
التزم اإلمام بالمبادیء اإلِّسالمية، ولو أدَّی به ذلك االلتزام إلی خسارة المعركة. إن انتصار المبادیء أهم من<br />
النصر المادی، فانتصار العسكر آنی وزائل إذا أخال من العقيدة اإلِّ نسانية أو الدينية. إنَّ الفوز بالوالية أو الحكم هو:<br />
)متاع أيام قالئل يزول منها ما كان كما يزول السراب أو كما ينقشع السحاب فی حين تؤلف المبادیء دستورً ا حيًا<br />
تتوالد بذوره جيالً بعد جيل. إن كربالء، غدت أسطورة تجسِّد ثورة الحق المطلق عبر التاريخ مع أن اإلمام الحسين<br />
)عليه السالم( لم ينتصر عسكريًا .<br />
لقد رسم اإلمام علی فی نهجه المبادیء اإلِّ سالمية للحرب، فهو ال يبغی النصر بالوسائل الملتوية، كان يرفض<br />
األساليب الرخيصة )الماكيافلية( وظلَّ فی تعاطيه مع الحرب بطالً يعطف ويشفق، ويتصرف بوحی األيمان<br />
والعدالة، يمنح خصمه فرصة للتوبة ومعاودة النفس<br />
إن تجربته في صفين عندما أباح الماء لجيش العدو، ظل ت تجربة متفردة فی التاريخ. لقد سبق معاوية بجيشه إلی<br />
الماء وأقام حصارً ا حوله، ومنع جند اإلمام منه. وقال سأدعكم تموتون عطشًا، فانبری مالك االشتَر مع أربعة آالف<br />
17
فارس، وزحزح الشاميين عن المشرعة واستولی عليها. لكن اإلمام لم يبادل القوم سيئة بسيئة، بل جمع رجاله وقال<br />
لهم اشربوا ودعوا القوم يشربون.<br />
قال جورج جرداق: »أما فی ساحة القتال حيث يتجالد إخوان الحرب بالسيوف، ويتداعسون بالرماح، وحيث يكرون<br />
ويفر ون وال نجاة لبعض إال بفناء بعض فإن )العفو زكاة الظفر( كما يقول ابن أبی طالب. وهو ال يريد إال من أهل<br />
العفو مهما كان من أمر أعدائك ومقاتليك: )خذ علی عدو ِّك بالفضل فإنه أحلی الظفرين« و»إذا قدرت علی عدو ك<br />
فاجعل العفو عنه شكرً ا للقدرة عليه(. وقد <strong>عمل</strong> هو نفسه بهذا النظر طوال أيامه. فغداة موقعة الجمل عفا عن كل<br />
من حمل عليه سالحًا وأراد قتله. وفی أيام صفين عفا عم ن أرادوا له أن يموت عطشًا فأحياهم بالماء وهم عدو ه.<br />
وعفا كذلك عن خصمه اللدود عمرو بن العاص وقد أصبح تحت سيفه. وساعة ضربه ابن ملجم الضربة القاضية<br />
طلب إلی بينه أن يعفوا عن قاتله. كل ذلك تبريرً ا لقوله في صفة اإلِّ نسان الكريم؛ )الذی يعفو ويعطي من حرمه<br />
ويصل من قطعه(.<br />
المصدر السابق 312<br />
بدء المعركة<br />
بعد اإلِّ عداد للحرب المفروضة، ومظاهرة المسير إلی ساحة القتال إلِّ رهاب العدو، نهی اإلمام عن بدئها وكان يترك<br />
مباشرتها للخصم حتی يبوء بإثمها. قال لعساكره قبل لقاء العدو بصفين: )ال تقاتلوهم حتی يبدؤوكم ؛ فإنكم بحمد<br />
هللا علی حُجَّة، وترككم إياهم حتی يبدؤوكم حجة أخری لكم عليهم...( هذه الخاصَّة نثرها اإلمام فی مواعظه<br />
وإرشاداته الحربية، قال البنه الحسن )ال تدعون إلی مبارزة فإن دعيت إليها فأجب، فإن الداعی إليها باغٍ، والباغي<br />
مصروع( وقال لمعقل بن قيس الرياحي حين أنفذه إلی الشام )اتق هللا الذی ال بدَّ لك من لقائه، وال منتهی لك دونه،<br />
وال تقاتلنَّ إال مَنْ قاتلك... وال تدن من القوم دُنوَّ من يريد أن ينشب الحرب. وال تباعد منهم تباعد من يهاب<br />
البأس... وال يحملن كم شنآنهم علی قتالهم قبل دعائهم واإلِّ عذار إليهم( لو التزم كل فريق بأقوال اإلمام لما وقعت<br />
حرب بين البشر. إذ كيف تقع، ولم تبدأ. )المصدر السابق 314(<br />
معاملة الجرحی واألسری<br />
كان اإلمام علي )عليه السالم( يردد علی مسامع قواده وجنده قبل كل معركة : )ال تجهزوا علی جريح وال تتبعوا<br />
فارً ا وال تقتلوا أسيرً ا ) وأوصی عسكره قبل لقاء العدو بصفين : )فال تقتلوا مدبرً ا، وال تصيبوا معورً ا، وال تجهزوا<br />
علی جريح،...( . )المصدر السابق ص 315(<br />
18
هذه التشريعات اإلِّسالمية , تميزت بالفرادة، وخالفت ما تعارف عليه العالم القديم، فالحضارة اليونانية: اعتبرت<br />
األسير عبدًا وأقرَّ ت بيعه وقتله. كلمات اإلمام تحولت فيما بعد إلی مبادیء استلهمها العالم المعاصر، واعتمدتها<br />
الدول فی دساتيرها العامة، مفاخرة بنصوصها ومضامينها قوالً ال عمالً ، ألن الدول االستعمارية تستخدم أخس<br />
الطرف لبلوغ أهدافها. تمارس الغدر، وتقتل األسری والجرحی وتستخرج الفار من مأواه وقد اعتزل الحرب،<br />
وتأخذ األب بجرم االبن علی سن ة العصابات الهمجية. إن الدول )المتحضرة( تلجأ إلی اإلِّ بادة الكلية، تقتل األطفال<br />
والنساء واألبرياء. وال تخجل من رفع شعارات اإلِّ نسانية، وتأسرها ضمن إطار مزخرف من ألفاظ جوفاء تتالشی<br />
مع الصدی. فی حين ختم اإلمام حياته مجسدًا وصاياه عمالً فذًا مازال نموذجًا إنسانيًا رائعًا. عندما أوصی بأسير<br />
اغتال اإلمامة فی محرابها. قال لولديه الحسن والحسين )عليه السالم( عندما ضربه ابن ملجم: )احبسوا هذا األسير،<br />
وأطعموه، واسقوه وأحسنوا إساره(.<br />
كراهية الغدر<br />
رفض اإلمام علي الغدر فی الحرب، ورك ز علی الجهاد والمواجهة، فغاية الجهاد رضی هللا، والعاقبة الحسنة.<br />
والحرب فی نهج البالغة شجاعة وإقدام وممارسة وعلم وأخالق ال غدر وال خيانة )وهللا ما معاوية بأدهی منِّی،<br />
ولكنه يغدر ويفجر، ولوال كراهية الغدر لكنت من أدهی الناس، ولكن كل غدرة فجرة، ولكل فجرة كفرة، ولكل<br />
غادر لواء يعرف به يوم القيامة، وهللا ما استغفل بالمكيدة وال استغمز بالشديدة( الدهاء المقرون بالغدر والخيانة<br />
مرفوض في اإلِّ سالم، ألن الدين يهدف إلی العزة في الدنيا، والمغفرة في اآلخرة.<br />
المصدر السابق ص 315<br />
النهي عن سب العدو<br />
سمع اإلمام بعض أصحابه يسب ون أهل الشام فخاطبهم قائالً : )إنی أكره لكم أن تكونوا سب ابين. ولكنكم لو وصفتم<br />
أعمالهم وذكرتم حالهم، كان أصوب في القول، وأبلغ في العذر، وقلتم مكان سبِّكم إياهم : اللهمَّ احقن دماءَنا<br />
ودماؤهم، وأصلح ذات بيننا وبينهم، وأهدهم من ضاللتهم...(<br />
فالشتائم كالوقود تلقی في النار، تزيد أوارها حتی تلتهم الحياة أرضًا وبشرً ا. ويظهر اإلمام خبيرً ا بشؤون االجتماع<br />
السياسي فيوجه أتباعه إلی وصف أعمال األعداء وكشفهم. ألن األعمال السيئة تخزي أصحابها، وتعريهم أمام<br />
التاريخ، فيسقطون من مجتمع اإلِّ نسانية.<br />
المصدر السابق 316<br />
19
هداية األعداء<br />
انطالقًا من أخالق اإلِّسالم، التزم اإلمام علي بتوجيه النصيحة لألعداء حتى يردَّهم إلی رحاب الدين. أخذ توجيهات<br />
رسول هللا وأدخلها في تعاليمه الحربية. فأتت أقوالهما متشابهة. قال النبي محمد )صلی هللا عليه وآله وسلم(: تألَّفوا<br />
الناس وتأن وهم وال تُغيروا عليهم حتى تدعوهم، فما علی األرض من أهل بيت مدر وال وبر إالَّ تأتونی بهم مسلمين،<br />
أحب إلی من أن تأتونی بنسائهم وأوالدهم وتقتلوا رجالهم(. لذلك خاطب اإلمام علی أتباعه )ولكنكم لو قلتم اللهم<br />
احقن دماءَنا ودماءهم وأصلح ذات بيننا وبينهم وأهدهم عن ضاللتهم(. لقد أحبَّ الخير للناس حبه لنفسه، وهب<br />
حياته لإلِّسالم، وجاهد لنشره، وتفانی في هداية الناس استجابة لقول الرسول الكريم )يا علی لئن يهدي هللا بك رج ًال<br />
خير لك مما تطلع عليه الشمس(. دأب علی هداية الناس، في المواقف الحرجة وتحت األسنة، كان يدعو أخصامه<br />
إلی اإلِّ سالم ويأنف من قتلهم كان يتمنی لو اهتدوا إشفاقًا عليهم. ألن قتلهم علی يد اإلمام يذهب بهم إلی النار،<br />
فيخسرون الحياة الدنيا واآلخرة. أكد فكرته فی مناسبات مختلفة )وهللا ما دفعت الحرب يومًا إال وأنا أطمع أن تلحق<br />
بي طائفة، فتهتدي بي، وتعشوا إلی ضوئی وذلك أحب إلي من أن أقتلها علی ضاللها(. أية إنسانية تتضوع من هذه<br />
العبارات، إنسانية تحب الخير لألعداء، وتضن بدمائهم، وترأف بهم أن يموتوا علی ضاللتهم. لذلك لجأ إلی الوسائل<br />
السلمية والمفاوضات، وبعث الرسل حقنًا لدماء المسلمين وأبی األعداد الحرب إبان تبادل الرسل لرأب الصدع،<br />
وإقامة الحجة والجنوح للسلم .)المصدر السابق ص<br />
و317( 316<br />
من مظاهر السلمية لإلمام أمير المؤمنين )ع(<br />
في القضاء<br />
مظهر آخر من مظاهر السلمية لإلمام أمير المؤمنين )ع(، عندما قام أحد المسلمين بالسرقة و جيء به إلى أمير<br />
المؤمنين<br />
)ع( لينفذ فيه حكم هللا، سأله قائالً : كم تحفظ من القرآن؟ فقرأ آية قرآنية. فقال علي )ع(: )قد وهبت يدك بسورة<br />
البقرة(<br />
يجب أن أقطع يدك ولكني عفوت عنك بسورة البقرة؛ هذا االمتياز ليس بغير محله، هذا االمتياز بسبب سورة البقرة<br />
و القرآن.<br />
أمير المؤمنين ومن خالل مالحظة األصول والقيم والمعايير، ذلك المكان ذلك هو الشخص الذي تمرس الفسق<br />
والفجور .<br />
20
بسبب فسقه وفجوره يضربه الحد الشرعي، وال يحابي مهما كانت عالقته بهذا الشخص، أما هنا فمن أجل القرآن<br />
يصرف النظر عن حد السرقة. هذا هو أمير المؤمنين، يعني يتحرك %100 على أساس المعايير والقيم اإللهية<br />
و ليس شيئًا آخر.<br />
)اإلمام علي في فكر الخامئي ص 37(<br />
–<br />
سلميته في الحروب المفروضة عليه<br />
أ- علي ( ع ) في يوم الجمل: عندما صار النصر والظفر يوم الجمل حليف اإلمام علي )ع( وجيء لعائشة،<br />
جاء علي فقرع الهودج برمحه وقال: يا شقيراء بهذا أوصاك رسول هللا؟ فقلت عائشة: يا ابن أبي طالب ملكت<br />
فاصفح وظفرت فاسجح.<br />
فقال أمير المؤمنين وهللا ما أدري متى أشتفي غيظي؟ أحين أقدر على االنتقام فيقال لي: لو عفوت أم حين أعجز من<br />
االنتقام فيقال لي: لو صبرت!! بلى أصبر فإن لكل شيء زكاة، وزكاة القدرة والمكنة: العفو والصفح. ثم التفت )عليه<br />
السالم( إلى محمد بن أبي بكر وقال: شأنك بأختك فال يدنو منها أحد سواك. )اإلمام علي من المهد إلى اللحد ص<br />
)272<br />
ب<br />
ج<br />
–<br />
–<br />
يعلمنا عليه السالم درسًا في غاية السلمية في التعامل مع الخصم.<br />
سلميته في صفين.<br />
قصته مع غالمه الذي لم يحبه: دعا اإلمام غالمًا له مرارً ا فلم يجبه فخرج فوجده على باب البيت فقال: ما<br />
حملك على ترك إجابتي؟ قال : كسلت عن إجابتك وأمنت عقوبتك . فقال )ع(: الحمد هلل الذي جعلني ممن يأمن خلقه<br />
امض فأنت حر لوجه هللا.<br />
االرتفاع إلى مستوى علي في مثل هذه الظروف:<br />
علينا أن نرتفع إلى مستوى موقف علي )ع( الذي رأى أن المصلحة اإلسالمية تفرض عليه أن يعاون الذين تقدموه<br />
بالنصح و المشورة و الرعاية ال تنازالً عن حقه، ألنه ال يملك أن يتنازل عنه ولكن )ألسلمن ما سلمت أمور<br />
المسلمين و لم يكن بها جور إال علي خاصة( وقوله في كتابه ألهل مصر، وعليكم أن تتذكروه دائمًا لتعرفوا كيف<br />
21
يعلمنا علي )ع( إذا وقفنا بين مصلحة اإلسالم العليا وبين خصوصياتنا وال أقول نلغيها، وأن نراعي المصلحة<br />
اإلسالمية العليا )فما راعني إال انثيال الناس على )فالن( يبايعونه فأمسكت يدي( أي وقفت حياديًا )حتى إذا رأيت<br />
راجعة الناس قد رجعت عن اإلسالم يريدون محق دين محمد )ص( فخشيت إن أنا لن أنصر اإلسالم و أهله أن<br />
أرى فيه ثلمًا أو هدمًا تكون المصيبة به علي( الحظوا كلمة )المصيبة( )أعظم من فوت واليتكم هذه التي هي متاع<br />
أيام قالئل يزول منها مازال كما يزول السراب و كما ينقشع السحاب فنهضت حتى زاح الباطل و زهق و اطمأن<br />
الدين و تنهنه(.<br />
علي) ع ) في فدك: علي )ع( لم يطالب بفدك على الرغم من أنها حقًا لفاطمة )ع( وقال: )ما أصنع بفدك وغير فدك<br />
والنفس مظانها في غد جدث؟( كان يفكر باإلسالم ال يفكر في نفسه، كان يعطيهم الرأى والمشورة على الرغم من<br />
أنهم سلبوا حقه في الخالفة، فهذا هو علي )ع( لقد نصر اإلسالم بسيفه كما نصره بعقله وفكره، ونصر اإلسالم<br />
ببصره ووعيه وانفتاحه، فال تستغرقوا في داخل أنفسكم وفي داخل عصبياتكم و لكن انظروا إلى اآلفاق التي<br />
تعيشون في داخلها ومتى تنطلق العواصف ومتى ينطلق النسيم العليل، لذلك حاذروا أن تضيفوا عاصفةً إلى<br />
العواصف التي تريد أن تجتاحنا، ال تضيفوا زلزاالً عصبيًا يضاف إلى الزالزل التي تهز األرض من تحت أقدامنا،<br />
علينا أن نصبر كما صبر الرسول )ص( وأن نصبر كما صبر علي )ع( وكما صبر الحسن والحسين واألئمة )ع( و<br />
كما صبر إمامنا )عج( في هذه الغيبة الطويلة، ولنكن الصابرين الواعين المنفتحين، ولنكن كما جاء في الحديث )ال<br />
يقدم رجالً وال يؤخر أخرى حتى يعلم أن ذلك هلل رضًا( فال تفكروا برضا عصبياتكم ولكن فكروا برضا ربكم و<br />
إيمانكم وإسالمكم )ورضوان من هللا أكبر(.<br />
الندوة الجزء 3 ص<br />
143<br />
ثانيًا: السلمية في نهج السيدة الزهراء )ع(<br />
حين صادرت السلطة فدك وجعلتها في ميزانية الدولة لتضعيف جانب أهل البيت )ع( عن طريق الضغط<br />
االقتصادي. وخرجت السيدة تطالب بفدك، فهي لم تذهب إلى دار األول ليقع الحوار بينها وبينه فقط، بل اختارت<br />
المكان األنسب وهو المركز اإلسالمي يوم ذاك ومجمع المسلمين وهو المسجد، و اختارت الزمان المناسب ليكون<br />
22
-1<br />
-2<br />
المسجد غاصًا بالناس على اختالف طبقاتهم من المهاجرين واألنصار، وخرجت في جماعة من النساء و كأنها في<br />
مسيرة نسائية وعلقوا سترً ا لتجلس في المسجد.<br />
خطبت خطبة ارتجالية منظمة منسقة بعيدة عن االضطراب في الكالم، و منزهة عن المغالطة والمراوغة والتهريج<br />
والتشنيع، عن كل ما ال يالئم شخصيتها وعظمتها الفذة ومكانتها السامية. تدل خطبتها على جانب عظيم من ثقافتها<br />
الدينية التي كانت تتمتع بها عليها السالم وعلى أخالقها العالية في مواجهة الخصم. كانت السيدة عليها السالم مسلحة<br />
بسالح الحجة الواضحة والبرهان القاطع والدليل المقنع لما لها من الفصاحة والبالغة وحالوة البيان وعذوبة<br />
المنطق وقوة الحجة ومتانة الدليل وتنسيق الكالم والتركيز على الهدف وتنوع البحث.<br />
و أهم ما نستفيده من وراء دور السيدة عليها السالم اآلتي:<br />
األسلوب السلمي الحضاري الذي است<strong>عمل</strong>ته عليها السالم وهو أسلوب الحوار فهي ابنة القرآن، سواء في<br />
مطالبتها بفدك أو بالخالفة والوالية الكبرى لزوجها، و هو أسلوب العظماء األقوياء المثقفين الكبار. ولم تلجأ إلى<br />
أسلوب العنف والقوة بأن أخذت رجال من بني هاشم والمؤيدين لها و استولوا على فدك بالقوة وطردوا عمال<br />
الدولة.<br />
بعد ما تحدث عن مسألة فدك طافت على المهاجرين واألنصار لتذكرهم بحق علي عليه السالم ثم جمعت<br />
نساء المهاجرين واألنصار في بيتها، وتحدثت إليهم حديثا قاسيا عن أزواجهن، ثم أوصت أن تدفن ليال كجزء من<br />
االحتجاج.<br />
و ينقل عنها أنها كانت تتحدث مع علي عليه السالم في حقه عن الخالفة، و في حقها من فدك، ولكنها وجدت أن<br />
الموقف العام ال يتحمل أكثر مما صنعت، و مما صنع اإلمام علي عليه السالم من خالل اإلعالن عن حقهما<br />
اإلسالمي أمام المسلمين، قررت عليها السالم السكوت، لكنه ليس السكوت السلبي المهزوم عن حقها، إنما سكتت<br />
لتعبر عن موقفها الرافض و لقد أدركت األمة المعنى الكبير لسكوت الزهراء عليها السالم، مما اضطر الخليفتان أن<br />
يأتيا إليها تحت تأثير الضغط االجتماعي ليسترضياها.<br />
-3<br />
كانت الزهراء عليها لسالم ال تعيش االنفعاالت كما كان علي عليه السالم ال يعيش االنفعاالت، كان علي<br />
مخلص لإلسالم ألنه جعل كل حياته هلل و لإلسالم، و كانت فاطمة مخلصة لإلسالم ألن حياتها كانت في خدمة<br />
رسول اإلسالم وفي خدمة اإلسالم ولهذا فإنهما وازنا المرحلة ووازنا الموقف ولم يتحركا من خالل االنفعاالت.<br />
23
ما نتوصل إليه هو التالي: إن قضية أن تطالب بحقك ليست قضية مطلقة، بل هي من القضايا التي تحتاج فيها أن<br />
تدرس طبيعة المشاكل التي يمكن أن تثيرها مطالبتك بحقك، أو المشاكل التي تحدث من خالل عدم مطالبتك بحقك،<br />
فال يكفي أن يكون لك حق لتحارب من أجله، بل ال بد أن تختار الوقت الذي تطالب فيه بحقك، وأنت تختار الساحة<br />
التي تحرك حقك فيها، وأن تدرس الظروف المحيطة التي يمكن لها أن تستقبل حقك.<br />
\ الندوة ج 2<br />
فاطمة من المهد إلى اللحد<br />
\<br />
في رحاب أهل البيت<br />
بتصرف \<br />
ثالثًا: السِّلمية في نهج اإلمامين الباقر والصادق عليهما السالم<br />
24
- 1<br />
- أ<br />
المتتبع لحراك اإلمامين الهمامين محمد الباقر وجعفر الصادق عليهما السالم يكتشف أنهما عليهما السالم قارعا<br />
حكام عصرهما الجائرين باستخدام األسلوب السِّلمي وحققا ضدهم أروع صور النصر والظفر، فاألئمة عليهم السالم<br />
قاوموا وواجهوا أنظمة أزمنتهم الجائرة بأساليب متعددة ولم يوجد إمام من األئمة قعد أو سكت عن الظلم والطغيان،<br />
"فالدين اإلسالمي ال يجيز ليس فقط لإلمام المعصوم بمقامه الشامخ ومسؤوليته العظمى بل حتى للمؤمن الصادق<br />
اإليمان أن يتوافق مع نظام الظلم والجور القائم، ويكي ف نفسه بحيث يخنع ويرضى بذلك الواقع الفاسد بل يجب عليه<br />
مطلقًا أن يقاوم.<br />
نعم التفاوت يقع في شكل المقاومة، فمرة تكون علنية وبالسيف والدم والنار، ومرة تكون وفيها ما فيها من ضرب<br />
الطرف المقابل على أم رأسه وتمريغ أنفه في التراب وصرف الناس من حواليه وسوق قوى المجتمع ضده ولكن<br />
بصورة مستترة وخفية )منهج التقية(، ومن دون سل السيوف وإراقة الدماء.<br />
وسبب ذلك أن مقتضيات الزمان لها تأثير في بلورة شكل المقاومة، ولكن يجب االلتفات إلى هذه النقطة وهي أن<br />
مقتضيات الزمان ال يمكن أن يكون لها من التأثير بحيث أنها تمنع التوافق مع الظلم في زمان وتجيزه في زمان<br />
آخر، كال، فإن التوافق مع الظلم ال يجوز في أي زمان وأي مكان وبأي صورة من الصور، وتأريخ األئمة عمومًا<br />
يحكي عن حالة المقاومة المستمرة التي كانوا يعيشونها.<br />
وعندما تذكر المقاومة في جو التقية فليس المقصود منها السكون وانعدام التحرك، واالكتفاء بالمعارضة القلبية،<br />
فالتقية هي: "تجنب بطش السلطات الظالمة وذلك عن طريق المقاومة الخفية، والدفاع المستتر عن النفس" وبتعبير<br />
آخر: التقية اتخاذ درع واقية من أجل توجيه أشد الضربات إلى العدو، وتلقي أقل ما يمكن من ضرباته، وليست<br />
التقية رفع اليد عن المقاومة كال وحاشا" .<br />
وقد تعددت مظاهر األسلوب السلمي ووسائله وأدواته عند اإلمامين عليهما السالم، فما هي أبرز معالم السلمية عند<br />
اإلمامين الباقر والصادق عليهما السالم هذا ما سنتناوله في هذا المحور:<br />
استخدام أسلوب كلمة الحق في محافل الحكام الظالمين ومجالسهم، وكلمة الحق واحدة من أبلغ وسائل الجهاد<br />
ولكن بأسلوب سلمي راق، ورد عن رسول هللا صلى هللا عليه وآله أنه قال: "أعظم الجهاد كلمة حق عند سلطان<br />
جائر"، وفي حياة اإلماميين الباقرين عليهما السالم أمثلة عديدة لهذا النوع السلمي من الجهاد والمقاومة نذكر منها:<br />
"أحضر هشام بن عبد الملك اإلمام محمد الباقر عليه السالم إلى مجلسه في الشام، وأملى على حاشيته طريقة<br />
مواجهة اإلمام عليه السالم لدى وروده، وهي أن يبتدئ الخليفة بإلقاء سيول التهم على اإلمام عليه السالم ثم تليه<br />
حاشيته، وكان يستهدف من ذلك أمرين، أولهما: إضعاف معنويات اإلمام عليه السالم وخلق حالة من االنهيار<br />
النفسي فيه، والثاني: محاولة إدانة االمام عليه السالم في مجلس يضم زعيمي الجبهتين )جبهة الخالفة وجبهة<br />
25
– ب<br />
– 2<br />
– 3<br />
اإلمامة(، ثم نقل هذه اإلدانة عن طريق أبواق البالط كالخطباء ووعاظ السالطين والجواسيس وبذلك يسجل لنفسه<br />
انتصارً ا على خصمه.<br />
يدخل اإلمام عليه السالم مجلس الخليفة، وخالفًا لما اعتاده الداخلون من السالم على الخليفة بإمرة المسلمين، يتوجه<br />
إلى كل الحاضرين، ويشير إليهم جميعًا ويقول: "السالم عليكم"، ودون أن ينتظر اإلذن بالجلوس يأخذ مكانه في<br />
المجلس، وهذا الموقف من اإلمام عليه السالم أضرم نار الحسد والحقد في قلب هشام، فبدأ هشام على الفور يقول<br />
لإلمام عليه السالم: " يا محمد بن علي ال يزال الرجل منكم قد شق عصا المسلمين ودعا إلى نفسه وزعم أنه اإلمام<br />
سفهًا وقلة علم" واستمر يوبخ اإلمام عليه السالم.<br />
وبعد هشام أخذ أفراد بطانته يرددون مثل هذه التهم والتوبيخ، واإلمام عليه السالم ساكت في كل هذه المدة ومطرق<br />
بوقار ينتظر فرصة اإلجابة، وحين أفرغت البطانة ما في كنانتها وخيم السكوت على المجلس نهض اإلمام عليه<br />
السالم وتوجه إلى الحاضرين وبعد أن حمد هللا وأثنى عليه وصلى على نبيه، خاطب المجلس بعبارات قصيرة<br />
قارعة بين تفاهة هذه البطانة وانقيادها البهيمي كما بين فيها مكانة أهل البيت عليهم السالم وفق معايير إسالمية،<br />
واستخف بكل ما يحيط بالخليفة وحاشيته من هيل وهيلمان ومكانة وسلطان، فقال عليه السالم: "أيها الناس! أين<br />
تذهبون؟ وأين يراد بكم؟ بنا هدى هللا أولكم، وبنا يختم آخركم، فإن يكن لكم ملك معج ل، فإن لنا ملكًا مؤجالً ، وليس<br />
بعد ملكنا ملك، ألنا أهل العاقبة. يقول هللا عز وجل: والعاقبة للمتقين"<br />
في رواية أن اإلمام الباقر والصادق عليهما السالم حجا بيت هللا حتى إذا بلغا المسجد الحرام، واأللوف من<br />
الناس محتشدين في المسجد، وبحضور هشام بن عبد الملك، وقف اإلمام الصادق عليه السالم وبمحضر من أبيه<br />
عليه السالم يوضح لهم المفهوم الشيعي عن أهل البيت ويقول لهم بكل صراحة، بأنهم هم الذين يتمتعون بهذه<br />
الصفات والخصوصيات، وهم أصحاب الزعامة الروحية واالجتماعية في المجتمع وهم وارثوه الحقيقيون، فقال<br />
عليه السالم رافعًا عقيرته: "الحمد هلل الذي بعث محمدًا بالحق نبيًا، وأكرمنا به، فنحن صفوة هللا على خلقه، وخيرته<br />
من عباده، فالسعيد من تبعنا، والشقي من عادانا وخالفنا".<br />
استخدام حلقات الدروس والتعليم كوسيلة للمعارضة، وهذا األمر ظهر بوضوح في حركة اإلمام الصادق عليه<br />
السالم العلمية فكما هو معلوم فإن العلوم الفقهية والفكرية التي يلقيها اإلمام الصادق عليه السالم تختلف عما كان<br />
ينشره الفقهاء والعلماء التابعيين للجهاز الحاكم وهذا االختالف لم يكن اختالفًا فكريًا عقائديًا فحسب، بل كان اختالفًا<br />
يعبر عن محتوى هجومي معارض ولكن بأسلوب سلمي محض.<br />
رفض الثورات التي تقوم على أساس المصالح الشخصية وإعالن البراءة منها، وأبرز ما نقله التاريخ في ذلك<br />
هو موقف اإلمام جعفر الصادق عليه السالم حين رفض رفضًا قاطعًا المشاركة في الثورة التي نشبت إلسقاط الحكم<br />
األموي والتي قادها العباسيون<br />
26
الخاتمة<br />
كان المستضعفون في األرض وال سيما اتباع أهل البيت )ع( يتعرضون للضغط واالضطهاد وما زالوا كذلك. ولذا<br />
فإن تاريخهم مليء بالضحايا والشهداء الذين يقتلون ويطاردون، ولقد كان مذهب التشيع وال يزال هدفا لألقالم<br />
المسمومة والقنوات اإلعالمية المشبوهة في كل عصر فضالً عن الحكومات الجائرة. وباإلضافة إلى الفتاوى التي<br />
صدرت من فقهاء السوء التي تحكم بإهدار دماء الشيعة و إباحة أموالهم وأعراضهم ونسبت إليهم الكفر والشرك<br />
والعديد من االفتراءات واألكاذيب.<br />
وأدى ذلك إلى إحراق مكتباتهم وهدم مساجدهم وهتك حرماتهم وتشريدهم عن أوطانهم وقطع أخبارهم وآثارهم. وما<br />
زال الضغط والرقابة المشددة وكل مظاهر سوء المعاملة على مطبوعاتهم ومجالسهم الحسينية ومدارسهم<br />
ومساجدهم ومكتباتهم وشخصياتهم.<br />
إال أن أملهم متعلق بالسالم العالمي المنشود، بمن تخضع له جميع الدول والشعوب في العالم وتنقاد له كافة الملل<br />
والنحل بمن له إشراف على العالم وإحاطة بالعباد والبالد أال وهو المرتقب الموعود اإلمام محمد ابن الحسن القائم<br />
المؤمل )عج(.<br />
فأول موقف له عليه السالم بعد ظهوره من الغيبة نقال من بحار األنوار ج 52، روي عن اإلمام محمد الباقر )ع(<br />
حول القائم )ع( بأنه وبعد أن يسند ظهره إلى البيت الحرام مستجيرً ا به ينادي: )يا أيها الناس إنا نستنصر هللا ومن<br />
أجابنا من الناس فأنا أهل بيت نبيكم محمد )ص( و نحن أولى الناس باهلل وبمحمد )ص( وأسألكم بحق هللا وحق<br />
رسوله و بحقي فإن لي عليكم حق القربى من رسول هللا )ص( إال أعنتمونا و منعتمونا ممن ظلمنا فقد أخفنا وظلمنا<br />
و طردنا من ديارنا وأبنائنا و بغي علينا ودفعنا عن حقنا وافترى أهل الباطل علينا، فاهلل هللا فينا ال تخذلونا<br />
وانصرونا ينصركم هللا...(<br />
)الحسين والمهدي أوجه االرتباط و الشبه بين اإلمامين ص 254(<br />
فمما ال شك فيه أن في عصر اإلمام المهدي )ع( تزول عن الناس جميع المخاوف ويسود األمن واألمان جميع الكرة<br />
األرضية ويعيش البشر في جو من السالم واالطمئنان والراحة وهدوء البال. ألن اإليمان حينما يتركز في القولب<br />
على أثر المناهج التربوية التي يطبقها اإلمام في المجتمع بذلك تنتفي الجرائم التي تقع بسبب ضعف اإليمان.<br />
باإلضافة إلى أن الناس يصلون إلى مراتب عالية من التكامل وعلو النفس والشرف بحيث يجلون أنفسهم ويترفعون<br />
عن ارتكاب الجريمة. وأن األمن واألمان في عصره عليه السالم ال يختص بالبشر بل يشمل الحيوان حتى فيما<br />
بينها، فاإلنسان ال يخاف من الحيوان والحيوانات الضعيفة ال تخشى الحيوانات القوية ويسود بينهما روح التآلف.<br />
27
و أخيرا قيام دولته عليه السالم على أساس العدل، قال اإلمام الباقر عليه السالم )إذا قام قائم أهل البيت عليهم السالم<br />
قسم بالسوية وعدل بالرعية( فال يتحقق السالم واألمن بين الناس إال إذا تحقق العدل وهي السياسة الربانية التي<br />
تخلق بها أهل البيت عليهم السالم ومنهم قائمهم المهدي الذي ينشر العدل في أرجاء المعمورة، وورد عن اإلمام<br />
علي)ع( )خير السياسات العدل(.<br />
)جولة في حكومة اإلمام المهدي للشيخ نجم الدين الطبسي(<br />
عن اإلمام الرضا )ع( أنه قال )إذا خرج أشرقت األرض بنور ربها و وضع الميزان بالعدل بين الناس فال يظلم<br />
أحد أحدا(، وعن اإلمام الباقر أنه قال: )إذا قام قائم أهل البيت قسم بالسوية وعدل بالرعية(، عن أمير المؤمنين<br />
)ع(: )ولو قد قام قائمنا .... واصطلحت السباع والبهائم حتى تمشي المرأة بين العراق والشام و ال يهيجها السبع وال<br />
تخافه(، وعنه أيضًا )ويستقيم أمره ويحكم بين الناس حتى ترعى الشاة مع الذئب في مرعاة واحد و تلعب الصبيان<br />
والعقرب وال يضرهم ويذهب الشر ويبقى الخير(. قال اإلمام الباقر عليه السالم في حديثه عن األمن واألمان في<br />
عصر اإلمام المهدي عليه السالم: )وتخرج العجوز الضعيفة من المشرق تريد المغرب ال يؤذيها أحد...(. وقال<br />
اإلمام الباقر )ع( )ويعطي الناس عطايا مرتين في السنة، ويرزقهم في الشهر رزقين و يسوي بين الناس حتى ال<br />
ترى محتاجا إلى زكاة(، وعن اإلمام الصادق )... وتطول األعمار وتحمل األشجار وتضاعف البركات(، و أخيرا<br />
عن رسول هللا )ص( )أذا كان خروج القائم ... فعند ذلك تفرح الطيور... يمد األنهار... وتفيض العيون وتنبت<br />
األرض ضعف أكلها(.<br />
)الحسين والمهدي ص<br />
224 و 225 و 226<br />
بتصرف(<br />
والحمد هلل رب العالمين<br />
28
29
ِ<br />
ِ<br />
ِ<br />
الحضور<br />
في المسلمة للمرأة السّ ِياسي<br />
إعداد: األستاذة رملة عبد الحميد حسين<br />
البحرين<br />
السيرة الذاتية لمقدمة ورقة " الحضور السّ ِياسي للمرأة المسلمة في البحرين<br />
األستاذة رملة عبد الحميد حسين<br />
االسم: رملة عبد الحميد عبد رب النبي حسين )690005296(.<br />
المؤهالت الدراسية:<br />
"<br />
–<br />
•<br />
•<br />
•<br />
•<br />
حاصلة على شهادة الثانوية العامة بالقسم العلمي من مدرسة الحد الثانوية للبنات بالبحرين عام 1988م.<br />
حاصلة على درجة البكالوريوس آداب في التاريخ من جامعةة الملةك سةعود بالريةاض، بتقةدير امتيةاز مةع<br />
مرتبة الشرف عام 1992م.<br />
حاصلة على دبلوم عال في التربية من جامعة البحرين بامتياز مع مرتبة الشرف عام 1994م.<br />
حاصلة على درجة الماجستير تاريخ من جامعة الكويت بامتياز 2006م بأطروحةة بعنةوان "البحةرين مةا<br />
بين م دراسة لَلوضاع السّياسية والثقافية واالجتماعية واالقتصادية".<br />
دبلوم التنمية السّياسية من معهد التنمية السّياسية البحرين عام 2007م.<br />
1939 -1919<br />
•<br />
الخبرات ال<strong>عمل</strong>ية:<br />
1994-1<br />
2000-2<br />
- 2000م <strong>عمل</strong>ت معلمة تاريخ بمدرسة الحد الثانوية للبنات.<br />
- 2002م تفرَّ غةةت مةةن العمةةل، وذلةةك لدراسةةة الماجسةةتير بكليةةة الدراسةةات العليةةا بجامعةةة الكويةةت فةةي<br />
برنامج التاريخ.<br />
– 2008م المعلمة األولى للمواد االجتماعية واإلنسانية في مدرسة جد حفص الثانوية للبنات.<br />
- 2010م اختصاصية مناهج تاريخ وتربية للمواطنة للمرحلة الثانوية بإدارة المناهج.<br />
مايو 2011م مديرة مساعدة بمدرسة الحد اإلعدادية الثانوية للبنات.<br />
6-مايو اكتوبر011 2م توقيف عن ال<strong>عمل</strong>.<br />
2003-3<br />
2008-4<br />
- 2010-5<br />
-<br />
30
م2 أ-<br />
ِ<br />
ِ<br />
ِ<br />
كتوبر011 -<br />
العودة إلى الوزارة دون <strong>عمل</strong> وتحت مسمى وظيفي "متدرب".<br />
7<br />
االهتمامات واألنشطة االجتماعية:<br />
-2004 2006م /<br />
2004<br />
•<br />
عضةو فةةي جمعيةة الوفةاق الةةوطني اإلسةالمية م : عضةةو فةي الةةدائرة السّياسةةية<br />
رئيسة دائرة شؤون المرأة 2008م / أمين سر شورى الوفاق -2010م / عضةو شةورى<br />
الوفاق<br />
االنخراط في ال<strong>عمل</strong> اإلسالمي في قرية الدير منذ عشرين عامًا، ورئيسية مشروع ألف امرأة لبنةاء مركةز<br />
إسالمي ثقافي لنساء وأطفال القرية.<br />
من مؤسّسي جمعية الهدى اإلسالمية بقرية الدير.<br />
من مؤسّسي صندوق الدير الخيري )جمعيةة الةدير الخيريةة حاليًةا( ورئيسةة اللجنةة اإلعالميةة فةي الةدورة<br />
الحالية.<br />
عضو لجنة <strong>المؤتمر</strong>ات باإلدارة النسوية بالمجلس العلمائي.<br />
كاتبة في صحيفة الوسط البحرينية )مقال أسبوعي- كل أربعاء- في صفحة قضايا(.<br />
رئيسة اللجنة النسائية لمرشحي الوفاق في الدائرة <strong>السادس</strong>ة )الدير وسماهيج( في المحرق.<br />
المشاركة بتقديم العديد من ورش ال<strong>عمل</strong> في مختلف المدارس والمؤسَّسات والمراكةز الدينيةة واالجتماعيةة<br />
في البحرين.<br />
تقديم <strong>أوراق</strong> <strong>عمل</strong> في <strong>المؤتمر</strong>ات داخل وخارج البحرين<br />
2008<br />
- 2006<br />
- 2010 2012م.<br />
•<br />
•<br />
•<br />
•<br />
•<br />
•<br />
•<br />
•<br />
31
ن﴿إِ<br />
ِ<br />
ِ<br />
كذل<br />
الحضور السّ ِياسي للمرأة المسلمة في البحرين<br />
إعداد:<br />
األستاذة رملة عبد الحميد حسين<br />
للمرأة القرآني الخطاب أوَّ الً :<br />
ِ ه<br />
لم يكن خطاب القرآن الكريم موجَّه لفئة واحدة محددة، بل شمل أصنافًا متعدّ ِدة من المخاطهبين، ففي كلّ موضع<br />
وقضية يوجّ خطابه لصنف من الناس، إذ لكلّ خطاب هدف ومقصد، فهناك خطاب موجَّه للناس عامَّة كقوله تعالي:<br />
يهشهأْ يُذْهِبْكُ ْم أهيُّهها النَّا ُس وه يهأْ ِت بِآخهرِ ي هن وه كها هن هللاُ عهلهى ذهلِ هك قهدِيرً ا﴾. )13(<br />
وهناك خطاب موجَّه لَلنبياء والمرسلين )عليهم السالم(، ومن ذلك قوله )عزَّ وج َّل( في شأن نبي هللا نوح )عليه<br />
وقوله سبحانه<br />
السَّالم(: ﴿وه نهادهى نُو ٌح رَّ بَّهُ فهقها هل ره بِّ إِ َّن ابُنِي مِ ْن أههْلِي وه إِ َّن وه عْده هك الْحه ُّق وه أهن هت أهحْكه ُم<br />
وتعالى في شأن نبي هللا عيسى )عليه السَّالم(: ﴿إِذْ قها هل هللاُ يها عِيسى ابْ هن مهرْ يه هم اذْكُ ْر نِعْمهتِي عهلهيْ هك وه عهلهى وه الِدهتِ هك إِ ْذ<br />
أهيَّدتُّ هك بِرُ وحِ الْقُدُ ِس تُ هكلّ النَّا هس فِي الْمههْ ِد وه كههْالً وه إِ ْذ عهلَّمْتُ هك الْكِتها هب وه الْحِ كْمهةه وه التَّوْ ره اةه وه اإلِنجِ ي هل وه إِ ْذ تهخْلُ ُق مِ هن الطّ ِي ِن<br />
كهههيْئهةِ الطَّيْ ِر بِإِذْنِي فهتهنفُ ُخ فِيهها فهتهكُو ُن طهيْرً ا بِإِذْنِي وه تُبْرِ ى ُء األهكْمههه وه األهبْره هص بِإِذْنِي وه إِ ْذ تُخْرِ ُج الْمهوتهى بِإِذْنِي وه إِ ْذ كهفهفْ ُت<br />
بهنِي إِسْره ائِي هل عهن هك إِ ْذ جِ ئْتههُ ْم بِالْبهيّ ِنها ِت فهقها هل الَّذِي هن كهفهرُ واْ مِنْهُ ْم إِ ْن ههذها إِالَّ سِحْ ٌر وقوله تعالى في شأن النَّبيِّ<br />
محمَّد )صلَّى هللا عليْه وآله وسلَّم(: ﴿يها أهيُّهها الرَّ سُو ُل بهلّ مها أُنزِ هل إِلهيْ هك مِن رَّ بّ وه إِن لَّ ْم تهفْعه ْل فهمها بهلَّغْ هت رِ سهالهتههُ وه هللاُ<br />
يهعْصِ مُ هك مِ هن النَّا ِس إِ َّن هللاه اله يههْدِي الْقهوْ هم الْكهافِرِ ي هن﴾. )16(<br />
كما أ َّن هناك خطابًا للمؤمنين والصالحين، ويتضح في قوله سبحانه وتعالى: ﴿يها أهيُّهها الَّذِي هن آمهنُواْ اسْتهعِينُواْ<br />
بِالصَّبْرِ وه الصَّالهةِ إِ َّن هللاه مه هع الصَّابِرِ ي هن﴾. )17(<br />
وخطاب القرآن الكريم ألهل الكتاب وغيرهم من المشركين في قول هللا )عزَّ وج َّل( في شأن أهل الكتاب: ﴿قُلْ يها أههْ هل<br />
الْكِتهابِ تهعهالهوْ اْ إِلهى كهلهمه ٍة سهوه اء بهيْنهنها وه بهيْنهكُ ْم أهالَّ نهعْبُده إِالَّ هللاه وه اله نُشْرِ هك بِ ِه شهيْئًا وه اله يهتَّخِ ذه بهعْضُنها بهعْضاً أهرْ بهابًا مّ ِن دُو ِن للاّ ِ<br />
)18(<br />
فهإِن تهوه لَّوْ اْ فهقُولُواْ اشْههدُواْ بِأهنَّا مُسْلِمُو هن﴾.<br />
وباستقراء الخطاب القرآني نجده يدعم المساواة بين النساء والرجال، فهناك ما ال يقل عن ثالثين آية في القرآن الكريم<br />
توضح ذلك منها: ﴿يها أهيُّهها النَّا ُس إِنَّا خهلهقْنهاكُم مّ ِن ذهكه ٍر وه أُنثهى وه جهعهلْنهاكُ ْم شُعُوبًا وه قهبهائِ هل لِتهعهاره فُوا إِ َّن أهكْره مهكُ ْم عِنده هللاِ أهتْقهاكُ ْم<br />
إِنَّ هللاه عهلِي ٌم وقوله تعالى: ﴿مهنْ عهمِ هل صهالِحًا مّ ِن ذهكه ٍر أه ْو أُنثهى وه هُ هو مُؤْ مِ ٌن فهلهنُحْيِيهنَّهُ حهيهاةً طهيّ ِبهةً وه لهنهجْزِ يهنَّهُ ْم<br />
أهجْره هُم بِأهحْسه ِن مها كهانُواْ لذا ذ َّم سبحانه االستهانة بأمر البنات أبلغ الذم، فقال تعالى: ﴿وه إِذها بُشّ أهحهدُهُ ْم<br />
بِاألُنثهى ظه َّل وه جْهُهُ مُسْوه دًّا وه هُ هو كهظِي ٌم * يهتهوه اره ى مِ هن الْقهوْ ِم مِن سُو ِء مها بُشّ بِ ِه أهيُمْسِكُهُ عهلهى هُو ٍن أه ْم يهدُسُّهُ فِي التُّره ا ِب أهاله<br />
سهاء مها ومن هنا نجد أنَّه ال يوجد مقياس للتَّفضيل لذهكه ٍر على أنثى، وال ألنثى على ذهكر إال بالتقوى كما<br />
ِ هر<br />
الْحهاكِمِي هن﴾ )14( ،<br />
مُّبِي ٌن﴾ )15( ،<br />
ِ هك<br />
ِ هر<br />
ِ ْغ<br />
يهعْمهلُو هن﴾ )20( ،<br />
ِ ُم<br />
خهبِي ٌر﴾ )19( ،<br />
يهحْكُمُو هن﴾ )21( ،<br />
-<br />
13<br />
14<br />
15<br />
16<br />
17<br />
18<br />
19<br />
20<br />
21<br />
سورة النساء:<br />
.133<br />
45. سورة هود: -<br />
-<br />
سورة المائدة:<br />
.110<br />
سورة المائدة: -<br />
.67<br />
سورة البقرة: -<br />
.153<br />
-<br />
سورة آل عمران:<br />
.64<br />
-<br />
-<br />
-<br />
سورة الحجرات:13.<br />
سورة النحل:97.<br />
سورة النحل:<br />
.58 - 59<br />
32
ِ<br />
ِ<br />
ِ دّ<br />
ِ جهالِ<br />
﴿<br />
ِ ِه<br />
ِ دّ<br />
*<br />
*<br />
رأينا في قوله )جلَّ وعال(: لّ ِلرّ نهصيِ ٌب مّ ِمَّا تهره هك الْوه الِدها ِن وه األهقْره بُو هن وه لِلنّ ِسهاء نهصِ ي ٌب مّ ِمَّا تهره هك الْوه الِدها ِن وه األهقْره بُو هن<br />
)22(<br />
مِمَّا قه َّل مِنْهُ أه ْو كهثُ هر نهصِ يبًا مَّفْرُ وضًا﴾.<br />
القرآن الكريم تعمَّد في إظهار المرأة بصورتها الواقعية دون تزييف أو إجحاف بحقّ ِها، فقد أظهر القدّ ِيسات<br />
والصّ ِيقات والمؤمنات، إذ أهجه َّل سارة، فهي تسمع صوت المالئكة عندما أخبروا إبراهيم )عليه السالم(، وبشَّروه<br />
بغالم، فقالت: ﴿قهالهتْ يها وه يْلهتهى أهأهلِدُ وه أهنهاْ عهجُو ٌز وه ههذها بهعْلِي شهيْخًا إِ َّن ههذها لهشهيْ ٌء عهجِ ي ٌب﴾ )23( ، فخاطبت المالئكة هذه<br />
المرأة وليس إبراهيم: ﴿قهالُواْ أهتهعْجهبِي هن مِ ْن أهمْ ِر هللاِ ره حْمه ُت هللاِ وه بهره كهاتُهُ عهلهيْ ُك ْم أههْ هل الْبهيْ ِت إِنَّهُ حهمِيدٌ مَّجِ يدٌ﴾. )24(<br />
كذلك األمر عندما يذكر أم موسى في القرآن الكريم، فترى اآلية الكريمة تخاطب تلك المرأة الجليلة بقوله تعالى:<br />
﴿وه أهوْ حهيْنها إِلهى أُمّ مُوسهى أه ْن أهرْ ضِ عِي ِه فهإِذها خِ فْ ِت عهلهيْ ِه فهأهلْقِي ِه فِي الْيهمّ وه هال تهخهافِي وه هال تهحْزه نِي إِنَّا ره ادُّوهُ إِلهيْ ِك وه جهاعِلُوهُ مِ هن<br />
الْمُرْ سهلِي هن﴾. )25(<br />
وفي القرآن الكريم حديث مريم )عليها السالم(، فعندما يأتي على ذِكرها يكون بعظمة منقطعة النَّظير، لقوله تعالى:<br />
﴿إِذْ قهاله ِت الْمهآلئِكهةُ يها مهرْ يه ُم إِ َّن هللاه يُبهشّ ِرُ ِك بِكهلِمه ٍة مّ ِنْهُ اسْمُهُ الْمهسِي ُح عِيسهى ابْ ُن مهرْ يه هم وه جِ يهًا فِي الدُّنْيها وه اآلخِ ره ةِ وه مِ هن<br />
الْمُقهرَّ بِي هن﴾ )26( ، ثم يقول القرآن الكريم في ذِكْرِ ه للصّ ِيقة فاطمة الزهراء )عليها السالم(: ﴿إِنَّا أهعْطهيْنها هك الْكهوْ ثه هر﴾. )27(<br />
وفي ذِكر السيدة حواء )عليها السالم( يؤكد القرآن الكريم على أن المسؤولية مشتركة بينها وبين آدم )عليه السالم(،<br />
وال تتحملها حواء )عليها السالم( وحدها كما تشيعه القراءات المسيحية، بل يتحمالنها معًا، ففي سورة البقرة يقول<br />
تعالى: ﴿وه قُلْنها يها آده ُم اسْكُ ْن أهن هت وه زه وْ جُ هك الْجهنَّةه وه كُاله مِنْهها ره غهداً حهيْ ُث شِئْتُمها وه اله تهقْره بها ههذِ ِه الشَّجهره ةه فهتهكُونها مِ هن الْظَّالِمِي هن<br />
فهأهزه لَّهُمها الشَّيْطها ُن عهنْهها فهأهخْره جههُمها مِمَّا كهانها فِي ِه وه قُلْنها اهْبِطُواْ بهعْضُكُ ْم لِبهعْ ٍض عهدُ ٌّو وه لهكُ ْم فِي األهرْ ِض مُسْتهقه ٌّر وه مهتها ٌع إِلهى<br />
حِ ينٍ فهتهلهقَّى آده ُم مِن رَّ بّ كهلِمها ٍت فهتها هب عهلهيْ ِه إِنَّهُ هُ هو التَّوَّ ا ُب الرَّ حِ ي ُم﴾. )28(<br />
ونالحظ أن األوامر والنواهي جاءت آلدم وحواء )عليهما السالم( بالتساوي، وجاءت بصيغة المثنى: وه كُاله ِمنْهها<br />
ره غهداً حهيْ ُث شِئْتُمها وه اله تهقْره بها ههذِ ِه الشَّجهره ةه فهتهكُونها مِ هن الْظَّالِمِي هن﴾.<br />
ونالحظ أ َّن الشيطان قد تسبب في إخراجهما معًا، وجاء حديث القرآن الكريم أيضًا بصيغة المثنى؛ ليؤكد أ َّن<br />
المسؤولية تلحق االثنين معًا: ﴿فهأهزه لَّهُمها الشَّيْ هطا ُن عهنْهها فهأهخْره جههُمها مِمَّا كهانها كما أنهما توجَّها للتَّوبة، بقوله تعالى في<br />
سورة األعراف: ﴿قهااله ره بَّنها ظهلهمْنها أهنفُسهنها وه إِن لَّ ْم تهغْفِ ْر لهنها وه تهرْ حهمْنها لهنهكُونه َّن مِ هن الْخهاسِرِ ي هن﴾ )29( ، في المقابل لم يُغفِل<br />
القرآن الكريم ذِكر المترفات من نساء مصر وأسوء النساء زوج لوط، وزوج نوح )عليهما السالم(: ﴿ضهره هب هللاُ مهثه ًال<br />
لّ ِلَّذِي هن كهفهرُ وا اِمْره أهةه نُوحٍ وه اِمْره أهةه لُو ٍط كهانهتها تهحْ هت عهبْدهيْ ِن مِ ْن عِبهادِنها صهالِحهيْ ِن فهخهانهتهاهُمها فهله ْم يُغْنِيها عهنْهُمها مِ هن هللاِ شهيْئًا وه قِي هل<br />
ادْخُ هال النَّا هر مه هع الدَّاخِ لِي هن﴾. (30(<br />
يرى بعض الكتاب أ َّن الخطاب القرآني وضع المرأة في المكاسب التي منحت للرجل كقوله تعالى: زُ يّ لِلنَّا ِس حُ ُّب<br />
الشَّههوه اتِ مِ هن النّ ِسهاء وه الْبهنِي هن وه الْقهنهاطِي ِر الْمُقهنطهره ةِ مِ هن الذَّهه ِب وه الْفِضَّ ِة وه الْخهيْ ِل الْمُسهوَّ مه ِة وه األهنْعها ِم وه الْحهرْ ِث ذهلِ هك مهتهاعُ<br />
الْحهيهاةِ الدُّنْيها وه هللاُ عِندههُ حُسْ ُن أو قوله تعالى: ﴿نِسهآؤُكُمْ حهرْ ٌث لَّكُ ْم فهأْتُواْ حهرْ ثهكُ ْم أهنَّى شِئْتُ ْم وه قهدّ ِمُواْ ألهنفُسِكُ ْم<br />
...﴿<br />
ِ هن<br />
﴿<br />
،﴾...<br />
الْمهآ ِب﴾ )31( ،<br />
-<br />
-<br />
22<br />
23<br />
24<br />
25<br />
26<br />
27<br />
سورة النساء:32.<br />
72. سورة هود:<br />
73. سورة هود: -<br />
-<br />
سورة القصص:<br />
.7<br />
-<br />
سورة آل عمران:<br />
سورة الكوثر:1.<br />
.46<br />
-<br />
-<br />
28<br />
29<br />
30<br />
وقد جاء في تفسير الميزان في تفسير للعالمة محمد حسين الطباطبائي: "والجملة ال تخلو من داللة على أن ولد فاطمة )عليها السالم( ذريته )صلَّى هللا عليه<br />
وآله وسلَّم(، وهذا في نفسه من مالحم القرآن الكريم، فقد كثَّر هللا تعالى نسله بعده كثرة ال يعادلهم فيها أي نسل آخر مع ما نزل عليهم من النوائب، وأفنى<br />
جموعهم من المقاتل الذريعة".<br />
سورة البقرة:<br />
.35-37<br />
-<br />
-<br />
سورة األعراف:23.<br />
سورة التحريم:10.<br />
أحمد صبحى منصور، الدين السياسي ونقد الفكر الديني، الحوار المتمدن، العدد:<br />
.13 / 1 / 2011 - 3245<br />
-<br />
31<br />
سورة االنعام:<br />
.14<br />
33
لقب<br />
ٍ<br />
ِ ِر<br />
وفي هذا تجنّ على الدّ ِين اإلسالمي، فاآلية المباركة األولى<br />
وه اتَّقُواْ هللاه وه اعْلهمُواْ أهنَّكُم مُّالهقُوهُ وه بهشّ<br />
بصدد تعداد ما يعشقه اإلنسان الذَّكر، ويصرفه عن الغاية التي خلق من أجلها، وال يعني أ َّن النساء من أجله خلقت،<br />
وقد وصف القرآن الكريم األوالد فهل أن ذلك إساءة لَلوالد، إنما تحذير لإلنسان من أ َّن حبه ألوالده قد<br />
يدعوه لتجاوز حدوده الشرعية.<br />
أمَّا اآلية الثانية، فهو للتشبيه بين المرأة واألرض في جانب اإلنتاج، وفي هذا السياق ال يعني تشبيه المرأة بالغزال<br />
والرجل باألسد على أنهم<br />
من هذا كله نجد أ َّن هناك مبادئ عامَّة وإجماليَّة في الخطاب القرآني للمرأة جميعها تؤكّ ِد على:<br />
القول بأ َّن المرأة كائن غير مرغوب فيه، أو شخص ضعيف بدون مسؤولية حقيقية تفرض اإلرادة واالختيار<br />
أمرً ا ال محل له في الفكر اإلسالمي.<br />
المرأة إنسان أن تكون أنثى.<br />
التكامل بين الجنسين ال يؤدي إلى التماثل المطلق بينهما في كل شيء.<br />
ليست العالقة بين المرأة والرجل عالقة صراع وقتال، إنما عالقة إنسانية تكاملية.<br />
التعبير بتفضيل بعضنا على بعض تكليف، وليس تشريفًا.<br />
الشريعة اإلسالمية ليست<br />
الْمُؤْمِنِي هن﴾ )32( ،<br />
بالفتنة )33( ،<br />
ذهكهرية. )35(<br />
بهائم. )34(<br />
-1<br />
-2<br />
-3<br />
-4<br />
-5<br />
-6<br />
للمرأة السّ ِياسيَّة الكفاءة ثانيًا:<br />
انطالقًا من قوله تعالى: ﴿وه الْمُؤْ مِنُو هن وه الْمُؤْ مِنها ُت بهعْضُهُ ْم أهوْ لِيهاء بهعْ ٍض يهأْمُرُ و هن بِالْمهعْرُ و ِف وه يهنْههوْ هن عه ِن الْمُنكه ِر وه يُقِيمُو هن<br />
الصَّالهةه وه يُؤْ تُو هن الزَّ كهاةه وه يُطِيعُو هن هللاه وه ره سُولههُ أُوْ لهئِ هك سهيهرْ حهمُهُ ُم هللاُ إِ َّن هللاه عهزِ ي ٌز ومن قول الرسول )صلَّى<br />
هللا عليه وآله(: "كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته" كانت المرأة المسلمة على مر التاريخ تكرس صورة إنسانية<br />
على قدر كبير من الوعي والتأثير، فقد ظهرت في كثير من المواقع مالكة لناصية نفسها، بليغة في حجتها، مؤثرة في<br />
حضورها، واعية بواقعها، فهي ال تسعى إلى اإلعالء من صورة المرأة في مقابل صورة الرجل، بل حفاظًا على<br />
كيان األسرة والمجتمع ساعية؛ من أجل حقها االجتماعي والسياسي والوجودي، ففي بيت النبوة ومعقل الرسالة نجد<br />
أم المؤمنين خديجة )عليها السالم( زوج الرَّ سول )صلَّى هللا عليه وآله( تجاهد بكل مالها في سبيل الرسالة، ثم بنت<br />
النبي الكريم فاطمة )عليها السالم( التي يرضى هللا لرضاها، ويغضب لغضبها تمَل الدنيا احتجاجًا، وتنزل للمسجد<br />
تخطب في الرجال قبل النساء، وهكذا عقيلة الطالبين زينب )عليها السالم( ودورها الخالد في ثورة كربالء والتي<br />
مازال صبرها يشحذ همم األباة، ويستلهم من عزيمتها األحرار، والسيدة فاطمة المعصومة )عليها السالم(، هي من<br />
قررت الرحيل من المدينة المنورة إلى مدينة قم المقدسة، وهي رحلة طويلة ببعدها الزمني والجغرافي وما يعتريها<br />
من صعوبات وإمكانية التعرض للخطر، ولم تكن )عليها السالم( امرأة في رحلة، بل هي من تمتلك عصا القيادة فيها.<br />
وكذلك األخريات من المؤمنات، فخولة بنت ثعلبة تجادل رسول هللا )صلَّى هللا عليه وآله( تلتمس ح ًّال ألمرها، وهنا<br />
يأتي أمر هللا تعالى في االستماع إلى حجتها وقبولها وفقًا لقوله تعالي: ﴿قهدْ سهمِ هع هللاُ قهوْ هل الَّتِي تُجهادِلُ هك فِي زه وْ جِ هها<br />
وه تهشْتهكِي إِلهى هللاِ وه هللاُ يهسْمه ُع تهحهاوُ ره كُمها إِ َّن هللاه سهمِي ٌع بهصِ ي ٌر﴾. )37(<br />
حهكِي ٌم﴾ )36( ،<br />
-<br />
32<br />
سورة البقرة:<br />
.223<br />
-<br />
-<br />
33<br />
34<br />
َأَنَّ هللاَ عِندَهُ أَجْ رٌ عَظِ يمٌ﴾. )األنفال:28(<br />
ْالَدُكُمْ فِتْنَةٌ و<br />
﴿وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَو<br />
الشيخ محمد صنقور، مقاالت حول حقوق المرأة، المنامة، إصدارات حوزة الهدى للدراسات اإلسالمية،207<br />
م، ص<br />
.211 -209<br />
35<br />
- صبحي صالح، معالم الشريعة اإلسالمية، بيوت، دار العلم للماليين، ص<br />
.404<br />
-<br />
36<br />
سورة التوبة:<br />
.71<br />
-<br />
37<br />
سورة المجادلة:<br />
.1<br />
34
ِ<br />
ولم يكن غائبًا عن ذاكرتنا المرأة التي جادلت الخليفة الثاني في عدم جواز تحديد صداق المرأة، إذ أبطلت قرار<br />
الخليفة، إذ حاجّته بالقرآن الكريم أعطاها حقًّا أرادت أن تتمسك به، فيقر لها بالصواب حين قال: »امرأة أصابت<br />
ورجل<br />
وكذلك تقف الدرامية الحهجونية مع معاوية بن أبي سفيان حين تبيّن له فساد حكمه وتأييدها الشديد لخصمه؛ ألنه حق<br />
إذ تقول له: »أحببت عليًّا على عهدله في الرَّ عية، وقسمه بالسوية، وعاديتك على سفكك الدماء، وجورك في القضاء،<br />
وحكمك<br />
هكذا كانت المرأة المسلمة حاضرة بفكرها ووعيها وحهراكها في حفظ المجتمع المسلم وبنائه، تمتلك الكفاءة في<br />
المواجهة والتحدي، ولها الحق في البيعة، وأخذ المواثيق، فالدولة في اإلسالم عقد بين الفرد والحكم الشرعي، وأن<br />
هذا العقد يستلزم التزامات معينة من الفرد مقابل قيام الدولة برعاية الفرد وحمايته.<br />
وبما أن المرأة فرد ومواطن في هذه األمَّة لزم أن تبايع وعليها ما على غيرها من المسؤولية وااللتزام وفقًا لما تشير<br />
إليه اآلية الكريمة: ﴿يها أهيُّهها النَّبِيُّ إِذها جهاءكه الْمُؤْ مِنهاتُ يُبهايِعْنهكه عهلهى أهن الَّ يُشْرِ كْنه بِاهللِ شهيْئًا وه اله يهسْرِ قْ هن وه اله يهزْ نِينه وه هال<br />
يهقْتُلْنه أهوْ اله دههُنَّ وه اله يهأْتِينه بِبُهْتهانٍ يهفْتهرِ ينه ُ بهيْنه أهيْدِيهِنَّ وه أهرْ جُلِهِنَّ وه اله يهعْصِ ينهكه فِي مهعْرُ وفٍ فهبهايِعْهُنَّ وه اسْتهغْفِرْ لههُنَّ هللاه إِ َّن<br />
هللاه غهفُورٌ رَّ حِ يمٌ﴾. )40(<br />
المرأة تمتلك المقدرة والكفاءة في إدارة الدولة وشؤونها السياسية، فلم يستنكر القرآن الكريم تولى امرأة سلطة الحكم،<br />
وأن تكون هناك ملكة سبأ، وأنها صاحبة العرش العظيم التي ورد ذِكرها في القرآن الكريم: ﴿فهمهكهثه غهيْره بهعِيدٍ فهقها هل<br />
أهحهطتُ بِمها لهمْ تُحِ طْ بِهِ وه جِ ئْتُكه مِن سهبهإٍ بِنهبهإٍ يهقِينٍ * إِنّ ِي وه جهدتُّ امْره أهةً تهمْلِكُهُمْ وه أُوتِيهتْ مِن ِ كُلّ شهيْءٍ وه لههها عهرْ شٌ عهظِي ٌم<br />
إنما<br />
وه جهدتُّهها وه قهوْ مههها يهسْجُدُونه لِلشَّمْسِ مِن دُونِ للاَّ ِ وه زه يَّنه لههُمُ الشَّيْطهانُ أهعْمهالههُمْ فهصهدَّهُمْ عهنِ السَّبِيلِ فههُمْ اله يههْتهدُو هن﴾ )41(<br />
استنكر أن يعبدوا الشمس من دون هللا تعالى، وقد أورد القرآن ما يدل على كفاءة ملكة سبأ وحسن سياستها، وكيف<br />
انتهت في تعاملها السليم مع النبي سليمان )عليه السالم( إلى اإلسالم، واالعتراف بظلم نفسها، وفى المقابل استنكر<br />
القرآن الكريم استبداد فرعون، وظلمه وادعاءه األلوهيَّة، وكيف انتهى غطرسته بأنه أهلك نفسه وقومه لذا، فبلقيس<br />
أكفأ وأبعد نظرً ا وحكمة من فرعون مصر، مع أ َّن كل منهما حاكمًا على<br />
إنَّ المرأة بما تحمله من خصوصيات في تركيبتها الطبيعية واالجتماعية تعتبر الفاعل المحوري في <strong>عمل</strong>ية التحول، إذ<br />
أنَّ أدبيات علم االجتماع، وعلم النفس االجتماعي أكدت جميعها بأن المرأة تعد عنصرً ا أساسًا من عناصر التغيير، بل<br />
تبقى أكثر أدوات التغيير فعالية، ويمكن إرجاع ذلك إلي ثالثة أسباب:<br />
أولهما: إنَّ المرأة تعد أكثر سرعة في تقبل كلّ ما هو جديد.<br />
ثانيًا: تتميز بقدرة على التكيف مع الجديد.<br />
وثالثًا: أكثر اعتدا ًال في التعامل مع الجديد، وسرعة تكيُّف، واعتدا ًال في <strong>عمل</strong>ية التكيف هي خصائص أساسيَّة<br />
في سلوك المرأة تجعل منها المحور الثابت في <strong>عمل</strong>ية التغير السياسي.<br />
وعلي الرغم من ذلك تبقى المشاركة الفعلية للمرأة في ال<strong>عمل</strong> السياسي ما زالت تعتمد بشكل أساس على مجموعة من<br />
العوامل منها دافعية المرأة نحو المشاركة في ال<strong>عمل</strong> العام وال<strong>عمل</strong> السياسي بشكل خاص، ومدى امتالك المرأة نفسها<br />
للقدرات والكفاءات والخبرات المؤهلة مع توافر المناخات العامة للتوجُّه لمثل هذا ال<strong>عمل</strong>، إضافة إلى تعزيز نظرة<br />
المجتمع اإليجابية ودعمها لمشاركة المرأة في ال<strong>عمل</strong><br />
*<br />
قومه. )42(<br />
السياسي. )43(<br />
تقبالً ،<br />
أخطأ". )38(<br />
بالهوى". )39(<br />
-<br />
38<br />
المتقي الهندي: كنز العمال<br />
،538 /16 ح<br />
-<br />
39<br />
45800، سنة الطبع 1409ه<br />
رملة عبدالحميد، صوت المرأة .. "ديرتنا نحميها، مقال لنشرة الوفاق<br />
-<br />
- 1989م، مؤسسة الرسالة، بيروت – لبنان.<br />
الدائرة <strong>السادس</strong>ة في انتخابات النيابية، أكتوبر<br />
2010<br />
-<br />
40<br />
سورة الممتحنة:<br />
.12<br />
أحمد منصور،<br />
الدين السياسي، ونقد الفكر الديني، الحوار المتمدن، العدد:<br />
م.<br />
.23:39 - 13 / 1 / 2011 - 3245<br />
41<br />
- النمل: .23-22<br />
-<br />
-<br />
42<br />
43<br />
أحمد منصور، المرجع السابق.<br />
حسن عايش وآخرون، المرأة والدور .. نظرة أردنية، عمان، مؤسسة عبد الحميد شومان،2008 م، ص177.<br />
35
ِ<br />
ٍ<br />
المرأة ثالثًا:<br />
المسلمة وتحديات<br />
والمتغيّ ِر الثابت<br />
إنَّ إشكالية الثابت والمتغير تنطلق من جهتين األولى: تتعلق بفهم اإلسالم فهي "جنبه مفهومية"، ومبدأ وأساس هذه<br />
الجنبة هو القول بأن اإلسالم الذي يراد له أن يكون خالدًا فاع ًال مؤثرً ا في حياة اإلنسان في كلّ األزمنة والعصور، ال<br />
يمكن لعطائه الفكري، وثرائه المعرفي أن يتوقف عند حدّ معين وأفق محدد، أل َّن البشرية تعيش على الدوام تجددًا في<br />
أفكارها واتساعًا في مداركها، وليس من المعقول لدين يبتغي الخلود واالستمرار فاع ًال مؤثرً ا في حياة اإلنسان أن<br />
يعجز في وقت من األوقات عن تقديم ما يساهم في فتح آفاق مستجدة من التفكير والوعي لمعتنقيه ومتبعيه. والثانية:<br />
تتعلق بفاعلية اإلسالم ودوره في الحياة فهي "جنبة <strong>عمل</strong>ية"، ومبدأ هذه الجنبة هو القول بأن فاعلية الدين اإلسالمي،<br />
والفكر الديني على البقاء واالستمرار والتأثير في الممارسات ال<strong>عمل</strong>ية للناس، مرهونة بقدرتها على االستجابة لتغيرات<br />
الظروف اإلنسانية التي تتسم بدوام التطور والتبدل<br />
وفي هذا الصدد هل يمكن أن نضبط بموضوعية الدور الحقيقي للمرأة المسلمة في المجال السياسي دون القضاء علي<br />
االزدواجية التي شهدها تناول قضية المرأة: تناقض بين الفعل والقول، وبين الفكر والممارسة، وما بين التواجد في<br />
المجال العام والمجال الخاص، واالختالف ما بين التصور التقليدي والحكم الشرعي؟<br />
أسئلة متعددة لكن أساسية كإطار نظري لتحول دور المرأة في ال<strong>عمل</strong> السياسي بين الثابت والمتغير.<br />
يشار إلى أن الدراسات التي تناولت المرأة في اإلسالم في السنوات الماضية خلصت إلى التأكيد على أهمية دور<br />
المرأة في النموذج اإلسالمي، مع إغفال لدور الرجل في هذه المعادلة، رغم دوره المكمل المهم في أي تصور<br />
لمجتمع إسالمي نموذجي يهتم باألسرة بوصفها النواة األولى لسالمة بُنية المجتمع، لذا يأتي الحديث عن واجبات<br />
المرأة المسلمة منفص ًال عن دور الرجل ومساهماته المطلوبة لهذه المسؤوليات ممَّا يزيد مركزية المرأة، لذا فهم<br />
الناس أ َّن المرأة وحدها المسؤولة عن التربية، وحفظ كيان األسرة وأخالقيات المجتمع والتضحية بالذات اعتبارها<br />
حاملة العبء االكبر، ومع هذه الثقافة المبالغة في اعتبار نهضتها، أو تعثرها يكون سببًا لنهضة األمَّة بأسرها، مع<br />
تجاهل تام لموضوع صالح أو فساد الطرف اآلخر في هذه المنظومة وهو الرجل، ومع هذه الثقافة سادت مفاهيم لكل<br />
جنس مجاله، وتخصصه، فأصبحت الذكورة تعني العمق والجدية واألنوثة هي السطحية، فتم تمجيد الذكورة على<br />
أساس القوة وسياسية الدولة القومية، وفي المقابل تم تمجيد األنوثة على سطحيتها باعتبارها الحارس لَلسرة والمجال<br />
والتجدد. )44(<br />
)45(<br />
الخاص.<br />
وفي هذا المجال يشدّ ِد آية هللا السيد محمد حسين فضل هللا على مسألة الفصل في المجاالت بحسب الجنس بقوله:''إنَّ<br />
الفكرة التي تحبس دور المرأة في نطاق خاص، أو تحبس دور الرجل في نطاق خاص، هي فكرة غير <strong>عمل</strong>ية وغير<br />
صحيحة، وقد اعتاد الناس على أن يجعلوا لكل إنسا ٍن دورً ا بحسب اختصاصه، كما نالحظ أ َّن الناس، في بعض<br />
المجتمعات اإلسالمية، يحصرون دور الفقيه في ال<strong>عمل</strong> الفقهي، وال يريدون له أن يتدخل في األعمال االجتماعية، أو<br />
السياسة". )46(<br />
ففي محيطها الخاص تبقي الفاعل األساس في <strong>عمل</strong>ية التنشئة االجتماعية، وسالمة األسرة.<br />
أما في المجال العام، فإننا نشكك في قدرة مشاركتها في الحياة السياسية، ونقفل األبواب أمامها، ألنها ستدخل في<br />
منافسة خاسرة مع دورها كأم وزوجة، في حين نرمي بمسؤوليتها أمام المجتمع للنضال؛ من أجل استحقاق هذا<br />
الدور، وهذا ما يؤكد أن هناك ثواب هت ال ينبغي التفريط فيها.<br />
في المقابل هناك متغيرات ترجع للظروف الطارئة، لكن هذا األمر ال يدفعنا لل<strong>عمل</strong> لجعل المتغيرات الثوابت، وال<br />
الثوابت متغيرات.<br />
-<br />
44<br />
كامل الهاشمي، إشكالية الثابت والمتغير، موقع االلكتروني للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب اإلسالمية.<br />
45<br />
- أميمة ابو بكر مقال صورة الرجل في الكتابات اإلسالمية، تحديات الثابت والمتغير في القرن 19، القاهرة، منشورات مركز المرأة والذاكرة، 2001 م، ص<br />
11، ص144.<br />
-<br />
46<br />
الوقت، العدد<br />
م. 2008 أكتوبر - 28 ه 1429 شوال 29 الثالثاء 981<br />
36
رابعًا: الحهراك النسائي السياسي في البحرين<br />
المرأة البحرينية في كل تاريخها امرأة واعية بواقعها، بل ساعية؛ من أجل حقها السياسي وعزتها وكرامتها، لذا<br />
خرجت تطالب، وخرجت لتصحح المسار.<br />
لقد دخلت المرأة البحرينية في التعليم الرسمي عام 1928م، ربما لم يدون التاريخ الحديث، أي مبادرة لتحرك نسائي<br />
بحريني معلن إال في الخمسينات من القرن الماضي، وبالتحديد في عام 1953م حين أعلنت زوجة المستشار<br />
البريطاني تشارلز بلجريف "عن تشكيل ما يعرف" نادي البحرين للسيدات "قوامه من نساء المجتمع المخملي، جُوبه<br />
هذه التشكيل برفض مجتمعي كبير خوفًا على "إفساد أما المرأة في القرى في تلك الفترة، فقد نشطت في<br />
تأسيس المآتم النسائية بإدارة نسائية متكاملة من حيث التخطيط والتنفيذ والصرف المالي، ويعتبر المأتم ملتقى<br />
اجتماعي نسائي في الصباح يكون التعليم فيه للفتيات؛ لتعلم قراءة القرآن، وفي المساء تكون لقراءة سير أهل<br />
البيت)عليهم<br />
-<br />
المرأة" )47( ،<br />
-<br />
السالم(. )48(<br />
كان محركو الحهراك السياسي في الوطن العربي والبحرين لم تخرج من هذا السياق هم طلبة المدارس، وخريجو<br />
الجامعات من مؤيّ ِدي الحركات الليبرالية، والقومية العربية، والتيارات الشيوعية، ولم تكن المرأة البحرينية بعيدة عن<br />
هذا التوجه.<br />
لقد ساهمت المرأة البحرينية في هيئة االتحاد الوطني في نضالها ضد االستعمار البريطاني، وكان للتطورات<br />
السياسية في الوطن العربي دور كبير في التأثير على المسار النضالي في البحرين كالعدوان الثالثي على مصر عام<br />
م، وحرب التحرير الوطنية الجزائرية، وحركة التحرر من الحكم البريطاني في اليمن عام م،<br />
والنكسة العربية عام وثورة والقضية الفلسطينية، وثورة ظفار م، لذا شاركت المرأة البحرينية في<br />
المسيرات سواء أكانت لمطالب سياسية، أم عمالية، أم تضامنيًّا مع القضايا العربية، وكان للمرأة البحرينية وخاصة<br />
فئات الشباب من انتفاضة مارس م، فقد أبدت طالبات الثانوية دورً ا مساندًا لالشتراك في المظاهرات المساندة<br />
لحركة العمال باتخاذ عن جانب من المظاهرة، كما أن نساء البيوت يتجمع هن عند األبواب؛ إلظهار المساندة والدعم<br />
للمتظاهرين، وحمايتهم عند هجوم رجال الشرطة، وإسعاف المصابين، وتزويده َّن بالبصل عند إطالق مسيالت<br />
الدموع، كما يشار أ َّن بعضًا من الفتيات ك َّن ينقلن الرسائل، والثياب، وتوصيل المعلومات، ونشر المنشورات،<br />
وتوزيع األموال للعوائل المتضررة ما بين مناطق البحرين، كما تطوعت العديد من النساء لنقل الشباب ما بين المنامة<br />
والمحرق، وذلك عندما أحكمت الرقابة على الجسر إذ يسمح للمرور لسيارات األجرة التي بها نساء من المرور دون<br />
1963<br />
1971<br />
65<br />
،1976<br />
1956<br />
تفتيش. )49(<br />
لكنها لم تظهر في الساحة السياسية بقوة إذ أنها لجأت ال<strong>عمل</strong> الخيري عن طريق تأسيس الجمعيات االجتماعية<br />
النسائية، فقد أعلنت العام م قيام جمعية نهضة فتاة البحرين، تلتها جمعية رعاية األمومة والطفولة في العام<br />
م، ثم جمعية النساء م.<br />
1960م، إنشاء جمعية أوال النسائية، والرفاع الثقافية<br />
وتعددت بعدها الجمعيات النسائية، لقد كان للمرأة البحرينية حق االنتخاب في المجلس البلدي عام 1951 م إال أن هذا<br />
الحق سلب منها فيما بعد، وعلى الرغم من عدم تمثيل المرأة في المجلس التأسيسي م إال أن األخير طالب<br />
الحكومة بتوضيح نص المادة البند )ه( الذي نص على "للمواطنين حق المشاركة في الشؤون العامة، والتمتع<br />
بالحقوق السياسية بدءًا بحق االنتخاب" من الدستور والمتعلق بحق االنتخاب، وذلك بأن يحدد كلمة المواطنين بذكور<br />
وإناث، لكن قانون االنتخاب الذي صدر لتنظيم االنتخابات منع المرأة من حق الترشيح واالنتخاب، هذا األمر دفع<br />
بجمعيتي نهضة فتاة البحرين، وجمعية أوال النسائية رفع احتجاجها إلى المجلس الوطني الذي لم يستمر طوي ًال. )50(<br />
انكفأت المرأة في الجمعيات االجتماعية، وانخرطت في الثمانيات في الجمعيات المهنية، ومنها جمعية<br />
االجتماعيين، جمعية األطباء، جمعية المهندسين، جمعية المحامين البحرينية، وغيرها من جمعيات النفع العام،<br />
والجمعيات المهنية.<br />
الدولية 1974<br />
1972<br />
الخيرية 1970<br />
1955<br />
)1(<br />
-<br />
47<br />
سوسن كريمي، فجوة النوع االجتماعي بين الشباب: التحديات والسياسات النموذج البحريني، ورقة قدمت في مؤتمر أبوظبي للتخطيط والتنمية، 31<br />
مارس - 2009<br />
-<br />
48<br />
49<br />
50<br />
م، أبو ظبي، دولة اإلمارات العربية.<br />
رملة عبد الحميد، رسالة ماجستير: البحرين ما بين<br />
1939 - 1919<br />
-<br />
فوزية مطر، دور المرأة البحرينية في انتفاضة مارس<br />
1965<br />
م دراسة لألوضاع السياسية واالقتصادية واالجتماعية، جامعة الكويت، 2006م.<br />
مركز مساواة المرأة،<br />
.23 / 3 / 2009<br />
-<br />
ورقة <strong>عمل</strong> مقدمة من الدكتورة مريم الجالهمة<br />
المركز اإلقليمي لألمن اإلنساني11<br />
–<br />
2002 مارس - 13<br />
البحرين -، في "ورشة ال<strong>عمل</strong> اإلقليمية حول: "النوع االجتماعي والتحول الديمقراطي في الوطن العربي"<br />
عمان، األردن.<br />
37
38<br />
ةأرملا<br />
يف<br />
تايعمجلا<br />
ةيئاسنلا<br />
ةيعامتجلاا<br />
لواحت<br />
نيب<br />
نيحلا<br />
حرط رخلآاو<br />
اياضق<br />
ةأرملا<br />
يف<br />
ةقورأ<br />
،ةفاحصلا<br />
تاودنلاو<br />
،ةماعلا<br />
نكل<br />
ام<br />
ذخؤي<br />
هيلع<br />
نأ<br />
هباطخ<br />
يئاسنلا<br />
نرق<br />
نيب<br />
رطاخم<br />
رامعتسلاا<br />
،يبنجلأا<br />
رايتلاو<br />
ينيدلا<br />
يذلا<br />
هيمسي<br />
،يعجرلاب<br />
اذه<br />
باطخلا<br />
حبصأ<br />
قيصل<br />
هذه<br />
تاكرحلا<br />
امم<br />
هدقفأ<br />
ريثكلا<br />
نم<br />
تائفلا<br />
ةيئاسنلا<br />
اَّمإ<br />
اًناميإ<br />
هنايصعب<br />
اَّمإو<br />
اًفوخ<br />
نم<br />
هتاحورطأ<br />
،ةيتاعلا<br />
اذه<br />
رايتلا<br />
يوسنلا<br />
ىلع<br />
مغرلا<br />
نم<br />
هطاشن<br />
لامعلأاو<br />
ةيريخلا<br />
يتلا<br />
اهمدقي<br />
عمتجملل<br />
هنكل<br />
مل<br />
عطتسي<br />
قارتخا<br />
،ىرقلا<br />
ملو<br />
جرخي<br />
جراخ<br />
هراوسأ<br />
امبر<br />
هتفكانم<br />
رايتلل<br />
،ينيدلا<br />
حرطو<br />
ةيضق<br />
،باجحلا<br />
ةيرحو<br />
ةأرملا<br />
يف<br />
بلغأ<br />
.هتاحورطأ<br />
عمو<br />
ةوحصلا<br />
ةيملاسلإا<br />
يتلا<br />
ترس<br />
يف<br />
جيلخلا<br />
يبرعلا<br />
عم<br />
علطم<br />
،تاينامثلا<br />
تجرخ<br />
ةأرملا<br />
ةيملاسلإا<br />
عمتجملل<br />
ةوقب<br />
كرحتت<br />
ةيلعافب<br />
يف<br />
ناديملا<br />
يعامتجلاا<br />
ةوعدلاو<br />
.ةيملاسلإا<br />
يفو<br />
تانيعست<br />
نرقلا<br />
،يضاملا<br />
دعبو<br />
فقوت<br />
ةايحلا<br />
ةيناملربلا<br />
يف<br />
نيرحبلا<br />
ةليط<br />
نيرشع<br />
اًماع<br />
تدهش<br />
نيرحبلا<br />
اًكارهح<br />
تعمتجا<br />
هيف<br />
عيمج<br />
ىوقلا<br />
فلتخمب<br />
تاهجوتلا<br />
،ةيركفلا<br />
تناكو<br />
ةأرملا<br />
ةينيرحبلا<br />
تضاخ<br />
اذه<br />
كرت<strong>عمل</strong>ا<br />
،ةينلاع<br />
نَّ كل<br />
ءبعلا<br />
ربكلأا<br />
انه<br />
عقو<br />
ىلع<br />
ةأرملا<br />
ةيملاسلإا<br />
يتلا<br />
تضاخ<br />
،ناديملا<br />
تدجاوتو<br />
يف<br />
،تاريسملا<br />
اهءاجو<br />
نم<br />
ليكنتلا<br />
ام<br />
،ىرج<br />
نكل<br />
ةدحو<br />
ىقتلملا<br />
اهلعج<br />
لولأ<br />
ةرم<br />
يف<br />
اهخيرات<br />
كراشت<br />
ءاسن<br />
اهموق<br />
عيقوتلاب<br />
ىلع<br />
ةضيرع<br />
1994<br />
م<br />
ةبلاطملا<br />
،ةيطارقميدلاب<br />
ةدوعبو<br />
ةايحلا<br />
ةيناملربلا<br />
.% 20 ةبسنب<br />
مويلا<br />
شيعت<br />
ةأرملا<br />
يف<br />
نيرحبلا<br />
ةلاح<br />
،ةفلتخم<br />
يقتلتو<br />
نم<br />
ةفلتخملا<br />
اهعم<br />
اًّيجولديأ<br />
يف<br />
ليبس<br />
،نطولا<br />
عم<br />
اذه<br />
كارهحلا<br />
ديدجلا<br />
مل<br />
ضرعتت<br />
ةأرملا<br />
ةينيرحبلا<br />
يف<br />
اهخيرات<br />
لثمب<br />
ام<br />
تضرعت<br />
هل<br />
نم<br />
تاكاهتنا<br />
دقف<br />
تطقس<br />
13<br />
،ةديهش<br />
لازامو<br />
ددعلا<br />
يف<br />
،ديازت<br />
يلاوحو<br />
200<br />
ةبلاط<br />
تلصف<br />
نم<br />
ميلعتلا<br />
،يعماجلا<br />
308و<br />
ةأرما<br />
تلصف<br />
نم<br />
اهلمع<br />
يف<br />
عاطقلا<br />
ماعلا<br />
47و<br />
نم<br />
عاطقلا<br />
،صاخلا<br />
اذل<br />
تغلب<br />
ةبسن<br />
تلاوصفملا<br />
بسحب<br />
تاءاصحإ<br />
داحتلاا<br />
ةرازوو<br />
،لمعلا<br />
حوارتت<br />
نيب<br />
25<br />
30و<br />
يف<br />
ةئاملا<br />
نم<br />
يلامجإ<br />
نيلوصفملا<br />
نع<br />
،لمعلا<br />
يلاوحو<br />
197<br />
ةأرما<br />
نه ضرعت<br />
لاقتعلال<br />
بسحب<br />
تاءاصحإ<br />
ةيعمج<br />
قافولا<br />
نم<br />
18 نهنيب<br />
ةلقتعم<br />
نَّمم<br />
مل<br />
زواجتت<br />
،اًماع 18 نهرامعأ<br />
ذإ<br />
مل<br />
رمع زواجتي<br />
رغصأ<br />
ةلقتعم<br />
.اًماع 14 لا<br />
فلاآو<br />
نهنم<br />
نضرعت<br />
قيقحتلل<br />
يف<br />
ناجل<br />
قيقحت<br />
يف<br />
،لمعلا<br />
زكارمو<br />
ةطرشلا<br />
ةروصب<br />
ةطحم<br />
،ةماركلل<br />
اذل<br />
تمدق<br />
ةأرملا<br />
ةينيرحبلا<br />
ةروص اهديب<br />
ةقرشم<br />
،اهنع<br />
يه<br />
ةجاحب<br />
مويلا<br />
رثكأ<br />
نم<br />
يأ<br />
تقو<br />
ىضم<br />
نأ<br />
مسرت<br />
اهدغل<br />
لاً بقتسم<br />
،اًفلتخم<br />
لبقتسم<br />
لعجي<br />
اهنم<br />
ةبعص اًمقر<br />
يف<br />
ةلدا<strong>عمل</strong>ا<br />
ةينيرحبلا<br />
.ةمداقلا<br />
َّنإ<br />
لوصو<br />
ةأرملا<br />
يلإ<br />
بصانملا<br />
ةيسايسلا<br />
نوكي<br />
يف<br />
بلاغ<br />
نايحلأا<br />
قفو<br />
:نيرمأ<br />
امهلوأ<br />
نع<br />
قيرط<br />
بناجلا<br />
،يرادلإا<br />
يذلاو<br />
قفاوتي<br />
عم<br />
،ةربخلا<br />
ةءافكلا<br />
،ةينهملا<br />
جردتلا<br />
.يفيظولا<br />
امهيناثو<br />
بناجلا<br />
،يسايسلا<br />
يذلاو<br />
يتأي<br />
هرودب<br />
اًعوبتم<br />
نم<br />
،لاضنلا<br />
ةدايقلا<br />
ةيسايسلا<br />
،تاباختنلااو<br />
اذهو<br />
نابناجلا<br />
امهل<br />
ةقلاع<br />
ةرشابم<br />
رشؤمب<br />
ميلعتلا<br />
رشؤمو<br />
،لمعلا<br />
املكف<br />
تعفترا<br />
ءاسنلا<br />
ىلإ<br />
تايوتسملا<br />
ايلعلا<br />
يف<br />
ميلعتلا<br />
يعماجلا<br />
املك<br />
حتفت<br />
َّنهل<br />
ةصرف<br />
يقرتلا<br />
يف<br />
بصانملا<br />
ايلعلا<br />
ةيفيظولا<br />
،ةيرادلإاو<br />
حبصأو<br />
قيرطلا<br />
اهل<br />
اًحوتفم<br />
يف<br />
لمعلا<br />
يسايسلا<br />
،يباقنلاو<br />
لهف<br />
لمحت<br />
ةأرملا<br />
ةينيرحبلا<br />
هذه<br />
ريشابتلا<br />
للاخ نم<br />
؟تايئاصحلإا<br />
-<br />
ددع ردقي<br />
ءاسنلا<br />
يف<br />
217.2 يلاوح نيرحبلا<br />
فلأ<br />
221 لباقم<br />
فلأ<br />
نم<br />
،لاجرلا<br />
لثمتو<br />
%49.56<br />
نم<br />
ناكسلا<br />
بسحب<br />
2004 تايئاصحإ<br />
م<br />
زاهجلل<br />
يزكرملا<br />
)51( .تامول<strong>عمل</strong>ل<br />
-<br />
ةأرملا<br />
ةينيرحبلا<br />
ةقاَّبس تناك<br />
يف<br />
ماحتقا<br />
تلااجم<br />
ملعلا<br />
لمعلاو<br />
ذنم<br />
فصتنم<br />
نرقلا<br />
،تئافلا<br />
بسحف<br />
تايئاصحإ<br />
2006<br />
،م<br />
دادزت<br />
ةبسن<br />
قاحتللاا<br />
ميلعتلاب<br />
يوناثلا<br />
نيب<br />
ثانلإا<br />
لصي<br />
% 81.3 ىلإ<br />
يف<br />
دنع% 68 لبقم<br />
.روكذلا<br />
امك<br />
تضفخنا<br />
ةبسن<br />
ةَّيملأا<br />
نيب<br />
ءاسنلا<br />
)52( .%17 ىلإ<br />
-<br />
يف<br />
نيدايم<br />
لمعلا<br />
تعفترا<br />
تلادعم<br />
ةمهاسم<br />
ةأرملا<br />
يف<br />
ىوقلا<br />
ةلماعلا<br />
نَّ أ<br />
ةبسن<br />
ةأرملا<br />
نم<br />
يلامجإ<br />
ىوقلا<br />
ةلماعلا<br />
يف<br />
عاطق<br />
ةمدخلا<br />
ةيندملا<br />
46 % تغلب<br />
يف<br />
2008ماع<br />
،<br />
امك<br />
تعفترا<br />
ةبسن<br />
ةأرملا<br />
يف<br />
عاطقلا<br />
صاخلا<br />
% 27ىلإ<br />
يف<br />
ماعلا<br />
)53( .هتاذ<br />
-<br />
امأ<br />
ىلع<br />
يوتسم<br />
عاطقلا<br />
،يفيظولا<br />
كانهف<br />
تايدحت<br />
ام<br />
تلاز<br />
ةأرملا<br />
ةينيرحبلا<br />
يناعت<br />
اهنم<br />
اهمهأ<br />
عافترا<br />
لدعم<br />
% 4.1ةلاطبلا<br />
نيب<br />
،لاجرلا<br />
10.5و<br />
نيب<br />
ءاسنلا<br />
ماع<br />
2001<br />
،م<br />
امك<br />
ضفخني<br />
طسوتم<br />
رجلأا<br />
يرهشلا<br />
ءاسنلل<br />
يف<br />
51<br />
-<br />
،تامول<strong>عمل</strong>ل يزكرملا زاهجلل<br />
.www.bahrain.gov.bh<br />
52<br />
-<br />
.قباسلا ردصملا<br />
53<br />
-<br />
يضر نسح دمحم نم ةمدقم ةقرو<br />
ةكراشملل، نيرحبلا ةكلمم ةبرجت ،ةيمنتلا يف ةأرملا رود<br />
يف<br />
عامتجلاا<br />
ثلاثلا<br />
رشع<br />
رمتؤمل<br />
مملأا<br />
ةدحتملا<br />
ةراجتلل<br />
ةيمنتلاو<br />
تحت<br />
"ناونع<br />
ةملوعلا<br />
ةزكرمتملا<br />
ىلع<br />
وحن: ةيمنتلا<br />
ومن<br />
ةيمنتلا<br />
ةلماشلا<br />
– ةحودلا ،"ةمادتسملاو<br />
12 12 رطق<br />
1121 ليربأ<br />
.م
2006<br />
% 32<br />
569( ،%7<br />
القطاع الخاص عن الرجال بشكل ملحوظ، فمتوسط أجور النساء كانت أقل عن الرجل في العام م،<br />
كما ينخفض متوسط األجر الشهري للنساء في القطاع العام عن الرجال بمقدار دينارً ا للنساء( مقابل<br />
م للجهاز المركزي للمعلومات، ومؤسسة نقد البحرين سابقًا.<br />
دينارً ا للرجال( وفق<br />
كما أ َّن النساء في البحرين يشغل هن %12 فقط من المهن في قطاع الهندسة، في قطاع القانون والمحاماة.<br />
أما وظائف الدرجة العاشرة ذات األجور العالية في الوظائف العامة وفق ديوان الخدمة المدنية، فالنسبة األكبر يشغلها<br />
رجال وفق إحصاءات م- م، وتتركز النساء في الدرجات الدنيا في وظائف الخدمة المدنية<br />
فقط من المناصب العليا في القطاع الحكومي في البحرين تشغلها نساء، يشغلها رجال<br />
م للجهاز المركزي<br />
وفق<br />
بالنسبة للحضور النسوي على المستوى التمثيل في األحزاب السياسية، ففي جمعية الوفاق الوطني اإلسالمية بنسبة<br />
في جمعية المنبر الوطني<br />
و73 %<br />
)5-7(<br />
و31 %<br />
للمعلومات. )54(<br />
اإلسالمي. )55(<br />
إحصاءات 2004<br />
2002<br />
612(<br />
2001<br />
بنسبة ،%2.66 %7<br />
إحصاءات 2003<br />
-<br />
،% 38 ونسبة % 35<br />
-<br />
-<br />
-<br />
فالتمثيل في الجمعيات السياسية يظهر فيه قصور الحضور النسائي كقيادات، أو متصدرات لقائمة المترشحات داخل<br />
الجمعيات، أو منتخبات في المجالس المنتخبة، فكل األحزاب دون استثناء علمانية كانت أم إسالمية تعرف تدنّ ِيًا<br />
كبيرً ا لمستوي وجود النساء في صفوفها، ف%99 من قيادات الجمعيات يحتكرها الرجال، ونادرً ا ما تتصدر النساء.<br />
أما الجمعيات النسائية، فقد سيطرت على غالبيتها نخبة صغيرة <strong>عمل</strong>ت على تسييرها وتوجيهها، فتحولت فيها إلى<br />
مشاركة نخبوية.<br />
ويبقي الجزء األكبر من النساء غير مطلعة على هذه الحركة، أو غير مقتنعة بفعالياتها وضرورتها، وفي بعض<br />
األحيان ومعه تفقد معظم الجمعيات النسائية الفاعلية والنفوذ، ممَّا يؤثر على أهدافها وال<strong>عمل</strong> المؤسساتي المنظم،<br />
وينتهي باألمر بغالبيتها، ألن تصبح غطاء للحكومة، إذ تسعى بعض من قياداتها إلي النجومية والظهور تحت غطاء<br />
ال<strong>عمل</strong>؛ من أجل حقوق النساء والمساواة، لذلك أصبح بروز بعض الوجوه النسائية على الساحة البحرينية يعبر عن<br />
حاالت فردية، وال يعكس عن حركة سياسية فاعلة وواعية، لذا وجب علينا الدفع بالكثير من الشخصيات اإلسالمية<br />
الفاعلة في الساحة السياسية بشكل فاعل ومؤثر، وبذلك نخلص إلى التالي:<br />
عندما نتحدث عن التغير في التواجد السياسي للمرأة المسلمة ال بد أن يكون لها حضور المرأة كفاعلة<br />
المستوي المؤسساتي للجمعيات السياسية، والنقابات المهنية.<br />
أنْ تساهم كقطب أساس كمصفوفة على المستوي الثقافي، فتصنع فكرً ا ومن يصنع فكرً ا يصنع حياة.<br />
نحن نعيش اآلن تباشير صحوة إسالمية سياسية جديدة، لذا ينبغي للمرأة أن تركب هذه الموجة بشكل إيجابي،<br />
وأن تساهم في صناعة الوعي.<br />
على مستوى المبادرة، ال بد للمرأة أن تمتلك العزيمة والمبادرة للوصول للغاية، لذلك عليها أن ت<strong>عمل</strong>،<br />
وتتحمل المصاعب؛ من أجل أ ْن تصل، وتؤثر، وتترك رسالة واضحة ومؤثرة.<br />
أنْ تبني منهجًا حياتيًّا صحيحًا قائمًا على تعاليم الشريعة اإلسالمية النابعة من القرآن الكريم، ومدرسة أهل<br />
البيت )عليهم السالم(، لذا وجب على المرأة اإلسالمية أن تكون قريبة فكريًّا وروحيًّا من الفقيه العالِم،<br />
واالتصال به، فهي األجدر بطرح مشكلتها والتعبير عنها.<br />
،<br />
-<br />
-<br />
-<br />
54<br />
55<br />
فريدة غالم إسماعيل، صور من واقع إحصاءات، صحيفة الوسط ، لعدد 1644الخميس<br />
2007 مارس 8<br />
-<br />
محمد حسن رضي، المرجع السابق.<br />
م.<br />
39
ملحق<br />
من شروط <strong>عمل</strong> المرأة المسلمة في الميدان السّ ِياسي<br />
الشرط األول : اإليمان باهلل تعالى:<br />
أن تكون المرأة عارفةً باهلل تعالى، مصدقةً بما يجب التصديق به، كما قال تعالى: ﴿وه مهن يهبْتهغِ غهيْ هر اإلِسْاله ِم دِينًةا فهلهةن<br />
يُقْبه هل مِنْهُ وه هُ هو فِي اآلخِ ره ةِ مِ هن الْخهاسِرِ ي هن﴾ )آل عمران/ 85(.<br />
وقال تعالى: ﴿وه مهن يهعْمه ْل مِ هن ال َّصالِحها ِت وه هُ هو مُؤْ مِ ٌن فه هال يهخها ُف ظُلْمًا وه هال ههضْمًا﴾<br />
)طه/ 112(.<br />
الشرط الثاني: اإلخالص التام هلل تعالى:<br />
بأن يكون شعار ال<strong>عمل</strong>: ﴿قُلْ إِ َّن صهالهتِي وه نُسُكِي وه مهحْيها هي وه مهمهاتِي ِلِ ّ ِ ره بِّ الْعهالهمِينه * اله شهرِ ي هك لههُ وه بِذهلِ هك أُمِرْ<br />
أهوَّ لُ الْمُسْلِمِي هن﴾<br />
هوأهنهةاْ ُت<br />
)األنعام/ 163-162(<br />
56<br />
ِ نِي<br />
ِ نِي<br />
وإذا كانةت المؤمنةة كةذلك لةن تفتةتن بوسةاوس الشةيطان ونزعةة الةذات، فتتحةرك مةن ردود الفعةل رغبةة فةي إثبةات<br />
الذات، أو جرَّ اء فكرٍ مغلوط كاإلحساس بالنَّقص والدّونية الوهمية التي تريد محوها من ذهن الرّ جل المعقّد .<br />
الشرط الثالث: الزهد الذاتي في الحياة الدنيا:<br />
فال ترجو ماالً وال موقعًا وال جاهًا، وإنما ت<strong>عمل</strong> هلل تعالى، وفي هذا الطريق نماذج قوية كآسية بنةت مةزاحم، المةرأة<br />
التي آثرت ربَّها على كلّ شيء. قال تعالى: ﴿وه ضهره هب هللاُ مهثه ًال لّ ِلَّةذِي هن آمهنُةوا اِمْةره أهةه فِرْ عهةوْ هن إِ ْذ قهالهة ْت ره بِّ ابْة ِن لِةي عِنةده هك<br />
بهيْتًا فِي الْجهنَّ ِة وه نهجّ مِن فِرْ عهوْ هن وه عهمهلِ ِه وه نهجّ مِ هن الْقهوْ ِم الظَّالِمِي هن﴾ )التحريم/11(.<br />
الشرط الرابع: اًللتزام الديني:<br />
بمعنى الجدية في التّقيد بتعاليم اإلسالم، حتى ِ نحصّةن الةنّفس والعمةل السّ ِياسةي مةن الوقةوع فةي الخطةأ عةن قصةد أو<br />
غير قصد حال االلتباس نتيجة القصور في فهم الموقف الشَّرعي أو في تطبيق المفهوم اإلسةالمي.. قةال اإلمةام )قةده(:<br />
"يتحتَّم على النساء اليوم أداء دورهنّ االجتماعي، والتزاماتهنّ الدّينية، مع المحافظة على الحياء العام، ففي ظلّ العفّةة<br />
العامَّة يمارسن نشاطاتهنّ االجتماعية والسّ ِياسية"<br />
كما أنها حرة في التفكير واختيار صيغ العمةل السّ ِياسةي ووسةائله، شةريطة شةرعيَّتها، ومناسةبتها للواقةع والظةرف،<br />
وكفاءتها وقدرتها على تحقيق الهدف.<br />
الشرط الخامس: الوعي الس ياسي المرتكز على فهم عقائدي أصيل:<br />
شةعور بةالرّ فض للواقةع السّ ِياسةي المُعةاش، بسةبب مةا تسةبّ ِبه السةلطة الحاكمةة بخيانتهةا واضةطهادها- مةن مآسةي<br />
لَلمة، يستمد أسسه من الخلفية العقائدية األصيلة، والمعرفةة بمجريةات السةاحة السّ ِياسةية ورموزهةا، وأسةاليب الحةاكم<br />
الظالم وما يخطّ ِطه ويكيده لَلمَّة إلبقائها في تخلفها، والستمراره بنهبها وظلمها، فتستوعب حيله فةي تحويةل الصةراع<br />
الشعبي معه إلى الصراع الشعبي البيني – صراع بين المظلومين أنفسهم-، قال تعالى: ﴿إِنَّ هللاه يُحِ ُّب الَّذِي هن يُقهاتِلُو هن فِي<br />
سهبِيلِهِ صهفًّا كهأهنَّهُم بُنيها ٌن مَّرْ صُو ٌص﴾<br />
–<br />
)الصف/ 4(<br />
40<br />
56<br />
مكانة المرأة في فكر اإلمام الخميني )قده( لمؤسّسة نشر وتنظيم آثار اإلمام الخميني :<br />
بتاريخ 1980م.<br />
89<br />
/ 9 / 10<br />
. من حديث في جمع من اإليرانيين المشاركين في مؤتمر للمرأة
الشرط <strong>السادس</strong>: التهي ؤ لمواجهة ضريبة النضال الس ياسي:<br />
ألن األمر بالمعروف السّ ِياسي، وكذا النهي عةن المنكةر السّ ِياسةي قةد يتعةرَّ ض اآلمةر والنةاهي فةي هةذا الميةدان إلةى<br />
أنواع التنكيل واألذى، يشدّ ويخف بحسب طبيعة األمر والنهي والظرف الذي يتحركان فيه، ومن لةم يكةن مهيّ ِئًةا نفسةه<br />
لهذه الضريبة، لن يقوم بأمره ونهيه حين تقتضي المصلحة الشرعية ذلك.<br />
ولةةذا قةةال السةةيد اإلمةةام )قةةده(: "كلمةةا أرى اسةةتعداد النسةةاء المحترمةةات بعةةزم راسةةخ وإرادة حازمةةة لتحمّةةل أنةةواع<br />
المعاناة، بل الشهادة، أطمئن بأنَّ طريقنا هذا سينتهي بالنَّصر" 57<br />
-<br />
الشرط السابع: اإلذن:<br />
ال<strong>عمل</strong> السياسي لَلنثى يمكن النظر إليه من حيثيات أربع:<br />
الحيثية األولى: باعتبارها بنتا.<br />
ف"للوالدين مطلقًا بنحو تحسن عقالً وشرعًا بل تلزم إطاعتهما، وعدم التخلف عن أوامرهما، ما لم تزاحم أمرً ا أهم،<br />
لكونهما من أولياء النعم" 58<br />
سألت فتةاة السةيد اإلمةام )قةده( قائلةة: "أنةا فتةاة أرغةب بااللتحةاق بقةوات حةرس الثةورة، بةدافع خدمةة الثةورة، إالّ أ ّن<br />
والدي ال يوافق، أرجو أن تبينوا الحكم الشّرعي؟ فأجاب )قده( قةائالً :- ال مةانع مةن أن تكةون األخةوات أيضًةا ضةمن<br />
الحرس، مع مراعاة الشؤون الشرعية. ولكن بالنسبة لك، عليك أن تراعي رضى والدك" 59<br />
والحيثية الثانية : باعتبارها زوجة.<br />
والخالصة أنّ القوامية قيد لَلسرة وليس للمرأة.<br />
و"القاعدة العامة في الشريعة اإلسالمية: أنّ المرأة تساوي الرّ جل في الحقوق والواجبات، فلهةا مثةل مةا لةه، وعليهةا<br />
مثل ما عليه، وهي تلزم للرجل بما يقابل التزاماته لها، فكل حقّ لها على الرّ جل يقابله واجب عليها للرجل، وكل حة ّق<br />
للرجل عليها، يقابله واجب على الرّ جل لها، وذلك قوله تعالى: ﴿وه لههُنَّ مِثْ ُل الَّذِي عهلهيْهِ َّن بِالْمهعْرُ و ِف﴾<br />
)البقرة/ 228(.<br />
فالقيود الموجودة على المرأة في دائرة األسرة ليست باعتبارها امرأة، بل باعتبارهةا شةريكة فةي هةذه المؤسَّسةة لهةا<br />
وعليهةةا، وإالّ إذا لةةم يُعجبهةةا، فلهةةا الخيةةار فةةي أن ال تكةةون شةةريكة أو تكةةون شةةريكة بشةةروط، بحيةةث تغيةةر مةةن هةةذه<br />
الصالحيات الممنوحة بشروط مسبقة يتفق عليها الشريكان.<br />
والحيثية الثالثة: باعتبارها أماا.<br />
وهو الدور اإلنساني العظيم، والذي يتجلَّى فيه: عاطفتها، وعقلها، ووعيها، ومسؤوليَّتها، وتدينها. ولكن هةذا الةدور<br />
غير مُلزمة به، ويجب على الزوج أن يُعطي زوجته ماالً على رضاعتها البنها لو لم تقبةل إرضةاعه إالّ بالمةال. وهةي<br />
وإن كان من حقّ ِها أن تحضن طفلها إلى سنتين لكن ذلك الحقّ ليس إلزاميًا لو لم تُرده.<br />
والحيثية الرابعة: باعتبارها مؤمنة.<br />
41<br />
57<br />
58<br />
59<br />
مكانة المرأة في فكر اإلمام الخميني )قده( لمؤسّسة نشر وتنظيم آثار اإلمام الخميني<br />
دراسات في والية الفقيه وفقه الدولة لمنتظري :<br />
مكانة المرأة في فكر اإلمام الخميني )قده( لمؤسسة نشر وتنظيم آثار اإلمام الخميني :<br />
.266 :<br />
253<br />
.78 / 1<br />
. نقال عن االستفتاءات :<br />
.503 / 1
–<br />
وبهةةذا االعتبةةار تتحمةةل مهةةام العمةةل االجتمةةاعي بمةةا يشةةمل العمةةل السّ ِياسةةي-، انطالقًةةا مةةن قةةول هللا تعةةالى:<br />
﴿وه الْمُؤْ مِنُو هن وه الْمُؤْ مِنها ُت بهعْضُهُ ْم أهوْ لِيهاء بهعْ ٍض يهأْمُرُ و هن بِالْمهعْرُ و ِف وه يهنْههوْ هن عه ِن الْمُنكه ِر وه يُقِي ُمو هن الصَّالهةه وه يُؤْ تُو هن الزَّ كهاةه<br />
وه يُطِيعُو هن هللاه وه ره سُولههُ أُوْ لهئِ هك سهيهرْ حهمُهُ ُم هللاُ إِ َّن هللاه عهزِ ي ٌز حهكِي ٌم﴾<br />
"إذ ظاهر اآلية أنّ كل واحد من المؤمنين والمؤمنات جعل له من قبل هللا تعالى مرتبة مةن الواليةة بالنسةبة إلةى كةلّ<br />
أحد، بحيث يحق له إجماال أمره ونهيه، غاية األمر ضيق نطاق واليته". 60<br />
)التوبة/ 71(.<br />
42<br />
60<br />
دراسات في والية الفقيه وفقه الدولة لمنتظري :<br />
.78 / 1