تحقيق الذات عند المرأة المسلمة تصحيح
Create successful ePaper yourself
Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.
بناء الذات العاطفية عند الفتاة
الرتبية العاطفيّة تعني بناء اجلانب الوجداين املليء بالأحاسيس واملشاعر
التي متنح صاحبها قدرة على التفاعل مع الآخر، وتعطيه درجة عالية من
الثقة بالقدرات التي أودعها اهلل فيه، ممّا يوؤهّ له لالإعتماد على نفسه دون
احلاجة إىل غريه، وتبعد عنه حالت الشعور بالنقص وضعف املكوّنات
الذاتيّة.
لذلك، فاإنّ تناول هذا املوضوع يف سياق احلديث عن حتقيق الذات عند
املرأة لَهُ وَ يف غاية الأهمية، وخصوصً ا إذا أخذناه بعني الإعتبار يف العملية
الرتبويّة، والذي يزيد الأمر خطورة أنّ هذا اجلانب هو أمرٌ غري مسوس،
ول يكن تقدير معرفته ّ إلَ من خالل التقومي الرتبوي، فقد ينجح الأبوان يف
الإهتمام باجلانب التعليمي ومعرفة ذلك من خالل املوؤشرات الدراسيّة،
أو غري ذلك يف جمالت أخرى، إلَّ أنَّ تنضيج القدرات العاطفيّة يحتاج
إىل شكل آخر من املتابعات التدريبيّة والتوجيهيّة، ملِ َا يف ذلك من فائدة
كربى على نفسيّة الأولد، وأقلّ ما يُتوقّع فعله هو توفّر الإنسجام العاطفي
بني الأب والأم وما له من إنعكاسات إيجابية على الأولد.
وعليه، فاإنّ العاطفة هِ بة من هبات السماء وهبها اهلل تعاىل لالإنسان، ولول
وجود العنصر العاطفي بني البشر ملا استمرّت احلياة.
فالعالقة مع اهلل وهي يف قمّ ة عقالنيّتها حتتاج إىل مزيج من العاطفة لكي
تتوفّر دوافع الإقدام على الطاعة، والذي يوؤيّد هذا الأمر ما قاله الإمام
الصادق :»وهل الدِّ ين إل احلب« )1( ، وكذلك الأمر يف بقية أنواع
العالقات البشريّة فاإنَّها ل يكن أن تقوم على أساس عقالئي فقط من
دون اجلانبني الشعوري والوجداين، وهو أمر يشبه إىل حدّ بعيد أركان
الإيان الذي يقوم على الإعتقاد املمزوج بالآثار النفسيّة العاطفيّة، وعلى
القول والفعل.
وإذا أخذنا العالقة الأسريّة كمثال بارز على ذلك، وخصوصاً أنَّنا بصدد
معاجلة هذا املوضوع، فاإنَّ التواصل بني أفراد الأسرة ليس تواصالً على
طريقة الأوامر العسكريّة، إمنَّ ا روح العالقات الأسريّة هي روح الرحمة
واملودّ ة واملحبة والتعاطف والتودّ د، بل هي حبال الوصال التي تربط
أفراد العائلة بعضها بالبعض الآخر، وتعطيها القوة الداخليّة التي متنحها
القدرة يف الدفاع عن نفسها، وملّا كان الإهتمام الرتبوي باجلانب العاطفي
كالإهتمام باجلانب العقلي، فالرتبية العاطفيّة لالأولد، وخصوصاً لالإناث
ليس عمالً هامشيّاً أو نافلة من نوافل الأداء الرتبوي بل هو حقّ من
حقوق الأولد كحقّهم يف النفقة والطعام والشراب.
ولو حاولنا دراسة الروايات الشريفة يف هذا الباب لوجدنا أنّ الإسالم
أعطاها أولويّة كبرية ملِ َا فيها من مضوؤوليّات جمّ ة. ويكن ترتيب الكالم
حول هذه القضية وفقاً للنقاط التالية :
1-الآداب العاطفيّة يف التعامل مع الأولد وخصوصً ا البنت:
يُالحظ أنَّ املنهج الرتبوي الإسالمي حدّ د آداباً عاطفيّة يف التعامل مع
الأولد، وخصوصً ا مع الإناث، وذلك لضرورة أخذ اجلرعات العاطفيّة
بناء الذات العاطفية عند الفتاة
1- Emotional Morals in treating the children (the girl)
1- ميزان احلكمة، حممد الريشهري، م، س، 1364/2، الصدوق، حممد، اخلصال،74/21.
39
38