Create successful ePaper yourself
Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.
◄ العدد 10435<br />
الثلاثاء 12 ربيع اخر 1438 ه 10 يناير 2017م<br />
الملف<br />
Issue No ١٠٤٣٥/ Tuesday ١٠ Jan ٢٠١٧<br />
40<br />
متهمٌ حتى تثبت براءته .. كتاب وفنانون:<br />
للمخرج حق التصرف في النص المسرحي برؤية إبداعية<br />
هاجر بوغانمي<br />
منذ أن أعلن الفيلسوف الفرنسي رولان بارط موت المؤلف بإيعاز ضمني من الكاتب الألماني برتولد بريخت، حتى أصبح النص الدرامي مسرحا<br />
لجدل قديم متجدد حول حدود الحرية التي يمتلكها المخرج للتصرف حذفاً، وتعديلا، واختصارا، واختزالاً .. ونتج عن هذا الجدل خلاف بين المؤلف<br />
والمخرج وصل في أحيان كثيرة إلى حدود القطيعة، وفي الجانب الآخر من الجدل بدت العلاقة (مخرج مؤلف) ناجحة، يحكمها التوافق في مستوى<br />
الرؤية، والهدف، والنتيجة، وفي هذه الحال يبيح المخرج لنفسه حق التصرف في النص، ويتحول بمقتضى هذه<br />
الصفة إلى مؤلف ثان، أو شريك آخر في العمل، فيتحرر النص من سلطة المؤلف.<br />
لمزيد من تسليط الضوء على هذه الجدلية القائمة في المشهد المسرحي، التقى (الملف الثقافي) عددا من الكتاب<br />
والفنانين، وطرح عليهم السؤال التالي: ما هي حدود تدخل المخرج في النص الدرامي؟ فكان التالي:<br />
قضية<br />
على المخرج تأليف<br />
نص جديد دون العبث<br />
بأفكار الآخرين<br />
بداية يقول الفنان سعد بورشيد: النص عندما يكتبه كاتبه<br />
فهو نص أدبي للقراءة وهذا أمر متعارف عليه منذ الإغريق<br />
مرورا بعصور النهضة، وبعد ذلك يأتي دور المخرج المفكر الذي<br />
تكون له رؤية واضحة مستنبطة من روح النص وليس ذلك<br />
التزاما بحرفية النص فللمخرج الحق في قراءة مغايرة لما هو<br />
مكتوب حرفيا وهذه لها محاذيرها وليس كل من يستطيع أن<br />
يلجأ إلى هذا الأسلوب إلا المخرج المتمكن من أدواته، وأرجو ألا<br />
يفهم معنى كلامي بتصرف الممثلين على خشبة المسرح وهو<br />
خارج المسؤولية الفكرية والفنية للمخرج..<br />
للمخرج المبدع كتابة ثانية للنص الأصلي، وفي بعض الأحيان<br />
يمكن الاستعانة بالمؤلف والتفاهم معه، مع الحفاظ على روح<br />
النص، أما إذا أراد المخرج تغييرا كاملا في النص فقد أصبح<br />
مؤلفا آخر لأنه خرج عن أصل النص، وبالتالي يغيب الكاتب،<br />
وأنصح المخرج بأن يؤلف نصا جديدا دون العبث بأفكار<br />
الآخرين.<br />
المؤلف المسرحي ينتهي دوره عندما يبدأ المخرج<br />
عبد العزيز جاسم هو<br />
المخرج الوحيد الذي<br />
يحترم النص<br />
يقول الكاتب تيسير عبد الله: مررت أنا والشاعر<br />
عبد الرحيم الصديقي بتجارب في الاعتداء على<br />
النص وفي الحفاظ عليه أيضا، ربما من أبرز<br />
تجاربنا تلك التي كانت مع الفنان عبد العزيز<br />
جاسم الذي أعتبره من أكثر المخرجين احتراما<br />
للنص المكتوب، ولذلك قدمنا معه ما يقرب من<br />
خمس مسرحيات.<br />
عندما يخرج النص من عند المؤلف فإن الكرة في<br />
ملعب المخرج، فإن<br />
هو غير وتصرف<br />
في النص ونجح<br />
العمل على الخشبة<br />
فإننا نفرح ككتاب،<br />
لكن إن هو فشل<br />
فلابد أن يتحمل<br />
المسؤولية في ذلك.<br />
العمل المسرحي عمل<br />
جماعي، نحن نؤلف<br />
النص ويأتي المخرج<br />
فيصبح المؤلف الثاني للنص، وأغلب المخرجين<br />
الذين تعاملنا معهم لديهم الوعي الكامل بالنص،<br />
إلا أن الفنان والمنتج والمخرج عبد العزيز جاسم هو<br />
الوحيد الذي يحترم النص، وبالنسبة إلى الجدل<br />
الدائر فإنه غير واضح المعالم، والنص المسرحي<br />
غير مقدس، ولكن من يقدر ذلك إلا المخرج الذي<br />
يمتلك من الوعي والمعرفة والموهبة ما يخول له أن<br />
يتصرف في النص ويبدع في العمل.<br />
من جانبه يقول الفنان حمد عبد الرضا: أي<br />
مخرج يبدأ عمله باختيار النص والأدوار<br />
وتحديد رؤيته ولحظة اختياره النص<br />
والاجتماع بالممثلين حتى يوم العرض.<br />
المخرج يحدد المستوى الفني (الديكور<br />
والسينوغرافيا وحركة الممثلين والتقنيات<br />
الأخرى وهذه المسألة مهمة هل المخرج<br />
يحترم النص أو لا يحترمه.<br />
هناك بعض المخرجين يقومون بالتعامل<br />
مع النص بالطريقة التي يرونها مناسبة<br />
ويسمى بالإعداد المسرحي، أعطي مثالا<br />
على ذلك المسرحيات التي قدمتها فرقة قطر<br />
المسرحية، والتي حازت على جوائز مهرجان<br />
المسرح الخليجي، منها مسرحية "مجاريح"،<br />
والبوشية"..<br />
النصان لمؤلف إماراتي والبيئة إماراتية،<br />
تختلف في بعض التفاصيل عن البيئة<br />
القطرية. في هذا العمل حاول المخرج أن<br />
بعض المخرجين يتعسفون على النص الأصلي<br />
المؤلف يحرج عندما يكون العرض دون المستوى<br />
يقول عبد الله دسمال الكواري<br />
(مصمم ديكور): أنا مع تدخل<br />
المخرج في النص المسرحي<br />
لأن له رؤية أخرى في العمل<br />
المسرحي مادام أنه تصدى للنص<br />
وسيخرجه برؤيته، ورؤية المخرج<br />
تستوجب أن يعدل في النص<br />
الأصلي. هناك خطوط حمراء في<br />
الفن عموما، وفي المسرح خاصة.<br />
فبعض المخرجين يشتغلون<br />
على أعمال لشكسبير، فيأخذون<br />
مقاطع من نصوصه، ويخرجونها<br />
بأسلوبهم، بمعنى أنهم يبنون<br />
على تلك المقاطع، وهم محاسبون<br />
أمام الجمهور لأنهم تصدوا لهذه<br />
الأعمال. لكن غالبا ما يقع المؤلف<br />
في حرج من الجمهور أو الصحافة<br />
عندما يكون العرض دون المستوى<br />
ويمكن أن ينتج عن ذلك خلافات<br />
مع المخرج، وهذا الأمر حصل مع<br />
المخرج القدير سعد دردش في<br />
مسرحية "المخطوطة" ليوسف<br />
إدريس، حيث صدم الأخير عندما<br />
رأى العمل فعلق قائلا: هذا ليس<br />
عملي. النص ليس قالبا لا يخرج<br />
عنه الشريك الآخر (المخرج) الذي<br />
له الحق في أن يعدل ويضع رؤيته<br />
وإسقاطاته التي تحسب عليه، فإذا<br />
فشل يقال إنه أساء للعمل.<br />
يضيف بعض المشاهد والمفردات التي<br />
تناسب البيئة القطرية، والعرض المسرحي<br />
من وجهة نظري هو عرض غير متوقع<br />
للجمهور ماذا يقدم المخرج للجمهور<br />
برؤيته؟ وأنا أؤمن من خلال تجربتي مع<br />
فرقة قطر المسرحية بأن المخرج له حق<br />
التصرف في النص المسرحي برؤية وإبداع<br />
والمؤلف المسرحي مرحلة تنتهي ما إن يبدأ<br />
دور المخرج.<br />
يقول الفنان سالم<br />
المنصوري: النص من إبداع<br />
المؤلف وتحت مسؤوليته<br />
ويحمل أفكاره ومغزاه،<br />
ولا يحق للمخرج أن يكتب<br />
النص بطريقته، بل عليه<br />
أن يحترم إبداع وفكر<br />
المؤلف، وإذا أقدم على<br />
تنفيذ وإخراج النص فإنه<br />
لا يحق له الإضافة أو زيادة<br />
شخوص، أو التعديل، إلا<br />
بموافقة المؤلف واطلاعه على النص وأخذ موافقته بحيث<br />
لا يخل بالفكرة أو بالخط الدرامي للنص. من حق المخرج أن<br />
يحذف بعض الحوارات في النص دون أن يخل ذلك بالحدث<br />
الدرامي أو الفكرة، ولكن ليس من حقه أن يؤلف عملا جديدا،<br />
وإن أعجبه النص وأراد أن يعدل بالحذف والإضافة فعليه<br />
أن يكتب: "إعداد فلان".عندما أضع فكرة وأفاجأ بأن المخرج<br />
استبدلها بفكرة أخرى، وإذا لم تكن له دراية في الإخراج ولا<br />
في التأليف فهذه كارثة أكبر. أما إذا كان متمكنا وله أعماله<br />
مشهود بها فستكون هناك ثقة بينه وبين المؤلف، بحيث<br />
يطلع الأخير على التعديل ويتناقشان فيه، والمصيبة أن بعض<br />
المخرجين يتعسفون على النص الأصلي فيحملونه ما لا<br />
يحتمل وبالتالي يصبح مشوها وبلا هوية.