Create successful ePaper yourself
Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.
@aliashuaib<br />
facebook@aliashuaib<br />
blog@aliashuaib<br />
aliashuaib.net<br />
د. عالية شعيب<br />
عيد مخضب<br />
بالدماء<br />
مر عيد األضحى خجوالً عىل استحياء من كمية الدماء التي ترشبت بها أرايض سورية والعراق وغريهام، من عدد<br />
الشهداء الذين ضجت بهم السامء... انفجارات وتدمري وحرائق، صفقات بني الحكومات، وميليشيات تلعب أدوارها<br />
عالنية وخفية. واألطفال الذين يكربون برسعة رغامً عنهم بسبب الوجع، والحرقة املرة تنتزعهم من أحضان أهلهم وترميهم<br />
للجوع والحرمان والترشد.<br />
مهجرون أيتام أو متسولون يف الشوارع بانتظار عدسة كامريا تلتقط أملهم، بدموع اختلطت بالدم والرتاب، شعر منكوش ورصخة صامتة<br />
كتمتها الفجيعة... الصغرية بفستانها األبيض امللطخ بالدم، وجهها البلور وشعرها األسود وخدودها املشمش وفمها الكرز، عىل طاولة<br />
مستشفى نصف مهدم، سارحة بينام الطبيب يحاول إسعافها... كيف أنساها؟! ستبقى صورتها محفورة يف خيايل وقلبي كلام شاهدت<br />
طفالً فرحاً مبالبس العيد، وكلام رأيت يداً صغرية متسك بحلوى العيد يسيل منها عسل األمان والطأمنينة، وكلام رأيت طفالً يسرتيح بحرير<br />
حضن أمه، سأتذكرها: الطفلة الحلم، باألبيض واألحمر، فتلك منبهي وجرس اإلنذار الخاص يب ألبقى واعية مستيقظة، فال أكون جبانة أو<br />
متبلدة، وال منومة، وأقف دامئاً يف صف الضعفاء، ضحايا العنف والحرب. أما الغريب فعالً فكان كمية العنف اللفظي، والشامتة التي<br />
شهدتها املواقع بعد انفجاري منهاتن وتشيليس... انفجاران وطعن بسكني يف وقت واحد يف الواليات املتحدة، عرشات الضحايا والجرحى،<br />
لكن مستوى الشامتة بالحادث والضحايا كان واسعاً ومنترشاً برضاوة عىل "تويرت" وغريه، وكأن األمل يُصنّف، أو الضحية يختلف لون دمها<br />
بحسب سياسة بلدها... أي جهل وتخلف؟! هذا ميت، وهذا ميت مثله بسبب عنف أو تفجري أو حريق! ملاذا نصنف الضحية بحسب<br />
جنسيتها، فنقرر التعاطف معها أم ال؟! فكر غريب ونفس غري سوية، ثم ما ذنب الضحية بسياسة بلدها ورئيسها إن كان معتوها أو سادياً<br />
أو أنانياً؟! هي ضحية تلك السياسة، وهي مخلفات تلك السياسة، ال ذنب لها بانفجار أو موت.<br />
هذه إذاً دعوة لنبذ التصنيف والعنرصية بالنظر للميت والحي... كلهم إنسان وكلهم عاش ظروف حياته وبيئته وبلده، ودفع مثنها.<br />
قلوبكم بالطيبة والتسامح وال تكرهوا، ال تشمتوا، فالكراهية سواد القلب، والشامتة سواد الروح. فاغمروا<br />
دافنيش: "الفيل ميلك 3 خصال يندر وجودها، هي االستقامة والرشد واعتدال الطباع". فرغم ضخامة الفيل، وبطء حركته، إال أنه يقول<br />
هذه الصفات الحكيمة الراقية. ولو حكمنا عليه بناء عىل مظهره وحركته وضخامته، فلن نتخيل امتالكه لهذه الصفات، لذلك من ميتلك<br />
الحكم عىل الكائن بناء عىل مظهره أو جنسيته أو ديانته... الحكم عىل إنسانيته وأخالقه وشخصيته • الخطأ<br />
172<br />
قهوة فنجان