04.07.2020 Views

نبض المجتمع العدد 7

العدد السابع من مجلة نبض المجتمع

العدد السابع من مجلة نبض المجتمع

SHOW MORE
SHOW LESS

Create successful ePaper yourself

Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.

أما محمد أركون الذي ولد هو اآلخر بقبيلة أيت يني

بالقبايل بالجزائرسنة 1928 يف نفس بلدة مولود معمري بتاوريرت

ن ميمون،‏ من عائلة فقرة،‏ رحل والده اىل ضواحي مدينة وهران،‏

ودخل إىل مدرسة اإلباء البيض التبشرين،‏ ومنها انتقل اىل الجزائر

العاصمة ودرس بها القانون واآلداب والفلسفة،‏ ومنها رحل إىل

جامعة الرسبون بتوصية أحد اساتذته.‏ ويعتر أركون من بن

أحد علاء عره،‏ يتقن عدة لغات،‏ أمازيغية وعربية وفرنسية

وانكليزية واملانية،‏ والف العديد من الكتب يف التاريخ والفلسفة

وعلم الحضارات واألديان،‏ ويقول عن نفسه انه يحمل مروعا

فكريا ساه مروع نقد العقل اإلسالمي،‏ فهو مروع تاريخي

وانروبولوجي،‏ من مؤلفاته:‏ الفكر العريب/‏ اإلسالم أصالة ومارسة/‏

الفكر اإلسالمي نقد واجتهاد/‏ من االجتهاد إىل نقد العقل

اإلسالمي/‏ قضايا يف نقد العقل الديني/‏ الفكر األصويل واستحالة

التأصيل...والعرات من املؤلفات األخرى كلها تعالج القضايا التي

تخصص فيها أركون،‏ وعى رأسها نقد الخطاب الديني.‏ وقد درس

أركون يف جامعة الرسبون بفرنسا وبجامعة برلن وجامعة كاليفورنيا

بالواليات املتحدة االمريكية سنة 1969، ثم جامعة برنستون سنة

1985 وجامعة نيويرك 2003. 2001/ كا اشتغل خالل نفس املدة

مستشارا علميا ملكتبة الكونكريس األمريي بواشنطن.‏

ومعروف بسمعته العلمية وبقامته املعرفية املحرمة،‏ وشغل

عضوا يف العديد من اللجن العلمية ذات الصبغة الدولية.‏ تويف يوم

14 شتنر 2010 بفرنسا ودفن مبدينة الدار البيضاء باملغرب تنفيذا

لوصيته،‏ وبعث امللك محمد السادس رسالة عزاء ومواساة لزوجته

املغربية.‏ وهكذا نرى أن هذا املفكر االمازيغي العاملي الذي زار

ودرس بأبرز الجامعات الدولية وترجمت كتبه إىل مجموعة من

لغات العامل،‏ املولود بالجزائر،‏ اختار أن يدفن تحت تراب املغرب.‏

أما الفنان إدير الذي فارقنا قبل أيام قليلة،‏ فانه هو اآلخر

ابن قبيلة أيت يني بالقبايل،‏ ولد بإحدى قراها الجبلية سنة

1949، فهو شاعر وموسيقى وعازف ماهر،‏ حقق نجاحا كبرا،‏

استطاع أن يجعل املوسيقى األمازيغية تحلق يف ساء العاملية،‏

اخرجها من بوتقة املحلية والخصوصية إىل موسيقى تصدح بها

حناجر شعوب وأقوام كثرة،‏ عزف أغاين بلغة القبايل مستوحاة

من اساطر الجدات واالمهات عى منصات املهرجانات وامللتقيات

الفنية يف عدد كبر من دول العامل.‏ اعرف به أمهر املوسيقين

والفنانن العاملين أمثال أزنافور وآخرون،‏ وانترت جميع أغانيه

يف كل بلدان شال افريقيا وأوروبا.‏ ينتمي إدير إىل طينة الفنانن

امللتزمن الذين ينشدون الحرية والحياة لجميع الشعوب.‏ والذين

يبدعون بالفن واملوسيقى ملحاربة كل اشكال االضطهاد والظلم

والجور.‏ كان طيلة حياته شعلة تضيئ الحرية واملساواة لالنسانية

جمعاء.‏ كان شديد االنتقاد لدولته الجزائر بسبب عدم اعرافها

بحقوق األمازيغ،‏ واغرب يف فرنسا لعقود،‏ ومل يعد إىل الجزائر إال

سنة 2018 حن تم االعراف باألمازيغية يف الدستور الجزائري.‏

وبعد وفاته مؤخرا خلق رجة عاملية من حجم العزاء واملواساة

الذي لقاه عر مختلف وسائل االعالم الدولية واملحلية واإلقليمية،‏

وعزاه ثالث رؤساء الدول.‏ ومالين الناس باملغرب والجزائر وفرنسا

وليبيا وتونس ومختلف بقاع العامل.‏

وكان إدير يحب املغرب كثرا ويعتره مبثابة وطنه الثاين،‏

بالرغم من منفاه االختياري يف فرنسا ورفضه زيارة الجزائر وتنظيم

ملتقيات فنيه به،‏ فإنه كان دائم الحضور باملغرب،‏ ويحرس عى

تلبية جميع دعوات املشاركة يف السهرات واملهرجانات الفنية،‏ فمنذ

سنة 1997 كان إدير دائم املشاركة يف مختلف امللتقيات.‏ وقد

ترف األسطورة إدير بافتتاح الدورة األوىل من مهرجان تيميتار

سنة 2004، وشارك يف عدة نسخه فيا بعد،‏ ثم شارك يف مهرجان

موازين بالرباط سنة 2013، ومهرجان تاوزيا بطنجة،‏ ولقاءات

أخرى بتافراوت وتزنيت والدارالبيضاء ومكناس ‏...وكانت كل سهراته

تعرف نجاحا كبرا وحضورا جاهريا وازنا ومميزا.‏ ورصح أكر من

مرة عى انه يرغب يف تلحن وغناء احدى قصائد الشاعر صدقي

عي أزايكو.‏ ويطهر من عدة استجوابات صحافية اجراها الفنان

الراحل أنه يعشق املغرب كثرا،‏ ويشعر كأنه يتجول يف بلده

القبائل بالجزائر،‏ خاصة حن ينزل مبدينة أكادير.‏

ماذا نستشف من كل هذه املسارات والتجارب؟

نستشف أن لدى كل من مولود معمري ومحمد أركون وإدير،‏

مفهوما آخرا للوطن.‏ يساءل املفهوم الجاف والضيق ل«لدولة

الوطنية«‏ املبنية عى االقصاء والعرق عن طريق تقديس العروبة

والقومية العربية.‏ فالوطن عند هؤالء هو مجال مفتوح يشمل كل

بلدان شال افريقيا،‏ هو علم ال يؤمن بحدود رسمها االستعار

وسيجتها القومية العربية املتزمتة،‏ هي قيود كرسها مولود

معمري بلسانياته االمازيغية،‏ وهدمها محمد أركون بتاريخه الناقد،‏

وحطمها إدير بكيتارته السحرية.‏ وقبلهم استنكرها عريس الشهداء

معتوب لونيس منذ سنة 1963 حن رفض قتال اخوانه املغاربة

حيث كان يف صفوف التجنيد اإلجباري،‏ ورمى بندقيته وهرب إىل

جبال القبايل رافضا اقتتال املغاربة يف حرب عشواء ومجانية.‏

وهذا يذكرنا فعال بفرات تاريخية كان فيها االمازيغ الزواوة،‏ (

ايزواوين هو االسم األصي للقبايل بالجزائر هم من فروع قبيلة

كتامة األمازيغية(‏ يساهمون يف بناء وصناعة التاريخ باملغرب،‏

فمنهم قبائل كثرة هاجرت إىل املغرب واستقرت مبناطق متفرقة،‏

وقد بزغ دورهم السيايس بشكل كبر يف فرة السلطان املنصور

الذهبي،‏ حيث شكلوا فيلقا مها ضمن جيوشه.‏

فهذه التجارب الجزائرية التي أنجبتها قبيلة واحدة للصدفة،‏ مل

تتمسك بنزعات سياسة نظام الجزائر وقشورها وأفكارها املتزمتة

تجاه التعدد اللغوي والثقايف.‏ وتجاه االمازيغية تحديدا.‏ وهو

النظام العسكري املغلق الذي الزال يحلم بتأسيس جمهورية عربية

عى صحراء املغرب األمازيغية.‏

عرف عنه بشن سياسة متشددة ودموية تجاه االمازيغ،‏ اغتال

فيهم الكثر والكثر من الشباب واملثقفن والنشطاء والعلاء

والفنانن،‏ أبرزهم معتوب لونيس ومولود معمري وماسينسا

گرماح ورفقائه 126 شهيدا يف سنة 2001 اغتالهم بالرصاص الحي،‏

ال يطالبون إال بحقوق عادلة ومروعة بانصاف لغتهم وثقافتهم

وهوياتهم.‏

فهذه القامات الذي ذكرنا جزءا صغرا من مساراتها وحيواتها،‏

فهي قامات وشخصيات علمية وعاملة،‏ تشبعت بالعلم واملعرفة

وتسلحت بالبحث االكادميي الجاد والرصن،‏ عاشت يف املغرب،‏

وعشقته لسبب بسيط ألنه يرون فيه امتدادا مجاليا وثقافيا

واجتاعيا لوطنهم الجزائر،‏ ألن جبال األطلس باملغرب ومدنه

تتنفس االمازيغية التي تتنفسها جبال دجرجورة بالقبايل.‏ كا أن

النظام املغريب استقاف من سباته العرويب مبكرا . باملقارنة مع

الجزائر.‏

دروس هؤالء العباقرة وعالقتهم باملغرب،‏ يجب أن تدرس وأن

تؤخذ بعن االعتبار من طرف الدولة املغربية،‏ وأن تستوعب املغزى

من هذه التجارب،‏ وأن تكون دولة رحيمة مبواطنيها ورحيمة

باألمازيغية كثقافة وحضارة ولغة،‏ وأن تسارع إىل انقاذها وصيانتها.‏

األمازيغية تقرح لكم يف شال افريقيا وطنا منفتحا ومفتوحا

قوامه السلم وأساسه الثقافة وافقه املصر الحضاري املشرك.‏

7

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!