23.08.2017 Views

هذه عقيدتنا

Mektebe -> Arapça Kitablar -> Akide

Mektebe -> Arapça Kitablar -> Akide

SHOW MORE
SHOW LESS

You also want an ePaper? Increase the reach of your titles

YUMPU automatically turns print PDFs into web optimized ePapers that Google loves.

يأب<br />

ھذه<br />

عقدیتنا<br />

للشیخ<br />

محمد المقدسي<br />

منبر التوحید<br />

والجھاد<br />

* * *<br />

http://www.tawhed.ws<br />

http://www.almaqdese.net<br />

http://www.alsunnah.info<br />

http://www.abu-qatada.com<br />

http://www.mtj.tw


ھذه عقیدتنا<br />

بسم الله الرحمن الرحیم<br />

الحمد رب العالمین،‏ الرحمن الرحیم،‏ مالك یوم الدین،‏ والصلاة<br />

والسلام على خاتم الأنبیاء والمرسلین،‏ وعلى آلھ وأصحابھ أجمعین.‏<br />

وبعد...‏<br />

-<br />

فھذا مختصر لما نعتقده،‏ وندین الله بھ في أھم أبواب الدین...‏ كتبتھ في<br />

سجني بعد أن بلغني أن أناساً‏ ینسبون إلینا،‏ ویقوّ‏ لوننا ما لم نقلھ في یوم من<br />

الأیام،‏ خصوصاً‏ في أبواب الكفر والإیمان.‏<br />

ولم أكن من قبل مھتماً‏ بالكتابة في مثل ھذا الموضوع،‏ وذلك لأن<br />

علماءنا قد كَفَوْ‏ ا فیھ ووَ‏ ف ُّوا،‏ ولأن طالب الحق المنصف بإمكانھ التعرف إلى<br />

أقوالنا من كتاباتنا المفصّلة،‏ إلى أن طلب مني ذلك بعض إخوة التوحید ممن<br />

كان یصلنا ویتردّد على زیارتنا في السجن،‏ وذلك بعد أن التقى بأُناس لم<br />

یتبینوا أقوالنا في بعض أبواب الكفر والإیمان.‏<br />

فبادرت وأجبت ذلك الأخ الفاضل إلى طلبھ من باب ضبط المسائل،‏<br />

والتعریف بمجمل وأھم ما نعتقده ونؤمن بھ،‏ لعلي أن أسدّ‏ بذلك الباب على<br />

من یبحث عن صید شارد في بعض العمومات،‏ أو یقوّ‏ لنا ما لم نقلھ،‏ أو<br />

ینسب إلینا ویُلزمنا بما لیس ھو من مذھبنا.‏<br />

خصوصاً‏ وأنني أعرف أن بعض كتاباتنا یتداولھا كثیر من المبتدئین<br />

في طلب العلم الذین قد تختلط علیھم بعض المسائل؛ خصوصاً‏ عند بعض<br />

الإطلاقات أو العمومات التي قد یقرؤونھا في كتاباتنا الدعویة التي نخاطب<br />

في كثیر منھا الطواغیب وأمثالھم من المشرعین وأولیائھم من عساكر<br />

الشرك والتندید ونحوھم ممن أمر الله تعالى بترھیبھم والإغلاظ علیھم.‏<br />

تأویل.‏<br />

-<br />

-<br />

فربما أبقینا بعض<br />

نصوص الوعید المطلقة على ظاھرھا دون<br />

أو أطلقنا أحكاماً‏ عن نوع العمل فلم ِ یفرّ‏ ق من قص َّر في طلب العلم<br />

بین ذلك وبین تنزیل الحكم على الأعیان.‏<br />

أو أبقینا بعض الإطلاقات على ظاھرھا دون تفصیل أو تأویل<br />

لیكون ذلك أدعى لزجر المخاطَبین الذین دأبھم البحث عن الرخص<br />

والمخارج التي تھون لھم الموبقات.‏<br />

وذلك تأسّیاً‏ بطریقة كثیر من السلف في إطلاق نصوص الوعید كما<br />

أطلقھا الله تعالى،‏ وإمرارھا دون خوض في تأویلھا،‏ لتكون أدعى للزجر<br />

كما أرادھا الله تعالى،‏ فإن معصیةً‏ قَرن الله اللعنة بھا لیست كغیرھا،‏ وإن<br />

عملاً‏ وصفھ الله أو سماه رسول الله صلى الله علیھ وسلم بالكفر لیس كسائر<br />

(1)<br />

منبر التوحید والجھاد


ھذه عقیدتنا<br />

الأعمال،‏ إلا أن یخشوا سوء الفھم من المخاطَبین فیلجؤون إلى التفصیل،‏<br />

وكذلك نفعل نحن في كتاباتنا المفصلة.‏<br />

كما أعلم أن بعض غلاة المكفرة یتداولون بعض ما نكتبھ بحثاً‏ عمّا<br />

ینصر مذاھبھم،‏ وكلي ثقة بأنھم لو كانوا طلب ة حق منصفین فلن یقعوا على<br />

شيء مما یطلبون،‏ إلا أن یبتروا مقالاتنا بتراً.‏<br />

كما أعرف أن كثیراً‏ من خصومنا من مرجئة العصر وأشباھھم<br />

یفتشون فیھا،‏ لا بحثاً‏ عن الحق،‏ وإنما بحثاً‏ عن إطلاقات ربما نقلناھا عن<br />

بعض العلماء والأئمة والدعاة،‏ لیشغبوا بھا علینا سعیاً‏ منھم وراء تشویھ<br />

دعوتنا،‏ بتحمیل كلامنا ما لا یحتملھ،‏ وبإلزامنا ما لا نلتزمھ.‏<br />

فإلى ھؤلاء جمیعاً‏ أقول...‏<br />

اتقوا الله،‏ وقولوا قولاً‏ سدیداً،‏ وتذكروا حدیث المصطفى علیھ الصلاة<br />

والسلام:‏ ‏(ومن قال في مؤمن ما لیس فیھ أسكنھ الله ردغة الخبال حتى یأتي<br />

بالمخرج مما قال)‏ (1) .<br />

وأقول معلناً‏ دون أدنى حرج...‏<br />

-<br />

أن كل قول قلتھ في كتاباتي ظھر أو سیظھر في یوم من الأیام أنھ جاء<br />

معارضاً‏ لنص من الكتاب والسنة خفي علي َّ،‏ فأنا أول من یرجع عنھ،‏ ویبرأ<br />

منھ،‏ ویعض بالنواجذ على ذلك النص.‏<br />

وسیرى القارىء لھذه الورقات أن كثیراً‏ من كلامنا فیھا متأثر تأثراً‏<br />

واضحاً‏ بل ربما كان بحروفھ مما تكرر في ‏"العقیدة الطحاویة"،‏ أو<br />

‏"الواسطیة"،‏ أو نحوھا من الكتب،‏ ولا غرابة في ذلك فقد تأثرنا بھذه الكتب<br />

في أول الطلب تأثراً‏ بیناً،‏ ودرسناھا ودرّ‏ سناھا مراراً‏ وتكراراً‏ بفضل الله<br />

تعالى.‏<br />

وقد كان علماؤنا یطیلون في تلك الكتابات ویسھبون في مسائل عمّت<br />

بھا البلوى في أزمنتھم،‏ واحتیج إلى التوسع فیھا رداً‏ على طوائف من الفرق<br />

المنحرفة عن طریق أھل السنة والجماعة،‏ أو على بدع اشتھرت في أیامھم،‏<br />

وتراھم یختصرون في مسائل أخرى یمرون علیھا مروراً‏ سریعاً،‏ لقل َّة<br />

الخوض أو الخبط فیھا في ذلك الزمان،‏ وربما ذكروا بعض مسائل الفقھ في<br />

طیّات كلامھم في العقیدة وذلك رداً‏ على مخالفة أھل البدع في تلك المسائل،‏<br />

لیمیزوا أھل السنة عن أھل البدعة،‏ ولیسجلوا براءتھم منھم،‏ ولو في تلك<br />

الفروع الفقھیة التي غالباً‏ ما تتفرع عن أصول شذ فیھا أھل البدع.‏<br />

1<br />

ردغة الخبال:‏ عصارة قیح وصدید أھل النار،‏ والحدیث رواه أحمد وأبو داود.‏<br />

(2)<br />

منبر التوحید والجھاد


ھذه عقیدتنا<br />

ونحن في ھذه الورقات،‏ قد جرینا على ھذا المنوال،‏ فلم نتعرض لكل<br />

ما ذكرتھ تلك الكتب من مسائل الاعتقاد،‏ وإنما أوردنا فیھا أھم المھمات،‏<br />

وركزنا على أبواب محددة رأینا أن الخبط والخلط قد كثر حولھا في ھذا<br />

الزمان،‏ أو مسائل خشینا أن ینسب فیھا أو نسب فعلاً‏ إلینا غیر الذي<br />

نقول.‏<br />

-<br />

-<br />

والله نسأل أن یتقبل منا سعینا،‏ وأن یجعل أعمالنا خالصة لوجھھ<br />

الكریم،‏ وأن یثبتنا على عقیدة الفرقة الناجیة أھل السنة والجماعة،‏ وأن<br />

یجعلنا من أصحاب الطائفة المنصورة.‏<br />

ھو مولانا نعم المولى ونعم النصیر<br />

نقول في توحید الله...‏<br />

توحید الله<br />

أن الله واحد لا شریك لھ،‏ لا في ربوبیتھ،‏ ولا في ألوھیتھ،‏ ولا في<br />

أسمائھ وصفاتھ.‏<br />

فلا خالق غیره،‏ ولا رب سواه،‏ ولا رازق ولا مالك ولا مدبر لھذا<br />

الوجود إلا ھو،‏ ونوحّد الله في أفعالھ سبحانھ،‏ كما نوحده بأفعالنا أیضاً.‏<br />

(3)<br />

منبر التوحید والجھاد


ھذه عقیدتنا<br />

فنوحده في عبادتنا وقصدنا وإرادتنا،‏ فلا معبود بحق إلا ھو سبحانھ<br />

فنشھد كما شھد الله لنفسھ،‏ والملائكة،‏ وأولوا العلم،‏ قائماً‏ بالقسط لا إلھ إلا<br />

ھو العزیز الحكیم،‏ مثبتین ما تثبتھ ھذه الكلمة العظیمة من تجرید العبادة <br />

وحده ولوازمھا وواجباتھا وحقوقھا،‏ نافین ما تنفیھ من أنواع الإشراك<br />

والتندید وتوابعھ.‏<br />

ونؤمن بأن الغایة التي خلق الله تعالى الخلق لھا؛ عبادتھ وحده،‏ كما<br />

قال تعالى:‏ ‏{وَ‏ مَا خَلَقْتُ‏ الجِ‏ ن َّ وَ‏ الإنْسَ‏ إلا َّ لِیَعْبُدُونِ‏ { ‏[الذاریات:‏<br />

.[56<br />

وندعو إلى توحیده سبحانھ في جمیع أنواع العبادة،‏ من سجود أو<br />

ركوع أو نذر أو طواف أو نسك أو ذبح أو دعاء أو تشریع أو غیره...‏ ‏{قُلْ‏<br />

إن َّ صَلاتِي وَ‏ نُسُكِي وَ‏ مَحْیَايَ‏ وَ‏ مَمَاتِي ِ َّ ِ رَ‏ بِ‏ العَالَمینَ‏ * لا شَرِ‏ یكَ‏ لَھُ‏ وَ‏ بِذَلِ‏ ‏َك<br />

أُمِرْ‏ تُ‏ وَ‏ أَنَا أَو َّ لُ‏ المُسلِمِینَ}‏ ‏[الأنعام:‏ 162<br />

.[163 -<br />

وأمْر الر َّ ب سبحانھ شامل للأمر الكوني والشرعي،‏ وكما أن لھ وحده<br />

سبحانھ الحكم الكوني القدري،‏ فھو مدبر الكون القاضي فیھ بما یرید<br />

وحسبما تقتضیھ حكمتھ،‏ فكذلك نوحده سبحانھ في حكمھ الشرعي فلا نشرك<br />

في حكمھ أحداً،‏ ولا نشرك في عبادتھ أحداً‏ ‏{ألا لَھُ‏ الخَلقُ‏ وَ‏ الأمْرُ‏ تَبَارَ‏ كَ‏ الله<br />

رب ُّ العَالَمِینَ}‏ ‏[الأعراف:‏ 54].<br />

فالحلال ما أحلھ،‏ والحرام ما حرمھ،‏ ‏{إنِ‏ الحُكمُ‏ إلا َّ ِ أَمَرَ‏ ألا َّ تَعْبُدُوا<br />

إِلا َّ إِی َّاهُ}‏ ‏[یوسف:‏ 40]، فلا مشرّ‏ ع بحق إلا ھو سبحانھ وتعالى،‏ ونبرأ<br />

ونخلع ونكفر بكل مشرّ‏ ع سواه،‏ فلا نبغي غیر الله رباً،‏ ولا نتخذ غیره<br />

سبحانھ ولیاً،‏ ولا نبتغي غیر الإسلام دیناً،‏ فإن من اتخذ حَكَماً‏ ومشرّ‏ عاً‏ سواه<br />

سبحانھ،‏ تابعھ وتواطأ معھ على تشریعھ المناقض لشرع الله،‏ فقد اتخذ غیر<br />

الله رباً،‏ وابتغى غیر الإسلام دیناً،‏ قال تعالى:‏ إِن َّ الشَیَاطِینَ‏ لَیُوحُونَ‏ إِلَى<br />

وقال<br />

أَوْ‏ لِیَائِھِمْ‏ لِیُجَادِلُوكُمْ‏ وَ‏ إنْ‏ أَطَعْتُمُوھُمْ‏ إِن َّكُمْ‏ لَمُشْرِ‏ كُونَوَ‏<br />

تعالى:‏ ‏{ات َّخَذُوا أَحْبَارَ‏ ھُمْ‏ وَ‏ رُ‏ ھْبَانَھُمْ‏ أَرْ‏ بَابَاً‏ مِنْ‏ دُونِ‏ الله}‏ ‏[التوبة:‏ 31].<br />

{ ‏[الأنعام:‏ ،[121<br />

}<br />

كما نوحّده سبحانھ في أسمائھ وصفاتھ،‏ فلا سمي َّ لھ ولا شبیھ ولا مثیل<br />

ولا ندّ‏ ولا كفء:‏ ‏{قُلْ‏ ھُوَ‏ ّ ُ أَحَدٌ‏ * اللهُ‏ الص َّمَدُ‏ * لَمْ‏ یَلِدْ‏ وَ‏ لَمْ‏ یُوْ‏ لَد * وَ‏ لَمْ‏ یَكُنْ‏<br />

لَھُ‏ كُفُوَ‏ اً‏ أَحَد}‏ ‏[الإخلاص:‏<br />

.[4 - 1<br />

سبحانھ تفرّ‏ د بصفات الجلال والكمال التي وصف بھا نفسھ في كتابھ،‏<br />

أو وصفھ بھا نبیھ صلى الله علیھ وسلم في سنتھ،‏ فلا نَصِ‏ فُ‏ أحداً‏ من خلقھ<br />

بشيء من صفاتھ،‏ ولا نشتق لھ من أسمائھ،‏ ولا نضرب لھ سبحانھ الأمثال<br />

أو نشبّھھ بأحدٍ‏ من خلقھ،‏ ولا نُلحد في أسماء ربنا وصفاتھ.‏<br />

بل نؤمن بما وصف سبحانھ بھ نفسھ،‏ وبما وصفھ بھ رسولھ علیھ<br />

الصلاة والسلام على وجھ الحقیقة لا المجاز،‏ من غیر تحریف ولا تعطیل،‏<br />

ومن غیر تكییف ولا تمثیل:‏ ‏{وَ‏ لَھُ‏ المَثَلُ‏ الأعْلَى فِي الس َّمواتِ‏ وَ‏ الأرضِ‏ وَ‏ ھُوَ‏<br />

العَزِ‏ یزُ‏ الحَكِیمُ}‏ ‏[الروم:‏ 27].<br />

(4)<br />

منبر التوحید والجھاد


ھذه عقیدتنا<br />

فلا ننفي عنھ شیئاً‏ مما وصف بھ نفسھ سبحانھ،‏ ولا نحرّ‏ ف الكلم عن<br />

مواضعھ،‏ ولا ندخل في ذلك متأولین بآرائنا،‏ أو متوھمین بأوھامنا،‏ بحجة<br />

التنزیھ،‏ فما سلِم في دینھ إلا من سَلّم عز وجل ولرسولھ علیھ الصلاة<br />

والسلام وردّ‏ عِلم ما اشتبھ علیھ إلى عالمھ،‏ ولا تثبت قدم الإسلام لأحد إلا<br />

على ظھر التسلیم والاستسلام،‏ فمن رام عِلم ما حُظِ‏ ر عنھ،‏ ولم یقنع بالتسلیم<br />

فِھْمُھ،‏ حَجَبھ مرامھ عن صحیح الإیمان وخالص التوحید.‏<br />

ونؤمن بأن الله أنزل كتابھ بكلام عربي مبین،‏ فلا نفوّ‏ ض علم معاني<br />

الصفات وإنما نفوض علم الكیفیات،‏ ونقول:‏ ‏{ءَامَن َّا بِھِ‏ كُلٌ‏ مِنْ‏ عِنْدِ‏ رَ‏ بِنَا}‏<br />

‏[آل عمران:‏ 7].<br />

ونبرأ إلى الله من تعطیل الجھمیة،‏ ومن تمثیل المشبھة،‏ فلا نمیل إلى<br />

ھؤلاء ولا إلى ھؤلاء،‏ بل نتوسط ونستقیم كما أراد ربنا بین النفي والإثبات،‏<br />

فھو سبحانھ ‏{لَیْسَ‏ كَمِثْلِھِ‏ شَيءٌ‏ وَ‏ ھٌوَ‏ الس َّمِیعُ‏ البَصِ‏ یرُ‏ { ‏[الشورى:‏<br />

لم یتوق َّ التعطیل والتشبیھ،‏ زلّ‏ ولم یُصب التنزیھ.‏<br />

فنحن في ھذا الباب كما في سائر الأبواب<br />

الصالح أھل السنة والجماعة.‏<br />

11]، فمن<br />

-<br />

-<br />

على ما كان علیھ سلفنا<br />

ومن ذلك ما أخبر الله بھ في كتابھ وتواتر عن رسولھ علیھ الصلاة<br />

والسلام من أنھ سبحانھ فوق سماواتھ،‏ مستوٍ‏ على عرشھ،‏ كما قال تعالى:‏<br />

‏{ءَأَمِنْتُم م َّن فِي الس َّماءِ‏ أَن یَخْسِفَ‏ بِكُمُ‏ الأَرضَ‏ فإذا ھِيَ‏ تَمُوُ‏ ر}‏ ‏[الملك:‏<br />

.[16<br />

وكما في حدیث الجاریة التي سألھا النبي علیھ الصلاة والسلام:‏ ‏(أین<br />

الله؟)،‏ قالت في السماء،‏ قال:‏ ‏(من أنا؟)،‏ قالت أنت رسول الله،‏ قال:‏ ‏(اعتقھا<br />

فإنھا مؤمنة)‏ (2) .<br />

وھذا حق لا مریة فیھ عندنا،‏ ولكن نصونھ كما صانھ سلفنا الصالح<br />

عن الظنون الكاذبة،‏ كأن یُظن بأن السماء تظلھ أو تقلھ،‏ فھذا باطل،‏<br />

اضطرنا إلى ذكره ونفیھ وتنزیھ الله عنھ وإن لم یتعرض لھ صراحة سلفنا<br />

شغب أھل البدع وإلزاماتھم الباطلة لأھل السنة،‏ فقد قال تعالى:‏ ‏{وَ‏ سِعَ‏<br />

كُرسِی ُّھُ‏ الس َّمواتِ‏ وَ‏ الأرضَ‏ { ‏[البقرة:‏ 255]، وھو سبحانھ:‏ ‏{یُمْسِكُ‏<br />

الس َّمَواتِ‏ وَ‏ الأرضَ‏ أَن تَزُ‏ ولاَ}‏ ‏[فاطر:‏ ‏{وَ‏ یُمسِكُ‏ الس َّمَاءَ‏ أَن تَقَعَ‏ عَلَى<br />

الأرضِ‏ إِلا َّ بِإِذْنِھِ}‏ ‏[الحج:‏ ‏{وَ‏ مِنْ‏ آیاتِھِ‏ أَن تَقُومَ‏ الس َّمَاءُ‏ وَ‏ الأَرْ‏ ‏ُض<br />

بِأَمْرِهِ}‏ ‏[الروم:‏<br />

-<br />

،[41<br />

،[65<br />

.[25<br />

-<br />

2<br />

ونؤمن بأنھ سبحانھ مستو على عرشھ،‏ كما قال تعالى:‏ ‏{الر َّ حْمَنُ‏ عَلَى<br />

العَرْ‏ شِ‏ اسْتَوَ‏ ى}‏ ‏[طھ:‏ 5]، ولا نؤوِّل الاستواء بالاستیلاء،‏ بل ھو على<br />

معناه في لغة العرب التي أنزل الله تعالى بھا القرآن ولا نشبھ استواءه<br />

رواه مسلم وأبو داود وأحمد،‏ من حدیث معاویة بن الحكم السلمي.‏<br />

(5)<br />

منبر التوحید والجھاد


ھذه عقیدتنا<br />

باستواء أحد من خلقھ،‏ بل نقول كما قال الإمام مالك:‏ ‏(الاستواء معلوم،‏<br />

والإیمان بھ واجب،‏ والكیف مجھول،‏ والسؤال عنھ بدعة).‏<br />

وعلى ھذا نُجري سائر صفاتھ وأفعالھ سبحانھ وتعالى،‏ كالنزول<br />

والمجيء وغیره مما أخبر بھ سبحانھ في كتابھ،‏ أو ثبت في السنة<br />

الصحیحة.‏<br />

ونؤمن بانھ سبحانھ مع استوائھ على عرشھ وعلوه فوق سماواتھ<br />

قریب من عباده،‏ كما قال سبحانھ:‏ ‏{وَإِذَا سَأَلَكَ‏ عِبَادِي عَنّ‏ ‏ِي فَإِنّ‏ ‏ِي قَرِیبٌ‏<br />

‏[البقرة:‏<br />

{<br />

.[186<br />

-<br />

-<br />

وفي الحدیث المتفق علیھ:‏ ‏(أیھا الناس أربِعوا على أنفسكم،‏ فإنكم لا<br />

تدعون أصم ولا غائباً،‏ إنما تدعون سمیعاً‏ بصیراً‏ قریباً،‏ إن الذي تدعونھ<br />

أقرب إلى أحدكم من عنق راحلتھ).‏<br />

فھو سبحانھ مع عباده أینما كانوا یعلم ما ھم عاملون،‏ كما قال تعالى:‏<br />

‏{وَ‏ ھُوَ‏ مَعَكُمْ‏ أَیْنَ‏ مَا كُنْتُمْ‏ وَ‏ اللهُ‏ بِمَا تَعْمَلُونَ‏ بَصِ‏ یرٌ‏ { ‏[الحدید:‏ 4]، ولا نفھم من<br />

قولھ:‏ ‏{وَ‏ ھُوَ‏ مَعَكُمْ}ح مراد الزنادقة من أنھ مختلط بعباده،‏ أو حالٌ‏ ببعضھم<br />

أو متحدٌ‏ بھم،‏ ونحوه من عقائد الكفر والضلال،‏ بل نبرأ إلى الله من ذلك<br />

كلھ.‏<br />

ولھ سبحانھ مع عباده المؤمنین معیّة أخرى خاصة غیر المعیة العامة،‏<br />

ھي معیة النصرة والتوفیق والتسدید،‏ كما في قولھ تعالى:‏ ‏{إِن َّ اللهَ‏ مَعَ‏ ا َّلذِینَ‏<br />

ات َّقَوا وَ‏ ال َّذِینَ‏ ھُم مُحْسِنُو ‏َن}‏ ‏[النحل:‏ 128]، فھو سبحانھ مع استوائھ على<br />

عرشھ،‏ وعلوه فوق سماواتھ،‏ مع عباده أینما كانوا یعلم ما كانوا عاملین،‏<br />

وھو قریب سبحانھ ممن دعاه،‏ وھو مع عباده المؤمنین؛ یحفظھم وینصرھم<br />

ویكلؤھم،‏ فقربھ سبحانھ ومعیتھ لا تنافي علوّ‏ ه وفوقیتَھ،‏ فإنھ لیس كمثلھ<br />

شيء في صفاتھ سبحانھ،‏ فھو علي ٌّ في قربھ قریب في علوّ‏ ه.‏<br />

ومن ثمرات ھذا التوحید العظیم،‏ الذي ھو حق الله على العباد:‏<br />

فوز الموحد بجنة ربھ والنجاة من النار كما في حدیث معاذ بن جبل.‏<br />

ومنھا؛ تعظیم الرب وإجلالھ بالتعرف إلى صفات كمالھ وجلالھ،‏<br />

وتسبیحھ وتنزیھھ عن الشبیھ أو المثیل<br />

.<br />

-<br />

-<br />

ومعرفة سفاھة من اتخذوا من دونھ أنداداً‏ أشركوھم معھ في العبادة<br />

أو الحكم والتشریع.‏<br />

وتھافت وسقوط من أشركوا أنفسھم في شيء من ذلك،‏ مع أنھم لم<br />

یشتركوا في الخلق،‏ ولا نصیب لھم في الملك أو الرزق او التدبیر.‏<br />

(6)<br />

منبر التوحید والجھاد


ھذه عقیدتنا<br />

-<br />

-<br />

ومن ذلك تحرّ‏ ر القلب والنفس من رق المخلوقین.‏<br />

وثبات العبد في الحیاة الدنیا وفي الآخرة فلیس من كان یعبد شركاء<br />

متشاكسین،‏ یدعوھم ویشتت خوفھ ورجاءه بینھم،‏ لیس ھذا كمن وح َّد رب َّھ<br />

سبحانھ وجر َّ د لھ خوفَھ ورجاءه وقَصْدَه وإرادتھ وعبادتھ.‏<br />

فاللھم یا ولي الإسلام وأھلھ ثبتنا على توحیدك حتى نلقاك.‏<br />

)<br />

الملائكة<br />

ونؤمن بملائكة الله،‏ وأنھم عباد الله مكرمون،‏ لا یسبقونھ بالقول وھم<br />

من خشیتھ مشفقون،‏ یسبحونھ اللیل والنھار لا یفترون.‏<br />

فنتولاھم ونحبھم،‏ لأنھم من جند الله،‏ ولأنھم یستغفرون للذین آمنوا،‏<br />

ونبغض من یبغضھم.‏<br />

ومنھم جبرائیل الروح الأمین،‏ ومیكائیل،‏ وإسرافیل الموكل بالنفخ في<br />

الصور،‏ ومنھم الموكلون بحمل العرش،‏ وملك الموت،‏ ومنكر ونكیر،‏<br />

ومالك خازن النار،‏ ورضوان خازن الجنة،‏ وملك الجبال،‏ والكرام الكاتبین،‏<br />

وغیرھم كثیر،‏ لا یحصیھم إلا الله تعالى.‏<br />

فقد ثبت في الصحیحین من حدیث أنس رضي الله عنھ في قصة<br />

المعراج؛ أن النبي علیھ الصلاة والسلام رُ‏ فع لھ البیت المعمور في السماء،‏<br />

یدخلھ یصلي فیھ كل یوم سبعون ألف ملك،‏ إذا خرجوا لم یعودوا إلیھ.‏<br />

وفي صحیح مسلم عن عائشة أم المؤمنین أن النبي صلى الله علیھ<br />

وسلم قال:‏ خ الملائكة من نور،‏ وخُلق الجان من مارج من نار،‏ وخلق<br />

لكم).‏<br />

آدم مما وص فُلِقت<br />

وقد یتمثل الملك بأمر الله على ھیئة بشر،‏ كما في قصة مریم،‏ وحدیث<br />

جبریل حین سأل النبي صلى الله علیھ وسلم عن الإسلام،‏ والإیمان<br />

والإحسان.‏<br />

أما صورتھ الحقیقیة؛ فقد ذكر الله تعالى في القرآن أنھ جعل من<br />

الملائكة رسلاً‏ أولي أجنحة مثنى وثلاث ورباع،‏ یزید في الخلق ما یشاء إن<br />

الله على كل شيء قدیر،‏ وقد رأى النبي علیھ الصلاة والسلام جبریل على<br />

صورتھ الحقیقیة ولھ ستمائة جناح قد سد الأفق.‏<br />

(7)<br />

منبر التوحید والجھاد


ھذه عقیدتنا<br />

-<br />

-<br />

-<br />

ومن ثمرات ھذا الإیمان:‏<br />

تعظیم الله تعالى فإن عظمة المخلوق تدل على عظمة خالقھ.‏<br />

ومن ثمراتھ؛ أن یستحیي العبد ممن معھ من ملائكة الله تعالى.‏<br />

ومن ذلك أیضاً؛ تثبیت العبد المؤمن الغریب بالإیمان،‏ وعدم<br />

استیحاشھ لقلة الأنصار بتذكره أن معھ من الله حافظین.‏<br />

وفي صحیح البخاري عن أبي ھریرة رضي الله عنھ قال:‏ قال رسول<br />

الله علیھ السلام:‏ ‏(إن الله إذا أحب عبداً‏ نادى جبریل إن الله أحب فلاناً‏ فأَحبھ،‏<br />

فیحبھ جبریل،‏ ثم ینادي جبریل في السماء إن الله أحب فلاناً‏ فأحبوه،‏ فیحبھ<br />

أھل السماء،‏ ویوضع لھ القبول في الأرض...).‏<br />

فعلى العبد المؤمن أن یحب ویتولى من یحبھم الله وملائكتھ وعباده<br />

المؤمنین،‏ وعلیھ أن یبغض ویعادي ویبرأ ممن یبغضھم الله تعالى وملائكتھ<br />

وعباده المؤمنین،‏ فإن ذلك من أوثق عرى الإیمان.‏<br />

(8)<br />

منبر التوحید والجھاد


ھذه عقیدتنا<br />

الكتب<br />

ونؤمن بكتب الله تعالى التي أنزلھا سبحانھ على رسلھ جملة،‏ ونؤمن<br />

على سبیل التفصیل بما سماه الله منھا كالتوراة والإنجیل والزبور<br />

–<br />

-<br />

وأن خاتمھا القرآن العظیم كلام رب العالمین على الحقیقة،‏ نزل بھ<br />

الروح الأمین على محمد صلى الله علیھ وسلم لیكون من المرسلین،‏ مھیمناً‏<br />

على سائر كتب الله.‏<br />

وھو منزل من الله تعالى ولیس بمخلوق،‏ ولا یُساویھ شيء من كلام<br />

المخلوقین،‏ ومن قال:‏ ‏{إنْ‏ ھَذَا إِلا َّ قَوْ‏ لُ‏ البَشَر}‏ ‏[المدثر:‏ 25]، فقد كفر وح َّق<br />

علیھ إن لم یرجع عن ذلك ویتوب قولھ تعالى:‏ ‏{سَأُصْلِیھ سَقَر}‏ ‏[المدثر:‏<br />

.[26<br />

ونؤمن بأن الله كل َّم موسى تكلیماً.‏<br />

ونؤمن بأن الله تعالى حفظ كتابھ من التبدیل والتغییر،‏ فقال تعالى:‏ ‏{إِن َّا<br />

نَحْنُ‏ نَز َّ لنَا الذّ‏ ‏ِكْرَ‏ وَ‏ إِن َّا لَھُ‏ لَحَافِظُونَ‏<br />

{ ‏[الحجر:‏ .[9<br />

-<br />

وأن الله تعالى علّق النذارة بھ فقال:‏ ‏{وَ‏ أُوحِ‏ يَ‏ إِلي َّ ھَذَا القرْ‏ آنُ‏ لأُنْذِرَ‏ كُ‏ ‏ْم<br />

بِھِ‏ وَ‏ مَنْ‏ بَلَغَ}‏ ‏[الأنعام:‏ 19].<br />

ونؤمن بأن كتابھ ھو العروة الوثقى وحبلھ المتین،‏ الذي من استمسك<br />

بھ نجى،‏ ومن أعرض عنھ وھجره واتخذه ظھریاً؛ قد ھلك وزل وضل<br />

ضلالاً‏ مبیناً.‏<br />

ومن ثمرات ھذا الإیمان:‏<br />

أخذ كتاب الله بقوة،‏ والتمسك بھ،‏ وتعظیم أوامره والعمل بھا،‏ وعدم<br />

ضرب بعضھا ببعض.‏<br />

العلم.‏<br />

-<br />

والإیمان بمتشابھھ،‏ ورده إلى مُحْكمھ،‏ على طریقة الراسخین في<br />

(9)<br />

منبر التوحید والجھاد


ھذه عقیدتنا<br />

الرسل والأنبیاء<br />

ونؤمن بأنبیاء الله ورسلھ أجمعین الذین أخبر الله تعالى عنھم في<br />

كتابھ،‏ أو أخبر رسولھ صلى الله علیھ وسلم عنھم في سنتھ من قص الله<br />

علینا خبرھم ومن لم یقصص ولا نفرق بین أحد من رسلھ.‏<br />

-<br />

-<br />

جمعھم جمیعاً‏ بأصل واحد كما قال سبحانھ:‏ } وَ‏ لَقَدْ‏ بَعَثْنَا فِي كُلّ‏<br />

ر َّ سُولاً‏ أَنِ‏ اعْبُدُوا اللهَ‏ وَ‏ اجْتَنِبُوا الط َّاغُوتَ‏ { ‏[النحل:‏ تعالى:‏ ‏{وَ‏ مَا<br />

أَرْ‏ سَلْنَا مِنْ‏ قَبْلِكَ‏ مِنْ‏ ر َّ سُولٍ‏ إِلا َّ نُوْ‏ حِ‏ ي إِلَیْھِ‏ أَن َّھُ‏ لا إِلَھَ‏ إلا َّ أَنَا فَاعْبُدُو ‏ِن}‏<br />

‏[الأنبیاء:‏ رُ‏ سُلاً‏ مُبَشّ‏ ‏ِرِ‏ ینَ‏ وَ‏ مُنْذِرِ‏ ینَ‏ لِئَلا َّ یَكُونَ‏ للن َّاسِ‏ عَلَى اللهِ‏ حُج َّةٌ‏<br />

بَعْدَ‏ الر ُّ سَلِ}‏ ‏[النساء:‏ تعالى:‏ وَ‏ مَا كُن َّا مُعَذّ‏ ‏ِبِینَ‏ حَ‏ ت َّى نَبْعَ‏ ‏َث<br />

رَ‏ سُولاً}‏ ‏[الإسراء:‏ تعالى:‏ ‏{كُل َّمَا أُلْقِيَ‏ فِیْھَا فَوْ‏ جٌ‏ سَأَلَھُمْ‏ خَزَ‏ نَتُھَا<br />

أَلَمْ‏ یَأْتِكُمْ‏ نَذِیْرٌ‏ * قَالُوا بَلَى}‏ ‏[الملك:‏<br />

ِ أُم َّةٍ‏<br />

36]، وقال<br />

،[165 وقال }<br />

15]، وقال<br />

.[9 - 8<br />

}<br />

،[25<br />

وعلیھم ھدایة الدلالة والإرشاد،‏ ولیس بمقدورھم ھدایة قلوب العباد،‏<br />

فالقلوب بین أصابع الرحمن یقلّبھا كیف یشاء...‏ وذلك أن الھدایة نوعان:‏<br />

ھدایة دلالة وإرشاد؛ یملك بذلھا الرسل والأنبیاء والدعاة،‏ قال تعالى:‏<br />

‏{وَ‏ إِن َّكَ‏ لَتَھْدِي إِلَى صِ‏ رَ‏ اطٍ‏ مُسْتَقِیْمٍ‏ { ‏[الشورى:‏ 52].<br />

وھدایة توفیق وتسدید؛ وھذه لا یقدر علیھا إلا الله،‏ قال تعالى:‏ ‏{إِن َّكَ‏<br />

لاَ‏ تَھْدِي مَنْ‏ أَحْبَبْتَ‏ وَ‏ لَكِن َّ اللهَ‏ یَھْدِي مَنْ‏ یَشَا ‏ُء}‏ ‏[القصص:‏ وقال<br />

سبحانھ وتعالى:‏ ‏{لَیْسَ‏ عَلَیْكَ‏ ھُدَاھُمْ}‏ ‏[البقرة:‏ 272].<br />

،[56<br />

وھذا النوع من الھدایة؛ فضل من الله وعدل یھبھ سبحانھ لمن علم منھ<br />

إقبالاً‏ على الحق وطلباً‏ لھ،‏ قال تعالى:‏ ‏{وَ‏ ال َّذِینَ‏ جَاھَدُوا فِیْنَا لَنَھْدِیَن َّھُمْ‏ سُبُلَنَا}‏<br />

‏[العنكبوت:‏<br />

.[69<br />

وقال صلى الله علیھ وسلم<br />

:<br />

‏(ومن یتحَر َّ الخیر یُعْطَھ).‏<br />

أما الأول؛ فمن عدل الله تعالى ورحمتھ أن بذلھ للخلق أجمعین.‏<br />

ونؤمن بمعجزات الأنبیاء ونحفظ لھم حقھم،‏ ونتأدب معھم،‏ ولا نفضل<br />

علیھم أحداً‏ من الناس لا الأولیاء ولا الأئمة،‏ ولا غیرھم.‏<br />

وھم مع ذلك بشر مخلوقون لیس لھم من خصائص الربوبیة أو<br />

الألوھیة شيء،‏ بل تلحقھم خصائص البشریة من المرض والموت والحاجة<br />

إلى الطعام والشراب وغیر ذلك...‏ قال تعالى آمراً‏ نبیھ محمد علیھ الصلاة<br />

والسلام أن یقول:‏ ‏{قُلْ‏ لا أَمْلِكُ‏ لِنَفْسِي نَفْعَاً‏ وَ‏ لا ضَر َّ اً‏ إِلا َّ مَا شَاءَ‏ اللهُ‏ وَ‏ لَوْ‏ كُنْ‏ ‏ُت<br />

أَعْلَمُ‏ الغَیْبَ‏ لاَسْتَكْثَرتُ‏ مِنَ‏ الخَیْرِ‏ وَ‏ مَا مَس َّنِيَ‏ الس ُّوءُ‏ إِنْ‏ أَنَا إِلا َّ نَذِیْرٌ‏ وَ‏ بَشِیْرٌ‏<br />

لِقَومٍ‏ یُؤمِنُونَ}‏ ‏[الأعراف:‏ 188].<br />

(10)<br />

منبر التوحید والجھاد


ھذه عقیدتنا<br />

}<br />

ونؤمن بأن خاتم الأنبیاء والمرسلین نبینا محمد صلى الله علیھ وسلم<br />

تسلیماً‏ كثیراً،‏ فلا نبي بعده،‏ وشریعتھ ھي الشریعة المھیمنة على سائر<br />

الشرائع إلى یوم القیامة.‏<br />

ولا یكون العبد مؤمناً‏ حتى یتبعھا ویسلم لحكمھا تسلیماً،‏ قال تعالى:‏<br />

فَلاَ‏ وَ‏ رَ‏ بِكَ‏ لاَ‏ یُؤْ‏ مِنُونَ‏ حَت َّى یُحَكّ‏ ‏ِمُوكَ‏ فِیمَا شَجَرَ‏ بَیْنَھُمْ‏ ثُم َّ لا یَجِ‏ دُواْ‏ فِيْ‏ أَنْفُسِھِ‏ ‏ْم<br />

حَرَ‏ جَاً‏ مّ‏ ‏ِم َّا قَضَیْتَ‏ وَ‏ یُسَلّ‏ ‏ِمُواْ‏ تَسْلِیماً‏<br />

{ ‏[النساء:‏ .[65<br />

-<br />

-<br />

-<br />

ونؤمن بأن الله قد اتخذ محمداً‏ صلى الله علیھ وسلم خلیلاً‏ كما اتخذ<br />

إبراھیم خلیلاً،‏ بعثھ رحمة للعالمین،‏ وأمره وأمر أمتھ بالتآسي بملة إبراھیم<br />

فقال:‏ ‏{ثُم َّ أَوْ‏ حَیْنَا إِلَیْكَ‏ أَنِ‏ ات َّبِعْ‏ مِل َّةَ‏ إِبْرَ‏ اھِیمَ‏ حَنِیْفَاً‏ وَ‏ مَا كَانَ‏ مِنَ‏ المُشْرِ‏ كِی ‏َن}‏<br />

‏[النحل:‏ 123]، وقال سبحانھ:‏ ‏{قَدْ‏ كَانَتْ‏ لَكُمْ‏ أُسْوَ‏ ةٌ‏ حَسَنَةٌ‏ فِي إِبْرَ‏ اھِیْمَ‏ وَ‏ ال َّذِینَ‏<br />

مَعَھُ‏ إِذْ‏ قَالُوا لِقَومِھِمْ‏ إِن َّا بُرَ‏ ءَؤُاْ‏ مِنْكُمْ‏ وَ‏ مِم َّا تَعْبُدُونَ‏ مِنْ‏ دُوْ‏ نِ‏ اللهِ‏ كَفَرْ‏ نَا بِكُمْ‏ وَ‏ بَدَا<br />

بَیْنَنَا وَ‏ بَیْنَكُمُ‏ العَدَاوَ‏ ةُ‏ وَ‏ البَغْضَاءُ‏ أَبَدَاً‏ حَت َّى تُؤمِنُوا بِاِ‏ وَ‏ حْدَهُ}‏ ‏[الممتحنة:‏ 4].<br />

فنتأسى بذلك إلى أن نلقى الله،‏ فنبرأ من المشركین وأنصارھم<br />

وأولیائھم،‏ ونبغضھم ونبرأ مما یعبدون من دون الله،‏ ونكفر بمناھجھم<br />

وأدیانھم ومللھم الباطلة المخالفة لدین الله،‏ ونظھر ونعلن ونبدي عداوتنا<br />

للمحادّین منھم،‏ المحاربین للحق،‏ المجاھرین بباطلھم،‏ ولا یمنعنا ذلك من<br />

دعوتھم وبیان الحق لمن أراد سماعھ منھم،‏ وتمني ھدایتھم.‏<br />

ومن ثمرات الإیمان بالرسل:‏<br />

معرفة بعض نعم الله الجلیلة على الخلق وشكره علیھا،‏ ومن<br />

أعظمھا رحمتھ بھم بإرسال الرسل إلیھم لیھدونھم سبیل الرشاد ویعرفونھم<br />

بما یوصلھم إلى الجنة وینجیھم من عذاب السعیر.‏<br />

ومن ذلك محبة الرسل،‏ والثناء والصلاة والسلام علیھم،‏ والدعاء<br />

لھم على ما تحملوه من أذى أقوامھم،‏ وما صبروا علیھ من مشقات الدعوة.‏<br />

والاقتداء والتأسي بھم في ذلك،‏ ومتابعتھم على نھجھم وسنتھم،‏<br />

وسیرتھم ودعوتھم إلى الله.‏<br />

ونحب بحب رسول الله صلى الله علیھ وسلم آل بیتھ الأطھار،‏<br />

وأصحابھ وأتباعھ وأنصاره إلى یوم الدین،‏ ونتولاھم ولا نبرأ من أحد منھم،‏<br />

بل نبغض من یبغضھم،‏ وبغیر الخیر یذكرھم،‏ فلا نذكرھم إلا بخیر،‏ وحبھم<br />

عندنا دین وإیمان وإحسان نتقرب بھ إلى الله تعالى.‏<br />

ونتمیز عن أھل البدع بسلامة قلوبنا وألسنتنا لھم،‏ ولا نمل ُّ من أن<br />

ندعو بقولھ تعالى:‏ ‏{رَ‏ ب َّنَا اغْفِرْ‏ لَنَا وَ‏ لإخْوَ‏ انِنَا ال َّذِینَ‏ سَبَقُونَا بِالإیمَانِ‏ وَ‏ لا تَجْعَ‏ ‏ْل<br />

فِي قُلُوبِنَا غِلا‏ لِل َّذِینَ‏ آمَنُوا رَ‏ ب َّنَا إِن َّكَ‏ رَ‏ ؤوفٌ‏ رَ‏ حِ‏ یمٌ}‏ ‏[الحشر:‏<br />

.[10<br />

(11)<br />

منبر التوحید والجھاد


ھذه عقیدتنا<br />

ونبرأ إلى الله من طریقة الروافض الذین یبغضون أصحاب النبي<br />

علیھ الصلاة والسلام ویسبونھم،‏ ومن طریقة النواصب الذین یناصبون أھل<br />

البیت العداء.‏<br />

ونعرف لعلي وفاطمة والحسن والحسین وسائر أھل البیت حقھم؛<br />

فنحبھم ولا نغلوا فیھم:‏<br />

واحفظ لأھل البیت واجب<br />

لا تنتقص ولا تزد في قدره<br />

إحداھما لا ترتضیھ خلیفة<br />

حقھم واعرف علیاً‏ أیما عرفان<br />

فعلیھ تصلى النار طائفتان<br />

وتنصھ الأخرى إلھاً‏ ثاني (3)<br />

ونقول مع ھذا كما قال النبي علیھ الصلاة والسلام:‏<br />

عملھ لم یسرع بھ نسبھ)‏ (4) .<br />

...)<br />

.<br />

من أبطأ بھ<br />

فنبرأ ممن كفر وشر َّ ع أو ارتد وانحرف عن الصراط،‏ كائناً‏ من كان<br />

نسبھ.‏<br />

ونمسك عمّا شجر بین أصحاب النبي علیھ الصلاة والسلام،‏ فھم في<br />

ذلك ؛ بین مجتھد مصیب،‏ ومجتھد مخطىء،‏ فلبعضھم أجر،‏ ولبعضھم<br />

أجران<br />

قل خیر قول في صحابة أحمد وامدح جمیع الآل والنسوان<br />

دع ما جرى بین الصحابة في الوغى بسیوفھم یوم التقى الجمعان<br />

فقتیلھم منھم وقاتلھم لھم وكلاھما في الحشر مرحومان<br />

لا تقبلن من التوارخ كل ما جمع الرواة وخطّ‏ كل بنان (5)<br />

وھم مع ذلك لیسوا بمعصومین،‏ ولكنھم كما أخبر النبي علیھ الصلاة<br />

والسلام؛ خیر القرون،‏ والمُدّ‏ من أحدھم إذا تصدّق بھ خیر من مثل جبل أحد<br />

ذھباً‏ ممن بعدھم.‏<br />

ونحب أنصار الدین في كل زمان إلى قیام الساعة؛ القریب منھم<br />

والبعید،‏ من عرفنا منھم ومن لم نعرف،‏ ولا یضرھم ألا نعرفھم.‏<br />

لا نبرأ من أحد منھم أو نعادیھ أو نعاملھ معاملة غیر المسلمین،‏ بل<br />

نتولاھم وندعو لھم وننصرھم،‏ ونجتھد أن نكون منھم.‏<br />

3<br />

من نونیة القحطاني.‏<br />

4<br />

رواه مسلم وأحمد والترمذي وابن ماجھ والدارمي.‏<br />

5<br />

من نونیة القحطاني.‏<br />

(12)<br />

منبر التوحید والجھاد


ھذه عقیدتنا<br />

الیوم الآخر<br />

ونؤمن بفتنة القبر،‏ ونعیمھ للمؤمنین،‏ وبعذابھ لمن كان لھ أھلاً،‏ كما<br />

جاءت بھ الأخبار متواترة عن رسول الله صلى الله علیھ وسلم،‏ ولا نلتفت<br />

إلى تأویلات أھل البدع،‏ وفي ھذا قال تعالى:‏ ‏{الن َّارُ‏ یُعْرَ‏ ضُونَ‏ عَلَیْھَا غُدُوّ‏ اً‏<br />

وَ‏ عَشِی َّاً‏ وَ‏ یَومَ‏ تَقُومُ‏ الس َّاعَةُ‏ أَدْخِ‏ لُوا آل فِرْ‏ عَوْ‏ نَ‏ أَشَد َّ العَذَابِ}‏ ‏[غافر:‏<br />

.[46<br />

...)<br />

وعن زید بن ثابت عن النبي علیھ السلام قال:‏ فلولا أن لا تدافنوا<br />

لدعوت الله أن یسمعكم من عذاب القبر الذي أسمع منھ ، ثم أقبل علینا<br />

بوجھھ،‏ فقال ‏(تعوذوا با‏ من عذاب القبر...‏ الحدیث)‏ ‏[وھو في صحیح<br />

مسلم].‏<br />

(<br />

:<br />

...)<br />

:<br />

وفي حدیث البراء بن عازب الطویل الذي یرویھ الإمام أحمد وأبو<br />

داود ؛ أن النبي صلى الله علیھ وسلم قال في المؤمن إذا أجاب الملكین في<br />

قبره فینادي مناد من السماء أن صدق عبدي،‏ فافرشوه من الجنة،‏<br />

وألبسوه من الجنة،‏ وافتحوا لھ باباً‏ إلى الجنة.‏ قال:‏ فیأتیھ من روحھا<br />

وطیبھا،‏ ویفسح لھ في قبره مد بصره).‏<br />

وفتنة القبر؛ سؤال منكر ونكیر للعبد فیھ عن ربھ ودینھ ونبیھ،‏ فیثبّ‏ ‏ِت<br />

الله الذین آمنوا بالقول الثابت...‏ اللھم یا ولي الإسلام وأھلھ ثبتنا بالقول<br />

الثابت في الحیاة الدنیا وفي الآخرة.‏<br />

(13)<br />

منبر التوحید والجھاد


ھذه عقیدتنا<br />

وأما الكافر فیقول:‏ ‏(ھا؟!‏ ھا؟!‏ لا أدري)،‏ ویقول المنافق والمقلد في<br />

دینھ للأكثریة:‏ ‏(لا أدري!‏ سمعت الناس یقولون قولاً‏ فقلتھ).‏<br />

وأحوال البرزخ من أمور الغیب التي یدركھا المیت دون غیره،‏ وھي<br />

لا تدرك بالحس في الحیاة الدنیا،‏ ولذلك فالإیمان بھا مما یمیز؛ المؤمن<br />

بالغیب عن المكذب بھ.‏<br />

ونؤمن بأشراط الساعة التي أخبر الله تعالى بھا في كتابھ،‏ وأخبر بھا<br />

نبیھ علیھ الصلاة والسلام في سنتھ،‏ من خروج الدجال على الحقیقة،‏ دون<br />

التفات إلى تأویل أھل البدع،‏ وإن كنا نعتقد أن من جنس فتنتھ ما ھو موجود<br />

في كل زمان،‏ إلى أن یأتي زمان خروجھ على الحقیقة،‏ ونؤمن بنزول<br />

عیسى ابن مریم علیھ السلام وھو الذي یقتلھ،‏ وبطلوع الشمس من مغربھا،‏<br />

وبخروج دابة الأرض وسائر ما أخبر الله تعالى بھ،‏ أو أخبر بھ نبیھ علیھ<br />

الصلاة والسلام.‏<br />

ونؤمن بالبعث بعد الموت،‏ وجزاء الأعمال یوم القیامة،‏ والعرض،‏<br />

والحساب،‏ وقراءة الكتب والمیزان،‏ قال تعالى:‏ ‏{ثُم َّ إِن َّكُمْ‏ یَوْ‏ مَ‏ القِیَامَةِ‏<br />

تُبْعَثُونَ}‏ ‏[المؤمنون:‏ 16]، فیقوم الناس لرب العالمین،‏ حفاة عراة غرلاً‏<br />

غیر مختونین،‏ قال تعالى:‏ ‏{كَمَا بَدَأْنَا أَو َّ لَ‏ خَلْقٍ‏ ن ُّعِیدُهُ‏ وَ‏ عْدَاً‏ عَلَیْنَا إِن َّا كُن َّا<br />

تعالى:‏ ‏{وَ‏ نَضَعُ‏ المَوَ‏ ازِ‏ یْنَ‏ القِسْطَ‏ لِیَوْ‏ مِ‏<br />

فَاعِلِینَ}‏ ‏[الأنبیاء:‏<br />

القِیَامَةِ‏ فَلا تُظْلَمُ‏ نَفْسٌ‏ شَیْئَاً‏ وَ‏ إِن كَانَ‏ مِثْقَالَ‏ حَب َّةٍ‏ مِنْ‏ خَرْ‏ دَلٍ‏ أَتَیْنَا بِھَا وَ‏ كَفَى بِنَا<br />

حَاسِبِینَ}‏ ‏[الأنبیاء:‏ 47].<br />

104]، وقال<br />

ونؤمن بحوض نبینا محمد علیھ الصلاة والسلام في عرصات القیامة،‏<br />

وأن ماءه أشد بیاضاً‏ من اللبن وأحلى من العسل،‏ وآنیتھ بعدد نجوم السماء،‏<br />

وطولھ شھر،‏ وعرضھ شھر،‏ من شرب منھ شربة لم یظمأ بعدھا أبداً...‏<br />

اللھم یا ولي الإسلام وأھلھ لا تحرمنا منھ.‏<br />

وأن َّ أصنافاً‏ من أمة محمد علیھ الصلاة والسلام سیذادون عنھ،‏<br />

ویمنعون من وروده في یوم تدنو فیھ الشمس من رؤوس العباد،‏ حتى یكون<br />

عرق الناس على قدر أعمالھم فمنھم من یكون إلى كعبھ،‏ ومنھم من یكون<br />

إلى ركبتیھ،‏ ومنھم من یكون إلى حقویھ،‏ ومنھم من یلجمھ عرقھ إلجاماً.‏<br />

وممن یذادون عنھ ویمنعون منھ؛ أعوان الأمراء الظلمة،‏ الذین دخلوا<br />

علیھم وصدقوھم بكذبھم،‏ وأعانوھم على ظلمھم،‏ وكذلك یذاد عنھ من بدل<br />

أو ابتدع أو أحدث في دین الله،‏ ویومھا یقول النبي صلى الله علیھ وسلم<br />

‏(سُحْقاً‏ سُحقاً‏ لمن بدل بعدي).‏<br />

:<br />

ونؤمن بالصراط المنصوب على متن جھنم،‏ وھو الجسر الذي بین<br />

الجنة والنار،‏ یمر علیھ الناس على قدر أعمالھم،‏ فمنھم من یمر كلمح<br />

البصر،‏ ومنھم من یمر كالبرق،‏ ومنھم من یمر كالریح،‏ ومنھم من یمر<br />

كالفرس الجواد،‏ ومنھم من یمر كركاب الإبل،‏ ومنھم من یعدو عدواً،‏<br />

(14)<br />

منبر التوحید والجھاد


ھذه عقیدتنا<br />

ومنھم من یمشي مشیاً،‏ ومنھم ومن یزحف زحفاً،‏ ومنھم من یُخطف خطفاً‏<br />

ویُلقى في جھنم،‏ فإن على الجسر كلالیب تخطف الناس بأعمالھم،‏ فمن مر<br />

على الصراط دخل الجنة ونجا...‏ اللھم یا ولي الإسلام وأھلھ نجنا من النار.‏<br />

فإذا عبروا علیھ؛ وقفوا عند قنطرة بین الجنة والنار،‏ فیُقتَصّ‏ من<br />

بعضھم لبعض،‏ فإذا ھُذّ‏ بوا ونُق ُّوا،‏ أذن لھم في دخول الجنة.‏<br />

وأول من یستفتح باب الجنة؛ محمد علیھ الصلاة والسلام،‏ وأول من<br />

یدخل الجنة من الأمم أمتھ علیھ الصلاة والسلام.‏<br />

-<br />

-<br />

ونؤمن بالجنة والنار،‏ وأنھما مخلوقتان لا تفنیان إلا أن یراد فناء نار<br />

الموحدین وأن الله خلق لھما أھلاً،‏ فمن شاء منھم فإلى الجنة بفضلھ،‏ ومن<br />

شاء منھم فإلى النار بعدلھ.‏<br />

والجنة دار النعیم التي أعدھا الله تعالى للمؤمنین في مقعد صدق عند<br />

ملیك مقتدر،‏ فیھا من أنواع النعیم المقیم ما لا عین رأت ولا أذن سمعت ولا<br />

خطر على قلب بشر،‏ قال تعالى:‏ ‏{فَلا تَعْلَمُ‏ نَفْسٌ‏ مَا أُخْفِيَ‏ لَھُمْ‏ مِنْ‏ قُر َّ ةِ‏ أَعْیُ‏ ‏ٍن<br />

جَزَ‏ اءً‏ بِمَا كَانُوا یَعْمَلُونَ}‏ ‏[السجدة:‏<br />

.[17<br />

:<br />

وأما النار فھي دار العذاب التي أعدھا الله تعالى أصلاً‏ للكافرین،‏ قال<br />

تعالى ‏{وَ‏ ات َّقُوا الن َّارَ‏ ال َّتي أُعِد َّتْ‏ للكَافِرِ‏ ینَ}‏ ‏[آل عمران:‏<br />

عصاة المسلمین،‏ ولكنھا لیست دارھم التي أعدت لھم،‏ ولذلك إذا دخلوھا لم<br />

یخلدوا فیھا،‏ بل یعذبون بقدر ذنوبھم ثم مصیرھم إلى الجنة التي ھي دار<br />

المؤمنین.‏<br />

131]، ویدخلھا<br />

ونؤمن بالشفاعة التي أذن الله تعالى بھا لنبیھ محمد صلى الله علیھ<br />

وسلم .<br />

فلھ في القیامة؛ ثلاث شفاعات:‏<br />

أما الأولى:‏ فشفاعتھ في أھل الموقف كي یقضي بینھم،‏ بعد أن یتراجع<br />

الأنبیاء آدم ونوح وإبراھیم وموسى وعیسى علیھم السلام عن الشفاعة،‏<br />

حتى تنتھي إلى نبینا علیھ الصلاة والسلام.‏<br />

أما الثانیة:‏ فیشفع في أھل الجنة أن یدخلوا الجنة،‏ وھاتان الشفاعتان<br />

خاصتان لھ علیھ الصلاة والسلام (6) .<br />

وأما الثالثة:‏ فشفاعتھ فیمن استحق النار من الموحدین؛ أن یخرج<br />

منھا،‏ أو لا یدخلھا،‏ وھذا النوع لھ صلى الله علیھ وسلم،‏ ولسائر النبیین<br />

6<br />

ولھ صلى الله علیھ وسلم شفاعة ثالثة خاصة بھ،‏ وھي تخفیفھ العذاب عن عمھ أبي<br />

طالب،‏ كما ثبت في الحدیث.‏<br />

(15)<br />

منبر التوحید والجھاد


ھذه عقیدتنا<br />

والصدیقین والشھداء ونحوھم ممن أذن الله لھم،‏ فیشفع فیمن استحق النار<br />

ألا یدخلھا،‏ ویشفع فیمن دخلھا أن یخرج منھا.‏<br />

ویُخرج الله تعالى من النار أقواماً‏ بغیر شفاعة،‏ بفضلھ سبحانھ<br />

ورحمتھ،‏ ویبقى في الجنة فضل،‏ فینشىء الله لھ أقواماً‏ فیدخلھم الجنة.‏<br />

والإیمان بالشفاعة؛<br />

في النار.‏<br />

مزیة نخالف بھا الخوارج المخلّ‏ ‏ِدین لأھل الكبائر<br />

ونؤمن برؤیة المؤمنین ربھم یوم القیامة وفي الجنة،‏ كما قال تعالى:‏<br />

‏{وُ‏ جُوهٌ‏ یَوْ‏ مَئذٍ‏ نَاضِ‏ رَ‏ ةٌ‏ * إِلَى رَ‏ بّ‏ ‏ِھَا نَاظِرَ‏ ةٌ‏<br />

{ ‏[القیامة:‏ - 23 .[24<br />

-<br />

-<br />

وكما تواترت الأخبار بذلك عن رسول الله صلى الله علیھ وسلم؛ بأن<br />

المؤمنین یرون ربھم یوم القیامة كما یرون القمر لیلة البدر لا یضامون في<br />

رؤیتھ،‏ ولسنا نشبھ ربنا بشيء من خلقھ،‏ وإنما التشبیھ ھنا تشبیھ الرؤیة<br />

بالرؤیة وضوحاً‏ وحقیقة ودون مزاحمة،‏ لا تشبیھ المرئي بالمرئي،‏ فمن<br />

عُدِم البصیرة والإیمان بھذا،‏ فإنھ لقمنٌ‏ أن یُحرم ھذه النعمة یوم المزید،‏<br />

وھو سبحانھ مع ھذا؛ ‏{لا تُدْرِ‏ كُھُ‏ الأَبْصَارُ‏ وَ‏ ھُوَ‏ یُدْرِ‏ كُ‏ الأَبْصَارَ‏ { ‏[الأنعام:‏<br />

103]، وإنما أثبتنا ما أثبتھ الله سبحانھ وتعالى من النظر إلیھ،‏ وما أثبتھ نبیھ<br />

محمد علیھ الصلاة والسلام من رؤیة المؤمنین لھ سبحانھ،‏ والنظر والرؤیة<br />

شيء دون الإدراك،‏ فقف عند حدود الله،‏ ولا تحمّ‏ ‏ِل نصوص الوحي ما لا<br />

تحتمل،‏ ولا ترد شیئاً‏ منھا أو تعطلھ،‏ فتزل بك قدم الھلاك.‏<br />

ومن آثار الإیمان بذلك:‏<br />

عمل الجاد لتحصیل ما أعده الله تعالى للمؤمنین،‏ والنجاة مما توعّد<br />

بھ الله العصاة والكافرین.‏<br />

عدم الجزع لما یفوت المؤمن من حطام الدنیا،‏ أو ما ینالھ من أذى<br />

وبلاء ومصائب لإیمانھ ودعوتھ وجھاده،‏ بما یرجوه من عوض الآخرة<br />

ونعیمھا وثوابھا.‏<br />

-<br />

-<br />

وغیر ذلك من الثمرات الكثیرة،‏ فلیس الإیمان بذلك كما یحسب كثیر<br />

من الناس أموراً‏ معرفیة علمیة وحسب،‏ بل ھو إیمان،‏ وتصدیق،‏ وإقرار<br />

یدفع إلى العمل.‏<br />

(16)<br />

منبر التوحید والجھاد


ھذه عقیدتنا<br />

القدر<br />

ونؤمن بالقدر خیره وشره،‏ وأن الله خلق الخلق وقدّر لھم أقداراً‏<br />

وضرب لھم آجالاً،‏ وعلم ما ھم عاملون من قبل أن یخلقھم،‏ فعلم ما كان وما<br />

سیكون،‏ وما لم یكن؛ لو كان كیف یكون.‏<br />

ھداھم النجدین،‏ فأمرھم بطاعتھ،‏ ونھاھم عن معصیتھ،‏ وكل شيء<br />

یجري بتقدیره ومشیئتھ.‏<br />

–<br />

–<br />

ومشیئتھ تنفذ،‏ لا مشیئة للعباد إلا ما شاء لھم فما شاء لھم كان<br />

وما لم یشأ لم یكن،‏ یھدي من یشاء،‏ ویعصم وینجي فضلاً‏ منھ،‏ ویضل من<br />

یشاء،‏ ویُشقي ویخذل عدلاً‏ منھ،‏ وكل العباد یتقلبون في مشیئتھ بین فضلھ<br />

وعدلھ،‏ لا راد َّ لقضائھ ولا مُعقّبَ‏ لحكمھ،‏ ولا غالب لأمره.‏<br />

ما للعباد علیھ شيءٌ‏ واج ‏ٌب<br />

إن عذبوا فَبِعَدْلِھِ‏ أو نُعّموا<br />

والخیر والشر؛ مقدران على العباد.‏<br />

كلا ولا سعيٌ‏ لدیھ ضائ ‏ُع<br />

فبفضلھ وھو الكبیرُ‏ الواس ‏ُع<br />

ولم یكلف الله العباد إلا ما یطیقون،‏ ولا حول ولا قوة إلا با؛ أي لا<br />

حیلة لأحد،‏ ولا تحول لأحد عن معصیة الله إلا بمعونة الله سبحانھ،‏ ولا قوة<br />

لأحد على إقامة طاعة الله والثبات علیھا إلا بتوفیق الله.‏<br />

وكما أن المسب َّبات من قدر الله الذي فرغ منھ،‏ فكذلك أسبابھا أیضاً‏ من<br />

قدر الله الذي فرغ منھ.‏<br />

والإیمان بالقدر على درجتین؛ وكل درجة تتضمن شیئین:‏<br />

فالدرجة الأولى:‏ الإیمان بأن الله علم ما الخلق عاملون،‏ فسبق علمھ<br />

في كل كائن في خلقھ،‏ فقد َّر ذلك تقدیراً‏ محكماً،‏ قال تعالى:‏ ‏{وَ‏ مَا یَعْزُ‏ بُ‏ عَنْ‏<br />

رَ‏ بّ‏ ‏ِكَ‏ مِنْ‏ مِثْقَالِ‏ ذَر َّ ةٍ‏ فِي الأَرْ‏ ضِ‏ وَ‏ لا فِي الس َّمَاءِ‏ وَ‏ لا أَصْغَرَ‏ مِنْ‏ ذَلِكَ‏ وَ‏ لا أَكْبَرَ‏<br />

إِلا َّ فِي كِتَابٍ‏ مُبِیْنٍ}‏ ‏[یونس:‏ تعالى:‏ ‏{وَ‏ خَلَقَ‏ كُل َّ شَيءٍ‏ فَقَد َّرَ‏ هُ‏<br />

تَقْدِیراً}‏ ‏[الفرقان:‏ 2]، وقال:‏ ‏{وَ‏ كَانَ‏ أَمْرُ‏ اللهِ‏ قَدَرَ‏ اً‏ مَقْدُورَ‏ اً}‏ ‏[الأحزاب:‏<br />

61]، وقال<br />

.[38<br />

ثم كتب ذلك في اللوح المحفوظ،‏ وضم َّنھ مقادیر الخلق.‏<br />

(17)<br />

منبر التوحید والجھاد


ھذه عقیدتنا<br />

عن عبادة بن الصامت رضي الله عنھ قال:‏ ‏(یا بني!‏ إنك لا تجد حقیقة<br />

الإیمان حتى تعلم أن ما أصابك لم یكن لیخطئك،‏ وما أخطأك لم یكن<br />

لیصیبك،‏ سمعت رسول الله علیھ الصلاة والسلام یقول:‏ ‏"إن أول ما خلق<br />

الله القلم فقال لھ اكتب،‏ قال:‏ رب وماذا أكتب؟ قال:‏ اكتب مقادیر كل شيء<br />

حتى تقوم الساعة"،‏ یا بني!‏ إني سمعت رسول الله صلى الله علیھ وسلم<br />

یقول:‏ ‏"من مات على غیر ھذا فلیس مني")‏ (7) .<br />

قال تعالى:‏ ‏{أَلَمْ‏ تَعْلَمْ‏ أَن َّ اللهَ‏ یَعْلَمُ‏ مَا فِي الس َّماءِ‏ وَ‏ الأرْ‏ ضِ‏ إِن َّ ذَلِكَ‏ فِي<br />

كِتَابٍ‏ إِن َّ ذَلِكَ‏ عَلَى اللهِ‏ یَسِیرٌ‏ { ‏[الحج:‏<br />

.[70<br />

وھذا التقدیر یكون في مواضع مجملاً،‏ وفي مواضع مفصلاً،‏ فقد كتب<br />

في اللوح المحفوظ ما شاء،‏ وإذا خلق الجنین قبل نفخ الروح فیھ بعث إلیھ<br />

ملكاً‏ فیؤمر بأربع كلمات أن یكتبھا؛ رزقھ،‏ وأجلھ وعملھ،‏ وشقي أم سعید.‏<br />

فلو اجتمع الخلق كلھم على شيء كتبھ الله تعالى فیھ أنھ كائن،‏ لیجعلوه<br />

غیر كائن،‏ لم یقدروا علیھ،‏ ولو اجتمعوا كلھم على شيء لم یكتبھ الله تعالى<br />

لیجعلوه كائنا لم یقدروا علیھ،‏ جف القلم بما ھو كائن إلى یوم القیامة.‏<br />

وما أخطأ العبد لم یكن لیصیبھ،‏ وما أصابھ لم یكن لیخطئھ.‏<br />

الدرجة الثانیة:‏ الإیمان بمشیئة الله النافذة،‏ وقدرتھ الشاملة وأن ما شاء<br />

الله كان،‏ وما لم یشأ لم یكن،‏ وأنھ ما في السماوات والأرض من حركة ولا<br />

سكون إلا بمشیئة الله سبحانھ وتعالى،‏ ولا یكون في ملكھ إلا ما یرید.‏<br />

ومع ذلك فقد أمر العباد بطاعتھ وطاعة رسلھ ونھاھم عن معصیتھ،‏<br />

وھو سبحانھ یحب المتقین والمحسنین والمقسطین،‏ ویرضى عن الذین آمنوا<br />

وعملوا الصالحات،‏ ولا یحب الكافرین،‏ ولا یرضى عن القوم الفاسقین،‏ ولا<br />

یأمر بالفحشاء،‏ ولا یرضى لعباده الكفر،‏ ولا یحب الفساد.‏<br />

فلھ سبحانھ مشیئتان،‏ وھما خلق الله وأمره،‏ وقدرتھ وشرعھ،‏ كما قال<br />

سبحانھ وتعالى:‏ ‏{أَلا لَھُ‏ الخَلْقُ‏ وَ‏ الأَمْرُ‏ { ‏[الأعراف:‏ 54].<br />

مشیئة شرعیة؛<br />

ویُخالف.‏<br />

وھي أمره الشرعي الذي قد یُعصى سبحانھ فیھ<br />

ومشیئة قدریة؛ فلن تجد لسنة الله تبدیلاً،‏ ولن تجد لسنة الله تحویلاً،‏<br />

فلا یُعصى أمره الكوني القدري.‏<br />

فتلك سنتھ شرعاً‏ وأمراً،‏ وھذه سنتھ قضاءً‏ وقدراً.‏<br />

7<br />

رواه أحمد وأبو داود،‏ واللفظ لأبي داود.‏<br />

(18)<br />

منبر التوحید والجھاد


ھذه عقیدتنا<br />

وأفعال العباد؛ خلق الله وفعل العباد،‏ فالعباد فاعلون حقیقة،‏ والله خالق<br />

أفعالھم،‏ والعبد ھو المؤمن أو الكافر،‏ والبر أو الفاجر،‏ والمصلي والصائم،‏<br />

وللعبادة قدرة على أعمالھم ولھم إرادة،‏ والله خالقھم وخالق قدرتھم<br />

وإرادتھم،‏ قال تعالى:‏ ‏{وَ‏ اللهُ‏ خَلَقَكُمْ‏ وَ‏ مَا تَعْمَلُونَ}‏ ‏[الصافت:‏<br />

تعالى:‏ ‏{لِمَنْ‏ شَاءَ‏ مِنْكُمْ‏ أَنْ‏ یَسْتَقِیمَ‏ * وَ‏ مَا تَشَاءُونَ‏ إِلا َّ أَن یَشَاءَ‏ اللهُ‏ رَ‏ ُّب<br />

العَالَمِینَ}‏ ‏[التكویر:‏ 29]، وھذه الدرجة یكذب بھا عامة القدریة وغلا<br />

فیھا قوم من أھل الإثبات،‏ حتى سلبوا العبد قدرتھ واختیاره وأخرجوا عن<br />

أفعال الله وأحكامھ حِ‏ كَمھا ومصالحھا.‏<br />

96]، وقال<br />

- 28<br />

فنحن وسط في القدر بین الجبریة والقدریة،‏ فأفعالنا ومشیئتنا؛<br />

مخلوقتان،‏ والإنسان فاعل لأفعالھ على الحقیقة مختار،‏ لھ إرادة ومشیئة.‏<br />

وھذا جملة ما یحتاج إلیھ في ھذه المسألة من نَو َّ ر اللهُ‏ قلبَھ من أولیاء<br />

الله تعالى.‏<br />

فأصل القدر سر الله في خلقھ،‏ قد طوى الله تفاصیل علمھ عن عباده،‏<br />

ونھاھم عن التعمق فیھ،‏ فقال في كتابھ:‏ ‏{لا یُسْئَلُ‏ عَم َّا یَفْعَلُ‏ وَ‏ ھُمْ‏ یُسأَلُو ‏َن}‏<br />

‏[الأنبیاء:‏ فمن سأل:‏ لم فعل؟ فقد رد حكم الكتاب،‏ ومن رد حكم<br />

الكتاب؛ فقد كفر وخسر وخاب.‏<br />

،[23<br />

وذلك أن العلم علمان:‏<br />

علم أنزلھ الله تعالى في الخلق؛ فھو موجود.‏<br />

وعلم حجبھ الله عنھم؛ فھو مفقود.‏<br />

فإنكار العلم الموجود؛ كفر،‏ وادعاء العلم المفقود؛ كفر،‏ ولا یثبت<br />

الإیمان إلا بقبول العلم الموجود،‏ وترك العلم المفقود،‏ ورده على عالمھ<br />

الغفور الودود.‏<br />

-<br />

-<br />

ومن آثار الإیمان بالقدر وثمراتھ:‏<br />

أن یتوكل المؤمن على الله حق التوكل،‏ فلا یتخذ الأسباب أرباباً،‏ ولا<br />

یتكل علیھا،‏ بل یخلص توكلھ على الله وحده،‏ فكل شيء بتقدیره سبحانھ.‏<br />

ومنھا؛ اطمئنان قلب المؤمن وعدم جزعھ أو تحسره على ما یصیبھ<br />

ویجري علیھ من أقدار الله تعالى،‏ فلا یأسى لفوات محبوب أو حصول<br />

مكروه،‏ فكل ذلك بقدر الله تعالى،‏ وما أصابھ ما كان لیخطئھ،‏ وما أخطأه ما<br />

كان لیصیبھ.‏<br />

(19)<br />

منبر التوحید والجھاد


ھذه عقیدتنا<br />

الإیمان<br />

والإیمان؛ عمل وقول ونیة،‏ فھو اعتقاد بالجنان وإقرار باللسان،‏<br />

وعمل بالجوارح.‏<br />

واعتقاد الجنان أو القلب؛ قولھ،‏ وعملھ،‏ فقول القلب؛ ھو معرفتھ أو<br />

عملھ وتصدیقھ،‏ ومن أعمالھ؛ الرضى،‏ والتسلیم،‏ والمحبة،‏ والانقیاد،‏<br />

والإخبات،‏ ونحوه.‏<br />

(20)<br />

منبر التوحید والجھاد


ھذه عقیدتنا<br />

فالقول؛ قول القلب واللسان،‏ والعمل؛<br />

والتصدیق یكون بالقلب،‏ واللسان والجوارح (8) .<br />

عمل القلب والجوارح،‏<br />

-<br />

-<br />

-<br />

والإیمان یزید بالطاعة وینقص بالمعصیة،‏ ولھ شعب كما أخبر<br />

الصادق المصدوق أعلاھا؛ لا إلھ إلا الله،‏ وأدناھا إماطة الأذى عن<br />

الطریق،‏ ولھ عرى كثیرة،‏ أوثقھا؛ الحب في الله والبغض في الله،‏ والموالاة<br />

في الله والمعاداة في الله.‏<br />

ومن شعبھ؛ ما ھو أصل الإیمان،‏ یزول الإیمان بزوالھ وینتقض،‏<br />

كشعبة التوحید-‏ لا إلھ إلا الله والصلاة،‏ ونحوھا مما نص الشارع على<br />

زوال أصل الإیمان وانتقاضھ بتركھ.‏<br />

ومنھا؛ ما ھو من واجبات الإیمان،‏ ینقص الإیمان الواجب بزوالھا،‏<br />

كالحب في الله،‏ والبغض في الله،‏ وأن یأمن جارُ‏ ه بوائقَھ،‏ ونحوه مما یأثم<br />

تاركھ،‏ ومثلھ اقتراف المحرمات كالزنا وشرب الخمر والسرقة،‏ وصاحبھ<br />

لا یكفر ولا یزول عنھ أصل الإیمان،‏ بل ینتقص بذلك إیمانھ الواجب،‏ فلا<br />

یكون من المؤمنین المستحقین للوعد المطلق،‏ السالمین من الوعید.‏<br />

ومن شعب الإیمان؛ ما ھو من كمال الإیمان المستحب،‏ كإماطة الأذى<br />

عن الطریق،‏ وحسن العھد (9) ، ونحوه مما ھو من مكملات الإیمان<br />

المستحب فلا یأثم من أخل بھ.‏<br />

وعلیھ فللإیمان أصل لا یصح الإیمان إلا بھ،‏ ولھ كمال واجب،‏ وكمال<br />

مستحب،‏ وكل نفي للإیمان ورد في نصوص الشرع فإما أن یراد بھ نفي<br />

أصل الإیمان فیكون صاحبھ كافراً،‏ كقولھ تعالى:‏ فَلاَ‏ وَ‏ رَ‏ بّ‏ ‏ِكَ‏ لاَ‏ یُؤمِنُونَ‏<br />

حَتَى یُحَكّ‏ ‏ِمُوكَ‏ فِیْمَا شَجَرَ‏ بَیْنَھُمْ‏ ثُم َّ لا یَجِ‏ دُوا فِي أَنْفُسِھِمْ‏ حَرَ‏ جَاً‏ مِم َّا قَضَیْتَ‏<br />

وَ‏ یُسَلّ‏ ‏ِمُوا تَسْلِیماً‏ 65]، وإما أن یراد بھ نفي الإیمان الواجب أي<br />

كمالھ الواجب یكون صاحبھ آثماً‏ أو فاسقاً،‏ كقول النبي علیھ الصلاة<br />

والسلام:‏ ‏(لا یدخل الجنة من لا یأمن جاره بوائقھ)‏ (10) ، أو قولھ:‏ ‏(لا یزني<br />

الزاني حین یزني وھو مؤمن...‏ الحدیث)‏ (11) ، أو قولھ:‏ ‏(لا یؤمن أحدكم<br />

حتى یحب لأخیھ ما یحب لنفسھ).‏<br />

-<br />

}<br />

{ ‏[النساء:‏<br />

-<br />

وذلك لأن نفي الإیمان؛ صیغة وعید،‏ والوعید لا یرد إلا في حق من<br />

فعل محرماً‏ أو ترك واجباً،‏ فإما أن یكون من أصل الإیمان أو من الإیمان<br />

الواجب،‏ ویتم التفریق والتمییز بین الدلالتین ھل ھي دلالة على الكفر -<br />

8<br />

كما في الحدیث الصحیح:‏ (... والفرج یصدّق ذلك أو یكذبھ).‏<br />

والمقصود بحسن العھد ھنا؛ الصلة والإحسان كما في إقبال النبي صلى الله علیھ<br />

9<br />

وسلم واھتمامھ بعجوز،‏ سألتھ عنھا عائشة رضي الله عنھا فقال:‏ ‏(إنھا كانت تأتینا زمن<br />

خدیجة وإن حسن العھد من الإیمان<br />

رواه مسلم.‏<br />

رواه البخاري ومسلم وأبو داود وغیرھم.‏<br />

11<br />

.(<br />

10<br />

(21)<br />

منبر التوحید والجھاد


ھذه عقیدتنا<br />

-<br />

-<br />

-<br />

انتقاض أصل الإیمان أو على الفسق انتقاص الإیمان الواجب ‏-؛ بقرائن<br />

تعرف من النص نفسھ،‏ أو من نصوص الشارع الأخرى.‏<br />

ومن انتقض إیمانھ بشيء من نواقض الإیمان؛ فكفر،‏ لم تنفعھ بقیة<br />

شعب الإیمان إن وجدت عنده،‏ ومن أخل بالإیمان الوجب؛ فھو إلى مشیئة<br />

الله،‏ إن شاء عذبھ،‏ وإن شاء غفر لھ،‏ ما دام عنده أصل الإیمان.‏<br />

فلا نمیل في باب وعید الله لا إلى المرجئة ولا إلى الخوارج،‏ كما لا<br />

نمیل في باب أسماء الإیمان والدین لا إلى الحروریة والمعتزلة...‏ ولا إلى<br />

المرجئة والجھمیة.‏<br />

ومن ثمرات ھذا الباب:‏<br />

الحرص على الطاعة والمبادرة إلى العمل الصالح،‏ والمسبقة إلى<br />

الخیرات،‏ لیبقى إیماننا في ازدیاد،‏ مع المحافظة دوماً‏ على أصل الإیمان<br />

وتحصینھ،‏ فإنھ رأس المال وعروة النجاة الوثقى.‏<br />

-<br />

الكفر<br />

ونبرأ إلى الله من ضلال مرجئة العصر،‏ وجھمیة الزمان؛ الذین لا<br />

یرون الكفر إلا في الجحود والتكذیب القلبي وحده،‏ فھو َّ نوا بذلك الكفر<br />

وسھّلوه،‏ ورق َّعوا للكفرة الملحدین،‏ وأقاموا الشبھ الباطلة التي تسوّ‏ غ كفر<br />

وتشریع الطواغیت.‏<br />

ونعتقد أن قولھم:‏ ‏"أن المرء لا یكفر إلا بجحود قلبي"؛ قول بدعي،‏<br />

فالجحود كما قرر علماؤنا المحققون یكون بالعمل والقول،‏ أي<br />

بالجوارح،‏ كما یكون بالقلب،‏ والتصدیق مثل ذلك.‏<br />

والكفر أنواع؛<br />

الإعراض.‏<br />

-<br />

فمنھ كفر الجحود،‏ ومنھ كفر الجھل،‏ ومنھ كفر<br />

ونواقض الإسلام كثیرة،‏ ولحوق الرجل بالكفر أسرع من لحوقھ<br />

بالإسلام.‏<br />

(22)<br />

منبر التوحید والجھاد


ھذه عقیدتنا<br />

}<br />

وكما أن الإیمان عندنا؛ اعتقاد وقول وعمل،‏ فكذلك الكفر؛<br />

اعتقاداً،‏ ویكون قولاً،‏ ویكون عملاً.‏<br />

یكون<br />

ومن الكفر والظلم والفسق؛ ما ھو أكبر،‏ ومنھ ما ھو أصغر،‏ والقول<br />

بأن الكفر العملي؛ مطلقاً‏ كفر أصغر،‏ وأن الخطأ الاعتقادي؛ مطلقاً‏ كفر<br />

أكبر،‏ قول بدعيّ،‏ بل الكفر العملي؛ منھ الأصغر ومنھ الأكبر،‏ وكذلك<br />

الخطأ أو الانحراف في الاعتقاد؛ منھ ما ھو كفر أكبر ومنھ ما ھو دون<br />

ذلك.‏<br />

فمن أعمال الجوارح؛ ما أخبر الله تعالى بأنھ كفر أكبر،‏ ولم یشترط<br />

لذلك أن یصاحبھ اعتقاد أو جحود أو استحلال،‏ كالتشریع مع الله ما لم یأذن<br />

بھ الله،‏ وكالسجود للشمس والأصنام،‏ أو سب الله،‏ أو الدین،‏ أو الأنبیاء،‏ أو<br />

إظھار الاستھزاء،‏ أو الاستھانة بشيء من الدین.‏<br />

ومنھا؛ ما ھو من المعاصي غیر المكفرة،‏ التي لا تخرج صاحبھا من<br />

دائرة الإسلام إلا أن یستحلھا،‏ كالزنى والسرقة وشرب الخمر ونحوھا.‏<br />

ولا نقول:‏ ‏"لا یضر مع الإیمان ذنب"،‏ بل من الذنوب ما ینقص<br />

الإیمان،‏ ومنھا ما ینقضھ،‏ ونبرأ من أقوال المرجئة المؤدیة إلى التكذیب<br />

بآیات الوعید،‏ وأحادیثھ الواردة في حق العصاة من ھذه الأمة،‏ أو في حق<br />

الكفار والمشركین والمرتدین.‏<br />

ونؤمن بأن المیثاق الذي أخذه الله تعالى من آدم وذریتھ؛ حق،‏ وأنھ<br />

سبحانھ خلق عباده حنفاء فاجتالتھم شیاطین الجن والإنس عن دینھم،‏<br />

وشرعت لھم ما لم یأذن بھ الله،‏ وأن المولود یولد على الفطرة،‏ فأبواه<br />

یھودانھ أو ینصرانھ أو یمجسانھ أو یشركانھ.‏<br />

ولذلك نعتقد أن كل من دان بغیر دین الإسلام فھو كافر،‏ سواء بلغتھ<br />

الرسالة أو لم تبلغھ،‏ فمن بلغتھ؛ فھو كافر معاند أو كافر معرض،‏ ومن لم<br />

تبلغھ؛ فھو كافر جاھل،‏ فللكفر درجات،‏ كما أن للإیمان درجات.‏<br />

ومع ھذا؛ فلم یكتف الله تعالى بحجة المیثاق والفطرة على عباده،‏<br />

فأرسل إلیھم الرسل یذكرونھم بالمیثاق الذي أخذه الله علیھم،‏ وأنزل علیھم<br />

كتبھ وجعل آخرھا كتابھ المھیمن علیھا ‏"القرآن الكریم"،‏ الذي لا یأتیھ<br />

الباطل من بین یدیھ ولا من خلفھ،‏ وحفظھ من التبدیل،‏ وجعلھ حجة بالغة<br />

واضحة قائمة على كل من بلغھ،‏ فقال:‏ ‏{وَ‏ أُوحِ‏ يَ‏ إِلَي َّ ھَذَا القُرآنُ‏ لأُنْذِرَ‏ كُم بِ‏ ‏ِھ<br />

وَ‏ مَنْ‏ بَلَغَ}‏ ‏[الأنعام:‏ 19]، فدین الله في الأرض والسماء واحد ھو دین<br />

الإسلام.‏<br />

قال تعالى:‏ إِن َّ الدّ‏ ‏ِینَ‏ عِنْدَ‏ اللهِ‏ الإِسْلامُ‏ { ‏[آل عمران:‏<br />

تعالى:‏ ‏{وَ‏ رَ‏ ضِ‏ یتُ‏ لَكُمُ‏ الإِسْلامَ‏ دِیْنَاً}‏ ‏[المائدة:‏ 3]، فنحن ندین بھ،‏ ونبرأ من<br />

كل ما خالفھ،‏ ونكفر بكل ما ناقضھ وعارضھ من المناھج الكافرة والملل<br />

19]، وقال<br />

(23)<br />

منبر التوحید والجھاد


ھذه عقیدتنا<br />

الباطلة والمذاھب الفاسدة،‏ ومن ذلك بدعة العصر الكفریة ‏"الدیمقراطیة"،‏<br />

فمن اتبعھا وابتغاھا فقد ابتغى غیر الإسلام دیناً،‏ قال تعالى:‏ ‏{وَ‏ مَنْ‏ یَبْتَغِ‏ غَیْرَ‏<br />

الإِسْلامِ‏ دِینَاً‏ فَلَنْ‏ یُقْبَلَ‏ مِنْھُ‏ وَ‏ ھُوَ‏ فِي الآخِ‏ رَ‏ ةِ‏ مِنَ‏ الخَاسِرِ‏ ی ‏َن}‏ ‏[آل عمران:‏<br />

.[85<br />

ولذا نكفّ‏ ‏ِر من شرّ‏ ع مع الله وفقاً‏ لدین الدیمقراطیة تشریع الشعب<br />

للشعب كما نكفر من اختار أو وكّل وأناب عن نفسھ مشرّ‏ عاً،‏ لأنھ قد<br />

ابتغى غیر الله حكماً‏ ورباً‏ ومشرّ‏ عاً،‏ قال تعالى:‏ ‏{أَمْ‏ لَھُمْ‏ شُرَ‏ كَاءُ‏ شَرَ‏ عُوا لَھُم<br />

مِنَ‏ الدّ‏ ‏ِینِ‏ مَا لَمْ‏ یَأذَن بِھِ‏ اللهُ‏ 21]، وقال سبحانھ:‏ ‏{ات َّخَذُوا<br />

أَحْبَارَ‏ ھُمْ‏ وَ‏ رُ‏ ھْبَانَھُمْ‏ أَرْ‏ بَابَاً‏ مِنْ‏ دُونِ‏ اللهِ...‏ الآیة}‏ ‏[التوبة:‏<br />

-<br />

.[31<br />

{ ‏[الشورى:‏<br />

-<br />

ومع ھذا؛ فنحن لا نكفر عموم الناس المشاركین في الانتخابات،‏ إذ<br />

لیس جمیعھم یبتغون في مشاركتھم فیھا أرباباً‏ مشرّ‏ عین،‏ بل منھم من یقصد<br />

إلى اختیار نواباً‏ للخدمات الدنیویة والمعیشیة،‏ وھذا أمر عم َّت بھ البلوى،‏<br />

واختلفت فیھ مقاصد المنتخبین الذین لا یباشرون ولا یمارسون التشریع<br />

كالنواب،‏ ولذلك فنحن لا نبادر إلى تكفیر أعیانھم كما نكفر أعیان النواب<br />

المباشرین للكفر البواح من تشریع ونحوه.‏<br />

ونقول:‏ إن المشاركة في الانتخابات التشریعیة عمل كفري...‏ ولا<br />

نكفر بالعموم،‏ بل نفرّ‏ ق بین مقارفة الإنسان لعمل مكفر،‏ وبین تنزیل حكم<br />

الكفر علیھ،‏ والذي یلزم فیھ إقامة الحجة إذا أشكلت الأمور،‏ والتبست<br />

الأحوال،‏ وورد احتمال انتفاء القصد في مثل ھذه الأبواب (12) .<br />

ولا نطلق مقولة:‏ ‏"ولا نكفر أحداً‏ من أھل القبلة بذنب"،‏ بل نقیدھا<br />

بزیادة:‏ ‏"غیر مكفر ما لم یستحلھ"،‏ فلا نكفر بمطلق المعاصي والذنوب.‏<br />

ونسمي أھل قبلتنا؛ مسلمین مؤمنین،‏ والأصل فیھم عندنا الإسلام ما لم<br />

یأت أحدھم بناقض ولم یمنع من تكفیره مانع.‏<br />

ولا نقول بخلود أھل الكبائر من أمة محمد علیھ الصلاة والسلام في<br />

النار إن ماتوا وھم موحدین،‏ حتى وإن لم یكونوا من ذنوبھم تائبین،‏ خلافاً‏<br />

للخوارج ومن تابعھم من غلاة المكفرة،‏ بل نقول؛ ھم إلى مشیئة الله<br />

وحكمھ،‏ إن شاء سبحانھ غفر لھم وعفا عنھم بفضلھ،‏ كما ذكر تعالى:‏<br />

‏{وَ‏ یَغفِرُ‏ مَا دُوْ‏ نَ‏ ذَلِكَ‏ لِمَن یَشَاءُ}‏ ‏[النساء:‏ 48]، وإن شاء عذبھم بعدلھ،‏ ثم<br />

یخرجون من النار برحمتھ،‏ أو بشفاعة النبي علیھ الصلاة والسلام التي<br />

ادخرھا لأمتھ،‏ او بشفاعة من یرتضي الله شفاعتھ من أھل طاعتھ.‏<br />

فنحن وسط بین المرجئة والخوارج في باب الوعد والوعید،‏ ووعده<br />

ووعیده حق كلھ.‏<br />

12<br />

وقد فصلنا ذلك في رسالتنا الثلاثینیة في التحذیر من أخطاء التكفیر.‏<br />

(24)<br />

منبر التوحید والجھاد


ھذه عقیدتنا<br />

والأخوّ‏ ة الإیمانیة؛ ثابتة لعموم أھل القبلة مع المعاصي والكبائر،‏ كما<br />

نص الله تعالى على ذلك في الكتاب فقال:‏ ‏{إِن َّمَا المُؤْ‏ مِنُونَ‏ إِخْوَ‏ ةٌ‏ فَأَصْلِحُوا<br />

بَیْنَ‏ أَخَوَ‏ یْكُمْ}‏ ‏[الحجرات:‏ 10]، وقال:‏ ‏{فَمَنْ‏ عُفِيَ‏ لَھُ‏ مِنْ‏ أَخِ‏ یھِ‏ شَيءٌ‏ فاتّ‏ ‏ِبَا ‏ٌع<br />

بِالمَعْرُ‏ وفِ‏ { ‏[البقرة:‏ 178]، فلا نسلب الفاسق الملي الإسلام بالكلیة كما<br />

تقول الخوارج ولا نُخَلّده في النار كما تقول المعتزلة ولا ننفي عنھ<br />

مطلق الإیمان ولا نصفھ بالإیمان المطلق،‏ بل نقول؛ ھو مؤمن ناقص<br />

الإیمان،‏ أو مؤمن بإیمانھ،‏ فاسق بكبیرتھ.‏<br />

-<br />

-<br />

-<br />

-<br />

ونرجو للمحسین من المؤمنین أن یعفوَ‏ الله عنھم ویدخلھم الجنة<br />

برحمتھ،‏ ولا نأمن علیھم،‏ ولا نشھد لأحد منھم بالجنة أو النار إلا َّ من شھد<br />

لھ رسول الله صلى الله علیھ وسلم وأخبر عنھ بذلك ونستغفر لمسیئھم،‏<br />

ونخاف علیھم،‏ ولا نُقَنّطھم،‏ والأمن والإیاس ینقلان عن ملة الإسلام،‏<br />

وسبیل أھل الحق - جعلنا الله منھم بینھما.‏<br />

-<br />

-<br />

-<br />

-<br />

ونرحم عوام المسلمین من أھل القبلة،‏ ولا نكلفھم فوق طاقتھم،‏ فلا<br />

نشترط للحكم بإسلامھم أن یعرفوا نواقض الإسلام أو یحفظوا ویعددوا<br />

شروط ‏"لا إلھ إلا الله"،‏ بل یُحكم لھم بالإسلام بتحقیق أصل التوحید<br />

واجتناب الشرك والتندید ما لم یتلبسوا بناقض<br />

–<br />

ونراعي شروط التكفیر وننظر في موانعھ،‏ كما ننظر بعین الاعتبار<br />

إلى واقع الاستضعاف الذي یعیشونھ في ظل غیاب سلطان الإسلام وحكمھ<br />

ودولتھ،‏ وما نجم من جھل وما عمّ‏ من شبھات لقلة العلم وذھاب العلماء<br />

الربانیین.‏<br />

وعلى ھذا؛ فنحن لا نبرأ من عصاة المؤمنین كبراءتنا من الكفار<br />

والمشركین والمرتدین،‏ بل عصاة المؤمنین داخل دائرة الموالاة الإیمانیة،‏<br />

لا نخرجھم منھا ما داموا مسلمین،‏ وإنما نبرأ من معاصیھم وفسوقھم<br />

وعصیانھم،‏ ولا نعاملھم معاملة الكفار.‏<br />

-<br />

-<br />

ولا نُكفّر كل من عمل عند حكومات الكفر منھم كما ھو شأن غلاة<br />

المكفرة وإنما نكفّر من كان في عملھ نوع من أنواع الكفر أو الشرك،‏ من<br />

مشاركة في التشریع الكفري،‏ أو الحكم الطاغوتي،‏ أو تولّ‏<br />

والكفار،‏ أو مظاھرتھم على الموحدین.‏<br />

ٍ للمشركین<br />

ونُفصّل في العمل عند الكفار،‏ ولا نقول بأنھ كفر كلھ أو حرام،‏ بل من<br />

ذلك ما ھو كفر،‏ ومنھ ما ھو حرام،‏ ومنھ ما ھو دون ذلك،‏ وكل وظیفة<br />

بحسبھا.‏<br />

ولا نحكم في أحكام الدنیا إلا بالظاھر الذي لیس لنا الحكم إلا بھ،‏ والله<br />

یتولى السرائر ویحاسب علیھا،‏ فلیس لنا أن نشق عن قلوب الناس،‏ ولا عن<br />

بطونھم.‏<br />

(25)<br />

منبر التوحید والجھاد


ھذه عقیدتنا<br />

-<br />

-<br />

ونتحرز كما تحرز علماؤنا الأبرار في تكفیر أھل التأویل،‏<br />

خصوصاً‏ إذا كان الاختلاف لفظیاً‏ أو في المسائل العلمیة التي یعذر فیھا<br />

المخالف بالجھل.‏<br />

ولیس من منھجنا التعجل في التكفیر،‏ أو التعجل بترتیب آثاره دون<br />

تثبّت أو تبیّن،‏ ‏"فإن استباحة دماء المصلین الموحدین خطر عظیم،‏ والخطأ<br />

في ترك ألف كافر،‏ أھون من الخطأ في سفك محجمة من دم مسلم<br />

واحد"‏ (13) .<br />

ونفرق في أبواب التكفیر بین كفر النوع أو العمل المكفر،‏ وبین كفر<br />

المعین،‏ وأنھ قد یصدر عن المرء كفر ولا یلزمھ حكمھ ولا اسمھ،‏ إن اختل<br />

شرط،‏ أو قام مانع من موانع التكفیر،‏ ونعتقد أن من دخل الإسلام بیقین؛<br />

فإنھ لا یجوز أن یخرج منھ بالشك أو التخرّ‏ ص،‏ فما ثبت بیقین لا یزول<br />

بالشك.‏<br />

والبدع؛ لیست كلھا على مرتبة واحدة بل منھا ما ھو من البدع<br />

المكفرة،‏ ومن ذلك بدعة ‏"الدیمقراطیة"،‏ ومتابعة وابتغاء غیر الله مشرعاً،‏<br />

من الأرباب المتفرقین،‏ ومن البدع ما ھو دون ذلك،‏ فلا یصل إلى الكفر.‏<br />

ونعتقد أن قاعدة:‏ ‏"من لم یكفر الكافر فھو كافر"؛ إنما استعملھا أئمتنا<br />

للتغلیظ والتنفیر من بعض أنواع الكفر،‏ ولم یستعملوا فیھا التسلسل البدعي<br />

الذي أحدثھ غلاة المكفرة،‏ وأنھا لیست على إطلاقھا،‏ وإنما فیمن كذّب أو ردّ‏<br />

بعدم تكفیره للكافر نصاً‏ قطعي الدلالة قطعي الثبوت.‏<br />

أما من لم یُكفّ‏ ‏ِر مَن ثبت عندنا تكفیره،‏ لكن یحتاج في إنزال الكفر على<br />

عینھ إلى نظر في الشروط والموانع والأدلة الشرعیة كالحكام بغیر ما<br />

أنزل الله وعساكرھم مثلاً‏ فمن توقف في إنزال الكفر على أعیانھم لشبھات<br />

نصیة عنده،‏ فھذا لا تنطبق علیھ القاعدة المذكورة،‏ إذ ھو لم یكذب نصاً‏<br />

شرعیاً‏ ولا رده،‏ وإنما لم یقدر على التوفیق بین الأدلة،‏ أو قدم دلیلاً‏ على<br />

غیره،‏ أو نحو ذلك مما قد یقع فیھ من قصّر في علوم الآلة والاجتھاد،‏ فھذا<br />

لیس بكافر عندنا ما دام خلافھ معنا بالألفاظ والأسماء،‏ إلا أن یؤدي بھ ذلك<br />

إلى الدخول في دین الكفار أو نصرتھ،‏ أو إلى تولیھم ومظاھرتھم على<br />

الموحدین.‏<br />

-<br />

-<br />

ونعتقد أن اتباع المتشابھ وترك المحكم؛ علامة من علامات أھل<br />

البدع،‏ وأن طریقة الراسخین في العلم من أھل السنة ؛ أن یردوا المتشابھ إلى<br />

المحكم.‏<br />

13<br />

أصل ھذه الجملة النفیسة من كتاب الشفا للقاضي عیاض 277/2. نقلھا عن العلماء<br />

المحققین وللغزالي مثلھا.‏<br />

(26)<br />

منبر التوحید والجھاد


ھذه عقیدتنا<br />

ولا نكفر بالمآل،‏ أو بلازم القول،‏ فلازم المذھب لیس عندنا بمذھب،‏<br />

كما أننا لا نكفر مخالفینا ومن بغى علینا من مرجئة العصر ونحوھم من<br />

المبتدعة الذین لا تصل بدعتھم إلى الكفر،‏ ما دام تخلیطھم وخلافھم معنا<br />

لفظیاً،‏ كالاختلاف المجرّ‏ د في مسمى الإیمان أو الكفر وتعریفھما.‏<br />

ولا نكفرھم وإن افتروا علینا،‏ وقوّ‏ لونا ما لم نقلھ،‏ أو نسبوا إلینا ما<br />

نحن منھ برآء،‏ فلا نعصي الله فیھم وإن عصوا الله فینا،‏ ولا نكفرھم<br />

لإرجائھم إن كان من جنس إرجاء الفقھاء ما دام خلافھم معنا لفظیاً،‏ فلا<br />

نكفرھم إلا أن یؤدي بھم إرجاؤھم إلى ترك التوحید والفرائض،‏ أو إلى<br />

الكفر أو الشرك وتسویغھ،‏ أو إلى تولي الطواغیت ونصرتھم،‏ أو المشاركة<br />

في تشریعھم،‏ أو مظاھرتھم على الموحدین.‏<br />

ونبغض جماعات الإرجاء التي میّعت الدین،‏ وشاركت أو سوّ‏ غت<br />

المشاركة في الحكم بغیر ما أنزل الله،‏ أو التشریع مع الله من خلال<br />

الدیمقراطیة،‏ أو إظھار النصرة للمرتدین،‏ ونبرأ من طریقتھا،‏ ونعتبرھا<br />

جماعات بدع وضلالة،‏ قد ضلوا وأضلوا عن سواء السبیل،‏ ونرى أن<br />

رؤوسھا من الدعاة على أبواب جھنم،‏ ومع ھذا؛ فنحن لا نكفر من ھذه<br />

الجماعات إلا من قارف الكفر منھم أو نصره أو سوّ‏ غھ أو ظاھر أھلھ على<br />

الموحدین،‏ ولا نكفرھم بالعموم.‏<br />

ونحفظ لعلمائنا العاملین حقھم،‏ وكذلك دعاتنا المجاھدین،‏ الذین یبلغون<br />

رسالات الله ویخشونھ ولا یخشون أحداً‏ إلا الله.‏<br />

وتقرّ‏ أعیننا بطلب العلم الشرعي،‏ ونحب طلبتھ،‏ ونبغض أھل الرأي،‏<br />

وأصحاب البدع،‏ وأصحاب الكلام الذین یقدمون العقول على النقول،‏ أو<br />

یقدمون استصلاحاتھم واستحساناتھم على نصوص الوحي.‏<br />

ونبغض مدارس الطواغیت وندعو إلى اجتنابھا،‏ ولا نكفر من شارك<br />

فیھا دراسة أو تدریساً،‏ إلا أن یباشر ویشارك في كفر أو یسوغھ أو یدعو<br />

إلیھ،‏ ولا نمانع من تعلم العلم الدنیوي المفید إن سلم من المحظور،‏ ولا ندعو<br />

إلى ترك الأسباب،‏ ونحث على تربیة الذراري على التوحید،‏ وتبصیرھم<br />

بأمر دینھم ودنیاھم؛ لیكونوا لدین الله جنداً‏ صادقین وأنصاراً‏ عاملین.‏<br />

دار الكفر ودار الإسلام وقاطنیھا<br />

(27)<br />

منبر التوحید والجھاد


ھذه عقیدتنا<br />

ونقول بقول الفقھاء عن الدار إذا علتھا أحكام الكفر وكانت الغلبة فیھا<br />

للكفار وشرائعھم؛ إنھا دار كفر.‏<br />

ولكننا نعتقد؛ بأن ھذا اصطلاح لا دخل لھ في الحكم على قاطني<br />

الدیار في ظل غیاب دولة الإسلام وسلطانھ،‏ وتغلب المرتدین وتسلطھم<br />

على أزمة الحكمة في بلاد المسلمین،‏ فإن ھذا المصطلح یطلق على الدار<br />

إذا علتھا أحكام الكفر،‏ وإن كان أكثر أھلھا مسلمین،‏ كما یطلق مصطلح<br />

‏"دار الإسلام"‏ على الدار التي علتھا أحكام الإسلام،‏ وإن كان أكثر أھلھا<br />

كفار ، ما داموا خاضعین لحكم الإسلام ذمة<br />

-<br />

–<br />

فلا نؤصل على ھذه المصطلحات أصولاً‏ فاسدة،‏ كما یفعل غلاة<br />

المكفرة،‏ كمقولة؛ ‏"الأصل في الناس الیوم الكفر مطلقاً"،‏ ولا نتبنى شیئاً‏ من<br />

ذلك،‏ بل نعامل كل امرىء بما ظھر منھ ونكل سرائرھم إلى الله،‏ فنعامل من<br />

أظھر الإسلام بھ،‏ ونحكم علیھ بالإسلام،‏ ونقول إن الأصل فیمن أظھر<br />

شرائع الإسلام؛ الإسلام،‏ ما لم یتلبّس بناقض،‏ وكذلك نعامل من أظھر الكفر<br />

والشرك،‏ وتولى المشركین وظاھرھم على الموحدین؛ بما أظھر،‏ حتى<br />

یؤمن با‏ وحده،‏ ویوحّد في عبادتھ،‏ وینخلع عما ھو فیھ من كفر ویبرأ منھ.‏<br />

وحلق اللحى أو التشبھ بالكفار ونحوه من المعاصي مما عمت بھ<br />

البلوى وانتشر في ھذا الزمان؛ لا یصلح وحده أدلة للتكفیر،‏ فلیست ھذه<br />

أسباباً‏ صریحة للتكفیر،‏ فلا نستحل بمثلھا الدماء والأموال كما یفعل غلاة<br />

المكفرة ‏"فإن استباحة دماء المصلین الموحدین خطر عظیم،‏ والخطأ في<br />

ترك ألف كافر أھون من الخطأ في سفك محجمة من دم مسلم".‏<br />

-<br />

–<br />

الصلاة<br />

ونرى الصلاة خلف كل بر وفاجر من أھل القبلة،‏ وعلى من مات<br />

منھم،‏ ما لم یتلبسوا بناقض ظاھر،‏ ویمنع من تكفیرھم مانع.‏<br />

(28)<br />

منبر التوحید والجھاد


ٍ<br />

ھذه عقیدتنا<br />

ولا ننزل أحداً‏ منھم جنة ولا ناراً.‏<br />

ولا نشھد علیھم؛ بكفر ولا بشرك ولا بنفاق،‏ ما لم یظھر منھم شيء<br />

من ذلك.‏<br />

ونواب<br />

الطواغیت (14)<br />

-<br />

في الصلاة عندنا ما بین:‏<br />

متولّ‏ لھم؛ فھو كجندھم وعساكرھم في نصرتھم،‏ أو مسوِّغ<br />

لدیمقراطیتھم مدافع مناصر لشركھم،‏ فھؤلاء لا نرى الصلاة خلفھم،‏ لأنھم<br />

منھم ولیسوا منا بل ننھى عنھا،‏ ونأمر بإعادتھا لمن صلى خلفھم،‏ ‏{وَ‏ لَنْ‏<br />

یَجْعَلَ‏ اللهُ‏ لِلكَافِرِ‏ ینَ‏ عَلَى المُؤْ‏ مِنِینَ‏ سَبِیلا ً} ‏[النساء:‏<br />

.[141<br />

-<br />

-<br />

أو مداھن مكثر لسواد أوقافھم وولایتھم الباطلة لأجل المعیشة<br />

والدنیا؛ فلا تبطل الصلاة خلفھ،‏ وحكم الصلاة خلف ھؤلاء؛ كحكم الصلاة<br />

خلف أھل الفسق وأصحاب البدع غیر المكفرة،‏ فنحن نكرھھا ولا نبطلھا،‏<br />

والصلاة خلف أھل السنة والتوحید المظھرین للسنة والبراءة من أھل<br />

الشرك والتندید أحب إلینا.‏<br />

-<br />

-<br />

-<br />

والدعاء للحكام والسلاطین كفارً‏ ا كانوا أم مسلمین من بدع الجمعة<br />

عندنا،‏ وعلامة على الدخول في طاعتھم،‏ ونحن نكرھھا وننكرھا،‏ والصلاة<br />

خلف من یتركھا من أھل السنة أحب إلینا،‏ ولا نبطل الصلاة بسببھا،‏ ولا<br />

نرى إعادتھا،‏ إلا أن یكون الدعاء صریحاً‏ بالنصرة للطواغیت أو لدینھم<br />

الشركي،‏ فحكمھم حكم أنصارھم وأجنادھم،‏ فالنصرة باللسان صنو النصرة<br />

بالسنان.‏<br />

ونعتقد أن العالم إذا بایع الطاغوت المشرّ‏ ع أو الحاكم الكافر،‏ فأعطاه<br />

صفقة یده وثمرة فؤاده،‏ أو نصره وتولاه ودار معھ في الفتوى حیث دار؛<br />

بأنھ كافر مرتد.‏<br />

أما من تولى المناصب في حكومات الكفر من العلماء والمشایخ؛ فكل<br />

حسب منصبھ.‏<br />

إن كان فیھ كفر أو إعانة على كفر أو مشاركة في التشریع الكفري<br />

أو نصرة ومظاھرة للمشركین على الموحدین؛ فھذا كافر عندنا،‏ وما طول<br />

لحیتھ أو عظم لقبھ وشھادتھ وعمامتھ،‏ بموانع للتكفیر عندنا.‏<br />

وإن لم یكن في منصبھ شيء من ذلك لكن كان فیھ تكثیر لسواد<br />

الباطل وتلبیس للحق بھ؛ فھؤلاء من الرؤوس الجھال الذین ضلوا وأضلوا.‏<br />

14<br />

لیس المقصود بالنواب ھنا نواب البرلمانات المشرعین مع الله،‏ فھؤلاء كفار لا<br />

تجوز الصلاة خلفھم،‏ ولا نعمة ولا كرامة،‏ ولكن المقصود بذلك أئمة المساجد،‏<br />

التابعین لوزارات الأوقاف،‏ الذین أنابتھم الحكومات الطاغوتیة لإمامة المسلمین.‏<br />

(29)<br />

منبر التوحید والجھاد


ھذه عقیدتنا<br />

الجھاد والخروج<br />

والجھاد ماض مع كل طائفة من المسلمین،‏ وللمرء أن یجاھد وحده أو<br />

مع الأمراء بَرّ‏ ھم وفاجرھم إلى قیام الساعة،‏ ولا تجوز طاعتھم في معصیة<br />

الله،‏ لكن یجوز أن نقاتل من كفر با‏ مع من عصى الله عند الحاجة،‏ من<br />

باب دفع أعظم المفسدتین بأدناھما.‏<br />

لكن الجھاد تحت الرایة السنّیة الفاضلة؛ أحب عندنا وأولى وأوجب،‏<br />

والجھاد فریضة من الفرائض،‏ لا یعطلھ فقد إمام ولا انعدام دولة الإسلام.‏<br />

ولا نرى السیف على أحد من أھل القبلة الموحدین،‏ إلا من وجب علیھ<br />

السیف منھم بالدلیل القطعي،‏ والعصمة ثابتة لھم بیقین،‏ فلا تزول إلا بیقین،‏<br />

‏"فاستباحة دماء المصلین الموحدین خطر عظیم،‏ والخطأ في ترك ألف كافر<br />

أھون من الخطأ في سفك محجمة من دم مسلم<br />

."<br />

(30)<br />

منبر التوحید والجھاد


ھذه عقیدتنا<br />

-<br />

-<br />

-<br />

-<br />

-<br />

ولا نرى الخروج على أئمة المسلمین وأمرائھم وولاة أمرھم<br />

المسلمین وإن جاروا،‏ ولا ننزع یداً‏ من طاعتھم،‏ ما أمروا بالمعروف،‏<br />

ونرى طاعتھم واجبة ما لم یأمروا بمعصیة،‏ وندعو لھم بالھدایة والصلاح.‏<br />

ونرى وجوب الخروج على أئمة الكفر من الحكام الكفرة المتسلطین<br />

على رقاب المسلمین،‏ وأنھم ارتدوا عن الدین؛<br />

بتبدیلھم الشریعة.‏<br />

والتشریع مع الله.‏<br />

والتحاكم إلى طواغیت الشرق والغرب.‏<br />

وتولي أعداء الله.‏<br />

ومعاداة دینھ وأولیائھ.‏<br />

وأن الدعوة والعمل وبذل الجھد لأجل تغییرھم؛ فرض على المسلمین،‏<br />

كل بحسب استطاعتھ،‏ ومن عجز عن حمل السلاح،‏ لم یعجز عن نصرة من<br />

حملھ ولو بالدعاء.‏<br />

وأن الإعداد المادي والمعنوي لذلك واجب من واجبات الدین.‏<br />

ونعتقد؛ أن قتالھم أولى من قتال غیرھم،‏ لأن كفر الردة أغلظ<br />

بالإجماع من الكفر الأصلي،‏ ولأن حفظ رأس المال مقدّم على الربح،‏ ولأن<br />

جھاد الدفع مقدم على جھاد الطلب،‏ ولأن البداءة بجھاد من یلوننا من الكفار<br />

أولى من جھاد من ھم أبعد.‏<br />

وأیضاً‏ فما مكّن للیھود ولا للنصارى ولا لغیرھم من الكفار في بلاد<br />

المسلمین وجعل أموال المسلمین وبلادھم نھبة لھم؛ إلا ھؤلاء المرتدین.‏<br />

-<br />

ونرى أن المعطلین لجھادھم بشبھات متھافتة كدعوى عدم الھجرة<br />

أو التمایز،‏ أو عدم وجود الإمام القوام على أھل الإسلام ھم أھل جھالة<br />

وضلالة،‏ قد أفتوا بغیر علم فضلّوا وأضلّوا،‏ وخذلوا الدین وخذّلوا عن<br />

نصرتھ.‏<br />

-<br />

بل نعتقد؛ أن قتالھم على كل حال وخلعھم وتغییرھم حتى یكون الدین<br />

كلھ ‏؛ من أوجب الواجبات،‏ والھجرة اللازمة لذلك إنما ھي الھجرة إلى الله<br />

بالتوحید،‏ والھجرة إلى رسولھ صلى الله علیھ وسلم بالمتابعة .<br />

والإعداد الجاد والمتكامل لمثل ھذا العمل ؛ واجب عندنا،‏ وھو أولى<br />

من الأعمال الفردیة والجھود المبعثرة.‏<br />

(31)<br />

منبر التوحید والجھاد


ھذه عقیدتنا<br />

وإذا كان القیام علیھم والسعي لتغییرھم لا یجب إلا على المستطیع،‏<br />

فشرط الوجوب لیس شرطاً‏ للجواز،‏ فیجوز أن یقاتلھم المرء ولو وحده،‏<br />

وإن أیقن الشھادة وعدم الظفر،‏ فالجھاد عبادة وفریضة مشروعة إلى قیام<br />

الساعة لا یبطلھا شيء،‏ فیجوز بذلھا في كل وقت،‏ كالصدقة في نسبتھا إلى<br />

الزكاة.‏<br />

فالجھاد ھو المدرسة التي تتربى من خلالھا القاعدة العریضة وتترسخ<br />

بھا الأساطین المتینة التي علیھا قوام ھذا الدین.‏<br />

الطائفة المنصورة<br />

ونؤمن بما أخبر بھ النبي علیھ الصلاة والسلام عن الطائفة<br />

المنصورة،‏ حیث قال:‏ ‏(لا تزال طائفة من أمتي یقاتلون على الحق ظاھرین<br />

إلى یوم القیامة)،‏ قال:‏ ‏(فینزل عیسى بن مریم علیھ السلام،‏ فیقول أمیرھم:‏<br />

تعال ِ صَلّ‏ لنا فیقول : لا إن بعضكم على بعض أمراء تكرمة الله لھذه الأمة)،‏<br />

‏[رواه مسلم عن جابر مرفوعاً].‏<br />

وقال:‏ ‏(لا تزال عصابة من أمتي یقاتلون على أمر الله عز وجل<br />

قاھرین لعدوھم،‏ لا یضرھم من خالفھم حتى تأتیھم الساعة وھم على ذلك)‏<br />

‏[رواه مسلم عن عقبة بن عامر مرفوعاً].‏<br />

وعن سلمة بن نفیل الكندي رضي الله عنھ قال:‏ ‏(كنت جالساً‏ عند<br />

رسول الله صلى الله علیھ وسلم فقال رجل:‏ یا رسول الله أذال الناس الخیل<br />

ووضعوا السلاح!‏ وقالوا:‏ لا جھاد قد وضعت الحرب أوزارھا،‏ فأقبل<br />

رسول الله علیھ الصلاة والسلام بوجھھ وقال:‏ ‏"كذبوا،‏ الآن جاء دور القتال،‏<br />

ولا یزال من أمتي أمة یقاتلون على الحق،‏ ویزیغ الله لھم قلوب أقوام،‏<br />

ویرزقھم منھم،‏ حتى تقوم الساعة،‏ وحتى یأتي وعد الله،‏ والخیل معقود<br />

بنواصیھا الخیر إلى یوم القیامة،‏ وھو یوحى إلي أني مقبوض غیر ملبث<br />

وأنتم تتبعوني أفناداً‏ یضرب بعضكم رقاب بعض،‏ وعقر دار المؤمنین<br />

الشام")‏ ‏[حدیث صحیح،‏ رواه أحمد والنسائي].‏<br />

(32)<br />

منبر التوحید والجھاد


ھذه عقیدتنا<br />

فھي طائفة تمثل أنصار ھذا الدین في كل زمان،‏ وھي طائفة مجاھدة<br />

مقاتلة،‏ تسعى لنصرة دین الله من كل وجوه النصرة...‏ فنسأل الله تعالى أن<br />

یجعلنا من أھلھا وأن یختم لنا بالشھادة في سبیلھ.‏<br />

وبعد...‏<br />

فھذا دیننا واعتقادنا،‏ ظاھراً‏ وباطناً،‏ دیناً‏ وسطاً‏ بین الغلو والتقصیر،‏<br />

وبین التشبیھ والتعطیل،‏ وبین الجبر والقدر،‏ وبین الأمن والإیاس،‏ لا إلى<br />

أھل الإفراط ولا إلى أھل التفریط.‏<br />

نبرأ إلى الله من كل دین وملة ونحلة سواه،‏ ونسألھ تعالى أن یثبتنا<br />

على الإیمان،‏ وأن یختم لنا بھ،‏ وأن یعصمنا من الأھواء المختلفة والآراء<br />

المتفرقة والمذاھب الردیة.‏<br />

وصلى الله وسلم على نبینا محمد وعلى آلھ وصحبھ أجمعین<br />

وكتب<br />

أبو محمد المقدسي<br />

جمادى الآخرة<br />

من ھجرة المصطفى علیھ الصلاة<br />

والسلام<br />

/ سنة 1418<br />

(33)<br />

منبر التوحید<br />

منبر التوحید والجھاد والجھاد<br />

* * *<br />

http://www.tawhed.ws<br />

http://www.almaqdese.net


ھذه عقیدتنا<br />

(34)<br />

منبر التوحید والجھاد

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!