الأشواق إلى مصارع العشاق في فضائل الجهاد
الأشواق إلى مصارع العشاق في فضائل الجهاد
الأشواق إلى مصارع العشاق في فضائل الجهاد
- No tags were found...
Create successful ePaper yourself
Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.
٣٥<br />
إِن أدبته غضب وشرد، وإن نصحته حرد وحقد! مع ما تتوف َعه من العقوق المعتاد، من كثيرٍ من الأولاد! إن<br />
أقدمت جبنك، وإن سمحت وأنفقت بخل َك، وإن زهدت رغ ّب ك! لقد عظمت به الفتنة، وأنت تعذ ُها مِنة! وعم به<br />
البلاء، وأنت تراه من النعماء!<br />
تود سروره مك، وفرحه بحزنك، وربحه بخسرانك، وزيادة درهمه وديناره بخف ّة ميزانك! تتكل َف من أجله مالا<br />
تطيق، وتدخل ُ بسببه <strong>في</strong> كل مضيق!<br />
ألقه يا هذا عن بالك إلى من خلقك وخلقه، وتوكل <strong>في</strong> رزقه بعدك على الذي رزقك ورزقه! كيف أسلمت إلى<br />
االله تدبيره <strong>في</strong> الملك والملكوت، ولم تسلم إليه تدبير ولدك بعدما تموت؟ وهل لك من تدبير ولدك قليل أو كثير، والله<br />
ملك السموات والأرض وما بينهما وإليه المصير؟!<br />
واالله لا تملك له ولا لنفسك نفعا َ ولا ضرا ً، ولا موتا َ ولا حياة ً ولا نشورا ً، ولا تستطيع أن تزيد <strong>في</strong> عمره يسيرا َ،<br />
ولا <strong>في</strong> رزقه نقيرا ً. وقد تفترسك المنية بغتة ً فتمسي <strong>في</strong> قبرك صريعا ً، وبعملك أسيرا َ، ويصبح ولدك العزيز بعد ك<br />
يتيما َ، ويأخذ مالك وإرثك عدوا َ كان أو رحيما ً، ويفترق عيالك ظاعنا ً ومقيما ً!<br />
عندها تقول: يا ليتني كنت مع الشهداء فأفوز فوزا َ عظيما ً، <strong>في</strong>قال لك: هيهات هيهات، فات ما فات، وعظم ت<br />
الحسرات، وخلوت بما ق َدمت من حسناتِ أو سيئات!<br />
اسمع قول االله العزيز الغفور، محذرا َ لك ما أنت عليه من الغرور: "يا أ َيها الناس اتق ُوا ربك ُم واخشوا يوما ً ل َّا يجزِي<br />
والِد عن ول َدِهِ ول َا مول ُود هو جازٍ عن والِدِهِ شيئا ً إِن َّ وعد الل َّهِ حق ف َل َا تغرنك ُم ال ْحياة ُ الدنيا ول َا يغرنك ُم بِالل َّهِ ال ْغرور<br />
."٣٣: لقمان "٣٣" " "<br />
هذا: وإن كان ولدك من السعداء، فستجمع بينك وبينه الجنان ُ، وان ْ كان َ من الأشقياء، فليكن من الآن، لا<br />
يجتمع أهل ُ الجنة مع أهل النار، ولا الأخيار مع الأشرار!<br />
ولعل االله يرزقك الشهادة، فتشفع <strong>في</strong>ه، وتكون ُ بفراقك له ساعيا ً <strong>في</strong> أن تنجيه، احرص على ما ينجيك من العذاب<br />
ولا تزهد <strong>في</strong>ه، <strong>في</strong>وم القيامة يفر المرء من أخيه وأمه وأ َبيه، وصاحبته وبنيه، لكل امرىء منهم يومئذِ شأن ٌ يغنيه.. إن ً<br />
هذا لهو البيان العظيم، واالله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم..