Interactive
18 interactive final
18 interactive final
- No tags were found...
You also want an ePaper? Increase the reach of your titles
YUMPU automatically turns print PDFs into web optimized ePapers that Google loves.
4140كأس شايكُ رسيٌّ ...ونادل،وشاي، وبُنّ ،وشارعيغليبالبشر...ماجد شاهنيكاتب وناشط أردنيماجد شاهني بارع في اللغة،وفي التقاط اللحظات الشارعية،وفي تزكية تألقاتها نصّ اً مُ دهشاملعالم.وكما أنتم تدخلون بترا منخالل سيق ضيّق طويل جميل،وتُدهشون مع أوّل ظهور للخزنة،وتُشهق أنفاسكم، فكذلك أنتممع نصوص ماجد.تعالوا معنا، إلى عالم ماجد،وادخلوه بتراه...لم يشغلني كثيرا ً كرسيّ ٌ من اخليزران ، كان يستخدمه كهلخلمسني سنة ً، أهدرها جالسا ً على رصيف ٍ عند مقهى .. بل كانيشدّ ني انتباهُه الدائم ُ إلى الشارع ِ وتفرّسُ ه في وجوه املارّين منهناك .حتى حني كان ينادي على النادل ليجلب له كأس شايه، ظلّالكهل مختلفا ً ومباغتا ً وغامضا ً إلى حد ّ ٍ كبير ، رغم مساحةواضحة من االنفراج ارتُسِ مَت على وجهه !...و لم يبهرني النادل ُمبا كان يتميّز به من سرعة وكياسة فيالتعامل مع زبائن املقهى واملكان ، بل أذهلني وعلى الدوام سلوكهفي التعامل مع النب ّ وقدرته الفائقة على تطويع محتويات الركوةوحثّها على “ الغليان “ إلى أن تفور ومن دون أن تندلق !تلك لعبة النادل والركوة والنار ....و لم يربكني ذاك اجلالس هناك في الزاوية، يكرع شايه بصوت فيه“ نحت ٌ و موسيقى حجريّة “ ، فيشدّ احلاضرين إليه ، وأمّ ا ينظر إليهأحد يروح إلى البحلقة ويبتسم !كان مزعجا ً مبا يكفي جللب واستحضار امتعاضات هنا وهناك، لكن ّ الناس ظلّوا منشغلني بورق اللعب أو ب ِ متتمات لتوليفمنيمة تليق بالشارع ....و بائع الترمس ، كان بارعا ً في تقدمي “ الطُ عم ِ “ للزبائن فيُهرع ُ، في العادة ، إلى دعوتهم للتذوّق و ميحضهم قطعة ليمونصغيرة مملّحة ، كانت كافية جللب احلظ وتسويق “ ترمساته“.كان يشدّ ني حني يرسل إلى النادل إشارة بأصابعه،وسرعان ما يحمل النادل كأس شاي كبيرة محالّة كماينبغي و يضعها على حافّة الترمس ، و يغرف بقبضة يدهمن الترمس ما يكفيه لكي يعود إلى املقهى و بسطة املاء ....و بائع البطاطا في العربة ،و بائع العصير اجلائل ،وخائط املالبس في الزاوية القليلة، الذي كان يرتق ماظهر من خرق و اتّسع ،وبائع هريسة يصارع جيوش الذباب التي تشن ّ هجوماًعلى بضاعته تلو الهجوم ،وماسح األحذية الذي يطيب له أن تتسخ أحذية الناسلكي يلقّ ط رزقه ،وامرأة تشققت منها اليدان جتلب طيورها و بيضدجاجاتها لكي تستبدلهن مبال قليل ينفع لشراء ما تقتضيهأسرار املنازل ،وعامل النظافة الذي يتفحّ ص محتويات األكياس التيتطرحها احملال ّ والبيوت ، لعل ّ أن يجد فيها ما قد يبيعه ،.. جميعهم يشدّ ون االنتباه حني تنفذ بضائعهم أوينتهون من أعمالهم ، فتظهر مالمح سحناتهم بكاملارتياحها أو غضبها ....و قبل اندالق العتمة بقليل ، تنشغل الشوارع بالعابريناملستعجلني الذين فرغوا من اعمالهم و أغلقوا محالّهمالشعبيّة و استعدوا جلوالت جديدة في البيوت ، يناكفونالزوجات و األبناء و يلتهمون ما يتوافر من طعام و ميارسوناجنعاء ً وارتخاء قبل النوم ،ثم ّ يهشّ ون على األوالد أن يخففوا صراخهم .مدهش أن نتخيّل كيف يذهب املتعبون إلى النوم !النوم فاكهة املتعبني الذين يكدّ ون في رحالت الشقاء وحصد القوت اليوميّ ....وأمّ ا تُغْلَق ُ املقاهي أبوابُها و ينوس الشارع عن آخره ،تكون آخر نشرات األنباء تهدهد أوقات الناس و تخبرهم أنكلّ األشياء على مايرام و أن رغيف اخلبز لم يفقد استدارتهبعد!...و ال يدهشني ، في األمر كلّه ، بعد الصراخ كلّه والغضبكلّه واجلوع كلّه والشارع كلّه والركوة التي لم تندلقوالترمس والنادل قليل احليلة والبطاطا ، ال يدهشني سوىأننا نحبّ النوم كثيرا ً فنروح بنعاسنا كلّه، نروح إليه !...و يدهشني أن في الركوة ما ينفع لكي تندلق .