07.01.2024 Views

ماكو فضاء حر للابداع -3-2023

مجلة الكترونية تهتم بتاريخ الفن العراقي، تتابع نشأته في القرن الماضي وما حصل من تبدلات في الاسلوب والرؤيا، مع اهتمام بنشر ما يتوفر من وثائق وصور ذات علاقة بهذا التاريخ.

مجلة الكترونية تهتم بتاريخ الفن العراقي، تتابع نشأته في القرن الماضي وما حصل من تبدلات في الاسلوب والرؤيا، مع اهتمام بنشر ما يتوفر من وثائق وصور ذات علاقة بهذا التاريخ.

SHOW MORE
SHOW LESS

You also want an ePaper? Increase the reach of your titles

YUMPU automatically turns print PDFs into web optimized ePapers that Google loves.

ملف العدد القادم<br />

مناذج من فن التصوير يف العراق<br />

مراد الدغستاني<br />

عبد الكرمي املصور<br />

310


305


308


307


306


305


حفر على املعدن ،76 56 x سم 1968<br />

304


حفر على املعدن ،56 76 x سم 1968<br />

حفر على املعدن ،76 56 x سم 1968<br />

303


302


حفر على املعدن ،76 56 x سم 1968<br />

حفر على املعدن ،76 56 x سم 1968<br />

301


300


299


اكريلك على القماش 100 x 100 سم<br />

حفر على املعدن ،76 56 x سم 1968<br />

298


تكوين متناظر مواد مختلفة على القماش 122 x 92 سم<br />

297


296


بدون عنوان،‏ مواد مختلفة . 99 99 x 99 x سم 2002<br />

مجموعة كندة للفن العربي املعاصر،‏ الرياض<br />

بدون عنوان،‏ مواد مختلفة 99 x 99 سم 2002<br />

مجموعة كندة للفن العربي املعاصر،‏ الرياض<br />

مدالية مهرجان املربد،‏ تصميم هاشم سمرجي<br />

295


‏»الثورة كونها متثل جتاوزاً‏ ‏»للقيم السلبية،‏ وبلورة<br />

لروح املستقبل«،‏ مبعنى كونها ‏»صانعة اإلنسان<br />

اجلديد«.‏<br />

وقد وقّع بيانها هذا الفنانون:‏ ضياء العزاوي،‏<br />

واسماعيل فتاح،‏ ورافع الناصري،‏ وصالح<br />

اجلميعي،‏ ومحمد مهرالدين،‏ وهاشم<br />

سمرجي…‏<br />

فكان هاشم أحد الفنانني العرب اللدن<br />

وظفوا التصميم التجريدي يف أعماله ونرى<br />

هناك استخدام كبير للتقابل أو التضاد يف<br />

لوحاته،كما أشارت دراسة مقارنة بني هاشم<br />

سمرجي وبرجيت رايلي السيل انتصار هاشم<br />

من جامعة البصرة يف بحث قدمته حيث تذكر<br />

أنه اهتم بآليات التفاعل اللوني،‏ فتكونت<br />

رسومه على أشكال هندسية بسيطة واستغالل<br />

التناقض يني الدرجات اللونية واستخدامها<br />

االشكال الضيقة ذات األقواس املتضادة فتولد<br />

إيهاما مثيراً‏ لالهتزاز،‏ كما استخدم السطوح<br />

املت<strong>حر</strong>كة باستعمال األبيض واألسود مما<br />

أتاح له إنتاج أقصى تقابل ممكن بني املناطق<br />

املتحاذية.‏<br />

تقوم أعمال هاشم كما يذكر الفنان السوداني<br />

شبرين على تفاعل سعيد بني مستويني،‏ هما<br />

الشكل العمودي واألفقي التوضيحي ، اللذان<br />

ضبطا بشكل أوصلهما إلى خلق سمفونية<br />

رياضية لألعاد البصرية.‏ إن عنصر الوقت<br />

بالنسبة له،‏ فكرة خيالية،‏ تغلبت عليها طبيعة<br />

املثلثات احليوية احلادة،‏ إن الوانه املبهجة<br />

تنسجم دائما مع املتطلبات األساسية لنسب<br />

إشراق اللون.‏ إنه يحلم بعالم أنيق،‏ ذي تأثير<br />

مادي،‏ محاط بعقالنية التوترات.‏<br />

294


هاشم سمرجي<br />

كتاب يف 120 صفحة بحجم متوسط<br />

دار األديب<br />

يعتبر هاشم سمرجي املولود يف املوصل عام<br />

1937 من األسماء املهمة من جيل الستينات.‏<br />

أكمل دراسته الفنية يف معهد الفنون اجلميلة،‏<br />

ثم يف أكادميية الفنون يف بغداد.‏ سافر مع<br />

سالم الدباغ ورافع الناصري يف دورة لتطوير<br />

جتربتهم بفن الكرافيك إلى لشبونة يف زمالة<br />

ملؤسسة كولبنكيان.‏ عرف بانشغاله بفن االوب<br />

آرت التي شاعت يف القرن املاضي.‏ يف مقدمة<br />

الكتاب استعرض الدكتور صباح الناصري<br />

تاريخ االوب ارت حيث يشير إلى أن هذه<br />

التسمية ظهرت للمرة األولى يف مقال نشر<br />

يف مجلة التامي االمريكية عام 1964 ثم شاهد<br />

هواة الفن أولى أعمال هذه احلركة اجلديدة<br />

يف معرض نظمه متحف الفن احلديث يف<br />

مدينة نيويورك عام 1965.<br />

هاشم سمرجي احد املؤسسني جلماعة<br />

الرؤية اجلديدة عام ١٩٦٩ مع رافع الناصري،‏<br />

إسماعيل فتاح،‏ محمد مهر الدين،‏ وضياء<br />

العزاوي،‏ حيث نشروا بيانهم الفني مع<br />

معلومات عن كل واحد منهم.‏ شارك يف جميع<br />

معارض هذه اجلماعة إلى جانب مشاركاته<br />

العربية والدولية املتنوعة,‏ حصل على اجلائزة<br />

األولى يف معرض الفن العربي املعاصر الذي<br />

نظمته شركة كرافن عام 1967<br />

فقد أكدت ‏»جماعة الرؤية اجلديدة«‏ هذه على<br />

‏»احلرية الفنية غير املشروطة مبوقف أسلوبي<br />

موحد،‏ أو باخلطوط العامة لرؤية فنية جماعية<br />

كأساس لها يف التوصل إلى طبيعة التقنية<br />

الفنية«..‏<br />

ورأى فنانوها أن ‏»الفن ممارسة موقف إزاء<br />

العالم،‏ عملية جتاوز مستمرة واكتشاف لداخل<br />

اإلنسان من خالل التغيير«،‏ عادّين ‏»الرؤية<br />

الفنية«‏ لهذا الفنان،‏ ويف هذا الفن،‏ هي يف أن<br />

يبني العالم من جديد،‏ ومحددين تكوين هذه<br />

الرؤية ببحث الفنان عن ‏»هوية حضارية«،‏<br />

داعني إلى ‏»متزيق التراث«،‏ ال من باب رفضه،‏<br />

وإمنا إليجاده من جديد.‏ ويف هذا رأوا أن<br />

عليهم حتديه لتحقيق جتاوزه..‏ واضعني<br />

أنفسهم موضع املطالَب بالتغيير والتجاوز<br />

واإلبداع،‏ ممجدين،‏ يف الوقت نفسه،‏ دور<br />

‏»الفنانني الرواد«،‏ الذيني رفضوا فيه الوصاية.‏<br />

أما مفهومهم للثورة فقد حددوه يف النظر إلى<br />

هاشم سمرجي ، ضياء العزاوي وزهير حسن،‏ مهرجان املربد،‏ البصرة 1972<br />

293


292


من اليسار الفنان صالح اجلميعي مع الدكتور جواد هاشم<br />

يف افتتاح معرضه يف متحف الفن احلديث،‏ بغداد 1970<br />

الفنان صالح اجلميعي مع احد اعماله يف املعرض الثالث<br />

جلماعة للمجدديت،‏ متحف الفت احلديث،‏ بغداد 1967<br />

الفنان ضياء العزاوي،‏ الفنانه لطيفة التيجاني والفنان<br />

صالح اجلميعي ، دورة كوكوشكا للطباعة،‏ سالزبورك<br />

1975<br />

291


290


289


الفنان صالح اجلميعي مع طالبه،‏ بعقوبة 1967<br />

وزير االعالم شفيق الكمالي يفتتح معرض الفنان رافع<br />

الناصري وضمن احلضور الفنان صالح اجلميعي<br />

والفنان نوري الراوي 1969<br />

الفنان صالح اجلميعي يف مرسمه يف بغداد 1969<br />

الفنان صالح اجلميعي مع الفنان طالب مكي،‏ الفنان<br />

عبد االله السعودي معهد الفنون اجلميلة 1969<br />

288


287


الفنان صالح اجلميعي،‏ كالرس سلطان،‏ الكويت.‏ 1970<br />

الفنان صتالح اجلميعي مع اخيه رياض يف معرضه<br />

الشخصي يف متحف الفن احلديث،‏ بعداد<br />

1970<br />

الفنان صالح اجلميعي يتوسط عائلته من االمام ولده<br />

عزت وابن اخيه محمد طارق والى اخللف ولده هادي<br />

وابنت اخيه ايات<br />

الفنان صالح اجلميعي مع طالبه،‏ بعقوبة 1967<br />

286


285


الفنان صالح اجلميعي مع عقيلته جيني يف منزلة يف كالريفونيا 2019<br />

من اليمني الفنان صالح اجلميعي مع خريجيل كلية سان فرنسيسكو للغات<br />

الفنان صالح اجلميعي يف مرسمه،‏ كالريفونيا 2015<br />

الفنان صالح اجلميعي يف مرسمه،‏ كالريفونيا،‏ 2016<br />

284


جماعة اجملددين امام مقر جمعية الفنانني<br />

العراقيني،‏ بغداد من اليمني الفنان نوري<br />

الراوي،‏ الفنان خالد النائب،‏ الفنان سلمان<br />

عباس،‏ الفنانابراهيم زاير،‏ الفنان طاهر<br />

جميل،‏ الفناجنميل صبحي،‏ اجلرجفجي،‏<br />

ويف اخللف الفنان طالب مكي.‏ 1964- 1965<br />

جماعة اجملددين،الفنان ابراهيم زاير،‏ لفنان<br />

سالم الدباغ،‏ الفنان طاهر جميل،‏ الفنان<br />

صالح اجلميعي،‏ الفنان عامر العبيدي.الفنان<br />

طالب مكي،‏ الفنان خالد النائب،‏ جمعية<br />

الفنانني العراقيني 1967<br />

الفنان صالح اجلميعي،‏ وزرارة التخطيط،‏<br />

بغداد<br />

من اليسار لفنان صالح اجلميعي مع العاملني<br />

يف وزارة التخطيط يف رحلة نهرية.‏ 1970<br />

الفنان صالح اجلميعي يف معهد الفنون<br />

اجلميلة،‏ بغداد،‏ 1961<br />

283


282


281


الفنان صالح اجليعي.‏ وزرارة التخطيط.‏ بغداد 1970<br />

الفنان صالح اجلميعي وطارق ابراهيم..‏ 1969<br />

الفنان صالح اجلميعي،‏ وزرارة التخطيط.‏ 1968<br />

الفنان صالح اجلميعي،‏ معهد الفنون اجلميلة،‏ بغداد.‏<br />

الفنان صالح اجلميعي،‏ كالري سلطان،‏ الكويت 1970<br />

280


279


الفنان رافع الناصري،‏ الفنان هاشم سمرجي،‏<br />

الفنان ضياء العزاوي والفنان صالح اجلميعي.‏<br />

1970<br />

الفنان صالح اجلميعي،‏ كالري سلطان،‏<br />

الكويت.‏ 1970<br />

من اليسار الفنان احتاد كزمي،‏ الفنان صالح<br />

اجلميعي،‏ الفنان ضياء العزاوي،‏ رافع الناصري<br />

ويف اخللف الفنان يخيى الشيخ.‏ 1972<br />

الفنان صالح اجلميعي،‏ جمعية الفنانني العراقيني<br />

، بغداد 1969<br />

278


ملصق عن فلسطني،‏ تصميم الفنان صالح اجلميعي<br />

جالل حيدر ، الفنان صالح اجلميعي،‏ الفنان ضياء العزاوي والفنان<br />

رافع الناصري،‏ مطبعة رمزي.‏ السبعينات<br />

الفنان ضياء العزاوي،‏ الفنان صالح اجلميعي،‏ الفنان فائق حسني<br />

والفنان نداء كاظم،‏ متحف الفن احلديث،‏ بغداد،‏ السبعينات<br />

277


276


275


274


273


272


271


270


269


268<br />

وثائق


267


صالح اجلميعي،‏ حبر على الورق،‏<br />

دراسة ملوديل 1977<br />

صالح اجلميعي،‏ حبر على الورق،‏<br />

دراسة ملوديل 1977<br />

266


265


طالب مكي،‏ حبر على الورق 1966<br />

صالح اجلميعي،‏ حبر على الورق 21 x 28 سم<br />

صالح اجلميعي،‏ حبر على الورق 41 x 41 سم<br />

264


263


صالح اجلميعي،‏ حبر على الورق<br />

صالح اجلميعي،‏ قلم رصاص على الورق<br />

14 x 22 سم.‏<br />

صالح اجلميعي،‏ حبر على الورق،‏ دراسة ملوديل<br />

1977<br />

262


صالح اجلميعي،بدون عنوان،‏ ييراميك 2003<br />

صالح اجلميعي،بدون عنوان،‏ سيراميك 18 x 26 سم 2004<br />

261


260


صالح اجلميعي،‏ بدون عنوان،‏ سيراميك 26 x 42 سم 2004<br />

صالح اجلميعي،بدون عنوان ، سيراميك 15 x 20 سم 2004<br />

259


258


صالح اجلميعي،‏ بدون عنوان،‏ سيراميك 26 x 20 سم 2005<br />

257


256


صالح اجلميعي،‏ سمكة،‏ سيراميك<br />

26 x 52 x 15 سم 2001<br />

صالح اجلميعي،‏ بدون عنوان،‏ سيراميك 2004<br />

255


254


صالح اجلميعي،دراسة لنافورة ، 2003<br />

253


252


صالح اجلميعي،بدون عنوان،‏ سمكة مافورة 2002<br />

صالح اجلميعي،‏ بدون عنوان،‏ سيراميك 2<br />

26 x 2 سم 2000<br />

251


250<br />

صالون اجمللة


مقاطع من كتاب قدمي ، الوان مائية وزيت على الورق 56 x 76 سم 1987<br />

249


مقاطع من كتاب قدمي ، الوان مائية وزيت على الورق 56 x 76 سم 1987<br />

248


صالح اجلميعي،مقاطع من كتاب قدمي ، الوان مائية وزيت على الورق<br />

56 x 76 سم 1987<br />

247


صالح اجلميعي،مقاطع من كتاب قدمي ، الوان مائية وزيت على الورق 7<br />

56 x 6 سم 1987<br />

246


صالح اجلميعي،‏ الطريق الى الزوية . املنيوم وزيت على اخلشب،‏ 9<br />

91 x 1 سم 2007<br />

مؤ ‏ّسسة رمزي سائدة د ‏ّلول للفنون،‏ بيروت.‏<br />

صالح اجلميعي،‏ مقاطع من كتاب قدمي ، الوان مائية وزيت على الورق 7<br />

56 x 6 سم 1987<br />

245


244


صالح اجلميعي،‏ بورتريت،‏ زيت على القماش 1965<br />

صالح اجلميعي،‏ تفصيل جلدارية ، حتية المراة،‏ زيت واملنيوم 2020<br />

243


242


241


صالح اجلميعي،‏ اجلدار،‏ سيراميك ‏،املنيوم وزيت<br />

127 x 89 سم - 2004 06<br />

صالح اجلميعي،‏ تصميم.‏ املنيوم مع سيراميك 12<br />

91 x 1 سم 2011<br />

مؤ ‏ّسسة رمزي سائدة د ‏ّلول للفنون،‏ بيروت.‏<br />

240


صالح اجلميعي،‏ تفصيل جلدارية،‏ املنيوم 2015<br />

صالح اجلميعي،‏ الصياد،‏ الوان مائية مع حبر على الورق<br />

10 x 15 سم 1961<br />

صالح اجلميعي،‏ بورتريت زوجة الفنان،‏<br />

مواد مختلفة مع الزين 1977<br />

239


238


صالح اجلميعي،‏ حائط من السمنت،‏ املنيوم وزيت على اخلشب<br />

91.5 x 122 سم 2005<br />

صالح اجلميعي،‏ شارع املدينة،‏ املنيوم وزيت على اخلشب<br />

91.5 x 91 سم - 2007 08<br />

237


236


صالح اجلميعي،‏ منطقة اجليران يف الليل ، باستيل وزيت على الورق<br />

24 x 32 سم 1961<br />

235


234


صالح اجلميعي،‏ االنتظار رقم ١ حبر اسود على الورق<br />

42 x 57 سم 1975<br />

233


صالح اجلميعي،‏ بدون عنوان،‏ املنيوم مع ورق ذهب وزيت على القماش 91.<br />

91.5 x 5 سم 1986<br />

232


صالح اجلميعي،‏ بدون عنوان،‏ مونوتايب على الورق 3<br />

30 x 0 سم 1964<br />

231


صالح اجلميعي ‏،شتاء،‏ املنيو وزيت على االملنيوم<br />

122 x 122 سم 2015<br />

230


صالح اجلميعي،‏ الصباح،املنيوم وزيت<br />

81 x 122 سم 2007<br />

صالح اجلميعي،‏ بدون عنوان،‏ زيت على القماش<br />

122 x 122 سم 1980<br />

229


228


صالح اجلميعي،‏ ام وطفلها،‏ املنيوم وزيت على اخلشب<br />

91 x 122 سم 2007<br />

صالح اجلميعي،‏ بدون عنوان زيت على القماش 4<br />

40 x 0 سم 1995<br />

228


226


225


صالح اجلميعي،‏ على احلائط املنيوم،‏ سيراميك وزيت على اخلشب<br />

48 x 79 سم 2004<br />

صالح اجلميعي،‏ الطريق الى احملمودية،‏ زيت على اخلشب<br />

122 x 122 سم 2019<br />

224


صالح اجلميعي،‏ عودة حسن البصري،املنيو وزيت علي االملنيوم<br />

122 x 122 سم - 2018 019<br />

صالح اجلميعي،‏ احلدث،‏ املنيوم وسيراميك وزيت على اخلشب،‏<br />

91 x 91 سم 2012<br />

223


األولى«.‏<br />

قد يشي التمعن يف األشكال البارزة يف<br />

لوحات اجلميعي بوجود وجوه أو آثار،‏ حتيل<br />

املشاهد إلى تأويالت كثيرة وإيحاءات أكثر<br />

حتيلنا للتاريخ أو للواقع،‏ لكنها تكشف أيضا<br />

عن تضمينه <strong>حر</strong>وفا عربية وكتابات من<br />

حضارات وادي الرافدين محفورة على ما<br />

يشبه اجلدران.‏ فاستخدام اخلط أو الكتابة<br />

يف العمل الفني الذي شاع بني الفنانني<br />

العراقيني والعرب منذ الستينات،‏ يعد أساسيا<br />

يف تكوينات الفنان،‏ وهذا ما يفسر ولعه بفنون<br />

الغرافيك وممارسته املبكرة يف انتاج األعمال<br />

املطبوعة بالشاشة احلريرية والبوستر،‏ وتطوير<br />

مهاراته يف منتصف السبعينات بااللتحاق يف<br />

األكادميية الصيفية يف سالزبورغ يف 1974 و<br />

1975، ومن ثم إقامة محترف له يف كاليفورنيا<br />

بعد هجرته واستقراره هناك منذ 1980.<br />

من املؤسف أننا بسبب هذا االبتعاد لم نعد<br />

قادرين على مواكبة جتربته الفنية املمتدة<br />

عيانا،‏ ومواكبة نشاطه الفني املتواصل،‏ كما<br />

تشير إليه سيرته الشخصية،‏ إال من خالل<br />

ما يتسنى مشاهدته يف الصور اجملموعات<br />

اخلاصة أو وسائل االعالم.‏<br />

17 كانون األول،‏ – <strong>2023</strong> عمّان<br />

222


صالح اجلميعي،‏ طباعة الشبكة احلريرية على الورق 1977<br />

مت طباعتها من قبل زوجة الفنان جيني<br />

221


األساليب.‏ وعلى مدى احلقب ظل قوة األداء<br />

والتنوع باألساليب من السمات التي ميّزت<br />

احلركة التشكيلية.‏<br />

ويعد معرض الرؤية اجلديدة خير دليل على<br />

هذا التنوع واجلرأة يف الطرح وبشكل مدهش.‏<br />

كما كان أيضا مدخلي إلى عالم هذه اجملموعة<br />

التي س<strong>حر</strong>تني أعمال فنانيها،‏ وأغربها أعمال<br />

صالح اجلميعي التي أثارت فضولي للدخول<br />

يف عاملها ثم فهمها وهو ما حتقق الحقا.‏ أبهر<br />

اجلميعي مشاهديه بتعبيرية أعماله التجريدية،‏<br />

وغموض تكويناتها واجلمع بني القدمي واحلديث<br />

يف املشهد الواحد،‏ ومن ثم تفردها باستخدام<br />

مواد غير تقليدية ذات ملمس على سطح القماش<br />

أبرزها صفائح األملنيوم.‏ لعل أبرز ما أكد عليه<br />

مضمون بيان الرؤية الفنية انطالق الفنان من<br />

ذاتيته،‏ مبعنى مواجهة الذات والصدق معها.‏<br />

اعتمد الفنان األسلوب التجريدي الرمزي<br />

يف طرح رؤاه.‏ يكشف التمعن يف أعماله عن<br />

أشكال توحي بأنها وجوه غائرة يف العمق<br />

تتطلع إلى املشاهد بعيون مليئة باألسى.‏<br />

ويتجلى ذلك من طريقة معاجلته لسطح اللوحة<br />

ذات التصميم التركيبي املدروس،‏ لصفائح<br />

األملنيوم ونتوءات اجلبس على قماش اللوحة.‏<br />

كما أن حدة تعامله مع املواد وتطويعها لتحقيق<br />

مشهد درامي متوتر،‏ يشد املشاهد ويزجه يف<br />

عوالم الفنان غير املرئية.‏ يف الوقت ذاته جند<br />

ثمة ما يخفف من حدة ذلك التوتر باستخدامه<br />

ألوانا محدودة وهامسة ذات طابع غنائي<br />

جميل أحيانا.‏ لعل هذا املزج ما هو إال انعكاس<br />

لشخصيته الرقيقة احلساسة،‏ واجلمع بني<br />

التعبير عن ذاته الداخلية وما ترك الزمن من<br />

آثار تشير إلى وعيه العميق بالتاريخ ماضيه<br />

وحاضره،‏ وتتمظهر يف تلك الصفات الرمزية.‏<br />

يقول اجلميعي:‏ « اللوحة عندي تراكمات<br />

ملعرفة قدمية وأحداث ومشاهدات يومية<br />

عابرة.‏ هذه املفردات تتجمع وتختزن لتكون<br />

مبثابة ‏)املادة األولية(‏ للوحة،‏ حتى يأتي حدث<br />

معني ليفجّ‏ ر هذا اخلزين بشكل غير مبرمج،‏<br />

عندها يبدأ وعي الفنان وخياله يف صياغة<br />

رؤيته.‏ إن للشاعر مفرداته كذلك الرسام،‏<br />

وكالهما يعمدان إلى الرموز والتوريات إلفراغ<br />

الرؤية الفنية«‏ ‏)عادل كامل-‏ الفن التشكيلي<br />

املعاصر يف العراق-مرحلة الستينات-‏ دار<br />

الشؤون الثقافية ‏–بغداد ‎1986‎‏-ص 129-<br />

.)130<br />

إن استخدام اجلميعي أشكال اخلرائب يف<br />

بناء سطح اللوحة ما هو إال وليد استعادة<br />

مخزون ذاكرته والعودة إلى البيئة التي نشأ<br />

فيها يف جنوب العراق.‏ تلك التي استيقظت<br />

مجددا لتعبر عن مشاعر متزج بني البهجة<br />

واألسى.كان الفنان قد نشأ يف مدينة انتشرت<br />

فيها خرائب حضارات قدمية من تاريخ<br />

بالد الرافدين،‏ الشك أنها شكّلت خزينا يف<br />

ذاكرته ما فتأ أن استيقظ مع تطور مدركاته<br />

ومفاهيمه اجلديدة.‏ ثمة نقطة جوهرية وردت<br />

يف شهادة الفنان تتعلق مبنبع اإلبداع،‏ أي<br />

الظرف الذي يستدعي حتريك اخلزين ويوقظ<br />

الذاكرة فيدفع باملبدع إلى استغالله فنيا.‏ وهذا<br />

ما كان محور أطروحة البروفيسور فرانكلني<br />

روجرز يف كتابه:‏ الشعر والرسم باالشتراك<br />

ماري روجرز،‏ الصادر يف ‎1985‎عن جامعة<br />

غرب ألباما يف الواليات املتحدة،‏ حني وجد<br />

أن ما يجمع بني إبداع كل من الفنان والشاعر،‏<br />

هو ذلك االنتباه الذي وصفه ‏»بااللتفاتة«.‏<br />

ومن اجلدير بالذكر هنا أن هذا االستنتاج<br />

ليس جديدا،‏ بل سبق أن ورد يف كتاب أسرار<br />

البالغة لعبد القادر اجلرجاني يف القرن الرابع<br />

الهجري ‏)العاشر امليالدي(،‏ وسماها ‏»اإللتفاتة<br />

220


شاركهم يف هذا التوجه فنانون آخرون ممن<br />

حمل من اخلارج يحملون جتارب متطورة<br />

وأفكار جديدة للتوجه نحو املتغيرات السياسية<br />

واالجتماعية يف الداخل والتعبير عنها بطرق<br />

مبتكرة.‏<br />

بعد نكسة حزيران 1967 وتداعياتها التي<br />

أوجدت صدمة كبيرة يف العالم العربي،‏<br />

وأيقظت لدى الفنانني واملثقفني نزعة قوية<br />

إلى ضرورة تفعيل الفن لالنخراط يف القضايا<br />

الوطنية والتعبير عنها بأساليب حديثة مختلفة<br />

وغير مباشرة.‏ كان من نتاجها ظهور جماعة<br />

جديدة من فنانني شباب محدثني بخبرات<br />

متنوعة أبرزها جماعة « الرؤية اجلديدة«‏<br />

دعا لها فنانون بخبرات متنوعة،‏ وجدوا<br />

بينهم توافقا وانسجاما يف التوجه الفني نحو<br />

آفاق احلداثة والتمايز يف أساليب التعبير<br />

والتوجه الفكري،‏ وأقاموا معرضهم األول<br />

يف آذار ‎1969‎على قاعة املتحف الوطني<br />

للفن احلديث.‏ فأصدروا بيانا تضمن طرح<br />

توجهاتهم التي جاءت إحياء جلوهر ما جاء يف<br />

البيان األول جلماعة بغداد للفن احلديث،‏ مع<br />

حتديث يدفع باحلركة إلى اإلفادة من التيارات<br />

الفنية والفكرية احلديثة يف العالم،‏ وضرورة<br />

االنطالق بتجارب جديدة تعكس هوية الفنان<br />

ورؤيته اخلاصة.‏ وقع على البيان كل من ضياء<br />

العزاوي وإسماعيل فتاح ومحمد مهر الدين<br />

وهاشم سمرجي ورافع الناصري وصالح<br />

اجلميعي،‏ واقاموا معرضهم األول يف آذار<br />

.1969<br />

لعل من أبرز السمات التي متيزت بها احلركة<br />

التشكيلية احلديثة يف العراق ولفتت انتباه<br />

كل متابع منذ أول ظهور فني عربي لها،‏ هو<br />

التنوع يف األداء.‏ ففي حديث خاص مع العالمة<br />

الدكتور عبد العزيز الدوري ‏)عمان 1994(،<br />

أخبرني األستاذ بكل فخر واعتزاز،‏ أنه يف<br />

بادرة كانت األولى من نوعها،‏ دعت منظمة<br />

اليونيسكو يف 1948 إلى إقامة معرض تشكيلي<br />

عربي مرافقا ملعرض الكتاب يف املقر احلديث<br />

لها يف بيروت،‏ على هامش اجتماع نخبة من<br />

التربويني يف الدول األعضاء يف اجلامعة<br />

العربية،‏ وشارك يف املعرض كل من مصر<br />

ولبنان والعراق وقد ترأس الدكتور الدوري<br />

الوفد العراقي.‏ لقد شارك يف اجلناح العراقي<br />

أبرز الفنانني ويف مقدمتهم الرائدان فائق<br />

حسن وجواد سليم.‏ لغاية ذلك الوقت لم يكن<br />

أحد يعرف أي شيء عن احلركة التشكيلية<br />

احلديثة يف العراق،‏ لكن أعمال الفنانبني<br />

املشاركني لفتت أنظار الزوار واملهتمني بالفنون<br />

بتميز أعمال الفنانني بطابعها اخلاص وقوة<br />

تعبيرها بقدر ما أثار دهشتهم التنوع يف<br />

219


صالح اجلميعي ‏،بدون عنوان،‏ مواد مختلفة على القماش 115 x 115 سم<br />

مجموعة كندة للفن العربي املعاص،‏ الرياض<br />

صالح اجلميعي،‏ االنتظار،‏ حبر صيني على الورق،‏ 46 x 66 سم 1975<br />

218


صالح اجلميعي،‏ بدون عنوان،‏ املنيوم وزيت على اخلشب<br />

81 x 122 سم 2004<br />

صالح اجلميعي،‏ بدون عنوان،‏ املنيوم وورق ذهب وزيت 1980<br />

من ضمن معروضات معرض ابو ظبي<br />

217


أمريكا للتدرب يف كلية كاليفورنيا للفنون<br />

واحلرف يف مدينة أوكالند ‏)كاليفورنيا(‏ يف<br />

1965. وكان قد بدأ نشاطه الفني يف بغداد<br />

وهو يف مرحلة الدراسة،‏ إذ أصبح عضوا يف<br />

جمعية الفنانني التشكيليني )1961( وشارك يف<br />

معارضها اجلماعية ولدى عودته أقام معرضا<br />

شخصيا يف مركز أصدقاء الشرق األوسط يف<br />

.1966<br />

بدأ اجلميعي حياته العملية مصمما يف املطبعة<br />

الوطنية ثم انتقل إلى مطبعة الفنان ناظم<br />

رمزي حيث مارس الطباعة على الزنكوغراف،‏<br />

والطباعة على الشاشة احلريرية.‏ وكان<br />

قد برع أيضا يف ممارساته لفن الغرافيك<br />

وحتديدا يف الطباعة على الشاشة احلريرية<br />

إلى جانب براعته يف البوستر وتصميم أغلفة<br />

الكتب بأسلوب جتريدي.‏ لقد متيزت مطبعة<br />

رمزي باستقطابها رجال األعمال من التجار<br />

والصناعيني املرموقني،‏ كما استقطبت كبار<br />

الفنانني واملعماريني الذين أحاطوا بالفنان<br />

القدير واملصور البارع.‏<br />

هكذا وجد الفنان نفسه يف قلب الوسط<br />

الفني املفعم آنذاك بالنشاط واالبداع املتنوع<br />

والتعرف إلى مبدعيه.‏ فهو من خالل دراسته<br />

واالطالع على تاريخ احلركات التشكيلية يف<br />

العالم،‏ وما اكتسبه من وعي وتنبيه إلى التراث<br />

الفني احمللي،‏ أصبح يف طليعة املتحمسني<br />

لكسر القيود التقليدية واالندفاع إلى التجديد<br />

مع جتاوز حدود التحارب التقليدية نحو آفاق<br />

عاملية.‏ وهذا ما دفعه إلى املشاركة يف تأسيس<br />

جتمع فني حتت اسم اجملددون »1964-<br />

- 1968 Innovationists .The وهو جتمع بادر<br />

إلى تأسيسه فنانون شباب التحقوا بالدورة<br />

األولى ألكادميية الفنون )1962( وتتلمذوا على<br />

يد أساتذة من أوربا الشرقية،‏ استطاعوا أن<br />

يوجدوا وعيا مختلفا لدى الطالب مبا حملوه<br />

من أفكار ودعوات طليعية إلعادة النظر يف<br />

احمليط احمللي،‏ واالستفادة من خاماته.‏ وقد<br />

216


صالح اجلميعي،‏ العائلة،‏ املنيوم وزيت 122 x 80 سم 2004<br />

215


214


213


صالح اجلميعي،‏ طيور احلب،‏ املنيوم وزيت على اخلشب<br />

92، 92 x سم 2017<br />

صالح اجلميعي،االصرار،‏ املنيوم،‏ سيراميك وزيت على اخلشب<br />

91 x 122 سم 2011<br />

صالح اجلميعي – اجلذر الصلب<br />

مي مظفّر<br />

مع منتصف ستينات القرن املاضي،‏ وعودة<br />

النشاط الفني إلى الساحة الثقافية وبعد بضع<br />

سنوات من جمود ساد إثر رحيل الفنان جود<br />

سليم يف 1961، بدأت الساحة الفنية تسترد<br />

عافيتها مع جيل جديد استطاع ال أن ينهض<br />

باحلركة الفنية فقط،‏ وإمنا الدفع بها إلى<br />

الوقوف يف طليعة الفنون العربية بفضل قامات<br />

موهوبة قوامها فنانون درسوا يف معاهد فنية<br />

مختلفة خارج العراق وعادوا حاملني معهم<br />

جتاربهم املتطورة وأفكارهم اجلديدة،‏ وفنانون<br />

أنهوا دراستهم يف معهد الفنون اجلميلة<br />

وتتلمذوا على يد رواد احلداثة،‏ وآخرون ممن<br />

درس يف الدورات األولى ألكادميية الفنون<br />

التي تأسست يف 1962. كان من ضمن هؤالء<br />

اجملددين املبدعني الفنان القدير صالح<br />

اجلميعي )1939(، القادم من مدينة الصويرة<br />

الواقعة على الضفة اليمنى من نهر دجلة<br />

جنوب العراق.‏<br />

كانت موهبته وقدراته اإلبداعية يف مجال<br />

فنون الرسم والتخطيط قد ظهرت يف مرحلتي<br />

االبتدائية واملتوسطة.‏ ولدى انتقاله إلى بغداد<br />

يف منتصف اخلمسينات من القرن املاضي<br />

أكمل دراسته يف معهد الفنون اجلميلة )1959-<br />

1962( وتخرج بدرجة شرف،‏ فرشحته وزارة<br />

التربية لزمالة أصدقاء الشرق األوسط إلى<br />

212


211


صالح اجلميعي،‏ يف احلقل،‏ املنيوم وريت على اخلشب<br />

122 x 61 سم 2017 مجموعة بيكر.‏<br />

210


صالح اجلميعي،بدون عنوان،‏ املنيوم 95 x 110 سم<br />

مجموعة كندة للفن العربي املعاص،‏ الرياض<br />

صالح اجلميعي،‏ على احلائط،‏ املنيوم وزيت على اخلشب<br />

76 x 122 سم 2004<br />

209


208


207


صالح اجلميعي،‏ زوجني،‏ املنيوم وزيت على اخلشب،‏ 91 x 122 سم 2007-2006<br />

206


صالح اجلميعي،‏ امراة شابة،‏ املنيوم وزيت على اخلشب،‏<br />

91 x 91 سم 2008<br />

صالح اجلميعي،‏ الوان مائية مع ورق الذهب على الورق املكبوس<br />

على لوح خشب <strong>حر</strong>ويف 56 x 76 سم<br />

205


204


203


صالح اجلميعي،‏ رجل ميت يف الطريق،‏ الوان مائية<br />

وشمع على الورق 15 x 10 سم 1961<br />

202


صالح اجلميعي،‏ تفصيل رقم 2 من لوحة االصرار،‏<br />

املنيوم.‏ سيراميك وزيت على اخلشب 2014-2011<br />

صالح اجلميعي،‏ زوجني،‏ رقم ١ مواد مختلفة على الورف 48 x 60 سم 1975<br />

201


200


صالح اجلميعي،‏ بدون عنوان،‏ املنيوم،‏ سيراميك وزيت على اخلشب<br />

92 x 92 سم 2009<br />

على اجلدار،‏ املنيوم ، سيراميك وزيت على اخلشب<br />

صالح اجلميعي،‏ 48 x 79 س.‏ 2004<br />

199


198


معاجله األشكال الهندسية من مربعات<br />

ومستطيالت،‏ يف تكوين بنية هندسية عالية<br />

حتاكي ما يف داخل نفسه من تعبيرات<br />

وجدانية،‏ كما يف العينة رقم )1(.<br />

2- قام بتوزيع مفردات العمل الفني على<br />

السطح التصويري ‏،معتمدا يف جتسيده لبنية<br />

التكوين اإلنشائي على تقسيم املساحة الكلية<br />

للسطح التصويري إلى قسمني متساويني<br />

تقريبا،‏ عن طريق خط بارز وجعل أشكاله<br />

التجريدية كأيقونات ذات طابع تعبيري<br />

هندسي،‏ كما يف العينة رقم )2(.<br />

3- استخدم املعادن وتلصيقها بطريقه<br />

الكوالج ومن ثم <strong>حر</strong>قها وإظهار اللون الفضي له<br />

واستخدام مادة الوتر بروف مع الرمل ليتركه<br />

يجف على سطح اللوحة،‏ كما يف العينة رقم<br />

.)3(<br />

4- من سمات احلداثة أن أصبح الفنان<br />

يحمل أسلوب التفرد والتجدد واحلرية يف<br />

األداء األسلوبي املتفرد النابع من الذات،‏ ونبذ<br />

كل القيم السائدة يف ظل اجملتمع االستهالكي<br />

الذي حتكمه اآللة مبتعدا عن مثقالت الواقع<br />

وإرهاصاته مستبدال إياها بتكوينات مساملة،‏<br />

كما يف العينات : 1،2،3 .<br />

5- اختزل صالح اجلميعي ضمن مراحل<br />

حتوالته األسلوبية األلوان واعتمد على التعبير<br />

املأساوي بعيدا عن الزخرفة واجلماليات<br />

الشكلية،‏ ولم يعد يهتم بالتشخيص الواقعي وال<br />

بالطريقة التقليدية يف الرسم.‏<br />

197


صالح اجلميعي،‏ صيف.‏ املنيوم وزيت على اخلشب<br />

48 x 24 سم 2014<br />

من وتعبيره عن تصوراته األسلوبية يف تأكيد<br />

على التشكيالت اخملتزلة.‏ ولقد متيز بأعماله<br />

الفنية باالختزال الشكلي واللوني.‏ باالعتماد<br />

على اللون الداكن واللون البني املائل إلى<br />

احلمرة فقد جعل من اللون األسود الغامق<br />

والبني الغامق املائل إلى احلمرة لوننا مسيطرا<br />

على اجلو العام للوحه بتعبيراتهما التجريدية.‏<br />

فضال عن اخلطوط االفقية والعمودية<br />

واملنحنية،‏ وأحيانا استخدم احلروف واألرقام .<br />

مبزاوجته اللونني البني املائل إلى السواد<br />

والبني املائل الى احلمرة خرج بأشكال<br />

وخطوط<br />

وتقاطعات وأخيرا جند أن تلك األشكال تتحول<br />

الى فارس امتطى صهوة جواده ليحلق يف<br />

<strong>فضاء</strong> اللوحة،‏ لذا يبدو العمل الفني وكأنه<br />

نصوص فكرية يف طبيعتها اجملردة.‏<br />

نتائج<br />

1- قام الفنان صالح اجلميعي بتجريد<br />

األشكال ذات البعد التأويلي العالي من خالل<br />

196


بنائية مجردة تعبر عن عوالم خفية ال مرئية،‏<br />

تقترب من اجلمال اخلالص ليضع عمله الفني<br />

أمام املطلق اجلمالي دفعة واحدة.‏ وهذه سمة<br />

حداثوية واضحة.‏ فاملشاهد يحتاج إلى التنقيب<br />

كمساهمة فعلية منه للكشف عن املضمون،‏ أو<br />

املستتر.‏<br />

عينة رقم )3(<br />

السنة:‏ ،1987 القياس:‏ × 34 34 ، املادة:‏<br />

كرافيك،‏ اسم العمل:‏ بدون عنوان،‏<br />

العائدية:‏ املتحف الوطني للفن احلديث.‏<br />

طبق الفنان يف هذا العمل مفهوم التنافذ<br />

الشكلي واجلمالي بني األشكال واخللفية،‏ إذ<br />

يبدو ثمة تنويعات وأشكال <strong>حر</strong>كية على شكل<br />

املربع ذي طابع جتريدي يوحي بالعفوية عن<br />

طريق تقنية الكرافيك،‏ استعان الفنان بلونني<br />

استطاع أن يظهر فيهما أشكاله التجريدية<br />

صالح اجلميعي،حفر على املعدن 98 x 98 سم 1974<br />

مؤ ‏ّسسة رمزي سائدة د ‏ّلول للفنون،‏ بيروت.‏<br />

195


التكوين العام للوحة نفذ بأسلوب جتريدي<br />

، بتوزيع مفرداتها على السطح التصويري ،<br />

واعتمد<br />

الفنان يف جتسيده للتكوين اإلنشائي على<br />

تقسيم املساحة الكلية للسطح التصويري إلى<br />

قسمني متساويني تقريبا،‏ األول يف األعلى<br />

مكون بشكل عام من لون غامق،‏ والقسم<br />

األسفل من اللوحة جعله بلون فاحت،‏ بينهما<br />

خط باللون األبيض،‏ وقد وعزز من التقسيم<br />

التقاء احلد الفاصل بني املساحة اللونية<br />

الغامقة يف األعلى والفاحتة يف األسفل.‏<br />

نالحظ يف القسم العلوي من اللوحة أن<br />

الفنان غطاه باللون الداكن تتخلله ستة أشكال<br />

جتريدية بعيدة عن التشخيص ال ميكن<br />

حتديد معاملها،‏ واعتمد بشكل رئيسي على<br />

عنصر اخلط الذي نوّع باجتاهاته عموديا<br />

ومائال وعشوائيا ميا يفتح مجاال للتأويل عند<br />

املشاهد مستشفا من اخلطوط وهي تستقيم<br />

وتنفرج وتتقوس لتصعد وتنحني وتتقاطع كأنها<br />

موسيقى،‏ بحيث أن اخلط يفقد وضوحه عند<br />

املتلقي فيحيله نحو قراءات فلسفية ألشكال<br />

جتريدية تصل إلى مستوى الرمز بسبب<br />

االختزال العالي لألشكال والذي يقابله اختزال<br />

عالي يف اللون،‏ فالرسام اقتصر على اللون<br />

األسود والرصاصي وتدرجاتهما اللونية ،<br />

بينما عمد إلى طالء القسم السفلي مبساحه<br />

من اللون الرصاصي يظهر يف منتصفها شكل<br />

جتريدي غير محدد املعالم نفذه عن طريق<br />

خطوط سريعة باللون<br />

الرصاصي الغامق ميكن إن يشير إلى شكل<br />

فتاه رشيقة كأنها راقصة باليه تقف على ساق<br />

واحده على إطراف<br />

أصابع قدمها ليسرى.‏ وأكد اجلميعي على<br />

هذا التقسيم بأن جعل هذا اخلط على شكل<br />

زاوية منفرجة تبرز فوق السطح باستخدم مادة<br />

الووتر بروف.‏ قدم اجلميعي يف هذا العمل<br />

رؤية فنية م<strong>حر</strong>كة لبنية العمل اجلمالي واملعريف<br />

محاوال إيجاد صلة بني بناء الصورة من جهة،‏<br />

وإعادة تفكيكها من جهة أخرى،‏ من خالل<br />

جتريد<br />

االشكال والت<strong>حر</strong>ر من القيود املوضوعية<br />

والبحث عن عالقات شكلية تكونت تبعا<br />

ألنساق<br />

194


جالسة بوضع عمودي،‏ فيما ظهرت بقية<br />

األشكال بوضع أفقي.‏<br />

عمد الفنان يف هذه اللوحة على جتريد<br />

األشكال ذات البعد التأويلي العالي مبعاجلة<br />

األشكال<br />

الهندسية من املربعات واملستطيالت،‏ ويبرز<br />

اخلط كعنصر تشكيلي مهم يف تكوين بنية<br />

هندسية عالية حتاكي ما يف داخل نفس الفنان<br />

من تعبيرات وجدانية.‏ وقد كرر الفنان بعض<br />

املفردات الهندسية ليشكل من خاللها<br />

إيقونات العمل يف اخلطوط املستقيمة<br />

واألفقية.‏ وقد مثل يف هذا العمل أيضا<br />

شخوصاً‏ مجردة مثلها بطريقة تعبيرية<br />

هندسية.‏ الفنان لم يتناول الواقع<br />

باستجابات مشدودة كردة فعل صاخب ومتوتر<br />

ملا تناوله بعض الفنانني بل تناول احمليط<br />

باسترسال مهذب معطر بنكهة املاضي والتراث<br />

مبتعدا عن ثقل الواقع وإرهاصاته مستبدال<br />

إياه بتكوينات مساملة.‏<br />

ينتقل صالح هنا بخفة س<strong>حر</strong> بني عوالم اللوحة<br />

ليضع فيها جتريدات لونية وشكلية متيل الى<br />

الشكل املعماري،‏ وذلك ألنها تعبر عن انسجام<br />

مع املوروث احلضاري والبيئة احمليطة بطريقه<br />

تعبيرية،‏ وبألوان حتمل رموز املوروث والبيئة<br />

العراقية ذات األلوان الرمزية فكان <strong>حر</strong>يصا<br />

على جتسيد مسارب لتأويل النص البصري<br />

باستخدم التحوير يف األشكال الهندسية<br />

واإلنسانية معتمدا بذلك مبدأ التجميع<br />

والتوليف بني الشخوص واألشكال الهندسية<br />

والتجريدات<br />

اللونية .<br />

.<br />

عينة رقم )2(<br />

السنة:‏ ، 1975 القياس:‏ × 50 ،40 املادة:‏ زيت<br />

على كانفس،‏ اسم العمل:‏ بدون عنوان<br />

العائدية:‏ املتحف الوطني للفن احلديث.‏<br />

صالح اجلميعي،‏ الوان مائية مع ورق الذهب على<br />

الورق املكبوس<br />

على لوح خشب <strong>حر</strong>ويف 56 x 76 سم<br />

193


صالح اجلميعي،‏ بدون عنوان املنيوم وزيت على القماش 10<br />

100 x 0 سم 1980<br />

صالح اجلميعي،‏ الوان مائية مع ورق الذهب على الورق املكبوس<br />

على لوح خشب <strong>حر</strong>ويف 56 x 76 سم<br />

192


صالح اجلميعي الوان مائية مع ورق الذهب على الورق املكبوس<br />

على لوح خشب <strong>حر</strong>ويف 56 x 76 سم<br />

191


190<br />

صالح اجلميعي الوان مائية مع ورق الذهب على الورق املكبوس على لوح<br />

خشب <strong>حر</strong>ويف 56 x 76 سم


189


أن يوظفوا الكثير من خبراتهم يف مجال البحث<br />

والتجريب والتحديث،‏ يف سعيهم خللق رؤية<br />

جديدة تتناسب وحجم التحوالت والتغيرات<br />

احلاصلة يف بنية الواقع والفن،‏ تختلف عما<br />

كان مألوفاً‏ يف الفترات السابقة،‏ فظهرت يف<br />

أعمالهم الفنية سمات التحديث والتطوير من<br />

خالل املزاوجة بني التراث<br />

واحلداثة لتثبيت اخلصوصية احمللية للفن<br />

العراقي،‏ أي اجلدل ما بني الفنون العراقية<br />

القدمية،‏ والفنون العربية اإلسالمية،‏ من جهة،‏<br />

وما بني معطيات الفنون األوربية احلديثة،‏ من<br />

جهة اخرى .<br />

من ‏»اجملددين«‏ إلى ‏»جماعة اخلمسة«‏<br />

لقد ظهرت يف هذا العقد عدد من اجلماعات<br />

الفنية،‏ ففي عام 1965 تأسست جماعة<br />

اجملددين،‏ وقد انضم صالح اجلميعي إليها<br />

وكانت تضم عددا من الفنانني:‏ سالم الدباغ،‏<br />

صبحي اجلرجفي،‏ علي طالب،‏ فائق حسني،‏<br />

طالب مكي،‏ نداء كاظم،‏ ثم انضم إليهم عامر<br />

العبيدي،‏ إبراهيم زاير ، سلمان عباس،‏ خالد<br />

النائب.‏<br />

استمرت جماعة اجملددين أربع سنوات،‏ شارك<br />

اجلميعي زمالئه من رواد هذه اجلماعة يف<br />

بحثهم املستمر للحصول على الهوية العراقية<br />

يف الفن ضمن أسلوب خاص لكل فنان.‏<br />

اتسمت أعمال اجلميعي يف هذه املرحلة<br />

باختزال األلوان واعتمدت التعبير املأساوي<br />

بعيدا عن الزخرفة واجلماليات الشكلية،‏ يف<br />

عامي ، 1965 و ، 1966 على التوالي.‏<br />

ويف عام 1969 جرى اإلعالن عن تأسيس<br />

جماعة فنية هي جماعة الرؤية اجلديدة<br />

التي كان اجلميعي أحد روادها مبعية،‏ محمد<br />

مهر الدين،‏ رافع الناصري ، ضياء العزاوي<br />

، إسماعيل فتاح الترك وهاشم سمرجي.‏<br />

كما شهد العام نفسه تأسيس جماعة الفنانني<br />

الشباب.‏<br />

أقام اجلميعي تسعة معارض شخصية،‏ يف<br />

عواصم مختلفة،‏ يف بغداد،‏ بيروت،‏ الكويت،‏<br />

الرباط ، لندن.‏ وأسهم يف بينالي البوستر<br />

العاملي وارشو ، 1976 فضالً‏ عن عدة معارض<br />

مشتركة،‏ مثل املعرض املشترك ألربعة فنانني<br />

عراقيني يف بغداد 1972، واملعرض املشترك<br />

لثالثة فنانني عراقيني يف دمشق عام ، 1973<br />

ومعرض فن الكرافك يف بيروت.‏<br />

من السمات الواضحة يف أعماله استخدام<br />

مواد مختلفة يف بنية العمل الفني مثل خامة<br />

األملنيوم التي جندها لديه <strong>حر</strong>ة بأشكال<br />

مختلفة تتألف من سطح أو سطحني ، أو<br />

تتألف من سطح اللوحة ، كجدار قدمي يحمل<br />

سطحه رموزاً‏ مختلفة.‏ والفنان اجلميعي<br />

دائم البحث عن مفاهيم فنية جديدة ، فالفن<br />

يف رؤيته هو كل إبداع جديد يتناقض مع<br />

اجلمود.‏ وجاءت عنايته باملضمون الفني من<br />

منطلق اهتمامه بواقع احلياة اليومية.‏ وهذه<br />

الرؤيا كانت متوافقة مع رؤية ‏)جماعة الرؤية<br />

اجلديدة(‏ التي متيزت بالبحث والتجديد ولم<br />

تقبل باملسلمات الشائعة،‏ فتمردت عليها،‏<br />

لتمثل حتديث الرؤية يف التراث وقواعد الفن<br />

احلديث.‏<br />

يرى الناقد جبرا ابراهيم جبرا أن الفنان<br />

صالح اجلميعي اعتنى عناية خاصة بالوسائط<br />

التي تتمثل عادة مبزيج من املعدن،‏ األملنيوم<br />

يف األغلب،‏ واألكرليك.‏ ومن خالل هذا املزيج<br />

استمر يف اهتمامه القدمي بظلمات النفس<br />

وآالم احلب الفاجع وانتهاءً‏ بفظاعة القتل<br />

اجلماعي.‏<br />

يقول اجلميعي عن جتربته الفنية:‏<br />

‏»اللوحة عندي تراكمات ملعرفة قدمية وأحداث<br />

ومشاهدات يومية عابرة ‏،وهذه املفردات<br />

تتجمع وتختزن لتكون مبثابة املادة األولية<br />

للوحة،‏ حتى يأتي حدث معني يفجرهذا<br />

اخلزين بشكل غير مبرمج«.‏<br />

حاول صالح اجلميعي خلق رؤية جدلية<br />

توازن بني احلداثة والتراث من خالل النزعة<br />

التعبيرية متخلصاً‏ من التفاصيل الواقعية يف<br />

محاولة للتعبير بأسلوب أكثر قرباً‏ إلى املدارس<br />

احلديثة.‏ وكان دائم البحث عن سمة التحديث.‏<br />

ثالث عينات<br />

اختارت الباحثة رؤى قحطان ثالثة أعمال<br />

لصالح اجلميعي كعينات محددة لعمله قامت<br />

بوصفها وحتليلها وقدمت االستنتاجات<br />

بشأنها.‏<br />

عينة رقم )1(:<br />

سنة التنفيذ:‏ ، 1964 القياس:‏ × 62 43 ، املادة:‏<br />

زيت على خشب ، اسم العمل:‏ بدون عنوان<br />

العائدية:‏ املتحف الوطني للفن احلديث.‏<br />

العمل عبارة عن شكل هندسي يحتوي<br />

مجموعة أشكال مجردة يطغي عليها اللون<br />

البرتقالي وتدرجاته اللونية،‏ وتظهر هذه<br />

اجملموعة الشكلية بلون رصاصي الذي شكل<br />

لون اخللفية،‏ وميكن التعرف على شكل امرأة<br />

صالح اجلميعي،‏ املنيوم وزيت على اخلشب،‏<br />

91 x 91 سم.‏ 1986<br />

مؤ ‏ّسسة رمزي سائدة د ‏ّلول للفنون،‏ بيروت.‏<br />

188


سمات احلداثة يف أعمال صالح اجلميعي<br />

ترى رؤى قحطان أن تأثير احلداثة واضح<br />

يف الفن العراقي املعاصر منذ أواسط القرن<br />

العشرين متمثلة باجلماعات الفنية مثل جماعة<br />

الرواد،‏ التي اهتمت بالبحث عن اجلديد يف<br />

جتسيد املعنى،‏ كذلك يف العديد من التجارب<br />

الفنية جليل الستينيات وجيل السبعينيات.‏<br />

فقد حاول كثير من الفنانني أن تكون نتاجاتهم<br />

الفنية متالئمة مع الرؤيا اجلمالية والفكرية<br />

والعلمية واالجتماعية للحداثة،‏ واإلفادة من<br />

استلهام املور وث احلضاري والتراث الشعبي<br />

يف صياغة تكوينات ذات سمات حداثية.‏<br />

الفنان ‏)صالح اجلميعي(‏ واحد من الفنانني<br />

العراقيني الذين كان لسمات احلداثة أثر<br />

واضح يف نتاجاته الفنية،‏ فمن خالل جتاربه<br />

الفنية توصل إلى أسلوبه اخلاص..‏ أسلوب<br />

زاوج به بني الوعي واخمليلة وبتقنيات إظهار<br />

متنوعة ألشكاله الفنية للوصول الى أكبر<br />

مساحات التعبير.‏<br />

حتدّد رؤى مشكلة البحث وفق التساؤالت<br />

اآلتية:‏ ماهي سمات احلداثة يف أعمال صالح<br />

اجلميعي؟ وهل كان للتقنيات الفنية دور يف<br />

تكوين األسلوب لديه؟ وهل استطاع الفنان<br />

اخلروج عن اخلط الفني السائد عبر مسيرته<br />

الفنية؟ وكيف؟<br />

يتحدد البحث يف حدود األعمال الفنية للفنان<br />

صالح اجلميعي املنجزة يف العراق منذ عام<br />

1967 حتى عام . 1987<br />

.<br />

موقع الفنان<br />

ولد صالح اجلميعي عام 1939 يف مدينة<br />

الصويرة على بعد 55 كيلومتر جنوب بغداد،‏<br />

وهي أحد أقضية محافظة واسط.‏ أكمل<br />

دراسته األولية هناك،‏ مت درس الفن يف<br />

معهد الفنون اجلميلة ببغداد.‏ بدأ مشواره<br />

الفني يف الرسم باألسلوب الواقعي كما هو<br />

احلال معظم زمالئه.‏ نفذ بورتريت لفتاة عام<br />

، 1959 أظهر فيه التفاصيل الواقعية،‏ ونفذ<br />

موديالً‏ لرجل عام ، 1961 مختلفا عن املعاجلة<br />

السابقة بطريقة استخدام الفرشاة وكثافة<br />

اللون،‏ ونالحظ فيه اهتماما واضحا بالرسم<br />

األكادميي من خالل عمل مساحات لونية<br />

والتأكيد على ترك أثر الفرشاة واضحاً‏ وميكن<br />

تتبع اجتاه <strong>حر</strong>كتها املتباينة.‏<br />

ويف مطلع الستينات نفذ اجلميعي الكثير من<br />

األعمال باألسلوب التشخيصي وأحيانا يجري<br />

على أشكاله بعض التحويرات،‏ ثم بدأ يبتعد<br />

عن التشخيص شيئاً‏ فشيئاُ.‏ وقد شهدت هذه<br />

الفترة <strong>حر</strong>كة فنية واسعة وتنافس بني فناني<br />

هذا اجليل،‏ واستطاع اجلميعي أن يسجل له<br />

حضوراً‏ متميزاً‏ بني فناني جيل الستينات.‏<br />

خلفيات<br />

وتتناول رؤى قحطان العقد الستيني بوصفه<br />

انعطافة مهمة يف تاريخ احلركة التشكيلية يف<br />

العراق،‏ بسبب تأثره الكبير بسمات احلركة<br />

احلداثوية الغربية.‏ ويف احلقيقة لم يكن<br />

االزدهار الفني يف مرحلة الستينات وليد<br />

اللحظة،‏ بل كان استكماالً‏ لل<strong>حر</strong>كة الفنية التي<br />

نشطت يف اخلمسينيات،‏ وميكن أن نرى أن<br />

أهم تأثيرات احلداثة يف الرسم العراقي كانت<br />

قد تبلورت يف عقد اخلمسينيات ، بعد أن<br />

وضع الرواد اجلذور التأسيسية للفن احلديث،‏<br />

ومجيء جيل جديد ممن درس يف اخلارج وتأثر<br />

بالتيارات العاملية وكانوا أكثر استعداداً‏ لفهم<br />

احلقائق السابقة واحلديثة معا،‏ وأكثر وعياً‏<br />

جلعل الشكل أكثر حتديثاً‏ وتطويراُ.‏<br />

واحلال انتهج الفن العراقي املعاصر وجهة<br />

جديدة تعود يف بعض أسبابها إلى مؤثرات<br />

اجتماعية وثقافية ومنها احلرب العاملية<br />

الثانية،‏ وتواجد الفنانني البولونيني يف العراق<br />

آنذاك،‏ ما أحدث تطويراً‏ يف الرؤى الفنية،‏<br />

وظهور حتول يف الرسم من األسلوب الطبيعي<br />

إلى األساليب احلديثة،‏ ومن ثم أصبح الفن<br />

أكثر جديّة يف التعبير عن الواقع االجتماعي،‏<br />

فضالً‏ عن االلتزام احلضاري يف استلهام<br />

التراث،‏ ومحاولة حتقيق الشخصية احلضارية<br />

يف الفن.‏<br />

وشهد هذا العقد تأسيس جماعة الرواد<br />

1950 على يد الفنان فائق حسن،‏ كما تأسست<br />

جماعة االنطباعيني عام 1953 على يد الفنان<br />

حافظ الدروبي،‏ ثم تأسست جماعة بغداد<br />

للفن احلديث على يد جواد سليم،‏ وكان معظم<br />

أعضائها يبحثون عن الهوية الوطنية،‏ وظهرت<br />

سمات احلداثة يف نتاجاتهم الفنية بأساليب<br />

مختلفة تستدعي التأويل فضالً‏ عن مواكبتهم<br />

للتطور الفني السائد يف العالم إذ سعوا خللق<br />

أشكال تضفي على الفن العراقي طابعه<br />

وشخصيته الوطنية.‏<br />

كان من مبادئ جماعة بغداد للفن احلديث<br />

استلهام البيئة العراقية واملوروث احلضاري<br />

وتصوير حياة الناس يف شكل جديد.‏ وجلأ<br />

الكثير منهم إلى اإلفادة من فنون العراق<br />

القدمي والبحث عن أسلوب جديد عن طريق<br />

رؤية جدلية توازن بني احلداثة والتراث،‏ فمنهم<br />

من حقق النزعة التعبيرية أو بدأ بالتخلص من<br />

التفاصيل الواقعية يف محاولة للتعبير بأسلوب<br />

أكثر قربا إلى املدارس احلديثة.‏ وكان جميع<br />

الفنانني يف حالة من البحث الدائم والدؤوب<br />

عن سمة التحديث،‏ مثل تكرار األشكال<br />

والتخلي عن املنظور والتسطيح والتخلي عن<br />

الطرائق التقليدية األكادميية،‏ واالختزال،‏<br />

واالعتماد على البناءات التكوينية وعالقاتها.‏<br />

ان التأثر بالسمات احلداثوية الذي شهده<br />

جيل اخلمسينيات تواصل وتصاعد عند جيل<br />

الستينات،‏ فقد استطاع فنانو جيل الستينات<br />

187


البحث عن الفنان صالح اجلميعي!‏<br />

ثمة فنانون عراقيون أسسوا للحداثة الفنية،‏ أو قاموا بتجديدات ملموسة<br />

يف عملهم الفني،‏ سواء يف األسلوب أو يف استخدام املواد،‏ لكن لظروف<br />

احلياة العراقية السياسية القاسية،‏ جرى نسيانهم.‏ بعضهم هاجر وانقطعت<br />

أخباره،‏ وبعضهم اختار االنكفاء واالبتعاد عن اإلعالم.‏ إزاء ذلك هناك سوء<br />

التوثيق وانعدامه أحياناً،‏ وقلة اخملتصني القادرين على القيام مبراجعة<br />

منظمة إلجنازات املاضي . واحلال إن ما حدث من دمار للمؤسسة الفنية<br />

بعد االحتالل ، والنهب املنظم لألرشيف البصري واملعلوماتي جعل من<br />

أي بحث يف هذا الشأن يتصف بالصعوبة،‏ وأحيانا بالتردد إزاء معلومات<br />

متناثرة غير مترابطة،‏ وتواريخ خاطئة،‏ وأشخاص يبخلون تقدمي معلومات.‏<br />

نقول هذا عن جتارب مضنية..‏ لكن لم نتوقع أن ال جند معلومات موثقة<br />

عن فنان مجدد كصالح اجلميعي ، ونحن نعرف أن العديدين كتبوا عن<br />

أعماله الفنية كنقد أو متابعات صحفية،‏ وبعضه يتصف باجلودة.‏<br />

بعد بحث وتقليب وجدنا يف غوغل دراسة حتليلية بعنوان ‏)سمات احلداثة<br />

يف أعمال صالح اجلميعي(‏ للباحثة رؤى قحطان عبد اهلل.‏ باأل<strong>حر</strong>ى وجدنا<br />

عرضاً‏ لهذه الدراسة نشر يف مجلة ‏)األكادميي-‏ العدد 100 ‏-السنة 2021(.<br />

وكنا قد اتصلنا بالباحثة رؤى عدة مرات من دون أن نتلقى جواباً،‏ ما جعلنا<br />

نعوّل على هذا العرض ونكتفي به،‏ على الرغم من أنه ممتلئ بعالمات<br />

طباعية غريبة وانقطاعات يف النص،‏ ما جعلنا نتدخل يف بعض املواقع.‏<br />

املالحظ أن العرض اخملتصر لدراسة رؤى قحطان،‏ احتفظ بأسلوب<br />

البحث األكادميي من مقدمة وإطار منهجي وأهداف الدراسة واستنتاجاتها<br />

واقتراحاتها،‏ ومعلومات عن مفهوم احلداثة وتاريخها يف الفن التشكيلي<br />

العاملي،‏ وهي مواد لم نعتمدها ألنها ال تتعلق بالفنان اجلميعي على نحو<br />

مباشر.‏<br />

من املؤسف أننا لم نستطع احلصول على نص البحث ولم نتمكن من<br />

احلصول على االعمال الثالثة قيد الدراسة،‏ وبصرف النظر عن رأينا<br />

فيه حسب ما عكسه العرض اخملتصر،‏ ال يسعنا هنا إال أن نشكر رؤى<br />

على اختيارها لفنان مجدّد وأغلب أعماله التي نعرفها تنتسب إلى الفن<br />

التجريدي،‏ واألهم أنه أدخل،‏ وللمرة األولى،‏ شرائح األملنيوم يف عمله<br />

الفني،‏ واستخدم مادة األكريلك على نحو بارز وخشن.‏ كل هذا يجعل من<br />

اختيارها يتصف بالتحدي .<br />

‏»<strong>ماكو</strong>«‏<br />

186


صالح اجلميعي،‏ رجل وزوجته ، املنيوم وزيت على اخلشب 91 x 121 سم 2008<br />

مؤ ‏ّسسة رمزي سائدة د ‏ّلول للفنون،‏ بيروت.‏<br />

185


صالح اجلميعي،بدون عنوان،‏ مواد مختلفة على الورق.‏ غير مؤرخة<br />

56 x 76 سم.‏ مجموعة خاصة،‏ لندن<br />

184


183


صالح اجلميعي،‏ املنيوم ومواد مختلفة على القماش.‏<br />

180 x 90 سم . .1986 مجموعة تالة العزاوي،‏<br />

بورمنوث<br />

182


181


صالح اجلميعي،‏ بدون عنوان،‏ املنيوم،‏ زيت<br />

61 x 62 سم 2009 مجموعة تالة العزاوي،‏ بورمنوث.‏<br />

صالح اجلميعي،العائلة رقم 2، املنيو ومواد<br />

مختلفة وزيت عى اخلشب.‏ 2008<br />

180


صالح اجلميعي،‏ بدون عنوان،‏ املنيوم ومواد مختلفة على القماش<br />

61 x 76 سم . 1986 مجموعة تالة العزاوي،‏ بورمنوث<br />

صالح اجلميعي،‏ بدون عنوان،‏ املنيوم ومواد مختلفة على القماش<br />

60 x 60 سم . 1974 مجموعة تالة العزاوي،‏ بورمنوث<br />

179


178


177


عن مأساة اجتماعية نفسية معاً.‏ ولقد عبَر<br />

الفنّان عن حاالت عذاب،‏ والتحليل النفسي<br />

ألعماله يقودنا إلى هذا الفهم.‏ فمن خالل<br />

التجريد والتكوين الفنّي واأللوان القليلة<br />

واالستعماالت األخرى تتوصَ‏ ل إلى أنّ‏ هناك<br />

موضوعاً‏ مركزياً‏ عنده،‏ أي موضوع اإلنسان<br />

املَلغي«.‏<br />

يقول الفنّان صالح اجلميعي ‏»اللوحة عندي<br />

تراكمات ملعرفة قدمية وأحداث ومُشاهدات<br />

يومية عابرة،‏ هذه املفردات تتجمَع وتُختزَن<br />

لتَكون مبثابة ‏)املادة األولية(‏ للوحة حتّى يأتي<br />

حدث معني ليفجّ‏ ر هذا اخلزين بشكل غير<br />

مُبرمَج عندها يأتي وعي الفنّان وخياله يف<br />

صياغة رؤياه.‏ إنّ‏ للشاعر مفرداته كذلك<br />

الرسّ‏ ام وكالهما يَعمدان إلى الرموز والتوريات<br />

إلفراغ الرؤية الفنّية«.‏<br />

وعن اجلانب التجريبي يقول عادل كامل<br />

‏»الفنّان،‏ وجد نفسه مُلقى يف واقع فنّي يُحتِم<br />

إمّا أن يكون مقلِداً‏ أو أن يتجاوز املفاهيم<br />

السائدة عن الفن.‏ الفنّان هنا اختار التجديد<br />

بل والتطرُف فيه أحياناً،‏ لهذا ترك الوسائل<br />

الشائعة يف الرسم واختار مادة ‏)األملنيوم(‏<br />

مثالً‏ ، فهو تخلَى عن مادة ‏)الزيت(‏ وكل التقاليد<br />

التي توصَ‏ ل إليها الروّاد«‏ . ويضيف ‏»أرى أنّ‏<br />

الفنّان استفاد من هذه التجارب ال كتقليد لها<br />

بل كتمرين عليها للبحث عن هويته الشخصية،‏<br />

وهنا تكمن قيمة جتاربه حيث استطاع أن يُبلوِر<br />

رؤيته باكتشاف تقليد لعناصر فنِه ألنّه اعتمد<br />

على جتسيد رؤيته وشكلها التقني األخير.‏<br />

وصالح اجلُ‏ ميعي جتريبي ال يبحث عن األفكار<br />

العامة بل حاول أن يحدِد هدفه ليس يف حدود<br />

إعادة الفنّية فحسب،‏ بل بحدود التقنيات<br />

واستعماالتها اجلديدة«.‏<br />

‏»واملصطلح احلديث،‏ حني يتناوله الفنّان يف<br />

تطوّره األخير،‏ قد يقرِر اختيار واسطة للتعبير<br />

غير مُتوقَعة.‏ فصالح اجلُ‏ ميعي مثالً‏ يُعنى<br />

عناية خاصة بالواسطة،‏ وهي لديه عادة مزيج<br />

من املعدن ‏)األملنيوم يف األغلب(‏ واألكريليك،‏<br />

ومن خالل هذا املزيج يستمر يف اهتمامه<br />

القدمي بظُ‏ لمات النفس بدءاً‏ من آالم احلب<br />

الفاجع وانتهاءً‏ إلى فظائع القتل اجلماعي<br />

التي سُ‏ لِطت على الشعب الفلسطيني ألربعني<br />

سنة طويلة.‏ غير أنّ‏ جذور الفنّان األسلوبية<br />

والشكلية ضاربة يف املواقع األثرية التي شهدتْ‏<br />

صالح اجلميعي،‏ بدون عنوان،‏ مواد مختلفة على<br />

القماش 115 x 115 سم ‏.مجموعة خاصة<br />

حضارات العراق القدمية:‏ ووعيه املعاصر<br />

يغذِي هذه اجلذور،‏ ويتماثل أخيراً‏ يف أعمال<br />

يتمازج فيها اجلميل واملُبرِح معاً.‏ وتركيباته<br />

غير التشبيهية التي تكاد تكون أحادية اللون،‏<br />

نادراً‏ ما جندها جتريدية متاماً،‏ كما أنّ‏ تآليفه<br />

التشبيهية تطمح إلى حالة التجريد.‏ وكلتا<br />

الفئتني من أعماله متوترة،‏ مُحمَلة بالزمن،‏<br />

وتالزم الذهن بإحلاح«.‏<br />

تامصادر<br />

1. كتاب ‏»سالم الدباغ - غواية الالمعنى«‏ ص<br />

- 16 د.‏ عاصم عبد األمير.‏<br />

2. كتاب ‏»الفنّ‏ التشكيلي املعاصر يف العراق -<br />

مرحلة الستينات«‏ ص - 129 ص - 130 عادل<br />

كامل.‏<br />

3. كتاب ‏»الفنّ‏ التشكيلي املعاصر يف العراق -<br />

مرحلة الستينات«‏ ص - 135 عادل كامل.‏<br />

4. كما ورد يف دليل املعرض الشخصي -<br />

قاعة مركز الدراسات اإلنكَليزية بالوزيرية<br />

حيث عرضت يف املعرض 23 لوحة بالقلم<br />

والبوستر و 16 لوحة زيتية وواحدة قاشاني<br />

- املصدر كتاب ‏»فصول من تاريخ احلركة<br />

التشكيليّة يف العراق - ج‎2‎ - شاكر حسن ال<br />

سعيد.‏<br />

6. كما ورد يف دليل املعرض الشخصي الرابع<br />

عام 1970 ‏)من - 14 18 أيار )1970 قاعة<br />

املتحف الوطني للفنّ‏ احلديث.‏<br />

كما ورد يف دليل معرض اجلماعة )4( بيروت<br />

- 1972 املصدر كتاب ‏"فصول من تاريخ<br />

احلركة التشكيليّة يف العراق"‏ ج‎2‎ - شاكر<br />

حسن ال سعيد.‏<br />

7. كتاب ‏"فصول من تاريخ احلركة التشكيليّة<br />

يف العراق"‏ ج‎2‎ ص - 78 شاكر حسن ال<br />

سعيد.‏<br />

8. كتاب ‏"الرسم املعاصر يف العراق - مراحل<br />

التأسيس وتنوّع اخلطاب"‏ ص - 314 عادل<br />

كامل.‏<br />

9. كتاب ‏"الفنّ‏ التشكيلي املعاصر يف العراق -<br />

مرحلة الستينات"‏ ص - 134 عادل كامل.‏<br />

10. كتاب ‏"الفنّ‏ التشكيلي املعاصر يف العراق -<br />

مرحلة الستينات"‏<br />

11. كتاب ‏"الفنّ‏ التشكيلي املعاصر يف العراق<br />

- مرحلة الستينات"‏ ص - 129 ص - 130<br />

عادل كامل.‏<br />

12 نفس املصدر السابق.‏<br />

13. كتاب ‏"جذور الفنّ‏ العراقي"‏ ص - 60<br />

جبرا إبراهيم جبرا.‏<br />

176


صالح اجلميعي،‏ املنيوم.‏ زيت ومواد مختلفة 90 x 60 سم 1969.<br />

مجموعة االبراهيمي،‏ عمان.‏<br />

175


174


صالح اجلميعي،الوان مائية مع كبس على اخلشب 56 x 76 سم.‏<br />

مجموعة متحف الفن احلديث،‏ بغداد<br />

173


صالح اجلميعي،‏ الوان مائية مع كبس على اخلشب 56 x 76 سم .<br />

مجموعة متحف الفن احلديث،‏ بغداد<br />

172


صالح اجلميعي،‏ بدون عنوان،‏ املنيوم ومواد مختلفة على القماش<br />

100 x 100 سم متحف الفن احلديث،‏ بغداد<br />

171


شهادات عن الفنان صالح اجلميعي<br />

كتب د.‏ عاصم عبد األمير عن صالح اجلُ‏ ميعي<br />

قائالً‏ : ‏»يأخذ صالح اجلُ‏ ميعي على عاتقه<br />

حترير الرؤية من عبودية التقنيات التقليدية<br />

كالقماش والزيت...الخ،‏ إلى وسائط بديلة<br />

ومنها املعادن كاألملنيوم،‏ لكأنّه يعمل على<br />

جتنيس أمناط الفنّ‏ والبِدء مبشروع ثورة<br />

فعلية يف عالم التقنيات،‏ وهي التي ستُلقي<br />

بامتداداتها على الفنّ‏ العراقي فيما بعد.‏ وكان<br />

اجلُ‏ ميعي له الفضل يف جعل تلك الوسائط<br />

عاملة يف إنتاج الرؤية،‏ وليست مَحْ‏ ض وسائط<br />

لنقل املواقف«.‏<br />

وبنيَ‏ عادل كامل:‏ ‏»هناك عدد من الفنّانني<br />

العراقيني جتمعهم هموم مشتركة،‏ أال وهي<br />

املرتبطة بالبحث عن هوية جديدة للفنّ‏ العربي<br />

املعاصر.‏ والفنّان صالح اجلُ‏ ميعي واحد من<br />

هؤالء الذين يبحثون عن مُعادِ‏ ل موضوعي بني<br />

التراث واملعاصَ‏ رة«‏<br />

‏»واملضمون يف أعمال اجلُ‏ ميعي صريح ومُبهَم<br />

يف الوقت نفسه:‏ صرح ألنّه يكشف عن<br />

عذابات اإلنسان ومأساته،‏ ومُبهَم ألنّه جتاوز<br />

هذه العذابات إلى احللِ‏ اجلمالي«‏<br />

وقد حتدَث شاكر حسن عن معارض صالح<br />

اجلُ‏ ميعي:‏ ‏»يف عام 1964 جاء معرض صالح<br />

اجلُ‏ ميعي األول،‏ فقد أكمل دراسته يف معهد<br />

الفنون اجلميلة على قاعة مركز الدراسات<br />

البريطانية،‏ ونال يف العام 1965 زمالة جامعية<br />

بتزكية من جمعيّة الصداقة يف الشرق األوسط<br />

للدراسة يف كُلِية كاليفورنيا للفنون واحلِ‏ رف«.‏<br />

‏»لم يتوقَف صالح اجلُ‏ ميعي،‏ فقد استمر<br />

يف تطوير رؤيته الفنّية التي بدأتْ‏ بالوضوح<br />

شيئاً‏ فشيئاً‏ يف معرض اجملدِدين وتبلورتْ‏<br />

يف معارضه الشخصية ومعارض اجلماعة<br />

العددية.‏<br />

‏»ال يستطيع صالح اجلُ‏ ميعي أن يكون تزينيَاً‏<br />

مَحْ‏ ضاً،‏ تعبيريته من صُ‏ لْب حياته وهي تربط<br />

ما بني الذات الداخلية وبني خرائب التاريخ.‏<br />

ففي بلد تُرصِ‏ عه القباب الذهبية الالمعة<br />

وكذلك البقايا احملُ‏ فَرة التي تعود إلى أوّل ما<br />

أوجد اإلنسان من إبداع،‏ يحاول الفنّان أن<br />

يحقِق فيه حضوراً‏ كُلياً‏ مُجذَراً‏ يف وعي تاريخي<br />

وأنّ‏ يف رؤياه تلك الصفة الرمزية التي يتحدث<br />

عنها يونغ،‏ وهي التي تدمج البدائي يف صور<br />

وأشكال احلاضر املُسفسَ‏ ط«‏<br />

‏»ويف هذا املعرض عرض اجلميعي 17<br />

لوحة ذات هويات بارزة مستخدِ‏ ماً‏ الكثافة<br />

اللونية واألملنيوم،‏ معبِراً‏ عن اهتمامه بالتراث<br />

احلضاري العراقي،‏ ومستخدِ‏ ماً‏ شكل املروحة<br />

اليدوية والشرائط الكتابية فضالً‏ عن األشكال<br />

اإلنسانية والتكوينات الرباعية.‏ لقد كان<br />

يغامر بالطبع يف استخدام الصَ‏ فيح واملادة<br />

اخلام كأساس للتكوين املوضوعي الزخريف<br />

ومستعصياً‏ عنه بعفوية ظهور األشكال.‏ متأثِراً‏<br />

بالكتابات املسمارية ومَشاهد بعض اللُقى<br />

املتحجِ‏ رة أو املُصانة،‏ ثمّ‏ انتقل بعد ذلك إلى<br />

األوفاق وهذا ما جتلَى يف أعماله عام 1972<br />

والتي عُرضتْ‏ يف معرض اجلماعة العددية يف<br />

كاليري ون يف بيروت.‏<br />

وكان إبراهيم زاير قد عرَف اجلُ‏ ميعي للجمهور<br />

كما يلي:‏ ‏»إنّ‏ انتقال اجلُ‏ ميعي من املُعاجلَ‏ ات<br />

التقليدية بالزيت إلى موضوعات درامية<br />

الطابع،‏ إلى استعمال سطح اللوحة كمجال<br />

للعبور نحو السيطرة واملغاالة،‏ هذا االنتقال<br />

هو مرحلة متقدِمة من عمله.‏ ولكن اجلُ‏ ميعي<br />

قد أوشك أن يستنفد اإلمكانات التي تقدِمها<br />

اللوحة ذات البعدين يف مجال عمله فإنّ‏<br />

استعمال مواد جديدة وبأبعاد ثالثة يضعه أمام<br />

مَعاضل جديدة،‏ ورغم أنّ‏ اجلُ‏ ميعي قد حلّ‏<br />

تكتيكيا هذه املَعاضل فإنّه يبقى لنا أن نبحث<br />

عن أبعاد أخرى تقدِمها لوحاته«.‏<br />

ولعلَ‏ الناقد سهيل سامي بحسّ‏ ه النقدي<br />

املُرهف أصاب حينما وصف اجلُ‏ ميعي بكونه<br />

‏»فنّان عمل ال فنّان أفكار أو حاالت،‏ إنّه يشبه<br />

احلِ‏ ريف بل هو من نوع جديد من حِ‏ ريف مُتلبس،‏<br />

إنّ‏ املادة التي يصنع منها عمله هي ذاتها ما<br />

يجب اكتشافه.‏ وكأمنّ‏ ا أراد أن يؤكّد على<br />

موقفه من التقنية قبل األسلوب أو أنّه ما يزال<br />

مولعاً‏ بالتجربة واختبار اخلامة حتّى حينما<br />

يستلهم يف فنِه التراث نفسه آنئذ،‏ وبروحية<br />

‏)تقني(‏ معاصِ‏ ر«.‏<br />

يقول عادل كامل ‏»يُطِ‏ ل صالح اجلُ‏ ميعي ليصبّ‏<br />

يف مادة ‏)األملنيوم(‏ وما حتُ‏ دثه من نتوءات<br />

وظِ‏ الل دالالت إنسانية.‏ وهو من خالل تَطْ‏ ويعه<br />

للمادة ال يبحث لها عن أشكال تُطابِق الواقع<br />

بقدر ما يريد لهذه املادة اجلامدة أن تكون<br />

مزرعة لقلق اإلنسان املعاصر وأن تَعكس<br />

بطريق الصدفة والقصد معاً‏ ما يعانيه اإلنسان<br />

من قلق وأزمات«.‏<br />

ويضيف:«‏ فاجلُ‏ ميعي يُلغي مقاصد الرمز<br />

العامة لكنّه باملقابل يخلق لوحة فنّية تتوفر<br />

فيها التفاصيل.‏ والتعمق يف هذا اجلانب<br />

يجعلنا إزاء حاالت كثيرة عبَر عنها بأسلوب<br />

رمزي مَحْ‏ ض.‏ فاجلسد املَلغي يف أعماله أو<br />

شبه املَلغي له داللته التعبيرية:‏ إنّها لغة تُفصح<br />

170


صالح اجلميعي،‏ رحلة وجه فلسطيني،‏ مواد مختلفة<br />

مع املنيوم على القماش 96 x 111 سم.‏ مجموعة<br />

االبراهيمي،‏ عمان.‏<br />

صالح اجلميعي،‏ قصيدة للب<strong>حر</strong> املتوسط،‏ مواد مختلفة مع<br />

املنيوم<br />

100 x 100 سم 1980 مجموعة االبراهيمي،‏ عمان.‏<br />

169


168


167


صالح اجلميعي،‏ بدون عنوان،‏ مواد مختلفة على القماش<br />

100 x 100 سم 1978. مجموعة االبراهيمي،‏ عمان.‏<br />

صالح اجلميعي،‏ ثالثة حاالت،طباعة 55 x 75 سم<br />

1977 مجموعة االبراهيمي،‏ عمان.‏<br />

166


الفنان صالح اجلميعي مع مدير الفنون التشكبلية علي الدليمي يف<br />

زيارته لوزارة الثقافة عام 2017<br />

الفنان صالح اجلميعي يوقع احدى اعماله التي قدمها هدية<br />

للمتحف الوطني للفن احلديث.‏‎2017‎<br />

الفنان صالح اجلميعي مع مدير الفنون التشكيلية علي الدليمي،‏<br />

2017<br />

165


التعابير احمللية وبعض أساليب احلداثة<br />

األوربية.‏ وهذا اجلمع انطلق يف ما بعد على<br />

أساس برنامج استوعبته احلركة التشكيلية<br />

الستينية على نحو ولدت منه أساليب متنوعة<br />

تقاسمها الفنانون مضيفني عليها أساطيرهم<br />

الشخصبة.‏ ال ننسى أن قوة املشروع الوطني<br />

اجلدلي الذي أطلقته جماعة بغداد ظل يعمل<br />

يف ظروف جديدة مولداً‏ تيارات جتديدية<br />

وتركيبية.‏<br />

صالح اجلميعي اندمج مع هذه التطورات،‏<br />

والسيما عندما أصبح عضوا يف جماعة<br />

‏)الرؤية اجلديدة(‏ التي أكدت على التجديد،‏<br />

محوالً‏ أعماله التركيبية ومن مواده الصلبة<br />

والناتئة إلى تعابير درامية،‏ توحي مبوجودات<br />

متنوعة – تلك التي سميتها بالظالل واألشباح.‏<br />

اشتغلت قطع األملنيوم ليس كمساحة بل<br />

كأشكال عن طريق تعريضها لل<strong>حر</strong>ارة والضغط<br />

والتلوين واتخذت طبيعة حجمية حيث املادة<br />

بارزة متحولة الى أقطاب موزعة داخل مساحة<br />

العمل،‏ مثل انفتاح جسم وردة،‏ أو جسم<br />

جتريدي،‏ أو ما يشبه الرأس،‏ أو جسم مموه<br />

إلمرأة.‏<br />

كما اشتغلت قطع األملنيوم على نحو أكثر<br />

جتريدية لكنها توحي بوجود بناء ميتاز<br />

باحلجمية والبروز مع سطوح تؤكد طبيعة املادة<br />

مع صبغة مناسبة.‏<br />

يزيد الفنان اجلميعي أحيانا من إضاءة مادة<br />

األملنيوم الناعمة واملضيئة أصال باحلزوز أو<br />

احلك،‏ ويطفئ إضاءتها يف الكثير من األحيان<br />

باللون ، مغطياً‏ العمل كله بخليط من مادة<br />

االكريلك والرمل والصمغ على نحو يضفي<br />

على العمل اخلشونة وتوزيع اإلضاءة على نحو<br />

درامي ، وميأل العمل باحلزوز واملعاجلات<br />

اللونية واخلطوط ، مشكالً‏ نسيجاً‏ غامضاٌ‏<br />

غنياً‏ بالعالمات واألشكال الشبحية الضامرة<br />

والكتابات.‏<br />

164


صالح اجلميعي يف سياق تغييرات أجراها<br />

الفنان على عمله.‏ لقد بدا عاطفياً‏ جداً،‏<br />

مستخدماً‏ ألواناً‏ حيوية توحي بعاطفة جياشة،‏<br />

شكلت مادة االكرليك الناتئة املصبوغة نسيج<br />

العمل،‏ مع اختفاء الظالل واألشباح التي يجيد<br />

اجلميعي إظهارها واإليحاء بوجودها الشكلي<br />

الذائب.‏<br />

كان واضحاً‏ أنني كتبت ما كتبت وأنا ال أصف<br />

األعمال التي أراها حسب،‏ بل وكنت أبحث عن<br />

تلك الظالل واألشباح التي اختفت بوجه خاص<br />

أيضا.‏<br />

قدم صالح اجلميعي جتربة فنية جديدة،‏ وعلى<br />

الرغم من أنه أظهر خشونة ملمس املادة ،<br />

وهو دائماً‏ ما يخلق مناخاً‏ غامضاً‏ وخشناً‏ من<br />

مواده،‏ إال أن دهانها،‏ وتوزيعاتها بدت حتمل<br />

شحنة عاطفية إيجابية حيوية.‏<br />

عالم كنت أبحث عن أعمال املاضي؟<br />

دعوني أقول إنني استخدمت ما حملته ذاكرتي<br />

من أعمال صالح اجلميعي السابقة،‏ وأعترف<br />

أنني لم أخش االعتراف بتفضيلي جتاربه<br />

القدمية على هذه التجربة.‏ لعلي كنت مخطئاً‏<br />

يف هذا التفضيل،‏ فهو شخصي،‏ ويضع الفنان<br />

يف امتحان غير واقعي،‏ وال يأخذ باحلسبان<br />

<strong>حر</strong>يته يف توسيع جتاربه التشكيلية سواء يف<br />

استخدام املواد أو معاجلاته لها مبا يسبغ<br />

عليها دالالت ذاتية.‏<br />

أتذكر أعماله األولى التي قدم فيها كوالجات<br />

من شرائح األملنيوم بوضوح آسر،‏ وكانت جتربة<br />

مختلفة جدا عن الغنائية العراقية.‏ لقد ظهرت<br />

املادة بصفاء،‏ من دون معاجلة وإسقاطات<br />

شخصية،‏ وحدها املادة والتصميم املناسب<br />

لها كانا يحيالننا إلى مشروع لنقل األساطير<br />

ووجهات النظر والعواطف من الذات إلى املادة<br />

بطبيعتها الصلبة واتضاحها الذاتي.‏<br />

على الرغم من ذلك فقد ظل ميتلك حسّ‏<br />

الرسام ضمن جماعة رسم ، فعمله يستخدم<br />

اللوحة،‏ ومادة األملنيوم تبدو معاجلة كأي كوالج<br />

، وقوتها تظهر يف أنها مادة جديدة متاماً‏ يف<br />

تقاليد اللوحة العراقية،‏ ومادتها حافظت على<br />

اتضاحها الذاتي،‏ وهي يف ظهورها السافر<br />

حافظت أيضا على النتوء والبروز النحتي.‏<br />

إن جميع التغييرات التي أجراها صالح<br />

اجلميعي يف ما بعد تنسجم مع تأثيرات<br />

وإيقاعات التغيير يف احلركة التشكيلية<br />

العراقية لكنها حافظت على شخصيته يف<br />

استخدام املواد وتطويعها بإسقاطات غنائية<br />

وعاطفية وتراثية.‏<br />

واحلال إن تأثير البيئة العراقية وموحياتها كان<br />

كبيرا منذ التأسيسات األولى.‏ كان املوضوع<br />

احمللي يجمع على يد الرسامني األوائل بني<br />

163


سهيل سامي نادر<br />

تعلمنا احلياة العراقية املليئة باملالبسات<br />

والتغييرات الدراماتيكية السريعة على الصمت<br />

والنسيان.‏ حتى لو أطلقنا الذاكرة ، وثمة ذاكرة<br />

تستند إلى املعلومات الصلبة املودعة يف وثائق<br />

معلوماتية وبصرية،‏ فإن عناصر كثيرة تبدو<br />

ضائعة،‏ أو غير موثوق بها.‏ وأحيانا ال تقول<br />

املعلومات كل شيء،‏ خاصة وإن أرشيفاتنا،‏ وما<br />

تبقى منها غير منجزة بطريقة موضوعية.‏ إزاء<br />

ذلك،‏ نحن كأشخاص،‏ كذوات،‏ نتغير،‏ حتى إزاء<br />

مواقفنا من ماضينا ومواض اآلخرين ، كذلك<br />

إزاء مواقفنا من إجنازاتنا وإجنازات اآلخرين.‏<br />

ها أنا أتذكر أنني بعد منتصف السبعينات من<br />

القرن املاضي كتبت نقداً‏ عن معرض أقامه<br />

162<br />

لنتذكر الفنان صالح اجلميعيي<br />

صالح اجلميعي،‏ قصيدة للب<strong>حر</strong> املتوسط،‏ مواد مختلفة مع<br />

املنيوم<br />

60 x 60 سم 1980 مجموعة االبراهيمي،‏ عمان.‏<br />

صالح اجلميعي،.بدون عنوان،‏ مواد مختلفة على القماش<br />

55 x 115 سم 1960 مجموعة االبراهيمي،‏ عمان.‏<br />

سهيل سامي نادر


جواد سليم،‏ قلم رصاص على الورق.‏ غير مؤرخة.‏<br />

مجموعة متحف الفن العربي.‏ الدوحة<br />

161


160


جواد سليم،‏ الوان مائية على الورق.‏ غير مؤرخة.‏<br />

مجموعة متحف الفن العربي.‏ الدوحة<br />

جواد سليم،‏ قلم رصاص على الورق.‏ غير مؤرخة.‏<br />

مجموعة متحف الفن العربي.‏ الدوحة<br />

159


158


جواد سليم<br />

قلم رصاص على الورق.‏ 1952.<br />

مجموعة متحف الفن العربي.‏ الدوحة<br />

157


جواد سليم،‏ قلم رصاص على الورق.‏ غير مؤرخة.‏<br />

مجموعة متحف الفن العربي.‏ الدوحة<br />

جواد سليم،‏ الوان مائية على الورق.‏ غير مؤرخة.‏<br />

مجموعة متحف الفن العربي.‏ الدوحة<br />

156


جواد سليم،‏ قلم رصاص على الورق.‏ 1949.<br />

مجموعة متحف الفن العربي.‏ الدوحة<br />

155


154<br />

جواد سليم،‏ قلم رصاص على الورق.‏‎1954‎‏.‏<br />

مجموعة متحف الفن العربي.‏ الدوحة


153


152<br />

جواد سليم،‏ الوان مائية على الورق.‏ غير مؤرخة.‏<br />

مجموعة متحف الفن العربي.‏ الدوحة


جواد سليم،‏ قلم رصاص على الورق.‏ غير مؤرخة.‏<br />

مجموعة متحف الفن العربي.‏ الدوحة<br />

151


150<br />

جواد سليم،‏ الوان مائية على الورق.‏ غير مؤرخة.‏<br />

مجموعة متحف الفن العربي.‏ الدوحة


149


جواد سليم،‏ الوان مائية الورق.‏ غير مؤرخة.‏<br />

مجموعة متحف الفن العربي.‏ الدوحة<br />

148


جواد سليم،‏ قلم رصاص على الورق.‏ غير<br />

مؤرخة.‏ مجموعة متحف الفن العربي.‏ الدوحة<br />

جواد سليم،‏ قلم رصاص على الورق.‏ غير<br />

مؤرخة.‏ مجموعة متحف الفن العربي.‏<br />

الدوحة<br />

147


جواد سليم،‏ قلم رصاص على الورق.‏ غير مؤرخة.‏<br />

مجموعة متحف الفن العربي.‏ الدوحة<br />

جواد سليم،‏ قلم رصاص على الورق.‏ غير مؤرخة.‏<br />

مجموعة متحف الفن العربي.‏ الدوحة<br />

جواد سليم،‏ قلم رصاص على الورق.‏ 1949.<br />

مجموعة متحف الفن العربي.‏ الدوحة<br />

146


جواد سليم،‏ قلم رصاص على الورق.‏ غير<br />

مؤرخة.‏ مجموعة متحف الفن العربي.‏ الدوحة<br />

جواد سليم،‏ قلم رصاص على الورق.‏ غير<br />

مؤرخة.‏ مجموعة متحف الفن العربي.‏<br />

الدوحة<br />

145


144


143


جواد سليم،‏ قلم رصاص على الورق.‏ 1949.<br />

مجموعة متحف الفن العربي.‏ الدوحة<br />

جواد سليم ‏،قلم رصاص على الورق.‏ 1959.<br />

مجموعة متحف الفن العربي.‏ الدوحة<br />

142


جواد سليم،‏ الوان مائية على الورق.‏ غير مورخة.‏<br />

مجموعة خاصة.‏<br />

جواد سليم،‏ قلم رصاص على الورق.‏ 1943.<br />

مجموعة متحف الفن العربي.‏ الدوحة<br />

141


140


139


138<br />

الوان مائية على الورق.‏ غير مورخة.‏<br />

مجموعة متحف الفن العربي.‏ الدوحة


137


136<br />

حبر على الورق،‏‎17‎ 26 x سم.‏ غير مؤرخة.‏ مجموعة خاصة.‏ لندن


135


قلم رصاص والوان مائية على الورق.‏ غير مورخة.‏<br />

مجموعة متحف الفن العربي.‏ الدوحة<br />

قلم رصاص واقالم ملونه على الورق.‏ غير مورخة.‏<br />

مجموعة متحف الفن العربي.‏ الدوحة<br />

قلم رصاص على الورق.‏ 1949.<br />

مجموعة متحف الفن العربي.‏ الدوحة<br />

134


حبر وقلم الوان على الورق 40.5 x 33 سم<br />

مجموعة خاصة،‏ لندن.‏<br />

133


132


حبر على الورق،‏‎24‎ 36 x سم.‏ 1954. مجموعة خاصة.‏ لندن<br />

131


130


جواد سليم،‏ حبر والوان مائية على الورق،.‏ غير موقعة ومؤرخه<br />

129


128<br />

جواد سليم،حبر على الورق،‏‎36‎ 24 x سم.‏ 1954. مجموعة خاصة.‏ لندن


جواد سليم،‏ حبر وقلم الوان على الورق،‏‎40‎ 60 x سم.‏ غير موقعة و مؤرخة.‏<br />

مجموعة خاصة.‏ لندن<br />

127


126


جواد سليم،‏ حبر على الورق،‏‎33‎ 43 x سم.‏ غيرموقعة<br />

و مؤرخة.‏ مجموعة خاصة.‏ لندن<br />

125


124


جواد سليم،‏ قلم رصاص على الورق،‏‎28‎ 45 x سم.‏ غير موقعة ومؤرخة.‏<br />

مجموعة خاصة.‏ لندن<br />

123


122<br />

جواد سليم،‏ قلم رصاص على الورق،‏‎17‎ 23 x سم.‏ غير مؤرخة.‏ مجموعة خاصة.‏ لندن


جواد سليم،‏ الوان مائية على الورق،‏‎62‎ 99 x سم.‏ غير موقعة ومؤرخة،‏<br />

مجموعة خاصة.‏ لندن<br />

121


120


119


جواد سليم،‏ قلم رصاص على الورق،‏‎21‎ 33 x سم.‏ غيرموقعة و مؤرخة.‏ مجموعة خاصة.‏ لندن<br />

جواد سليم،‏ الوان مائية على الورق،‏‎40‎ 65 x سم.‏ غيرموقعة و مؤرخة،‏ مجموعة خاصة.‏ لندن<br />

جواد سليم،‏ حبر على الورق.‏ 20 x 27 سم.‏ مجموعة محمد مكية.‏ لندن<br />

118


117


116<br />

جواد سليم،‏ قلم رصاص والوان مائية على الورق،‏ غيرموقعة و<br />

مؤرخة.‏ مجموعة كندة للفن العربي املعاصر،‏ الرياض


115


جواد سليم،‏ الشاعر بلند احليدري،‏ غير مؤرخة<br />

جواد سليم،‏ حبر على الورق.‏ 15 x 20 سم.‏ مجموعة محمد مكية.‏ لندن<br />

114


جواد سليم،‏ الوان مائية،‏ غير مؤرخة.‏ مجموعة<br />

متحف الفن العربي،‏ الدوحة<br />

جواد سليم،‏ حبر صيني على الورق<br />

مجموعة متحف الفن احلديث،‏ بغداد<br />

113


112


جواد سليم.‏ حبر على الورق 1957<br />

مجموعة رفعة اجلادرجي.‏ لندن<br />

111


جواد سليم،‏ رسم حتضيري،‏ حبر على الورق،‏ مجموعة<br />

متحف الفن العربي،‏ الدوحة<br />

110


جواد سليم.‏ الوان مائية على الورق،‏ غير مؤرخة.‏<br />

مجموعة خاصة.‏<br />

109


جواد سليم.‏ الوان مائية على الورق.‏ مجموعة ملعان البكري،‏ لندن<br />

108


جواد سليم.‏ الوان مائية على الورق.‏ مجموعة ملعان البكري،‏ لندن<br />

جواد سليم.‏ الوان مائية على الورق.‏‎1948‎ مجموعة ملعان البكري،‏ لندن<br />

107


106


جواد سليم،‏ حبر صيني على الورق،‏ 20 x 30 سم<br />

1955 مجموعة خاصة<br />

جواد سليم،‏ قلم رصاص على الورق.‏ غير مورخة.‏<br />

جواد سليم،‏ قلم رصاص على الورق.‏ غير مورخة.‏<br />

مجموعة متحف الفن العربي.‏ الدوحة<br />

105


104


103


جواد سليم،‏ قلم رصاص على الورق.‏ 1955. مجموعة خاصة.‏<br />

جواد سليم،‏ الوان مائية على الورق،‏ 32 x 48 سم 1955 مجموعة خاصة.‏<br />

102


جواد سليم،‏ حبر صيني على الورق،‏ 21 x 25 سم.‏<br />

مجموعة حسني <strong>حر</strong>با،‏ تورينو.‏<br />

جواد سليم،‏ حبر صيني على الورق،‏ 1949<br />

مجموعة متحف الفن احلديث،‏ بغداد<br />

101


100


99


جواد سليم،‏ حبر صيني على الورق،‏ 20 x 15 سم غير مؤرخة.‏<br />

مجموعة محمد مكية<br />

جواد سليم،حبر صيني على الورق،‏ 15 x 18 سم غير مؤرخة.‏<br />

مجموعة محمد مكية<br />

98


97


جواد سليم،‏ تخطيط اولي لنصب السجني السياسي،الوان مائية وحبر على الورق.‏ 1953<br />

مجموعة خاصة.‏<br />

جواد سليم،‏ حبر على الورق،‏ 16 x 24 سم،‏ غير مؤرخ.‏<br />

مجموعة محمد مكية.‏ لندن<br />

96


95


جواد سليم،‏ قلم رصاص على الورق.‏ غير مورخة.‏<br />

مجموعة متحف الفن العربي.‏ الدوحة<br />

جواد سليم،‏ قلم رصاص على الورق.‏ غير مورخة.‏<br />

مجموعة متحف الفن العربي.‏ الدوحة<br />

94


93


جواد سليم،‏ الوان مائية وحبر صيني على الورق،‏ 35 x 43 سم.‏<br />

مجموعة محمد مكية.‏ لندن<br />

جواد سليم ‏،بدون عنوان،‏ حبر على الورق 21 x 29 سم غير مؤرخه.‏<br />

مجموعة محمد مكية.‏ لندن<br />

92


91 81


90<br />

جواد سليم،‏ حبر صيني والوان مائية على الورق،‏ 19 x 26 سم.‏ مجموعة محمد مكية.‏ لندن


89


جواد سليم،‏ حبر على الورق،‏ 12 x 12 سم . غير مؤرخة.‏<br />

مجموعة محمد مكية.‏ لندن<br />

جواد سليم،‏ حبر صيني على الورق،‏ 11 x 17 سم.‏<br />

مجموعة محمد مكية.‏ لندن<br />

88


جواد سليم،‏ حبر صيني على الورق،‏ 28 x 32 سم.‏<br />

مجموعة محمد مكية.‏ لندن<br />

جواد سليم،‏ حبر صيني على الورق،‏ 16 x 17 سم.‏<br />

مجموعة محمد مكية.‏ لندن<br />

87


86


85


جواد سليم،‏ الوان مائية وحبر على الورق،‏ 14 x 18 سم .<br />

مجموعة محمد مكية.‏ لندن<br />

84


جواد سليم،الوان مائية على الورق،‏ غير مؤرخة.‏ مجموعة خاصة.‏<br />

جواد سليم،‏ الوان مائية وحبر على الورق،‏ 17 x 21 سم.‏<br />

مجموعة محمد مكية.‏ لندن


جواد سليم،‏ الوان مائية على الورق،‏‎15‎ 12 x سم غير مؤرخة.‏<br />

مجموعة محمد مكية.‏ لندن<br />

جواد سليم،حبر على الورق 20 x 28 سم،‏ غير مؤرخة.‏<br />

مجموعة محمد مكية،‏ لندن


79


78


جواد سليم،‏ حبر صيني على الورق 14 x 19 سم،‏ غير مؤرخة<br />

مجموعة محمد مكية.‏ لندن<br />

جواد سليم،‏ الوان مائية على الورق،‏ 19 x 15 سم،‏ غير مؤرخة.‏<br />

مجموعة محمد مكية.‏ لندن<br />

77


76


جواد سليم،‏ حبر على الورق،‏ 12 x 10 سم.‏ ١٩٥٠<br />

مجموعة محمد مكية.‏ لندن<br />

75


جواد سليم،‏ قلم رصاص على الورق.‏ غير مورخة.‏<br />

مجموعة متحف الفن العربي.‏ الدوحة<br />

74


جواد سليم،‏ صورة شخصية،‏ قلم رصاص على الورق،‏ غير مؤرخة.‏<br />

مجموعة متحف الفن احلديث،‏ الدوحة<br />

73


جواد سليم،‏ صورة شخصية،‏ الوان مائية على الورق،‏ غير مؤرخة.‏<br />

مجموعة متحف الفن احلديث،‏ الدوحة<br />

72


61<br />

جواد سليم،‏ قلم رصاص على الورق.‏ غير مؤرخ.‏<br />

. مجموعة شخصية<br />

71


تخطيطات متنوعة<br />

60<br />

جواد سليم،‏ قلم رصاص على الورق.‏ 1955. مجموعة متحف الفن العربي.‏ الدوحة<br />

70


69


68


65


64


63


62


59


58


55


54


53


52


51


50


49


48


47


46


45


44


43


42


41


40<br />

تخطيطات اولية لنصب ساحة الت<strong>حر</strong>ير<br />

مجموعة رفعة اجلادرجي،‏ لندن


النتائج الغامضة يف التحليل.‏ واحلال أننا جند<br />

حالة خاصة عند جواد سليم ، فمشروع الرسم<br />

الوطني مترابط ال مع تعابير املكان وادواته<br />

فحسب بل مع خبراته ورسالته ايضا.‏<br />

جواد سليم،‏ لوري،‏ زيت على القماش 75 x 90<br />

سم.مجموعة متحف الفن احلديث،‏ بغداد<br />

39


عن اللون احلضاري البغدادي،‏ بوصفه<br />

طرازا للعيش والسلوك املمتثل حلضارة<br />

واحدة متماسكة األجزاء،‏ وبوصفه مجموعة<br />

من االستجابات واللطائف الروحية،‏ تصف<br />

تركيبات معاشة،‏ مثلما هي تغادر امليدان<br />

الفعلي،‏ مبا يجعلها مشتهاة،‏ إن لم تكن جزءاً‏<br />

من اخليال الشعبي عن مدينتنا التاريخية،‏ يف<br />

آن.‏ فاملدينة الواقعية ضمت يف داخلها الكثير<br />

من التركيبات والنماذج احلضارية اخملتلفة<br />

واملتناقضة،‏ وأعمال شاكر حسن التشخيصية<br />

عن مهاجري الريف وتوليفاته املستلهمة من<br />

فن البسط الريفي تؤكد ذلك.‏ من هنا أرى<br />

أن بغداديات النثر املستلهمة أصالً‏ من روح<br />

بغداديات الرسم واصلت اليوتوبيا البغدادية<br />

وغذتها مبادة حيوية من حياة املدينة وسلوك<br />

أبنائها وحكمتهم وطريقتهم يف العيش.‏ لكن<br />

هذا التعزيز لم ينطلق من مجرد اختيار ذاتي<br />

أملته دوافع االحترام لفنان مؤسس ولصنيعه<br />

الفني عالي اجلودة،‏ وليس مجرد نص جميل<br />

عن مدينة نحبها فقط ، بل ألنه كذلك عبر عن<br />

خطاب ضامر للطبقة الوسطى املدينية كلها،‏<br />

خطاب كان متوفراً‏ يف بغداديات جواد.‏ فهذه<br />

الطبقة التي آمنت بالتحديث أخذت تشكو منه،‏<br />

بسبب بطئه،‏ والسياسة الغشيمة التي قادتها<br />

إلى تناقضات ال حل لها،‏ سياسة لم تسهم<br />

بها هي نفسها،‏ بل أتبعها سياسيون رجعيون<br />

وملتبسون كان ديدنهم التأجيل وإذالل اجملتمع<br />

املدني وإعاقة التطور الدميقراطي.‏ ونعرف<br />

أن هذه السياسة ونتائجها استمرت على<br />

نحو أتعس من ذي قبل يف الظروف الثورية<br />

الالحقة،‏ ما أدى إلى متزق النسيج االجتماعي،‏<br />

والتخندق السياسي القائم على اخلوف<br />

والقمع.‏ مقابل ذلك كانت الطبقة الوسطى<br />

‏)وهذا التحديد غير دقيق يف املقاييس<br />

العراقية(‏ ال متتلك برنامجاً‏ للعمل السياسي،‏<br />

بل أنها لم تستطع أن تبني حزباً‏ سياسياً‏<br />

جماهيرياً،‏ من هنا فقد انكفأت على نفسها.‏<br />

ضمن حدود الرسم واحلركة التشكيلية،‏ كان<br />

ذلك اخلطاب،‏ غير احملسوس يف األصل،‏<br />

يتحلل ويذوب يف املفاهيم اجلمالية.‏ إن شاكر<br />

حسن نفسه الذي كتب ما كتب كان قد غادر<br />

تواً‏ الرسم التشخيصي،‏ ومارس نقداً‏ شرساً‏<br />

للمجتمع الرمزي املتكون من الشخوص واألوضاع<br />

واملرجعيات،‏ ملزماً‏ فنه ببرنامج تأملي استبدل<br />

فيه وحدات التعبير الشكلي بصيغة كوسمولوجية<br />

ال شكلية،‏ وبهذا فقد مارس تصعيداً‏ مثالياً‏<br />

جديداً‏ يتجاوز املرجعيات البيئية واملواضيع<br />

احمللية املنظورة التي عملت جماعة بغداد بينها<br />

استلهاماً‏ أو أسلبة أو تعاطفاً‏ أو استذكاراً.‏ لقد<br />

اخترقت الالشكلية التي بشّ‏ ر بها،‏ وكان مبشراً‏<br />

حقاً،‏ الوحدة التي كانت ما تزال قائمة ما بني<br />

األشكال واملراجع،‏ متجهة إلى فن أوروبي<br />

من جهة املصدر،‏ ينطلق من مفهوم العمليات<br />

الداخلية التي ال نراها.‏<br />

إزاء ذلك جند أن البرنامج اجلمالي الذي<br />

ازداد تطلباً‏ وضرورة أضحى يعبر بوضوح<br />

أكثر من ذي قبل عن اجلدل الفني الداخلي.‏<br />

ولقد اجتازت البغداديات ببساطة محنة<br />

التفحص السوسيولوجي،‏ ألنها بالبساطة<br />

نفسها أضحت جزءاً‏ مهماً‏ وتأسيسياً‏ من ذلك<br />

اجلدل،‏ ولسوف تستعاد مبا يقترب من معنى<br />

طراز،‏ ويفهمها الفنانون واملثقفون كجماليات<br />

تنتسب إلى مدرسة،‏ مبعنى أنها مثل املنائر<br />

والقباب البغدادية واألقواس والروازين واإلنتاج<br />

الفولكلوري السائد يف املدينة،‏ تنتسب إلى<br />

مكان حضاري،‏ وحّ‏ د نسبها،‏ ومنحها الرقة<br />

والتماثل،‏ وأنقذها من عاتيات الزمن.‏<br />

-5-<br />

ما معنى فن الرسم يف البغداديات؟<br />

أثارت اجلماعة البغدادية،‏ ومجموعة<br />

البغداديات الفنية،‏ قضايا جدالية بشأن<br />

االنتماء أكثر مما أثارتها جماعة الكتاب<br />

واملثقفني الذين كانوا أكثر اقتراباً‏ من<br />

املشكالت السوسيولوجية والسياسية.‏ ومن<br />

الواضح أن الرسم بوصفه نظاماً‏ تعبيرياً‏<br />

بصرياً‏ قدم أدلة جميلة ال تنكر على إمكانات<br />

التعبير عن الرموز احلضارية الوطنية التي<br />

كانت قد بدأت تستيقظ.‏ ومن املدهش أن<br />

نعرف كيف أن جماعة صغيرة من الفنانني<br />

صارعت من أجل أن يحظى فنها باالهتمام<br />

االجتماعي،‏ لتفك عزلته،‏ والسيما أنه كان<br />

طريقة جديدة يف التعبير،‏ أن تثير قضايا<br />

ثقافية معقدة كهذه.‏ وأحسب أنه من ذلك<br />

احلني انبعثت منظورات مختلفة ظلت تتلون<br />

بخبرات جديدة اتخذت يف ما بعد صياغات<br />

تقليدية،‏ من قبيل التراث واملعاصرة ، والعودة<br />

الى التراث او استلهامه.‏ يف حدود الرسم<br />

كانت الصياغات النظرية بشأن ذلك مهمة<br />

لفن الرسم نفسه،‏ وبدت أقل أيديولوجية مما<br />

استثمر منها يف ما بعد لتشتمل على األنظمة<br />

التعبيرية كلها،‏ لتغدو يف النهاية مماحكة<br />

جتريدية غير مجدية تتخفى خلفها دوافع<br />

مبهمة.‏ واحلال أن اجلدل الداخلي الذي<br />

حدث يف الرسم ال يعدو تأكيد الرسم وتوطينه<br />

يف البداية،‏ ثم حتديثه ومنحه قيمة ثقافية<br />

واجتماعية.‏ أشير هنا إلى أن هذا اجلدل<br />

يختلف عن اجلدل الذي حدث يف الشعر<br />

والنثر،‏ فهو لم يكن يصارع أشباحاً،‏ إذ كان<br />

للرسم مؤسسة تعليمية واضحة،‏ ومرجعياته<br />

معرّفة على نحو براغماتي مندسة داخل<br />

أنظمة التدريب وامليول املعترف بها،‏ وباإلمكان<br />

اختزالها وتصنيفها تبعاً‏ للمهارات واألساليب<br />

واملوضوعات والتقنيات قبل أي حتديد ثقايف<br />

مبهم،‏ بل أن هذا التحديد يف الرسم اختزل<br />

نفسه هو اآلخر إلى احلالة االنتخابية من<br />

املوضوعات والتعابير احمللية املفتوحة.‏<br />

الهوامش<br />

- 1 بغداد املثالية املنسجمة مع تطلعات<br />

جواد سليم،‏ ستعبر يف ما بعد محنة االنقسام<br />

السياسي واالجتماعي الذي متيز بها العراق،‏<br />

ألن العراقيني،‏ والبغداديني بوجه خاص،‏ كانوا<br />

قد اختلقوا يوتوبيا عن أنفسهم وماضيهم<br />

يكاد يكون مضمونها وتعابيرها العامة مياثل<br />

املشاهد البغدادية،‏ وعلى نحو ما كانت هذه<br />

اليوتوبيا اجملردة تصلح للتمثل اجملتمعي يف<br />

حقول أخرى:‏ املسرح ، البرامج التلفازية<br />

‏)التمثيليات(‏ ، اعمال فنية سيراميكية .. الخ.‏<br />

- 2 إذا أمعنا النظر يف هذا النصب البرونزي<br />

املثير لوجدنا أنه قدّم هو اآلخر صورة مثالية<br />

عن <strong>حر</strong>كة التغيير واألسباب التي انطلقت منها<br />

والواقع الذي ولدته . لقد أخذ جواد سليم<br />

باحلسبان اخلطاب السياسي اجلديد مختزالً‏<br />

إياه برواية رمزية اتخذت تلقائياً‏ ما يأتي :<br />

تعابير مقروءة من املاضي ، واللحظة التموزية<br />

الثورية،‏ واملستقبل او ما يعتقد انه كذلك.‏ إنها<br />

ببساطة تكاد أن تكون كتابة بصرية تقرأ من<br />

اليمني إلى اليسار،‏ مثلما نقرأ لغتنا املكتوبة.‏<br />

إن شكل اجلدارية قد يدعم من يظن أنه<br />

مستلهم من الريليف اآلشوري،‏ يف حني أرى أن<br />

هذا الظن يعتمد على قرينة شكلية.‏ واحلال أن<br />

هذا السطح البالستيكي الكبير ، يطوي كال<br />

من االستعارة احلضارية وتأثيرات جواد بالفن<br />

االوربي احلديث،‏ أما وظيفته فمؤكدة وهي<br />

ضمان التحديد الشكلي وظهور اإلنشاء الكلي<br />

من دون لبس مبا يدعم الطابع اجلماهيري<br />

للعمل .<br />

– 3 أجد عند جواد سليم خبرات شخصية<br />

جداً،‏ نفسية وعاطفية،‏ تسللت إلى البغداديات،‏<br />

أو رمبا أسهمت يف ظهورها باألوصاف التي<br />

قدمتها.‏ بيد أنني مدرك يف الوقت نفسه<br />

أهمية التمييز بني سياق العمل الفني الداخلي<br />

والسياق النفسي للفنان.‏ إنهما سياقان<br />

مختلفان بالتأكيد،‏ وال ميكن أن نعول على<br />

الثاني يف التفسير واحلكم،‏ لكن من دون<br />

إهماله كلياً،‏ ألننا نحتاجه بوصفه حاشية<br />

للتعاطف والفهم،‏ فضالً‏ عن استخدامه لتعزيز<br />

بعض األفكار واألوصاف،‏ ولتوضيح بعض<br />

38


37<br />

« اليوم أظن قد انتهى كل شيء بيني وبني ).<br />

.( وأظن أيضاً‏ قد انتهى احلب بيني وبني أية<br />

امرأة أخرى.‏ يجب أال أنكر على نفسي أني<br />

وصلت عمراً‏ جدياً‏ يجب أن أكرسه إلى أمور<br />

أهم من التسلية والعواطف،‏ احلب وضياع<br />

الوقت.‏ . «<br />

« إن أكثر النساء اللواتي قطعن عالقتهن معي<br />

كان سببها برودي وكبريائي وعدم اهتمامي.‏ .<br />

«<br />

يف هذه املقتطفات من مذكرات جواد لم<br />

أعتمد التسلسل الزمني وال املناسبة بل<br />

أعدت ترتيبها على مستوى التعبير النفسي<br />

والعاطفي )3(. واملهم ليس ما يعتقده جواد<br />

عن نفسه بل ما أظهره أو أخفاه أو صعده يف<br />

عمله الفني.‏ واحلال أن ما رآه فشالً‏ يف جتربة<br />

حب والعالقات باجلنس اآلخر حوله إلى<br />

فضيلة حازها عمله الفني الذي انصرف إليه،‏<br />

ومبوازاة ذلك غذى يف عمله نزعة أخالقية يف<br />

التضامن اإلنساني ودعوة لل<strong>حر</strong>ية والكرامة.‏<br />

لكننا جند باملقابل أن البغداديات مترعة<br />

بروح أنثوية ناعمة كان الفنان ال يني يدعمها<br />

باكتشافات شكلية،‏ والسيما يف املوضوعات<br />

النسائية.‏ حتى يف النحت امتازت متاثيله عن<br />

األمهات بوجود شحنة عاطفية من التعاطف<br />

واحلنان واخلوف،‏ من هنا نراهن متكورات،‏<br />

منحنيات،‏ مندفعات إلى الداخل.‏ والطريف<br />

يف هذا الشأن أنه يف الرليف الذي صور فيه<br />

أسطة بناء جعل من يده يداً‏ أنثوية ال تخطئها<br />

العني.‏<br />

بإزاء ذلك جند يف البغداديات مادة غزيرة<br />

من األشكال املتماثلة املستديرة واملقوسة<br />

والبيضوية واللوزية،‏ كلها أشكال أنثوية تتجه<br />

فيها احلركة عائدة إلى نقطة البداية،‏ فمرة<br />

تنغلق ومرة تبقى مفتوحة:‏ عينان كبيرتان<br />

جنالوان أو لوزيتان،‏ وجوه بيضوية أو<br />

مستديرة،‏ شريحة رقي هاللية الشكل،‏ أهلة،‏<br />

ألعاب حبل طفولية تصنع دوائر على محور<br />

أفقي،‏ أجساد ورؤوس لوزية،‏ تخصّ‏ ر جيد،‏<br />

تبطّ‏ ح دالل،‏ أقواس شبابيك وأبواب،‏ قباب،‏<br />

استدارة ركبة،‏ تدلي ثدي،‏ التفاف عنق،‏ زخرفة<br />

لولبية،‏ زخارف تتلوى،‏ مقابض دائرية،‏ خطوط<br />

وكتابات لينة.‏ . إلخ.‏<br />

ال شك هنا أن جواد كان قد متثل أمنوذجاً‏<br />

ثقافياً‏ وحّ‏ د فيه األشكال وماثل بينها،‏ كما أنه<br />

عالج به مواضيعه ومنحها أهمية واحدة،‏ لكنه<br />

حذف منها أية إشارة عارضة توحي بالصراع<br />

حتى بني اخلطوط واملساحات واحلجوم،‏ إذ<br />

كان على شخصيات مدينته املثالية أن متتثل<br />

لقوانني اخلطوط واألشكال اللينة الذي<br />

يجمعها القوس والدائرة،‏ أو جزء منها،‏ حالها<br />

حال األثاث واألشياء التذكارية.‏ ما من نافر،‏<br />

وما من خطوط ذكورية قوية تنزع إلى إثارة<br />

االضطراب وتذكرنا باملوت.‏<br />

هناك عمل واحد قد يذكرنا باالضطراب<br />

واملوت أال وهو الشجرة القتيلة،‏ لكن إذا أمعنّا<br />

النظر إليها جيداً‏ من ناحية الترابط الشكلي<br />

والداللي فسنجد فيها عناصر مبزية تتجاوز<br />

موضوعها املرسوم بوضوح.‏ فمن الناحية<br />

الفنية هي أقرب إلى التخطيط امللون منها<br />

إلى تنظيم فني يجمع عناصر املشهد يف إطار<br />

محدد،‏ فاملساحة اخللفية فارغة،‏ وما من<br />

عالمة مرجعية واحدة تشير إلى وجود مكان<br />

بيئي محدد.‏ واملثير يف هذا العمل،‏ اخليالي<br />

واملكرس إلى التعاطف كما هو واضح،‏ أن<br />

الفنان استخدم خطوطا من مرجعياته الثقافية<br />

أيضاً،‏ لكنه أكد عليها وأثار فيها االضطراب.‏<br />

كانت طبيعة املوضوع قد فرضت وجود <strong>حر</strong>كة<br />

مضطربة جرى تقوميها على نحو أخالقي<br />

وإنساني،‏ مما أسقطها بضرب من املبالغة<br />

التعبيرية،‏ والسيما يف وضعية احملتطبني<br />

واملناجل يف أيديهما،‏ لكن الفنان وازن هذا<br />

االضطراب بشخص املرأة التي انحنت برشاقة<br />

وحميمية لتجمع،‏ كما يبدو،‏ األغصان التي<br />

سقطت من هذا التحطيب الوحشي.‏ من حيث<br />

الداللة الروائية قد جند يف املرأة شريكاً‏ يف<br />

هذا االحتطاب العائلي،‏ لكن الفنان كان قد<br />

قوّم اخلطوط والوضعيات ليس تبعاً‏ للفعل<br />

فقط بل والطبيعة اجلنسية للفاعلني أيضاً:‏ من<br />

يقف وبيده أداة جارحة ومن ينحني محتضناً‏<br />

البقايا.‏ من يظهر مت<strong>حر</strong>كاً،‏ لئيما،‏ واحتل مكاناً‏<br />

لفعل غاشم،‏ ومن يبدو كتلة متجانسة غير<br />

مضطربة تنحني برشاقة وحنان.‏<br />

أحسب أن هذه املقارنة بني الفاعلني على<br />

أساس االنقسام اجلنسي ميكن أن تتجاوز<br />

موضوع قطع شجرة،‏ بل أن الشجرة التي يقع<br />

عليها االعتداء من الرجلني ‏)ولعل ثمة نسخة<br />

أخرى لهذا العمل يظهر فيه رجل واحد(‏ متثل<br />

يف انحناءتها املأخوذة نظيراً‏ النحناءة املرأة،‏<br />

فالشجرة أنثى هي األخرى.‏ واحلال يفتح<br />

هذا العمل الداللة املتراكبة ما بني األمنوذج<br />

الثقايف الذي يؤنث عالم البغداديات والذي<br />

ميكن عدّه استعارة كبيرة،‏ وما ميكن عدّه<br />

متثالً‏ ذاتياً‏ لهذه االستعارة املتماهية باملرأة.‏<br />

متارس املرأة يف الشجرة القتيلة دور املوازنة<br />

على نحو مباشر،‏ ولعل هذه الرتبة كانت فكرة<br />

جواد الذاتية عن املرأة يف حضورها كشريك،‏<br />

لكن روحيتها الشبيهة بشكل البيضة،‏ مثل<br />

تكوراتها اجلسدية،‏ متاثل الروحية التي نفذ<br />

بها إلى عالم مدينته املثالي،‏ فاملرأة هنا مثال<br />

حي تتجمع فيه دالالت عديدة مرتبطة بفكرة<br />

السكن واالستقرار والقلق النفعي املكرس<br />

للسعادة والنماء،‏ فضالً‏ عن جمالها الذي كان<br />

يثير يف روح الفنان احلزن.‏ يتسامى جواد<br />

مبدينته كما يتسامى باألنثى،‏ وعلينا أن ال<br />

ننسى أبداً‏ أن البغداديات متاثل بيتاً‏ شكلته<br />

امرأة محبة فمنحته وفرة من األشياء اللينة<br />

والنسيج الناعم.‏ لكن أحد خطوط التسامي<br />

تتخطى مفهوم األنثى واملرأة إلى األم واألمومة<br />

يف انفتاح دال على األطفال والطفولة.‏<br />

على نهج جواد سليم يف رسومه البغدادية<br />

كتب شاكر حسن – صديقه ومن مؤسسي<br />

جماعة بغداد للفن احلديث - تأمالت<br />

مدهشة حتت عنوان ‏)بغداديات(‏ وذلك عام<br />

1966. الرسم االستذكاري استحال إلى لغة<br />

غنائية ال تخلو من حتليل،‏ وتصاميم الرسوم<br />

البغدادية استبدلت باستبصار معريف عن<br />

حياة البغدادي.‏ لم ترد هذه التأمالت املكتوبة<br />

بنثر جميل أن تتناول بغداديات جواد بوصفها<br />

أعماالً‏ فنية،‏ وجواد نفسه ال يظهر فيها،‏ إال<br />

أنها البغداديات نفسها نثراً.‏<br />

اعتمد شاكر منهجاً‏ ظاهرياً‏ قائم على<br />

إعادة إنتاج خبرة اآلخر ، ومبوازاته أعاد<br />

إنتاج املشاهد البغدادية بالروحية نفسها<br />

كتابةً.‏ ومثلما أجرى جواد يف هذه املشاهد<br />

تسوية اجتماعية،‏ أو فضّ‏ ل أن يبعدها عن<br />

وجهات النظر واملواقف الفكرية،‏ حاول<br />

شاكر أال يخل بهذا املوقف،‏ وأحسب أنه<br />

انتبه إلى ذلك،‏ والسيما أنه كان قبل أن<br />

يدير ظهره للتشخيصية لم يخف اهتماماته<br />

السوسيولوجية وتعاطفه مع الناس املهمشني.‏<br />

لكنه وقد أخذ باحلسبان أن اللغة ال متاثل<br />

الرسوم،‏ جعل من حتليله الظاهراتي للوضعية<br />

البغدادية من حيث السلوك واألهداف تتجاوز<br />

النظام االجتماعي،‏ وكم من مشاهد ترتبط<br />

بسلوك متناقض،‏ سهلة ومعقدة،‏ قام بوصفها،‏<br />

لكنه أذابها مستخلصاً‏ األساس الدائم الذي<br />

افترض أن املدينة قائمة عليه أال وهي<br />

احلضارة.‏<br />

إن مصطلح حضارة عند شاكر قد يعادل<br />

أو مياثل ما حددته هنا بالنموذج الثقايف،‏<br />

واالختالف بني املصطلحني ناجت كما أرى<br />

من أنني انطلقت من الرسم،‏ وحتدثت عن<br />

األشكال واالستعارة،‏ أما شاكر فكان معني<br />

بالشخصية البغدادية يف نواحيها النفسية<br />

والسلوكية والذوقية.‏ ولست أشك يف أنه فهم<br />

بغداديات الرسم كتعينات طرازية حضارية،‏<br />

بيد أن شاكر،‏ بسبب ثقافته الصوفية،‏ اقترب<br />

كذلك من معنى اللطائف والتهذيب الذي<br />

متيز به الوسط البغدادي املتحضر.‏ واحلال<br />

أن جميع املعاني املتوفرة يف بغداديات النثر


الثقافة األولى كانت يف املقاييس العراقية<br />

آنذاك شبه معزولة،‏ لكنها كانت تتصير<br />

بوضوح مع بناء الدولة الوطنية واحتياجاتها،‏<br />

ويف ارتباط السوق احمللي عضوياً‏ بالسوق<br />

الكولنيالي،‏ ووالدة حاجات جديدة.‏ ومن<br />

جهة املثقفني لم تكن جتسيدات هذه الثقافة<br />

واضحة إال يف كونها أفكاراً‏ وحالة من اإلعداد<br />

والتدريب وأمالً‏ يف التجديد،‏ وعلى اجلملة<br />

كانت ضرباً‏ من رأسمال مت<strong>حر</strong>ك ال ميكن<br />

حيازته إال بالتدريب الشاق،‏ والسيما إنها<br />

بدت مجموعة هائلة من التعابير واألساليب<br />

واملعارف والتقنيات والرسائل اآلتية من<br />

املستقبل )1(.<br />

أما الثقافة الثانية التي كانت يف األصل غافية،‏<br />

ملتفة على نفسها،‏ يف البيوت القدمية،‏ وقرب<br />

املواقد،‏ وبني شلل املثقفني املتأسية،‏ فقد<br />

فاجأها الضوء اآلتي من الثقافة األولى،‏ ولم<br />

تعد تستطيع أن ترى نفسها ومتيز ممتلكاتها<br />

إال حتت هذا الضوء.‏ واحلال إذا فكرنا من<br />

جهة معرفية،‏ لم تعد هذه الثقافة منذ اآلن<br />

هي نفسها،‏ فعالقات القوى غير املتكافئة التي<br />

نخستها،‏ جعلت منها موضوعاً‏ للتأمل،‏ وبقدر<br />

ما أيقظت لغتها وتعابيرها القدمية،‏ أضحى<br />

معها أن تستعاد بوصفها قيمة جديدة أمر<br />

ممكن.‏<br />

إن الرسم العراقي ليس سوى اسم آخر لوالدة<br />

املوضوع احمللي،‏ أما احلداثة العراقية فكانت<br />

القبض عليه بوصفه موضوع معاجلة وتفكيك<br />

وإعادة اكتشاف بواسطة ‏)علم!(‏ الفن األوروبي<br />

احلديث.‏ ثمة مشكلة إذن،‏ لكن احلل ما كان<br />

ميكن أن يكون غير هذا.‏ وميكن النظر إلى<br />

برنامج جماعة بغداد للفن احلديث بوصفها<br />

منشأة فنية استدخلت هذه الضرورة على نحو<br />

تلقائي،‏ لكنها منحتها قيمة إضافية واعية<br />

ضمن مهمة تأسيسية أجنزت مبوازاة النهوض<br />

الوطني العام وبالتشابك معه.‏ من جهة ثانية<br />

كانت دوافع الدولة الوطنية يف تأسيس أول<br />

منشأة للتعليم الفني عام 1939 ‏)معهد الفنون<br />

اجلميلة(‏ هي لتحديث التعليم وتنويعه،‏ فضالً‏<br />

عن إعداد معلمني للتربية الفنية والنشاط<br />

الالصفي،‏ وعلى نحو ما جاء هذا البرنامج<br />

املوضوعي املرتبط باحتياجات دولة جديدة<br />

بدأت تتبرجز مالئماً‏ لتنفيذ برامج جديدة ذات<br />

أفق ثقايف أوسع.‏<br />

إن برنامج جماعة بغداد الذي انطلق أوائل<br />

اخلمسينيات ندّ‏ عن استقراء تلقائي لتجارب<br />

فنية سابقة زاوجت هي األخرى بني الفن<br />

احلديث واملوضوع احمللي،‏ بيد أن هذا<br />

البرنامج كان أكثر حداثوية بسبب اخلبرة<br />

واالهتمام الثقايف واملعريف ألفراد هذه<br />

اجلماعة،‏ فضالً‏ عن أن اجلماعة كانت أكثر<br />

من غيرها من أسلب املوضوع احمللي تبعاً‏<br />

ملوازنة رهيفة بعض الشيء بني الثقافة احمللية<br />

وتطلعاتهم الذاتية واألساليب األوروبية.‏<br />

وبهذه املعدات أطلقت <strong>حر</strong>كة جتريبية واسعة<br />

قائمة على التكييف واالنتخاب والتعرف على<br />

االختالفات والتمايزات.‏<br />

بالنسبة جلواد السليم الذي عاش داخلياً‏<br />

مبادئ متوازنة،‏ واجداً‏ فيها ضرورة معطاة<br />

ال ميكن تخطيها مببدأ يتعالى على التجربة<br />

املعاشة،‏ راح تلقائياً‏ ينتقي موضوعاً‏ تعبيرياً‏<br />

وجد فيه اسطورته اخلاصة التي ال تتعارض<br />

أبداً‏ مع أساطير اآلخرين عن املكان الوطني<br />

التاريخي.‏<br />

وألنه لم يكن رجل صراعات غير مجدية،‏<br />

وكانت فكرته عن الصراع مرتبطة باأللم<br />

واخلسارة واخلوف من املوت،‏ فضالً‏ عن<br />

تهذيبه األخالقي وحساسيته اإلنسانية،‏ فقد<br />

أظهر ضرباً‏ من االنتماء اخلاص تتجسد فيه<br />

احلياة االجتماعية الوطنية محوّلة بسلطة<br />

أقوى من سلطة األحياء ونزاعاتهم.‏ إنه ليس<br />

من أولئك الذين يضرمون النار وال هو بقادر<br />

على إطفائها،‏ من هنا سيكتفي بأن يشير<br />

للجميع - وباألصل بحث عن جذر معترف به<br />

وال ينازعه فيه أحد - إلى قيمة تتجاوزهم،‏<br />

إلى مكان تاريخي معزول عن التاريخ الناشط<br />

، ظاهر لنا بتعابيره الصغيرة املاثلة يف احلياة،‏<br />

مكان للعيش كما هو صندوق عائلي ضم<br />

ودائعنا التذكارية،‏ يتساوى عنده الفقير والغني،‏<br />

األمي واملثقف،‏ اجلاد والهازل،‏ ويجد اجلميع<br />

أنفسهم فيه متصاحلني )1(.<br />

يف اللحظة التي كانت تظهر احلقيقة<br />

االجتماعية ذات طابع درامي مع حسّ‏ باملطالب<br />

والصراع يف أعمال بعض الفنانني كان جواد<br />

باملقارنة بهم يبدو ملتبساً،‏ فما بني ذاتية<br />

بتطلب نفسي وجمالي،‏ وموضوعية كلفت<br />

بالتمثيل الثقايف،‏ لن يحال هذا االلتباس إلى<br />

قضية آديولوجية،‏ بل إلى صنف من أصناف<br />

االهتمام الفني ذي البرنامج الثقايف،‏ فضالً‏<br />

عن اختيار فكري ملرجعيات مشتركة،‏ وسيبعد<br />

بغدادياته عن مناطق التفسير إلى حاجات<br />

الفهم،‏ والفهم الفني بوجه خاص.‏ إنه يف<br />

النهاية ليس داعية اجتماعي،‏ ورؤيته البغدادية<br />

– وكلمة رؤية ها هنا تبدو واجبة – هي رؤية<br />

جمالية قبل كل شيء.‏ واحلال أن هذا الوقف<br />

تغير كثيراً‏ أو قليالً‏ تبعاً‏ للرؤية السياسية من<br />

عملية التغيير والسيما بعد أن اهتز اجلميع يف<br />

حلظة هدّت البناء السياسي ليضحي الصراع<br />

القدمي قصة،‏ حلظة تساوى فيها اجلميع يف<br />

األمل:‏ نصب احلرية )2(.<br />

-4-<br />

جاءت البغداديات متناغمة تناغماً‏ سا<strong>حر</strong>اً‏<br />

مع حياة الفنان العاطفية،‏ وميوله النفسية،‏<br />

وتساميه الفني.‏<br />

لقد منح جواد سليم لتجاربه احلسية أهمية<br />

خاصة يف مذكراته،‏ ولقد ضمها بوضوح إلى<br />

خبرته اجلمالية.‏ لكنه كان يف كل مرة يتجاسر<br />

فيها على مد يده إلى مسرات م<strong>حر</strong>مة يخرج<br />

منها متسامياً‏ متفكراً.‏ فحني رسم عاهرات<br />

يف بعض لوحاته لم مينحهن أي جمال بل<br />

صورهن مطحونات مكروبات،‏ يف حني أشار يف<br />

مذكراته أنه حقق ‏)غبطة علوية(‏ مع إحداهن،‏<br />

وهنّ‏ على أية حال لم يدخلن مدينة بغدادياته<br />

الفاضلة.‏ وبينما كان يجرؤ أحياناً‏ يف ارتياد<br />

اخلمارات الشعبية جنده يبرر سلوكه يف أنه<br />

سيجد الطيبة هناك،‏ لكنه يف احلقيقة يعود<br />

منها حزيناً.‏ كان عشقه للتجارب احلسية غير<br />

املؤذية والتي قد تتوقف عند حدود املالمسات،‏<br />

وللذة السرية التي متنحه إياه غرف النساء<br />

الدافئة التي قد تكون ذكرى منزلية عن أم<br />

أحبها كثيراً،‏ صعدا إلى مستوى اإلحساس<br />

اجلمالي.‏ إن مذكراته توحي بذلك،‏ وإن بإبهام.‏<br />

ولعل اعترافه بفشل قصة حب،‏ واعترافه بأنه<br />

بارد،‏ واعترافه بأنه موعود وصاحب رسالة يف<br />

نطاق فنه،‏ تشكل سلسلة نفسية وعاطفية من<br />

التوتر والتصعيد.‏<br />

كان <strong>حر</strong>اً‏ يف التفكير،‏ حصل على تدريب ثقايف<br />

ممتاز،‏ واطلع على الثقافة الغربية مبكراً،‏<br />

فضالً‏ عن أنه ترعرع يف بيت يعج بالفنانني،‏<br />

ولم يحدث أن أفسدوا عليه اهتماماته املتعددة<br />

أو تدخلوا يف شؤونه،‏ وكان باستطاعته أن<br />

يعبر عن نفسه بوضوح يف بيئة عائلية متنورة<br />

يسودها احلب والتهذيب.‏ لكنه كان لسبب<br />

ما،‏ حسياً‏ مثالياً،‏ رغيباً‏ وخجالً‏ من رغباته،‏<br />

وكان حله للتوترات والصراع النفسي حل رجل<br />

مهذب يتسامى فوق وضعه الشخصي وال يريد<br />

خدش حياءه بجسارة طائشة قد ال يعرف<br />

نتائجها.‏<br />

». . . ثدييها الذين كان برعماهما متجسدين<br />

حتت القماش،‏ بطنها،‏ فخذيها،‏ ساقيها<br />

الورديتني الصافيتني.‏ . قدميها العاريتني.‏ .<br />

جيدها.‏ . صدرها الرطب الدافئ.‏ . «<br />

». . تلك الرقة واألنوثة الهائلة والعيون<br />

الواسعة السوداء املليئة بالرغبة املكبوتة<br />

واحلياء اجلذاب.‏ . «<br />

« مددت ساعدي على صدرها وملست أناملي<br />

ثديها الرطب الباكر فهبت يف جسمي نسمة<br />

من الغبطة العلوية وريح السعادة «<br />

قلت لها أن األشياء التي هي جميلة جداً‏ تؤملني<br />

بعض األحيان.‏ . «<br />

36


البغدادية الذي حددت أوصافه الرئيسية معنى<br />

التسجيل الفني الذي جاء بأسلوب تعبيري.‏<br />

هذا التسجيل أريد له أن يصف املكان الثقايف<br />

بتعدد مستوياته وأغراضه الوظيفية.‏ هذا ما<br />

يبدو يف الظاهر،‏ وأظن أن جواداً‏ كان مدركاً‏<br />

ألهمية التسجيل نظراً‏ حلركة التغيرات<br />

احلضاري املتسارعة التي تبدد احلياة املألوفة<br />

بقسوة،‏ كما كان واعياُ‏ حلقيقة أنه بصدد<br />

القيام مبشروع وطني للتعبير وليس للتعبير<br />

على وجه اإلطالق.‏ إن املكان احمللي هو املعطى<br />

الرئيسي يف هذه العملية،‏ املوضوع،‏ الصفة،‏<br />

احلضور.‏ لكن لو اقتصر األمر على مجرد<br />

تسجيل ملكان الستحالت البغداديات إلى صورة<br />

باهتة عنه،‏ وما كان ملشروع التعبير الوطني أن<br />

يتجاوز التسجيل إلى املفهوم اجلمالي الذي<br />

يشده ومينحه العمق الفكري.‏ لكن مقاصد<br />

عاطفية ونفسية ال شعورية،‏ وتدريباً‏ ثقافياً‏<br />

وجمالياً‏ ممتازاً،‏ وإحساساً‏ مرهفاً‏ ومثالياً،‏<br />

ونزعة تأليفية،‏ أعطت للبغداديات بعداً‏ آخر<br />

كثر عمقاً‏ وداللة،‏ مثلما بات لها دوراً‏ تربوياً‏<br />

وجمالياً‏ يف <strong>حر</strong>كة الرسم العراقي،‏ معرّفة<br />

توتراته وهواجسه إزاء املوروث الثقايف والفن<br />

املعاصر.‏<br />

لقد قام جواد مبجموعة من التوليفات<br />

والتسويات األكثر جاذبية يف الرسم العراقي<br />

وذلك على مستويات عديدة:‏ ثقافية،‏ فنية،‏<br />

جمالية،‏ أسلوبية،‏ وعاطفية.‏ يف هذه العملية<br />

كان النزوع نحو الطفولة يوازي البحث<br />

يف التراث احمللي،‏ واالستبطان ذو النغمة<br />

العاطفية يوازي التمثالت العاطفية،‏ والتأثر<br />

بالفن الغربي يوازي استلهام فن املنمنمات<br />

اإلسالمية واإلنتاج الفولكلوري.‏ إن الثقافة<br />

والتجربة املعاشة يتجاذبان على املستوى<br />

العاطفي ويشحنان العمل الفني بنغمة من<br />

احلنني األنثوي احملزون والروح احلاملة وشيء<br />

من امليوعة.‏<br />

واحلال أن هذه املتوازيات ميكن النظر إليها<br />

بوصفها جتسيداً‏ للنزعة التأليفية التي<br />

ميزت الفنان.‏ ومن الوجهة التي أعتمدها ها<br />

هنا أرى يف هذه النزعة الكثير من النقاط<br />

املشتبكة بحياة الفنان الشخصية يف حتدياتها<br />

االجتماعية والنفسية والعاطفية.‏ فجواد عاش<br />

طرازين من الثقافة و<strong>حر</strong>كتني من االستجابة،‏<br />

وكان ال يني يؤلف بينهما،‏ من دون أن يشعرنا<br />

بوجود صراع داخلي غير عادي.‏<br />

انتمى جواد إلى فئة من الطبقة الوسطى<br />

البغدادية ارتبط ظهورها واهتماماتها الثقافية<br />

بالتحديثات العثمانية لإلدارة احمللية،‏ وبعد<br />

رحيل السلطة التركية لم يعد لهذه الفئة غير<br />

أن تثبت جدارتها باجملهود الشخصي مع<br />

بقية من امتيازات الرفاه القدمي.‏ لقد كانت<br />

فاقدة للجذور العشائرية،‏ وال متتلك عالقات<br />

قرابة ممتدة ذات تأثير سياسي،‏ وليس لها<br />

من سند اجتماعي إال ما يسمح لها املكان<br />

املديني من عالقات جديدة وما يبذل فيه من<br />

جهد عصامي.‏ كان جميع أفراد عائلة جواد،‏<br />

ابتداءً‏ من األب الذي كان ضابطاً‏ يف اجليش<br />

العثماني،‏ من املهتمني بالرسم والثقافة،‏<br />

ولعل جميعهم تقريباً‏ كانوا موزعني بني ثقافة<br />

أوروبية جرى هضمها على الصورة التي ولدت<br />

هذه الثقافة يف اإلستانة،‏ كضرب من احلل<br />

الذي ارتضاه املثقفون األتراك يف صراعهم<br />

ضد التخلف العثماني،‏ وثقافة محلية جتسدت<br />

يف التعابير املدينية واالجتماعية من عادات<br />

وتهذيب وأخالق وتذوق.‏<br />

35


جواد سليم.‏ الوان مائية على الورق،‏ غير مؤرخة<br />

مجموعة مؤسسة كنده للفن العربي املغاصر،‏ الرياض<br />

جواد سليم،‏ اطفال يلعبون،‏ زيت على القماش 71 x 91 سم<br />

‎1953‎‏.مجموعة متحف الفن العربي،‏ الدوحة<br />

34


جواد سليم،‏ موسيقيون الشارع،‏ زيت على القماش 80 x 60<br />

سم.‏‎1954‎‏.مجموعة متحف الفن احلديث،‏ بغداد<br />

33


فإنها متثل حضوراً‏ لشخصية ومتارس دوراً‏<br />

يف مسرح بيتي.‏ وعلى هذا النحو تتبادل<br />

املوضوعات واألشياء واألشخاص واألدوار ما<br />

بينها للتعبير عن الشخصية البغدادية.‏<br />

نشاهد يف الرسوم التي تصور األشخاص<br />

بوضوح،‏ أن هؤالء يتصنعون وقفة يحتلون<br />

مبقتضاها مقدمة اللوحة،‏ ويف وجوههم<br />

تعبيرات ساذجة أو حاملة،‏ كما يف لوحات:‏<br />

عروسان من بغداد،‏ ولدان يأكالن الرقي،‏ فتاة<br />

وحمامة.‏ إن التعبيرات التي مينحها الفنان<br />

لهذه املشاهير متباينة،‏ فهي هازلة يف األولى،‏<br />

ضاحكة يف الثانية،‏ ويف احلالتني ثمة وقفة<br />

ال تخلو من تظاهر وسعادة حلظة تائهة.‏ إما<br />

يف الثانية فحاملة،‏ نظراً‏ ألنها تأليف خيالي،‏<br />

والفنان يسبغ عليها عاطفة حزينة ملراهقة<br />

تستبطن حياتها الداخلية.‏<br />

يصور الفنان الرجال عادة بروحية تختلف<br />

عن تصويره للنساء.‏ فالرجال هم ما عليه<br />

الرجال،‏ ليس من غموض كبير يكتنفهم،‏<br />

متيزهم املالبس وبعض االستغراق املهني،‏<br />

أحياناً‏ ببعض املهابة كما يف نظرة اخلليفة<br />

‏)محفل اخلليفة(،‏ وانتظار يائس كما يف ‏)بائع<br />

الشتالت(.‏ وبوجه عام تبدو تعبيرات الوجوه<br />

أقل أهمية للفنان،‏ فاملهم عنده بناء املشهد<br />

وحضور الشخصية التي ميثلها ورمزيته<br />

الشعبية وموقعه املركزي يف بناء اللوحة.‏ إن<br />

جواداً‏ ال يسرف يف احلركة والتعبيرات الذاتية<br />

إال إذا أراد التفسير أو احلكم،‏ كما يف لوحة<br />

‏)لشجرة القتيلة(‏ فقد صور رجلني مسعورين<br />

يحمالن املناجل منهمكني يف التحطيب من<br />

شجرة ذاهلة،‏ وجهاهما لئيمان غاضبان،‏<br />

وجسداهما مقوسني كاملنجلني،‏ أحاطا الشجرة<br />

يف <strong>حر</strong>كة عنيفة.‏<br />

النساء وحدهن صورن يف تعاطف واضح،‏<br />

بأجساد لينة،‏ وغموض حزين يحيط بهن.‏<br />

ولعلّ‏ أكثر التضمينات الرمزية أهمية للفنان<br />

خصها لهن،‏ على الرغم من اختالف املوضوع<br />

ونسقه املرعي.‏ ففي ‏)اخلياطة(‏ صوّر الفنان<br />

امرأة شعبية حتمل ماكنة خياطة فوق رأسها،‏<br />

ملخصاً‏ يف وقفتها العزوم ذكريات كامنة عن<br />

اخلياطات املكافحات الالئي يعلن عوائلهن.‏ إن<br />

قوة اخلطوط أظهرت التعبير الرصني والفخور<br />

للمرأة،‏ فضالً‏ عن أنها حتمل بذراعيها ديكاً‏<br />

رمز الفحولة،‏ فكأن الفنان أراد أن يقول إنها<br />

تعيل زوجها.‏ ‏)يف اخلمسينيات كانت النساء<br />

الشعبيات املكافحات يصنعن أسطورة مقابل<br />

تبطل أزواجهن(.‏<br />

هناك أيضاً‏ املضطجعات.‏ وثمة ثالث لوحات<br />

رسمها جواد استمراراً‏ ملوضوع املضطجعة يف<br />

الرسم األوروبي لكن ضمن مناخ البغداديات.‏<br />

فهناك املضطجعة يف أرجوحة،‏ وهي عمل<br />

غامض بقدر ما يبدو فيها من رموز واضحة،‏<br />

فاملرأة املضطجعة نست أو تناست احلدائقي<br />

الصغير الذي أمسك بخرطوم املاء بيده.‏ إنه<br />

موضوع مستلهم من بيوت الطبقة الوسطى<br />

البغدادية.‏ أما املضطجعة الثانية فهي<br />

مستغرقة يف نوم عميق كاشفة شيئاً‏ من<br />

سيقانها وبقربها قطة ومشربية و«مهفة«،‏<br />

وهو موضوع مستلهم من النوم على السطوح.‏<br />

أما الثالثة فهي نسخة من السابقة من جهة<br />

املوضوع لكنها تختلف عنها يف املعاجلة وتكاد<br />

تكون نسخة أوروبية،‏ فالفنان يرسم كتلة<br />

اجلسد على طريقة بيكاسو من دون ألوانه.‏<br />

تكاد لوحة ‏)الشجرة القتيلة(‏ التي أشرت إليها<br />

سابقاً‏ من أكثر اللوحات التي تظهر االختالف<br />

يف الروحية بني تصوير جواد للرجال والنساء،‏<br />

فإذ ينهمك الرجالن يف <strong>حر</strong>كة عنيفة لقطع<br />

الشجرة تنحني املرأة برشاقة ونعومة محتضنة<br />

أغصانها املتناثرة.‏ إنه موضوع يجمع ما بني<br />

العنف والرقة.‏<br />

هناك يف البغداديات موضوعات ال تظهر فيها<br />

الشخصيات إال كأشكال عامة دمجت يف إنشاء<br />

متجانس،‏ وعالقات شكلية ذات طابع فولكلوري<br />

تستكمل بها تنويعات بصرية.‏ وثمة مشاهد<br />

شعبية عن املدينة،‏ ومشاهد صغيرة جرى<br />

اختزالها وتبسيطها مثل لوحة أطفال يلعبون<br />

التي توجد تنويعات منها تظهر االختالف بني<br />

ألعاب األوالد وألعاب البنات.‏ إزاء ذلك هناك<br />

موضوعات جتريدية تسهم مع الزخرفة يف<br />

تشكيل متنوع للموضوع البغدادي.‏<br />

-3-<br />

قد يفيد التخطيط العام للموضوعات<br />

32


جواد سليم،‏ إمرآتان،‏ زيت على القماش 54 x 69 سم.‏‎1957‎‏.‏<br />

مجموعة متحف الفن العربي،‏ الدوحة<br />

31


وصف ‏»بغداديات«‏ جواد سليم<br />

سهيل سامي نادر<br />

-1-<br />

بعض األعمال الفنية تواصل احلياة يف وضع<br />

خاص،‏ فنحن نتلقاها مرتني،‏ مرة يف بنائها<br />

الفريد الذي ال يتكرر،‏ ومرة عبر الزمن،‏ عند<br />

االنعطافات والتغيرات والتجارب،‏ وقد أضاف<br />

إليها الناس تفسيرات جديدة،‏ أو صاغ فنانون<br />

أعمالهم على نهجها.‏ وتزداد هذه احلالة فرادة<br />

حني تخفي هذه األعمال وراءها مشكلة ثقافية<br />

وفنية أصيلة،‏ أو تأخذ هي على عاتقها مشروع<br />

حل هذه املشكلة.‏<br />

من األمثلة على أعمال كهذه ‏»بغداديات«‏ جواد<br />

سليم.‏<br />

يجب أن أضع أوصافاُ‏ أكثر حتديداً‏ للوضع<br />

الفريد واخلاص الذي مييز البغداديات:‏ فاسم<br />

املدينة الذي يسمها يعلم عن موضوعها،‏<br />

فالبغداديات مكرسة لبغداد،‏ موضوعاً‏ وثقافة<br />

وجماليات.‏ لكنها صورة عنها،‏ ذكرى منها،‏<br />

مجتزآت من عاملها بحثت عنها عاطفة حانية<br />

محتفظة بها.‏ وإذا كانت تبدو يف تفاصيلها<br />

العامة مكان عيشنا املعروف،‏ إال أنها،‏ وعلى<br />

الرغم من ذلك،‏ مدينة أخرى،‏ مدينة كل شيء<br />

فيها متماثل وميتلك األهمية نفسها،‏ مدينة<br />

مخبأة يف قلب رجل محب.‏<br />

ثمة فرق واسع بني املدينة الواقعية التي<br />

نحياها ومدينة البغداديات،‏ فرق ال يتحدد يف<br />

أن الثانية خيالية،‏ فهي ليست كذلك،‏ بل ألن<br />

األولى تتغير،‏ وقد تغيرت يف قياسات فراغية<br />

غطت على قياسات األذرع والتجاور التي<br />

ميزت املدينة القدمية.‏ إن االستذكار،‏ وأعمال<br />

اخلواطر،‏ والبحث عن الصور،‏ تصبح شبه<br />

حتمية،‏ يف مثل هذه احلالة.‏ وجواد سليم الذي<br />

استشعر <strong>حر</strong>كة التغير،‏ وال أظنه أراد مقاومتها<br />

بأمثلة استذكارية،‏ بحث من بني الثلمات<br />

وتهشيمات الزمن عن املدينة التي عرفها،‏<br />

ممسكها من اللحظة التي عاشت فيها يف غفلة<br />

نزيهة على ما ملكت من جمال واعتياد وحياة.‏<br />

إن بغدادياته حتى لو لم تكن استذكاراً‏ فهي<br />

تذكارات،‏ طفولة نود العودة إليها من دون أن<br />

نعود حقاً.‏<br />

بينما تت<strong>حر</strong>ك املدينة الواقعية يف اجتاهات<br />

عدة،‏ متسارعة،‏ خشنة،‏ يسيح الزمن يف<br />

شوارعها ويقشر جلدها،‏ ويطبق عليها من<br />

أعلى وأسفل،‏ محوالً‏ صورتها باستمرار،‏ ينسلت<br />

الزمن من مدينة ‏»البغداديات«‏ مثل خيط رفيع<br />

من دخان.‏ إنها مكان ال جتوسه آلهة التاريخ<br />

بل ربات اجلمال اللواتي فضلن أن يصبحن<br />

ربات بيوت سعيدات:‏ مشاهد ساذجة وهازلة<br />

بعض الشيء،‏ حلظات صغيرة استعيدت من<br />

دون أحزان ثقيلة وال أسف مزعج،‏ ليس من<br />

اهتمامها أن تثير أسئلة شائكة أو تكترث<br />

بصراع،‏ حزينة حزن الصور العائلية القدمية،‏<br />

وزمن أي مشهد منها يوازي يف أهميته وال<br />

أهميته تواريخ إنتاجها كصنيع فني،‏ فاالثنان<br />

صنعا مشغل منزلي واحد منح األهمية للذوق<br />

والصنعة واألسلوب واإلحساس.‏<br />

لكن مدينة البغداديات املثالية هذه،‏ تتكشف<br />

عن إنشاءات واعية يف التجربة الثقافية<br />

واجلمالية،‏ منسوجة بهواجس وامتثاالت<br />

محلية،‏ ومبزاوجة فنية تراثية ومعاصرة،‏<br />

باقتباسات،‏ وخبرات عاطفية ونفسية،‏<br />

واختزاالت أسلوبية.‏ وعلى الرغم من متثيلها<br />

ألشياء راحلة،‏ فهي حتيا مجدداً‏ بيننا عند<br />

الفواصل التي تتحول عندها مفردات احلياة<br />

الواقعية املتناثرة إلى إشارات وآثار ورموز<br />

سواء على املستوى النفسي أو يف نطاق التعبير<br />

الفني اخلالق.‏<br />

-2-<br />

تشكل البغداديات يف مجموعها متحفاً‏<br />

أثنوغرافياً‏ صغيراً‏ عن بغداد،‏ الواقع فيه<br />

محول بقوة مشروع ثقايف وجمالي.‏ إنها تأخذ<br />

تلقائياً‏ ترتيباً‏ من صفوف متوازية عزلت<br />

حسب مواضيعها،‏ كل صف منها ينتقي من<br />

العالم البغدادي أشياءه:‏ فهنا صف للتحف من<br />

مشربيات وأوان ودالل،‏ وهنا صف للحكايات<br />

واألسرار،‏ وصف آخر للمشاهد املدينية،‏ وآخر<br />

للحياة البيتية.‏<br />

إن أي عمل مفرد من هذه املصفوفات يصلح<br />

ألن يكون نقطة بداية ملشاهدة اعتيادية<br />

ولتفحص واع،‏ ألنه يأخذنا إلى قرينه ويصطف<br />

معه بانسجام،‏ فجميع األعمال تقترن ببعضها<br />

البعض يف احملتوى الثقايف واألسلوب الصنعي<br />

واجلماليات الفنية والتضمينات الرمزية.‏<br />

ضمن هذا السياق تبدو البغداديات مشروحة<br />

شرحاً‏ جيداً.‏ فكل رسم يشير إلى رسم<br />

آخر،‏ وحتى لو حتولنا من صف إلى آخر من<br />

املوضوعات فلن نشعر بفارق كبير،‏ بل جند<br />

الدالالت نفسها اتخذت أدواراً‏ جديدة.‏ إن<br />

االنتقال من مصفوفة إلى أخرى يوازي جتربة<br />

التنقل داخل بيت كبير،‏ فما نراه يف غرفة<br />

الضيوف ليس هو ما نراه يف ركن آخر،‏ لكن أياً‏<br />

ما نراه نشعر أنه يعود إلى البيت ذاته:‏ أثاثه،‏<br />

طريقة توزيعه،‏ زواياه،‏ أسراره.‏<br />

تعد البغداديات يف أبسط تعبير لها عالم<br />

شخصيات ومشاهد.‏ لكن حتى يف املواد<br />

اجلامدة سواء صورت وحدها أو أدخلها الفنان<br />

يف الغرف على الرفوف وبني األشخاص،‏<br />

30


جواد سليم،‏ رسم حتضيري،‏ الوان مائية على<br />

الورق،‏ مجموعة متحف الفن العربي،‏ الدوحة<br />

29


28


األشكال الهندسية البسيطة يف تنفيذها،‏<br />

كاملثلثات واألشكال اللوزية والدوائر والنقاط<br />

واخلطوط املستقيمة واملنحنية والزوايا احلادة<br />

مع عناصر زخرفية ذات أشكال مختزلة.‏<br />

ولعل إكثار جواد من استخدام شكل الهالل<br />

يف هذه األعمال التخطيطية ويف العديد من<br />

أعماله الفنية األخرى،‏ لم يكن بتأثير من<br />

الفن اإلسالمي فحسب،‏ خصوصاً‏ حني نعلم<br />

مدى اهمية هذا الرمز الديني يف احلضارة<br />

السومرية.‏<br />

ومهما كانت مفردات ورموز أعمال جواد<br />

التخطيطية خاضعة إلى مضامني اجتماعية أو<br />

روحية مرتبطة بحياة الناس واجملتمع بشكل<br />

عام،‏ كما نطالع ذلك يف العديد من الدراسات<br />

النقدية،‏ فإنها من منظوري الشخصي،‏ تعبر<br />

بالدرجة األساسية عن اهتمام كبير وعميق<br />

بتطوير انساق شكالنية بحتة،‏ جتد يف األشياء<br />

والكائنات بكل مرجعياتها ذرائع إلجناز أعمال<br />

تعلي من شأن األشكال وعواملها الثرية قبل أي<br />

اهتمام أو اعتبار آخر<br />

جواد سليم،‏ رجل وامرأة،‏ قلم شمع على الورق،‏ غير<br />

‎٬‎مؤرخة.‏ مجموعة محمد مكية<br />

جواد سليم ، الوان مائية،‏ مجموعة رفعة اجلادرجي،‏<br />

لندن


26


جواد سليم،‏ رسم حتضيري،‏ الوان مائية على<br />

الورق،‏ مجموعة متحف الفن العربي،‏ الدوحة<br />

25


24


عيونها الواسعة من خالل تضمينها يف عمله<br />

التخطيطي.‏ ‏)الصورة رقم 3(. ومما عزز ذلك<br />

التأثر ما ذكرته العديد من املصادر عن مرحلة<br />

عمله يف املتحف العراقي،‏ وما جلبه له من<br />

روافد نهل منها الكثير من املدركات الشكلية<br />

يف سبيل تطوير عمله الفني بشكل عام.‏<br />

ومن جهة أخرى،‏ تبدو ذات املساعي واحللول<br />

األسلوبية والتكوينية متواجدة يف عمل الفنان<br />

السويسري بول كلي واملعنون ب)ألبوم الصور(‏<br />

حيث جند اهتمامه بشكل الهالل واضح،‏<br />

واستخدامه يف حتديد وجه املرأة،‏ وايضاً‏<br />

متوضعه يف عدة أماكن من عمله الفني.‏<br />

‏)الصورة رقم 4(<br />

وكما نرى،‏ فإن جواداً‏ وبول كلي قد اعتمدا<br />

على تواشج عناصر احمليط األرضي من نبات<br />

وإنسان وحيوان وجماد على سطح العمل الفني<br />

وجمعها داخل قيم إنشائية تظهر من خاللها<br />

متساوية يف األهمية.‏<br />

وتخضع العديد من تخطيطات جواد سليم<br />

االخرى لذات القيم األسلوبية والتكوينية<br />

واملفاهيمية اخلاصة بالتخطيط امللون الذي<br />

يتناوله هذا النص،‏ كما يف الصور رقم 6، 5،<br />

8 7، حيث جند إمعان الفنان جواد سليم يف<br />

اختزال األشكال اإلنسانية واالعتماد على<br />

رأس زوجة اإلله ابو<br />

البوم الصور،‏ بول كلي،‏ 1937<br />

23


22


كما يظهر بوضوح يف أسلوب رسم شخصية<br />

البنت يف اجلزء السفلي من التخطيط،‏ حيث<br />

يتبنى الفنان نهجاً‏ قريباً‏ جداً‏ من أساليب<br />

رسوم األطفال.‏ باملقابل،‏ ينجز الفنان صورة<br />

الكائن املركب بطريقة هندسية تتماشى<br />

مع ما يشبه املدرسة التكعيبية يف مرحلتها<br />

التصميمية.‏<br />

الصورة رقم 2( ختم يُظهر وجه إنانا،‏ وزهرتها أو صورتها النجمية ذات الشكل الثماني الرؤوس<br />

‏)الزهرة(،‏ وقوائم أبواب معبدها ‏)حوالي 3000 قبل امليالد(.‏<br />

ويقترب عمل جواد يف األسلوب وبشكل<br />

ملحوظ،‏ من ختم سومري معروف يصوّر وجه<br />

اآللهة إنانا،‏ ويظهر ذلك االقتران األسلوبي<br />

خالل اعتماد الفنان السومري على اشكال<br />

مختصرة لالهلة ولوجه اآللهة وتوزيع املفردات<br />

كالنجوم وأبواب املعبد واالعمدة على شريط<br />

اخلتم بشكل افقي ‏)الصورة رقم 2(، ويتمثل<br />

ذلك ايضاً‏ يف وجه زوجة اإلله آبو حيث<br />

يظهر جواد اهتماماً‏ خاصاً‏ يف طريقة تنفيذ<br />

21


خطية جلمل من كلمات مموهة كما لو أن يداً‏<br />

الهية خطتها.‏<br />

وتبدو بعض املفردات مترعة برقتها،‏ يف حني<br />

بدت األخرى خشنة سميكة وصلبة،‏ إجترحتها<br />

عجالة يد الفنان التي راح بها يحور ويختزل<br />

شخوصه وأشكاله األخرى إلى مجرد خطوط<br />

هندسية أساسية تذكر ب<strong>حر</strong>كة <strong>حر</strong>وف عربية أو<br />

عالمات خطية جتريدية بسيطة.‏<br />

ويبدو الكائن املركب يف هذا التخطيط،‏<br />

وهو هنا مزيج من رأس إنسان وجسم ثور<br />

مرسوماً‏ بخطوط خارجية سوداء صارمة،‏<br />

ومحاطاً‏ بني هاللني أحدهما على اليمني<br />

ويعطي انطباعاً‏ بأنه قرن والثاني على اليسار<br />

ويعطي انطباعاً‏ بأنه ذيل،‏ وعدا هذا فإن ذات<br />

الشكلني الهالليني منحا شعوراً‏ بوجود جزء<br />

من العمل يقوم على مبدأ التناظر او التقابل<br />

يف التكوين العام للصورة.‏ ويقع هذا الكائن<br />

املركب يف موقع مركزي داخل املشهد من حيث<br />

األهمية.‏ وميكن اعتبار هذا اخليار التكويني<br />

يف تعزيز اهمية هذه املفردة ومركزيتها من<br />

ضمن سياق خضوع جواد سليم الى تأثيرات<br />

االسلوب السومري،‏ الذي يضع مفرداته داخل<br />

نظام من التراتبية خاضع إلى درجة األهمية،‏<br />

بحيث تتموضع تلك املفردات االقل اهمية حول<br />

املفردة األساسية أو تبدو باملقارنة مع املفردة<br />

االساسية منفذة مبستوى أقل من حيث دقة<br />

الصياغة أو اختيار احلجوم.‏<br />

ويتكرر شكل مفردة الهالل عموماً‏ يف أماكن<br />

أخرى من هذا العمل،‏ حيث يلعب أدواراً‏ عدة،‏<br />

فهو تارة يبدو عنصراً‏ مقروءاً‏ وجزءاً‏ من داللة<br />

شكلية ميكن قراءتها،‏ يف حني يبدو جتريدياً‏<br />

وفاعالً‏ يف تنظيم التكوين العام للتخطيط من<br />

غير داللة مقروءة تارة أخرى.‏<br />

وتتوزع عناصر هذا العمل بشكل يظهر عفوياً‏<br />

على االرضية،‏ دون االعتماد على منظور جوي<br />

يحدد املسافات واألبعاد،‏ وال تظهر أرض أو<br />

سماء بشكل واضح،‏ وتبدو ارضية التخطيط<br />

على هيئة سطح مستوٍ‏ ، إال إذا استثنينا رسمة<br />

الزهرية.‏ هذه املواصفات،‏ جعلت العمل<br />

يقترب كثيراً‏ من فن الرسومات البدائية على<br />

اجلدران،‏ حيث تتراكم وتتقاطع العناصر،‏<br />

خاصة تلك التي تُنجَ‏ ز من قبل عدة أفراد على<br />

مراحل زمنية مختلفة.‏<br />

ويتسم هذا العمل بتنوع األساليب واملعاجلات،‏<br />

20


جواد سليم،‏ حبر وشمع على الورق 24 x 10 سم غير مؤرخة<br />

19


جواد سليم وتخطيطاته الصغيرة امللونة<br />

عمار داود<br />

يستعرض نصي هذا يف املقام األول،‏ رسم<br />

تخطيطي جلواد سليم،‏ ‏)الصورة رقم 1( مت<br />

تنفيذه ما بني عامي 1954- 1955، وذلك من<br />

حيث اعتباره اساسياً‏ من عدة أوجه لدراسة<br />

األعمال التخطيطية األخرى،‏ يظهر يف هذا<br />

التخطيط تالحم بني معاجلات تقنية وأسلوبية<br />

متنوعة،‏ حيث يبرز بشكل ممتاز اعتماده نزعة<br />

انتقائية/‏ توفيقية،‏ تتجاوب فيها مؤثرات فنية<br />

متنوعة من التراث السومري واإلسالمي،‏<br />

باإلضافة إلى ملسات من الفن الشعبي احمللي<br />

ورسوم األطفال والكتابة اليدوية.‏<br />

يف هذا التخطيط امللون،‏ الذي يعتمد على<br />

التكوين الديناميكي،‏ من جهة إيجاد انطباع<br />

باحلركة خالل توزيع املفردات وتنوع اجتاهاتها،‏<br />

على الرغم من أن املفردات ذاتها تظهر بشكل<br />

ساكن إلى حد ما.‏ ويتجلى التفاعل الديناميكي<br />

أيضاً‏ يف تقنية صياغة اخلطوط الداخلية<br />

واخلارجية،‏ حيث تندمج التفاصيل واإلنشاء العام<br />

بشكل متناغم داخل تدفق خطي <strong>حر</strong> يظهر على<br />

األخص يف اخلطوط الصفراء احمليطة مبفردات<br />

العمل.‏<br />

وتشكل التنويعات اخلطية من حيث رقة اخلطوط<br />

اخلارجية يف آن،‏ وخشونتها وسماكتها يف آن آخر،‏<br />

قيمة مضافة وهامة يف هذا العمل.‏ مقابل ذلك،‏<br />

يضع الفنان يف أعلى وأسفل الصورة صياغات<br />

18


17


– 4 إمراة ذاهبة إلى السوق :<br />

هذا العمل فيه أكثر من مادة مستخدمة<br />

إبتداءً‏ من احلبر واأللوان املائية إلى الباستيل<br />

الشمعي.‏ وفيه تظهر قدرة جواد على املزج بني<br />

املواد الفنية دون أن يخل ذلك بروحية العمل<br />

وال يقلل من قيمته.‏ نرى مجدداً‏ التعاشق بني<br />

اخلط واللون وترابطهما.‏ وكأن كل عنصر<br />

يريد إبراز العنصر اآلخر وتقدميه الى الناظر<br />

لتأكيد متايزه .<br />

إمرأة حتمل على رأسها ماكنة خياطة وتتأبط<br />

ديكاً‏ ، هناك أكثر من تاويل للعمل ، هل ستبيع<br />

الديك واملاكنة لتوفير مصاريف البيت ، ام<br />

ستبيع الديك لتصليح املاكنة العاطلة ؟ أنا أميل<br />

لإلحتمال األخير.‏ الوجه سومري – معيدي<br />

– بامتياز مليء بجماليات النساء العراقيات<br />

وتأكيد على احمللية التي بدأت حتث مبدعينا<br />

على التأكيد عليها.‏ واللون األسود لون املرأة<br />

اجلنوبية بامتياز،‏ فالعمل عراقي قلباً‏ وقالباً‏<br />

ليس فيه تأثير من هنا أو هناك،‏ خارج خارطة<br />

الفن العراقي املمتد آلالف السنني . وجه مترع<br />

باجلمال وعوز وفقر مدقع يف الواقع ، واقع<br />

اجملتمع العراقيالذي ال يزال يعاني من هذه<br />

املصائب.‏<br />

ديك وماكنة ، ريف ومدينة . زراعة وصناعة .<br />

هل فكر جواد بهذه الثنائية عندما رسم هذه<br />

اللوحة كتعبير عن تداخل املرحلتني يف العراق<br />

؟ اللوحة مرسومة يف فترة مشاريع اإلعمار<br />

التي بدأها النظام امللكي يف العراق وبالتالي<br />

علينا أن نفكر بكل اإلحتماالت التي دفعت<br />

جواد الى إنتاج هذا العمل،‏ وهذه ليست مبالغة<br />

بل من اجل الوصول الى األغراض واألسباب<br />

اإلجتماعية واإلقتصادية والعاطفية التي دفعت<br />

جواد.‏ فجواد أيضاً‏ يحمل قلباً‏ مرهفاً‏ وهو<br />

محب لوطنه وناسه ، حتى انه إعتبر الوحل<br />

يف شوارعنا فيه أنواع األلوان واجلماليات.‏<br />

وكان من ضمن الفنانني الذين يتطلعون لعراق<br />

مزدهر ومتطور.‏ ولهذا كانت حماسته منقطعة<br />

النظير يف تنفيذ وإبداع نصب الثورة الذي<br />

خسر بسببه حياته .<br />

جواد سليم،‏ إمراة ذاهبة الى السوق،‏ الوان مائية<br />

على الورق.‏ محموعة متحف الفن العربي،‏ الدوحة<br />

جواد سليم،‏ الشجرة القتيلة،‏ الوان مائية على<br />

الورق،‏ مجموعة خاصة<br />

<strong>2023</strong> .25.8 لندن<br />

16


جميل حمودي،‏ حبر على الور ق 1984<br />

جواد سليم،‏ زيت على اخلشب<br />

145 x 90 اخلمسينات،‏ مجموعة<br />

متحف الفن احلديث،‏ بغداد<br />

15<br />

يف يوم عيد الشجرة وشاهد بعض القرويني<br />

وهم يقتطعون من جسد هذه الشجرة الفروع<br />

واألغصان،‏ فحزن لذلك وسجل مشاعره يف<br />

هذا العمل املؤثر.‏ ونالحظ تأثيرات بيكاسو<br />

هنا ولكنها ممزوجة بوجوه لوحة كيد النساء<br />

كذلك،‏ أي أن تعابير الوجوه موزعة بني<br />

الواسطي وبيكاسو وجواد سليم معاً‏ وبهذا<br />

إستطاع جواد ان يتجنب الوقوع يف التاثير<br />

املباشرلهذين الفنانني والمس كذلك روح<br />

اسلوب الرسم احلديث.‏<br />

نرى هنا مقدرة جواد على اإلختزال واإلقتصاد<br />

يف اللون واخلط وأيضا التوازن بينهما،‏ رغم<br />

غلبة األلوان الواضحة.‏ وسنجد املالمح<br />

التعبيرية لهذا العمل املؤثر يف نصب الثورة (<br />

نصب احلرية ) الذي نفذه جواد بعد ثورة 14<br />

متوز عام ‎1958‎‏.يف هذا العمل نرى جواد قد<br />

حترر متاماً‏ من تاثير ما تعلمه يف الغرب من<br />

تعاليم فنية وترك لذاته احلرية الكاملة يف<br />

التعبير عن مشاعرها رغم وجود ملمح هنا أو<br />

هناك من أساليب الرسم الغربي احلديث،‏ فهو<br />

هنا يدرك ما يجب اخذه من تلك األساليب<br />

، ليس كتلميذ سابق لها بل كمبدع قادر على<br />

صهر وتذويب وفلترة تلك األساليب لصالح<br />

عمله الذي بني يديه.‏ وبالتالي صار مالكاً‏<br />

لناصية اخللق بإقتدار وثقة وإصرار.‏ فهو<br />

كبقية الفنانني العراقيني الذين كانوا يدركون<br />

هيمنة ثقافة االخر على البلدان املستعمرة<br />

ويعمل على التخلص منها،‏ وبهذا فقد قدم لنا<br />

جواد وفائق وغيرهما مناذج من فن ما بعد<br />

اإلستعمار وفن يعكس الشخصية احمللية بقوة.‏


القرية املرسومة.فمزج جواد فيها الشكل<br />

اخلالي من املنظور بالشكل الذي يعتمد على<br />

املنظور وعاكس اخلطوط املستقيمة واحلادة<br />

باخلطوط املنحنية واملقوسة والدائرية ، وهذا<br />

لم جنده عند كلي . وخلق تناقض محبب<br />

ومقبول دون أن نشعر بالتناقض واإلرباك.‏<br />

الكوفة كمدينة فاضلة بالنسبة له كل شيء<br />

فيها منظم ومدروس ومحسوب.‏ ليس فيها<br />

زيادة وال نقصان.‏ عمل مكتمل ، متوازن وفيه<br />

اخلط هو املهيمن رغم وجود بعض األلوان<br />

املوزعة هنا وهناك.‏ وكوفة جواد تختلف عن<br />

بغداد حافظ الدروبي وراوة نوري الراوي فكلٌ‏<br />

ينطلق من معرفته باملكان الذي مثله،‏ لكن جواد<br />

ال أظن أنه زار الكوفة أو عاش أجواءها.‏ هل<br />

هذا العمل يذكرنا بحدث تاريخي ما ، مأساة<br />

كربالء مثالً‏ ؟ رمبا،‏ فاملدينة تظهر منيعة وغير<br />

قابلة لإلختراق ومحصنة بشكل تام.‏ أنا هنا<br />

أحاول التأويل فقط وعلينا أن نفكر أحيانا<br />

بهذه الطريقة عند دراسة األعمال الفنية.‏<br />

يرسم جواد القباب واملنائر واألهلة بشكل<br />

طبيعي ولكنه يرسم كذلك قبة مقلوبة مع هالل<br />

مقلوب،‏ يف الزاوية اليسرى من عني الناظر،‏<br />

هل هو نوع من التوازن اإلنشائي أم انه يحمل<br />

معناً‏ آخر . ميكن تأويل العمل حسب جتربة<br />

الناظر واللحظة التي ينظر فيها الى العمل.‏ او<br />

املزاج الذي ينتابه حينذاك.‏<br />

ملاذا لم يرسم جواد بغداد مثالً‏ وهو ابن املدينة<br />

واحملب لها بإفراط ، بحيث سمى العديد من<br />

أعماله حتت عنوان ( بغداديات ) وقدم أعماالً‏<br />

تعكس احلياة اليومية فيها.‏ أترك هذا للقادم<br />

من األيام ولدارس أكثر فهما وعمقاً‏<br />

.<br />

– 2 كيد النساء :<br />

عمل يتوازن فيه اخلط واللون وهو عن حكاية<br />

من حكايات الليالي العربية الشهيرة.‏ قسم<br />

جواد اللوحة إلى قسمني القسم األيسر<br />

بالنسبة للناظر والذي كان عبارة عن دوالب<br />

مالبس ، حشرت فيه املراة عشاقها الثالثة<br />

املساكني،‏ كل يف مربع من هذا الدوالب وظهر<br />

على وجوههم اإلمتعاض واخلوف،‏ والقسم<br />

الثاني هو الذي جتلس فيه املراة مع الرجل<br />

الرابع وهما يتنادمان ويتبادالن العناق والقبل<br />

وتناول اخلمرة.‏<br />

تأثير الواسطي هنا واضح أيضاً‏ لكنه مقدم<br />

لنا بطريقة أقرب إلى مزاج العصر احلديث.‏<br />

خطوط رهيفة ومنحنية وسلسة مطواعة<br />

مع رشاقة ال تخطئها عني . وقد جنح جواد<br />

يف هذا التكوين الفريد يف أن يجعلنا نتقبل<br />

هذا البناء ونتندر أيضاً‏ على ورطة الرجال<br />

الثالثة مع هذه املرأة اخلارقة الذكاء.‏ كما<br />

أنه من ناحية أخرى عالج موضوعاً‏ سائداً‏<br />

يف مجتمعاتنا اإلسالمية والعربية ، بسبب ما<br />

تعانيه املرأة من جتاهل وتهميش ولهذا فهو<br />

هنا ينتصر لها بطريقة تشبه طريقته يف تقدمي<br />

الكوفة لنا كمدينة حصينة وصعبة اإلختراق<br />

حضارياً.‏ وسنجد تأثير هذا العمل على<br />

الفنان كاظم حيدر الحقاً‏ فيما يتعلق بالتكوين<br />

واستخدام الستائر واملساحات الفارغة داخل<br />

أعماله ، خاصة يف معرضه األهم : ( ملحمة<br />

الشهيد(‏<br />

.<br />

– 3 الشجرة القتيلة :<br />

هذه اللوحة لها قصة تتعلق بحدث شهده جواد<br />

بنفسه،‏ إذ يُروى أنه كان قد خرج من منزله<br />

14


صالح جياد،‏ تخطيط بالفحم على الورق 1976<br />

13


12


شاكرحسن،‏ حبر على الورق.‏ 1957<br />

11


10


محمد مهر الدين،‏ حبر على الورق 1994<br />

اسماعيل فتاح،‏ حبر على الورق 1975<br />

<strong>2023</strong> . 08 .25 لندن.‏ 9


باملتانة والدقة والقوة ، بينما كانت خطوط<br />

جواد أقرب إلى الرهافة والرقة والليونة عموماً‏<br />

. كانا يكمالن بعضهما بشكل عجيب وكأنهما<br />

توأمان ال يفترقان.‏ الرصانة واملتانة والدقة<br />

تقابلها الرقة والرهافة واحليوية.‏ فرسوم<br />

جواد األولى والتي نفذها يف األربعينيات<br />

كانت قريبة من رسوم فائق،‏ لكنها أقل <strong>حر</strong>فية<br />

ومتانة.‏ مثل رسومه ( اإلبن املقتول-‏ واملالريا-‏<br />

واحلرب ) ‏.وهي تنتمي للمزاج الغربي يف فن<br />

الرسم أكثر من تخطيطاته التي نفذها يف<br />

خمسينيات القرن العشرين بعد ذلك والتي<br />

ميزت أسلوبه اخملتلف.‏<br />

وهناك فنانون آخرون إهتموا بفن التخطيط،‏<br />

مثل محمود صبري ، جميل حمودي،‏ شاكر<br />

حسن آل سعيد ، إسماعيل فتاح ، ضياء<br />

العزاوي ، محمد مهر الدين ، خاصة يف<br />

أعماله األخيرة وصالح جياد املسعودي<br />

وغيرهم.‏<br />

كان جميل حمودي وشاكر حسن يحفران يف<br />

حقل واحد تقريباُ‏ وهما طراز خاص يف هذا<br />

اجملال،‏ أما ضياء العزاوي فقد استمد من<br />

جواد سليم روحيته التي أخذت تظهر للعلن<br />

بشكل الفت ومن زاوية قريبة من فكر جماعة<br />

بغداد.‏ بينما إسماعيل فتاح ومحمد مهر الدين<br />

يستخدمان اخلطوط كإضافة على اللوحة<br />

امللونة و صالح جياد الذي كان قد قدم رؤية<br />

مغايرة ومختلفة عن تقنية وروحية أعمال<br />

فائق وكذلك خطوطه القوية والعنيفة الالفتة<br />

لإلنتباه.‏<br />

كانت مصادرفن التخطيط الرئيسية التي<br />

اعتمد عليها جواد سليم تنحصر يف تأثره<br />

برسوم الواسطي واألرث احلضاري لوادي<br />

الرافدين إضافة إلى رسامي احلداثة الغربية،‏<br />

أمثال:‏ بيكاسو ، باول كلي،‏ ماتيس وخوان<br />

ميرووهنري مور.‏ إن إعتماده على هؤالء<br />

الفنانني بالذات يشير إلى أنهم كانوا قد تأثروا<br />

باحلضارة العربية – اإلسالمية وبعضهم قد<br />

زار البقاع العربية وعاش فيها فترة ليست<br />

بالقليلة وتأثر بأجوائها كماتيس وباول كليه،‏ أو<br />

ينتمي ألرض شهدت تلك احلضارة كإسبانيا<br />

بالنسبة لبيكاسو وميرو ، مع إستثناء هنري<br />

مور الذي تأثر بالفن املصري والعراقي القدمي<br />

‏.لكن جواد لم ينسى بحثه اخلاص وعالقته<br />

بإرثه احلضاري ، فقد كان جواد وهو يرسم أو<br />

يخطط يفكر بالذات والهوية احمللية وطبيعة<br />

العصر الذي يعيش فيه ، فلم تكن أعماله<br />

مجرد تكرار ملا سبقه،‏ وإمنا هناك إضافات<br />

ومقترحات جمالية وأسلوبية قدمها لنا من<br />

خالل نتاجه الثري واألصيل.‏<br />

كان جواد يكتب من خالل الرسم فالكتابة نوع<br />

من الرسوم والرسوم نوع من الكتابة كذلك<br />

، فهو يحكي لنا من خالل خطوطه ويدع<br />

اخلطوط تقودنا إلى ما يريد أن يرشدنا إليه<br />

دون تعقيد أو عوائق.‏ وجواد ضمَن العديد من<br />

رسوماته كتابات و<strong>حر</strong>وف،‏ لوعيه بالعالقة التي<br />

تربط الفنني معاً‏ .<br />

سأتناول هنا أربعة أعمال يغلب عليها اخلط<br />

ومتثل بحق أسلوبه يف الرسم التي عرف به<br />

بعد أن حترر من هيمنة اآلخر.‏ فجواد يدرك<br />

ثقل الثقافة الغربية وأهميتها وصعوبة التخلص<br />

من تأثيراتها،‏ لكنه يف هذه األعمال وأعمال<br />

أخرى يثبت لنا ما أضاف وما استفاد معاً.‏<br />

– 1 لوحة الكوفة :<br />

كان جواد من الذين تأثر بأفكار املربي<br />

الكبيرواملفكر العروبي ساطع احلصري وهو<br />

إلى جانب ذلك صديق ولده خلدون،‏ وحتما<br />

عرف قيمة الكوفة الثقافية واحلضارية من<br />

تلك اجللسات التي كانت جتمعه بذلك املفكر.‏<br />

يف لوحة الكوفة جند تأثيرات باول كلي على<br />

جواد واضحة ولكنها ليست باملعنى الذي<br />

ميكن تسميته تقليداً‏ <strong>حر</strong>فياً.‏ بل استفاد من<br />

معاجلة كلي يف رسومه للمدن والطريقة<br />

التي اختزل بها هذا الفنان شكل املدينة أو<br />

8


7


جواد سليم وتخطيطاته<br />

فيصل لعيبي صاحي<br />

جواد سليم،‏ كيد النساء،‏<br />

الوان مائية،‏ مجموعة رفعة اجلادرجي،‏ لندن<br />

يف العراق لو عدنا إلى منتصف القرن التاسع عشر سنجد واحداً‏ كان مولعاً‏ بالرسم<br />

والتخطيط هواخلطاط والرسام أو ( الراقم ) نيازي مولوي بغدادي،‏ إذ قدم لنا<br />

عمالً‏ من اخلط العربي وكأنه يعتمد على اخلداع البصري بحيث حتسبه يت<strong>حر</strong>ك<br />

وأقرب إلى ( األوب آرت – الفن البصري ) الذي لم يكن معروفاً‏ وقتها،‏ وكذلك جند<br />

لديه تخطيطاً‏ لدرويش يعزف على الناي.‏ هذان األثران ميكن أن نعرف من خاللهما<br />

طبيعة األساليب السائدة وقتها.وإذا هبطنا نحو القرن العشرين،‏ فسنجد الرسوم<br />

الشعبية املنتشرة يف املقاهي واحلمامات واخلينان ويف جدران بعض بيوت العوائل<br />

املرفهة،‏ كما سنجدها رسوماً‏ على الزجاج الذي يوضع يف الصناديق اخلشبية<br />

املنزلية والصور الدينية املسيحية والشيعية التي تروي حكايات من التاريخ الشخصي<br />

لبعض الشخصيات الدينية املقدسة لديهم مثل العذراء وعيسى وحوادث واقعة<br />

كربالء ومعارك اإلمام علي وصورة الكعبة وغيرها.‏ كانت هذه الرسوم متارس ك<strong>حر</strong>فة<br />

تقليدية متوارثة وليست كمواقف لها عالقة بالبحث الفني أو التعبير الفردي للرسام.‏<br />

يف عام 1939 اُفتتح قسم الرسم يف معهد الفنون اجلميلة يف بغداد وبعدها بعام فُتِحَ‏<br />

قسم النحت.‏ تربع على هذين الفرعني قطبا الرحى يف احلركة التشكيلية العراقية<br />

وهما فائق حسن الذي وصل من باريس عام 1938 وجواد سليم الذي عاد من بعثة<br />

فنية لم يكملها بسبب احلرب.‏ ومتيزا هذان الفنانان مبقدرة كبيرة يف فن الرسم<br />

والنحت جعلتهما بحق بناة صرح احلركة الفنية احلديثة يف العراق ، دون غمط حق<br />

من سبقهم من األساتذة الذين تربيا حتت إشرافهم .<br />

مع جواد وفائق بدات اخلطوات الصحيحة واملنهج األكادميي يف تعلم الرسم والنحت<br />

على الطريقة الغربية – موديل – حياة جامدة – منظر طبيعي وإنشاء تصويري ،<br />

إضافة للدروس النظرية ، من تاريخ فن وأفكار جمالية وشيء من حتليل وتقييم<br />

لبعض األعمال الفنية الشهيرة –<br />

كان فائق حسن مخططاً‏ ال يبارى ورساماً‏ مذهالً‏ إضافة ملقدرته املشهودة يف التلوين<br />

والتكوين والتقنية وكذلك احلال مع جواد ، لكن فائق ميتاز يف رسومه التخطيطية<br />

6


قناع الفنان جواد سليم،‏ برونز،‏ تصوير جاسم الزبيدي


صورة الغالف االول:‏ جواد<br />

سليم:‏ من التخطيطات االولية<br />

لنصب ساحة الت<strong>حر</strong>ير<br />

صورة الغالف الثاني::‏ صالح<br />

اجلميعي،‏ بدون عنوان،‏ املنيوم ومواد<br />

مختلفة على القماش<br />

61 x 76 سم . 1986 مجموعة تالة<br />

العزاوي،‏ بورمنوث<br />

فيصل لعيبي صاحي:‏ جواد سليم وتخطيطاته.‏<br />

عمار داود:‏ جواد سليم وتخطيطاته امللونة الصغيرة.‏<br />

سهيل سامي نادر:‏ وصف بغداديات جواد سليم.‏<br />

تخطيطات اولية لنصب ساحة الت<strong>حر</strong>ير.‏<br />

تخطيطات متنوعة جلواد سليم.‏<br />

سهيل سامي نادر : لنتذكر الفنان صالح اجلميعي<br />

شهادات عن الفنان صالح اجلميعي.‏<br />

رؤى قحطان عبد اهلل:‏ سمات احلداثة يف اعمال صالح اجلميعي.‏<br />

مي مظفر : صالح اجلميعي،‏ اجلدار الصلب.‏<br />

صالون اجمللة.‏<br />

وثائق.‏<br />

<strong>ماكو</strong> 2<br />

مراجعة لكتاب الفنان هاشم سمرجي<br />

هذا العدد<br />

هذا العدد من ‏»<strong>ماكو</strong>«‏ أردناه متنوعا يستعيد قضايا فنية تقع يف زوايا مهملة على الرغم من<br />

أهميتها . هناك الكثير من هذه القضايا املهملة ، ومعها ، ثمة فنانون قبعوا يف الظل وما<br />

عادوا حاضرين بيننا،‏ وقد ال نعرف عن إنتاجهم الفني اال ما ظهر يف عز ظهورهم داخل<br />

<strong>حر</strong>كة فنية منتجة ومتعاونة وتفكر يف املستقبل.‏ العودة إليهم متاثل عودة إلى مشكالت<br />

العمل الفني ، ومآل النزعة التجديدية التي ميزت احلركة الفنية والسيما يف ستينيات القرن<br />

املاضي.‏<br />

أوال نستعيد يف هذا العدد جانب من إنتاج الفنان الكبير جواد سليم ، اال وهي أعماله<br />

التخطيطية،‏ مذكرين أن التخطيط شكّل منحاً‏ أساسياً‏ يف جتربته.‏ واحلال تعكس غالبية<br />

لوحاته الزيتية مرجعية لها يف التخطيط الذي جنده يف مجموعة متنوعة،‏ وعلى الرغم من<br />

ذلك ال جند بحثاً‏ مهماً‏ يتابع هذه األعمال املنفذة مبواد مختلفة من احلبر الصيني إلى<br />

األلوان املائية وأقالم الشمع.‏ لعل مجموعة تخطيطات نصب الت<strong>حر</strong>ير يف بغداد تعدّ‏ منوذجاً‏<br />

واضحاً‏ لعالقة التخطيط باملنجز النهائي.‏ فهي متثل تنوع تصورات الفنان،‏ وتبدل نظرته<br />

العامة للنصب،‏ وهو ما أدى إلى جتاهل بعض التخطيطات حلساب أخرى.‏<br />

ويف القسم الثاني من اجمللة نذكر بالفنان املبدع صالح اجلميعي،‏ وهو من جيل الستينات<br />

الذي أدخل للتجربة الفنية مواد مختلفة جديدة جاءت انعكاساً‏ لعمله اليومي يف مؤسسة<br />

رمزي للطباعة حيث كان يعمل فيها.‏ هذه املواد اخلشنة والصلبة جعلته منشغال بشكل كلي<br />

مبوضوعات جتريدية غنية بالتأويالت ومتقشفة لونياً.‏<br />

بعد هجرته إلى الواليات املتحدة انقطعت ، لألسف،‏ اتصاالته بالتجربة العراقية بشكل كلي.‏<br />

ويف هذا العدد محاولة لتتبع مساراته ابتداءً‏ من محاوالته األولى واستخدامه شرائح األملنيوم<br />

وخليط من األلوان ومادة االكريلك على نحو بارز وخشن إضافة لتقنية السيراميك.‏ إنه من<br />

ناحية تعامله مع مواد جديدة ودمجها يف اللوحة يُعدّ‏ من اجملددين يف بناء اللوحة واستخدام<br />

مواد بارزة مبضمون عاطفي.‏<br />

نراجع يف هذا العدد ايضا كتاب عن جتربة الفنان هاشم سمرجي الذي هو من نفس جيل<br />

صالح اجلميعي وشكّلت جتربته الطباعية إحدى أهم أركان تاريخ الطباعة عراقياً‏ وعربياً‏ الى<br />

جانب ما أجنزه من أعمال مهمة ضمن جتربة األوب آرت.‏<br />

‏»<strong>ماكو</strong>«‏<br />

تشكر مجلة <strong>ماكو</strong> متحف الفن احلديث،‏ بغداد.‏ متحف الفن العربي،‏ الدوحة،‏ مجموعة حسني <strong>حر</strong>به،‏ تورينو.‏ مجموعة االبراهيمي،‏ عمان.‏<br />

مؤ ‏ّسسة رمزي وسائدة د ‏ّلول للفنون،‏ بيروت.‏ مجموعة رفعة اجلادرجي.‏ لندن.‏ مجموعة محمد مكية،‏ لندن.‏ مجموعة تالة العزاوي،‏<br />

بورمنوث.‏ ارشيف الفنان صالح اجلميعي ، أرشيف الفنان هاشم سمرجي


تفصيل من موديل نصب ساحة الت<strong>حر</strong>ير،‏ بغداد.‏ مجموعة<br />

رفعة اجلادرجي،‏ لندن.‏


3-<strong>2023</strong><br />

السنه الرابعة،‏ العدد الثالث،‏ ايلول <strong>2023</strong>

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!