03.01.2015 Views

36069074

36069074

36069074

SHOW MORE
SHOW LESS

You also want an ePaper? Increase the reach of your titles

YUMPU automatically turns print PDFs into web optimized ePapers that Google loves.

إلى ولدي<br />

ثم هذه اللذائذ قيمتها في الاعتدال فيها،‏ وعدم التهافت على كسبها.‏ إن شئت فاحسب<br />

حساب من أفرط فيها في فترة قصرية من الزمن ثم فقد صحته،‏ فلم يعد يستطيع أن<br />

يتابع لذته،‏ وحساب من اعتدل فطال زمن لذته مضافًا إلى لذته من صحته.‏<br />

وأرقى من هذه درجة لذة العلم والبحث والقراءة والدرس … فهذه لذة العقل<br />

وتلك لذة الجسم،‏ وهذه أطول زمنًا،‏ وأقل مؤنة،‏ وأبعد عن املنافسة واملزاحمة،‏ والتقاتل<br />

والتكالب،‏ وصاحبها أقل عرضة لتلف النفس وضياع الصحة.‏<br />

وإن أردت الدليل على أنها أرقى من اللذائذ املادية،‏ فاسأل من جرب اللذتني،‏<br />

ومارس النوعني،‏ تجد العالم الباحث والفنان املاهر والفيلسوف املتعمق لا يهمهم مأكلهم<br />

وملبسهم بقدر ما تهمهم لذتهم من بحثهم وفنهم وتفكريهم.‏<br />

وأرقى من هذه وتلك لذة من وهب نفسه لخدمة مبدأ يسعى لتحقيقه،‏ أو فكرة<br />

إنسانية يجاهد في إعلانها واعتناقها،‏ أو إصلاح لداء اجتماعي يبذل جهده للقضاء عليه<br />

… فهذه هي السعادة ولو مع الفقر،‏ ولكن لا يصل إلى هذه الدرجة من اللذة إلا من رقى<br />

حسه وسمت نفسه.‏<br />

أي بني!‏<br />

إنك خلقت إنسانًا ذا جسم وعقل وروح،‏ وقد ربيت فنما جسمك،‏ وثُق ِّفت فنما عقلك،‏<br />

وأرجو أن يكون قد صادفك في بيئتك ما نَم َّى روحك،‏ ولكل من هذه العناصر الثلاثة<br />

غذاؤه،‏ ولكل لذته … ولذة اللذائذ أن تستطيع أن تمد العناصر الثلاثة بغذائها ولذاتها<br />

من غري أن يطغى عنصر على غريه،‏ فيختل التوازن ويضيع التعادل.‏<br />

أي بني!‏<br />

طاملا دعوت ربي جاهدًا أن يجنبك الزلل،‏ ويقيك شر أصدقاء السوء،‏ ويمنحك من<br />

قوة الإرادة ما تتقي به شر املغريات املغويات،‏ وأن يهديك الصراط املستقيم والسلام.‏<br />

٨<br />

أي بني!‏<br />

لقد جئت في مفترق الطرق بني جيلنا وجيل من قبلنا وجيلك،‏ ويخيل إلي َّ أن الفرق<br />

بني جيلك وجيلنا أكبر جدٍّا من الفرق بني جيلنا وجيل آبائنا،‏ لأنك تتأثر باملدنية الغربية<br />

أكثر مما كنا نتأثر ويتأثر آباؤنا … بل إن املدنية الغربية نفسها تتطور تطورًا كبريًا،‏<br />

فهي في القرن العشرين غريها في القرن التاسع عشر والثامن عشر.‏<br />

30

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!