You also want an ePaper? Increase the reach of your titles
YUMPU automatically turns print PDFs into web optimized ePapers that Google loves.
يأب<br />
ھذه<br />
عقدیتنا<br />
للشیخ<br />
محمد المقدسي<br />
منبر التوحید<br />
والجھاد<br />
* * *<br />
http://www.tawhed.ws<br />
http://www.almaqdese.net<br />
http://www.alsunnah.info<br />
http://www.abu-qatada.com<br />
http://www.mtj.tw
ھذه عقیدتنا<br />
بسم الله الرحمن الرحیم<br />
الحمد رب العالمین، الرحمن الرحیم، مالك یوم الدین، والصلاة<br />
والسلام على خاتم الأنبیاء والمرسلین، وعلى آلھ وأصحابھ أجمعین.<br />
وبعد...<br />
-<br />
فھذا مختصر لما نعتقده، وندین الله بھ في أھم أبواب الدین... كتبتھ في<br />
سجني بعد أن بلغني أن أناساً ینسبون إلینا، ویقوّ لوننا ما لم نقلھ في یوم من<br />
الأیام، خصوصاً في أبواب الكفر والإیمان.<br />
ولم أكن من قبل مھتماً بالكتابة في مثل ھذا الموضوع، وذلك لأن<br />
علماءنا قد كَفَوْ ا فیھ ووَ ف ُّوا، ولأن طالب الحق المنصف بإمكانھ التعرف إلى<br />
أقوالنا من كتاباتنا المفصّلة، إلى أن طلب مني ذلك بعض إخوة التوحید ممن<br />
كان یصلنا ویتردّد على زیارتنا في السجن، وذلك بعد أن التقى بأُناس لم<br />
یتبینوا أقوالنا في بعض أبواب الكفر والإیمان.<br />
فبادرت وأجبت ذلك الأخ الفاضل إلى طلبھ من باب ضبط المسائل،<br />
والتعریف بمجمل وأھم ما نعتقده ونؤمن بھ، لعلي أن أسدّ بذلك الباب على<br />
من یبحث عن صید شارد في بعض العمومات، أو یقوّ لنا ما لم نقلھ، أو<br />
ینسب إلینا ویُلزمنا بما لیس ھو من مذھبنا.<br />
خصوصاً وأنني أعرف أن بعض كتاباتنا یتداولھا كثیر من المبتدئین<br />
في طلب العلم الذین قد تختلط علیھم بعض المسائل؛ خصوصاً عند بعض<br />
الإطلاقات أو العمومات التي قد یقرؤونھا في كتاباتنا الدعویة التي نخاطب<br />
في كثیر منھا الطواغیب وأمثالھم من المشرعین وأولیائھم من عساكر<br />
الشرك والتندید ونحوھم ممن أمر الله تعالى بترھیبھم والإغلاظ علیھم.<br />
تأویل.<br />
-<br />
-<br />
فربما أبقینا بعض<br />
نصوص الوعید المطلقة على ظاھرھا دون<br />
أو أطلقنا أحكاماً عن نوع العمل فلم ِ یفرّ ق من قص َّر في طلب العلم<br />
بین ذلك وبین تنزیل الحكم على الأعیان.<br />
أو أبقینا بعض الإطلاقات على ظاھرھا دون تفصیل أو تأویل<br />
لیكون ذلك أدعى لزجر المخاطَبین الذین دأبھم البحث عن الرخص<br />
والمخارج التي تھون لھم الموبقات.<br />
وذلك تأسّیاً بطریقة كثیر من السلف في إطلاق نصوص الوعید كما<br />
أطلقھا الله تعالى، وإمرارھا دون خوض في تأویلھا، لتكون أدعى للزجر<br />
كما أرادھا الله تعالى، فإن معصیةً قَرن الله اللعنة بھا لیست كغیرھا، وإن<br />
عملاً وصفھ الله أو سماه رسول الله صلى الله علیھ وسلم بالكفر لیس كسائر<br />
(1)<br />
منبر التوحید والجھاد
ھذه عقیدتنا<br />
الأعمال، إلا أن یخشوا سوء الفھم من المخاطَبین فیلجؤون إلى التفصیل،<br />
وكذلك نفعل نحن في كتاباتنا المفصلة.<br />
كما أعلم أن بعض غلاة المكفرة یتداولون بعض ما نكتبھ بحثاً عمّا<br />
ینصر مذاھبھم، وكلي ثقة بأنھم لو كانوا طلب ة حق منصفین فلن یقعوا على<br />
شيء مما یطلبون، إلا أن یبتروا مقالاتنا بتراً.<br />
كما أعرف أن كثیراً من خصومنا من مرجئة العصر وأشباھھم<br />
یفتشون فیھا، لا بحثاً عن الحق، وإنما بحثاً عن إطلاقات ربما نقلناھا عن<br />
بعض العلماء والأئمة والدعاة، لیشغبوا بھا علینا سعیاً منھم وراء تشویھ<br />
دعوتنا، بتحمیل كلامنا ما لا یحتملھ، وبإلزامنا ما لا نلتزمھ.<br />
فإلى ھؤلاء جمیعاً أقول...<br />
اتقوا الله، وقولوا قولاً سدیداً، وتذكروا حدیث المصطفى علیھ الصلاة<br />
والسلام: (ومن قال في مؤمن ما لیس فیھ أسكنھ الله ردغة الخبال حتى یأتي<br />
بالمخرج مما قال) (1) .<br />
وأقول معلناً دون أدنى حرج...<br />
-<br />
أن كل قول قلتھ في كتاباتي ظھر أو سیظھر في یوم من الأیام أنھ جاء<br />
معارضاً لنص من الكتاب والسنة خفي علي َّ، فأنا أول من یرجع عنھ، ویبرأ<br />
منھ، ویعض بالنواجذ على ذلك النص.<br />
وسیرى القارىء لھذه الورقات أن كثیراً من كلامنا فیھا متأثر تأثراً<br />
واضحاً بل ربما كان بحروفھ مما تكرر في "العقیدة الطحاویة"، أو<br />
"الواسطیة"، أو نحوھا من الكتب، ولا غرابة في ذلك فقد تأثرنا بھذه الكتب<br />
في أول الطلب تأثراً بیناً، ودرسناھا ودرّ سناھا مراراً وتكراراً بفضل الله<br />
تعالى.<br />
وقد كان علماؤنا یطیلون في تلك الكتابات ویسھبون في مسائل عمّت<br />
بھا البلوى في أزمنتھم، واحتیج إلى التوسع فیھا رداً على طوائف من الفرق<br />
المنحرفة عن طریق أھل السنة والجماعة، أو على بدع اشتھرت في أیامھم،<br />
وتراھم یختصرون في مسائل أخرى یمرون علیھا مروراً سریعاً، لقل َّة<br />
الخوض أو الخبط فیھا في ذلك الزمان، وربما ذكروا بعض مسائل الفقھ في<br />
طیّات كلامھم في العقیدة وذلك رداً على مخالفة أھل البدع في تلك المسائل،<br />
لیمیزوا أھل السنة عن أھل البدعة، ولیسجلوا براءتھم منھم، ولو في تلك<br />
الفروع الفقھیة التي غالباً ما تتفرع عن أصول شذ فیھا أھل البدع.<br />
1<br />
ردغة الخبال: عصارة قیح وصدید أھل النار، والحدیث رواه أحمد وأبو داود.<br />
(2)<br />
منبر التوحید والجھاد
ھذه عقیدتنا<br />
ونحن في ھذه الورقات، قد جرینا على ھذا المنوال، فلم نتعرض لكل<br />
ما ذكرتھ تلك الكتب من مسائل الاعتقاد، وإنما أوردنا فیھا أھم المھمات،<br />
وركزنا على أبواب محددة رأینا أن الخبط والخلط قد كثر حولھا في ھذا<br />
الزمان، أو مسائل خشینا أن ینسب فیھا أو نسب فعلاً إلینا غیر الذي<br />
نقول.<br />
-<br />
-<br />
والله نسأل أن یتقبل منا سعینا، وأن یجعل أعمالنا خالصة لوجھھ<br />
الكریم، وأن یثبتنا على عقیدة الفرقة الناجیة أھل السنة والجماعة، وأن<br />
یجعلنا من أصحاب الطائفة المنصورة.<br />
ھو مولانا نعم المولى ونعم النصیر<br />
نقول في توحید الله...<br />
توحید الله<br />
أن الله واحد لا شریك لھ، لا في ربوبیتھ، ولا في ألوھیتھ، ولا في<br />
أسمائھ وصفاتھ.<br />
فلا خالق غیره، ولا رب سواه، ولا رازق ولا مالك ولا مدبر لھذا<br />
الوجود إلا ھو، ونوحّد الله في أفعالھ سبحانھ، كما نوحده بأفعالنا أیضاً.<br />
(3)<br />
منبر التوحید والجھاد
ھذه عقیدتنا<br />
فنوحده في عبادتنا وقصدنا وإرادتنا، فلا معبود بحق إلا ھو سبحانھ<br />
فنشھد كما شھد الله لنفسھ، والملائكة، وأولوا العلم، قائماً بالقسط لا إلھ إلا<br />
ھو العزیز الحكیم، مثبتین ما تثبتھ ھذه الكلمة العظیمة من تجرید العبادة <br />
وحده ولوازمھا وواجباتھا وحقوقھا، نافین ما تنفیھ من أنواع الإشراك<br />
والتندید وتوابعھ.<br />
ونؤمن بأن الغایة التي خلق الله تعالى الخلق لھا؛ عبادتھ وحده، كما<br />
قال تعالى: {وَ مَا خَلَقْتُ الجِ ن َّ وَ الإنْسَ إلا َّ لِیَعْبُدُونِ { [الذاریات:<br />
.[56<br />
وندعو إلى توحیده سبحانھ في جمیع أنواع العبادة، من سجود أو<br />
ركوع أو نذر أو طواف أو نسك أو ذبح أو دعاء أو تشریع أو غیره... {قُلْ<br />
إن َّ صَلاتِي وَ نُسُكِي وَ مَحْیَايَ وَ مَمَاتِي ِ َّ ِ رَ بِ العَالَمینَ * لا شَرِ یكَ لَھُ وَ بِذَلِ َك<br />
أُمِرْ تُ وَ أَنَا أَو َّ لُ المُسلِمِینَ} [الأنعام: 162<br />
.[163 -<br />
وأمْر الر َّ ب سبحانھ شامل للأمر الكوني والشرعي، وكما أن لھ وحده<br />
سبحانھ الحكم الكوني القدري، فھو مدبر الكون القاضي فیھ بما یرید<br />
وحسبما تقتضیھ حكمتھ، فكذلك نوحده سبحانھ في حكمھ الشرعي فلا نشرك<br />
في حكمھ أحداً، ولا نشرك في عبادتھ أحداً {ألا لَھُ الخَلقُ وَ الأمْرُ تَبَارَ كَ الله<br />
رب ُّ العَالَمِینَ} [الأعراف: 54].<br />
فالحلال ما أحلھ، والحرام ما حرمھ، {إنِ الحُكمُ إلا َّ ِ أَمَرَ ألا َّ تَعْبُدُوا<br />
إِلا َّ إِی َّاهُ} [یوسف: 40]، فلا مشرّ ع بحق إلا ھو سبحانھ وتعالى، ونبرأ<br />
ونخلع ونكفر بكل مشرّ ع سواه، فلا نبغي غیر الله رباً، ولا نتخذ غیره<br />
سبحانھ ولیاً، ولا نبتغي غیر الإسلام دیناً، فإن من اتخذ حَكَماً ومشرّ عاً سواه<br />
سبحانھ، تابعھ وتواطأ معھ على تشریعھ المناقض لشرع الله، فقد اتخذ غیر<br />
الله رباً، وابتغى غیر الإسلام دیناً، قال تعالى: إِن َّ الشَیَاطِینَ لَیُوحُونَ إِلَى<br />
وقال<br />
أَوْ لِیَائِھِمْ لِیُجَادِلُوكُمْ وَ إنْ أَطَعْتُمُوھُمْ إِن َّكُمْ لَمُشْرِ كُونَوَ<br />
تعالى: {ات َّخَذُوا أَحْبَارَ ھُمْ وَ رُ ھْبَانَھُمْ أَرْ بَابَاً مِنْ دُونِ الله} [التوبة: 31].<br />
{ [الأنعام: ،[121<br />
}<br />
كما نوحّده سبحانھ في أسمائھ وصفاتھ، فلا سمي َّ لھ ولا شبیھ ولا مثیل<br />
ولا ندّ ولا كفء: {قُلْ ھُوَ ّ ُ أَحَدٌ * اللهُ الص َّمَدُ * لَمْ یَلِدْ وَ لَمْ یُوْ لَد * وَ لَمْ یَكُنْ<br />
لَھُ كُفُوَ اً أَحَد} [الإخلاص:<br />
.[4 - 1<br />
سبحانھ تفرّ د بصفات الجلال والكمال التي وصف بھا نفسھ في كتابھ،<br />
أو وصفھ بھا نبیھ صلى الله علیھ وسلم في سنتھ، فلا نَصِ فُ أحداً من خلقھ<br />
بشيء من صفاتھ، ولا نشتق لھ من أسمائھ، ولا نضرب لھ سبحانھ الأمثال<br />
أو نشبّھھ بأحدٍ من خلقھ، ولا نُلحد في أسماء ربنا وصفاتھ.<br />
بل نؤمن بما وصف سبحانھ بھ نفسھ، وبما وصفھ بھ رسولھ علیھ<br />
الصلاة والسلام على وجھ الحقیقة لا المجاز، من غیر تحریف ولا تعطیل،<br />
ومن غیر تكییف ولا تمثیل: {وَ لَھُ المَثَلُ الأعْلَى فِي الس َّمواتِ وَ الأرضِ وَ ھُوَ<br />
العَزِ یزُ الحَكِیمُ} [الروم: 27].<br />
(4)<br />
منبر التوحید والجھاد
ھذه عقیدتنا<br />
فلا ننفي عنھ شیئاً مما وصف بھ نفسھ سبحانھ، ولا نحرّ ف الكلم عن<br />
مواضعھ، ولا ندخل في ذلك متأولین بآرائنا، أو متوھمین بأوھامنا، بحجة<br />
التنزیھ، فما سلِم في دینھ إلا من سَلّم عز وجل ولرسولھ علیھ الصلاة<br />
والسلام وردّ عِلم ما اشتبھ علیھ إلى عالمھ، ولا تثبت قدم الإسلام لأحد إلا<br />
على ظھر التسلیم والاستسلام، فمن رام عِلم ما حُظِ ر عنھ، ولم یقنع بالتسلیم<br />
فِھْمُھ، حَجَبھ مرامھ عن صحیح الإیمان وخالص التوحید.<br />
ونؤمن بأن الله أنزل كتابھ بكلام عربي مبین، فلا نفوّ ض علم معاني<br />
الصفات وإنما نفوض علم الكیفیات، ونقول: {ءَامَن َّا بِھِ كُلٌ مِنْ عِنْدِ رَ بِنَا}<br />
[آل عمران: 7].<br />
ونبرأ إلى الله من تعطیل الجھمیة، ومن تمثیل المشبھة، فلا نمیل إلى<br />
ھؤلاء ولا إلى ھؤلاء، بل نتوسط ونستقیم كما أراد ربنا بین النفي والإثبات،<br />
فھو سبحانھ {لَیْسَ كَمِثْلِھِ شَيءٌ وَ ھٌوَ الس َّمِیعُ البَصِ یرُ { [الشورى:<br />
لم یتوق َّ التعطیل والتشبیھ، زلّ ولم یُصب التنزیھ.<br />
فنحن في ھذا الباب كما في سائر الأبواب<br />
الصالح أھل السنة والجماعة.<br />
11]، فمن<br />
-<br />
-<br />
على ما كان علیھ سلفنا<br />
ومن ذلك ما أخبر الله بھ في كتابھ وتواتر عن رسولھ علیھ الصلاة<br />
والسلام من أنھ سبحانھ فوق سماواتھ، مستوٍ على عرشھ، كما قال تعالى:<br />
{ءَأَمِنْتُم م َّن فِي الس َّماءِ أَن یَخْسِفَ بِكُمُ الأَرضَ فإذا ھِيَ تَمُوُ ر} [الملك:<br />
.[16<br />
وكما في حدیث الجاریة التي سألھا النبي علیھ الصلاة والسلام: (أین<br />
الله؟)، قالت في السماء، قال: (من أنا؟)، قالت أنت رسول الله، قال: (اعتقھا<br />
فإنھا مؤمنة) (2) .<br />
وھذا حق لا مریة فیھ عندنا، ولكن نصونھ كما صانھ سلفنا الصالح<br />
عن الظنون الكاذبة، كأن یُظن بأن السماء تظلھ أو تقلھ، فھذا باطل،<br />
اضطرنا إلى ذكره ونفیھ وتنزیھ الله عنھ وإن لم یتعرض لھ صراحة سلفنا<br />
شغب أھل البدع وإلزاماتھم الباطلة لأھل السنة، فقد قال تعالى: {وَ سِعَ<br />
كُرسِی ُّھُ الس َّمواتِ وَ الأرضَ { [البقرة: 255]، وھو سبحانھ: {یُمْسِكُ<br />
الس َّمَواتِ وَ الأرضَ أَن تَزُ ولاَ} [فاطر: {وَ یُمسِكُ الس َّمَاءَ أَن تَقَعَ عَلَى<br />
الأرضِ إِلا َّ بِإِذْنِھِ} [الحج: {وَ مِنْ آیاتِھِ أَن تَقُومَ الس َّمَاءُ وَ الأَرْ ُض<br />
بِأَمْرِهِ} [الروم:<br />
-<br />
،[41<br />
،[65<br />
.[25<br />
-<br />
2<br />
ونؤمن بأنھ سبحانھ مستو على عرشھ، كما قال تعالى: {الر َّ حْمَنُ عَلَى<br />
العَرْ شِ اسْتَوَ ى} [طھ: 5]، ولا نؤوِّل الاستواء بالاستیلاء، بل ھو على<br />
معناه في لغة العرب التي أنزل الله تعالى بھا القرآن ولا نشبھ استواءه<br />
رواه مسلم وأبو داود وأحمد، من حدیث معاویة بن الحكم السلمي.<br />
(5)<br />
منبر التوحید والجھاد
ھذه عقیدتنا<br />
باستواء أحد من خلقھ، بل نقول كما قال الإمام مالك: (الاستواء معلوم،<br />
والإیمان بھ واجب، والكیف مجھول، والسؤال عنھ بدعة).<br />
وعلى ھذا نُجري سائر صفاتھ وأفعالھ سبحانھ وتعالى، كالنزول<br />
والمجيء وغیره مما أخبر بھ سبحانھ في كتابھ، أو ثبت في السنة<br />
الصحیحة.<br />
ونؤمن بانھ سبحانھ مع استوائھ على عرشھ وعلوه فوق سماواتھ<br />
قریب من عباده، كما قال سبحانھ: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنّ ِي فَإِنّ ِي قَرِیبٌ<br />
[البقرة:<br />
{<br />
.[186<br />
-<br />
-<br />
وفي الحدیث المتفق علیھ: (أیھا الناس أربِعوا على أنفسكم، فإنكم لا<br />
تدعون أصم ولا غائباً، إنما تدعون سمیعاً بصیراً قریباً، إن الذي تدعونھ<br />
أقرب إلى أحدكم من عنق راحلتھ).<br />
فھو سبحانھ مع عباده أینما كانوا یعلم ما ھم عاملون، كما قال تعالى:<br />
{وَ ھُوَ مَعَكُمْ أَیْنَ مَا كُنْتُمْ وَ اللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِ یرٌ { [الحدید: 4]، ولا نفھم من<br />
قولھ: {وَ ھُوَ مَعَكُمْ}ح مراد الزنادقة من أنھ مختلط بعباده، أو حالٌ ببعضھم<br />
أو متحدٌ بھم، ونحوه من عقائد الكفر والضلال، بل نبرأ إلى الله من ذلك<br />
كلھ.<br />
ولھ سبحانھ مع عباده المؤمنین معیّة أخرى خاصة غیر المعیة العامة،<br />
ھي معیة النصرة والتوفیق والتسدید، كما في قولھ تعالى: {إِن َّ اللهَ مَعَ ا َّلذِینَ<br />
ات َّقَوا وَ ال َّذِینَ ھُم مُحْسِنُو َن} [النحل: 128]، فھو سبحانھ مع استوائھ على<br />
عرشھ، وعلوه فوق سماواتھ، مع عباده أینما كانوا یعلم ما كانوا عاملین،<br />
وھو قریب سبحانھ ممن دعاه، وھو مع عباده المؤمنین؛ یحفظھم وینصرھم<br />
ویكلؤھم، فقربھ سبحانھ ومعیتھ لا تنافي علوّ ه وفوقیتَھ، فإنھ لیس كمثلھ<br />
شيء في صفاتھ سبحانھ، فھو علي ٌّ في قربھ قریب في علوّ ه.<br />
ومن ثمرات ھذا التوحید العظیم، الذي ھو حق الله على العباد:<br />
فوز الموحد بجنة ربھ والنجاة من النار كما في حدیث معاذ بن جبل.<br />
ومنھا؛ تعظیم الرب وإجلالھ بالتعرف إلى صفات كمالھ وجلالھ،<br />
وتسبیحھ وتنزیھھ عن الشبیھ أو المثیل<br />
.<br />
-<br />
-<br />
ومعرفة سفاھة من اتخذوا من دونھ أنداداً أشركوھم معھ في العبادة<br />
أو الحكم والتشریع.<br />
وتھافت وسقوط من أشركوا أنفسھم في شيء من ذلك، مع أنھم لم<br />
یشتركوا في الخلق، ولا نصیب لھم في الملك أو الرزق او التدبیر.<br />
(6)<br />
منبر التوحید والجھاد
ھذه عقیدتنا<br />
-<br />
-<br />
ومن ذلك تحرّ ر القلب والنفس من رق المخلوقین.<br />
وثبات العبد في الحیاة الدنیا وفي الآخرة فلیس من كان یعبد شركاء<br />
متشاكسین، یدعوھم ویشتت خوفھ ورجاءه بینھم، لیس ھذا كمن وح َّد رب َّھ<br />
سبحانھ وجر َّ د لھ خوفَھ ورجاءه وقَصْدَه وإرادتھ وعبادتھ.<br />
فاللھم یا ولي الإسلام وأھلھ ثبتنا على توحیدك حتى نلقاك.<br />
)<br />
الملائكة<br />
ونؤمن بملائكة الله، وأنھم عباد الله مكرمون، لا یسبقونھ بالقول وھم<br />
من خشیتھ مشفقون، یسبحونھ اللیل والنھار لا یفترون.<br />
فنتولاھم ونحبھم، لأنھم من جند الله، ولأنھم یستغفرون للذین آمنوا،<br />
ونبغض من یبغضھم.<br />
ومنھم جبرائیل الروح الأمین، ومیكائیل، وإسرافیل الموكل بالنفخ في<br />
الصور، ومنھم الموكلون بحمل العرش، وملك الموت، ومنكر ونكیر،<br />
ومالك خازن النار، ورضوان خازن الجنة، وملك الجبال، والكرام الكاتبین،<br />
وغیرھم كثیر، لا یحصیھم إلا الله تعالى.<br />
فقد ثبت في الصحیحین من حدیث أنس رضي الله عنھ في قصة<br />
المعراج؛ أن النبي علیھ الصلاة والسلام رُ فع لھ البیت المعمور في السماء،<br />
یدخلھ یصلي فیھ كل یوم سبعون ألف ملك، إذا خرجوا لم یعودوا إلیھ.<br />
وفي صحیح مسلم عن عائشة أم المؤمنین أن النبي صلى الله علیھ<br />
وسلم قال: خ الملائكة من نور، وخُلق الجان من مارج من نار، وخلق<br />
لكم).<br />
آدم مما وص فُلِقت<br />
وقد یتمثل الملك بأمر الله على ھیئة بشر، كما في قصة مریم، وحدیث<br />
جبریل حین سأل النبي صلى الله علیھ وسلم عن الإسلام، والإیمان<br />
والإحسان.<br />
أما صورتھ الحقیقیة؛ فقد ذكر الله تعالى في القرآن أنھ جعل من<br />
الملائكة رسلاً أولي أجنحة مثنى وثلاث ورباع، یزید في الخلق ما یشاء إن<br />
الله على كل شيء قدیر، وقد رأى النبي علیھ الصلاة والسلام جبریل على<br />
صورتھ الحقیقیة ولھ ستمائة جناح قد سد الأفق.<br />
(7)<br />
منبر التوحید والجھاد
ھذه عقیدتنا<br />
-<br />
-<br />
-<br />
ومن ثمرات ھذا الإیمان:<br />
تعظیم الله تعالى فإن عظمة المخلوق تدل على عظمة خالقھ.<br />
ومن ثمراتھ؛ أن یستحیي العبد ممن معھ من ملائكة الله تعالى.<br />
ومن ذلك أیضاً؛ تثبیت العبد المؤمن الغریب بالإیمان، وعدم<br />
استیحاشھ لقلة الأنصار بتذكره أن معھ من الله حافظین.<br />
وفي صحیح البخاري عن أبي ھریرة رضي الله عنھ قال: قال رسول<br />
الله علیھ السلام: (إن الله إذا أحب عبداً نادى جبریل إن الله أحب فلاناً فأَحبھ،<br />
فیحبھ جبریل، ثم ینادي جبریل في السماء إن الله أحب فلاناً فأحبوه، فیحبھ<br />
أھل السماء، ویوضع لھ القبول في الأرض...).<br />
فعلى العبد المؤمن أن یحب ویتولى من یحبھم الله وملائكتھ وعباده<br />
المؤمنین، وعلیھ أن یبغض ویعادي ویبرأ ممن یبغضھم الله تعالى وملائكتھ<br />
وعباده المؤمنین، فإن ذلك من أوثق عرى الإیمان.<br />
(8)<br />
منبر التوحید والجھاد
ھذه عقیدتنا<br />
الكتب<br />
ونؤمن بكتب الله تعالى التي أنزلھا سبحانھ على رسلھ جملة، ونؤمن<br />
على سبیل التفصیل بما سماه الله منھا كالتوراة والإنجیل والزبور<br />
–<br />
-<br />
وأن خاتمھا القرآن العظیم كلام رب العالمین على الحقیقة، نزل بھ<br />
الروح الأمین على محمد صلى الله علیھ وسلم لیكون من المرسلین، مھیمناً<br />
على سائر كتب الله.<br />
وھو منزل من الله تعالى ولیس بمخلوق، ولا یُساویھ شيء من كلام<br />
المخلوقین، ومن قال: {إنْ ھَذَا إِلا َّ قَوْ لُ البَشَر} [المدثر: 25]، فقد كفر وح َّق<br />
علیھ إن لم یرجع عن ذلك ویتوب قولھ تعالى: {سَأُصْلِیھ سَقَر} [المدثر:<br />
.[26<br />
ونؤمن بأن الله كل َّم موسى تكلیماً.<br />
ونؤمن بأن الله تعالى حفظ كتابھ من التبدیل والتغییر، فقال تعالى: {إِن َّا<br />
نَحْنُ نَز َّ لنَا الذّ ِكْرَ وَ إِن َّا لَھُ لَحَافِظُونَ<br />
{ [الحجر: .[9<br />
-<br />
وأن الله تعالى علّق النذارة بھ فقال: {وَ أُوحِ يَ إِلي َّ ھَذَا القرْ آنُ لأُنْذِرَ كُ ْم<br />
بِھِ وَ مَنْ بَلَغَ} [الأنعام: 19].<br />
ونؤمن بأن كتابھ ھو العروة الوثقى وحبلھ المتین، الذي من استمسك<br />
بھ نجى، ومن أعرض عنھ وھجره واتخذه ظھریاً؛ قد ھلك وزل وضل<br />
ضلالاً مبیناً.<br />
ومن ثمرات ھذا الإیمان:<br />
أخذ كتاب الله بقوة، والتمسك بھ، وتعظیم أوامره والعمل بھا، وعدم<br />
ضرب بعضھا ببعض.<br />
العلم.<br />
-<br />
والإیمان بمتشابھھ، ورده إلى مُحْكمھ، على طریقة الراسخین في<br />
(9)<br />
منبر التوحید والجھاد
ھذه عقیدتنا<br />
الرسل والأنبیاء<br />
ونؤمن بأنبیاء الله ورسلھ أجمعین الذین أخبر الله تعالى عنھم في<br />
كتابھ، أو أخبر رسولھ صلى الله علیھ وسلم عنھم في سنتھ من قص الله<br />
علینا خبرھم ومن لم یقصص ولا نفرق بین أحد من رسلھ.<br />
-<br />
-<br />
جمعھم جمیعاً بأصل واحد كما قال سبحانھ: } وَ لَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلّ<br />
ر َّ سُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللهَ وَ اجْتَنِبُوا الط َّاغُوتَ { [النحل: تعالى: {وَ مَا<br />
أَرْ سَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ ر َّ سُولٍ إِلا َّ نُوْ حِ ي إِلَیْھِ أَن َّھُ لا إِلَھَ إلا َّ أَنَا فَاعْبُدُو ِن}<br />
[الأنبیاء: رُ سُلاً مُبَشّ ِرِ ینَ وَ مُنْذِرِ ینَ لِئَلا َّ یَكُونَ للن َّاسِ عَلَى اللهِ حُج َّةٌ<br />
بَعْدَ الر ُّ سَلِ} [النساء: تعالى: وَ مَا كُن َّا مُعَذّ ِبِینَ حَ ت َّى نَبْعَ َث<br />
رَ سُولاً} [الإسراء: تعالى: {كُل َّمَا أُلْقِيَ فِیْھَا فَوْ جٌ سَأَلَھُمْ خَزَ نَتُھَا<br />
أَلَمْ یَأْتِكُمْ نَذِیْرٌ * قَالُوا بَلَى} [الملك:<br />
ِ أُم َّةٍ<br />
36]، وقال<br />
،[165 وقال }<br />
15]، وقال<br />
.[9 - 8<br />
}<br />
،[25<br />
وعلیھم ھدایة الدلالة والإرشاد، ولیس بمقدورھم ھدایة قلوب العباد،<br />
فالقلوب بین أصابع الرحمن یقلّبھا كیف یشاء... وذلك أن الھدایة نوعان:<br />
ھدایة دلالة وإرشاد؛ یملك بذلھا الرسل والأنبیاء والدعاة، قال تعالى:<br />
{وَ إِن َّكَ لَتَھْدِي إِلَى صِ رَ اطٍ مُسْتَقِیْمٍ { [الشورى: 52].<br />
وھدایة توفیق وتسدید؛ وھذه لا یقدر علیھا إلا الله، قال تعالى: {إِن َّكَ<br />
لاَ تَھْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَ لَكِن َّ اللهَ یَھْدِي مَنْ یَشَا ُء} [القصص: وقال<br />
سبحانھ وتعالى: {لَیْسَ عَلَیْكَ ھُدَاھُمْ} [البقرة: 272].<br />
،[56<br />
وھذا النوع من الھدایة؛ فضل من الله وعدل یھبھ سبحانھ لمن علم منھ<br />
إقبالاً على الحق وطلباً لھ، قال تعالى: {وَ ال َّذِینَ جَاھَدُوا فِیْنَا لَنَھْدِیَن َّھُمْ سُبُلَنَا}<br />
[العنكبوت:<br />
.[69<br />
وقال صلى الله علیھ وسلم<br />
:<br />
(ومن یتحَر َّ الخیر یُعْطَھ).<br />
أما الأول؛ فمن عدل الله تعالى ورحمتھ أن بذلھ للخلق أجمعین.<br />
ونؤمن بمعجزات الأنبیاء ونحفظ لھم حقھم، ونتأدب معھم، ولا نفضل<br />
علیھم أحداً من الناس لا الأولیاء ولا الأئمة، ولا غیرھم.<br />
وھم مع ذلك بشر مخلوقون لیس لھم من خصائص الربوبیة أو<br />
الألوھیة شيء، بل تلحقھم خصائص البشریة من المرض والموت والحاجة<br />
إلى الطعام والشراب وغیر ذلك... قال تعالى آمراً نبیھ محمد علیھ الصلاة<br />
والسلام أن یقول: {قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعَاً وَ لا ضَر َّ اً إِلا َّ مَا شَاءَ اللهُ وَ لَوْ كُنْ ُت<br />
أَعْلَمُ الغَیْبَ لاَسْتَكْثَرتُ مِنَ الخَیْرِ وَ مَا مَس َّنِيَ الس ُّوءُ إِنْ أَنَا إِلا َّ نَذِیْرٌ وَ بَشِیْرٌ<br />
لِقَومٍ یُؤمِنُونَ} [الأعراف: 188].<br />
(10)<br />
منبر التوحید والجھاد
ھذه عقیدتنا<br />
}<br />
ونؤمن بأن خاتم الأنبیاء والمرسلین نبینا محمد صلى الله علیھ وسلم<br />
تسلیماً كثیراً، فلا نبي بعده، وشریعتھ ھي الشریعة المھیمنة على سائر<br />
الشرائع إلى یوم القیامة.<br />
ولا یكون العبد مؤمناً حتى یتبعھا ویسلم لحكمھا تسلیماً، قال تعالى:<br />
فَلاَ وَ رَ بِكَ لاَ یُؤْ مِنُونَ حَت َّى یُحَكّ ِمُوكَ فِیمَا شَجَرَ بَیْنَھُمْ ثُم َّ لا یَجِ دُواْ فِيْ أَنْفُسِھِ ْم<br />
حَرَ جَاً مّ ِم َّا قَضَیْتَ وَ یُسَلّ ِمُواْ تَسْلِیماً<br />
{ [النساء: .[65<br />
-<br />
-<br />
-<br />
ونؤمن بأن الله قد اتخذ محمداً صلى الله علیھ وسلم خلیلاً كما اتخذ<br />
إبراھیم خلیلاً، بعثھ رحمة للعالمین، وأمره وأمر أمتھ بالتآسي بملة إبراھیم<br />
فقال: {ثُم َّ أَوْ حَیْنَا إِلَیْكَ أَنِ ات َّبِعْ مِل َّةَ إِبْرَ اھِیمَ حَنِیْفَاً وَ مَا كَانَ مِنَ المُشْرِ كِی َن}<br />
[النحل: 123]، وقال سبحانھ: {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَ ةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَ اھِیْمَ وَ ال َّذِینَ<br />
مَعَھُ إِذْ قَالُوا لِقَومِھِمْ إِن َّا بُرَ ءَؤُاْ مِنْكُمْ وَ مِم َّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُوْ نِ اللهِ كَفَرْ نَا بِكُمْ وَ بَدَا<br />
بَیْنَنَا وَ بَیْنَكُمُ العَدَاوَ ةُ وَ البَغْضَاءُ أَبَدَاً حَت َّى تُؤمِنُوا بِاِ وَ حْدَهُ} [الممتحنة: 4].<br />
فنتأسى بذلك إلى أن نلقى الله، فنبرأ من المشركین وأنصارھم<br />
وأولیائھم، ونبغضھم ونبرأ مما یعبدون من دون الله، ونكفر بمناھجھم<br />
وأدیانھم ومللھم الباطلة المخالفة لدین الله، ونظھر ونعلن ونبدي عداوتنا<br />
للمحادّین منھم، المحاربین للحق، المجاھرین بباطلھم، ولا یمنعنا ذلك من<br />
دعوتھم وبیان الحق لمن أراد سماعھ منھم، وتمني ھدایتھم.<br />
ومن ثمرات الإیمان بالرسل:<br />
معرفة بعض نعم الله الجلیلة على الخلق وشكره علیھا، ومن<br />
أعظمھا رحمتھ بھم بإرسال الرسل إلیھم لیھدونھم سبیل الرشاد ویعرفونھم<br />
بما یوصلھم إلى الجنة وینجیھم من عذاب السعیر.<br />
ومن ذلك محبة الرسل، والثناء والصلاة والسلام علیھم، والدعاء<br />
لھم على ما تحملوه من أذى أقوامھم، وما صبروا علیھ من مشقات الدعوة.<br />
والاقتداء والتأسي بھم في ذلك، ومتابعتھم على نھجھم وسنتھم،<br />
وسیرتھم ودعوتھم إلى الله.<br />
ونحب بحب رسول الله صلى الله علیھ وسلم آل بیتھ الأطھار،<br />
وأصحابھ وأتباعھ وأنصاره إلى یوم الدین، ونتولاھم ولا نبرأ من أحد منھم،<br />
بل نبغض من یبغضھم، وبغیر الخیر یذكرھم، فلا نذكرھم إلا بخیر، وحبھم<br />
عندنا دین وإیمان وإحسان نتقرب بھ إلى الله تعالى.<br />
ونتمیز عن أھل البدع بسلامة قلوبنا وألسنتنا لھم، ولا نمل ُّ من أن<br />
ندعو بقولھ تعالى: {رَ ب َّنَا اغْفِرْ لَنَا وَ لإخْوَ انِنَا ال َّذِینَ سَبَقُونَا بِالإیمَانِ وَ لا تَجْعَ ْل<br />
فِي قُلُوبِنَا غِلا لِل َّذِینَ آمَنُوا رَ ب َّنَا إِن َّكَ رَ ؤوفٌ رَ حِ یمٌ} [الحشر:<br />
.[10<br />
(11)<br />
منبر التوحید والجھاد
ھذه عقیدتنا<br />
ونبرأ إلى الله من طریقة الروافض الذین یبغضون أصحاب النبي<br />
علیھ الصلاة والسلام ویسبونھم، ومن طریقة النواصب الذین یناصبون أھل<br />
البیت العداء.<br />
ونعرف لعلي وفاطمة والحسن والحسین وسائر أھل البیت حقھم؛<br />
فنحبھم ولا نغلوا فیھم:<br />
واحفظ لأھل البیت واجب<br />
لا تنتقص ولا تزد في قدره<br />
إحداھما لا ترتضیھ خلیفة<br />
حقھم واعرف علیاً أیما عرفان<br />
فعلیھ تصلى النار طائفتان<br />
وتنصھ الأخرى إلھاً ثاني (3)<br />
ونقول مع ھذا كما قال النبي علیھ الصلاة والسلام:<br />
عملھ لم یسرع بھ نسبھ) (4) .<br />
...)<br />
.<br />
من أبطأ بھ<br />
فنبرأ ممن كفر وشر َّ ع أو ارتد وانحرف عن الصراط، كائناً من كان<br />
نسبھ.<br />
ونمسك عمّا شجر بین أصحاب النبي علیھ الصلاة والسلام، فھم في<br />
ذلك ؛ بین مجتھد مصیب، ومجتھد مخطىء، فلبعضھم أجر، ولبعضھم<br />
أجران<br />
قل خیر قول في صحابة أحمد وامدح جمیع الآل والنسوان<br />
دع ما جرى بین الصحابة في الوغى بسیوفھم یوم التقى الجمعان<br />
فقتیلھم منھم وقاتلھم لھم وكلاھما في الحشر مرحومان<br />
لا تقبلن من التوارخ كل ما جمع الرواة وخطّ كل بنان (5)<br />
وھم مع ذلك لیسوا بمعصومین، ولكنھم كما أخبر النبي علیھ الصلاة<br />
والسلام؛ خیر القرون، والمُدّ من أحدھم إذا تصدّق بھ خیر من مثل جبل أحد<br />
ذھباً ممن بعدھم.<br />
ونحب أنصار الدین في كل زمان إلى قیام الساعة؛ القریب منھم<br />
والبعید، من عرفنا منھم ومن لم نعرف، ولا یضرھم ألا نعرفھم.<br />
لا نبرأ من أحد منھم أو نعادیھ أو نعاملھ معاملة غیر المسلمین، بل<br />
نتولاھم وندعو لھم وننصرھم، ونجتھد أن نكون منھم.<br />
3<br />
من نونیة القحطاني.<br />
4<br />
رواه مسلم وأحمد والترمذي وابن ماجھ والدارمي.<br />
5<br />
من نونیة القحطاني.<br />
(12)<br />
منبر التوحید والجھاد
ھذه عقیدتنا<br />
الیوم الآخر<br />
ونؤمن بفتنة القبر، ونعیمھ للمؤمنین، وبعذابھ لمن كان لھ أھلاً، كما<br />
جاءت بھ الأخبار متواترة عن رسول الله صلى الله علیھ وسلم، ولا نلتفت<br />
إلى تأویلات أھل البدع، وفي ھذا قال تعالى: {الن َّارُ یُعْرَ ضُونَ عَلَیْھَا غُدُوّ اً<br />
وَ عَشِی َّاً وَ یَومَ تَقُومُ الس َّاعَةُ أَدْخِ لُوا آل فِرْ عَوْ نَ أَشَد َّ العَذَابِ} [غافر:<br />
.[46<br />
...)<br />
وعن زید بن ثابت عن النبي علیھ السلام قال: فلولا أن لا تدافنوا<br />
لدعوت الله أن یسمعكم من عذاب القبر الذي أسمع منھ ، ثم أقبل علینا<br />
بوجھھ، فقال (تعوذوا با من عذاب القبر... الحدیث) [وھو في صحیح<br />
مسلم].<br />
(<br />
:<br />
...)<br />
:<br />
وفي حدیث البراء بن عازب الطویل الذي یرویھ الإمام أحمد وأبو<br />
داود ؛ أن النبي صلى الله علیھ وسلم قال في المؤمن إذا أجاب الملكین في<br />
قبره فینادي مناد من السماء أن صدق عبدي، فافرشوه من الجنة،<br />
وألبسوه من الجنة، وافتحوا لھ باباً إلى الجنة. قال: فیأتیھ من روحھا<br />
وطیبھا، ویفسح لھ في قبره مد بصره).<br />
وفتنة القبر؛ سؤال منكر ونكیر للعبد فیھ عن ربھ ودینھ ونبیھ، فیثبّ ِت<br />
الله الذین آمنوا بالقول الثابت... اللھم یا ولي الإسلام وأھلھ ثبتنا بالقول<br />
الثابت في الحیاة الدنیا وفي الآخرة.<br />
(13)<br />
منبر التوحید والجھاد
ھذه عقیدتنا<br />
وأما الكافر فیقول: (ھا؟! ھا؟! لا أدري)، ویقول المنافق والمقلد في<br />
دینھ للأكثریة: (لا أدري! سمعت الناس یقولون قولاً فقلتھ).<br />
وأحوال البرزخ من أمور الغیب التي یدركھا المیت دون غیره، وھي<br />
لا تدرك بالحس في الحیاة الدنیا، ولذلك فالإیمان بھا مما یمیز؛ المؤمن<br />
بالغیب عن المكذب بھ.<br />
ونؤمن بأشراط الساعة التي أخبر الله تعالى بھا في كتابھ، وأخبر بھا<br />
نبیھ علیھ الصلاة والسلام في سنتھ، من خروج الدجال على الحقیقة، دون<br />
التفات إلى تأویل أھل البدع، وإن كنا نعتقد أن من جنس فتنتھ ما ھو موجود<br />
في كل زمان، إلى أن یأتي زمان خروجھ على الحقیقة، ونؤمن بنزول<br />
عیسى ابن مریم علیھ السلام وھو الذي یقتلھ، وبطلوع الشمس من مغربھا،<br />
وبخروج دابة الأرض وسائر ما أخبر الله تعالى بھ، أو أخبر بھ نبیھ علیھ<br />
الصلاة والسلام.<br />
ونؤمن بالبعث بعد الموت، وجزاء الأعمال یوم القیامة، والعرض،<br />
والحساب، وقراءة الكتب والمیزان، قال تعالى: {ثُم َّ إِن َّكُمْ یَوْ مَ القِیَامَةِ<br />
تُبْعَثُونَ} [المؤمنون: 16]، فیقوم الناس لرب العالمین، حفاة عراة غرلاً<br />
غیر مختونین، قال تعالى: {كَمَا بَدَأْنَا أَو َّ لَ خَلْقٍ ن ُّعِیدُهُ وَ عْدَاً عَلَیْنَا إِن َّا كُن َّا<br />
تعالى: {وَ نَضَعُ المَوَ ازِ یْنَ القِسْطَ لِیَوْ مِ<br />
فَاعِلِینَ} [الأنبیاء:<br />
القِیَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَیْئَاً وَ إِن كَانَ مِثْقَالَ حَب َّةٍ مِنْ خَرْ دَلٍ أَتَیْنَا بِھَا وَ كَفَى بِنَا<br />
حَاسِبِینَ} [الأنبیاء: 47].<br />
104]، وقال<br />
ونؤمن بحوض نبینا محمد علیھ الصلاة والسلام في عرصات القیامة،<br />
وأن ماءه أشد بیاضاً من اللبن وأحلى من العسل، وآنیتھ بعدد نجوم السماء،<br />
وطولھ شھر، وعرضھ شھر، من شرب منھ شربة لم یظمأ بعدھا أبداً...<br />
اللھم یا ولي الإسلام وأھلھ لا تحرمنا منھ.<br />
وأن َّ أصنافاً من أمة محمد علیھ الصلاة والسلام سیذادون عنھ،<br />
ویمنعون من وروده في یوم تدنو فیھ الشمس من رؤوس العباد، حتى یكون<br />
عرق الناس على قدر أعمالھم فمنھم من یكون إلى كعبھ، ومنھم من یكون<br />
إلى ركبتیھ، ومنھم من یكون إلى حقویھ، ومنھم من یلجمھ عرقھ إلجاماً.<br />
وممن یذادون عنھ ویمنعون منھ؛ أعوان الأمراء الظلمة، الذین دخلوا<br />
علیھم وصدقوھم بكذبھم، وأعانوھم على ظلمھم، وكذلك یذاد عنھ من بدل<br />
أو ابتدع أو أحدث في دین الله، ویومھا یقول النبي صلى الله علیھ وسلم<br />
(سُحْقاً سُحقاً لمن بدل بعدي).<br />
:<br />
ونؤمن بالصراط المنصوب على متن جھنم، وھو الجسر الذي بین<br />
الجنة والنار، یمر علیھ الناس على قدر أعمالھم، فمنھم من یمر كلمح<br />
البصر، ومنھم من یمر كالبرق، ومنھم من یمر كالریح، ومنھم من یمر<br />
كالفرس الجواد، ومنھم من یمر كركاب الإبل، ومنھم من یعدو عدواً،<br />
(14)<br />
منبر التوحید والجھاد
ھذه عقیدتنا<br />
ومنھم من یمشي مشیاً، ومنھم ومن یزحف زحفاً، ومنھم من یُخطف خطفاً<br />
ویُلقى في جھنم، فإن على الجسر كلالیب تخطف الناس بأعمالھم، فمن مر<br />
على الصراط دخل الجنة ونجا... اللھم یا ولي الإسلام وأھلھ نجنا من النار.<br />
فإذا عبروا علیھ؛ وقفوا عند قنطرة بین الجنة والنار، فیُقتَصّ من<br />
بعضھم لبعض، فإذا ھُذّ بوا ونُق ُّوا، أذن لھم في دخول الجنة.<br />
وأول من یستفتح باب الجنة؛ محمد علیھ الصلاة والسلام، وأول من<br />
یدخل الجنة من الأمم أمتھ علیھ الصلاة والسلام.<br />
-<br />
-<br />
ونؤمن بالجنة والنار، وأنھما مخلوقتان لا تفنیان إلا أن یراد فناء نار<br />
الموحدین وأن الله خلق لھما أھلاً، فمن شاء منھم فإلى الجنة بفضلھ، ومن<br />
شاء منھم فإلى النار بعدلھ.<br />
والجنة دار النعیم التي أعدھا الله تعالى للمؤمنین في مقعد صدق عند<br />
ملیك مقتدر، فیھا من أنواع النعیم المقیم ما لا عین رأت ولا أذن سمعت ولا<br />
خطر على قلب بشر، قال تعالى: {فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَھُمْ مِنْ قُر َّ ةِ أَعْیُ ٍن<br />
جَزَ اءً بِمَا كَانُوا یَعْمَلُونَ} [السجدة:<br />
.[17<br />
:<br />
وأما النار فھي دار العذاب التي أعدھا الله تعالى أصلاً للكافرین، قال<br />
تعالى {وَ ات َّقُوا الن َّارَ ال َّتي أُعِد َّتْ للكَافِرِ ینَ} [آل عمران:<br />
عصاة المسلمین، ولكنھا لیست دارھم التي أعدت لھم، ولذلك إذا دخلوھا لم<br />
یخلدوا فیھا، بل یعذبون بقدر ذنوبھم ثم مصیرھم إلى الجنة التي ھي دار<br />
المؤمنین.<br />
131]، ویدخلھا<br />
ونؤمن بالشفاعة التي أذن الله تعالى بھا لنبیھ محمد صلى الله علیھ<br />
وسلم .<br />
فلھ في القیامة؛ ثلاث شفاعات:<br />
أما الأولى: فشفاعتھ في أھل الموقف كي یقضي بینھم، بعد أن یتراجع<br />
الأنبیاء آدم ونوح وإبراھیم وموسى وعیسى علیھم السلام عن الشفاعة،<br />
حتى تنتھي إلى نبینا علیھ الصلاة والسلام.<br />
أما الثانیة: فیشفع في أھل الجنة أن یدخلوا الجنة، وھاتان الشفاعتان<br />
خاصتان لھ علیھ الصلاة والسلام (6) .<br />
وأما الثالثة: فشفاعتھ فیمن استحق النار من الموحدین؛ أن یخرج<br />
منھا، أو لا یدخلھا، وھذا النوع لھ صلى الله علیھ وسلم، ولسائر النبیین<br />
6<br />
ولھ صلى الله علیھ وسلم شفاعة ثالثة خاصة بھ، وھي تخفیفھ العذاب عن عمھ أبي<br />
طالب، كما ثبت في الحدیث.<br />
(15)<br />
منبر التوحید والجھاد
ھذه عقیدتنا<br />
والصدیقین والشھداء ونحوھم ممن أذن الله لھم، فیشفع فیمن استحق النار<br />
ألا یدخلھا، ویشفع فیمن دخلھا أن یخرج منھا.<br />
ویُخرج الله تعالى من النار أقواماً بغیر شفاعة، بفضلھ سبحانھ<br />
ورحمتھ، ویبقى في الجنة فضل، فینشىء الله لھ أقواماً فیدخلھم الجنة.<br />
والإیمان بالشفاعة؛<br />
في النار.<br />
مزیة نخالف بھا الخوارج المخلّ ِدین لأھل الكبائر<br />
ونؤمن برؤیة المؤمنین ربھم یوم القیامة وفي الجنة، كما قال تعالى:<br />
{وُ جُوهٌ یَوْ مَئذٍ نَاضِ رَ ةٌ * إِلَى رَ بّ ِھَا نَاظِرَ ةٌ<br />
{ [القیامة: - 23 .[24<br />
-<br />
-<br />
وكما تواترت الأخبار بذلك عن رسول الله صلى الله علیھ وسلم؛ بأن<br />
المؤمنین یرون ربھم یوم القیامة كما یرون القمر لیلة البدر لا یضامون في<br />
رؤیتھ، ولسنا نشبھ ربنا بشيء من خلقھ، وإنما التشبیھ ھنا تشبیھ الرؤیة<br />
بالرؤیة وضوحاً وحقیقة ودون مزاحمة، لا تشبیھ المرئي بالمرئي، فمن<br />
عُدِم البصیرة والإیمان بھذا، فإنھ لقمنٌ أن یُحرم ھذه النعمة یوم المزید،<br />
وھو سبحانھ مع ھذا؛ {لا تُدْرِ كُھُ الأَبْصَارُ وَ ھُوَ یُدْرِ كُ الأَبْصَارَ { [الأنعام:<br />
103]، وإنما أثبتنا ما أثبتھ الله سبحانھ وتعالى من النظر إلیھ، وما أثبتھ نبیھ<br />
محمد علیھ الصلاة والسلام من رؤیة المؤمنین لھ سبحانھ، والنظر والرؤیة<br />
شيء دون الإدراك، فقف عند حدود الله، ولا تحمّ ِل نصوص الوحي ما لا<br />
تحتمل، ولا ترد شیئاً منھا أو تعطلھ، فتزل بك قدم الھلاك.<br />
ومن آثار الإیمان بذلك:<br />
عمل الجاد لتحصیل ما أعده الله تعالى للمؤمنین، والنجاة مما توعّد<br />
بھ الله العصاة والكافرین.<br />
عدم الجزع لما یفوت المؤمن من حطام الدنیا، أو ما ینالھ من أذى<br />
وبلاء ومصائب لإیمانھ ودعوتھ وجھاده، بما یرجوه من عوض الآخرة<br />
ونعیمھا وثوابھا.<br />
-<br />
-<br />
وغیر ذلك من الثمرات الكثیرة، فلیس الإیمان بذلك كما یحسب كثیر<br />
من الناس أموراً معرفیة علمیة وحسب، بل ھو إیمان، وتصدیق، وإقرار<br />
یدفع إلى العمل.<br />
(16)<br />
منبر التوحید والجھاد
ھذه عقیدتنا<br />
القدر<br />
ونؤمن بالقدر خیره وشره، وأن الله خلق الخلق وقدّر لھم أقداراً<br />
وضرب لھم آجالاً، وعلم ما ھم عاملون من قبل أن یخلقھم، فعلم ما كان وما<br />
سیكون، وما لم یكن؛ لو كان كیف یكون.<br />
ھداھم النجدین، فأمرھم بطاعتھ، ونھاھم عن معصیتھ، وكل شيء<br />
یجري بتقدیره ومشیئتھ.<br />
–<br />
–<br />
ومشیئتھ تنفذ، لا مشیئة للعباد إلا ما شاء لھم فما شاء لھم كان<br />
وما لم یشأ لم یكن، یھدي من یشاء، ویعصم وینجي فضلاً منھ، ویضل من<br />
یشاء، ویُشقي ویخذل عدلاً منھ، وكل العباد یتقلبون في مشیئتھ بین فضلھ<br />
وعدلھ، لا راد َّ لقضائھ ولا مُعقّبَ لحكمھ، ولا غالب لأمره.<br />
ما للعباد علیھ شيءٌ واج ٌب<br />
إن عذبوا فَبِعَدْلِھِ أو نُعّموا<br />
والخیر والشر؛ مقدران على العباد.<br />
كلا ولا سعيٌ لدیھ ضائ ُع<br />
فبفضلھ وھو الكبیرُ الواس ُع<br />
ولم یكلف الله العباد إلا ما یطیقون، ولا حول ولا قوة إلا با؛ أي لا<br />
حیلة لأحد، ولا تحول لأحد عن معصیة الله إلا بمعونة الله سبحانھ، ولا قوة<br />
لأحد على إقامة طاعة الله والثبات علیھا إلا بتوفیق الله.<br />
وكما أن المسب َّبات من قدر الله الذي فرغ منھ، فكذلك أسبابھا أیضاً من<br />
قدر الله الذي فرغ منھ.<br />
والإیمان بالقدر على درجتین؛ وكل درجة تتضمن شیئین:<br />
فالدرجة الأولى: الإیمان بأن الله علم ما الخلق عاملون، فسبق علمھ<br />
في كل كائن في خلقھ، فقد َّر ذلك تقدیراً محكماً، قال تعالى: {وَ مَا یَعْزُ بُ عَنْ<br />
رَ بّ ِكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَر َّ ةٍ فِي الأَرْ ضِ وَ لا فِي الس َّمَاءِ وَ لا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَ لا أَكْبَرَ<br />
إِلا َّ فِي كِتَابٍ مُبِیْنٍ} [یونس: تعالى: {وَ خَلَقَ كُل َّ شَيءٍ فَقَد َّرَ هُ<br />
تَقْدِیراً} [الفرقان: 2]، وقال: {وَ كَانَ أَمْرُ اللهِ قَدَرَ اً مَقْدُورَ اً} [الأحزاب:<br />
61]، وقال<br />
.[38<br />
ثم كتب ذلك في اللوح المحفوظ، وضم َّنھ مقادیر الخلق.<br />
(17)<br />
منبر التوحید والجھاد
ھذه عقیدتنا<br />
عن عبادة بن الصامت رضي الله عنھ قال: (یا بني! إنك لا تجد حقیقة<br />
الإیمان حتى تعلم أن ما أصابك لم یكن لیخطئك، وما أخطأك لم یكن<br />
لیصیبك، سمعت رسول الله علیھ الصلاة والسلام یقول: "إن أول ما خلق<br />
الله القلم فقال لھ اكتب، قال: رب وماذا أكتب؟ قال: اكتب مقادیر كل شيء<br />
حتى تقوم الساعة"، یا بني! إني سمعت رسول الله صلى الله علیھ وسلم<br />
یقول: "من مات على غیر ھذا فلیس مني") (7) .<br />
قال تعالى: {أَلَمْ تَعْلَمْ أَن َّ اللهَ یَعْلَمُ مَا فِي الس َّماءِ وَ الأرْ ضِ إِن َّ ذَلِكَ فِي<br />
كِتَابٍ إِن َّ ذَلِكَ عَلَى اللهِ یَسِیرٌ { [الحج:<br />
.[70<br />
وھذا التقدیر یكون في مواضع مجملاً، وفي مواضع مفصلاً، فقد كتب<br />
في اللوح المحفوظ ما شاء، وإذا خلق الجنین قبل نفخ الروح فیھ بعث إلیھ<br />
ملكاً فیؤمر بأربع كلمات أن یكتبھا؛ رزقھ، وأجلھ وعملھ، وشقي أم سعید.<br />
فلو اجتمع الخلق كلھم على شيء كتبھ الله تعالى فیھ أنھ كائن، لیجعلوه<br />
غیر كائن، لم یقدروا علیھ، ولو اجتمعوا كلھم على شيء لم یكتبھ الله تعالى<br />
لیجعلوه كائنا لم یقدروا علیھ، جف القلم بما ھو كائن إلى یوم القیامة.<br />
وما أخطأ العبد لم یكن لیصیبھ، وما أصابھ لم یكن لیخطئھ.<br />
الدرجة الثانیة: الإیمان بمشیئة الله النافذة، وقدرتھ الشاملة وأن ما شاء<br />
الله كان، وما لم یشأ لم یكن، وأنھ ما في السماوات والأرض من حركة ولا<br />
سكون إلا بمشیئة الله سبحانھ وتعالى، ولا یكون في ملكھ إلا ما یرید.<br />
ومع ذلك فقد أمر العباد بطاعتھ وطاعة رسلھ ونھاھم عن معصیتھ،<br />
وھو سبحانھ یحب المتقین والمحسنین والمقسطین، ویرضى عن الذین آمنوا<br />
وعملوا الصالحات، ولا یحب الكافرین، ولا یرضى عن القوم الفاسقین، ولا<br />
یأمر بالفحشاء، ولا یرضى لعباده الكفر، ولا یحب الفساد.<br />
فلھ سبحانھ مشیئتان، وھما خلق الله وأمره، وقدرتھ وشرعھ، كما قال<br />
سبحانھ وتعالى: {أَلا لَھُ الخَلْقُ وَ الأَمْرُ { [الأعراف: 54].<br />
مشیئة شرعیة؛<br />
ویُخالف.<br />
وھي أمره الشرعي الذي قد یُعصى سبحانھ فیھ<br />
ومشیئة قدریة؛ فلن تجد لسنة الله تبدیلاً، ولن تجد لسنة الله تحویلاً،<br />
فلا یُعصى أمره الكوني القدري.<br />
فتلك سنتھ شرعاً وأمراً، وھذه سنتھ قضاءً وقدراً.<br />
7<br />
رواه أحمد وأبو داود، واللفظ لأبي داود.<br />
(18)<br />
منبر التوحید والجھاد
ھذه عقیدتنا<br />
وأفعال العباد؛ خلق الله وفعل العباد، فالعباد فاعلون حقیقة، والله خالق<br />
أفعالھم، والعبد ھو المؤمن أو الكافر، والبر أو الفاجر، والمصلي والصائم،<br />
وللعبادة قدرة على أعمالھم ولھم إرادة، والله خالقھم وخالق قدرتھم<br />
وإرادتھم، قال تعالى: {وَ اللهُ خَلَقَكُمْ وَ مَا تَعْمَلُونَ} [الصافت:<br />
تعالى: {لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ یَسْتَقِیمَ * وَ مَا تَشَاءُونَ إِلا َّ أَن یَشَاءَ اللهُ رَ ُّب<br />
العَالَمِینَ} [التكویر: 29]، وھذه الدرجة یكذب بھا عامة القدریة وغلا<br />
فیھا قوم من أھل الإثبات، حتى سلبوا العبد قدرتھ واختیاره وأخرجوا عن<br />
أفعال الله وأحكامھ حِ كَمھا ومصالحھا.<br />
96]، وقال<br />
- 28<br />
فنحن وسط في القدر بین الجبریة والقدریة، فأفعالنا ومشیئتنا؛<br />
مخلوقتان، والإنسان فاعل لأفعالھ على الحقیقة مختار، لھ إرادة ومشیئة.<br />
وھذا جملة ما یحتاج إلیھ في ھذه المسألة من نَو َّ ر اللهُ قلبَھ من أولیاء<br />
الله تعالى.<br />
فأصل القدر سر الله في خلقھ، قد طوى الله تفاصیل علمھ عن عباده،<br />
ونھاھم عن التعمق فیھ، فقال في كتابھ: {لا یُسْئَلُ عَم َّا یَفْعَلُ وَ ھُمْ یُسأَلُو َن}<br />
[الأنبیاء: فمن سأل: لم فعل؟ فقد رد حكم الكتاب، ومن رد حكم<br />
الكتاب؛ فقد كفر وخسر وخاب.<br />
،[23<br />
وذلك أن العلم علمان:<br />
علم أنزلھ الله تعالى في الخلق؛ فھو موجود.<br />
وعلم حجبھ الله عنھم؛ فھو مفقود.<br />
فإنكار العلم الموجود؛ كفر، وادعاء العلم المفقود؛ كفر، ولا یثبت<br />
الإیمان إلا بقبول العلم الموجود، وترك العلم المفقود، ورده على عالمھ<br />
الغفور الودود.<br />
-<br />
-<br />
ومن آثار الإیمان بالقدر وثمراتھ:<br />
أن یتوكل المؤمن على الله حق التوكل، فلا یتخذ الأسباب أرباباً، ولا<br />
یتكل علیھا، بل یخلص توكلھ على الله وحده، فكل شيء بتقدیره سبحانھ.<br />
ومنھا؛ اطمئنان قلب المؤمن وعدم جزعھ أو تحسره على ما یصیبھ<br />
ویجري علیھ من أقدار الله تعالى، فلا یأسى لفوات محبوب أو حصول<br />
مكروه، فكل ذلك بقدر الله تعالى، وما أصابھ ما كان لیخطئھ، وما أخطأه ما<br />
كان لیصیبھ.<br />
(19)<br />
منبر التوحید والجھاد
ھذه عقیدتنا<br />
الإیمان<br />
والإیمان؛ عمل وقول ونیة، فھو اعتقاد بالجنان وإقرار باللسان،<br />
وعمل بالجوارح.<br />
واعتقاد الجنان أو القلب؛ قولھ، وعملھ، فقول القلب؛ ھو معرفتھ أو<br />
عملھ وتصدیقھ، ومن أعمالھ؛ الرضى، والتسلیم، والمحبة، والانقیاد،<br />
والإخبات، ونحوه.<br />
(20)<br />
منبر التوحید والجھاد
ھذه عقیدتنا<br />
فالقول؛ قول القلب واللسان، والعمل؛<br />
والتصدیق یكون بالقلب، واللسان والجوارح (8) .<br />
عمل القلب والجوارح،<br />
-<br />
-<br />
-<br />
والإیمان یزید بالطاعة وینقص بالمعصیة، ولھ شعب كما أخبر<br />
الصادق المصدوق أعلاھا؛ لا إلھ إلا الله، وأدناھا إماطة الأذى عن<br />
الطریق، ولھ عرى كثیرة، أوثقھا؛ الحب في الله والبغض في الله، والموالاة<br />
في الله والمعاداة في الله.<br />
ومن شعبھ؛ ما ھو أصل الإیمان، یزول الإیمان بزوالھ وینتقض،<br />
كشعبة التوحید- لا إلھ إلا الله والصلاة، ونحوھا مما نص الشارع على<br />
زوال أصل الإیمان وانتقاضھ بتركھ.<br />
ومنھا؛ ما ھو من واجبات الإیمان، ینقص الإیمان الواجب بزوالھا،<br />
كالحب في الله، والبغض في الله، وأن یأمن جارُ ه بوائقَھ، ونحوه مما یأثم<br />
تاركھ، ومثلھ اقتراف المحرمات كالزنا وشرب الخمر والسرقة، وصاحبھ<br />
لا یكفر ولا یزول عنھ أصل الإیمان، بل ینتقص بذلك إیمانھ الواجب، فلا<br />
یكون من المؤمنین المستحقین للوعد المطلق، السالمین من الوعید.<br />
ومن شعب الإیمان؛ ما ھو من كمال الإیمان المستحب، كإماطة الأذى<br />
عن الطریق، وحسن العھد (9) ، ونحوه مما ھو من مكملات الإیمان<br />
المستحب فلا یأثم من أخل بھ.<br />
وعلیھ فللإیمان أصل لا یصح الإیمان إلا بھ، ولھ كمال واجب، وكمال<br />
مستحب، وكل نفي للإیمان ورد في نصوص الشرع فإما أن یراد بھ نفي<br />
أصل الإیمان فیكون صاحبھ كافراً، كقولھ تعالى: فَلاَ وَ رَ بّ ِكَ لاَ یُؤمِنُونَ<br />
حَتَى یُحَكّ ِمُوكَ فِیْمَا شَجَرَ بَیْنَھُمْ ثُم َّ لا یَجِ دُوا فِي أَنْفُسِھِمْ حَرَ جَاً مِم َّا قَضَیْتَ<br />
وَ یُسَلّ ِمُوا تَسْلِیماً 65]، وإما أن یراد بھ نفي الإیمان الواجب أي<br />
كمالھ الواجب یكون صاحبھ آثماً أو فاسقاً، كقول النبي علیھ الصلاة<br />
والسلام: (لا یدخل الجنة من لا یأمن جاره بوائقھ) (10) ، أو قولھ: (لا یزني<br />
الزاني حین یزني وھو مؤمن... الحدیث) (11) ، أو قولھ: (لا یؤمن أحدكم<br />
حتى یحب لأخیھ ما یحب لنفسھ).<br />
-<br />
}<br />
{ [النساء:<br />
-<br />
وذلك لأن نفي الإیمان؛ صیغة وعید، والوعید لا یرد إلا في حق من<br />
فعل محرماً أو ترك واجباً، فإما أن یكون من أصل الإیمان أو من الإیمان<br />
الواجب، ویتم التفریق والتمییز بین الدلالتین ھل ھي دلالة على الكفر -<br />
8<br />
كما في الحدیث الصحیح: (... والفرج یصدّق ذلك أو یكذبھ).<br />
والمقصود بحسن العھد ھنا؛ الصلة والإحسان كما في إقبال النبي صلى الله علیھ<br />
9<br />
وسلم واھتمامھ بعجوز، سألتھ عنھا عائشة رضي الله عنھا فقال: (إنھا كانت تأتینا زمن<br />
خدیجة وإن حسن العھد من الإیمان<br />
رواه مسلم.<br />
رواه البخاري ومسلم وأبو داود وغیرھم.<br />
11<br />
.(<br />
10<br />
(21)<br />
منبر التوحید والجھاد
ھذه عقیدتنا<br />
-<br />
-<br />
-<br />
انتقاض أصل الإیمان أو على الفسق انتقاص الإیمان الواجب -؛ بقرائن<br />
تعرف من النص نفسھ، أو من نصوص الشارع الأخرى.<br />
ومن انتقض إیمانھ بشيء من نواقض الإیمان؛ فكفر، لم تنفعھ بقیة<br />
شعب الإیمان إن وجدت عنده، ومن أخل بالإیمان الوجب؛ فھو إلى مشیئة<br />
الله، إن شاء عذبھ، وإن شاء غفر لھ، ما دام عنده أصل الإیمان.<br />
فلا نمیل في باب وعید الله لا إلى المرجئة ولا إلى الخوارج، كما لا<br />
نمیل في باب أسماء الإیمان والدین لا إلى الحروریة والمعتزلة... ولا إلى<br />
المرجئة والجھمیة.<br />
ومن ثمرات ھذا الباب:<br />
الحرص على الطاعة والمبادرة إلى العمل الصالح، والمسبقة إلى<br />
الخیرات، لیبقى إیماننا في ازدیاد، مع المحافظة دوماً على أصل الإیمان<br />
وتحصینھ، فإنھ رأس المال وعروة النجاة الوثقى.<br />
-<br />
الكفر<br />
ونبرأ إلى الله من ضلال مرجئة العصر، وجھمیة الزمان؛ الذین لا<br />
یرون الكفر إلا في الجحود والتكذیب القلبي وحده، فھو َّ نوا بذلك الكفر<br />
وسھّلوه، ورق َّعوا للكفرة الملحدین، وأقاموا الشبھ الباطلة التي تسوّ غ كفر<br />
وتشریع الطواغیت.<br />
ونعتقد أن قولھم: "أن المرء لا یكفر إلا بجحود قلبي"؛ قول بدعي،<br />
فالجحود كما قرر علماؤنا المحققون یكون بالعمل والقول، أي<br />
بالجوارح، كما یكون بالقلب، والتصدیق مثل ذلك.<br />
والكفر أنواع؛<br />
الإعراض.<br />
-<br />
فمنھ كفر الجحود، ومنھ كفر الجھل، ومنھ كفر<br />
ونواقض الإسلام كثیرة، ولحوق الرجل بالكفر أسرع من لحوقھ<br />
بالإسلام.<br />
(22)<br />
منبر التوحید والجھاد
ھذه عقیدتنا<br />
}<br />
وكما أن الإیمان عندنا؛ اعتقاد وقول وعمل، فكذلك الكفر؛<br />
اعتقاداً، ویكون قولاً، ویكون عملاً.<br />
یكون<br />
ومن الكفر والظلم والفسق؛ ما ھو أكبر، ومنھ ما ھو أصغر، والقول<br />
بأن الكفر العملي؛ مطلقاً كفر أصغر، وأن الخطأ الاعتقادي؛ مطلقاً كفر<br />
أكبر، قول بدعيّ، بل الكفر العملي؛ منھ الأصغر ومنھ الأكبر، وكذلك<br />
الخطأ أو الانحراف في الاعتقاد؛ منھ ما ھو كفر أكبر ومنھ ما ھو دون<br />
ذلك.<br />
فمن أعمال الجوارح؛ ما أخبر الله تعالى بأنھ كفر أكبر، ولم یشترط<br />
لذلك أن یصاحبھ اعتقاد أو جحود أو استحلال، كالتشریع مع الله ما لم یأذن<br />
بھ الله، وكالسجود للشمس والأصنام، أو سب الله، أو الدین، أو الأنبیاء، أو<br />
إظھار الاستھزاء، أو الاستھانة بشيء من الدین.<br />
ومنھا؛ ما ھو من المعاصي غیر المكفرة، التي لا تخرج صاحبھا من<br />
دائرة الإسلام إلا أن یستحلھا، كالزنى والسرقة وشرب الخمر ونحوھا.<br />
ولا نقول: "لا یضر مع الإیمان ذنب"، بل من الذنوب ما ینقص<br />
الإیمان، ومنھا ما ینقضھ، ونبرأ من أقوال المرجئة المؤدیة إلى التكذیب<br />
بآیات الوعید، وأحادیثھ الواردة في حق العصاة من ھذه الأمة، أو في حق<br />
الكفار والمشركین والمرتدین.<br />
ونؤمن بأن المیثاق الذي أخذه الله تعالى من آدم وذریتھ؛ حق، وأنھ<br />
سبحانھ خلق عباده حنفاء فاجتالتھم شیاطین الجن والإنس عن دینھم،<br />
وشرعت لھم ما لم یأذن بھ الله، وأن المولود یولد على الفطرة، فأبواه<br />
یھودانھ أو ینصرانھ أو یمجسانھ أو یشركانھ.<br />
ولذلك نعتقد أن كل من دان بغیر دین الإسلام فھو كافر، سواء بلغتھ<br />
الرسالة أو لم تبلغھ، فمن بلغتھ؛ فھو كافر معاند أو كافر معرض، ومن لم<br />
تبلغھ؛ فھو كافر جاھل، فللكفر درجات، كما أن للإیمان درجات.<br />
ومع ھذا؛ فلم یكتف الله تعالى بحجة المیثاق والفطرة على عباده،<br />
فأرسل إلیھم الرسل یذكرونھم بالمیثاق الذي أخذه الله علیھم، وأنزل علیھم<br />
كتبھ وجعل آخرھا كتابھ المھیمن علیھا "القرآن الكریم"، الذي لا یأتیھ<br />
الباطل من بین یدیھ ولا من خلفھ، وحفظھ من التبدیل، وجعلھ حجة بالغة<br />
واضحة قائمة على كل من بلغھ، فقال: {وَ أُوحِ يَ إِلَي َّ ھَذَا القُرآنُ لأُنْذِرَ كُم بِ ِھ<br />
وَ مَنْ بَلَغَ} [الأنعام: 19]، فدین الله في الأرض والسماء واحد ھو دین<br />
الإسلام.<br />
قال تعالى: إِن َّ الدّ ِینَ عِنْدَ اللهِ الإِسْلامُ { [آل عمران:<br />
تعالى: {وَ رَ ضِ یتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِیْنَاً} [المائدة: 3]، فنحن ندین بھ، ونبرأ من<br />
كل ما خالفھ، ونكفر بكل ما ناقضھ وعارضھ من المناھج الكافرة والملل<br />
19]، وقال<br />
(23)<br />
منبر التوحید والجھاد
ھذه عقیدتنا<br />
الباطلة والمذاھب الفاسدة، ومن ذلك بدعة العصر الكفریة "الدیمقراطیة"،<br />
فمن اتبعھا وابتغاھا فقد ابتغى غیر الإسلام دیناً، قال تعالى: {وَ مَنْ یَبْتَغِ غَیْرَ<br />
الإِسْلامِ دِینَاً فَلَنْ یُقْبَلَ مِنْھُ وَ ھُوَ فِي الآخِ رَ ةِ مِنَ الخَاسِرِ ی َن} [آل عمران:<br />
.[85<br />
ولذا نكفّ ِر من شرّ ع مع الله وفقاً لدین الدیمقراطیة تشریع الشعب<br />
للشعب كما نكفر من اختار أو وكّل وأناب عن نفسھ مشرّ عاً، لأنھ قد<br />
ابتغى غیر الله حكماً ورباً ومشرّ عاً، قال تعالى: {أَمْ لَھُمْ شُرَ كَاءُ شَرَ عُوا لَھُم<br />
مِنَ الدّ ِینِ مَا لَمْ یَأذَن بِھِ اللهُ 21]، وقال سبحانھ: {ات َّخَذُوا<br />
أَحْبَارَ ھُمْ وَ رُ ھْبَانَھُمْ أَرْ بَابَاً مِنْ دُونِ اللهِ... الآیة} [التوبة:<br />
-<br />
.[31<br />
{ [الشورى:<br />
-<br />
ومع ھذا؛ فنحن لا نكفر عموم الناس المشاركین في الانتخابات، إذ<br />
لیس جمیعھم یبتغون في مشاركتھم فیھا أرباباً مشرّ عین، بل منھم من یقصد<br />
إلى اختیار نواباً للخدمات الدنیویة والمعیشیة، وھذا أمر عم َّت بھ البلوى،<br />
واختلفت فیھ مقاصد المنتخبین الذین لا یباشرون ولا یمارسون التشریع<br />
كالنواب، ولذلك فنحن لا نبادر إلى تكفیر أعیانھم كما نكفر أعیان النواب<br />
المباشرین للكفر البواح من تشریع ونحوه.<br />
ونقول: إن المشاركة في الانتخابات التشریعیة عمل كفري... ولا<br />
نكفر بالعموم، بل نفرّ ق بین مقارفة الإنسان لعمل مكفر، وبین تنزیل حكم<br />
الكفر علیھ، والذي یلزم فیھ إقامة الحجة إذا أشكلت الأمور، والتبست<br />
الأحوال، وورد احتمال انتفاء القصد في مثل ھذه الأبواب (12) .<br />
ولا نطلق مقولة: "ولا نكفر أحداً من أھل القبلة بذنب"، بل نقیدھا<br />
بزیادة: "غیر مكفر ما لم یستحلھ"، فلا نكفر بمطلق المعاصي والذنوب.<br />
ونسمي أھل قبلتنا؛ مسلمین مؤمنین، والأصل فیھم عندنا الإسلام ما لم<br />
یأت أحدھم بناقض ولم یمنع من تكفیره مانع.<br />
ولا نقول بخلود أھل الكبائر من أمة محمد علیھ الصلاة والسلام في<br />
النار إن ماتوا وھم موحدین، حتى وإن لم یكونوا من ذنوبھم تائبین، خلافاً<br />
للخوارج ومن تابعھم من غلاة المكفرة، بل نقول؛ ھم إلى مشیئة الله<br />
وحكمھ، إن شاء سبحانھ غفر لھم وعفا عنھم بفضلھ، كما ذكر تعالى:<br />
{وَ یَغفِرُ مَا دُوْ نَ ذَلِكَ لِمَن یَشَاءُ} [النساء: 48]، وإن شاء عذبھم بعدلھ، ثم<br />
یخرجون من النار برحمتھ، أو بشفاعة النبي علیھ الصلاة والسلام التي<br />
ادخرھا لأمتھ، او بشفاعة من یرتضي الله شفاعتھ من أھل طاعتھ.<br />
فنحن وسط بین المرجئة والخوارج في باب الوعد والوعید، ووعده<br />
ووعیده حق كلھ.<br />
12<br />
وقد فصلنا ذلك في رسالتنا الثلاثینیة في التحذیر من أخطاء التكفیر.<br />
(24)<br />
منبر التوحید والجھاد
ھذه عقیدتنا<br />
والأخوّ ة الإیمانیة؛ ثابتة لعموم أھل القبلة مع المعاصي والكبائر، كما<br />
نص الله تعالى على ذلك في الكتاب فقال: {إِن َّمَا المُؤْ مِنُونَ إِخْوَ ةٌ فَأَصْلِحُوا<br />
بَیْنَ أَخَوَ یْكُمْ} [الحجرات: 10]، وقال: {فَمَنْ عُفِيَ لَھُ مِنْ أَخِ یھِ شَيءٌ فاتّ ِبَا ٌع<br />
بِالمَعْرُ وفِ { [البقرة: 178]، فلا نسلب الفاسق الملي الإسلام بالكلیة كما<br />
تقول الخوارج ولا نُخَلّده في النار كما تقول المعتزلة ولا ننفي عنھ<br />
مطلق الإیمان ولا نصفھ بالإیمان المطلق، بل نقول؛ ھو مؤمن ناقص<br />
الإیمان، أو مؤمن بإیمانھ، فاسق بكبیرتھ.<br />
-<br />
-<br />
-<br />
-<br />
ونرجو للمحسین من المؤمنین أن یعفوَ الله عنھم ویدخلھم الجنة<br />
برحمتھ، ولا نأمن علیھم، ولا نشھد لأحد منھم بالجنة أو النار إلا َّ من شھد<br />
لھ رسول الله صلى الله علیھ وسلم وأخبر عنھ بذلك ونستغفر لمسیئھم،<br />
ونخاف علیھم، ولا نُقَنّطھم، والأمن والإیاس ینقلان عن ملة الإسلام،<br />
وسبیل أھل الحق - جعلنا الله منھم بینھما.<br />
-<br />
-<br />
-<br />
-<br />
ونرحم عوام المسلمین من أھل القبلة، ولا نكلفھم فوق طاقتھم، فلا<br />
نشترط للحكم بإسلامھم أن یعرفوا نواقض الإسلام أو یحفظوا ویعددوا<br />
شروط "لا إلھ إلا الله"، بل یُحكم لھم بالإسلام بتحقیق أصل التوحید<br />
واجتناب الشرك والتندید ما لم یتلبسوا بناقض<br />
–<br />
ونراعي شروط التكفیر وننظر في موانعھ، كما ننظر بعین الاعتبار<br />
إلى واقع الاستضعاف الذي یعیشونھ في ظل غیاب سلطان الإسلام وحكمھ<br />
ودولتھ، وما نجم من جھل وما عمّ من شبھات لقلة العلم وذھاب العلماء<br />
الربانیین.<br />
وعلى ھذا؛ فنحن لا نبرأ من عصاة المؤمنین كبراءتنا من الكفار<br />
والمشركین والمرتدین، بل عصاة المؤمنین داخل دائرة الموالاة الإیمانیة،<br />
لا نخرجھم منھا ما داموا مسلمین، وإنما نبرأ من معاصیھم وفسوقھم<br />
وعصیانھم، ولا نعاملھم معاملة الكفار.<br />
-<br />
-<br />
ولا نُكفّر كل من عمل عند حكومات الكفر منھم كما ھو شأن غلاة<br />
المكفرة وإنما نكفّر من كان في عملھ نوع من أنواع الكفر أو الشرك، من<br />
مشاركة في التشریع الكفري، أو الحكم الطاغوتي، أو تولّ<br />
والكفار، أو مظاھرتھم على الموحدین.<br />
ٍ للمشركین<br />
ونُفصّل في العمل عند الكفار، ولا نقول بأنھ كفر كلھ أو حرام، بل من<br />
ذلك ما ھو كفر، ومنھ ما ھو حرام، ومنھ ما ھو دون ذلك، وكل وظیفة<br />
بحسبھا.<br />
ولا نحكم في أحكام الدنیا إلا بالظاھر الذي لیس لنا الحكم إلا بھ، والله<br />
یتولى السرائر ویحاسب علیھا، فلیس لنا أن نشق عن قلوب الناس، ولا عن<br />
بطونھم.<br />
(25)<br />
منبر التوحید والجھاد
ھذه عقیدتنا<br />
-<br />
-<br />
ونتحرز كما تحرز علماؤنا الأبرار في تكفیر أھل التأویل،<br />
خصوصاً إذا كان الاختلاف لفظیاً أو في المسائل العلمیة التي یعذر فیھا<br />
المخالف بالجھل.<br />
ولیس من منھجنا التعجل في التكفیر، أو التعجل بترتیب آثاره دون<br />
تثبّت أو تبیّن، "فإن استباحة دماء المصلین الموحدین خطر عظیم، والخطأ<br />
في ترك ألف كافر، أھون من الخطأ في سفك محجمة من دم مسلم<br />
واحد" (13) .<br />
ونفرق في أبواب التكفیر بین كفر النوع أو العمل المكفر، وبین كفر<br />
المعین، وأنھ قد یصدر عن المرء كفر ولا یلزمھ حكمھ ولا اسمھ، إن اختل<br />
شرط، أو قام مانع من موانع التكفیر، ونعتقد أن من دخل الإسلام بیقین؛<br />
فإنھ لا یجوز أن یخرج منھ بالشك أو التخرّ ص، فما ثبت بیقین لا یزول<br />
بالشك.<br />
والبدع؛ لیست كلھا على مرتبة واحدة بل منھا ما ھو من البدع<br />
المكفرة، ومن ذلك بدعة "الدیمقراطیة"، ومتابعة وابتغاء غیر الله مشرعاً،<br />
من الأرباب المتفرقین، ومن البدع ما ھو دون ذلك، فلا یصل إلى الكفر.<br />
ونعتقد أن قاعدة: "من لم یكفر الكافر فھو كافر"؛ إنما استعملھا أئمتنا<br />
للتغلیظ والتنفیر من بعض أنواع الكفر، ولم یستعملوا فیھا التسلسل البدعي<br />
الذي أحدثھ غلاة المكفرة، وأنھا لیست على إطلاقھا، وإنما فیمن كذّب أو ردّ<br />
بعدم تكفیره للكافر نصاً قطعي الدلالة قطعي الثبوت.<br />
أما من لم یُكفّ ِر مَن ثبت عندنا تكفیره، لكن یحتاج في إنزال الكفر على<br />
عینھ إلى نظر في الشروط والموانع والأدلة الشرعیة كالحكام بغیر ما<br />
أنزل الله وعساكرھم مثلاً فمن توقف في إنزال الكفر على أعیانھم لشبھات<br />
نصیة عنده، فھذا لا تنطبق علیھ القاعدة المذكورة، إذ ھو لم یكذب نصاً<br />
شرعیاً ولا رده، وإنما لم یقدر على التوفیق بین الأدلة، أو قدم دلیلاً على<br />
غیره، أو نحو ذلك مما قد یقع فیھ من قصّر في علوم الآلة والاجتھاد، فھذا<br />
لیس بكافر عندنا ما دام خلافھ معنا بالألفاظ والأسماء، إلا أن یؤدي بھ ذلك<br />
إلى الدخول في دین الكفار أو نصرتھ، أو إلى تولیھم ومظاھرتھم على<br />
الموحدین.<br />
-<br />
-<br />
ونعتقد أن اتباع المتشابھ وترك المحكم؛ علامة من علامات أھل<br />
البدع، وأن طریقة الراسخین في العلم من أھل السنة ؛ أن یردوا المتشابھ إلى<br />
المحكم.<br />
13<br />
أصل ھذه الجملة النفیسة من كتاب الشفا للقاضي عیاض 277/2. نقلھا عن العلماء<br />
المحققین وللغزالي مثلھا.<br />
(26)<br />
منبر التوحید والجھاد
ھذه عقیدتنا<br />
ولا نكفر بالمآل، أو بلازم القول، فلازم المذھب لیس عندنا بمذھب،<br />
كما أننا لا نكفر مخالفینا ومن بغى علینا من مرجئة العصر ونحوھم من<br />
المبتدعة الذین لا تصل بدعتھم إلى الكفر، ما دام تخلیطھم وخلافھم معنا<br />
لفظیاً، كالاختلاف المجرّ د في مسمى الإیمان أو الكفر وتعریفھما.<br />
ولا نكفرھم وإن افتروا علینا، وقوّ لونا ما لم نقلھ، أو نسبوا إلینا ما<br />
نحن منھ برآء، فلا نعصي الله فیھم وإن عصوا الله فینا، ولا نكفرھم<br />
لإرجائھم إن كان من جنس إرجاء الفقھاء ما دام خلافھم معنا لفظیاً، فلا<br />
نكفرھم إلا أن یؤدي بھم إرجاؤھم إلى ترك التوحید والفرائض، أو إلى<br />
الكفر أو الشرك وتسویغھ، أو إلى تولي الطواغیت ونصرتھم، أو المشاركة<br />
في تشریعھم، أو مظاھرتھم على الموحدین.<br />
ونبغض جماعات الإرجاء التي میّعت الدین، وشاركت أو سوّ غت<br />
المشاركة في الحكم بغیر ما أنزل الله، أو التشریع مع الله من خلال<br />
الدیمقراطیة، أو إظھار النصرة للمرتدین، ونبرأ من طریقتھا، ونعتبرھا<br />
جماعات بدع وضلالة، قد ضلوا وأضلوا عن سواء السبیل، ونرى أن<br />
رؤوسھا من الدعاة على أبواب جھنم، ومع ھذا؛ فنحن لا نكفر من ھذه<br />
الجماعات إلا من قارف الكفر منھم أو نصره أو سوّ غھ أو ظاھر أھلھ على<br />
الموحدین، ولا نكفرھم بالعموم.<br />
ونحفظ لعلمائنا العاملین حقھم، وكذلك دعاتنا المجاھدین، الذین یبلغون<br />
رسالات الله ویخشونھ ولا یخشون أحداً إلا الله.<br />
وتقرّ أعیننا بطلب العلم الشرعي، ونحب طلبتھ، ونبغض أھل الرأي،<br />
وأصحاب البدع، وأصحاب الكلام الذین یقدمون العقول على النقول، أو<br />
یقدمون استصلاحاتھم واستحساناتھم على نصوص الوحي.<br />
ونبغض مدارس الطواغیت وندعو إلى اجتنابھا، ولا نكفر من شارك<br />
فیھا دراسة أو تدریساً، إلا أن یباشر ویشارك في كفر أو یسوغھ أو یدعو<br />
إلیھ، ولا نمانع من تعلم العلم الدنیوي المفید إن سلم من المحظور، ولا ندعو<br />
إلى ترك الأسباب، ونحث على تربیة الذراري على التوحید، وتبصیرھم<br />
بأمر دینھم ودنیاھم؛ لیكونوا لدین الله جنداً صادقین وأنصاراً عاملین.<br />
دار الكفر ودار الإسلام وقاطنیھا<br />
(27)<br />
منبر التوحید والجھاد
ھذه عقیدتنا<br />
ونقول بقول الفقھاء عن الدار إذا علتھا أحكام الكفر وكانت الغلبة فیھا<br />
للكفار وشرائعھم؛ إنھا دار كفر.<br />
ولكننا نعتقد؛ بأن ھذا اصطلاح لا دخل لھ في الحكم على قاطني<br />
الدیار في ظل غیاب دولة الإسلام وسلطانھ، وتغلب المرتدین وتسلطھم<br />
على أزمة الحكمة في بلاد المسلمین، فإن ھذا المصطلح یطلق على الدار<br />
إذا علتھا أحكام الكفر، وإن كان أكثر أھلھا مسلمین، كما یطلق مصطلح<br />
"دار الإسلام" على الدار التي علتھا أحكام الإسلام، وإن كان أكثر أھلھا<br />
كفار ، ما داموا خاضعین لحكم الإسلام ذمة<br />
-<br />
–<br />
فلا نؤصل على ھذه المصطلحات أصولاً فاسدة، كما یفعل غلاة<br />
المكفرة، كمقولة؛ "الأصل في الناس الیوم الكفر مطلقاً"، ولا نتبنى شیئاً من<br />
ذلك، بل نعامل كل امرىء بما ظھر منھ ونكل سرائرھم إلى الله، فنعامل من<br />
أظھر الإسلام بھ، ونحكم علیھ بالإسلام، ونقول إن الأصل فیمن أظھر<br />
شرائع الإسلام؛ الإسلام، ما لم یتلبّس بناقض، وكذلك نعامل من أظھر الكفر<br />
والشرك، وتولى المشركین وظاھرھم على الموحدین؛ بما أظھر، حتى<br />
یؤمن با وحده، ویوحّد في عبادتھ، وینخلع عما ھو فیھ من كفر ویبرأ منھ.<br />
وحلق اللحى أو التشبھ بالكفار ونحوه من المعاصي مما عمت بھ<br />
البلوى وانتشر في ھذا الزمان؛ لا یصلح وحده أدلة للتكفیر، فلیست ھذه<br />
أسباباً صریحة للتكفیر، فلا نستحل بمثلھا الدماء والأموال كما یفعل غلاة<br />
المكفرة "فإن استباحة دماء المصلین الموحدین خطر عظیم، والخطأ في<br />
ترك ألف كافر أھون من الخطأ في سفك محجمة من دم مسلم".<br />
-<br />
–<br />
الصلاة<br />
ونرى الصلاة خلف كل بر وفاجر من أھل القبلة، وعلى من مات<br />
منھم، ما لم یتلبسوا بناقض ظاھر، ویمنع من تكفیرھم مانع.<br />
(28)<br />
منبر التوحید والجھاد
ٍ<br />
ھذه عقیدتنا<br />
ولا ننزل أحداً منھم جنة ولا ناراً.<br />
ولا نشھد علیھم؛ بكفر ولا بشرك ولا بنفاق، ما لم یظھر منھم شيء<br />
من ذلك.<br />
ونواب<br />
الطواغیت (14)<br />
-<br />
في الصلاة عندنا ما بین:<br />
متولّ لھم؛ فھو كجندھم وعساكرھم في نصرتھم، أو مسوِّغ<br />
لدیمقراطیتھم مدافع مناصر لشركھم، فھؤلاء لا نرى الصلاة خلفھم، لأنھم<br />
منھم ولیسوا منا بل ننھى عنھا، ونأمر بإعادتھا لمن صلى خلفھم، {وَ لَنْ<br />
یَجْعَلَ اللهُ لِلكَافِرِ ینَ عَلَى المُؤْ مِنِینَ سَبِیلا ً} [النساء:<br />
.[141<br />
-<br />
-<br />
أو مداھن مكثر لسواد أوقافھم وولایتھم الباطلة لأجل المعیشة<br />
والدنیا؛ فلا تبطل الصلاة خلفھ، وحكم الصلاة خلف ھؤلاء؛ كحكم الصلاة<br />
خلف أھل الفسق وأصحاب البدع غیر المكفرة، فنحن نكرھھا ولا نبطلھا،<br />
والصلاة خلف أھل السنة والتوحید المظھرین للسنة والبراءة من أھل<br />
الشرك والتندید أحب إلینا.<br />
-<br />
-<br />
-<br />
والدعاء للحكام والسلاطین كفارً ا كانوا أم مسلمین من بدع الجمعة<br />
عندنا، وعلامة على الدخول في طاعتھم، ونحن نكرھھا وننكرھا، والصلاة<br />
خلف من یتركھا من أھل السنة أحب إلینا، ولا نبطل الصلاة بسببھا، ولا<br />
نرى إعادتھا، إلا أن یكون الدعاء صریحاً بالنصرة للطواغیت أو لدینھم<br />
الشركي، فحكمھم حكم أنصارھم وأجنادھم، فالنصرة باللسان صنو النصرة<br />
بالسنان.<br />
ونعتقد أن العالم إذا بایع الطاغوت المشرّ ع أو الحاكم الكافر، فأعطاه<br />
صفقة یده وثمرة فؤاده، أو نصره وتولاه ودار معھ في الفتوى حیث دار؛<br />
بأنھ كافر مرتد.<br />
أما من تولى المناصب في حكومات الكفر من العلماء والمشایخ؛ فكل<br />
حسب منصبھ.<br />
إن كان فیھ كفر أو إعانة على كفر أو مشاركة في التشریع الكفري<br />
أو نصرة ومظاھرة للمشركین على الموحدین؛ فھذا كافر عندنا، وما طول<br />
لحیتھ أو عظم لقبھ وشھادتھ وعمامتھ، بموانع للتكفیر عندنا.<br />
وإن لم یكن في منصبھ شيء من ذلك لكن كان فیھ تكثیر لسواد<br />
الباطل وتلبیس للحق بھ؛ فھؤلاء من الرؤوس الجھال الذین ضلوا وأضلوا.<br />
14<br />
لیس المقصود بالنواب ھنا نواب البرلمانات المشرعین مع الله، فھؤلاء كفار لا<br />
تجوز الصلاة خلفھم، ولا نعمة ولا كرامة، ولكن المقصود بذلك أئمة المساجد،<br />
التابعین لوزارات الأوقاف، الذین أنابتھم الحكومات الطاغوتیة لإمامة المسلمین.<br />
(29)<br />
منبر التوحید والجھاد
ھذه عقیدتنا<br />
الجھاد والخروج<br />
والجھاد ماض مع كل طائفة من المسلمین، وللمرء أن یجاھد وحده أو<br />
مع الأمراء بَرّ ھم وفاجرھم إلى قیام الساعة، ولا تجوز طاعتھم في معصیة<br />
الله، لكن یجوز أن نقاتل من كفر با مع من عصى الله عند الحاجة، من<br />
باب دفع أعظم المفسدتین بأدناھما.<br />
لكن الجھاد تحت الرایة السنّیة الفاضلة؛ أحب عندنا وأولى وأوجب،<br />
والجھاد فریضة من الفرائض، لا یعطلھ فقد إمام ولا انعدام دولة الإسلام.<br />
ولا نرى السیف على أحد من أھل القبلة الموحدین، إلا من وجب علیھ<br />
السیف منھم بالدلیل القطعي، والعصمة ثابتة لھم بیقین، فلا تزول إلا بیقین،<br />
"فاستباحة دماء المصلین الموحدین خطر عظیم، والخطأ في ترك ألف كافر<br />
أھون من الخطأ في سفك محجمة من دم مسلم<br />
."<br />
(30)<br />
منبر التوحید والجھاد
ھذه عقیدتنا<br />
-<br />
-<br />
-<br />
-<br />
-<br />
ولا نرى الخروج على أئمة المسلمین وأمرائھم وولاة أمرھم<br />
المسلمین وإن جاروا، ولا ننزع یداً من طاعتھم، ما أمروا بالمعروف،<br />
ونرى طاعتھم واجبة ما لم یأمروا بمعصیة، وندعو لھم بالھدایة والصلاح.<br />
ونرى وجوب الخروج على أئمة الكفر من الحكام الكفرة المتسلطین<br />
على رقاب المسلمین، وأنھم ارتدوا عن الدین؛<br />
بتبدیلھم الشریعة.<br />
والتشریع مع الله.<br />
والتحاكم إلى طواغیت الشرق والغرب.<br />
وتولي أعداء الله.<br />
ومعاداة دینھ وأولیائھ.<br />
وأن الدعوة والعمل وبذل الجھد لأجل تغییرھم؛ فرض على المسلمین،<br />
كل بحسب استطاعتھ، ومن عجز عن حمل السلاح، لم یعجز عن نصرة من<br />
حملھ ولو بالدعاء.<br />
وأن الإعداد المادي والمعنوي لذلك واجب من واجبات الدین.<br />
ونعتقد؛ أن قتالھم أولى من قتال غیرھم، لأن كفر الردة أغلظ<br />
بالإجماع من الكفر الأصلي، ولأن حفظ رأس المال مقدّم على الربح، ولأن<br />
جھاد الدفع مقدم على جھاد الطلب، ولأن البداءة بجھاد من یلوننا من الكفار<br />
أولى من جھاد من ھم أبعد.<br />
وأیضاً فما مكّن للیھود ولا للنصارى ولا لغیرھم من الكفار في بلاد<br />
المسلمین وجعل أموال المسلمین وبلادھم نھبة لھم؛ إلا ھؤلاء المرتدین.<br />
-<br />
ونرى أن المعطلین لجھادھم بشبھات متھافتة كدعوى عدم الھجرة<br />
أو التمایز، أو عدم وجود الإمام القوام على أھل الإسلام ھم أھل جھالة<br />
وضلالة، قد أفتوا بغیر علم فضلّوا وأضلّوا، وخذلوا الدین وخذّلوا عن<br />
نصرتھ.<br />
-<br />
بل نعتقد؛ أن قتالھم على كل حال وخلعھم وتغییرھم حتى یكون الدین<br />
كلھ ؛ من أوجب الواجبات، والھجرة اللازمة لذلك إنما ھي الھجرة إلى الله<br />
بالتوحید، والھجرة إلى رسولھ صلى الله علیھ وسلم بالمتابعة .<br />
والإعداد الجاد والمتكامل لمثل ھذا العمل ؛ واجب عندنا، وھو أولى<br />
من الأعمال الفردیة والجھود المبعثرة.<br />
(31)<br />
منبر التوحید والجھاد
ھذه عقیدتنا<br />
وإذا كان القیام علیھم والسعي لتغییرھم لا یجب إلا على المستطیع،<br />
فشرط الوجوب لیس شرطاً للجواز، فیجوز أن یقاتلھم المرء ولو وحده،<br />
وإن أیقن الشھادة وعدم الظفر، فالجھاد عبادة وفریضة مشروعة إلى قیام<br />
الساعة لا یبطلھا شيء، فیجوز بذلھا في كل وقت، كالصدقة في نسبتھا إلى<br />
الزكاة.<br />
فالجھاد ھو المدرسة التي تتربى من خلالھا القاعدة العریضة وتترسخ<br />
بھا الأساطین المتینة التي علیھا قوام ھذا الدین.<br />
الطائفة المنصورة<br />
ونؤمن بما أخبر بھ النبي علیھ الصلاة والسلام عن الطائفة<br />
المنصورة، حیث قال: (لا تزال طائفة من أمتي یقاتلون على الحق ظاھرین<br />
إلى یوم القیامة)، قال: (فینزل عیسى بن مریم علیھ السلام، فیقول أمیرھم:<br />
تعال ِ صَلّ لنا فیقول : لا إن بعضكم على بعض أمراء تكرمة الله لھذه الأمة)،<br />
[رواه مسلم عن جابر مرفوعاً].<br />
وقال: (لا تزال عصابة من أمتي یقاتلون على أمر الله عز وجل<br />
قاھرین لعدوھم، لا یضرھم من خالفھم حتى تأتیھم الساعة وھم على ذلك)<br />
[رواه مسلم عن عقبة بن عامر مرفوعاً].<br />
وعن سلمة بن نفیل الكندي رضي الله عنھ قال: (كنت جالساً عند<br />
رسول الله صلى الله علیھ وسلم فقال رجل: یا رسول الله أذال الناس الخیل<br />
ووضعوا السلاح! وقالوا: لا جھاد قد وضعت الحرب أوزارھا، فأقبل<br />
رسول الله علیھ الصلاة والسلام بوجھھ وقال: "كذبوا، الآن جاء دور القتال،<br />
ولا یزال من أمتي أمة یقاتلون على الحق، ویزیغ الله لھم قلوب أقوام،<br />
ویرزقھم منھم، حتى تقوم الساعة، وحتى یأتي وعد الله، والخیل معقود<br />
بنواصیھا الخیر إلى یوم القیامة، وھو یوحى إلي أني مقبوض غیر ملبث<br />
وأنتم تتبعوني أفناداً یضرب بعضكم رقاب بعض، وعقر دار المؤمنین<br />
الشام") [حدیث صحیح، رواه أحمد والنسائي].<br />
(32)<br />
منبر التوحید والجھاد
ھذه عقیدتنا<br />
فھي طائفة تمثل أنصار ھذا الدین في كل زمان، وھي طائفة مجاھدة<br />
مقاتلة، تسعى لنصرة دین الله من كل وجوه النصرة... فنسأل الله تعالى أن<br />
یجعلنا من أھلھا وأن یختم لنا بالشھادة في سبیلھ.<br />
وبعد...<br />
فھذا دیننا واعتقادنا، ظاھراً وباطناً، دیناً وسطاً بین الغلو والتقصیر،<br />
وبین التشبیھ والتعطیل، وبین الجبر والقدر، وبین الأمن والإیاس، لا إلى<br />
أھل الإفراط ولا إلى أھل التفریط.<br />
نبرأ إلى الله من كل دین وملة ونحلة سواه، ونسألھ تعالى أن یثبتنا<br />
على الإیمان، وأن یختم لنا بھ، وأن یعصمنا من الأھواء المختلفة والآراء<br />
المتفرقة والمذاھب الردیة.<br />
وصلى الله وسلم على نبینا محمد وعلى آلھ وصحبھ أجمعین<br />
وكتب<br />
أبو محمد المقدسي<br />
جمادى الآخرة<br />
من ھجرة المصطفى علیھ الصلاة<br />
والسلام<br />
/ سنة 1418<br />
(33)<br />
منبر التوحید<br />
منبر التوحید والجھاد والجھاد<br />
* * *<br />
http://www.tawhed.ws<br />
http://www.almaqdese.net
ھذه عقیدتنا<br />
(34)<br />
منبر التوحید والجھاد