07.12.2015 Views

AlHadaf Magazine - December 2015

You also want an ePaper? Increase the reach of your titles

YUMPU automatically turns print PDFs into web optimized ePapers that Google loves.

رِ‏<br />

ْ<br />

َ<br />

رِ‏<br />

‏أنسامٌ‏ من<br />

خمائلِ‏ ‏لأدبِ‏<br />

بضاعةُ‏ الذكاء الرّابحة<br />

ذمةٌ‏ قليلون،‏ بينام تعجز رشيحةٌ‏ كبريةٌ‏ من النّاس عن رشرِ‏<br />

تتقنها تتقرِنها لغةٌ‏ الذّكاء<br />

فكّ‏ رموز هذه اللّغة،‏ وال نقول استيعابها؛ ألنّ‏ االستيعاب درجةٌ‏ عاليةٌ‏ ال<br />

بلوغها،‏ بلوغرِها،‏ ولعلّ‏ الواحدّ‏ منهم يردّدُ‏ هامساً‏ أصحاب هذه الرشيحة إىل يرنو<br />

قولَ‏ الشاعر:‏<br />

جهاد طاهر بكفلوين د.‏<br />

َ ، فلم يجدْ‏ بدّاً‏ من وضعِ‏ حدٍّ‏ لهذه الحالةِ‏ ، فتمنّى لو أصبحت الرّيحُ‏ الواقعِ‏<br />

ميتطيهِ‏ ليوصلَهُ‏ إىل بيتِ‏ الرّجلِ‏ العجوزِ‏ ليستفرسَ‏ عن الذي حدثَ‏ ‏َث<br />

حصاناً‏<br />

مسرتيحاً‏ ناعمَ‏ البالرِ‏ رِل وعشْ‏<br />

صعبٌ‏ وعرِ‏<br />

إنّ‏ املجدَ‏ سُ‏ لَّمُ‏ هُ‏ ال تطلبرِ‏ املجدَ‏<br />

أمامَهُ‏ يف ذلكَ‏ النّهارِ،‏ فيفهمَ‏ بعضَ‏ رموزِ‏ اللغةِ‏ العجيبةِ‏ التي أدارَ‏ بها امللكُ‏<br />

والعجوزُ‏ دفّةَ‏ الحوارِ.‏<br />

بالطبعِ‏ شاعرُنا املتنبّي يرفضُ‏ هذا املبدأَ‏ رفضاً‏ قاطعاً،‏ ويرصُّ‏ عىل سلوكِ‏ طريقِ‏<br />

املجد مهام احتشدت الصّ‏ عابُ‏ يف الطّ‏ ريقِ‏ ؛ لذلك نسمعهُ‏ يقول:‏<br />

هنيهةٌ‏ قصريةٌ‏ من الوقتِ‏ مرّتْ‏ قبلَ‏ وصولِ‏ الوزيرِ‏ إىل بيتِ‏ العجوز،‏ وما إنْ‏<br />

بدَّ‏ دونَ‏ الشّ‏ رِد هد من إبَررِ‏ النّحْ‏ لرِ‏ وال<br />

لُقيانَ‏ املعايل رخيصةً‏ تريدينَ‏<br />

حطَّ‏ بهِ‏ الرّكبُ‏ هناك حتّى سارعَ‏ إىل طرقِ‏ البابِ‏ ؛ منتظراً‏ إطاللةَ‏ العجوزِ‏<br />

وصادفتْ‏ هذه الدّعوةُ‏ أذناً‏ صاغيةً‏ لدى أيب فراس الحمداينّ‏ فرفضَ‏ أنصافَ‏ انتظارَ‏ الصّ‏ ائمِ‏ هاللَ‏ عيدِ‏ الفطْ‏ رِ،‏ ثمّ‏ انهالَ‏ بطرحِ‏ األسئلةِ‏ عىل ذلكَ‏ الرّجلِ‏<br />

الحلولِ‏ ، وأعلنَ‏ مبدأَهُ‏ الواضحَ‏ :<br />

الحكيمِ‏ الذي حلبَ‏ الدّهرَ‏ أشطُ‏ رَهُ،‏ متوقّعاً‏ أن يسعفَهُ‏ بردودٍ‏ تشفي غليلَه،‏<br />

الصّ‏ درُ‏ دونَ‏ العالَمنيَ‏ أو القبْ‏ ‏ُب لنا<br />

أناسٌ‏ ال توسُّ‏ طَ‏ بينَنا ونحنُ‏<br />

لكنّ‏ العجوزَ‏ الذي تلقّى نصيحةَ‏ امللكِ‏ بأالّ‏ يبيعَ‏ رخيصاً‏ وجدَ‏ املجالَ‏ متاحاً‏<br />

وهذه الحكايةُ‏ ترينا أنّ‏ تجارةَ‏ الذّكاء رابحةٌ‏ بال رأسِ‏ مالٍ‏ .<br />

لتطبيقِ‏ تلكَ‏ النصيحةِ‏ تطبيقاً‏ عمليّاً،‏ فام كانَ‏ منهُ‏ إالّ‏ أنْ‏ طلبَ‏ مبلغاً‏ لقاءَ‏<br />

فتحِ‏ فمِهِ‏ بالجواب،‏ فلم يرتدّد الوزيرُ‏ يف منحِ‏ هِ‏ ألفَ‏ درهمٍ‏ ، وبدأ العجوز يزيحُ‏<br />

قرّر امللكُ‏ اصطحابَ‏ وزيرِه يف جولةٍ‏ يطمئنّانِ‏ فيها عىل أحوال البالدِ‏ والعبادِ،‏ عن كلِ‏ ما بدا طلسامً‏ للوزير:‏ السِّرتْ‏<br />

حطّ‏ بهام الرِّكابُ‏ يف دارِ‏ عجوزٍ‏ بلغَ‏ من الكبَ‏ الكبِ‏ عتيّاً،‏ وإليكم الحديث الذي ثمّ‏<br />

أمّا االثنانِ‏ فعنيتُ‏ بهام الرِّجْ‏ لني وأصبحا ثالثةً‏ مع العصا.‏<br />

دارَ‏ بني امللكِ‏ والعجوزِ:‏<br />

درجةُ‏ فضولِ‏ الوزيرِ‏ تراجعتْ‏ قليالً؛ يف الوقت الذي علتْ‏ فيه درجةُ‏ طمعِ‏ العجوزِ،‏<br />

امللكُ‏ : السّ‏ المُ‏ عليكم يا أيب العجوز!‏<br />

فطلبَ‏ يف السّ‏ ؤال الثاين ضِ‏ عفي املبلغِ‏ األوّلِ‏ ، وعندما حصلَ‏ عىل ألفني قالَ‏ :<br />

العجوزُ‏ الذي ردّ‏ التحيّة مبثلِها:‏ وعليكم كام ذكرتُم ورحمةُ‏ الله وبركاتُهُ.‏ وأمّا القويُّ‏ فهو السّ‏ مْ‏ عُ‏ ، وقد باتَ‏ اليومَ‏ كام ترى ضعيفاً،‏ والشاعرُ‏ يقولُ‏ :<br />

امللك مفتتحاً‏ العرضَ‏ الغامضَ‏ األوّلَ‏ : كيفَ‏ حالُ‏ االثنني؟!‏<br />

أحوجتْ‏ سمعي إىل ترجُ‏ رِن امن<br />

قد<br />

الثامننيَ‏ – وبُلِّغْتَها - إنّ‏<br />

بالطّ‏ بعِ‏ الوزيرُ‏ مل يفهم املقصودَ‏ باالثننيِ.‏<br />

ثمّ‏ وجدَ‏ الطريقَ‏ أمامَهُ‏ مفتوحاً،‏ ومل تكنْ‏ حركةُ‏ السّ‏ ريِ‏ فيه مزدحمةً،‏ فطلبَ‏<br />

العجوز حريصاً‏ عىل بقاء درجةِ‏ الغموض يف حركةٍ‏ لولبيّةٍ‏ صاعدةٍ‏ هابطةٍ:‏ ضعفي املبلغِ‏ الذي قبْلَه فأعطاهُ‏ الوزيرُ‏ أربعةَ‏ آالفٍ‏ فختمَ‏ الحديثَ‏ بالقولِ‏ :<br />

لقد أصبحوا ثالثةً.‏<br />

وأخرياً‏ فإنّ‏ البعيدَ‏ هو النظرُ،‏ وقد أصبحَ‏ نظري قريباً،‏ أي ال يستطيعُ‏ رؤيةَ‏<br />

العجوزُ:‏ لقد أصبحَ‏ ضعيفاً.‏ : وكيف حالُ‏ القويِّ‏ ؟!‏ امللكُ‏<br />

األشياءِ‏ إالّ‏ إذا قرّبَ‏ نظرَهُ‏ منها.‏<br />

العجوزُ:‏ لقد أصبحَ‏ قريباً.‏ : وكيف حالُ‏ البعيدِ؟!‏ امللكُ‏<br />

وعندما طالَبَه الوزيرُ‏ باإلجابةِ‏ عن السؤالِ‏ األخريِ؛ امتنعَ‏ العجوز عن اإلجابة<br />

وهنا ازدادَ‏ املشهدُ‏ غموضاً‏ يف ذهنِ‏ الوزيرِ‏ الذي بدا لهُ‏ أنّ‏ الحوارُ‏ يدورُ‏ بلغةٍ‏ حتى حصلَ‏ عىل مبتغاهُ‏ باقتناصِ‏ مائة ألفِ‏ درهمٍ‏ فقالَ‏ :<br />

علَّ‏ حجبَ‏ الغموضِ‏ تتهاوى شيئاً‏ فشيئاً.‏ بِ‏<br />

لكنّهُ‏ الذَ‏ بالصّ‏ غريبةٍ،‏<br />

عامّ‏ جرى بيننا من حديثٍ‏ ، وأينّ‏<br />

امللكَ‏ كان يعلمُ‏ أنّك ستأيت إيلَّ‏ لتستفرسَ‏ إنّ‏<br />

العجوزُ:‏ ال توصِ‏ حريصاً.‏ : ال تبِعْ‏ رخيصاً.‏ امللكُ‏<br />

لن أتردّدَ‏ يف رشحِ‏ هِ‏ لك،‏ وأوصاين بأالّ‏ أعطيكَ‏ مفاتيحَ‏ الكالمِ‏ إالّ‏ بعد أن أحصلَ‏<br />

مامّ‏ يدورُ‏ حولَهُ،‏ بل وقعَ‏ هذا املشهد دارَ‏ والوزيرُ‏ واقفٌ‏ ال يفقهُ‏ شيئاً‏ كلُّ‏<br />

أسريَ‏ الدّهشةِ‏ والريبة،‏ والصدمةُ‏ ترضِ‏ بُهُ‏ كأمواجِ‏ البحر ‏ِمن كلِّ‏ حدَبٍ‏ وصوبٍ‏ ‏،عىل كلِّ‏ ما أريدُ‏ وكام ترى قد حصلتُ‏ عىل ما ابتغيْتُهُ،‏ ثمّ‏ مىض الوزيرُ‏ وهو<br />

مبهور مبا حصلَ‏ معه يف ذاكَ‏ النهارِ.‏<br />

ثمّ‏ مىض امللكُ‏ ووزيره يف جولتِهام؛ وعندما عاد امللكُ‏ إىل قرصِه؛ كان الفضولُ‏ الذيكُّ‏ يعلمُ‏ أنّهُ‏ يديرُ‏ تجارةً‏ ال تبورُ،‏ ما يف ذلك أدىن ريبٍ‏ .<br />

مصطلَحاً‏ موجوداً‏ يف سامء الخيالِ‏ ال أرضِ‏ ‏ِض بُ‏<br />

بلغَ‏ بالوزيرِ‏ حدّاً‏ باتَ‏ معهُ‏ الصّ‏ قد<br />

أنسام من<br />

78 خمائل األدب

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!