03.01.2015 Views

36069074

36069074

36069074

SHOW MORE
SHOW LESS

You also want an ePaper? Increase the reach of your titles

YUMPU automatically turns print PDFs into web optimized ePapers that Google loves.

إلى ولدي<br />

وهناك صرعى حب املال والجاه واملجد … تخرجوا من جامعاتهم والتحقوا<br />

بالوظائف الحكومية أو الأهلية،‏ ثم لم يقنعوا بمرتبهم الصغري ولا بطريقهم إلى الرقي<br />

البطيء،‏ ورأوا زملاءهم اغتنوا من طريق بيع ذممهم،‏ أو ارتقوا من طريق تزلفهم<br />

وتملقهم،‏ أو اشتهروا عن طريق النصب والاحتيال … فقلدوهم في ضلالهم وخسروا<br />

خسرانهم … وأعيذك باهلل — أيضً‏ ا — أن تكون أحدهم.‏<br />

إن طريقة هؤلاء في الحياة طريقة املقامرين،‏ ولا أريدك مقامرًا،‏ ولكني أريدك تاجرًا<br />

… ولا أريدك مستهترًا،‏ ولكن أريدك عفيفًا معتدلاً‏ . لا يغرنك مظهر الذين انغمسوا في<br />

شهواتهم واندفعوا وراء لذاتهم،‏ وما يخدعونك به من سرورهم وابتهاجهم وضحكهم …<br />

فحسبة بسيطة للذات هؤلاء وآلامهم،‏ تريك أن الاعتدال في اللذائذ أكبر لذة وأقل أملًا.‏ إن<br />

الانهماك في اللذائذ كنار القش تلتهب سريعًا وتنطفئ سريعًا،‏ والاعتدال في اللذائذ كنار<br />

الفحم تطول مدتها ويطول الانتفاع بها ولا تخمد إلا ببطء.‏ احسُ‏ ب حساب من اعتدل في<br />

لذائذه،‏ كيف احتفظ بصحته واحتفظ بماله واحتفظ بسمعته،‏ والتذ في حياته لذة طويلة<br />

هادئة ممتعة لم يعقبها ألم … واحسُ‏ ب حساب من أفرط في لذته،‏ ففقد صحته وماله<br />

وسمعته،‏ وكانت آلامه الطويلة أضعاف لذائذه القصرية … حتى في حساب اللذة والألم<br />

نرى الاعتدال خريًا من الإفراط،‏ فما بالك إذا قسنا ذلك بمقياس الخلق والفضيلة والنبل<br />

واملروءة؟<br />

كذلك لا يغرنك من علا صيتهم من طريق التهريج،‏ ولا من تخطوا زملاءهم من<br />

طريق التزلف،‏ ولا من كسبوا املال من طريق مد اليد … فكل هذه املظاهر الكاذبة،‏<br />

لو وزنت بحياة الضمري وعلو النفس وطمأنينة الاستقامة لم تساو شيئًا.‏ فليكن مبدأك<br />

الشعور بالواجب،‏ والاعتدال في اللذائذ،‏ وطهارة النفس،‏ والحرص على الشرف،‏ والسعي<br />

وراء النبل واملروءة … ولتكن النتيجة بعد ما تكون … ومع ذلك فإني ضامن لك النجاح.‏<br />

٦<br />

أي بني!‏<br />

لعل أهم ما يتميز به جيلكم عن جيلنا هو حريتكم واطمئناننا،‏ واضطرابكم<br />

وسكينتنا،‏ وقلقكم واستقرارنا،‏ ولكن ما سر هذه الحرية وهذا القلق والاضطراب في<br />

جيلكم؟<br />

24

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!