00 من مجلة ادراك
Create successful ePaper yourself
Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.
إمرأة الفقهاء<br />
السيطرة أصول .. الحداثة وإمرأة<br />
الذكورية<br />
كريم شفيق<br />
ثمة دالالت كثيفة تؤطر تلك العالقة الملتبسة لواقع المرأة في المجتمعات العربية،<br />
وشعورها باإلنزواء وتعرضها لإلضطهاد وتعاملها كاألقليات، و<strong>من</strong> ثم ارتباطها<br />
الهامشي بالرجل، الذي يحتل مركزية العالم وبؤرة الفاعلية، وهو ما يتماهي مع<br />
الصورة ال<strong>من</strong>تجة للفكر الديني، وتأويالته، الذي يري في المرأة مخلوق <strong>من</strong> ضلع رجل<br />
وتاليا تابع له.<br />
تعرج العالقة بين الرجل والمرأة عبر مجموعة <strong>من</strong> العوامل التي تؤسس التراتب<br />
الوجودي والماهوي بينهما، وتعكس حالة المساواة أو التمييز، وتحدد طبيعة الوظيفة<br />
والدور والمكانة التي يحتلها كال <strong>من</strong>هما. وتتجلي تمظهراتها المتنوعة <strong>من</strong> خالل اللغة<br />
والخطاب العربي و<strong>من</strong>توجاته والثقافية والدينية، وكذا، البني المعرفية، المؤسسة لماهية<br />
العالم، ومكانة الموجودات فيه، ووظائفها، باإلضافة لجدلية العالقة بين المقدس<br />
والمدنس، في صوره الوحيانية الميتافيزيقية أو الوضعانية.<br />
وكما ال يمكن تغييب تأثير النص ومركزيته في المجتمع العربي اإلسالمي، وهو<br />
مايميزها، مثلما فرق نصر حامد أبو زيد بين الحضارة المصرية القديمة كونها حضارة<br />
مابعد الموت، والحضارة اليونانية بإعتبارها حضارة العقل، فالحضارة العربية اإلسالمية هي حضارة النص، وفي<br />
الوجهة المقابلة، اليمكن إهدار فاعلية التأويل ودوره في إنتاج المعرفة واستخراج دالالت النص ومعناه.<br />
تتبدي مع ذلك تلك المساحة الوفيرة التي اشتبكت فيها الباحثة اللبنانية، ريتا فرج، في كتابها: “إمراة الفقهاء وإمرأة<br />
الحداثة”- خطاب الالمساواة في المدونة الفقهية، الصادر عن دار التنوير، مع النص الديني، وما تطرحه <strong>من</strong> تساؤالت<br />
في إطار <strong>من</strong>هجي دقيق، بتفكيك الخطاب الديني الذي أنتجه الفقهاء والمؤسسة الالهوتية، عبر التاريخ بما يكشف<br />
انحرافاتها وسلطويتها المرتبطة بتكريس الهي<strong>من</strong>ة الذكورية، السياسية والطبقية واحتكارها للحقيقة والمعرفة الدينية،<br />
وردها للخطابات الضاغطة علي تشكلها، وفض عالقات التناص المتداخلة في بنية النصوص الموازية.<br />
فيما تعمد إلي تعرية المجتمعات العربية/ اإلسالمية التي ترزح تحت تأثير الخطاب الفقهي التقليدي، وسطوة تأثيراته<br />
الممتدة بسبب اإلنسداد التاريخي واإلنغالق المجتمعي وفشل عمليات التحديث، التي حالت دون تخطي اإلرث القبلي<br />
الذي ساهم بقوة في إنتاج عنف فقهي في تعامله مع المرأة، وتاليا القراءة الذكورية للنص القرآني والذي أدي إلي<br />
تأسيس نظرة تتمركز كلها حول التمتع بالجسد األنثوي ونفي أي فاعلية له في المجال الديني والنشاط المجتمعي<br />
والسياسي، وهو ما يخالف المساواة التي <strong>من</strong>حها النص القرآني للرجال دون أن يؤسس ألي تمييز أنطولوجي بينهما.<br />
أصول السيطرة الذكورية<br />
تدشن المؤلفة فرضية أساسية ينطلق <strong>من</strong>ها الكتاب وهو تجذر إمرأة الفقهاء المقموعة بسبب الخالصات الفقهية التي أتي<br />
بها المتأخرون وحصر المرأة في باب الغواية والفتنة، كما تناقش كل نموذج وفق األسس البنيوية التي أنتجتها،<br />
واإلحاالت اإلجتماعية والرمزية، وآليات الصراع التي جعلت نموذج بعينه، يسود وقائم وممتد بفاعلية في التاريخ،<br />
وآخر مهمش ومضمر.<br />
32