الأستاذ- ثامر شاكر Al-Ostath Book
You also want an ePaper? Increase the reach of your titles
YUMPU automatically turns print PDFs into web optimized ePapers that Google loves.
<strong>ثامر</strong> <strong>شاكر</strong><br />
58<br />
الذي مل يرثه منّا اأحد. اأدركت حينها السبب. فهي اأول من علمني اأن<br />
اأجمل ما يف املراأة فلسفتها، واأن امراأة بال وجهة نظر يف احلياة، سرابٌ<br />
مسافر وخيالٌ عابر ل يقوى حتى على اأن يطرق باب القلب!<br />
ولأن الزمن صفعني منذ كنتُ طفالً فاأذاقه مُ ر الفراق وهو مل<br />
يعرف بعد من الدنيا سوى القليل ، بقيت عيني تُراقب عقارب الزمن<br />
عن كثب. كل ليلة اأتاأمل مالمح اأمي. اأُصر اأن اأجتاهل دبيب العمر على<br />
جبينها الوضّ اء، اأحاصر بنظراتي كل جتعيدة خائنة حتاول اأن تتخفى<br />
فوق جسدها يف الظل، اأعبس.. اأكاد اأصرخ بعلو صوتي.. يا زمن ل<br />
تقرتب!<br />
اأُصر اأين واهمٌ .. اأعزم اأمري، اأقف بجوارها مسكاً بسيفي<br />
حتى اأذود عن ملكتي واأصر اأن اأحميها حتى من عقارب الأيام التي<br />
ل تتوقف. اأمتتم طالسمي اأو رمبا ابتهالتي واأهمس يف اأذنها دون اأن<br />
تراين.. اأمي اجلميلة، ابقي كما اأنت، ل تشيخي اأبداً، ل تكربي يوماً<br />
فنحن ما زلنا اأطفالك. اأُصر اأنها كلما كربت عاماً ازدادت جمالً<br />
وجاذبيةً.. هكذا اأراها ول تقبل عيني اأن ترى غري ذلك.<br />
لذا عصبية اأمي، تُثري يف نفسي لذةً عجيبةً. حني تصرخ غاضبةً<br />
من اأبسط الأشياء كعادتها، واأملح تلك النظرة التي ل تلبث اإل اأن تعيد<br />
ذكريات طفولتي، تارةً حني كنتُ يف شقاوة الصبا تاأمرين ول اأمتثل،<br />
وتارةً حني كنت اأستذكر دروسي بني يديها ول اأنصت لشرحها، اإنه<br />
صوتها ومالحمها.. ما يزالن يافعني شابني على حالهما مل يتغريا<br />
اأبداً..وهذا وحده يكفي ليشعرين بالراحة والطمئنان.