AlHadaf Magazine - December 2016
AlHadaf Magazine - December 2016
AlHadaf Magazine - December 2016
You also want an ePaper? Increase the reach of your titles
YUMPU automatically turns print PDFs into web optimized ePapers that Google loves.
وأبعدُ هم وأهونُهم عليهم<br />
وإن أمىس له حسَ بٌ وخِ ريُ<br />
فيقصيهِ النَّديُّ وتزدريهِ<br />
حليلتُه وينهرُهُ الصّ غريُ<br />
وتُلفي ذا الغنى وله جاللٌ<br />
يكادُ فؤادُ صاحبِه يطريُ<br />
ومن الحكَمِ املأثورةِ عن لقامنَ قولُه البنِه إذْ<br />
يوصيهِ:<br />
"يا بُنيَّ ! أكلتُ الحنظلَ ، وذقتُ الصَّ بُ َ، فلم أرَ أمرَّ<br />
من الفقرِ، فإن افتقرْتَ فال تحدِّثْ به الناسَ يك ال<br />
ينتقصوكَ ، ولكن اسألِ اللهَ تعاىل من فضْ لِه".<br />
لكنّ سؤالَ اللهِ الذي يبسطُ الرّزقَ ملن يشاءُ<br />
ويقدِرُ ال يعني أن يركنَ اإلنسانُ إىل واقعٍ وجدَ<br />
نفْسَ هُ ملقىً يف كهفِهِ؛ حتّى ليصلَ إىل درجةٍ يخافُ<br />
معها من أن تعانقَ مقلتاهُ الضّ ياءَ؛ بل عليهِ أن<br />
يشمِّرَ عن ساعدِ الجِ دِّ فينطلقَ ليكونَ له مضطربٌ<br />
واسعٌ يف أرضِ اللهِ ذات الطّ ولِ والعَرْضِ ؛ فيكفي<br />
نفْسَ هُ مغبّةَ إراقةِ ماءِ الوجهِ، أعطاهُ النّاسُ أو<br />
منعوهُ.<br />
وللهِ درُّ تلكَ األعرابيّةِ التي سئلتْ : ما الجرحُ الذي<br />
ال يلتئمُ ؟ قالتْ : حاجةُ كريمٍ إىل لئيمٍ ثمّ يردُّه.<br />
وعندما قيلَ لها: فام الذّلُّ ؟ قالتْ : وقوفُ الشرّ يفِ<br />
ببابِ الدّينءِ ثمَّ ال يُؤذَن لهُ.<br />
وللّهِ درُّ الشّ اعرِ حني قالَ :<br />
وقاُلوا: تَوَصَّ لْ بالخضوع إِىل الغِنى<br />
وما علموا أنّ الخضوعَ هو الفقرُ<br />
وبيني وبني املالِ بابانِ حرَّما<br />
عيلَّ الغنى: نفْيس األبيةُ والدّ هرُ<br />
إنّ املؤمنَ الحقَّ هو الذي يأكلُ رغيفَ خبزِهِ بكدِّ<br />
ميينِهِ مسرتشداً بقوله تعاىل:<br />
}وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُ ولِهِ وَلِلْمُ ؤْمِنِنيَ وَلَ ٰكِنَّ الْمُ نَافِقِنيَ<br />
لاَ يَعْلَمُ ونَ {، و هو الذي يحفظُ ماءَ وجهِهِ عامالً<br />
بقولِ الخليفةِ العادلِ أيب حفصٍ عمرَ بن الخطّ ابِ :<br />
"ال يقعدْ أحدُكم عن طلب الرّزقِ ويقول اللهمَّ<br />
ارزقْني؛ فقد علمتُم أنّ السامءَ ال متطرُ ذهباً وال<br />
فضّ ةً".<br />
فلْنسعَ يف طلبِ الرّزقِ ، وحذارِ من الرّكونِ للكسلِ<br />
الذي يكونُ مُدخالً إىل الفقرِ والرّذيلةِ.<br />
بالشّ كرِ تدومُ النّعمُ :<br />
مَنْ منّا ال يحفظُ تلكَ األبياتَ التي أرادَ أحدُ<br />
األعرابِ بها امتحانَ حلمِ معن بنِ زائدةَ الشّ يباينّ<br />
بعدما سمعَ عن حلمِهِ الكثريَ؟!.<br />
لقد دخلَ عليهِ ذلك األعرايبُّ وأنشدَهُ أبياتاً استهلَّها<br />
مبخاطبةِ معنٍ قائالً:<br />
أتذكرُ إذْ لحافُكَ جِ لْدُ شاةٍ<br />
وإذْ نعالكَ من جلْدِ البعريِ<br />
عندما سمعَ معنٌ هذا البيتَ مل يستشطْ غضباً، ومل<br />
يأمرْ حاشيتَهُ بطردِ ذلكَ األعرايبِّ؛ بلْ ردّ بكلِّ هدوءٍ<br />
وسعةِ صدرٍ قائالً: أذكرُ ذلكَ وال أنساهُ.<br />
وأرادَ املمتحِ نُ استفزازَ املمتحَ نِ فقالَ :<br />
فسبحانَ الذي أعطاكَ مُلكاً<br />
وعلّمَكَ الجلوسَ عىل السّ يرِ<br />
فام كانَ من معنٍ إالّ أن ردَّ قائالً: سبحانَهُ وتعاىل.<br />
لقد ابتسمَ الزّمنُ ملعنٍ هذا األمريِ العريبِّ النّبيلِ ،<br />
فحافظَ عىل نعمةِ اللهِ الذي يرزقُ مَنْ يشاءُ بغريِ<br />
حسابٍ ؛ حافظَ عىل النّعمةِ بالشّ كرِ لها، ويف سورةِ<br />
لقامنَ : }ولقد آتينا لقامنَ الحِ كمةَ أنِ اشكرْ للهِ<br />
ومنْ يشكرُ فإنّ ا يشكرُ لنفْسِ هِ ومن كفرَ فإنّ اللهَ<br />
غنيٌّ حميدٌ {.<br />
أمّا طريقةُ شكرِ معنٍ للنّعمةِ فكانتْ بخفضِ جناحِ<br />
الذلِّ من الرّحمةِ لعبادِ اللهِ، واالبتعادِ عن تصعريِ<br />
الخدِّ زهواً وخيالء، والعملِ عىل قضاءِ حاجاتِ<br />
النّاسِ ما استطاعَ إىل ذلكَ سبيالً.<br />
فام بالُ الواحدِ منّا اليومَ إذا تقلّبَ يف ظاللِ النّعامءِ<br />
وخفضِ العيشِ نيسَ ما مرَّ بهِ من أيّامٍ قاسيةٍ، فرتى<br />
قلبَهُ وقد أصبحَ أقىس من الحجرِ الصّ لْدِ؟!.<br />
ما بالُهُ مييش يف األرضِ مرَحاً وهو يعلمُ أنّه لن<br />
يخرقَ األرضَ ، ولن يبلغَ الجبالَ طوالً، ويعلمُ كذلكَ<br />
أنّ اللهَ ال يحبُّ كلَّ مختالٍ فخورٍ؟!.<br />
بالشّ كرِ تدومُ النّعمُ ، فحذارِ أن نكونَ من أولئكَ<br />
الذين يقولُ الخالقُ عزَّ وجلَّ فيهم: }وقليلٌ<br />
من عباديَ الشّ كورُ{، ولنعملْ لنكونَ من أولئك<br />
الشّ اكرينَ الذين يقولُ الخالقُ فيهم: }وسنجزي<br />
الشّ اكرينَ {.<br />
وحذارِ يا أيّها اإلنسانُ من أن يمُ يلَكَ املالُ عن<br />
طاعةِ خالقكَ ، فتعضَّ عىل يديكَ ندماً ألنّكَ<br />
ظلمتَ نفْسَ كَ ، والظّ لمُ مرتعهُ وخيمٌ وبيلٌ •<br />
ديسمبر • <strong>2016</strong> العدد 2119<br />
81