AlHadaf Magazine - December 2016
AlHadaf Magazine - December 2016
AlHadaf Magazine - December 2016
You also want an ePaper? Increase the reach of your titles
YUMPU automatically turns print PDFs into web optimized ePapers that Google loves.
ّ<br />
ّ<br />
ّ<br />
ّ<br />
حذارِ من أن يُميلَكَ المالُ عن طاعةِ خالقكَ<br />
أنسامٌ<br />
من<br />
خمائلِ<br />
لأدبِ<br />
جهاد طاهر بكفلوين د.<br />
مَنْ منّا ال يتمنّى أن يكونَ املالُ وفرياً بني<br />
يديهِ، يأكلُ به ما تشتهيهِ نفسُ هُ، ويلبسُ ما<br />
يراهُ ويراهُ اآلخرون جميالً عىل جسدِهِ، ومييش<br />
يف مناكبِ األرضِ التي جعلَها اللهُ ذَلوالً، ورحمَ<br />
اللهُ جدّ يت التي كانتْ تهمسُ يف أذين بني الفينةِ<br />
والفينةِ قائلةً: إذا أحبَّ اللهُ عبْدَهُ أراهُ مُلْكَهُ؛<br />
يف إشارةٍ منها إىل متعةِ التّ حالِ .<br />
وكانت تذمُّ يف معرِضِ حديثَها الفقرَ، وما يجرّهُ<br />
عىل املرءِ من ويلٍ وثبورٍ، وتذكّرُين بأمثلةٍ طريفةٍ<br />
تحمدُ الغِنى وتقدحُ الفقرَ، ومن تلك األمثلةِ: إذا<br />
الفقريُ أن ّش يتمش يأيت الشّ يطانُ مبكنسةٍ يثريُ<br />
أرادَ<br />
الغبارَ؛ ليحجبَ عن الفقري الرّؤيةَ ّث فيتعث يف<br />
بها<br />
وإذا أرادَ الغنيّ أن ّش يتمش يأيت الشّ يطانُ<br />
طريقِهِ،<br />
باملكنسةِ نفْسِ ها يكنسُ بها الطّ ريقَ ؛ ليك ال تتسخَ<br />
ثيابُ الغنيِّ .<br />
ومنها: إذا أرادَ الغنيُّ أن يرشبَ يف جهنّمَ يُؤىت<br />
لهُ بالثّلج ليتنعّمَ باملاءِ الباردِ، يف حني نعلمُ أن<br />
رشابَ أهلِ جهنّمَ - أعاذَنا اللهُ منها- يكونُ حميامً<br />
وغسّ اقاً.<br />
ومَنْ يدري فقد تكونُ جدّ يت متأثّرةً بتلكَ األبياتِ<br />
الشّ عريةِ التي يحفظُ ها صغريُنا وكبريُنا:<br />
مَن كانَ ميلكُ دِرهمنيِ تعلّمتْ<br />
شفتاهُ أنواعَ الكالمِ وقاال<br />
لوال دراهمُ هُ التي يزهُ و بها<br />
لوجدْ تَهُ يف النّاسِ أسوأَ حاال<br />
إن الغنيَّ ولو تكلّمَ كاذباً<br />
قالوا صدقْتَ وما نطقْتَ مُحاال<br />
أمّا الفقريُ ولو تكلّم صادقاً<br />
قالوا كذبْتَ وأبطلُوا ما قاال<br />
إنّ الدراهمَ يف املواطنِ كلِّها<br />
فهي اللّسانُ ملن أرادَ فصاحةً<br />
وهي السّ الحُ ملن أرادَ قتاال<br />
املالُ من املَيْلِ :<br />
اشتقَّ اسمُ املال من الفعل الثّاليثِّ ( مالَ ) واملضارعُ<br />
منهُ ( مييل(، ويرى جمهرةٌ من الباحثني أنّ هذا<br />
االسم مردُّهُ إىل ميل اإلنسانِ بطبعِهِ إىل التملّكِ<br />
وإرضاءِ شهواتِهِ وإشباعِ رغباتِهِ يف الحياةِ الدّ نيا،<br />
واملالُ هو ذلك الزّورقُ الذي يحملُهُ إىل تلك<br />
الجزيرةِ السّ احرةِ اآلرسةِ التي يجدُ فيها ما تطلبُهُ<br />
نفْسُ هُ وما يشتهيه من متعِ الحياةِ.<br />
فإذا تعطّ لَ ذلك الزّورقُ أو أصابَهُ عطبٌ جزيئٌّ<br />
ضاقتْ عليهِ األرضُ مبا رحبَتْ ، ووجدَ يومَهُ عبوساً<br />
قمطريراً، وألفى وجهَ الحياةِ قَطوباً مكفهرّاً.<br />
وما أصدقَ ذلك الشّ اعرَ الذي شخّ صَ تلكَ الحالةَ<br />
تشخيصاً غايةً يف الدّقّة حنيَ قالَ :<br />
مييش الفقريُ وكلُّ يشءٍ ضدّهُ<br />
والنّاسُ تغلقُ دونَهُ أبوابَها<br />
وتراهُ مبغوضاً وليس مبُذْ نبٍ<br />
ويرى العداوةَ ال يرى أسبابَها<br />
حتّى الكالبُ إذا رأتْ ذا ثروةٍ<br />
خضعتْ لديهِ وحرّكتْ أذنابَها<br />
وإذا رأتْ يوماً فقرياً عابراً<br />
عليهِ وكشّ وكشتْ أنيابَها نبحتْ<br />
فلْنسْ عَ يف طلبِ الرّزقِ :<br />
ال يعني حديثُنا عن املالِ أنّنا ندعو إىل االستغناءِ<br />
عنهُ، ألنّهُ رضورةٌ قصوى يف الحياةِ، وال تستقيمُ إالّ<br />
بهِ، وقد حثّتِ األديانُ السّ امويةُ كلُّها عىل طلبِ<br />
الرّزقِ ، وأهابتْ باإلنسانِ أن يشمِّرَ عن ساعدِ الجِ دِّ<br />
ليحصلَ عىل قوتِ يومِهِ بعرقِ جبينِهِ، وحذّرتْهُ من<br />
أن يكونَ كَالًّ عالةً عىل اآلخرين.<br />
صىلّ اللهُ عليهِ<br />
علَّمنا رسولُ الهُدى محمّ دٌ وقد<br />
وسلّمَ بأن نكونَ مع الذين يكّدونَ يف الحياةِ سعياً<br />
وراءَ الحياةِ الحرّةِ الكرميةِ، وهو الذي قالَ :<br />
َنْ يَأْخُ ذَ أَحَ دُكُمْ أحبلهُ، ثمّ يأيت الجبلَ ، فَيَأْ ْأ َ<br />
{ ألَ<br />
ظَ هْرِهِ, فَيَبِيعَهَا, فَيَكُ فَّ اللَّهُ<br />
ىلَ<br />
زْمَةِ من حَ طَ بِ َع بِحُ<br />
ٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَسْ أَلَ النَّاسَ , أَعْطَ وْهُ أَوْ ْو خَريْ<br />
وَجْ هَه, بِهَا<br />
تكسُ و الرِّجالَ مهابةً وجامال مَ نَعُ وهُ {.<br />
ُ لزوجِ هِ أسبابَ َب يبنيّ<br />
هو الشّ اعرُ عروة بن الورد وها<br />
َ يتِ<br />
بكورِهِ يف طلبِ الرّزقِ مذكّراً بالعواقبِ الوخيمةِ<br />
التي يخلّفُها الفقرُ:<br />
ذَريني للغنى أسعى فإين<br />
رأيتُ النّاسَ رشُّهم الفقريُ<br />
80<br />
من أنسام<br />
األدب خمائل